الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: الجرح والتعديل عند الشيعة والرافضة
رأينا من قبل الجرح والتعديل عن الجمهور، والموقف من الرواية عن أهل البدع، وما يتصل بالعدالة والضبط.
والصحابة الكرام، خير أمة أخرجت للناس، شهد لهم ربهم عز وجل وكفى بالله شهيدا، وشهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وما أعظمها من شهادة! ولذلك فهم ليسوا في حاجة إلى شهادة بعد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وعدالتهم أمر معلوم مسلم به عند جمهور المسلمين. ومن طعن فيهم ممن ينتسب إلى الإسلام كاد أن يخرج عن الملة إن لم يكن قد خرج بالفعل. وتبعاً للجرح والتعديل عند الفرق يحكم على الأحاديث، وتؤلف الكتب.
وقبل أن أبين الجرح والتعديل عند سلف عبدالحسين، وأثر هذا في كتبهم التي قال إنها مقدسة، وصحاح متواترة، أردت أن أوضح موقف " الحاكم " كما جاء في كتابه (معرفة علوم الحديث) وهو شيعي لكنه غير رافضى، حتى لا نخلط بين موقف الشيعة وموقف الرافضة.
تحدث الحاكم عن أصح الأسانيد فقال (ص 55):
إن أصح أسانيد أهل البيت: جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي إذا كان الراوي عن جعفر ثقة.
وأصح أسانيد الصديق: إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن أبي بكر.
وأصح أسانيد عمر: الزهري عن سالم عن أبيه عن جده.
وأصح أسانيد المكثرين من الصحابة لأبي هريرة: الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، ولعبدالله بن عمر مالك عن نافع عن ابن عمر، ولعائشة عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، عن القاسم بن محمد ابن أبي بكر، عن عائشة.
سمعت أبا بكر أحمد بن سلمان الفقية يقول: سمعت جعفر بن أبي عثمان الطيالسى يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: عبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة ترجمة مشبكة بالذهب.
ومن أصح الأسانيد أيضاً محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب بن زهرة القرشي عن عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد القرشي عن عائشة.
وأصح أسانيد عبدالله بن مسعود: سفيان بن سعيد الثوري عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم بن يزيد النخعي عن علقمة بن قيس النخعي عن عبدالله بن مسعود.
وأصح أسانيد أنس: مالك بن أنس عن الزهري عن أنس.
وأصح أسانيد المكيين: سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر.
وأصح أسانيد اليمانيين: معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة.
ومما ذكره الحاكم نرى أنه لا يختلف عن جمهور المسلمين في نظرته للصحابة الكرام، وفي التوثيق بصفة عامة على خلاف ما نراه عند الرافضة.
وفي ص 56 يقول: إن أوهى أسانيد أهل البيت: عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن الحارث الأعور، عن علي.
وفي ص 63 تحدث عن معرفة فقه الحديث فقال: " فأما فقهاء الإسلام، أصحاب القياس والرأي والاستنباط والجدل والنظر، فمعروفون في كل عصر وأهل كل بلد. ونحن ذاكرون بمشيئة الله في هذا الموضع فقه الحديث عن أهله ليستدل بذلك على أن أهل هذه الصنعة من تبحر فيها لا يجهل فقه الحديث، إذ هو نوع من أنواع هذا العلم.
فمن أشرنا إليه من أهل الحديث محمد بن مسلم الزهري " وذكر الحاكم بإسناده بعد هذا عن مكحول قال: " ما رأيت أحداً أعلم بسنة ماضية من الزهري ".
وفي ص 240 بدأ الحديث عن النوع التاسع والأربعين فقال: " هذا النوع من هذه العلوم معرفة الأئمة الثقات المشهورين من التابعين وأتباعهم ممن يجمع حديثهم للحفظ والمذاكرة، والتبرك بهم وبذكرهم من الشرق إلى الغرب ".
وأول من ذكرهم من هؤلاء الأئمة الإمام الزهري. وفي عصرنا وجدنا الرافضة والمستشرقين – لهدف واحد خبيث – يطعنان في هذا الإمام الجليل. ومن الأئمة الأعلام الذين ذكرهم: الإمام سفيان الثوري (ص 245)، وسيأتي في نماذج من الجرح والتعديل ما قاله الرافضة في هذا الإمام.
