المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ] ُ بِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ وَالْكَسْرِ أَفْصَحُ، وَهِيَ لُغَةٌ: اسْمٌ لِلْأُجْرَةِ - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٥

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الشِّرْكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ جَوَازِ الْوَكَالَةِ وَمَا تَنْفَسِخُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌[فَصْلٌ فِي صِيغَةِ الْإِقْرَارُ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوط الْمُقَرِّ بِهِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةُ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ جَوَازِ الْعَارِيَّةِ وَمَا لِلْمُعِيرِ

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْغَصْبِ وَانْقِسَامِ الْمَغْصُوبِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَضَمَانِ الْمَغْصُوبِ]

- ‌فَصْلٌ) فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَةٍ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَدَلِ الشِّقْصِ الَّذِي يُؤْخَذُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الْقِرَاضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْعَاقِدَيْنِ وَأَحْكَامِ الْقِرَاضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ وَلُزُومِ الْمُسَاقَاةِ وَهَرَبِ الْعَامِلِ

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَنَافِعَ يَمْتَنِعُ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ لِعَقَارٍ أَوْ دَابَّةٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ غَايَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي تُقَدَّرُ بِهَا الْمَنْفَعَةُ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَرْضِ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِهِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لقط الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَمَلُّكِ وَغُرْم اللُّقَطَةَ]

- ‌ كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَرِقِّهِ وَاسْتِلْحَاقِهِ

- ‌كِتَابُ الْجَعَالَةِ

الفصل: ‌ ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ] ُ بِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ وَالْكَسْرِ أَفْصَحُ، وَهِيَ لُغَةٌ: اسْمٌ لِلْأُجْرَةِ

[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

ُ بِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ وَالْكَسْرِ أَفْصَحُ، وَهِيَ لُغَةٌ: اسْمٌ لِلْأُجْرَةِ ثُمَّ اُشْتُهِرَتْ فِي الْعَقْدِ: وَشَرْعًا: تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ بِعِوَضٍ بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ مِنْهَا عِلْمُ عِوَضِهَا وَقَبُولُهَا لِلْبَذْلِ وَالْإِبَاحَةِ، فَخَرَجَ بِالْأَخِيرِ نَحْوُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَمْلِكْهَا وَإِنَّمَا مَلَكَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا وَبِالْعِلْمِ الْمُسَاقَاةُ وَالْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَوَّلِ عِلْمُ الْعِوَضِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَكُونُ مَعْلُومًا كَأَنْ سَاقَاهُ عَلَى ثَمَرَةٍ مَوْجُودَةٍ، وَقَدْ تَقَعُ الثَّانِيَةُ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] وَمُنَازَعَةُ الْإِسْنَوِيِّ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهَا مَرْدُودَةٌ، إذْ مُفَادُهَا وَقَوْلُهُ الْإِرْضَاعُ لِلْآبَاءِ وَهُوَ مُسْتَلْزِمُ الْإِذْنِ لَهُنَّ فِيهِ بِعِوَضٍ وَإِلَّا كَانَ تَبَرُّعًا، وَهَذَا الْإِذْنُ بِالْعِوَضِ هُوَ الْعَقْدُ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ} [الطلاق: 6] الْآيَةَ، وَأَخْبَارٌ كَاسْتِئْجَارِهِ صلى الله عليه وسلم وَالصِّدِّيقُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الدِّيلِ يُقَالُ لَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كِتَابُ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اُشْتُهِرَتْ) أَيْ لُغَةً عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَشَرْعًا (قَوْلُهُ وَقَبُولِهَا لِلْبَذْلِ وَالْإِبَاحَةِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى الْبَذْلِ، وَيَدُلُّ مَا عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي بَيَانِ الْمُحْتَرَزِ: فَخَرَجَ بِالْأَخِيرِ وَبِالْعِلْمِ (قَوْلُهُ: نَحْوُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ) أَيْ فَلَا تَصِحُّ أُجْرَةُ الْجَوَارِي لِلْوَطْءِ، وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّ إلَخْ أَشَارَ بِهِ إلَى عَدَمِ وُرُودِ عَقْدِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ) أَيْ فَلَا حَاجَةَ لِلْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ: وَبِالْعِلْمِ) أَيْ بِالْعِوَضِ (قَوْلُهُ عَلَى عَمَلٍ) قَيَّدَ فِي الْجَعَالَةِ فَإِنَّ عَمَلَهَا قَدْ يَكُونُ مَعْلُومًا، بِخِلَافِ الْمُسَاقَاةِ فَإِنَّ عَمَلَهَا مَجْهُولٌ دَائِمًا. نَعَمْ عِوَضُهَا قَدْ يَكُونُ مَعْلُومًا كَأَنْ عَقَدَ عَلَى ثَمَرَةٍ مَوْجُودَةٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ الْمُسَاقَاةُ أَشَارَ بِهِ إلَى دَفْعِ مَا أَوْرَدَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ التَّعْرِيفَ غَيْرُ مَانِعٍ إذْ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ إذَا كَانَ عِوَضُهَا مَعْلُومًا وَالْجَعَالَةُ إذَا كَانَ عَمَلُهَا مَعْلُومًا. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْعَمَلِ وَالْعِوَضِ شَرْطٌ فِي الْإِجَارَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْجَعَالَةِ وَإِنْ اتَّفَقَ وُجُودُهُ. وَاعْتَرَضَ سم عَلَى حَجّ هَذَا الْجَوَابَ بِأَنَّ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ لَا دَخْلَ لَهُ فِي دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ، لِأَنَّهُ مَتَى دَخَلَ فِي التَّعْرِيفِ فَرْدٌ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ مَانِعًا اهـ. وَأَقُولُ أَمَّا الْمُسَاقَاةُ فَلَا تُرَدُّ لِأَنَّ الْعِوَضَ وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا لَكِنَّ الْعَمَلَ مَجْهُولٌ فَلَا تَصْدُقُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهَا، وَأَمَّا الْجَعَالَةُ فَيُمْكِنُ إخْرَاجُهَا بِأَنْ يُزَادُ فِي التَّعْرِيفِ مَا يُؤْخَذُ مِنْ صِيغَتِهَا الْآتِيَةِ أَنَّهَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ أَوْ نَحْوِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ الْعِوَضُ (قَوْلُهُ {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ} [الطلاق: 6] الْآيَةَ) قَالَ حَجّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ إنْ أَرَادَ الْمُنَازَعَةَ عَلَى أَصْلِ الْإِيجَارِ فَرَدُّهُ بِمَا ذُكِرَ وَاضِحٌ، أَوْ مَعَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لَمْ يَصْلُحْ ذَلِكَ لِرَدِّهِ إذْ لَا دَلَالَةَ فِيهَا عَلَى الْقَبُولِ لَفْظًا بِوَجْهٍ، وَالصَّدِيقُ مَفْعُولٌ مَعَهُ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ فَهُوَ بِالْجَرِّ (قَوْلُهُ: مِنْ بَنَى الدِّيلِ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَسُكُونِ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

كِتَابُ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: مِنْهَا عُلِمَ عِوَضُهَا) يَعْنِي عِوَضَ الْإِجَارَةِ الشَّامِلَ لِلْمَنْفَعَةِ وَالْأُجْرَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي: وَبِالْعِلْمِ الْمُسَاقَاةُ وَالْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ، أَمَّا الضَّمِيرُ فِي قَبُولِهَا فَهُوَ لِلْمَنْفَعَةِ بِدَلِيلِ مَا أَخْرَجَهُ بِذَلِكَ أَيْضًا.

وَلَك أَنْ تَقُولَ: إذَا كَانَ الضَّمِيرُ فِي عِوَضِهَا لِلْإِجَارَةِ كَمَا تَقَرَّرَ فَلَا تَرِدُ الْمُسَاقَاةُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْعِوَضَيْنِ فِيهَا وَهُوَ الْعَمَلُ لَا يَكُونُ إلَّا مَجْهُولًا فَهِيَ خَارِجَةٌ بِاشْتِرَاطِ الْعِلْمِ فِي الْعِوَضَيْنِ هُنَا. (قَوْلُهُ: عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ) فِيهِ أَنَّ الْجَدَّ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَانِعٍ لِدُخُولِ

ص: 261

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأُرَيْقِطِ، وَأَمَرَهُ صلى الله عليه وسلم بِالْمُؤَاجَرَةِ، وَالْحَاجَةُ بَلْ الضَّرُورَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا. .

أَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: صِيغَةٌ وَأُجْرَةٌ، وَمَنْفَعَةٌ، وَعَاقِدٌ. وَلِكَوْنِهِ الْأَصْلَ بَدَأَ بِهِ فَقَالَ (شَرْطُهُمَا) أَيْ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ الدَّالِ عَلَيْهِمَا لَفْظُ الْإِجَارَةِ (كَبَائِعٍ وَمُشْتَرٍ) لِأَنَّهَا صِنْفٌ مِنْ الْبَيْعِ، فَاشْتُرِطَ فِي عَاقِدِهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي عَاقِدِهِ مِمَّا مَرَّ كَالرُّشْدِ وَعَدَمِ الْإِكْرَاهِ بِغَيْرِ حَقٍّ. نَعَمْ اسْتِئْجَارُ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ وَلَوْ إجَارَةَ عَيْنٍ صَحِيحٍ لَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ، وَمِنْ ثَمَّ أُجْبِرَ فِيهَا عَلَى إيجَارِهِ لِمُسْلِمٍ وَإِيجَارِ سَفِيهٍ نَفْسَهُ لِمَا لَا يَقْصِدُ مِنْ عَمَلِهِ كَالْحَجِّ لِجَوَازِ تَبَرُّعِهِ بِهِ. وَيَصِحُّ بَيْعُ السَّيِّدِ لِلْعَبْدِ نَفْسَهُ لَا إجَارَتُهُ إيَّاهَا لِإِفْضَاءِ بَيْعِهِ إلَى عِتْقِهِ فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي الْإِجَارَةِ لِعَدَمِ أَدَائِهَا إلَيْهِ. وَلَوْ كَانَ لِوَقْفِ نَاظِرَانِ فَأَجَّرَ أَحَدَهُمَا الْآخَرَ أَرْضًا لِلْوَقْفِ صَحَّ إنْ اسْتَقَلَّ كُلٌّ مِنْهُمَا وَإِلَّا فَلَا عَلَى مَا بَحَثَهُ الْعِرَاقِيُّ، وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّيْنِ وَالْعَامِلَيْنِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَقِيلَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ مَهْمُوزًا اهـ فَتْحُ الْبَارِي أَيْ لِيَدُلَّهُمْ عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ حِينَ الْهِجْرَةِ (قَوْلُهُ بِالْمُؤَاجَرَةِ) هُوَ بِالْهَمْزِ، يَقُولُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ أَجَّرَهُ إيجَارًا وَمُؤَاجَرَةً، وَيَجُوزُ إبْدَالُ الْهَمْزَةِ وَاوًا لِكَوْنِهِ مَفْتُوحًا بَعْدَ ضَمَّةٍ (قَوْلُهُ: دَاعِيَةٌ إلَيْهَا) أَيْ الْإِجَارَةِ.

(قَوْلُهُ: كَبَائِعٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إجَارَةٌ لِلْأَعْمَى لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ. نَعَمْ لَهُ أَنْ يُؤْجِرَ نَفْسَهُ كَمَا لِلْعَبْدِ الْأَعْمَى أَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ، قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذِّبِ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ، وَكَذَا لِلْغَيْرِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ ذِمَّتَهُ لِأَنَّهَا سَلَمٌ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَكَذَا لِلْغَيْرِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ ذِمَّتَهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ أَنْ يَلْزَمَ ذِمَّةَ الْغَيْرِ، وَقِيَاسُ مَا فِي السَّلَمِ مِنْ جَوَازِ كَوْنِهِ مُسْلِمًا وَمُسْلَمًا إلَيْهِ جَوَازُ ذَلِكَ هُنَا، وَقَوْلُهُ كَبَائِعٍ: أَيْ كَشَرْطِ بَائِعٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا صِنْفٌ مِنْ الْبَيْعِ) أَيْ لِأَنَّهَا فِي الْمَنَافِعِ، وَالسَّلَمُ صِنْفٌ مِنْ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ اسْتِئْجَارُ كَافِرٍ إلَخْ) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ كَبَائِعٍ وَمُشْتَرٍ مِنْ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَارَةُ السَّفِيهِ كَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَمِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْكَافِرِ مُسْلِمًا كَمَا لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ لَهُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا) أَيْ إجَارَةُ الْعَيْنِ، وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ أُجْبِرَ إلَخْ) مُجَرَّدُ الْكَرَاهَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِجْبَارَ عَلَى إزَالَةِ الْيَدِ عَنْهُ. وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَمِنْ ذَلِكَ يُجْبَرُ عَلَى إيجَارِهِ إلَخْ. وَقَوْلُهُ فِيهَا: أَيْ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: عَلَى إيجَارِهِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ وَخَدَمَهُ بِنَفْسِهِ اسْتَحَقَّ الْإِجَارَةَ الْمُسَمَّاةَ (قَوْلُهُ: لِمَا لَا يَقْصِدُ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ غَنِيًّا بِمَالِهِ عَنْ كَسْبٍ يَصْرِفُهُ عَلَى نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَمَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ بَيْعُ السَّيِّدِ لِلْعَبْدِ نَفْسَهُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ وَكَّلَ شَخْصٌ عَبْدًا فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ أَوْ اسْتِئْجَارِهَا لِمُوَكِّلِهِ فَيَصِحُّ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ) وَهُوَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ امْتِنَاعُ مُعَامَلَةِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ مُطْلَقًا خِلَافًا لحج ثَمَّ وَهُنَا عِبَارَةُ الشَّارِحِ ثُمَّ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَامِلَانِ مُسْتَقِلَّانِ فَهَلْ لِأَحَدِهِمَا مُعَامَلَةُ الْآخَرِ؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ إنْ أَثْبَتَ الْمَالِكُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالَ بِالتَّصَرُّفِ أَوْ الِاجْتِمَاعَ فَلَا كَالْوَصِيَّيْنِ عَلَى مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِمَا وَرَجَّحَهُ غَيْرُهُ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا فِي آدَابِ الْقَضَاءِ لِلْإِصْطَخْرِيِّ مَنْعُ بَيْعِ أَحَدِهِمَا فَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْعَامِلَيْنِ، لَكِنَّ حَجّ إنَّمَا ذَكَرَ الصِّحَّةَ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى أَحَدُ وَصِيَّيْنِ مِنْ الْآخَرِ شَيْئًا لِأَحَدِ مَحْجُورِيهِمَا مِنْ مَالِ الْآخَرِ، وَعَلَّلَ الصِّحَّةَ فِيهِ بِعَدَمِ التُّهْمَةِ، بِخِلَافِ النَّاظِرَيْنِ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ مِنْ الْآخَرِ وَفِيهِ تُهْمَةٌ، فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ الشَّارِحِ فِي الْوَصِيَّيْنِ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ مِنْ الْآخَرِ كَانَتْ مَسْأَلَةً غَيْرَ الَّتِي فُرِضَ الْكَلَامُ فِيهَا حَجّ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمُسَاقَاةِ وَالْجَعَالَةِ عَلَى مَعْلُومٍ، فَلَا يَكُونُ فِي التَّعْرِيفِ مَا يُخْرِجُهُمَا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَبِالْعِلْمِ الْمُسَاقَاةُ وَالْجَعَالَةُ كَالْحَجِّ بِالرِّزْقِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا عِلْمُ الْعِوَضِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَكُونُ مَعْلُومًا كَمُسَاقَاةٍ عَلَى ثَمَرَةٍ مَوْجُودَةٍ وَجَعَالَةٍ عَلَى مَعْلُومٍ انْتَهَتْ.

