المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) في بيان النظر على الوقف وشرطه - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٥

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الشِّرْكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ جَوَازِ الْوَكَالَةِ وَمَا تَنْفَسِخُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌[فَصْلٌ فِي صِيغَةِ الْإِقْرَارُ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوط الْمُقَرِّ بِهِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةُ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ جَوَازِ الْعَارِيَّةِ وَمَا لِلْمُعِيرِ

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْغَصْبِ وَانْقِسَامِ الْمَغْصُوبِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَضَمَانِ الْمَغْصُوبِ]

- ‌فَصْلٌ) فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَةٍ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَدَلِ الشِّقْصِ الَّذِي يُؤْخَذُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الْقِرَاضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْعَاقِدَيْنِ وَأَحْكَامِ الْقِرَاضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ وَلُزُومِ الْمُسَاقَاةِ وَهَرَبِ الْعَامِلِ

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَنَافِعَ يَمْتَنِعُ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ لِعَقَارٍ أَوْ دَابَّةٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ غَايَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي تُقَدَّرُ بِهَا الْمَنْفَعَةُ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَرْضِ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِهِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لقط الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَمَلُّكِ وَغُرْم اللُّقَطَةَ]

- ‌ كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَرِقِّهِ وَاسْتِلْحَاقِهِ

- ‌كِتَابُ الْجَعَالَةِ

الفصل: ‌(فصل) في بيان النظر على الوقف وشرطه

إلَى آخَرَ، وَأَنْ يَكُونَ

مَصْلَحَةَ

وَقْفٍ.

وَعَلَيْهِ فَفَتْحُ شُبَّاكِ الطَّيْبَرِسِيَّةِ فِي جِدَارِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ لَا يَجُوزُ إذْ لَا مَصْلَحَةَ لِلْجَامِعِ فِيهِ.

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِهِ

وَوَظِيفَةِ النَّاظِرِ

(إنْ) كَانَ الْوَقْفُ لِلِاسْتِغْلَالِ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ سَوَاءٌ نَاظِرُهُ الْخَاصُّ أَوْ الْعَامُّ أَوْ لِيَنْتَفِعَ بِهِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَ أَوْ قَالَ: كَيْفَ شَاءَ فَلَهُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ بِأَنْ يُرْكِبَهُ الدَّابَّةَ مَثَلًا لِيَقْضِيَ لَهُ عَلَيْهَا حَاجَةً فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ آنِفًا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِإِعَارَةٍ وَإِجَارَةٍ وَمَا قَيَّدْنَاهُ بِهِ، ثُمَّ إنْ (شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ)(اُتُّبِعَ) كَبَقِيَّةِ شُرُوطِهِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه وَلَّى أَمْرَ صَدَقَتِهِ ثُمَّ جَعَلَ لِحَفْصَةَ مَا عَاشَتْ ثُمَّ لِأُولِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا، وَقَبُولُ مَنْ شُرِطَ لَهُ النَّظَرُ كَقَبُولِ الْوَكِيلِ فِيمَا يَظْهَرُ لَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَشْرِطْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَدَعْوَى السُّبْكِيّ أَنَّهُ بِالْإِبَاحَةِ أَشْبَهُ فَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ بَعِيدٌ بَلْ لَوْ قَبِلَهُ ثُمَّ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهُ سَقَطَ، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ نَظَرَهُ حَالَ الْوَقْفِ فَلَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ نَفْسِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَوَقَّعْ ذَلِكَ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ) أَيْ أَمَّا الْمُرُورُ مِنْهُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِعَدَمِ التَّعَدِّي مِنْ الْمَارِّ، إذْ غَايَتُهُ أَنَّ مُرُورَهُ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ، وَلَيْسَ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ مَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا مَصْلَحَةَ لِلْجَامِعِ فِيهِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا أَرَادَ عِمَارَةَ جَامِعٍ خَرِبٍ بِآلَةٍ جَدِيدَةٍ غَيْرَ آلَتِهِ، وَرَأَى

الْمَصْلَحَةَ

فِي جَعْلِ بَابِهِ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ غَيْرِ الْمَحَلِّ الْأَوَّلِ لِكَوْنِهِ بِجِوَارِ مَنْ يَمْنَعُ الِانْتِفَاعَ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً أَيْ مَصْلَحَةً لِلْجَامِعِ وَلِلْمُسْلِمِينَ.

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِهِ

(قَوْلُهُ: وَوَظِيفَةُ النَّاظِرِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَعَدَمِ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِزِيَادَةِ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا قَيَّدْنَاهُ بِهِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ إنْ كَانَ نَاظِرًا إلَخْ (قَوْلُهُ: كَبَقِيَّةِ شُرُوطِهِ) وَمِنْهَا مَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يُؤَجِّرَ بِأَكْثَرَ مِنْ كَذَا فَيُتَّبَعُ، وَإِنْ كَانَ مَا شَرَطَهُ دُونَ أُجْرَةِ مِثْلِ تِلْكَ الْأَمَاكِنِ الْمَوْقُوفَةِ فَيُؤَجِّرُهُ النَّاظِرُ بِمَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ غَنِيًّا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ مَا يَمْنَعُهُ، فَلَوْ أَجَّرَ بِأَكْثَرَ مِمَّا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ إنْ كَانَ دُونَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ إنْ كَانَ مَا شَرَطَهُ زَائِدًا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ هِيَ اللَّازِمَةُ حَيْثُ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ وَمَا أُخِذَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ زَائِدًا عَلَى مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُهُ الْآخِذُ.

(قَوْلُهُ: صَدَقَتُهُ) أَيْ وَقْفُهُ، وَقَوْلُهُ سَقَطَ: أَيْ وَانْتَقَلَ لِمَنْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ نَظَرَهُ) يُتَأَمَّلُ الِاسْتِثْنَاءُ، فَإِنَّ انْعِزَالَهُ وَعَدَمَهُ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بَلْ لَوْ قَبْلَهُ ثُمَّ أَسْقَطَ حَقَّهُ إلَخْ أَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الرِّيعِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ النَّظَرِ فَالثَّانِيَةُ عَيْنُ الْأُولَى فَيَتَّحِدُ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَإِنْ شَرَطَ نَظَرَهُ حَالَ الْوَقْفِ فَلَا يَعُودُ إلَّا بِتَوْلِيَةِ الْحَاكِمِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ، وَيُؤَيِّدُهُ كَلَامُهُمْ فِي الْوَصِيِّ اهـ.

وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهُمَا مَقَالَتَانِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ نَفْسِهِ إلَخْ) وَمَنْ عَزَلَ نَفْسَهُ مَا لَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ النَّظَرِ لِغَيْرِهِ بِفِرَاعٍ لَهُ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ وَيَسْتَنِيبُ الْقَاضِي مَنْ يُبَاشِرُ عَنْهُ فِي الْوَظِيفَةِ، ثُمَّ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ كَبَقِيَّةِ شُرُوطِهِ يُفِيدُ أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ مِنْ الْوَظَائِفِ شَيْئًا لِآخَرَ حَالَ الْوَقْفِ اُتُّبِعَ وَمِنْهُ مَا لَوْ شَرَطَ الْإِمَامَةَ أَوْ الْخَطَابَةَ لِشَخْصٍ وَلِذُرِّيَّتِهِ ثُمَّ إنَّ الْمَشْرُوطَ لَهُ ذَلِكَ فَرَغَ عَنْهُمَا لِآخَرَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِهِ]

فَصْلٌ) فِي بَيَانِ النَّظَرِ إلَخْ

ص: 397

عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ.

