المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني: موقف الخوارج من القعدة - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌ج- القول بجواز التقية القولية دون العملية

- ‌د- أدلة المانعين للتقية

- ‌هـ - أدلة القائلين بجواز التقية

- ‌المطلب الثاني: موقف الخوارج من القعدة

- ‌تمهيد في الولاية والبراءة عند الخوارج

- ‌1 - موقفهم من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم

- ‌ب- موقفهم من بعض كبار الصحابة

- ‌المطلب الثاني: موقف الخوارج من عامة المسلمين المخالفين لهم

- ‌أ- موقف الغلاة منهم:

- ‌ب- موقف المعتدلين منهم:

- ‌المطلب الثالث: موقف الخوارج من أهل الذمة

- ‌المطلب الرابع: حكم الخوارج في أطفال مخالفيهم

- ‌المبحث الأول: الحوار والمناقشة وإزالة الشبه

- ‌المبحث الثاني: الوعظ والنصيحة

- ‌المبحث الثالث: الترغيب والترهيب

- ‌المبحث الرابع: ذم الخوارج وذم صنيعهم، ونشر النصوص النبوية الواردة في حقهم

- ‌المبحث الخامس: تحذير الناس من مسلكهم ببيان سوء فعلتهم، وإنزال نصوص قرآنية فيهم حتى لا يغتر بهم

- ‌المبحث السادس: هجرهم

- ‌المبحث السابع: الإجابة عن أسئلتهم، وعدم صدهم، ومراسلتهم إن دعت الحاجة

- ‌المبحث الثامن: عدم الاعتداء عليهم بل السير فيهم السيرة العادلة

- ‌المبحث التاسع: إعطاء الأمان لمن رجع منهم ومحاولة استصلاحه، وإعلان الكف عمن كف منهم ورجع

- ‌المبحث العاشر: قتالهم

- ‌الفصل الحادي عشر: محاورات علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخوارج

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: دولة الإباضية في عُمان

- ‌المطلب الثاني: دولة الإباضية في المغرب

- ‌أولا: موقف الإباضية من سائر المخالفين

- ‌ثانيا: موقف الإباضية من الصحابة

- ‌المطلب الرابع: عقائد الإباضية

- ‌المطلب الخامس: فقه الإباضية

- ‌المبحث الثاني: جماعة التكفير والهجرة (جماعة المسلمين)

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌أولا: التأسيس

- ‌ثانيا: من أبرز الشخصيات

- ‌المطلب الثالث: الأفكار والمعتقدات

- ‌المطلب الرابع: مبادئهم وأصولهم

- ‌أولا: مبدأ الحد الأدنى من الإسلام

- ‌ثانيا: مبدأ قاعدة التبين

- ‌ثالثا: مبدأ قاعدة تعارض الفرائض

- ‌رابعا: تكفيرهم لمرتكبي الكبائر:

- ‌خامسا: زعمهم أنهم جماعة آخر الزمان

- ‌سادسا: دعواهم أن زعيمهم هو المهدي المنتظر

- ‌سابعا: زعمهم بتميز جماعتهم

- ‌ثامنا: دعواتهم إلى الأمية ومحاربة التعليم

- ‌تاسعا: دعوتهم إلى اعتزال المجتمع

- ‌المطلب الخامس: أخطاؤهم في المنهج

- ‌أولا: أقوالهم في فهم الكتاب والسنة

- ‌ثانيا: ردهم للإجماع

- ‌ثالثا: طعنهم في الصحابة وردهم لأقوالهم

- ‌رابعا: آراؤهم في التقليد

- ‌المطلب السادس: أماكن الانتشار

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المبحث الأول: الحكم بتكفير الخوارج

- ‌المبحث الثاني: الحكم بعدم تكفير الخوارج

- ‌المبحث الثالث: تعقيب على إطلاق الحكم بالتكفير

- ‌مراجع للتوسع

- ‌المبحث الأول: الشيعة لغة

- ‌المبحث الثاني: الشيعة اصطلاحاً

- ‌الفصل الثاني: متى ظهر التشيع

- ‌الفصل الثالث: المراحل التي مر بها مفهوم التشيع

- ‌الفصل الرابع: أسماء الشيعة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: السبب في تفرق الشيعة

