المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الرابع: الرد على الشبهات، وتوضيح المشكلات التي يروج لها حال ظهورها - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌ج- القول بجواز التقية القولية دون العملية

- ‌د- أدلة المانعين للتقية

- ‌هـ - أدلة القائلين بجواز التقية

- ‌المطلب الثاني: موقف الخوارج من القعدة

- ‌تمهيد في الولاية والبراءة عند الخوارج

- ‌1 - موقفهم من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم

- ‌ب- موقفهم من بعض كبار الصحابة

- ‌المطلب الثاني: موقف الخوارج من عامة المسلمين المخالفين لهم

- ‌أ- موقف الغلاة منهم:

- ‌ب- موقف المعتدلين منهم:

- ‌المطلب الثالث: موقف الخوارج من أهل الذمة

- ‌المطلب الرابع: حكم الخوارج في أطفال مخالفيهم

- ‌المبحث الأول: الحوار والمناقشة وإزالة الشبه

- ‌المبحث الثاني: الوعظ والنصيحة

- ‌المبحث الثالث: الترغيب والترهيب

- ‌المبحث الرابع: ذم الخوارج وذم صنيعهم، ونشر النصوص النبوية الواردة في حقهم

- ‌المبحث الخامس: تحذير الناس من مسلكهم ببيان سوء فعلتهم، وإنزال نصوص قرآنية فيهم حتى لا يغتر بهم

- ‌المبحث السادس: هجرهم

- ‌المبحث السابع: الإجابة عن أسئلتهم، وعدم صدهم، ومراسلتهم إن دعت الحاجة

- ‌المبحث الثامن: عدم الاعتداء عليهم بل السير فيهم السيرة العادلة

- ‌المبحث التاسع: إعطاء الأمان لمن رجع منهم ومحاولة استصلاحه، وإعلان الكف عمن كف منهم ورجع

- ‌المبحث العاشر: قتالهم

- ‌الفصل الحادي عشر: محاورات علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخوارج

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: دولة الإباضية في عُمان

- ‌المطلب الثاني: دولة الإباضية في المغرب

- ‌أولا: موقف الإباضية من سائر المخالفين

- ‌ثانيا: موقف الإباضية من الصحابة

- ‌المطلب الرابع: عقائد الإباضية

- ‌المطلب الخامس: فقه الإباضية

- ‌المبحث الثاني: جماعة التكفير والهجرة (جماعة المسلمين)

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌أولا: التأسيس

- ‌ثانيا: من أبرز الشخصيات

- ‌المطلب الثالث: الأفكار والمعتقدات

- ‌المطلب الرابع: مبادئهم وأصولهم

- ‌أولا: مبدأ الحد الأدنى من الإسلام

- ‌ثانيا: مبدأ قاعدة التبين

- ‌ثالثا: مبدأ قاعدة تعارض الفرائض

- ‌رابعا: تكفيرهم لمرتكبي الكبائر:

- ‌خامسا: زعمهم أنهم جماعة آخر الزمان

- ‌سادسا: دعواهم أن زعيمهم هو المهدي المنتظر

- ‌سابعا: زعمهم بتميز جماعتهم

- ‌ثامنا: دعواتهم إلى الأمية ومحاربة التعليم

- ‌تاسعا: دعوتهم إلى اعتزال المجتمع

- ‌المطلب الخامس: أخطاؤهم في المنهج

- ‌أولا: أقوالهم في فهم الكتاب والسنة

- ‌ثانيا: ردهم للإجماع

- ‌ثالثا: طعنهم في الصحابة وردهم لأقوالهم

- ‌رابعا: آراؤهم في التقليد

- ‌المطلب السادس: أماكن الانتشار

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المبحث الأول: الحكم بتكفير الخوارج

- ‌المبحث الثاني: الحكم بعدم تكفير الخوارج

- ‌المبحث الثالث: تعقيب على إطلاق الحكم بالتكفير

- ‌مراجع للتوسع

- ‌المبحث الأول: الشيعة لغة

- ‌المبحث الثاني: الشيعة اصطلاحاً

- ‌الفصل الثاني: متى ظهر التشيع

- ‌الفصل الثالث: المراحل التي مر بها مفهوم التشيع

- ‌الفصل الرابع: أسماء الشيعة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: السبب في تفرق الشيعة

