المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ هِيَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا لُغَةً: التَّفْوِيضُ وَالْمُرَاعَاةُ وَالْحِفْظُ - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٥

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الشِّرْكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ جَوَازِ الْوَكَالَةِ وَمَا تَنْفَسِخُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌[فَصْلٌ فِي صِيغَةِ الْإِقْرَارُ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوط الْمُقَرِّ بِهِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةُ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ جَوَازِ الْعَارِيَّةِ وَمَا لِلْمُعِيرِ

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْغَصْبِ وَانْقِسَامِ الْمَغْصُوبِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَضَمَانِ الْمَغْصُوبِ]

- ‌فَصْلٌ) فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَةٍ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَدَلِ الشِّقْصِ الَّذِي يُؤْخَذُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الْقِرَاضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْعَاقِدَيْنِ وَأَحْكَامِ الْقِرَاضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ وَلُزُومِ الْمُسَاقَاةِ وَهَرَبِ الْعَامِلِ

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَنَافِعَ يَمْتَنِعُ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ لِعَقَارٍ أَوْ دَابَّةٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ غَايَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي تُقَدَّرُ بِهَا الْمَنْفَعَةُ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَرْضِ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِهِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لقط الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَمَلُّكِ وَغُرْم اللُّقَطَةَ]

- ‌ كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَرِقِّهِ وَاسْتِلْحَاقِهِ

- ‌كِتَابُ الْجَعَالَةِ

الفصل: ‌ ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ هِيَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا لُغَةً: التَّفْوِيضُ وَالْمُرَاعَاةُ وَالْحِفْظُ

‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

هِيَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا لُغَةً: التَّفْوِيضُ وَالْمُرَاعَاةُ وَالْحِفْظُ وَاصْطِلَاحًا: تَفْوِيضُ شَخْصٍ لِغَيْرِهِ مَا يَفْعَلُهُ عَنْهُ حَالَ حَيَاتِهِ مِمَّا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ أَيْ شَرْعًا فَلَا دَوْرَ.

وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ} [النساء: 35] بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ وَكِيلٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا يَأْتِي وَتَوْكِيلُهُ صلى الله عليه وسلم عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ فِي نِكَاحِ أُمِّ حَبِيبَةَ وَأَبَا رَافِعٍ فِي نِكَاحِ مَيْمُونَةَ وَعُرْوَةَ الْبَارِقِيَّ فِي شِرَاءِ شَاةٍ بِدِينَارٍ وَالْحَاجَةُ مَاسَّةٌ إلَيْهَا، وَلِهَذَا نُدِبَ قَبُولُهَا لِأَنَّهَا قِيَامٌ بِمَصْلَحَةِ الْغَيْرِ، أَمَّا عَقْدُهَا الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْإِيجَابِ فَلَا إلَّا أَنْ يُقَالَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كِتَابُ الْوَكَالَةُ

(قَوْلُهُ: وَكَسْرِهَا لُغَةً) وَهِيَ اسْمُ مَصْدَرِ وَكَّلَ بِالتَّشْدِيدِ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْوَكِيلُ مَعْرُوفٌ، يُقَالُ: وَكَّلَهُ بِأَمْرِ كَذَا تَوْكِيلًا وَالِاسْمُ الْوَكَالَةُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا اهـ (قَوْلُهُ: وَالْحِفْظُ) عَطْفُ لَازِمٍ عَلَى مَلْزُومٍ (قَوْلُهُ: وَاصْطِلَاحًا تَفْوِيضُ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي حَجّ، وَعَبَّرَ شَرْحُ الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ وَشَرْعًا تَفْوِيضُ إلَخْ. أَقُولُ: قَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ الْحَقِيقَةِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ بِأَنَّ مَا تُلُقِّيَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِعِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ، وَمَا كَانَ بِاصْطِلَاحِ أَهْلِ الْفَنِّ يُسَمَّى اصْطِلَاحِيَّةً أَوْ عُرْفِيَّةً، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْمَعْنَى مَأْخُوذًا مِنْ اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ أَشْكَلَ قَوْلُ الْمَنْهَجِ وَشَرْعًا.

وَإِنْ كَانَ مُتَلَقًّى مِنْ كَلَامِ الشَّارِعِ أَشْكَلَ قَوْلُ الشَّارِحِ وحج وَاصْطِلَاحًا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِمَا قَالَهُ سم فِي حَوَاشِي الْبَهْجَةِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ مِنْ أَنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ يُطْلِقُونَ الشَّرْعِيَّ مَجَازًا عَلَى مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ وَإِنْ لَمْ يَرِدْ بِخُصُوصِهِ عَنْ الشَّارِعِ (قَوْلُهُ: فَلَا دَوْرَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الدَّوْرَ الْمَنْفِيَّ هُوَ أَنَّ النِّيَابَةَ هِيَ الْوَكَالَةُ وَقَدْ أُخِذَتْ فِي تَعْرِيفِ الْوَكَالَةِ، وَحِينَئِذٍ فَفِي انْدِفَاعِهِ بِقَوْلِهِ: أَيْ شَرْعًا نَظَرٌ لِأَنَّ النِّيَابَةَ شَرْعًا هِيَ الْوَكَالَةُ. فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّ النِّيَابَةَ شَرْعًا أَعَمُّ مِنْ الْوَكَالَةِ فَلَا دَوْرَ كَانَ التَّعْرِيفُ غَيْرَ مَانِعٍ نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُتَصَوَّرَ مَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ شَرْعًا بِوَجْهٍ أَنَّهُ مَا لَيْسَ عِبَادَةً وَنَحْوَهَا، وَهَذَا الْوَجْهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَكَالَةِ فَلَا دَوْرَ فَلَا يُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ شَرْعًا: إذْ التَّقْدِيرُ حِينَئِذٍ مِمَّا لَيْسَ بِعِبَادَةٍ وَنَحْوِهِ اهـ. وَهَذَا عَيْنُ مَا تَرَجَّاهُ الْمُحَشِّيُّ بِقَوْلِهِ نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ إلَخْ فَلَعَلَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ سَاقِطَةٌ مِنْ نُسْخَةِ الْمُحَشِّيِّ

(قَوْلُهُ: الضَّمْرِيَّ) بِالْفَتْحِ: أَيْ لِلضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالسُّكُونِ نِسْبَةٌ إلَى ضَمْرَةَ بْنِ بَكْرٍ اهـ ل ب

(قَوْلُهُ: وَالْحَاجَةُ مَاسَّةٌ إلَيْهَا) ع يُرِيدُ الْقِيَاسَ فَحِينَئِذٍ هِيَ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالْإِجْمَاعِ وَالسُّنَّةِ وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِيهَا أَيْضًا اهـ

(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا نُدِبَ قَبُولُهَا) أَيْ الْأَصْلُ فِيهَا النَّدْبُ، وَقَدْ تَحْرُمُ إنْ كَانَ فِيهَا إعَانَةٌ عَلَى حَرَامٍ، وَتُكْرَهُ إنْ كَانَ فِيهَا إعَانَةٌ عَلَى مَكْرُوهٍ، وَتَجِبُ إنْ تَوَقَّفَ عَلَيْهَا دَفْعُ ضَرُورَةٍ الْمُوَكِّلِ كَتَوْكِيلِ الْمُضْطَرِّ غَيْرَهُ فِي شِرَاءِ طَعَامٍ قَدْ عَجَزَ الْمُضْطَرُّ عَنْ شِرَائِهِ، وَقَدْ تُتَصَوَّرُ فِيهَا الْإِبَاحَةُ أَيْضًا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوَكِّلِ حَاجَةٌ فِي الْوَكَالَةِ وَسَأَلَهُ الْوَكِيلُ لَا لِغَرَضٍ (قَوْلُهُ: فَلَا) أَيْ فَلَا يُنْدَبُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ لَا يَخْتَصُّ النَّدْبُ بِمَا ذُكِرَ بَلْ مَتَى كَانَ التَّوْكِيلُ طَرِيقًا لِمَنْدُوبٍ نُدِبَ كَالتَّوْكِيلِ فِي شِرَاءِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

ِ (قَوْلُهُ: وَالْحِفْظُ) وَمِنْهُ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ

ص: 15

مَا لَا يَتِمُّ الْمَنْدُوبُ إلَّا بِهِ فَمَنْدُوبٌ هُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يُرِدْ الْمُوَكِّلُ غَرَضَ نَفْسِهِ.

وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: مُوَكِّلٌ، وَوَكِيلٌ، وَمُوَكَّلٌ فِيهِ وَصِيغَةٌ. وَقَدْ شَرَعَ فِي الْأَوَّلِ فَقَالَ (شَرْطُ الْمُوَكِّلِ صِحَّةُ مُبَاشَرَةِ مَا وَكَّلَ) بِفَتْحِ الْوَاوِ (فِيهِ بِمِلْكٍ) لِكَوْنِهِ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ (أَوْ وِلَايَةٍ) كَكَوْنِهِ أَبًا فِي مَالٍ أَوْ نِكَاحٍ (فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ) وَلَا مُغْمًى عَلَيْهِ وَلَا مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ فِي نَحْوِ مَالٍ لِأَنَّهُمْ إذَا عَجَزُوا عَنْ تَعَاطِي مَا وُكِّلُوا فِيهِ فَنَائِبُهُمْ أَوْلَى وَخَرَجَ بِمِلْكٍ أَوْ وِلَايَةِ الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ لَا يُوَكِّلُ كَمَا يَأْتِي لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مَالِكًا أَوْ وَلِيًّا، وَصِحَّةُ تَوْكِيلِهِ عَنْ نَفْسِهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ أَمْرٌ خَارِجٌ عَنْ الْقِيَاسِ فَلَا يُرَدُّ نَقْضًا وَالْقِنُّ الْمَأْذُونُ لَهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ بِالْإِذْنِ فَقَطْ (وَ) لَا تَوْكِيلُ (الْمَرْأَةِ) لِغَيْرِهَا فِي النِّكَاحِ لِأَنَّهَا لَا تُبَاشِرُهُ ولَا يُرَدُّ صِحَّةُ إذْنِهَا لِوَلِيِّهَا بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ وَكَالَةً حَقِيقَةً وَإِنَّمَا هُوَ مُتَضَمِّنٌ لِلْإِذْنِ (وَ) لَا تَوْكِيلُ (الْمُحْرِمِ) بِضَمِّ الْمِيمِ لِحَلَالٍ (فِي النِّكَاحِ) يَعْقِدُ لَهُ أَوْ لِمُوَلِّيَتِهِ حَالَ إحْرَامِ الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ لَا يُبَاشِرُهُ فَإِنْ وَكَّلَهُ لِيَعْقِدَ عَنْهُ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ، كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ هَذِهِ الْخَمْرَةَ بَعْدَ تَخَلُّلِهَا، أَوْ أَطْلَقَ أَوْ وَكَّلَ حَلَالٌ مُحْرِمًا لِيُوَكِّلَ حَلَالًا فِي التَّزْوِيجِ لِأَنَّهُ سَفِيرٌ مَحْضٌ (وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْوَلِيِّ) أَبًا أَوْ جَدًّا (فِي حَقِّ الطِّفْلِ) أَوْ الْمَجْنُونِ أَوْ السَّفِيهِ فِي الْمَالِ وَالنِّكَاحِ أَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا فِي الْمَالِ إنْ عَجَزَ عَنْهُ أَوْ لَمْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَا يُجَدِّدُ بِهِ الْوُضُوءَ وَطَعَامٍ يَتَسَحَّرُ بِهِ أَوْ يُعَجِّلُ الْفِطْرَ بِهِ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ تَحْصِيلِهِ بِنَفْسِهِ، وَقَدْ يَجِبُ كَأَنْ اُضْطُرَّ إلَى مَا يَتَطَهَّرُ بِهِ أَوْ مَا يَدْفَعُ بِهِ ضَرُورَةَ الْجُوعِ الَّتِي تُبِيحُ التَّيَمُّمَ، وَقَدْ تَحْرُمُ إنْ كَانَتْ وَسِيلَةً إلَى حَرَامٍ كَالتَّوْكِيلِ فِي الْخِطْبَةِ عَلَى خِطْبَةِ الْغَيْرِ أَوْ الشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ

(قَوْلُهُ: مَا لَا يَتِمُّ الْمَنْدُوبُ إلَّا بِهِ فَمَنْدُوبٌ) أَيْ فَيُثَابُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الِامْتِثَالَ (قَوْلُهُ: فَمَنْدُوبٌ) أَيْ فَيَكُونُ إيجَابُهَا مَنْدُوبًا كَقَبُولِهَا

(قَوْلُهُ: كَكَوْنِهِ أَبًا فِي مَالٍ إلَخْ) قَالَ حَجّ أَوْ غَيْرَهُ فِي مَالٍ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِمِلْكٍ أَوْ وِلَايَةِ الْوَكِيلِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْوِلَايَةِ التَّسْلِيطُ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ فَيَدْخُلُ فِيهَا الْوَكِيلُ وَغَيْرُهُ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِمِلْكِ الْمُلْتَقِطِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ بَعْدَ التَّمَلُّكِ وَقَبْلَهُ هِيَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: وَصِحَّةُ تَوْكِيلِهِ) فِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ضَبْطُهُ لَا بَيَانُ مَا كَانَ مِنْهُ عَلَى الْقِيَاسِ، هَذَا وَيُمْكِنُ دَفْعُ النَّقْضِ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ مَفْهُومَ كَلَامِهِ هُنَا مَخْصُوصٌ بِمَا سَيُبَيِّنُهُ مِنْ أَحْكَامِ تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ، فَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مَعَ الْآتِي مِنْ قَبِيلِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ أَوْ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ وَلَا إشْكَالَ فِيهِ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْقِنُّ) أَيْ وَخَرَجَ الْقِنُّ إلَخْ

(قَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَ) عِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ تَخَلَّلَهَا: أَوْ هَذِهِ وَأَطْلَقَ اهـ. فَصُوَرُ مَسْأَلَةِ الْإِطْلَاقِ بِمَا إذَا قَالَ: هَذِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْخَمْرَةَ فَاقْتَضَى الْفَسَادَ فِيمَا إذَا قَالَ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: إنْ عَجَزَ عَنْهُ إلَخْ) فِي اعْتِبَارِ هَذَا فِي التَّوْكِيلِ عَنْ الْمَوْلَى نَظَرٌ، فَيَنْبَغِي تَخْصِيصُ هَذَا الشَّرْطِ بِالْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ لِمَا قَرَّرَهُ فِي بَابِ النِّكَاحِ مِمَّا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ هُنَاكَ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ كَوْنَ الْوَكِيلِ لَا يُوَكِّلُ إلَخْ، هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْوَلِيَّ وَلَوْ غَيْرَ مُجْبَرٍ وَمِنْهُ الْقَاضِي يُوَكِّلُ وَإِنْ لَاقَتْ بِهِ الْمُبَاشَرَةُ وَلَمْ يَعْجَزْ عَنْهَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، فَقَوْلُهُ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ مَا نَصُّهُ، وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْوَلِيِّ فِي حَقِّ الطِّفْلِ أَوْ الْمَجْنُونِ أَوْ السَّفِيهِ كَأَصْلٍ فِي تَزْوِيجٍ أَوْ مَالٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ قَيِّمٍ فِي مَالٍ إنْ عَجَزَ عَنْهُ أَوْ لَمْ تَلِقْ بِهِ مُبَاشَرَتُهُ، لَكِنْ رَجَّحَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمَا هُنَا اهـ. يَنْبَغِي أَنَّ مَرْجِعَ قَوْلِهِ فِيهِ إنْ عَجَزَ عَنْهُ إلَخْ لِقَوْلِهِ وَوَصِيٌّ أَوْ قَيِّمٌ دُونَ مَا قَبْلَهُمَا وَإِلَّا خَالَفَ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: كَكَوْنِهِ أَبًا فِي مَالٍ أَوْ نِكَاحٍ) أَيْ أَوْ غَيْرِهِ فِي مَالٍ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي عِبَارَةِ الشِّهَابِ حَجّ، وَلَعَلَّهُ سَاقِطٌ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ مِنْ النُّسَّاخِ بِقَرِينَةِ مُجَارَاتِهِ لِلشِّهَابِ الْمَذْكُورِ هُنَا فِي حَلِّ الْمَتْنِ، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلِاقْتِصَارِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْأَبِ مَا يَشْمَلُ الْجَدَّ، عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْأَبِ فِي النِّكَاحِ مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ غَيْرَ الْمُجْبَرِ إذَا أَذِنَ فِي النِّكَاحِ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَإِنْ لَمْ يُؤْذِنْ فِي خُصُوصِ التَّوْكِيلِ فَلْيُحَرَّرْ

ص: 16

تَلِقْ بِهِ مُبَاشَرَتُهُ سَوَاءٌ أَوْقَعَ التَّوْكِيلَ عَنْ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ أَمْ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ عَنْهُمَا مَعًا.

وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْ الطِّفْلِ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ رَشِيدًا لَمْ يَنْعَزِلْ الْوَكِيلُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ وَكِيلًا عَنْ الْوَلِيِّ، وَحَيْثُ وَكَّلَ لَا يُوَكِّلُ إلَّا أَمِينًا كَمَا يَأْتِي، وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ سَفِيهٍ أَوْ مُفْلِسٍ أَوْ قِنٍّ فِي تَصَرُّفٍ يَسْتَبِدُّ بِهِ لَا غَيْرِهِ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيٍّ أَوْ غَرِيمٍ أَوْ سَيِّدٍ (وَيُسْتَثْنَى) مِنْ عَكْسِ الضَّابِطِ الْمَارِّ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَا تَصِحُّ مِنْهُ الْمُبَاشَرَةُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ التَّوْكِيلُ (تَوْكِيلُ الْأَعْمَى فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى الرُّؤْيَةِ كَإِجَارَةٍ وَأَخْذٍ بِشُفْعَةٍ (فَيَصِحُّ) وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مُبَاشَرَتِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَمَا نَازَعَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ فِي اسْتِثْنَائِهِ بِأَنَّ بَيْعَهُ صَحِيحٌ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ السَّلَمُ وَشِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ صَحِيحٌ أَيْضًا، وَبِأَنَّ الشَّرْطَ صِحَّةُ الْمُبَاشَرَةِ فِي الْجُمْلَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ وَرِثَ بَصِيرٌ عَيْنًا لَمْ يَرَهَا صَحَّ تَوْكِيلُهُ فِي بَيْعِهَا مَعَ عَدَمِ صِحَّتِهِ مِنْهُ يُمْكِنُ رَدُّهُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي بَيْعِ الْأَعْيَانِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ مِنْهُ مُطْلَقًا وَفِي الشِّرَاءِ الْحَقِيقِيِّ، وَشِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ عَقْدُ عَتَاقَةٍ فَصَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَمَسْأَلَةُ الْبَصِيرِ الْمَذْكُورَةُ مُلْحَقَةٌ بِمَسْأَلَةِ الْأَعْمَى، لَكِنْ يَأْتِي فِي الْوَكِيلِ عَنْ الْمُصَنِّفِ مَا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ يَسْقُطُ أَكْثَرُ الْمُسْتَثْنَيَاتِ الْآتِيَةِ، وَيُضَمُّ لِلْأَعْمَى فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْعَكْسِ الْمُحْرِمُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ السَّابِقَةِ، وَتَوْكِيلُ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فِي أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْبِضُ الْمَبِيعَ عَنْهُ مَعَ اسْتِحَالَةِ مُبَاشَرَتِهِ الْقَبْضَ مِنْ نَفْسِهِ، وَالْمُسْتَحِقِّ لِنَحْوِ قَوَدِ طَرَفٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

التَّوْكِيلَ مِنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ يَصِحُّ مُطْلَقًا، وَمِنْ الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ إنْ عَجَزَ أَوْ لَمْ تَلِقْ بِهِ الْمُبَاشَرَةُ وَمِثْلُهُمَا الْوَكِيلُ. وَكَتَبَ عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: قَالَ م ر: الْوَلِيُّ، وَفِي مَرَّةٍ قَالَ: الْوَصِيُّ كَالْوَكِيلِ فِي أَنَّهُ إنَّمَا يُوَكِّلُ كُلٌّ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْوَصَايَا، وَكَلَامُ الْمِنْهَاجِ هَذَا مُطْلَقٌ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ اهـ

(قَوْلُهُ: أَمْ عَنْهُمَا مَعًا) أَيْ أَمَّا إذَا أُطْلِقَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا عَنْ الْوَلِيِّ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَفِي الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ يَكُونُ وَكِيلًا عَنْ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ سم لِأَنَّ التَّصَرُّفَ مَطْلُوبٌ مِنْهُ فَيَقَعُ التَّوْكِيلُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَتْ مَنْفَعَتُهُ عَائِدَةً عَلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْ الْوَلِيِّ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِبُلُوغِ الصَّبِيّ رَشِيدًا لَكِنْ مَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ هُوَ قِيَاسُ مَا فِي خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ أَنَّ وَكِيلَهَا لَوْ أَطْلَقَ فَلَمْ يَصِفْ الْعِوَضَ لَهُ وَلَا لَهَا وَقَعَ لَهَا لِعَوْدِ الْمَنْفَعَةِ إلَيْهَا

(قَوْلُهُ: عَنْ الطِّفْلِ) أَيْ وَلَوْ مَعَ الْوَلِيِّ لَكِنْ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ وَكَّلَهُ عَنْهُمَا وَبَلَغَ رَشِيدًا انْعَزَلَ عَنْ الْوَلِيِّ دُونَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَيَتَصَرَّفُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْعَزِلْ الْوَكِيلُ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَيَنْعَزِلُ مِنْ جِهَةِ الْوَلِيِّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: عَنْ الْوَلِيِّ) أَيْ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ إلَخْ) وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْعَبْدِ فِي الْقَبُولِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَالسَّفِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَالتَّقْيِيدُ بِالْإِذْنِ هُنَا إنَّمَا هُوَ لِيَكُونَ حُكْمُهُمَا مُسْتَفَادًا مِنْ الضَّابِطِ، أَمَّا مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا فَلَا فَرْقَ (قَوْلُهُ: يَسْتَبِدُّ بِهِ) أَيْ يَسْتَقِلُّ بِهِ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ رَدُّهُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْكَلَامُ أَعَمُّ مِنْ الْبَيْعِ وَمِنْ بَيْعِ الْأَعْيَانِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْكَلَامِ مَا ذُكِرَ فِي الْأَعْمَى، لَكِنْ هَذَا لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى الرُّؤْيَةِ، ثُمَّ قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَصِيرِ الْمَذْكُورَةِ إلَى الْإِلْحَاقِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ تَوَقُّفَ صِحَّةِ تَصَرُّفِ الْوَارِثِ عَلَى رُؤْيَتِهَا لَا يَنْفِي اتِّصَافَهُ بِصِحَّةِ مُبَاشَرَتِهِ التَّصَرُّفَ تَأَمَّلْ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ.

وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا وَجَّهَ بِهِ عَدَمَ الِاحْتِيَاجِ حَاصِلُهُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ التَّصَرُّفُ فِي الْجُمْلَةِ، وَقَدْ يُقَالُ: مَبْنَى الرَّدِّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ صِحَّةُ التَّصَرُّفِ فِي خُصُوصِ مَا وَكَّلَ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْكَلَامَ) أَيْ هُنَا (قَوْلُهُ: مُلْحَقَةٌ) أَيْ فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: لَكِنْ يَأْتِي) الْآتِي هُوَ قَوْلُهُ: وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ فِي مَسْأَلَةِ طَلَاقِ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمَةِ بِأَنَّهُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَحِقِّ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْمُشْتَرِي ع (قَوْلُهُ: فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ السَّابِقَةِ) هِيَ قَوْلُهُ فَإِنْ وَكَّلَهُ لِيَعْقِدَ عَنْهُ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَنْ يَقْبِضُ الْمَبِيعَ عَنْهُ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ سَفِيهٍ) الْمَصْدَرُ مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي شُرُوطِ الْمُوَكِّلِ، وَأَمَّا كَوْنُ السَّفِيهِ يَصِحُّ مِنْهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ فَسَيَأْتِي فِي شُرُوطِ الْوَكِيلِ بِمَا فِيهِ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ

ص: 17

مَعَ أَنَّهُ لَا يُبَاشِرُهُ وَالْوَكِيلُ فِي التَّوْكِيلِ وَمَالِكَةُ أَمَةٍ لِوَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهَا.

وَيُسْتَثْنَى مِنْ طَرْدِهِ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَنْ صَحَّتْ مُبَاشَرَتُهُ بِمِلْكٍ أَوْ وِلَايَةٍ صَحَّ تَوْكِيلُهُ وَلِيٌّ غَيْرُ مُجْبِرٍ نُهِيَ عَنْهُ فَلَا يُوَكِّلُ وَظَافِرٌ بِحَقِّهِ فَلَا يُوَكِّلُ فِي نَحْوِ كَسْرِ بَابٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ وَيُحْتَمَلُ جَوَازُهُ عِنْدَ عَجْزِهِ، وَالتَّوْكِيلُ فِي الْإِقْرَارِ وَتَوْكِيلُ وَكِيلٍ قَادِرٍ بِنَاءً عَلَى شُمُولِ الْوِلَايَةِ لِلْوَكَالَةِ وَسَفِيهٌ أُذِنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ وَمِثْلُهُ الْعَبْدُ فِي ذَلِكَ، قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ.

وَالتَّوْكِيلُ فِي تَعْيِينٍ أَوْ تَبْيِينِ مُبْهَمَةٍ وَاخْتِيَارِ أَرْبَعٍ مَا لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ عَيْنَ امْرَأَةِ وَتَوْكِيلُ مُسْلِمِ كَافِرًا فِي اسْتِيفَاءِ قَوَدٍ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ نِكَاحِ الْمُسْلِمَةِ، وَذَكَرَا فِي تَوْكِيلِ الْمُرْتَدِّ لِغَيْرِهِ فِي تَصَرُّفٍ مَالِيِّ الْوَقْفَ، وَجَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي بِبُطْلَانِهِ، وَاسْتَوْجَهَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ، وَيَجُوزُ تَوْكِيلُ مُسْتَحِقٍّ فِي قَبْضِ زَكَاةٍ لَهُ، قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَيْثُ لَمْ يَتَّحِدْ قَصْدُ الدَّافِعِ وَالْوَكِيلِ

(وَشَرْطُ الْوَكِيلِ) تَعْيِينُهُ إلَّا فِي نَحْوِ مَنْ حَجّ عَنَى فَلَهُ كَذَا فَيَبْطُلُ وَكَّلْت أَحَدَكُمَا، نَعَمْ إنْ وَقَعَ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ تَبَعًا لِمُعَيَّنٍ كَوَكَّلْتُك فِي كَذَا وَكُلِّ مُسْلِمٍ صَحَّ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ، قَالَ: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَمَا نُظِرَ فِيهِ مِنْ قِيَاسِهِ عَلَى الْمُوَكَّلِ فِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَسَيَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَدَعْوَى أَنَّهُ يُحْتَاطُ فِي الْعَاقِدِ مَا لَا يُحْتَاطُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا الْتِفَاتَ لَهُ هُنَا إذْ الْغَرَضُ الْأَعْظَمُ الْإِتْيَانُ بِالْمَأْذُونِ فِيهِ وَ (صِحَّةِ مُبَاشَرَتِهِ التَّصَرُّفَ) الَّذِي وُكِّلَ فِيهِ (لِنَفْسِهِ) وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ تَوْكِيلُهُ إذْ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ أَقْوَى مِنْهُ لِغَيْرِهِ، فَإِذَا لَمْ يَمْلِكْ الْأَقْوَى لَمْ يَمْلِكْ دُونَهُ بِالْأُولَى (لَا صَبِيٍّ وَ) لَا (مَجْنُونٍ) وَلَا مُغْمًى عَلَيْهِ وَلَا نَائِمٍ وَلَا مَعْتُوهٍ لِسَلْبِ وِلَايَتِهِمْ نَعَمْ يَصِحُّ تَوْكِيلُ صَبِيٍّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: فَلَا يُوَكِّلُ فِي نَحْوِ كَسْرِ بَابٍ إلَخْ) وَمُقْتَضَاهُ وَلَوْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا: أَيْ لَا يُمْكِنُ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُرَدِّدُ الْآلَةَ فَيَقْضِي ذَلِكَ لِلنَّفْسِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ بَاشَرَ بِنَفْسِهِ اُعْتُدَّ بِهِ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي بِبُطْلَانِهِ) وَأَمَّا تَوْكِيلُ الْمُرْتَدِّ فِي التَّصَرُّفِ عَنْ غَيْرِهِ فَصَحِيحٌ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا كَغَيْرِهِمَا وَسَيَأْتِي، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَتَوْكِيلُ الْمُرْتَدِّ كَتَصَرُّفِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَلَا يَصِحُّ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَوْ وَكَّلَهُ: أَيْ الْمُرْتَدَّ أَحَدٌ صَحَّ تَصَرُّفُهُ انْتَهَى قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَفُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ الْوَكِيلُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي التَّوْكِيلِ اهـ. وَقَالَ فِيمَا تَقَدَّمَ: وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ الْمُوَكِّلُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي التَّوْكِيلِ بَلْ يُوقَفُ كَمِلْكِهِ بِأَنْ يُوقَفَ اسْتِمْرَارُهُ، لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ ارْتِدَادَهُ عَزْلٌ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ اهـ سم عَلَى حَجّ

(قَوْلُهُ: وَاسْتَوْجَهَهُ) أَيْ الْبُطْلَانَ وَهُوَ مُعْتَمَدٌ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ مَا يَقْبَلُ الْوَقْفَ هُوَ الَّذِي يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِي الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْخَادِمِ) عِبَارَةُ حَجّ: وَقَيَّدَهُ الزَّرْكَشِيُّ نَقْلًا عَنْ الْقَفَّالِ بِمَا إذَا كَانَ الْوَكِيلُ مِمَّنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَالصَّوَابُ حَذْفُ الْوَاوِ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَإِنْ. (قَوْلُهُ: مِنْهُمَا) أَيْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ

(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَتَّحِدْ) أَيْ قَصَدَاهُمَا بِأَنْ قَصَدَا أَحَدُهُمَا الْمُوَكِّلَ وَالْآخَرُ الْوَكِيلَ. وَأَمَّا إذَا اتَّحَدَ فَيَمْلِكُهُ مَنْ اتَّفَقَا عَلَى قَصْدِهِ وَإِنْ وُجِدَ قَصْدٌ مِنْ أَحَدِهِمَا وَأَطْلَقَ الْآخَرُ اُعْتُبِرَتْ نِيَّةُ الدَّافِعِ انْتَهَى حَجّ بِالْمَعْنَى