و (مستدرك الحاكم) معروف مشهور، وسبق الإشارة إليه، غير أنه جمع الصحيح والحسن والضعيف والموضوع.
وممن عرف بالتشيع كذلك النسائي، صاحب (السنن)، أحد الكتب الستة المعتمدة عند جمهور المسلمين، وعبدالرزاق صاحب (المصنف)، وابن عبدالبر، صاحب الكتب الكثيرة النافعة. انظر (منهاج السنة) لابن تيمية (7/ 13، 373)، ومنهج هؤلاء في الجرح والتعديل يعتبر من منهج الجمهور.
أما أسلاف عبدالحسين فإن منهجهم تأثر بعقيدتهم في الإمامة، فكما رفضوا الخلافة الراشدة للشيخين وذي النورين، رفضوا ما ثبت عنهم من أخبار، وطعنوا فيهم وفيمن لم يقل بقول عبدالله بن سبأ في الوصي بعد النبي، ولذلك طعنوا وجرحوا من شهد لهم ربهم عز وجل والرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم. وفي ظلمات هذه الجهالة ألفت كتبهم.
نماذج من الجرح والتعديل
الجرح والتعديل عند هؤلاء القوم – كما رأينا – يرتبط بعقيدتهم الباطلة في الإمامة، ووضعت كتبهم – كما سنرى – لتأييد هذه العقيدة. وكتب الرجال عندهم طعنت في خير جيل عرفته البشرية وجرحت صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، ورضي عن الصحابة الكرام البررة. ولم يسلم من الطعن إلا من اشتهر في التاريخ بولائه لعلي بن أبي طالب. وقولهم بعصمة الأئمة جعلهم لا ينظرون إليهم على أنهم رواة ثقات بل جعلوهم مصدرا للتشريع، فأقوالهم سنة واجبة الاتباع كسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، دون أدنى فرق، وأشرت إلى هذا من قبل. وسأكتفي هنا ببيان بعض النماذج مما جاء في كتب الرجال عندهم. وأصول هذه الكتب الرجالية خمسة هي:(رجال البرقي)، و (رجال الكشي)، و (رجال الشيخ الطوسي)، و (فهرسته)، و (رجال النجاشي). وقد رجع إلى هذه الأصول وغيرها عبدالله الماماقانى في كتابه (تنقيح المقال في علم الرجال). والمؤلف يلقبونه بالعلامة الثاني آية الله، أما علامتهم الأول فهو ابن المطهر الحلي الذي رد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية. كما أشرت من قبل، وكتاب (تنقيح المقال) من أكبر الكتب حجماً ومكانة عندهم.
وإليك بعض النماذج مما جاء في هذا الكتاب.
ـ علي بن أبي طالب:
أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام، مناقبه وفضائله لا يسع البشر عدها وإحصاءها، قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي. وقد ورد أنه لو كان البحر مداداً، والأشجار أقلاماً وأوراق الأشجار قرطاساً، والجن والإنس كتاباً، لما أحصوا مناقبه!! (جـ 2 ص 264).
ـ محمد بن أبي بكر بن أبي قحافة:
جليل القدر عظيم المنزلة من خواص علي رضي الله عنه وحوارييه. أتته النجابة من قبل أمه أسماء بنت عميس لا من قبل أبيه. من أنجب النجباء، من أهل بيت سوء. بايع أمير المؤمنين على البراءة من أبيه، ومن الخليفة الثاني، وقال له: أشهد أنك إمام مفترض الطاعة، وأن أبي في النار
…
إلخ.
(انظر ترجمته في ملحق الجزء الثاني (ص 57، 58) وينسب الرافضة هذه الأقوال للإمامين الباقر والصادق، وحاشاهما - رضي الله تعالى عنهما - أن ينطقا بمثل هذا الكفر الذي لا يقوله إلا عبدالله بن سبأ وأمثاله وأتباعه)
ـ عبدالله بن عمر بن الخطاب العدوي خليفة العامة:
بالغت العامة في مدحه، ومن لاحظ ترجمته المتفرقة وأمعن النظر فيها لم يعتمد على خبره
…
إلخ (2/ 201)
ـ عبدالله بن عمرو بن العاص:
كان كأبيه في الرأي والنفاق، والكذب على الله ورسوله، والخروج مع معاوية بصفين، وكفى بذلك جرحا
…
إلخ (2/ 200)، وفي ترجمته أخذ الرافضي يلعنه ويلعن أباه!).