نَعَمْ يُقِيمُ الْحَاكِمُ مُتَكَلِّمًا غَيْرَهُ مُدَّةَ إعْرَاضِهِ، فَلَوْ أَرَادَ الْعَوْدَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ لِأَحَدٍ (فَالنَّظَرُ لِلْقَاضِي)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَبَاشَرَ الْمَفْرُوغَ لَهُ فِيهِمَا مُدَّةً ثُمَّ مَاتَ الْفَارِغُ عَنْ أَوْلَادٍ، وَهُوَ أَنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ يَنْتَقِلُ لِلْأَوْلَادِ عَلَى مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ ثُمَّ مَا اسْتَغَلَّهُ الْمَفْرُوغُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ سِيَّمَا وَقَدْ قَرَّرَهُ الْحَاكِمُ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ تَقْرِيرَهُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا لَكِنَّهُ بِالنِّيَابَةِ عَنْ الْفَارِغِ، وَكَذَلِكَ لَا رُجُوعَ لِلْمَفْرُوغِ لَهُ عَلَى تَرِكَةِ الْفَارِغِ بِمَا أَخَذَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْفَرَاغِ وَإِنْ انْتَقَلَتْ الْوَظِيفَةُ عِنْدَهُ لِأَوْلَادِ الْفَارِغِ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ الدَّرَاهِمَ فِي مُقَابَلَةِ إسْقَاطِ الْحَقِّ لَهُ وَقَدْ وُجِدَ وَقَرَّرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى مُقْتَضَاهُ.

وَأَمَّا أَنَّهُ كَانَ يَظُنُّ أَنَّ الْحَقَّ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ مُطْلَقًا وَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ فَلَا يَقْتَضِي الرُّجُوعَ لِنِسْبَتِهِ فِي عَدَمِ الْبَحْثِ عَنْ ذَلِكَ أَوَّلًا إلَى تَقْصِيرٍ فَأَشْبَهَ مَنْ بَاعَ شَيْئًا وَهُوَ مَغْبُونٌ فِيهِ بِعَدَمِ عِلْمِهِ بِقِيمَتِهِ، وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ مَا يُصَرِّحُ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ لِلْأَوْلَادِ حَيْثُ قَالَ فِي جَوَابٍ فِي صُورَتِهِ سُئِلَ عَنْ وَاقِفِ شَرْطِ الْوَظِيفَةِ الْفُلَانِيَّةِ لِزَيْدٍ وَأَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ نَزَلَ مِنْ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمَنْزُولُ لَهُ شَيْئًا بَلْ يُقَرِّرُ النَّاظِرُ الشَّرْعِيُّ غَيْرَهُمَا، ثُمَّ إنَّ فُلَانًا فَرَغَ عَنْ وَظِيفَتِهِ لِآخَرَ وَقَرَّرَ النَّاظِرُ أَجْنَبِيًّا غَيْرَهُمَا.

ثُمَّ مَاتَ النَّازِلُ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ أَوْلَادُهُ الْوَظِيفَةَ بَعْدَهُ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَلِصِدْقِ الْبَعْدِيَّةِ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ لِاسْتِحْقَاقِ الْأَوْلَادِ بَقَاءَ اسْتِحْقَاقِ وَالِدِهِمْ ذَلِكَ إلَى وَفَاتِهِ، وَمَا نُسِبَ إلَيَّ مِنْ الْإِفْتَاءِ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَقَدْ رَجَعْت عَنْهُ إنْ كَانَ صَحِيحًا انْتَهَى.

[فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا مُسْتَوْفِيًا لِلشُّرُوطِ الشَّرْعِيَّةِ وَعَيَّنَ فِيهِ وَظَائِفَ مِنْ جُمْلَتِهَا وَظِيفَةُ الْمُبَاشَرَةِ عَلَى وَقْفِهِ وَجَعَلَهَا لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَكَذَلِكَ جَعَلَ غَيْرَهَا لِأَشْخَاصٍ مُعَيَّنِينَ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ شَرَطَ فِي مَكْتُوبِ وَقْفِهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْأَشْخَاصِ الْمَجْعُولِ لَهُمْ الْوَظَائِفُ الْمَذْكُورَةُ وَلَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ أَوْ أَخٌ أَوْ قَرِيبٌ قَرَّرَ مَكَانَهُ، ثُمَّ إنَّ وَلَدَهُ بَعْدَ مُدَّةٍ فَرَغَ عَنْ الْوَظِيفَةِ الْمَذْكُورَةِ لِشَخْصٍ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ الْفَرَاغُ لِأَشْخَاصٍ مُتَعَدِّدِينَ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمُقَرِّرُ الْمَذْكُورُ الصَّادِرُ مِنْهُ الْفَرَاغُ الْمَذْكُورُ وَتَرَكَ وَلَدًا، ثُمَّ إنَّ الْوَلَدَ تَنَازَعَ مَعَ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ الْآنَ فَهَلْ لَهُ الْمُنَازَعَةُ فِيهَا أَمْ الْحَقُّ فِيهَا لِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ الْآنَ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ وَالْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَيْثُ لَمْ يَزِدْ الْوَاقِفُ فِي شَرْطِهِ عَلَى قَوْلِهِ قَرَّرَ مَكَانَهُ سَقَطَ حَقُّ الْمُقَرِّرِ فِي الْوَظِيفَةِ بِفَرَاغِهِ عَنْهَا، فَإِذَا مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ وَلَدٍ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ حَقٌّ لِأَنَّ أَبَاهُ حِينَ مَاتَ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْوَظِيفَةِ يَنْتَقِلُ عَنْهُ لِوَلَدِهِ فَيَسْتَمِرُّ الْحَقُّ فِيهَا لِمَنْ قَرَّرَ بِالْفَرَاغِ، وَلَا حَقَّ لِلْوَلَدِ الْمَذْكُورِ فِي ذَلِكَ فَلَا يُلْتَفَتُ لِمُنَازَعَتِهِ إذْ لَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ لِغَيْرِهِ مَنْ قَرَّرَ عَنْ وَالِدِهِ حَقًّا وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى الشَّمْسُ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْطِ الْوَظِيفَةِ الْفُلَانِيَّةِ لِزَيْدٍ وَلِأَوْلَادِهِ وَلِذُرِّيَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، ثُمَّ فَرَغَ زَيْدٌ عَنْ وَظِيفَتِهِ لِآخَرَ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ عَنْ أَوْلَادٍ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ مِنْ الْمَفْرُوغِ لَهُ لِأَوْلَادِ الْفَارِغِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ وَلِذُرِّيَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، فَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لِزَيْدٍ وَلَمْ يَذْكُرْ ذُرِّيَّتُهُ مِنْ بَعْدِهِ عَدَمَ الِانْتِقَالِ لِلْأَوْلَادِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَمْ يَزِدْ وَاقِفُهُ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَهُ وَلَدٌ يَجُوزُ مَكَانَهُ فَأَفَادَ ذَلِكَ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْوَلَدِ الْمَذْكُورِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَفِي حَجّ: فَرْعٌ: شَرَطَ الْوَاقِفُ لِنَاظِرِ وَقْفِهِ فُلَانٍ قَدْرًا فَلَمْ يَقْبَلْ النَّظَرَ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ بِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لِمَعْلُومِ النَّظَرِ مِنْ حِينِ آلَ إلَيْهِ، كَذَا قِيلَ، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ فِي الْمَعْلُومِ الزَّائِدِ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ كَوْنَهُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلٍ، بِخِلَافِ الْمَعْلُومِ الْمُسَاوِي لِأُجْرَةِ مِثْلِ نَظَرِ هَذَا الْوَقْفِ أَوْ النَّاقِصِ عَنْهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ فِيمَا مَضَى لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فَلَا وَجْهَ لِاسْتِحْقَاقِهِ لَهُ اهـ.

