المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الفصل الأول في نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم] - منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول - جـ ١

[عبد الله عبادى اللحجى]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌كلمة الناشر

- ‌ترجمة الشّيخ عبد الله اللحجي

- ‌فأخذ عن مشايخها وهم:

- ‌السيد عبد الرحمن بن محمد الأهدل

- ‌ومن شيوخ الشيخ اللحجي في المراوعة: الشيخ العلامة السيد: عبد الرحمن بن حسن

- ‌ومن شيوخ الشيخ عبد الله اللحجي في اليمن: الشيخ العلّامة الحبر البحر الفهّامة أبو الفضائل عزّ الدين السيد: محمد حسن هند بن عبد الباري

- ‌رحلته إلى مكة المكرمة:

- ‌اتّصاله بالوالد السيد علوي المالكي:

- ‌ومن شيوخ الشيخ عبد الله اللحجي بمكّة المكرمة: الإمام العلّامة المحدّث شيخنا الشيخ: حسن بن محمد المشّاط المكّي المالكي

- ‌ومن مشايخ الشيخ عبد الله اللحجي بمكة المكرمة العلّامة الإمام المؤرّخ المحقق شيخ المشايخ السيد الشيخ محمد العربي

- ‌ومن مشايخ عبد الله اللحجي بمكة المكرمة العلّامة المسند الشيخ: محمد ياسين بن عيسى الفاداني المكّي

- ‌ومن مشايخ الشيخ عبد الله اللحجي من أهل مكة المكرمة العلامة السيد: محمد أمين الكتبي المكيّ الحنفي

- ‌ومن مشايخ الشيخ عبد الله اللحجي بمكّة المكرّمة العلّامة الشيخ: محمد يحيى أمان المكّيّ الحنفي

- ‌ومن مشايخ الشيخ عبد الله اللّحجي من أهل المدينة المنوّرة العلّامة الشيخ: أمين بن أحمد الطرابلسي- طرابلس الغرب- المالكيّ

- ‌ومن مشايخ الشيخ عبد الله اللحجي بمكّة المكرّمة العلّامة الشيخ: إسحاق بن إبد بن محمد نور الصامولي

- ‌روايته وأسانيده:

- ‌[مناقبه]

- ‌صلتي بالشيخ اللّحجي

- ‌صلة خاصة:

- ‌مؤلفاته:

- ‌وفاته:

- ‌تعريف بكتاب منتهى السول على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌[فهرست مطالب الكتاب]

- ‌[المقدّمة: وهي تشتمل على تنبيهين]

- ‌[التّنبيه الأوّل: في معنى لفظ الشّمائل]

- ‌[التّنبيه الثّاني: في الفوائد المقصودة: من جمع شمائله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الباب الأوّل في نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسمائه الشّريفة]

- ‌[الفصل الأوّل في نسبه الشّريف صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الفصل الثّاني في أسمائه الشّريفة صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الباب الثّاني في صفة خلقة رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الفصل الأوّل في جمال صورته صلى الله عليه وسلم، وما شاكلها]

- ‌[الفصل الثّاني في صفة بصره صلى الله عليه وسلم واكتحاله]

- ‌[الفصل الثّالث في صفة شعره صلى الله عليه وسلم، وشيبه، وخضابه، وما يتعلق بذلك]

- ‌[الفصل الرّابع في صفة عرقه صلى الله عليه وسلم ورائحته الطّبيعيّة]

- ‌[الفصل الخامس في صفة طيبه صلى الله عليه وسلم وتطيّبه]

- ‌[الفصل السّادس في صفة صوته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الفصل السّابع في صفة غضبه صلى الله عليه وسلم وسروره]

- ‌[الفصل الثّامن في صفة ضحكه صلى الله عليه وسلم وبكائه]

- ‌[الفصل التّاسع في صفة كلامه صلى الله عليه وسلم وسكوته]

- ‌[الفصل العاشر في صفة قوّته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الباب الثّالث في صفة لباس رسول الله صلى الله عليه وسلم وفراشه وسلاحه]

- ‌[الفصل الأوّل في صفة لباسه صلى الله عليه وسلم من قميص وإزار ورداء وقلنسوة وعمامة ونحوها]

- ‌[الفصل الثّاني في صفة فراشه صلى الله عليه وسلم، وما يناسبه]

- ‌[الفصل الثّالث في صفة خاتمه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الفصل الرّابع في صفة نعله صلى الله عليه وسلم وخفّه]

- ‌[الفصل الخامس في صفة سلاحه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الفصل السّادس كان من خلقه صلى الله عليه وسلم أن يسمّي سلاحه ودوابّه ومتاعه]