ـ عبدالرحمن بن عوف:
في ترجمته اتهام له ولذي النورين عثمان بن عفان - رضي الله تعالى عنهما، وفي نهاية الترجمة قال: لا أعتمد على روايته، لأن من خان في الأصول لا يوثق به في الفروع (2/ 146: 147)
ـ خالد بن الوليد:
تعاقد مع أبي بكر على قتل علي رضي الله عنه، ثم ندم أبو بكر خوفاً من الفتنة، سماه العامة سيف الله، والأحق بتسميته سيف الشيطان
…
زنديق، أشهر من كفر إبليس في العداوة لأهل البيت .. إلخ. (اقرأ ترجمته (1/ 394) تجد هذا الكفر والضلال والمفتريات وغيرها).
ـ أنس بن مالك:
جاء في ترجمته أنه كان من المنحرفين عن علي رضي الله عنه، الكاتمين لمناقبه حباً للدنيا، فدعا عليه بالعمى فكف بصره، وأنه كان يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم!. (انظر أكاذيب وأباطيل هؤلاء الرافضة في ترجمته (1/ 154: 155).
ـ النعمان بن بشير:
كان منحرفا عن علي رضي الله عنه، وعدواً له، فزندقته لا شك فيها .. إلخ (3/ 272)، وفي الترجمة غير هذا من التكفير واللعن لهذا الصحابي الجليل ولغيره من الكرام البررة).
ـ معاذ بن جبل:
في ترجمته أنه مالأ عدو الله أبا بكر وعمر، على ولي الله علي بن أبي طالب، والبشرى بالنار له ولأبي بكر وعمر وأبي عبيدة وسالم، وأن الصحابة هلكوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أربعة .. إلى غير ذلك مما لا يصدر إلا عن الكفار والضالين. (انظر هذا الضلال في ترجمته (3/ 220 - 221).
ـ سفيان الثورى:
إذا كان هؤلاء القوم قد طعنوا وكفروا خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم الصحابة الكرام، وخيرهم جميعا الشيخان الصديق والفاروق، رضي الله تعالى عنهم جميعاً، إذا كان الأمر قد انحط إلى هذا الدرك الأسفل، فلا نعجب بعد هذا إذا طعنوا في أئمة المسلمين بعد الصحابة.
ففى ترجمة الإمام سفيان الثوري يذكرون أكاذيب ينسبونها إلى الإمام الصادق افتراء على الله تعالى وعلى الصادق رضي الله عنه، ثم يعقبون عليها بما يأتي:
يتبين أمران:-
أحدهما: أن سفيان الثوري كذاب خبيث مدلس معاند يهودي، قد آثر دنياه على آخرته على علم منه بذلك بنص الصادق.
والآخر: أن مذهب العامة ـ أي جمهور المسلمين ـ مبني على الأكاذيب!! من بدايته إلى نهايته، أعاذنا الله تعالى من ذلك، ولا جمع الله بيننا وبينهم في الدنيا ولا الآخرة. انظر (2/ 37: 38).
وبعد ....
فلعل هذه التراجم ـ مع قلتها ـ كافية لبيان منهج الرافضة في الجرح والتعديل، واجترائهم على الله عز وجل، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى الصحابة الكرام، وعلى أئمة المسلمين سواء أكانوا من أهل البيت الأطهار أم من غيرهم. وإذا جئنا إلى التطبيق العملي فإنا نرى هذا المنهج مطبقا في كتبهم التي قال عنها الرافضي عبدالحسين إنها مقدسة، متواترة صحيحة، وما هي إلا هدم للإسلام أصوله وفروعه، وامتداد لمآرب عبدالله بن سبأ.
وفي الجزء الرابع في خاتمة الكتاب سنجد مثل هذه التراجم عندما نتحدث عن أبي القاسم الخوئي المرجع الأعلى للشيعة في العراق، وعن كتابه (معجم رجال الحديث)، مما يبين استمرار غلو الرافضة وزندقتهم حتى عصرنا إلا من عصم ربي من معتدلي الشيعة غير الرافضة.
المصدر:
مع الشيعة الاثني عشرية في الأصول والفروع لعلي السالوس - ص 696