المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المقيد والمطلق إنما يذكر أهل الفن المطلق والمقيد عقب العام والخاص - نشر البنود على مراقي السعود - جـ ١

[الشنقيطي، عبد الله بن إبراهيم]

الفصل: ‌ ‌المقيد والمطلق إنما يذكر أهل الفن المطلق والمقيد عقب العام والخاص

‌المقيد والمطلق

إنما يذكر أهل الفن المطلق والمقيد عقب العام والخاص لشبههما بهما إذا المطلق عام عموما بدليل المقيد مع المطلق بمنزلة الخاص مع العام مع اتفاقهما فيما به التخصيص والتقييد عن كتاب وسنة وغيرهما كما سيأتي.

فما على معناه زيد مسجلا

معنى لغيره اعتقده الأولا.

ما منصوب بفعل مضمر يفسره ما بعده وقوله على معناه متعلق بزيد، ومسجلا مفعول مطلق ومعنى نائب عن الفاعل بفعل نعت له يعني أن كل لفظ مفرد زيد على معناه أي مسماه معنى آخر لغير ذلك اللفظ فهو الأول أي المقيد نحو رقبة مؤمنة، وإنسان صالح وحيوان ناطق بخلاف إنسان حيوان قال في الآيات البينات: أن المسمي يطلق على المفهوم الذي هو لمعنى وعلى أما صدق الذي هو الإفراد ومعنى مسجلا أنه لا فرق بين ذكر القيد وتقديره قال التنقيح: والحاصل أن كل حقيقة اعتبرت من حيث هي فهي مطلقة وإن اعتبرت مضافة إلى غيرها فهي مقيدة هـ ..

وما على الذات بلا قيد يدل

فمطلق وباسم جنس قد عقل

يعنى: أن المطلق واسم الجنس كل منهما هو اللفظ الدال على الماهية أي الجنس الشامل للجنس عند المناطقة والنوع والصنف عنده نحو حيوان وإنسان وعرب ولابد أن تكون دلالته على الماهية بلا قيد أي مقيد به من وحدة وتعيين خارجي أو ذهني عند اللقاني وعليه فعلم الجنس ليس من المطلق وهو عند صاحب الآيات البينات له حكم المطلق فقوله بلا قيد مخرج للمعرفة لأنها تدل عليها مع وحدة

ص: 264

معينة وللنكرة لأنها تدل عليها مع وحدة غير معينة فالمطلق لا يدل على شيء من قيود الماهية وإن تحققت في الواقع.

(وما على الواحد شارع النكرة).

ما مبتدأ وعلى الواحد متعلق بدل محذوف وجمله شاع نعت للواحد لأنه نكره في المعنى والنكرة خبر يعني أن النكرة هي لفظ دال على واحد شائع في جنسه أي في أفراد جنسه بمعني صدقه بكل واحد منها على البدل والمراد بالوحدة الشائعة فردية معنى اللفظ المنتشرة فيشمل المثني والمجموع أيضاً إذ المعنى كل منهما فردية لدلالة الأولى على شيئين منتشرين ودلالة الثاني على أشياء منتشرة فاللفظ في المطلق والنكرة واحد وإنما الفرق باعتبار القصد لأن الواضع وضعه مشتركا بين الماهية والفرد وعلى الفرق بينهما أسلوب المنطقين والأصوليين والفقهاء فالمطلق عند المنطقين موضوع القضية الطبيعية لأنه مطلق عن التقييد بالكلية والجزئية نحو الحيوان كلى والنكرة قد تكون موضوع الجزئية وقد تكون موضوع الكلية نحو بعض من الإنسان حيوان وكل إنسان حيوان وإما الأًصوليون فان اللفظ اذا اعتبرت دلالته على الماهية بلا قيد يسمي مطلقاً واسم جنس أو مع قيد الوحدة الشائعة في جنسه يسمى نكرة وأما الفقهاء فالفرق بينهما بما يذكر في البيت بعد هذا. مثال الشائع في جنسه رقبة في قوله تعالى: ((فتحرير رقبة)).

والاتحاد بعضه قد نصره.

يعني: أن بعض أهل الوصول قد نصروا يد قول ابن الحاجب والآمدى بالاتحاد بين المطلق ولانكرة في سياق الإثبات العارية من الاستغراق دونها في سياق النفي ودون دات الاستغراق نحو كل رجل فإنهما للعموم فالمطلق عندهما ما دل على واحد شائع في جنسه فخرج الدال على واحد شائع في نوعه نحو رقبة مؤمنة وينكر أن دلالته على الماهية بلا قيد وهو الموافق لكلام أهل العربية والتسمية عليه بالمطلق لمقابلة المقيد وسبب تعريفهما له بما ذكر أن الفرد هو

ص: 265

الموجود في الخارج والأحكام إنما تتعلق به دون الماهية إذ لا وجود لها في العقل ومراد الجمهور أن الماهية بلا قيد تصح أن تكون مناط التكليف إذ هي بلاه موجود بوجود أفرادها فلا فرق إلا من جهة الدلالة بالمطابقة أو الالتزام ومن ثم قالا: الأمر بالماهية أمر بجزئي وقيل بكل جزئي لأن إسقاط القيد يؤذن بالعموم وعليه يكون الأمر من صيغ العموم.

