المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ما عدم العموم فيه أصح (أي من العموم) - نشر البنود على مراقي السعود - جـ ١

[الشنقيطي، عبد الله بن إبراهيم]

الفصل: ‌ما عدم العموم فيه أصح (أي من العموم)

‌ما عدم العموم فيه أصح (أي من العموم)

منه منكر الجموع عرفا

وكان والذي عليه انعطفا

يعني: أن الجمع المنكر في الإثبات نحو جاء عبيد لزيد ليس بعام على الأصح وهو مذهب الجمهور فيحمل على أقل الجمع ثلاثة أو اثنين لأن أداة العموم هي لام التعريف أو الإضافة قال القرافي ولحصول الاتفاق أيضا على أنه لو قال عندي دراهم لم يلزمه أكثر من ثلاثة ولو حلف ليتصدقن بدراهم تصدق بثلاثة وكذلك الوصية والنذر وحمله الجبائي من المعتزلة على العموم لأنه حمل له على جميع حقائقه فهو أولى. قال في شرح التنقيح: جوابه أن حقيقته واحدة وهي القدر المشترك بين المجموع وأما أفراد المجموع فهي محال حقيقته لا أنها حقائقه فقوله جميع حقائقه كلام باطل. ويتفق مع الجمهور إذا منع مانع نحو رأيت رجالا فعلى أقل الجمع.

قوله وكان يعني أن الأصح في كان في الإثبات أنها ليست صيغة عموم وأحرى غيرها من الأفعال النكرة المثبتة إلا أن تكون مسوقة للامتنان فأنها تعم كقوله تعالى {وأنزلنا من السماء ماء طهورا} كما ذكره القاضي وغيره نحو (كان يجمع بين الصلاتين في السفر) لا يعم أقسامه من جمع التقديم والتأخير وكذا الفعل المثبت بدون كان كحديث بلال أنه صلى الله عليه وسلم (صلى داخل الكعبة) إذ لا يشهد اللفظ بأكثر من صلاة واحدة وجمع واحد ويستحيل وقوع الصلاة الواحدة فرضا ونفلا. اللفظ نصا ولا ظاهرا في تناول ما ذكر دفعه لكنه لما صدق بكل منهما واحتمله اثبت الحكم لهما جميعا وهل تفيد كان مع المضارع التكرار لغة؟ وهو قول القاضي وظاهر كلام المحصول اختياره أقوال. والتحقيق عند الكمال بن

ص: 228

الهمام وفاقا لسعد الدين التفتازاني أن المفيد للاستمرار لفظ المضارع وكان للدلالة على مضي ذلك المعنى هو التكرار غير العموم لأنهما لعموم في الأنواع وغاية ما يفيد التكرار الهموم في الأزمان وليس الكلام فيه بل في عموم الفعل لأقسامه وجهاته قاله في الآيات البينات عن العضد. قوله والذي عليه انعطفا يعني: أن الأصح في الذي عطف على العام عدم العموم قال في التنقيح: والعطف على العام لا يقتضي العموم نحو قوله تعالى {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} ثم قال {وبعولتهن أحق بردهن} فهذا الضمير لا يلزم أن يكون عاما في جملة ما تقدم فأن العطف معناه التشريك في الحكم الذي سيق الكلام لأجله فقط اهـ. قال في الشرح الضمير خاص بالرجعيات لأن وصف الأجنبية بالأزواج إنما هو فيهن وإذا كان ضمير العام خاصا هل يتعين أن يكون المراد بالعموم الأول ما أريد بالضمير فقط لأن القاعدة استواء الظاهر والمضمر في المعنى أو يحمل الظاهر على عمومه لأن صيغته صيغة عموم والضمير على الخصوص لانعقاد الإجماع على استواء الزوج والأجنبي في البائن هذا هو الصحيح لأن الأصل عدم التخصيص فلا يكون الظاهر خاصا ولا المضمر عاما اهـ. وقالت الحنفية أن العطف على العام يوجب العموم في المعطوف لوجوب مشاركة المعطوف عليه وللمعطوف في الحكم وضفته. قلنا في الصفة ممنوع.

وسائر حكاية الفعل بما

منه العموم ظاهرا قد علما

سائر بالرفع معطوف هو وحكاية بحذف العاطف على منكر والعموم مبتدا خبره جملة علم مبينا للمفعول ونصب ظاهرا على الظرفية يعني: أن من الأشياء التي عدم العموم فيها أصح لفظه سائر. قال في التنقيح: قال القاضي عبد الوهاب أن سائرا ليست للعموم فأن معناها باقي الشيء لا جملته وقال صاحب الصحاح وغيره من الأدباء أنها بمعنى جملة الشيء وهو مأخوذ من سور المدينة المحيط لا من السؤر الذي هو البقية فعلى هذا يكون للعموم وعلى الأول الجمهور والاستعمال اهـ. قوله حكاية الفعل

