المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الفصل الثاني في صفة بصره صلى الله عليه وسلم واكتحاله] - منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول - جـ ١

[عبد الله عبادى اللحجى]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌كلمة الناشر

- ‌ترجمة الشّيخ عبد الله اللحجي

- ‌فأخذ عن مشايخها وهم:

- ‌السيد عبد الرحمن بن محمد الأهدل

- ‌ومن شيوخ الشيخ اللحجي في المراوعة: الشيخ العلامة السيد: عبد الرحمن بن حسن

- ‌ومن شيوخ الشيخ عبد الله اللحجي في اليمن: الشيخ العلّامة الحبر البحر الفهّامة أبو الفضائل عزّ الدين السيد: محمد حسن هند بن عبد الباري

- ‌رحلته إلى مكة المكرمة:

- ‌اتّصاله بالوالد السيد علوي المالكي:

- ‌ومن شيوخ الشيخ عبد الله اللحجي بمكّة المكرمة: الإمام العلّامة المحدّث شيخنا الشيخ: حسن بن محمد المشّاط المكّي المالكي

- ‌ومن مشايخ الشيخ عبد الله اللحجي بمكة المكرمة العلّامة الإمام المؤرّخ المحقق شيخ المشايخ السيد الشيخ محمد العربي

- ‌ومن مشايخ عبد الله اللحجي بمكة المكرمة العلّامة المسند الشيخ: محمد ياسين بن عيسى الفاداني المكّي

- ‌ومن مشايخ الشيخ عبد الله اللحجي من أهل مكة المكرمة العلامة السيد: محمد أمين الكتبي المكيّ الحنفي

- ‌ومن مشايخ الشيخ عبد الله اللحجي بمكّة المكرّمة العلّامة الشيخ: محمد يحيى أمان المكّيّ الحنفي

- ‌ومن مشايخ الشيخ عبد الله اللّحجي من أهل المدينة المنوّرة العلّامة الشيخ: أمين بن أحمد الطرابلسي- طرابلس الغرب- المالكيّ

- ‌ومن مشايخ الشيخ عبد الله اللحجي بمكّة المكرّمة العلّامة الشيخ: إسحاق بن إبد بن محمد نور الصامولي

- ‌روايته وأسانيده:

- ‌[مناقبه]

- ‌صلتي بالشيخ اللّحجي

- ‌صلة خاصة:

- ‌مؤلفاته:

- ‌وفاته:

- ‌تعريف بكتاب منتهى السول على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌[فهرست مطالب الكتاب]

- ‌[المقدّمة: وهي تشتمل على تنبيهين]

- ‌[التّنبيه الأوّل: في معنى لفظ الشّمائل]

- ‌[التّنبيه الثّاني: في الفوائد المقصودة: من جمع شمائله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الباب الأوّل في نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسمائه الشّريفة]

- ‌[الفصل الأوّل في نسبه الشّريف صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الفصل الثّاني في أسمائه الشّريفة صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الباب الثّاني في صفة خلقة رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الفصل الأوّل في جمال صورته صلى الله عليه وسلم، وما شاكلها]

- ‌[الفصل الثّاني في صفة بصره صلى الله عليه وسلم واكتحاله]

- ‌[الفصل الثّالث في صفة شعره صلى الله عليه وسلم، وشيبه، وخضابه، وما يتعلق بذلك]

- ‌[الفصل الرّابع في صفة عرقه صلى الله عليه وسلم ورائحته الطّبيعيّة]

- ‌[الفصل الخامس في صفة طيبه صلى الله عليه وسلم وتطيّبه]

- ‌[الفصل السّادس في صفة صوته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الفصل السّابع في صفة غضبه صلى الله عليه وسلم وسروره]

- ‌[الفصل الثّامن في صفة ضحكه صلى الله عليه وسلم وبكائه]

- ‌[الفصل التّاسع في صفة كلامه صلى الله عليه وسلم وسكوته]

- ‌[الفصل العاشر في صفة قوّته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الباب الثّالث في صفة لباس رسول الله صلى الله عليه وسلم وفراشه وسلاحه]

- ‌[الفصل الأوّل في صفة لباسه صلى الله عليه وسلم من قميص وإزار ورداء وقلنسوة وعمامة ونحوها]

- ‌[الفصل الثّاني في صفة فراشه صلى الله عليه وسلم، وما يناسبه]