- ‌فهرسة الجزء الأول من كتاب منتهى السول إلى شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌[الفصل الأول في نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم]

[الفصل الأوّل في نسبه الشّريف صلى الله عليه وسلم]

الفصل الأوّل في نسبه الشّريف صلى الله عليه وسلم هو سيّدنا محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عبد الله

(الفصل الأوّل) بالصاد المهملة- لغة: الحاجز بين الشيئين، والفصل في الأصل مصدر بمعنى اسم الفاعل، أي: الفاصل بين ما قبله وما بعده والحاجز بينهما، أو بمعنى اسم المفعول؛ إذ مسائله مفصولة عما قبله وعمّا بعده.

والفصل في عرف المصنفين: اسم لجملة من الباب مشتملة على مسائل غالبا، وقد مرّ آنفا الكلام على ذلك بأوسع.

(في) ذكر (نسبه الشّريف صلى الله عليه وسلم ، وهو خير أهل الأرض نسبا على الإطلاق، فلنسبه من الشرف أعلى ذروة.

وأعداؤه كانوا يشهدون له بذلك، ولهذا شهد له به أبو سفيان عدوّه إذ ذاك بين يدي ملك الروم، فأشرف القوم قومه، وأشرف القبائل قبيلته، وأشرف الأفخاذ فخذه؛ ف (هو) صلى الله عليه وسلم النبيّ العربي، الأبطحي الحرمي، القرشي الهاشمي، نخبة بني هاشم، المختار المنتخب من خير بطون العرب، وأعرقها في النسب، وأشرفها في الحسب، وأنضرها عودا، وأطولها عمودا، وأطيبها أرومة، وأعزّها جرثومة، وأفصحها لسانا، وأوضحها بيانا، وأرجحها ميزانا، وأصحّها إيمانا، وأعزّها نفرا، وأكرمها معشرا؛ من قبل أبيه وأمّه، ومن أكرم بلاد الله على الله وعباده؛ (سيّدنا محمّد) اسم مفعول على الصفة؛ للتفاؤل بأن يكثر حمده.

وسيأتي إن شاء الله تعالى ما يتعلّق به.

قال في «الفتح» : المحمّد: الذي حمد مرّة بعد أخرى، أو الذي تكاملت فيه الخصال المحمودة (رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم ومجّد وعظّم (ابن عبد الله) ،

ص: 127

ابن عبد المطّلب بن هاشم

قال الحافظ: لم يختلف في اسمه. انتهى. قال ابن الأثير: وكنيته أبو قثم- بقاف فثاء مثلثة- وهو من أسمائه صلى الله عليه وسلم؛ مأخوذ من القثم؛ وهو الإعطاء، أو من الجمع؛ يقال للرجل الجموع للخير قثوم وقثم، وقيل: أبو محمد، وقيل: أبو أحمد. انتهى.

فإن قلنا بالمشهور من وفاته والمصطفى حمل!! فلعله كنّي بالإلهام، وإن قلنا بعد ولادته!! فظاهر.

(ابن) شيخ البطحاء (عبد المطّلب) مجاب الدعوة، محرّم الخمر على نفسه. قال ابن الأثير: وهو أوّل من تحنّث بحراء؛ كان إذا دخل شهر رمضان صعده وأطعم المساكين. وقال ابن قتيبة: كان يرفع من مائدته للطير والوحوش في رءوس الجبال، فكان يقال له:«الفيّاض» لجوده. ويقال له «مطعم طير السماء» ، واسمه «شيبة الحمد» ، وكنيته «أبو الحارث» بابن له هو أكبر أولاده.

وإنّما سمّي «عبد المطّلب» !! قيل: لأن عمّه المطّلب جاء به إلى مكّة رديفه؛ وهو بهيئة رثّة، فكان يسأل عنه؛ فيقول:«هو عبدي» ؛ حياء من أن يقول:

«ابن أخي» . فلما أدخل مكة وأصلح من حاله أظهر أنّه ابن أخيه؛ فلذلك قيل له «عبد المطلب» . وهو أوّل من خضب بالسّواد من العرب، وعاش مائة وأربعين سنة، كما قاله عالم النسب الزّبير بن بكّار وتبعوه؛ قاله الزرقاني.