الخ هذه المسألة تترجم بحكاية الصحابي فعلا بلفظ ظاهره العموم نحو قوله نهى صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر، وقضي بالشفعة للجار، وحكم بالشاهد واليمين. فلا يعم عند الأكثر كل غرر وكل جار

ص: 229

وكل شاهد لأن الحجة في المحكي لا في الحكاية. وقيل يعم وهو الذي أختاره الفهري، ونصره ابن الحاجب وغيره واستدلوا له بأنه هدل عارف باللغة والمعنى، فالظاهر أنه لا ينقل العموم إلا بعد ظهوره أو قطعه وأنه صادق فيما رواه من العموم وصدق الراوي يوجب أتباعه اتفاقا وأجابوا عن استدلال الجمهور باحتمال أنه نهى عن غرر خاص وقضي بشفعة خاصة فظن الهموم باجتهاده أو سمع صيغة خاصة فتوهم أنها للعموم فروى العموم لذلك والاحتجاج بالمحكي لا الحكاية فأن هذا الاحتمال وأن كان منقدحا فليس بقادح لأنه خلاف الظاهر من علمه وعدالته والظاهر لا يترك للاحتمال لأنه من ضروراته فيؤدي إلى ترك الظاهر وجوابه أن ظهور علمه وعدالته إنما يقتضي ظهور العموم في اعتقاده لا في الواقع والموجب للاتباع إنما يقتضي ظهور العموم في اعتقاده لا في الواقع والموجب للاتباع إنما هو ظهور العموم باعتبار الواقع في ظننا لا باعتبار ظن الراوي. وانتصر القرافي للعموم فقال في شرح التنقيح: هذا الموضع مشكل لأن العلماء اختلفوا في رواية الحديث بالمعنى فأن منعناها امتنع هذا الفصل لأن قول الراوي ليس لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن قلنا بجوازها فمن شرطها أن لا يزيد اللفظ الأول في معناه ولا في جلائه وخفائه فإذا روي العدل بصيغة العموم في قوله الغرر تعين أن يكون اللفظ المحكي عاما وإلا كان ذلك قدحا في عدالته حيث روي بصيغة العموم ما ليس عاما والمقرر أنه عدل مقبول هذا خلف فلا يتجه قولنا: الحجة في المحكي لا في الحكاية بل الحجة فيهمت لأجل قاعدة الرواية بالمعنى اهـ. ولا يقال نحو قضي بالشفعة للجار ليس من حكاية الفعل ولا من حكاية القول لأنا نقول مثل هذا القول ملحق عندنا بالفعل قاله في الآيات البينات ولهذا قال إمام الحرمين في الورقات: ولا يجوز دعوى العموم في الفعل وما يجرى مجراه اهـ. ومثلوا الثاني بالقضاء بالشفعة.

تنبيه: حكي ابن رشد خلافا بين العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم (من قتل قتيلا له عليه بينة فله سبله) هل يحتاج سلب القتيل إلى تنفيذ الإمام بناء على أن الحديث حكم فلا يعم أو لا يحتاج إليه بناء على أنه فتوى؟ وكذا قوله لهند خذي منه ما يكفيك وولدك بالمعروف فيه خلاف هل هو حكم فلا يعم أو فتوى؟ قال في التكميل:

ص: 230

وفي حديث هند الخلاف هل

حكم يخصها أو افتاء شمل

خطاب واحد لغير الحنبلي

من غير رعي النص والقيس الجلي

خطاب مرفوع عطف على منكر يعني: أن خطاب الواحد نحو أفعل كذا الأصح أنه لا يعم والمراد بالخطاب الكلام المخاطب به وليس المراد العموم المصطلح بل مطلق التناول والواحد يشمل المرأة وكذا خطاب الاثنين والجماعة المعينة فكل من الخطابات لا يتناول الأمة عند الجمهور للقطع بأن خطاب الواحد لا يتناول غيره لغة قال حلولوا:

نعم قد يعم الحكم بقياس أو نص يدل على مساواة الجميع نحو حكمي على الواحد حكمي على الجميع وذهبت الحنابلة إلى أن خطاب الواحد وما في معناه يعم الأمة عادة لجريان العادة بخطاب الواحد وإرادة الجميع فيما يتشاركون فيه قلنا: مجاز يحتاج إلى قرينة قال في الآيات البينات: أعلم أن حديث حكمي على الواحد حكمي على الجماعة لا يعرف له أصل بهذا اللفظ ولكن روي الترمذي وقال حسن صحيح والنسائي وابن ماجه وابن حبان قوله صلى الله عليه وسلم في مبايعة النساء أني لا أصافح النساء وما قولي لامرأة واحدة إلا كقولي لمائة امرأة اهـ. وحجة الحنابلة مع ما ذكر حكمي على الواحد حكمي على الجامعة وأجيب: بأنه أن صح محمول على أنه حكمي على الجمعة بالقياس لا أن خطاب الواحد خطاب الجميع.

ص: 231