المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الرابع عشر: قضية فدك - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌ج- القول بجواز التقية القولية دون العملية

- ‌د- أدلة المانعين للتقية

- ‌هـ - أدلة القائلين بجواز التقية

- ‌المطلب الثاني: موقف الخوارج من القعدة

- ‌تمهيد في الولاية والبراءة عند الخوارج

- ‌1 - موقفهم من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم

- ‌ب- موقفهم من بعض كبار الصحابة

- ‌المطلب الثاني: موقف الخوارج من عامة المسلمين المخالفين لهم

- ‌أ- موقف الغلاة منهم:

- ‌ب- موقف المعتدلين منهم:

- ‌المطلب الثالث: موقف الخوارج من أهل الذمة

- ‌المطلب الرابع: حكم الخوارج في أطفال مخالفيهم

- ‌المبحث الأول: الحوار والمناقشة وإزالة الشبه

- ‌المبحث الثاني: الوعظ والنصيحة

- ‌المبحث الثالث: الترغيب والترهيب

- ‌المبحث الرابع: ذم الخوارج وذم صنيعهم، ونشر النصوص النبوية الواردة في حقهم

- ‌المبحث الخامس: تحذير الناس من مسلكهم ببيان سوء فعلتهم، وإنزال نصوص قرآنية فيهم حتى لا يغتر بهم

- ‌المبحث السادس: هجرهم

- ‌المبحث السابع: الإجابة عن أسئلتهم، وعدم صدهم، ومراسلتهم إن دعت الحاجة

- ‌المبحث الثامن: عدم الاعتداء عليهم بل السير فيهم السيرة العادلة

- ‌المبحث التاسع: إعطاء الأمان لمن رجع منهم ومحاولة استصلاحه، وإعلان الكف عمن كف منهم ورجع

- ‌المبحث العاشر: قتالهم

- ‌الفصل الحادي عشر: محاورات علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخوارج

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: دولة الإباضية في عُمان

- ‌المطلب الثاني: دولة الإباضية في المغرب

- ‌أولا: موقف الإباضية من سائر المخالفين

- ‌ثانيا: موقف الإباضية من الصحابة

- ‌المطلب الرابع: عقائد الإباضية

- ‌المطلب الخامس: فقه الإباضية

- ‌المبحث الثاني: جماعة التكفير والهجرة (جماعة المسلمين)

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌أولا: التأسيس

- ‌ثانيا: من أبرز الشخصيات

- ‌المطلب الثالث: الأفكار والمعتقدات

- ‌المطلب الرابع: مبادئهم وأصولهم

- ‌أولا: مبدأ الحد الأدنى من الإسلام

- ‌ثانيا: مبدأ قاعدة التبين

- ‌ثالثا: مبدأ قاعدة تعارض الفرائض

- ‌رابعا: تكفيرهم لمرتكبي الكبائر:

- ‌خامسا: زعمهم أنهم جماعة آخر الزمان

- ‌سادسا: دعواهم أن زعيمهم هو المهدي المنتظر

- ‌سابعا: زعمهم بتميز جماعتهم

- ‌ثامنا: دعواتهم إلى الأمية ومحاربة التعليم

- ‌تاسعا: دعوتهم إلى اعتزال المجتمع

- ‌المطلب الخامس: أخطاؤهم في المنهج

- ‌أولا: أقوالهم في فهم الكتاب والسنة

- ‌ثانيا: ردهم للإجماع

- ‌ثالثا: طعنهم في الصحابة وردهم لأقوالهم

- ‌رابعا: آراؤهم في التقليد

- ‌المطلب السادس: أماكن الانتشار

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المبحث الأول: الحكم بتكفير الخوارج

- ‌المبحث الثاني: الحكم بعدم تكفير الخوارج

- ‌المبحث الثالث: تعقيب على إطلاق الحكم بالتكفير

- ‌مراجع للتوسع

- ‌المبحث الأول: الشيعة لغة

- ‌المبحث الثاني: الشيعة اصطلاحاً

- ‌الفصل الثاني: متى ظهر التشيع

- ‌الفصل الثالث: المراحل التي مر بها مفهوم التشيع

- ‌الفصل الرابع: أسماء الشيعة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: السبب في تفرق الشيعة

