المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يُقْطَعُ بِكَذِبِ تِلْكَ الْبَيِّنَةِ الْأُولَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٥

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الشِّرْكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ جَوَازِ الْوَكَالَةِ وَمَا تَنْفَسِخُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌[فَصْلٌ فِي صِيغَةِ الْإِقْرَارُ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوط الْمُقَرِّ بِهِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةُ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ جَوَازِ الْعَارِيَّةِ وَمَا لِلْمُعِيرِ

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْغَصْبِ وَانْقِسَامِ الْمَغْصُوبِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَضَمَانِ الْمَغْصُوبِ]

- ‌فَصْلٌ) فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَةٍ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَدَلِ الشِّقْصِ الَّذِي يُؤْخَذُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الْقِرَاضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْعَاقِدَيْنِ وَأَحْكَامِ الْقِرَاضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ وَلُزُومِ الْمُسَاقَاةِ وَهَرَبِ الْعَامِلِ

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَنَافِعَ يَمْتَنِعُ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ لِعَقَارٍ أَوْ دَابَّةٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ غَايَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي تُقَدَّرُ بِهَا الْمَنْفَعَةُ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَرْضِ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِهِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لقط الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَمَلُّكِ وَغُرْم اللُّقَطَةَ]

- ‌ كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَرِقِّهِ وَاسْتِلْحَاقِهِ

- ‌كِتَابُ الْجَعَالَةِ

الفصل: يُقْطَعُ بِكَذِبِ تِلْكَ الْبَيِّنَةِ الْأُولَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ

يُقْطَعُ بِكَذِبِ تِلْكَ الْبَيِّنَةِ الْأُولَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَعْتَدَّ بِالْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ وَاسْتَمَرَّ الْحُكْمُ بِالْأَوَّلِ، وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ انْدَفَعَ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّ إفْتَاءَهُ مُشْكِلٌ جِدًّا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى سَدِّ بَابِ إجَارَةِ الْأَوْقَافِ إذْ طُرُقُ التَّغْيِيرِ الَّذِي ذَكَرَهُ كَثِيرَةٌ، وَاَلَّذِي يَقَعُ فِي النَّفْسِ أَنَّا نَنْظُرُ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ الَّتِي تَنْتَهِي إلَيْهَا الرَّغَبَاتُ حَالَةَ الْعَقْدِ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا عَسَاهُ يَتَجَدَّدُ، وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ إجَارَةِ وَقْفٍ وَأَنَّ الْأُجْرَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، فَإِنْ ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّهَا دُونَهَا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْحُكْمِ وَالْإِجَارَةِ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا يَأْتِي بَسْطُهُ آخِرَ الدَّعَاوَى، وَأَفْتَى الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ وَقْفًا بِشَرْطٍ وَحَكَمَ لَهُ حَاكِمٌ شَافِعِيٌّ بِمُوجِبِهِ وَبِعَدَمِ انْفِسَاخِهَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَزِيَادَةِ رَاغِبٍ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ بِأَنَّ هَذَا إفْتَاءٌ لَا حُكْمٌ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالشَّيْءِ قَبْلَ وُقُوعِهِ لَا مَعْنَى لَهُ، كَيْفَ وَالْمَوْتُ أَوْ الزِّيَادَةُ قَدْ يُوجَدَانِ وَقَدْ لَا فَلِمَنْ رَفَعَ لَهُ الْحُكْمُ بِمَذْهَبِهِ انْتَهَى.

وَمَا عُلِّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي بَابِ الرَّهْنِ، وَسَيَأْتِي فِيهِ مَزِيدُ تَحْقِيقٍ فِي الْبَابِ الْآتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

‌كِتَابُ الْهِبَةِ

مِنْ هَبَّ: مَرَّ لِمُرُورِهَا مِنْ يَدٍ إلَى أُخْرَى أَوْ اسْتَيْقَظَ لِتَيَقُّظِ فَاعِلِهَا لِلْإِحْسَانِ وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِهَا بَلْ نَدْبِهَا بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا الْآتِي قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَوَرَدَ «تَهَادَوْا تَحَابُّوا» أَيْ بِالتَّشْدِيدِ مِنْ الْمَحَبَّةِ وَقِيلَ بِالتَّخْفِيفِ مِنْ الْمُحَابَاةِ وَصَحَّ «تَهَادَوْا فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تَذْهَبُ بِالضَّغَائِنِ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ» وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَقَعُ فِي النَّفْسِ إلَخْ مُعْتَمَدٌ.