عليه طالق إذا كان ذكر

فولدت لاثنين عند ذي النظر

يعني: أنه ينبني على الفرق بين المطلق والنكرة اختلاف الفقهاء فيمن قال لامرأته الحامل إن كل حملك ذكرا فأنت طالق فولدت ذكرين قيل لا تطلق نظراً للتنظير المشعر بالتوحيد وقيل تطلق حملاً على الإطلاق.

بما يخصص العموم قيد

ودع لما كان سواه تقتدي

يعني: أنه يقيد المطلق بكل ما يخصص العام من كتاب وسنة وقياس ومفهوم وما لا فلا فيقيد الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة والكتاب ويقيدان بالقياس وبالمفهومين وفعله صلى الله عليه وسلم وتقريره وتقرير الإجماع بخلاف مذهب الراوي وذكر بعض جزئيات المطلق على الأصح في الجميع غير مفهوم الموافقة فلا خلاف في التقيد به.

وحمل مطلق على ذاك وجب

أن فيهما اتحد حكم والسبب.

يعني: أن المطلق والمقيد يزيدان على العام والخاص إنهما أن اتحد حكمهما وسببهما وجب حمل المطلق على المقيد لأن مفهوم المخالفة حجة عندنا والعمل بالدليلين أولى من إلغاء أحدهما كإطلاق الغنم في حديث ((في أربعين شاة شاة)) وتقييدها في حديث ((في الغنم

ص: 266

السائمة الزكاة)) فالمقيد مبين أنه المراد من ذلك المطلق وقال صلى الله عليه وسلم مرة ((لانكاح إلا بولي وشهود)) ومرة ((إلا بولي وشاهدي عدل)) وتقديم مالك رحمه الله تعالى المطلق على المقيد في الغنم إنما هو لدليل آخر وحمل المطلق على المقيد محله ما إذا تأخر المقيد عن وقت الخطاب بالمطلق دون العمل أو تأخر المطلق عن المقيد مطلقاً أو تقارنًا أو جهل تاريخهما وإلا فهو ما أشار له بقوله.

وإن يكن تأخر المقيد

عن عمل فالنسخ فيه يعهد.

بالبناء للمفعول أي يعرف يعني: أن المقيد إذا تأخر عن وقت العمل بالمطلق والموضوع بحالة من اتحاد حكمهما وسبهما فالمقيد ناسخ للمطلق بالنسبة إلى صدقه بغير القيد كما لو قال عليه السلام في القتل اعتنق رقبة فأعتق كافرة ثم قال اعتق رقبة مؤمنة فقد نسخ جواز عتق الكافرة قال في الآيات البينات: أما إذا سبق أحدهما ولم يتعين ثم نسى فيحتمل التوقف ويحتمل حمل المطلق على المقيد لأنه يمكن الجمع بالحمل والأصل عدم السبب المقتضى لإلغاء احدهما كما هو لازم النسخ وإما إدخال ذلك في جهل التاريخ فبعيد. هـ.

تنبيه: قال الابي: بضم الهمزة وتشديد الباء نسبة إلى أبة قرية من أعمال تونس أن الإطلاق والتقييد إنما هو في حديثين أما في حديث واحد بطريقين فمن زيادة العدل وهي مقبولة اتفاقا إذا علم تعدد المجلس أو جهل على طريقة الأبياري.

وإن يكون أمر ونهي قيدا

فمطلق بضد ما قد وجدا

بالبناء للمفعول في الفعلين يعني أنه إذا كان أحد اللفظين أمراً والآخر نهياً نحو اعتق رقبة، لا تعتق رقبة كافرة، أعتق رقبة مؤمنة، لا تعتق رقبة، فالمطلق مقيد بضد الصفة في المقيد ليجتمعا فالمطلق في المثال الأول مقيد بالإيمان وفي الثاني بالكفر.

ص: 267

وحيثما اتحد واحد فلا

يحمله عليه جل العقلا

يعني: أنه إذا اتحد اللفظان في واحد من السبب والحكم دون الآخر فلا يحمل جل المالكية المطلق على المقيد فأل للعهد الذهني لتخصيص النظام بأصولهم سواء كان أمرين أو نهيين او متخالفين كاطلاق الرقبة في كفارة الظهار وتقييدها في القتل بالإيمان فيبقي المطلق على إطلاقه لاختلاف السبب، وكئاية الوضوء المقيدة بالمرافق وآية التيمم المطلقة لاختلاف الحكم من مسح المطلق وغسل المقيد بالمرافق. وقال بعض أصحابنا والشافعي يحمل المطلق على المقيد.

تنبيهات: الأول اللفظ الواحد قد يوصف بالإطلاق والعموم من جهتين فيثبت له أحكام الإطلاق من جهته وأحكام العموم من جهته كلفظ الأيدي في الآية فانه مطلق من جهة مقدار اليد عام في أفرادها وإنما كان مطلقاً لأن الشارع أطلقها أي اليد في مواضع مع إرادة جميعها إلى المنكب تارة وبعضها أخرى. الثاني قال القرافى الإطلاق والتقييد إضافيان فرب لفظ مطلق بالنسبة إلى لفظ مقيد بالنسبة إلى آخر. الثالث الإطلاق والتقييد اسمان للألفاظ باعتبار معانيها لا أسماء للمعاني باعتبار ألفاظها فيقال لفظ مطلق ولفظ مقيد ولا يقال معنى مطلق أو مقيد قاله القرافي.

ص: 268