المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث السابع: الكتب الأربعة - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌ج- القول بجواز التقية القولية دون العملية

- ‌د- أدلة المانعين للتقية

- ‌هـ - أدلة القائلين بجواز التقية

- ‌المطلب الثاني: موقف الخوارج من القعدة

- ‌تمهيد في الولاية والبراءة عند الخوارج

- ‌1 - موقفهم من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم

- ‌ب- موقفهم من بعض كبار الصحابة

- ‌المطلب الثاني: موقف الخوارج من عامة المسلمين المخالفين لهم

- ‌أ- موقف الغلاة منهم:

- ‌ب- موقف المعتدلين منهم:

- ‌المطلب الثالث: موقف الخوارج من أهل الذمة

- ‌المطلب الرابع: حكم الخوارج في أطفال مخالفيهم

- ‌المبحث الأول: الحوار والمناقشة وإزالة الشبه

- ‌المبحث الثاني: الوعظ والنصيحة

- ‌المبحث الثالث: الترغيب والترهيب

- ‌المبحث الرابع: ذم الخوارج وذم صنيعهم، ونشر النصوص النبوية الواردة في حقهم

- ‌المبحث الخامس: تحذير الناس من مسلكهم ببيان سوء فعلتهم، وإنزال نصوص قرآنية فيهم حتى لا يغتر بهم

- ‌المبحث السادس: هجرهم

- ‌المبحث السابع: الإجابة عن أسئلتهم، وعدم صدهم، ومراسلتهم إن دعت الحاجة

- ‌المبحث الثامن: عدم الاعتداء عليهم بل السير فيهم السيرة العادلة

- ‌المبحث التاسع: إعطاء الأمان لمن رجع منهم ومحاولة استصلاحه، وإعلان الكف عمن كف منهم ورجع

- ‌المبحث العاشر: قتالهم

- ‌الفصل الحادي عشر: محاورات علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخوارج

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: دولة الإباضية في عُمان

- ‌المطلب الثاني: دولة الإباضية في المغرب

- ‌أولا: موقف الإباضية من سائر المخالفين

- ‌ثانيا: موقف الإباضية من الصحابة

- ‌المطلب الرابع: عقائد الإباضية

- ‌المطلب الخامس: فقه الإباضية

- ‌المبحث الثاني: جماعة التكفير والهجرة (جماعة المسلمين)

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌أولا: التأسيس

- ‌ثانيا: من أبرز الشخصيات

- ‌المطلب الثالث: الأفكار والمعتقدات

- ‌المطلب الرابع: مبادئهم وأصولهم

- ‌أولا: مبدأ الحد الأدنى من الإسلام

- ‌ثانيا: مبدأ قاعدة التبين

- ‌ثالثا: مبدأ قاعدة تعارض الفرائض

- ‌رابعا: تكفيرهم لمرتكبي الكبائر:

- ‌خامسا: زعمهم أنهم جماعة آخر الزمان

- ‌سادسا: دعواهم أن زعيمهم هو المهدي المنتظر

- ‌سابعا: زعمهم بتميز جماعتهم

- ‌ثامنا: دعواتهم إلى الأمية ومحاربة التعليم

- ‌تاسعا: دعوتهم إلى اعتزال المجتمع

- ‌المطلب الخامس: أخطاؤهم في المنهج

- ‌أولا: أقوالهم في فهم الكتاب والسنة

- ‌ثانيا: ردهم للإجماع

- ‌ثالثا: طعنهم في الصحابة وردهم لأقوالهم

- ‌رابعا: آراؤهم في التقليد

- ‌المطلب السادس: أماكن الانتشار

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المبحث الأول: الحكم بتكفير الخوارج

- ‌المبحث الثاني: الحكم بعدم تكفير الخوارج

- ‌المبحث الثالث: تعقيب على إطلاق الحكم بالتكفير

- ‌مراجع للتوسع

- ‌المبحث الأول: الشيعة لغة

- ‌المبحث الثاني: الشيعة اصطلاحاً

- ‌الفصل الثاني: متى ظهر التشيع

- ‌الفصل الثالث: المراحل التي مر بها مفهوم التشيع

- ‌الفصل الرابع: أسماء الشيعة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: السبب في تفرق الشيعة

- ‌المبحث الثاني: عدد فرقهم

- ‌المبحث الثالث: السبب في عدم اتفاق العلماء على عدد فرق الشيعة

- ‌المطلب الأول: التعريف بالسبئية ومؤسسها

- ‌المطلب الثاني: الأفكار اليهودية المدسوسة

- ‌المطلب الثالث: منكروا ابن سبأ والرد عليهم

- ‌المطلب الرابع: عقيدة ابن سبأ وضلالاته

- ‌المطلب الخامس: موقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأهل بيته من ابن سبأ

- ‌المطلب السادس: موقف أتباع عبد الله بن سبأ لما سمعوا بمقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

- ‌المطلب السابع: موقف أهل بيت النبي الكريم من ابن سبأ

- ‌المبحث الثاني: الكيسانية

- ‌المطلب الأول: كيف صارت الكيسانية مختارية

- ‌المطلب الثاني: مؤسس المختارية (المختار بن أبي عبيد الثقفي)

- ‌المطلب الثالث: التعريف بمحمد بن الحنفية واختلاف الشيعة بعده

- ‌المبحث الرابع: الزيدية

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: نشأة الزيدية

- ‌المطلب الثالث: موقف زيد من حكام بني أمية

- ‌المطلب الرابع: الأفكار والمعتقدات

- ‌المطلب الخامس: الجذور الفكرية والعقائدية

- ‌المطلب السادس: موقفهم من الإمامة

- ‌المطلب السابع: آراء زيد والزيدية

- ‌الجارودية:

- ‌البترية:

- ‌زيدية الجيل والديلم:

- ‌زيدية اليمن:

- ‌المطلب التاسع: فرق جارودية اليمن

- ‌1 - الحُسَيْنية:

- ‌2 - المُطَّرِّفية:

- ‌3 - المخترعة:

- ‌المطلب العاشر: أئمة الزيدية ودورهم في نشر القبورية في اليمن

- ‌المطلب الحادي عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المطلب الأول: معنى الرافضة لغة واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: سبب تسميتهم بالرافضة

- ‌المطلب الثالث: وقت وجودهم قبل اتصالهم بزيد

- ‌المطلب الرابع: أسماؤهم قبل اتصالهم بزيد

- ‌المطلب الخامس: فرق الروافض

- ‌المطلب السادس: أسماء الاثنا عشرية وسبب تلك التسميات

- ‌المطلب السابع: سبب انتشار مذهب الرافضة (الاثنا عشرية) وأماكن انتشارهم

- ‌المطلب الثامن: أهم الأماكن التي انتشر فيها هذا المذهب

- ‌المطلب التاسع: فرق الاثني عشرية وانقسامها

- ‌الفصل السابع: دول الشيعة والتأثير في المذهب

- ‌الفصل الثامن: أثر الفلسفة القديمة في الشيعة

- ‌المبحث الأول: معنى نزعة التشيع

- ‌المبحث الثاني: نشأة التشيع

- ‌المبحث الثالث: أثر النزعة المذهبية

- ‌المبحث الرابع: نزعة التشيع

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الرواة الشيعة:

- ‌المطلب الثاني: المصنفات الشيعية

- ‌المبحث السادس: تناقض كتب الشيعة الإمامية الاثني عشرية

- ‌المبحث الأول: أقسام أخبار الشيعة

- ‌المبحث الثاني: الأدلة عند الشيعة

- ‌المبحث الثالث: طبقات الشيعة

- ‌المبحث الأول: بداية وضع الأخبار

- ‌المبحث الثاني: الأصول الأربعمائة

- ‌المبحث الثالث: الجرح والتعديل عند الشيعة والرافضة

- ‌المبحث الرابع: مفهوم السنة عندهم

- ‌المبحث الخامس: مراتب الحديث

- ‌المبحث السادس: التعارض والترجيح

- ‌المبحث السابع: الكتب الأربعة

- ‌الفصل الثاني عشر: التفسير وأصوله عند الشيعة الاثني عشرية

- ‌المبحث الأول: القرآن الصامت والقرآن الناطق

- ‌المطلب الأول: الإمام كالنبي

- ‌المطلب الثاني: مذهب الإخباريين

- ‌المطلب الثالث: قول الأصوليين

- ‌المطلب الرابع: النسخ بعد عصر النبوة

- ‌المطلب الخامس: التخصيص

- ‌المطلب السادس: كتمان الحكم تقية أو للتدرج

- ‌المطلب الأول: حجية الظواهر

- ‌المطلب الثاني: الباطن

- ‌المطلب الأول: لماذا قالوا بالتحريف

- ‌المطلب الثاني: أشهر كتب الغلاة

- ‌المطلب الثالث: سورة الولاية في كتاب دبستان المذاهب

- ‌المطلب الرابع: من القائلون بالتحريف

- ‌المطلب الخامس: معتدلو الشيعة يتصدون لحركة الغلاة

- ‌المطلب السادس: كتب التفسير الشيعي في القرن الثالث

- ‌الكتاب الأول: تفسير الحسن العسكري

- ‌الكتاب الثاني: تفسير القمي

- ‌الكتاب الثالث: تفسير العياشي

- ‌المطلب الأول: أصول التفسير عند الطوسي والطبرسي

- ‌المطلب الثاني: الفرق بينهما وبين الجمهور

- ‌المطلب الأول: تفسير الصافي

- ‌المطلب الثاني: (البرهان في تفسير القرآن)

- ‌المطلب الثالث: بحار الأنوار

- ‌المطلب الرابع: تأويل الآيات الباهرة

- ‌المطلب الخامس: تفسير شبر:

- ‌المطلب السادس: كنز العرفان

- ‌المطلب السابع: زبدة البيان

- ‌المطلب الثامن: الميزان

- ‌المطلب التاسع: التفسير الكاشف

- ‌المطلب العاشر: البيان

- ‌المبحث السادس: نظرة عامة لباقي كتب التفسير

- ‌الفصل الثالث عشر: الشيعة ومخالفتهم أهل البيت

- ‌الفصل الرابع عشر: موقف الشيعة من الصحابة

- ‌المطلب الأول: موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الصديق

- ‌المطلب الثاني: موقف ابن عباس من الصديق

- ‌المطلب الثالث: موقف الحسن بن علي رضي الله عنهما من الصديق

- ‌المطلب الرابع: موقف الإمام الرابع علي بن الحسن بن علي من الصديق

- ‌المطلب الخامس: موقف محمد بن علي بن الحسين الملقب بالباقر من الصديق

- ‌المطلب السادس: موقف جعفر بن محمد بن علي من الصديق

- ‌المطلب السابع: موقف الحسن العسكري

- ‌المطلب الثامن: موقف زيد بن علي بن الحسين

- ‌المطلب التاسع: موقف سلمان الفارسي الصحابي الجليل

- ‌المطلب العاشر: خلافة الصديق

- ‌المطلب الحادي عشر: اقتداء علي بالصديق في الصلوات وقبوله الهدايا منه

- ‌المطلب الثاني عشر: مساعدة الصديق في تزويج علي من فاطمة

- ‌المطلب الثالث عشر: المصاهرات بين الصديق وآل البيت

- ‌المطلب الرابع عشر: قضية فدك

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الفاروق عمر رضي الله عنه

- ‌المطلب الثاني: مدح أهل البيت الفاروق

- ‌المطلب الثالث: تزويج المرتضى أم كلثوم من الفاروق

- ‌المطلب الرابع: إكرام الفاروق أهل البيت واحترامه إياهم

- ‌المطلب الخامس: حب آل البيت ومبايعتهم إياه

- ‌المبحث الثالث: موقف أهل البيت من ذي النورين

- ‌الفصل السادس عشر: موقف الشيعة من الخلفاء الراشدين الثلاثة

- ‌الفصل السابع عشر: موقف أهل البيت من أعداء الخلفاء الراشدين

- ‌المبحث الأول: موقف علي رضي الله عنه من الشيعة

- ‌المطلب الأول: رفض التشيع المطلق، وتقييده بالكتاب والسنة

- ‌المطلب الثاني: التصريح بقول من يُكذب عليه حتى لا تنتشر الشائعات

- ‌المطلب الثالث: الإعلام والإعلان بالحق لدحض الشبهات

- ‌المطلب الرابع: الرد على الشبهات، وتوضيح المشكلات التي يروج لها حال ظهورها

- ‌المطلب الخامس: المناقشة والاحتجاج

- ‌المطلب السادس: البيان والإيضاح قبل إيقاع العقوبة

- ‌المطلب السابع: إيقاع العقوبة على من جاء بالبدعة ولو ادعى التشيع

- ‌المطلب الثامن: التحذير منهم ومن كلامهم، وزجر من ينقل أقوالهم

- ‌المطلب التاسع: التحذير من غدر الشيعة بأئمتها، وبيان أنه لا يوثق بهم ولا بتشيعهم