(قَوْلُهُ: مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ) أَيْ وَمَعَ مُرَاعَاةِ كَوْنِ الْأُجْرَةِ مُعَجَّلَةً أَوْ مُقَسَّطَةً عَلَى الشُّهُورِ مَثَلًا.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يَحْكُمْ بِالْبُطْلَانِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْحُكْمِ وَالْإِجَارَةِ) أَيْ فَيَرُدُّ النَّاظِرُ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَإِلَّا فَبَدَلُهُ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ صَرَفَهُ فِي غَيْرِ مَصَالِحِ الْوَقْفِ وَمِنْ مَالِ الْوَقْفِ إنْ كَانَ صَرَفَهُ فِي مَصَالِحِهِ وَلَوْ بِإِيجَارِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً حَيْثُ تَعَيَّنَتْ لِتَوْفِيَةِ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ وَالْكَلَامُ كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَفْسُقْ بِتَعَدِّيهِ بِالْإِجَارَةِ وَالصَّرْفِ، وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِجَارَةُ ثَانِيًا وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ لِانْعِزَالِهِ.

(قَوْلُهُ: أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ) أَيْ لِأَمْرٍ عَرَضِيٍّ وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ الْمُمْتَنِعِ فِيهَا ذَلِكَ وَبِلَا عِوَضٍ نَحْوَ الْبَيْعِ اهـ حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَمَا عَلَّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ) مُعْتَمَدٌ.

كِتَابُ الْهِبَةِ

(قَوْلُهُ: مِنْ هَبَّ) أَيْ مَأْخُوذَةٌ مِنْ هَبَّ إلَخْ (وَقَوْلُهُ وَالسُّنَّةُ) أَيْ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ» أَيْ ظِلْفُهَا شَرْحُ مَنْهَجٍ.

وَالْفِرْسِنُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَالسِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ وَبِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ الْفَاءِ كَمَا فِي الْمِشْكَاةِ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِالتَّخْفِيفِ) ، وَعَلَيْهِ فَالْبَاءُ مَضْمُومَةٌ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُفَاعَلَةِ.

وَالْمَعْنَى أَنَّ بَعْضَكُمْ يُحَابِي بَعْضًا (قَوْلُهُ: تَذْهَبُ بِالضَّغَائِنِ) جَمْعُ ضَغِينَةٍ وَهِيَ الْحِقْدُ، يُقَالُ فِي فِعْلِهِ ضَغِنَ كَطَرِبَ انْتَهَى مُخْتَارٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[كِتَابُ الْهِبَةِ]

ِ (قَوْلُهُ: بِالتَّشْدِيدِ مِنْ الْمَحَبَّةِ) أَيْ: وَيَكُونُ مَجْزُومًا فِي جَوَابِ الْأَمْرِ، وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ بِالتَّخْفِيفِ مِنْ الْمُحَابَاةِ: أَيْ وَيَكُونُ أَمْرًا ثَانِيًا لِلتَّأْكِيدِ هَكَذَا ظَهَرَ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ عَلَى الثَّانِي بِفَتْحِ الْبَاءِ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ أَنَّهُ

