المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 213 الى 220] - التفسير الوسيط لطنطاوي - جـ ١٠

[محمد سيد طنطاوي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد العاشر]

- ‌سورة المؤمنون

- ‌مقدمة وتمهيد

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 12 الى 16]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 17 الى 22]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 23 الى 30]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 31 الى 41]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 42 الى 52]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 53 الى 56]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 57 الى 62]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 63 الى 67]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 68 الى 74]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 75 الى 77]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 78 الى 80]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 81 الى 89]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 90 الى 92]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 93 الى 98]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 99 الى 111]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 112 الى 118]

- ‌تفسير سورة النّور

- ‌مقدمة وتمهيد

- ‌[سورة النور (24) : آية 1]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 2 الى 3]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 4 الى 5]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 6 الى 10]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 11 الى 18]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 19 الى 22]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 23 الى 26]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 27 الى 29]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 30 الى 31]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 32 الى 34]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 35 الى 38]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 39 الى 40]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 41 الى 42]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 43 الى 45]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 46 الى 54]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 55 الى 57]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 58 الى 60]

- ‌[سورة النور (24) : آية 61]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 62 الى 64]

- ‌تفسير سورة الفرقان

- ‌مقدمة وتمهيد

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 4 الى 6]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 7 الى 11]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 12 الى 16]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 17 الى 19]

- ‌[سورة الفرقان (25) : آية 20]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 21 الى 29]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 30 الى 34]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 35 الى 40]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 41 الى 44]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 45 الى 54]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 55 الى 62]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 63 الى 76]

- ‌[سورة الفرقان (25) : آية 77]

- ‌تفسير سورة الشّعراء

- ‌مقدمة وتمهيد

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 10 الى 17]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 18 الى 33]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 34 الى 42]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 43 الى 51]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 52 الى 68]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 69 الى 89]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 90 الى 104]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 105 الى 122]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 123 الى 140]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 141 الى 159]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 160 الى 175]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 176 الى 191]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 192 الى 199]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 200 الى 212]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 213 الى 220]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 221 الى 227]

- ‌تفسير سورة النّمل

- ‌مقدمة وتمهيد

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 7 الى 14]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 15 الى 19]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 20 الى 26]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 27 الى 35]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 38 الى 40]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 41 الى 44]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 45 الى 53]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 54 الى 58]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 59 الى 64]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 65 الى 75]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 76 الى 81]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 82 الى 88]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 89 الى 93]

- ‌تفسير سورة القصص

- ‌مقدمة وتمهيد

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 7 الى 13]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 14 الى 21]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 22 الى 28]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 29 الى 35]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 36 الى 43]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 44 الى 51]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 52 الى 55]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 56 الى 61]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 62 الى 70]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 71 الى 75]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 76 الى 84]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 85 الى 88]

- ‌فهرس إجمالى لتفسير سورة «المؤمنون»

- ‌فهرس إجمالى لتفسير سورة «النور»

- ‌فهرس إجمالى لتفسير «سورة الفرقان»

- ‌فهرس إجمالى لتفسير «سورة الشعراء»

- ‌فهرس إجمالى لتفسير «سورة النمل»

- ‌فهرس إجمالى لتفسير «سورة القصص»

الفصل: ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 213 الى 220]

قالوا: إن لمحمد صلى الله عليه وسلم تابعا من الجن يخبره بهذا القرآن ويلقيه عليه- وإنما هذا القرآن نزل به الروح الأمين، على قلبه صلى الله عليه وسلم.

وإن الشياطين ما يَنْبَغِي لَهُمْ ذلك إذ هم يدعون إلى الضلالة والقرآن يدعو إلى الهداية وَما يَسْتَطِيعُونَ أن ينزلوا به ولا يقدرون على ذلك أصلا إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ أى: إن هؤلاء الشياطين عن سماع القرآن الكريم لمعزولون عزلا تاما. فالشهب تحرقهم إذا ما حاولوا الاستماع إليه. كما قال- تعالى-: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً. وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً «1» .

