الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: «أخروا هذا الشذر» قد يستدل منه على مساعدة بعض الطلبة أو النساخ في نسخ الكتاب عند ترتيب موطئه.
وصف كتاب الموطأ
خطأ في كتاب مالك
قال ابن مزين: «قلت: أرأيت إذا برأ على غير عثل، هل عليه غرم شيء مما أنفق في جبره والقيام عليه به؟
قال: لا شيء عليه من ذلك إلا الأدب الموجع إن كان جرحه عمداً.
قال: وسألته عن قول مالك في العبد المسلم يجرح اليهودي أو النصراني، أن سيد العبد إن شاء أن يعقل عنه مما أصاب فذلك له، وإن شاء أن يسلمه أسلمه فيباع، فيُعطى اليهودي أو النصراني دية جرحه أو ثمنه كله إن أحاط بثمنه قلت
…
أخطأ هو في الكتاب أم ما معناه؟
فقال، قال لي ابن القاسم: هو خطأ في الكتاب، وقد كان يُقرأُ على مالك كذلك فلا يغيره، وإنما الأمر فيه أن إذا أسلمه السيد فبيع أن اليهودي أو النصراني أو غيرهما من دين أهل الإسلام جميع ثمن العبد كائناً ما كان أقل من الدية أو أكثر، وهو قول مالك».
ما مصدر «سئل مالك»
؟
هناك قضية تتعلق بمواد الموطأ تطرق إليها أبو الوليد ابن رشد، ونقلها
الشيخ محمد الطاهر بن عاشور قائلاً: وما يوجد في الموطأ برواية يحيى بن يحيى الليثي من قوله: قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول: أو سئل مالك أو شبه ذلك، فقد سئل عنه أبو الوليد ابن رشد فأجاب: لا يصح أن يعتقد أن يحيى بن يحيى زاد في الموطأ شيئاً على ما ألفه مالك، فأما ما فيه من: قال يحيى: وسئل مالك، فيحتمل وجهين:
أحدهما: أن مالكاً لما كتبه بيده قال: وسئلت عن كذا، فلما رواه عنه أصحابه كتب كل واحد منهم في انتساخه، و «سُئِل مالك» ، إذ لا يصح أن يكتب الناسخ: وسُئِلْتُ، فيوهم أنه هو المسؤول.
والوجه الثاني: أن يكون مالك رحمه الله لم يكتب الموطأ، إذ ألفه بيده، وإنما أملاه على من كتبه فأملى فيما أملى منه، وسئلت عن كذا فكتب الكاتب وسُئِل مالك، إذ لا يصح إلا ذلك.
وأما قوله: وسمعت مالكاً يقول، فإنما قاله في الموطأ فيما سمعه منه من لفظه وهو يسير من جملة الموطأ لأن مالكاً رحمه الله إنما كان يقرأ عليه فيسمعه الناس بقراءة القارئ عليه على مذهبه في أن القراءة على العالم أصح للطالب من قراءة العالم. فما سمعه عليه بقراءته أو بقراءة غيره ولم يسمعه من لفظه وهو الأكثر قال فيه: حدثني مالك أو قال مالك. وما اتفق أنه سمعه منه من لفظه قال فيه: وسمعت مالكاً يقول. انتهى كلام ابن رشد.
وأقول: لا يمنع كلام ابن رشد من أن يكون في بعض ذلك صور أخرى لم يذكرها ابن رشد، فقد كان مالك لا يحدث في المجلس أحاديث كثيرة، ولم يكن الرواة عنه يتمكنون من نسخ الموطأ، فهم يكتبون ما سمعوه من الحديث ومما أثبته مالك. ويزيد بعضهم على بعض بمقدار تمكنهم من سماع القارئ، وبمقدار تفاوتهم في سرعة الكتابة، وعلى حسب اختلاف أغراضهم، فإن منهم من يطلب الحديث دون الفقه، ومنهم من يطلب الأمرين، وهذا هو السبب فيما نجده من اختلاف الموطأ باختلاف روايته.
على أنه قد يفسر مالك كلامه حين القراءة عليه، وقد يذكر شيئاً لم يكن كتبه في أصله فيثبته من سمعه إذ لم يكن جميعهم ينتسخ من أصله. وفي شرح القسطلاني على صحيح البخاري في مناقب عبد الله بن سلام في ذكر زيادة في حديث أن عبد الله بن سلام من أهل الجنة. قال عبد الله بن يوسف: إن مالكاً تكلم بقوله: وفيه نزلت هذه الآية (وشهد شاهد) عقب ذكر الحديث، وكانت معي ألواحي فكتبت هذا، فلا أدري قاله مالك أو في الحديث.
وأحسب أن أوفى روايات الموطأ بجميع ما كتبه مالك أو بمعظمه وأكثرها مطابقة لأصل مالك هو رواية يحيى بن يحيى الليثي فإنه لقي مالكاً في آخر حياته، إذ هو رحل إلى المدينة في السنة التي مات فيها مالك، يدل لذلك أنه روى عن زياد بن عبد الرحمن الملقب بشبطون أبواباً فاتته، فلذلك وقع الإقبال على رواية يحيى.
وعندي أنه لا يبعد أن يكون بعض ما في رواية يحيى من قوله: (وسئل) أنه من زيادات يحيى بن يحيى على ما في أصل مالك.
وقد رأيت كلاماً مأثوراً عن الشافعي يوضح ما نحوناه.
روى الربيع عن الشافعي فيما رواه من رحلته إلى مالك: أن أول حديث سمعه من مالك في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المساء: حدثني نافع عن ابن عمر عن صاحب هذا القبر رسول الله
صلى الله عليه وسلم، يشير بيده نحو القبر، وأنه حدث في مجلس واحد خمسة عشر حديثاً، وأنه ناول الموطأ الشافعي، فقرأه على الناس وهم يكتبون. قال: وقد قرأته في ثمانية أشهر، وفي السامعين الليث بن سعد، وابن القاسم، وأشهب، وعبد الله بن عبد الحكم».
ولي تعقيب على ما قاله الشيخ محمد الطاهر بن عاشور، لأن تأويله أو توجيهه يسبب إشكالاً كبيراً: فالمعروف في منهج الإمام مالك في التدريس الهدوء التام في