- ‌المبحث الثاني: عدد فرقهم

- ‌المبحث الثالث: السبب في عدم اتفاق العلماء على عدد فرق الشيعة

- ‌المطلب الأول: التعريف بالسبئية ومؤسسها

- ‌المطلب الثاني: الأفكار اليهودية المدسوسة

- ‌المطلب الثالث: منكروا ابن سبأ والرد عليهم

- ‌المطلب الرابع: عقيدة ابن سبأ وضلالاته

- ‌المطلب الخامس: موقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأهل بيته من ابن سبأ

- ‌المطلب السادس: موقف أتباع عبد الله بن سبأ لما سمعوا بمقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

- ‌المطلب السابع: موقف أهل بيت النبي الكريم من ابن سبأ

- ‌المبحث الثاني: الكيسانية

- ‌المطلب الأول: كيف صارت الكيسانية مختارية

- ‌المطلب الثاني: مؤسس المختارية (المختار بن أبي عبيد الثقفي)

- ‌المطلب الثالث: التعريف بمحمد بن الحنفية واختلاف الشيعة بعده

- ‌المبحث الرابع: الزيدية

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: نشأة الزيدية

- ‌المطلب الثالث: موقف زيد من حكام بني أمية

- ‌المطلب الرابع: الأفكار والمعتقدات

- ‌المطلب الخامس: الجذور الفكرية والعقائدية

- ‌المطلب السادس: موقفهم من الإمامة

- ‌المطلب السابع: آراء زيد والزيدية

- ‌الجارودية:

- ‌البترية:

- ‌زيدية الجيل والديلم:

- ‌زيدية اليمن:

- ‌المطلب التاسع: فرق جارودية اليمن

- ‌1 - الحُسَيْنية:

- ‌2 - المُطَّرِّفية:

- ‌3 - المخترعة:

- ‌المطلب العاشر: أئمة الزيدية ودورهم في نشر القبورية في اليمن

- ‌المطلب الحادي عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المطلب الأول: معنى الرافضة لغة واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: سبب تسميتهم بالرافضة

- ‌المطلب الثالث: وقت وجودهم قبل اتصالهم بزيد

- ‌المطلب الرابع: أسماؤهم قبل اتصالهم بزيد

- ‌المطلب الخامس: فرق الروافض

- ‌المطلب السادس: أسماء الاثنا عشرية وسبب تلك التسميات

- ‌المطلب السابع: سبب انتشار مذهب الرافضة (الاثنا عشرية) وأماكن انتشارهم

- ‌المطلب الثامن: أهم الأماكن التي انتشر فيها هذا المذهب

- ‌المطلب التاسع: فرق الاثني عشرية وانقسامها

- ‌الفصل السابع: دول الشيعة والتأثير في المذهب

- ‌الفصل الثامن: أثر الفلسفة القديمة في الشيعة

- ‌المبحث الأول: معنى نزعة التشيع

- ‌المبحث الثاني: نشأة التشيع

- ‌المبحث الثالث: أثر النزعة المذهبية

- ‌المبحث الرابع: نزعة التشيع

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الرواة الشيعة:

- ‌المطلب الثاني: المصنفات الشيعية

- ‌المبحث السادس: تناقض كتب الشيعة الإمامية الاثني عشرية

- ‌المبحث الأول: أقسام أخبار الشيعة

- ‌المبحث الثاني: الأدلة عند الشيعة

- ‌المبحث الثالث: طبقات الشيعة

- ‌المبحث الأول: بداية وضع الأخبار

- ‌المبحث الثاني: الأصول الأربعمائة

- ‌المبحث الثالث: الجرح والتعديل عند الشيعة والرافضة

- ‌المبحث الرابع: مفهوم السنة عندهم

- ‌المبحث الخامس: مراتب الحديث

- ‌المبحث السادس: التعارض والترجيح

- ‌المبحث السابع: الكتب الأربعة

- ‌الفصل الثاني عشر: التفسير وأصوله عند الشيعة الاثني عشرية

- ‌المبحث الأول: القرآن الصامت والقرآن الناطق

- ‌المطلب الأول: الإمام كالنبي

- ‌المطلب الثاني: مذهب الإخباريين

- ‌المطلب الثالث: قول الأصوليين

- ‌المطلب الرابع: النسخ بعد عصر النبوة

- ‌المطلب الخامس: التخصيص

- ‌المطلب السادس: كتمان الحكم تقية أو للتدرج

- ‌المطلب الأول: حجية الظواهر

- ‌المطلب الثاني: الباطن

- ‌المطلب الأول: لماذا قالوا بالتحريف

- ‌المطلب الثاني: أشهر كتب الغلاة

- ‌المطلب الثالث: سورة الولاية في كتاب دبستان المذاهب

- ‌المطلب الرابع: من القائلون بالتحريف

- ‌المطلب الخامس: معتدلو الشيعة يتصدون لحركة الغلاة

- ‌المطلب السادس: كتب التفسير الشيعي في القرن الثالث

- ‌الكتاب الأول: تفسير الحسن العسكري

- ‌الكتاب الثاني: تفسير القمي

- ‌الكتاب الثالث: تفسير العياشي

- ‌المطلب الأول: أصول التفسير عند الطوسي والطبرسي

- ‌المطلب الثاني: الفرق بينهما وبين الجمهور

- ‌المطلب الأول: تفسير الصافي

- ‌المطلب الثاني: (البرهان في تفسير القرآن)

- ‌المطلب الثالث: بحار الأنوار

- ‌المطلب الرابع: تأويل الآيات الباهرة

- ‌المطلب الخامس: تفسير شبر:

- ‌المطلب السادس: كنز العرفان

- ‌المطلب السابع: زبدة البيان

- ‌المطلب الثامن: الميزان

- ‌المطلب التاسع: التفسير الكاشف

- ‌المطلب العاشر: البيان

- ‌المبحث السادس: نظرة عامة لباقي كتب التفسير

- ‌الفصل الثالث عشر: الشيعة ومخالفتهم أهل البيت

- ‌الفصل الرابع عشر: موقف الشيعة من الصحابة

- ‌المطلب الأول: موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الصديق

- ‌المطلب الثاني: موقف ابن عباس من الصديق

- ‌المطلب الثالث: موقف الحسن بن علي رضي الله عنهما من الصديق

- ‌المطلب الرابع: موقف الإمام الرابع علي بن الحسن بن علي من الصديق

- ‌المطلب الخامس: موقف محمد بن علي بن الحسين الملقب بالباقر من الصديق

- ‌المطلب السادس: موقف جعفر بن محمد بن علي من الصديق

- ‌المطلب السابع: موقف الحسن العسكري

- ‌المطلب الثامن: موقف زيد بن علي بن الحسين

- ‌المطلب التاسع: موقف سلمان الفارسي الصحابي الجليل

- ‌المطلب العاشر: خلافة الصديق

- ‌المطلب الحادي عشر: اقتداء علي بالصديق في الصلوات وقبوله الهدايا منه

- ‌المطلب الثاني عشر: مساعدة الصديق في تزويج علي من فاطمة

- ‌المطلب الثالث عشر: المصاهرات بين الصديق وآل البيت

- ‌المطلب الرابع عشر: قضية فدك

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الفاروق عمر رضي الله عنه

- ‌المطلب الثاني: مدح أهل البيت الفاروق

- ‌المطلب الثالث: تزويج المرتضى أم كلثوم من الفاروق

- ‌المطلب الرابع: إكرام الفاروق أهل البيت واحترامه إياهم

- ‌المطلب الخامس: حب آل البيت ومبايعتهم إياه

- ‌المبحث الثالث: موقف أهل البيت من ذي النورين

- ‌الفصل السادس عشر: موقف الشيعة من الخلفاء الراشدين الثلاثة

- ‌الفصل السابع عشر: موقف أهل البيت من أعداء الخلفاء الراشدين

- ‌المبحث الأول: موقف علي رضي الله عنه من الشيعة

- ‌المطلب الأول: رفض التشيع المطلق، وتقييده بالكتاب والسنة

- ‌المطلب الثاني: التصريح بقول من يُكذب عليه حتى لا تنتشر الشائعات

- ‌المطلب الثالث: الإعلام والإعلان بالحق لدحض الشبهات

- ‌المطلب الرابع: الرد على الشبهات، وتوضيح المشكلات التي يروج لها حال ظهورها

- ‌المطلب الخامس: المناقشة والاحتجاج

- ‌المطلب السادس: البيان والإيضاح قبل إيقاع العقوبة

- ‌المطلب السابع: إيقاع العقوبة على من جاء بالبدعة ولو ادعى التشيع

- ‌المطلب الثامن: التحذير منهم ومن كلامهم، وزجر من ينقل أقوالهم

- ‌المطلب التاسع: التحذير من غدر الشيعة بأئمتها، وبيان أنه لا يوثق بهم ولا بتشيعهم

- ‌المطلب العاشر: إعلان البراءة ممن يتخذ التشيع له ستارا لنشر البدع وهدم الدين

- ‌المطلب الحادي عشر: الوصية بالاعتدال في الحب، وبيان معنى التشيع الحق المطلوب لآل البيت

- ‌المطلب الثاني عشر: حكمهم

- ‌الفصل الثامن عشر: موقف الشيعة الاثني عشرية من الأئمة الأربعة:

- ‌المبحث الأول: عداء الشيعة الاثني عشرية للأئمة الأربعة:

- ‌المبحث الثاني: اتهام الأئمة الأربعة بإحداث مذاهب مخالفة للكتاب والسنة

- ‌المبحث الثالث: دعوى الإمامية أن المذاهب الأربعة تجري وفق هوى السلطات:

الفصل: ‌المطلب الثاني: موقف الخوارج من القعدة

‌المطلب الثاني: موقف الخوارج من القعدة

اختلف موقف الخوارج تجاه القعدة وتباينت أقوالهم فكانوا فيهم على رأيين:

أ- الرأي الأول: هو اعتبار القعدة من أهل البراءة وأنهم كفار كمخالفيهم من بقية الناس، وهذا الرأي قد ذهبت إليه الأزارقة وعلى رأسهم نافع بن الأزرق وهو من إحداثه التي عددها الأشعري في قوله عنه:"والذي أحدثه البراءة من القعدة والمحنة لمن قصد عسكره وإكفار من لم يهاجر إليه"(1).وقد جاء في كتابه إلى أهل البصرة الذين عابهم فيه بالقعود بين مخالفيهم الظالمين، غير ملتفتين إلى ما يناديهم به القرآن الكريم من آيات تحثهم على الخروج وعلى وجوب جهاد مخالفيهم وتذم القعود – جاء في هذا الكتاب قوله لهم: "والله إنكم لتعلمون أن الشريعة واحدة والدين واحد ففيم المقام بين أظهر الكفار؟ ترون الظلم ليلا ونهارا، وقد ندبكم الله إلى الجهاد فقال: وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً [التوبة: 36]، ولم يجعل لكم في التخلف عذرا في حال من الحال فقال: انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً [التوبة: 41] ، وإنما عذر الضعفاء والمرضى والذين لا يجدون ما ينفقون ومن كانت إقامته لعلة، ثم فضل عليهم مع ذلك المجاهدين فقال: لَاّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ [النساء: 95] ، (2).

وقد اشتد عنف الأزارقة على القعدة فأجمعوا على أنهم مشركون وإن كانوا من موافقيهم في الرأي، يقول البغدادي:"ومنها – يعني من بدع الأزارقة – قولهم: إن القعدة ممن كان على رأيهم عن الهجرة إليهم مشركون، وإن كانوا على رأيهم". وهكذا عند الشهرستاني وابن حزم وابن الجوزي وابن الأثير وغيرهم من علماء الفرق والتاريخ.