فَجَعَلَ الْمُسَاقَاةَ وَالْجَعَالَةَ خَارِجَيْنِ مُطْلَقًا بِقَيْدِ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ هُنَا؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ وَقَعَا عَلَى مَعْلُومٍ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الِاشْتِرَاطِ

(قَوْلُهُ: وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّيْنِ وَالْعَامِلَيْنِ) أَيْ: فَلَا يَصِحُّ إيجَارُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ مُطْلَقًا عَلَى قِيَاسِ مَا اخْتَارَهُ ثَمَّ

ص: 262

(وَالصِّيغَةُ) مُعْتَبَرَةٌ هُنَا كَالْبَيْعِ فَيَجْرِي فِيهَا خِلَافُ الْمُعَاطَاةِ. وَيُشْتَرَطُ فِيهَا جَمِيعُ مَا مَرَّ فِي صِيغَةِ الْبَيْعِ إلَّا عَدَمَ التَّأْقِيتِ. وَهِيَ صَرِيحَةٌ وَكِنَايَةٌ، فَمِنْ الصَّرِيحِ (أَجَّرْتُك هَذَا أَوْ أَكْرَيْتُك) هَذَا أَوْ عَوَّضْتُك مَنْفَعَةَ هَذِهِ الدَّارِ سَنَةً بِمَنْفَعَةِ دَارِك كَمَا اقْتَضَاهُ إفْتَاءُ الْقَاضِي (أَوْ مَلَّكْتُك مَنَافِعَهُ سَنَةً) لَيْسَ ظَرْفًا لِأَجْرٍ وَمَا بَعْدَهُ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ وَهُوَ يَنْقَضِي بِانْقِضَاءِ لَفْظِهِ بَلْ لِمُقَدَّرٍ، نَحْوُ انْتَقِعْ بِهِ سَنَةً، وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى {فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ} [البقرة: 259] أَيْ وَأَلْبَثَهُ مِائَةَ عَامٍ، وَلَا يُقَالُ: يَصِحُّ جَعْلُهُ ظَرْفًا لِمَنَافِعِهِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرٍ وَلَيْسَ كَالْآيَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَنَافِعُ أَمْرٌ مَوْهُومٌ الْآنَ وَالظَّرْفِيَّةُ تَقْتَضِي خِلَافُ ذَلِكَ، فَكَانَ تَقْدِيرُ مَا ذُكِرَ أَوْلَى أَوْ مُتَعَيِّنًا (بِكَذَا) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ الْآنَ. وَتَخْتَصُّ إجَارَةُ الذِّمَّةِ بِنَحْوِ أَلْزَمْت ذِمَّتَك أَوْ سَلَّمْت إلَيْك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فِي خِيَاطَةِ هَذَا أَوْ فِي دَابَّةٍ صِفَتُهَا كَذَا أَوْ فِي حَمْلِي إلَى مَكَّةَ (فَيَقُولُ) الْمُخَاطَبُ مُتَّصِلًا (قَبِلْت أَوْ اسْتَأْجَرْت أَوْ اكْتَرَيْت) أَوْ اسْتَكْرَيْت، وَمِنْ الْكِنَايَةِ جَعَلْت لَك مَنْفَعَتَهُ سَنَةً بِكَذَا أَوْ اُسْكُنْ دَارِي شَهْرًا بِكَذَا. وَمِنْهَا الْكِتَابَةُ، وَتَنْعَقِدُ بِاسْتِيجَابٍ وَإِيجَابٍ وَبِإِشَارَةِ أَخْرَسَ أَفْهَمَتْ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ اعْتِبَارَ التَّوْقِيتِ وَذِكْرَ الْأُجْرَةِ لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ حِينَئِذٍ، وَمَوْرِدُهَا إجَارَةُ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةُ الْمَنَافِعُ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ لَا الْعَيْنُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (وَالْأَصَحُّ انْعِقَادُهَا) أَيْ الْإِجَارَةِ (بِقَوْلِهِ أَجَّرْتُك) أَوْ أَكْرَيْتُكَ (مَنْفَعَتَهَا) أَيْ الدَّارِ سَنَةً بِكَذَا، إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهَا الْمَنْفَعَةُ فَذِكْرُهَا تَأْكِيدٌ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ لَفْظَ الْإِجَارَةِ وُضِعَ مُضَافًا لِلْعَيْنِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا مَنْفَعَةَ لَهَا فَكَيْفَ يُضَافُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا (وَ) الْأَصَحُّ (مَنْعُهَا) أَيْ مَنْعُ انْعِقَادِهَا (بِقَوْلِهِ)(بِعْتُك) أَوْ اشْتَرَيْت (مَنْفَعَتَهَا) لِأَنَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَأَلْبَثَهُ مِائَةَ عَامٍ) عِبَارَةُ الْبَيْضَاوِيِّ: فَأَلْبَثَهُ مَيْتًا مِائَةَ عَامٍ أَوْ أَمَاتَهُ اللَّهُ فَلَبِثَ مَيْتًا مِائَةَ عَامٍ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَنَظِيرُهُ فِي التَّقْدِيرِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فِي الْآيَةِ قَوْله تَعَالَى {فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ} [البقرة: 259] أَيْ وَأَلْبَثَهُ مِائَةَ عَامٍ اهـ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فِي الْآيَةِ أَنَّ ثَمَّ مَنْ لَا يُقَدِّرُ فِي الْآيَةِ مَحْذُوفًا فَلَا يَكُونُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالظَّرْفِيَّةُ تَقْتَضِي إلَخْ) يُنْظَرُ وَجْهُ هَذَا الِاقْتِضَاءِ. وَعَلَيْهِ فَيُرَدُّ مَا قَدَّرَهُ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ أَمْرٌ مَوْهُومٌ الْآنَ مَعَ أَنَّ مَعْنَى انْتَفِعْ اسْتَوْفِ مَنَافِعَهُ. وَبِالْجُمْلَةِ فَدَعْوَى هَذَا الِاقْتِضَاءِ مِمَّا لَا سَنَدَ لَهَا إلَّا مُجَرَّدَ التَّخَيُّلِ، وَمَا يَقُولُ فِي نَحْوِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ هَذِهِ السَّنَةَ أَوْ أَنْ أَعْتَكِفَ هَذَا الْيَوْمَ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ أَمْرٌ مَوْهُومٌ الْآنَ مَعَ ظَرْفِيَّةِ السَّنَةِ وَالْيَوْمِ لَهُمَا بِالْإِجْمَاعِ ظَرْفِيَّةٍ لَا شُبْهَةَ فِي صِحَّتِهَا لِأَحَدٍ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ: يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الِاعْتِكَافَ وَالصَّوْمَ مَعْنَاهُمَا فِعْلٌ مَخْصُوصٌ مِنْ الْمُعْتَكِفِ وَالصَّائِمِ يُمْكِنُ أَنْ يُتَصَوَّرَ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ يُصَيِّرُهُ عِنْدَهُ كَالْمَحْسُوسِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَنَافِعُ فَإِنَّ تَصَوُّرَهَا يَكُونُ بِأَمْرٍ إجْمَالِيٍّ يَخْتَلِفُ مُتَعَلَّقُهُ بِاخْتِلَافِ الْمَنَافِعِ قِلَّةً وَكَثْرَةً (قَوْلُهُ: خِلَافَ ذَلِكَ) أَيْ الْمُحَقَّقِ: أَيْ خِلَافَ الْمَوْهُومِ بِأَنْ يَكُونَ الْمَظْرُوفُ مُحَقَّقًا (قَوْلُهُ: فَكَانَ تَقْدِيرُ مَا ذُكِرَ) أَيْ إنْ جُعِلَ ظَرْفًا لِمَنَافِعَ وَمُتَعَيِّنًا إنْ جُعِلَ ظَرْفًا لِأَجْرٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ الْآنَ) عِبَارَةُ حَجّ: لَا يُشْتَرَطُ عِنْدَهُمَا وَإِنْ نُوزِعَا فِيهِ أَنْ يَقُولَ مِنْ الْآنَ (قَوْلُهُ وَتَخْتَصُّ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الصِّيَغِ

(قَوْلُهُ: بِنَحْوِ أَلْزَمْت ذِمَّتَك) أَيْ كَذَا، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَهُ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ أُلْزِمْتُك فَإِنَّهُ إجَارَةُ عَيْنٍ كَمَا نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الدَّمِيرِيِّ أَنَّهُ أَقْرَبُ احْتِمَالَيْنِ، وَعِبَارَتُهُ: وَلَوْ قَالَ لِلْأَجِيرِ أُلْزِمْتُك عَمَلَ كَذَا فَهَلْ هُوَ إجَارَةُ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ؟ ذَكَرَ فِيهِ الدَّمِيرِيِّ احْتِمَالَيْنِ، وَقَالَ: الْأَقْرَبُ أَنَّهُ إجَارَةُ عَيْنٍ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي دَابَّةٍ) أَيْ لِحَمْلِ كَذَا أَوْ نَحْوِهِ وَإِلَّا فَهَذِهِ الصِّيغَةُ إنَّمَا هِيَ فِي الدَّابَّةِ نَفْسِهَا (قَوْلُهُ: وَتَنْعَقِدُ بِاسْتِيجَابٍ) كَآجَرَنِي وَإِيجَابٍ وَاسْتِقْبَالٍ وَقَبُولٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الصِّيَغِ (قَوْلُهُ: لِانْتِقَاءِ الْجَهَالَةِ) أَيْ وَهُوَ كَذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ فَلَيْسَ عِلَّةً لِلْإِفْهَامِ (قَوْلُهُ: مُضَافًا إلَى الْعَيْنِ) أَيْ مُرْتَبِطًا بِهَا وَإِنْ كَانَ الْمَقْصِدُ بِهِ الْمَنْفَعَةَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 263

لَفْظَ الْبَيْعِ مَوْضُوعٌ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَنْفَعَةِ كَمَا لَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ كِنَايَةً وَالْقَوْلُ بِذَلِكَ مَرْدُودٌ بِاخْتِلَالِ الصِّيغَةِ حِينَئِذٍ، إذْ لَفْظُ الْبَيْعِ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ فَيُنَافِي ذِكْرَ الْمُدَّةِ، وَلَوْ قَالَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ أَلْزَمْت ذِمَّتَك كَذَا كَفَاهُ عَنْ لَفْظِ الْإِجَارَةِ وَنَحْوِهَا.

(وَهِيَ قِسْمَانِ) : (وَارِدَةٌ عَلَى عَيْنٍ كَإِجَارَةِ الْعَقَارِ) وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَا بَعْدَهُ إشَارَةً إلَى عَدَمِ تَصَوُّرِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ فِيهِ لِانْتِفَاءِ ثُبُوتِهِ فِيهَا (وَدَابَّةٍ أَوْ شَخْصٍ) أَيْ آدَمِيٍّ، وَلِكَوْنِهِ ضِدُّ الدَّابَّةِ اتَّضَحَتْ التَّثْنِيَةُ الْمُغَلَّبُ فِيهَا الْمُذَكَّرُ لِشَرَفِهِ فِي قَوْلِهِ (مُعَيَّنَيْنِ) فَيُتَصَوَّرُ فِيهِمَا إجَارَةُ الذِّمَّةِ أَوْ الْعَيْنِ. وَمَا بَحَثَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ إلْحَاقِ السُّفُنِ بِهِمَا لَا بِالْعَقَارِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخِلَافِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا، إلَّا إجَارَةُ عَيْنٍ كَالْعَقَارِ بِدَلِيلِ عَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ فِي السُّفُنِ وَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ هُنَا مُقَابِلُ الذِّمَّةِ، وَهُوَ مَا يَتَقَيَّدُ الْعَقْدُ بِهِ، وَفِي صُورَةِ الْخِلَافِ السَّابِقَةِ آنِفًا مُقَابِلُ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ مَا يُرَدُّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ. وَلَوْ أَذِنَ أَجِيرُ الْعَيْنِ لِغَيْرِهِ فِي الْعَمَلِ بِأُجْرَةٍ فَعَمِلَ فَلَا أُجْرَةَ لِلْأَوَّلِ مُطْلَقًا. وَأَمَّا الثَّانِي فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ: أَيْ عَلَى الْآذِنِ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَ) وَارِدَةٌ (عَلَى الذِّمَّةِ كَاسْتِئْجَارِ دَابَّةٍ) مَثَلًا (مَوْصُوفَةٍ) بِالصِّفَاتِ الْآتِيَةِ (وَ) يُتَصَوَّرُ أَيْضًا (بِأَنْ يَلْزَمَ ذِمَّتَهُ) عَمَلًا، وَمِنْهُ أَنْ يَلْزَمَهُ حَمْلُهُ إلَى كَذَا أَوْ (خِيَاطَةً أَوْ بِنَاءً) بِشَرْطِهِمَا الْآتِي أَوْ يُسَلِّمُ إلَيْهِ فِي إحْدَاهُمَا أَوْ فِي دَابَّةٍ مَوْصُوفَةٍ لِيَحْمِلَهُ إلَى مَكَّةَ مَثَلًا بِكَذَا (وَلَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك) أَوْ اكْتَرَيْتُك (لِتَعْمَلَ كَذَا) أَوْ لِكَذَا أَوْ لِعَمَلِ كَذَا (فَإِجَارَةُ عَيْنٍ) لِأَنَّ الْخِطَابَ دَالٌ عَلَى ارْتِبَاطِهَا بِعَيْنِ الْمُخَاطَبِ كَاسْتَأْجَرُت عَيْنَك (وَقِيلَ) إجَارَةَ (ذِمَّةٍ) لِأَنَّ الْقَصْدَ حُصُولُ الْعَمَلِ لَا بِالنَّظَرِ لِفَاعِلِهِ، وَيُرَدُّ بِمَنْعِ ذَلِكَ نَظَرًا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْخِطَابُ.

(وَيُشْتَرَطُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ) إنْ عُقِدَتْ بِلَفْظِ إجَارَةٍ أَوْ سَلَمٍ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَنْعَقِدُ) أَيْ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ) أَيْ بِعْتُك مَنْفَعَتَهَا (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ بِذَلِكَ) مَشَى عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ إلَخْ) هَذِهِ الصُّورَةُ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا، وَتَخْتَصُّ بِنَحْوِ: أَلْزَمْت ذِمَّتَك. وَأَمَّا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى عَمَلِ كَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الذِّمَّةِ فَإِجَارَةُ عَيْنٍ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الدَّمِيرِيِّ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَا بَعْدَهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ مُعَيَّنٌ (قَوْلُهُ: فَيُتَصَوَّرُ فِيهِمَا) أَيْ الدَّابَّةِ وَالشَّخْصِ (قَوْلُهُ: أَفْتَى الْوَالِدُ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا) أَيْ مَحْسُوسٌ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ السَّابِقَةِ آنِفًا) هِيَ قَوْلُهُ وَمَوْرِدُ إجَارَةِ الْعَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا أُجْرَةَ لِلْأَوَّلِ) أَيْ عَلَى الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا عُلِمَ الْفَسَادُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّانِي) وَفِي نُسْخَةٍ: وَلَا لِلثَّانِي إنْ عُلِمَ الْفَسَادُ وَإِلَّا فَلَهُ إلَخْ، وَتَعَقَّبَهُ سم بِمَا صُورَتُهُ تُقَدَّمُ فِي الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ أَنَّهُ قَدْ يَسْتَحِقُّ مَعَ عِلْمِ الْفَسَادِ فَمَا الْفَرْقُ اهـ سم عَلَى حَجّ. قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ ثَمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْمَالِ بِإِذْنٍ مِنْ الْمَالِكِ فَكَانَ عَمَلُهُ فِيهِ جَائِزًا، وَمَا هُنَا بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْهُ فَهُوَ كَمَأْذُونِ الْغَاصِبِ وَعَمَلُهُ مُهْدَرٌ مَعَ الْعِلْمِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى عَيْنِهِ وَسَاقَى غَيْرَهُ انْفَسَخَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى مَا مَرَّ، وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ إنْ عُلِمَ الْفَسَادُ، وَقَوْلُ سم قَدْ يَسْتَحِقُّ مَعَ عِلْمٍ إلَخْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ مَعَ عِلْمِ الْفَسَادِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ عَامِلًا ثَانِيًا، بَلْ مُرَادُهُ أَنَّ الْعَامِل مِنْ حَيْثُ هُوَ يَسْتَحِقُّ كَمَا لَوْ قَالَ سَاقَيْتُك عَلَى أَنَّ لَك مِنْ الثَّمَرَةِ أَوْ الرِّبْحِ جُزْءًا (قَوْلُهُ عَلَى الْآذِنِ) أَيْ لَا عَلَى الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ أَنْ يَلْزَمَهُ حَمْلُهُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ أَلْزَمْتُك حَمْلِي إلَى كَذَا لَكِنْ قَدَّمْنَا عَنْ الدَّمِيرِيِّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَلْزَمْتُك عَمَلَ كَذَا كَانَ إجَارَةَ عَيْنٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا هُنَا مُفَرَّعٌ عَلَى كَلَامِ غَيْرِ الدَّمِيرِيِّ فَمَا عَنْ الدَّمِيرِيِّ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا لَوْ قَالَ أَلْزَمْت ذِمَّتَك حَمْلِي إلَى كَذَا فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لَهُ (قَوْلُهُ أَوْ يُسَلِّمُ إلَيْهِ فِي أَحَدِهِمَا) أَيْ الْخِيَاطَةِ وَالْبِنَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِعَمَلِ كَذَا) أَيْ أَوْ أَلْزَمْتُك عَمَلَ كَذَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الدَّمِيرِيِ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَمْثِلَةِ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّعْبِيرِ بِالْفِعْلِ وَالْمَصْدَرِ.

(قَوْلُهُ إنْ عُقِدَتْ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ عُقِدَتْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَلِكَوْنِهِ ضِدَّ الدَّابَّةِ) أَيْ: الْعُرْفِيَّةِ الَّتِي هِيَ ذَاتُ الْأَرْبَعِ (قَوْلُهُ: اتَّضَحَتْ التَّثْنِيَةُ) وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ كَوْنُ الْعَطْفِ بِأَوْ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ تَعَيُّنِ الْإِفْرَادِ بَعْدَهَا إذَا كَانَتْ لِلشَّكِّ أَوْ نَحْوِهِ، لَا لِلتَّنْوِيعِ

(قَوْلُهُ: بِلَفْظِ إجَارَةٍ) ،

ص: 264

(تَسْلِيمُ الْأُجْرَةِ فِي الْمَجْلِسِ) كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ لِأَنَّهَا سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ فَيَمْتَنِعُ فِيهَا تَأْجِيلُ الْأُجْرَةِ سَوَاءٌ أَتَأَخَّرَ الْعَمَلُ فِيهَا عَنْ الْعَقْدِ أَمْ لَا وَالِاسْتِبْدَالُ عَنْهَا وَالْحَوَالَةُ بِهَا وَعَلَيْهَا وَالْإِبْرَاءُ مِنْهَا. وَإِنَّمَا اشْتَرَطُوا ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يَشْتَرِطُوهُ فِي الْعَقْدِ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ مَعَ كَوْنِهِ سَلَمًا فِي الْمَعْنَى أَيْضًا لِضَعْفِ الْإِجَارَةِ حَيْثُ وَرَدَتْ عَلَى مَعْدُومٍ وَتَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهَا دَفْعَةً، وَلَا كَذَلِكَ بَيْعُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِيهِمَا فَجَبَّرُوا ضَعْفَهَا بِاشْتِرَاطِ قَبْضِ أُجْرَتِهَا فِي الْمَجْلِسِ (وَإِجَارَةُ الْعَيْنِ) الْأُجْرَةُ فِيهَا كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ فَحِينَئِذٍ (لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ) أَيْ تَسْلِيمُ الْأُجْرَةِ (فِيهَا) فِي الْمَجْلِسِ مُعَيَّنَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ. نَعَمْ يَتَعَيَّنُ لِتَسْلِيمِهَا مَحَلُّ الْعَقْدِ عَلَى مَا مَرَّ فِي السَّلَمِ.

