الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان مالك يعجبه الموز ويقول: لم يمسه ذباب، ولا يد أسود، ولا شيء أشبه بثمر الجنة منه، لا تطلبه في شتاء ولا صيف إلا ووجدته. قال الله:{أكلها دائم وظلها} .
وفاته
ولقد مرض الإمام مالك رحمه الله لاثنين وعشرين يوماً.
وتوفي صبيحة أربع عشرة يوم الأحد من شهر ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة.
قال بكر بن سليمان الصواف: «دخلنا على مالك في العشية التي قبض فيها، فقلنا: كيف تجدك؟ قال: لا أدري ما أقول لكم إلا أنكم ستعاينون غداً من عفو الله ما لم يكن في حساب» .
ولقد وجدت في مخطوطة أنقرة حكاية عن يحيى بن يحيى الليثي، يذكرها عن آخر لقاء مع الإمام مالك.
قال يحيى بن يحيى: «اجتمع عند مالك بالمدينة من كان من أهل الفقه، ومن غير أهل المدينة من الأمصار ممن كان عنده طالباً لهذا الأمر في مرضه الذي مات فيه وأنا منهم، فدخلنا عليه ونحن مائة وثلاثون رجلاً فسلمنا عليه ومشى إليه كل واحد منا يقف عليه و
…
نفسه ويسأله عن حاله، فلما فرغنا من فعل ذلك أقبل علينا بوجهه، ثم قال: الحمد لله الذي أضحك وأبكى، والحمد لله الذي أمات وأحيى،
…
أمر الله، ولا بد من لقاء الله.
فقلنا له: يا أبا عبد الله! كيف تجدك؟
قال: أجدني مستبشراً بصحبة أولياء الله، وهم أهل العلم، وليس شيء أعزّ على الله بعد أنبيائه منهم، ومستبشراً بطلبي هذا الأمر، لأن كل عمل فرضه الله وسنه رسوله صلى الله عليه وسلم فقد بشر بثوابه رسوله، فقال: من لزم الصلاة، وحافظ عليها فله كذا وكذا، ومن حجّ بيت الله حجة مبرورة فله عند الله كذا وكذا، ومن جاهد في سبيل الله يريد ما عند الله فله عند الله كذا وكذا، كل هذا قد عرفه من ألهمه الله هذا الأمر إلا طالب هذا الأمر ومعلمه فلم يبلغ علم عالم أن يعلم ما لطالب هذا الأمر عند الله من الكرامة والثواب.
والله لأحدثنكم بحديث حدثني به ربيعة ما حدثتكم به إلى وقتي هذا يقول: والله الذي لا إله إلا هو لرجل يعطى في صلاته فلا يدري كيف يرفعها فيأتيني مستفتياً فأفتيه فيها بالعلم فأحمله على الصواب خير من أن تكون لي الدنيا كافة منها في الآخرة.
ولأحدثنكم بحديث ما حدثتكم به إلى وقتي هذا. والله الذي لا إله إلا هو لست أقول باباً من العلم، ولكني أقول لكم لشيء من العلم أسمعه من العالم فيتشابه عليّ بعضه فأقول في نفسي قال لي كذا وكذا فأذكره وقد أخذت مضجعي فأبيت متفكراً فيه حتى أصبح، وإذا أصبحت أتيته فسألته عنه، فلهمتي به خير من مائة حجة مبرورة.
وسمعت ابن شهاب غير مرة يقول: والله الذي لا إله إلا هو لرجل يستفتيني عن شيء من دينه فلا أسرع له بالجواب حتى ابتغي نفسي من أحمله على السنة أحب إليّ من مائة غزوة أغزوها في سبيل الله، فقلت: لكل واحد منهما حين حدثني حديثه، هذا لكم، فما للطالب؟
فكل قال لي: هيهات هيهات، انقطع العلم، نسأل الله التوفيق لنا ولكم.
قال يحيى: هذا آخر حديث سمعته من مالك رحمه الله «قوبل، وعليه