ب- الرأي الثاني:

هو القول بأن القعدة غير كفار ولا مشركين، وأن القعود ليس فيه بأس ما دام الشخص على عقيدة راسخة وولاء تام وكره لمخالفيهم، وعلى هذا بعض فرق الخوارج، ومن هؤلاء: النجدات وهم من قدماء الخوارج، فقد رأوا أن القعود بين المخالفين تحت ستار التقية أمر لا غبار عليه حتى ولو بلغت التقية قتل من هم على رأيهم تنفيذا لأوامر مخالفيهم المقيمين معهم. ولقد كان قول نافع بإكفار القعدة سببا في رجوع نجدة عن الانضمام إليه، وذلك أنه قد أراد اللحاق بعسكر نافع للانضمام إليه، ولكنه في أثناء الطريق لقيه جماعة من أصحاب نافع الذين كانوا في جيشه فأخبروه بأن نافعا قد ابتدع بدعا منكرة ومنها تكفيره للقعدة وأنهم خرجوا عنه بسبب ما أحدث من أحداث، وكان من بين هؤلاء: أبو فديك وعطية الحنفي وراشد الطويل ومقلاص وأيوب الأزرق وغيرهم، ثم ثنوا نجدة عن عزمه ورجع إلى اليمامة ناقما على نافع تلك الأحداث ومنها تكفيره القعدة، وقد اشتد في خلافه مع نافع في هذه المسألة فاعتبر القول بإكفار القعدة كفرا من قائله، يقول البغدادي عن النجدات:"وكفروا من قال بإكفار القعدة منهم عن الهجرة إليهم"(3).ويقول الشهرستاني في هذا حاكيا عن الكعبي: "وحكى الكعبي عن النجدات أن التقية جائزة في القول والعمل كله وإن كان في قتل النفوس"(4).

(1)((المقالات)) (1/ 169).

(2)

((الكامل)) (2/ 179).

(3)

((الفرق بين الفرق)) (ص87).

(4)

((الملل والنحل)) (1/ 124).

ص: 4

وقد جاء في كتاب نجدة الذي وجهه إلى نافع عتاب شديد له بسبب تكفيره القعدة، يقول فيه: "وأكفرت الذين عذرهم الله في كتابه من قعدة المسلمين وضعفتهم فقال جل ثناؤه وقوله الحق ووعده الصدق: لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ [التوبة: 19]، ثم سماهم بأحسن الأسماء فقال: مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ

" إلخ. فلما قرأ نافع كتاب نجدة أجاب عن كل مسألة فيه، أما بخصوص القعدة فقد قال مدافعا عن رأيه: "وعبت علي ما دنت به من إكفار القعدة وقتل الأطفال واستحلال الأمانة، وسأفسر لك لم ذلك إن شاء الله أما هؤلاء القعدة فليسوا كمن ذكرت ممن كان بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم كانوا بمكة مقهورين محصورين لا يجدون إلى الهرب سبيلا ولا إلى الاتصال بالمسلمين طريقا، وهؤلاء قد فقهوا في الدين وقرأوا القرآن، والطريق لهم نهج واضح وقد عرفت ما يقول الله فيمن كان مثلهم إذ قال: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا [النساء: 97]، وقال: فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللهِ [التوبة: 81]، وقال: وَجَاء الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُواْ اللهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [التوبة: 90]، فخبر بتعذيرهم وأنهم كذبوا الله ورسوله، وقال: سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [التوبة: 90] ، فانظر إلى أسمائهم وسماتهم" (1). وهكذا تباين موقف الأزارقة والنجدات في القعدة. ولكن نجد بعض العلماء يذكر عن النجدات خلاف ما تقدم، فالأشعري يذكر عنهم قولهم: إن "من ثقل عن هجرتهم فهو منافق" (2).ويقول ابن حزم عنهم كذلك "وقالوا من ضعف عن الهجرة إلى عسكرهم فهو منافق، واستحلوا دم القعدة وأموالهم" (3).

