المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الحادي عشر: محاورات علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخوارج - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌ج- القول بجواز التقية القولية دون العملية

- ‌د- أدلة المانعين للتقية

- ‌هـ - أدلة القائلين بجواز التقية

- ‌المطلب الثاني: موقف الخوارج من القعدة

- ‌تمهيد في الولاية والبراءة عند الخوارج

- ‌1 - موقفهم من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم

- ‌ب- موقفهم من بعض كبار الصحابة

- ‌المطلب الثاني: موقف الخوارج من عامة المسلمين المخالفين لهم

- ‌أ- موقف الغلاة منهم:

- ‌ب- موقف المعتدلين منهم:

- ‌المطلب الثالث: موقف الخوارج من أهل الذمة

- ‌المطلب الرابع: حكم الخوارج في أطفال مخالفيهم

- ‌المبحث الأول: الحوار والمناقشة وإزالة الشبه

- ‌المبحث الثاني: الوعظ والنصيحة

- ‌المبحث الثالث: الترغيب والترهيب

- ‌المبحث الرابع: ذم الخوارج وذم صنيعهم، ونشر النصوص النبوية الواردة في حقهم

- ‌المبحث الخامس: تحذير الناس من مسلكهم ببيان سوء فعلتهم، وإنزال نصوص قرآنية فيهم حتى لا يغتر بهم

- ‌المبحث السادس: هجرهم

- ‌المبحث السابع: الإجابة عن أسئلتهم، وعدم صدهم، ومراسلتهم إن دعت الحاجة

- ‌المبحث الثامن: عدم الاعتداء عليهم بل السير فيهم السيرة العادلة

- ‌المبحث التاسع: إعطاء الأمان لمن رجع منهم ومحاولة استصلاحه، وإعلان الكف عمن كف منهم ورجع

- ‌المبحث العاشر: قتالهم

- ‌الفصل الحادي عشر: محاورات علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخوارج

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: دولة الإباضية في عُمان

- ‌المطلب الثاني: دولة الإباضية في المغرب

- ‌أولا: موقف الإباضية من سائر المخالفين

- ‌ثانيا: موقف الإباضية من الصحابة

- ‌المطلب الرابع: عقائد الإباضية

- ‌المطلب الخامس: فقه الإباضية

- ‌المبحث الثاني: جماعة التكفير والهجرة (جماعة المسلمين)

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌أولا: التأسيس

- ‌ثانيا: من أبرز الشخصيات

- ‌المطلب الثالث: الأفكار والمعتقدات

- ‌المطلب الرابع: مبادئهم وأصولهم

- ‌أولا: مبدأ الحد الأدنى من الإسلام

- ‌ثانيا: مبدأ قاعدة التبين

- ‌ثالثا: مبدأ قاعدة تعارض الفرائض

- ‌رابعا: تكفيرهم لمرتكبي الكبائر:

- ‌خامسا: زعمهم أنهم جماعة آخر الزمان

- ‌سادسا: دعواهم أن زعيمهم هو المهدي المنتظر

- ‌سابعا: زعمهم بتميز جماعتهم

- ‌ثامنا: دعواتهم إلى الأمية ومحاربة التعليم

- ‌تاسعا: دعوتهم إلى اعتزال المجتمع

- ‌المطلب الخامس: أخطاؤهم في المنهج

- ‌أولا: أقوالهم في فهم الكتاب والسنة

- ‌ثانيا: ردهم للإجماع

- ‌ثالثا: طعنهم في الصحابة وردهم لأقوالهم

- ‌رابعا: آراؤهم في التقليد

- ‌المطلب السادس: أماكن الانتشار

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المبحث الأول: الحكم بتكفير الخوارج

- ‌المبحث الثاني: الحكم بعدم تكفير الخوارج

- ‌المبحث الثالث: تعقيب على إطلاق الحكم بالتكفير

- ‌مراجع للتوسع

- ‌المبحث الأول: الشيعة لغة

- ‌المبحث الثاني: الشيعة اصطلاحاً

- ‌الفصل الثاني: متى ظهر التشيع

- ‌الفصل الثالث: المراحل التي مر بها مفهوم التشيع

- ‌الفصل الرابع: أسماء الشيعة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: السبب في تفرق الشيعة