(ابن هاشم)، واسمه: عمرو، وإنّما قيل له «هاشم» ؛ لأنه كان يهشم الثريد لقومه في الجدب. وكان هاشم أفخر قومه وأعلاهم، وكانت مائدته منصوبة لا ترفع؛ لا في السّراء، ولا في الضّراء. وكان يحمل ابن السبيل، وكان نور رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه يتوقّد شعاعه، ويتلألأ ضياؤه، ولا يراه حبر إلّا قبّل يده، ولا يمرّ بشيء إلا سجد إليه. تغدو إليه قبائل العرب ووفود الأحبار؛ يحملون بناتهم يعرضون أن يتزوّج بهنّ، حتّى بعث إليه هرقل ملك الروم، وقال: إنّ لي ابنة لم تلد النساء أجمل منها؛ ولا أبهى وجها، فاقدم عليّ حتى أزوّجكها؛ فقد بلغني جودك وكرمك. وإنّما أراد بذلك نور المصطفى صلى الله عليه وسلم الموصوف عندهم في

ص: 128

ابن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب

الإنجيل، فأبى هاشم. ومات وسنّه عشرون، وقيل: خمس وعشرون سنة.

انتهى. «زرقاني» .

(ابن عبد مناف) - بفتح الميم وخفّة النون-، من:«أناف ينيف إنافة» ؛ إذا ارتفع. وقيل: الإنافة: الإشراف والزيادة. لقّب بذلك!! لأنّ أمه حبّى- بضم الحاء المهملة وموحدة مشددة ممالة- أخدمته صنما عظيما لهم يسمّى «مناة» ، ثم نظر أبوه فرآه يوافق عبد مناة بن كنانة، فحوّله «عبد مناف» ، واسمه: المغيرة، كما قال الشافعي؛ منقول من الوصف، والهاء للمبالغة، سمّي به!! تفاؤلا أنّه يغير على الأعداء. وساد في حياة أبيه. وكان مطاعا في قريش، ويدعى «القمر» لجماله. قال الواقدي: وكان فيه نور رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي يده لواء نزار وقوس إسماعيل. قال ابن هشام: ومات ب «غزّة» .

(ابن قصيّ) - بضمّ القاف- تصغير قصي- بفتح فكسر؛ فياء ساكنة- من:

(قصا يقصو) ؛ إذا بعد. ولقّب بذلك!! لأنّه بعد عن عشيرته في بلاد قضاعة حين احتملته أمّه فاطمة بنت سعد العذري في قصّة طويلة. ذكرها ابن إسحاق. واسمه «مجمّع» ؛ بالتشديد اسم فاعل، قال الشاعر:

أبوكم قصيّ كان يدعى «مجمّعا»

به جمّع الله القبائل من فهر

وكان قصيّ أوّل بني كعب أصاب ملكا طاع له به قومه، وكانت له الحجابة والسقاية والرّفادة والندوة واللواء، وحاز شرف مكّة جميعا، وكان رجلا جلدا جميلا، وعالم قريش وأقومها بالحقّ.

(ابن كلاب) - بكسر الكاف وتخفيف اللام- وهو، إما منقول من المصدر الذي في معنى المكالبة؛ نحو: كالبت العدوّ مكالبة، وإما من الكلاب؛ جمع كلب: الحيوان المعروف!! كأنهم يريدون الكثرة؛ كما يسمون ب «سباع» و «أنمار» وغير ذلك.

وسئل أعرابي: لم تسمّون أبناءكم بشرّ الأسماء؛ نحو كلب وذئب، وعبيدكم

ص: 129

ابن مرّة بن كعب بن لؤيّ

بأحسن الأسماء؛ نحو رزق ومرزوق ورباح؟! فقال: إنّما نسمّي أبناءنا لأعدائنا، وعبيدنا لأنفسنا. يريد الأعرابي: أنّ الأبناء عدة للأعداء وسهام في نحورهم؛ فاختاروا لهم هذه الأسماء دون عبيدهم، لأنهم لا يقصد منهم قتال غالبا، بل كان عارا عند العرب.

واسم كلاب: «حكيم» ، قال الحافظ: ولقّب ب «كلاب» !! لمحبّته كلاب الصيد، وكان يجمعها، فمن مرّت به فسأل عنها قيل: هذه كلاب ابن مرّة، وقال القسطلّاني: لمحبّته الصيد، وكان أكثر صيده بالكلاب؛ قاله المهلب وغيره.

(ابن مرّة) بضمّ الميم، منقول من وصف الرجل بالمرارة، فالتاء للمبالغة.

وله ثلاثة أولاد: يقظة؛ وبه يكنّى، وكلاب، وتيم؛ ومن نسله الصدّيق وطلحة.

(ابن كعب) قال السهيلي: سمّي بذلك؛ لستره على قومه ولين جانبه لهم.

