المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تمهيد في الولاية والبراءة عند الخوارج - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌ج- القول بجواز التقية القولية دون العملية

- ‌د- أدلة المانعين للتقية

- ‌هـ - أدلة القائلين بجواز التقية

- ‌المطلب الثاني: موقف الخوارج من القعدة

- ‌تمهيد في الولاية والبراءة عند الخوارج

- ‌1 - موقفهم من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم

- ‌ب- موقفهم من بعض كبار الصحابة

- ‌المطلب الثاني: موقف الخوارج من عامة المسلمين المخالفين لهم

- ‌أ- موقف الغلاة منهم:

- ‌ب- موقف المعتدلين منهم:

- ‌المطلب الثالث: موقف الخوارج من أهل الذمة

- ‌المطلب الرابع: حكم الخوارج في أطفال مخالفيهم

- ‌المبحث الأول: الحوار والمناقشة وإزالة الشبه

- ‌المبحث الثاني: الوعظ والنصيحة

- ‌المبحث الثالث: الترغيب والترهيب

- ‌المبحث الرابع: ذم الخوارج وذم صنيعهم، ونشر النصوص النبوية الواردة في حقهم

- ‌المبحث الخامس: تحذير الناس من مسلكهم ببيان سوء فعلتهم، وإنزال نصوص قرآنية فيهم حتى لا يغتر بهم

- ‌المبحث السادس: هجرهم

- ‌المبحث السابع: الإجابة عن أسئلتهم، وعدم صدهم، ومراسلتهم إن دعت الحاجة

- ‌المبحث الثامن: عدم الاعتداء عليهم بل السير فيهم السيرة العادلة

- ‌المبحث التاسع: إعطاء الأمان لمن رجع منهم ومحاولة استصلاحه، وإعلان الكف عمن كف منهم ورجع

- ‌المبحث العاشر: قتالهم

- ‌الفصل الحادي عشر: محاورات علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخوارج

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: دولة الإباضية في عُمان

- ‌المطلب الثاني: دولة الإباضية في المغرب

- ‌أولا: موقف الإباضية من سائر المخالفين

- ‌ثانيا: موقف الإباضية من الصحابة

- ‌المطلب الرابع: عقائد الإباضية

- ‌المطلب الخامس: فقه الإباضية

- ‌المبحث الثاني: جماعة التكفير والهجرة (جماعة المسلمين)

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌أولا: التأسيس

- ‌ثانيا: من أبرز الشخصيات

- ‌المطلب الثالث: الأفكار والمعتقدات

- ‌المطلب الرابع: مبادئهم وأصولهم

- ‌أولا: مبدأ الحد الأدنى من الإسلام

- ‌ثانيا: مبدأ قاعدة التبين

- ‌ثالثا: مبدأ قاعدة تعارض الفرائض

- ‌رابعا: تكفيرهم لمرتكبي الكبائر:

- ‌خامسا: زعمهم أنهم جماعة آخر الزمان

- ‌سادسا: دعواهم أن زعيمهم هو المهدي المنتظر

- ‌سابعا: زعمهم بتميز جماعتهم

- ‌ثامنا: دعواتهم إلى الأمية ومحاربة التعليم

- ‌تاسعا: دعوتهم إلى اعتزال المجتمع

- ‌المطلب الخامس: أخطاؤهم في المنهج

- ‌أولا: أقوالهم في فهم الكتاب والسنة

- ‌ثانيا: ردهم للإجماع

- ‌ثالثا: طعنهم في الصحابة وردهم لأقوالهم

- ‌رابعا: آراؤهم في التقليد

- ‌المطلب السادس: أماكن الانتشار

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المبحث الأول: الحكم بتكفير الخوارج

- ‌المبحث الثاني: الحكم بعدم تكفير الخوارج

- ‌المبحث الثالث: تعقيب على إطلاق الحكم بالتكفير

- ‌مراجع للتوسع

- ‌المبحث الأول: الشيعة لغة

- ‌المبحث الثاني: الشيعة اصطلاحاً

- ‌الفصل الثاني: متى ظهر التشيع

- ‌الفصل الثالث: المراحل التي مر بها مفهوم التشيع

- ‌الفصل الرابع: أسماء الشيعة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: السبب في تفرق الشيعة