وَفِيهِ أَيْضًا: وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَوْ خَشِيَ مِنْ الْقَاضِي أَكْلَ الْوَقْفِ لِجَوْرِهِ جَازَ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ صَرْفُهُ فِي مَصَارِفِهِ وَلَوْ بِإِجَارَتِهِ إنْ عَرَفَهَا، وَإِلَّا فَوَّضَهُ لِفَقِيهٍ عَارِفٍ بِهَا أَوْ سَأَلَهُ وَصَرَفَهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ لِأَحَدٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ شَرْطَهُ لِأَحَدٍ سَوَاءٌ عَلِمَ شَرْطَهُ أَوْ جَهِلَ الْحَالَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 398

أَيْ قَاضِي بَلَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مَرَّ نَظِيرُهُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) إذْ نَظَرُهُ عَامٌّ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ وَاقِفًا وَمَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ ثُبُوتِهِ لِلْوَاقِفِ بِلَا شَرْطٍ فِي مَسْجِدِ الْمَحَلَّةِ وَالْخُوَارِزْمِيّ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ وَزَادَ أَنَّ ذُرِّيَّتَهُ مِثْلُهُ مَرْدُودٌ.

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي يَنْبَنِي عَلَى أَقْوَالِ الْمِلْكِ.

(وَشَرْطُ النَّاظِرِ الْعَدَالَةُ) الْبَاطِنَةُ مُطْلَقًا كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ خِلَافًا لِاكْتِفَاءِ السُّبْكِيّ فِي مَنْصُوبِ الْوَاقِفِ بِالظَّاهِرَةِ فَيَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ الْمُحَقَّقِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ نَحْوَ كَذِبٍ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مَعْذُورًا فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَسَوَاءٌ فِي النَّاظِرِ أَكَانَ هُوَ الْوَاقِفَ أَمْ غَيْرَهُ، وَمَتَى انْعَزَلَ بِالْفِسْقِ فَالنَّظَرُ لِلْحَاكِمِ كَمَا يَأْتِي.

وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ وَالنِّكَاحِ صِحَّةُ شَرْطِ ذِمِّيٍّ النَّظَرَ لِذِمِّيٍّ عَدْلٍ فِي دِينِهِ لَكِنْ يُرَدُّ بِاشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ الْحَقِيقِيَّةِ هُنَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَصِحَّةِ تَزْوِيجِ الذِّمِّيِّ مُولِيَتَهُ وَاضِحٌ (وَالْكِفَايَةُ) لِمَا تَوَلَّاهُ مِنْ نَظَرٍ عَامٍّ أَوْ خَاصٍّ وَهِيَ (الِاهْتِدَاءُ إلَى التَّصَرُّفِ) الَّذِي فُوِّضَ لَهُ قِيَاسًا عَلَى الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ عَلَى الْغَيْرِ، وَعِنْدَ زَوَالِ الْأَهْلِيَّةِ يَكُونُ النَّظَرُ لِلْحَاكِمِ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ لَا لِمَنْ بَعْدُ مِنْ الْأَهْلِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لِلْمُتَأَخِّرِ نَظَرًا إلَّا بَعْدَ فَقْدِ الْمُتَقَدِّمِ فَلَا سَبَبَ لِنَظَرِهِ غَيْرَ فَقْدِهِ، وَبِهَذَا فَارَقَ انْتِقَالَ وِلَايَةِ النِّكَاحِ لِلْأَبْعَدِ بِفِسْقِ الْأَقْرَبِ لِوُجُودِ السَّبَبِ فِيهِ وَهُوَ الْقَرَابَةُ، وَلَا يَعُودُ النَّظَرُ بِعَوْدِ الْأَهْلِيَّةِ مَا لَمْ يَكُنْ نَظَرُهُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ لِقُوَّتِهِ إذْ لَيْسَ لِأَحَدٍ عَزْلُهُ وَلَا الِاسْتِبْدَالُ بِهِ، وَالْعَارِضُ مَانِعٌ مِنْ تَصَرُّفِهِ لَا سَالِبَ لِوِلَايَتِهِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ كَانَ لَهُ النَّظَرُ عَلَى مَوَاضِعَ فَأَثْبَتَ أَهْلِيَّتَهُ فِي مَكَان ثَبَتَتْ فِي بَقِيَّةِ الْأَمَاكِنِ مِنْ حَيْثُ الْأَمَانَةُ لَا مِنْ حَيْثُ الْكِفَايَةُ، إلَّا أَنْ يُثْبِتَ أَهْلِيَّتَهُ فِي سَائِرِ الْأَوْقَافِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا قَالَهُ الدَّمِيرِيِّ إذَا كَانَ الْبَاقِي فَوْقَ مَا أَثْبَتَتْ فِيهِ أَهْلِيَّتُهُ أَوْ مِثْلُهُ مَعَ كَثْرَةِ مَصَارِفِهِ وَأَعْمَالِهِ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَلَا.

(وَوَظِيفَتُهُ) عِنْدَ الْإِطْلَاقِ حِفْظُ الْأُصُولِ وَالْغَلَّاتِ عَلَى وَجْهِ الِاحْتِيَاطِ كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ وَ (الْإِجَارَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: أَيْ قَاضِي بَلَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) عِبَارَةُ حَجّ: أَيْ قَاضِي بَلَدِ الْمَوْقُوفِ بِالنِّسْبَةِ لِحِفْظِهِ وَنَحْوِ إجَارَتِهِ، وَقَاضِي بَلَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا عَدَا ذَلِكَ نَظِيرُ مَا مَرَّ، فِي مَالِ الْيَتِيمِ، وَهِيَ ظَاهِرَةٌ وَلَعَلَّهَا مُرَادُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ كَمَا مَرَّ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَشَرْطُ النَّاظِرِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْوَاقِفُ بِأَنْ شَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: الْعَدَالَةُ) أَيْ وَلَوْ امْرَأَةً اهـ.

وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ وَلَّاهُ الْوَاقِفُ أَوْ الْحَاكِمُ.

(قَوْلُهُ: فَيَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ الْمُحَقَّقِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ السَّلَامَةُ مِنْ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ يَرِدُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ.