منقول من «كعب القدم» . وقال ابن دريد وغيره: من «كعب القناة» ، وسمّي بذلك!! لارتفاعه وشرفه فيهم، فكانوا يخضعون له حتى أرّخوا بموته إلى عام الفيل؛ فأرّخوا به، ثم بموت عبد المطلب. وكعب أوّل من جمع الناس يوم العروبة- وهو: اسم يوم الجمعة- في الجاهلية اتفاقا. ولم يكن ثمّ صلاة يجمعهم إليها، بل كانت قريش تجتمع إليه في هذا اليوم فيخطبهم. وكان فصيحا يأمرهم بتعظيم الحرم، ويذكّرهم بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم، ويعلمهم بأنّه من ولده، ويأمرهم باتّباعه والإيمان به. وينشد في ذلك أبياتا. منها قوله:

يا ليتني شاهد فحواء دعوته

حين العشيرة تبغي الحقّ خذلانا

وكان بين موت كعب ومبعث النبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة سنة وستون سنة؛ قاله الزرقاني على «المواهب» .

(ابن لؤيّ) - بضم اللام والهمزة، ويسهّل بإبدال همزته واوا-.

وفي «النور والإرشاد» : الهمز أكثر عند الأكثرين. ولؤي تصغير «لأى» بوزن

ص: 130

ابن غالب بن فهر بن مالك بن النّضر بن كنانة

(عصا) ؛ وهو الثور الوحشيّ، وكنية لؤي:«أبو كعب» ، وله سبعة أولاد ذكور.

(ابن غالب) - بالمعجمة وكسر اللام- منقول من اسم فاعل مشتق من الغلب بفتحات، أو فتح فسكون- ويقال غلبة: بهاء. وله ولدان: لؤيّ وتيم، وبه يكنّى.

(ابن فهر) - بكسر الفاء وسكون الهاء فراء- منقول من الفهر: الحجر الطويل؛ قاله السهيلي. وقال الخشني: الفهر: حجر ملء الكفّ؛ يذكّر ويؤنّث.

وخطّأ الأصمعيّ من أنّثه، وفي «الفتح» : الفهر: الحجر الصغير. وفي «الإرشاد» : الطويل الأملس.

واسم فهر «قريش» ، وإليه تنسب قبائل قريش؛ كما قاله جماعة، ونسب للأكثر. قال الزّهري: وهو الذي أدركت عليه من أدركت من نسّاب العرب: أنّ من جاوز فهرا؛ فليس من قريش، بل يقال له «كنانيّ» ؛ نسبة إلى كنانة بن خزيمة بن مدركة. على القول الصحيح الذي صحّحه الدمياطيّ والعراقيّ وغيرهما، والحجّة لهم حديث مسلم والترمذي؛ مرفوعا:«إنّ الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة»

الحديث. وقيل غير ذلك.

وقبائل قريش فرقتان: بطاح، وظواهر. فقريش البطاح: من دخل مكّة مع قصي. والظواهر: من أقام بظاهر مكة؛ ولم يدخل الأبطح.

(ابن مالك) اسم فاعل من ملك يملك؛ فهو مالك، والجمع: ملّاك، ويكنّى «أبا الحارث» ؛ قاله في «الخميس» . سمّي «مالكا!!» ؛ لأنه كان ملك العرب.

(ابن النّضر) - بفتح النون وإسكان الضاد المعجمة فراء- واسمه «قيس» ، ولقب ب «النضر» !! لنضارة وجهه وإشراقه وجماله؛ منقول من «النضر» : اسم الذهب الأحمر، وله من الذكور مالك والصّلت، ويخلد- بفتح التحتيّة وسكون المعجمة، وضمّ اللام فدال مهملة- وبه يكنّى أبوه، ولكن لم يعقب إلّا من مالك.

(ابن كنانة) - بكسر الكاف ونونين مفتوحتين، بينهما ألف، ثم هاء-؛ منقول من «الكنانة» التي هي الجعبة- بفتح الجيم وسكون العين المهملة-.

ص: 131

ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس

سمّي بذلك!! تفاؤلا بأنه يصير كالكنانة الساترة للسهام؛ فكان سترا على قومه، وقيل غير ذلك.

(ابن خزيمة) تصغير خزمة- بمعجمتين مفتوحتين- وهي: مرّة واحدة من الخزم، وهو: شدّ الشيء وإصلاحه. وقال الزّجّاجي: يجوز أنّه من الخزم- بفتح فسكون- تقول: خزمته؛ فهو مخزوم إذا أدخلت في أنفه الخزام؛ قاله في «الفتح» .

وفي «تاريخ الخميس» : إنّما سمّي «خزيمة» ؛ تصغير خزمة!! لأنّه اجتمع فيه نور آبائه؛ وفيه نور رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى.

