المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌ج- القول بجواز التقية القولية دون العملية

- ‌د- أدلة المانعين للتقية

- ‌هـ - أدلة القائلين بجواز التقية

- ‌المطلب الثاني: موقف الخوارج من القعدة

- ‌تمهيد في الولاية والبراءة عند الخوارج

- ‌1 - موقفهم من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم

- ‌ب- موقفهم من بعض كبار الصحابة

- ‌المطلب الثاني: موقف الخوارج من عامة المسلمين المخالفين لهم

- ‌أ- موقف الغلاة منهم:

- ‌ب- موقف المعتدلين منهم:

- ‌المطلب الثالث: موقف الخوارج من أهل الذمة

- ‌المطلب الرابع: حكم الخوارج في أطفال مخالفيهم

- ‌المبحث الأول: الحوار والمناقشة وإزالة الشبه

- ‌المبحث الثاني: الوعظ والنصيحة

- ‌المبحث الثالث: الترغيب والترهيب

- ‌المبحث الرابع: ذم الخوارج وذم صنيعهم، ونشر النصوص النبوية الواردة في حقهم

- ‌المبحث الخامس: تحذير الناس من مسلكهم ببيان سوء فعلتهم، وإنزال نصوص قرآنية فيهم حتى لا يغتر بهم

- ‌المبحث السادس: هجرهم

- ‌المبحث السابع: الإجابة عن أسئلتهم، وعدم صدهم، ومراسلتهم إن دعت الحاجة

- ‌المبحث الثامن: عدم الاعتداء عليهم بل السير فيهم السيرة العادلة

- ‌المبحث التاسع: إعطاء الأمان لمن رجع منهم ومحاولة استصلاحه، وإعلان الكف عمن كف منهم ورجع

- ‌المبحث العاشر: قتالهم

- ‌الفصل الحادي عشر: محاورات علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخوارج

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: دولة الإباضية في عُمان

- ‌المطلب الثاني: دولة الإباضية في المغرب

- ‌أولا: موقف الإباضية من سائر المخالفين

- ‌ثانيا: موقف الإباضية من الصحابة

- ‌المطلب الرابع: عقائد الإباضية

- ‌المطلب الخامس: فقه الإباضية

- ‌المبحث الثاني: جماعة التكفير والهجرة (جماعة المسلمين)

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌أولا: التأسيس

- ‌ثانيا: من أبرز الشخصيات

- ‌المطلب الثالث: الأفكار والمعتقدات

- ‌المطلب الرابع: مبادئهم وأصولهم

- ‌أولا: مبدأ الحد الأدنى من الإسلام

- ‌ثانيا: مبدأ قاعدة التبين

- ‌ثالثا: مبدأ قاعدة تعارض الفرائض

- ‌رابعا: تكفيرهم لمرتكبي الكبائر:

- ‌خامسا: زعمهم أنهم جماعة آخر الزمان

- ‌سادسا: دعواهم أن زعيمهم هو المهدي المنتظر

- ‌سابعا: زعمهم بتميز جماعتهم

- ‌ثامنا: دعواتهم إلى الأمية ومحاربة التعليم

- ‌تاسعا: دعوتهم إلى اعتزال المجتمع

- ‌المطلب الخامس: أخطاؤهم في المنهج

- ‌أولا: أقوالهم في فهم الكتاب والسنة

- ‌ثانيا: ردهم للإجماع

- ‌ثالثا: طعنهم في الصحابة وردهم لأقوالهم

- ‌رابعا: آراؤهم في التقليد

- ‌المطلب السادس: أماكن الانتشار

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المبحث الأول: الحكم بتكفير الخوارج

- ‌المبحث الثاني: الحكم بعدم تكفير الخوارج

- ‌المبحث الثالث: تعقيب على إطلاق الحكم بالتكفير

- ‌مراجع للتوسع

- ‌المبحث الأول: الشيعة لغة

- ‌المبحث الثاني: الشيعة اصطلاحاً

- ‌الفصل الثاني: متى ظهر التشيع

- ‌الفصل الثالث: المراحل التي مر بها مفهوم التشيع

- ‌الفصل الرابع: أسماء الشيعة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: السبب في تفرق الشيعة

