المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: الشيعة اصطلاحا - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌ج- القول بجواز التقية القولية دون العملية

- ‌د- أدلة المانعين للتقية

- ‌هـ - أدلة القائلين بجواز التقية

- ‌المطلب الثاني: موقف الخوارج من القعدة

- ‌تمهيد في الولاية والبراءة عند الخوارج

- ‌1 - موقفهم من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم

- ‌ب- موقفهم من بعض كبار الصحابة

- ‌المطلب الثاني: موقف الخوارج من عامة المسلمين المخالفين لهم

- ‌أ- موقف الغلاة منهم:

- ‌ب- موقف المعتدلين منهم:

- ‌المطلب الثالث: موقف الخوارج من أهل الذمة

- ‌المطلب الرابع: حكم الخوارج في أطفال مخالفيهم

- ‌المبحث الأول: الحوار والمناقشة وإزالة الشبه

- ‌المبحث الثاني: الوعظ والنصيحة

- ‌المبحث الثالث: الترغيب والترهيب

- ‌المبحث الرابع: ذم الخوارج وذم صنيعهم، ونشر النصوص النبوية الواردة في حقهم

- ‌المبحث الخامس: تحذير الناس من مسلكهم ببيان سوء فعلتهم، وإنزال نصوص قرآنية فيهم حتى لا يغتر بهم

- ‌المبحث السادس: هجرهم

- ‌المبحث السابع: الإجابة عن أسئلتهم، وعدم صدهم، ومراسلتهم إن دعت الحاجة

- ‌المبحث الثامن: عدم الاعتداء عليهم بل السير فيهم السيرة العادلة

- ‌المبحث التاسع: إعطاء الأمان لمن رجع منهم ومحاولة استصلاحه، وإعلان الكف عمن كف منهم ورجع

- ‌المبحث العاشر: قتالهم

- ‌الفصل الحادي عشر: محاورات علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخوارج

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: دولة الإباضية في عُمان

- ‌المطلب الثاني: دولة الإباضية في المغرب

- ‌أولا: موقف الإباضية من سائر المخالفين

- ‌ثانيا: موقف الإباضية من الصحابة

- ‌المطلب الرابع: عقائد الإباضية

- ‌المطلب الخامس: فقه الإباضية

- ‌المبحث الثاني: جماعة التكفير والهجرة (جماعة المسلمين)

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌أولا: التأسيس

- ‌ثانيا: من أبرز الشخصيات

- ‌المطلب الثالث: الأفكار والمعتقدات

- ‌المطلب الرابع: مبادئهم وأصولهم

- ‌أولا: مبدأ الحد الأدنى من الإسلام

- ‌ثانيا: مبدأ قاعدة التبين

- ‌ثالثا: مبدأ قاعدة تعارض الفرائض

- ‌رابعا: تكفيرهم لمرتكبي الكبائر:

- ‌خامسا: زعمهم أنهم جماعة آخر الزمان

- ‌سادسا: دعواهم أن زعيمهم هو المهدي المنتظر

- ‌سابعا: زعمهم بتميز جماعتهم

- ‌ثامنا: دعواتهم إلى الأمية ومحاربة التعليم

- ‌تاسعا: دعوتهم إلى اعتزال المجتمع

- ‌المطلب الخامس: أخطاؤهم في المنهج

- ‌أولا: أقوالهم في فهم الكتاب والسنة

- ‌ثانيا: ردهم للإجماع

- ‌ثالثا: طعنهم في الصحابة وردهم لأقوالهم

- ‌رابعا: آراؤهم في التقليد

- ‌المطلب السادس: أماكن الانتشار

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المبحث الأول: الحكم بتكفير الخوارج

- ‌المبحث الثاني: الحكم بعدم تكفير الخوارج

- ‌المبحث الثالث: تعقيب على إطلاق الحكم بالتكفير

- ‌مراجع للتوسع

- ‌المبحث الأول: الشيعة لغة

- ‌المبحث الثاني: الشيعة اصطلاحاً

- ‌الفصل الثاني: متى ظهر التشيع

- ‌الفصل الثالث: المراحل التي مر بها مفهوم التشيع

- ‌الفصل الرابع: أسماء الشيعة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: السبب في تفرق الشيعة