- ‌المبحث الثاني: عدد فرقهم

- ‌المبحث الثالث: السبب في عدم اتفاق العلماء على عدد فرق الشيعة

- ‌المطلب الأول: التعريف بالسبئية ومؤسسها

- ‌المطلب الثاني: الأفكار اليهودية المدسوسة

- ‌المطلب الثالث: منكروا ابن سبأ والرد عليهم

- ‌المطلب الرابع: عقيدة ابن سبأ وضلالاته

- ‌المطلب الخامس: موقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأهل بيته من ابن سبأ

- ‌المطلب السادس: موقف أتباع عبد الله بن سبأ لما سمعوا بمقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

- ‌المطلب السابع: موقف أهل بيت النبي الكريم من ابن سبأ

- ‌المبحث الثاني: الكيسانية

- ‌المطلب الأول: كيف صارت الكيسانية مختارية

- ‌المطلب الثاني: مؤسس المختارية (المختار بن أبي عبيد الثقفي)

- ‌المطلب الثالث: التعريف بمحمد بن الحنفية واختلاف الشيعة بعده

- ‌المبحث الرابع: الزيدية

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: نشأة الزيدية

- ‌المطلب الثالث: موقف زيد من حكام بني أمية

- ‌المطلب الرابع: الأفكار والمعتقدات

- ‌المطلب الخامس: الجذور الفكرية والعقائدية

- ‌المطلب السادس: موقفهم من الإمامة

- ‌المطلب السابع: آراء زيد والزيدية

- ‌الجارودية:

- ‌البترية:

- ‌زيدية الجيل والديلم:

- ‌زيدية اليمن:

- ‌المطلب التاسع: فرق جارودية اليمن

- ‌1 - الحُسَيْنية:

- ‌2 - المُطَّرِّفية:

- ‌3 - المخترعة:

- ‌المطلب العاشر: أئمة الزيدية ودورهم في نشر القبورية في اليمن

- ‌المطلب الحادي عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المطلب الأول: معنى الرافضة لغة واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: سبب تسميتهم بالرافضة

- ‌المطلب الثالث: وقت وجودهم قبل اتصالهم بزيد

- ‌المطلب الرابع: أسماؤهم قبل اتصالهم بزيد

- ‌المطلب الخامس: فرق الروافض

- ‌المطلب السادس: أسماء الاثنا عشرية وسبب تلك التسميات

- ‌المطلب السابع: سبب انتشار مذهب الرافضة (الاثنا عشرية) وأماكن انتشارهم

- ‌المطلب الثامن: أهم الأماكن التي انتشر فيها هذا المذهب

- ‌المطلب التاسع: فرق الاثني عشرية وانقسامها

- ‌الفصل السابع: دول الشيعة والتأثير في المذهب

- ‌الفصل الثامن: أثر الفلسفة القديمة في الشيعة

- ‌المبحث الأول: معنى نزعة التشيع

- ‌المبحث الثاني: نشأة التشيع

- ‌المبحث الثالث: أثر النزعة المذهبية

- ‌المبحث الرابع: نزعة التشيع

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الرواة الشيعة:

- ‌المطلب الثاني: المصنفات الشيعية

- ‌المبحث السادس: تناقض كتب الشيعة الإمامية الاثني عشرية

- ‌المبحث الأول: أقسام أخبار الشيعة

- ‌المبحث الثاني: الأدلة عند الشيعة

- ‌المبحث الثالث: طبقات الشيعة

- ‌المبحث الأول: بداية وضع الأخبار

- ‌المبحث الثاني: الأصول الأربعمائة

- ‌المبحث الثالث: الجرح والتعديل عند الشيعة والرافضة

- ‌المبحث الرابع: مفهوم السنة عندهم

- ‌المبحث الخامس: مراتب الحديث

- ‌المبحث السادس: التعارض والترجيح

- ‌المبحث السابع: الكتب الأربعة

- ‌الفصل الثاني عشر: التفسير وأصوله عند الشيعة الاثني عشرية

- ‌المبحث الأول: القرآن الصامت والقرآن الناطق

- ‌المطلب الأول: الإمام كالنبي

- ‌المطلب الثاني: مذهب الإخباريين

- ‌المطلب الثالث: قول الأصوليين

- ‌المطلب الرابع: النسخ بعد عصر النبوة

- ‌المطلب الخامس: التخصيص

- ‌المطلب السادس: كتمان الحكم تقية أو للتدرج

- ‌المطلب الأول: حجية الظواهر

- ‌المطلب الثاني: الباطن

- ‌المطلب الأول: لماذا قالوا بالتحريف

- ‌المطلب الثاني: أشهر كتب الغلاة

- ‌المطلب الثالث: سورة الولاية في كتاب دبستان المذاهب

- ‌المطلب الرابع: من القائلون بالتحريف

- ‌المطلب الخامس: معتدلو الشيعة يتصدون لحركة الغلاة

- ‌المطلب السادس: كتب التفسير الشيعي في القرن الثالث

- ‌الكتاب الأول: تفسير الحسن العسكري

- ‌الكتاب الثاني: تفسير القمي

- ‌الكتاب الثالث: تفسير العياشي

- ‌المطلب الأول: أصول التفسير عند الطوسي والطبرسي

- ‌المطلب الثاني: الفرق بينهما وبين الجمهور

- ‌المطلب الأول: تفسير الصافي

- ‌المطلب الثاني: (البرهان في تفسير القرآن)

- ‌المطلب الثالث: بحار الأنوار

- ‌المطلب الرابع: تأويل الآيات الباهرة

- ‌المطلب الخامس: تفسير شبر:

- ‌المطلب السادس: كنز العرفان

- ‌المطلب السابع: زبدة البيان

- ‌المطلب الثامن: الميزان

- ‌المطلب التاسع: التفسير الكاشف

- ‌المطلب العاشر: البيان

- ‌المبحث السادس: نظرة عامة لباقي كتب التفسير

- ‌الفصل الثالث عشر: الشيعة ومخالفتهم أهل البيت

- ‌الفصل الرابع عشر: موقف الشيعة من الصحابة

- ‌المطلب الأول: موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الصديق

- ‌المطلب الثاني: موقف ابن عباس من الصديق

- ‌المطلب الثالث: موقف الحسن بن علي رضي الله عنهما من الصديق

- ‌المطلب الرابع: موقف الإمام الرابع علي بن الحسن بن علي من الصديق

- ‌المطلب الخامس: موقف محمد بن علي بن الحسين الملقب بالباقر من الصديق

- ‌المطلب السادس: موقف جعفر بن محمد بن علي من الصديق

- ‌المطلب السابع: موقف الحسن العسكري

- ‌المطلب الثامن: موقف زيد بن علي بن الحسين

- ‌المطلب التاسع: موقف سلمان الفارسي الصحابي الجليل

- ‌المطلب العاشر: خلافة الصديق

- ‌المطلب الحادي عشر: اقتداء علي بالصديق في الصلوات وقبوله الهدايا منه

- ‌المطلب الثاني عشر: مساعدة الصديق في تزويج علي من فاطمة

- ‌المطلب الثالث عشر: المصاهرات بين الصديق وآل البيت

- ‌المطلب الرابع عشر: قضية فدك

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الفاروق عمر رضي الله عنه

- ‌المطلب الثاني: مدح أهل البيت الفاروق

- ‌المطلب الثالث: تزويج المرتضى أم كلثوم من الفاروق

- ‌المطلب الرابع: إكرام الفاروق أهل البيت واحترامه إياهم

- ‌المطلب الخامس: حب آل البيت ومبايعتهم إياه

- ‌المبحث الثالث: موقف أهل البيت من ذي النورين

- ‌الفصل السادس عشر: موقف الشيعة من الخلفاء الراشدين الثلاثة

- ‌الفصل السابع عشر: موقف أهل البيت من أعداء الخلفاء الراشدين

- ‌المبحث الأول: موقف علي رضي الله عنه من الشيعة

- ‌المطلب الأول: رفض التشيع المطلق، وتقييده بالكتاب والسنة

- ‌المطلب الثاني: التصريح بقول من يُكذب عليه حتى لا تنتشر الشائعات

- ‌المطلب الثالث: الإعلام والإعلان بالحق لدحض الشبهات

- ‌المطلب الرابع: الرد على الشبهات، وتوضيح المشكلات التي يروج لها حال ظهورها

- ‌المطلب الخامس: المناقشة والاحتجاج

- ‌المطلب السادس: البيان والإيضاح قبل إيقاع العقوبة

- ‌المطلب السابع: إيقاع العقوبة على من جاء بالبدعة ولو ادعى التشيع

- ‌المطلب الثامن: التحذير منهم ومن كلامهم، وزجر من ينقل أقوالهم

- ‌المطلب التاسع: التحذير من غدر الشيعة بأئمتها، وبيان أنه لا يوثق بهم ولا بتشيعهم

- ‌المطلب العاشر: إعلان البراءة ممن يتخذ التشيع له ستارا لنشر البدع وهدم الدين

- ‌المطلب الحادي عشر: الوصية بالاعتدال في الحب، وبيان معنى التشيع الحق المطلوب لآل البيت

- ‌المطلب الثاني عشر: حكمهم

- ‌الفصل الثامن عشر: موقف الشيعة الاثني عشرية من الأئمة الأربعة:

- ‌المبحث الأول: عداء الشيعة الاثني عشرية للأئمة الأربعة:

- ‌المبحث الثاني: اتهام الأئمة الأربعة بإحداث مذاهب مخالفة للكتاب والسنة

- ‌المبحث الثالث: دعوى الإمامية أن المذاهب الأربعة تجري وفق هوى السلطات:

الفصل: ‌المطلب الرابع عشر: قضية فدك

‌المطلب الرابع عشر: قضية فدك

وقبل أن ننتقل إلى الفاروق وعلاقته مع أهل البيت لا بد لنا أن نقف برهة غير يسيرة على سؤال يطرح حول اختلاف هؤلاء الأشراف الكرام البررة، ألا وهو إن كان حبهم وودادهم هكذا كما ذكر فماذا كانت قضية فدك؟ التي طالما نفخ إليها المنفخون المنافقون أعداء أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وكبروها، وفخموها لمقاصدهم الخبيثة، ومطاعمهم السيئة، وأرادوا منها إثبات التفرقة والخلاف الشديد بين أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وخاصة بين بيت النبوة وبين المسلمين عامة، فإن أهل البيت كانوا في جانب وكان السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار وبقية الأمة في جانب آخر.

حاشا وكلا أن يكون كذلك، والمسألة لم تكن كبيرة وذات أهمية وأبعاد مثلما جعلوها فقط للطعن واللعن، والقضية كلها كانت بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما توفي وبويع أبو بكر بخلافة رسول الله وإمارة المؤمنين أرسلت إليه بنت رسول الله فاطمة تسأله ميراثها من رسول الله عليه الصلاة والسلام مما أفاء الله على نبيه من فدك ("فدك" قرية بخيبر، وقيل: بناحية الحجاز، فيها عين ونخل، أفاء الله على نبيه صلى الله عليه وسلم (لسان العرب)(10/ 473) فأجابها أبو بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث، ما تركنا فهو صدقة، إنما يأكل آل محمد من هذا المال يعني مال الله

وإني والله لا أغيّر شيئاً من صدقات النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت عليها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولأعملن فيها بما عمل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي.