(وَيَجُوزُ) فِي الْأُجْرَةِ (فِيهَا) أَيْ إجَارَةِ الْعَيْنِ (التَّعْجِيلُ وَالتَّأْجِيلُ) لِلْأُجْرَةِ (إنْ كَانَتْ) تِلْكَ الْأُجْرَةُ (فِي الذِّمَّةِ) كَالثَّمَنِ وَيَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهَا وَالْحَوَالَةُ بِهَا وَعَلَيْهَا وَالْإِبْرَاءُ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً لَمْ يَجُزْ تَأْجِيلُهَا لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ (وَإِذَا أُطْلِقَتْ) الْأُجْرَةُ عَنْ ذِكْرِ تَأْجِيلٍ وَتَعْجِيلٍ (تَعَجَّلَتْ) كَثَمَنِ الْمَبِيعِ الْمُطْلَقِ وَلِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ يَمْلِكُهَا بِالْعَقْدِ لَكِنْ لَا يَسْتَحِقُّ اسْتِيفَاءَهَا إلَّا بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِيمَنْ يَبْدَأُ بِهِ فَكَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ (وَإِنْ كَانَتْ) الْأُجْرَةُ (مُعَيَّنَةً) بِأَنْ رَبَطَهَا بِعَيْنٍ أَوْ مُطْلَقَةٍ أَوْ فِي الذِّمَّةِ (مُلِكَتْ فِي الْحَالِ) بِنَفْسِ الْعَقْد وَلَوْ مُؤَجَّلَةً كَمَا يَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْفَعَةَ بِهِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ لَكِنَّ مِلْكًا مُرَاعًى كُلَّمَا مَضَى جُزْءٌ مِنْ الزَّمَانِ عَلَى السَّلَامَةِ بَانَ أَنَّ مِلْكَ الْمُؤَجَّرِ اسْتَقَرَّ عَلَى مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ وَسَيُذْكَرُ أَنَّهَا لَا تَسْتَقِرُّ إلَّا بِاسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ أَوْ تَفْوِيتِهَا، وَلَوْ أَجَّرَ النَّاظِرُ الْوَقْفَ سِنِينَ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ جَازَ لَهُ دَفْعُ جَمِيعِهَا لِأَهْلِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَإِنْ عَلِمَ مَوْتَهُمْ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّتِهَا، فَلَوْ مَاتَ الْقَابِضُ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُسْتَأْجَرُ وَلَا النَّاظِرُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ، خِلَافًا لِلْقَفَّالِ لِأَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ مَلَكَهَا فِي الْحَالِ ظَاهِرًا، وَعَدَمُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِلَفْظِ إلَخْ فَالْمُرَادُ مِنْهُ التَّعْمِيمُ لَا التَّقْيِيدُ. وَيُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ الْفَرْقِ الْآتِي بَيْنَ الْعَقْدِ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَبَيْنَهُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ فِيهَا) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ وَامْتِنَاعُ التَّأْجِيلِ وَمَا بَعْدَهُ لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مُجَرَّدِ اشْتِرَاطِ تَسْلِيمِ الْأُجْرَةِ فِي الْمَجْلِسِ. نَعَمْ لَوْ قَالَ يُشْتَرَطُ لَهَا مَا شُرِطَ لِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ شَمِلَ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَيُمْكِنُ أَنَّ التَّفْرِيعَ بِالنَّظَرِ لَمَّا أَفَادَهُ التَّشْبِيهُ بِقَوْلِهِ كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اشْتَرَطُوا ذَلِكَ) أَيْ تَسْلِيمَ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَشْتَرِطُوهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّ الْأَحْكَامَ تَابِعَةٌ لِلَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ ثَمَّ، أَمَّا هُنَا فَعِبَارَتُهُ كَالشَّارِحِ (قَوْلُهُ: بِاشْتِرَاطِ قَبْضٍ) أَيْ وَعَدَمِ الِاسْتِبْدَالِ عَنْهَا إلَى آخَرِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: مَحَلُّ الْعَقْدِ) أَيْ تِلْكَ الْمَحَلَّةُ حَيْثُ كَانَ الْمَحَلُّ صَالِحًا وَلَمْ يُعَيِّنَا غَيْرَهُ.

(قَوْلُهُ: وَالْإِبْرَاءُ مِنْهَا) أَيْ وَلَوْ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَإِذَا أُطْلِقَتْ الْأُجْرَةُ) أَيْ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَوْ الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ فَكَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ) أَيْ فَيَبْدَأُ هُنَا بِالْمُؤَجَّرِ إنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا فَيُجْبَرَانِ (قَوْلُهُ أَوْ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ بِأَنْ صَرَّحَ فِيهَا بِذَلِكَ وَإِلَّا فَالْمُطْلَقَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الذِّمَّةِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَجَّرَ النَّاظِرُ الْوَقْفَ سِنِينَ) أَيْ مَعَ مُسَوِّغٍ لَهُ جَازَ لَهُ: أَيْ بِأَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدَّخِرَ مِنْهُ شَيْئًا لِجِهَةِ الْوَقْفِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ حَالًا (قَوْلُهُ: فَلَوْ مَاتَ الْقَابِضُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ النَّاظِرُ الْمُؤَجِّرُ، فَإِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

يَعْنِي كُلَّ لَفْظٍ مِنْ أَلْفَاظِهَا الْمَارَّةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ هَذَا اللَّفْظِ، وَكَانَ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ: سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ أَوْ السَّلَمِ؛ إذْ الْمُرَادُ التَّعْمِيمُ لَا التَّقْيِيدُ

(قَوْلُهُ: لِلْأُجْرَةِ) بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ التَّعْجِيلُ وَالتَّأْجِيلُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ فِي الْأُجْرَةِ السَّابِقَةِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَجُوزُ (قَوْلُهُ: أَوْ دَيْنٌ) أَيْ بِأَنْ قَالَ بِالْعَشَرَةِ الَّتِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُطْلَقَةٍ) عُطِفَ عَلَى مُعَيَّنَةٍ فِي الْمَتْنِ: أَيْ فَمَا فِي الْمَتْنِ لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا تُمْلَكُ فِي الْحَالِ سَوَاءٌ عَيَّنَهَا بِأَنْ

ص: 265

الِاسْتِقْرَارِ لَا يُنَافِي جَوَازَ التَّصَرُّفِ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فِيمَا لَوْ أَجَّرَ دَارِهِ سِنِينَ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ فَحَكَمُوا بِالْمِلْكِ فِيهَا وَأَوْجَبُوا زَكَاتَهَا بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَى أَصَحِّ الطَّرِيقِينَ وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ إلَّا زَكَاةَ مَا اسْتَقَرَّ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَكَمَا حَكَمُوا بِأَنَّ الزَّوْجَةَ تَمْلِكُ الصَّدَاقَ وَتَتَصَرَّفُ فِي جَمِيعِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَكَذَلِكَ فِي الْمُوصِي لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ إذَا أَجَّرَ الدَّارَ وَقَبَضَ أُجْرَتَهَا لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ فِي تَرِكَةِ الْقَابِضِ. وَقَضِيَّةُ مِلْكِهَا فِي الْحَالِ وَلَوْ مُؤَجَّلَةً صِحَّةُ الْإِبْرَاءِ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ لَا خِيَارَ فِيهَا فَكَانَ كَالْإِبْرَاءِ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ لُزُومِهِ، بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ لِأَنَّ زَمَنَ الْخِيَارِ كَزَمَنِ الْعَقْدِ فَكَأَنَّهُ بَاعَ بِلَا ثَمَنٍ.

(وَيُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ (كَوْنُ الْأُجْرَةِ مَعْلُومَةً) جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً إنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا كَفَتْ مُشَاهَدَتُهَا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الثَّمَنِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ تَشْبِيهِهَا بِالثَّمَنِ أَنَّهَا لَوْ حَلَّتْ وَقَدْ تَغَيَّرَ النَّقْدُ وَجَبَ مِنْ نَقْدِ يَوْمِ الْعَقْدِ لَا يَوْمِ تَمَامِ الْعَمَلِ وَلَوْ فِي الْجَعَالَةِ، إذْ الْعِبْرَةُ فِي الْأُجْرَةِ حَيْثُ كَانَتْ نَقْدًا بِنَقْدِ بَلَدِ الْعَقْدِ وَقْتُهُ، فَإِنْ كَانَتْ بِبَادِيَةٍ اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَالْعِبْرَةُ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْفَاسِدَةِ بِمَوْضِعِ إتْلَافِ الْمَنْفَعَةِ نَقْدًا وَوَزْنًا، وَجَوَازُ الْحَجِّ بِالرِّزْقِ مُسْتَثْنًى تَوْسِعَةً فِي تَحْصِيلِ الْعِبَادَةِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِإِجَارَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ خِلَافًا لِلْوَلِيِّ الْعِرَاقِيِّ، بَلْ هُوَ نَوْعٌ مِنْ التَّرَاضِي وَالْمَعُونَةِ فَهُوَ جَعَالَةٌ اُغْتُفِرَ فِيهَا الْجَهْلُ بِالْجُعْلِ كَمَسْأَلَةِ الْعِلْجِ (فَلَا تَصِحُّ) إجَارَةٌ لِدَارٍ (بِالْعِمَارَةِ) لَهَا (وَ) لَا لِدَابَّةٍ بِصَرْفٍ أَوْ بِفِعْلِ (الْعَلَفِ) لَهَا بِفَتْحِ اللَّامِ الْمَعْلُوفِ بِهِ وَبِإِسْكَانِهَا كَمَا بِخَطِّهِ الْمَصْدَرُ لِلْجَهْلِ بِهِمَا وَإِنْ كَانَ عَيْنًا كَآجَرْتُكَهَا بِدِينَارٍ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَهُ فِي عِمَارَتِهَا أَوْ عَلَفِهَا لِلْجَهْلِ بِالصَّرْفِ فَتَصِيرُ الْأُجْرَةُ مَجْهُولَةً، فَإِنْ صَرَفَ وَقَصَدَ الرُّجُوعَ بِهِ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْجَهْلِ جَرَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَشَرَطَ لَهُ النَّظَرَ مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِهِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ وَإِلَّا فَكَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَحَكَمُوا بِالْمِلْكِ فِيهَا) أَيْ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَأَوْجَبُوا زَكَاتَهَا) أَيْ زَكَاةَ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ) وَهُوَ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ الْوَقْفُ (قَوْلُهُ: فِي تَرِكَةِ الْقَابِضِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى النَّاظِرِ كَمَا يَأْتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي فَصْلٍ لَا تَنْفَسِخُ إجَارَةٌ إلَخْ وَلَا بِمَوْتِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إلَخْ (قَوْلُهُ صِحَّةُ الْإِبْرَاءِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَوْلُهُ مِنْهَا: أَيْ الْأُجْرَةُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا خِيَارَ فِيهَا إلَخْ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ. وَقَضِيَّةُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهَا لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: بَعْدَ لُزُومِهِ) أَيْ الْعَقْدِ، وَقَوْلُهُ قَبْلَهُ: أَيْ اللُّزُومِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الْجَعَالَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَكَالْأُجْرَةِ الْجَعَالَةُ لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ غَايَةً لِلْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهَا) أَيْ فَلَوْ اسْتَوَى إلَيْهَا مَحَلَّانِ وَاخْتَلَفَ نَقْدَاهُمَا اشْتَرَطَ تَعْيِينَ نَقْدِ أَحَدِهِمَا كَمَا فِي الْبَيْعِ بِبَلَدٍ بِهَا نَقْدَانِ لَمْ يَغْلِبْ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ إجَارَةٌ لِدَارٍ بِالْعِمَارَةِ) أَيْ حَيْثُ كَانَتْ الْعِمَارَةُ مَجْهُولَةً لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ فَإِنْ عُيِّنَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ) غَايَةٌ إلَى مَا عَقَدَ عَلَيْهِ مِنْ الْأُجْرَةِ بِهِ، وَقَوْلُهُ عَيْنًا: أَيْ مَعْلُومًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَرَفَ وَقَصَدَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الرُّجُوعِ بِمَا صَرَفَهُ عِنْدَ نِيَّتِهِ بَيْنَ كَوْنِ الْآذِنِ مَالِكًا أَوْ غَيْرَهُ كَوَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ. وَقَدْ يُقَالُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ الْمَالِكِ نَظَرًا لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ الْإِذْنُ الْمَذْكُورُ بَلْ حَقُّهُ أَنْ يُبَاشِرَ بِنَفْسِهِ فَإِذْنُهُ لَاغٍ، لَكِنَّهُ إنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِذَلِكَ اُحْتُمِلَ الِاكْتِفَاءُ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ رُجُوعُهُ عَلَى إشْهَادٍ وَهُوَ قَرِيبٌ. هَذَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

رَبَطَهَا بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ قَالَ فِي ذِمَّتِي أَوْ أَطْلَقَ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الْجَعَالَةِ) الْأَوْلَى كَالْجَعَالَةِ (قَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ بِالصَّرْفِ) أَيْ الْعَمَلِ، وَقَوْلُهُ: فَتَصِيرُ الْأُجْرَةُ مَجْهُولَةً: أَيْ؛ لِأَنَّهَا مَجْمُوعُ الدِّينَارِ وَالصَّرْفِ.

وَالْمَجْهُولُ إذَا انْضَمَّ إلَى مَعْلُومٍ صَيَّرَهُ مَجْهُولًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ صُرِفَ وَفَقَدَ الرُّجُوعَ بِهِ رَجَعَ) أَيْ بِالْمَصْرُوفِ وَبِأُجْرَةِ عَمَلِهِ

ص: 266

عَلَى الْغَالِبِ، فَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِالصَّرْفِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ كَبَيْعِ زَرْعٍ بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ هُنَاكَ شَرْطٌ بَطَلَتْ مُطْلَقًا وَإِلَّا كَآجَرْتُكَهَا بِعِمَارَتِهَا، فَإِنْ عُيِّنَتْ صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا. أَمَّا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي صَرْفِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ بِلَا شَرْطٍ فِيهِ وَتَبَرَّعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِهِ فَيَجُوزُ، وَاغْتُفِرَ هُنَا اتِّحَادُ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ لِلْحَاجَةِ، عَلَى أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَا اتِّحَادَ تَنْزِيلًا لِلْقَابِضِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيِّنًا مَنْزِلَةَ الْوَكِيلِ عَنْ الْمُؤَجِّرِ وَكَالَةً ضِمْنِيَّةً. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زَمَنِنَا مِنْ تَسْوِيغِ النَّاظِرِ الْمُسْتَحِقِّ بِاسْتِحْقَاقِهِ عَلَى سَاكِنِ الْوَقْفِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُصَدَّقُ الْمُسْتَأْجِرُ بِيَمِينِهِ فِي أَصْلِ الْإِنْفَاقِ وَقَدْرِهِ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ. وَمَحَلُّهُ إذَا ادَّعَى قَدْرًا لَائِقًا فِي الْعَادَةِ كَمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الْوَصِيِّ وَأَوْلَى وَإِلَّا احْتَاجَ إلَى بَيِّنَةٍ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ أَتَيْت بِالتَّصَرُّفِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ فِي الْخَارِجِ يُحَالُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ وَهُنَا الْعِمَارَةُ مَوْجُودَةٌ فِي الْخَارِجِ وَلَا تُسْتَغْنَى الدَّابَّةُ عَنْ الْعَلَفِ فَصَدَقَ الْمُسْتَأْجِرُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا جَامِعَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَا تَكْفِي شَهَادَةُ الصُّنَّاعِ لَهُ أَنَّهُ صَرَفَ عَلَى أَيْدِيهِمْ كَذَا لِأَنَّهُمْ وُكَلَاؤُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ اكْتَرَى نَحْوَ حَمَّامٍ مُدَّةً يُعْلَمُ عَادَةُ تَعَطُّلِهَا فِيهَا لِنَحْوِ عِمَارَةٍ، فَإِنْ شَرَطَ احْتِسَابَ مُدَّةِ التَّعْطِيلِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَجُهِلَتْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَرْجِعُ بِمَا صَرَفَهُ عَلَى النَّاظِرِ وَالنَّاظِرُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ، كَمَا لَوْ غَصَبَ شَاةً وَاسْتَأْجَرَ قَصَّابًا لِذَبْحِهَا فَذَبَحَهَا جَاهِلًا كَوْنِ الْمُسْتَأْجِرُ غَاصِبًا فَإِنَّ الْقَصَّابَ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِكَوْنِهِ حَمَلَهُ عَلَى الْفِعْلِ وَالْغَاصِبُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَالِكِ بِشَيْءٍ لِتَعَدِّيهِ، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ) أَيْ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: كَانَ هُنَاكَ شَرْطٌ) أَيْ أَوْ مَا فِي قُوَّةِ الشَّرْطِ كَآجَرْتُكَهَا بِعِمَارَتِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ عُيِّنَتْ) أَيْ الْعِمَارَةُ كَآجَرْتُكَهَا بِعِمَارَةِ هَذَا الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: وَتَبَرَّعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِهِ) أَيْ بِالْعَمَلِ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الْمِلْكِ أَوْ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: مَنْزِلَةَ الْوَكِيلِ) فِيهِ أَنَّ تَنْزِيلَهُ مَنْزِلَةَ الْوَكِيلِ يَصِحُّ قَبْضُهُ عَنْ النَّاظِرِ فَيَكُونُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً لِلنَّاظِرِ، وَدُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ قَابِضًا عَنْ النَّاظِرِ مُقْبِضًا لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَنْتِفْ الِاتِّحَادُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: وَكَالَةً ضِمْنِيَّةً) لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الشَّخْصُ لَا يَكُونُ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ فِي إزَالَةِ مِلْكِ نَفْسِهِ عَنْ الْأُجْرَةِ، وَقَدْ يُمْنَعُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَيْسَ وَكِيلًا عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يُفْرِغُ ذِمَّتَهُ مِمَّا اشْتَغَلَتْ بِهِ وَالْعَمَلَةُ هُمْ الْوُكَلَاءُ عَنْ الْمُؤَجِّرِ فِي قَبْضِ الْأُجْرَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ، لَكِنْ يَبْقَى الْإِشْكَالُ الْمُشَارُ إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ بِأَنَّ فِيهِ اتِّحَادَ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْإِذْنِ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الصَّرْفِ (قَوْلُهُ: وَيُصَدَّقُ الْمُسْتَأْجِرُ) هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مِنْ الْمَالِكِ. أَمَّا نَاظِرُ الْوَقْفِ إذَا وَقَعَ مِنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ فَفِي تَصْدِيقِ الْمُسْتَأْجِرِ فِيمَا صَرَفَهُ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ لِأَنَّ تَصْدِيقَهُ لَيْسَ فِي مَمْلُوكٍ لَهُ بَلْ تَصْدِيقٌ عَلَى صَرْفِ مَالِ الْوَقْفِ وَقَدْ لَا يَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ فِيهِ صَادِقًا (قَوْلُهُ: وَهُنَا الْعِمَارَةُ مَوْجُودَةٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُوَكَّلُ فِيهِ نَحْوَ عِمَارَةٍ بِمَالٍ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَاخْتَلَفَا بَعْدَ وُجُودِ عِمَارَةٍ بِالصِّفَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا صُدِّقَ الْوَكِيلُ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ صَرَفَ عَلَى أَيْدِيهِمْ كَذَا) أَيْ لِأَنْفُسِهِمْ. أَمَّا لَوْ شَهِدُوا بِأَنَّهُ اشْتَرَى الْآلَةَ الَّتِي بِهَا بِكَذَا وَكَانُوا عُدُولًا وَشَهِدَ بَعْضُهُمْ لِغَيْرِهِ بِأَنَّهُ دَفَعَ لَهُ كَذَا عَنْ أُجْرَتِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ. أَوْ قَالُوا نَشْهَدُ بِأَنَّهُ صَرَفَ عَلَى عِمَارَةِ الْمَحَلِّ كَذَا وَلَمْ يُضِيفُوا ذَلِكَ لِأَنْفُسِهِمْ فَيَقْبَلُ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمْ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنَّهُمْ يَعْنُونَ أَنْفُسَهُمْ (قَوْلُهُ: يَعْلَمُ عَادَةً)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَتَبَرُّعِ الْمُسْتَأْجِرِ بِهِ) أَيْ بِصَرْفِهِ بِمَعْنَى عَمَلِهِ (قَوْلُهُ: اتِّحَادُ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ) أَيْ: الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ أُقْبَضَ الْمُؤَجِّرَ ثُمَّ قَبَضَ مِنْهُ لِلصَّرْفِ هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَيْدِيهِمْ) الْمُرَادُ عَلَى عَمَلِهِمْ وَمِنْ ثَمَّ عَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُمْ وُكَلَاؤُهُ أَيْ فَهِيَ شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ أَنْفُسِهِمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدُوا بِأَنَّهُ صَرْفُ كَذَا فَإِنَّهَا تُقْبَلُ إلَّا إنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ أَنَّهُمْ يَعْنُونَ أَنْفُسَهُمْ قَالَهُ الزِّيَادِيُّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَرَطَ احْتِسَابَ مُدَّةِ التَّعْطِيلِ مِنْ الْإِجَارَةِ) اُنْظُرْ مَا مَفْهُومَ هَذَا الشَّرْطِ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: لَوْ أَجَرَ

