الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما ما يرويه ابن أبي حاتم من أن أبا حنيفة كان يطلع على كتب مالك، ففيه خدشة من جهة أن تأليفه للموطأ كان في عهد المهدي، أو في أواخر عهد المنصور بعد وفاة أبي حنيفة على الصحيح، وإن لم يقصر أبو يوسف في سماعه عن تلميذه أسد بن الفرات الذي سمعه عن مالك - كما يروي ابن طولون (الموطأ) بطريقه في (الفهرس الأوسط)، ولا محمد بن الحسن حيث سافر إلى مالك ولازمه ثلاث سنين، وسمع منه (الموطأ) وبطريقه يروي أبو الوليد الباجي سماعاً عن أبي ذر الهروي رضي الله عنهم أجمعين».
فقد كانت المشكلة عند الكوثري أن يروي الإمام أبو حنيفة من الإمام مالك، أو يستفيد من كتابه فقد زحزح تأريخ نهاية التأليف للموطأ بعد وفاة أبي حنيفة بتسع سنوات حتى لا تبقى أية إمكانية لمعرفة أبي حنيفة لكتاب مالك.
بل أثبت الشيخ عكس ذلك قائلاً: نعم ثبت نظر مالك في كتب أبي حنيفة وانتفاعه بها كما رواه الدراوردي وغيره على ما أخرجه ابن أبي العوام. ثم جاء فرد على ما جاء في تقدمة الجرح والتعديل، قائلاً: ففيه خدشة من جهة أن تأليفه للموطأ كانت في عهد المهدي، أو في أواخر عهد المنصور بعد وفاة أبي حنيفة على الصحيح.
مناقشة الكوثري
أما النص في الجرح والتعديل فهو .. «سمعت إبراهيم بن طهمان [المتوفى سنة 163 هـ] يقول: أتيت المدينة فكتبت بها، ثم قدمت الكوفة فأتيت أبا حنيفة في بيته فسلمت عليه فقال لي: عمن كتبت هناك؟ فسميت له، فقال: هل كتبت عن مالك بن أنس شيئاً؟
فقلت: نعم.
فقال: جئني بما كتبت عنه، فأتيته به، فدعا بقرطاس ودواة فجعلت أملي عليه وهو يكتب.
قال أبو محمد: ما كتب أبو حنيفة عن إبراهيم بن طهمان عن مالك بن أنس، ومالك بن أنس حي إلا وقد رضيه ووثقه».
لقد أنكر الكوثري هذا النص - مع سكوته على سنده لأنه لا مجال للطعن فيه - بناء على «الحقائق التاريخية» عنده بأن الموطأ لم يؤلف إلا بعد وفاة أبي حنيفة.
ولكن ما المانع أن يكون نهاية تأليف الموطأ في بداية الأربعينيات، كما سنراه قريباً إن شاء الله تعالى؟.
ولو سلمنا جدلاً أن الكتاب لم ينته من تأليفه إلا في سنة 159 هـ حتى في هذه الحالة ليس هناك ما يمنع من قبول النص الوارد في الجرح والتعديل. لأن إبراهيم بن طهمان لم يقل إنه جاء بالموطأ، بل جاء بما كتبه عنه. والإمام مالك كان يدرّس قبل وفاة أبي حنيفة بنحو ثلاثين سنة تقريباً، وفي هذه الفترة كان الطلاب يكتبون الأحاديث والفتاوى عن الإمام مالك، فأي مانع من أن يكون إبراهيم بن طهمان كتب عن مالك، وأبو حنيفة كتب عن إبراهيم بن طهمان عن مالك.
إذن فكل همّ الشيخ الكوثري كان إبعاد تاريخ التأليف حتى لا تصل رائحة الكتاب إلى أبي حنيفة. فعلق ما علق، ثم سبّب الأخطاء عند كل من جاء بعده من الباحثين واعتمد على كلامه.