الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التعبير 4
الفتن 4
الأحكام 10
التمني 1
خبر الواحد 3
الاعتصام 9
التوحيد 5
وهذا الجدول يثبت بدون شك بأن الإمام البخاري رحمه الله ملأ كتابه بأحاديث الإمام مالك رحمه الله، وما من كتاب من كتب صحيح البخاري - سوى ما ندر - إلا وأحاديث الموطأ فيه كأنها أعمدة في ذلك البناء الشامخ.
الإمام مالك واعتناؤه بالنص
كان الإمام مالك رحمه الله شديد الاعتناء بالنص، وكان لا يجيز الرواية بالمعنى في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.
قال معن: «كان مالك يتقي في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الياء والتاء ونحوهما» .
وروى عنه ابن عمير مثله.
وقال الخطيب البغدادي: «أخبرنا أبو القاسم الأزهري، قال: ثنا عبيد الله بن محمد العكبري، قال: ثنا حمزة بن القاسم الخطيب، قال: ثنا
عمر بن مدرك، قال: ثنا عبد العزيز بن يحيى المديني مولى أبي هاشم، قال: سمعت مالك بن أنس يقول: ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا تعدُ اللفظ، وما كان من غيره فأصبت المعنى فلا بأس».
لقد ادّعى الدكتور بشار عواد في ذلك على الرغم من اعترافه بدقة الضبط عند مالك إلا أنه يرى أن الإمام مالكاً كان يروي بالمعنى أيضاً، مستدلاً باختلاف الروايات. وهذا نص كلامه:
قال الدكتور بشار عواد: «أما اختلاف الموطآت فيعود فيما نرى إلى سببين رئيسين يتصل أحدهما بالآخر:
الأول: اختلاف الأزمنة التي أخذ فيها كل راوٍ روايته مما يبين أن مالكاً
كان يعدل ويغيّر في ترتيب الكتاب وتبويبه، ويزيد فيه وينقص منه هنا وهناك، أو يغير في لفظه مما يراه مناسباً، ومن هنا يتعين الانتباه إلى آخر ما ارتضاه من الموطأ باعتباره يمثل النشرة الأخيرة التي أرادها المؤلف لهذا الكتاب.
الثاني: جواز رواية الحديث بالمعنى، وهو أمر يحتاج إلى مزيد توضيح وبيان على الرغم من تناول كتب مصطلح الحديث هذا الموضوع، وقولهم بأن رواية الحديث جائزة بالمعنى شرط أن لا تحيل المعاني عن مواضعها ومقاصدها.
والحقّ أن الموطأ من الأمثلة الواضحة على رواية الحديث بالمعنى، وعدم الالتزام الكامل بالألفاظ وتسلسلها بين رواية وأخرى، فالملاحظ أن الاختلاف بين الموطآت في ألفاظ الأحاديث كثير إلى حد يصعب حصره في التعليق على أية رواية من هذه الروايات، وقد جربنا ذلك مثلاً بين رواية يحيى المصمودي ورواية أبي مصعب الزهري، أو محاولة إثبات الخلاف في ألفاظ الحديث بين رواة الحديث عند مالك، فوجدنا أن الأمر يحتاج إلى تسويد مئات الصفحات من الحواشي لتوضيح هذه الاختلافات. وفي الوقت الذي نؤكد هذه الحقيقة الماثلة للعيان جراء التجربة والملاحظة، علينا أن ندرك في الوقت نفسه جملة أمور منها:
أ - أن الإمام مالك بن أنس قد بلغ الغاية في الدقة والضبط والإتقان والإمامة والديانة، وهو إمام في الحديث قلّ نظيره، وأنه قد أملى الموطأ في مدد مختلفة، فكأنه كان يغير في بعض الألفاظ أو يختصر بين حين وآخر.
ب - وإنما يدل على صحة ما ذكرنا أن الرواة الثقات لموطأ مالك قد اختلفوا فيما بينهم اختلافاً كبيراً يدل على احتمال أن يكون هذا الاختلاف من مالك نفسه، فضلاً عن احتمال بعض التغييرات في الألفاظ من الرواة أنفسهم بسبب روايتهم لها».