المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحقيقة من حق الشيء يحق بالكسر والضم أي ثبت ووجب فهي - نشر البنود على مراقي السعود - جـ ١

[الشنقيطي، عبد الله بن إبراهيم]

الفصل: ‌ ‌الحقيقة من حق الشيء يحق بالكسر والضم أي ثبت ووجب فهي

‌الحقيقة

من حق الشيء يحق بالكسر والضم أي ثبت ووجب فهي فعيل بمعنى فاعل أو بمعنى مفعول من حققته أثبته نقل إلى الكلمة الثابتة أو المثبتة في مكانها الأصلي، والتاء في الحقيقة عند صاحب المفتاح للتأنيث وعند الجمهور للنقل من الوصفية إلى الاسمية فهي علامة للفرعية كما أن المؤنث فرع المذكر.

أعلم أن المقصود بالذات في علم البيان هو المجاز والحقيقة لما كان بينهما وبينه تقابل العدم والملكة تكلموا عليها قبله إذ الإعدام لا تعقل إلا بعد تعقل ملكاتها بخلافها عند أهل الأصول فهي مقصودة بالذات كالمجاز.

منها التي للشرع عزوها عقل

مرتجل منها ومنها منتقل

يعني: أن الحقيقة منها لغوية ومنها عرفية ومنها شرعية أي وضعها الشارع عند الجمهور كالصلاة للعبادة المخصوصة وقال القاضي عرفية للفقهاء فإذا وجدت في كلام الشارع لفظة مجردة عن القرينة محتملة للمعنى الشرعي والمعنى اللغوي حملت على الشرعي عند الجمهور وعلى اللغوي عند القاضي قوله للشرع متعلق بعزو وعقل مركب، وقوله مرتجل مبتدأ سوغ الابتداء به التفصيل خبرة منها، يعني أن الحقيقة الشرعية منها ما هو مرتجل أي وضع ابتداء من غير نقل من اللغة ومنها ما هو منقول عن اللغة لعلاقة بينهما وغلب استعماله في الثاني حتى صار هو المتبادر منه نقله حلولوا عن الرهوني وقال الشرمشاحي في شرح ابن الجلاب أن الألفاظ الشرعية كلها منقولة من اللغة غير مسلوبة معناها الأصلي بل لابد فيها من

ص: 127

زيادة عليه أو قصر على بعضه هذا مذهب الجمهور خلافًا للقاضي القائل أن الألفاظ الشرعية على أصلها أي لم تنتقل عن معانيها لكن يشترط فيها زيادة لا تجزئ إلا بها فجعل الصلاة شرعا عن الدعاء لكن شرط فيها زيادة نح الركوع والسجود وفيه ما سيأتي.

والخلف في الجواز والوقوع

لها من الماثور والمسموع

عطف المسموع على الماثور عطف تفسير يعني أنه نقل عن الأصوليين الخلاف في جواز الحقيقة الشرعية فنفى قوم إمكانها بناء على أن بين اللفظ والمعنى مناسبة مانعة من نقله إلى غيره قال زكرياء وهذا جار على قول المعتزلة دون غيرهم. وقضية هذا البناء نفي العرفية أيضا فلعل هؤلاء القوم يلتزمن نفيها أيضا. وكذلك نقل عنهم أيضا الخلاف في وقوع الشرعية والقائل بعدمه هو القاضي منا وابن القشيري فلفظ الصلاة مثلا مستعمل في الشرع في معناه اللغوي وهو الدعاء بخير لكن اشترط الشرع في الاعتداد به أمور زائدة كالركوع والسجود ورده أمام الحرمين في البرهان بالإجماع على أن الركوع والسجود من نفس الصلاة لا أنها شروط ورده غيره بأن فيه جعل الأعظم شرطا والأقل مشروطا وهو خلاف القياس وذهب جمهور الفقهاء والمتكلمين والمعتزلة إلى أنها وقعت مطلقا، وقال قوم وقعت الفرعية وهي ما أجرى على الأفعال كالصلاة والصوم لا الدينية وهي ما دل على الصفات المعتبرة في الدين وعدمه اتفاقا كالإيمان والكفر والمؤمن والكافر قاله المحشى. قال السبكي: والمختار وفاقا لأبي إسحاق الشيرازي والإمامين وابن الحاجب وقوع الفرعية لا الدينية

وما أفاد لاسمه النبي

لا الوضع مطلقا هو الشرعي

يعني أن المعنى الذي استفيد اسمه من جهة الشارع لوضعه ذلك الاسم لذلك المعنى دون مطلق الوضع غير الشرعي من لغة وعرف فهو الشرعي أي مسمى ما صدق الحقيقة الشرعية كالهيئة المسماة بالصلاة سواء كان الموضع له حقيقة شرعية أم مجازا شرعيا لأنه اللفظ المستعمل بوضع ثان وما صدق الشيء إفراده التي يصدق عليها

ص: 128

فمفهوم الحقيقة الشرعية ما صدق الجزئيات المعينة أعني الألفاظ المخصوصة الموضوعة شرعا.

وربما أطلق في المأذون

كالشرب والعشاء والعيدين

يعني أنه قد يطلق الشرعي أي لفظ الشرعي على ما أذن فيه الشرع من واجب ومندوب ومباح فالشرعي في البيت قبله مراد به المعنى وهذا مرا به اللفظ ففيه استخدام، فالأول كصالة العشاء يقال العشاء مشروعة أي واجبة ومن الثاني قولهم من النوافل ما تشرع فيه الجماعة أي تندب كالعيدين ومن الثالث أن تقول في الشرب الجائز هذا الشرب مشروع.

ص: 129