- ‌المبحث الثاني: عدد فرقهم

- ‌المبحث الثالث: السبب في عدم اتفاق العلماء على عدد فرق الشيعة

- ‌المطلب الأول: التعريف بالسبئية ومؤسسها

- ‌المطلب الثاني: الأفكار اليهودية المدسوسة

- ‌المطلب الثالث: منكروا ابن سبأ والرد عليهم

- ‌المطلب الرابع: عقيدة ابن سبأ وضلالاته

- ‌المطلب الخامس: موقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأهل بيته من ابن سبأ

- ‌المطلب السادس: موقف أتباع عبد الله بن سبأ لما سمعوا بمقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

- ‌المطلب السابع: موقف أهل بيت النبي الكريم من ابن سبأ

- ‌المبحث الثاني: الكيسانية

- ‌المطلب الأول: كيف صارت الكيسانية مختارية

- ‌المطلب الثاني: مؤسس المختارية (المختار بن أبي عبيد الثقفي)

- ‌المطلب الثالث: التعريف بمحمد بن الحنفية واختلاف الشيعة بعده

- ‌المبحث الرابع: الزيدية

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: نشأة الزيدية

- ‌المطلب الثالث: موقف زيد من حكام بني أمية

- ‌المطلب الرابع: الأفكار والمعتقدات

- ‌المطلب الخامس: الجذور الفكرية والعقائدية

- ‌المطلب السادس: موقفهم من الإمامة

- ‌المطلب السابع: آراء زيد والزيدية

- ‌الجارودية:

- ‌البترية:

- ‌زيدية الجيل والديلم:

- ‌زيدية اليمن:

- ‌المطلب التاسع: فرق جارودية اليمن

- ‌1 - الحُسَيْنية:

- ‌2 - المُطَّرِّفية:

- ‌3 - المخترعة:

- ‌المطلب العاشر: أئمة الزيدية ودورهم في نشر القبورية في اليمن

- ‌المطلب الحادي عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المطلب الأول: معنى الرافضة لغة واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: سبب تسميتهم بالرافضة

- ‌المطلب الثالث: وقت وجودهم قبل اتصالهم بزيد

- ‌المطلب الرابع: أسماؤهم قبل اتصالهم بزيد

- ‌المطلب الخامس: فرق الروافض

- ‌المطلب السادس: أسماء الاثنا عشرية وسبب تلك التسميات

- ‌المطلب السابع: سبب انتشار مذهب الرافضة (الاثنا عشرية) وأماكن انتشارهم

- ‌المطلب الثامن: أهم الأماكن التي انتشر فيها هذا المذهب

- ‌المطلب التاسع: فرق الاثني عشرية وانقسامها

- ‌الفصل السابع: دول الشيعة والتأثير في المذهب

- ‌الفصل الثامن: أثر الفلسفة القديمة في الشيعة

- ‌المبحث الأول: معنى نزعة التشيع

- ‌المبحث الثاني: نشأة التشيع

- ‌المبحث الثالث: أثر النزعة المذهبية

- ‌المبحث الرابع: نزعة التشيع

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الرواة الشيعة:

- ‌المطلب الثاني: المصنفات الشيعية

- ‌المبحث السادس: تناقض كتب الشيعة الإمامية الاثني عشرية

- ‌المبحث الأول: أقسام أخبار الشيعة

- ‌المبحث الثاني: الأدلة عند الشيعة

- ‌المبحث الثالث: طبقات الشيعة

- ‌المبحث الأول: بداية وضع الأخبار

- ‌المبحث الثاني: الأصول الأربعمائة

- ‌المبحث الثالث: الجرح والتعديل عند الشيعة والرافضة

- ‌المبحث الرابع: مفهوم السنة عندهم

- ‌المبحث الخامس: مراتب الحديث

- ‌المبحث السادس: التعارض والترجيح

- ‌المبحث السابع: الكتب الأربعة

- ‌الفصل الثاني عشر: التفسير وأصوله عند الشيعة الاثني عشرية

- ‌المبحث الأول: القرآن الصامت والقرآن الناطق

- ‌المطلب الأول: الإمام كالنبي

- ‌المطلب الثاني: مذهب الإخباريين

- ‌المطلب الثالث: قول الأصوليين

- ‌المطلب الرابع: النسخ بعد عصر النبوة

- ‌المطلب الخامس: التخصيص

- ‌المطلب السادس: كتمان الحكم تقية أو للتدرج

- ‌المطلب الأول: حجية الظواهر

- ‌المطلب الثاني: الباطن

- ‌المطلب الأول: لماذا قالوا بالتحريف

- ‌المطلب الثاني: أشهر كتب الغلاة

- ‌المطلب الثالث: سورة الولاية في كتاب دبستان المذاهب

- ‌المطلب الرابع: من القائلون بالتحريف

- ‌المطلب الخامس: معتدلو الشيعة يتصدون لحركة الغلاة

- ‌المطلب السادس: كتب التفسير الشيعي في القرن الثالث

- ‌الكتاب الأول: تفسير الحسن العسكري

- ‌الكتاب الثاني: تفسير القمي

- ‌الكتاب الثالث: تفسير العياشي

- ‌المطلب الأول: أصول التفسير عند الطوسي والطبرسي

- ‌المطلب الثاني: الفرق بينهما وبين الجمهور

- ‌المطلب الأول: تفسير الصافي

- ‌المطلب الثاني: (البرهان في تفسير القرآن)

- ‌المطلب الثالث: بحار الأنوار

- ‌المطلب الرابع: تأويل الآيات الباهرة

- ‌المطلب الخامس: تفسير شبر:

- ‌المطلب السادس: كنز العرفان

- ‌المطلب السابع: زبدة البيان

- ‌المطلب الثامن: الميزان

- ‌المطلب التاسع: التفسير الكاشف

- ‌المطلب العاشر: البيان

- ‌المبحث السادس: نظرة عامة لباقي كتب التفسير

- ‌الفصل الثالث عشر: الشيعة ومخالفتهم أهل البيت

- ‌الفصل الرابع عشر: موقف الشيعة من الصحابة

- ‌المطلب الأول: موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الصديق

- ‌المطلب الثاني: موقف ابن عباس من الصديق

- ‌المطلب الثالث: موقف الحسن بن علي رضي الله عنهما من الصديق

- ‌المطلب الرابع: موقف الإمام الرابع علي بن الحسن بن علي من الصديق

- ‌المطلب الخامس: موقف محمد بن علي بن الحسين الملقب بالباقر من الصديق

- ‌المطلب السادس: موقف جعفر بن محمد بن علي من الصديق

- ‌المطلب السابع: موقف الحسن العسكري

- ‌المطلب الثامن: موقف زيد بن علي بن الحسين

- ‌المطلب التاسع: موقف سلمان الفارسي الصحابي الجليل

- ‌المطلب العاشر: خلافة الصديق

- ‌المطلب الحادي عشر: اقتداء علي بالصديق في الصلوات وقبوله الهدايا منه

- ‌المطلب الثاني عشر: مساعدة الصديق في تزويج علي من فاطمة

- ‌المطلب الثالث عشر: المصاهرات بين الصديق وآل البيت

- ‌المطلب الرابع عشر: قضية فدك

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الفاروق عمر رضي الله عنه

- ‌المطلب الثاني: مدح أهل البيت الفاروق

- ‌المطلب الثالث: تزويج المرتضى أم كلثوم من الفاروق

- ‌المطلب الرابع: إكرام الفاروق أهل البيت واحترامه إياهم

- ‌المطلب الخامس: حب آل البيت ومبايعتهم إياه

- ‌المبحث الثالث: موقف أهل البيت من ذي النورين

- ‌الفصل السادس عشر: موقف الشيعة من الخلفاء الراشدين الثلاثة

- ‌الفصل السابع عشر: موقف أهل البيت من أعداء الخلفاء الراشدين

- ‌المبحث الأول: موقف علي رضي الله عنه من الشيعة

- ‌المطلب الأول: رفض التشيع المطلق، وتقييده بالكتاب والسنة

- ‌المطلب الثاني: التصريح بقول من يُكذب عليه حتى لا تنتشر الشائعات

- ‌المطلب الثالث: الإعلام والإعلان بالحق لدحض الشبهات

- ‌المطلب الرابع: الرد على الشبهات، وتوضيح المشكلات التي يروج لها حال ظهورها

- ‌المطلب الخامس: المناقشة والاحتجاج

- ‌المطلب السادس: البيان والإيضاح قبل إيقاع العقوبة

- ‌المطلب السابع: إيقاع العقوبة على من جاء بالبدعة ولو ادعى التشيع

- ‌المطلب الثامن: التحذير منهم ومن كلامهم، وزجر من ينقل أقوالهم

- ‌المطلب التاسع: التحذير من غدر الشيعة بأئمتها، وبيان أنه لا يوثق بهم ولا بتشيعهم