فأنت ترى أن الله- تعالى- قد صان كتابه عن الشياطين، بأن بيّن بأنهم ما نزلوا به، ثم بيّن- ثانيا أنهم ما يستقيم لهم النزول به لأن ما اشتمل عليه من هدايات يخالف طبيعتهم الشريرة، ثم بين ثالثا- بأنهم حتى لو حاولوا ما يخالف طبيعتهم لما استطاعوا، ثم بين- رابعا- بأنه حتى لو انبغى واستطاعوا حمله، لما وصلوا إلى ذلك، لأنهم بمعزل عن الاستماع إليه، إذ ما يوحى به- سبحانه- إلى أنبيائه، فالشياطين محجوبون عن سماعه، وهكذا صان الله- تعالى- كتابه صيانة تامة. وحفظه حفظا جعله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

ثم نهى- سبحانه- عن الشرك بأبلغ وجه، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يجهر بدعوته، وبأن يتوكل عليه وحده- سبحانه- فقال:

[سورة الشعراء (26) : الآيات 213 الى 220]

فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217)

الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220)

(1) سورة الجن الآيتان 8، 9.

ص: 285

والفاء في قوله- تعالى- فَلا تَدْعُ.. فصيحة، والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم على سبيل طلب الازدياد من إخلاص العبادة لله- تعالى-.

أى: إذا علمت- أيها الرسول الكريم- ما أخبرناك به، فأخلص العبادة لنا، واحذر أن تعبد مع الله- تعالى- إلها آخر، فتكون من المعذبين.

وخوطب صلى الله عليه وسلم بهذه الآية وأمثالها، مع أنه أخلص الناس في عبادته لله- تعالى-، لبيان أن الشرك أقبح الذنوب وأكبرها وأنه لو انحرف إليه- على سبيل الفرض- أشرف الخلق وأكرمهم عند الله- تعالى- لعذبه- سبحانه- على ذلك، فكيف يكون حال غيره ممن هم ليسوا في شرفه ومنزلته.

لا شك أن عذابهم سيكون أشد، وعقابهم سيكون أكبر.

ثم أمر الله- تعالى- رسوله صلى الله عليه وسلم أن ينذر أقرب الناس إليه، ليكونوا قدوة لغيرهم. وليعلموا أن قرابتهم للرسول صلى الله عليه وسلم لن تنجيهم من عذاب الله، ما استمروا على شركهم، فقال- تعالى-: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ.

والعشيرة: أهل الرجل الذين يتكثر بهم، والْأَقْرَبِينَ هم أصحاب القرابة القريبة كالآباء والأبناء والإخوة والأخوات، والأعمام والعمات وما يشبه ذلك.

وقد ذكر المفسرون أحاديث متعددة، فيما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية، منها: ما أخرجه الشيخان عن ابن عباس قال: لما أنزل الله- تعالى- هذه الآية: أتى النبي صلى الله عليه وسلم الصفا فصعد عليه ثم نادى: يا صباحاه، وهي كلمة يقولها المستغيث أو المنذر لقومه- فاجتمع الناس إليه، بين رجل يجيء إليه، وبين رجل يبعث رسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بنى عبد المطلب، يا بنى فهر، يا بنى لؤي، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح الجبل تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدقي؟ قالوا: نعم. قال: «فإنى نذير لكم بين يدي عذاب شديد» .

فقال أبو لهب: تبا لك سائر اليوم، أما دعوتنا إلا لهذا، وأنزل الله: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ «1» .

قال الآلوسى: ووجه تخصيص عشيرته الأقربين بالذكر مع عموم رسالته صلى الله عليه وسلم: دفع توهم المحاباة، وأن الاهتمام بشأنهم أهم، وأن البداءة تكون بمن يلي ثم من بعده.. «2» .

(1) راجع تفسير ابن كثير ج 6 ص 176. فقد ساق جملة من الأحاديث في هذا المعنى.

(2)

تفسير الآلوسى ج 19 ص 134.

ص: 286

أى: أن هذه الآية الكريمة، لا تتعارض مع عموم رسالته صلى الله عليه وسلم للناس جميعا، لأن المقصود بها: البدء بإنذار عشيرته الأقربين، ليكونوا أسوة لغيرهم.

وقوله- سبحانه-: وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إرشاد منه- سبحانه- لنبيه صلى الله عليه وسلم إلى كيفية معاملته لأتباعه.