ص: 267

فَسَدَتْ وَإِلَّا فَفِيهَا وَفِيمَا بَعْدَهَا (وَلَا) الْإِيجَارُ (لِيَسْلَخَ) شَاةً مَذْبُوحَةً (بِالْجِلْدِ وَيَطْحَنَ) بُرًّا (بِبَعْضِ الدَّقِيقِ أَوْ النُّخَالَةِ) الَّتِي تَخْرُجُ مِنْهُ لِلْجَهْلِ بِثَخَانَةِ الْجِلْدِ وَرِقَّتِهِ وَنُعُومَةِ الدَّقِيقِ وَخُشُونَتِهِ لِانْتِفَاءِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمَا حَالًا وَلِنَهْيِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ، وَفُسِّرَ بِأَنْ يَجْعَلَ أُجْرَةَ الطَّحْنِ لِحَبٍّ مَعْلُومٍ قَفِيزًا مَطْحُونًا. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَمِنْهُ مَا يَقَعُ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ مِنْ جَعْلِ أُجْرَةِ الْجَابِي الْعُشْرَ مِمَّا يَسْتَخْرِجُهُ. قَالَ: فَإِنْ قِيلَ لَك نَظِيرَ الْعُشْرَ لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ أَيْضًا، وَفِي صِحَّتِهِ جَعَالَةً نَظَرٌ، وَالْأَوْجَهُ فِيهَا الْبُطْلَانُ لِلْجَهْلِ بِالْجُعْلِ.

(وَلَوْ)(اسْتَأْجَرَهَا) أَيْ امْرَأَةً مَثَلًا (لِتُرْضِعَ رَقِيقًا) لَهُ أَيْ حِصَّتُهُ الْبَاقِيَةُ بَعْدَ مَا جَعَلَهُ مِنْهُ أُجْرَةَ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ (بِبَعْضِهِ) الْمُعَيَّنِ كَسُدُسِهِ (فِي الْحَالِ جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ) لِلْعِلْمِ بِالْأُجْرَةِ وَلَا أَثَرَ لِوُقُوعِ الْعَمَلِ الْمُكْتَرَى لَهُ فِي مِلْكِ غَيْرِ الْمُكْتَرِي لِوُقُوعِهِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ، كَمَا لَوْ سَاقَى شَرِيكَهُ وَشَرَطَ لَهُ زِيَادَةً مِنْ الثَّمَرِ وَانْتَصَرَ لِلْمُقَابِلِ بِمَا يَرُدُّهُ مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَمِنْ ثَمَّ اخْتَارَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ إنْ اسْتَأْجَرَهَا عَلَى الْكُلِّ أَوْ أَطْلَقَ وَلَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ حِصَّتُهُ فَقَطْ اُمْتُنِعَ، وَهُوَ مُرَادُ النَّصِّ لِوُقُوعِ الْعَمَلِ فِي مِلْكِ غَيْرِ الْمُكْتَرِي قَصْدًا أَوْ عَلَى حِصَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ فَقَطْ جَازَ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ إطْلَاقُ الصِّحَّةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ فِي الْحَالِ عَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا بِبَعْضِهِ بَعْدَ الْفِطَامِ مَثَلًا فَلَا يَصِحُّ قَطْعًا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْأُجْرَةَ الْمُعَيَّنَةَ لَا تُؤَجَّلُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بَلْ طَرَأَ مَا يُوجِبُ تَعَطُّلَهَا عُدِمَ الِانْفِسَاخُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ غُصِبَتْ الدَّابَّةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَرَطَ إلَخْ) أَيْ مِنْ جَانِبِ الْمُؤَجِّرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَفِيهَا) أَيْ فَيَبْطُلُ فِيهَا إلَخْ، وَطَرِيقُهُمْ لِلصِّحَّةِ تَجْدِيدُ الْعَقْدِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ (قَوْلُهُ: لِيَسْلَخَ) مِنْ بَابِ قَطَعَ وَدَخَلَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَيَطْحَنُ بُرًّا بِبَعْضِ الدَّقِيقِ) خَرَجَ بِالدَّقِيقِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِبَعْضِ الْبُرِّ لِيَطْحَنَ بَاقِيَهُ فَلَا يَمْتَنِعُ. وَعِبَارَةُ حَجّ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ لِتَطْحَنَ الْكُلَّ بِقَفِيزٍ مِنْهُ أَوْ يُطْلِقُ، فَإِنْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك بِقَفِيزٍ مِنْ هَذَا لِتَطْحَنَ مَا عَدَاهُ صَحَّ، فَضَابِطُ مَا يَبْطُلُ أَنْ يَجْعَلَ الْأُجْرَةَ شَيْئًا تَحَصَّلَ بِعَمَلِ الْأَجِيرِ اهـ. وَقِيَاسُ مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ فِيمَا لَوْ سَاقَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِيكَهُ وَمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً لِإِرْضَاعِ رَقِيقٍ بِبَعْضِهِ فَيَصِحُّ سَوَاءٌ قَالَ لِتَطْحَنَ بَاقِيَهُ أَوْ كُلَّهُ الْآنَ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهِ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ النُّخَالَةِ) أَيْ ابْتِدَاءُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ فِيهَا الْبُطْلَانُ) خِلَافًا لحج أَيْ وَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ امْرَأَةً مَثَلًا) أَيْ أَوْ ذَكَرًا أَوْ صَغِيرًا سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِتُرْضِعَ رَقِيقًا) أَيْ مَثَلًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْمَذْكُورِ) هُوَ بِالْجَرِّ نَعْتٌ لِمَا. (قَوْلُهُ: وَانْتَصَرَ لِلْمُقَابِلِ بِمَا يَرُدُّهُ مَا مَرَّ) يُتَأَمَّلُ وَأَنَّ مَا مَرَّ فِي الْمُسَاقَاةِ لَيْسَ فِيهِ مَا يُرَدُّ مَا ذُكِرَ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهِ الصِّحَّةُ وَإِنْ قَالَ سَاقَيْتُك عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الْحَدِيقَةِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ إطْلَاقُ الصِّحَّةِ) أَيْ هُنَا وَفِي الْمُسَاقَاةِ، وَمِثْلُهُ فِي الصِّحَّةِ اسْتِئْجَارُهُ لِطَحْنِ هَذِهِ الْوَيْبَةِ بِرُبُعِهَا فِي الْحَالِ، وَلَا يَضُرُّ وُقُوعُ الْعَمَلِ فِي الْمُشْتَرَكِ كَمَا فِي مُسَاقَاةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْآخَرَ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ: أَيْ حَالَ كَوْنِهِ حَبًّا، وَمَا ذَكَرَهُ يُفْهِمُهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

حَانُوتًا خَرَابًا عَلَى أَنْ يُعَمِّرَهُ مِنْ مَالِهِ وَيُحْسَبُ مِنْ الْأُجْرَةِ أَوْ حَمَّامًا عَلَى أَنَّ مُدَّةَ تَعَطُّلِهِ مَحْسُوبَةٌ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِمَعْنَى انْحِصَارِ الْأُجْرَةِ فِي الْبَاقِي، أَوْ عَلَى الْمُؤَجِّرِ بِمَعْنَى اسْتِيفَاءِ مِثْلِهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ فَسَدَتْ لِجَهْلِ نِهَايَةِ الْمُدَّةِ؛ فَإِنْ عُلِمَتْ بِعَادَةٍ أَوْ تَقْدِيرٍ كَتَعَطُّلِ شَهْرِ كَذَا لِلْعِمَارَةِ بَطَلَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَمَا بَعْدَهَا وَصَحَّ فِيمَا اتَّصَلَ بِالْعَقْدِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ وَمِنْهُ مَا يَقَعُ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ إلَخْ) تُرَاجَعُ عِبَارَةُ التُّحْفَةِ

(قَوْلُهُ: أَيْ حِصَّتِهِ الْبَاقِيَةِ) تَبِعَ فِي هَذَا الْحَلِّ الشِّهَابَ ابْنَ حَجَرٍ الْمُخْتَارَ لِهَذَا التَّفْصِيلِ لَكِنَّهُ هُوَ يَخْتَارُ فِيمَا يَأْتِي الْإِطْلَاقَ فَكَانَ الْأَصْوَبُ حَذْفَ هَذَا التَّفْسِيرِ. (قَوْلُهُ: بِمَا يَرُدُّهُ مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ)

ص: 268

وَلِلْجَهْلِ بِهَا إذْ ذَاكَ، وَخَرَجَ بِنَحْوِ الْمَرْأَةِ اسْتِئْجَارُ شَاةٍ مَثَلًا لِإِرْضَاعِ طِفْلٍ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: أَوْ سَخْلَةٍ فَلَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ مَعَ عَدَمِ قُدْرَةِ الْمُؤَجِّرِ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ كَالِاسْتِئْجَارِ لِضِرَابِ الْفَحْلِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ لِإِرْضَاعِ سَخْلَةٍ.

(وَ) يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا أَيْضًا (كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ) مَعْلُومَةً كَمَا يَأْتِي (مُتَقَوِّمَةً) أَيْ لَهَا قِيمَةٌ لِيَحْسُنَ بَذْلُ الْمَالِ فِي مُقَابِلَتِهَا وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً أَوْ خَسِيسَةً كَانَ بَذْلُ الْمَالِ فِي مُقَابَلَتِهَا سَفَهًا، وَكَوْنُهَا وَاقِعَةً لِلْمُكْتَرِي وَكَوْنُ الْعَقْدِ عَلَيْهَا غَيْرَ مُتَضَمِّنٍ لِاسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا كَاسْتِئْجَارِ بُسْتَانٍ لِثَمَرَتِهِ بِخِلَافِ نَحْوِ طِفْلٍ لِإِرْضَاعِهِ، وَكَوْنُهَا تُسْتَوْفَى مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ، وَكَوْنُهَا مُبَاحَةً مَمْلُوكَةً مَقْصُودَةً لَا كَتُفَّاحَةٍ لِلشَّمِّ فَإِنْ كَثُرَ التُّفَّاحُ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ مِنْهُ مَا هُوَ أَطْيَبُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الرَّيَاحِينِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَإِنْ نَازَعَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَوْنُهَا تُضْمَنُ بِالْبَدَلِ لَا كَكَلْبٍ وَتُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ لَا كَبُضْعٍ وَأَكْثَرُ هَذِهِ الْقُيُودِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ كَلَامِهِ (فَلَا يَصِحُّ)(اسْتِئْجَارُ بَيَّاعٍ عَلَى كَلِمَةٍ) وَمُعَلِّمٍ عَلَى حُرُوفٍ مِنْ قُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَا تُتْعِبُ) قَائِلَهَا عَادَةً فِيمَا يَظْهَرُ (وَإِنْ رُوِّجَتْ السِّلْعَةُ) إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا، فَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَلَيْهَا مَعَ انْتِفَاءِ التَّعَبِ بِتَرَدُّدٍ أَوْ كَلَامٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِلَّا فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى مَا لَا تَعَبَ فِيهِ فَتَعَبُهُ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقِ وَفُسِّرَ بِأَنْ تَجْعَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذْ ذَاكَ) أَيْ وَقْتَ الْفِطَامِ (قَوْلُهُ: شَاةٍ مَثَلًا) أَيْ أَوْ قَنَاةٍ أَوْ بِئْرٍ لِلِانْتِفَاعِ بِمَائِهَا حَجّ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْحَاجَةِ) وَلِأَنَّهَا لَا تَنْقَادُ لِلْإِرْضَاعِ، بِخِلَافِ الْهِرَّةِ فَإِنَّهَا تَنْقَادُ بِطَبْعِهَا لِصَيْدِ الْفَأْرِ فَصَحَّ اسْتِئْجَارُهَا لَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَمِنْ طُرُقِ اسْتِحْقَاقِهِ أُجْرَةً لِلْهِرَّةِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا لِعَدَمِ مَالِكٍ لَهَا وَيَتَعَهَّدُهَا بِالْحِفْظِ وَالتَّرْبِيَةِ فَيَمْلِكُهَا بِذَلِكَ كَالْوُحُوشِ الْمُبَاحَةِ حَيْثُ تَمَلُّكُهَا بِالِاصْطِيَادِ.

(قَوْلُهُ: كَاسْتِئْجَارِ بُسْتَانٍ) أَيْ وَلَا اسْتِئْجَارَ أَرْضٍ لِنَحْوِ جُدْرَانِهَا وَيَأْخُذُ مَا فِيهَا مِنْ الْآلَاتِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ إنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِهَا الْمَنْفَعَةُ لَا الْأَعْيَانُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ حَفَرَ لِلتَّوَصُّلِ لِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَ لَهَا فَوَجَدَ فِي الْأَرْضِ أَحْجَارًا مَدْفُونَةً أَوْ أُصُولَ جُدْرَانٍ عَلَى مِلْكِ الْمُؤَجِّرِ إنْ كَانَتْ مِلْكًا وَلِجِهَةِ الْوَقْفِ إنْ كَانَتْ وَقْفًا فَعَلَيْهِ دَفْعُهَا لِلْمَالِكِ حَيْثُ لَمْ يَعْرِضْ عَنْهَا، وَمَعَ ذَلِكَ لَا تُمَلَّكُ إلَّا بِعَقْدٍ أَوْ لِنَاظِرِ الْوَقْفِ، فَإِنْ تَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ضَمِنَهَا ضَمَانَ الْغُصُوبِ، وَقَوْلُهُ لِثَمَرَتِهِ: أَيْ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ طِفْلٍ) أَيْ بِخِلَافِ اسْتِئْجَارِ الْمَرْأَةِ لِإِرْضَاعِ نَحْوِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَازَعَهُ) أَيْ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ انْتِفَاءِ التَّعَبِ) أَيْ وَفِعْلُهَا مَعَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) أَيْ بِأَنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى كَلِمَةٍ لَا تُتْعِبُ وَاحْتَاجَ فِي الْإِتْيَانِ بِهَا إلَى تَرَدُّدٍ. وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ رَجُلٍ دَفَعَ لِآخَرَ بَيْضًا يَخْدُمُهُ إلَى أَنْ يُفَرِّخَ وَقَالَ لَهُ لَك مِنْهُ كَذَا هَلْ ذَلِكَ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنْ اسْتَأْجَرَهُ بِبَعْضِهِ حَالًّا صَحَّ وَاسْتَحَقَّهُ شَائِعًا وَإِلَّا كَانَ إجَارَةً فَاسِدَةً فَالْمُفَرَّخُ لِلْمَالِكِ وَعَلَيْهِ لِلْمَقُولِ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الِاسْتِئْجَارِ لِإِرْضَاعِ الرَّقِيقِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

هُوَ تَابِعٌ فِيهِ أَيْضًا لِلشِّهَابِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَكَوْنُهَا وَاقِعَةً لِلْمُكْتَرِي) أَيْ: أَوْ مُوَكِّلِهِ أَوْ مُوَلِّيهِ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْعِبَادَةُ الَّتِي لَا تَقْبَلُ النِّيَابَةَ كَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ طِفْلٍ) صَوَابُهُ بِخِلَافِ اسْتِئْجَارِهَا لِارْتِضَاعِ نَحْوِ طِفْلٍ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهَا مُبَاحَةً) قَدْ يُقَالُ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مُتَقَوِّمَةً وَمِنْ ثَمَّ أَخْرَجَ هُوَ بِهَا الْمُحَرَّمَةَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مَعَ انْتِقَاءِ التَّعَبِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الظَّرْفَ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ مَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِهِ إلَّا لَفْظُ اسْتِئْجَارٍ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَعْنَى: لَوْ اسْتَأْجَرَ، وَالْحَالُ أَنَّ التَّعَبَ مُنْتَفٍ: أَيْ بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ مَعْلُومًا وَقْتَ الْإِيجَارِ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِلَّا: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِ التَّعَبُ بَلْ كَانَ مَوْجُودًا: أَيْ مَعْلُومًا عِنْدَ الْإِيجَارِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ تَعَلُّقِ الظَّرْفِ بِاسْتِئْجَارٍ، وَحِينَئِذٍ فَيُشْكِلُ؛ لِأَنَّ التَّعَبَ إذَا كَانَ مَعْلُومًا فَهُوَ صُورَةُ الصِّحَّةِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَحَيْثُ لَمْ يَصِحَّ فَإِنْ تَعِبَ بِكَثْرَةِ تَرَدُّدٍ أَوْ كَلَامٍ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلٍ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَتْ.

