الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن الاعتزال وأنه كان قبل الثلاثمائة- ولو بقليل- وبه يظهر خطأ من جعل هذه الرسالة مما ألفه الأشعري بعد سنة 320 هـ بدون دليل يذكره (1) . وهذه الرسالة طبعت في بعض الدوريات في تركيا (2) ، وأخيرا طبعت
عام 1407 هـ بتحقيق محمد السيد الجليند، كا أنها حققت فى الجامعة الاسلامية في المدينة وطبعت أيضا، وهى بتحقيق عبد الله شاكر.
4- الإبانة عن أصول الديانة:
وهو من أهم كتب الأشعري، وأكثرها إثارة للجدل، لأنه يحوي جوانب من العقيدة تخالف ما عليه متأخرو الأشعرية، خاصة في مسائل الصفات الخبربة والعلو والاستواء.
ونسبته إلى الأشعري مشهورة، ففضلا عن النسخ الخطية التي تنسب هذا الكتاب إليه فإن جمهرة من جلة العلماء نسبوه إليه، وفيهم من دافع عن الأشعرية- في المحن التى مروا بها- من خلال بيان صحة اعتقاد الأشعري الذي ينتسبون إليه، وذلك بالنقل من هذا الكتاب مما يوافق مذهب أهل السنة، ومن هؤلاء العلماء: البيهقي، والصابوني، وابن عساكر، ونصر المقدسي، وأبو بكر، السمعاني (3) ، وابن تيمية وابن القيم (4) ، حتى الأهوازي الذى ألف في مثالب،
(1) انظر: مقدمة تحقيق الإبانة (ص:90-91)، ويلاحظ أن في عبارة ابن فورك بعد أن عدد مؤلفات الأشعري مايدل على أن هذه الرسالة ألفها الأشعري قبل سنة 320 هـ فإنه قال:"هذا هو أسامي كتبه التي ألفها إلي سنة عشرين وثلاثمائة سوى أماليه والجوابات المتفرقة عن المسائل الواردات من الجهات المختلفات، تبيين كذب المفترى (ص: 135) فهذا يعطي ظنا غالبا تقدم هذه الرسالة عن التاريخ المذكور.
(2)
نشرها قوام الدين في مجلة دار الفنون بإستانبول، ثم نشرها في مجلة كلية الإلهيات سنة 1928م في (ج7،8) ، مذاهب الإسلاميين (1/521) ، ودرء التعارض (7/186) ، حاشية المعلق،وانظر: بروكلمان- تاريخ الأدب العربي (4/ 40) - من الطبعة العربية.
(3)
انظر: الاعتقاد للبيهقي (ص: 108-109) تحقيق أحمد عصام الكاتب، وتبين كذب المفترى (ص: 152، ص: 389) ، ورسالة في الذب عن الأشعري فإنها كلها تثبت أن الأبانة للأشعرى، وذلك لإثبات العلماء له، وانظر: ما يأتي عند الحديث عن أطوار الأشعري.
(4)
ابن تيمية في غالب كتبه ومنها الحموية، ودرء التعارض، ونقض التأسيس، وابن القيم اجتماع الجيوش (ص: 182) .
الأشعري ورد عليه ابن عساكر لم ينكر نسبة الإبانة الى الأشعري، بل قال: إن الحنابلة لم يقبلوا من الأشعري ما أظهره فى الابانة (1) ، وهذا دليل على أنه يقر بانه له (2) .
ومع ذلك لم يسلم هذا الكتاب من اعراض بعض الأشعرية المتقدمين عنه، وصل إلى حد الانكار، مما أوقع الشك عند بعض المعاصرين حول نسبته الى الأشعري (3) ..
ومن أمثلة الانكار ما ذكره ابن درباس المتوفي سنة 605 هـ في معرض حديثه عن إحدى نسخ الإبانة الموجودة عند بعض العلماء فإنه قال: ولقد عرضها بعض أصحابنا على عظيم من عظماء الجهمية المنتمين افتراء إلى أبي الحسن الأشعري ببيت المقدس فأنكرها وجحدها، وقال: ماسمعنا بها قط ولا هى من تصنيفه، واجتهد آخرا في إعمال رويته ليزيل الشبهة بفطنته فقال بعد تحريك لحيته: لعله ألفها لما كان حشويا فما دريت من أي أمريه أعجب؟ أمن جهله بالكتاب مع شهرته وكثرة من ذكره في التصانيف من العلماء، أو من جهله بحال شيخه الذي يفتري عليه بانتمائه إليه واشتهاره قبل توبته بالاعتزال بين الأمة عالمها وجاهلها" (4) .