- ‌المطلب العاشر: إعلان البراءة ممن يتخذ التشيع له ستارا لنشر البدع وهدم الدين

- ‌المطلب الحادي عشر: الوصية بالاعتدال في الحب، وبيان معنى التشيع الحق المطلوب لآل البيت

- ‌المطلب الثاني عشر: حكمهم

- ‌الفصل الثامن عشر: موقف الشيعة الاثني عشرية من الأئمة الأربعة:

- ‌المبحث الأول: عداء الشيعة الاثني عشرية للأئمة الأربعة:

- ‌المبحث الثاني: اتهام الأئمة الأربعة بإحداث مذاهب مخالفة للكتاب والسنة

- ‌المبحث الثالث: دعوى الإمامية أن المذاهب الأربعة تجري وفق هوى السلطات:

الفصل: ‌المبحث السابع: الكتب الأربعة

‌المبحث السابع: الكتب الأربعة

للجعفرية الاثني عشرية كتب كثيرة تروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك عن أئمتهم، ولكن الذي يعنينا هنا الكتب المعتمدة لديهم، فغير المعتد ليس بحجة لهم أو عليهم.

وهذه الكتب المعتمدة أربعة:

أولها (الكافي) لأبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني، الملقب بحجة الإسلام وثقته، المتوفي سنة 329هـ.

والثاني (من لا يحضره الفقيه) لمحمد بن بابويه القمي، الملقب بالصدوق، المتوفي سنة 381 هـ.

والآخران هما (التهذيب) و (الاستبصار)، وكلاهما لمحمد بن الحسن الطوسي شيخ الطائفة، المتوفي سنة 460 هـ.

والكافي له المقام الأعلى عند الجعفرية، يقول عبدالحسين المظفر في مقدمته لأصول الكافي:" ولما كان البحث يدور حول كتابنا هذا، فقد عرفت ما سجله على صفحاته مؤلفه من الأحاديث التي يبلغ عددها زهاء سبعة عشر ألف حديث، وهي أول موسوعة إسلامية استطاع مؤلفها أن يرسم بين دفتيها مثل هذا العدد من الأحاديث، وقد كلفته هذه المجموعة أن يضحي من عمره عشرين سنة قضاها في رحلاته متنقلا من بلدة إلى أخرى، لا يبلغه عن أحد مؤلف، أو يروي حديثا، إلا وشد الرحال إليه، ومهما كلفه الأمر فلا يبرح حتى يجتمع به، ويأخذ عنه، ولذلك تمكن من جمع الأحاديث الصحيحة. وهذه الأحاديث التي جاءت في (الكافي) جميعها ذهب المؤلف إلى صحتها، ولذلك عبر عنها بالصحيحة ". ويقول: "ويعتقد بعض العلماء أنه عرض على القائم رضي الله عنه (يعنى الإمام الثاني عشر) فاستحسنه وقال: كاف لشيعتنا "(1)." وقد اتفق أهل الإمامة، وجمهور الشيعة على تفضيل هذا الكتاب، والأخذ به والثقة بخبره، والاكتفاء بأحكامه. وهم مجمعون على الإقرار بارتفاع درجته وعلو قدره، على أنه القطب الذي عليه مدار روايات الثقات المعروفين بالضبط والإتقان إلى اليوم، وعندهم أجل وأفضل من جميع أصول الأحاديث "(2)

فلا خلاف إذن بين الجعفرية حول مكانة الكافي، ولكنا ذكرنا من قبل أن مراتب الحديث المعروفة عند متأخري الجعفرية ظهرت على يد علامتهم الحلي، أي بعد الكليني بقرابة أربعة قرون، والكليني يذهب إلى أن كل ما جمعه في الكافي صحيح، فماذا يعنى بالصحيح هنا؟ يوضح هذا أحد كتابهم فيقول:"إن الصحيح عند المتقدمين هو الذي يصح العمل به والاعتماد عليه، ولو لم يكن من حيث سنده مستوفياً للشروط التي ذكرناها، والصحيح في عرف المتأخرين هو الجامع لتلك الشروط "(3)

(1)(ص 19).

(2)

(ص 20).

(3)

((دراسات في الكافي للكليني والصحيح للبخاري)) لهاشم معروف الحسني (ص 43).

ص: 284

ثم يقول بعد حديث عن الكليني وكتابه: " المتحصل من ذلك أن الذين اعتمدوا على (الكافي)، واعتبروا جميع مروياته حجة عليهم فيما بينهم وبين الله سبحانه، هؤلاء لم يعتمدوا عليها إلا من حيث الوثوق والاطمئنان بالكليني الذي اعتمد عليها، وكما ذكرنا فإن وثوق الكليني بها لم يكن مصدره بالنسبة إلى جميعها عدالة الرواة، بل كان في بعضها من جهة القرائن التي تيسر له الوقوف عليها نظراً لقرب عهده بالأئمة عليهم السلام، ووجود الأصول المختارة في عصره. هذا بالاضافة إلى عنصر الاجتهاد والذي يرافق هذه البحوث في الغالب. يؤيد ذلك أن الكليني نفسه لم يدع بأن مرويات كتابه كلها من الصحيح المتصل سنده بالمعصوم بواسطة العدول، فإنه قال في جواب من سأله تأليف كتاب جامع يصح العمل به، والاعتماد عليه، قال: وقد يسر لي الله تأليف ما سألت، وأرجو أن يكون بحيث توخيت. وهذا الكلام منه كالصريح في أنه قد بذل جهده في جمعه وإتقانه، معتمدا على اجتهاده وثقته بتلك المجاميع والأصول الأربعمائة التي كانت مرجعاً لأكثر المتقدمين عليه، ومصدراً لأكثر مرويات كتابه "(1).

(1)((دراسات في الكافي للكليني والصحيح للبخاري)): (ص 126) والأصول الأربعمائة يراد بها ما اشتمل على كلام الأئمة، أو روى عنهم بلا واسطة كما يعتقد الجعفرية، ويعتقدون كذلك أن ما في هذا الأصول قد جمع في الكتب الأربعة المعتمدة عندهم. انظر ((ضياء الدراية)) الباب العاشر (ص 71) وما بعدها و (ص 86)، وراجع الفصل الأول من هذا القسم).

ص: 285

ويقول الحسني أيضا: " والشيء الطبيعى أن تتضاءل تلك الثقة التي كانت للكافي - على مرور الزمن بسبب بعد المسافة بين الأئمة عليهم السلام وبين الطبقات التي توالت مع الزمن بمجيء دور العلامة الحلي: انفتح باب التشكيك في تلك الروايات على مصراعيه بعد أن صنف الحديث إلى الأصناف الأربعة، فتحرر العلماء من تقليد المتقدمين فيما يعود إلى الحديث، وعرضوا مرويات الكافي وغيره على أصول علم الدراية وقواعده، فما كان منها مستوفياً للشروط المقررة أقروا العمل به والاعتماد عليه، وردوا ما لم تتوفر فيه الشروط المطلوبة. وعلى هذا الأساس، توزعت أحاديث الكافي التي بلغت ستة عشر ألف حديث ومائة وتسعة وتسعين حديثاً على النحو التالي: الصحيح منها خمسة آلاف واثنان وسبعون حديثاً، والحسن مائة وأربعة وأربعون حديثاً، الموثق ألف ومائة وثمانية وعشرون حديثاً، القوي (1) ثلاثمائة وحديثان، والضعيف تسعة آلاف وأربعمائة وخمسة وثمانون حديثاً (2). ومما تجدر الإشارة إليه أن اتصاف هذا المقدار من روايات الكافي بالضعف لا يعني سقوطها بكاملها عن درجة الاعتبار، وعدم جواز الاعتماد عليها في أمور الدين، ذلك لأن وصف الرواية بالضعف من حيث سندها، وبلحاظ ذاتها لا يمنع من قوتها من ناحية ثانية كوجودها في أحد الأصول الأربعمائة، أو بعض الكتب المعتبرة، أو موافقتها للكتاب والسنة، أو لكونها معمولاً بها عند العلماء وقد نص أكثر الفقهاء أن الرواية الضعيفة إذا اشتهر العمل بها والاعتماد عليها تصبح كغيرها من الروايات الصحيحة وربما تترجح عليها في مقام التعارض (3).والكافي يقع في ثمانية أجزاء تضم الأصول والفروع: فالأصول وهي التي تتصل بالعقائد، تقع في الجزأين الأول والثاني. والفروع في الفقه تقع في خمسة أجزاء، أما الجزء الأخير وهو الروضة، فيقول عنه الدكتور حسين علي محفوظ: لما أكمل الكليني كتابه هذا، وأتم رد مواده إلى فصولها، بقيت زيادات كثيرة من خطب أهل البيت، ورسائل الأئمة وآداب الصالحين وطرائف الحكم وألوان العلم مما لاينبغي تركه، فألف هذا المجموع الأنف، وسماه (الروضة) لأن الروضة منبت أنواع الثمر، ومعدن ألوان الزهر. والروضة على كل حال مرجع قيم وأصل شريف

إلخ (4).

هذا هو الكافي، الكتاب الأول عند الجعفرية، أما الكتب الثلاثة الأخرى فإنها تقتصر على الروايات المتصلة بالأحكام الفقهية، أي أنها تلتقي مع الفروع من (الكافي). ولذلك عندما نبحث عن أثر عقيدة الإمامة في الكتب الأربعة سندرس أولاً الأصول مع الروضة، ثم نجعل (الفروع) من (الكافي) مع بقية الكتب الأربعة

فالكافي مملوء بهذا الضلال المضل، وعلى الأخص في الأصول والروضة، وهي الأجزاء التي نبدأ الآن الحديث عنها، وبيان ما بها من ضلال وزيغ تأثراً بعقيدة الرفض الباطلة، وبما نادى به ابن سبأ اللعين.

أولاً: الجزء الأول من أصول الكافي:

(1) في ((ضياء الدراية)): قد يقال للموثق (القوى) لقوة الظن بجانبه بسبب توثيقه، قال المامقاني: وهو وإن كان صحيحاً لغة ولكنه خلاف الاصطلاح. ونقل عن غيره أن القوى هوالمروى الإمامي غير الممدوح ولا المذموم. وعرفه غير أحد من المتأخرين، بأنه ما خرج عن الأقسام المذكورة ولم يدخل في الضعيف. ثم قال: وكيف ما كان عده الأكثر من أقسام الموثق، وبعضهم جعله أصلاً مستقلاً انظر (ص 25).

(2)

ويبقى ثمانية وستون بغير ذكر؟

(3)

((دراسات في الكافي)): (ص 129 – 130) وراجع ما كتب آنفاً عن الترجيح وعلى الأخص مخالفة العامة التي لم يشر لها هنا.

(4)

((مقدمة الروضة)) (ص 9).

ص: 286

عندما ننظر في الجزء الأول من (أصول الكافي) نجد أن أكثر من ثلثيه يقع تحت عنوان كتاب (الحجة)، قال الكليني في خطبة (الكافي):" ووسعنا قليلاً كتاب (الحجة)، وإن لم نكمله على استحقاقه لأنا كرهنا أن نبخس حظوظه كلها، وأرجو أن يسهل الله ـ جل وعز ـ إمضاء ما قدمنا من النية، إن تأخر الأجل صنفنا كتاباً أوسع وأكمل منه، نوفيه حقوقه كلها "(ص 9).

