الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: التعريف بالسبئية ومؤسسها
السبئية هم أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي. قيل: إنه من الحيرة (1) بالعراق، وقيل: –وهو الراجح- إنه من أهل اليمن من صنعاء (2)، وقيل أصله رومي (3). أظهر الإسلام في زمن عثمان خديعة ومكراً، وكان من أشد المحرضين على الخليفة عثمان رضي الله عنه حتى وقعت الفتنة.
وهو أول من أسس التشيع على الغلو في أهل البيت، ونشط في التنقل من بلد إلى بلد؛ الحجاز والبصرة والكوفة، ثم إلى الشام، ثم إلى مصر وبها استقر، ووجد آذاناً صاغية لبثّ سمومه ضد الخليفة عثمان والغلو في علي، وهذا النشاط منه في نشر أفكاره مما يدعو إلى الجزم بأن اليهود يموِّلونه، إذ كلما طرد من بلد انتقل إلى آخر بكل نشاط، ولاشك أنه يحتاج في تنقله هو وأتباعه إلى من يموِّلهم وينشر آراءهم، ومن يتولى ذلك غير اليهود الذين آزروه في إتمام خطته ليجنوا ثمارها بعد ذلك الفرقة وتجهيل المسلمين والتلاعب بأفكارهم.
وقد بدأ ينشر آراءه متظاهراً بالغيرة على الإسلام، ومطالباً بإسقاط الخليفة إثر إسلامه المزعوم. ثم دعا إلى التشيع لأهل البيت وإلى إثبات الوصاية لعلي إذ إنه –كما زعم- ما من نبي إلا وله وصي، ثم زعم بعد ذلك أن علياً هو خير الأوصياء بحكم أنه وصي خير الأنبياء. ثم دعا إلى القول بالرجعة (4) ثم إلى القول بألوهية علي، وأنه لم يقتل بل صعد إلى السماء، وأن المقتول إنما هو شيطان تصور في صورة علي، وأن الرعد صوت عليّ، والبرق سوطه أو تبسمه، إلى غير ذلك من أباطيله الكثيرة. وفيما أرى أنه قد بيّت النية لمثل هذه الدعاوى، ولهذا لم يفاجئه موت علي بل قال وبكل اطمئنان وثبات لمن نعاه إليه:(والله لو جئتمونا بدماغه في صرة لم نصدق بموته، ولا يموت حتى ينزل من السماء ويملك الأرض بحذافيرها)(5).
وهذه الرجعة التي زعمها لعلي كان قد زعمها لمحمد صلى الله عليه وسلم، وكان يقول:(إنه ليعجب ممن يزعم أن عيسى يرجع، ويكذب بأن محمداً يرجع). واستدل بقوله تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ [القصص:85].
وقد كذب عدو الله وأخطأ فهم الآية أو تعمد ذلك في أن المعاد هنا هو رجوع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الدنيا قبل يوم القيامة، فلم يقل بهذا أحد من المفسرين، وإنما فسروا المعاد بأنه:
الموت.
أو الجنة.
أو أنه رجوع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه يوم القيامة. أو رجوعه إلى مكة (6).
وهي أقوال لكل واحد منها حظ من النظر بخلاف قول ابن سبأ، فإنه قول يهودي حاقد كاذب على الله دون مبالاة. وقد تبرأ جميع أهل البيت من هذا اليهودي، ويذكر أن بعض الشيعة قد تبرأ منه أيضاً (7).
(1) انظر: ((الفرق بين الفرق)) (ص 235).
(2)
انظر: ((تاريخ الطبري)) (4/ 340).
(3)
انظر: ((البداية والنهائية)) (7/ 173).
(4)
انظر: ((المقالات)) للأشعري (1/ 86).
(5)
انظر: ((الفرق بين الفرق)) (ص 234).
(6)
انظر: ((تفسير القرآن العظيم)) (3/ 402 - 403).
(7)
انظر: ((مقالات القمي)) (ص20).
المصدر:
فرق معاصرة لغالب عواجي 1/ 322 إن عبد الله بن سبأ كان يهودياً من أهل صنعاء. أمه سوداء " وقد كان عبد الله بن سبأ هذا يهودياً في قلبه حفيظة على الدين الجديد الذي أزال ما كان اليهود يتمتعون به من الهيمنة والسلطان على عرب المدينة والحجاز عامة، فأسلم في أيام عثمان، ثم تنقل في بلاد الحجاز، ثم ذهب إلى البصرة، ثم إلى الكوفة، ثم إلى الشام، وهو يحاول في كل بلد ينزل بها أن يضل ضعاف الأحلام، ولكنه لم يستطع السبيل إلى ذلك، فأتى مصر فأقام بين أهلها، وما فتئ يلفتهم عن أصول دينهم، ويزيد لهم بما يزخرفه من القول حتى وجد مرتعاً خصباً، وكان مما قاله لهم: إني لأعجب كيف تصدقون أن عيسى بن مريم يرجع إلى هذه الدنيا وتكذبون أن محمداً يرجع إليها؟. وما زال بهم حتى انقادوا إلى القول بالرجعة وقبلوا ذلك منه، فكان هو أول من وضع لأهل هذه الملة القول بالرجعة وقبلوا ذلك منه، إنه قد كان لكل نبي وصي، وأن علي بن أبي طالب هو وصي محمد صلى الله عليه وسلم! وليس في الناس من هو أظلم ممن احتجر وصية رسول الله ولم يجزها، بل هو يتعدى ذلك فيثب على الوصي ويقتسره على حقه، وإن عثمان قد أخذ حق علي وظلمه، فانهضوا في هذا الأمر، وليكن سبيلكم إلى إعادة الحق لأهله الطعن على أمرائكم وإظهار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنكم تستميلون بذلك قلوب الناس، واتخذ لهذه الدعوة وأنصار بَثَّهم في الأمصار، وما زال يكاتبهم ويكاتبونه حتى نفذ قضاء الله، وكان الضحية الأولى لهذه المؤامرة ذلك الخليفة الذي قتل مظلوماً، وبين يديه كتاب الله واعتدى على منزله وحرمه، وكان قضاء الله قدراً مقدورا (1). ولقد ذكره أقدم المؤرخين الطبري (2) عنه بقوله: كان عبد الله بن سبأ يهودياً من أهل صنعاء أمه سوداء فأسلم زمان عثمان ثم تنقل في بلدان المسلمين يحاول ضلالتهم فبدأ بالحجاز ثم البصرة ثم الكوفة ثم الشام فلم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشام فأخرجوه حتى أتى مصر فاعتمر فيهم فقال لهم فيما يقول: لعجب ممن يزعم أن عيسى يرجع ويكذب بأن محمد يرجع وقد قال الله عز وجل: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ [القصص:85] فمحمد أحق بالرجوع من عيسى.