ص: 404

مَا فِيهِ مِنْ نَحْوِ حِقْدٍ وَغَيْظٍ، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ حُكْمُ هَدِيَّةِ أَرْبَابِ الْوِلَايَاتِ وَالْعُمَّالِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا، وَيَحْرُمُ الْإِهْدَاءُ عَلَى مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صَرْفُ مَا يَأْخُذُهُ فِي مَعْصِيَةٍ (التَّمْلِيكِ) لِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ بِتَفْصِيلِهِ الْآتِي أَوْ مَنْفَعَةٍ عَلَى مَا يَأْتِي (بِلَا عِوَضٍ هِبَةٌ) بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ الشَّامِلُ لِلْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ وَقَسِيمِهِمَا وَمِنْ ثَمَّ قُدِّمَ الْحَدُّ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْصَرِفُ إلَيْهِ لَفْظُ الْهِبَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ عِنْدَ التَّأَمُّلِ عَدَمُ مُنَافَاتِهِ لِمَا ذُكِرَ هُنَا فَخَرَجَ بِالتَّمْلِيكِ الضِّيَافَةُ وَالْعَارِيَّةُ فَإِنَّهُمَا إبَاحَةٌ وَالْمِلْكُ يَحْصُلُ بَعْدَهُ، وَالْوَقْفُ فَإِنَّهُ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ لَا عَيْنٍ عَلَى مَا قِيلَ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا تَمْلِيكَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْإِبَاحَةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ السُّبْكِيُّ فَقَالَ لَا حَاجَةَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْوَقْفِ فَإِنَّ الْمَنَافِعَ لَمْ يَمْلِكْهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِتَمْلِيكِ الْوَاقِفِ بَلْ بِتَسْلِيمِهِ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا تَخْرُجُ الْهَدِيَّةُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ لِغَنِيٍّ فَإِنَّهُ فِيهِ تَمْلِيكًا، وَإِنَّمَا الْمُمْتَنِعُ عَلَيْهِ نَحْوَ الْبَيْعِ كَالْهِبَةِ بِثَوَابٍ وَزِيدَ فِي الْحَدِّ فِي الْحَيَاةِ لِإِخْرَاجِ نَحْوِ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّ التَّمْلِيكَ فِيهَا إنَّمَا يَتِمُّ بِالْقَبُولِ وَهُوَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مَمْنُوعٌ، وَتَطَوَّعَا لِإِخْرَاجِ نَحْوِ الْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ وَالزَّكَاةِ، وَيَرُدُّ بِمَنْعِ التَّمْلِيكِ فِيهَا بَلْ هِيَ كَوَفَاءِ الدُّيُونِ (فَإِنْ)(مَلَكَ) شَيْئًا بِلَا عِوَضٍ (مُحْتَاجًا)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ الْإِهْدَاءُ) وَكَذَا غَيْرُهُ كَالْهِبَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم (قَوْلُهُ: فِي مَعْصِيَةٍ) هَلْ الْعِبْرَةُ فِي ذَلِكَ بِاعْتِقَادِ الدَّافِعِ أَوْ بِاعْتِقَادِ الْآخَرِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، فَلَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَهْدَاهُ لِحَنَفِيٍّ لِيَصْرِفَهُ فِي نَبِيذٍ كَانَ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَأْتِي) أَيْ مِنْ الْخِلَافِ فِي أَنَّ مَا وُهِبَتْ مَنَافِعُهُ عَارِيَّةً أَوْ أَمَانَةً، وَالرَّاجِحُ مِنْهُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَقَسِيمُهُمَا) وَهُوَ الْهِبَةُ الْمُفْتَقِرَةُ لِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ قُدِّمَ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّأَمُّلِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي التَّقْدِيمِ مَا يُشْعِرُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، وَلَيْسَتْ إرَادَةُ الْمَعْنَى مُقْتَضِيَةً لِلتَّقْدِيمِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُخَالَفَةُ الْأُسْلُوبِ تُشْعِرُ بِأَنَّ مَا هُنَا عَلَى خِلَافِ الْمُتَعَارَفِ فِي مِثْلِهِ وَهُوَ يُؤَدِّي إلَى الْبَحْثِ عَمَّا يَقْتَضِيهِ فَرُبَّمَا ظَهَرَ لِلنَّاظِرِ أَنَّهُ لِإِرَادَةِ الْمَعْنَى الْأَعَمِّ.

(قَوْلُهُ: وَالْمِلْكُ يَحْصُلُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مَا ذُكِرَ مِنْ الضِّيَافَةِ وَالْعَارِيَّةِ، وَالْمُرَادُ مَا يَأْكُلُهُ الضَّيْفُ فَإِنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَمْلِكُ بِالِاسْتِعَارَةِ شَيْئًا، وَلَا يَرِدُ أَنَّهُ قَدْ يُعِيرُهُ شَاةً لِلَبَنِهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ الرَّاجِحَ فِيهِ أَنَّ اللَّبَنَ وَنَحْوَهُ مَقْبُوضٌ بِالْإِبَاحَةِ وَالشَّاةَ بِالْعَارِيَّةِ فَلَمْ يَمْلِكْ بِالْعَارِيَّةِ شَيْئًا، وَلَوْ أَخَّرَ الضِّيَافَةَ عَنْ الْعَارِيَّةِ وَأَنَّثَ الضَّمِيرَ كَمَا فَعَلَ حَجّ كَانَ أَوْلَى، وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ أَيْ مِنْ الْوَضْعِ فِي الْفَمِ أَوْ الِازْدِرَادِ أَوْ التَّقْدِيمِ لَهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ الْأَوَّلُ.