والكتاب كما يبدو من عنوانه يتعلق بالحجة أي الإمام، فالكتاب نفسه إذن أثر من آثار عقيدة الإمامة الباطلة! وننظر في أبواب كتاب (الحجة) هذا فنرى " باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث "(ص 167).

والرواية الأولى: عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عن قول الله عز وجل وكان " رسولاً نبياً " ما الرسول وما النبي؟ قال النبي الذي يرى في منامه، ويسمع الصوت ولا يعاين الملك. والرسول الذي يسمع الصوت، ويرى في المنام ويعاين الملك. قلت: " الإمام ما منزلته؟ قال: يسمع الصوت ولا يرى، ولا يعاين الملك، ثم تلا هذه الآية: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ [الحج:52] ولا محدث).وضم الباب ثلاث روايات أخرى (1).

وذكر الكليني بعد هذا ثلاث روايات بأن " الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام حتى يعرف ".

وفي " باب أن الأرض لا تخلو من حجة "(ص 178 –179) ذكر الكليني ثلاث عشرة رواية منها: عن أبي عبدالله: أن الأرض لا تخلو إلا وفيها إمام كيما إن زاد المؤمنون شيئاً ردهم وإن نقصوا شيئاً أتمه لهم (2).

وعنه: أن الله أجل وأعظم من أن يترك الأرض بغير إمام عادل.

وعنه أيضاً: لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت.

وعن أبي جعفر: لو أن الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله.

وفي " باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة "(179 - 180) ذكر خمس روايات منها: " عن أبي عبدالله: لو كان الناس رجلين لكان أحدهما الإمام وقال: إن آخر من يموت الإمام لئلا يحتج أحد على الله عز وجل – أنه تركه بغير حجة لله عليه ". وذكر الكليني أربع عشرة رواية في " باب معرفة الإمام والرد إليه "(ص 180 - 185) منها: " عن أبي حمزة عن أبي جعفر قال: إنما يعبد الله من يعرف الله فأما من لايعرف الله فإنما يعبده هكذا ضلالاً. قلت: جعلت فداك فما معرفة الله؟ قال: تصديق الله عز وجل، وتصديق رسوله صلى الله عليه وسلم، وموالاة علي والائتمام به وأئمة الهدى والبراءة إلى الله عز وجل من عدوهم، هكذا يعرف الله عز وجل "(3).وعن أبي عبدالله: " كان أمير المؤمنين إماماً ثم كان الحسن إماما ثم كان الحسين إماماً، ثم كان علي بن الحسين إماماً ثم كان محمد بن علي إماماً، من أنكر ذلك كان كمن أنكر معرفة الله تبارك وتعالى: ومعرفة الرسول صلى الله عليه وسلم "(4).

وترى الكليني بعد هذا يحرف معانى بعض آي القرآن الكريم ليؤيد ما سبق وليصل إلى الافتراء بأن أصحاب الثلاثة ضلوا أي أصحاب الخلفاء الراشدين الثلاثة. وفي " باب فرض طاعة الأئمة " يذكر سبع عشرة رواية، منها ما نسبه للإمام الصادق:" نحن الذين فرض الله طاعتنا، لا يسع الناس إلا معرفتنا، ولا يعذر الناس بجهالتنا من عرفنا كان مؤمناً، ومن أنكرنا كان كافراً ومن لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضالاً "(5).

وفي " باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه "(ص 190 - 191) يذكر خمس روايات ويحرف معاني بعض آيات القرآن الكريم، ليجعل أئمة الجعفرية الرافضة هم الشهداء على الناس.

(1) انظر (ص 177).

(2)

ومعنى هذا أن إمامهم الثاني عشر يقوم بهذا الدور الآن.

(3)

(ص 180).

(4)

(ص 181).

(5)

(ص 187)، وانظر الباب:(ص185: 190).

ص: 287

وفي " باب أن الأئمة هم الهداة "(191 - 192) يذكر أربع روايات، ويحرف معنى الآية السابعة من سورة الرعد إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ [الرعد:7] فيؤول كلمة هاد بأنها الإمام علي، ثم أئمة الشيعة الجعفرية من بعده.

وفي " باب أن الأئمة ولاة أمر الله وخزنة علمه "(ص 192 - 193) يذكر ست روايات منها:

عن أبي جعفر عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال تبارك وتعالى: " استكمال حجتي على الأشقياء من أمتك من ترك ولاية علي والأوصياء من بعدك، فإن فيهم سنتك وسنة الأنبياء من قبلك، وهم خزاني على علمي من بعدك ". ثم قال الرسول: " لقد أنبأني جبريل رضي الله عنه بأسمائهم وأسماء آبائهم ".

وفيها: " عن أبي عبدالله إن الله عز وجل خلقنا فأحسن خلقنا وصورنا فأحسن صورنا وجعلنا خزانه في سمائه وأرضه، ولنا نطقت الشجرة، وبعبادتنا عبدالله عز وجل، ولولانا ما عبدالله ".

وفي " باب أن الأئمة خلفاء الله عز وجل في أرضه وأبوابه التي منها يؤتى "(ص 193 - 194) يذكر الكليني ثلاث روايات ويذكر أن الأئمة المراد من قول الله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ [النور:55].

وفي " باب أن الأئمة نور الله عز وجل "(ص 194 - 196) يذكر هذه الروايات: عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا [التغابن:8].

قال: يا أبا خالد، النور والله نور الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة، وهم والله نور الله الذي أنزل، وهم نور الله في السموات والأرض. والله يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار، وهم والله ينورون قلوب المؤمنين، ويحجب الله عز وجل نورهم عمن يشاء فتظلم قلوبهم، والله يا أبا خالد لا يحبنا عبد ويتولانا حتى يطهر الله قلبه، ولا يطهر الله قلب عبد حتى يسلم لنا ويكون سلماً لنا، فإذا كان سلماً لنا سلمه الله من شديد الحساب، وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر ".

وعن أبي عبدالله في تفسير النور في (الآية 157) من الأعراف " النور في هذا الموضع على أمير المؤمنين والأئمة ".

وعن أبي جعفر في نُورًا تَمْشُونَ بِهِ [الحديد: 28] يعني إماماً تأتمون به.

ص: 288

وعن صالح بن سهل الهمداني قال: قال أبو عبدالله في قول الله تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ [النور:35]. فاطمة عليها السلام فِيهَا مِصْبَاحٌ النورالحسن الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الحسين الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ فاطمة كوكب دري بين نساء أهل الدنيا يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ إبراهيم رضي الله عنه لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ لا يهودية ولا نصرانية يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ يكاد العلم ينفجر بها وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ إمام منها بعد إمام يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء يهدي الله للأئمة من يشاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ [النور:35].قلت: أَوْ كَظُلُمَاتٍ قال: الأول وصاحبه يَغْشَاهُ مَوْجٌ الثالث مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ الثاني بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ معاوية لعنه الله وفتن بني أمية إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ المؤمن في ظلمه فتنتهم لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا إماماً من ولد فاطمة عليها السلام فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ إمام يوم القيامة (1).

وقال في قوله تعالى: يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم أئمة المؤمنين يوم القيامة تسعى بين يدي المؤمنين وبأيمانهم حتى ينزلوهم منازل أهل الجنة. وعن علي بن جعفر عن أخيه موسى مثله.

وعن أبي الحسن يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ قال: يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين بأفواههم

" والله متم نوره: والله متم الإمامة، والإمامة هي النور وذلك قوله عز وجل: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا [التغابن:8] قال: النور هو الإمام.

(1) يقصد الكليني بالأول والثاني والثالث الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم، وفي الآية التى ذكرها من سورة النور " 40 "، ولكنه ذكر أجزاء منها ونصها أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ * النور:40* ومع ظهور زندقة الكليني وموقفه من خير البشر بعد الرسول، يطلق عليه الرافضة: حجة الإسلام.

ص: 289

وفي " باب أن الأئمة هم أركان الأرض "(196 - 198) يروي الكليني: عن أبي عبدالله: ما جاء به علي آخذ به، وما نهى عنه انتهى عنه، جرى له من الفضل مثل ما جرى لمحمد صلى الله عليه وسلم، ولمحمد صلى الله عليه وسلم الفضل على جميع من خلق الله عز وجل، المتعقب عليه في شيء من أحكامه كالمتعقب على الله وعلى رسوله، والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بالله. كان أمير المؤمنين باب الله الذي لا يؤتى إلا منه، وسبيله الذي من سلك بغيره هلك، وكذلك يجرى لأئمة الهدى واحداً بعد واحد، جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بأهلها، وحجته البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى، وكان أمير المؤمنين كثيراً ما يقول: أنا قسيم الله بين الجنة والنار، وأنا الفاروق الأكبر، وأنا صاحب العصا والميسم، ولقد أقرت لي جميع الملائكة والروح والرسل بمثل ما أقروا به لمحمد رضي الله عنه، ولقد حملت على مثل حمولته وهي حمولة الرب، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعى فيكسى، وأدعى فأكسى، ويستنطق وأستنطق فأنطق على حد منطقه، ولقد أعطيت خصالاً ما سبقني إليها أحد قبلي: علمت المنايا والبلايا والأنساب، وفصل الخطاب، فلم يفتني ما سبقني، ولم يعزب عني ما غاب عني، أبشر بإذن الله وأؤدي عنه، كل ذلك من الله مكنني فيه بعلمه.

وذكر الرواية السابقة أيضاً بطريق آخر، وذكر مضمونها بطريق ثالث، وفيها أن الأئمة " جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بهم، والحجة البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى ".ثم ذكر رواية مماثلة عن أبي جعفر، وفيها أن الإمام علياً قال:" وإني لصاحب الكرات (1) ودولة الدول، وإني لصاحب العصا والميسم، والدابة التي تكلم الناس ".

وفي " باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته "(ص 198 - 205) يذكر الكليني فيما يرويه: إن الإمامة خص الله عز وجل بها إبراهيم الخليل رضي الله عنه بعد النبوة

فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورثها الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم فقال جل وتعالى: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران:68] فكانت له خاصة فقلدها صلى الله عليه وسلم علياً بأمر الله تعالى على رسم مما فرض الله. فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والإيمان بقوله تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ [الروم:56] فهي في ولد علي خاصة إلى يوم القيامة، إذ لا نبي بعد محمد، فمن أين يختار هؤلاء الجهال الإمام المطهر من الذنوب، والمبرأ من العيوب، المخصوص بالعلم الموسوم بالحلم، نظام الدين، وعز المسلمين، وغيظ المنافقين، وبوار الكافرين. الإمام واحد دهره، لا يدانيه أحد، ولا يعادله عالم، ولا يوجد منه بدل ولا له مثل ولا نظير، مخصوص بالفضل كله من غير طلب منه ولا اكتساب، بل اختصاص من المفضل الوهاب، فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام، أو يمكنه اختياره .. راموا إقامة الإمام بعقول حائرة ناقصة، وآراء مضلة، فلم يزدادوا منه إلا بعداً، قاتلهم الله أنى يؤفكون، ولقد راموا صعباً، وقالوا إفكاً وضلوا ضلالاً بعيداً، ووقعوا في الحيرة، إذ تركوا الإمام عن بصيرة، وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين.

(1) في الحاشية فسرها بقوله: أي الرجعات إلى الدنيا.

ص: 290

رغبوا عن اختيار الله واختيار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهل بيته إلى اختيارهم، والقرآن يناديهم: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [القصص:68] وقال عز وجل: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب:36] وقال: مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ القلم أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ "إلى" إِن كَانُوا صَادِقِينَ [القلم:36 - 41].

وأن العبد إذا اختاره الله عز وجل لأمور عباده شرح صدره لذلك، وأودع قلبه ينابيع الحكمة، وألهمه العلم إلهاماً، فلم يعي بعده بجواب، ولا يحير فيه عن الصواب، فهو معصوم مؤيد موفق مسدد، قد أمن من الخطايا والزلل والعثار.