فهناك حكمان: الأول هو تجويزهم القعود على سبيل التقية، والثاني الذي يذكره الأشعري وابن حزم هنا أنهم يرون أن من ضعف عن الهجرة إليهم فهو منافق، وهذا يشير إلى أنهم يحرمون القعود باعتباره نفاقا، مع العلم بأن قعود المستضعف لا يكون إلا تقية، والتقية عند النجدات جائزة لا شيء فيها، فهل هم يجيزون التقية ويحرمون القعود على سبيل التقية؟ وهذا تناقض، وهو خلاف المشهور عنهم من تجويزهم القعود والتقية.

(1) انظر: ((العقد الفريد)) (2/ 396 - 398).

(2)

((المقالات)) (1/ 175).

(3)

((الفصل)) (4/ 190).

ص: 5

وقد سبق القول – كما ذكرنا آنفا- أنهم لا يرون بالقعود بأسا، بل إنهم يعتبرون من يكفر القاعد عن الهجرة إليهم كافرا، وبذلك يتضح أن الحكم الأول أولى بالقبول عن النجدات لكثرة رواته عنهم وشهرتهم به واتساقه مع مذهبهم في القول بالتقية، بخلاف رواية الأشعري وابن حزم التي تتناقض مع قولهم هذا وهو تجويز التقية، بالإضافة إلى أن ما ذكر على لسان نجدة في أمر القعدة في خطابه إلى نافع بن الأزرق لا ينبغي أن يقابل برواية أخرى تخالفه. أما العوفية من البيهسية فقد أجازت القعود كالنجدات ورأت أن لا بأس به إلا لمن قد هاجر أو خرج مهاجرا، فإنهم اختلفوا فيه على فرقتين:"فرقة تقول: من رجع من دار هجرتهم ومن الجهاد إلى حال القعود نبرأ منهم، وفرقة تقول: لا نبرأ منهم؛ لأنهم رجعوا إلى أمر كان حلالا لهم"(1). وهذا نص الأشعري ومثله البغدادي والشهرستاني. وقد أجازت القعود فرقة المعلومية أيضا فتولوا القعدة، قال البغدادي:"وهذه الفرقة – يعني المعلومية – تدعي إمامة من كان على دينها وخرج بسيفه على أعدائه من غير براءة منهم عن القعدة عنهم"(2).أما الصفرية فإنهم لم يكفروا القعدة إذا كانوا من موافقيهم، يقول الشهرستاني عنهم:"إنهم لم يكفروا القعدة عن القتال إذا كانوا موافقين في الدين والاعتقاد"(3)، بل غالوا في تجويزها حتى صار عامتهم قعدا كما ذكر المبرد (4).وهكذا العجاردة فإنهم قد اعتبروا القعدة المعروفين بحب الدين والتمسك به من أهل ولايتهم وإن كانوا مقيمين بين مخالفيهم، إلا أنهم فضلوا الهجرة إليهم ولم يوجبوها كالأزارقة، فهم "يتولون القعدة إذا عرفوهم بالديانة ويرون الهجرة فضيلة لا فريضة"، وهذا القول موافق لما تقوله الإباضية في هذا الباب كما يقول صاحب كتاب (الأديان الإباضي)(5).

ولعل موقف أصحاب هذا الرأي الأخير من القعدة أكثر تسامحا من موقف الأزارقة المتشدد إلى درجة الغلو حتى مع من هم على مثل رأيهم بمجرد وجودهم مع المخالفين لهم من عامة المسلمين.

‌المصدر:

الخوارج تاريخهم وآراؤهم الاعتقادية وموقف الإسلام منها لغالب عواجي– ص454

(1)((المقالات)) (1/ 192)((الفرق بين الفرق)) (ص109)((الملل والنحل)) (1/ 126).

(2)

((الفرق بين الفرق)) (ص97).

(3)

((الملل والنحل)) (1/ 137).

(4)

((الكامل)) (2/ 180).

(5)

كتاب ((الأديان والفرق)) (ص104).

ص: 6