ولما ذكر هذا الصديق لفاطمة رضي الله عنها تراجعت عن ذلك ولم تتكلم فيها بعد حتى ماتت، بل وفي بعض الروايات الشيعية أنها رضيت على ذلك كما يرويه ابن الميثم الشيعي في نهج البلاغة:

"إن أبا بكر قال لها: إن لك ما لأبيك، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ من فدك قوتكم، ويقسم الباقي ويحمل منه في سبيل الله، ولك على الله أن أصنع بها كما كان يصنع، فرضيت بذلك وأخذت العهد عليه به"(شرح نهج البلاغة) لابن ميثم البحراني (5/ 107 ط طهران).

ومثل ذلك ذكر الدنبلي في شرحه (الدرة النجفية)(ص331، 332 ط إيران).

ولكن الشيعة لم يعجبهم بأن ترضى فاطمة بهذا القضاء بتلك السهولة، فسودوا صفحات وأوراقاً كثيرة، وكتبوا بخصوص ذلك كتباً عديدة ملأها الطعن والشتائم على أصحاب الرسول وتكفيرهم وتفسيقهم واتهامهم بالردة والخروج من الإسلام والظلم والجور على أهل البيت حيث أن أهل المعاملة والقضية لم يتكلموا، لا بقليل ولا بكثير كما نحن ذكرناه من الشيعة أنفسهم، بل وأكثر من ذلك نقل أئمة القوم أنفسهم بأن أبا بكر لم يكتف على الكلام فقط بل أعقبه بالعمل كما يروي ابن الميثم والدنبلي وابن أبي الحديد والشيعي المعاصر فيض الإسلام علي نقي.

"إن أبا بكر كان يأخذ غلتها (أي فدك) فيدفع إليهم (أهل البيت) منها ما يكفيهم، ويقسم الباقي، فكان عمر كذلك، ثم كان عثمان كذلك، ثم كان علي كذلك"(شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد ج4، أيضاً (شرح نهج البلاغة) لابن ميثم البحراني (5/ 107)(الدرة النجفية)(ص332)(شرح النهج) فارسي لعلي تقي (5/ 960) ط طهران).

ص: 421

ولكن القوم كيف يرضيهم هذا؟ فقال كبيرهم المجلسي (وقل من يوجد مثل المجلسي جريئاً في السباب والشتائم وهو لا يذكر صاحباً من أصحاب النبي إلا ويلعنه ويفسقه ويكفره، وقد كتب في بحث فدك أن أبا بكر لما طلب الشهود من فاطمة على أن فدك لها قال له علي: أتطلب الشهود؟ هل الشهود كل شيء؟ قال: نعم، فقال له علي: إن شهد الشهود بأن فاطمة زنت ماذا تعمل؟ قال: أقيم عليها الحد كما أقيم على سائر الناس (عياذاً بالله)(حق اليقين) للمجلسي (ص193) فانظر جرأته وتسرعه كيف يتكلم، ولا يستحي؟): إن من المصيبة العظمى والداهية الكبرى غصب أبي بكر وعمر فدك من أهل بيت الرسالة .... وإن القضية الهائلة أن أبا بكر لما غصب الخلافة عن أمير المؤمنين، وأخذ البيعة جبراً من المهاجرين والأنصار (؟) وأحكم أمره طمع في فدك خوفاً منه بأنها لو وقعت في أيديهم يميل الناس إليهم بالمال، ويتركون هؤلاء الظالمين (يعني أبا بكر ورفاقه) فأراد إفلاسهم حتى لا يبقى لهم شيء، ولا يطمع الناس فيهم وتبطل خلافتهم الباطلة، ولأجل ذلك وضعوا تلك الرواية الخبيثة المفتراة: نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة" (حق اليقين) فارسي للملا مجلسي (ص191) تحت "مطاعن أبي بكر").

وقد سلك مسلكه كثيرون وكم هم؟ كي ينبشوا الضغائن التي لم يكن لها وجود في العالم، ولكن بلهاء القوم لم يعرفوا أن البيت الذي نسجوه كان بيت العنكبوت ولا يبقى أمام عاصفة الحق.