وفي " باب أن الأئمة ولاة الأمر وهم الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل "(ص 205 - 206) يذكر الكليني خمس روايات منها:

إن الإمام الباقر سئل عن قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ [النساء:59] فكان جوابه: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً [النساء:51]، يقولون لأئمة الضلالة والدعاة إلى النار: هؤلاء أهدى من آل محمد سبيلا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَن يَلْعَنِ اللهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا [النساء:52] يعنى الإمامة والخلافة. فَإِذًا لَاّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا [النساء:53] نحن الناس الذين عنى الله. أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ [النساء:54] نحن الناس المحسودون على ما آتانا الله من الإمامة دون خلق الله أجمعين.

وفي " باب أن الأئمة هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه "(ص 206 - 207) يذكر ثلاث روايات.

وفي " باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة "(ص 207) يذكر ثلاث روايات، يحرف بها معاني بعض آي القرآن الكريم كما فعل في الباب السابق.

وفي " باب ما فرض الله عز وجل، ورسوله صلى الله عليه وسلم. من الكون مع الأئمة"(ص 208 - 210)، يذكر سبع روايات، روايتين أن الأئمة هم مراد الله تعالى من قوله: اتَّقُواْ اللهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119].

وينسب خمساً من الروايات للرسول صلى الله عليه وسلم، فيزعم أنه قال:((من سره أن يحيا حياتي، ويموت ميتتى، ويدخل الجنة. فليتول علي بن أبي طالب وأوصياءه من بعده)). وفي بعضها: ((لقد أتاني جبرائيل بأسمائهم، وأسماء آبائهم، وأحبائهم والمسلمين لفضلهم)).

وفي رواية أخرى: ((إلى الله أشكو أمر أمتي، المنكرين لفضلهم، القاطعين فيهم صلتي، وأيم الله ليقتلن ابني، لا أنالهم الله شفاعتي)).

ونجد تحريف الكليني لمعاني بعض آيات القرآن المجيد في الأبواب التالية " باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة "(ص 210 - 212) ثلاث روايات.

" باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هو الأئمة "(ص 212) روايتان.

" باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة "(ص 213) ثلاث روايات.

" باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم "(ص 213 - 214) خمس روايات.

" باب في أن من اصطفاه الله من عباده، وأورثهم كتابه هم الأئمة "(ص 214 - 215، أربع روايات).

" باب أن القرآن يهدي للإمام "(ص 216، روايتان).

ص: 291

" باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة "(ص 217، أربع روايات).

" باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة والسبيل فيهم مقيم "(ص 218 - 219، خمس روايات).

ويذكر الكليني روايتين في " باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله، وإمام يدعو إلى النار "(ص 215 - 216) وأولى الروايتين هي:

عن أبي جعفر: لما نزلت هذه الآية: يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ [الإسراء:71] قال المسلمون: يا رسول الله، ألست إمام الناس كلهم أجمعين؟ قال:: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا رسول الله إلى الناس أجمعين، ولكن سيكون من بعدي أئمة على الناس من الله من أهل بيتي، يقدمون في الناس فيكذبون، ويظلمهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم، فمن والاهم واتبعهم وصدقهم فهو مني ومعي وسيلقاني، ألا ومن ظلمهم وكذبهم فليس مني ولا معي، وأنا منه بريء.

وفي" باب عرض الأعمال على النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة "(ص 219 - 220) يذكر ست روايات منها:

عن عبدالله بن أبان الزيات، وكان مكينا عند الرضا قال: قلت للرضا: ادع الله لي ولأهل بيتي، فقال: أو لست أفعل؟ والله إن أعمالكم لتعرض علي في كل يوم وليلة قال: فاستعظمت ذلك، فقال لي: أما تقرأ كتاب الله عز وجل: وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة:105] قال: هو والله علي بن أبي طالب.

وفي " باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي "(ص 220)، يذكر روايتين.

وفي " باب أن الأئمة معدن العلم، وشجرة النبوة ومختلف الملائكة "(ص 221) يذكر ثلاث روايات.

وفي " باب أن الأئمة ورثة العلم، يرث بعضهم بعضاً العلم "(ص 221 ـ 223) يذكر ثماني روايات. وفي " باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء، الذين قبلهم "(ص 223 - 226) يذكر سبع روايات، منها: كتب الرضا: أما بعد، فإن محمداً صلى الله عليه وسلم كان أمين الله في خلقه، فلما قبض صلى الله عليه وسلم كنا أهل البيت ورثته، فنحن أمناء الله في أرضه عندنا علم البلايا والمنايا وأنساب العرب، ومولد الإسلام، وإنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان، وحقيقة النفاق. وإن شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم، أخذ الله علينا وعليهم الميثاق، يردون موردنا ويدخلون مدخلنا، ليس على ملة الإسلام غيرنا وغيرهم

كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ (من أشرك بولاية علي) مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ (من ولاية علي) إن الله (يا محمد) وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ [الشورى:13](1). من يجيبك إلى ولاية علي.

عن أبي الحسن الأول أن الله يقول: وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ [النمل:75]، ثم قال: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا [فاطر:32] فنحن الذين اصطفانا الله عز وجل، أورثنا هذا الذي فيه تبيان كل شىء.

وفي " باب أن الأئمة عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها "(ص 227 - 228) يذكر روايتين تفيدان معنى الباب.

ويذكر الكليني ست روايات في " باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة، وأنهم يعلمون علمه كله "(ص 228 - 229). والجزء الأول من الباب يتفق مع ما ذكرناه من ذهاب الكليني إلى وقوع النقص في كتاب الله تعالى، والجزء الأخير يذكرنا بما قلنا عن القرآن الناطق

(1) *الشورى: 13*، والآية محرفة، فنصها كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ.

ص: 292

وفي " باب ما أعطى الأئمة من اسم الله الأعظم "(ص 230) يذكر ثلاث روايات تفيد أن الذي أحضر عرش بلقيس كان عنده حرف واحد من اسم الله الأعظم، وهو ثلاثة وسبعون حرفا، على حين أن أئمة الجعفرية عندهم اثنان وسبعون، واستأثر الله سبحانه بحرف واحد.

وفي " باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء "(ص 231 - 232) يذكر خمس روايات هي: عن أبي جعفر: كانت عصا موسى لآدم فصارت إلى شعيب، ثم صارت إلى موسى بن عمران، وإنها لعندنا، وإن عهدي بها آنفا وهي خضراء كهيئتها حين انتزعت من شجرتها، وإنها لتنطق إذا استنطقت، أعدت لقائمنا يصنع بها ما كان يصنع موسى، وإنها لتروع وتلقف ما يأفكون، وتصنع ما تؤمر به، إنها حيث أقبلت تلقف ما يأفكون. يفتح لها شعبتان: إحداهما في الأرض والأخرى في السقف وبينهما أربعون ذراعا، تلقف ما يأفكون بلسانها.

وعن أبي عبدالله: ألواح موسى عندنا، وعصا موسى عندنا، ونحن ورثة النبيين.

وعن أبي عبدالله: قال أبو جعفر: إن القائم إذا قام بمكة وأراد أن يتوجه إلى الكوفة نادى مناديه: ألا لا يحمل أحد منكم طعاما ولا شرابا، ويحمل حجر موسى بن عمران وهو وقر بعير، فلا ينزل منزلا إلا انبعث عين منه، فمن كان جائعا شبع، ومن كان ظامئا روي، فهو زادهم حتى ينزلوا النجف من ظهر الكوفة.

وعن أبي جعفر: خرج أمير المؤمنين ذات ليلة بعد عتمة وهو يقول: همهمة همهمة وليلة مظلمة، خرج عليكم الإمام وعليه قميص آدم، وفي يده خاتم سليمان، وعصا موسى.

والرواية الأخيرة تبين أن قميص يوسف جاء إبراهيم من الجنة، فحماه من النار، وأن هذا القميص عندهم من الرسول صلى الله عليه وسلم.

وفي " باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله صلى الله عليه وسلم ومتاعه "(ص232 - 237) يذكر تسع روايات تفيد أن الأئمة عندهم كل ما ترك الرسول صلى الله عليه وسلم. وفي بعض الروايات أن من هذا المتاع ما هو من الجنة، وفي رواية عن أمير المؤمنين أن رسول صلى الله عليه وسلم كلمه حماره قائلاً:" بأبي أنت وأمي: إن أبي حدثني، عن أبيه عن جده، عن أبيه، أنه كان مع نوح في السفينة، فقام إليه نوح فمسح على كفله، ثم قال: يخرج من صلب هذا الحمار حمار يركبه سيد النبيين وخاتمهم. فالحمد لله الذي جعلني ذلك الحمار "

وفي " باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل "(ص 238) ذكر أربع روايات، وهي تفيد أن أي أهل بيت وجد التابوت على بابهم أوتوا النبوة، ومثلهم من صار إليه السلاح، فإنه يؤتى الإمامة.

وفي " باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة "(ص 238 ـ 242) ذكر الكليني ثماني روايات هي:

1 -

عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبدالله رضي الله عنه فقلت له: جعلت فداك إنني أسألك عن مسألة، ههنا أحد يسمع كلامي؟ قال: فرفع أبو عبدالله رضي الله عنه سترا بينه وبين بيت آخر فاطلع فيه ثم قال: يا أبا محمد سل عما بدا لك. قال: قلت: جعلت فداك إن شيعتك يتحدثون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم عليا رضي الله عنه باباً يفتح له منه ألف باب؟ قال: فقال يا أبا محمد، علم رسول صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه ألف باب يفتح من كل باب ألف باب. قال: قلت هذا والله العلم. قال: فنكث ساعة في الأرض ثم قال: إنه لعلم وما هو بذاك.

ص: 293

قال: ثم قال: يا أبا محمد، وإن عندنا الجامعة، وما يدريهم ما الجامعة؟ قال: قلت: جعلت فداك وما الجامعة؟ قال: صحيفة طولها سبعون ذراعا بذراع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإملائه من فلق فيه، وخط على بيمينه، فيها كل حلال وحرام وكل شيء يحتاج الناس إليه حتى الأرش في الخدش. وضرب بيده إلي فقال: تأذن لي يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك إنما أنا لك فاصنع ما شئت، قال: هذا والله العلم، قال: إنه لعلم وليس بذاك.

ثم سكت ساعة ثم قال: وإن عندنا الجفر، وما يدريهم ما الجفر؟ قال: قلت: وما الجفر؟ قال: وعاء من أدم، فيه علم النبيين والوصيين، وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل، قال: قلت: إن هذا هو العلم، قال: إنه لعلم وليس بذاك. ثم سكت ساعة ثم قال: وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام، وما يدريهم ما مصحف فاطمة رضي الله عنه؟ قال: قلت: وما مصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد، قال: قلت: هذا والله العلم، قال: إنه لعلم وما هو بذاك.

ثم سكت ساعة ثم قال: إن عندنا علم ما كان وعلم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، قال: قلت: جعلت فداك هذا والله العلم. قال: إنه لعلم وليس بذاك.

قال: قلت: جعلت فداك فأي شيء العلم؟ قال: ما يحدث بالليل والنهار، الأمر من عبد الأسر، والشيء بعد الشيء إلى يوم القيامة.

2 -

عن حماد بن عثمان قال: سمعت أبا عبدالله رضي الله عنه يقول: تظهر الزنادقة في سنة ثمان وعشرين ومائة، ذلك أنني نظرت في مصحف فاطمة عليها السلام قال: قلت: وما مصحف فاطمة؟ قال: إن الله تعالى لما قبض نبيه عليه الصلاة والسلام دخل على فاطمة عليها السلام من وفاته من الحزن ما لايعلمه إلا الله عز وجل، فأرسل الله إليها ملكا يسلي غمها ويحدثها، فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين رضي الله عنه فقال: إذ أحسست بذلك وسمعت الصوت، فقولي لي. فأعلمته بذلك، فجعل أمير المؤمنين رضي الله عنه يكتب كلما سمع حتى أثبت من ذلك مصحفا. قال: ثم قال: أما إنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام، ولكن فيه علم ما يكون.