- ‌[الفصل الثّالث في صفة خاتمه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الفصل الرّابع في صفة نعله صلى الله عليه وسلم وخفّه]

- ‌[الفصل الخامس في صفة سلاحه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الفصل السّادس كان من خلقه صلى الله عليه وسلم أن يسمّي سلاحه ودوابّه ومتاعه]

- ‌فهرسة الجزء الأول من كتاب منتهى السول إلى شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌[الفصل الثاني في صفة بصره صلى الله عليه وسلم واكتحاله]

[الفصل الثّاني في صفة بصره صلى الله عليه وسلم واكتحاله]

الفصل الثّاني في صفة بصره صلى الله عليه وسلم واكتحاله كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى باللّيل في الظّلمة كما يرى بالنّهار في الضّوء.

(الفصل الثّاني في صفة بصره صلى الله عليه وسلم وهو: النور الذي تدرك به الجارحة المبصرات؛ كما في «المصباح» .

وهو بمعنى قول المتكلّمين: قوّة مودعة في العين، وهو صريح في أنّه شيء مخلوق في العين زائد عليها.

(و) في صفة (اكتحاله) ؛ أي: استعماله الكحل، وما يتعلّق بذلك.

أمّا بصره الشّريف! ففي «المواهب» ؛ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى باللّيل في الظّلمة) ؛ احترازا عمّا إذا كان مع القمر (كما يرى بالنّهار في الضّوء) متعلّق بالنهار، للاحتراز عما إذا كان في بيت مظلم؛ أو في يوم غيم، فلا يقال لا حاجة إليه بعد ذكر النهار. والمعنى أنّ رؤيته في النهار الصافي والليل متساوية، لأنّ الله تعالى لما رزقه الاطلاع بالباطن والاحاطة بإدراك مدركات القلوب؛ جعل له مثل ذلك في مدركات العيون، ومن ثمّ كان يرى المحسوس من وراء ظهره كما يراه من أمامه؛ كما يأتي.

قال القاضي عياض: وإنّما حدثت هذه الآية له بعد ليلة الإسراء، كما أن موسى كان يرى النملة السوداء في الليلة الظلماء من مسيرة عشرة فراسخ بعد ليلة الطور.

انتهى؛ نقله عنه الزرقاني على «المواهب» .

ولا يرد عليه حديث (أنّه صلى الله عليه وسلم قام ليلة فوطىء على زينب بنت أمّ سلمة بقدمه

ص: 289

وكان صلى الله عليه وسلم يرى من خلفه من الصّفوف كما يرى من بين يديه.

وهي نائمة؛ فبكت، فقال:«أميطوا عنّا زيانبكم» !! لأنه حجب عن ذلك حينئذ، ليعلّم أنّه لا ينام أحد ببيت ذي الأهل؛ كذا قاله الزرقاني. وقال الشهاب الخفاجي في «شرح الشفاء» : لأنّ زينب رضي الله تعالى عنها كانت بنتا صغيرة مغطّاة بإزار ونحوه في جانب البيت، ومثلها قد لا يرى بالنهار أيضا. انتهى.

وهذا الحديث الذي أورده المصنّف ذكره في «المواهب اللدنّيّة» ؛ وقال:

رواه البخاري، وتبعه المصنّف في «الأنوار المحمدية» ، وتعقّبه الزّرقاني في «شرح المواهب» بأنه لم يجده في البخاري، وإنما عزاه السيوطي وغيره للبيهقي في «الدلائل» ؛ وقال: إنّه حسن. قال شارحه: ولعله لاعتضاده!! وإلّا!! فقد قال السهيلي: ليس بقويّ. وضعّفه ابن دحية؛ أي: نقل تضعيفه في كتاب «الآيات البينات» ؛ عن ابن بشكوال، لأن في سنده ضعفا؛ فكيف يكون في البخاري!!. ورواه البيهقي؛ عن عائشة بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى في الظلمة كما يرى في الضوء. وبهذا اللفظ رواه ابن عديّ وبقيّ بن مخلد، وضعّفه ابن الجوزي والذّهبيّ، لكنه يعتضد بشواهده، فهو حسن؛ كما قال السيوطي. انتهى كلام الزرقاني، ونحوه في الشهاب الخفاجي على «الشفاء» .