(1) انظر: التبيين (ص: 389) .
(2)
يذكر ابن درباس في رسالته في الذب عن أبي الحسن الأشعري (ص: 114) - ت الفقيهي - أن من العلماء الذين أثبتوا الابانة للأشعري إمام القراء أبا علي الحسن بن على بن ابراهيم الفارسى، ثم ترجم المحقق في الحاشية له علي أنه الأهوازي، ولكن في الإسناد مايثير الشك، وذلك أن أبا الحسن بن نجية المولود سنة 508 هـ وزوجته فاطمة بنت سعد الخير المولودة سنة 522 هـ قالا في الإسناد " أنبأنا الإمام أبو علي الحسن بن على بن ابراهيم المقري وذكر الإمام أبا الحسن الأشعري
…
"، والأهوازي توفي سنة446 هـ، فكيف يرويان عنه بقولهما " أنبأنا" حتى على القول بأنها قد تستخد م- عند بعض العلماء - في الإجازة؟ وقد بحثت طويلا في كتب التراجم عمن يسمى بهذا الاسم مما يناسب الإسناد فلم أجد سوى ماذكره المحقق مع مافي سند الرواية اليه من الإشكال، والله أعلم.
(3)
من هؤلاء المستشرقان مكارثي وآلار، انظر: مذاهب الإسلاميين- بدوي- (1/517- 518)، ومقدمة تحقيق الإبانة: فوقية محمود (ص: 75-79) .
(4)
رسالة في الذب عن أبي الحسن الأشعري (ص 131) تحقيق الفقيهي.
ومن أسباب الشك أن ابن فورك لم يذكر الإبانة عند ذكره لمؤلفات الأشعري، بل ولم ينقل منها حين جمع مقالات الأشعري، أو مقالات ابن كلاب مع مقارنتها بأقوال الأشعري، وهذا مثير للانتباه فعلا، لأن الأشعرية يفتخرون بهذا الكتاب ويؤكدون نسبته إلى الأشعري ليبينوا عدم انحراف أمامهم وأنهم تبع له، فكيف يجهل ابن فورك هذا الكتاب المهم؟. وإذا كان ابن فورك قد توفي سنة 406 هـ فإن تلميذه الذى يروى عن شيخه ابن فورك في أسانيدهـ الإمام الحافظ أبا بكر البيهقي المولود سنة 384 هـ- أثبت نسبة الإبانة للأشعرى ونقل عنه في بعض كتبهـ كما تقدم قربيا- والبيهقي- المحدث الفقيهـ أجل من ابن فورك الذي غلب عليه علم الكلام (1) .
ولابن تيمية كلام مهم حول هذا الموضوع- نثبته هنا لعلاقته بكتاب الإبانة ونسبته إلى الأشعري، فإنه قال بعد ذكره للعلماء الذين أثبتوه ونقلوا عنه - " فإن قيل: فابن فورك وأتباعه لم يذكروا هذا؟، قيل له سببان:
أحدها: أن هذا الكتاب ونحوه صنفه ببغداد في آخر عمره لما زاد استبصاره في السنة، ولعله لم يفصح في بعض الكتب القديمة بما أفصح به فيه وفي أمثاله وإن كان لم ينف فيها ما ذكره هنا في الكتب المتأخرة، ففرق بين عدم القول وبين القول بالعدم
…
ثم نقل ابن تيمية ماذكره ابن عساكر عن ابن فورك وماذكره من مؤلفات الأشعري وتعقب ابن عساكر له،....
السبب الثاني: أن ابن فورك وذويه كانوا يميلون الى النفي في مسألة الاستواء ونحوها، وقد ذكرنا فيما نقله هو من ألفاظ ابن كلاب- وهو من
(1) ومع ذلك فقد يتحرز ابن فورك في بعض الأحيان في الرواية والضبط، حتى أنه عندما تكلم في مشكل الحديث وبيانه (ص: 36-37) ط المكتبة العصرية، حول تأويل الحديث " رأيت ربي في أحسن صورة،- وذكر القول بأنه منام- قال بعد ذلك " وقد تهور بعض المتكلمين في ذلك أيضا فغير اللفظ المسموع الى مالم يضبط ولم ينقل تعسفا في التأويل فقال: إنما هو"ربي" بكسر الراء وهو اسم عبد كان لعثمان- رضي الله عنه رآه صلى الله عليه وسلم في النوم على تلك الصفات، وهذا غلط، لأن التأويل والتخريج إنما يكون لمسموع مضبوط منقول، ولم يثبت سماع ذلك على هذا الوجه
…
". فهذايدل على احترامه لنصوص السنة، وإن كان قد وقع في كثير من التأويل الباطل.