(قَوْلُهُ: مِنْ قِيَاسِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ) أَيْ حَيْثُ قِيلَ بِالْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ: وَدَعْوَى) أَيْ اعْتِرَاضًا عَلَى الْفَرْقِ الْآتِي (قَوْلُهُ: لَا الْتِفَاتَ لَهُ) أَيْ لِهَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: وَلَا مَعْتُوهٍ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى شُمُولِ الْوِلَايَةِ لِلْوَكَالَةِ) حَتَّى يَصِحَّ كَوْنُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ طَرْدِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَتَوْكِيلُ مُسْلِمٍ كَافِرًا إلَخْ) فِي اسْتِثْنَاءِ هَذِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَى الْأَصْلِ مِنْ أَنَّ الْمُوَكِّلَ يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي وَكِيلِهِ هُنَا أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا كَمَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يُوَكِّلُهُ الْوَلِيُّ أَنْ يَكُونَ ثِقَةً وَإِلَّا فَلَمْ يَسْتَثْنُوا الْوَلِيَّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَذَكَرَا فِي تَوْكِيلِ الْمُرْتَدِّ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَرَجَّحَا فِي تَوْكِيلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَيْثُ لَمْ يَتَّحِدْ قَصْدُ الدَّافِعِ وَالْوَكِيلِ) يُفْهَمُ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ الْوَكِيلُ نَفْسَهُ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ وَقَصَدَهُ الدَّافِعُ أَيْضًا أَنَّهُ يَمْلِكُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَالْمَفْهُومُ فِيهِ تَفْصِيلٌ بَسَطَ الْقَوْلَ فِيهِ الْعَلَّامَةُ حَجّ

(قَوْلُهُ: فَإِذَا لَمْ يَمْلِكْ الْأَقْوَى لَمْ يَمْلِكْ دُونَهُ إلَخْ) فِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى،

ص: 18

فِي نَحْوِ تَفْرِقَةِ زَكَاةٍ وَذَبْحِ أُضْحِيَّةٍ وَمَا يَأْتِي (وَكَذَا الْمَرْأَةُ وَالْمُحْرِمُ) بِضَمِّ الْمِيمِ (فِي) عَقْدِ (النِّكَاحِ) إيجَابًا وَقَبُولًا لِسَلْبِ عِبَارَتِهِمَا فِيهِ وَلَا تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ فِي الرَّجْعَةِ وَلَا فِي الِاخْتِيَارِ لِلنِّكَاحِ إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ، وَلَا فِي الِاخْتِيَارِ لِلْفِرَاقِ إذَا عَيَّنَ لِلْمَرْأَةِ مَنْ يَخْتَارُهَا أَوْ يُفَارِقُهَا، فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَمْ يَصِحَّ مِنْ الرَّجُلِ أَيْضًا كَمَا مَرَّ، وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُسْلِمِ فِي أَحْكَامِ الْخَنَاثَى وَذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ تَفَقُّهًا. نَعَمْ لَوْ بَانَ الْخُنْثَى ذَكَرًا بَعْدَ تَصَرُّفِهِ ذَلِكَ بَانَتْ صِحَّتُهُ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَكِيلِ الْعَدَالَةُ إذَا وَكَّلَهُ الْوَلِيُّ فِي نَحْوِ بَيْعِ مَالِ مَحْجُورِهِ، وَيَمْتَنِعُ تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ لِغَيْرِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، قِيلَ: وَكَأَنَّهُ أَرَادَ الْحُرَّةَ.

أَمَّا الْأَمَةُ إذَا أَذِنَ سَيِّدُهَا لَمْ يَكُنْ لِزَوْجِهَا اعْتِرَاضٌ كَالْإِجَارَةِ وَأَوْلَى. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْوَجْهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ مِنْ الصِّحَّةِ إنْ لَمْ يُفَوِّتْ عَلَى الزَّوْجِ حَقًّا انْتَهَى. وَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِمَّا يُفَوِّتُ حَقًّا لَهُ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ خَارِجٌ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْإِجَارَةِ بِأَنَّ حَقَّهَا لَازِمٌ يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ فَعَارَضَ حَقَّ الزَّوْجِ وَهُوَ أَوْلَى فَأَبْطَلَهُ وَلَا كَذَلِكَ الْوَكَالَةُ، وَتَوْكِيلُ مُسْلِمٍ كَافِرًا فِي اسْتِيفَاءِ قَوَدٍ مِنْ مُسْلِمِ، وَهَذِهِ مَرْدُودَةٌ بِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَسْتَوْفِيهِ لِنَفْسِهِ وَبِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا جَعَلَ صِحَّةَ مُبَاشَرَتِهِ شَرْطًا لِصِحَّةِ تَوَكُّلِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّرْطِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُهُ، وَالْأَوَّلُ صَحِيحٌ وَالثَّانِي فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ، إذْ الشَّرْطُ وَهُوَ صِحَّةُ الْمُبَاشَرَةِ غَيْرُ مَوْجُودٍ هُنَا رَأْسًا (لَكِنْ الصَّحِيحُ اعْتِمَادُ قَوْلِ صَبِيٍّ) وَلَوْ رَقِيقًا إذَا كَانَ مُمَيِّزًا لَمْ يُجَرَّبْ عَلَيْهِ كَذِبٌ، وَكَذَا فَاسِقٌ وَكَافِرٌ كَذَلِكَ، بَلْ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا (فِي الْإِذْنِ فِي دُخُولِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَطَفَهُ عَلَى الْمَجْنُونِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِأَنَّ الْعَتَهَ نَوْعٌ مِنْ الْجُنُونِ.

وَفِي الْمُخْتَارِ: الْمَعْتُوهُ النَّاقِصُ الْعَقْلِ، وَقَدْ عَتِهَ فَهُوَ مَعْتُوهٌ بَيِّنُ الْعَتَهِ اهـ. وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمَجْنُونِ عَلَى مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْمَعْتُوهُ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ أَصْلُ الْعَقْلِ لَا كَمَالُهُ فَيَكُونُ مُبَايِنًا لِلْمَجْنُونِ

(قَوْلُهُ: وَلَا فِي الِاخْتِيَارِ) أَيْ وَلَا تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ فِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَكِيلِ الْعَدَالَةُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعٍ مُعَيَّنٍ مِنْ أَمْوَالِ الْمَحْجُورِ وَلَوْ قِيلَ بِصِحَّةِ تَوْكِيلِ الْفَاسِقِ فِي ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يُسَلِّمْ الْمَالَ لَهُ لَمْ يَبْعُدْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ فِيمَا يَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَحْكَامُ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ إلَخْ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ) فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِمَّا أَفَادَهُ الْمَتْنُ أَنَّ مَنْ صَحَّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ صَحَّ تَوْكِيلُهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا) فَوَّتَ أَوْ لَا حَيْثُ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً فِيمَا تَسْتَقِلُّ بِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَأَذِنَ لَهَا السَّيِّدُ كَمَا مَرَّ فِي تَوْكِيلِ الْقِنِّ

(قَوْلُهُ: وَالْإِجَارَةِ) أَيْ حَيْثُ قِيلَ فِيهَا بِالْبُطْلَانِ إذَا فَوَّتَتْ حَقَّ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَتَوْكِيلُ مُسْلِمٍ) أَيْ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْوَكِيلَ) أَيْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَقَوْلُهُ لَا يَسْتَوْفِيهِ لِنَفْسِهِ: أَيْ فَلَمْ يَشْمَلْهُ هَذَا الشَّرْطُ فَلَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَائِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ صَحِيحٌ) هُوَ قَوْلُهُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ إلَخْ، وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ وَبِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الثَّانِيَ مَذْكُورٌ عَلَى التَّنَزُّلِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ صَرَّحَ فِي الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَسْتَوْفِيهِ لِنَفْسِهِ فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَمْ يُوجَدْ هُنَا أَصْلًا اهـ سم عَلَى حَجّ. لَكِنَّ الصَّحِيحَ اعْتِمَادُ قَوْلِ الصَّبِيّ.

[فَرْعٌ] قَالَ الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ: يَجُوزُ تَوْكِيلُ الصَّبِيّ وَالسَّفِيهِ لِيَتَصَرَّفَ بَعْدَ بُلُوغِ الصَّبِيّ، وَرُشْدِ السَّفِيهِ كَتَوْكِيلِ الْمُحْرِمِ لَيَعْقِدَ بَعْدَ حِلِّهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ وِفَاقًا لِ م ر عَدَمُ الصِّحَّةِ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ فِيهِ الْأَهْلِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ عَرَضَ لَهُ مَانِعٌ بِخِلَافِهِمَا فَإِنَّهُ لَا أَهْلِيَّةَ لَهُمَا، وَفِي الرَّوْضَةِ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَمِثْلُهُ عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ يُجَرَّبْ عَلَيْهِ كَذِبٌ) وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: وَكَافِرٌ) أَيْ وَلَوْ بَالِغًا (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ لَمْ يُجَرَّبْ عَلَيْهِ كَذِبٌ (قَوْلُهُ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ: لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَنْهُ التَّصَرُّفُ لِنَفْسِهِ فَلِغَيْرِهِ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ (قَوْلُهُ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ) أَيْ: فِي اعْتِمَادِ قَوْلِ الْفَاسِقِ وَالْكَافِرِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِ النَّوَوِيِّ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي

ص: 19

دَارٍ وَإِيصَالِ هَدِيَّةٍ) وَلَوْ أَمَةً قَالَتْ لَهُ أَهْدَانِي سَيِّدِي لَك كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَإِنْ اسْتَشْكَلَ فَيَجُوزُ وَطْؤُهَا وَطَلَبُ صَاحِبِ وَلِيمَةٍ لِتَسَامُحِ السَّلَفِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، أَمَّا غَيْرُ الْمَأْمُونِ بِأَنْ جُرِّبَ كَذِبُهُ وَلَوْ مَرَّةً فِيمَا يَظْهَرُ بِحَيْثُ جَوَّزْنَا كَذِبَهُ لِمَا مَرَّ مِنْهُ فَلَا يُعْتَمَدُ قَطْعًا، وَمَا حَفَّتْهُ قَرِينَةٌ يُعْتَمَدُ قَطْعًا، وَفِي الْحَقِيقَةِ الْعَمَلُ حِينَئِذٍ بِالْعِلْمِ لَا بِالْخَبَرِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ هُنَا بَيْنَ الصَّادِقِ وَغَيْرِهِ، وَلِلْمُمَيِّزِ وَنَحْوِهِ تَوْكِيلُ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ بِشَرْطِهِ الْآتِي (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ تَوْكِيلِ عَبْدٍ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ، وَلَوْ حُذِفَتْ الْيَاءُ لَكَانَ مُضَافًا لِلْفَاعِلِ وَهُوَ أَوْضَحُ (فِي قَبُولِ نِكَاحٍ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ لِانْتِفَاءِ ضَرَرِهِ، وَتَعْبِيرُهُ بِلَكِنْ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى اسْتِثْنَاءِ هَذَيْنِ مِنْ عَكْسِ الضَّابِطِ وَهُوَ مَنْ لَا تَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُ لِنَفْسِهِ لَا يَصِحُّ تَوَكُّلُهُ، وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا صِحَّةُ تَوَكُّلِ سَفِيهٍ فِي قَبُولِ نِكَاحٍ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَتَوَكُّلِ امْرَأَةٍ فِي طَلَاقِ غَيْرِهَا وَمُرْتَدٍّ فِي تَصَرُّفٍ لِغَيْرِهِ مَعَ امْتِنَاعِهِ لِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ إنْ لَمْ يُشْرَطْ فِي بُطْلَانِ تَصَرُّفِهِ لِنَفْسِهِ حَجْرُ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ مَا فِيهِ، وَرَجُلٍ فِي قَبُولِ نِكَاحِ أُخْتِ زَوْجَتِهِ مَثَلًا أَوْ خَامِسَةٍ وَتَحْتَهُ أَرْبَعٌ وَالْمُوسِرِ فِي قَبُولِ نِكَاحِ أَمَةٍ، وَاسْتِثْنَاءُ بَعْضِهِمْ تَوَكُّلَ كَافِرٍ عَنْ مُسْلِمٍ فِي شِرَاءِ مُسْلِمٍ أَوْ طَلَاقِ مُسْلِمَةٍ غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ لَوْ أَسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ فَطَلَّقَ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ بَانَ نُفُوذُ طَلَاقِهِ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ فِي مَسْأَلَةِ طَلَاقِ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمَةِ بِأَنَّهُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ فِي الْجُمْلَةِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ صِحَّةُ مُبَاشَرَةِ الْوَكِيلِ التَّصَرُّفَ لِنَفْسِهِ فِي جِنْسٍ مَا وَكَّلَ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ لَا فِي عَيْنِهِ، وَحِينَئِذٍ فَيَسْقُطُ أَكْثَرُ مَا مَرَّ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ، وَقِيَاسُهُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي الْمُوَكِّلِ أَيْضًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ (وَمَنَعَهُ) أَيْ تَوْكِيلَ الْعَبْدِ أَيْ مَنْ فِيهِ رِقٌّ (فِي الْإِيجَابِ) لِلنِّكَاحِ لِأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ عَلَيْهِ تَزْوِيجُ ابْنَتِهِ فَبِنْتُ غَيْرِهِ أَوْلَى، وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمُكَاتَبِ فِي تَزْوِيجِ أَمَتِهِ كَمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ فِي الْكَافِرِ، وَعِبَارَةُ حَجّ فِيهِمَا

(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ وَطْؤُهَا) أَيْ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ: أَيْ وَلَوْ رَجَعَتْ وَكَذَّبَتْ نَفْسَهَا لِاتِّهَامِهَا فِي حَقِّ غَيْرِهَا وَخَرَجَ بِكَذَّبَتْ نَفْسَهَا مَا لَوْ كَذَّبَهَا السَّيِّدُ فَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ، وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ وَطْءُ الْمُهْدَى إلَيْهِ وَطْءَ شُبْهَةٍ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ لِأَنَّ السَّيِّدَ بِدَعْوَاهُ ذَلِكَ يَدَّعِي زِنَاهَا، وَلَا الْحَدُّ أَيْضًا لِلشُّبْهَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا حَدَّ عَلَيْهَا أَيْضًا لِزَعْمِهَا أَنَّ السَّيِّدَ أَهْدَاهَا لَهُ وَأَنَّ الْوَلَدَ حُرٌّ لِظَنِّهِ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ لِتَفْوِيتِهِ رِقَّهُ عَلَى السَّيِّدِ بِزَعْمِهِ، وَأَمَّا لَوْ وَافَقَهَا السَّيِّدُ عَلَى وَطْءِ الشُّبْهَةِ فَيَجِبُ الْمَهْرُ

(قَوْلُهُ: لِتَسَامُحِ السَّلَفِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ) وَلَيْسَ فِي مَعْنَى مَنْ ذُكِرَ الْبَبَّغَاءُ وَالْقِرْدُ وَنَحْوُهُمَا إذَا حَصَلَ مِنْهُمْ الْإِذْنُ وَلَمْ يُجَرَّبْ عَلَيْهِمْ الْكَذِبُ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْإِذْنِ أَصْلًا، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَإِنَّهُ أَهْلٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ جَعْلِ الْبَبَّغَاءِ كَالصَّبِيِّ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا لَوْ احْتَفَتْ بِهِ قَرِينَةٌ لِأَنَّهَا الْمُعَوَّلُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا

(قَوْلُهُ: فَلَا يُعْتَمَدُ قَطْعًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ مَضَى عَلَيْهِ سَنَةٌ فَأَكْثَرُ لَمْ يُجَرَّبْ عَلَيْهِ فِيهَا كَذِبٌ، وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِ اعْتِمَادِ قَوْلِهِ حِينَئِذٍ لَمْ يَبْعُدْ بَلْ وَإِنْ لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ وَيَكُونُ الْمَدَارُ عَلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ (قَوْلُهُ: بِالْعِلْمِ) وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنَّ الْبَبَّغَاءَ، وَنَحْوَهَا مَعَ الْقَرِينَةِ كَالصَّبِيِّ لِأَنَّ التَّعْوِيلَ لَيْسَ عَلَى خَبَرِهَا بَلْ عَلَى الْقَرِينَةِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ جُهِلَ حَالُ الصَّبِيّ، وَالْأَقْرَبُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُعْتَمَدُ قَوْلُهُ إلَّا بِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَبُولِ خَبَرِهِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ الْآتِي) وَهُوَ الْعَجْزُ أَوْ كَوْنُهُ لَمْ تَلِقْ بِهِ مُبَاشَرَتُهُ (قَوْلُهُ: فِيهِ إشَارَةٌ إلَى اسْتِثْنَاءِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ) أَيْ اسْتِثْنَاءُ الْمُرْتَدِّ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ) وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ أَسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَصْلُحُ لِرَدِّ اسْتِثْنَاءِ تَوْكِيلِ الْمُسْلِمِ الْكَافِرَ، فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْكَافِرَ يَصِحُّ طَلَاقُهُ لِزَوْجَتِهِ الْمُسْلِمَةِ فَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ لَهُ فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ الْكَافِرَةِ (قَوْلُهُ: أَكْثَرُ مِمَّا مَرَّ) وَمِنْهُ تَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ الْكَافِرَ فِي شِرَاءِ مُسْلِمٍ لِأَنَّهُ يَصِحُّ شِرَاؤُهُ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ وَذَلِكَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ صَحِيحٍ) أَيْ بِالنَّسَّةِ لِشِقِّهِ الثَّانِي فَقَطْ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ غَيْرَ صَحِيحٍ فِي الثَّانِي

ص: 20

بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إنْ قُلْنَا: إنَّهُ يُزَوِّجُهَا، وَمِثْلُهُ الْمُبَعَّضُ فِي ذَلِكَ بَلْ أَوْلَى، وَيَجُوزُ تَوْكِيلُ رَقِيقٍ فِي نَحْوِ بَيْعٍ أَذِنَ سَيِّدُهُ وَلَوْ بِجُعْلٍ، وَيَمْتَنِعُ تَوْكِيلُهُ عَلَى طِفْلٍ أَوْ مَالِهِ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ

(وَشَرْطُ الْمُوَكَّلِ فِيهِ أَنْ يَمْلِكَهُ الْمُوَكِّلُ) حَالَةَ التَّوْكِيلِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يَأْذَنُ فِيهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا فِيمَنْ يُوَكِّلُ فِي مَالِهِ وَإِلَّا فَنَحْوُ الْوَلِيِّ وَكُلُّ مَنْ جَازَ لَهُ التَّوْكِيلُ فِي مَالِ الْغَيْرِ لَا يَمْلِكُهُ، وَرَدُّ الْغَزِّيِّ لَهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ التَّصَرُّفُ الْمُوَكَّلُ فِيهِ لَا مَحِلُّ التَّصَرُّفِ يُرَدُّ بِمَنْعِ مَا ذَكَرَهُ لِأَنَّهُ مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْمَحِلُّ وَمِنْ ثَمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (فَلَوْ وَكَّلَ بِبَيْعِ) أَوْ إعْتَاقِ (عَبْدٍ سَيَمْلِكُهُ) سَوَاءٌ أَكَانَ مُعَيَّنًا أَمْ مَوْصُوفًا أَمْ لَا، لَكِنْ هَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ تَابِعًا لِمَمْلُوكٍ كَمَا يَأْتِي عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ (وَطَلَاقِ مَنْ سَيَنْكِحُهَا) مَا لَمْ تَكُنْ تَبَعًا لِمَنْكُوحَةٍ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ (بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ مَنْ يُزَوِّجُ مُوَلِّيَتَهُ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ طَلُقَتْ عَلَى مَا قَالَاهُ هَذَا وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَكَذَا لَوْ قَالَتْ لَهُ وَهِيَ فِي نِكَاحٍ أَوْ عِدَّةٍ: أَذِنْت لَك فِي تَزْوِيجِي إذَا حَلَلْت، لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِصِحَّةِ إذْنِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ لِوَلِيِّهَا كَمَا نَقَلَاهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّاهُ، وَعَدَمُ صِحَّةِ تَوْكِيلِ الْوَلِيِّ الْمَذْكُورِ كَمَا صَحَّحَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا.

وَأَمَّا قَوْلُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ عَقِبَ مَسْأَلَةِ الْإِذْنِ كَمَا لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لِلْوَكِيلِ: زَوِّجْ بِنْتِي إذَا فَارَقَهَا زَوْجُهَا أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَفِي هَذَا التَّوْكِيلِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَقَدْ سَبَقَ فِي الْوَكَالَةِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيِهِ إذْ هُوَ قَائِلٌ بِالصِّحَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ فَالْأَصَحُّ صِحَّةُ الْإِذْنِ دُونَ التَّوْكِيلِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ تَزْوِيجَ الْوَلِيِّ بِالْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَتَزْوِيجَ الْوَكِيلِ بِالْوِلَايَةِ الْجَعْلِيَّةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأُولَى أَقْوَى فَيُكْتَفَى فِيهَا بِمَا لَا يُكْتَفَى بِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَأَنَّ بَابَ الْإِذْنِ أَوْسَعُ مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ، وَمَا جَمَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي الْبَابَيْنِ بِحَمَلِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَمَا لَوْ حُكِمَ بِعِتْقِهِ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: إنْ قُلْنَا إنَّهُ يُزَوِّجُهَا) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَبِجُعْلٍ) وَفِي نُسْخَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَوْ بِجُعْلٍ وَيَمْتَنِعُ إلَخْ وَمَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) مَعْنَى مُطْلَقًا بِإِذْنٍ أَوَّلًا، وَيَنْبَغِي مُرَاجَعَةُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْقِيَاسَ الْبُطْلَانُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَقَدْ يُسْتَدَلُّ عَلَى الصِّحَّةِ بِصِحَّةِ قَبُولِ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ بِغَيْرِ إذْنٍ.

وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ هُنَا إتْلَافَ مَنْفَعَةٍ لِلْغَيْرِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَوْلُ سم وَالْوَصِيَّةُ، يُفِيدُ أَنَّ قَبُولَهُ لِلْوَصِيَّةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ مِنْ السَّيِّدِ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْهِبَةِ أَنَّ الْقَبُولَ فِي الْهِبَةِ فَوْرِيٌّ، فَلَوْ مَنَعْنَاهُ مِنْهُ فَرُبَّمَا طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَقَبُولِ السَّيِّدِ لِغَيْبَتِهِ مَثَلًا فَيَفُوتُ الْمَقْصُودُ مِنْ الْهِبَةِ، وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ فَإِنَّ الشَّرْطَ فِيهَا كَوْنُ الْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ اتَّصَلَ بِالْمَوْتِ أَوْ تَرَاخَى عَنْهُ

(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ شَرْطُ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَمْلِكُهُ) أَيْ مَا يُرِيدُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْمَحِلُّ) قَدْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ شَرْطَ الْمُوَكَّلِ فِيهِ أَنْ يَمْلِكَ الْمُوَكِّلُ التَّصَرُّفَ فِيهِ حِينَ التَّوْكِيلِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ فَرَّعَ) قَدْ يُقَالُ التَّفْرِيعُ لَا يُنَافِي كَوْنَ الْمُرَادِ مَلَّكَهُ التَّصَرُّفَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالِكًا التَّصَرُّفَ الَّذِي وُكِّلَ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ أَمْ لَا. وَأَمَّا الْأَوَّلَانِ فَفِيهِمَا الْخِلَافُ وَهُمَا مَا لَوْ كَانَ مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ الْمَعْدُومَ تَبَعًا لِحَاضِرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ) لَا يُقَالُ: كَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِلَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ الْحُكْمَ بِالْبُطْلَانِ فِيمَا مَضَى لِأَنَّا نَقُولُ: الْأَفْعَالُ الْوَاقِعَةُ فِي عِبَارَاتِ الْمُصَنِّفِينَ إنَّمَا يَقْصِدُونَ مِنْهَا مُجَرَّدَ الْحَدَثِ دُونَ الزَّمَانِ، فَلَا فَرْقَ فِي الْمُرَادِ مِنْ التَّعْبِيرِ بَيْنَ الْمَاضِي وَالْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَاهُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْإِذْنِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالتَّوْكِيلِ مِنْ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: وَمَا جَمَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ بِجُعْلٍ) غَايَةٌ فِي اشْتِرَاطِ الْإِذْنِ فَإِنَّ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ إنَّهُ إذَا كَانَ ثَمَّ جُعْلٌ لَا يَحْتَاجُ لِلْإِذْنِ وَفِي نُسْخَةٍ عَقِبَ قَوْلِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ مَا نَصُّهُ وَلَوْ بِجُعْلٍ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ تَكَسُّبٌ اهـ.

وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ مِثْلِ هَذِهِ النُّسْخَةِ نَصُّهَا: كَذَا عَبَّرَ بِهِ شَارِحٌ وَصَوَابُهُ لَا يَتَوَكَّلُ بِلَا إذْنٍ عَنْ غَيْرِهِ فِيمَا يَلْزَمُ ذِمَّتَهُ عُهْدَتُهُ كَبَيْعٍ وَلَوْ بِجُعْلٍ بَلْ فِيمَا لَا يَلْزَمُهَا كَقَبُولِ نِكَاحٍ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ انْتَهَتْ.

وَنُسَخُ الشَّارِحِ مُخْتَلِفَةٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فَلْيُرَاجَعْ مُخْتَارُهُ

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَاهُ) تَبِعَ فِي هَذَا التَّبَرِّي كَلَامَ حَجّ

ص: 21

عَدَمِ الصِّحَّةِ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالصِّحَّةِ عَلَى التَّصَرُّفِ إذْ قَدْ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ وَيَصِحُّ التَّصَرُّفُ رُدَّ بِأَنَّهُ خَطَأٌ صَرِيحٌ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ إذْ الْأَبْضَاعُ يُحْتَاطُ لَهَا فَوْقَ غَيْرِهَا وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَصِحُّ، وَيُكْتَفَى بِحُصُولِ الْمِلْكِ عِنْدَ التَّصَرُّفِ فَإِنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ التَّوْكِيلِ، وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِحُقُوقِهِ دَخَلَ مَا يَتَجَدَّدُ بَعْدَ الْوَكَالَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ لَكِنْ خَالَفَهُ الْجُورِيُّ فَقَالَ: لَوْ وَكَّلَهُ فِي كُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ دَيْنٌ ثُمَّ حَدَثَ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْضُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُوَكَّلٍ إلَّا فِيمَا كَانَ وَاجِبًا يَوْمَئِذٍ، وَقَدْ يُقَالُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا إذْ عَدَمُ الدُّخُولِ فِي مَسْأَلَةِ الْجُورِيُّ إنَّمَا هُوَ لِوَصْفِ الْحَقِّ فِيهَا بِكَوْنِهَا لِلْمُوَكِّلِ حَالَ التَّوْكِيلِ، وَلَا يَضُرُّنَا وُجُودُ الْإِضَافَةِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ يَكْفِي فِيهَا أَدْنَى مُلَابَسَةٍ كَمَا فِي التَّصْوِيرِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الثَّانِي فَقَوِيَتْ فِيهَا بِاللَّامِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمِلْكِ فَلَمْ يَدْخُلْ الْمُتَجَدِّدُ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ الْمَعْدُومَ تَبَعًا لِحَاضِرٍ كَبَيْعِ مَمْلُوكٍ وَمَا سَيَمْلِكُهُ فَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِلرَّافِعِيِّ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ الْمَوْجُودِ وَمَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ.

وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَيْنٍ يَمْلِكُهَا وَأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِثَمَنِهَا كَذَا فَأَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ صِحَّةُ التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ، وَمِثْلُهُ إذْنُ الْمُقَارِضِ لِلْعَامِلِ فِي بَيْعِ مَا سَيَمْلِكُهُ، وَأَلْحَقَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ الشَّرِيكَ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ شَرْطَ الْمُوَكِّلِ فِيهِ أَنْ يَمْلِكَ الْمُوَكِّلُ التَّصَرُّفَ فِيهِ حِينَ التَّوْكِيلِ أَوْ يَذْكُرُهُ تَبَعًا لِذَلِكَ، وَلَا حَاجَةَ لِمَا زَادَهُ بَعْضُهُمْ هُنَا بِقَوْلِهِ أَوْ يَمْلِكُ أَصْلَهُ لِأَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ إطْلَاعِهَا صَحَّ، وَوُجِّهَ بِمَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ مَالِكًا لِأَصْلِهَا إذْ هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ (وَأَنْ يَكُونَ قَابِلًا لِلنِّيَابَةِ) لِأَنَّ التَّوْكِيلَ اسْتِنَابَةٌ (فَلَا يَصِحُّ) التَّوْكِيلُ (فِي عِبَادَةٍ) وَإِنْ لَمْ تَتَوَقَّفْ عَلَى نِيَّةٍ إذْ الْقَصْدُ امْتِحَانُ عَيْنِ الْمُكَلَّفِ وَلَيْسَ مِنْهَا نَحْوُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا التَّرْكُ (إلَّا الْحَجَّ) وَالْعُمْرَةَ عِنْدَ الْعَجْزِ وَيَنْدَرِجُ فِيهَا تَوَابِعُهُمَا كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ (وَتَفْرِقَةَ زَكَاةٍ) وَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَصَدَقَةٍ (وَذَبْحَ أُضْحِيَّةٍ) وَعَقِيقَةٍ وَهَدْيٍ وَشَاةِ وَلِيمَةٍ سَوَاءٌ أَوَكَّلَ الذَّابِحُ الْمُسْلِمُ الْمُمَيِّزُ فِي النِّيَّةِ أَمْ وَكَّلَ فِيهَا مُسْلِمًا مُمَيِّزًا غَيْرَهُ لِيَأْتِيَ بِهَا عِنْدَ ذَبْحِهِ كَمَا لَوْ نَوَى الْمُوَكِّلُ عِنْدَ ذَبْحِ وَكِيلِهِ، وَدَعْوَى عَدَمِ جَوَازِ تَوْكِيلِ آخَرَ فِيهَا غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ وَنَحْوِ وَقْفٍ وَعِتْقٍ وَغَسْلِ أَعْضَاءٍ لَا فِي نَحْوِ غُسْلِ مَيِّتٍ لِأَنَّهُ فَرْضٌ فَيَقَعُ عَنْ مُبَاشِرِهِ، وَقَضِيَّتُهُ صِحَّةُ تَوْكِيلِ مَنْ لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِ فَرْضُهُ كَالْعَبْدِ، عَلَى أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ رَجَّحَ جَوَازَ التَّوْكِيلِ هُنَا مُطْلَقًا لِصِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهِ (وَلَا فِي شَهَادَةٍ) لِبِنَائِهَا عَلَى التَّعَبُّدِ وَالْيَقِينِ الَّذِي لَا تُمْكِنُ النِّيَابَةُ فِيهِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

