الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبو جعفر المنصور يطلب الموطأ للاطلاع
لكن هناك نصوصاً أخرى تعارض النصوص السابقة، لأنها تدل على أن الكتاب كان قد تم تأليفه قبل اللقاء بأبي جعفر المنصور.
1 -
قال ابن عساكر: «أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر بن محمد الشحامي، قال: أنبا أبو حامد أحمد بن الحسن العدل، قال أنبا أبو محمد الحسن بن أحمد المخلدي، قال: أنبا أبو بكر الإسفرايني، ثنا أبو بكر محمد بن محمد قال: حدثني أبو موسى الأنصاري
قال: سمعت معن بن عيسى يقول، سمعت مالك بن أنس يقول:
أرسل إليّ أمير المؤمنين أبو جعفر يريد الموطأ فأتيته به، فنظر فيه، وقال: هذا الحق، وأراد أن يكتب، ويبعث به إلى الآفاق فيحمل الناس عليه».
وهناك رواية أخرى عن طريق الواقدي تؤيد رواية معن بن عيسى.
2 -
روى ابن عبد البر من طريق الحارث بن أبي أسامة، عن محمد بن سعد عن الواقدي قال: سمعت مالك بن أنس يقول:
«لما حج أبو جعفر المنصور، دعاني فدخلت عليه، فحادثته وسألني فأجبته، فقال: إني عزمت أن آمر بكتبك هذه التي قد وضعت يعني الموطأ فتنسخ نسخاً، ثم أبعث إلى كل مصر من أمصار المسلمين منها نسخة، وآمرهم أن يعملوا بما فيها، ولا يتعدوها إلى غيرها، ويدعوا ما سوى ذلك من هذا العلم المُحْدَث فإني رأيت أصل العلم رواية أهل المدينة وعلمهم.
قال: فقلت: يا أمير المؤمنين! لا تفعل هذا، فإن الناس قد سبقت إليهم أقاويل، وسمعوا أحاديث، ورووا روايات، وأخذ كل قوم بما سيق إليهم، وعملوا به ودانوا به، من اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وأن ردهم عما اعتقدوه شديد، فدع الناس وما هم عليه، وما اختار أهل كل بلد لأنفسهم.
فقال: لَعَمْري لو طاوعتني على ذلك لأمرت به».
وروى ابن عساكر هذه الرواية عن طريق الحارث بن أبي أسامة مثله.
وهناك رواية أخرى أوردها ابن أبي حاتم الرازي، قال: حدثني أبي، ثنا أبو يوسف محمد بن أحمد بن الحجاج الصيدناني الرقي، حدثنا أبو خليف - يعني عتبة بن حماد القارئ الدمشقي، عن مالك بن أنس قال: قال لي أبو جعفر - يعني عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس يوماً: ما على ظهرها أحد أعلم منك؟
قلت: بلى.
قال: فسمهم لي.
قلت: لا أحفظ أسماءهم.
قال: قد طلبت هذا الشأن في زمن بني أمية، فقد عرفته، أما أهل العراق فأهل كذب وباطل وزور. وأما الشام فأهل جهاد، وليس عندهم كبير علم.
وأما أهل الحجاز ففيهم بقية علم وأنت عالم الحجاز، فلا تردنَّ على أمير المؤمنين قوله.
قال مالك ثم قال لي:
قد أردت أن أجعل هذا العلم علماً واحداً فأكتب به إلى أمراء الأجناد، وإلى القضاة فيعملون به، فمن خالف ضربت عنقه.
فقلت له: يا أمير المؤمنين أو غير ذلك.
قلتُ: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان في هذه الأمة، وكان يبعث السرايا، وكان يخرج،
فلم يفتح من البلاد كثيراً حتى قبضه الله عز وجل، ثم قام أبو بكر رضي الله عنه، فلم يفتح من البلاد كثيراً، ثم قام عمر رضي الله عنه بعدهما ففتحت البلاد على يديه، فلم يجد بداً من أن يبعث أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم معلِّمين، فلم يزل يؤخذ عنهم كابر عن كابر إلى يومهم هذا، فإن ذهبت تحوّلهم مما يعرفون إلى ما لا يعرفون رأوا ذلك كفراً، ولكن أقر أهل كل بلدة على ما فيها من العلم، وخذ هذا العلم لنفسك.
فقال لي: ما أَبْعدت القول، اكتب هذا العلم لمحمد.
وهذه الرواية في غاية الصحة، لا مطعن فيها، الصيدناني ثقة، وعتبة بن حماد صدوق، كما في التقريب.
وهناك رواية أخرى تؤيد رواية الواقدي ومعن بن عيسى، قال ابن عبد البر:
«وذكر الزبير بن بكار، قال: نا يحيى بن مسكين ومحمد بن مسلمة، قالا: سمعنا مالكاً يذكر دخوله على أبي جعفر، وقوله في إنساخ كتبه في العلم، وحمل الناس عليها:
قال مالك: فقلت له: يا أمير المؤمنين، قد رسخ في قلوب أهل كل بلد ما اعتقدوه وعملوا به، وردّ العامة عن مثل هذا عسير».
ورواية أخرى تشير إلى نفس الاتجاه:
روى ابن عساكر من طريق «خالد بن نزار الأيلي، قال: سمعت مالك بن أنس رحمه الله يقول: دعاني أبو جعفر أمير المؤمنين، فقال لي: يا أبا عبد الله إني أريد أن أكتب إلى الآفاق فأحملهم على كتاب الموطأ، حتى لا يبقى أحد يخالفك فيه.
قال مالك: فقلت: يا أمير المؤمنين إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقوا في البلدن، واتّبعهم الناس، فرأى كل فريق أن قد اتبع مَتْبعاً».
وفي رواية أخرى:
قال القاضي عياض: «إن أبا جعفر قال له: إني عزمت أن أكتب كتبك هذه نسخاً ثم أبعث إلى كل مصر من أمصار المسلمين بنسخة آمرهم بأن يعملوا بما فيها ولا يتعدوها إلى غيرها من هذا العلم المحدث، فإني رأيت أصل العلم رواية أهل المدينة وعملهم.
فقلت: يا أمير المؤمنين! لا تفعل، فإن الناس قد سبقت لهم أقاويل، وسمعوا أحاديث وروايات، وأخذ كل قوم بما سبق إليهم، وعملوا به، ودانوا له من اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وإن ردَّهم