وخفض الجناح: كناية عن التواضع. واللين، والرفق، في صورة حسية مجسمة، إذ من شأن الطائر حين يهبط أو حين يضم صغاره إليه أن يخفض جناحه، كما أن رفع الجناح يطلق على التكبر والتعالي، ومنه قول الشاعر:

وأنت الشهير بخفض الجنا

ح فلا تك في رفعه أجدلا «1»

أى: وكن- أيها الرسول الكريم- متواضعا لين الجانب، لمن اتبعك من المؤمنين، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم سيد المتواضعين مع أصحابه، إلا أن الآية الكريمة تعلم المسلمين في كل زمان ومكان- وخصوصا الرؤساء منهم- كيف يعامل بعضهم بعضا.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: المتبعون للرسول صلى الله عليه وسلم هم المؤمنون، والمؤمنون هم المتبعون للرسول صلى الله عليه وسلم فما معنى قوله: لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ؟

قلت: فيه وجهان: أن يسميهم قبل الدخول في الإيمان مؤمنين لمشارفتهم ذلك، وأن يراد بالمؤمنين المصدقين بألسنتهم، وهم صنفان: صنف صدق الرسول واتبعه فيما جاء به: وصنف ما وجد منه إلا التصديق فحسب. ثم إما أن يكونوا منافقين أو فاسقين، والمنافق والفاسق لا يخفض لهما الجناح.. «2» .

ويبدو لنا أنه لا داعي إلى هذه التقسيمات التي ذهب إليها صاحب الكشاف- رحمه الله، وأن المقصود بقوله: لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ تأكيد الأمر بخفض الجناح، وللإشعار بأن جميع أتباعه من المؤمنين، ومثل هذا الأسلوب كثير في القرآن الكريم، ومنه قوله- تعالى-: يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ.. ومن المعلوم أن الأقوال لا تكون إلا بالأفواه، وقوله- تعالى- وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ.. ومن المعروف أن الطائر لا يطير إلا بجناحيه.

ثم بين- سبحانه- لنبيه كيف يعامل العصاة فقال: فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ.

قال الآلوسى: الظاهر أن الضمير المرفوع في عَصَوْكَ عائد على من أمر صلى الله عليه وسلم

(1) والأجدل: هو الصقر. أى. فلا تكن شبيها به في القسوة والغلظة.

(2)

تفسير الكشاف ج 3 ص 341.

ص: 287

بإنذارهم، وهم العشيرة. أى: فإن عصوك ولم يتبعوك بعد إنذارهم، فقل إنى برىء من عملكم، أو من دعائكم مع الله إلها آخر. وجوز أن يكون عائدا على الكفار المفهوم من السياق.

وقيل: هو عائد على من اتبع من المؤمنين. أى: فإن عصوك يا محمد في الأحكام وفروع الإسلام، بعد تصديقك والإيمان بك وتواضعك لهم، فقل إنى برىء مما تعملون من المعاصي.. «1» .

وكان هذا في مكة، قبل أن يؤمر صلى الله عليه وسلم بقتال المشركين.

ثم أمره- سبحانه- بالتوكل عليه وحده فقال: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ أى:

اخفض جناحك لأتباعك المؤمنين، وقل لمن عصاك بعد إنذاره إنى برىء من أعمالكم، واجعل توكلك واعتمادك على ربك وحده، فهو- سبحانه- صاحب العزة والغلبة، والقهر، وصاحب الرحمة التي وسعت كل شيء.

وهو- عز وجل الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ

إلى عبادته وإلى صلاته دون أن يكون معك أحد.

وهو- سبحانه- الذي يرى تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ أى: يراك وأنت تصلى مع المصلين، فتؤمهم وتنتقل بهم من ركن إلى ركن، ومن سنة إلى سنة حال صلاتك، والتعبير بقوله تَقَلُّبَكَ يشعر بحرصه صلى الله عليه وسلم على تعهد أصحابه، وعلى تنظيم صفوفهم في الصلاة، وعلى غير ذلك مما هم في حاجة إليه من إرشاد وتعليم.

وعبر عن المصلين بالساجدين، لأن العبد أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد، فهذا التعبير من باب التشريف والتكريم لهم.

إِنَّهُ- سبحانه- هُوَ السَّمِيعُ لكل ما يصح تعلق السمع به الْعَلِيمُ بكل الظواهر والبواطن، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا السماء.

ثم ختم- سبحانه- السورة الكريم ببيان أن الشياطين من المحال أن تتنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم الصادق الأمين.. وإنما تتنزل على الكاذبين الخائنين، فقال- تعالى-:

(1) تفسير الآلوسى ج 19 ص 136.

ص: 288