(قَوْلُهُ: وَاضِحٌ) وَهُوَ أَنَّ وَلِيَّ النِّكَاحِ فِيهِ وَازِعٌ طَبِيعِيٌّ يَحْمِلُهُ عَلَى الْحِرْصِ عَلَى تَحْصِينِ مُوَلِّيَتِهِ دَفْعًا لِلْعَارِ عَنْهُ بِخِلَافِ الْوَقْفِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ فَقْدِ الْمُتَقَدِّمِ) وَذَلِكَ بِأَنْ قَالَ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ فِيهِ لِزَيْدٍ ثُمَّ عَمْرٍو مَثَلًا، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَغَيَّرَ حَالُ الْأَرْشَدِ انْتَقَلَ النَّظَرُ لِمَنْ هُوَ أَرْشَدُ مِنْهُ، لِأَنَّ مَا هُنَا شَرْطٌ فِي الِانْتِقَالِ لِعَمْرٍو وَفَقْدِ زَيْدٍ وَبِزَوَالِ الْأَهْلِيَّةِ لَمْ يُفْقَدْ، وَفِيمَا يَأْتِي جُعِلَ الِاسْتِحْقَاقُ مَنُوطًا بِالصِّفَةِ الَّتِي هِيَ الْأَرْشَدِيَّةُ فَحَيْثُ لَمْ تُوجَدْ فِي الْأَوَّلِ كَانَ مَنْ بَعْدَهُ مُسْتَحِقًّا بِالصِّفَةِ الَّتِي اعْتَبَرَهَا الْوَاقِفُ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْوَاقِفِ) أَيْ فَيَعُودُ.

(قَوْلُهُ: وَالْإِجَارَةُ) أَيْ فَلَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَوْ أَجْنَبِيًّا حَيْثُ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ وَإِنْ طَلَبَهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ السُّكْنَى بِنَفْسِهِ.

أَمَّا إذَا شَرَطَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ الْإِيجَارُ بَلْ يَسْتَوْفِي الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةَ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ، ثُمَّ إذَا أَجَّرَ النَّاظِرُ نِصْفَ الْمَوْقُوفِ شَائِعًا صَحَّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ مَا يَمْنَعُهُ وَيَصِيرُ.

الْمُسْتَأْجِرُ لِذَلِكَ مُسْتَحِقًّا لِنِصْفِ الْمَنْفَعَةِ فِيهَا وَالْمُسْتَحِقُّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: أَيْ: قَاضِي بَلَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ نَحْوِ الْحِفْظِ وَالْإِجَارَةِ وَقَاضِي بَلَدِ الْمَوْقُوفِ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ وَصَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ مِنْ الْكَتَبَةِ

(قَوْلُهُ: لَا لِمَنْ بَعُدَ مِنْ الْأَهْلِ)

ص: 399

وَالْعِمَارَةِ) وَكَذَا الِاقْتِرَاضُ عَلَى الْوَقْفِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إنْ شَرَطَهُ لَهُ الْوَاقِفُ أَوْ أَذِنَهُ فِيهِ الْحَاكِمُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَالُ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ (وَتَحْصِيلُ الْغَلَّةِ وَقِسْمَتُهَا) عَلَى مُسْتَحَقِّيهَا لِأَنَّهَا الْمَعْهُودَةُ فِي مِثْلِهِ وَيَلْزَمُهُ رِعَايَةُ زَمَنٍ عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ، وَإِنَّمَا جَازَ تَقَدُّمُ تَفْرِقَةِ الْمَنْذُورِ عَلَى الزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ لِشَبَهِهِ بِالزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ وَظِيفَةٌ فَاسْتَنَابَ فِيهَا فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْوَقْفِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ عَمَّنْ لَا يُحْصَى وَقَالَ: إنَّ الَّذِي نَعْتَقِدُهُ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا نَظَرَ لَهُ مَعَهُ وَلَا تَصَرُّفَ بَلْ نَظَرُهُ مَعَهُ نَظَرُ إحَاطَةٍ وَرِعَايَةٍ، ثُمَّ حُمِلَ إفْتَاءُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْمُدَرِّسَ هُوَ الَّذِي يُنْزِلُ الطَّلَبَةَ وَيُقَدِّرُ لَهُمْ جَوَامِكَهُمْ، عَلَى أَنَّهُ كَانَ عُرْفَ زَمَنِهِ الْمُطَّرِدِ، وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ كَوْنِهِ مُدَرِّسًا لَا يُوجِبُ لَهُ تَوْلِيَةً وَلَا عَزْلًا وَلَا تَقْدِيرَ مَعْلُومٍ. انْتَهَى.

وَلَا يُعْتَرَضُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لِلنِّصْفِ الْآخَرِ إنْ وُجِدَ كَأَنَّ أَجَّرَ النَّاظِرُ بَاقِيَهُ لِآخَرَ، وَإِلَّا انْتَقَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِمَا اسْتَأْجَرَهُ بِمُهَايَأَةٍ مَعَ النَّاظِرِ وَبَاقِيهِ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ يَتَعَطَّلُ عَلَى جُمْلَةِ الْمُسْتَحَقِّينَ وَالْأُجْرَةُ الَّتِي اسْتَأْجَرَ بِهَا الْأَوَّلُ النِّصْفَ تَوَزُّعُ عَلَى كُلِّ الْمُسْتَحَقِّينَ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَتْ قَدْرَ حِصَّتِهِ، وَلَوْ وُجِدَ مَنْ يَسْتَأْجِرُ الْكُلَّ بَعْدَ اسْتِئْجَارِ الْأَوَّلِ لِلنِّصْفِ لَا تَنْفَسِخُ إجَارَتُهُ، وَإِنْ وُجِدَ قَبْلَ اسْتِئْجَارِهِ فَعَلَى النَّاظِرِ مَا يَرَاهُ

مَصْلَحَةً.

(قَوْلُهُ: وَالْعِمَارَةُ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: نَفَقَةُ الْمَوْقُوفِ وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ وَعِمَارَتُهُ مِنْ حَيْثُ شُرِطَتْ شَرَطَهَا الْوَاقِفُ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَإِلَّا فَمِنْ مَنَافِعِهِ: أَيْ الْمَوْقُوفُ كَكَسْبِ الْعَبْدِ وَغَلَّةِ الْعَقَارِ، فَإِذَا تَعَطَّلَتْ مَنَافِعُهُ فَالنَّفَقَةُ وَمُؤَنُ التَّجْهِيزِ لَا الْعِمَارَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَنْ أَعْتَقَ مَنْ لَا كَسْبَ لَهُ.

أَمَّا الْعِمَارَةُ فَلَا تَجِبُ عَلَى أَحَدٍ حِينَئِذٍ كَالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ لِصِيَانَةِ رُوحِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَ الْعِمَارَةِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ الَّتِي بِهَا بِنَاءٌ أَوْ غِرَاسٌ مَوْقُوفٌ وَلَمْ تَفِ مَنَافِعُهُ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَذِنَهُ فِيهِ الْحَاكِمُ) أَيْ فَلَوْ اقْتَرَضَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ مِنْ الْحَاكِمِ وَلَا شَرْطٍ مِنْ الْوَاقِفِ لَمْ يَجُزْ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا صَرَفَهُ لِتَعَدِّيهِ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) قَالَ الْغَزِّيِّ: وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ صَدَقَ مَا دَامَ نَاظِرًا إلَّا بَعْدَ عَزْلِهِ اهـ حَجّ.