حَجّ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ عَلَّقَ ذَلِكَ وَلَوْ ضِمْنًا عَلَى الِانْقِضَاءِ أَوْ الطَّلَاقِ فَسَدَتْ الْوَكَالَةُ وَنَفَذَ التَّزْوِيجُ اهـ (قَوْلُهُ: دَخَلَ مَا يَتَجَدَّدُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْضُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي التَّصْوِيرِ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِحُقُوقِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ دَخَلَ مَا يَتَجَدَّدُ بِهِ بَعْدَ الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ وَمَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ) أَيْ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ

(قَوْلُهُ: إذْ هُوَ مُفَرَّعٌ) أَيْ الصِّحَّةُ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ إطْلَاعِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَتَوَقَّفْ إلَخْ) أَيْ كَالْأَذَانِ (قَوْلُهُ: نَحْوُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ) أَيْ فَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهَا (قَوْلُهُ: تَوَابِعُهُمَا) أَيْ الْمُتَقَدِّمَةُ وَالْمُتَأَخِّرَةُ (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ فِي النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: عَنْ مُبَاشِرِهِ) أَيْ وَلَوْ عَبْدًا (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ صِحَّةُ تَوْكِيلِ إلَخْ) مُعْتَدٌّ (قَوْلُهُ: جَوَازَ التَّوْكِيلِ هُنَا) قَالَ م ر: الْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِي الْغُسْلِ، وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ مِنْ خِصَالِ التَّجْهِيزِ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْوَكِيلِ، وَيُفَارِقُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ نَقْلُ هَذَا عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِهِ بِمَا يُشْعِرُ بِرِضَاهُ بِهِ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ عَدَمُ التَّبَرِّي مِنْهُ هُنَا، وَفِي نُسْخَةٍ كَمَا قَالَاهُ هُنَا، وَهِيَ لَا تُنَاسِبُ الِاسْتِدْرَاكَ الْآتِيَ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ اسْتِدْرَاكُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ الْمَعْدُومَ تَبَعًا إلَخْ) حَقُّ الْعِبَارَةِ: وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ الصِّحَّةُ فِيمَا لَوْ جَعَلَ الْمَعْدُومَ تَبَعًا لِحَاضِرٍ إلَخْ وَفِيهِ احْتِمَالَانِ

ص: 22

وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ صِحَّةُ الشَّهَادَةِ عَنْ الشَّهَادَةِ إذْ لَيْسَتْ بِتَوْكِيلٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ بَلْ الْحَاجَةُ جَعَلَتْ الشَّاهِدَ الْمُتَحَمِّلَ عَنْهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَاكِمِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ عِنْدَ حَاكِمٍ آخَرَ (وَإِيلَاءٍ) لِأَنَّهُ حَلِفٌ وَهُوَ لَا يَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ (وَلِعَانٍ) إذْ هُوَ يَمِينٌ أَوْ شَهَادَةٌ، وَلَا مَدْخَلَ لِلنِّيَابَةِ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ (وَسَائِرِ الْأَيْمَانِ) أَيْ بَاقِيهَا لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا تَعْظِيمُهُ تَعَالَى فَأَشْبَهَتْ الْعِبَادَةَ، وَمِثْلُهَا النَّذْرُ وَتَعْلِيقُ نَحْوِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَهَلْ يَصِيرُ بِتَوْكِيلِهِ مُدَبَّرًا أَوْ مُعَلَّقًا وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا لَا.

وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِمْ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ صِحَّةُ التَّوْكِيلِ بِتَعْلِيقِ غَيْرِهِمَا كَالْوِصَايَةِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهُ، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ عَدَمُ صِحَّةِ ذَلِكَ فِي التَّعْلِيقِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَعْلِيقٍ عَارٍ عَنْ حَثٍّ أَوْ مَنْعٍ كَهُوَ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ (وَلَا) فِي (ظِهَارٍ) كَأَنْ يَقُولَ: أَنْتِ عَلَى مُوَكِّلِي كَظَهْرِ أُمِّهِ أَوْ جَعَلْته مُظَاهِرًا مِنْك (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ مُنْكَرٌ وَمَعْصِيَةٌ، وَكَوْنُهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامٌ أُخَرُ لَا تَمْنَعُ النَّظَرَ لِكَوْنِهِ مَعْصِيَةً، وَعُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ. نَعَمْ مَا الْإِثْمُ فِيهِ لِمَعْنًى خَارِجٍ كَالْبَيْعِ بَعْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ، الثَّانِي يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهِ وَكَذَا الطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ، قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كَانَ مُبَاحًا فِي الْأَصْلِ وَحَرُمَ لِعَارِضٍ صَحَّ التَّوْكِيلُ فِيهِ وَيَمْتَنِعُ فِيمَا كَانَ مُحَرَّمًا بِأَصْلِ الشَّرْعِ، وَالثَّانِي يَلْحَقُهُ بِالطَّلَاقِ (وَيَصِحُّ فِي طَرَفَيْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَسَلَمٍ وَرَهْنٍ وَنِكَاحٍ) لِلنَّصِّ فِي النِّكَاحِ وَالشِّرَاءِ كَمَا مَرَّ وَقِيَاسًا عَلَيْهِمَا فِي الْبَاقِي (وَ) فِي (طَلَاقٍ) مُنَجَّزٍ لِمُعَيَّنَةٍ، فَلَوْ وَكَّلَهُ بِتَطْلِيقِ إحْدَى نِسَائِهِ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْبَحْرِ (وَسَائِرِ الْعُقُودِ) كَصُلْحٍ وَإِبْرَاءٍ وَحَوَالَةٍ وَضَمَانٍ وَشَرِكَةٍ وَوَكَالَةٍ وَقِرَاضٍ وَمُسَاقَاةٍ وَإِجَارَةٍ وَأَخْذٍ بِشُفْعَةٍ

وَصِيغَةُ الضَّمَانِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْحَوَالَةِ: جَعَلْت مُوَكِّلِي ضَامِنًا لَك أَوْ مُوصِيًا لَك بِكَذَا أَوْ أَحَلْتُك بِمَالِك عَلَى مُوَكِّلِي مِنْ كَذَا بِنَظِيرِهِ مِنْ مَالِهِ عَلَى فُلَانٍ، وَيُقَاسُ بِذَلِكَ غَيْرُهُ (وَالْفُسُوخِ) وَلَوْ فَوْرِيَّةً لَا يَحْصُلُ بِالتَّوْكِيلِ تَأْخِيرٌ مُضِرٌّ. أَمَّا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

صِحَّةَ الِاسْتِئْجَارِ لِذَلِكَ بِأَنَّ بَذْلَ الْعِوَضِ يَقْتَضِي وُقُوعَ الْعَمَلِ لِلْمُسْتَأْجِرِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّوَابَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ

(قَوْلُهُ: فَلَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهُ) أَيْ فَالتَّوْكِيلُ بِسَائِرِ التَّعَالِيقِ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: الثَّانِي) أَيْ وَهُوَ الْأَذَانُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ (قَوْلُهُ: صَحَّ التَّوْكِيلُ فِيهِ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الصِّحَّةِ جَوَازُ التَّوْكِيلِ فَيَحْرُمُ التَّوْكِيلُ فِي الْبَيْعِ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ لِمَنْ تَلْزَمُهُ وَإِنْ صَحَّ (قَوْلُهُ: وَفِي طَلَاقٍ مُنَجَّزٍ) .

[فَرْعٌ] وَكَّلَهُ فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا هُوَ كَانَ لِلْوَكِيلِ التَّعْلِيقُ إذَا كَانَ طَلَاقُ الْمُوَكِّلِ رَجْعِيًّا، بِخِلَافِ حُكْمِ الزَّوْجِ فِي الشِّقَاقِ إذَا سَبَقَ الزَّوْجُ إلَى الطَّلَاقِ لَيْسَ لَهُ هُوَ الطَّلَاقُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ هُنَاكَ لِحَاجَةِ قَطْعِ الشِّقَاقِ، وَقَدْ حَصَلَ بِطَلَاقِ الزَّوْجِ بِخِلَافِهِ هُنَا م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَإِنْ عُلِمَ بِطَلَاقِ الزَّوْجِ أَوَّلًا، وَلَوْ قِيلَ بِالْحُرْمَةِ فِي هَذِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا وَلَا سِيَّمَا إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَذًى لِلزَّوْجِ، وَقَوْلُ سم رَجْعِيًّا: أَيْ وَإِنْ بَانَتْ الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى بِمَا يَحْصُلُ مِنْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: وَسَائِرِ الْعُقُودِ) هَذَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ كَصُلْحٍ وَإِبْرَاءٍ، وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: جَعَلْت مُوَكِّلِي ضَامِنًا) يَنْبَغِي أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ فَيَصِحُّ الضَّمَانُ بِقَوْلِ الْوَكِيلِ ضَمِنْت مَالَكَ عَلَى زَيْدٍ عَنْ مُوَكِّلِي، أَوْ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ عَنْهُ وَالْوَصِيَّةِ بِنَحْوِ أَوْصَيْت لَك بِكَذَا عَنْ مُوَكِّلِي، أَوْ نِيَابَةً عَنْهُ وَالْحَوَالَةِ بِنَحْوِ جَعَلْت مُوَكِّلِي مُحِيلًا لَك بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى زَيْدٍ

(قَوْلُهُ: لَا يَحْصُلُ بِالتَّوْكِيلِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لِلرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَالتَّدْبِيرِ) مَعْطُوفٌ عَلَى النَّذْرِ وَلَيْسَ مِنْ مَدْخُولِ تَعْلِيقٍ (قَوْلُهُ: وَإِبْرَاءِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي بِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: جَعَلْتُ مُوَكِّلِي ضَامِنًا لَك) وَصِيغَةُ التَّوْكِيلِ فِي الضَّمَانِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْعِجْلِيّ أَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ اجْعَلْنِي ضَامِنًا لِدَيْنِهِ أَوْ اجْعَلْنِي كَفِيلًا بِبَدَنِ فُلَانٍ اهـ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّصْوِيرِ: أَيْ تَبَعًا

ص: 23

الَّتِي بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَا لِلتَّقْصِيرِ وَمَرَّ، وَيَأْتِي امْتِنَاعُهُ فِي فَسْخِ نِكَاحِ الزَّائِدَاتِ عَلَى أَرْبَعٍ (وَ) فِي (قَبْضِ الدُّيُونِ) وَلَوْ مُؤَجَّلَةً كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ لِإِمْكَانِ قَبْضِهِ عَقِبَ الْوَكَالَةِ بِتَعْجِيلِ الْمَدِينِ، فَإِنْ جَعَلَهَا تَابِعَةً لِحَالٍ لَمْ يَحْتَمِلْ سِوَى الصِّحَّةِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ قَبْضَ الرِّبَوِيِّ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ إذَا قَبَضَهُ الْوَكِيلُ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْمُوَكِّلِ الْمَجْلِسَ وَلَا يَرِدُ مَنْعُ ذَلِكَ فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ بِغَيْبَتِهِ بَطَلَ الْعَقْدُ فَلَا دَيْنَ (وَإِقْبَاضِهَا) لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ وَيَصِحُّ فِي الْإِبْرَاءِ مِنْهُ، نَعَمْ لَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك فِي إبْرَاءِ نَفْسِك لَا بُدَّ مِنْ الْفَوْرِ تَغْلِيبًا لِلتَّمْلِيكِ، لَكِنْ ذَكَرَ السُّبْكِيُّ أَنَّ قِيَاسَ الطَّلَاقِ جَوَازُ التَّرَاخِي، وَخَرَجَ بِالدُّيُونِ الْأَعْيَانُ فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ فِيمَا قَدَرَ عَلَى رَدِّهِ مِنْهَا بِنَفْسِهِ مَضْمُونَةً كَانَتْ أَوْ لَا لِانْتِفَاءِ إذْنِ مَالِكِهَا فِيهِ، وَمِنْ ثَمَّ ضَمِنَ بِهِ مَا لَمْ تَصِلْ بِحَالِهَا لِمَالِكِهَا، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْوَكِيلُ مِنْ عِيَالِ الْمَالِكِ وَهُوَ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ خِلَافًا لِلْجُورِيِّ، نَعَمْ لَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِمَنْ يَحْمِلُهَا مَعَهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ (وَ) فِي (الدَّعْوَى) بِنَحْوِ مَالٍ أَوْ عُقُوبَةٍ لِغَيْرِ اللَّهِ (وَالْجَوَابِ) وَإِنْ كَرِهَ الْخَصْمُ وَيَنْعَزِلُ وَكِيلُ الْمُدَّعِي بِإِقْرَارِهِ بِقَبْضِ مُوَكِّلِهِ أَوْ إبْرَائِهِ، وَلَوْ قَالَ وَكِيلُ الْخَصْمِ: إنَّ مُوَكِّلَهُ أَقَرَّ بِالْمُدَّعَى بِهِ انْعَزَلَ، وَتَعْدِيلُهُ لِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي غَيْرُ مَقْبُولٍ، وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ مُطْلَقًا،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَمْ يَحْصُلْ، وَعِبَارَةُ حَجّ: إذَا لَمْ يَحْصُلْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي امْتِنَاعُهُ) أَيْ التَّوْكِيلِ (قَوْلُهُ: فِي فَسْخِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنَ لَهُ الْمُخْتَارَةَ لِلْفِرَاقِ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَلَا فِي الِاخْتِيَارِ لِلْفِرَاقِ إذَا عَيَّنَ لِلْمَرْأَةِ مَنْ يَخْتَارُهَا أَوْ يُفَارِقُهَا، فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَمْ يَصِحَّ مِنْ الرَّجُلِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ فِي الْإِبْرَاءِ) هَذَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ كَصُلْحٍ وَإِبْرَاءٍ، وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْ الْفَوْرِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّ قِيَاسَ الطَّلَاقِ) أَيْ فِيمَا لَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك فِي أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَك فَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ ضَمِنَ) أَيْ الْمُوَكِّلُ وَكَذَا الْوَكِيلُ فِي الْمَضْمُونِ لَهُ مُطْلَقًا وَفِي الْأَمَانَةِ إنْ عَلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِلْكَ الدَّافِعِ (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِسَبَبِ التَّوْكِيلِ وَذَلِكَ إذَا سَلَّمَ الْعَيْنَ لِلْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْجُورِيِّ) قَالَ فِي اللُّبِّ: الْجُورِيُّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَالرَّاءُ نِسْبَةٌ إلَى جُورٍ بَلَدِ الْوَرْدِ بِفَارِسٍ وَمَحَلَّةٍ بِنَيْسَابُورَ، وَبِالزَّايِ إلَى جُوزَةٍ قَرْيَةٍ بِالْمَوْصِلِ، ثُمَّ قَالَ: وَبِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَالرَّاءِ إلَى جُورٍ قَرْيَةٍ بِأَصْبَهَانَ (قَوْلُهُ: بِمَنْ يَحْمِلُهَا) أَيْ إذَا كَانَ مُلَاحِظًا لَهُ لِأَنَّ يَدَهُ لَمْ تَزَلْ عَنْهَا

(قَوْلُهُ: وَفِي الدَّعْوَى) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحُهُ: وَخُصُومَةٍ مِنْ دَعْوَى وَجَوَابٍ رَضِيَ الْخَصْمُ أَمْ لَا اهـ. وَفِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ لِوَالِدِ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: قَالَ الْقَاضِي: وَلَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك لِتَكُونَ مُخَاصِمًا عَنِّي لَا يَكُونُ وَكِيلًا فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ: جَعَلْتُك مُخَاصِمًا وَمُحَاكِمًا اهـ (قَوْلُهُ: بِإِقْرَارِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: أَوْ إبْرَائِهِ) وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ: أَقَرَّ بِالْمُدَّعَى بِهِ) أَيْ أَنَّهُ مِلْكٌ لِمَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ (قَوْلُهُ: انْعَزَلَ) أَيْ وَكِيلُ الْخَصْمِ (قَوْلُهُ: وَتَعْدِيلُهُ) أَيْ تَعْدِيلُ وَكِيلِ الْخَصْمِ الَّذِي هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، لَكِنْ يُتَأَمَّلُ وَجْهُ عَدَمِ قَبُولِهِ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تَجُرُّ لِنَفْسِهِ نَفْعًا وَلَا تَدْفَعُ ضَرَرًا.