- ‌المبحث الثاني: عدد فرقهم

- ‌المبحث الثالث: السبب في عدم اتفاق العلماء على عدد فرق الشيعة

- ‌المطلب الأول: التعريف بالسبئية ومؤسسها

- ‌المطلب الثاني: الأفكار اليهودية المدسوسة

- ‌المطلب الثالث: منكروا ابن سبأ والرد عليهم

- ‌المطلب الرابع: عقيدة ابن سبأ وضلالاته

- ‌المطلب الخامس: موقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأهل بيته من ابن سبأ

- ‌المطلب السادس: موقف أتباع عبد الله بن سبأ لما سمعوا بمقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

- ‌المطلب السابع: موقف أهل بيت النبي الكريم من ابن سبأ

- ‌المبحث الثاني: الكيسانية

- ‌المطلب الأول: كيف صارت الكيسانية مختارية

- ‌المطلب الثاني: مؤسس المختارية (المختار بن أبي عبيد الثقفي)

- ‌المطلب الثالث: التعريف بمحمد بن الحنفية واختلاف الشيعة بعده

- ‌المبحث الرابع: الزيدية

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: نشأة الزيدية

- ‌المطلب الثالث: موقف زيد من حكام بني أمية

- ‌المطلب الرابع: الأفكار والمعتقدات

- ‌المطلب الخامس: الجذور الفكرية والعقائدية

- ‌المطلب السادس: موقفهم من الإمامة

- ‌المطلب السابع: آراء زيد والزيدية

- ‌الجارودية:

- ‌البترية:

- ‌زيدية الجيل والديلم:

- ‌زيدية اليمن:

- ‌المطلب التاسع: فرق جارودية اليمن

- ‌1 - الحُسَيْنية:

- ‌2 - المُطَّرِّفية:

- ‌3 - المخترعة:

- ‌المطلب العاشر: أئمة الزيدية ودورهم في نشر القبورية في اليمن

- ‌المطلب الحادي عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المطلب الأول: معنى الرافضة لغة واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: سبب تسميتهم بالرافضة

- ‌المطلب الثالث: وقت وجودهم قبل اتصالهم بزيد

- ‌المطلب الرابع: أسماؤهم قبل اتصالهم بزيد

- ‌المطلب الخامس: فرق الروافض

- ‌المطلب السادس: أسماء الاثنا عشرية وسبب تلك التسميات

- ‌المطلب السابع: سبب انتشار مذهب الرافضة (الاثنا عشرية) وأماكن انتشارهم

- ‌المطلب الثامن: أهم الأماكن التي انتشر فيها هذا المذهب

- ‌المطلب التاسع: فرق الاثني عشرية وانقسامها

- ‌الفصل السابع: دول الشيعة والتأثير في المذهب

- ‌الفصل الثامن: أثر الفلسفة القديمة في الشيعة

- ‌المبحث الأول: معنى نزعة التشيع

- ‌المبحث الثاني: نشأة التشيع

- ‌المبحث الثالث: أثر النزعة المذهبية

- ‌المبحث الرابع: نزعة التشيع

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الرواة الشيعة:

- ‌المطلب الثاني: المصنفات الشيعية

- ‌المبحث السادس: تناقض كتب الشيعة الإمامية الاثني عشرية

- ‌المبحث الأول: أقسام أخبار الشيعة

- ‌المبحث الثاني: الأدلة عند الشيعة

- ‌المبحث الثالث: طبقات الشيعة

- ‌المبحث الأول: بداية وضع الأخبار

- ‌المبحث الثاني: الأصول الأربعمائة

- ‌المبحث الثالث: الجرح والتعديل عند الشيعة والرافضة

- ‌المبحث الرابع: مفهوم السنة عندهم

- ‌المبحث الخامس: مراتب الحديث

- ‌المبحث السادس: التعارض والترجيح

- ‌المبحث السابع: الكتب الأربعة

- ‌الفصل الثاني عشر: التفسير وأصوله عند الشيعة الاثني عشرية

- ‌المبحث الأول: القرآن الصامت والقرآن الناطق

- ‌المطلب الأول: الإمام كالنبي

- ‌المطلب الثاني: مذهب الإخباريين

- ‌المطلب الثالث: قول الأصوليين

- ‌المطلب الرابع: النسخ بعد عصر النبوة

- ‌المطلب الخامس: التخصيص

- ‌المطلب السادس: كتمان الحكم تقية أو للتدرج

- ‌المطلب الأول: حجية الظواهر

- ‌المطلب الثاني: الباطن

- ‌المطلب الأول: لماذا قالوا بالتحريف

- ‌المطلب الثاني: أشهر كتب الغلاة

- ‌المطلب الثالث: سورة الولاية في كتاب دبستان المذاهب

- ‌المطلب الرابع: من القائلون بالتحريف

- ‌المطلب الخامس: معتدلو الشيعة يتصدون لحركة الغلاة

- ‌المطلب السادس: كتب التفسير الشيعي في القرن الثالث

- ‌الكتاب الأول: تفسير الحسن العسكري

- ‌الكتاب الثاني: تفسير القمي

- ‌الكتاب الثالث: تفسير العياشي

- ‌المطلب الأول: أصول التفسير عند الطوسي والطبرسي

- ‌المطلب الثاني: الفرق بينهما وبين الجمهور

- ‌المطلب الأول: تفسير الصافي

- ‌المطلب الثاني: (البرهان في تفسير القرآن)

- ‌المطلب الثالث: بحار الأنوار

- ‌المطلب الرابع: تأويل الآيات الباهرة

- ‌المطلب الخامس: تفسير شبر:

- ‌المطلب السادس: كنز العرفان

- ‌المطلب السابع: زبدة البيان

- ‌المطلب الثامن: الميزان

- ‌المطلب التاسع: التفسير الكاشف

- ‌المطلب العاشر: البيان

- ‌المبحث السادس: نظرة عامة لباقي كتب التفسير

- ‌الفصل الثالث عشر: الشيعة ومخالفتهم أهل البيت

- ‌الفصل الرابع عشر: موقف الشيعة من الصحابة

- ‌المطلب الأول: موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الصديق

- ‌المطلب الثاني: موقف ابن عباس من الصديق

- ‌المطلب الثالث: موقف الحسن بن علي رضي الله عنهما من الصديق

- ‌المطلب الرابع: موقف الإمام الرابع علي بن الحسن بن علي من الصديق

- ‌المطلب الخامس: موقف محمد بن علي بن الحسين الملقب بالباقر من الصديق

- ‌المطلب السادس: موقف جعفر بن محمد بن علي من الصديق

- ‌المطلب السابع: موقف الحسن العسكري

- ‌المطلب الثامن: موقف زيد بن علي بن الحسين

- ‌المطلب التاسع: موقف سلمان الفارسي الصحابي الجليل

- ‌المطلب العاشر: خلافة الصديق

- ‌المطلب الحادي عشر: اقتداء علي بالصديق في الصلوات وقبوله الهدايا منه

- ‌المطلب الثاني عشر: مساعدة الصديق في تزويج علي من فاطمة

- ‌المطلب الثالث عشر: المصاهرات بين الصديق وآل البيت

- ‌المطلب الرابع عشر: قضية فدك

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الفاروق عمر رضي الله عنه

- ‌المطلب الثاني: مدح أهل البيت الفاروق

- ‌المطلب الثالث: تزويج المرتضى أم كلثوم من الفاروق

- ‌المطلب الرابع: إكرام الفاروق أهل البيت واحترامه إياهم

- ‌المطلب الخامس: حب آل البيت ومبايعتهم إياه

- ‌المبحث الثالث: موقف أهل البيت من ذي النورين

- ‌الفصل السادس عشر: موقف الشيعة من الخلفاء الراشدين الثلاثة

- ‌الفصل السابع عشر: موقف أهل البيت من أعداء الخلفاء الراشدين

- ‌المبحث الأول: موقف علي رضي الله عنه من الشيعة

- ‌المطلب الأول: رفض التشيع المطلق، وتقييده بالكتاب والسنة

- ‌المطلب الثاني: التصريح بقول من يُكذب عليه حتى لا تنتشر الشائعات

- ‌المطلب الثالث: الإعلام والإعلان بالحق لدحض الشبهات

- ‌المطلب الرابع: الرد على الشبهات، وتوضيح المشكلات التي يروج لها حال ظهورها

- ‌المطلب الخامس: المناقشة والاحتجاج

- ‌المطلب السادس: البيان والإيضاح قبل إيقاع العقوبة

- ‌المطلب السابع: إيقاع العقوبة على من جاء بالبدعة ولو ادعى التشيع

- ‌المطلب الثامن: التحذير منهم ومن كلامهم، وزجر من ينقل أقوالهم

- ‌المطلب التاسع: التحذير من غدر الشيعة بأئمتها، وبيان أنه لا يوثق بهم ولا بتشيعهم

- ‌المطلب العاشر: إعلان البراءة ممن يتخذ التشيع له ستارا لنشر البدع وهدم الدين

- ‌المطلب الحادي عشر: الوصية بالاعتدال في الحب، وبيان معنى التشيع الحق المطلوب لآل البيت

- ‌المطلب الثاني عشر: حكمهم

- ‌الفصل الثامن عشر: موقف الشيعة الاثني عشرية من الأئمة الأربعة:

- ‌المبحث الأول: عداء الشيعة الاثني عشرية للأئمة الأربعة:

- ‌المبحث الثاني: اتهام الأئمة الأربعة بإحداث مذاهب مخالفة للكتاب والسنة

- ‌المبحث الثالث: دعوى الإمامية أن المذاهب الأربعة تجري وفق هوى السلطات:

الفصل: ‌المبحث الثاني: الشيعة اصطلاحا

‌المبحث الثاني: الشيعة اصطلاحاً

اختلفت وجهات نظر العلماء في التعريف بحقيقة الشيعة، نوجز أقوالهم فيما يلي: أنه علم بالغلبة على كل من يتولى علياً وأهل بيته. كقول الفيروزأبادي: (وقد غلب هذا الاسم على كل من يتولى علياً وأهل بيته، حتى صار اسماً لهم خاصاً)(1).

هم الذين نصروا علياً واعتقدوا إمامته نصاً، وأن خلافة من سبقه كانت ظلماً له.

هم الذين فضّلوا علياً على عثمان رضي الله عنهما.

الشيعة اسم لكل من فضل علياً على الخلفاء الراشدين قبله رضي الله عنهم جميعاً، ورأى أن أهل البيت أحق بالخلافة، وأن خلافة غيرهم باطلة. وكلها تعريفات غير جامعة ولا مانعة إلا واحداً منها.

مناقشة تلك الأقوال:

أما التعريف الأول: فهو غير سديد، لأن أهل السنة يتولون علياً وأهل بيته، وهم ضد الشيعة. وأما التعريف الثاني: فينقضه ما ذهب إليه بعض الشيعة من تصحيحهم خلافة الشيخين، وتوقف بعضهم في عثمان، وتولي بعضهم له كبعض الزيدية فيما يذكر ابن حزم (2).

ثم أيضاً ما يبدو عليه من قصر الخلافة في علي فقط دون ذكر أهل بيته.

والتعريف الثالث غير صحيح كذلك؛ لانتقاضه بما ذهب إليه بعض الشيعة من البراءة من عثمان. كقوله كثير عزة:

برأت إلى الإله من ابن أروى

ومن دين الخوارج أجمعينا

ومن عمر برئت ومن عتيق

غداة دعي أمير المؤمنينا

ويبقى الراجح من تلك التعريفات الرابع منها لضبطه تعريف الشيعة كطائفة ذات أفكار وآراء اعتقادية (3).