- ‌المبحث الثاني: عدد فرقهم

- ‌المبحث الثالث: السبب في عدم اتفاق العلماء على عدد فرق الشيعة

- ‌المطلب الأول: التعريف بالسبئية ومؤسسها

- ‌المطلب الثاني: الأفكار اليهودية المدسوسة

- ‌المطلب الثالث: منكروا ابن سبأ والرد عليهم

- ‌المطلب الرابع: عقيدة ابن سبأ وضلالاته

- ‌المطلب الخامس: موقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأهل بيته من ابن سبأ

- ‌المطلب السادس: موقف أتباع عبد الله بن سبأ لما سمعوا بمقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

- ‌المطلب السابع: موقف أهل بيت النبي الكريم من ابن سبأ

- ‌المبحث الثاني: الكيسانية

- ‌المطلب الأول: كيف صارت الكيسانية مختارية

- ‌المطلب الثاني: مؤسس المختارية (المختار بن أبي عبيد الثقفي)

- ‌المطلب الثالث: التعريف بمحمد بن الحنفية واختلاف الشيعة بعده

- ‌المبحث الرابع: الزيدية

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: نشأة الزيدية

- ‌المطلب الثالث: موقف زيد من حكام بني أمية

- ‌المطلب الرابع: الأفكار والمعتقدات

- ‌المطلب الخامس: الجذور الفكرية والعقائدية

- ‌المطلب السادس: موقفهم من الإمامة

- ‌المطلب السابع: آراء زيد والزيدية

- ‌الجارودية:

- ‌البترية:

- ‌زيدية الجيل والديلم:

- ‌زيدية اليمن:

- ‌المطلب التاسع: فرق جارودية اليمن

- ‌1 - الحُسَيْنية:

- ‌2 - المُطَّرِّفية:

- ‌3 - المخترعة:

- ‌المطلب العاشر: أئمة الزيدية ودورهم في نشر القبورية في اليمن

- ‌المطلب الحادي عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المطلب الأول: معنى الرافضة لغة واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: سبب تسميتهم بالرافضة

- ‌المطلب الثالث: وقت وجودهم قبل اتصالهم بزيد

- ‌المطلب الرابع: أسماؤهم قبل اتصالهم بزيد

- ‌المطلب الخامس: فرق الروافض

- ‌المطلب السادس: أسماء الاثنا عشرية وسبب تلك التسميات

- ‌المطلب السابع: سبب انتشار مذهب الرافضة (الاثنا عشرية) وأماكن انتشارهم

- ‌المطلب الثامن: أهم الأماكن التي انتشر فيها هذا المذهب

- ‌المطلب التاسع: فرق الاثني عشرية وانقسامها

- ‌الفصل السابع: دول الشيعة والتأثير في المذهب

- ‌الفصل الثامن: أثر الفلسفة القديمة في الشيعة

- ‌المبحث الأول: معنى نزعة التشيع

- ‌المبحث الثاني: نشأة التشيع

- ‌المبحث الثالث: أثر النزعة المذهبية

- ‌المبحث الرابع: نزعة التشيع

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الرواة الشيعة:

- ‌المطلب الثاني: المصنفات الشيعية

- ‌المبحث السادس: تناقض كتب الشيعة الإمامية الاثني عشرية

- ‌المبحث الأول: أقسام أخبار الشيعة

- ‌المبحث الثاني: الأدلة عند الشيعة

- ‌المبحث الثالث: طبقات الشيعة

- ‌المبحث الأول: بداية وضع الأخبار

- ‌المبحث الثاني: الأصول الأربعمائة

- ‌المبحث الثالث: الجرح والتعديل عند الشيعة والرافضة

- ‌المبحث الرابع: مفهوم السنة عندهم

- ‌المبحث الخامس: مراتب الحديث

- ‌المبحث السادس: التعارض والترجيح

- ‌المبحث السابع: الكتب الأربعة

- ‌الفصل الثاني عشر: التفسير وأصوله عند الشيعة الاثني عشرية

- ‌المبحث الأول: القرآن الصامت والقرآن الناطق

- ‌المطلب الأول: الإمام كالنبي

- ‌المطلب الثاني: مذهب الإخباريين

- ‌المطلب الثالث: قول الأصوليين

- ‌المطلب الرابع: النسخ بعد عصر النبوة

- ‌المطلب الخامس: التخصيص

- ‌المطلب السادس: كتمان الحكم تقية أو للتدرج

- ‌المطلب الأول: حجية الظواهر

- ‌المطلب الثاني: الباطن

- ‌المطلب الأول: لماذا قالوا بالتحريف

- ‌المطلب الثاني: أشهر كتب الغلاة

- ‌المطلب الثالث: سورة الولاية في كتاب دبستان المذاهب

- ‌المطلب الرابع: من القائلون بالتحريف

- ‌المطلب الخامس: معتدلو الشيعة يتصدون لحركة الغلاة

- ‌المطلب السادس: كتب التفسير الشيعي في القرن الثالث

- ‌الكتاب الأول: تفسير الحسن العسكري

- ‌الكتاب الثاني: تفسير القمي

- ‌الكتاب الثالث: تفسير العياشي

- ‌المطلب الأول: أصول التفسير عند الطوسي والطبرسي

- ‌المطلب الثاني: الفرق بينهما وبين الجمهور

- ‌المطلب الأول: تفسير الصافي

- ‌المطلب الثاني: (البرهان في تفسير القرآن)

- ‌المطلب الثالث: بحار الأنوار

- ‌المطلب الرابع: تأويل الآيات الباهرة

- ‌المطلب الخامس: تفسير شبر:

- ‌المطلب السادس: كنز العرفان

- ‌المطلب السابع: زبدة البيان

- ‌المطلب الثامن: الميزان

- ‌المطلب التاسع: التفسير الكاشف

- ‌المطلب العاشر: البيان

- ‌المبحث السادس: نظرة عامة لباقي كتب التفسير

- ‌الفصل الثالث عشر: الشيعة ومخالفتهم أهل البيت

- ‌الفصل الرابع عشر: موقف الشيعة من الصحابة

- ‌المطلب الأول: موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الصديق

- ‌المطلب الثاني: موقف ابن عباس من الصديق

- ‌المطلب الثالث: موقف الحسن بن علي رضي الله عنهما من الصديق

- ‌المطلب الرابع: موقف الإمام الرابع علي بن الحسن بن علي من الصديق

- ‌المطلب الخامس: موقف محمد بن علي بن الحسين الملقب بالباقر من الصديق

- ‌المطلب السادس: موقف جعفر بن محمد بن علي من الصديق

- ‌المطلب السابع: موقف الحسن العسكري

- ‌المطلب الثامن: موقف زيد بن علي بن الحسين

- ‌المطلب التاسع: موقف سلمان الفارسي الصحابي الجليل

- ‌المطلب العاشر: خلافة الصديق

- ‌المطلب الحادي عشر: اقتداء علي بالصديق في الصلوات وقبوله الهدايا منه

- ‌المطلب الثاني عشر: مساعدة الصديق في تزويج علي من فاطمة

- ‌المطلب الثالث عشر: المصاهرات بين الصديق وآل البيت

- ‌المطلب الرابع عشر: قضية فدك

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الفاروق عمر رضي الله عنه

- ‌المطلب الثاني: مدح أهل البيت الفاروق

- ‌المطلب الثالث: تزويج المرتضى أم كلثوم من الفاروق

- ‌المطلب الرابع: إكرام الفاروق أهل البيت واحترامه إياهم

- ‌المطلب الخامس: حب آل البيت ومبايعتهم إياه

- ‌المبحث الثالث: موقف أهل البيت من ذي النورين

- ‌الفصل السادس عشر: موقف الشيعة من الخلفاء الراشدين الثلاثة

- ‌الفصل السابع عشر: موقف أهل البيت من أعداء الخلفاء الراشدين

- ‌المبحث الأول: موقف علي رضي الله عنه من الشيعة

- ‌المطلب الأول: رفض التشيع المطلق، وتقييده بالكتاب والسنة

- ‌المطلب الثاني: التصريح بقول من يُكذب عليه حتى لا تنتشر الشائعات

- ‌المطلب الثالث: الإعلام والإعلان بالحق لدحض الشبهات

- ‌المطلب الرابع: الرد على الشبهات، وتوضيح المشكلات التي يروج لها حال ظهورها

- ‌المطلب الخامس: المناقشة والاحتجاج

- ‌المطلب السادس: البيان والإيضاح قبل إيقاع العقوبة

- ‌المطلب السابع: إيقاع العقوبة على من جاء بالبدعة ولو ادعى التشيع

- ‌المطلب الثامن: التحذير منهم ومن كلامهم، وزجر من ينقل أقوالهم

- ‌المطلب التاسع: التحذير من غدر الشيعة بأئمتها، وبيان أنه لا يوثق بهم ولا بتشيعهم

- ‌المطلب العاشر: إعلان البراءة ممن يتخذ التشيع له ستارا لنشر البدع وهدم الدين

- ‌المطلب الحادي عشر: الوصية بالاعتدال في الحب، وبيان معنى التشيع الحق المطلوب لآل البيت

- ‌المطلب الثاني عشر: حكمهم

- ‌الفصل الثامن عشر: موقف الشيعة الاثني عشرية من الأئمة الأربعة:

- ‌المبحث الأول: عداء الشيعة الاثني عشرية للأئمة الأربعة:

- ‌المبحث الثاني: اتهام الأئمة الأربعة بإحداث مذاهب مخالفة للكتاب والسنة

- ‌المبحث الثالث: دعوى الإمامية أن المذاهب الأربعة تجري وفق هوى السلطات:

الفصل: ‌تمهيد في الولاية والبراءة عند الخوارج

‌تمهيد في الولاية والبراءة عند الخوارج

الحب في الله والبغض في الله والولاية لأولياء الله والبراءة من أعداء الله، هذه مبادئ إسلامية مقررة، وعلى أساس تقريرها والالتزام بها يتحدد موقف المسلم من غير توليا أو تبريا، والخوارج بصفة عامة يلتزمون بهذا المبدأ ولكنهم ينحرفون في تطبيقه على مخالفيهم من المسلمين فيتبرأون منهم ولا يتولون إلا أنفسهم، فعلى أساس ضرورة الالتزام بمبدأ الولاية والبراءة يزن الخوارج أعمال مخالفيهم فيحددون موقفهم منهم وآراءهم فيهم، وإن كانوا –كما قلنا- ينحرفون في نظرتهم إلى غيرهم وما ينبني عليها من أحكام.

ونحب قبل أن نحدد رأي الخوارج في مخالفيهم وموقفهم منهم أن نقدم هذه الكلمة عن مبدأ الولاية والبراءة في نظر الخوارج بصفة عامة والإباضية بصفة خاصة، حيث عنيت مصادر هؤلاء ببيان حقيقتها وأهميتها ووجوبها والشرائط الموجبة لها والأدلة الشرعية على ذلك كله. يقول المبرد:"والخوارج في جميع أصنافها تبرأ من الكاذب ومن ذي المعصية الظاهرة"(1)، ومعروف أن الخوارج يعتبرون كل من سواهم، من أصحاب المعاصي الظاهرة.

والولاية والبراءة عند الإباضية تأتي في الأهمية بعد التوحيد، فمن لم يوال أو يعاد فإنه لا دين له، إذ أن صاحب الدين لابد أن يكون على أحد أمرين: إما مواليا لأولياء الله فهو مؤمن، أو مبغضا لهم فهو غير مؤمن.

ونوجز الحديث عنهم بما تدعو إليه الحاجة في هذا المقام مستغنين عن تفصيلاتهم الكثيرة في هذا الموضوع. فقد عرف الجيطالي الولاية بقوله: "والولاية في الشريعة: إيجاب الترحم والاستغفار للمسلمين"(2).