(قَوْلُهُ: وَالْوَقْفُ) فِي إخْرَاجِ التَّمْلِيكِ الْمَذْكُورِ لِلْوَقْفِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الشَّارِحَ جَعَلَهُ شَامِلًا لِتَمْلِيكِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ.

نَعَمْ هُوَ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّهُ لَا تَمْلِيكَ فِيهِ أَصْلًا مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ.

(قَوْلُهُ: نَحْوَ الْبَيْعِ كَالْهِبَةِ) عِبَارَةُ حَجّ: نَحْوَ الْبَيْعِ لِأَمْرٍ عَرَضِيٍّ وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ الْمُمْتَنِعِ فِيهَا ذَلِكَ وَبِلَا عِوَضٍ نَحْوَ الْبَيْعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ) أَيْ عَلَى زِيَادَةِ الْحَيَاةِ فِي الْحَدِّ (قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ) لَعَلَّ صُورَةَ الِاعْتِرَاضِ أَنَّ التَّمْلِيكَ فِي الْوَصِيَّةِ يَحْصُلُ بِالْإِيجَابِ وَيَتَأَخَّرُ الْمِلْكُ لِلْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَسَنَدُ الْمَنْعِ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ صِيغَةَ الْإِيجَابِ بِمُجَرَّدِهَا يَحْصُلُ بِهَا تَمْلِيكٌ (قَوْلُهُ: كَوَفَاءِ الدُّيُونِ) وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَوْنَهَا كَوَفَاءِ الدُّيُونِ لَا يَمْنَعُ أَنَّ فِيهَا تَمْلِيكًا اهـ حَجّ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: وَالنَّظَرُ قَوِيٌّ جِدًّا انْتَهَى.

وَقَدْ يُجَابُ عَنْ النَّظَرِ بِأَنَّ الْمُسْتَحَقِّينَ فِي الزَّكَاةِ مَلَكُوا قَبْلَ أَدَاءِ الْمَالِكِ فَإِعْطَاؤُهُ تَفْرِيغٌ لِمَا فِي ذِمَّتِهِ لَا تَمْلِيكَ مُبْتَدَأٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

بِضَمِّهَا لَمْ أَعْرِفْ سَبَبَهُ. (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ الْإِهْدَاءُ) قَدْ يُقَالُ هَلَّا عَبَّرَ بِالْهِبَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ) أَيْ: مِنْ عَدَمِ ذِكْرِهِ لِلْحَدِّ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ مِنْ تَقْدِيمِهِ فَيَكُونُ الْغَالِبُ ذِكْرَهُ لَهُ لَكِنْ مُؤَخَّرًا إذْ هَذَا خِلَافُ الْوَاقِعِ وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُ الشَّيْخِ فِي الْحَاشِيَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا إبَاحَةٌ) يَعْنِي: الضِّيَافَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُقَدَّمَةً فِي الذِّكْرِ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَلَعَلَّ تَقْدِيمَهَا مِنْ الْكَتَبَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْمُمْتَنِعُ عَلَيْهِ نَحْوُ الْبَيْعِ كَالْهِبَةِ بِثَوَابٍ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَإِنَّمَا الْمُمْتَنِعُ

ص: 405

وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ أَوْ غَنِيًّا (لِثَوَابِ الْآخِرَةِ) أَيْ لِأَجْلِهِ (فَصَدَقَةٌ) أَيْضًا وَهِيَ أَفْضَلُ الثَّلَاثَةِ (فَإِنْ) وَفِي نُسَخٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَإِنْ، وَهِيَ أَوْلَى لَهُ لَدَفَعَهَا مَا اعْتَرَضَ بِهِ عَلَى الْفَاءِ مِنْ أَنَّ الْهَدِيَّةَ قِسْمٌ مِنْ الصَّدَقَةِ.