(1)((مقالات الإسلاميين)) للأشعري (1/ 50) الهامش ط مصر.
(2)
[9422]- بهذا الاسم يوجد أكثر من مؤلف ولكن أشهرهم هو الطبري أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن غالب الآملي السني إمام المفسرين توفي في 310هـ، ويوجد آخر مشهور عند الشيعة بنفس الاسم والكنية وهو أبو جعفر، محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي المازندراني من الرجال البارزين في فقه الشيعة في القرن الخامس الهجري ومن معاصري الشيخ الطوسي والشيخ النجاشي وله مؤلفات منها ((دلائل الإمامة والرواة من أهل البيت)) و ((غريب القرآن ونور المعجزات)) وغيرها توفي في القرن الخامس الهجري.
قال: فقبل ذلك عنه ووضع لهم الرجعة فتكلموا فيها ثم قال لهم بعد ذلك: أنه كان ألف نبي ولكل نبي وصي وكان علي وصي محمد ثم قال: محمد خاتم الأنبياء وعلي خاتم الأوصياء ثم قال بعد ذلك: من أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ووثب على وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم وتناول أمر الأمة ثم قال لهم بعد ذلك: إن عثمان أخذها بغير حق وهذا وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم فانهضوا في هذا الأمر فحركوه وابدءوا بالطعن على أمرائكم وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تستميلوا الناس وادعوهم إلى هذا الأمر فبث دعاته وكاتب من كان استفسد في الأمصار وكاتبوه ودعوا في السر إلى ما عليه رأيهم وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعلوا يكتبون إلى الأمصار بكتب يضعونها في عيوب ولاتهم ويكاتبهم إخوانهم بمثل ذلك ويكتب أهل كل مصر منهم إلى مصر آخر بما يصنعون فيقرأه أولئك في أمصارهم وهؤلاء في أمصارهم حتى تناولوا بذلك المدينة وأوسعوا الأرض إذاعة يريدون غير ما يظهرون ويسرون غير ما يبدون فيقول أهل كل مصر: إنا لفي عافية مما فيه الناس وجامعه محمد وطلحة من هذا المكان قالوا فأتوا عثمان فقالوا: يا أمير المؤمنين أيأتيك عن الناس الذي يأتينا قال: لا والله ما جاءني إلا السلامة قالوا: فإنا قد أتانا وأخبروه بالذي أسقطوا إليهم قال فأنتم شركائي وشهود المؤمنين فأشيروا علي قالوا: نشير عليك أن تبعث رجالاً ممن تثق بهم إلى الأمصار حتى يرجعوا إليك بأخبارهم فدعا محمد بن مسلمة فأرسله إلى الكوفة وأرسل أسامة بن زيد إلى البصرة وأرسل عمار بن ياسر إلى مصر وأرسل عبد الله بن عمر إلى الشام وفرق رجالاً سواهم فرجعوا جميعاً قبل عمار فقالوا: أيها الناس ما أنكرنا شيئاً ولا أنكره أعلام المسلمين ولا عوامهم وقالوا جميعاً الأمر أمر المسلمين إلا أن أمراءهم يقسطون بينهم ويقومون عليهم واستبطأ الناس عماراً حتى ظنوا أنه قد اغتيل فلم يفجأهم إلا كتاب من عبد الله بن سعد بن أبي سرح يخبرهم أن عمار قد استماله قوم مصر وقد انقطعوا إليه منهم عبد الله بن السوداء وخالد بن ملجم وسودان بن حمران وكنانة بن بشر (1) ".وبمثل ذلك قال ابن كثير وابن الأثير (2)
…
ثم كان في مصر، ومن مصر جاء مع قتلة عثمان إلى المدينة. خرج أهل مصر في أربع رفاق على أربعة أمراء، المقلل يقول ستمائة والمكثر يقول ألف على الرفاق عبد الرحمن بن عديس البلوي وكنانة بن بشر الليثي وسودان بن حمران السكوني وقتيرة بن فلان السكوني وعلى القوم جميعاً الغافقي بن حرب العكي، ولم يجترئوا أن يعلموا الناس بخروجهم إلى الحرب وإنما خرجوا ومعهم ابن سوداء (3) ".
المصدر:
الشيعة والتشيع لإحسان إلهي ظهير - ص29
(1)[9423]- ((الطبري)) (5/ 98 - 99).
(2)
[9424]- ((البداية والنهاية)) (7/ 167) ط بيروت
(3)
[9425]- ((الطبري)) (5/ 103، 104).