(و) في «المواهب» و «شفاء» القاضي عياض؛ عن مجاهد بن جبر- فيما رواه عنه الحميدي «شيخ البخاري» ، والبيهقيّ، وابن المنذر مرسلا؛ في تفسير قوله تعالى (الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ)

(219)

[الشعراء]- قال: (كان) رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى من) - بفتح الميم: موصول- أي: الذي (خلفه من الصّفوف كما يرى من) - بفتح الميم- أي: الذي (بين يديه) .

قال الشهاب الخفاجي والقسطلّاني في «المواهب» : وهذا الحديث رواه مالك والبخاريّ ومسلم؛ عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، لكن بلفظ: قال صلى الله عليه وسلم:

«هل ترون قبلتي ههنا!!، فو الله ما يخفى عليّ ركوعكم ولا خشوعكم، وإنّي لأراكم من وراء ظهري» .

ص: 290

.........

وعند مسلم؛ من رواية أنس بن مالك أنه صلى الله عليه وسلم؛ قال: «أيّها النّاس؛ إنّي إمامكم، فلا تسبقوني بالرّكوع ولا بالسّجود، فإنّي أراكم من أمامي ومن خلفي» .

وفي البخاريّ؛ عن أنس: صلّى بنا النبي صلى الله عليه وسلم صلاة ثمّ رقى المنبر؛ فقال في الصلاة وفي الركوع: «إنّي لأراكم من ورائي كما أراكم من أمامي» .

وفي مسلم: «إنّي لأبصر من ورائي كما أبصر من بين يديّ» .

وفي أخرى لمسلم: «إنّي لأبصر من قفاي كما أبصر من بين يديّ» .

وفي بعض الروايات لعبد الرزاق، والحاكم:«إنّي لأنظر من ورائي كما أنظر من بين يديّ» ، ورواه أيضا مالك وأحمد وغيرهما وفي لفظه اختلاف. انتهى كلامهما.

قال في «المواهب» : وهذه الرؤية المذكورة في حديث ابن عبّاس وعائشة وأبي هريرة وأنس ومجاهد رؤية إدراك، أي: إبصار حقيقيّ خاصّ به صلى الله عليه وسلم انخرقت له فيه العادة، ولذا أخرجه البخاري في «علامات النبوّة» .

والرؤية من حيث هي؛ لا بقيد وصف المصطفى بها؛ لا تتوقّف على وجود آلتها التي هي العين عند أهل الحقّ، ولا تتوقّف على وجود شعاع؛ ولا على مقابلة، وهذا بالنسبة إلى القديم العالي.

أما المخلوق! فتتوقّف صفة الرؤية في حقّه على الحاسّة والشعاع والمقابلة بالاتفاق، ولهذا كان ما ذكر من إبصاره من وراء ظهره خرق عادة في حقّه عليه الصلاة والسلام، وخالق البصر في العين قادر على خلقه في غيرها.

قال الحرالّي- بفتح الحاء المهملة والراء وشد اللام-: وهذه الآية قد جعلها الله تعالى دالّة على ما في حقيقة أمره في الاطلاع الباطن؛ لسعة علمه ومعرفته، لمّا عرّفهم بربّه- بأن بلّغهم بأنه إله واحد في ذاته وصفاته، مستحقّ لأن يعبد.. وغير ذلك مما يليق به، ولم يعرّفهم بنفسه، وما اشتملت عليه ذاته من الكمالات- أطلعه على ما بين يديه مما تقدّم من أمر الله، وعلى ما وراء الوقت مما تأخّر من أمر الله؛

ص: 291

وكان صلى الله عليه وسلم يرى في الثّريّا أحد عشر نجما.

من كلّ ما يكون إلى يوم القيامة، فلما كان على ذلك من الإحاطة في إدراك مدركات القلوب؛ جعل الله تعالى له صلى الله عليه وسلم مثل ذلك في مدركات العيون، فكان يرى المحسوسات من وراء ظهره كما يراها من بين يديه؛ كما قال صلى الله عليه وسلم. انتهى كلام الحرالي.

وحاصله- كما قاله بعضهم-: أنّه من قبيل الكشف عن المرئيات؛ فهو من الخوارق. انتهى كلام «المواهب» ؛ مع شيء من «شرح الزرقاني» .