نَعَمْ إيهَامُهُ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ النَّقْلُ وَالْقَصْدُ كَانَ صَدَقَةً وَهَدِيَّةً صَحِيحٌ (نَقَلَهُ) أَيْ الْمُمَلَّكُ بِلَا عِوَضٍ (إلَى مَكَانِ الْمَوْهُوبِ لَهُ إكْرَامًا) لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ غَالِبًا مِنْ النَّقْلِ إلَى ذَلِكَ، وَقَدْ يُقَالُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الرِّشْوَةِ (فَهَدِيَّةٌ) أَيْضًا فَلَا دَخْلَ لَهَا فِيمَا لَا يُنْقَلُ، وَلَا يُعَارِضُهُ صِحَّةُ نَذْرِ إهْدَائِهِ لِأَنَّ الْمُهْدِيَ اصْطِلَاحًا غَيْرُ الْهَدِيَّةِ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ تَرَادُفَهُمَا.

(وَشَرْطُ الْهِبَةِ) بِمَعْنَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي تَحَقُّقِ وُجُودِهَا فِي الْخَارِجِ فَيَشْمَلُ الرُّكْنَ كَمَا هُنَا، وَرُكْنُهَا الثَّانِي الْعَاقِدَانِ، وَالثَّالِثُ الْمَوْهُوبُ (إيجَابٌ) كَوَهَبْتُكَ وَمَلَّكْتُك وَمَنَحْتُك وَأَكْرَمْتُك وَعَظَّمْتُك وَنَحَلْتُك وَكَذَا أَطْعَمْتُك وَلَوْ فِي غَيْرِ طَعَامٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ (وَقَبُولٌ) كَقَبِلْتُ وَرَضِيت وَاتَّهَبْت (لَفْظًا) فِي حَقِّ النَّاطِقِ وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ فِي حَقِّهِ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ كَالْبَيْعِ وَلِهَذَا انْعَقَدَتْ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ كَلَكَ كَذَا وَكَسَوْتُك هَذَا وَبِالْمُعَاطَاةِ عَلَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَقِّينَ مَلَكُوا أَنَّهُ بِحَوَلَانِ الْحَوْلِ لَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ بَيْعُ قَدْرِ الزَّكَاةِ، وَأَنَّهُ لَوْ نَقَصَ النِّصَابُ بِسَبَبِهِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ زَكَاةٌ فِيمَا بَعْدَ الْعَامِ الْأَوَّلِ وَإِنْ مَضَى عَلَى ذَلِكَ أَعْوَامٌ.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ أَفْضَلُ الثَّلَاثَةِ) وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ لِغَنِيٍّ بِقَصْدِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: التَّفْضِيلُ لِلْمَاهِيَةِ لَا يَقْتَضِي التَّفْضِيلَ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهَا عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إذَا اجْتَمَعَ النَّقْلُ وَالْقَصْدُ) أَيْ أَوْ النَّقْلُ وَالِاحْتِيَاجُ.

(قَوْلُهُ: إكْرَامًا) يَنْبَغِي أَنَّ الدَّفْعَ بِلَا نَقْلٍ لَكِنْ بِقَصْدِ الْإِكْرَامِ هَدِيَّةٌ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَعَلَيْهِ فَهَدِيَّةُ الْعَقَارِ مُمْكِنَةٌ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ عَنْ حَجّ امْتِنَاعُ هَدِيَّةِ الْعَقَارِ لِعَدَمِ تَأَتِّي النَّقْلِ فِيهِ، وَهُوَ مُنَافٍ لِهَذَا الْبَحْثِ وَلِقَوْلِ الشَّارِحِ وَلَا يُعَارِضُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْإِكْرَامَ، وَقَوْلُهُ إلَى ذَلِكَ: أَيْ مَكَانَ الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَقَوْلُهُ الرِّشْوَةُ مُثَلَّثٌ الرَّاءِ، وَزَادَ حَجّ أَوْ لِخَوْفِ الْهَجْوِ مَثَلًا.

(قَوْلُهُ: فَهَدِيَّةٌ أَيْضًا) أَيْ كَمَا أَنَّهُ هِبَةٌ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ بَقِيَ مَا لَوْ مَلَّكَ غَنِيًّا بِلَا قَصْدِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ خَارِجًا عَنْ الصَّدَقَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْآخَرِينَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ تَفْسِيرِهِمَا، وَلَا يَظْهَرُ دُخُولُهُ فِي غَيْرِ الثَّلَاثَةِ فَيُشْكَلُ الْحَالُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هِيَ هِبَةٌ بَاطِلَةٌ لِعَدَمِ الصِّيغَةِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيَلْزَمُهُمْ: أَيْ السُّبْكِيَّ وَالزَّرْكَشِيَّ وَغَيْرَهُمَا أَنَّهُ لَوْ مَلَّكَ غَنِيًّا مِنْ غَيْرِ قَصْدِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ لَا يَكُونُ صَدَقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَيَكُونُ هِبَةً بَاطِلَةً كَمَا قَدَّمَهُ إنْ خَلَا عَنْ الصِّيغَةِ وَصَحِيحَةً إنْ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ: فِيمَا لَا يُنْقَلُ) أَيْ كَالْعَقَارِ، وَقَوْلُهُ صِحَّةُ نَذْرِ إهْدَائِهِ: أَيْ مَا لَا يُنْقَلُ.

(قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ الرُّكْنَ كَمَا هُنَا) أَيْ الَّذِي هُوَ الصِّيغَةُ وَهُوَ رُكْنُهَا الْأَوَّلُ، وَقَوْلُهُ وَرُكْنُهَا هُوَ بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ الْعَاقِدَانِ وَالْجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلَى وَهُوَ رُكْنُهَا الْأَوَّلُ الَّذِي قَدَّرْنَاهُ (قَوْلُهُ وَمَنَحْتُك) بِالتَّخْفِيفِ، وَقَوْلُهُ نَحَلْتُك بِالتَّخْفِيفِ أَيْضًا: أَيْ هَذَا أَوْ نَحْوُهُ فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ امْتِنَاعُ الْهِبَةِ لِلْحَمْلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَمَلُّكُهُ وَلَا تَمْلِيكُ الْوَلِيِّ لَهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا انْعَقَدَتْ بِالْكِنَايَةِ) هَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ كُلُّهُ صَرِيحٌ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُشْكِلُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَطْعَمْتُك وَكَسَوْتُك بَلْ بَيْنَ نَحْوِ لَك هَذَا وَكَسَوْتُك وَبَيْنَ عَظَّمْتُك أَوْ أَكْرَمْتُك فَلِيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ تِلْكَ الصِّيَغَ اُشْتُهِرَتْ فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي الْهِبَةِ فَكَانَتْ صَرِيحَةً بِخِلَافِ هَاتَيْنِ الصِّيغَتَيْنِ (قَوْلُهُ: كُلُّك كَذَا) وَمِنْهُ مَا اُشْتُهِرَ مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الْإِعْطَاءِ بِلَا عِوَضٍ جَبًّا فَيَكُونُ هِبَةً حَيْثُ نَوَاهَا بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَكَسَوْتُك هَذَا) ظَاهِرُهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَلَيْهِ نَحْوُ الْبَيْعِ لِأَمْرٍ عَرَضِيٍّ هُوَ كَوْنُهُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ الْمُمْتَنِعِ فِيهِ ذَلِكَ انْتَهَتْ، وَلَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ إذْ هُوَ مَحَطُّ الْجَوَابِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إيهَامُهُ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ إلَخْ) أَيْ: الَّذِي ذَكَرَ الْمُعْتَرِضَ أَيْضًا

ص: 406

الْقَوْلِ بِهَا، وَاشْتَرَطَ هُنَا فِي الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ جَمِيعَ مَا مَرَّ فِيهَا، وَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ مُطَابِقًا لِلْإِيجَابِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ عَدَمَ اشْتِرَاطِهَا هُنَا، وَمِنْهُ أَيْضًا اعْتِبَارُ الْفَوْرِ فِي الصِّيغَةِ وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْفَصْلُ إلَّا بِأَجْنَبِيٍّ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ اغْتِفَارُ قَوْلِهِ بَعْدَ وَهَبْتُك وَسَلَّطْتُك عَلَى قَبْضِهِ فَلَا يَكُونُ فَاصِلًا مُضِرًّا لِتَعَلُّقِهِ بِالْعَقْدِ.

نَعَمْ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْإِذْنِ قَبْلَ وُجُودِ الْقَبُولِ نَظَرٌ.

وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي مَزْجِ الرَّهْنِ الِاكْتِفَاءُ بِهِ، وَقَدْ لَا تُشْتَرَطُ صِيغَةٌ كَمَا لَوْ كَانَتْ ضِمْنِيَّةً كَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي فَأَعْتَقَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَجَّانًا، وَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَأَقَرَّهُ جَمْعٌ مِنْ أَنَّهُ لَوْ زَيَّنَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ بِحُلِيٍّ كَانَ تَمْلِيكًا لَهُ بِخِلَافِ زَوْجَتِهِ فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَمْلِيكِهِ بِتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ كَلَامَهُمَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ اشْتَرَطَا فِي هِبَةِ الْأَصْلِ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ وَهِبَةِ وَلِيِّ غَيْرِهِ: أَيْ غَيْرُ الْأَصْلِ قَبُولُهَا مِنْ الْحَاكِمِ أَوْ نَائِبِهِ.