- ‌المبحث الثاني: عدد فرقهم

- ‌المبحث الثالث: السبب في عدم اتفاق العلماء على عدد فرق الشيعة

- ‌المطلب الأول: التعريف بالسبئية ومؤسسها

- ‌المطلب الثاني: الأفكار اليهودية المدسوسة

- ‌المطلب الثالث: منكروا ابن سبأ والرد عليهم

- ‌المطلب الرابع: عقيدة ابن سبأ وضلالاته

- ‌المطلب الخامس: موقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأهل بيته من ابن سبأ

- ‌المطلب السادس: موقف أتباع عبد الله بن سبأ لما سمعوا بمقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

- ‌المطلب السابع: موقف أهل بيت النبي الكريم من ابن سبأ

- ‌المبحث الثاني: الكيسانية

- ‌المطلب الأول: كيف صارت الكيسانية مختارية

- ‌المطلب الثاني: مؤسس المختارية (المختار بن أبي عبيد الثقفي)

- ‌المطلب الثالث: التعريف بمحمد بن الحنفية واختلاف الشيعة بعده

- ‌المبحث الرابع: الزيدية

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: نشأة الزيدية

- ‌المطلب الثالث: موقف زيد من حكام بني أمية

- ‌المطلب الرابع: الأفكار والمعتقدات

- ‌المطلب الخامس: الجذور الفكرية والعقائدية

- ‌المطلب السادس: موقفهم من الإمامة

- ‌المطلب السابع: آراء زيد والزيدية

- ‌الجارودية:

- ‌البترية:

- ‌زيدية الجيل والديلم:

- ‌زيدية اليمن:

- ‌المطلب التاسع: فرق جارودية اليمن

- ‌1 - الحُسَيْنية:

- ‌2 - المُطَّرِّفية:

- ‌3 - المخترعة:

- ‌المطلب العاشر: أئمة الزيدية ودورهم في نشر القبورية في اليمن

- ‌المطلب الحادي عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المطلب الأول: معنى الرافضة لغة واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: سبب تسميتهم بالرافضة

- ‌المطلب الثالث: وقت وجودهم قبل اتصالهم بزيد

- ‌المطلب الرابع: أسماؤهم قبل اتصالهم بزيد

- ‌المطلب الخامس: فرق الروافض

- ‌المطلب السادس: أسماء الاثنا عشرية وسبب تلك التسميات

- ‌المطلب السابع: سبب انتشار مذهب الرافضة (الاثنا عشرية) وأماكن انتشارهم

- ‌المطلب الثامن: أهم الأماكن التي انتشر فيها هذا المذهب

- ‌المطلب التاسع: فرق الاثني عشرية وانقسامها

- ‌الفصل السابع: دول الشيعة والتأثير في المذهب

- ‌الفصل الثامن: أثر الفلسفة القديمة في الشيعة

- ‌المبحث الأول: معنى نزعة التشيع

- ‌المبحث الثاني: نشأة التشيع

- ‌المبحث الثالث: أثر النزعة المذهبية

- ‌المبحث الرابع: نزعة التشيع

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الرواة الشيعة:

- ‌المطلب الثاني: المصنفات الشيعية

- ‌المبحث السادس: تناقض كتب الشيعة الإمامية الاثني عشرية

- ‌المبحث الأول: أقسام أخبار الشيعة

- ‌المبحث الثاني: الأدلة عند الشيعة

- ‌المبحث الثالث: طبقات الشيعة

- ‌المبحث الأول: بداية وضع الأخبار

- ‌المبحث الثاني: الأصول الأربعمائة

- ‌المبحث الثالث: الجرح والتعديل عند الشيعة والرافضة

- ‌المبحث الرابع: مفهوم السنة عندهم

- ‌المبحث الخامس: مراتب الحديث

- ‌المبحث السادس: التعارض والترجيح

- ‌المبحث السابع: الكتب الأربعة

- ‌الفصل الثاني عشر: التفسير وأصوله عند الشيعة الاثني عشرية

- ‌المبحث الأول: القرآن الصامت والقرآن الناطق

- ‌المطلب الأول: الإمام كالنبي

- ‌المطلب الثاني: مذهب الإخباريين

- ‌المطلب الثالث: قول الأصوليين

- ‌المطلب الرابع: النسخ بعد عصر النبوة

- ‌المطلب الخامس: التخصيص

- ‌المطلب السادس: كتمان الحكم تقية أو للتدرج

- ‌المطلب الأول: حجية الظواهر

- ‌المطلب الثاني: الباطن

- ‌المطلب الأول: لماذا قالوا بالتحريف

- ‌المطلب الثاني: أشهر كتب الغلاة

- ‌المطلب الثالث: سورة الولاية في كتاب دبستان المذاهب

- ‌المطلب الرابع: من القائلون بالتحريف

- ‌المطلب الخامس: معتدلو الشيعة يتصدون لحركة الغلاة

- ‌المطلب السادس: كتب التفسير الشيعي في القرن الثالث

- ‌الكتاب الأول: تفسير الحسن العسكري

- ‌الكتاب الثاني: تفسير القمي

- ‌الكتاب الثالث: تفسير العياشي

- ‌المطلب الأول: أصول التفسير عند الطوسي والطبرسي

- ‌المطلب الثاني: الفرق بينهما وبين الجمهور

- ‌المطلب الأول: تفسير الصافي

- ‌المطلب الثاني: (البرهان في تفسير القرآن)

- ‌المطلب الثالث: بحار الأنوار

- ‌المطلب الرابع: تأويل الآيات الباهرة

- ‌المطلب الخامس: تفسير شبر:

- ‌المطلب السادس: كنز العرفان

- ‌المطلب السابع: زبدة البيان

- ‌المطلب الثامن: الميزان

- ‌المطلب التاسع: التفسير الكاشف

- ‌المطلب العاشر: البيان

- ‌المبحث السادس: نظرة عامة لباقي كتب التفسير

- ‌الفصل الثالث عشر: الشيعة ومخالفتهم أهل البيت

- ‌الفصل الرابع عشر: موقف الشيعة من الصحابة

- ‌المطلب الأول: موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الصديق

- ‌المطلب الثاني: موقف ابن عباس من الصديق

- ‌المطلب الثالث: موقف الحسن بن علي رضي الله عنهما من الصديق

- ‌المطلب الرابع: موقف الإمام الرابع علي بن الحسن بن علي من الصديق

- ‌المطلب الخامس: موقف محمد بن علي بن الحسين الملقب بالباقر من الصديق

- ‌المطلب السادس: موقف جعفر بن محمد بن علي من الصديق

- ‌المطلب السابع: موقف الحسن العسكري

- ‌المطلب الثامن: موقف زيد بن علي بن الحسين

- ‌المطلب التاسع: موقف سلمان الفارسي الصحابي الجليل

- ‌المطلب العاشر: خلافة الصديق

- ‌المطلب الحادي عشر: اقتداء علي بالصديق في الصلوات وقبوله الهدايا منه

- ‌المطلب الثاني عشر: مساعدة الصديق في تزويج علي من فاطمة

- ‌المطلب الثالث عشر: المصاهرات بين الصديق وآل البيت

- ‌المطلب الرابع عشر: قضية فدك

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الفاروق عمر رضي الله عنه

- ‌المطلب الثاني: مدح أهل البيت الفاروق

- ‌المطلب الثالث: تزويج المرتضى أم كلثوم من الفاروق

- ‌المطلب الرابع: إكرام الفاروق أهل البيت واحترامه إياهم

- ‌المطلب الخامس: حب آل البيت ومبايعتهم إياه

- ‌المبحث الثالث: موقف أهل البيت من ذي النورين

- ‌الفصل السادس عشر: موقف الشيعة من الخلفاء الراشدين الثلاثة

- ‌الفصل السابع عشر: موقف أهل البيت من أعداء الخلفاء الراشدين

- ‌المبحث الأول: موقف علي رضي الله عنه من الشيعة

- ‌المطلب الأول: رفض التشيع المطلق، وتقييده بالكتاب والسنة

- ‌المطلب الثاني: التصريح بقول من يُكذب عليه حتى لا تنتشر الشائعات

- ‌المطلب الثالث: الإعلام والإعلان بالحق لدحض الشبهات

- ‌المطلب الرابع: الرد على الشبهات، وتوضيح المشكلات التي يروج لها حال ظهورها

- ‌المطلب الخامس: المناقشة والاحتجاج

- ‌المطلب السادس: البيان والإيضاح قبل إيقاع العقوبة

- ‌المطلب السابع: إيقاع العقوبة على من جاء بالبدعة ولو ادعى التشيع

- ‌المطلب الثامن: التحذير منهم ومن كلامهم، وزجر من ينقل أقوالهم

- ‌المطلب التاسع: التحذير من غدر الشيعة بأئمتها، وبيان أنه لا يوثق بهم ولا بتشيعهم

- ‌المطلب العاشر: إعلان البراءة ممن يتخذ التشيع له ستارا لنشر البدع وهدم الدين

- ‌المطلب الحادي عشر: الوصية بالاعتدال في الحب، وبيان معنى التشيع الحق المطلوب لآل البيت

- ‌المطلب الثاني عشر: حكمهم

- ‌الفصل الثامن عشر: موقف الشيعة الاثني عشرية من الأئمة الأربعة:

- ‌المبحث الأول: عداء الشيعة الاثني عشرية للأئمة الأربعة:

- ‌المبحث الثاني: اتهام الأئمة الأربعة بإحداث مذاهب مخالفة للكتاب والسنة

- ‌المبحث الثالث: دعوى الإمامية أن المذاهب الأربعة تجري وفق هوى السلطات:

الفصل: ‌الفصل الحادي عشر: محاورات علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخوارج

‌الفصل الحادي عشر: محاورات علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخوارج

وقعت بين الإمام علي وبين الخوارج -قبل نشوب المعركة- عدة محاورات، وحينما طلب منهم علي رضي الله عنه بيان أسباب خروجهم عنه أجابوه بعدة أشياء منها:

لماذا لم يبح لهم في معركة الجمل أخذ النساء والذرية كما أباح لهم أخذ المال؟

لماذا محى لفظة أمير المؤمنين وأطاع معاوية في ذلك عندما كتب كتاب (الهدنة في صفين)، وأصر معه على عدم كتابة (علي أمير المؤمنين)؟

قوله للحكمين: إن كنت أهلاً للخلافة فأثبتاني. بأن هذا شك في أحقيته للخلافة.

لماذا رضي بالتحكيم في حق كان له.

هذه أهم الأمور التي نقموا عليه من أجلها كما يزعمون، وقد أجابهم عن كل تلك الشبه ودحضها جميعاً حيث أجابهم عن الشبهة الأولى والتي تدل على جهلهم بما يلي:

أباح لهم المال بدل المال الذي أخذه طلحة والزبير من بيت مال البصرة، ثم هو مال قليل.

النساء والذرية لم يشتركوا في القتال وهم أيضاً مسلمون بحكم دار الإسلام ولم تكن منهم ردة تبيح استرقاقهم.

قال لهم: لو أبحت لكم استرقاق النساء والذرية فأيكم يأخذ عائشة سهمه فخجل القوم من هذا ورجع معه كثير منهم كما قيل.

وأجابهم على الشبهة الثانية:

1 -

بأنه فعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، وذكر -إن صحت الرواية- أنه قال: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لي منهم يوماً مثل ذلك.

والله أعلم بصحة هذه الرواية التي يتناقلها المؤرخون، ذلك أن معاوية رضي الله عنه ما كان يطالب بالخلافة حتى يحق له أن يطلب محو كلمة (أمير المؤمنين). ومعاوية كذلك كان يعرف أسبقية علي وفضله، وإنما النزاع حول أمر آخر غير الخلافة، اللهم إلا أن يكون هذا الفعل من صنيع المفاوضين دون علم معاوية بذلك.