(و) في «المواهب اللدنية» ؛ نقلا عن القاضي عياض: (كان) وفي «الشفاء» بلفظ: وقد حكي عنه صلى الله عليه وسلم أنّه كان (يرى في الثّريّا أحد عشر نجما) ليلا؛ أو ليلا ونهارا؛ لما مرّ: أن رؤيته فيهما سواء، وعند السّهيلي: اثني عشر، وجزم القرطبيّ بالأول، ونظمه في أرجوزته؛ فقال:

وهو الّذي يرى النّجوم الخافيه

مبيّنات في السّماء العاليه

أحد عشر نجما في الثّريّا

لناظر سواه ما تهيّا

وقال السيوطي في «مناهل الصفا في تخريج أحاديث الشفا» : هذا لم يوجد في شيء من كتب الحديث!! ونحوه قول الخيضري في خصائصه: ما ذكره القرطبيّ والسّهيلي: لم أقف له على سند ولا أصل يرجع إليه، والناس يذكرون أنها لا تزيد على تسعة أنجم فيما يرون. انتهى، وهذا عجيب مع قول التلمساني: جاء في حديث ثابت عن العبّاس، ذكره ابن أبي خيثمة. انتهى.

والثريا- مصغّر ثروة؛ وهي الكثرة- وهي: منزل من منازل القمر فيه نجوم مجتمعة جعلت علامة، فقول بعض الشراح «أنها كوكب» وهم منه؛ قال في «مباهج الفكر» : وهي ستة أنجم صغار طمس، ويظنّها من لا معرفة له سبعة، وهي مجتمعة بينها نجوم صغار؛ كالرشاش، وحكي أن الثريّا اثنا عشر نجما لم يحقّق الناس منها غير ستة؛ أو سبعة، ولم ير جميعها غير النبي صلى الله عليه وسلم لقوّة جعلها الله تعالى في بصره.

والنجم علم لها بالغلبة، كالكوكب للزّهرة. انتهى شرح «الشفاء»

ص: 292

وكان صلى الله عليه وسلم لا يقعد في بيت مظلم حتّى يضاء له بالسّراج. وكان صلى الله عليه وسلم يعجبه النّظر إلى الخضرة والماء الجاري.

للخفاجي؛ وشرح «المواهب» .

(و) روى ابن سعد في «طبقاته» ، والبزار- بسند فيه جابر الجعفي؛ عن أبي محمد- قال في «الميزان» : قال ابن حبان: وجابر قد تبرّأنا من عهدته، وأبو محمد: لا يجوز الاحتجاج به-؛ كما في المناوي؛ على «الجامع»

عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت:

(كان) رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقعد في بيت مظلم حتّى يضاء له بالسّراج) أي:

يوقد له السراج، ولكنه كان يطفيه عند النوم، وفي خبر رواه الطبراني؛ عن جابر رضي الله عنه: أنه كان يكره السّراج عند الصبح. انتهى.

(و) روى ابن السنّي، وأبو نعيم في «الطب النبوي» بسند ضعيف؛ عن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما قال:(كان) رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه النّظر إلى الخضرة) - أي: الشجر والزرع الأخضر بقرينة قوله- (والماء الجاري) ؛ أي:

كان يحبّ مجرّد النظر إليهما ويلتذّ به؛ فليس إعجابه بهما ليأكل الخضرة، أو يشرب الماء، أو ينال فيهما حظّا سوى نفس الرؤية. قال الغزالي: ففيه أنّ المحبّة قد تكون لذات الشيء؛ لا لأجل قضاء شهوة منه، وقضاء الشهوة لذّة أخرى، والطباع السليمة قاضية باستلذاذ النظر إلى الأنوار والأزهار، والأطيار المليحة والألوان الحسنة، حتّى أنّ الإنسان ليفرج عنه الهمّ والغمّ بالنظر إليها؛ لا لطلب حظّ وراء النظر. انتهى «مناوي» .

(و) روى الطبرانيّ في «الكبير» ، وابن السّنّي، وأبو نعيم: كلاهما في كتاب «الطب النبوي» ؛ عن أبي كبشة الأنماري رضي الله تعالى عنه.

وابن السني في «الطب النبوي» ، وابن حبان، وأبو نعيم؛ كلّهم عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه.

ص: 293

وكان صلى الله عليه وسلم يعجبه النّظر إلى الأترجّ.

وكان يعجبه النّظر إلى الحمام الأحمر.