3 -

عن الحسن بن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبد الله رضي الله عنه يقول: إن عندي الجفر الأبيض: قلت: فأي شيء فيه؟ قال: زبور داود، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى، ومصحف إبراهيم رضي الله عنه، والحلال والحرام، ومصحف فاطمة ما أزعم أن فيه قرآنا، وفيه ما يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إلى أحد، حتى فيه الجلدة، ونصف الجلدة، وربع الجلدة، وأرش الخدش.

وعندى الجفرالأحمر، قال: قلت: وأي شيء في الجفر الأحمر؟ قال السلاح، وبذلك إنما يفتح للدم يفتحه صاحب السيف للقتل. فقال له عبد الله بن أبي يعفور: أصلحك الله أيعرف هذا بنو الحسن؟ فقال: أي والله كما يعرفون الليل أنه ليل، والنهارأنه نهار، ولكنهم يحملهم الحسد على الجحود والإنكار، ولو طلبوا الحق بالحق لكان خيراً لهم.4 - عن سليمان بن خالد قال: قال أبوعبدالله: إن في الجفرالذين يذكرونه لما يسوؤهم، لأنهم لا يقولون الحق (1) والحق فيه، فليخرجوا قضايا علي وفرائضه إن كانوا صادقين، وسلوهم عن الخالات والعمات، وليخرجوا مصحف فاطمة عليها السلام، فإن فيه وصية فاطمة عليها السلام، ومعه سلاح رسول الله صلى الله عليه وسلم ?وإن الله عز وجل يقول:(فأتوا بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)(2).

(1) أي في المسائل إذا سئلوا عنها، وقوله: والحق فيه يعني في الجفر وهو خلاف ما يقولون. وقوله فليخرجوا إلخ يعني ليس عندهم ولا يدرون ما فيه من ذلك (الحاشية).

(2)

*الأحقاف:4*، والآية هكذا: اِئْتُونِي بِكِتَابٍ.

ص: 294

5 -

عن أبي عبد الله: هو (آي الجفر) جلد ثور مملوء علما، قال له فالجامعة؟ قال: تلك صحيفة طولها سبعون ذراعا في عرض الأديم مثل فخذ الفالج فيها كل ما يحتاج الناس إليه، وليس من قضية إلا وهي فيها، حتى أرش الخدش.

إن فاطمة مكثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وسبعين يوما، وكان داخلها حزن شديد على أبيها، وكان جبرئيل عليه السلام يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ويطيب نفسها، ويخبرها عن أبيها ومكانه، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها، وكان علي يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة.

6 -

عن أبي عبدالله قال: إن عندنا كتابا إملاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وخط علي صحيفة فيها كل حلال وحرام.

7 -

عبدالملك بن أعين قال لأبي عبدالله: إن الزيدية والمعتزلة قد أطافوا بمحمد بن عبدالله فهل له سلطان؟ فقال: والله إن عندى لكتابين فيهما تسمية كل نبي وكل ملك يملك الأرض، لا والله ما محمد بن عبدالله في واحد منهما.

8 -

كتاب فاطمة: ليس من ملك يملك الأرض إلا وهو مكتوب فيه باسمه واسم أبيه، وما وجدت لولد الحسن فيه شيئا.

وفي" باب في أن الأئمة يزدادون في ليلة يوم الجمعة "(ص 253 - 254) يذكر ثلاث روايات عن أبي عبدالله منها:

إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول الله صلى الله عليه وسلم العرش ووافى الأئمة معه ووافينا معهم، فلا ترد أرواحنا إلى أبداننا إلا بعلم مستفاد، ولولا ذلك لأفقدنا.

وفي " باب لولا أن الأئمة يزدادون لنفد ما عندهم "(ص254 - 255) يذكرأربع روايات. ويذكر أربع روايات كذلك تحت " باب أن الأئمة يعلمون جميع العلوم التى خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل "(ص 255 - 256)

وفي "باب نادر فيه ذكر الغيب "(256 –257) يذكر أربع روايات، منها رواية تعجب لوجودها في هذا الكافي، وهي:

عن أبي عبدالله: " يا عجبا لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب، ما يعلم الغيب إلا الله عز وجل. لقد هممت بضرب جاريتي فلانة فهربت مني، فما علمت في أي بيوت الدار هي ".

كلمة حق جرى بها قلم لا يعرف الحق، لذا كان عجيبا، ولكن سرعان ما زال هذا العجب، فالرواية التالية عن نفس الإمام أنه سئل " الإمام يعلم الغيب؟ فقال: لا ولكن إذا أراد أن يعلم الشيء أعلمه الله ذلك "

فالكليني إذن لم يذكر الرواية الأولى للأخذ بها، ولكن ليهدم هذا المعنى المستقر في أخلاد المؤمنين ببيان أن الأئمة لا يعلمون الغيب إلا بإرادتهم عن طريق الله سبحانه، فما أهون أن يعلم مكان الجارية إذا أراد! والأبواب التالية توضح ما أراده الكليني:

" باب أن الأئمة إذا شاءوا أن يعلموا علموا "(ص 158) فيه ثلاث روايات.

" باب أن الأئمة يعلمون متى يموتون، وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم "(ص 258 –260) فيه ثماني روايات.

" باب أن الأئمة يعلمون علم ما كان وما يكون، وأنه لا يخفى عليهم الشيء "(ص 260 - 262) فيه ست روايات.

" باب جهات علوم الأئمة "(ص264) فيه ثلاث روايات تفيد أن هذه الجهات هي الوارثة والإلهام.

" باب أن الأئمة لو ستر عليهم لأخبروا كل امرئ بما له وعليه "(ص 264 - 265) فيه روايتان.

وفي " باب أن الله عز وجل لم يعلم نبيه علما إلا أمره أن يعلمه أمير المؤمنين وأنه كان شريكه في العلم "(ص362) يذكر ثلاث روايات.

وفي " باب التفويض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى الأئمة في أمر الدين (ص 265 - 268) يذكر عشر روايات.

وفي " باب في أن الأئمة بمن يشبهون ممن مضى، وكراهية القول فيهم بالنبوة "(ص 268 - 270)، يذكر سبع روايات.

وفي " باب أن الأئمة محدثون مفهمون "(ص 270 - 271) يذكر خمس روايات.

ص: 295

وفي " باب فيه ذكر الأرواح التي في الأئمة "(ص 271 - 272) يذكر ثلاث روايات تفيد أن هذه الأرواح خمس: روح الإيمان وروح القوة، وروح الشهوة، وروح الحياة، والخامسة روح القدس وهي خاصة بالأنبياء " فإذا قبض النبي صلى الله عليه وسلم انتقل روح القدس فصار إلى الإمام، وروح القدس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يزهو، والأربعة الأرواح تنام وتغفل وتزهو وتلهو وروح القدس كان يرى به ".

وفي " باب الروح التي يسدد الله بها الأئمة "(ص 273 - 274) يذكر ست روايات، منها أن الإمام الصادق قال عن قوله تعالى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [الشورى:52]

قال: "خلق من خلق الله عز وجل أعظم من جبرئيل وميكائيل، كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره ويسدده، وهو مع الأئمة من بعده "

ومنها أن الإمام الصادق قال: ما سبق أيضاً عن قوله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [الإسراء:85] وأنه كذلك قال: منذ أنزل الله عز وجل ذلك الروح على محمد صلى الله عليه وسلم ما صعد إلى السماء وأنه لفينا.

وفي " باب وقت ما يعلم الإمام جميع علم الإمام الذي كان قبله "(ص274 - 275) يذكر ثلاث روايات.

وفي " باب أن الأئمة في العلم والشجاعة والطاعة سواء"(ص275) يذكر ثلاث روايات ويحرف معنى آية كريمة.

وفي " باب أن الإمام يعرف الإمام الذي يكون من بعده، وأن قول الله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا [النساء:58] فيهم عليهم الصلاة والسلام نزلت "(ص 276 ـ 277) يذكر سبع روايات، ويحرف معنى آيات أخريات:

وفي " باب أن الإمامة عهد من الله عزوجل معهود من واحد إلى واحد "(ص 277 ـ 279)، يذكر أربع روايات منها: عن أبي بصير قال: كنت عند أبي عبد الله فذكر الأوصياء وذكرت إسماعيل فقال: لا والله يا أبا محمد، ما ذاك إلينا، وما هو إلا إلى الله عز وجل، ينزل واحد بعد واحد (1).

وفي " باب أن الأئمة لم يفعلوا شيئا ولا يفعلون إلا بعهد من الله عز وجل، وأمر منه لا يتجاوزونه "(ص279 - 284) يذكر أربع روايات مطولة، والكليني هنا يخرج لنا بطريقة جديدة في الافتراء على الله عز وجل، فالروايات تفيد أن جبرئيل – رضي الله عنه نزل على محمد- صلى الله عليه وسلم بكتاب كل إمام يفك خاتما، وينفذ ما بالجزء الذي يخصه من الكتاب.

(1) أراد الكليني من هذه الرواية إبطال ما ذهبت إلية الطائفة الأخرى من الإمامية وهى طائفة الإسماعيلية.

ص: 296

ومن هذه الروايات: عن أبي عبد الله: (أن الوصية نزلت من السماء على محمد كتابا (1) لم ينزل على محمد كتاب مختوم إلا الوصية، فقال جبرئيل: يا محمد هذه وصيتك في أمتك عند أهل بيتك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي أهل بيتي يا جبرئيل؟ قال: نجيب الله منهم وذريته، ليرثك علم النبوة كما ورثه إبراهيم رضي الله عنه، وميراثه لعلي وذريتك من صلبه. قال: وكان عليها خواتيم، قال ففتح علي الخاتم الأول ومضى لما فيها، ثم فتح الحسن الخاتم الثاني ومضى لما أمر به فيها، فلما توفي الحسن فتح الحسين الخاتم الثالث فوجد فيها أن قاتل فاقتل وتقتل واخرج بأقوام للشهادة، لا شهادة لهم إلا معك، قال: ففعل) إلخ.

ومنها

(وأن الحسين قرأ صحيفته التي أعطيها، وفسر له ما يأتي بنعي وبقي فيها أشياء لم تقض، فخرج للقتال

وكانت تلك الأمور التي بقيت أن الملائكة سألت الله تعالى في نصرته فأذن لها، ومكثت تستعد للقتال وتتأهب لذلك حتى قتل، فنزلت وقد انقضت مدته وقتل، فقالت الملائكة: يارب أذنت لنا في الانحدار وأذنت لنا في نصرته، فانحدرنا وقد قبضته، فأوحى الله إليهم: أن الزموا قبره حتى تروه قد خرج فانصروه، وابكوا عليه وعلى ما فاتكم من نصرته، فإنكم قد خصصتم بنصرته وبالبكاء عليه، فبكت الملائكة تعزيا وحزنا على ما فاتهم من نصرته، فإذا خرج يكونون أنصاره).

وفي " باب الأمور التى توجب حجة الإمام (ص284 - 285) يذكر ست روايات تفيد أن الأمور هي: الفضل، والوصية والسلاح وأن يكون الإمام أكبر ولد أبيه ما لم يكن فيه عاهة كإسماعيل بن جعفر. ومن هذه الروايات: الإمام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس، ولا طير ولا بهيمة، ولا شيء فيه الروح، فمن لم يكن هذه الخصال فيه فليس هو بإمام. وفي " باب ثبات الأمانة في الأعقاب، وأنها لاتعود في أخ ولا عم ولا غيرهما من القرابات (ص285 - 286) يذكر خمس روايات، ويستثنى الحسين من عدم العودة في الأخ.

وفي " باب ما نص الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم على الأئمة واحدا فواحدا "(ص 286 - 292) يذكر سبع روايات وفي إحداها إبطال إمامة محمد بن الحنفية.

وفي " باب الإشارة والنص على أمير المؤمنين "(ص292 - 297) يذكر تسع روايات، وفيها تحريف لبعض آي القرآن الكريم نصا ومعنى، وفيها تخطئة وإنكار لنص آيه كريمة، وتعريض بالشيخين: الصديق والفاروق رضي الله تعالى عنهما، وبأنهما ارتدا .. إلخ.