نَعَمْ هَذَا وَاضِحٌ فِيمَا لَوْ عَدَّلَ وَكِيلُ الْمُدَّعِي فِي الْخُصُومَةِ بَيِّنَتَهُ فَلَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِإِثْبَاتِ مَا وُكِّلَ فِيهِ: ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ تَعْدِيلُهُ إلَخْ لِأَنَّهُ كَالْإِقْرَارِ فِي كَوْنِهِ قَاطِعًا لِلْخُصُومَةِ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ قَطْعُ الْخُصُومَةِ بِالِاخْتِيَارِ، فَلَوْ عَدَّلَ انْعَزَلَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُفْهَمُ مِنْ عَدَمِ قَبُولِ التَّعْدِيلِ عَدَمُ الصِّحَّةِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) أَيْ الْوَكِيلِ

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا)

ــ

[حاشية الرشيدي]

لِابْنِ الرِّفْعَةِ مُتَعَيَّنٌ، وَمَا صَوَّرَ بِهِ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ انْتِفَاءُ حَقِيقَةِ الْوَكَالَةِ كَمَا يُعْلَمُ بِتَأَمُّلِهِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ فِي الْإِبْرَاءِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيَصِحُّ فِي الْإِبْرَاءِ مِنْهُ لَكِنْ فِي أَبْرِئِي نَفْسَك لَا بُدَّ مِنْ الْفَوْرِ تَغْلِيبًا لِلتَّمْلِيكِ.

قِيلَ وَكَذَا فِي وَكَّلْتُك لِتُبْرِئِي نَفْسَك عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، لَكِنْ قِيَاسُ الطَّلَاقِ جَوَازُ التَّرَاخِي، ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ ضَمِنَ بِهِ) أَيْ فِي صُورَةِ الْأَمَانَةِ

ص: 24

وَلَهُ فِيمَا لَمْ يُوَكِّلْ فِيهِ وَفِيمَا وَكَّلَ فِيهِ إنْ انْعَزَلَ قَبْلَ خَوْضِهِ فِي الْخُصُومَةِ، وَيَلْزَمُهُ إقَامَةُ بَيِّنَةٍ بِوَكَالَتِهِ عِنْدَ عَدَمِ تَصْدِيقِ الْخَصْمِ لَهُ وَتُسْمَعُ وَإِنْ لَمْ تَتَقَدَّمْ دَعْوَى حَضَرَ الْخَصْمُ أَوْ غَابَ فَإِنْ صَدَّقَ الْخَصْمُ عَلَيْهَا جَازَ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ التَّسْلِيمِ حَتَّى يُثْبِتَهَا (وَكَذَا فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ كَالْإِحْيَاءِ وَالِاصْطِيَادِ وَالِاحْتِطَابِ فِي الْأَظْهَرِ) كَالشِّرَاءِ لِأَنَّ كُلًّا سَبَبٌ لِلْمِلْكِ فَيَمْلِكُهَا الْمُوَكِّلُ إذَا قَصَدَهُ الْوَكِيلُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ.

وَالثَّانِي الْمَنْعُ قِيَاسًا عَلَى الِاغْتِنَامِ وَلِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ وَهُوَ وَضْعُ الْيَدِ قَدْ وُجِدَ مِنْهُ فَلَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ بِالنِّيَّةِ أَمَّا التَّوْكِيلُ فِي الِالْتِقَاطِ فَلَا كَمَا قَالَاهُ هُنَا، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّوْكِيلِ عَلَى الْعُمُومِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي اللُّقَطَةِ إذْ هُوَ مَفْرُوضٌ فِي مَخْصُوصٍ بَعْدَ وُجُودِهَا فَافْتَرَقَتْ أَحْكَامُ اللُّقَطَةِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ (لَا فِي إقْرَارٍ) كَوَكَّلْتُك لِتُقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِكَذَا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ فَلَمْ يُقْبَلْ التَّوْكِيلُ كَالشَّهَادَةِ نَعَمْ يَكُونُ بِهِ مُقِرًّا لِإِشْعَارِهِ بِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَأْمُرُ غَيْرَهُ بِأَنْ يُخْبِرَ عَنْهُ بِشَيْءٍ إلَّا وَهُوَ ثَابِتٌ.

وَالثَّانِي يَصِحُّ لِأَنَّهُ قَوْلٌ يَلْزَمُ بِهِ الْحَقُّ فَأَشْبَهَ الشِّرَاءَ. نَعَمْ إنْ قَالَ: أُقِرُّ لَهُ عَنِّي بِأَلْفٍ لَهُ عَلَيَّ كَانَ إقْرَارًا جَزْمًا، وَلَوْ قَالَ: أُقِرُّ لَهُ بِأَلْفٍ لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا قَطْعًا (وَيَصِحُّ) التَّوْكِيلُ (فِي اسْتِيفَاءِ عُقُوبَةِ آدَمِيٍّ) وَلَوْ قَبْلَ ثُبُوتِهَا فِيمَا يَظْهَرُ (كَقِصَاصٍ وَحْدِ قَذْفٍ) بَلْ يَتَعَيَّنُ فِي قَطْعِ طَرَفٍ وَحْدِ قَذْفٍ كَمَا يَأْتِي، وَيَصِحُّ فِي اسْتِيفَاءِ عُقُوبَةٍ لَهُ تَعَالَى مِنْ الْإِمَامِ أَوْ السَّيِّدِ لَا فِي إثْبَاتِهَا مُطْلَقًا.

نَعَمْ لِلْقَاذِفِ أَنْ يُوَكِّلَ فِي ثُبُوتِ زِنَا الْمَقْذُوفِ لِيَسْقُطَ الْحَدُّ عَنْهُ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ زَنَى (وَقِيلَ لَا يَجُوزُ) التَّوْكِيلُ فِي اسْتِيفَائِهَا (إلَّا بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ) لِاحْتِمَالِ عَفْوِهِ، وَرُدَّ بِأَنَّ احْتِمَالَهُ كَاحْتِمَالِ رُجُوعِ الشُّهُودِ إذَا ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يَمْتَنِعُ الِاسْتِيفَاءُ فِي غَيْبَتِهِمْ اتِّفَاقًا (وَلْيَكُنْ الْمُؤَكَّلُ فِيهِ مَعْلُومًا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ) لِئَلَّا يَعْظُمَ الْغَرَرُ (وَلَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ وَكَّلَ فِيهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ وَتُقْبَلُ لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذَا قَصَدَهُ) أَيْ الْمُوَكِّلُ وَاسْتَمَرَّ قَصْدُهُ، فَلَوْ عَنَّ لَهُ قَصْدُ نَفْسِهِ بَعْدَ قَصْدِ مُوَكِّلِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَيَمْلِكُ مَا أَحْيَاهُ إلَخْ مِنْ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ) بِأَنْ قَصَدَ نَفْسَهُ أَوْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ لِأَنَّ قَصْدَ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فَيُحْمَلُ عَلَى حَالَةِ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ وَمُوَكِّلَهُ كَانَ مُشْتَرِكًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَدْ يُشْكِلُ هَذَا عَلَى مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْجَمَلَ مِنْ وَاحِدٍ وَالرَّاوِيَةَ مِنْ آخَرَ إلَخْ، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْجَوَابَ عَنْهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقِيلَ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ كَمَا أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْإِبْرَاءِ لَيْسَ إبْرَاءً، وَبِهِ يَتَّضِحُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي كَانَ إقْرَارًا جَزْمًا

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ أُقِرُّ لَهُ بِأَلْفٍ) وَكَذَا لَوْ قَالَ: أُقِرُّ لَهُ عَلَيَّ بِأَلْفٍ فَإِنَّهُ لَغْوٌ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ وحج (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ فِي اسْتِيفَاءِ عُقُوبَةٍ لَهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبْلَ ثُبُوتِهَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَا فِي إثْبَاتِهَا مُطْلَقًا) قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي خَبَرِ «اُغْدُ يَا أُنَيْسُ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» فَإِنَّ قَوْلَهُ فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا تَوْكِيلٌ مِنْ الْإِمَامِ فِي إثْبَاتِ الرَّجْمِ وَفِي اسْتِيفَائِهِ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ فَإِنْ دَامَتْ عَلَى الِاعْتِرَافِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ اعْتَرَفَتْ لَهُ صلى الله عليه وسلم أَوْ بَلَغَهُ اعْتِرَافُهَا بِطَرِيقٍ مُعْتَبَرٍ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِيَسْقُطَ الْحَدُّ عَنْهُ) أَيْ الْقَاذِفِ (قَوْلُهُ: فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ) أَيْ الْوَكِيلِ

(قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ الْمَقْذُوفِ (قَوْلُهُ: فِي اسْتِيفَائِهَا) أَيْ الْعُقُوبَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الشَّارِحِ اسْتِيفَائِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: إذَا ثَبَتَتْ) أَيْ الْعُقُوبَةُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: كَانَ إقْرَارًا جَزْمًا) أَشْعَرَ بِأَنَّ مَا صَوَّرَ بِهِ الْمَتْنُ فِيهِ خِلَافٌ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: مِنْ الْإِمَامِ أَوْ السَّيِّدِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: لَكِنْ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ السَّيِّدِ وَهِيَ الَّتِي يَتَّضِحُ عَلَيْهَا مَعْنَى قَوْلِهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: فَلَا يَمْتَنِعُ الِاسْتِيفَاءُ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَعَ الِاسْتِيفَاءِ فِي غَيْبَتِهِمْ إلَخْ

ص: 25

يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ) وَلَا ذِكْرُ أَوْصَافِ الْمُسَلَّمِ فِيهَا لِأَنَّهَا جُوِّزَتْ لِلْحَاجَةِ فَسُومِحَ فِيهَا (فَلَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ) لِي (أَوْ فِي كُلِّ أُمُورِي) أَوْ حُقُوقِي (أَوْ فَوَّضْت إلَيْك كُلَّ شَيْءٍ) لِي أَوْ كُلَّ مَا شِئْت مِنْ مَالِي (لَمْ يَصِحَّ) لِمَا فِيهِ مِنْ عَظِيمِ الْغَرَرِ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ مَا لَا يَسْمَحُ الْمُوَكِّلُ بِبَعْضِهِ كَعِتْقِ أَرِقَّائِهِ وَطَلَاقِ زَوْجَاتِهِ وَالتَّصَدُّقِ بِأَمْوَالِهِ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ بُطْلَانُ هَذَا وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لِمُعَيَّنٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ فِي شَيْءٍ مِنْ التَّابِعِ لِأَنَّ عِظَمَ الْغَرَرِ فِيهِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ فِي الْبُطْلَانِ لَا يَنْدَفِعُ بِذَلِكَ، وَفَارَقَ مَا مَرَّ عَنْ أَبِي حَامِدٍ بِأَنَّ ذَاكَ فِي جُزْئِيٍّ خَاصٍّ مُعَيَّنٍ فَسَاغَ كَوْنُهُ تَابِعًا لِقِلَّةِ الْغَرَرِ فِيهِ بِخِلَافِ هَذَا وَبِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي وَكَّلْتُك فِي كَذَا وَكُلِّ مُسْلِمٍ، إذْ الْوَكِيلُ الْمَتْبُوعُ مُعَيَّنٌ وَالتَّابِعُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ مُعَيَّنًا وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِثْلَ ذَلِكَ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ كَثْرَةِ الْغَرَرِ فِي التَّابِعِ فِيهَا (وَإِنْ) (قَالَ) : وَكَّلْتُك (فِي بَيْعِ أَمْوَالِي وَعِتْقِ أَرِقَّائِي) وَوَفَاءِ دُيُونِي وَاسْتِيفَائِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ (صَحَّ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا ذَكَرَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمَا لِقِلَّةِ الْغَرَرِ فِيهِ وَلَوْ قَالَ فِي بَعْضِ أَمْوَالِي أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ كَبِعْ هَذَا أَوْ هَذَا بِخِلَافِ أَحَدِ عَبِيدِي لِتَنَاوُلِهِ كُلًّا مِنْهُمْ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ الْبَدَلِيِّ فَلَا إبْهَامَ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ، أَوْ أَبْرِئْ فُلَانًا عَنْ شَيْءٍ مِنْ دَيْنِي وَصَحَّ وَحُمِلَ عَلَى أَدْنَى شَيْءٍ إذْ الْإِبْرَاءُ عَقْدُ غَبْنٍ فَتُوُسِّعَ فِيهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، أَوْ عَمَّا شِئْت مِنْ دَيْنِي فَلْيُبْقِ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ عَنْ جَمِيعِهِ صَحَّ إبْرَاؤُهُ عَنْ بَعْضِهِ، بِخِلَافِ بَيْعِهِ لِبَعْضِ مَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ بِأَنْقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْجَمِيعِ لِتَضَمُّنِ التَّشْقِيصِ فِيهِ الْغَرَرَ إذْ لَا يُرْغَبُ عَادَةً فِي شِرَاءِ الْبَعْضِ، وَلَوْ بَاعَهُ بِأَنْقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْجَمِيعِ بِقَدْرٍ يَقْطَعُ عَادَةً بِأَنَّهُ يَرْغَبُ فِي الْبَاقِي بِهِ لَمْ يَبْعُدْ صِحَّتُهُ (وَإِنْ)(وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ) مَثَلًا لِلْقِنْيَةِ (وَجَبَ بَيَانُ نَوْعِهِ) كَتُرْكِيٍّ وَهِنْدِيٍّ أَوْ نَحْوِهِمَا، وَلَا يُغْنِي ذِكْرُ الْجِنْسِ كَعَبْدٍ وَلَا الْوَصْفِ كَأَبْيَضَ.

وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا بَيَانُ صِنْفِهِ إنْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا وَصِفَةٍ اخْتَلَفَ بِهَا الْغَرَضُ. نَعَمْ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ أَوْصَافِ السَّلَمِ وَلَا مَا يَقْرَبُ مِنْهَا، أَمَّا إذَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ فَلَا يَجِبُ فِيهِ ذِكْرُ نَوْعٍ وَلَا غَيْرِهِ، بَلْ يَكْفِي اشْتَرِ مَا شِئْت مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ مَا فِيهِ حَظٌّ كَالْقِرَاضِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ وَأَقَرَّهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ صَحَّ وَعَتَقَ عَلَيْهِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: أَوْ حُقُوقِي) لَا يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِحُقُوقِهِ دَخَلَ مَا يَتَجَدَّدُ إلَخْ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ الْوَكَالَةِ فِي ذَلِكَ لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ عَظِيمِ الْغَرَرِ.