وأمّا اكتحال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا اكتحل.. جعل في عين اثنتين

وأبو نعيم؛ عن عائشة رضي الله تعالى عنها وهو حديث ضعيف.

قالوا: (كان) رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه النّظر إلى الأترجّ) المعروف؛ بضمّ الهمزة وسكون الفوقية وضمّ الراء وشدّ الجيم، - وفي رواية:«الأترنج» بزيادة نون بعد الراء وتخفيف الجيم: لغتان، قال السيوطي: وهو مذكور في التنزيل ممدوح في الحديث؛ منوّه به فيه بالتفضيل، بارد رطب، في الأولى يصلح غذاء ودواء ومشموما ومأكولا، يبرّد عن الكبد حرارته، ويزيد في شهوة الطعام، ويقمع المرّة الصفراء، ويسكّن العطش، وينفع للقوة، ويقطع القيء والإسهال المزمنين.

فائدة: في كتاب «المنن» أن الشيخ محمد الحنفي المشهور كان الجنّ يحضرون مجلسه؛ ثم انقطعوا، فسألهم؛ فقالوا: كان عندكم أترجّ. ونحن لا ندخل بيتا فيه أترج. انتهى.

(وكان يعجبه النّظر إلى الحمام الأحمر) ذكر ابن قانع في «معجمه» عن بعضهم: أن الحمام الأحمر المراد به في هذا الحديث: التفّاح، وتبعه ابن الأثير؛ فقال: قال أبو موسى: قال هلال بن العلاء: هو التفاح، قال: وهذا التفسير لم أره لغيره؛ قاله المناوي في «كبيره على الجامع الصغير» . وقال الحفني على «الجامع» : الحمام المراد به التفاح، فيكون من باب الاستعارة، ولم يقل أحد من الشرّاح التي بأيدينا أن المراد به الطير المعروف. انتهى كلام الحفني.

(وأمّا اكتحال رسول الله صلى الله عليه وسلم - أي: استعماله للكحل- (فقد) روى أبو يعلى، والطبراني في «الكبير» بإسناد ضعيف؛ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال:

(كان) رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اكتحل جعل في عين) - بالتنوين- (اثنتين) ؛

ص: 294

وواحدة بينهما؛ أي: جعل في كلّ عين مرودين، وواحد يقسم بينهما، فالمجموع وتر، وهو خمسة مراود.

وكان صلى الله عليه وسلم إذا اكتحل.. اكتحل وترا، وإذا استجمر.. استجمر وترا. وكان له صلى الله عليه وسلم مكحلة

أي: في كلّ عين مرودين (وواحدة بينهما) . قال المناوي: أي: في هذه؛ أو في هذه ليحصل الإيتار المطلوب، انتهى.

وقال الشيخ: (أي: جعل في كلّ عين مرودين، وواحد يقسم بينهما) ؛ أي: يكتحل ببعضه في اليمنى وبعضه في اليسرى، (فالمجموع وتر؛ وهو خمسة مراود) ؛ انتهى «عزيزي» .

قال المناوي في «كبيره» : وأكمل من ذلك ما ورد عنه أيضا في عدّة أحاديث أصحّ منها: أنّه يكتحل في كلّ عين ثلاثا- كما سيأتي- لكن السنة تحصل بكلّ. انتهى.

(و) روى الإمام أحمد في «مسنده» ، والطبرانيّ؛ عن عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه قال:(كان) رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اكتحل؛ اكتحل وترا) ؛ أي:

ثلاثا متوالية في العين اليمنى، وثلاثا متوالية في الشمال، هذا هو الأفضل، وإن كان أصل السّنّة يحصل بكيفيّات أخر في الوتر.

(وإذا استجمر) ؛ أي: تبخّر بنحو عود (استجمر وترا) ؛ أي: تبخّر ثلاث مرات، وسمّي التبخّر «استجمارا» !! لأن نحو العود يوضع على الجمر، وما قيل:«إنّ المراد استعمل الحجر في الاستنجاء» !! بعيد عن السياق؛ وإن كان صحيحا؛ قاله الحفني كالمناوي والعزيزي.