‌المصدر:

فرق معاصرة لغالب عواجي 1/ 307

(1)((القاموس المحيط)) (3/ 9 49)، ونحوه عند الأزهري في ((تهذيب اللغة)) (3/ 61).

(2)

انظر: ((الفصل)) (4/ 92).

(3)

انظر: ((الأديان والفرق والمذاهب المعاصرة)) (ص 145).

ص: 134

إن لفظة الشيعة لا تطلق إلا على أتباع الرجل وأنصاره فيقال: فلان من شيعة فلان أي ممن يهوون هواه كما قال الزبيدي: كل قوم اجتمعوا على أمر فهم الشيعة وكل من عاون إنساناً وتحزب له فهو شيعة له، وأصله من المشايعة وهي المطاوعة والمتابعة. فلم يكن استعمال هذه اللفظة في العصر الأول من الإسلام إلا في معناه الأصلي والحقيقي هذا كما لم يكن استعمالها إلا لأحزاب سياسية وفئات متعارضة في بعض المسائل التي تتعلق بالحكم والحكام، وقد شاع استعمالها عند اختلاف معاوية مع علي رضي الله تعالى عنهما بعد استشهاد عثمان رضي الله عنه فكان يقال عن أنصار الخليفة الراشد الرابع والأحق بالخلافة من معاوية وغيره وكانوا يشايعونه ويناصرونه في حروبه مع معاوية رضي الله عنه كما كان شيعة معاوية يرون الأمر بالعكس للجوء قتلة عثمان بن عفان إلى معسكر علي رضي الله عنه وتحت كنفه حسب زعمهم وما دام هؤلاء كذلك لم يكونوا معتقدين بثبوت الخلافة وأحقيتها لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه فإن قتل القتلة ونفذ فيهم حد السيف رجعوا إليه وإلى التسليم بخلافته والانقياد لأمره كما نقله المؤرخون أن معاوية رضي الله عنه قال لمن بعث إليه من قبل علي رضي الله عنه من عدي بن حاتم ويزيد بن قيس الأرحبي وشبيث بن ربعي وزياد بن حفصة يدعونه إلى الجماعة والطاعة:" أما بعد فإنكم دعوتموني إلى الجماعة والطاعة، فأما الجماعة فمعنا هي، وأما الطاعة فكيف أطيع رجلاً أعان على قتل عثمان وهو يزعم أنه لم يقتله؟ ونحن لا نرد ذلك عليه ولا نتهمه به ولكنه آوى قتلة عثمان فيدفعهم إلينا حتى نقلتهم ثم نحن نجيبكم إلى الطاعة والجماعة "(1).وقال بمثل هذه المقولة لأبي الدرداء ولأبي أمامة المبعوثين أيضاً من قبل علي رضي الله عنه:" اذهبا إليه فقولا له: فليقدنا من قتلة عثمان ثم أنا أول من بايعه من أهل الشام " وقبل ذلك حينما أرسل علي رضي الله عنه جرير بن عبد الله إلى معاوية يدعوه إلى بيعته " طلب معاوية عمرو بن العاص ورؤوس أهل الشام فاستشارهم فأبوا أن يبايعوا حتى يقتل قتلة عثمان أو أن يسلم إليهم قتلة عثمان "وإن المؤرخين ذكروا أيضاً أن أبا الدرداء وأبا أمامة عندما رجعا إلى علي قالا له ذلك، فقال: هؤلاء الذين تريان فخرج خلق كثير فقالوا: كلنا قتلة عثمان فمن شاء فليرمنا " (2) هذا ولسنا الآن بصدد بيان أسباب الحروب التي دارت بين علي رضي الله عنه وبين معاوية رضي الله عنه وغيره ولكننا نريد أن نبين هنا أن فئتين عظيمتين من المسلمين ـ كما عبر عنها الرسول العظيم عليه الصلاة والسلام في مدحه الحسن رضي الله عنه انحاز كل واحدة منهما إلى جانب وشايعت وناصرت من رأوا الحق معه فسميت كل طائفة من هاتين الطائفتين شيعة علي وشيعة معاوية ولم يكن الخلاف بينهما إلا خلافاً سياسياً محضاً، طائفة كانوا يرون علياً رضي الله عنه خليفة صاحب حق شرعي حيث انعقدت له الخلافة بمشورة أهل الحل والعقد من المهاجرين والأنصار وقوم رأوا أحق الناس بها معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما حيث أنه يريد الثأر لدم الإمام المظلوم صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفته للمسلمين الذي أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعة المشهورة لأخذ الثأر عنه يوم الحديبية وسميت فيما بعد هذه البيعة بيعة الرضوان حيث أنزل الله رضاه لكل من بايع لأجله (3).