(قَوْلُهُ: فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ تَعَطَّلَ عَلَيْهِ مَعْلُومُ الْوَظِيفَةِ لِعِمَارَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَلَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ أُجْرَةِ النَّائِبِ.

(قَوْلُهُ: أَنَّ الْحَاكِمَ لَا نَظَرَ لَهُ) اُنْظُرْ وَلَوْ كَانَ الْحَاكِمُ هُوَ الَّذِي وَلَّاهُ النَّظَرَ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: لَا نَظَرَ لَهُ مَعَهُ وَلَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي وَلَّاهُ، وَقَوْلُهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

كَأَنَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ جَعَلَ النَّظَرَ بَعْدَ هَذَا لِفُلَانٍ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ عَمَّنْ لَا يُحْصَى وَقَالَ: إنَّهُ الَّذِي تَعْتَقِدُهُ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا نَظَرَ لَهُ مَعَهُ إلَخْ) أَيْ: وَالْكَلَامُ فِي النَّاظِرِ الْخَاصِّ لَا مَنْ نَصَبَهُ الْحَاكِمُ حَيْثُ النَّظَرُ لَهُ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ فِي مَحَلِّ نَصِّهَا فَائِدَةٌ: قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ أَيْ الْمِنْهَاجِ أَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ النَّظَرَ إلَخْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُوَلِّيَ فِي الْمَدْرَسَةِ وَغَيْرِهَا إلَّا عِنْدَ فَقْدِ النَّاظِرِ الْخَاصِّ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لَهُ مَعَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ وَلَمْ أَرَ لَهُمْ نَصًّا يُخَالِفُهُ، وَرُبَّمَا يَأْتِي فِيهِ كَلَامٌ اهـ.

ثُمَّ قَالَ فِي مَحَلٍّ بَعْدَ هَذَا مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: تَعَلَّقَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ بِكَلَامِ الشَّيْخَيْنِ هُنَا فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلنَّاظِرِ التَّوْلِيَةُ فِي الْوَظَائِفِ فِي الْمَدْرَسَةِ وَغَيْرِهَا، وَرُبَّمَا تَعَلَّقَ بِقَوْلِهِمَا كَذَا وَكَذَا ظَانًّا أَنَّهُ لِلْحَصْرِ، وَصَارُوا يَقُولُونَ بِأَنَّ التَّوْلِيَةَ فِي التَّدْرِيسِ لِلْحَاكِمِ وَحْدَهُ وَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ الْخَاصِّ، وَهَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَنَحْوِهِ مَحْمُولٌ عَلَى غَالِبِ التَّصَرُّفَاتِ، وَلَوْ حُمِلَ عَلَى الْحَصْرِ لَكَانَ مَحَلُّهُ الْأَوْقَافَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا إلَّا ذَلِكَ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فِي الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ مَوْصُوفٍ بِصِفَةٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَوْلِيَةٍ، وَانْتَصَبَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ لِنَصْرِ ذَلِكَ وَأَطَالَ الْقَوْلَ فِيهِ وَهُوَ الَّذِي نَعْتَقِدُهُ وَأَنَّ الْحَاكِمَ لَا نَظَرَ لَهُ مَعَهُ وَلَا تَصَرُّفَ، إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ عَنْهُ الشَّارِحُ مَعَ زِيَادَةٍ، فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْكَلَامَ فِي النَّاظِرِ الْخَاصِّ وَكَيْفَ يَمْتَنِعُ تَصَرُّفُ الْحَاكِمِ مَعَ مَنْ هُوَ نَائِبٌ عَنْهُ مَعَ أَنَّ النَّظَرَ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ لَهُ، وَإِنَّمَا جَوَّزُوا لَهُ الْإِنَابَةَ فِيهِ؛ لِكَثْرَةِ أَشْغَالِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا فِي حَوَاشِي الشِّهَابِ سم مَعَ مَا أَرْدَفَهُ

ص: 400

بِكَوْنِ النَّاظِرِ قَدْ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ فَقِيهٍ وَفَقِيهٍ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْوَاقِفِ وَهُوَ الَّذِي يُوَلِّي الْمُدَرِّسَ، فَكَيْفَ قَالَ بِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ فَرْعُهُ، وَكَوْنُهُ لَا يُمَيِّزُ لَا أَثَرَ لَهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ مَعْرِفَةِ مَرَاتِبِهِمْ بِالسُّؤَالِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ وُجُوبِ تَفْرِيقِ مَعْلُومِ الطَّلَبَةِ فِي مَحَلِّ الدَّرْسِ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لِعَدَمِ كَوْنِهِ مَأْلُوفًا فِي زَمَنِنَا، وَلِأَنَّ اللَّائِقَ بِمَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ تَنْزِيهُ مَوَاضِعِ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ عَنْ الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ كَالْبَيْعِ وَاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُعِيدِ مَنْ يُعِيدُ لِلطَّلَبَةِ الدَّرْسَ الَّذِي قَرَأَهُ الْمُدَرِّسُ لِيَسْتَوْضِحُوا أَوْ يَتَفَهَّمُوا مَا أُشْكِلَ، وَمَحَلُّ مَا مَرَّ إنْ أَطْلَقَ نَظَرَهُ كَمَا مَرَّ، وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى مَا لَوْ فَوَّضَ لَهُ جَمِيعَ ذَلِكَ (فَإِنْ فَوَّضَ إلَيْهِ بَعْضَ هَذِهِ الْأُمُورِ لَمْ يَتَعَدَّهُ) اتِّبَاعًا لِلشَّرْطِ وَيَسْتَحِقُّ النَّاظِرُ مَا شَرَطَ مِنْ الْأُجْرَةِ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ مَا لَمْ يَكُنْ هُوَ الْوَاقِفَ كَمَا مَرَّ، فَلَوْ لَمْ يُشْرَطْ لَهُ شَيْءٌ لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً.

نَعَمْ لَهُ رَفْعُ الْأَمْرِ إلَى الْحَاكِمِ لِيُقَرِّرَ لَهُ أُجْرَةً، قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ.

قَالَ تِلْمِيذُهُ الْعِرَاقِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ مَعَ الْحَاجَةِ إمَّا قَدْرَ النَّفَقَةِ لَهُ كَمَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ ثَمَّ أَوْ الْأَقَلَّ مِنْ نَفَقَتِهِ وَأُجْرَةَ مِثْلِهِ كَمَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ.