وعرفها النفوسي الإباضي بقوله:

فإن قيل ما معنى الولاية قل له

دعاؤك بالغفران والحب بالضمن (3)

(1)((الكامل)) للمبرد (2/ 106).

(2)

((قواعد الإسلام)) (ص45).

(3)

((متن النونية)) في عقيدة التوحيد (ص11).

ص: 7

ويستشهد الجيطالي على تفسيره للولاية والبراءة ووجوبهما من القرآن بقوله تعالى: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [محمد:19].ومن السنة بقول الرسول صلى الله عليه وسلم لابن مسعود: ((يا ابن مسعود أي عرى الإسلام أوثق؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: الولاية في الله والبغض في الله)) (1)(2).ويستشهد الإباضية كذلك على وجوبها بما روي عن ابن عمر أنه قيل له: إن فلانا يقرئك السلام، فقال رضي الله عنه:(لقد بلغني أنه يقول بالقدر فإذا كان باقيا على شيء من ذلك فلا تبلغه عني السلام). وبما روى أيضا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (من رأينا منه خيرا وظننا فيه خيرا، قلنا فيه خيرا وتوليناه، ومن رأينا منه شرا وظننا فيه شرا، قلنا فيه شرا وتبرأنا منه). وبقوله صلى الله عليه وسلم: ((من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله؛ فقد استكمل الإيمان)) (3)، وكذلك قوله تعالى: لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَه (4)[المجادلة:22].والولاية في الله والبراءة في الله كذلك تتمثل فيها حقيقة الإيمان، يقول الجيطالي في ذلك "وكذلك عند أصحابنا رحمهم الله الولاية في الله والبغض في الله هي حقيقة الإيمان، فمن لم يدن بها فلا دين له ولا ولاية له عندهم"(5)، ومن ثم كانت الولاية والبراءة من أوجب الواجبات بعد التوحيد، يقول النفوسي:

ومما يلي التوحيد في الضيق فرضه

براءة موسى مع ولاية محسن

فمن لم يوال أو يعاد فإنه

من الدين صفر الكف واهي التدين (6)

وتجب معرفة الولاية والبراءة عندهم عند بلوغ الشخص سن التكليف، فحينئذ لا عذر لمن يجهلها، وتكون في حقه "فريضة مضيقة من لم يعتقد فرضيتها فهو مشرك"(7)، ويجب على المكلف القيام بولايتين: ولاية جملة وهي باتفاق الأمة، وولاية أشخاص، وهذه فيها خلاف عندهم، وفي هذا يقول الجيطالي:"فليس بين الأمة اختلاف في ولاية الجملة، وإنما الاختلاف بينهم في ولاية الأشخاص"(8).وفي ذلك يقرر قطب الأئمة أن ولاية الجملة وبراءتها فرض على كل مسلم بنص الكتاب والسنة والإجماع، ولا يوجد خلاف إلا في ولاية الأشخاص وبراءتها هل هي واجبة أم غير واجبة؟ ثم يرجح أنها واجبة، بخلاف غيرهم فإنه لم يوجبها ويوضح هذا بقوله:"ولاية الجملة وبراءتها فريضتان بالكتاب والسنة والإجماع على كل مكلف عند بلوغه إن قامت عليه الحجة"، ثم قال:"وأما ولاية الأشخاص وبراءتها فواجبتان قياسا عليهما، ولورود أحاديث في حب الإخوان في الله ومدح حبهم في القرآن"(9).

ويقسم الإباضية الولاية إلى أقسام:1 - ولاية الجملة: ويمثلون لها بالأنبياء والرسل وأصحاب الكهف وأصحاب الأخدود والسحرة (10) وأمثالهم.

(1) رواه الطيالسي (1/ 50)، والطبراني (10/ 171)، والحاكم (2/ 522)، والبيهقي (10/ 233). قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (3/ 72) - تخريجا لسند الطبراني-: وهذا إسناد حسن في الشواهد والمتابعات، ورجاله ثقات، وفي بعضهم كلام لا يضر فيه.

(2)

((قواعد الإسلام)) (ص45).