(و) روى الترمذيّ، وابن ماجه؛ كلاهما عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال:(كان له صلى الله عليه وسلم مكحلة) - بضمّ أوّله وثالثه، وقياسها الكسر لأنّها اسم آلة، فهي من النوادر التي جاءت بالضمّ- والمراد منها: ما فيه الكحل؛ وهي معروفة، والمكحل كمفتح، والمكحال كمفتاح هو: الميل.

ص: 295

يكتحل منها كلّ ليلة، ثلاثة في هذه، وثلاثة في هذه.

(يكتحل منها) بالإثمد (كلّ ليلة) - بالنصب- أي: في كلّ ليلة قبل أن ينام، وإنّما كان ليلا!! لأنّه أبقى للعين وأمكن في السراية إلى طبقاتها، لأنّه يلتقي عليه الجفنان. (ثلاثة) متوالية (في هذه) ؛ أي: اليمنى، (وثلاثة) كذلك (في هذه) ؛ أي: اليسرى. وحكمة التثليث: توسّطه بين الإقلال والإكثار.

ويسنّ فيه التيامن، لأنّه صلى الله عليه وسلم كان يحبّ التيمّن في شأنه كلّه؛ قال الزين العراقي:

وهل تحصل سنّيّة التيمّن باكتحاله مرّة في اليمنى ومرّة في اليسرى؛ ثم يفعل ذلك ثانيا وثالثا، أو لا يحصل إلّا بتقديم المرّات الثلاث في الأولى؟!

الظاهر الثاني؛ قياسا على العضوين المتماثلين في الوضوء كاليدين، ويحتمل حصولها بذلك قياسا على المضمضة والاستنشاق في بعض صوره المعروفة في الجمع والتفريق.

وما ذكر في هذه الرواية من «أنه صلى الله عليه وسلم كان يكتحل كلّ ليلة ثلاثا» !! يخاف:

1-

ما رواه الطبراني في «الكبير» ؛ عن ابن عمر رضي الله تعالى عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اكتحل يجعل في اليمنى ثلاثة مراود، وفي الأخرى مرودين؛ يجعل ذلك وترا» ، و 2- ما رواه ابن عديّ في «الكامل» ؛ عن أنس رضي الله تعالى عنه:«أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتحل في اليمنى ثنتين، وفي اليسرى ثنتين؛ وواحدة بينهما» !! ومن ثمّ قيل- في خبر «من اكتحل فليوتر» المرويّ في أبي داود-: فيه قولان: أحدهما؛ كون الإيتار في كلّ واحدة من العينين.

الثاني: كونه في مجموعهما، قال الحافظ ابن حجر: والأرجح الأوّل؛ قال ابن سيرين: وأنا أحبّ أن يكون في هذه ثلاثا؛ وفي هذه ثلاثا، وواحدة بينهما ليحصل الإيتار في كلّ منهما، وفي مجموعهما، وبهذا صارت الأقوال في الإيتار ثلاثة.

وقد ذكر بعضهم أنه صلى الله عليه وسلم كان يفتتح في الاكتحال باليمنى، ويختم بها تفضيلا لها، وظاهره أنه كان يكتحل في اليمنى ثنتين وفي اليسرى كذلك، ثم يأتي بالثالثة

ص: 296

وكان صلى الله عليه وسلم لا يفارقه في الحضر، ولا في السّفر خمس: المرآة، والمكحلة، والمشط،

في اليمنى ليختم بها ويفضّلها على اليسرى بواحدة.

ويمكن الجمع بين هذه الروايات باختلاف الأوقات ففعل كلا في وقت.

ثم اعلم أنّ الاكتحال عندنا- معاشر الشافعية- سنّة، للأحاديث الواردة فيه.

قال ابن العربي: الكحل يشتمل على منفعتين:

إحداهما: الزينة، فإذا استعمل بنيّتها فهو مستثنى من التصنّع المنهيّ عنه الذي يلبّس الصنعة بالخلقة؛ كالوصل والوشم والتفلّج والتنمّص؛ رحمة من الله لخلقه، ورخصة منه لعباده.

والثانية: التطبّب، فإذا استعمل بنيّته؛ فهو يقوّي البصر وينبت الشعر الذي يجمع النور للإدراك، ويصدّ الأشعة الغالبة له.

ثم إن كحل الزينة لا حدّ له شرعا، وإنما هو بقدر الحاجة في بدوّه وخفائه.

وأما كحل المنفعة! فقد وقّته صاحب الشرع كلّ ليلة كما تقرّر.