فَجَعَلَ التَّعَبَ أَمْرًا عَارِضًا، وَالصُّورَةُ

ص: 269

فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ عَادَةً إلَّا بِذَلِكَ. فَكَانَ كَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا كَانَ مُسْتَقِرَّ الْقِيمَةِ، وَمَا لَمْ يَسْتَقِرَّ خِلَافًا لِمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَا فِيهِ تَعَبٌ. أَمَّا مَا يَحْصُلُ فِيهِ تَعَبٌ مِنْ الْكَلِمَاتِ كَمَا فِي بَيْعِ الدُّورِ وَالرَّقِيقِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَخْتَلِفُ ثَمَنُهُ بِاخْتِلَافِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ.

وَفِي الْإِحْيَاءِ امْتِنَاعُ أَخْذِ طَبِيبٍ أُجْرَةٍ عَلَى كَلِمَةٍ بِدَوَاءٍ يَنْفَرِدُ بِهِ لِانْتِفَاءِ الْمَشَقَّةِ، بِخِلَافِ مَا هُوَ عُرْفُ إزَالَةِ اعْوِجَاجِ نَحْوِ سَيْفٍ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَشَقَّةٌ، إذْ هَذِهِ الصِّنَاعَاتُ يَتْعَبُ فِي تَعَلُّمِهَا لِيَكْتَسِبَ بِهَا وَيُخَفِّفَ عَنْ نَفْسِهِ التَّعَبَ، وَخَالَفَهُ الْبَغَوِيّ فِي هَذِهِ، وَرَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَوَّلَ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ (وَكَذَا دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ لِلتَّزْيِينِ) أَوْ الْوَزْنِ بِهَا أَوْ الضَّرْبِ عَلَى سِكَّتِهَا (وَ) نَحْوِ (كَلْبٍ لِلصَّيْدِ) أَوْ الْحِرَاسَةِ بِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ مَنْفَعَةَ التَّزَيُّنِ بِهِمَا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ غَالِبًا بِدَلِيلِ عَدَمِ ضَمَانِ غَاصِبِهِمَا أُجْرَتَهُمَا وَنَحْوُ الْكَلْبِ لَا قِيمَةَ لِعَيْنِهِ وَلَا لِمَنْفَعَتِهِ، وَالثَّانِي يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ. أَمَّا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّزْيِينِ أَوْ لَمْ يَكُنْ الْكَلْبُ مُعَلَّمًا فَلَا تَصِحُّ جَزْمًا، وَخَرَجَ بِالْكَلْبِ الْخِنْزِيرُ فَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ جَزْمًا وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْهُمَا كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ. وَخَرَجَ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْحُلِيُّ فَتَجُوزُ إجَارَتُهُ حَتَّى بِمِثْلِهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَيُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي الزَّكَاةِ عَدَمُ صِحَّةِ إجَارَةِ دَنَانِيرَ مَثْقُوبَةٍ غَيْرِ مُعَارَةٍ لِلتَّزَيُّنِ بِهَا، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ شَجَرَةً لِلِاسْتِظْلَالِ بِظِلِّهَا أَوْ الرَّبْطِ بِهَا أَوْ طَائِرًا لِلْأُنْسِ بِصَوْتِهِ كَالْعَنْدَلِيبِ أَوْ لَوْنِهِ كَالطَّاوُوسِ صَحَّ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ الْمَذْكُورَةَ مَقْصُودَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ. وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ هِرٍّ لِدَفْعِ الْفَأْرِ. وَشَبَكَةٍ وَبَازٍ وَشَاهِينَ لِصَيْدٍ لِأَنَّ مَنَافِعَهَا مُتَقَوِّمَةٌ.

(وَكَوْنُ الْمُؤَجِّرِ قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِهَا) بِتَسْلِيمِ مَحَلِّهَا حِسًّا وَشَرْعًا لِيَتَمَكَّنَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْهَا، وَالْقُدْرَةُ عَلَى ذَلِكَ تَشْمَلُ مِلْكَ الْأَصْلِ وَمِلْكَ الْمَنْفَعَةِ فَدَخَلَ الْمُسْتَأْجِرُ فَلَهُ إيجَارُ مَا اسْتَأْجَرَهُ وَالْمُقَطِّعِ لَهُ إجَارَةُ مَا أَقْطَعَهُ لَهُ الْإِمَامُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى) حَيْثُ قَالَ: مَحَلُّ عَدَمِ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ عَلَى كَلِمَةِ لَا تُتْعِبُ إذَا كَانَ الْمُنَادَى عَلَيْهِ مُسْتَقِرَّ الْقِيمَةِ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ) وَكَأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا جَهَالَةَ الْعَمَلِ هُنَا لِلْحَاجَةِ فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ مِقْدَارَ الْكَلِمَاتِ الَّتِي يَأْتِي بِهَا، وَلَا مِقْدَارَ الزَّمَانِ الَّذِي يَصْرِفُ فِيهِ التَّرَدُّدَ لِلنِّدَاءِ، وَلَا الْأَمْكِنَةَ الَّتِي يَتَرَدَّدُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْمَشَقَّةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ عَلَى إبْطَالِ السِّحْرِ، لِأَنَّ فَاعِلَهُ يَحْصُلُ لَهُ مَشَقَّةٌ بِالْكِتَابَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ اسْتِعْمَالِ الْبَخُورِ وَتِلَاوَةِ الْأَقْسَامِ الَّتِي جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِاسْتِعْمَالِهَا.

وَمِنْهُ إزَالَةُ مَا يَحْصُلُ لِلزَّوْجِ مِنْ الِانْحِلَالِ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْعَامَّةِ بِالرِّبَاطِ، وَالْأُجْرَةُ عَلَى مَنْ الْتَزَمَ الْعِوَضَ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَانِعُ مِنْ الزَّوْجِ وَالْتَزَمَتْ الْمَرْأَةُ وَأَهْلُهَا الْعِوَضَ لَزِمَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ الْتِزَامِهَا وَكَذَا عَكْسُهُ، وَلَا يَلْزَمُ مَنْ قَامَ الْمَانِعَ بِهِ الِاسْتِئْجَارُ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُدَاوَاةِ وَهِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ لِلْمَرِيضِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ، ثُمَّ إنْ وَقَعَ إيجَارٌ صَحِيحٌ بِعَقْدٍ لَزِمَ الْمُسَمَّى وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَلَا يُنَافِي قَوْلُنَا أَوَّلًا وَلَوْ أَجْنَبِيًّا قَوْلَ الشَّارِحِ وَكَوْنُهَا وَاقِعَةً عَلَى الْمُكْتَرِي لِجَوَازِ أَنَّ مَا هُنَا مِنْ الْجَعَالَةِ لَا مِنْ الْإِجَارَةِ، وَقَدْ صَرَّحُوا فِيهَا بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ شَخْصٌ مَنْ رَدَّ عَبْدَ زَيْدٍ فَلَهُ كَذَا فَلُزُومُ الْجَعْلِ لِلْمُلْتَزِمِ عَلَى رَدِّ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ) أَيْ فِي ضَرْبَةِ السَّيْفِ (قَوْلُهُ الْأَوَّلَ) أَيْ الصِّحَّةَ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ لَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ جَزْمًا (قَوْلُهُ: حَتَّى بِمِثْلِهِ مِنْ ذَهَبٍ) أَيْ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ فَلَا رِبَا فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي بَيْعِ النَّقْدِ بِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ: لِلتَّزَيُّنِ بِهَا) أَيْ لِحُرْمَةِ اسْتِعْمَالِهَا (قَوْلُهُ: كَالْعَنْدَلِيبِ) بِوَزْنِ الزَّنْجَبِيلِ طَائِرٌ يُقَالُ لَهُ الْهَزَارُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَجَمْعُهُ عَنَادِلُ اهـ مُخْتَارُ الصِّحَاحِ.

(قَوْلُهُ: فَلَهُ إيجَارُ مَا اسْتَأْجَرَهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ بِمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ وَلَا يَحْجُرُ عَلَى الشَّخْصِ فِي مِلْكِهِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَنَّ الْكَلِمَةَ مِنْ شَأْنِهَا لَا تُتْعِبُ، فَلَعَلَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ غَيْرُ مُرَادٍ لَهُ (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ عَادَةً إلَّا بِذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يَرُدُّ بَحْثَ الْأَذْرَعِيِّ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى مَا مِنْ شَأْنِهِ عَدَمُ التَّعَبِ وَمَا الْعَادَةُ فِيهِ عَدَمُ التَّعَبِ

ص: 270

لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِمَنْفَعَتِهِ وَإِنْ خَالَفَهُ الْفَزَارِيّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ وَأَفْتَوْا بِالْبُطْلَانِ فَإِنَّ الْمُقْطَعَ لَمْ يَمْلِكْ الْمَنْفَعَةَ وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا كَالْمُسْتَعِيرِ، وَفَصَلَ الزَّرْكَشِيُّ بَيْنَ أَنْ يَأْذَنَ الْإِمَامُ لَهُ فِي الْإِيجَارِ، أَوْ يَجْرِيَ بِهِ عُرْفٌ عَامٌّ، كَدِيَارِ مِصْرَ فَتَصِحُّ وَإِلَّا فَتُمْتَنَعُ اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَجْمَعَ بِذَلِكَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ، وَتُوَجَّهُ الصِّحَّةُ مَعَ عَدَمِ مِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ بِأَنَّ اطِّرَادَ الْعُرْفِ بِذَلِكَ نَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ إذْنِ الْإِمَامِ (فَلَا يَصِحُّ)(اسْتِئْجَارُ) مَنْ نَذَرَ عِتْقَهُ، أَوْ شَرَطَ فِي بَيْعِهِ، وَلَا اسْتِئْجَارُ (آبِقٍ وَمَغْصُوبٍ) لِغَيْرِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ، وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى انْتِزَاعِهِ عَقِبَ الْعَقْدِ: أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي التَّفْرِيغِ مِنْ نَحْوِ الْأَمْتِعَةِ وَذَلِكَ كَبَيْعِهِمَا. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ قُدْرَةَ الْمُؤَجِّرِ عَلَى الِانْتِزَاعِ كَذَلِكَ كَافِيَةٌ، وَأَلْحَقَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ بِذَلِكَ مَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الدَّارَ مَسْكَنُ الْجِنِّ وَأَنَّهُمْ يُؤْذُونَ السَّاكِنَ بِرَجْمٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَعَذَّرَ دَفْعُهُمْ، وَعَلَيْهِ فَطُرُوُّ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِجَارَةِ كَطُرُوِّ الْغَصْبِ بَعْدَهَا (وَ) لَا اسْتِئْجَارَ (أَعْمَى لِلْحِفْظِ) بِالنَّظَرِ وَأَخْرَسَ لِلتَّعْلِيمِ إجَارَةَ عَيْنٍ لِاسْتِحَالَتِهِ، بِخِلَافِ الْحِفْظِ بِنَحْوِ يَدٍ وَإِجَارَةَ الذِّمَّةِ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا سَلَمٌ وَعَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ تَحْصِيلُ الْمُسَلِّمِ فِيهِ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ.

(وَ) لَا اسْتِئْجَارَ (أَرْضٍ لِلزِّرَاعَةِ لَا مَاءَ لَهَا دَائِمٌ) أَيْ مُسْتَمِرٌّ (وَلَا يَكْفِيهَا الْمَطَرُ الْمُعْتَادُ) وَلَا مَا فِي مَعْنَاهُ كَثَلْجٍ أَوْ نَدَاوَةٍ، وَلَا تُسْقَى بِمَاءٍ غَالِبِ الْحُصُولِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ، وَمُجَرَّدُ الْإِمْكَانِ غَيْرُ كَافٍ كَإِمْكَانِ عَوْدِ الْآبِقِ وَنَحْوِهِ، وَلَوْ قَالَ الْمُؤَجِّرُ أَحْفِرُ لَك بِئْرًا: أَيْ وَلَوْ قَبْلَ الْعَقْدِ فِيمَا يَظْهَرُ وَأَسْقِي أَرْضَك مِنْهَا، أَوْ أَسُوقُ الْمَاءَ إلَيْهَا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ: أَيْ إنْ كَانَ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ مِنْ وَقْتِ الِانْتِفَاعِ بِهَا لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ يُتَخَيَّرُ عِنْدَ عَدَمِ وَفَائِهِ لَهُ بِذَلِكَ فِي فَسْخِ الْعَقْدِ، وَخَرَجَ بِالزِّرَاعَةِ مَا لَوْ عَمَّ كَاسْتِئْجَارِهَا لِمَا شَاءَ أَوْ لِغَيْرِ الزِّرَاعَةِ فَيَصِحُّ (وَيَجُوزُ) إيجَارُهَا (إنْ كَانَ لَهَا مَاءٌ دَائِمٌ) مِنْ نَحْوِ نَهْرٍ أَوْ عَيْنٍ لِسُهُولَةِ الزِّرَاعَةِ حِينَئِذٍ، وَيَدْخُلُ شُرْبُهَا إنْ اُعْتِيدَ دُخُولُهُ أَوْ شُرِطَ وَإِلَّا فَلَا لِعَدَمِ شُمُولِ اللَّفْظِ لَهُ، وَمَعَ دُخُولِهِ لَا يَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَاءَ بَلْ يَسْقِي بِهِ عَلَى مِلْكِ الْمُؤَجِّرِ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ، وَبَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ اسْتِئْجَارَ الْحَمَّامِ كَاسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ (وَكَذَا) يَجُوزُ إيجَارُهَا (إنْ كَفَاهَا الْمَطَرُ الْمُعْتَادُ أَوْ مَاءُ الثُّلُوجِ الْمُجْتَمَعَةِ) فِي نَحْوِ جَبَلٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِمَنْفَعَتِهِ) وَإِنْ جَازَ لِلسُّلْطَانِ الِاسْتِرْدَادُ اهـ حَجّ: أَيْ حَيْثُ كَانَ أَقْطَعَ إرْفَاقًا، أَمَّا إقْطَاعُ التَّمْلِيكِ يَمْتَنِعُ عَلَى الْإِمَامِ الرُّجُوعُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ كَبَيْعِهِمَا) التَّشْبِيهُ فِي أَصْلِ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ثَمَّ كَوْنُ الْقُدْرَةِ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ يَقْدِرَ بِلَا مُؤْنَةٍ أَوْ كُلْفَةٍ لَهَا وَقَعَ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ إنْ تَعَذَّرَ دَفْعُهُمْ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَعَذَّرْ دَفْعُهُمْ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ، وَمِنْهُ مَا لَوْ أَمْكَنَ دَفْعُهُمْ بِكِتَابَةٍ أَوْ نَحْوِهَا كَتِلَاوَةِ قَسَمٍ وَالْأُجْرَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ حَيْثُ أَجَازَ الْإِجَارَةَ (قَوْلُهُ: كَطُرُوِّ الْغَصْبِ بَعْدَهَا) أَيْ فَلَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْإِجَارَةُ وَيَثْبُتُ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ، فَإِنْ غَصَبَ بِغَيْرِ انْتِفَاعٍ بِهَا لِتَعَذُّرِهِ انْفَسَخَتْ فِيهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: يُؤْذُونَ السَّاكِنَ بِرَجْمٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ الدَّارُ مَعِدَةً لِلسُّكْنَى بَلْ لِخَزِينِ أَمْتِعَةٍ كَتِبْنٍ وَنَحْوِهِ صَحَّ اسْتِئْجَارُهَا لِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبِلَ) أَيْ الْقَوْلَ (قَوْلُهُ: إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ) أَوْ يَفْعَلُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ فِي تَمَلُّكِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ لَا يَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَاءَ) أَيْ فَلَوْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ عَنْ السَّقْيِ كَانَ لِلْمُؤَجِّرِ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: كَاسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَاءٌ مُعْتَادًا وَيَغْلِبُ حُصُولُهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يَجْمَعَ بِذَلِكَ إلَخْ) سَيَأْتِي أَنَّ الرَّاجِحَ صِحَّةُ إيجَارِهِ مُطْلَقًا، وَالْكَلَامُ فِي إقْطَاعِ الْأَوْقَافِ، أَمَّا إقْطَاعُ التَّمْلِيكِ فَيَصِحُّ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: مَنْ نَذَرَ عِتْقَهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ تَنْقَضِي قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِتْقِ بِأَنْ كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى شَيْءٍ كَقُدُومِ غَائِبٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: أَيْ مُسْتَمِرٌّ) دَفَعَ بِهِ إيهَامَ أَنَّ

ص: 271

(وَالْغَالِبُ حُصُولُهَا فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْغَالِبَ حُصُولُ الْغَالِبِ، وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِحُصُولِ مَا ذُكِرَ، وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ أَرَاضِيِ مِصْرٍ لِلزِّرَاعَةِ بَعْدَ رِيِّهَا بِالزِّيَادَةِ وَإِنْ لَمْ يَنْحَسِرْ عَنْهَا الْمَاءُ حَيْثُ رُجِيَ انْحِسَارُهُ فِي وَقْتِهِ عَادَةً وَقَبْلَهُ إنْ كَانَ رَيُّهَا مِنْ الزِّيَادَةِ الْغَالِبَةِ، وَيُعْتَبَرُ فِي كُلِّ زَمَنٍ بِمَا يُنَاسِبُهُ، وَالتَّمْثِيلُ بَخَمْسَةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الزَّمَنِ، وَلَوْ أَجَّرَهَا مَقِيلًا وَمُرَاحًا وَلِلزِّرَاعَةِ لَمْ تَصِحَّ مَا لَمْ يُبَيِّنْ عَيْنَ مَا لِكُلٍّ، وَيُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا قَصَدَ تَوْزِيعَ أُجْرَةِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ عَلَى الْمَنَافِعِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهَا، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْقَفَّالُ: لَوْ أَجَّرَهُ لِيَزْرَعَ النِّصْفَ وَيَغْرِسَ النِّصْفَ لَمْ يَصِحَّ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ عَيْنَ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا.