قال ابن عباس: ومات خزيمة على ملّة إبراهيم.

(ابن مدركة) - بضمّ فسكون فكسر ففتح، ثم هاء مبالغة-؛ منقول من اسم فاعل من الإدراك، لقّب به!! لإدراكه كلّ عزّ وفخر كان في آبائه، وكان فيه نور المصطفى صلى الله عليه وسلم ظاهرا بيّنا، واسمه «عمرو» عند الجمهور. وهو الصحيح.

(ابن إلياس) - بتحتيّة مع كسر الهمزة؛ في قول ابن الأنباري، وهي همزة قطع تثبت في الابتداء والدّرج- والمعروف أنّه اسمه، وفي «سيرة مغلطاي» : أنّ اسمه حبيب.

وفي «تاريخ الخميس» : إنما سمّي «إلياس» !! لأنّ أباه كبر ولم يولد له، فولد على الكبر واليأس؛ فسمّي «إلياس» ، وكنيته «أبو عمرو» ، وله أخ يقال له «إلناس» - بنون-؛ ذكره ابن ماكولا والجوهريّ.

وقال قاسم بن ثابت العوفي الأندلسيّ المالكيّ: إنّه بفتح الهمزة ضدّ الرجاء، واللام فيه للتعريف، والهمزة للوصل. قال السهيلي: وهذا أصحّ من قول ابن الأنباري. انتهى.

وإلياس أوّل من أهدى البدن إلى البيت الحرام.

ويذكر أنّه كان يسمع في صلبه تلبية النبي صلى الله عليه وسلم.

ولم تزل العرب تعظّمه تعظيم أهل الحكمة؛ ك «لقمان» وأشباهه. وكان

ص: 132

ابن مضر بن نزار بن معدّ

يدعى كبير قومه وسيد عشيرته، ولا يقطع أمر ولا يقضى بينهم دونه.

قال الزبير بن بكّار: ولمّا أدرك إلياس أنكر على بني إسماعيل ما غيّروا من سنن آبائهم وسيرتهم، وبان فضله عليهم، ولان جانبه لهم، حتّى جمعهم رأيه ورضوا به، فردّهم إلى سنن آبائهم وسيرهم.

قال ابن دحية: وهو وصيّ أبيه، وكان ذا جمال بارع.

(ابن مضر) - بضم الميم وفتح الضاد المعجمة- غير مصروف للعلمية والعدل.

قال الحافظ: قيل سمّي به؛ لأنه كان يحب شرب اللبن الماضر؛ وهو الحامض، وفيه نظر، لأنّه يستدعي أنّه كان له اسم غيره قبل أن يتّصف بهذه الصفة، نعم؛ يمكن أن يكون هذا اشتقاقه، ولا يلزم أن يكون متّصفا بهذه الصفة:

وقيل: سمّي به لبياضه. وقيل: لأنه كان يمضر القلوب لحسنه وجماله.

وهو أوّل من سنّ الحداء للإبل. قال البلاذري: وذلك أنّه سقط عن بعيره وهو شابّ؛ فانكسرت يده، فقال: يا يداه.. يا يداه. فأتت إليه الإبل من المرعى، فلما صحّ وركب حدا؛ وكان من أحسن الناس صوتا.

(ابن نزار) - بكسر النون، فزاي، فألف، فراء- مأخوذ من النّزر؛ وهو القليل.

قيل: إنّه لما ولد ونظر أبوه إلى نور محمد صلى الله عليه وسلم بين عينيه فرح فرحا شديدا، ونحر وأطعم؛ وقال: إنّ هذا كلّه نزر- أي: قليل- لحقّ هذا المولود؛ فسمّي «نزارا» لذلك، وكان اسمه «خلدان» ، وكنيته «أبو إياد» ، وقيل:«أبو ربيعة» ، وكان أجمل أهل زمانه وأكبرهم عقلا، وكان مقدّما، وانبسطت إليه اليد عند الملوك.

وفي «الوفا» : يقال إنّ قبر نزار. ب «ذات الجيش» قرب المدينة.

(ابن معدّ) - بفتح الميم والمهملة وشدّ الدال- وسمّي «معدّا» !! لأنه كان

ص: 133

ابن عدنان.

إلى هنا إجماع الأمّة، وما بعده إلى آدم لا يصحّ فيه شيء يعتمد.

صاحب حروب وغارات على بني إسرائيل، ولم يحارب أحدا إلّا رجع بالنصر والظّفر.

وكنيته «أبو قضاعة» . وقيل: أبو نزار.

(ابن عدنان) - بزنة فعلان- من المعدن، أي: الإقامة؛ قاله الحافظ وغيره.