- ‌المطلب العاشر: إعلان البراءة ممن يتخذ التشيع له ستارا لنشر البدع وهدم الدين

- ‌المطلب الحادي عشر: الوصية بالاعتدال في الحب، وبيان معنى التشيع الحق المطلوب لآل البيت

- ‌المطلب الثاني عشر: حكمهم

- ‌الفصل الثامن عشر: موقف الشيعة الاثني عشرية من الأئمة الأربعة:

- ‌المبحث الأول: عداء الشيعة الاثني عشرية للأئمة الأربعة:

- ‌المبحث الثاني: اتهام الأئمة الأربعة بإحداث مذاهب مخالفة للكتاب والسنة

- ‌المبحث الثالث: دعوى الإمامية أن المذاهب الأربعة تجري وفق هوى السلطات:

الفصل: ‌المطلب الرابع: الرد على الشبهات، وتوضيح المشكلات التي يروج لها حال ظهورها

‌المطلب الرابع: الرد على الشبهات، وتوضيح المشكلات التي يروج لها حال ظهورها

لما كانت بدع الشيعة السبئية بدأت تروج في عهد علي رضي الله عنه، وبدأت مزاعم السبئية تلوكها الألسن؛ تصدى علي رضي الله عنه فرد الشبهات وأوضح المشكلات في حينها، وهذا هو الواجب ألا يؤخر بيان الحق فتتشرب النفوس بالشبهات، لذلك لما ظن أن عند علي رضي الله عنه علما خاصا ليس عند غيره، وسئل عن ذلك بادر بالرد، ونفى ذلك كما تقدم سؤال أبي جحيفة له. وفي حادثة أخرى يحدث أبو الطفيل عامر بن واثلة (1) فيقول: سئل علي رضي الله عنه: "هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء؟ فقال: ما خصنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء لم يعلم به الناس كافة إلا كتاب في قراب سيفي هذا، قال: فأخرج صحيفة مكتوب فيها: لعن الله من لعن والده، ولعن الله من آوى محدثا، ولعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من سرق منار الأرض"(2).

انظر – رعاك الله – فقه علي إذا لم يكتف رضي الله عنه بالإخبار بل عضد ذلك بشيء محسوس وأخرج الصحيفة ونشرها للناس وقرأها عليهم حتى لا يأتي مدع ويزعم أن في الصحيفة علما خاصا. ويأتيه رجل ويقول له: "ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر إليك؟ فيغضب رضي الله عنه وأرضاه ويقول: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر إلي شيئا يكتم الناس غير أنه قد حدثني بكلمات أربع. فقال: ما هن يا أمير المؤمنين؟ قال: ((لعن الله من لعن والده

)) الحديث (3).ويقوم خطيبا رضي الله عنه ويقول: من زعم أن عندنا شيئا نقرأه إلا كتاب الله عز وجل وهذه الصحيفة فقد كذب (4).

(1) هو: أبو الطفيل عامر بن واثلة بن عبدالله الليثي الكناني الحجازي، كان من شيعة الإمام علي رضي الله عنه، وهو آخر من مات ممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم، توفي سنة 100هـ.

(2)

رواه البخاري في الأدب المفرد (18) وأحمد (1/ 118)(954) والنسائي في ((الكبرى)) (9/ 250) انظر كتاب ((السنة)) لعبدالله بن أحمد بن حنبل (2/ 539) وصححه الألباني في ((صحيح الأدب المفرد))

(3)

انظر كتاب ((السنة)) لعبد الله بن أحمد بن حنبل (2/ 540).

(4)

انظر كتاب ((السنة)) لعبد الله بن أحمد بن حنبل (2/ 541).