ويعقد الكليني بعد هذا أحد عشر بابا كل باب للإشارة والنص على أحد الأئمة بحسب الترتيب الزمني إلى أن يصل إلي الإمام الثاني عشر في باب الإشارة والنص إلى صاحب الدار في (ص329) ويضمن هذه الأبواب ثلاثة وتسعين رواية؟!

وبعد الباب الأخير يأتي " باب في تسمية من رآه "(ص329 - 332) يذكر خمس عشرة رواية لتسمية من رأى إمامهم الأخير.

وباب في النهي عن الاسم (ص332 - 333) يذكر أربع روايات وفيها: لا يرى جسمه ولا يسمي اسمه.

" وباب نادر في حال الغيبة "(ص333 - 335) فيه ثلاث روايات. " وباب في الغيبة "(ص335 - 343) يذكر الكليني فيه إحدى وثلاثين رواية يستفاد منها أن إمامهم الثاني عشر يشهد المواسم ويرى الناس ولا يرونه. وأن له غيبتين إلخ. وفي بعض الروايات تحريف لمعاني آيات من القرآن الكريم، وفي بعض التحريف تحديد لزمن الغيبة، ففي قوله تعالى: فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ [التكوير:16] يروي روايتين أن المراد هو " إمام يخنس سنة ستين ومائتين "(2).

(1) أي مكتوبا بخط إلهي مشاهد من عالم الأمر كما أن جبرائيل عليه السلام كان ينزل عليه في صورة آدمي مشاهد من هناك (هذا تفسير الحاشية).

(2)

(ص 341).

ص: 297

وفي" باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر الإمامة "(ص343 – 367) يذكر تسع عشرة رواية منها: رواية بطريقين عن أبي جعفر: أن محمد بن علي المسمى بابن الحنفية طلب من علي بن الحسين بعد استشهاد أبيه الحسين ألا ينازعه في الإمامة لأنه أحق بها. ولكن عليا خوف عمه من عقاب الله تعالى، وطلب الاحتكام للحجر الأسود، فسأل ابن الحنفية الحجر فلم يجبه، فقال علي بن الحسين لو كنت إماما لأجابك، ثم سأل علي الحجر فتحرك حتى كاد أن يزول عن موضعه، ثم أنطقه الله عز وجل بلسان عربي مبين، وشهد بأن الوصية لعلي (1).وفي رواية عن موسى بن جعفر أنه أثبت إمامته لمن طلب الإثبات بأن أمر شجرة لتأتيه، فجاءت تخد الأرض خدا حتى وقفت بين يديه، ثم أشار إليها فرجعت (2).وعن محمد بن علي الرضا: أن عصا في يده نطقت وقالت: إن مولاي إمام هذا الزمان وهو الحجة (3).

وفي " باب كراهية التوقيت "(ص 368 - 369) يذكر سبع روايات، الأولى هي:-

عن أبي جعفر: (إن الله تبارك وتعالى قد كان وقت هذا الأمر في السبعين، فلما أن قتل الحسين اشتد غضب الله تعالى على أهل الأرض فأخره إلى أربعين ومائة، فحدثناكم فأذعتم الحديث، فكشفتم قناع الستر، ولم يجعل الله له بعد ذلك وقتاً عندنا، ويمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب).

وفي رواية: (إذا حدثناكم الحديث فجاء على ما حدثناكم به فقولوا: صدق الله، وإذا حد ثناكم الحديث فجاء على خلاف ما حدثناكم به فقولوا: صدق الله تؤجروا مرتين).

وفي " باب التمحيص والامتحان "(ص369 - 371) يذكر ست روايات.

وفي " باب من عرف إمامه لم يضره تقدم هذا الأمر أو تأخر"(ص371 - 372) يذكر سبع روايات وفي" باب من ادعى الإمامة وليس لها بأهل، ومن جحد الأئمة أو بعضهم، ومن أثبت الإمامة لمن ليس لها بأهل "(ص372 - 374) يذكر اثنتي عشرة رواية، وهذه الروايات يستفاد منها أن غير أئمة الجعفرية الرافضة كفار وإن كانوا فاطميين علويين، ومن تبعهم كان مشركا بالله. وفي الروايات تحريف لمعاني آيات ذكرت، وتكفير لفلان وفلان، أي الصديق والفاروق – ومن والاهما، وقاعدة عامة لظاهر القرآن وباطنه " وأن القرآن له ظهر وبطن، فجميع ما حرم الله في القرآن هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الجور، وجميع ما أحل الله تعالى في الكتاب هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الحق ".

وفي " باب من مات وليس له إمام من أئمة الهدى "(ص376 - 377) يذكر أربع روايات تفيد أنه يموت ميتة جاهلية.

وفي " باب فيمن عرف الحق من أهل البيت ومن أنكر "(ص377 - 378) يذكر أربع روايات منها:

عن الرضا: الجاحد منا له ذنبان، والمحسن له حسنتان.

وفي " باب ما يجب على الناس عند مضي الإمام (ص 378 - 380) يذكر ثلاث روايات.

وفي " باب أن الإمام متى يعلم أن الأمر قد صار إليه "(ص380 - 382) يذكر ست روايات.

(1) انظر (ص 348).

(2)

انظر (ص 353).

(3)

انظر (ص 353).

ص: 298

وفي " باب حالات الأئمة في السن "(ص382 - 384) يذكر ثماني روايات. وفي " باب أن الإمام لا يغسله إلا إمام من الأئمة "(1)(ص384 - 385) يذكر ثلاث روايات. وفي " باب مواليد الأئمة (ص385 - 389) يذكر ثماني روايات منها: عن أبي عبد الله: إن الله تبارك وتعالى إذا أحب أن يخلق الإمام أمر ملكا فأخذ شربة من ماء تحت العرش فيسقيها أباه، فمن ذلك يخلق الإمام، فيمكث أربعين يوما وليلة في بطن أمه لا يسمع الصوت. ثم يسمع بعد ذلك الكلام، فإذا ولد بعث ذلك الملك فيكتب بين عينيه: " وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم " (115: الأنعام) فإذا مضى الإمام الذي كان قبله رفع لهذا منار من نور ينظر به إلى أعمال الخلائق فبهذا يحتج الله على خلقه (2)

وفي الباب أكثر من رواية تفيد هذا المعنى باختلاف في مكان الكتابة.

وفي " باب خلق أبدان الأئمة وأرواحهم وقلوبهم "(ص389 - 390) يذكر أربع روايات منها:

عن أبي جعفر: إن الله خلقنا من أعلى عليين، وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا، وخلق أبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوى إلينا لأنها خلقت مما خلقنا، ثم تلا هذه الآية: كَلَاّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُون [المطففين:18 - 21] وخلق عدونا من سجين، وخلق قلوب شيعتهم مما خلقهم منه، وأبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوى إليهم لأنها خلقت مما خلقوا منه، ثم تلا هذه الآية كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ [المطففين:7 - 9].

وفي " باب التسليم وفضل المسلمين " أي للأئمة (ص390 - 392)، يذكر ثماني روايات.

وفي " باب أن الواجب على الناس بعد ما يقضون مناسكهم، أن يأتوا الإمام فيسألون عن معالم دينهم، ويعلمونه ولا يتهم ومودتهم له "(ص392 - 393) يذكر ثلاث روايات منها:

نظر أبو جعفر إلى الناس يطوفون حول الكعبة فقال: هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية، إنما أمروا أن يطوفوا بها ثم ينفروا إلينا يعلمونا ولا يتهم ومودتهم، ويعرضوا علينا نصرتهم.

ومنها أنه نظر إلى أبي حنيفة وسفيان الثوري في ذلك الزمان وهم حلق في المسجد فقال: هؤلاء الصادون عن دين الله بلا هدى من الله ولا كتاب مبين، إن هؤلاء الأخابث لو جلسوا في بيوتهم، فجال الناس فلم يجدوا أحدا يخبرهم عن الله تبارك وتعالى، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم حتى يأتونا فنخبرهم عن الله تبارك وتعالى، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم.

وفي " باب أن الأئمة تدخل الملائكة بيوتهم، وتطأ بسطهم وتأتيهم بالأخبار "(ص393 - 394)، يذكر أربع روايات.

وفي " باب أن الجن يأتيهم: فيسألونهم عن معالم دينهم ويتوجهون في أمورهم "(ص394 - 397) يذكر سبع روايات تفيد معنى الباب، وأن بعض الناس رأوا الجن يخرجون من عند الأئمة، وفي رواية: إن ثعبانا جاء وأمير المؤمنين يخطب، فأمر بعدم قتله، وصعد الثعبان إليه فقال أمير المؤمنين: من أنت؟ فقال الثعبان: عمرو بن عثمان خليفتك على الجن، وإن أبي مات، وأوصاني أن آتيك فأستطلع رأيك .. إلخ. وفي " باب في الأئمة أنهم إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود وآل داود (3) ولا يسألون البينة " ص (397 - 398) يذكر خمس روايات.

وفي " باب أن مستقى العلم من بيت آل محمد صلى الله عليه وسلم "(ص398 - 399) يذكر روايتين

(1) ولذلك فهم يرون أن الإمام الثاني عشر عندما يموت يكون الحسين قد رجع إلي الحياة فيقوم بغسله !

(2)

(ص 387).

(3)

وليس بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم!! الحنين إلى عبد الله بن سبأ، اليهودي أول من قال بفكرة الوصي بعد النبي!!

ص: 299

وفي " باب أنه ليس شيء من الحق في يد الناس إلا ما خرج من عند الأئمة وأن كل شيء لم يخرج من عندهم فهو باطل "(ص399 - 400).

يذكر ست روايات.

وفي " باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستعصب "(ص401 - 402) يذكر خمس روايات.

وفي " باب ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالنصيحة لأئمة المسلمين، واللزوم لجماعتهم ومن هم؟ "(ص403 - 405) يذكر خمس روايات تؤيد فرقته الرافضة.

وفي " باب ما يجب من حق الإمام على الرعيه وحق الرعيه على الإمام "(ص405 - 407) يذكر سبع روايات.

وفي " باب أن الأرض كلها للإمام "(407 - 410) يذكر ثماني روايات تفيد معنى الباب، وأن الله تعالى أورث أئمة الجعفرية الأرض كلها، فأداءالخراج يجب أن يكون لهم.

ومما جاء في " باب نادر"(ص411 - 412): عن جابر عن أبي جعفر قال: قلت له: لم سمي أمير المؤمنين؟ قال: الله سماه وهكذا أنزل في كتابه: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ [الأعراف:172] وأن محمداً رسولي وأن علياً أمير المؤمنين؟ (1)

وفي " باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية "(ص412 - 436)، يذكر الكليني اثنتين وتسعين رواية: ويبدو من العنوان أن الكليني أراد هنا أن يخضع كتاب الله لهواه، فيحرف معناه ليؤيد عقيدته في الإمامة، أراد إذا أن يجعل آيات الله تعالى تتحدث عن أئمة الجعفرية. ولكن الكليني لم يكتف بهذا فسلك مسلك شيخه علي بن إبراهيم القمي صاحب التفسير الضال المضل الذي تحدثنا عنه، ولذا ترى الكليني هنا يحرف نصوص آيات قرآنية، ويطعن في الصحابة الكرام بصفة عامه، فيصمهم بالكفروالردة والنفاق، ويطعن في الخلفاء الراشدين الثلاثة بصفة خاصة باعتبار أنهم – كما يفتري - اغتصبوا الولاية من أمير المؤمنين، ويطعن في الشيخين بصفة أخص.

والروايات التي تحمل تحريف نصوص الآيات الكريمة هي الروايات أرقام (8، 23، 25، 26، 27، 28، 31، 32، 43، 47، 48، 58، 59، 60، 62، 63، 64، 91).

والطعن في الصحابة الكرام البررة في أكثر الروايات، أما الروايات التي تطعن في الخلفاء الراشدين الثلاثة فهي أرقام:17، 42، 73، 83.

والروايات التى تطعن في أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما –هي:3، 14، 43، 79.