- ‌المبحث الثاني: عدد فرقهم

- ‌المبحث الثالث: السبب في عدم اتفاق العلماء على عدد فرق الشيعة

- ‌المطلب الأول: التعريف بالسبئية ومؤسسها

- ‌المطلب الثاني: الأفكار اليهودية المدسوسة

- ‌المطلب الثالث: منكروا ابن سبأ والرد عليهم

- ‌المطلب الرابع: عقيدة ابن سبأ وضلالاته

- ‌المطلب الخامس: موقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأهل بيته من ابن سبأ

- ‌المطلب السادس: موقف أتباع عبد الله بن سبأ لما سمعوا بمقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

- ‌المطلب السابع: موقف أهل بيت النبي الكريم من ابن سبأ

- ‌المبحث الثاني: الكيسانية

- ‌المطلب الأول: كيف صارت الكيسانية مختارية

- ‌المطلب الثاني: مؤسس المختارية (المختار بن أبي عبيد الثقفي)

- ‌المطلب الثالث: التعريف بمحمد بن الحنفية واختلاف الشيعة بعده

- ‌المبحث الرابع: الزيدية

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: نشأة الزيدية

- ‌المطلب الثالث: موقف زيد من حكام بني أمية

- ‌المطلب الرابع: الأفكار والمعتقدات

- ‌المطلب الخامس: الجذور الفكرية والعقائدية

- ‌المطلب السادس: موقفهم من الإمامة

- ‌المطلب السابع: آراء زيد والزيدية

- ‌الجارودية:

- ‌البترية:

- ‌زيدية الجيل والديلم:

- ‌زيدية اليمن:

- ‌المطلب التاسع: فرق جارودية اليمن

- ‌1 - الحُسَيْنية:

- ‌2 - المُطَّرِّفية:

- ‌3 - المخترعة:

- ‌المطلب العاشر: أئمة الزيدية ودورهم في نشر القبورية في اليمن

- ‌المطلب الحادي عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المطلب الأول: معنى الرافضة لغة واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: سبب تسميتهم بالرافضة

- ‌المطلب الثالث: وقت وجودهم قبل اتصالهم بزيد

- ‌المطلب الرابع: أسماؤهم قبل اتصالهم بزيد

- ‌المطلب الخامس: فرق الروافض

- ‌المطلب السادس: أسماء الاثنا عشرية وسبب تلك التسميات

- ‌المطلب السابع: سبب انتشار مذهب الرافضة (الاثنا عشرية) وأماكن انتشارهم

- ‌المطلب الثامن: أهم الأماكن التي انتشر فيها هذا المذهب

- ‌المطلب التاسع: فرق الاثني عشرية وانقسامها

- ‌الفصل السابع: دول الشيعة والتأثير في المذهب

- ‌الفصل الثامن: أثر الفلسفة القديمة في الشيعة

- ‌المبحث الأول: معنى نزعة التشيع

- ‌المبحث الثاني: نشأة التشيع

- ‌المبحث الثالث: أثر النزعة المذهبية

- ‌المبحث الرابع: نزعة التشيع

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الرواة الشيعة:

- ‌المطلب الثاني: المصنفات الشيعية

- ‌المبحث السادس: تناقض كتب الشيعة الإمامية الاثني عشرية

- ‌المبحث الأول: أقسام أخبار الشيعة

- ‌المبحث الثاني: الأدلة عند الشيعة

- ‌المبحث الثالث: طبقات الشيعة

- ‌المبحث الأول: بداية وضع الأخبار

- ‌المبحث الثاني: الأصول الأربعمائة

- ‌المبحث الثالث: الجرح والتعديل عند الشيعة والرافضة

- ‌المبحث الرابع: مفهوم السنة عندهم

- ‌المبحث الخامس: مراتب الحديث

- ‌المبحث السادس: التعارض والترجيح

- ‌المبحث السابع: الكتب الأربعة

- ‌الفصل الثاني عشر: التفسير وأصوله عند الشيعة الاثني عشرية

- ‌المبحث الأول: القرآن الصامت والقرآن الناطق

- ‌المطلب الأول: الإمام كالنبي

- ‌المطلب الثاني: مذهب الإخباريين

- ‌المطلب الثالث: قول الأصوليين

- ‌المطلب الرابع: النسخ بعد عصر النبوة

- ‌المطلب الخامس: التخصيص

- ‌المطلب السادس: كتمان الحكم تقية أو للتدرج

- ‌المطلب الأول: حجية الظواهر

- ‌المطلب الثاني: الباطن

- ‌المطلب الأول: لماذا قالوا بالتحريف

- ‌المطلب الثاني: أشهر كتب الغلاة

- ‌المطلب الثالث: سورة الولاية في كتاب دبستان المذاهب

- ‌المطلب الرابع: من القائلون بالتحريف

- ‌المطلب الخامس: معتدلو الشيعة يتصدون لحركة الغلاة

- ‌المطلب السادس: كتب التفسير الشيعي في القرن الثالث

- ‌الكتاب الأول: تفسير الحسن العسكري

- ‌الكتاب الثاني: تفسير القمي

- ‌الكتاب الثالث: تفسير العياشي

- ‌المطلب الأول: أصول التفسير عند الطوسي والطبرسي

- ‌المطلب الثاني: الفرق بينهما وبين الجمهور

- ‌المطلب الأول: تفسير الصافي

- ‌المطلب الثاني: (البرهان في تفسير القرآن)

- ‌المطلب الثالث: بحار الأنوار

- ‌المطلب الرابع: تأويل الآيات الباهرة

- ‌المطلب الخامس: تفسير شبر:

- ‌المطلب السادس: كنز العرفان

- ‌المطلب السابع: زبدة البيان

- ‌المطلب الثامن: الميزان

- ‌المطلب التاسع: التفسير الكاشف

- ‌المطلب العاشر: البيان

- ‌المبحث السادس: نظرة عامة لباقي كتب التفسير

- ‌الفصل الثالث عشر: الشيعة ومخالفتهم أهل البيت

- ‌الفصل الرابع عشر: موقف الشيعة من الصحابة

- ‌المطلب الأول: موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الصديق

- ‌المطلب الثاني: موقف ابن عباس من الصديق

- ‌المطلب الثالث: موقف الحسن بن علي رضي الله عنهما من الصديق

- ‌المطلب الرابع: موقف الإمام الرابع علي بن الحسن بن علي من الصديق

- ‌المطلب الخامس: موقف محمد بن علي بن الحسين الملقب بالباقر من الصديق

- ‌المطلب السادس: موقف جعفر بن محمد بن علي من الصديق

- ‌المطلب السابع: موقف الحسن العسكري

- ‌المطلب الثامن: موقف زيد بن علي بن الحسين

- ‌المطلب التاسع: موقف سلمان الفارسي الصحابي الجليل

- ‌المطلب العاشر: خلافة الصديق

- ‌المطلب الحادي عشر: اقتداء علي بالصديق في الصلوات وقبوله الهدايا منه

- ‌المطلب الثاني عشر: مساعدة الصديق في تزويج علي من فاطمة

- ‌المطلب الثالث عشر: المصاهرات بين الصديق وآل البيت

- ‌المطلب الرابع عشر: قضية فدك

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الفاروق عمر رضي الله عنه

- ‌المطلب الثاني: مدح أهل البيت الفاروق

- ‌المطلب الثالث: تزويج المرتضى أم كلثوم من الفاروق

- ‌المطلب الرابع: إكرام الفاروق أهل البيت واحترامه إياهم

- ‌المطلب الخامس: حب آل البيت ومبايعتهم إياه

- ‌المبحث الثالث: موقف أهل البيت من ذي النورين

- ‌الفصل السادس عشر: موقف الشيعة من الخلفاء الراشدين الثلاثة

- ‌الفصل السابع عشر: موقف أهل البيت من أعداء الخلفاء الراشدين

- ‌المبحث الأول: موقف علي رضي الله عنه من الشيعة

- ‌المطلب الأول: رفض التشيع المطلق، وتقييده بالكتاب والسنة

- ‌المطلب الثاني: التصريح بقول من يُكذب عليه حتى لا تنتشر الشائعات

- ‌المطلب الثالث: الإعلام والإعلان بالحق لدحض الشبهات

- ‌المطلب الرابع: الرد على الشبهات، وتوضيح المشكلات التي يروج لها حال ظهورها

- ‌المطلب الخامس: المناقشة والاحتجاج

- ‌المطلب السادس: البيان والإيضاح قبل إيقاع العقوبة

- ‌المطلب السابع: إيقاع العقوبة على من جاء بالبدعة ولو ادعى التشيع

- ‌المطلب الثامن: التحذير منهم ومن كلامهم، وزجر من ينقل أقوالهم

- ‌المطلب التاسع: التحذير من غدر الشيعة بأئمتها، وبيان أنه لا يوثق بهم ولا بتشيعهم