فالرواية التي ردوها هذا حسداً ونقمة على الصديق لم يعلموا أن إمامهم الخامس المعصوم رواها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي كتابهم أنفسهم، نعم! في كتابهم (الكافي) الذي يعدونه من أصح الكتب ويقولون فيه: إنه كاف للشيعة، يروي الكليني في هذا الكافي عن حماد بن عيسى عن القداح عن أبي عبيد الله عليه السلام قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً إلى الجنة .. وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، وإن العلماء ورثة الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، ولكن ورثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر" (الأصول من الكافي) كتاب فضل العلم، باب العالم والمتعلم (1/ 34).

ورواية أخرى أن جعفر أبا عبد الله قال: إن العلماء ورثة الأنبياء، وذاك أن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً، وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم" (الأصول من الكافي) باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء (1/ 32).

فماذا يقول المجلسي ومن شاكله في هذا؟ وفي الفارسية بيت من الشعر إن كانت هذه جريمة ففي مدينتكم ترتكب أيضاً.

وهناك روايتان غير هذه الرواية رواهما صدوق القوم تؤيد هذه الرواية وتؤكدها وهي:

"عن إبراهيم بن علي الرافعي، عن أبيه، عن جدته بنت أبي رافع قالت: أتت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنيها الحسن والحسين عليهما السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شكواه الذي توفي فيه، فقالت: يا رسول الله هذان ابناك فورّثهما شيئاً قال: أما الحسن فإن له هيبتي وسؤددي وأما الحسين فإن له جرأتي وجودي" كتاب (الخصال) للقمي (ص77).

والرواية الثانية: "قالت فاطمة عليها السلام: يا رسول الله! هذان ابناك فانحلهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما الحسن فنحلته هيبتي وسؤددي، وأما الحسين فنحلته سخائي وشجاعتي" كتاب (الخصال) للقمي (ص77).

ص: 422

ثم وأراد المجلسي وغيره، وهم كثيرون من القوم أن يثبتوا أن أبا بكر ورفاقه لم يعملوا هذا إلا لأن يفلسوا علياً وأهل البيت كيلا يجلب الناس إليهم بالمال والمنال، فيا عجباً على القوم وعقولهم هل هم يظنون علياً وأهل بيته أمثال طلاب الحكم والرئاسة في هذه العصور المتأخرة بأنهم يطلبونها بالمال والرشى، وإن كانت القضية هكذا فالمال كان متوفراً عندهم لأن الكليني يذكر ويروي عن أبي الحسن - الإمام العاشر عند القوم - أن الحيطان السبعة كانت وقفت على فاطمة عليها السلام وهي:(1) الدلال (2) والعوف (3) والحسنى (4) والصافية (5) وما لام إبراهيم (6) والمثيب (7) والبرقة" كتاب الوصايا (الفروع من الكافي)(7/ 47، 48).

فهل من يملك العقارات السبعة ينقصه من المال شيء؟

ثم وهل يظنون النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يجعل أموال الدولة أمواله وملكه؟ وهذا ما لا يرضاه العقل، وحتى هذا العصر، عصر السلب والنهب، وعصر اللامبالاة وعدم التمسك بالدين، ففي مثل هذا العصر إن الملوك والحكام لو استولوا على بقعة من بقاع الأرض، أو فتحوها لا يجعلونها ملكاً لهم دون غيرهم، بل يجعلونها ملكاً للدولة يتصرفون فيها في مصالح الرعية وشئون العامة والخاصة، فهل كان الرسول فداه أبواي وروحي صلى الله عليه وسلم في نظر القوم ممن يؤثرون أنفسهم على الناس؟ سبحان الله ما هذا إلا إفك مفترى، والرسول العظيم الرؤوف الرحيم بريء ورفيع من هذا.

وهناك شيء آخر وهو إن كانت أرض فدك ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تكن السيدة فاطمة رضي الله عنها وريثة وحيدة لها، بل كانت ابنتا الصديق والفاروق وارثتين أيضاً فحرم الصديق والفاروق ابنتيهما كما حرما فاطمة، ثم وعباس عم النبي كان حياً وهو من ورثته بلا شك.