ونكتفي هنا بذكر رواية واحدة من روايات الباب، وهي الرواية رقم 91 (ص442 - 435) وهي:

عن محمد بن الفضيل عن إمامهم الحادي عشر:

قال: سألته عن قول الله عز وجل: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [الصف:8] قال: يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين بأفواههم. قلت وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ [الصف:8] قال: والله متم الإمامه لقوله عز وجل: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا [التغابن: 8] فالنور هو الإمام: قلت: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ كُلِّهِ [الصف:9] قال: هو الذي أمر رسوله بالولاية لوصيه والولاية هي دين الحق، قلت: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ قال: يظهر على جميع الأديان عند قيام القائم، قال الله: وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ ولاية القائم وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ بولاية علي، قلت: هذا تنزيل؟ قال: نعم أما هذا الحرف فتنزيل وأما غيره فتأويل.

(1) الآية الكريمة في سورة الأعراف (172) والجزء الأخير " وأن محمدا رسولي وأن عليا أمير المؤمنين " زيادة من الكليني ليثبت ضلاله " الله سماه وهكذا أنزل في كتابه ".

ص: 300

قلت: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا قال: إن الله تبارك وتعالى سمى من لم يتبع رسوله في ولاية وصيه منافقين، وجعل من جحد وصية إمامته كمن جحد محمدا، وأنزل بذلك قرآنا: يا محمد إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ (بولاية وصيك) قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ [المنافقون: 1](بولاية علي لكافرون) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ [المجادلة: 16](والسبيل هو الوصي) إنهم ساء ما كانوا يعملون. ذلك بأنهم آمنوا (برسالتك) ثم كفروا (بولاية وصيك) فطبع (الله) على قلوبهم فهم لا يفقهون وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله قال: وإذا قيل لهم ارجعوا إلى ولاية علي يستغفر لكم النبي من ذنوبكم لووا رءوسهم " قال الله ورأيتهم يصدون: (عن ولاية علي) وهم مستكبرون عليه. ثم عطف القول من الله بمعرفته بهم فقال: سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [المنافقون:6] يقول الظالمين لوصيك.

قلت: أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [الملك:22] قال: إن الله ضرب مثل من حاد عن ولاية علي كمن يمشي على وجهه لا يهتدي لأمره وجعل من تبعه سويا على صراط مستقيم، والصراط المستقيم أمير المؤمنين.

قال: قلت: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ [الحاقة:40] قال: يعنى جبرئيل عن الله في ولاية علي قال: قلت: وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ [الحاقة:41] قال: قالوا: إن محمدا كذاب على ربه وما أمره الله بهذا في علي، فأنزل الله بذلك قرآنا فقال:(إن ولاية علي)(تنزيل من رب العالمين ولو تقول علينا (محمد) بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين) ثم عطف القول فقال: إن (ولاية علي) ُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ [الحاقة:48](العالمين) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ [الحاقة:49] وإن (عليا)(لحسرة على الكافرين). وإن (ولايته)(لحق اليقين. فسبح (يا محمد) باسم ربك العظيم) يقول اشكر ربك العظيم الذي أعطاك هذا الفضل.

قلت: قوله: وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ [الجن:13] قال الهدى الولاية، آمنا بمولانا فمن أمن بولاية مولاه فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا قلت: تنزيل قال: لا تأويل قلت: قوله قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا [الجن:21] قال: إن رسول الله دعا الناس إلى ولاية علي فاجتمعت إليه قريش فقالوا: يا محمد اعفنا من هذا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ص: 301

هذا إلى الله ليس إلي، فاتهموه، وخرجوا من عنده فأنزل الله (قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ (إن عصيته) أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا إِلا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ) (في علي) قلت: هذا تنزيل قال: نعم ثم قال توكيدا: (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ (في ولاية على) فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) قلت: حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا يعني بذلك القائم وأنصاره، قلت:(واصبر على ما يقولون) قال: يقولون فيك وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (وَذَرْنِي (يا محمد) وَالْمُكذِّبِينَ (بوصيك) أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا) قلت: إن هذا تنزيل؟ قال: نعم .. إلخ (1).

وفي " باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية "(436 ـ 438)، يذكر تسع روايات يستفاد منها أن ولاية أئمة الجعفرية الإمامية الرافضة ولاية الله تعالى جاء بها كل الأنبياء، وكتبت في جميع صحفهم، ويؤمن بها ما لا يحصى من الملائكة، منكرها كافر، وجاهلها ضال، ومن اتخذ معهم أئمة آخرين كان مشركاً، ومن جاء بهذه الولاية دخل الجنة.

وفي " باب في معلافتهم أولياءهم والتفويض إليهم "(ص 438 ـ 439)، يذكر ثلاث روايات هي:

1 -

عن أبي عبد الله: إن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين وقال له: إني أحبك وأتولاك، فكذبه. فكرر ثلاثا فقال له: كذبت ما أنت كما قلت، إن الله خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام، ثم عرض علينا المحب لنا، فوالله ما رأيت روحك فيمن عرض، فأين كنت؟ فسكت الرجل عند ذلك ولم يراجعه".

وفي رواية أخرى قال أبو عبد الله: كان في النار.2 - عن أبي جعفر: إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان وحقيقة النفاق. 3 - عن عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله قال: سألته عن الإمام فوض الله إليه كما فوض إلى سليمان بن داود؟ فقال نعم. وذلك أن رجلا سأله عن مسألة فأجابه فيها، وسأله آخر عن تلك المسألة فأجابه بغير جواب الأول، ثم سأله آخر فأجابه بغير جواب الأولين ثم قال:(هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ (أعط) بِغَيْرِ حِسَابٍ) (2) وهكذا هي في قراءة على

إلخ. وفي أبواب التاريخ " يذكر الكليني روايات نرى في الحاشية رفضا لبعضها وطعنا في سندها، ولكن أثر الإمامة يبدو كذلك فيما لم يطعن فيه، مثال هذا ما رواه أن أبا جعفر المنصور أمر بإحراق دار الإمام جعفر الصادق، فخرج يتخطى النار، ويمشي فيها، ويقول: أنا ابن أعراق الثرى، أنا ابن إبراهيم خليل الله (3).

وفي " باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم (ص252 - 535) يذكر الكليني عشرين رواية، نذكر هنا نص إحدى الروايات:

(1) لترى التحريف راجع سورة: التغابن (8)، والمنافقين (1،3،5،6) والحاقة (43،46، 48، 52) والجن (21،24)، والمزمل (10،11).

(2)

(39: سورة ص)، ولكنه حرفها فجعل (أعط) بدلا من (أمسك).

(3)

انظر (ص 473).

ص: 302

عن أبي بصير، عن أبي عبد الله، قال: قال أبي لجابر بن عبد الله الأنصاري: إن لي إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها؟ فقال له جابر: أي الأوقات أحببته، فخلا به في بعض الأيام فقال له: يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أمي فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أخبرتك به أمي أنه في ذلك اللوح المكتوب؟ فقال جابر: أشهد بالله أني دخلت على أمك فاطمة عليها السلام في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهنيتها بولادة الحسن ورأيت في يديها لوحا أخضر، ظننت أنه من زمرد، ورأيت فيه كتابا أبيض، شبه لون الشمس، فقلت لها: بأبي وأمي يا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا اللوح؟

فقالت هذا لوح أهداه الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم فيه اسم أبي واسم بَعلي واسم ابني واسم الأوصياء من ولدي، وأعطانيه أبي ليبشرني بذلك. قال جابر: فأعطتنيه أمك فاطمة عليها السلام فقرأته واستنسخته. فقال له أبي: فهل لك ياجابر أن تعرضه علي؟ فقال: نعم فمشى معه أبي إلى منزله فأخرج صحيفة من رق فقال: يا جابر انظر في كتابك لأقرأ أنا عليك. فنظر جابر في نسخته فقرأه فما خالف حرف حرفا فقال جابر: فأشهد بالله أني هكذا رأيته في اللوح مكتوبا.

ونص الكتاب هو:

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 303

هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لمحمد نبيه ونوره وسفيره وحجابه ودليله نزل به الروح الأمين من عند رب العالمين، عظم يا محمد أسمائي، واشكر نعمائي ولا تجحد آلائي، إني أنا الله لا إله إلا أنا، قاصم الجبارين ومديل المظلومين وديان الدين، إني أنا الله لا إله إلا أنا فمن رجا غير فضلي، أو خاف غير عدلي، عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين. فإياي فاعبد وعلي فتوكل، إني لم أبعث نبياً فأكملت أيامه وانقضت مدته إلا جعلت له وصيا. وإني فضلتك على الأنبياء وفضلت وصيك على الأوصياء وأكرمتك بشبليك وسبطيك حسن وحسين، فجعلت حسنا معدن علمي بعد انقضاء مدة أبيه، وجعلت حسينا خازن وحيي، وأكرمته بالشهادة وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد وأرفع الشهداء درجة. جعلت كلمتي التامة معه وحجتي البالغة عنده، بعترته أثيب وأعاقب، أولهم علي سيد العابدين، وزين أوليائي الماضين، وابنه شبه جده المحمود: محمد الباقر علمي والمعدن لحكمتى، سيهلك المرتابون في جعفر الراد عليه كالراد على، حق القول مني لأكرمن مثوى جعفر ولأسرنه في أشياعه وأنصاره وأوليائه، أتيحت بعد موسى فتنة عمياء حندس لأن خيط فرضي لاينقطع، وحجتي لا تخفى، وأن أوليائي يسقون بالكأس الأوفي، من جحد واحداً منهم فقد جحد نعمتي، ومن غير آية من كتابي فقد افترى علي، ويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة موسى عبدي وحبيبي، وخيرتي في علي، وليي وناصري، ومن أضع عليه أعباء النبوة، وأمتحنه بالاضطلاع بها، يقتله عفريت مستكبر يدفن في المدينة التي بناها العبد الصالح إلى جنب شر خلقي ـ حق القول مني لأسرنه بمحمد ابنه وخليفته من بعده ووارث علمه، فهو معدن علمي وموضع سري، وحجتي علي خلقي. لا يؤمن عبد به إلا جعلت الجنة مثواه، وشفعته في سبعين من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار، وأختم بالسعادة لابنه علي وليي وناصري والشاهد في خلقي وأميني على وحيي، أخرج منه الداعي إلى سبيلي، والخازن لعلمي الحسن وأكمل ذلك بابنه "محمد" رحمة للعالمين، عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيوب فيذل أوليائي في زمانه، وتتهادى رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم، فيقتلون ويحرقون، ويكونون خائفين مرعوبين وجلين تصبغ الأرض بدمائهم، ويفشو الويل والرنة في نسائهم، أولئك أوليائي حقا، بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس، وبهم أكشف الزلازل وأدفع الآصار والأغلال، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون.

قال عبد الرحمن بن سالم: قال أبو بصير: لو لم تسمع في دهرك إلا هذا الحديث لكفاك فصنه إلا عن أهله.

وفي " باب صلة الإمام "(ص537 - 538) يذكر سبع روايات منها: عن أبي عبدالله: ما من شيء أحب إلى الله من إخراج الدراهم إلى الإمام وأن الله ليجعل له الدرهم في الجنة مثل جبل أحد، ثم قال: إن الله يقول في كتابه: مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً (1).

قال: هو والله في صلة الإمام خاصة.

وعنه: درهم يوصل به الإمام أفضل من ألفي درهم فيما سواه من وجوه البر.

(1)(245: البقرة)، والآية الحادية عشرة من سورة الحديد مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ * الحديد:11* يروى الكليني كذلك أنها نزلت في صلة الإمام خاصة. وما يوصل به الإمام يوصل به علماء الجعفرية بعد عصر الأئمة.