وَأَمَّا مَا مَرَّ فَلِتَعَلُّقِهِ بِخُصُوصِ الْمُطَالَبَةِ يَقِلُّ الْغَرَرُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا مَرَّ عَنْ أَبِي حَامِدٍ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ الْمَعْدُومَ تَبَعًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ مَا مَرَّ) أَيْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ ذَلِكَ) مِنْ النَّحْوِ اقْتِرَاضٌ أَوْ شِرَاءٌ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْوَكِيلُ فِي مَالِهِ تَعَلَّقَ بِمَا وُكِّلَ فِيهِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ شَخْصًا يُوَكِّلُ آخَرَ فِي التَّصَرُّفِ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الرِّيفِ بِالزَّرْعِ وَالزِّرَاعَةِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ أَحَدِ عَبِيدِي) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ قَالَ: وَكَّلْت أَحَدَكُمَا أَوْ وَكَّلْتُك فِي تَطْلِيقِ إحْدَى نِسَائِي كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ) أَيْ أَوْ قَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَحُمِلَ عَلَى أَدْنَى شَيْءٍ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُتَمَوَّلًا أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ، إذْ الْعُقُودُ لَا تُرَدُّ عَلَى غَيْرِ مُتَمَوَّلٍ

(قَوْلُهُ: عَمَّا شِئْت مِنْ دَيْنِي) بَقِيَ مَا لَوْ حَذَفَ مِنْ دَيْنِي. وَفِي حَوَاشِي الرَّوْضِ: وَلَوْ حَذَفَ مِنْهُ، وَقَالَ أَبْرِئْهُ عَمَّا شِئْت أَبْقَى شَيْئًا احْتِيَاطًا لِلْمُوَكِّلِ إذْ الْمَعْنَى عَلَى أَنَّهُ مِنْهُ

(قَوْلُهُ: صَحَّ إبْرَاؤُهُ) أَيْ كَمَا يَصِحُّ عَنْ مُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ بَيْعِهِ لِبَعْضِ) أَيْ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: صَحَّ وَعَتَقَ) أَيْ مَا لَمْ يَبِنْ مَعِيبًا كَمَا يَأْتِي لَهُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلِكُلٍّ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ الرَّدُّ، وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى لَهُ زَوْجَتَهُ أَوْ لَهَا زَوْجَهَا صَحَّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 26

بِخِلَافِ الْقِرَاضِ لِمُنَافَاتِهِ مَوْضُوعَهُ مِنْ طَلَبِ الرِّبْحِ، وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ اشْتَرَطَ تَعْيِينَهَا وَلَا يُكْتَفَى بِكَوْنِهَا مُكَافِئَةً لَهُ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ مَعَ وُجُودِ وَصْفِ الْمُكَافَأَةِ كَثِيرًا فَانْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ هُنَا نَعَمْ إنْ أَتَى لَهُ بِلَفْظٍ عَامٍّ كَزَوِّجْنِي مَنْ شِئْت صَحَّ لِلْعُمُومِ وَجَعْلِ الْأَمْرِ رَاجِعًا إلَى رَأْيِ الْوَكِيلِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ، وَدَلَالَةُ الْعَامِّ عَلَى أَفْرَادِهِ ظَاهِرَةٌ، وَأَمَّا الْمُطْلَقُ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى فَرْدٍ فَلَا تَنَاقُضَ (أَوْ) فِي شِرَاءِ (دَارٍ) لِلْقِنْيَةِ أَيْضًا (وَجَبَ بَيَانُ الْمَحِلِّ) أَيْ الْحَارَّةِ، وَمِنْ لَازِمِهَا بَيَانُ الْبَلَدِ فَلِذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ (وَالسِّكَّةِ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَهِيَ الزُّقَاقُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَيْهِ وَعَلَى مِثْلِهِ الْحَارَّةُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ، وَقَدْ يُغْنِي تَعْيِينُ السِّكَّةِ عَنْ الْحَارَّةِ (لَا قَدْرِ الثَّمَنِ) فِي الْعَبْدِ وَالدَّارِ مَثَلًا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ غَرَضَهُ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِوَاحِدٍ مِنْ النَّوْعِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِخَسَّةٍ وَنَفَاسَةٍ. نَعَمْ يُرَاعَى حَالُ الْمُوَكِّلِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ.

وَالثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِهِ كَمِائَةٍ أَوْ بَيَانِ غَايَةٍ كَمِائَةٍ إلَى أَلْفٍ لِتَفَاوُتِ أَثْمَانِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ إذْ الْمَحَلَّةُ تَجْمَعُ دَارَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الصِّيغَةُ فَقَالَ: (وَيُشْتَرَطُ مِنْ الْمُوَكِّلِ) أَوْ نَائِبِهِ (لَفْظٌ) صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ كَكِتَابَةِ أَوْ إشَارَةِ أَخْرَسَ مُفْهِمَةٍ لَا لِكُلِّ أَحَدٍ (يَقْتَضِي رِضَاهُ كَوَكَّلْتُك فِي كَذَا أَوْ فَوَّضْته إلَيْك) أَوْ أَنَبْتُك فِيهِ أَوْ أَقَمْتُك مَقَامِي فِيهِ (أَوْ أَنْتَ وَكِيلِي فِيهِ) كَبَقِيَّةِ الْعُقُودِ، إذْ الشَّخْصُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ غَيْرِهِ إلَّا بِرِضَاهُ، وَخَرَجَ بِكَافِ الْخِطَابِ وَمِثْلِهَا وَكَّلْت فُلَانًا مَا لَوْ قَالَ: وَكَّلْت مَنْ أَرَادَ بَيْعَ دَارِي مَثَلًا فَلَا يَصِحُّ، وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ أَحَدٍ بِهَذَا الْإِذْنِ لِفَسَادِهِ.

نَعَمْ لَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِ الْوَكِيلِ فِيهِ غَرَضٌ كَوَكَّلْت مَنْ أَرَادَ فِي إعْتَاقِ عَبْدِي هَذَا أَوْ تَزْوِيجِ أَمَتِي هَذِهِ صَحَّ عَلَى مَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ وَأَخَذَ مِنْهُ صِحَّةَ قَوْلِ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا: أَذِنْتُ لِكُلِّ عَاقِدٍ فِي الْبَلَدِ أَنْ يُزَوِّجَنِي.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا إنْ صَحَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْقِرَاضِ) فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِأَنَّ صِحَّتَهُ تَسْتَدْعِي دُخُولَهُ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ مُقْتَضٍ لِلْعِتْقِ كَمَا يَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ إلَخْ) وَلَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا: زَوِّجْنِي مِنْ رَجُلٍ فَقِيَاسُ ذَلِكَ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا وَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا مِنْ كُفْءٍ وَإِنْ قَالَتْ لَهُ: زَوِّجْنِي مِمَّنْ شِئْت زَوَّجَهَا وَلَوْ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ (قَوْلُهُ: فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى فَرْدٍ) أَيْ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ بَيَانُ الْمَحَلَّةِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ لَازِمِهَا بَيَانُ الْبَلَدِ) أَيْ غَالِبًا اهـ حَجّ

(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ مِنْ الْمُوَكِّلِ لَفْظٌ) .

[فَرْعٌ] لَوْ قَالَ وَكَّلْتُك فِي أُمُورِ زَوْجَتِي هَلْ يَسْتَفِيدُ طَلَاقَهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُتَّجَهُ لَا حَيْثُ لَا قَرِينَةَ احْتِيَاطًا م ر اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَا لِكُلِّ أَحَدٍ) أَيْ فَإِنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ كَانَتْ صَرِيحَةً (قَوْلُهُ: فِي إعْتَاقِ عَبْدِي) قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ: وَكَّلْت مَنْ أَرَادَ فِي وَقْفِ دَارِي هَذِهِ مَثَلًا اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ عُيِّنَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، وَشُرُوطُ الْوَقْفِ الَّتِي أَرَادَهَا كَمَا لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ وَكَّلْت كُلَّ عَاقِدٍ فِي تَزْوِيجِي حَيْثُ اُشْتُرِطَ لِصِحَّتِهِ تَعْيِينُ الزَّوْجِ وَيَحْتَمِلُ الْأَخْذُ بِظَاهِرِهِ فَيَصِحُّ مُطْلَقًا، وَيُعْتَبَرُ تَعْيِينُ مَا يُصَحِّحُ الْوَقْفَ مِنْ الْوَكِيلِ وَكَأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَرَادَ تَحْصِيلَ وَقْفٍ صَحِيحٍ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ

(قَوْلُهُ: أَوْ تَزْوِيجِ أَمَتَى هَذِهِ صَحَّ) عَدَمُ تَعَلُّقِ الْغَرَضِ فِي هَذِهِ ظَاهِرٌ إنْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجُ كَمَا يَأْتِي عَنْ الْأَذْرَعِيِّ فِي الْحُرَّةِ (قَوْلُهُ: وَأُخِذَ مِنْهُ صِحَّةُ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَاعْتُمِدَ عَدَمُ الصِّحَّةِ إلَّا تَبَعًا لِغَيْرِهِ، فَلَا يَصِحُّ إذْنُ الْمَرْأَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ اهـ (قَوْلُهُ: لِكُلِّ عَاقِدٍ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: مُفْهِمَةٍ لَا لِكُلِّ أَحَدٍ) أَيْ حَتَّى يَكُونَ كِنَايَةً وَكَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنْ يَذْكُرَ الْمُفْهِمَةَ لِكُلِّ أَحَدٍ فِي الصَّرِيحِ، وَالشِّهَابُ حَجّ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ لِكُلِّ أَحَدٍ لِأَنَّ الْكَافَ فِي قَوْلِهِ كَكِتَابَةٍ لِلتَّنْظِيرِ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ أَنَّ هُنَاكَ لَفْظًا فَكَأَنَّهُ قَالَ وَمَسْأَلَةُ الْكِتَابَةِ وَالْإِشَارَةِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَعْلُومِ فِيهَا.

(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِكَافِ الْخِطَابِ) لَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ كَافٍ لِيَشْمَلَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَمْثِلَةِ لَكَانَ وَاضِحًا (قَوْلُهُ: وَهَذَا إنْ صَحَّ) يَعْنِي مَا ذُكِرَ مِنْ تَزْوِيجِ الْأَمَةِ، وَعِبَارَتُهُ فِي قُوَّتِهِ نَصُّهَا: وَمَا ذَكَرَهُ يَعْنِي السُّبْكِيَّ فِي تَزْوِيجِ الْأَمَةِ إنْ صَحَّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيمَا إذَا عَيَّنَ الزَّوْجُ وَلَمْ يُفَوِّضْ إلَّا

ص: 27

فَمَحِلُّهُ عِنْدَ تَعْيِينِهَا الزَّوْجَ وَلَمْ تُفَوِّضْ سِوَى صِيغَةِ الْعَقْدِ خَاصَّةً وَبِذَلِكَ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ التَّعْمِيمُ فِي التَّوْكِيلِ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْوَكِيلِ غَرَضٌ وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ. نَعَمْ كِتَابَةُ الشُّهُودِ وَوَكَّلَا فِي ثُبُوتِ ذَلِكَ وَطَلَبِ الْحُكْمِ بِهِ لَاغِيَةٌ إذْ ذَلِكَ لَيْسَ تَوْكِيلًا لِمُعَيَّنٍ وَلَا مُبْهَمٍ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكْتُبُوا وَكَّلَا فِي ثُبُوتِهِ وُكَلَاءَ الْقَاضِي أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَلَوْ قَالُوا فُلَانًا وَكُلَّ مُسْلِمٍ جَازَ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ قَالَ: بِعْ أَوْ أَعْتِقْ حَصَلَ الْإِذْنُ) فَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَ الْإِيجَابِ وَأَبْلَغُ مِنْهُ (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي وَكَالَةٍ بِغَيْرِ جَعْلِ (الْقَبُولُ لَفْظًا) بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَرُدَّ وَإِنْ أَكْرَهَهُ الْمُوَكِّلُ، وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا فَوْرٌ وَلَا مَجْلِسٌ إذْ التَّوْكِيلُ رَفْعُ حَجْرٍ كَإِبَاحَةِ الطَّعَامِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَصَرَّفَ غَيْرُ عَالِمٍ بِالْوَكَالَةِ صَحَّ كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا، وَسَيَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ الِاكْتِفَاءُ بِلَفْظٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَقَبُولٍ مِنْ الْآخَرِ، وَقِيَاسُهُ جَرَيَانُ ذَلِكَ هُنَا لِأَنَّهَا تَوْكِيلٌ وَتَوَكُّلٌ، وَقَدْ يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ هُنَا لَفْظًا كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَيْنٌ مُؤَجَّرَةٌ أَوْ مُعَارَةٌ أَوْ مَغْصُوبَةٌ فَوَهَبَهَا لِآخَرَ وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهَا فَوَكَّلَ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ فِي قَبْضِهَا لَهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولٍ لَفْظًا لِتَزُولَ يَدُهُ عَنْهَا بِهِ.

أَمَّا لَوْ كَانَتْ بِجَعْلٍ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ لَفْظًا كَمَا فِي الْمَطْلَبِ، وَيَنْبَغِي تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا كَانَ الْعَمَلُ الْمُوَكَّلُ فِيهِ مَضْبُوطًا لِتَكُونَ الْوَكَالَةُ حِينَئِذٍ إجَارَةً (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ) مُطْلَقًا لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ لِلتَّصَرُّفِ (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ فِي صِيَغِ الْعُقُودِ كَوَكَّلْتُك) قِيَاسًا عَلَيْهَا (دُونَ صِيَغِ الْأَمْرِ كَبِعْ أَوْ أَعْتِقْ) لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ) مِنْ صِفَةٍ أَوْ وَقْتٍ (فِي الْأَصَحِّ) كَسَائِرِ الْعُقُودِ سِوَى الْوَصِيَّةِ لِقَبُولِهَا الْجَهَالَةَ وَالْأَمَارَةَ لِلْحَاجَةِ.

وَالثَّانِي تَصِحُّ كَالْوَصِيَّةِ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْعَقْدِ مِنْ الْقُضَاةِ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ التَّعْمِيمُ فِي التَّوْكِيلِ) قَالَ حَجّ فِي الدَّعْوَى اهـ

(قَوْلُهُ: وَوَكَّلَا) أَيْ الزَّوْجَةُ وَالْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: وَوَكَّلَا) أَيْ الْمُدَّعِيَانِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالُوا) أَيْ فِي كِتَابَتِهِمْ أَوْ عِنْدَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا فَوْرٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ لَوْ وَكَّلَهُ فِي إبْرَاءِ نَفْسِهِ أَوْ عَرَضَهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ عِنْدَ ثُبُوتِهَا عِنْدَهُ اُعْتُبِرَ الْقَبُولُ بِالِامْتِثَالِ فَوْرًا، ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهَذَانِ لَا يُسْتَثْنَيَانِ فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ لَا تَوْكِيلٌ كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ.