قَالَ الشَّيْخُ: وَقَدْ يُقَالُ التَّشْبِيهُ بِالْوَلِيِّ إنَّمَا وَقَعَ فِي حُكْمِ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ لَا مُطْلَقًا فَلَا يَقْتَضِي مَا قَالَهُ، وَكَأَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِتَقْرِيرِ الْحَاكِمِ، عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ هُنَا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُقَرِّرَ لَهُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ النَّفَقَةِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ النَّفَقَةُ ثَمَّ لِوُجُوبِهَا عَلَى فَرْعِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ وَلِيًّا عَلَى مَالِهِ أَمْ لَا، بِخِلَافِ النَّاظِرِ، وَلَوْ جُعِلَ النَّظَرُ لِعَدْلَيْنِ مِنْ أَوْلَادِهِ وَلَيْسَ فِيهِمْ سِوَى عَدْلٍ نَصَّبَ الْحَاكِمُ آخَرَ، وَإِنْ جَعَلَهُ لِلْأَرْشَدِ مِنْ أَوْلَادِهِ فَالْأَرْشَدَ فَأَثْبَتَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَّهُ أَرْشَدُ اشْتَرَكُوا فِي النَّظَرِ بِلَا اسْتِقْلَالٍ إنْ وُجِدَتْ الْأَهْلِيَّةُ فِيهِمْ لِأَنَّ الْأَرْشَدِيَّةَ قَدْ سَقَطَتْ بِتَعَارُضِ الْبَيِّنَاتِ فِيهَا وَيَبْقَى أَصْلُ الرُّشْدِ، وَإِنْ وُجِدَتْ فِي بَعْضٍ مِنْهُمْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَعَهُ: أَيْ مَعَ النَّاظِرِ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُعِيدِ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ مُعِيدٌ لِلدَّرْسِ مُقَرَّرٌ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ أَوْ الْقَاضِي أَوْ النَّاظِرِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ يَسْتَفْهِمُوا مَا أَشْكَلَ) أَيْ مِمَّا قَرَّرَهُ الشَّيْخُ أَوَّلًا، فَلَوْ تَرَكَ الْمُدَرِّسُ التَّدْرِيسَ أَوْ امْتَنَعَتْ الطَّلَبَةُ مِنْ حُضُورِ الْمُعِيدِ بَعْدَ الدَّرْسِ اسْتَحَقَّ الْمُعِيدُ مَا شُرِطَ لَهُ مِنْ الْمَعْلُومِ لِتَعَذُّرِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ فُرِضَ لَهُ جَمِيعُ ذَلِكَ) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْوَكِيلِ وَوَلِيِّ الصَّبِيِّ أَنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ وَلَاقَتْ بِهِ لَا يَجُوزُ تَفْوِيضُهَا لِغَيْرِهِ، وَإِلَّا جَازَ لَهُ التَّفْوِيضُ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ أَوْ لَمْ تَلْقَ بِهِ مُبَاشَرَتُهُ، وَلَا فَرْقَ فِي الْمُفَوِّضِ لَهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ حَيْثُ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ وِلَايَةً فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْوَقْفِ بَلْ اسْتَنَابَهُ فِيمَا يُبَاشِرُ بِالْعَمَلِ فَقَطْ كَالْبِنَاءِ وَنَحْوِهِ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَدَّهُ) كَالْوَكِيلِ، وَلَوْ فَوَّضَ لِاثْنَيْنِ لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ انْتَهَى شَرْحُ مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَلَيْسَ لَهُ: أَيْ النَّاظِرِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ وَلَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِإِقْبَاضِهِ لِلْحَاكِمِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ رَمْلِيٌّ انْتَهَى.

وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ لِلْحَاكِمِ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِصَرْفِ بَدَلِهِ فِي عِمَارَتِهِ أَوْ عَلَى الْمُسْتَحَقِّينَ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: لِيُقَرِّرَ لَهُ أُجْرَةً) أَيْ وَإِنْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَحَقِّينَ فِي الْوَقْفِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ إنَّهُ: أَيْ النَّاظِرَ، وَقَوْلُهُ ثَمَّ: أَيْ فِي الْوَلِيِّ.

(قَوْلُهُ: نَصَّبَ الْحَاكِمُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: فَالْأَرْشَدُ) هَذَا صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَالْعَمَلِ بِهِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ رَدُّ مَا نَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ مُقْتَضَى إفْتَاءِ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ لِأَوْلَادِهِ بَعْدَهُ لَمْ يَثْبُتْ النَّظَرُ لِلْأَوْلَادِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْلِيقِ وِلَايَتِهِمْ، وَالْوِلَايَةُ لَا تُعَلَّقُ إلَّا فِي الْأَمْرِ الضَّرُورِيِّ كَالْقَضَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ وُجِدَتْ فِي بَعْضٍ مِنْهُمْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً.

ــ

[حاشية الرشيدي]

بِهِ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَهُ رَفْعُ الْأَمْرِ إلَى الْحَاكِمِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْبُلْقِينِيِّ الْمَنْقُولَةُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَلَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى حَاكِمٍ لِيُقَرِّرَ لَهُ أُجْرَةً فَهُوَ كَمَا إذَا تَبَرَّمَ الْوَلِيُّ بِحِفْظِ مَالِ الطِّفْلِ وَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيُثْبِتَ لَهُ أُجْرَةً انْتَهَتْ.

ص: 401

اخْتَصَّ بِالنَّظَرِ عَمَلًا بِالْبَيِّنَةِ، فَلَوْ حَدَثَ مِنْهُمْ أَرْشَدَ مِنْهُ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَيْهِ، وَلَوْ تَغَيَّرَ حَالُ الْأَرْشَدِ حِينَ الِاسْتِحْقَاقِ فَصَارَ مَفْضُولًا انْتَقَلَ النَّظَرُ إلَى مَنْ هُوَ أَرْشَدُ مِنْهُ، وَيَدْخُلُ فِي الْأَرْشَدِ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ الْأَرْشَدُ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ لِصِدْقِهِ بِهِ.

(وَلِلْوَاقِفِ عَزْلُ مَنْ وَلَّاهُ) نَائِبًا عَنْهُ إنْ شَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ (وَنَصَّبَ غَيْرَهُ) كَالْوَكِيلِ، وَأَفْتَى الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ لَوْ شَرَطَ النَّظَرَ لِإِنْسَانٍ وَجَعَلَ لَهُ أَنْ يُسْنِدَهُ لِمَنْ شَاءَ فَأَسْنَدَهُ لِآخَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْلُهُ وَلَا مُشَارَكَتُهُ، وَلَا يَعُودُ النَّظَرُ إلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَبِنَظِيرِ ذَلِكَ أَفْتَى فُقَهَاءُ الشَّامِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ التَّفْوِيضَ بِمَثَابَةِ التَّمْلِيكِ، وَخَالَفَهُمْ السُّبْكِيُّ فَقَالَ: بَلْ كَالتَّوْكِيلِ، وَأَفْتَى السُّبْكِيُّ بِأَنَّ لِلْوَاقِفِ وَالنَّاظِرِ مِنْ جِهَتِهِ عَزْلُ الْمُدَرِّسِ وَنَحْوِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي الْوَقْفِ وَلَوْ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ إسْقَاطُ بَعْضِ الْأَجْنَادِ الْمُثْبَتِينَ فِي الدِّيوَانِ بِغَيْرِ سَبَبٍ فَالنَّاظِرُ الْخَاصُّ أَوْلَى، وَلَا أَثَرَ لِلْفَرْقِ بِأَنَّ هَؤُلَاءِ رَبَطُوا أَنْفُسَهُمْ لِلْجِهَادِ الَّذِي هُوَ فَرْضٌ، وَمَنْ رَبَطَ نَفْسَهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ بِلَا سَبَبٍ، بِخِلَافِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ خَارِجٌ عَنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، بَلْ يُرَدُّ بِأَنَّ التَّدْرِيسَ فَرْضٌ أَيْضًا وَكَذَا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، فَمَنْ رَبَطَ نَفْسَهُ بِهِمَا فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ عَلَى تَسْلِيمِ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الرَّبْطَ بِهِ كَالتَّلَبُّسِ بِهِ وَإِلَّا فَشَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا، وَمِنْ ثَمَّ اعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ عَزْلَهُ مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ لَا يَنْفُذُ بَلْ هُوَ قَادِحٌ فِي نَظَرِهِ، وَفَرَّقَ فِي الْخَادِمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نُفُوذِ عَزْلِ الْإِمَامِ لِلْقَاضِي تَهَوُّرًا بِأَنَّ هَذِهِ لِخَشْيَةِ الْفِتْنَةِ وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي النَّاظِرِ الْخَاصِّ.

وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فِي الْكَلَامِ عَلَى عَزْلِ الْقَاضِي بِلَا سَبَبٍ وَنُفُوذِ الْعَزْلِ فِي الْأَمْرِ الْعَامِّ: أَمَّا الْوَظَائِفُ الْخَاصَّةُ كَأَذَانٍ وَإِمَامَةٍ وَتَدْرِيسٍ وَطَلَبٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يَنْعَزِلُ أَرْبَابُهَا بِالْعَزْلِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ، كَمَا أَفْتَى بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ ابْنُ رَزِينٍ فَقَالَ: مَنْ تَوَلَّى تَدْرِيسًا لَمْ يَجُزْ عَزْلُهُ بِمِثْلِهِ وَلَا بِدُونِهِ وَلَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ انْتَهَى، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِذَا قُلْنَا لَا يَنْفُذُ عَزْلُهُ إلَّا بِسَبَبٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُ بَيَانُ مُسْتَنَدِهِ؟ أَفْتَى جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ بِعَدَمِهِ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا وَثِقَ بِعِلْمِهِ وَدِينِهِ، وَزَيَّفَهُ التَّاجُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُ لَا حَاصِلَ لَهُ.

ثُمَّ بَحَثَ أَنَّهُ يَنْبَغِي وُجُوبُ بَيَانِ مُسْتَنَدِهِ مُطْلَقًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يَقْبَلُ دَعْوَاهُ الصَّرْفَ لِمُسْتَحِقِّينَ مُعَيَّنِينَ بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُمْ وَلَهُمْ مُطَالَبَتُهُ بِالْحِسَابِ، وَادَّعَى الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ أَنَّ الْحَقَّ التَّقَيُّدُ وَلَهُ حَاصِلٌ لِأَنَّ عَدَالَتَهُ غَيْرُ مَقْطُوعٍ بِهَا فَيَجُوزُ أَنْ يَخْتَلَّ وَأَنْ يَظُنَّ مَا لَيْسَ بِقَادِحٍ قَادِحًا، بِخِلَافِ مَنْ تَمَكَّنَ عِلْمًا وَدِينًا زِيَادَةً عَلَى مَا يُعْتَبَرُ فِي النَّاظِرِ مِنْ تَمْيِيزِ مَا يَقْدَحُ وَمَا لَا يَقْدَحُ، وَمِنْ وَرَعٍ وَتَقْوَى يَحُولَانِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُتَابَعَةِ الْهَوَى، وَلَوْ طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّونَ مِنْ النَّاظِرِ كِتَابَ الْوَقْفِ لِيَكْتُبُوا مِنْهُ نُسْخَةً حِفْظًا لِاسْتِحْقَاقِهِمْ لَزِمَهُ تَمْكِينُهُمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: أَنْ يَسْنُدَهُ لِمَنْ شَاءَ) أَيْ بِأَنْ يَجْعَلَ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ الْمُسْنَدِ.

(قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ قَادِحٌ) أَيْ فَيَنْعَزِلُ حَيْثُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيمَا فَعَلَهُ لِنَفْسِهِ وَقَوْلُهُ وَفَرَّقَ فِي الْخَادِمِ صَاحِبُ الْخَادِمِ هُوَ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَوْلُهُ تَهَوُّرًا، التَّهَوُّرُ: الْوُقُوعُ فِي الشَّيْءِ بِقِلَّةِ مُبَالَاةٍ. انْتَهَى مُخْتَارٌ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي النَّاظِرِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ غَيْرَ الْإِمَامِ مِنْ أَرْبَابِ الْوِلَايَاتِ لَا يَنْفُذُ عَزْلُهُمْ لِأَرْبَابِ الْوَظَائِفِ الْخَاصَّةِ خَوْفًا مِنْ الْفِتْنَةِ، لَكِنْ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ التَّصْرِيحُ بِخِلَافِهِ فَلِيُرَاجَعْ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: ثَمَّ بَحْثٌ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي وُجُوبُ بَيَانِ مُسْتَنَدِهِ مُطْلَقًا: أَيْ وَثَّقَ بِعِلْمِهِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَادَّعَى الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ إلَخْ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَلَعَلَّ بَعْضَهَا سَاقِطٌ مِنْ الشَّارِحِ مِنْ النُّسَّاخِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي بَعْدَ هَذَا لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ

(قَوْلُهُ: وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ التَّفْوِيضَ) أَيْ: مِنْ الْإِنْسَانِ الْمَشْرُوطِ لَهُ النَّظَرُ إلَى الْآخَرِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ عَزْلُهُ بِمِثْلِهِ وَلَا بِدُونِهِ) أَيْ: وَلَا بِأَعْلَى مِنْهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَلَعَلَّ ابْنَ رَزِينٍ إنَّمَا قَيَّدَ بِمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ يَرَى جَوَازَ عَزْلِهِ بِأَعْلَى مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَزَيَّفَهُ التَّاجُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُ لَا حَاصِلَ لَهُ) عِبَارَتُهُ فِي التَّوْشِيحِ: لَا حَاصِلَ لِهَذَا الْقَيْدِ؛ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ نَاظِرًا، وَإِنْ أَرَادَ عِلْمًا وَدِينًا زَائِدَيْنِ عَلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ النُّظَّارُ فَلَا يَصِحُّ، إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، وَلَك أَنْ تَتَوَقَّفَ فِي قَوْلِهِ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ نَاظِرًا فَإِنَّهُمْ

ص: 402

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْذًا مِنْ إفْتَاءِ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِ كُتُبِ الْحَدِيثِ إذَا كَتَبَ فِيهَا سَمَاعَ غَيْرِهِ مَعَهُ لَهَا أَنْ يُعِيرَهُ إيَّاهَا لِيَكْتُبَ سَمَاعَهُ مِنْهَا، وَلَوْ تَغَيَّرَتْ الْمُعَامَلَةُ وَجَبَ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ مِمَّا كَانَ يَتَعَامَلُ بِهِ حَالَ الْوَقْفِ زَادَ سِعْرُهُ أَمْ نَقَصَ سَهُلَ تَحْصِيلُهُ أَمْ لَا؟ فَإِنْ فُقِدَ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْمُطَالَبَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ حِينَئِذٍ وَإِلَّا وَجَبَ مِثْلُهُ، وَيَقَعُ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْأَوْقَافِ الْقَدِيمَةِ شَرْطُ قَدْرٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ النَّقْرَةِ.

قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: قَدْ قِيلَ إنَّهَا حُرِّرَتْ فَوُجِدَ كُلُّ دِرْهَمٍ مِنْهَا يُسَاوِي سِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا مِنْ الدَّرَاهِمِ الْفُلُوسِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا الْآنَ (إلَّا أَنْ يَشْرِطَ نَظَرَهُ) أَوْ تَدْرِيسَهُ مَثَلًا (حَالَ الْوَقْفِ) بِأَنْ يَقُولَ: وَقَفْت هَذَا مَدْرَسَةً بِشَرْطِ أَنَّ فُلَانًا نَاظِرُهَا أَوْ مُدَرِّسُهَا وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ فَلَيْسَ لَهُ كَغَيْرِهِ عَزْلُهُ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ يُخِلُّ بِنَظَرِهِ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لَهُ بَعْدَ شَرْطِهِ لِغَيْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَزَلَ الْمَشْرُوطُ لَهُ نَفْسَهُ لَمْ يُنَصِّبْ بَدَلَهُ سِوَى الْحَاكِمِ كَمَا مَرَّ، أَمَّا لَوْ قَالَ وَقَفْته وَفَوَّضْت ذَلِكَ إلَيْهِ فَلَيْسَ كَالشَّرْطِ، وَتَرَدَّدَ السُّبْكِيُّ فِيمَا إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَرْشَدِيَّةِ زَيْدٍ ثُمَّ أُخْرَى بِأَرْشَدِيَّةِ عَمْرٍو وَقَصُرَ الزَّمَنُ بَيْنَهُمَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ صِدْقُهُمَا فَإِنَّهُمَا يَتَعَارَضَانِ، ثُمَّ هَلْ يَسْقُطَانِ أَمْ يُشْتَرَطُ زَيْدٌ وَعَمْرٌو، وَبِالثَّانِي أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ، أَمَّا إذَا طَالَ الزَّمَنُ بَيْنَهُمَا فَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ عَلَى مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ الْحُكْمُ بِالثَّانِيَةِ إنْ صَرَّحَتْ بِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ مُتَجَدِّدٌ، وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ بِمَنْعِ أَنَّ مُقْتَضَاهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا مُقْتَضَاهُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّا إنَّمَا نَحْكُمُ بِالثَّانِيَةِ إذَا تَغَيَّرَ حَالُ الْأَرْشَدِ الْأَوَّلِ.

(وَإِذَا)(أَجَّرَ النَّاظِرُ) الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ جِهَةٍ إجَارَةٍ صَحِيحَةً (فَزَادَتْ الْأُجْرَةُ فِي الْمُدَّةِ أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ)(لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ) لِوُقُوعِهِ بِالْغِبْطَةِ فِي وَقْتِهِ فَأَشْبَهَ ارْتِفَاعَ الْقِيمَةِ أَوْ الْأُجْرَةِ بَعْدَ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةِ مَالِ الْمَحْجُورِ.

وَالثَّانِي تَنْفَسِخُ إذَا كَانَ لِلزِّيَادَةِ وَقْعٌ وَالطَّالِبُ ثِقَةٌ لِتَبَيُّنِ وُقُوعِهِ عَلَى خِلَافِ الْمَصْلَحَةِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ إذَا كَثُرَ الطَّالِبُ بِهَا وَإِلَّا لَمْ يُعْتَبَرْ جَزْمًا.

وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ الْمُسْتَحِقَّ أَوْ مَأْذُونَهُ جَازَ إيجَارُهُ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَعَلَيْهِ فَالْأَوْجَهُ انْفِسَاخُهَا بِانْتِقَالِهَا لِغَيْرِهِ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَا إذَا أَجَّرَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ شَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ حَالَةَ الْعَقْدِ ثُمَّ تَغَيَّرَتْ الْأَحْوَالُ فَزَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهَا وَخَطَؤُهُمَا، لِأَنَّ تَقْوِيمَ الْمَنَافِعِ الْمُسْتَقْبَلَةِ إنَّمَا يَصِحُّ حَيْثُ اسْتَمَرَّتْ حَالَةَ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ عَلَيْهَا أَحْوَالٌ تَخْتَلِفُ بِهَا قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ فَإِنَّهُ بَانَ أَنَّ الْمُقَوِّمَ لَهَا لَمْ يُوَافِقْ تَقْوِيمُهُ الصَّوَابَ انْتَهَى.

وَيُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي آخِرَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ أَنَّ كَلَامَهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً بِحَالِهَا بِحَيْثُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

ضَعِيفٌ.

(قَوْلُهُ: الْمُتَعَامَلُ بِهَا الْآنَ) وَقِيمَتُهَا إذْ ذَاكَ نِصْفُ فِضَّةٍ وَثُلُثٌ وَتُسَاوِي الْآنَ أَرْبَعَةَ أَنْصَافِ فِضَّةٍ وَنِصْفَ نِصْفٍ.

(قَوْلُهُ: فَلَيْسَ كَالشَّرْطِ) أَيْ فَلَهُ عَزْلُهُ حَيْثُ شَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ كَأَنْ قَالَ وَقَفْت هَذَا عَلَى كَذَا بِشَرْطِ أَنَّ النَّظَرَ فِيهِ لِي وَفَوَّضْت التَّصَرُّفَ فِيهِ لِفُلَانٍ.

(قَوْلُهُ: وَتَرَدَّدَ السُّبْكِيُّ) هَذِهِ مُسَاوِيَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ جَعَلَهُ لِلْأَرْشَدِ مِنْ أَوْلَادِهِ إلَخْ، غَايَتُهُ أَنَّ هَذِهِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى نِسْبَتِهَا لِقَائِلِهَا.

(قَوْلُهُ: إذَا كَثُرَ الطَّالِبُ) أَيْ كَثْرَةً يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْخُذْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَخَذَ الْآخَرُ.

(قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ) أَيْ أَمَّا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ لَهُ لِرِضَاهُ أَوَّلًا بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ بِالْإِذْنِ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ التَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ إذْنَهُ قَبْلَ انْتِقَالِ الْحَقِّ إلَيْهِ لَغْوٌ وَذَلِكَ يَقْتَضِي انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ عَنْ الْمُؤَجَّرِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَتَبَيَّنَ بُطْلَانُهَا) ضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ وَاَلَّذِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَمْ يَشْتَرِطُوا فِي النَّاظِرِ الْعِلْمَ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَدْرِيسَهُ) أَيْ: مَثَلًا كَمَا فِي التُّحْفَةِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا لَا يُنَاسِبُ مَا حَلَّ بِهِ فِي الْمَتْنِ فِيمَا مَرَّ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى مَا إذَا وَلَّى تَائِبًا عَنْهُ فِي النَّظَرِ، عَلَى أَنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَشْرِطْ تَدْرِيسَهُ فِي الْوَقْفِ وَقَرَّرَهُ فِيهِ حَيْثُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ النَّظَرُ لَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَزْلُهُ، أَيْ وَلَوْ بِلَا سَبَبٍ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ آنِفًا فَلْيُتَأَمَّلْ

. (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ الْمُسْتَحِقَّ إلَخْ) أَيْ: فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ.

ص: 403