(1)[9367]- ((البداية والنهاية)) (7/ 257) ط بيروت الطبري (5/ 6)، ((الكامل)) (3/ 290).

(2)

-[9368]((البداية والنهاية)) (7/ 253 - 259) ط بيروت

(3)

[9369]- بقوله جل وعلا لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ * الفتح:18*

ص: 135

وكذلك أطلقت هذه اللفظة على حزب سياسي موحد لبني علي وبني العباس بتركيب شيعة آل محمد مقابل شيعة بني أمية ولم يكن إطلاقها إلا لبيان رأي سياسي في من تولى الحكم وفي من يحق أن يتولاه وقد صرح بذلك شيعي مشهور ناقلاً عن كتاب (الزينة) للسجستاني: ثم بعد مقتل عثمان وقيام معاوية وأتباعه في وجه علي بن أبي طالب وإظهاره الطلب بدم عثمان واستمالته عدداً عظيماً من المسلمين إلى ذلك صار أتباعه يعرفون بالعثمانية وصار أتباع علي يعرفون بالعلوية مع بقاء إطلاق اسم الشيعة عليهم واستمر ذلك مدة ملك بني أمية ". (1) ونقل أيضاً من نقيب الشيعة بحلب: كل قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض فهم شيعة، وشيعة الرجل أتباعه وأنصاره ويقال: شايعه كما يقال: والاه من الولي والمشايعة، وكأن الشيعة لما اتبعوا هؤلاء القوم واعتقدوا فيهم ما اعتقدوا سموا بهذا الاسم لأنهم صاروا أعواناً لهم وأنصارا وأتباعا، فأما من قبل حين أفضت الخلافة من بني هاشم إلى بني أمية وتسلمها معاوية بن صخر من الحسن بن علي وتلقفها من بني أمية ومالوا إلى بني هاشم وكان بنو علي وبنو عباس يومئذ في هذا شرع فلما انضموا إليهم واعتقدوا أنهم أحق بالخلافة من بني أمية وبذلوا لهم النصرة والموالاة والمشايعة سموا شيعة آل محمد، ولم يكن إذ ذاك بين بني علي وبني العباس افتراق في رأي ولا مذهب، فلما ملك بنو العباس وتسلمها سفاحهم من بني أمية نزغ الشيطان بينهم وبين بني علي فبدا منهم في حق بني علي ما بدا فنفر منهم فرقة من الشيعة "(2)

وقد كررنا لفظ السياسة حيث نقصد من ورائها أنه لم يكن بين القوم خلاف ديني يرجع إلى الكفر والإسلام كما أقر بذلك سيدنا علي رضي الله عنه حيث قال مخاطباً جنده عن معاوية وعساكره:

أوصيكم عباد الله تقوى الله فإنها خير ما تواصى به العباد وخير عواقب الأمور عند الله وقد فتح باب الحرب بينكم وبين أهل القبلة (3) ".

هذا وقد زاد علي رضي الله عنه المسألة وضوحاً وبياناً في كتاب له كتبه إلى أهل الأمصار يقص فيه ما جرى بينه وبين أهل صفين ويبين فيه حكم من ناضلوه وقاتلوه وموفقه منهم:

وكان بدء أمرنا التقينا والقوم من أهل الشام والظاهر أن ربنا واحد ونبينا واحد ودعوتنا في الإسلام واحدة ولا نستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق برسوله صلى الله عليه وسلم الأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان ونحن منه براء (4) ".

