المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌فصل في الترادف

‌فصل في الترادف

والمترادف اللفظ المتعدد المتحد المعنى:

وذو الترادف له حصول

وقيل لا ثالثها التفصيل

يعني أن المترادف له حصول أي وقوع في الكلام وهذا أصح الأقوال خلافًا لثعلب وابن فارس والزجاج وأبي هلال العسكري في نفيهم وقوعه، قالوا: وما يظن مترادفًا كالإنسان والبشر متباين بالصفة، فالأول: باعتبار النسيان أو أنه يأنس، والثاني: باعتبار أنه بادي البشرة أي ظاهر الجلد وكذا القعود والجلوس فالقعود ما كان عن قيام والجلوس ما كن عن اضطجاع. قال الاصبهاني: وينبغي حمل كلامهم على منعه في لغة واحدة أما في لغتين فلا ينكره عاقل ورد في الآيات البينات على مانع الترادف بأنا نقطع أن العرب تطلق الإنسان حيث لا يخطر ببالها معنى النسيان أو الأنس والبشر حيث لا يخطر ببالها معنى بدو البشرة وذلك يقتضي عدم اعتبار ذلك المعنى والألم يتصور إطلاقهم له واستعماله في معناه من غير ملاحظة ذلك المعنى مع أنه جزء المعنى على هذا التقدير. ولا يمكن استعمال اللفظ في معناه من غير ملاحظة جزئه.

ثالث الأقوال التفصيل أي يمنع في الأسماء الشرعية بخلاف غيرها فهو واقع في اللغة قاله الرازي في المحصول، لأن الترادف ثبت على خلاف الأصل للحاجة إليه في النظم والسجع وتيسر النطق بأحدهما دون الآخر كالبر والقمح في حق الالثغ في الراء وكالجناس فقد يقع بأحدهما دون الآخر نحو ((وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا)) فإنه يقع به دون مرادفه الذي هو يظنون وتلك الحاجة منتفية في كلام

ص: 120

الشارع، واعترض عليه القرافي والسبكي بالفرض والواجب والسنة والتطوع وأجيب عن انتفائه في كلام الشارع بأن من فوائد الترادف أن أحد اللفظين قد يناسب الفواصل دون الآخر وذلك يناسب في كلام الشارع لاعتبار الفواصل في كلامه من غير محظور بل تقتضيها البلاغة، ويجاب عما قاله القرافي والسبكي بأن الفرض وما عطف عليه أسماء اصطلاحية لا شرعية إذ الشرعي ما وضعه الشارع.

وهل يفيد التالي للتأييد

كالنفي للمجاز بالتوكيد

التالي: هو التابع يعني: إنهم اختلفوا في التابع هلي يفيد التأييد أي التأكيد للمتبوع أو لا؟ والحق أنه يفيد التأكيد له، وإلا لم يكن لذكره فائدة والعرب لا تتكلم بما لا فائدة له. وقيل: لا يفيده، والتابع والمتبوع كل لفظين على وزن واحد موضوعين أو المتبوع فقط لمعنى على وجه لا يذكر التابع دونه وقضيته التردد في أن التابع موضوع لمعنى الأول أو لا؟ قوله: كالنفي يعني كما وقع الخلاف في التوكيد هل ينفي المجاز، ويرفعه أولا؟ فعلى ما اختاره القرافي من كونه لا يرفع المجاز يكون مفاده كالتابع التقوية أي التأكيد فقط، وعلى ما للمازري من أنه يرفعه أفاد رفعه معها، والتابع والمتبوع نحو حسن بسن، وعطشان نطشان، وشيطان ليطان. والفرق بين التأكيد والتابع أن التأكيد يفيد مع تقوية الأول عدم إرادة المجاز على الراجح بخلاف التابع، وأن التابع يشترط فيه أن يكن على زنة المتبوع بخلاف المؤكد وأن يكون المؤكد له مطول في نفسه بخلاف التابع فإنه في نفسه مهمل أي لا مع غيره قاله في الآيات البينات. وقال الدماميني: أن التابع من قبل التأكيد اللفظي وهو مشكل لأن التأكيد اللفظي كما هو مقرر في علم المعاني يكون لدفع توهم التجوز أي التكلم بالمجاز نحو: قطع اللص الأمير الأمير لئلا يتوهم أن القاطع بعض غلمانه أو لدفع توهم السهو نحو جاء زيد زيد لئلا يتوهم أن الجاءي غير زيد وإنما ذكر زيد على سبيل السهو وقال في الآيات البينات: إلا أن يستثنى هذا من التأكيد اللفظي لأن نشطان لا يفرد ولو أفرد لم يدل على شيء بخلاف عطشان:

ص: 121

وللرد يفين تعاور بدا

إن لم يكن بواحد تعبدا

ببناء تعبد للفاعل، أي تعبدنا لله تعالى بلفظه، يعني أن المختار عن ابن الحاجب وغيره تعاور، أي تعاقب كل من الرديفين، أي وقوع كل منهما مكان الآخر لأنه بمعناه، ولا حجر في التركيب، فإن تعبد بلفظ واحد منهما لم يجز وقوع الآخر مكانه كلفظي تكبيرة الإحرام والسلام من الصلاة.

وبعضهم نفى الوقوع أبدا

وبعضهم بلغتين قيدا

يعني: أن بعض الأصوليين كالرازي منع وقوع كل من الرديفين مكان الآخر أي منع وقوعه لغة منعًا مؤبدًا وعلى كل حال أي كانا من لغتين أو لغة واحدة تعبد بلفظه أم لا قال لأنك لو أتيت مكان من في قولك مثلًا خرجت من الدار بمرادفها بالفارسية أي أنز بفتح الهمزة وسكون الزاي لم يستقم الكلام لأن ضم لغة إلى أخرى بمنزلة ضم مهمل إلى مستعمل وإذا منع ذلك في لغتين فلا مانع من منعه في لغة وبعضهم قيد نفي وقوعه بما إذا كان ذلك في لغتين إما من لغة فواقع إما ما تعبد بلفظه كالقراءة والتكبير في الصلاة في حق القادر فلا يقوم عندنا مرادفه مقامه إلا أن المنع هنا من جهة الشرع لا اللغة التي الكلام فيها وهذا هو الفرق بين مسألتنا ومسألة الرواية بالمعنى فإنهما متشابهتان.

وقولي: عندنا إشارة إلى أن الحنفية يلتزمون انعقاد الصلاة بمرادف تكبيرة الإحرام ولو من الفارسية. فإن قلت: كيف يتصور نفي وقوع كل من الرديفين مكان الآخر لأنه حينئذ يتعذر التكلم بمعنى له لفظان فإنه إذا عبر بأحدهما فقد عبر بالرديف مكان رديفه؟ قلت: والله تعالى أعلم أن ذلك يظهر في معنى لغتين قيسية وتميمية مثلًا فالتميمي لا يتكلم بالقيسية كالعكس لأن العربي لا ينطق بغير لغته والتميمية والقيسية لغة واحدة بالنسبة للعجمية وكذا الشامي مثلًا لا يأتي بلفظ مصري كعكسه.

دخول من عجز في الإحرام

بما به الدخول في الإسلام

أو نية أو باللسان يقتدي

والخلف في التركيب لا في المفرد

ص: 122

دخول مبتدأ خبره وقوله أو نية معطوف على ما المجرور بالباء يعني أن من عجز عن النطق بتكبيرة الإحرام لعجمية يقتدى أن ينبني الخلاف فيه المنقول عن المالكية على الخلاف في وقوع كل من الرديفين مكان الآخر. قيل: يكفيه الدخول بالنية بناء على النفي، وقيل: يدخل باللفظ الذي الذي يدخل به الإسلام. وقيل: يدخل بلسانه الذي يتكلم به بناء على الجواز ولو من لغتين والخلف في تعاقب الرديفين إنما هو في حال التركيب لا في حال الإفراد فلا خلاف في جوازه كما عند البيضاوي والذي يقتضيه كلام الإمام الرازي المنع مطلقًا.

إبدال قرءان بالأعجمي

جوازه ليس بمذهبي

يعني أن إبدال القرءان في الصلاة بلسان عجمي جوزه إذا أدى المعنى ليس بمذهبنا بل هو مذهب أبي حنيفة وخالفه صاحباه والإجماع يرد عليه لأنه متعبد بلفظه.

ص: 123