- ‌المطلب العاشر: إعلان البراءة ممن يتخذ التشيع له ستارا لنشر البدع وهدم الدين

- ‌المطلب الحادي عشر: الوصية بالاعتدال في الحب، وبيان معنى التشيع الحق المطلوب لآل البيت

- ‌المطلب الثاني عشر: حكمهم

- ‌الفصل الثامن عشر: موقف الشيعة الاثني عشرية من الأئمة الأربعة:

- ‌المبحث الأول: عداء الشيعة الاثني عشرية للأئمة الأربعة:

- ‌المبحث الثاني: اتهام الأئمة الأربعة بإحداث مذاهب مخالفة للكتاب والسنة

- ‌المبحث الثالث: دعوى الإمامية أن المذاهب الأربعة تجري وفق هوى السلطات:

الفصل: ‌3 - المخترعة:

‌3 - المخترعة:

فرقة عرفت بهذا الاسم، لقولهم: باختراع الله الأعراض في الأجسام، وأنها لا تحصل بطبائهها - كما تقول المطرفية- وهم يقولون: بإمامة علي بالنص، وخطأ المشايخ بالتقدم عليه، ومخالفة ذلك النص والتوقف في تفسيقهم (1).وقد جرى بينهم وبين المطرفية نزاع شديد وخلاف مرير، انتهى بزوال المطرفية على يد الإمام عبدالله بن حمزة، وكان رئيس المخترعة علي بن شهر من بيت أكلب من قاع البون شمال صنعاء، وقد تابع أبا هاشم البلخي (2) وهذه الفرقة هي ما عليها هادوية اليمن حتى اليوم. كذلك فقد أضاف الشريف عبدالصمد بن عبدالله الدامغاني (3) إلى ما تقدم ذكره أموراً أخرى عن الزيدية، وذلك في قوله: "وأما ما نقم على الزيدية، فأمورٌ كثيرة.

منها: اعتقادهم - ومعهم أكثر المعتزلة- أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يشفع لعصاة الأمة، وهذا مخالف للعقل والنقل، فالعقل ظاهرٌ بلا مرية؛ لأن العاصي في الآخرة كالغريق في البحر يحتاج إلى استنقاذ، والمطيع كالذي في البر سالماً يريد أن يرتقي إلى منزلة عالية، فالغريق أولى بالاستنقاذ من ترقية السليم، ولا يظهر فضل النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة على المورود، وأما النقل فأحاديث كثيرة تقضي بأن الشفاعة ثابتة لعصاة الأمة، ومنه الحديث الذي يتخذه المؤذن في دعائه قبل الإقامة وهو: "اللهم وابعثه المقام المحمود الذي وعدته وشفعه في أمته، لأنه صلى الله عليه وسلم أمر المؤذن بذلك، وما يتعلقون به - أي الزيدية- من قوله تعالى: وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى [الأنبياء:28]، وقوله تعالى: مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ [غافر:18]. فلا يصح التعلق به؛ لأنه وارد في الكفار، إذ لا شفاعة لهم بالإجماع. ومنها: اعتقادهم والمعتزلة أن الإنسان لا يدخل الجنة إلا بعمله، وهذا من أبعد ما يكون، وما يكون عمله في جنب معاصيه لو خلص، وفي جنب نعم الله تعالى عليه. كيف وشوائب الأعمال فائتة للحصر والتعداد، والحديث كله قاضٍ بأن الجنة لا تُستحق إلا بالتجاوز والرحمة، لا بمجرد العمل، ولذلك أراد النبي صلى الله عليه وسلم تقرير أمته على ذلك بقوله:((لا يدخل الجنة أحد بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله، قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بعفوه)) (4) ، وهو صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، مع أنه معصوم، لا يجوز عليه ما يستحق به النار، وإنما أراد أن توطن أمتُه أنفسها على ذلك، وإنما يقال: إن الرحمة والتجاوز مع العمل لقوله تعالى: إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف:56]، لا المتمردين.