المثبتين لذلك- كيف تصرف في كلامه تصرفا يشبه تصرفه في ألفاظ النصوص الواردة في إثبات ذلك كما فعله في كتابه تأويل شكل النصوص، فكان هواه في النفي يمنعه من تتبع ماجاء في الاثبات من كلام أئمته وغيرهم، وكذلك فيما نقله من كلام الأشعري كيف زاد فيه ونقص مع أن المنقول نحو ورقتين (1) ، فلعله قد عمل ذلك فيما نقله من كلام ابن كلاب، إذ لم نجد نحن نسخة الأصول التي نقل منها، حتى نعلم كيف فعل فيها. وفيما نقله تحريف بين، لكن مأخذه في ذلك مأخذ من ينسب فتاويه وعقائده إلى السنة والشريعة النبوية لظنه أن هذا هو الحق الذي لا تأتي بخلافه، فكذلك هو يظن أن مازاده ونقصه يوجبه بعض أصول ابن كلاب والأشعري، وإن كان فيما ظهر من كلامهما خلافه، وهذا أصل معروف لكثير من أهل الكلام والفقه يسوغون أن ينسب إلي النبي صلى الله عليه وسلم نسبة قولية توافق ما اعتقدوه من شريعته حتي يضعوا أحاديث توافق ذلك المذهب ولينسبونها إلي النبي، لكن ابن فورك لم يكن من هؤلاء (2) ، وإنما هو من الطبقة الثانية الذين ينسبون إلي الأئمة ما يعتقدون هم أنه الحق فهذا واقع في كثير من طائفته، حتي أن في زماننا في بعض المجالس المعقودة قال كبير القضاة: إن مذهب الشافعي المنصوص عنه كيت وكيت، وذكر القول الذى يعلم هو وكل عا لم أن الشافعي لم يقله، ونقل القاضيان الآخران عن أبي حنيفة ومالك مثل ذلك، فلما روجع ذلك القاضي قيل له: هذا الذى نقلته عن الشافعي من أين هو؟، أى أن الشافعي لم يقل هذا، فقال: هذا قول العقلاء، والشافعي عاقل لا يخالف العقلاء، وقد رأيت في مصنفات طوائف من هؤلاء ينقلون عن أئمة الإسلام المذاهب التي لم ينقلها أحد عنهم لاعتقادهم أنها حق، فهذا أصل ينبغى أن يعرف.
" ومن أسباب ذلك أيضا أن الأشعري ليس له كلام كثير منتشر في تقرير مسألة العرش والمباينة للمخلوقات، كما كان لابن كلاب إمامه، وذلك لأنه تصدى للمسائل التي كان المعتزلة تظهر الخلاف فيها كمسألة الكلام والرؤية وانكار القدر والشفاعة في أهل الكبائر ونحو ذلك، وأما العلو فلم يكونوا يظهرون
(1) يشير ابن تيمية الى ماسبق من مناقشة (ص: 54-55) من الجزء الأول المخطوط.
(2)
انظر: الحاشية فى الصفحة السابقة.
الخلاف فيه إلا لخاصتهم لانكار جمهور المسلمين لذلك، وانما كان سلف الأمة وأئمتها يعلمون ما يضمرون من ذلك بالاستدلال، فالأشعري تصدي لرد ما اشتهر من بدعهم فكان اظهر خلافهم في القرآن والرؤية من شعار مذهبه التي لم يتنازع فيها أصحابه وإن كانوا قد يفسرون ذلك بما يقارب قول المعتزلة بخلاف مالم يكونوا يظهرون مخالفته فإنه كان أدخل في السنة وأعظم في الأمة وأثبت في الشرع والعقل مما أظهروا مخالفته...." (1) .