(وَالِامْتِنَاعُ) لِلتَّسْلِيمِ (الشَّرْعِيِّ) لِتَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ (كَالْحِسِّيِّ) فِي حُكْمِهِ (فَلَا يَصِحُّ)(اسْتِئْجَارٌ لِقَلْعٍ) أَوْ قَطْعٍ مَا مَنَعَ الشَّرْعُ قَطْعَهُ أَوْ قَلْعَهُ مِنْ نَحْوِ (سِنٍّ صَحِيحَةٍ) وَعُضْوٍ سَلِيمٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ أَرَاضِيِ مِصْرَ) وَسَيَأْتِي أَنَّ هَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ اشْتِرَاطِ اتِّصَالِ الْمَنْفَعَةِ بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ: لِلزِّرَاعَةِ) لَوْ تَأَخَّرَ إدْرَاكُ الزَّرْعِ عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلَا تَقْصِيرَ لَمْ يَجِبْ الْقَلْعُ قَبْلَ أَوَانِهِ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ م ر. وَقَوْلُهُ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الرَّوْضِ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْإِدْرَاكُ لِعُذْرِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَطَرٍ أَوْ أَكْلِ جَرَادٍ لِبَعْضِهِ: أَيْ كَرُءُوسِهِ فَنَبَتَ ثَانِيًا كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِهِ بَقِيَ بِالْأُجْرَةِ إلَى الْحَصَادِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِ م ر وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ عَلَى مَا لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ تُزْرَعُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَاسْتَأْجَرَهَا لِزِرَاعَةِ الْحَبِّ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زَرْعِ الْبُرِّ وَنَحْوِهِ فَتَأَخَّرَ الْإِدْرَاكُ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ فَلَا يُكَلَّفُ الْأُجْرَةَ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ فِي مِثْلِهِ بِتَبْقِيَةِ الزَّرْعِ إلَى وَقْتِ إدْرَاكِهِ وَإِنْ تَأَخَّرَ، وَحُمِلَ قَوْلُ الرَّوْضِ بَقِيَ بِالْأُجْرَةِ عَلَى مَا لَوْ قَدَّرَ مُدَّةً مَعْلُومَةً أَدْرَكَ الزَّرْعَ قَبْلَ فَرَاغِهَا فَيَلْزَمُ بِأُجْرَةِ مَا زَادَ عَلَى الْمُدَّةِ الْمُقَدَّرَةِ إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِانْتِفَاعٍ بِهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ بِزَرْعٍ آخَرَ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْحَسِرْ) أَيْ الْمَاءُ (قَوْلُهُ: فِي وَقْتِهِ عَادَةً) أَيْ فَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: وَقَبْلَهُ) أَيْ الرَّيِّ، وَقَوْلُهُ وَالتَّمْثِيلُ بَخَمْسَةَ عَشَرَ: أَيْ ذِرَاعًا (قَوْلُهُ: وَيُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ) أَيْ عَدَمُ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا قَصَدَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أُطْلِقَ لَمْ يَصِحَّ وَيَنْبَغِي أَنَّ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ مَحْمُولَةٌ عَلَى تَوْزِيعِ الْأُجْرَةِ عَنْ الْمَنَافِعِ الثَّلَاثِ، وَيَخْرُجُ بِذَلِكَ مَا لَوْ قَصَدَ تَعْمِيمَ الِانْتِفَاعِ وَأَنَّ الْمَعْنَى آجَرْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ لِتَنْتَفِعَ بِهَا مَا شِئْت، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمَنَافِعَ الثَّلَاثَ لِمُجَرَّدِ بَيَانِ مَا شَمِلَتْهُ الْمَنَافِعُ (قَوْلُهُ: لِيَزْرَعَ النِّصْفَ وَيَغْرِسَ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ أَجَّرَهُ لِيَزْرَعَ النِّصْفَ بُرًّا وَالنِّصْفَ شَعِيرًا هَلْ يَجِبُ أَنْ يُبَيِّنَ عَيْنَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى قِيَاسِ مَا ذُكِرَ فِي الزَّرْعِ وَالْغِرَاسِ بِجَامِعِ اخْتِلَافِ الضَّرَرِ وَلِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ إبْدَالُ الشَّعِيرِ بِالْحِنْطَةِ، أَوْ يُفَرِّقُ بِاتِّحَادِ الْجِنْسِ هُنَا وَهُوَ الزَّرْعُ بِخِلَافِ الزَّرْعِ وَالْغِرَاسِ فَإِنَّهُمَا جِنْسَانِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَصَمَّمَ م ر عَلَى الْفَرْقِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْفَرْقِ.

(قَوْلُهُ: كَالْحِسِّيِّ) أَيْ الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ الصِّحَّةِ فِي قَوْلِهِ وَكَوْنُ الْمُؤَجِّرِ قَادِرًا إلَخْ، وَهَذَا بِنَاءٌ مِنْهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُدْرَةِ فِيمَا مَرَّ الْحِسِّيَّةُ وَلَوْ حَمَلَهَا عَلَى الْأَعَمِّ لَاسْتَغْنَى بِمَا مَرَّ عَنْ ذِكْرِ هَذِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ سِنٍّ صَحِيحَةٍ) وَلَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَفَعَلَ لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيمَا فَعَلَهُ شَرْعًا كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ لِصَدْعِ إنَاءٍ ذَهَبٍ فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ. نَعَمْ لَوْ جَهِلَ الْأَجِيرُ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ فَيَنْبَغِي اسْتِحْقَاقُ الْأُجْرَةِ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْغَاصِبُ مَنْ يَذْبَحُ الشَّاةَ الْمَغْصُوبَةَ فَذَبَحَهَا جَاهِلًا فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَعَلَى هَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُؤَجِّرُ ظَنَنْتهَا وَجِعَةً وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ بَلْ عَلِمْتهَا صَحِيحَةً فَالْأَقْرَبُ تَصْدِيقُ الْمُؤَجِّرِ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ، إذْ الْغَالِبُ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَقَعُ إلَّا عَلَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمُرَادَ بِالدَّائِمِ الرَّاكِدُ كَمَا عَبَّرُوا بِهِ فِي الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ: وَيُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهِ وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ لَمْ يَظْهَرْ لِي (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) هَذَا مِنْ تَعَلُّقِ مَا قَبْلَ التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ، فَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ عَقِبَهُ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ

ص: 272

آدَمِيٍّ لِلْعَجْزِ عَنْهُ شَرْعًا. أَمَّا مَا يَجُوزُ شَرْعًا كَسِنٍّ وَجِعَةٍ فَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِقَلْعِهَا إنْ صَعُبَ الْأَلَمُ وَقَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: إنَّ قَلْعَهَا يُزِيلُ الْأَلَمَ، وَلَوْ اسْتَحَقَّ قَلْعَهَا فِي قِصَاصٍ أَوْ فِي نَظِيرِ مَا يَأْتِي فِي السِّلْعَةِ فَكَذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ فِي الْقِصَاصِ وَاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ جَائِزٌ، وَفِي الْبَيَانِ أَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى الْمُقْتَصِّ مِنْهُ إذَا لَمْ يَنْصِبْ الْإِمَامُ جَلَّادًا يُقِيمُ الْحُدُودَ وَيَرْزُقُهُ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ، وَلَوْ كَانَ السِّنُّ صَحِيحًا وَلَكِنْ انْصَبَّ تَحْتَهُ مَادَّةٌ مِنْ نَزْلَةٍ وَنَحْوِهَا وَقَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَا تَزُولُ الْمَادَّةُ إلَّا بِقَلْعِهَا، فَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ جَوَازُ الْقَلْعِ لِلضَّرُورَةِ، وَاسْتِشْكَالُهُ صِحَّتَهَا لِنَحْوِ الْفَصْدِ دُونَ كَلِمَةِ الْبَيَّاعِ رُدَّ بِأَنَّهُ فِي مَعْنَى إصْلَاحِ اعْوِجَاجِ السَّيْفِ بِنَحْوِ ضَرْبَةٍ لَا تُتْعِبُ بَلْ يَمْنَعُ دَعْوَى نَفْيِ التَّعَبِ لِأَنَّ تَمْيِيزَ الْعِرْقِ وَإِحْسَانَ ضَرْبِهِ لَا يَخْلُو عَنْ تَعَبٌ.

وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقَلْعِ وَجِعَةً فَبَرِئَتْ لَمْ تَنْفَسِخْ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ، وَالْقَوْلُ بِانْفِسَاخِهَا مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِهِ، فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْ قَلْعِهَا وَلَمْ تَبْرَأْ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ وَمُضِيِّ مُدَّةِ إمْكَانِ الْعَمَلِ لَكِنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ حَتَّى لَوْ سَقَطَتْ رَدَّ الْأُجْرَةَ كَمَنْ مَكَّنَتْ الزَّوْجَ فَلَمْ يَطَأْهَا ثُمَّ فَارَقَ، وَيُفَارِقُ ذَلِكَ مَا لَوْ حَبَسَ الدَّابَّةَ مُدَّةَ إمْكَانِ السَّيْرِ حَيْثُ تَسْتَقِرُّ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ لِتَلَفِ الْمَنَافِعِ تَحْتَ يَدِهِ، وَمَا تَقَرَّرَ هُنَا لَا يُنَافِي مَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ اسْتِقْرَارِهَا، إذْ هُوَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا تَبَيَّنَ عَدَمُ تَدَارُكِ الْفِعْلِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ وَمَا مَرَّ فِي إمْكَانِهِ (وَلَا) اسْتِئْجَارُ (حَائِضٌ) أَوْ نُفَسَاءَ مُسْلِمَةٍ (لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ) أَوْ تَعْلِيمِ قُرْآنٍ إجَارَةَ عَيْنٍ وَلَوْ مَعَ أَمْنِ التَّلْوِيثِ لِاقْتِضَاءِ الْخِدْمَةِ الْمُكْثَ وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ، بِخِلَافِ الذِّمِّيَّةِ عَلَى مَا مَرَّ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَبِطُرُوِّ نَحْوِ الْحَيْضِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ كَمَا يَأْتِي،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنْ صَعُبَ) أَيْ قَوِيَ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ وَلَوْ صَحِيحَةً (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) أَيْ فَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ تَنْفَسِخْ) أَيْ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى جَوَازِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ حَيْثُ سَاوَى مَا يُعَوَّضُ عَنْهُ نَفْسًا وَاحِدَةً أَوْ زَادَ حَيْثُ رَضِيَ الْأَجِيرُ أَوْ نَقَصَ حَيْثُ رَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ (قَوْلُهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَلْعِ (قَوْلُهُ: لَوْ سَقَطَتْ) أَيْ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمُؤَجِّرِ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: رَدَّ الْأُجْرَةَ) قَدْ يُقَالُ: يُشْكِلُ رَدُّ الْأُجْرَةِ هُنَا بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَرَضَ الدَّابَّةَ الْمُسْتَأْجَرَةَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ عَرَضَ الْمِفْتَاحَ فَامْتَنَعَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ تَسْلِيمِ مَا ذُكِرَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ فَالْأَقْرَبُ الْأُجْرَةُ، عَلَى أَنَّ قِيَاسَ مَا مَرَّ لَهُ، وَيَأْتِي مِنْ جَوَازِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ عَدَمُ الرَّدِّ وَأَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ الْمُؤَجِّرُ فِيمَا يَقُومُ مَقَامَ قَلْعِ السِّنِّ الْمَذْكُورَةِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: لِتَلَفِ) أَيْ وَذَلِكَ لِتَلَفٍ إلَخْ

(قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا تَبَيَّنَ عَدَمَ تَدَارُكِ) أَيْ عَدَمَ مُبَاشَرَةِ الْفِعْلِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ بِلَا مَانِعٍ مِنْهُ، وَفِي نُسْخَةٍ إذَا لَمْ يَطْرَأْ ثَمَّ مَا تَبَيَّنَ بِهِ عَدَمُ إمْكَانِ الْفِعْلِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ إلَخْ وَهِيَ أَقْعَدُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الذِّمِّيَّةِ) مُحْتَرَزُ مُسْلِمَةٍ: أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهَا. وَوَجَّهَ بِأَنَّهَا لَا تُمْنَعُ مِنْ الْمَسْجِدِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ مَنْعِ الْكَافِرِ الْجُنُبِ مِنْ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ، وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ الْمَنْعِ لَمْ يَبْعُدْ لِأَنَّ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ تَسْلِيطًا لَهَا عَلَى دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَمُطَالَبَتَهَا مِنَّا بِالْخِدْمَةِ. وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مُجَرَّدِ عَدَمِ الْمَنْعِ. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ حُرْمَةِ بَيْعِ الطَّعَامِ لِلْكَافِرِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مَعَ أَنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لَهُ إذَا وَجَدْنَاهُ يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ مَرَّ (قَوْلُهُ: وَبِطُرُوِّ نَحْوِ الْحَيْضِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ) هَذَا قَدْ يَشْكُلُ عَلَى جَوَازِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ، إذْ قِيَاسُهُ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ وَإِبْدَالُ خِدْمَةِ الْمَسْجِدِ بِخِدْمَةِ بَيْتٍ مِثْلِهِ، إذْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْ قَلْعِهَا إلَخْ) هَذَا التَّفْرِيعُ وَمَا بَعْدَهُ إلَى آخِرِ السَّوَادَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُقَابِلِ فَإِنَّهُ كَذَلِكَ بِرُمَّتِهِ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ بِنَاءً عَلَى اخْتِيَارِ الْمُقَابِلِ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ وَاسْتِقْرَارُ الْأُجْرَةِ، وَفِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ لِلشِّهَابِ سم التَّصْرِيجُ بِذَلِكَ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ فِي عِدَّةِ قَوْلَاتٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ الِانْفِسَاخِ الَّذِي هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ سِيَاقِ الشَّارِحِ فَتَنَبَّهْ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ فِي بَابِ الْحَدَثِ

ص: 273

فَلَوْ دَخَلَتْ وَمَكَثَتْ عَصَتْ وَلَمْ تَسْتَحِقَّ أُجْرَةً، وَفِي مَعْنَى الْحَائِضِ الْمُسْتَحَاضَةُ وَمَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ أَوْ جِرَاحَةٍ نَضَّاخَةٍ يُخْشَى مِنْهَا التَّلْوِيثُ، أَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَتَصِحُّ، وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِتَعْلِيمِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالسِّحْرِ وَالْفُحْشِ وَالنُّجُومِ وَالرَّمْلِ، وَلَا لِخِتَانِ صَغِيرٍ لَا يَحْتَمِلُ، وَلَا كَبِيرٍ فِي شِدَّةِ بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ، وَلَا لِزَمْرٍ وَنِيَاحَةٍ وَحَمْلِ مُسْكِرٍ غَيْرِ مُحْتَرَمٍ إلَّا لِلْإِرَاقَةِ، وَلَا لِتَصْوِيرِ حَيَوَانٍ وَسَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَلَا يَحِلُّ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَبَيْعِ مَيْتَةٍ، وَكَمَا يَحْرُمُ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَى ذَلِكَ يَحْرُمُ إعْطَاؤُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَفَكِّ أَسِيرٍ وَإِعْطَاءِ شَاعِرٍ دَفْعًا لِهَجْوِهِ وَظَالِمٍ دَفْعًا لِظُلْمِهِ.