وَالثَّانِي إنَّمَا اُعْتُبِرَ فِيهِ الْفَوْرُ لِإِلْزَامِ الْحَاكِمِ إبْقَاءَ حَقِّ الْغَرِيمِ لَا لِلْوَكَالَةِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ. فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا فِيهِ غَرِيمٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَبُولُ) أَيْ قَبُولُ مَا خُوطِبَ بِهِ مِنْ أَخْذِ الْوَدِيعَةِ أَوْ دَفْعِهَا (قَوْلُهُ: وَأَذِنَ) أَيْ الْوَاهِبُ (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: فَوَكَّلَ) أَيْ الْآخَرُ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ) أَيْ مِمَّنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَتْ بِجُعْلٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ التَّوْكِيلِ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَفِي حَجّ أَمَّا الَّتِي بِجُعْلٍ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْقَبُولِ لَفْظًا إنْ كَانَ الْإِيجَابُ بِصِيغَةِ الْعَقْدِ لَا الْأَمْرِ اهـ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ لَفْظًا) أَيْ وَفَوْرًا أَيْضًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لِتَكُونَ الْوَكَالَةُ حِينَئِذٍ إجَارَةً (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُشْتَرَطُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ صِيَغُ الْعُقُودِ وَغَيْرُهَا (قَوْلُهُ: سِوَى الْوَصِيَّةِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ أَوْصَيْت لَهُ بِكَذَا، وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ سم أَنَّ مَحِلَّ الصِّحَّةِ فِي تَعْلِيقِ الْإِيصَاءِ كَمَا لَوْ قَالَ: إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَفُلَانٌ وَصِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَالْأَمَارَةُ) فِي فَتَاوَى الْبُلْقِينِيِّ فِي بَابِ الْوَقْفِ مَسْأَلَةٌ هَلْ يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْوِلَايَةِ؟ الْجَوَابُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْوِلَايَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

صِيغَةَ الْعَقْدِ، ثُمَّ قَالَ: وَسُئِلَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَمَّنْ أَذِنَتْ أَنْ يُزَوِّجَهَا الْعَاقِدُ فِي الْبَلَدِ مِنْ زَوْجٍ مُعَيَّنٍ بِكَذَا فَهَلْ لِكُلِّ أَحَدٍ عَاقِدٍ بِالْبَلَدِ تَزْوِيجُهَا؟ فَأَجَابَ إنْ اقْتَرَنَ بِإِذْنِهَا قَرِينَةٌ تَقْتَضِي التَّعْيِينَ فَلَا شَكَّ إنْ سَبَقَ إذْنَهَا قَرِيبًا ذِكْرُ عَاقِدٍ مُعَيَّنٍ أَوْ كَانَتْ تَعْتَقِدُ أَنْ لَيْسَ بِالْبَلَدِ غَيْرُ وَاحِدٍ، فَإِنَّ إذْنَهَا حِينَئِذٍ يَخْتَصُّ وَلَا يَعُمُّ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَذِكْرُهَا الْعَاقِدَ مَحْمُولٌ عَلَى مُسَمَّى الْعَاقِدِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَحِينَئِذٍ لِكُلِّ عَاقِدٍ بِالْبَلَدِ تَزْوِيجُهَا هَذَا مُقْتَضَى الْفِقْهِ فِي هَذَا اهـ.

وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ كَالشِّهَابِ حَجّ (قَوْلُهُ: تَعْيِينُهَا) صَوَابُهُ تَعْيِينُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَقَبُولٍ مِنْ الْآخَرِ) أَيْ وَلَوْ الْمُوَكِّلُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِمَا مَرَّ) أَيْ بِقَبُولِ الْوَصِيَّةِ الْجَهَالَةَ أَيْ بِمَا لَا تَقْبَلُهُ الْوَكَالَةُ

ص: 28

لِوُجُودِ الْإِذْنِ، وَيَنْفُذُ أَيْضًا تَصَرُّفٌ صَادَفَ الْإِذْنَ حَيْثُ فَسَدَتْ الْوَكَالَةُ مَا لَمْ يَكُنْ الْإِذْنُ فَاسِدًا كَمَا لَوْ قَالَ: وَكَّلْت مَنْ أَرَادَ بَيْعَ دَارِي فَلَا يَنْفُذُ التَّصَرُّفُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْإِقْدَامُ عَلَى التَّصَرُّفِ بِالْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ جَائِزٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، إذْ لَيْسَ مِنْ تَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا قُدِّمَ عَلَى عَقْدٍ صَحِيحٍ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ (فَإِنْ نَجَّزَهَا وَشَرَطَ لِلتَّصَرُّفِ شَرْطًا جَازَ) اتِّفَاقًا كَوَكَّلْتُك الْآنَ بِبَيْعِ هَذَا وَلَكِنْ لَا تَبِعْهُ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ، وَيَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِلَا تَبِعْهُ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِآخَرَ قَبْلَ رَمَضَانَ: وَكَّلْتُك فِي إخْرَاجِ فِطْرَتِي وَأَخْرَجَهَا فِي رَمَضَانَ صَحَّ لِتَنْجِيزِهِ الْوَكَالَةَ، وَإِنَّمَا قَيَّدَهَا بِمَا قَيَّدَهَا بِهِ الشَّارِعُ، بِخِلَافِ إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَأَخْرِجْ فِطْرَتِي لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ الْجَوَازَ وَمَنْ أَطْلَقَ الْمَنْعَ اهـ.

وَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ عَدَمُ الصِّحَّةِ، إذْ كُلٌّ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ حَالَ التَّوْكِيلِ، وَظَاهِرُ صِحَّةِ إخْرَاجِهَا عَنْهُ فِيهِ حَتَّى عَلَى الثَّانِي لِعُمُومِ الْإِذْنِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ، وَيَصِحُّ تَوْقِيتُ الْوَكَالَةِ كَوَكَّلْتُك شَهْرًا، فَإِذَا مَضَى الشَّهْرُ امْتَنَعَ عَلَى الْوَكِيلِ التَّصَرُّفُ (وَلَوْ)(قَالَ وَكَّلْتُك) فِي كَذَا (وَمَتَى) أَوْ مَهْمَا أَوْ إذَا (عَزَلْتُك فَأَنْت وَكِيلِي)(صَحَّتْ) الْوَكَالَةُ (فِي الْحَالِّ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ نَجَّزَهَا.

وَالثَّانِي لَا تَصِحُّ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى شَرْطِ التَّأْبِيدِ وَهُوَ إلْزَامُ الْعَقْدِ الْجَائِزِ، وَرُدَّ بِمَنْعِ التَّأْبِيدِ بِمَا ذُكِرَ لِمَا يَأْتِي. وَلِلْخِلَافِ شُرُوطٌ هُنَا لَا حَاجَةَ لِلْإِطَالَةِ بِذِكْرِهَا، فَمَتَى انْتَفَى وَاحِدٌ مِنْهَا صَحَّتْ قَطْعًا (وَفِي عَوْدِهِ وَكِيلًا بَعْدَ الْعَزْلِ الْوَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِهَا) لِأَنَّهُ عَلَّقَهَا ثَانِيًا بِالْعَزْلِ، وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْعَوْدِ لِفَسَادِ التَّعْلِيقِ، وَالثَّانِي تَعُودُ مَرَّةً وَاحِدَةً، نَعَمْ يَعُودُ الْإِذْنُ الْعَامُّ عَلَى الْأَوَّلِ الرَّاجِحِ فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ، فَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ: عَزَلْتُك وَمَتَى أَوْ مَهْمَا عُدْت وَكِيلِي فَأَنْتَ مَعْزُولٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَا مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَتَى بِكُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي عَادَ مُطْلَقًا لِاقْتِضَائِهَا التَّكْرَارَ، فَطَرِيقُهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَعْزِلُهُ، أَوْ يَقُولَ: وَكُلَّمَا وَكَّلْتُك فَأَنْتَ مَعْزُولٌ، فَإِنْ قَالَ: وَكُلَّمَا انْعَزَلْت فَطَرِيقُهُ وَكُلَّمَا عُدْت وَكِيلِي لِتَقَاوُمِ التَّوْكِيلَ وَالْعَزْلَ وَاعْتِضَادِهِ بِالْأَصْلِ وَهُوَ الْحَجْرُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ فَقُدِّمَ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّعْلِيقِ قَبْلَ الْمِلْكِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ لِأَنَّهُ مَلَكَ أَصْلَ التَّعْلِيقَيْنِ (وَيَجْرِيَانِ فِي تَعْلِيقِ الْعَزْلِ) بِنَحْوِ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَالْأَصَحُّ عَدَمُ صِحَّتِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إلَّا فِي مَحَلِّ الضَّرُورَةِ كَالْإِمَارَةِ وَالْإِيصَاءِ اهـ. وَمِنْهُ تَسْتَفِيدُ أَنَّ مَا يَحْصُلُ فِي مَوَاضِعِ الْإِحْبَاسِ مِنْ جَعْلِ النَّظَرِ لَهُ وَلِأَوْلَادِهِ بَعْدَهُ لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْأَوْلَادِ بِرٌّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ

(قَوْلُهُ: وَالْإِقْدَامُ) أَيْ بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِلَا تَبِعْهُ) قَضِيَّتُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْهُ وَكَّلْتُك وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَكَّلْتُك وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْآنَ، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ جَزَمَ فِي تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِهَذَا الِاحْتِمَالِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الصِّحَّةِ) أَيْ لِلْوَكَالَةِ فِي الشِّقَّيْنِ وَهُمَا مَا لَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك فِي إخْرَاجِ فِطْرَتِي إلَخْ وَمَا لَوْ قَالَ: إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَأَخْرِجْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إخْرَاجِهَا) أَيْ الْفِطْرَةِ (قَوْلُهُ: فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ) أَيْ إذَا أَرَادَ مَنْعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِالْإِذْنِ الْعَامِّ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ: عَزَلْتُك) عَزَلْتُك اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ وَكُلَّمَا عُدْت إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَلَكَ أَصْلَ التَّعْلِيقَيْنِ) أَيْ تَعْلِيقِ الْعَزْلِ وَتَعْلِيقِ الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ عَدَمُ صِحَّتِهِ) أَيْ فَلَا يَنْعَزِلُ بِطُلُوعِهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِلَا تَبِعْهُ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِذَلِكَ عَنْ أَصْلِ التَّوْكِيلِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ ذِكْرَ الْآنَ غَيْرُ قَيْدٍ كَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ فَقَصُرَتْ عَنْهُ عِبَارَةُ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا مُرَادُهُ مَا رَتَّبَهُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ فَإِنَّ الشِّهَابَ حَجّ رَتَّبَهُ عَلَيْهِ

ص: 29

فَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِوُجُودِ الْمَنْعِ كَمَا أَنَّ التَّصَرُّفَ يَنْفُذُ فِي الْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ بِالتَّعْلِيقِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ، وَقِيلَ لَا يَنْعَزِلُ بِطُلُوعِهَا، وَحِينَئِذٍ فَيَنْفُذُ التَّصَرُّفُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَمَا أَطَالَ بِهِ جَمْعٌ فِي اسْتِشْكَالِهِ بِأَنَّهُ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ مَعَ مَنْعِ الْمَالِكِ مِنْهُ.

أُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْعَزْلِ نُفُوذُ التَّصَرُّفِ وَلَا رَفْعُ الْوَكَالَةِ بَلْ قَدْ يَبْقَى وَلَا يَنْفُذُ كَمَا لَوْ نَجَّزَهَا، وَشَرَطَ لِلتَّصَرُّفِ شَرْطًا وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ بِقَضِيَّةِ ذَلِكَ حَيْثُ جَزَمَ بِعَدَمِ نُفُوذِ التَّصَرُّفِ يُمْكِنُ رَدُّهُ بِمَنْعِ ذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ الصِّيغَةُ مُخْتَلَّةً مِنْ أَصْلِهَا فَلَا يَسْتَفِيدُ بِهَا شَيْئًا، وَهَذَا الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ) أَيْ وَمَعَ عَدَمِ الْعَزْلِ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَنْعَزِلُ) هَذَا عَيْنُ الْأَصَحِّ السَّابِقِ فَكَانَ الْأَظْهَرَ، وَقِيلَ يَنْعَزِلُ، وَلَا يَتَأَتَّى حِينَئِذٍ مَا فَرَّعَهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَنْفُذُ التَّصَرُّفُ إلَخْ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَنْعَزِلُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ انْعِزَالِهِ مِنْ الْوَكَالَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا.

وَقَدْ يُقَالُ: الْمَقْصُودُ مِنْ حِكَايَةِ الْقِيلِ صِحَّةُ التَّصَرُّفِ لِعَدَمِ الْعَزْلِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَالْأَصَحُّ عَدَمُ صِحَّتِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَنْفُذُ التَّصَرُّفُ لِوُجُودِ الْمَنْعِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْعَزْلِ جَوَازُ التَّصَرُّفِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ فَسَادِ الْوَكَالَةِ فَسَادُ التَّصَرُّفِ، وَقِيلَ حَيْثُ قُلْنَا: لَا يَنْعَزِلُ صَحَّ تَصَرُّفُهُ، فَيَصِيرُ حَاصِلُ الْخِلَافِ أَنَّهُ إذَا عُلِّقَ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ لَا يَنْعَزِلُ بِطُلُوعِهَا لِفَسَادِ التَّعْلِيقِ، وَفِي صِحَّةِ التَّصَرُّفِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ) وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ صِحَّتِهِ فَيُمْنَعُ إلَخْ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ) الْمُنَاسِبُ لَكِنْ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ التَّصَرُّفِ لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى عَدَمِ الْعَزْلِ وَإِنَّمَا يَتَفَرَّعُ عَلَى الْعَزْلِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَنْعَزِلُ) لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُقَابِلًا لِمَا اخْتَارَهُ إذْ هُوَ عَيْنُهُ، وَإِنَّمَا مَحَطُّ الْمُخَالَفَةِ نُفُوذُ التَّصَرُّفِ وَعَدَمُهُ، فَالشَّارِحُ مُوَافِقٌ لِهَذَا الْقِيلِ فِي عَدَمِ نُفُوذِ الْعَزْلِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، فَكَانَ الْمُنَاسِبُ خِلَافَ هَذَا السِّيَاقِ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ كَانَ أَوَّلًا تَبِعَ الْعَلَّامَةَ حَجّ فِي هَذَا الْقِيلِ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ بَعْدَ أَنْ سَطَّرَ الْعِبَارَةَ فَزَادَ قَوْلَهُ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ صِحَّتِهِ إلَخْ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى مَا كَانَ سَطَّرَهُ مِنْ الْعِبَارَةِ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ فَحَصَلَ مَا تَرَاهُ (قَوْلُهُ: وَمَا أَطَالَ بِهِ جَمْعٌ إلَى قَوْلِهِ فَلَا يَسْتَفِيدُ بِهَا شَيْئًا) مِنْ كَلَامِ الْقِيلِ وَقَائِلُهُ الشِّهَابُ حَجّ لَكِنْ لَا بِهَذَا اللَّفْظِ وَعِبَارَتِهِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ صِحَّتِهِ فَلَا يَنْعَزِلُ بِطُلُوعِهَا وَحِينَئِذٍ فَيَنْفُذُ التَّصَرُّفُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، لَكِنْ أَطَالَ جَمْعٌ فِي اسْتِشْكَالِهِ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَنْفُذُ مَعَ مَنْعِ الْمَالِكِ مِنْهُ وَتَخَلَّصَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْعَزْلِ نُفُوذُ التَّصَرُّفِ وَلَا رَفْعُ الْوَكَالَةِ بَلْ قَدْ تَبْقَى وَلَا يَنْفُذُ كَمَا لَوْ نَجَّزَهَا وَشَرَطَ لِلتَّصَرُّفِ شَرْطًا، وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ بِقَضِيَّةِ ذَلِكَ فَجَزَمَ بِعَدَمِ نُفُوذِ التَّصَرُّفِ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمَنْعَ مُفِيدٌ إلَّا لَوْ صَحَّتْ الصِّيغَةُ الدَّالَّةُ عَلَيْهِ، وَنَحْنُ قَدْ قَرَّرْنَا بُطْلَانَ هَذِهِ الْمُعَلَّقَةِ فَعَمِلْنَا بِأَصْلِ بَقَاءِ الْوَكَالَةِ إذْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ رَافِعٌ صَحِيحٌ، وَحِينَئِذٍ اتَّضَحَ نُفُوذُ التَّصَرُّفِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَتْ، وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَوَّلًا وَآخِرًا.

ص: 30