ومنها: أنهم وبعض المعتزلة يعتقدون بكفر كثير من المخالف لهم في العقيدة، ويجاهدونهم كما يجاهد المشركون، وهذا مخالف للشريعة النبوية، فإن الأحاديث قضت بأن المقر بالشهادتين يحقن ماله ودمه، ووافقهم في ذلك بعض أهل السنة كالمالكية، فإنهم يكفرون من سب صحابياً ويوجبون قلته. ولا دليل معهم عليه؛ لأنهم وقعوا في بعضهم بعض في الفتنة واليد واللسان، كحال علي ومعاوية؛ لأن العلة في ذلك واحدة، وهي الوقيعة في صحابي، والذنب عظيم لا يزال عظيماً ممن وقع، وغير العظيم لا يبلغ مبلغ العظيم ممن وقع أيضاً، ولا يقول أحد من الأئمة: إن بعض الصحابة قد كفر بوقيعته في صحابي آخر بحال.

(1)((المنية والأمل)) (ص 99).

(2)

((الفضائل)).

(3)

نسبة إلى دامغان: بلد كبير بين الري وقومس ((معجم البلدان)).

(4)

رواه البخاري (5673) ومسلم (2816)(75) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: (لن يدخل أحدا عمله الجنة قالوا ولا أنت يا رسول الله قال، ولا أنا إلا أن يتغمدنى الله بفضل ورحمة).

ص: 202

ومنها: أنهم يشترطون في الخلافة شروطاً لم يرد الشرع بأكثرها، وكذا يشترطونها في إمام الصلاة، ولذلك لا يدوم لهم إمام، لعدم كمال الشروط. ومنها: أنهم يجوزون خليفتين في زمان واحد إذا تباعد قطراهما، كما كان ناصر الأطروش بالعجم، وهادي اليمن في اليمن، ويعتقدون أن قول كل واحد منهما نافذ حتى ولو أفتى أحدهما بقتل الآخر نفذت فتواه. وهذا جرم عظيم في الدين، مع مخالفته للدليل الواضح المبين. فإنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم:((إذا قام خليفتان فاقتلوا الآخر منهما)) (1)، ولأن ذلك يفرق أمر الأمة، ويشتت كلمتهم، وينثر نظامهم، ويمحق جماعتهم، ويرهن فيهم، ويسطي عليهم العدو، ولذلك قيل في المثل:"سيفان في غمد لا يجتمعان"

،

ومنها: أن فيهم الوسواس في وضوئهم وصلاتهم وعقيدتهم، وكل ذلك مخالف للشريعة.

ومنها: أنهم يخالفون زيد بن علي إمامهم في أكثر الفروع، مع انتسابهم إليه، ويزعمون أنهم أخذوا بفروع أتباعه كما أخذت الشافعية بفروع أصحاب الشافعي، والمالكية بفروع أصحاب مالك، والحنفية بفروع محمد بن الحسن الشيباني وأبي يوسف وزفر أصحاب أبي حنيفة، وليس بصحيح؛ لأن أصحاب كل فقيه ممن رووا زادوا على فرع إمامهم وفروعها، ونقحوا الصحيح منها. والزيدية لم يفعلوا ذلك في فقه زيد بن علي، بل جعلوه كآحاد المخالفين في مسائل الفقه، وجعلوا عمدتهم في المذهب ثلاثة أئمة: من أولاد الحسن اثنين، ومن أولاد الحسين واحد.

(1) رواه مسلم (1853) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه بلفظ: (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما).

ص: 203

وكلهم من أتباع زيد في العقيدة والإمامة، وفروعهم توافق الحنفية أكثر من غيرهم من الفقهاء. وبلداتهم اللاتي يظهرون فيها، ويكون لهم الشوكة على أهلها بالعجم جيلان وديلمان وبعض جرجان وأصفهان (أصبهان) والري والعراق الأعلى: الكوفة والأنبار (1) وبالحجاز مكة وجميع بلدان الحجاز، إلا المدينة، فإن الشوكة فيها للاثنى عشرية (2) وهم في نجد اليمن ظاهرون على منه كصنعاء وصعدة وذمار ونحوها، ولهم في سهولها بلدان أيضاً، كمدينة حلي وما بينها وبين اليمن من بلد المخلاف. ومنهم بالمغرب جماعة كثيرة في جبال يقال لها: أوراس، ولهم أخلاط في أمصار السنية يتسترون بمذهب أبي حنيفة، لأن أبا حنيفة كان من رجال زيد بن علي ومن أتباعه. وهم أتقى الشيعة لولا ما نُقم عليهم" (3).