(وَكَذَا) حُرَّةٌ (مَنْكُوحَةٌ لِرَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ) مِمَّا لَا يُؤَدِّي إلَى خَلْوَةٍ مُحَرَّمَةٍ فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهَا إجَارَةَ عَيْنٍ (بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ عَلَى الْأَصَحِّ) مَا لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُسْتَأْجِرَ لِاسْتِغْرَاقِ أَوْقَاتِهَا بِحَقِّهِ. وَالثَّانِي يَجُوزُ لِأَنَّ مَحَلَّهُ غَيْرُ مَحَلِّ النِّكَاحِ، إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي لَبَنِهَا وَخِدْمَتِهَا لَكِنَّ لَهُ فَسْخَهَا حِفْظًا لِحَقِّهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ الْأَوَّلِ مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَائِبًا أَوْ طِفْلًا فَأَجَّرَتْ نَفْسَهَا لِعَمَلٍ يَنْقَضِي قَبْلَ قُدُومِهِ أَوْ تَأَهُّلِهِ لِلتَّمَتُّعِ جَازَ. وَاعْتِرَاضُ الْغَزِّيِّ لَهُ بِأَنَّ مَنَافِعَهَا مُسْتَحَقَّةٌ لَهُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ مَمْنُوعٌ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهَا بَلْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يَنْتَفِعَ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ مِنْهُ، وَخَرَجَ بِالْحُرَّةِ الْأَمَةُ فَلِسَيِّدِهَا إيجَارُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ فِي وَقْتٍ لَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُهَا لَهُ. أَمَّا مَعَ إذْنِهِ فَتَصِحُّ مُطْلَقًا. نَعَمْ الْمُكَاتَبَةُ كَالْحُرَّةِ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِانْتِفَاءِ سَلْطَنَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمَسْجِدُ نَظِيرُ الصَّبِيِّ الْمُعَيَّنِ لِلْإِرْضَاعِ، وَالثَّوْبِ الْمُعَيَّنِ لِلْخِيَاطَةِ، وَالْخِدْمَةُ نَظِيرُ الْإِرْضَاعِ وَالْخِيَاطَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَسْتَحِقَّ أُجْرَةً) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَتَتْ بِمَا اُسْتُؤْجِرَتْ لَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا قَرَّرَهُ مِنْ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِطُرُوِّ الْحَيْضِ فَإِنَّ مَا أَتَتْ بِهِ بَعْدَ الِانْفِسَاخِ كَالْعَمَلِ بِلَا اسْتِئْجَارٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَتَصِحُّ) لَوْ أَتَتْ بِالْعَمَلِ بِنَفْسِهَا فِي هَذِهِ بِأَنْ كَنَسَتْ الْمَسْجِدَ بِنَفْسِهَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَسْتَحِقَّ الْأُجْرَةَ وَإِنْ أَثِمَتْ بِالْمُكْثِ فِيهِ لِحُصُولِ الْمَقْصِدِ مَعَ ذَلِكَ، وَبِذَلِكَ يُفَارِقُ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عِنْدَ قَبْرٍ مَثَلًا فَقَرَأَهُ جُنُبًا فَإِنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ وَذَلِكَ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصِدِ، لِأَنَّهُ لَمَّا أَتَى بِالْقُرْآنِ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ بِأَنْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ أَوْ عَلَى غَيْرِ وَجْهٍ مُحَرَّمٍ يَصْرِفُهُ عَنْ حُكْمِ الْقُرْآنِ كَأَنْ أَطْلَقَ انْتَفَى الْمَقْصُودُ أَوْ نَقَصَ وَهُوَ الثَّوَابُ أَوْ نُزُولُ الرَّحْمَةِ عِنْدَهُ م ر.

[فَرْعٌ] سَامِعُ قِرَاءَةِ الْجُنُبِ حَيْثُ حُرِّمَتْ هَلْ يُثَابُ؟ لَا يَبْعُدُ الثَّوَابُ لِأَنَّهُ اسْتِمَاعٌ لِلْقُرْآنِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ الْحُرْمَةَ عَلَى الْقَارِئِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِتَعْلِيمِ التَّوْرَاةِ إلَخْ) أَيْ لِجَمِيعِ ذَلِكَ. أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ الْبَعْضُ، فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَعُلِمَ عَدَمُ تَبْدِيلِهِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا اهـ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ ذِمِّيٍّ مُسْلِمًا لِبِنَاءِ كَنِيسَةٍ لِحُرْمَةِ بِنَائِهَا وَإِنْ أَقَرَّ عَلَيْهِ، وَمَا فِي الزَّرْكَشِيّ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى كَنِيسَةٍ لِنُزُولِ الْمَارَّةِ اهـ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ) .

[فَرْعٌ] ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجَةِ اسْتِئْجَارُ زَوْجِهَا، وَلَهَا مَنْعُهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ لَكِنْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَهُوَ وَاضِحٌ وَافَقَ عَلَيْهِ م ر، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ لَهَا مَنْعَهُ وَقْتَ الْعَمَلِ لَا مُطْلَقًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

أَقُولُ: وَفِي دَعْوَى السُّقُوطِ وَالْحَالَةِ مَا ذَكَرَ نَظَرٌ لِأَنَّهَا تَمْنَعُهُ حَقًّا وَجَبَ لَهُ عَلَيْهَا بَلْ هُوَ بِإِجَارَةِ نَفْسِهِ فَوَّتَ التَّمَتُّعِ عَلَى نَفْسِهِ فَكَانَ الْمَانِعُ مِنْهُ لَا مِنْهَا (قَوْلُهُ: لِعَمَلٍ) أَيْ يَعْمَلُهُ فِي بَيْتِهَا (قَوْلُهُ: جَازَ) فَلَوْ حَضَرَ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ فَيَنْبَغِي الِانْفِسَاخُ فِي الْبَاقِي اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَاعْتِرَاضُ الْغَزِّيِّ لَهُ) أَيْ لِمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَعَ إذْنِهِ) أَيْ الزَّوْجِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: كَفَكِّ أَسِيرٍ إلَخْ) أَيْ: نَظِيرُ الْمَذْكُورَاتِ فِي حِلِّ الدَّفْعِ دُونَ الْأَخْذِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ فَالْمُرَادُ مِنْهُ مُجَرَّدُ التَّنْظِيرِ لِلْإِيضَاحِ وَإِلَّا فَفَكُّ الْأَسِيرِ وَمَا بَعْدَهُ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُسْتَأْجِرُ) فِيهِ أَنَّ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُ الْمَتْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ إذْ اسْتِئْجَارُهُ إذْنٌ وَزِيَادَةٌ.

ص: 274

السَّيِّدِ عَلَيْهَا، وَالْعَتِيقَةُ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهَا أَبَدًا لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الزَّوْجِ فِي إيجَارِهَا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَبِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ الْمَنْكُوحَةُ لَهُ فَيَجُوزُ لَهُ اسْتِئْجَارُهَا وَلَوْ لِوَلَدِهِ مِنْهَا، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِيمَنْ تَمَلَّكَ مَنَافِعَهَا، فَلَوْ كَانَتْ مُسْتَأْجَرَةُ الْعَيْنِ لَمْ تَصِحَّ إجَارَتُهَا نَفْسَهَا قَطْعًا، وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِاسْتِئْجَارِ الْعَكَّامِينَ لِلْحَجِّ.

وَأَفْتَى السُّبْكِيُّ بِمَنْعِهِ لِوُقُوعِ الْإِجَارَةِ عَلَى أَعْيُنِهِمْ لِلْعَكْمِ فَكَيْفَ يُسْتَأْجَرُونَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا مُزَاحِمَةَ بَيْنَ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَالْعَكْمِ إذْ يُمْكِنُهُ فِعْلُهَا فِي غَيْرِ أَوْقَاتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَغْرِقُ الْأَزْمِنَةَ، وَلَيْسَ لِمُسْتَأْجِرِ الْمَنْكُوحَةِ وَلَوْ لِلْإِرْضَاعِ مَنْعُ زَوْجِهَا مِنْ وَطْئِهَا خَوْفَ الْحَبَلِ وَانْقِطَاعِ اللَّبَنِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْعِ الرَّاهِنِ مِنْ وَطْءِ الْمَرْهُونَةِ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ بِتَعَاطِيهِ عَقْدَ الرَّهْنِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ، وَإِذْنُهُ هُنَا لَيْسَ كَتَعَاطِي الْعَقْدِ كَمَا لَا يَخْفَى.

(وَيَجُوزُ)(تَأْجِيلُ الْمَنْفَعَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ) إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ لِقَبُولِ الدَّيْنِ التَّأْجِيلَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَإِنْ أُطْلِقَ كَانَ حَالًّا (كَأَلْزَمْت ذِمَّتَك الْحَمْلَ) بِكَذَا (إلَى مَكَّةَ أَوَّلَ شَهْرِ كَذَا) وَمُرَادُهُ. بِأَوَّلِ الشَّهْرِ هُنَا مُسْتَهَلُّهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ التَّأْجِيلَ بِهِ بَاطِلٌ عَلَى مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَمَرَّ ثَمَّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْبَغَوِيِّ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ، وَعَلَيْهِ فَكَلَامُهُ هُنَا عَلَى إطْلَاقِهِ.

(وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ عَيْنٍ لِمَنْفَعَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ) كَإِجَارَةِ هَذِهِ الدَّارِ السَّنَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ أَوْ سَنَةً أَوَّلُهَا مِنْ غَدٍ، وَكَذَا إنْ قَالَ أَوَّلُهَا مِنْ أَمْسِ وَكَإِجَارَةِ أَرْضٍ مَزْرُوعَةٍ لَا يُمْكِنُ تَفْرِيغُهَا إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ عَيْنًا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا لَهُ بَعْدَ سَاعَةٍ بِخِلَافِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ قَالَ وَقَدْ عَقَدَ آخِرَ النَّهَارِ أَوَّلُهَا يَوْمَ تَارِيخِهِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْيَوْمِ الْوَقْتُ أَوْ فِي التَّعْبِيرِ بِالْيَوْمِ عَنْ بَعْضِهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا سَائِغٌ شَائِعٌ وَلَوْ قَالَا بِقِسْطَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي السَّنَةِ، فَإِنْ أَرَادَ النِّصْفَ فِي أَوَّلِ أَوْ آخِرِ نِصْفِهَا الْأَوَّلِ وَالنِّصْفَ فِي أَوَّلِ أَوْ آخِرِ نِصْفِهَا الثَّانِي صَحَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

صُدِّقَ الزَّوْجُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الزَّوْجِ) أَيْ بَلْ يُؤَجِّرُهَا مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ بِلَا إذْنٍ (قَوْلُهُ: وَبِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ) أَيْ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُسْتَأْجِرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ الْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ: بِاسْتِئْجَارِ الْعَكَّامِينَ لِلْحَجِّ) أَيْ عَنْ الْمَعْضُوبِ لِيَحُجُّوا عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِهِ) أَيْ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: خَوْفَ الْحَبَلِ) أَيْ أَمَّا الْوَطْءُ الْمُضِرُّ بِالطِّفْلِ حَالًا فَيَمْتَنِعُ كَمَا يَأْتِي لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَصِحُّ لِحَضَانَةٍ وَإِرْضَاعٍ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ إلَخْ) وَهَذَا الْفَرْقُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَجَّرَ أَمَتَهُ الْخَلِيَّةَ امْتَنَعَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا لِأَنَّهُ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ بِتَعَاطِيهِ عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّاهِنِ لَائِحٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَلَعَلَّهُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ هُنَا لَا يُضَيِّعُ حَقَّهُ بِنُقْصَانِ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ لَهُ الْخِيَارُ بِتَعَيُّبِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ فَانْفَسَخَ رَجَعَ بِمَا سَلَّمَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ أَوْ سَقَطَتْ عَنْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَهَا، بِخِلَافِ الرَّاهِنِ فَإِنَّهُ بِتَقْدِيرِ تَلَفِ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ يَفُوتُ التَّوَثُّقُ الْمَقْصُودُ مِنْ الرَّهْنِ بِلَا بَدَلٍ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَخْفَى) أَيْ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْعَقْدَ الْمُوجِبَ لِاسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ، بِخِلَافِ نَفْسِ الرَّهْنِ مَعَ الْإِقْبَاضِ فَإِنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي الْمَرْهُونِ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ.

(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي السَّلَمِ، وَقَوْلُهُ أَنَّ التَّأْجِيلَ بِهِ أَيْ بِالْأُولَى.

(قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ قَالَ أَوَّلُهَا مِنْ أَمْسِ) صَرِيحٌ هَذَا بُطْلَانُ الْإِجَارَةِ فِي الْجَمِيعِ، وَقَدْ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ بِالْقِسْطِ مِنْ الْمُسَمَّى وَتَبْطُلُ فِيمَا مَضَى تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ لِاشْتِمَالِ الْعَقْدِ عَلَى مَا يَقْبَلُ الْإِجَارَةَ وَمَا لَا يَقْبَلُهَا، وَلَوْ قَالَ بِقِسْطَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْقِسْطَ الْأَوَّلَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ مُتَوَالِيَةٌ مِنْ أَوَّلِ السَّنَةِ وَالْقِسْطَ الثَّانِيَ سَنَةٌ مُتَوَالِيَةٌ تَلِي السَّنَةَ الْأُولَى (قَوْلُهُ: أَوْ آخِرِ نِصْفِهَا الْأَوَّلِ) وَالْمُرَادُ آخِرُ جُزْءٍ مِنْ النِّصْفِ الْأَوَّلِ أَوْ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ وَبِمَا بَعْدَهُ آخِرِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الزَّوْجِ فِي إيجَارِهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي أَوْقَاتِ التَّمَتُّعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ إذْ لَا تَتَقَاعَدُ عَنْ الْأَمَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِيمَنْ يَمْلِكُ مَنَافِعَهَا إلَخْ) هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالْمَنْكُوحَةِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: لِلْحَجِّ) مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِئْجَارِ

ص: 275

كَمَا هُوَ وَاضِحٌ أَيْضًا لِاسْتِغْرَاقِهِمَا السَّنَةَ حِينَئِذٍ مَعَ احْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا بَطَلَ لِلْجَهْلِ بِهِ إذْ يَصْدُقُ تَسَاوِيهُمَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا مِنْ السَّنَةِ وَذَلِكَ مَجْهُولٌ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَنْعِ فِي الْمُسْتَقْبَلَةِ صُوَرٌ كَمَا أَجَّرَهُ لَيْلًا لِمَا يَعْمَلُ نَهَارًا وَأَطْلَقَ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي إجَارَةِ أَرْضٍ لِلزِّرَاعَةِ قَبْلَ رَيِّهَا، وَكَإِجَارَةِ عَيْنِ شَخْصٍ لِلْحَجِّ عِنْدَ خُرُوجِ قَافِلَةِ بَلَدِهِ أَوْ تَهَيُّئِهِمْ لِلْخُرُوجِ وَلَوْ قَبْلَ أَشْهُرِهِ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ الْإِتْيَانُ بِهِ مِنْ بَلَدِ الْعَقْدِ إلَّا بِالسَّيْرِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَفِي أَشْهُرِهِ قَبْلَ الْمِيقَاتِ لِيُحْرِمَ مِنْهُ وَإِجَارَةُ دَارٍ بِبَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَدَارٍ مَشْغُولَةٍ بِأَمْتِعَةِ وَأَرْضٍ مَزْرُوعَةٍ يَتَأَتَّى تَفْرِيغُهَا قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ، وَكَمَا فِي قَوْلِهِ (فَلَوْ)(آجَرَ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ لِمُسْتَأْجِرِ الْأُولَى) أَوْ مُسْتَحَقِّهَا بِنَحْوِ وَصِيَّةٍ أَوْ عِدَّةٍ بِالْأَشْهُرِ (قَبْلَ انْقِضَائِهَا)(جَازَ فِي الْأَصَحِّ) لِاتِّصَالِ الْمُدَّتَيْنِ مَعَ اتِّحَادِ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا لَوْ آجَرَ مِنْهُ السَّنَتَيْنِ فِي عَقْدٍ، وَلَا نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، فَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ لَمْ يَقْدَحْ فِي الثَّانِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعَزِيزِ. وَالْوَجْهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

جُزْءٍ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي أَوْ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ فَأَوْ بِإِسْكَانِ الْوَاوِ، وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ أَوْ الْآخِرُ عَلَى التَّعْيِينِ لَا وَاحِدَ مُبْهَمٌ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: غَيْرِ بَلَدِ الْعَاقِدَيْنِ) هَلْ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ زَمَنِ الْوُصُولِ إلَيْهَا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَوْنِ الْإِجَارَةِ لِمَنْفَعَةِ مُسْتَقْبَلَةٍ بِدَلِيلِ اسْتِثْنَائِهَا مِنْ الْمَنْعِ أَوْ مِنْ زَمَنِ الْعَقْدِ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمُدَّةِ السَّابِقَةِ أَوْ لَا تَلْزَمُهُ إلَّا أُجْرَةُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ بَعْدَ الْوُصُولِ؟ وَلَوْ كَانَ الْوُصُولُ يَسْتَغْرِقُ الْمُدَّةَ فَهَلْ تُمْتَنَعُ الْإِجَارَةُ فِي كُلِّ ذَلِكَ، وَلَمْ أَرَ مِنْهُ شَيْئًا، وَيُتَّجَهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّ الْمُدَّةَ إنَّمَا تُحْسَبُ مِنْ زَمَنِ الْوُصُولِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ حَجّ. وَنُقِلَ هَذَا عَنْ فَتَاوَى النَّوَوِيِّ قَالَ: فَلَا يَضُرُّ فَرَاغُ السَّنَةِ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهَا لِأَنَّ الْمُدَّةَ إنَّمَا تُحْسَبُ مِنْ وَقْتِ الْوُصُولِ إلَيْهَا وَالتَّمَكُّنِ مِنْهَا: أَيْ وَعَلَى الثَّانِي فَلَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً (قَوْلُهُ: يَتَأَتَّى تَفْرِيغُهَا قَبْلَ) فِي كُلٍّ مِنْ الدَّارِ وَالْأَرْضِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ زَمَنُ التَّفْرِيغِ يُقَابَلُ بِأُجْرَةِ عَدَمِ الصِّحَّةِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الدَّارِ عَنْ إفْتَاءِ النَّوَوِيِّ الصِّحَّةُ هُنَا، وَتُحْسَبُ الْمُدَّةُ مِنْ التَّفْرِيغِ بِالْفِعْلِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْهَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعَاقِدَيْنِ لَمَّا كَانَا فِي مَحَلِّ الزَّرْعِ لَمْ يَكُنْ بِهَا ضَرُورَةٌ إلَى الْعَقْدِ قَبْلَ التَّفْرِيغِ، بِخِلَافِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ إذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْعَقْدِ سِيَّمَا إذَا فَرَّطَ بَعْدَهَا فَقَدْ تَتَعَذَّرُ الْإِجَارَةُ إذَا تَوَقَّفَتْ صِحَّتُهَا عَلَى الْوُصُولِ إلَى مَحَلِّهَا فَقُلْنَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ ثُمَّ لِلْحَاجَةِ بِخِلَافِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ آجَرَ مِنْهُ) أَيْ لَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَجَدَ ذَلِكَ) أَيْ الِانْفِسَاخَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْدَحْ) أَيْ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَام

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَإِجَارَةُ دَارٍ بِبَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِ الْعَاقِدَيْنِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: هَلْ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ زَمَنِ الْوُصُولِ إلَيْهَا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَوْنِ الْإِجَارَةِ لِمَنْفَعَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ بِدَلِيلِ اسْتِثْنَائِهَا مِنْ الْمَنْعِ، أَوْ مِنْ زَمَنِ الْعَقْدِ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمُدَّةِ السَّابِقَةِ عَلَى الْوُصُولِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا أُجْرَةُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ بَعْدَ الْوُصُولِ، وَلَوْ كَانَ الْوُصُولُ يَسْتَغْرِقُ الْمُدَّةَ فَهَلْ تَمْتَنِعُ الْإِجَارَةُ؟ فِي كُلِّ ذَلِكَ نَظَرٌ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا، وَيُتَّجَهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّ الْمُدَّةَ إنَّمَا تُحْسَبُ مِنْ زَمَنِ الْوُصُولِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. مَا قَالَهُ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ.

قَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ: وَنَقَلَ هَذَا: يَعْنِي الْأَوَّلَ الَّذِي اسْتَوْجَهَهُ سم عَنْ إفْتَاءِ النَّوَوِيِّ، قَالَ: أَيْ النَّوَوِيُّ، فَلَا يَضُرُّ فَرَاغُ السَّنَةِ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ إنَّمَا تُحْسَبُ مِنْ وَقْتِ الْوُصُولِ إلَيْهَا وَالتَّمَكُّنِ مِنْهَا اهـ. مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ.

وَمَا نُقِلَ لَهُ عَنْ إفْتَاءِ النَّوَوِيِّ لَمْ أَرَهُ فِي فَتَاوِيهِ الْمَشْهُورَةِ.

وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ خِلَافُهُ، وَهُوَ أَنَّ الْمُدَّةَ تُحْسَبُ مِنْ الْعَقْدِ، وَنَصُّ مَا فِيهَا: سُئِلَ عَمَّا لَوْ أَجَرَ دَارًا مَثَلًا بِمَكَّةَ شَهْرًا وَالْمُسْتَأْجِرُ بِمِصْرَ مَثَلًا هَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَى مَكَّةَ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ قَدْرٍ زَائِدٍ عَلَى مَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ فِيهِ، وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمُسَمَّى أَوْ الْقِسْطَ مِنْهُ بِقَدْرِ الزَّائِدِ الْمَذْكُورِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ قَبْلَ وُصُولِهِ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ، فَإِنْ زَادَتْ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقِسْطِ مَا بَقِيَ مِنْهَا فَقَطْ، وَفِيهَا: أَعْنِي فَتَاوَى الشَّارِحِ جَوَابٌ آخَرُ يُوَافِقُ هَذَا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْدَحْ فِي الثَّانِي) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: وَلِلْمُؤَجِّرِ حِينَئِذٍ إيجَارُ مَا انْفَسَخَتْ فِيهِ لِغَيْرِ مُسْتَأْجِرِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ

ص: 276

الثَّانِي لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ آجَرَهَا لِغَيْرِهِ، وَاحْتُرِزَ بِقَبْلِ انْقِضَائِهَا عَمَّا لَوْ قَالَ آجَرْتُكَهَا سَنَةً فَإِذَا انْقَضَتْ فَقَدْ آجَرْتُكهَا سَنَةً أُخْرَى فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ الثَّانِي كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِمَجِيءِ الشَّهْرِ فَلَمْ تُرَدُّ عَلَى كَلَامِهِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ سَنَةً فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا السَّنَةَ الْأُخْرَى مِنْ الثَّانِي لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْمَنْفَعَةِ، وَفِي إيجَارِهَا مِنْ الْأَوَّلِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا لِأَنَّهُ الْآنَ غَيْرُ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَنْفَعَةِ، وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الرَّوْضَةِ، وَيَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي لَمَّا آجَرَهُ الْبَائِعُ مِنْ غَيْرِهِ إيجَارُ ذَلِكَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ جَمْعٍ، خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي.

وَفِي جَوَازِ إيجَارِ الْوَارِثِ مَا آجَرَهُ الْمَيِّتُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ تَرَدُّدٌ الْأَقْرَبُ مِنْهُ الْجَوَازُ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الظَّاهِرُ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلُ فَصْلٌ بَيْنَ السَّنَتَيْنِ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ قَطْعًا، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ شَامِلٌ لِلطِّلْقِ وَالْوَقْفِ. نَعَمْ لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ الْوَقْفَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ فَأَجَّرَهُ النَّاظِرُ ثَلَاثًا فِي عَقْدٍ وَثَلَاثًا فِي عَقْدٍ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَالْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَوَافَقَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَدَمُ صِحَّةِ الْعَقْدِ الثَّانِي، وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ إجَارَةِ الزَّمَانِ الْقَابِلِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ اتِّبَاعًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ لِأَنَّ الْمُدَّتَيْنِ الْمُتَّصِلَتَيْنِ فِي الْعَقْدَيْنِ فِي مَعْنَى الْعَقْدِ الْوَاحِدِ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِوُقُوعِهِ زَائِدًا عَلَى مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ، وَإِنْ خَالَفَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ نَظَرًا إلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَلَوْ أَجَّرَ عَيْنًا فَأَجَّرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لِغَيْرِهِ ثُمَّ تَقَايَلَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ صِحَّةُ الْإِقَالَةِ، وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ،.

وَلَوْ أَجَّرَهُ حَانُوتًا أَوْ نَحْوَهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ الْأَيَّامَ دُونَ اللَّيَالِي أَوْ عَكْسَهُ لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ اتِّصَالِ زَمَنِ الِانْتِفَاعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ فَتَصِحُّ لِأَنَّهُمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِلْإِجَارَةِ يُرْفَعَانِ فِي اللَّيْلِ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْعَادَةِ لِعَدَمِ إطَاقَتِهِمَا الْعَمَلَ دَائِمًا وَكَمَا فِي قَوْلِهِ (وَيَجُوزُ) (كِرَاءُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِي: وَفِي صِحَّةِ الْعَقْدِ الثَّانِي (قَوْلُهُ لِمَا آجَرَهُ الْبَائِعُ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ: أَيْ مُدَّةً ثَانِيَةً.

(قَوْلُهُ: مَا آجَرَهُ) أَيْ مُدَّةً ثَانِيَةً (قَوْلُهُ: شَامِلٌ لِلطِّلْقِ) أَيْ الْأَرْضُ الْمَمْلُوكَةُ وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارُ وَالطِّلْقُ بِالْكَسْرِ الْحَلَالُ اهـ وَالْمُرَادُ هُنَا الْمَمْلُوكَةُ.

[فَرْعٌ] اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ سَنَةً مِنْ عَمْرٍو ثُمَّ أَجَّرَ نِصْفَهَا لِبَكْرٍ: أَيْ شَائِعًا، فَهَلْ لِعَمْرٍو إيجَارُ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِاتِّصَالِهَا بِالنِّصْفِ الثَّانِي الَّذِي يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ أَوْ لَا لِأَنَّ زَيْدًا غَيْرُ مَالِكٍ لِلْمَنْفَعَةِ الْحَاضِرَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَبَادَرَ م ر إلَى الثَّانِي اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِمَا عُلِّلَ بِهِ مِنْ اتِّصَالِ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ صِحَّةِ الْعَقْدِ) أَيْ مَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ كَمَا يَأْتِي وَإِلَّا جَازَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُدَّتَيْنِ الْمُتَّصِلَتَيْنِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ امْتِنَاعُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ النَّاظِرِ يُؤَجِّرُهُ الْقَدْرَ الَّذِي شَرَطَهُ الْوَاقِفُ ثُمَّ قَبْلَ مُضِيِّهِ بِأَشْهُرٍ أَوْ أَيَّامٍ يَطْلُبُ الْمُسْتَأْجِرُ عَقْدًا آخَرَ خَوْفًا مِنْ تَعَدِّي غَيْرِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: صِحَّةُ الْإِقَالَةِ) وَكَالْمُؤَجَّرَةِ مَا لَوْ اشْتَرَى عَيْنًا ثُمَّ بَاعَهَا وَتَقَايَلَ الْمُشْتَرِي مَعَ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ اهـ سم عَلَى حَجّ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ) أَيْ فَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ عَلَى الْمَالِكِ بِقِسْطِ الْمُسَمَّى مِنْ وَقْتِ التَّقَايُلِ وَلِلْمَالِكِ عَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ وَيَسْتَحِقُّ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي مَا سَمَّاهُ فِي إجَارَتِهِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: سَنَةً) الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَنَازَعَهُ مِنْ قَوْلِهِ اسْتَأْجَرْت وَقَوْلُهُ: الْمُسْتَأْجِرُ، احْتِرَازًا عَمَّا إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ سَنَةً مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَهَا سَنَتَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا إلَّا مِنْ الْأَوَّلِ لِتَأَخُّرِ مُدَّتِهِ

(قَوْلُهُ: وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا الْحَاجَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ صِحَّةُ الْإِقَالَةِ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا تَقَايَلَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمُؤَجِّرَ الْأَوَّلَ رَجَعَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ بِالْمُسَمَّى وَلَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مِنْ حِينِ التَّقَايُلِ لَا الْمُسَمَّى لِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ بِالتَّقَايُلِ وَقَدْ أَتْلَفَ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةَ بِإِيجَارِهَا فَلَزِمَهُ قِيمَتُهَا وَهِيَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَمَا سَبَقَ التَّقَايُلُ يَسْتَقِرُّ قِسْطُهُ مِنْ الْمُسَمَّى اهـ.

ص: 277

الْعُقْبِ) (فِي الْأَصَحِّ) بِضَمِّ الْعَيْنِ جَمْعُ عُقْبَةٍ: أَيْ نَوْبَةٍ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَعْقُبُ صَاحِبَهُ وَيَرْكَبُ مَوْضِعَهُ، وَأَمَّا خَبَرُ الْبَيْهَقِيّ «مَنْ مَشَى عَنْ رَاحِلَتِهِ عُقْبَةً فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَ رَقَبَةً» وَفَسَّرُوهَا بِسِتَّةِ أَمْيَالٍ فَلَعَلَّهُ وَضَعَهَا لُغَةً فَلَا يَتَقَيَّدُ مَا هُنَا بِذَلِكَ، وَخَرَجَ بِإِجَارَةِ الْعَيْنِ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَتَصِحُّ اتِّفَاقًا لِمَا مَرَّ أَنَّ التَّأْجِيلَ فِيهَا جَائِزٌ (وَهُوَ أَنْ يُؤَجِّرَ دَابَّةً رَجُلًا) مَثَلًا (لِيَرْكَبَهَا بَعْضَ الطَّرِيقِ) وَيَمْشِيَ بَعْضَهَا أَوْ يَرْكَبَهُ الْمَالِكُ تَنَاوُبًا (أَوْ) يُؤَجِّرَهَا (رَجُلَيْنِ) مَثَلًا (لِيَرْكَبَ ذَا أَيَّامًا) مَعْلُومَةً (وَذَا أَيَّامًا) كَذَلِكَ تَنَاوُبًا وَمِنْ ذَلِكَ آجَرْتُك نِصْفَهَا لِمَحَلِّ كَذَا أَوْ كُلَّهَا لِتَرْكَبَهَا نِصْفَ الطَّرِيقِ فَيَصِحُّ كَبَيْعِ الْمُشَاعِ (وَيُبَيِّنُ الْبَعْضَيْنِ) فِي الصُّورَتَيْنِ كَنِصْفٍ أَوْ رُبُعٍ مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ عَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ مَضْبُوطَةٌ بِالزَّمَنِ أَوْ الْمَسَافَةِ كَيَوْمٍ وَيَوْمٍ أَوْ فَرْسَخٍ وَفَرْسَخٍ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَيْهَا وَالْمَحْسُوبُ فِي الزَّمَنِ زَمَنُ السَّيْرِ دُونَ زَمَنِ النُّزُولِ لِعَلَفٍ أَوْ اسْتِرَاحَةٍ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي (ثُمَّ) بَعْدَ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ (يَقْتَسِمَانِ) ذَلِكَ بِالتَّرَاضِي، فَلَوْ تَنَازَعَ فِي الْبَادِئِ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، وَذَلِكَ لِمِلْكِهِمَا الْمَنْفَعَةَ مَعًا وَيُغْتَفَرُ التَّأْخِيرُ الْوَاقِعُ لِضَرُورَةِ الْقِسْمَةِ. نَعَمْ لَوْ شَرَطَ الصِّحَّةَ فِي الْأُولَى تَقَدَّمَ رُكُوبُ الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِلَّا بَطَلَتْ لِتَعَلُّقِهَا حِينَئِذٍ بِزَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ، وَالْقِنُّ كَالدَّابَّةِ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ أَيَّامًا جَوَازُ جَعْلِ النَّوْبَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ كَأَنْ يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ خَالَفَ الْعَادَةَ، أَوْ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ وَهُوَ كَذَلِكَ، حَيْثُ لَا يَضُرُّ بِالدَّابَّةِ أَوْ بِالْمَاشِي، وَيُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا. وَيُؤْخَذُ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا مَالِكِ الدَّابَّةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَأَمَّا خَبَرُ الْبَيْهَقِيّ مَنْ مَشَى) أَيْ قَاصِدًا رَاحَتَهَا (قَوْلُهُ: وَفَسَّرُوهَا) أَيْ الْعُقْبَةَ (قَوْلُهُ: بِسِتَّةِ إلَخْ) وَقَدْرُهَا بِالسَّيْرِ الْمُعْتَادِ خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ دَرَجَةً لِأَنَّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ سَيْرُ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ أَوْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَقَدْرُ ذَلِكَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ دَرَجَةً، وَهِيَ إذَا قُسِّمَتْ عَلَى الْفَرَاسِخِ خَرَجَ لِكُلِّ فَرْسَخٍ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَنِصْفُ وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ، فَالسِّتَّةُ أَمْيَالٍ يُقَدَّرُ مِسَاحَتُهَا بِفَرْسَخَيْنِ وَمِقْدَارُ سَيْرِهِمَا مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: لِتَرْكَبَهَا نِصْفَ الطَّرِيقِ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ ثَمَّ مَرَاحِلُ مَعْلُومَةٌ حَمَلَ عَلَيْهَا وَإِلَّا اشْتَرَطَ بَيَانَ مَا يَمْشِيهِ وَمَا يَرْكَبُهُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَنَازَعَا إلَخْ) وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلتَّعَاقُبِ فَإِنْ احْتَمَلَتْهُمَا رَكِبَاهَا مَعًا وَإِلَّا تَهَايَآ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِيمَنْ يَبْدَأُ أَقْرَعَ اهـ حَجّ.

(قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) أَيْ بَشِقَيْهَا، وَهِيَ مَا لَوْ أَجَّرَ رَجُلًا لِيَرْكَبَ بَعْضَ الطَّرِيقِ إلَخْ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّقَدُّمِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ تَقَدُّمُ رُكُوبِهِ عَلَى مَشْيِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ رُكُوبٌ مِنْ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ يُقَدَّمُ رُكُوبُ الْمُسْتَأْجِرِ) ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ رُكُوبِهِ بِالْفِعْلِ، وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ، بَلْ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي الْعَقْدِ رُكُوبَ الْمُسْتَأْجِرِ أَوَّلًا وَاقْتَسَمَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَجَعَلَا نَوْبَةَ الْمُسْتَأْجِرِ أَوَّلًا فَسَامَحَ كُلٌّ الْآخَرَ بِنَوْبَتِهِ جَازَ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ قَدْ يُقَالُ يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ السَّابِقُ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْبَهِيمَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْمَاشِي) عِبَارَةُ حَجّ: وَفِي تَوْجِيهِ النَّصِّ الْمَنْعُ عِنْدَ طَلَبِ أَحَدِهِمَا لِلثَّالِثِ مَا يُوَافِقُ فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّ ذَلِكَ إضْرَارٌ بِالْمَاشِي وَالْمَرْكُوبِ، لِأَنَّهُ إذَا رَكِبَ وَهُوَ غَيْرُ تَعِبٍ خَفَّ عَلَى الْمَرْكُوبِ، وَإِذَا رَكِبَ بَعْدَ كَلَالٍ وَتَعَبٍ وَقَعَ عَلَى الْمَرْكُوبِ كَالْمَيِّتِ اهـ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ) عِبَارَةُ حَجّ: وَيُؤْخَذُ مِنْ تَوْجِيهِ النَّصِّ الْمَنْعُ عِنْدَ طَلَبِ أَحَدِهِمَا الثَّلَاثَ اهـ. وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ أَخْذًا عِلَّةُ تَوْجِيهِ النَّصِّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا مَالِكِ الدَّابَّةِ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِإِجَارَةِ الْعَيْنِ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ تَمَامِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ شَرْطُ الصِّحَّةِ فِي الْأُولَى تَقَدُّمُ رُكُوبِ الْمُسْتَأْجِرِ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ رُكُوبِهِ بِالْفِعْلِ، وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ، بَلْ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي الْعَقْدِ رُكُوبَ الْمُسْتَأْجِرِ أَوَّلًا وَاقْتَسَمَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَجَعَلَا نَوْبَةَ الْمُسْتَأْجِرِ أَوَّلًا فَسَامَحَ كُلٌّ الْآخَرَ بِنَوْبَتِهِ جَازَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يُقَالُ يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ: السَّابِقُ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْبَهِيمَةِ.

ص: 278