وفي «الخميس» : سمي به!! لأنّ أعين الجن والإنس كانت إليه وأرادوا قتله.

وقالوا: لئن تركنا هذا الغلام حتى يدرك مدرك الرجال ليخرجنّ من ظهره من يسود الناس. فوكّل الله به من يحفظه. انتهى.

وحكى الزّبير: أنّ عدنان أوّل من وضع أنصاب الحرم، وأوّل من كسى الكعبة، أو كسيت في زمانه. وقال البلاذري: أوّل من كساها الأنطاع عدنان.

ولما استشعر المصنف قول سائل: «لم لم توصل النسب إلى آدم؟» قال:

(إلى هنا إجماع الأمّة) ، والإجماع. حجّة، لعصمة الأمة عن الخطأ، لقوله صلى الله عليه وسلم «لا تجتمع أمّتي على ضلالة» .

(وما بعده) ؛ أي: بعد عدنان (إلى) إسماعيل بن إبراهيم، ومنه إلى (آدم) قال العلماء:(لا يصحّ فيه شيء يعتمد) . قال العسقلاني في «السيرة» : اختلف فيما بين عدنان وإسماعيل اختلافا كثيرا، ومن إسماعيل إلى آدم متّفق على أكثره، وفيه خلف يسير في عدد الآباء، وفيه خلف في ضبط بعض الأسماء. انتهى.

وعن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما: بين عدنان وإسماعيل ثلاثون أبا لا يعرفون بأسمائهم. وقال عروة بن الزّبير: ما وجدنا أحدا يعرف بعد معدّ بن عدنان. وسئل الإمام مالك؛ عن الرجل يرفع نسبه إلى آدم!! فكره ذلك. قيل له:

فإلى إسماعيل. فكره ذلك أيضا. وقال: من أخبره بذلك!!؟ وكذا روي عنه في نسب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. فالذي ينبغي: الإعراض عما فوق عدنان، لما فيه من التخليط والتغيير للألفاظ وعواصة تلك الأسماء مع قلّة الفائدة.

ص: 134

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انتسب.. لم يجاوز في نسبته معدّ بن عدنان بن أدد، ثمّ يمسك ويقول:«كذب النّسّابون» ؛ قال الله تعالى (وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً)[الفرقان: 38] .

وهذا النّسب أشرف الأنساب على الإطلاق.

فعن العبّاس

(وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انتسب) - أي: ذكر نسبه- (لم يجاوز في نسبته معدّ بن عدنان بن أدد) - بضمّ الهمزة ودال مهملة مفتوحة- (ثمّ يمسك) عما زاد؛ توطئة لقوله (ويقول: «كذب النّسّابون» ) أي: الرافعون النسب إلى آدم، يقولها مرتين أو ثلاثا. رواه في «مسند الفردوس» ؛ عن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما مرفوعا. لكن قال السّهيلي: الأصحّ في هذا الحديث أنّه من قول عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه. وقال غيره: كان ابن مسعود رضي الله عنه إذا قرأ قوله تعالى (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ)[9/ إبراهيم] قال: كذب النسّابون. يعني: أنّهم يدّعون علم الأنساب، ونفى الله علمها عن العباد بقوله (لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ)[9/ إبراهيم] ، و (قال الله تعالى) في سورة الفرقان ((وَقُرُوناً) - أقواما- (بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً)(38) لا يعلمهم إلا الله (وهذا النّسب أشرف الأنساب على الإطلاق، ف) - قد روى الترمذيّ وقال: حديث حسن؛ (عن العبّاس) بن عبد المطّلب أبي الفضل الهاشمي، عمّ النبي صلى الله عليه وسلم، كان أسنّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين؛ أو ثلاث، وكان رئيسا جليلا في قريش قبل الإسلام، وكان إليه عمارة المسجد الحرام والسقاية. قيل: أسلم قبل الهجرة، وكان يكتم إسلامه؛ مقيما بمكة يكتب بأخبار المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعظّمه ويكرمه ويبجّله. وكان وصولا لأرحام قريش؛ محسنا إليهم، ذا رأي وكمال عقل، جوادا؛ أعتق سبعين عبدا.

وكانت الصحابة تكرمه وتعظّمه وتقدّمه، وتشاوره وتأخذ برأيه.

وله من الأولاد عشرة؛ وثلاث بنات. وتوفي رضي الله عنه بالمدينة المنورة

ص: 135

رضي الله تعالى عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ الله خلق الخلق فجعلني من خيرهم، ثمّ تخيّر القبائل فجعلني من خير قبيلة، ثمّ تخيّر البيوت فجعلني من خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفسا وخيرهم بيتا» .

