المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ب- موقفهم من بعض كبار الصحابة - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌ج- القول بجواز التقية القولية دون العملية

- ‌د- أدلة المانعين للتقية

- ‌هـ - أدلة القائلين بجواز التقية

- ‌المطلب الثاني: موقف الخوارج من القعدة

- ‌تمهيد في الولاية والبراءة عند الخوارج

- ‌1 - موقفهم من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم

- ‌ب- موقفهم من بعض كبار الصحابة

- ‌المطلب الثاني: موقف الخوارج من عامة المسلمين المخالفين لهم

- ‌أ- موقف الغلاة منهم:

- ‌ب- موقف المعتدلين منهم:

- ‌المطلب الثالث: موقف الخوارج من أهل الذمة

- ‌المطلب الرابع: حكم الخوارج في أطفال مخالفيهم

- ‌المبحث الأول: الحوار والمناقشة وإزالة الشبه

- ‌المبحث الثاني: الوعظ والنصيحة

- ‌المبحث الثالث: الترغيب والترهيب

- ‌المبحث الرابع: ذم الخوارج وذم صنيعهم، ونشر النصوص النبوية الواردة في حقهم

- ‌المبحث الخامس: تحذير الناس من مسلكهم ببيان سوء فعلتهم، وإنزال نصوص قرآنية فيهم حتى لا يغتر بهم

- ‌المبحث السادس: هجرهم

- ‌المبحث السابع: الإجابة عن أسئلتهم، وعدم صدهم، ومراسلتهم إن دعت الحاجة

- ‌المبحث الثامن: عدم الاعتداء عليهم بل السير فيهم السيرة العادلة

- ‌المبحث التاسع: إعطاء الأمان لمن رجع منهم ومحاولة استصلاحه، وإعلان الكف عمن كف منهم ورجع

- ‌المبحث العاشر: قتالهم

- ‌الفصل الحادي عشر: محاورات علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخوارج

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: دولة الإباضية في عُمان

- ‌المطلب الثاني: دولة الإباضية في المغرب

- ‌أولا: موقف الإباضية من سائر المخالفين

- ‌ثانيا: موقف الإباضية من الصحابة

- ‌المطلب الرابع: عقائد الإباضية

- ‌المطلب الخامس: فقه الإباضية

- ‌المبحث الثاني: جماعة التكفير والهجرة (جماعة المسلمين)

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌أولا: التأسيس

- ‌ثانيا: من أبرز الشخصيات

- ‌المطلب الثالث: الأفكار والمعتقدات

- ‌المطلب الرابع: مبادئهم وأصولهم

- ‌أولا: مبدأ الحد الأدنى من الإسلام

- ‌ثانيا: مبدأ قاعدة التبين

- ‌ثالثا: مبدأ قاعدة تعارض الفرائض

- ‌رابعا: تكفيرهم لمرتكبي الكبائر:

- ‌خامسا: زعمهم أنهم جماعة آخر الزمان

- ‌سادسا: دعواهم أن زعيمهم هو المهدي المنتظر

- ‌سابعا: زعمهم بتميز جماعتهم

- ‌ثامنا: دعواتهم إلى الأمية ومحاربة التعليم

- ‌تاسعا: دعوتهم إلى اعتزال المجتمع

- ‌المطلب الخامس: أخطاؤهم في المنهج

- ‌أولا: أقوالهم في فهم الكتاب والسنة

- ‌ثانيا: ردهم للإجماع

- ‌ثالثا: طعنهم في الصحابة وردهم لأقوالهم

- ‌رابعا: آراؤهم في التقليد

- ‌المطلب السادس: أماكن الانتشار

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المبحث الأول: الحكم بتكفير الخوارج

- ‌المبحث الثاني: الحكم بعدم تكفير الخوارج

- ‌المبحث الثالث: تعقيب على إطلاق الحكم بالتكفير

- ‌مراجع للتوسع

- ‌المبحث الأول: الشيعة لغة

- ‌المبحث الثاني: الشيعة اصطلاحاً

- ‌الفصل الثاني: متى ظهر التشيع

- ‌الفصل الثالث: المراحل التي مر بها مفهوم التشيع

- ‌الفصل الرابع: أسماء الشيعة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: السبب في تفرق الشيعة