ولعل هذا النص- الطويل- يعين على فهم تجاهل بعض الأشاعرة لهذا الكتاب الذى يعتبر من الكتب التي ترد على نفاة العلو والاستواء من الأشعرية المنتسبين إلى مؤلفه. وهذا الذى ذكره شيخ الإسلام عن ابن فورك ليس ببعيد وسيأتي مثال عملي على ذلك عند الكلام على كتاب " مجرد مقالات الأشعري،. والخلاصة: أن كتاب الإبانة ثابت للأشعري، أما طبعاته فقد طبع عدة طبعات في الهند ومصر ولبنان كما طبعته جامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية. وأهم طبعاتهـ التي اشتهرت مؤخرا- تلك الطبعة المحققة على أربع نسخ خطية مع دراسة مطولة عن الأشعري ومؤلفاته ونهجه، وقامت بها الدكتورة فوقية حسين محمود، ونشرته دار الأنصار سنة 1397 هـ، ومع ذلك فهناك ملاحظات على هذه الطبعة لا يجوز السكوت عنها، أهمها ملاحظتان: الأولى: كثرة الأخطاء والتحريفات، إما بسبب الطباعة، أو بسبب الخطأ في قراءة بعض الكلمات أو الجمل، وقد يوضع ماهو خطأ حتما في الأصل، ثم تجد الصواب في الحاشية جاءت به إحدى النسخ الخطية، ولأجل هذه الملاحظات أصبحت قراءة النص متعبة وتحتاج الى أن تكون بين يديك الطبعات الأخرى.
أما الملاحظة الأخرى: فتهون الأولى أمامها، ألا وهي اعتماد إحدى النسخ الخطية التي انفردت بزيادات ليست موجودة في النسخ الأخرى، وقد أثبت
(1) نقص أساس التقديس المخطوط (1/85-89) .
هذه الزيادات في النص الأصلى وأشير إليها في الحاشية، وهذه النسخة حفلت بزيادات من نوع خاص- وهو ما يضفي ظلالا من الشك عليها- وقد أثار هذا انتباه المحققة فقالت في حديثها عن هذه النسخة في الدراسة:(وقد اعتبرتها النسخة الأم لأنها تخلو من التقديم والتأخير المخلين بالمعنى، وليس بها خروم ذات قيمة، بخلاف النسخ الأخرى، ولأن ناسخها كان يضبط الألفاظ الى حد كبير، غير أنه يجب أن يلاحظ أن مابها من زيادات في حاجة إلى المراجعة الدقيقة، لاستبعاد ماعلق به من عبارات مدسوسة، فقد ظهر رغم أن هذه الزيادات تؤكد بصفة عامة اتجاه السلف تصريح يخالف هذا الاتجاه، مثال ذلك ما ورد في صفحة (81) لتفسير الاستواء من أنه بالقهر والقدرة، فهذا تصريح لابد وأنه بيد أحد قراء المخطوط الميالين إلى الاعتزال والذين هم في نفس الوقت على جهل بحقيقة الأمور، ويؤكد هذا تعليقة بصفحة (82) نصها [وهي في المطبوعة في الحاشية ص 120]،: " قف على هذا الباب، فإن المؤلف تسامح في إيراده هذه العبارات فإنها تدل على الجهات تصريحا وعلي الجسمية ضمنا، يدل الكلام هنا على أن صاحبه يتجه إلى التنزيه المطلق الذى يقول به المعتزلة والذي ترتب عليه نفي الصفات، على نحو ما بينا قبل ذلك، خاصة وأن الالتزام باتجاه السلف في هذه الزيادات واضح لكل فاحص مدقق.
ويلاحظ أننا لم نقع على تاريخ نسخ هذا الأصل يسبب انتهاء الميكروفيلم مباشرة بعد نهاية النص، كما أنه بدأ ببدايته، وهي بخط معتاد، وقد رمزت إليها بالحرف " س "(1) . هذا ما قالته المحققة عن هذه النسخة.
وهنا لابد من التعليق بما يلي:
1-
كيف تجعل هذه النسخة هي الأصل- عند التحقيق- مع أنها مجهولة الناريخ والناسخ؟ وهل كون ناسخها يضبط الألفاظ مسوغا لذلك؟ ثم هى مخرومة الآخر فعيبها مثل عيب النسخ الأخرى، ووجود الزيادات المدسوسة
(1) الإبانة. المقدمة (ص: 188) تحقيق فوقية حسين محمود.
تقتضي صرف النظر عنها لا جعلها أصلا ثم إدخال الزيادات في النص المحقق، على الأقل جعلها نسخة ثانوية.
2-
القول بأن هذه الزيادات كتبت بيد أحد الميالين إلى الاعتزال لا دليل عليه، بل الراجح أنه أحد متأخري الأشعرية النافين للعلو [الجهة] وللصفات الخبرية كالوجه واليدين بناء على انها مستلزمة للتجسيم.