يوم الجمعة لثنتي عشرة ليلة خلت من رجب، وقيل: من رمضان سنة: اثنتين وثلاثين، وقيل: أربع وثلاثين؛ وهو ابن ثمان وثمانين سنة (رضي الله تعالى عنه.

أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال) . وفي الترمذيّ: قال العبّاس: قلت: يا رسول الله؛ إن قريشا جلسوا فتذاكروا أحسابهم، فجعلوا مثلك مثل نخلة في كبوة- أي: كناسة.

أي: هو كالشجرة المثمرة وأصلها خبيث. فقد مدحوه وذمّوا أصله- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينا أن أصله طيّب: ( «إنّ الله خلق الخلق) - أي: المخلوقات، و «أل» للاستغراق، فتدخل الملائكة، فهو نصّ في أفضلية جنس البشر على جنس الملك. أو المراد: الثقلان، أو المراد: بنو آدم فرقا- (فجعلني) - أي:

صيّرني- (من خيرهم) - أي: خير فرقهم؛ أي: أشرفها، والمراد بالفرق الذي هو خيرهم: العرب- (ثمّ تخيّر القبائل) - من العرب أي: اختار خيارهم؛ فضلا منه- (فجعلني من خير قبيلة) - منهم؛ وهم قريش، أي: قدّر إيجادي في خير قبيلة- (ثمّ تخيّر البيوت) - أي: اختارهم شرفا- (فجعلني من خير بيوتهم) أي: أشرفها؛ وهم بنو هاشم، وإذا كان كذلك- (فأنا خيرهم نفسا) - أي:

روحا وذاتا- (وخيرهم بيتا) - أي: أصلا، إذ جئت من طيّب إلى طيّب، إلى صلب أبي بفضل الله عليّ ولطفه في سابق علمه.

ولم يقل «ولا فخر» ؛ كما في خبر: «أنا سيّد ولد آدم» !! لأنّ هذا بحسب حال المخاطبين في صفاء قلوبهم بما يعلمه من حالهم، أو هذا بعد ذاك.

وفي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مرفوعا: «إنّ الله حين خلق الخلق بعث جبريل؛ فقسم النّاس قسمين؛ فقسم العرب قسما، وقسم العجم قسما، وكانت خيرة الله في العرب. ثمّ قسم العرب قسمين؛ فقسم اليمن قسما، وقسم

ص: 136

وعن واثلة بن الأسقع رضي الله تعالى عنه

مضر قسما وقريشا قسما، وكانت خيرة الله في قريش، ثمّ أخرجني من خير من أنا منهم» رواه الطبراني، وحسّن العراقي إسناده، وهو شاهد لخبر المصنّف وكالشرح له.

قال بعض العلماء: والتفاضل في الأنساب والقبائل والبيوت باعتبار حسن خلقة الذات والتفاضل فيما قام بها من الصفات؛ حتى في الأقوات وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ [71/ النحل] وهذا جار في سائر المخلوقات، فضل الله يؤتيه من يشاء، فلا اتجاه لما عساه يقال: الإنسان كلّه نوع؛ فما معنى التفاضل في الأنساب!! انتهى «زرقاني» .

(و) روى مسلم، والترمذيّ بأتمّ منه- وقال: حديث صحيح غريب- (عن) أبي شدّاد (واثلة بن الأسقع) بن عبد العزّى بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة الكناني اللّيثي (رضي الله تعالى عنه) قيل: أسلم والنبيّ صلى الله عليه وسلم يتجهّز إلى تبوك، وشهدها معه، وشهد فتح دمشق وحمص. وقيل: إنّه خدم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين؛ وكان من أهل الصّفّة.

روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة وخمسون حديثا؛ روى له البخاري حديثا، ومسلم حديثا آخر.

سكن الشام؛ فسكن دمشق، ثم استوطن «بيت جبرين» ؛ وهي بلدة بقرب بيت المقدس، ودخل البصرة؛ وكان له بها دار.

روى عنه أبو إدريس الخولاني، ومكحول، وأبو المليح، ويونس بن ميسرة وخلق سواهم.

وتوفي بدمشق سنة: ست- أو خمس- وثمانين هجرية؛ وهو ابن ثمان وتسعين سنة رحمه الله تعالى، وأبوه صحابيّ؛ كما في «الإصابة» . رضي الله تعالى عنهما.

ص: 137

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم» .

وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنه

(قال) واثلة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله اصطفى) - أي: اختار- (من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة) - وهم عدّة قبائل؛ أبوهم كنانة بن خزيمة- (واصطفى من بني كنانة قريشا) - وفيه إبطال للقول بأن جماع قريش مضر، وإبطال للقول الآخر بأنّ جماعهم إلياس- (واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم) ؛ زاد ابن سعد من مرسل أبي جعفر الباقر-: «ثمّ اختار بني هاشم من قريش، ثمّ اختار ابن عبد المطّلب من بني هاشم» . انتهى.

قال الحليمي: أراد تعريف منازل المذكورين ومراتبهم، كرجل يقول «كان أبي فقيها» لا يريد الفخر؛ بل تعريف حاله دون ما عداه. وقد يكون أراد به الإشارة بنعمة الله تعالى عليه في نفسه وآبائه على وجه الشكر، وليس ذلك من الاستطالة والفخر في شيء. انتهى. ونقله عنه البيهقيّ في «الشّعب» . وأقرّه.

وقال الحافظ ابن حجر: ذكره لإفادة الكفاءة، والقيام بشكر النعم. والنهي عن التفاخر بالآباء موضعه مفاخرة تفضي إلى تكبّر؛ أو احتقار مسلم. انتهى؛ نقله الزرقاني على «المواهب» .

(و) روى الطبرانيّ في «الأوسط» ؛ (عن) عبد الله (بن عمر) بن الخطّاب: أبي عبد الرحمن العالم المجتهد العابد، لزوم السنة، الفرور من البدعة، الناصح للأمّة (رضي الله تعالى عنه) .

روى ابن وهب عن مالك؛ قال: بلغ ابن عمر ستّا وثمانين سنة، وأفتى ستّين سنة.

ص: 138

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله اختار خلقه؛ فاختار منهم بني آدم، ثمّ اختار بني آدم فاختار منهم العرب، ثمّ اختار العرب فاختار منهم قريشا، ثمّ اختار قريشا فاختار منهم بني هاشم، ثمّ اختار بني هاشم فاختارني، فلم أزل خيارا من خيار، ألا من أحبّ العرب فبحبّي أحبّهم، ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم» .

وقال نافع: ما مات حتى أعتق أكثر من ألف، وشهد الخندق وما بعدها.

قال الحافظ ابن حجر: ولد في السنة الثانية؛ أو الثالثة من المبعث، لأنه ثبت أنّه كان يوم بدر ابن ثلاث عشرة سنة؛ وهي بعد المبعث بخمس عشرة، ومات في أوائل سنة ثلاث وسبعين. رحمه الله تعالى.

(قال) - أي: ابن عمر- (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله اختار) - أي:

اصطفى- (خلقه) - مميّزا لهم على غيرهم ممّن لو تعلّقت بهم الإرادة ووجدوا كانوا دونهم في الفضل، لكونهم لم يختاروا، فلا يرد أنّ الاختيار إنّما يكون فيما يختار من شيء، ولا يقال: اختار شيئا، إذ لابدّ من مختار ومختار منه. ومحصّل الجواب: اختيارهم ممن يقدّر وجودهم- (فاختار منهم بني آدم، ثمّ اختار بني آدم) - أي: نظر إليهم- (فاختار منهم العرب) - وبهذا التأويل اندفع ما يقال:

لا حاجة لقوله «ثمّ اختار بني آدم» بل لا يصحّ، لأنه عين ما قبله- (ثمّ اختار العرب) - أي: نظر إليهم- (فاختار منهم قريشا) - أي: قبائل قريش- (ثمّ اختار قريشا) - أي: نظر إليهم- (فاختار منهم بني هاشم) - دون غيرهم- (ثمّ اختار بني هاشم) - أي: نظر إليهم- (فاختارني) - من بني هاشم- (فلم أزل خيارا من خيار، ألا من أحبّ العرب فبحبّي) - أي: فبسبب حبّه لي- (أحبّهم، ومن أبغض العرب) - أظهر للتعظيم- (فببغضي) - أي: بسبب بغضه لي- (أبغضهم» ) .

وقد روى الترمذي؛ وقال: حسن غريب؛ عن سلمان رفعه: «يا سلمان؛ لا تبغضني فتفارق دينك.» قلت: يا رسول الله؛ كيف أبغضك وبك هداني الله؟! قال «تبغض العرب فتبغضني» .

ص: 139

.........

وروى الطبرانيّ؛ عن علي رفعه: «لا يبغض العرب إلّا منافق» . انتهى.

وقد ألّف الحافظ العراقيّ «رسالة في فضائل العرب» . وتلاه الشيخ ابن حجر الهيتمي، رحمهم الله تعالى، فألّف رسالة سماها «مبلغ الأرب في فضائل العرب» .

ص: 140