- ‌المبحث الثاني: عدد فرقهم

- ‌المبحث الثالث: السبب في عدم اتفاق العلماء على عدد فرق الشيعة

- ‌المطلب الأول: التعريف بالسبئية ومؤسسها

- ‌المطلب الثاني: الأفكار اليهودية المدسوسة

- ‌المطلب الثالث: منكروا ابن سبأ والرد عليهم

- ‌المطلب الرابع: عقيدة ابن سبأ وضلالاته

- ‌المطلب الخامس: موقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأهل بيته من ابن سبأ

- ‌المطلب السادس: موقف أتباع عبد الله بن سبأ لما سمعوا بمقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

- ‌المطلب السابع: موقف أهل بيت النبي الكريم من ابن سبأ

- ‌المبحث الثاني: الكيسانية

- ‌المطلب الأول: كيف صارت الكيسانية مختارية

- ‌المطلب الثاني: مؤسس المختارية (المختار بن أبي عبيد الثقفي)

- ‌المطلب الثالث: التعريف بمحمد بن الحنفية واختلاف الشيعة بعده

- ‌المبحث الرابع: الزيدية

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: نشأة الزيدية

- ‌المطلب الثالث: موقف زيد من حكام بني أمية

- ‌المطلب الرابع: الأفكار والمعتقدات

- ‌المطلب الخامس: الجذور الفكرية والعقائدية

- ‌المطلب السادس: موقفهم من الإمامة

- ‌المطلب السابع: آراء زيد والزيدية

- ‌الجارودية:

- ‌البترية:

- ‌زيدية الجيل والديلم:

- ‌زيدية اليمن:

- ‌المطلب التاسع: فرق جارودية اليمن

- ‌1 - الحُسَيْنية:

- ‌2 - المُطَّرِّفية:

- ‌3 - المخترعة:

- ‌المطلب العاشر: أئمة الزيدية ودورهم في نشر القبورية في اليمن

- ‌المطلب الحادي عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المطلب الأول: معنى الرافضة لغة واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: سبب تسميتهم بالرافضة

- ‌المطلب الثالث: وقت وجودهم قبل اتصالهم بزيد

- ‌المطلب الرابع: أسماؤهم قبل اتصالهم بزيد

- ‌المطلب الخامس: فرق الروافض

- ‌المطلب السادس: أسماء الاثنا عشرية وسبب تلك التسميات

- ‌المطلب السابع: سبب انتشار مذهب الرافضة (الاثنا عشرية) وأماكن انتشارهم

- ‌المطلب الثامن: أهم الأماكن التي انتشر فيها هذا المذهب

- ‌المطلب التاسع: فرق الاثني عشرية وانقسامها

- ‌الفصل السابع: دول الشيعة والتأثير في المذهب

- ‌الفصل الثامن: أثر الفلسفة القديمة في الشيعة

- ‌المبحث الأول: معنى نزعة التشيع

- ‌المبحث الثاني: نشأة التشيع

- ‌المبحث الثالث: أثر النزعة المذهبية

- ‌المبحث الرابع: نزعة التشيع

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الرواة الشيعة:

- ‌المطلب الثاني: المصنفات الشيعية

- ‌المبحث السادس: تناقض كتب الشيعة الإمامية الاثني عشرية

- ‌المبحث الأول: أقسام أخبار الشيعة

- ‌المبحث الثاني: الأدلة عند الشيعة

- ‌المبحث الثالث: طبقات الشيعة

- ‌المبحث الأول: بداية وضع الأخبار

- ‌المبحث الثاني: الأصول الأربعمائة

- ‌المبحث الثالث: الجرح والتعديل عند الشيعة والرافضة

- ‌المبحث الرابع: مفهوم السنة عندهم

- ‌المبحث الخامس: مراتب الحديث

- ‌المبحث السادس: التعارض والترجيح

- ‌المبحث السابع: الكتب الأربعة

- ‌الفصل الثاني عشر: التفسير وأصوله عند الشيعة الاثني عشرية

- ‌المبحث الأول: القرآن الصامت والقرآن الناطق

- ‌المطلب الأول: الإمام كالنبي

- ‌المطلب الثاني: مذهب الإخباريين

- ‌المطلب الثالث: قول الأصوليين

- ‌المطلب الرابع: النسخ بعد عصر النبوة

- ‌المطلب الخامس: التخصيص

- ‌المطلب السادس: كتمان الحكم تقية أو للتدرج

- ‌المطلب الأول: حجية الظواهر

- ‌المطلب الثاني: الباطن

- ‌المطلب الأول: لماذا قالوا بالتحريف

- ‌المطلب الثاني: أشهر كتب الغلاة

- ‌المطلب الثالث: سورة الولاية في كتاب دبستان المذاهب

- ‌المطلب الرابع: من القائلون بالتحريف

- ‌المطلب الخامس: معتدلو الشيعة يتصدون لحركة الغلاة

- ‌المطلب السادس: كتب التفسير الشيعي في القرن الثالث

- ‌الكتاب الأول: تفسير الحسن العسكري

- ‌الكتاب الثاني: تفسير القمي

- ‌الكتاب الثالث: تفسير العياشي

- ‌المطلب الأول: أصول التفسير عند الطوسي والطبرسي

- ‌المطلب الثاني: الفرق بينهما وبين الجمهور

- ‌المطلب الأول: تفسير الصافي

- ‌المطلب الثاني: (البرهان في تفسير القرآن)

- ‌المطلب الثالث: بحار الأنوار

- ‌المطلب الرابع: تأويل الآيات الباهرة

- ‌المطلب الخامس: تفسير شبر:

- ‌المطلب السادس: كنز العرفان

- ‌المطلب السابع: زبدة البيان

- ‌المطلب الثامن: الميزان

- ‌المطلب التاسع: التفسير الكاشف

- ‌المطلب العاشر: البيان

- ‌المبحث السادس: نظرة عامة لباقي كتب التفسير

- ‌الفصل الثالث عشر: الشيعة ومخالفتهم أهل البيت

- ‌الفصل الرابع عشر: موقف الشيعة من الصحابة

- ‌المطلب الأول: موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الصديق

- ‌المطلب الثاني: موقف ابن عباس من الصديق

- ‌المطلب الثالث: موقف الحسن بن علي رضي الله عنهما من الصديق

- ‌المطلب الرابع: موقف الإمام الرابع علي بن الحسن بن علي من الصديق

- ‌المطلب الخامس: موقف محمد بن علي بن الحسين الملقب بالباقر من الصديق

- ‌المطلب السادس: موقف جعفر بن محمد بن علي من الصديق

- ‌المطلب السابع: موقف الحسن العسكري

- ‌المطلب الثامن: موقف زيد بن علي بن الحسين

- ‌المطلب التاسع: موقف سلمان الفارسي الصحابي الجليل

- ‌المطلب العاشر: خلافة الصديق

- ‌المطلب الحادي عشر: اقتداء علي بالصديق في الصلوات وقبوله الهدايا منه

- ‌المطلب الثاني عشر: مساعدة الصديق في تزويج علي من فاطمة

- ‌المطلب الثالث عشر: المصاهرات بين الصديق وآل البيت

- ‌المطلب الرابع عشر: قضية فدك

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الفاروق عمر رضي الله عنه

- ‌المطلب الثاني: مدح أهل البيت الفاروق

- ‌المطلب الثالث: تزويج المرتضى أم كلثوم من الفاروق

- ‌المطلب الرابع: إكرام الفاروق أهل البيت واحترامه إياهم

- ‌المطلب الخامس: حب آل البيت ومبايعتهم إياه

- ‌المبحث الثالث: موقف أهل البيت من ذي النورين

- ‌الفصل السادس عشر: موقف الشيعة من الخلفاء الراشدين الثلاثة

- ‌الفصل السابع عشر: موقف أهل البيت من أعداء الخلفاء الراشدين

- ‌المبحث الأول: موقف علي رضي الله عنه من الشيعة

- ‌المطلب الأول: رفض التشيع المطلق، وتقييده بالكتاب والسنة

- ‌المطلب الثاني: التصريح بقول من يُكذب عليه حتى لا تنتشر الشائعات

- ‌المطلب الثالث: الإعلام والإعلان بالحق لدحض الشبهات

- ‌المطلب الرابع: الرد على الشبهات، وتوضيح المشكلات التي يروج لها حال ظهورها

- ‌المطلب الخامس: المناقشة والاحتجاج

- ‌المطلب السادس: البيان والإيضاح قبل إيقاع العقوبة

- ‌المطلب السابع: إيقاع العقوبة على من جاء بالبدعة ولو ادعى التشيع

- ‌المطلب الثامن: التحذير منهم ومن كلامهم، وزجر من ينقل أقوالهم

- ‌المطلب التاسع: التحذير من غدر الشيعة بأئمتها، وبيان أنه لا يوثق بهم ولا بتشيعهم

- ‌المطلب العاشر: إعلان البراءة ممن يتخذ التشيع له ستارا لنشر البدع وهدم الدين

- ‌المطلب الحادي عشر: الوصية بالاعتدال في الحب، وبيان معنى التشيع الحق المطلوب لآل البيت

- ‌المطلب الثاني عشر: حكمهم

- ‌الفصل الثامن عشر: موقف الشيعة الاثني عشرية من الأئمة الأربعة:

- ‌المبحث الأول: عداء الشيعة الاثني عشرية للأئمة الأربعة:

- ‌المبحث الثاني: اتهام الأئمة الأربعة بإحداث مذاهب مخالفة للكتاب والسنة

- ‌المبحث الثالث: دعوى الإمامية أن المذاهب الأربعة تجري وفق هوى السلطات:

الفصل: ‌ب- موقفهم من بعض كبار الصحابة

‌ب- موقفهم من بعض كبار الصحابة

يعتقد الخوارج تكفير بعض الصحابة رضي الله عنهم مع أن بعضهم من المشهود لهم بالجنة، ولكن الخوارج حسب اعتقادهم المعكوس فهم يرون أنهم قد كفروا ببعض الذنوب التي اقترفوها مع أنها كانت في الحقيقة لم تكن ذنوبا أو كانت ناتجة عن اجتهاد كما سيتضح لنا ذلك فيما بعد، نقول هذا عنهم ونحن نقطع بأنه لا عصمة لبشر عن الذنوب بعد الأنبياء. وأول من اشتد الخوارج في تكفيرهم من الصحابة – بعد عثمان وعلي رضي الله عنهما – معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري وأهل التحكيم ومن رضي بهم من غيرهم، قال الأشعري:"ويكفرون معاوية وعمر بن العاص وأبا موسى الأشعري"(1).وقد وقفوا موقف العداء المستحكم من معاوية وعمرو بن العاص فكفروهما، ووصفوهما بكل صفة سوء ونفوا عنهما كل خير، بل وأثبتوا لهما النار، كما يقول الورجلاني: "وأما معاوية ووزيره عمرو بن العاص فهما على ضلالة لانتحالهما ما ليس لهما بحال، ومن حارب المهاجرين والأنصار فرقت بينهما الدار وصار من أهل النار (2)، ولا يستبعد منهم أن يقفوا هذا الموقف، بل وأشد منه ما داموا قد وقفوا ممن هو خير منهما ذلك الموقف المشين ..