3-
حفلت هذه النسخة بزيادات لا تتمشي مع الإثبات الذي جاء به هذا الكتاب، خاصة في مسألة الاستواء والعلو، وإذا كانت زيادة "بالقهر والقدرة" في تفسير الاستواء واضحة في هذا، ولذلك لم تثبتها المحققة فهناك عبارات أخري قريبة من هذه العبارة وقد انفردت بها هذه النسخة ومن ذلك:
أ- في ص 21 في فصل إبانة قول أهل الحق والسنة ورد في النسخ الثلاث مايلي: " وأن اللة مستو علي عرشه كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} . أما في نسخة (س) صاحبة الزيادات فجاءت العبارة هكذا:
" وأن الله تعالى استوى على العرش على الوجه الذى قاله وبالمعني الذي أراده، استواء منزها عن المماسة"في المطبوعة الممارسة"، والاستقرار والتمكن والحلول والانتقال، لا يحمله العرش، وحملته محمولون بلطف قدرته، ومقهورون في قبضته، وهو فوق العرش، وفوق كل شيء الى تخوم الثرى، فوقية لا تزيده قربا إلي العرش والسماء، بل هو رفيع الدرجات عن العرش، كما أنه رفيع الدرجات عن الثرى وهو مع ذلك قريب من كل موجود، وهو أقرب إلى العبد من حبل الوريد، وهو علي كل شيء شهيد".
فانظر إلى الفرق بينهما، وهل هذه الزيادة متوافقة مع مذهب السلف كما تدعى المحققة؟ هل قوله "استواء منزها عن المماسة والاستقرار والتمكن والحلول والانتقال " وقوله "فوقية لا تزيده قربا إلي العرش والسماء" هل هذا موافق لما يثبته السلف من صفة العلو؟ والأشعري في هذه المسألة انما قال بقول السلف خلافا لمتأخري الأشعرية.
ثم إن هذا النص المقحم منقول بحروفه من كتاب الأربعين للغزالي (1) .
ب- في ص 126- حول اثبات صفة اليدين لله تعالى ورد ما يلي تعقيبا على أحد الأحاديث:" وغرس شجرة طوبى [في المطبوعة طولى] بيده، (أى بيد قدرته سبحانه) ، فهذه العبارة الشارحة انفردت بها نسخة (س) ، دون باقى النسخ، وهو تأويل لصفة اليد بما يوافق قول متأخرى الأشعرية وليس هو قول الأشعري، بل رد عليه وناقشه فيما بعدص 130- 132، ولا شك أن هذه الزيادة مدسوسة.
ج- هناك زيادات أخرى أو نقص انفردت به هذه النسخة وهي إن لم تكن ذات بال إلا أنها تدل على ما نحن بصدده، فمثلا في ص 156 سطر 3 ورد عبارة " وجب أن ينفي ذلك عن الله تعالى" بينما الصواب مافي النسخ الأخرى " وجب أن لا ينفى ذلك عن الله تعالى"، وفي ص 193 سطر 10- 11 وردت زيادة "أعاذنا الله من ذلك" وقد انفردت بها نسخة "س" وهي عبارة زائدة مخلة بسياق الكلام إلا إذا وضعت في مكان آخر كأن تكون بعد قوله " وأجلهم".
د- وهناك فروق أخرى- ملفتة للانتباهـ لكن شاركتها نسخة أخرى- خاصة نسخة "د"- لكنها مخالفة للنسخ المطبوعة الأخرى (2) .
هذا ما يتعلق بكتاب الابانة، نسبته إلى الأشعري، ونسخه، وقد طال الكلام حوله لأن له علاقة بما سيأتي من الكلام عن أطوار الأشعري وعقيدته،
(1) انظر الأربعين في أصول الدين للغزالي (ص: 7-8) ط: دار الآفاق.
(2)
من الأمئلة على ذلك ماورد (ص: 112) من الإبانة- ت فوقية- بعد إيراد حديث النزول من عبارة "نزولا يليق بذاته من غير حركة وانتقال تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا " فهذه العبارة ليست " موجودة في نسختي ك- ز، كما أنها ليست موجودة في الطبعة الهندية (ص: 48) ، ولا المصرية (السلفية) (ص: 38) ، ومثلها عبارة؛ في (ص: 113) "استواء منزها عن الحلول والاتحاد"ليست موجودة إلا في نسخة س- د.