وأجابهم عن الشبهة الثالثة على افتراض صحة الرواية عنه: بأنه أراد النصفة لمعاوية ولو قال: احكما لي؛ لم يكن تحكيماً، ثم استدل بقصة وفد نصارى نجران ودعوة الرسول صلى الله عليه وسلم لهم إلى المباهلة لإنصافهم.

وأجابهم عن الشبهة الرابعة: بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكّم سعد بن معاذ في بني قريظة في حق كان له.

ثم نشبت المعركة مع من بقي منهم على عناده وهزم الخوارج شر هزيمة، وتذكر بعض كتب الفرق أنه لم يَنْجُ من الخوارج إلا تسعة، ولم يُقتل من جيش عليّ إلا تسعة (316)، وصار هؤلاء التسعة من الخوارج هم نواة الخوارج في البلدان التي ذهبوا إليها، وفي هذا نظر (317)، وقتل زعيم الخوارج في هذه المعركة وهو عبد الله بن وهب الراسبي سنة 37 هـ أو 38هـ.

‌المصدر:

فرق معاصرة لغالب عواجي 1/ 235

أرسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ابن عباس رضي الله عنهما إلى الخوارج بحروراء ليناظرهم في حجتهم في خروجهم لإرجاعهم إلى الطاعة، وقد تناول المؤرخون وأهل الفرق ذكر كيفية تلك المناظرة بروايات مختلفة كما سنرى.

ص: 70

فيذكر ابن الأثير أن ابن عباس رضي الله عنه لما أرسله علي إليهم وأوصاه أن لا يعجل إلى خصومتهم حتى يأتي، فلما وصل إليهم أقبلوا إليه يكلمونه فلم يصبر أن راجعهم الكلام فقال لهم: ما نقمتم من الحكمين وقد قال تعالى: إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا [النساء:35]، فكيف بأمة محمد صلوات الله وسلامه عليه؟! فرد الخوارج الجواب مفصلا بقولهم: أما ما جعل الله حكمه إلى الناس وأمرهم بالنظر فيه فهو إليهم، وما حكم فأمضاه فليس للعباد أن ينظروا فيه، حكم في الزاني مائة جلدة وفي السارق القطع فليس للعباد أن ينظروا في هذا". فاستشهد ابن عباس بقوله تعالى: يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ [المائدة:95]، ولكن هذه الآية عندهم ليست بدليل له فليس الحكم في الصيد والحرث وبين المرأة وزوجها كالحكم في دماء المسلمين، وادعوا أن الله أمضى حكمه في معاوية وأصحابه أن يقتلوا أو يرجعوا (1).ويذكر ابن عبد ربه أن ابن عباس لما وصل إلى الخوارج رحبوا به وأكرموه فرأى منهم جباها قرحة لطول السجود وأيديا كثفنات الإبل، وعليهم قمص مرحضة (2)، وهم مشمرون وأنهم قالوا له: إنا أتينا ذنبا عظيما حين حكمنا الرجال في دين الله فإن تاب كما تبنا وينهض لمجاهدة عدونا رجعنا. وأن ابن عباس أخذ في تقريرهم بحجج سلموا بصحتها واقتنعوا بصدقها حيث أخذ يناشدهم الله إلا صدقوا مع أنفسهم فقال لهم: أما علمتم أن الله أمر بتحكيم الرجال في أرنب تساوي ربع درهم تصاد في الحرم، وفي شقاق رجل وامرأته؟ فقالوا: اللهم نعم. قال: فأنشدكم الله هل علمتم أن رسول الله أمسك عن القتال للهدنة بينه وبين أهل الحديبية؟ قالوا: نعم، ولكن عليا محا نفسه من خلافة المسلمين. قال ابن عباس: ليس ذلك يزيلها عنه وقد محا رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه من النبوة، وقال سهيل بن عمرو: لو علمت أنك رسول الله ما حاربتك، فقال للكاتب:((اكتب محمد بن عبد الله)). وقال لهم ابن عباس حينما قالوا له: إن عليا قد كفر حين حكم فليتب – قال لهم ابن عباس: "ما ينبغي لمؤمن لم يشب إيمانه بشك أن يقر على نفسه بالكفر"(3).

(1)([9144]) انظر: ((الكامل)) لابن الأثير (3/ 327).