(3)

رواه أبو داود (4681)، وابن أبي شيبة (7/ 130). والحديث سكت عنه أبو داود. وحسنه ابن حجر في ((هداية الرواة)) (1/ 71) – كما أشار لذلك في المقدمة -. وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): صحيح.

(4)

انظر: ((الإباضية في موكب التاريخ)) (ص86،87).

(5)

انظر: ((قواعد الإسلام)) (ص45).

(6)

((متن النونية)) (ص11).

(7)

((قواعد الإسلام)) (ص45).

(8)

((قواعد الإسلام)) (ص45).

(9)

((الإباضية في موكب التاريخ)) (ص84)، نقلا عن الشامل لأبي إسحاق.

(10)

يقصد سحرة آل فرعون.

ص: 8

2 -

ولاية الأفراد: وهذه تنقسم إلى قسمين: مسمى كآدم، وغير مسمى كمؤمن آل فرعون وأمثالهما.

3 -

ولاية الذكور وهم نوعان: الأنبياء والأولياء.

4 -

ولاية الإناث وهي نوعان أيضا: مسميات كمريم بنت عمران، وغير مسميات كامرأة فرعون وأمثالها.

وهذه الأقسام هي التي وردت في القرآن للأولياء الموصوفين بالعصمة والاصطفاء كما قال الجيطالي.

5 -

ولاية البيضة: أي ولاية الإمام العادل الذي لم يظهر منه ما يخل بإسلامه في أقوال وأفعاله.

6 -

ولاية الخارج من الشرك إلى الإسلام، وتكون عندما يدخل المشرك في الإسلام ويترك اقتراف المعاصي.7 - ولاية الخارج من مذهب مخالفيهم إلى مذهب أهل الوفاق (أي الإباضية)، وهذا لا يخلو إما أن يكون من المتدينين سابقا أو من غير المتدينين، فإذا كان من غير المتدينين فيكفي لولايته توبته ورجوعه إلى المسلمين، وأما إن كان من المتدينين فقد أوثقوه باجتيازه لشروط وامتحان عسير لولايته، يقول الجيطالي:"فالمتدين تكون ولايته حتى يرجع من مقالته إلى مقالة المسلمين قصدا، وأيضا يعدد أخطاءه ويتوب منها ويعترف فيها بالخطأ واحدة بعد أخرى"(1).

وكأن هذه الشروط وضعت للمتدين حتى لا يرجع إلى تدينه القديم على مذهب مخالفيهم الذي تاب منه ودخل في المذهب الإباضي معترفا بخطئه فيما سلف.

وليست الولاية في الله لأي إنسان اتفق، بل لابد فيها من شروط دينية دقيقة إذا توفرت في شخص ما حق له الولاية وفي هذا يقول السالمي:

ثم الولاية توحيدا تكون

وأخرى طاعة إن شرطها حصلا

كذا البراءة والشرط الذي وجبت

به الولاية أن تلفيه ممتثلا (2)

ومن شروط الإباضية التي يشترطونها في من يكون أهلا للولاية:

1 -

أن يظهر حلية وحالة ترضاها العين.

2 -

أن ينقل عنه الوفاء في الدين قولا وعملا.3 - سكوت القلب إلى ما تؤدي إليه الحواس لقوله صلى الله عليه وسلم: ((استفت قلبك)) (3).

ويقول أبو راس: إنه يجمعها قول الشيخ أبي نصر – أحد علمائهم:

إذا رضيت إذن وعين بما رأت

ووافق في دين الإله المهيمن (4)

‌المصدر:

الخوارج تاريخهم وآراؤهم الاعتقادية وموقف الإسلام منها لغالب عواجي– ص459

(1)((قواعد الإسلام)) (ص51).

(2)

((غاية المراد)) (ص11).

(3)

رواه أحمد (4/ 228)(18035) ، والدارمي (2/ 320) ، وأبو يعلى (3/ 162) ، من حديث وابصة بن معبد رضي الله عنه، قال النووي في ((المجموع)) (9/ 150): إسناده إسناد البخاري، وقال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (3/ 23): إسناده حسن، وقال الألباني في ((صحيح الترغيب)) (1734): حسن لغيره.

(4)

((غاية المراد)) (ص12).

ص: 9