وثالثاً - إن المعترضين من الشيعة لا يعرفون بأن في مذهبهم لا ترث المرأة من العقار والأرض شيئاً، فلقد بوّب محدثوهم أبواباً مستقلة في هذا الخصوص، فانظر إلى الكليني، فإنه بوّب باباً مستقلاً بعنوان "إن النساء لا يرثن من العقار شيئاً" ثم روى تحته روايات عديدة.

"عن أبي جعفر - الإمام الرابع المعصوم عند القوم - قال: النساء لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئاً"(الفروع من الكافي) كتاب المواريث (7/ 137).

وروى الصدوق ابن بابويه القمي في صحيحه (من لا يحضره الفقيه) عن أبي عبد الله جعفر - الإمام الخامس عندهم - أن ميسرا قال: سألته (أي جعفر) عن النساء ما لهن من الميراث؟ فقال: فأما الأرض والعقارات فلا ميراث لهن فيه" (الفروع من الكافي) كتاب الفرائض والميراث (4/ 347).

ومثل هذه فإنها لكثيرة، وقد ذكروا على عدم الميراث في العقارات والأراضي اتفاق علمائهم (انظر لذلك كتب القوم في الفقه). فما دامت المرأة لا ترث العقار والأرض فكيف كان لفاطمة أن تسأله فدك – حسب قولهم – وهي عقار لا ريب فيها، لا يختلف فيها اثنان، ولا يتناطح فيها كبشان.

وأما إغضاب الصديق فاطمة والقول بأنها رجعت ولم تكلمه حتى ماتت.

نعم! إنها رجعت عن القول بوراثة فدك، ولم تكلمه في هذا الموضوع حتى آخر حياتها.

وأما غصب حقوقها فها هو المجلسي وهو على تعنّفه وتعنّته يضطر إلى أن يقول:

ص: 423

إن أبا بكر لما رأى غضب فاطمة قال لها: أنا لا أنكر فضلك وقرابتك من رسول الله عليه السلام، ولم أمنعك من فدك إلا امتثالاً بأمر رسول الله، وأشهد الله على أني سمعت رسول الله يقول: نحن معاشر الأنبياء لا نورث، وما تركنا إلا الكتاب والحكمة والعلم، وقد فعلت هذا باتفاق المسلمين ولست بمتفرد في هذا، وأما المال فإن تريدينها فخذي من مالي ما شئت لأنك سيدة أبيك وشجرة طيبة لأبنائك، ولا يستطيع أحد أن ينكر فضلك" (حق اليقين)(ص201، 202) – ترجمة من الفارسية).

فهل بعد هذا يمكن لأحد أن يقول: إن أبا بكر أغضبها، وغصب حقها، وأراد إيذاءها، وأقلقها، وأفلسها لأغراضه وأهدافه؟

اللهم إلا من عمي قلبه، وتحجر عقله، وأفلس ذهنه، واختلت حواسه؟

فالعمارة التي أرادوا بنائها على هذا الأساس الواهي لإقامة المآتم ومجالس اللعن والطعن على غصب حقوق أهل البيت، وإثبات المنافرة والعداوة بين خلفاء النبي وأصحابه وبين أهل بيته كانت مهدمة يوم أرادوا بناءها، والقصة التي أرادوا أن ينسجوها من الوهم والخيال راحت على أدراج الرياح وكانت هباء منثوراً، وقبل ذلك أقام القيامة على السبئيين سيد أهل البيت وزوج فاطمة، عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهما يوم تولى الأمر كما ذكره السيد مرتضى الملقب بعلم الهدى إمام الشيعة:

"إن الأمر لما وصل إلى علي بن أبي طالب كلّم في رد فدك، فقال: إني لأستحيي من الله أن أرد شيئاً منع منه أبو بكر وأمضاه عمر"(الشافي) للمرتضى (ص231) أيضاً (شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد ج4).

