الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التنكر للمصادر
يجهل الأستاذ كلدر أو يتجاهل كثيراً من الكتب التي ظهرت في خلال نصف قرن على الموضوع نفسه، مثل كتاب الدارقطني في اختلاف الموطآت، والتي تبين الأحاديث الموجودة في كافة الموطآت التي درسها الدارقطني، أو الأحاديث الموجودة في بعضها، كذلك لم يستفد من شروح الموطأ التي اعتنت بهذا الموضوع، كما أنه تجاهل تماماً ما كتبه محمد مصطفى الأعظمي والآخرون في الدحض على شاخت. علماً بأنه بنى بحثه على نظرية شاخت حول السنة النبوية.
على كل يمكننا أن نبحث القضية في حد ذاتها بدون الاعتبارات التي ذكرتها سابقاً.
الإمام مالك كان محظوظاً جداً في تاريخ الإسلام العلمي، لقد رزق بأكثر من ثلاثمائة وألف شخص الذين درسوا عليه، وقد يكون بعضهم عاش معه أياماً معدودات، بينما هناك مئات من الذين عاشوا معه سنين.
وتمتد مساكن طلابه من أفغانستان إلى البرتغال، ومن تركيا إلى اليمن، والبحر الأبيض المتوسط، والذين درسوا كتابه الموطأ ورووه عنه هم أزيد من مائة شخص.
وتوجد المؤلفات من القرن الرابع مثل كتابات الدارقطني، والقرن الخامس مثل كتابات ابن عبد البر، ومؤلفاتهما مطبوعة منذ ثلاثين وأربعين سنة، وهذه الكتابات تبين بكل وضوح الاختلافات الموجودة في أكثر من عشر روايات من روايات الموطأ، ويبينون أن هذا الحديث النبوي موجود في كافة الروايات، أو عند البعض مع تحديد أسمائهم، فإذا درس كلدر هذين الكتابين فقد كان يمكنه معرفة حديث الهرة، وهل هو موجود في رواية يحيى الليثي فقط أو في روايات آخرين، وإن كان هذا الحديث في أكثر من رواية من روايات الموطأ فكيف وضع الحديث في أسبانيا، وانتقلت إلى روايات أخرى إلى الشرق؟! ولكنه لم يفعل.
على كل إذا تركنا هذين الكتابين فلا يزال يوجد عدد من الروايات المختلفة للموطأ مثلاً.
1 -
رواية يحيى الليثي المتوفى سنة 234 هـ.
2 -
رواية الشيباني المتوفى سنة 189 هـ، والكتاب مطبوع في خلال مائة سنة عشرات الطبعات.
3 -
جزء من رواية موطأ ابن زياد التونسي المتوفى سنة 183 هـ، والمطبوع في تونس قبل 1400/ 1980
4 -
جزء من رواية موطأ للقعنبي البصري المتوفى سنة 221 هـ، وطبع في سنة 1392/ 1972
5 -
رواية أبي مصعب الزهري المتوفى سنة 242 هـ، وقد طبع في بيروت 1412/ 1992
6 -
الموطأ في رواية عبد الرحمن بن القاسم المتوفى سنة 191 هـ، وذلك في ترتيب جديد باسم تلخيص القابسي، المصري، في قطر 1400/ 1980
7 -
الموطأ في رواية الحدثاني الأنباري، ونشر في بيروت سنة 1990 م.
8 -
مصنف عبد الرزاق المتوفى 211 هـ، التلميذ المباشر لمالك، طبع في بيروت 1390/ 1970
9 -
الموطأ في رواية ابن بكير المصري المتوفى سنة 231 هـ، طبع في الجزائر الملخص منه بعد حذف الأسانيد سنة 1907 م، ولم أطلع عليه، وقد ذكره شاخت.
بمراجعة هذه الروايات المتعددة من الموطأ، علماً بأن بعض هذه الروايات ناقصة، ولم توجد كاملة، نجد حديث الهرة في الروايات الآتية:
1 -
في موطأ يحيى الليثي المتوفى في أسبانيا سنة 234 هـ المجلد الأول ص 22 - 23
2 -
موطأ الشيباني الحنفي الكوفي العراقي المتوفى سنة 189 هـ، والحديث رقم 90 ص 54
3 -
موطأ ابن القاسم المصري المتوفى سنة 191 هـ الحديث رقم 123، صفحة 176 (انظر القابسي).
4 -
موطأ القعنبي البصري المتوفى سنة 221 هـ، الصفحة 45 - 46
5 -
موطأ أبي مصعب الزهري المتوفى بالمدينة سنة 242 هـ المجلد الأوّل ص 25
6 -
موطأ الحدثاني، المتوفى في الأنبار سنة 240 هـ، الصفحة 55، الحديث 28
7 -
موطأ ابن بكير المتوفى بمصر سنة 231 هـ، مخطوطة الأزهر 6 ب.
8 -
مصنف عبد الرزاق المتوفى باليمن سنة 211 هـ، المجلد الأول ص 101
إذا حللنا الروايات المذكورة أعلاها نجد أصحابها ينتمون إلى أفغانستان، والعراق، والجزيرة العربية، واليمن، ومصر، وأسبانيا.
من الناحية الأخرى: اثنان من هؤلاء من تلامذة مالك ماتا في حدود 10 إلى 12 سنة من وفاة مالك، والثالث منهم في خلال ثلاثين سنة تقريباً، والخمسة منهم ماتوا ما بين 220 - 240 هـ، تقريباً فإذا كان هذا الحديث قد تم وضعه بعد وفاة مالك (المتوفى سنة 179 هـ) بمائة سنة تقريباً، أي في حدود 270 من الهجرة، فإذاً علينا أن نجد حلاً معقولاً لاجتماع هؤلاء الموتى واتفاقهم على ضرورة إدخال هذا الحديث في كتبهم، أو توكيلهم لمن كان يملك حق النشر أن يتولوا هذا العمل!!
وإذا افترضنا أن الأستاذ كلدر لم يطلع على كل هذه الروايات المنشورة، فعلى الأقل موطأ محمد الشيباني كان في يده، وقد ذكره في مصادره ومراجعه، فمن الذي منعه أن يعيد النظر في القصر الموهوم الذي بناه في خياله في ضوء ما كان في يده!
تكذيب علماء العالم الإسلامي كافة لمدة ثلاثمائة سنة، وأنهم كانوا يضعون الأحاديث، ثم يدخلونها في الكتب، والكتب كانت تنسب لأشخاص ماتوا منذ مائة سنة، كل هذه الاكتشافات المبنية على التوهمات ليست من البحث العلمي بشيء، إلا إذا كان الهدف هو القضاء على تاريخ التراث الإسلامي، وليس هذا آخر المطاف، لكنه خطوة أولى في سبيل هدف غير معلن، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.