وفائدته: أنّ الكحل عند النوم يلتقي عليه الجفنان، ويسكّن حرارة العين، ويتمكّن الكحل من السراية في تجاويف العين، ويظهر تأثيره في المقصود من الانتفاع. انتهى ملخصا من «الباجوري، والمناوي» .

(و) روى العقيلي في «الضعفاء» ؛ عن عائشة رضي الله تعالى عنها، وابن طاهر في كتاب «صفوة التصوف» ؛ من حديث أبي سعيد، والخرائطيّ؛ من حديث أم سعد الأنصارية، وطرقه كلّها ضعيفة- كما قاله المناوي في «كبيره» - قالوا:

(كان) رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفارقه في الحضر؛ ولا في السّفر خمس) - من الآلات-: (المرآة) - بكسر الميم والمدّ-، (والمكحلة) - بالميم والحاء المضمومتين: وعاء الكحل-، (والمشط) - الذي يمتشط؛ أي: يسرّح به، وهو

ص: 297

والسّواك، والمدرى.

و (المدرى) : شيء يعمل من حديد أو خشب، على شكل سنّ من أسنان المشط وأطول منه، يسرّح به الشّعر المتلبّد، ويستعمله من لا مشط له.

وعن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «اكتحلوا بالإثمد،

بضم الميم عند الأكثر، وتميم تكسرها؛ قال في «المصباح» : وهو القياس.

قيل: وكان من عاج- (والسّواك، والمدرى) - بكسر الميم وبالدال المهملة بدون همزة- قال في «النهاية» : شيء يعمل من حديد؛ أو خشب على شكل سنّ من أسنان المشط، وأطول منه يسرّح به الشعر المتلبّد، ويستعمله من لا مشط له.

انتهى.

وفي ضمنه إشعار بأنه كان يتعهّد نفسه بالترجيل وغيره مما ذلك آلة له، وذلك من سننه المؤكّدة، لكنه لا يفعل ذلك كلّ يوم، بل نهى عنه، ولا يلزم من كون المشط لا يفارقه أن يمتشط كلّ يوم؛ فكان يستصحبه معه في السفر ليمتشط به عند الحاجة؛ ذكره الوليّ العراقي. انتهى من المناوي في «كبيره» .

قال المصنّف: (والمدرى) - بكسر الميم-: (شيء يعمل من حديد أو خشب) ؛ وهو الغالب (على شكل سنّ من أسنان المشط) - بضم الميم- (وأطول منه) - يقارب طول آلة الخرز- (يسرّح به الشّعر المتلبّد) بعضه فوق بعض، (ويستعمله من لّا مشط له) لتفكيك الشعر المجتمع المتماسك.

(و) روى الإمام أحمد؛ عن أبي النعمان الأنصاري رضي الله تعالى عنه بسند حسن، والترمذي في «الشمائل» ؛ (عن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «اكتحلوا بالإثمد) - بكسر همزته وميمه بينهما مثلثة ساكنة-: حجر الكحل المعدني المعروف؛ يجيء من المشرق، أي: دوموا على استعماله.

ص: 298

فإنّه يجلو البصر، وينبت الشّعر» .

وفي رواية الإمام أحمد: «اكتحلوا بالإثمد المروّح» - أي: المطيّب- (فإنّه يجلو البصر) ؛ أي: يقوّيه ويحسّن العين، ويدفع الموادّ الرديئة المنحدرة إليها من الرأس، لا سيما إذا أضيف إليه قليل مسك.

(وينبت الشّعر» ) - بفتح العين- هنا لأجل الازدواج، ولأنّه الرواية، أي:

يقوي طبقات شعر العينين التي هي الأهداب- جمع هدب-، وإنبات شعرها مرمّة للعين، لأن الأشعار ستر للناظر، ولولاها لم يقو الناظر على النظر، فإنّما يعمل ناظر العين من تحت الشعر، فالكحل ينبته وهو مرمّته، وهذا من أدلّة الشافعية على سنّ الاكتحال.

واعتراض العصام عليهم ب «أنه؛ إنّما أمر به لمصلحة البدن، بدليل تعقيب الأمر بقوله: فإنّه

إلى آخره، والأمر بشيء ينفع البدن لا يثبت سنّيّته» !!