(2)

([9145]) مرحضة: أي مغسولة.

(3)

([9146]) انظر: ((العقد الفريد)) (2/ 389)، ((إبانة المناهج)) (ص162)، ((شرح نهج البلاغة)) (2/ 273).

ص: 71

وقد ذكر صاحب (إبانة المناهج) المحاورة بين ابن عباس والخوارج وأنهم قالوا له في انتقادهم عليا: إنه قاتل ولم يسب ولم يغنم؛ لئن كانوا كفارا لقد حلت لنا أموالهم، ولئن كانوا مؤمنين لقد حرمت علينا دماؤهم، وأنه محا عن اسمه إمارة المؤمنين فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين. فأجابهم ابن عباس على الشبهة الأولى بقوله:"وأما قولكم إنه قاتل ولم يسب ولم يغنم؛ أتسبون أمكم عائشة أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها؟! فقد كفرتم، وإن زعمتم أنها ليست بأمكم فقد كفرتم وخرجتم من الإسلام. إن الله تعالى يقول: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ [الأحزاب: 6]. فأنتم ترددون بين ضلالين فاختاروا أيهما سلمتم أخرجت من هذه. قالوا: اللهم نعم". إلى آخر ما في تلك المحاورة التي ألزمهم فيها الحجة مما لا نطيل القول بذكره (1). وذكر الشاطبي أن ابن عباس أتى الحرورية وهم قائلون بعد أن استأذن من علي وطلب إليه أن لا يفوته بالصلاة بل يبرد حتى يأتي القوم، فأتاهم وعليه حلة فقالوا: ما هذه الحلة عليك؟ قال: قلت: ما تعيبون من ذلك؟! فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه أحسن ما يكون من الثياب اليمنية، قال: ثم قرأت هذه الآية قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ [الأعراف:32]، فقالوا: ما جاء بك؟ قال: جئتكم من عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس فيكم منهم أحد ومن عند ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليهم نزل القرآن وهم أعلم بتأويله، جئت لأبلغكم عنهم وأبلغهم عنكم. فقال بعضهم: لا تخاصموا قريشا فإن الله يقول: بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ، فقال بعضهم: بلى فلنكلمه: قال: فكلمني منهم رجلان أو ثلاثة (2). ثم روى الشاطبي المناظرة التي جرت بينهم بما لا يكاد يختلف عن روايات غيره ممن سبق وكلها تظهر إلزام ابن عباس للخوارج بالحجة التي تدمغهم في خروجهم على الإمام علي رضي الله عنه.

ولكن الواضح يختلف عند صاحب (كشف الغمة) في إيراده لهذه المناظرة؛ فقد أورد ما ذكره ابن عباس في مجادلته لهم، ولكنه ذكر حججا طويلة للخوارج يقرون بها ابن عباس، وفي كل مرة يقول: اللهم نعم – حاصلها أن التحكيم في قضية الصيد لا يكون إلا لمن لا يستحل قلته، وأما معاوية وعمرو بن العاص فهم يستحلون دماء المسلمين ويستحلون ما حرم الله ويحرمون ما أحل الله – حسب افترائه -؛ فلا تجوز حكومتهم في هذه المسألة وإن تحكيم علي لأبي موسى وهو الرجل الشاك في قتال الفئة الباغية، وممن كان يخذل عن القتال – أمر لا يجوز الوقوع فيه أيضا. والمناقشة طويلة ومعروفة لا تخرج عما تقدم.

(1)([9147])((إبانة المناهج)) (ص163).

(2)

انظر: ((الاعتصام)) للشاطبي (ص187 - 188)، ((تلبيس إبليس)) (ص91 - 92).