ص: 478

وفي هذا رد على مزاعم الشيعة ممن يدعي أن عند أئمتهم علما خاصا ليس عند غيرهم، أو فهما مسددا من الله، فهذا إمامهم علي بن أبي طالب الذي اتفقوا على إمامته يرد قولهم ويكذبه فكيف بمن هو دونه من الأئمة. وتردد شبهة ثانية، ويروج كذب ابن سبأ من القول إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أوصى لعلي رضي الله عنه بالإمامة، فيرد الصحابة ذلك، وتوضح هذه المشكلة؛ ذكروا عند عائشة رضي الله عنها أن عليا رضي الله عنه كان وصيا، فقالت:"متى أوصى إليه وقد كنت مسندته إلى صدري أو قالت: حجري – فدعا بالطست، فلقد انخنث في حجري فما شعرت أنه قد مات، فمتى أوصى إليه"؟ (1).ويؤكد علي رضي الله عنه ذلك فيقوم خطيبا بعد وقعة الجمل ويقول: (إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعهد إلينا في الإمارة شيئا، وإنما هو رأي رأيناه)(2).وعند وفاته رضي الله عنه يكذب مزاعم الشيعة بالوصية، إذ قيل له: ألا توصي؟ فيقول: "ما أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء فأوصي، اللهم إنهم عبادك فإن شئت أصلحتهم، وإن شئت أفسدتهم) (3).يقول الإمام أحمد بن محمد الهيتمي (4): "فهذه الطرق كلها عن علي متفقة على نفي النص بإمامته، ووافقه على ذلك علماء أهل بيته" (5).ومن الشبه التي ردها علي بن أبي طالب ونفاها: ادعاء عصمته، فقد أنكر رضي الله عنه على من ألمح إلى عصمته، وبين الحق ناصعا وقال:"يهلك في محب مفرط يقرظني بما ليس في، ومبغض مفتر يحمله شنآني على أن يبهتني بما ليس في. ثم قال: وما أمرتكم بمعصية فلا طاعة لأحد في معصية الله تعالى"(6) فلم يثبت لنفسه العصمة رضي الله عنه (7).وقال لمن ادعى ألوهيته: (ويلكم إنما أنا عبد مثلكم آكل الطعام كما تأكلون، وأشرب كما تشربون، إن أطعت الله أثابني إن شاء، وإن عصيته خشيت أن يعذبني)(8).

(1) رواه البخاري (2741) ومسلم (1636).

(2)

رواه أحمد (1/ 114)(921) والبيهقي في ((الاعتقاد)) (336) والحاكم في ((المستدرك)) (3/ 112)(4558) وانظر كتاب ((السنة)) لعبد الله بن أحمد بن حنبل (2/ 570). وانظر في ((إبطال الزعم بالوصية)): ((الصواعق المحرقة)) للهيثمي (1/ 116)((فتح الباري)) (5/ 361).

(3)

انظر ((السنة)) لعبدالله بن أحمد بن حنبل (2/ 538).

(4)

هو: أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي شهاب الدين أبو العباس السعدي الأنصاري، برع في كثير من العلوم كالتفسير والفقه والحديث والحساب والنحو، وله تصانيف متنوعة كثيرة، توفي في مكة عام 973هـ. انظر ((الشذرات)) (8/ 370)((الأعلام)) (1/ 223).

(5)

((الصواعق المحرقة)) للهيتمي (1/ 118) وانظر ((السنة)) للخلال (ص350).

(6)

رواه أحمد (1/ 160)(1377) والحاكم (3/ 132)(4622) وقال صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي بقوله الحكم بن عبدالملك وهاه ابن معين، والحديث قال الهيثمي في ((المجمع)) (9/ 133) رواه عبدالله والبزار باختصار وأبو يعلى أتم منه وفي إسناد عبدالله وأبى يعلى الحكم بن عبد الملك وهو ضعيف وفي إسناد البزار محمد بن كثير القرشي الكوفي وهو ضعيف، وتكلم عليه الألباني في ((الضعيفة)) (10/ 551)

(7)

انظر ((الصواعق المحرقة)) (1/ 121).

(8)

انظر ((فتح الباري)) (12/ 270) وقال ابن حجر: إسناده حسن.