ليس في محلّه، لأنّ المتبادر من الخبر أنّ الأمر بمطلق الاكتحال شرعيّ، وبخصوص الإثمد من بين سائر الأكحال إرشاديّ يتفاوت بتفاوت الأشخاص، ومن ثمّ قالوا: الاكتحال مندوب، وبخصوص الإثمد أولى. وهذا على التنزّل، وإلّا!! فقد ثبت في عدّة أخبار أنّه كان يكتحل بالإثمد، فروى البيهقيّ؛ من حديث أبي رافع أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتحل بالإثمد. وفي سنده مقال. ولأبي الشيخ في كتاب «أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم» بسند ضعيف؛ عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت:

كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم إثمد يكتحل به عند منامه؛ في كلّ عين ثلاثا. انتهى.

والأصل في أفعاله صلى الله عليه وسلم أنّها للقربة والتشريع ما لم يدلّ دليل على خلافه.

قال المحقق أبو زرعة: مذهب الشافعي أن الفعل المجرّد يدلّ على الندب، بل قال جمع من أصحابه: يدلّ على الوجوب. انتهى.

قال ابن محمود شارح «سنن أبي داود» : وتحصل سنيّة الاكتحال بتولّيه بنفسه، وبفعل غيره بأمره. وينشأ عنه جواز الوكالة في العبادة. انتهى.

ص: 299

قال الباجوريّ: المخاطب بذلك الأصحّاء، أمّا العين المريضة فقد يضرّها الإثمد؛ وهو: حجر الكحل المعدنيّ المعروف، ومعدنه بالمشرق، وهو أسود يضرب إلى حمرة.

وأقول: القياس الحصول؛ ولو بلا أمر، حيث قارنت نيّته فعل غيره، كما لو وضّأه غيره بغير إذنه وأولى. انتهى «مناوي وباجوري» .

(قال) العلّامة شيخ الإسلام إبراهيم (الباجوريّ) رحمه الله تعالى في «حاشيته على شرح الشمائل الترمذية» ؛ تبعا للمناوي عند قوله: «اكتحلوا بالإثمد» : (المخاطب بذلك الأصحّاء) ؛ أي: أصحاب العيون الصحيحة، أي: السليمة من الرّمد ونحوه. (أمّا العين المريضة! فقد) يكون غير الإثمد خيرا لها، بل ربما (يضرّها الإثمد) . ثم رأيت العسقلاني قال: خيريّته باعتبار حفظه صحّة العين؛ لا في أمراضها، إذ الاكتحال به لا يوافق الرّمد.

(وهو) أي: الإثمد- بكسر الهمزة وسكون الثاء المثلثة وكسر الميم بعدها دال مهملة-: (حجر الكحل المعدنيّ المعروف)، قال في «المصباح» ك «التهذيب» : ويقال إنّه معرّب. (ومعدنه بالمشرق، وهو أسود يضرب إلى حمرة) .

وقال الحفني؛ على «الجامع الصغير» : الإثمد هو الحجر الأسود من أيّ مكان كان، وقيل: خصوص الحجر الذي يجيء من «أصبهان» ، وتسمية غيره له بالإثمد!! لشبهه به في السواد، لكن المشهور الأوّل، وهو الذي يجيء من المشرق، وإنّما ينفع البصر إذا كان سليما، أو مريضا؛ وأخبر الطبيب العارف بنفعه لذلك المرض، فينبغي له إذا ضعف بصره أن يسأل الطبيب عمّا ينفعه، ولا يضع شيئا بلا سؤال. انتهى كلامه.

وفي «شرح القاموس» : الإثمد- بالكسر- حجر الكحل، وهو أسود إلى حمرة، ومعدنه بأصبهان، وهو أجوده، وبالمغرب وهو أصلب. وقال السّيرافي:

ص: 300

وقال بعد قوله (يجلو البصر) : وهذا إذا اكتحل به من اعتاده، فإن اكتحل به من لم يعتده.. رمدت عينه.

الإثمد شبيه بحجر الكحل. انتهى كلام «شرح القاموس» .

(وقال) ؛ أي: الباجوري (بعد قوله «يجلو البصر) وينبت الشّعر» ؛ أي:

يقوّي البصر، ويقوي طبقات شعر العينين التي هي الأهداب. (وهذا إذا اكتحل به من اعتاده، فإن اكتحل به من لّم يعتده! رمدت عينه) ؛ أي: أصابها الرمد.

ص: 301