ص: 72

إلا أن المؤلف انفرد بذكر أشياء لم يذكرها غيره، وهي أنه كان من ضمن الشروط أن أيما رجل أحدث حدثا من أصحاب علي ودخل في دين معاوية وحكمه؛ فليس لعلي إقامة ذلك الحد عليه لدخوله في دين معاوية وحكمه، وكذلك من أحدث من أصحاب معاوية ودخل في دين علي فليس لمعاوية إقامة ذلك الحد عليه. فهل كان من المعقول أن يتفق علي ومعاوية على تعطيل الحدود فيما بينهما؟! وقد ساق صاحب كشف الغمة ذلك الحوار كله على نحو يدلل فيه على أن معاوية وجيشه هم فئة باغية لا يجوز ترك قتالهم حتى يفيئوا إلى أمر الله، ولكن عليا لم يقف - في نظره – عند هذا الحكم الشرعي فيهم لهذا فهم براء منه. ثم قال المؤلف أخيرا يبين ما انتهت إليه محاورة ابن عباس للخوارج:"وانصرف من عندهم – يعني ابن عباس – وهو مقر لهم ومعترف لهم أنهم قد خصموه ونقضوا عليه ما جاء به مما احتج به عليهم، فقال له علي: ألا تعينني على قتالهم. فقال له: لا والله لا أقاتل قوما خصموني في الدنيا وإنهم يوم القيامة لي أخصم وعلي أقوى إن لم أكن معهم لم أكن عليهم واعتزل عنه ابن عباس رضي الله عنه ثم فارقه". ويذكر أيضا أنه قال لعلي: "فكف عن القوم فإني على ما أفلجوه"(1).ولا يخفى ما فيه رواية هذا المؤلف الخارجي لمناظرة ابن عباس من الهوى والميل إلى جانب الخوارج بإظهارهم وكأنهم في موقفهم هذا يلتزمون الحق ويلزمون الخصوم بالحجة، حتى عاد ابن عباس من عندهم مقرا لهم وملزما بحجتهم كما يزعم، خلافا لما ذكر جميع المؤرخين وكتاب (الفرق)، مهما اختلفت رواياتهم في إيراد تلك المناظرة وفي ذكر عدد من رجع من الخوارج مع ابن عباس بعد أن ألزمهم الحجة؛ ذلك أن ابن عبد ربه يذكر أن الذين رجعوا مع ابن عباس ألفان وبقي أربعة آلاف (2). أما ابن كثير فيذكر أن ابن عباس ناظر الخوارج ثلاثة أيام فرجع منهم أربعة آلاف (3). وقد بالغ صاحب إبانة المناهج فذكر أن الذين رجعوا مع ابن عباس عشرون ألفا وبقي أربعة آلاف (4).

(1)([9149])((كشف الغمة)) (ص281 - 287).

(2)

([9150])((العقد الفريد)) (2/ 389).

(3)

([9151])((البداية والنهاية)) (7/ 281).

(4)

([9152])((إبانة المناهج)) (ص163).