وقد وصف زعيم الإباضية عن عبدالله بن إباض معاوية بن أبي سفيان – كما جاء في كتابه إلى عبدالملك – بعدة صفات يزعم فيها أن الرجل يكفر بأقل منها، فقد جاء في ذلك الكتاب قوله:"فلا تسأل عن معاوية ولا عن عمله ولا صنيعه، غير أنا قد أدركناه ورأينا عمله وسيرته في الناس، ولا نعلم من الناس شيئا لأحد أترك من الغنيمة التي قسم الله، ولا يحكم بحكم حكمه الله، ولا أسفك لدم حرام منه، فلو لم يصب من الدماء إلا دم ابن سمية لكان في ذلك ما يكفره".ثم قال مبينا رأي الإباضية في عثمان ومعاوية ويزيد جميعا: "فإنا نشهد الله وملائكته أنا براء منهم وأعداء لهم بأيدينا وألسنتنا وقلوبنا، نعيش على ذلك ما عشنا ونموت عليه إذا متنا ونبعث عليه إذا بعثنا، نحاسب بذلك عند الله"(3).وفي كل ما تقدم مخالفة صريحة لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه)) (4)؛ مما يقتضي عفة لسان المسلم عن أن يخوض في أعراض هؤلاء الصحابة على هذا النحو الشائن، فضلا عن مخالفتهم لما ورد في معاوية وعمرو بن العاص من ثناء الرسول صلى الله عليه وسلم، بل يجب أن نكل أمرهما إلى الله في ما اجتهدا فيه من أمر.

(1)((المقالات)) (1/ 204).

(2)

((الدليل لأهل العقول)) (ص28).

(3)

((كشف الغمة)) (ص295).

(4)

رواه البخاري (3673)، ومسلم (2541). من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

ص: 17

أما موقف الخوارج من الحسن رضي الله عنه فإنه هو نفس موقفهم من أبيه، فالمراجع لكتاب (كشف الغمة) يجد المؤلف يكيل الافتراءات ويغمز فيه بما لا يصح؛ فيذكر أن الحسن لما تولى الخلافة خدعه معاوية كما خدع أباه من قبل بما حمل إليه من أوقار الذهب ومناه بالخلافة بعده، وأنه ترك ما كان يطلب بالأمس من كتاب الله وسنة نبيه وقتال الفئة الباغية، وأن أهل النخيلة اجتمعوا لحرب معاوية ولكنه وبمساعدة أهل الكوفة والحسن قتلوهم، مع أن المؤرخين يذكرون أن الحسن امتنع عن تولي محاربتهم وقال لمعاوية: لو كنت أريد قتال أحد من أهل القبلة لبدأت بك، ولكن تركتها حقنا للدماء. فمن أين لمؤلف (كشف الغمة) أن الحسن تولى قتال أهل النخيلة؟! ثم يوالي افتراءه الذي يدل على عدم احترامه للسلف الصالح فيلمز الحسن بأنه باع آخرته بدنياه، وحرض أصحابه على الدخول في طاعة معاوية، وأن ابن عباس غضب عليه غضبا شديدا وقال له: إنكم لأحقر أهل بيت من العرب ثم شبههم ببني إسرائيل وجبنهم حين أبوا ملاقاة عدوهم فضربهم الله بالتيه (1).وفي كتاب (الكفاية): "فإن قال: ما تقولون في الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب؟ قلنا: إنهما في البراءة، فإن قال: من أين أوجبتم عليهما البراءة وهما ابنا فاطمة بنت رسول الله؟ قلنا: أوجبنا عليهما البراءة بولايتهما لأبيهما على ظلمه وغشمه وجوره، وبقتلهما عبدالرحمن بن ملجم رحمه الله، وتسليمهما الإمامة لمعاوية بن أبي سفيان، وليس قرابتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم بمغنية عنهما شيئا؛ لأن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم قال في بعض ما يوصي به قرابته: ((يا فاطمة بنت رسول الله، ويا صفية عمة رسول الله، ويا بني هاشم؛ اعملوا لما بعد الموت)) (2).هذا ما حكاه المؤلف عن كتاب (الكفاية)، أما هو فيقول: "ثم إن الحسن بن علي ولي أمر أبيه من بعده، فباع دينه وأمر ربه بأواق من الذهب والفضة" (3). فإذا كان قصد الحسن جمع الذهب والفضة – كما يزعم مؤلف كشف الغمة – فمما لا شك فيه أن توليه الخلافة هو الأفضل لجمعهما لا التنازل عنها، ولم يعلم صاحب (كشف الغمة) أن تنازل الحسن كان تصديقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيه:((ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين)) (4)، وقد وقع كما قال عليه السلام، فلم يفسر صاحب (كشف الغمة) تنازل الحسن إلا لانخداعه برؤية بريق أواقي الذهب والفضة.