ص: 479

ومما أذيع في خلافة علي من الشبهات: الطعن في الشيخين أبي بكر وعمر، والزعم أن عليا أفضل منهما، فيرد علي رضي الله عنه هذه الشبهة ويبين الحق هو وأئمة آل البيت، وينشرون فضائل الصديق والفاروق، ويعلنون ولاءهم لهم، ويجيبون من يسألهم، وقد قام علي رضي الله عنه مرارا يخطب في الناس ويقول:"إن أفضل الأمة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر".ويحدث محمد بن الحنفية (1) فيقول: "قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أبو بكر. قلت ثم من؟ قال: ثم عمر. وخشيت أن يقول عثمان، قلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين"(2).ويبادر علي رضي الله عنه ويسأل أصحابه يوما ويقول: "أخبروني من أشجع الناس؟ قالوا: أنت. قال: أما إني ما بارزت أحدا إلا انتصفت منه، ولكن أخبروني بأشجع الناس. قالوا: لا نعلم، فمن؟ قال: أبو بكر (3).ويأتي نفر من أهل العراق إلى الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ويقولون له: "يا أبا محمد حديث بلغنا أنك تحدثه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في أبي بكر وعمر رحمهما الله؟ فقال: نعم. حدثني أبي عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فقال: ((يا علي؛ هذان سيدا كهول أهل الجنة بعد النبيين والمرسلين)) (4).يقول الإمام الآجري رحمه الله تعالى: "فهؤلاء أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم السادة الكرام رضوان الله عليهم يروون عن علي رضي الله عنه مثل هذه الفضيلة في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. جزى الله الكريم أهل البيت عن جميع المسلمين خيرا (5).ويؤكد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولاءه وحبه للصحابة جميعا حتى من اختلف معهم بل وتقاتل، فهو يعلم أن هذا لا يقطع أواصر الأخوة الإيمانية، إذ بعد قتاله في الجمل مع طلحة والزبير رضي الله عنهم أجمعين – والقتال مظنة البغض ولكنها نفوس زكاها الله – يقول: "إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله عز وجل: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ [الحجر:47](6) ويكرر علي رضي الله عنه القول على ابن طلحة لما جاءه ويقول: "إني لأرجو أن أكون أنا وأبوك ممن قال الله عز وجل: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ [الحجر:47]، فيقول له رجل: "دين الله أضيق من حد السيف، تقتلهم ويقتلونك، وتكون أنت وهم إخوانا على سرر متقابلين؟! فقال له علي: التراب في فيك فمن عسى أن يكونوا" (7).فالضيق في دين الشيعة التي لم تسع قلوبهم لحب الصحابة كلهم رضي الله عنهم. أما قلوب المؤمنين فقد وسعت حبهم، وجرت ألسنتهم بالترضي عنهم والدعاء لهم كما أمرهم ربهم في قوله: وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ [الحشر: 10] (8).وصدق أنس بن مالك رضي الله عنه حينما قال: "قالوا إن حب عثمان وعلي لا يجتمعان في قلب مؤمن، وكذبوا، قد جمع الله عز وجل حبهما بحمد الله في قلوبنا" (9).

‌المصدر:

موقف الصحابة من الفرقة والفرق لأسماء السويلم - ص524 - 529

(1) محمد ابن الحنفية هو ابن علي بن أبي طالب والحنفية أمه.

(2)

رواه البخاري (3671)

(3)

رواه البزار (761) وقال لا نعلمه يروى عن علي إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وقال الهيثمي في ((المجمع)) (9/ 47) فيه من لم أعرفه وانظر ((الصواعق المحرقة)) (1/ 76).

(4)

كتاب ((الشريعة)) (5/ 2316) والحديث أخرجه الترمذي (3665) وابن ماجة (100) وابن حبان (6904) قال الترمذي حسن غريب، وصححه الألباني.

(5)

كتاب ((الشريعة)) (5/ 2317).

(6)

((الطبقات الكبرى)) لابن سعد (3/ 113)((تفسير الطبري)) (14/ 36) انظر كتاب ((الشريعة)) (5/ 2528).

(7)

انظر ((الشريعة)) للآجري (5/ 2527)((الطبقات الكبرى)) لابن سعد (3/ 224).

(8)

انظر ما تقدم من وجوب الإمساك عما شجر بين الصحابة، في ((التمهيد)) المبحث الثالث (39) وانظر الباب الأول، الفصل الرابع، المبحث الثاني:((سلامة الصحابة من الفرقة)) (ص230).

(9)

انظر ((الشريعة)) (4/ 1770).

ص: 480