ص: 73

وأياً كانت النتيجة التي انتهى إليها ابن عباس، وأيا كان العدد الذي عاد معه من الخوارج قبل أن يناظرهم الإمام علي بنفسه حسب الروايات السابقة، فهناك رواية أخرى للطبري وابن الأثير فيها أن علياً لحق بابن عباس وهو لا يزال يناظرهم، فقال لابن عباس كما يروي الطبري:"انته عن كلامهم ألم أنهك رحمك الله. ثم تكلم فحمد الله عز وجل ثم أثنى عليه فقال: اللهم إن هذا مقام من أفلج فيه كان أولى بالفلج يوم القيامة ومن نطق فيه وأوعث فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا. ثم قال لهم: من زعيمكم؟ قالوا: ابن الكوا. قال علي: فما أخرجكم علينا؟ قالوا: حكومتكم يوم صفين. قال: أنشدكم بالله أتعلمون أنهم حيث رفعوا المصاحف فقلتم: نجيبهم إلى كتاب الله قلت لكم: إني أعلم بالقوم منكم. إنهم ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن إني صحبتهم وعرفتهم أطفالا ورجالا فكانوا شر أطفال وشر رجال؛ امضوا على حقكم وصدقكم فإنما رفع القوم هذه المصاحف خديعة ودهنا ومكيدة فرددتم علي رأيي وقلتم: لا، بل نقبل منهم. فقلت لكم: اذكروا قولي لكم ومعصيتكم إياي، فلما أبيتم إلا الكتاب اشترطت على الحكمين أن يحييا ما أحيا القرآن، وأن يميتا ما أمات القرآن وإن أبيا فنحن من حكمهما براء. قالوا له: فخبرنا أتراه عدلا تحكيم الرجال في الدماء. فقال: إنا لسنا حكمنا الرجال إنما حكمنا القرآن، وهذا القرآن إنما هو خط مسطور بين دفتين لا ينطق إنما يتكلم به الرجال. قالوا: فخبرنا عن الأجل لم جعلته فيما بينك وبينهم. قال: ليعلم الجاهل ويثبت العالم ولعل الله يصلح في هذه الهدنة هذه الأمة". وبعد انتهاء هذه المحاورة طلب منهم أن يدخلوا الكوفة فدخلوا من عند آخرهم (1).وقد أظهر الخوارج في نهاية المحاورة أنهم اعترفوا بصحة ما قاله، وأنهم أتوا ذنبا كفروا به ثم تابوا وقالوا له:"فتب كما تبنا نبايعك وإلا فنحن مخالفون"، ويزعمون أنه بايعهم على هذا. وقد كذبوا كما يقول الطبري وابن الأثير في هذا الزعم (2)، لأنهم رتبوا عليه خروجهم إلى النهروان حينما أشيع أن عليا رجع عن اعترافه بخطئه في التحكيم حسب ما يرويه أبو رزين بقوله:"فخرج إليهم علي فكلمهم حتى وقع الرضا بينه وبينهم فدخلوا الكوفة فأتاه رجل فقال: إن الناس قد تحدثوا أنك رجعت لهم عن كفرك. فخطب الناس في صلاة الظهر فذكر أمرهم فعابه وقال: من زعم أني رجعت عن الحكومة فقد كذب ومن رآها ضلالا فهو أضل منها". فوثبوا من نواحي المسجد يقولون: (لا حكم إلا لله)، واستقبله رجل منهم واضعا أصبعيه في أذنيه فقال: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر: 65]، فقال علي: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ [الروم: 60] وحين شاهد على هذا النفور منهم جعل يقلب يديه على المنبر ويقول: "حكم الله عز وجل ينتظر فيكم – مرتين، إن لكم عندنا ثلاثا: لا نمنعكم صلاة في هذا المسجد، ولا نمنعكم نصيبكم من هذا الفيء ما كانت أيديكم في أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا"(3). فكان الناس يقولون لعلي: إنهم خارجون عليك. فقال: "لا أقاتلهم حتى يقاتلوني وسيفعلون"(4).

ويبدوا من هذا – إن صحت الرواية السابقة عنه – أن الخوارج حينما رجعوا لو عوملوا ببعض الأناة ربما كانت تلك العاصفة قد مرت بسلام، لولا ما جاء به ذلك الرجل إلى الإمام علي ثم قيام الإمام علي بإعلان تكذيب ما نسب إليه على رؤوس الناس وإخبارهم أنه لم يرجع عن الحكومة وأن الذين رأوها ضلالا هم الضلال، فإن هذا – وإن كان هو اللائق بالإمام علي الذي لا يعرف الخداع والمداهنة – هو الذي جر عليه غضب هؤلاء وانهدم ما أمله فيهم حين رجوعهم من حروراء إلى الكوفة؛ فقد صدق ما توقعه منهم من قتالهم له فخرجوا من الكوفة متواعدين على اللقاء بالنهروان وإن حيث كانت الموقعة الكبرى بين الفريقين بزعامة عبد الله بن وهب الراسبي.

‌المصدر:

الخوارج تاريخهم وآراؤهم الاعتقادية وموقف الإسلام منها لغالب عواجي– ص75

(1)([9153])((تاريخ الطبري)) (5/ 65/66)، ((الكامل)) لابن الأثير (3/ 328)، ((الكامل)) للمبرد (2/ 117).

(2)

([9154])((تاريخ الطبري)) (5/ 66)، ((الكامل)) (3/ 329).

(3)

([9155])((تاريخ الطبري)) (5/ 74)، ((البداية والنهاية)) (7/ 285).

(4)

([9156])((تلبيس إبليس)) (ص91)، ((العقد الفريد)) (2/ 388).

ص: 74