ولأجل ذلك منع أصحابه من سب أهل الشام وأنصار معاوية وشتمهم إياهم أيام حربهم بصفين:

إني أكره لكم أن تكونوا سبابين ولكنكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتهم حالهم كان أصوب في القول وأبلغ في العذر وقلتم مكان سبكم إياهم " اللهم احقن دمائنا ودمائهم وأصلح ذات بيننا وبينهم (5) ".

(1)[9370]- ((أعيان الشيعة)) لمحسن الأمين / الجزء الأول القسم الأول (ص 12).

(2)

[9371]- ((غاية الاختصار في أخبار بيوتات العلوية المحفوظة من الغبار)) لسيد تاج الدين بن حمزة الحسيني نقيب حلب.

(3)

[9372]- ((نهج البلاغة)) (ص 367) ط بيروت.

(4)

[9373]((نهج البلاغة)) (4480).

(5)

[9374]((نهج البلاغة)) (323).

ص: 136

ويؤيد ذلك حديث شيعي مشهور رواه الكليني في صحيحه (الكافي) عن جعفر بن محمد الباقر ـ الإمام السادس المعصوم حسب زعم الشيعة ـ أنه قال: ينادي مناد من السماء أول النهار ألا إن علياً صلوات الله عليه وشيعته هم الفائزون. قال: وينادي مناد آخر النهار: ألا إن عثمان وشيعته هم الفائزون (1). ومن طريف ما ذكرنا أن أبا العالية وهو تابعي مشهور أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وهو شاب ولكنه لم يسلم إلا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه فإنه روى عنه أبو خلدة أنه قال: قال أبو العالية: لما كان زمان علي ومعاوية وإني لشاب القتال أحب إلي من الطعام الطيب فجهزت بجهاز حسن حتى أتيتهم فإذا صفان ما يرى طرفاهما إذا كبر هؤلاء كبر هؤلاء وإذا هلل هؤلاء هلل هؤلاء فراجعت نفسي فقلت: أي الفريقين أنزله كافرا؟ ومن أكرهني على هذا؟ قال: فما أمسيت حتى رجعت وتركتهم (2)

ولا ننكر أنه كان هناك أناس تأثروا بدسائس يهودية وأفكار مدسوسة وخرجوا عن الجادة المستقيمة وأعطوا هذا الخلاف صبغة دينية أمثال السبأيين وغيرهم ممن وقعوا في حبائل اليهودية المبغضة للإسلام وهم الذين كانوا يؤججون نار الحرب كلما خبت نيرانها ولكن عامة الناس كانوا على منأى عنها.

فهذه هي بداية استعمال هذه اللفظة ثم اختص بكل من يوالي علياً وأولاده ويعتقد الاعتقادات المخصوصة والمستقاة من دسائس عبد الله بن سبأ اليهودي وغيره من الذين أرادوا هدم عمارة الإسلام وكيانه وتشويه عقائده وتعليماته كما قال ابن الأثير في نهايته:

وأصل الشيعة: الفرقة من الناس وتقع على الواحد والاثنين والجمع والذكر والمؤنث بلفظ واحد ومعنى واحد وقد غلب هذا الاسم على كل من يزعم أنه يتولى علياً رضي الله عنه وأهل بيته حتى صار لهم اسماً خاصاً، فإذا قيل من الشيعة عرف أنه منهم، وفي مذهب الشيعة كذا أي عندهم وتجمع الشيعة علي شيع وأصلها من المشايعة وهي المتابعة والمطاوعة (3).

‌المصدر:

الشيعة والتشيع لإحسان إلهي ظهير - ص8

(1)[9375]((الكافي في الفروع)) (8/ 209).

(2)

[9376]((سير أعلام النبلاء)) للإمام الذهبي (4/ 210) طبقات ابن سعد (7/ 114).

(3)

[9377]- ((النهاية)) لابن الأثير (2/ 244).

ص: 137