(1) راجع ((كشف الغمة)) (ص289).

(2)

انظر: ((كشف الغمة)) (ص288 - 289، وكذا (ص305).

(3)

((كشف الغمة)) (ص302).

(4)

رواه البخاري (2704). من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.

ص: 18

وما قاله عن الحسن فإنه رد عليه، فلقد كان الحسن رضي الله عنه ذا خلق فاضل ودين وورع، لا يهمه شرف الخلافة ولا العلو في الأرض، فقد فضل أن تحقن دماء المسلمين وينعم الناس بالأمن والهدوء، ولو كان ذلك على هضم حقه في الخلافة بعد أن تمت له البيعة بها، فقد كان رضي الله عنه لا يوازن بين مصلحته ومصلحة المسلمين بل يقدم مصلحة المسلمين ويبقى مصلحته ذخرا عند الله؛ لينال ثوابها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. أما موقف غلاة الإباضية من طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام فهو لا يقل عن موقفهم من علي وعثمان فهما عندهم في منزلة البراءة والبعد، وينسبون هذا الموقف الخاطئ إلى جميع المسلمين، كما جاء في كتاب (الكفاية)، "فإن قال قائل: فما تقولون في طلحة والزبير بن العوام؟ قلنا: إنهما عند المسلمين بمنزلة البراءة" (1).ويوضح الورجلاني أيضا موقف الإباضية منهما بأنهما ممن أوجب الله لهما النار وحرم عليهما الجنة بعكس ما نطق به من لا ينطق عن الهوى، فقد بشرهما الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة وهم يبشرونهما بالنار!! – يقول الورجلاني: "وأما علي بن أبي طالب فإن ولايته حق عند الله تعالى – يعني به قبل التحكيم – وكانت على أيدي الصحابة وبقية الشورى، ثم قاتل طلحة والزبير وعائشة أم المؤمنين فقتاله حق عند الله لشقهم العصا عصا الأمة، ونكثهم الصفقة، فسفكوا الدماء وأظهروا الفساد، فحل لعلي قتالهم وحرم الله عليهم الجنة، فكانت عاقبتهما إلى النار والبوار" (2)

فسبحان الله العظيم! ما أجرأ أهل الزيغ على شتم الصحابة الأخيار الذين نصروا الإسلام بأنفسهم وأموالهم وكانوا من جنوده البواسل في ساعة العسرة، قبل أن يوجد آباء وأجداد هؤلاء المعتدون الذين ينتقصونهم ويحكمون عليهم بالنار، لقد كان طلحة والزبير رضي الله عنهما من خيار الصحابة ومن المشهود لهم بالجنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، ولهم مواقف مشرفة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء كانت في السلم أو في الحرب من طاعة وتضحية وإقدام في مجاهدة الكفار، وما أحرى بالمسلم أن يترك تنطع الخوارج والشيعة في موقفهم من الصحابة، فإنه لا يقف موقفهم أحد فيسلم إلا أن يتداركه الله برحمته ويلهمه التوبة.

يجب علينا أن نحسن الظن بالصحابة وأن نعتبر ما جرى بينهم من فتن لأمور وحكم أرادها الله، ونكل أمرهم فيها إلى الله ولا نقول فيهم إلا خيرا ونترحم عليهم وهم سلفنا وخيارنا رضي الله عنهم أجمعين.

‌المصدر:

الخوارج تاريخهم وآراؤهم الاعتقادية وموقف الإسلام منها لغالب عواجي– ص476

(1)((كشف الغمة)) (ص304).

(2)

((الدليل لأهل العقول)) (ص28).

ص: 19