ص: 304

وفي " باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه "(538 - 549) يكتب الكليني صفحة عن الباب، ثم يذكر ثمانياً وعشرين رواية منها: عن الإمام الصادق " نحن قوم فرض الله طاعتنا، لنا الأنفال، ولنا صفو المال "(1). ويفسر ابنه موسى الكاظم ـ كما يزعم الكليني ـ صفو المال بقوله: " للإمام صفو المال: أن يأخذ من هذه الأموال صفوها، الجارية الفارهة، والدابة الفارهة، والثوب والمتاع بما يحب أو يشتهي، فذاك له قبل القسمة وقبل إخراج الخمس "(2). وعن الإمام الصادق أيضاً: " من أين دخل على الناس الزنى؟ .. من قبل خمسنا أهل البيت إلا شيعتنا الأطيبين، فإنه محلل لهم لميلادهم "(3).

وبانتهاء هذا الباب ينتهي كتاب (الحجة).

وإذا نظرنا في بقية الجزء الأول فإنا نراه لا يخلو من التأثر بعقيدة الإمامة. مثال هذا: ما يطالعنا في خطبة الكتاب: " دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلافهم "(4)، وفي كتاب (فضل العلم) "يغدو الناس على ثلاثة أصناف: عالم ومتعلم وغثاء، فنحن العلماء وشيعتنا المتعلمون وسائر الناس غثاء " (5)، والرواية عن الإمام الصادق. وعن ابنه موسى " لعن الله أبا حنيفة، وكان يقول: قال علي، وقلت:(6)، وعن الإمام علي:" ذلك القرآن فاستنطقوه .. ولن ينطق لكم، أخبركم عنه .. إلخ "(7).

وعن سليم بن قيس الهلالي قال: قلت لأميرالمؤمنين: إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئاً من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه وسلم غير ما في أيدى الناس، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنتم تخالفونهم فيها، وتزعمون أن ذلك كله باطل، أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم متعمدين، ويفسرون القرآن بآرائهم، قال: فأقبل علي فقال: قد سألت فافهم الجواب، إن في أيدي الناس حقاً وباطلاً، وصدقاً وكذباً، وناسخاً ومنسوخاً، وعاماً وخاصاً، ومحكماً ومتشابهاً ووهماً، وقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهده حتى قام خطيباً فقال: أيها الناس قد كثرت علي الكذابة، كمن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار، ثم كذب عليه من بعده، وإنما آتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس: رجل منافق يظهر الإيمان متصنع بالإسلام لا يتأثر ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم متعمداً، فلو علم الناس أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا هذا قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآه وسمع منه وأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره، ووصفهم بما وصفهم، فقال عز وجل: وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ [المنافقون: 4]، ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الأعمال وحملوهم على رقاب الناس، وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله، فهذا أحد الأربعة.

ورجل سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يحمله على وجهه ووهم فيه ولم يتعمد كذباً.

(1)(ص 546).

(2)

(ص 540).

(3)

(ص 546).

(4)

(ص 8)، راجع المقبولة التى نقلناها من هذا الجزء وناقشناها في الحديث عن الترجيح.

(5)

(ص 34).

(6)

(ص 56).

(7)

انظر (ص 61)، وراجع ما كتبناه عن القرآن الناطق.

ص: 305

ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا أمر به، ثم نهى عنه، وهو لا يعلم - أو سمعه ينهى عن شيء، ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ. وآخر رابع لم يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، مبغض للكذب خوفاً من الله وتعظيماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لم ينسه، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع، لم يزد فيه ولم ينقص منه، وعلم الناسخ من المنسوخ

وقد كنت أدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم كل يوم دخلة، وكل ليلة دخلة، فيخلينى فيها أدور معه حيث دار، وقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري (1).

وتنظر مثلا في باب النوادر من كتاب (التوحيد)(ص 143 - 146) تجد ما يأتي: عن الحارث بن المغيرة النصري قال: سئل أبو عبدالله عن قول الله تبارك وتعالى: كُلُّ شيء هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص:88] فقال: ما يقولون فيه؟ قلت: يقولون يهلك كل شىء إلا وجه الله، فقال: سبحان الله! لقد قالوا قولاً عظيماً، إنما عنى بذلك وجه الله الذي يؤتى منه.

وعن أبي جعفر: " نحن المثاني الذي أعطاه الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم، ونحن وجه الله نتقلب في الأرض بين أظهركم، ونحن عين الله في خلقه، ويده المبسوطة بالرحمة على عباده، عرفنا من عرفنا، وجهلنا من جهلنا وإمامة المتقين ".

وعن أبي عبدالله في قول الله عز وجل: وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف: 180] قال: نحن والله الأسماء الحسنى التي لا يقبل الله من العباد عملاً إلا بمعرفتنا.

وعنه: إن الله خلقنا فأحسن خلقنا وصورنا فأحسن صورنا، وجعلنا عينه في عباده، ولسانه الناطق في خلقه، ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة، ووجهه الذي يؤتى منه وبابه الذي يدل عليه وخزانه في سمائه وأرضه، بنا أثمرت الأشجار، وأينعت الثمار، وجرت الأنهار، وبنا نزل غيث السماء وينبت عشب الأرض، وبعبادتنا عبدالله، ولولا نحن ما عبدالله.

وعن أسود بن سعيد قال: كنت عند أبي جعفر فأنشأ يقول ابتداء منه من غير أن أسأله: نحن حجة الله، ونحن باب الله، ونحن لسان الله، ونحن وجه الله، ونحن عين الله في خلقه، ونحن ولاة الله في عباده.

وعن أمير المؤمنين: أنا عين الله وأنا يد الله، وأنا جنب الله، وأنا باب الله.

وعن أبي الحسن موسى: يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ [الزمر:56] قال: جنب الله أمير المؤمنين، وكذلك ما كان بعده من الأوصياء بالمكان الرفيع إلى أن ينتهي الأمر إلى آخرهم.

وعن أبي جعفر: بنا عبدالله وبنا عرف الله وبنا وحد الله تبارك وتعالى ومحمد حجاب الله تبارك وتعالى.

وعن أبي جعفر: وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [البقرة:57، الأعراف: 160] قال: إن الله تعالى أعظم وأعز وأجل وأمنع من أن يظلم ولكن خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه وولايتنا ولايته حيث يقول: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ [المائدة: 55] يعنى الأئمة منا.

ثانياً: الجزء الثاني من (أصول الكافي):

(1)(ص 62: 64)، وفي الحاشية (ص63)" أي أئمة الضلال بسبب وضع الأخبار أعطوا هؤلاء المنافقين الولايات، وسلطوهم على الناس " ف الكليني هنا يريد بافترائه اتهام الخلفاء الراشدين الثلاثة بأنهم أئمة ضلال والذين تولوا الإمارة في عهدهم من الصحابة الكرام، كانوا منافقين، وصلوا إلى الإمارة بتعمد الكذب على رسول الله فشجعهم الخلفاء على هذا الكذب بجعلهم عمالا لهم. وأراد الكليني إيجاد سند يؤيد غلاة الجعفرية الذين انفصلوا عن الأمة الإسلامية بإسناد الرواية للإمام على كرم الله وجهه وبرأه مما قال زنادقة الرافضة.

ص: 306

بعد عرضنا للجزء الأول أعتقد أننا لسنا في حاجة إلى أن نطيل الحديث عن الجزء الثاني، ذلك أن هذا الجزء يتحدث في جملته عن الإيمان والكفر، والجزء السابق بين مفهوم الإيمان والكفر عند الكليني، وأمثاله من غلاة الفرقة الضالة وزنادقتهم. كما رأينا في كثير من رواياته، فقد ربط الإيمان والكفر بإمامة الجعفرية الإمامية فالمؤمن بها هو المؤمن، ومنكرها كافر، إلى غير ذلك مما رأينا. فهذا الجزء إذن يعتبر امتدادا للجزء الأول، فيكفي أن نورد بعض الأمثلة لنرى أن الكليني ظل سائرا في نفس الطريق الذي رسمه لنفسه تأثراً بعقيدته في الإمامة. من هذه الأمثلة ما رواه عن أبي جعفر قال: " إن الله تبارك وتعالى حيث خلق ماء عذبا وماء أجاجا فامتزج الماءان، فأخذ طينا من أديم الأرض فعركه عركا شديداً، فقال لأصحاب اليمين وهم كالذر يدبون: إلى الجنة بسلام، وقال لأصحاب الشمال: إلى النار ولا أبالي، ثم قال: ألست بربكم؟ قالوا: بلى شهدنا، أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، ثم أخذ الميثاق على النبيين، فقال: ألست بربكم وأن هذا محمد رسولي، وأن هذا علي أمير المؤمنين؟ قالوا: بلى فثبت لهم النبوة. وأخذ الميثاق على أولي العزم أنني ربكم، ومحمد رسولي، وعلي أمير المؤمنين وأوصياؤه من بعده ولاة أمري وخزان علمي – عليهم السلام، وأن المهدي أنتصر به لديني، وأظهر به دولتي، وانتقم به من أعدائي، وأعبد به طوعا وكرها. قالوا: أقررنا يارب وشهدنا. ولم يجحد آدم ولم يقر، فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي، ولم يكن لآدم عزم على الإقرار به وهو قوله عز وجل: وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا [طه:115] قال: إنما هو فترك (1). ثم أمر نارا فأججت، فقال لأصحاب الشمال: ادخلوها، فهابوها. وقال لأصحاب اليمين: ادخلوها فدخلوها فكانت عليهم بردا وسلاما. فقال أصحاب الشمال: يارب أقلنا فقال قد أقلتكم اذهبوا فادخلوها فهابوها، ثم ثبتت الطاعة والولاية والمعصية (2).

وعنه أيضاً قال: " إن الله عز وجل خلق الخلق فخلق من أحب مما أحب، وكان ما أحب أن خلقه من طينة الجنة، وخلق من أبغض مما أبغض وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النار. ثم بعثهم في الظلال. فقلت: وأي شيء الظلال؟ فقال: ألم تر إلى ظلك في الشمس شيئا وليس بشيء. ثم بعث منهم النبيين فدعوهم إلى الإقرار بالله عز وجل: وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [الزخرف:87] ثم دعوهم إلى الإقرار بالنبيين فأقر بعضهم وأنكر بعض.

ثم دعوهم إلى ولايتنا، فأقر بها والله من أحب وأنكر من أبغض وهو قوله: فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ [يونس:74]. ثم قال أبو جعفر رضي الله عنه: كان التكذيب ثم (3).وعنه كذلك قال: " بني الإسلام على خمس: على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية "(4).وفي رواية أخرى زاد: فأخذ الناس بأربع وتركوا هذه، يعنى الولاية (5).وعن عجلان أبي صالح قال: قلت لأبي عبدالله رضي الله عنه: أوقفني على حدود الإيمان. فقال الخمس وأداء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، وولاية ولينا، وعداوة عدونا، والدخول مع الصادقين " (6).

وعن زرارة عن أبي جعفر قال: " بني الإسلام على خمسة أشياء: على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية. قال زرارة: قلت وأي شيء من ذلك أفضل؟ فقال: الولاية أفضل، لأنها مفتاحهن، والوالي هو الدليل عليهن. أما لو أن رجلا قام ليله، وصام نهاره، وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره، ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه، ويكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على الله جل وعز حق في ثوابه، ولا كان من أهل الإيمان"(7).والكليني لا يكتفي بربط الإيمان والكفر بالإمامة ولكن يربطهما كذلك بمبادئ الجعفرية، استمع إليه مثلا وهو يروي عن الإمام الصادق:" إن تسعة أعشار الدين في التقية، ولا دين لمن لا تقية له "، " التقية من دين الله "، " والله ما عبدالله بشيء أحب إليه من الخبء. قلت: وما الخبء

(1) جاء في الحاشية: أي معني النسيان هنا الترك، لأن النسيان غير مجوز على الأنبياء عليهم السلام. أو كان في قراءتهم عليهم السلام فترك مكان فنسى، ولعل السر في عدم عزم آدم على الإقرار بالمهدي استبعاده أن يكون لهذا النوع الإنساني اتفاق على أمر واحد " والآية الكريمة في (سورة طه: 115).

(2)

(ص 8).

(3)

(ص10).

(4)

(ص 18).

(5)

(ص 18).

(6)

(ص18).

(7)

(ص 18 - 19).

ص: 307