ولأجل ذلك لما سئل أبو جعفر محمد الباقر عن ذلك وقد سأله كثير النوال "جعلني الله فداك أرأيت أبا بكر وعمر هل ظلماكم من حقكم شيئاً أو قال: ذهبا من حقكم بشيء؟ فقال: لا والذي أنزل القرآن على عبده ليكون للعالمين نذيراً ما ظلمانا من حقنا مثقال حبة من خردل، قلت: جعلت فداك أفأتولاهما؟

قال: نعم ويحك تولهما في الدنيا والآخرة، وما أصابك ففي عنقي" (شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد (4/ 82).

وأخو الباقر زيد بن علي بن الحسين قال أيضاً في فدك مثل ما قاله جده الأول علي بن أبي طالب وأخوه محمد الباقر لما سأله البحتري بن حسان وهو يقول: قلت لزيد بن علي عليه السلام وأنا أريد أن أهجن أمر أبي بكر: إن أبا بكر انتزع فدك من فاطمة عليها السلام، فقال: إن أبا بكر كان رجلاً رحيماً، وكان يكره أن يغير شيئاً فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتته فاطمة فقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني فدك، فقال لها: هل لك على هذا بينة، فجاءت بعلي عليه السلام فشهد لها، ثم جاءت أم أيمن فقالت: ألستما تشهدان أني من أهل الجنة قالا: بلى، قال أبو زيد: يعني أنها قالت لأبي بكر وعمر: قالت: فأنا أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها فدك فقال أبو بكر: فرجل آخر أو امرأة أخرى لتستحقي بها القضية، ثم قال زيد: أيم الله! لو رجع الأمر إليّ لقضيت فيه بقضاء أبي بكر" (شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد (4/ 82).

فهل بعد هذا يحتاج الأمر إلى الإيضاح أكثر من ذلك؟

وقبل أن نأتي إلى آخر الكلام نريد أن نثبت ههنا روايتين رواهما الكليني في هذا الخصوص، فأما الأولى فهي التي رواها عن أبي عبد الله جعفر أنه قال: الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، أو قوم صالحوا، أو قوم أعطوا بأيديهم، وكل أرض خربة وبطون الأودية فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء" (الأصول من الكافي) كتاب (الحجة) باب الفيء والأنفال (1/ 539).

وهذه صريحة في معناها بأن الإمام بعد النبي أحق الناس بالتصرف فيها.

والرواية الثانية التي نذكرها هي طريفة ومروية أيضاً في الأصول من الكافي أن أبا الحسن موسى - الإمام السابع للقوم - ورد على المهدي، ورآه يردّ المظالم فقال: يا أمير المؤمنين! ما بال مظلمتنا لا ترد؟

فقال له: وما ذاك يا أبا الحسن؟ قال: فدك، فقال له المهدي: يا أبا الحسن! حدّها لي، فقال: حد منها جبل أحد، وحد منها عريش مصر، وحد منها سيف البحر، وحد منها دومة الجندل" (الأصول من الكافي" باب الفيء والأنفال (1/ 543).

يعني نصف العالم كله، انظر إلى القوم وأكاذيبهم، فأين قرية من خيبر من نصف الدنيا؟ فيا عجباً للقوم ومبالغتهم، كيف يعظمون الحقير، وكيف يكبرون الصغير؟ وفي هذه دليل لمبالغات القوم وترهاتهم.

وعلى ذلك نُتم هذا البحث في فدك وفضائل أمير المؤمنين وخليفة رسول الله الصادق الأمين وأفضليته وأحقيته بالخلافة والإمامة بعد النبي عليه الصلاة والسلام، وحبه لأهل بيت النبي في ضوء أقوال أهل البيت وأفعالهم، ومن كتب القوم أنفسهم، وثم ننتقل إلى الرجل الثاني الخليفة الراشد الفاروق، الفارق بين الحق والباطل، رضي الله عنه وأرضاه.

‌المصدر:

الشيعة وأهل البيت لإحسان إلهي ظهير - ص83

ص: 424