‌المصدر:

الزيدية نشأتها ومعتقداتها للقاضي إسماعيل بن علي الأكوع - ص73

(1) قد تحول سكان هذه المناطق أو معظمهم إلى مذهب الاثنى عشرية (الإمامية).

(2)

كان هذا في عصر الدامغاني مؤلف (الجوهرة الخالصة)، المعروفة برسالة الدامغاني، أما اليوم، فسكان هذه المناطق من أهل السنة ولله الحمد. وكان هذا التحول قد حدث في عهد الملك العادل نور الدين محمود زنكي رحمه الله الذي أظهر بحلب – كما ذكر المقريزي في ((الذهب المسبوك)) (ص 68) - مذهب أهل السنة، وكان أهلها من الرافضة، وأبطل الأذان بحي على خير العمل، وأنشأ بها المارس على مذاهب الأئمة الأربعة، ثم في عهد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، الذي كان له الفضل في طرد الغزاة الصليبيين الإفرنجة من بلاد الشام، كما تم على يديه القضاء على الدولة الفاطمية التي حكمت شمال إفريقية ومصر وبلاد الشام، وامتد نفوذها إلى الحجاز، ثم إلى اليمن بوساطة الدولة الصليحية.

(3)

هكذا كانت الزيدية في عصر الدامغاني. أما اليوم، فإن أكثر العلويين المنتسبين مذهباً إلى زيد بن علي، ونسباً إلى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، ومن اعتزى إليهم من أهل اليمن –وما أكثرهم- قد تحول بعد قيام الثورة الإيرانية سنة 1979م إلى شيعة اثني عشرية تحت غطاء مذهب الإمام زيد بن علي. ولو كان الأمر يتعلق بهؤلاء شخصياً، لهان الخطب، ولكنهم يسعون بنشاط دائم إلى التبشير بهذا المذهب بالدعاية له وتوزيع كتبه مجاناً، غير ما يباع منها في مكتبات خاصة بأثمان زهيدة، وذلك للانتقام من النظام الجمهوري الذي نشر التعليم على نطاق واسع في ربوع اليمن، مراعياً في ذلك توحيد مناهج التربية بعيداً عن المذهبية الضيقة، ليكون مقبولاً لدى أتباع المذهبين الشافعي والزيدي على حد سواء. والذي سهل لأهل السنة في المناطق السائد فيها المذهب الهادوي الزيدي ممارسة شعائر العبادة في المساجد عنا بحرية تامة من دون خوف ولا وجل، فأقبل كثير من الناس على قراءة كتب السنة طواعية؛ لتأكدهم أنهم هم السبيل الوحيد لإزالة الفوارق المذهبية وتوحيدهم على قلب رجل واحد، فتمحى من ذاكرتهم الأحكام التي كانت تصدر من بعض الحكام بالتكفير والتفسيق لمخالفته مذهبياً، مع أنه يوجد في العلويين من كان قد ترك التقليد وعمل بأحكام الكتاب وصحيح السنة عن فهم وإيمان واعتقاد، لكنهم تحولوا عن ذلك لدوافع سياسية: يأبى الفتى إلا اتباع الهوى ومنهج الحق له واضح مع أنهم يعلمون أن الإمام الهادي يحيى بن الحسين قد هاجم المذهب الجعفري في كتبه، وذكر أن أتباعه على غير حق في ما ذهبوا إليه من عصمة الأئمة الاثنى عشرية، والقول بالتقية، والبداء، وتكفير من سواهم من أصحاب المذاهب الأخرى ((رسائل العدل والتوحيد)) (ص 75). وكان الأحرى بأتباع مذهب الإمام الهادي – إذا كانوا حريصين على نفي ما رسخ في أذهان أتباع المذاهب الأربعة من أن المذهب الزيدي لا يختلف عن المذهب الجعفري، وأنهما يصدران من مشكاة واحدة. أن يلتزموا بما كان عليه الإمام زيد بن علي رضي الله عنه الذي ينتسبون إلى مذهبه اسماً، فيرفضون من رفضهم، ويترضون على من ترضى عنهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعملون بما جاء في مجموع زيد بن علي من رفع اليدين وضمهما في الصلاة والتأمين.

ص: 204