وَنَقَلَ جَمْعٌ أَيْضًا عَنْ الْعَبَّادِيِّ وَأَقَرُّوهُ أَنَّهُ لَوْ غَرَسَ أَشْجَارًا وَقَالَ عِنْدَ الْغَرْسِ أَغْرِسُهَا لِابْنِي مَثَلًا لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِعَيْنٍ فِي يَدِهِ اشْتَرَيْتهَا لِابْنِي أَوْ لِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا، وَلَوْ قَالَ جَعَلْت هَذَا لِابْنِي لَمْ يَمْلِكْهُ إلَّا أَنْ قَبِلَ وَقَبَضَ لَهُ اهـ.

وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْحُلِيَّ صَارَ فِي يَدِ الصَّبِيِّ دُونَ الْغَرْسِ غَيْرُ كَافٍ لِأَنَّ صَيْرُورَتَهُ فِي يَدِهِ بِدُونِ لَفْظِ مُمَلَّكٍ لَا يُفِيدُ شَيْئًا، عَلَى أَنَّ كَوْنَ هَذِهِ الصَّيْرُورَةِ مُفِيدَةً لِلْمِلْكِ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ، فَلَا فَرْقَ لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ لَا يَتَمَشَّى عَلَى الْمَذْهَبِ، وَضَعَّفَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ قَوْلَ الْخُوَارِزْمِيِّ وَغَيْرَهُ أَنَّ إلْبَاسَ الْأَبِ الصَّغِيرِ حُلِيًّا يَمْلِكُهُ إيَّاهُ، وَقَدْ نَقَلَ آخَرُونَ عَنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَلَوْ فِي غَيْرِ الثِّيَابِ وَيَكُونُ بِمَعْنَى نَحَلْتُك.

(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ وَمِنْهُ الرُّؤْيَةُ فَالْأَعْمَى لَا تَصِحُّ هِبَتُهُ وَلَا الْهِبَةُ إلَيْهِ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ، وَأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ بَيْعِ الْأَعْيَانِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ صَدَقَتِهِ وَإِهْدَائِهِ فَيَصِحُّ لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ الْوَجْهُ الَّذِي لَا يَنْبَغِي خِلَافُهُ انْتَهَى.

كَذَا بِهَامِشٍ وَهُوَ قَرِيبٌ، وَيُصَرِّحُ بِاشْتِرَاطِ الرُّؤْيَةِ فِي الْوَاهِبِ وَالْمُتَّهِبِ قَوْلُ الْمَحَلِّيِّ وَفِيهَا كَأَصْلِهَا أَمْرُ الْعَاقِدَيْنِ وَاضِحٌ: أَيْ مِنْ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ: أَيْ فَطَرِيقُ الْأَعْمَى إذَا أَرَادَ ذَلِكَ التَّوْكِيلُ.

(قَوْلُهُ: مُطَابِقًا لِلْإِيجَابِ) نَقَلَ سم عَلَى حَجّ عَنْ الشَّارِحِ اعْتِمَادُ عَدَمِ اشْتِرَاطِ مُطَابَقَةِ الْقَبُولِ لِلْإِيجَابِ وَعِبَارَتُهُ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ نَصُّهَا: ثُمَّ قَالَ: أَيْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا حَاصِلُهُ: وَهُوَ يَصِحُّ قَبُولُ بَعْضِ الْمَوْهُوبِ أَوْ قَبُولُ أَحَدِ الشَّخْصَيْنِ أَوْ نِصْفُ مَا وُهِبَ لَهُمَا وَجْهَانِ انْتَهَى.

قَالَ م ر: الْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْإِذْنِ) أَيْ مِنْ الْوَاهِبِ كَأَنْ يَقُولَ وَهَبْتُك هَذَا وَأَذِنْت لَك فِي قَبْضِهِ فَيَقُولُ الْمُتَّهَبُ قَبِلْت، وَقَوْلُهُ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ إلَخْ مُعْتَمَدٌ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ لَا تُشْتَرَطُ صِيغَةٌ) أَيْ التَّصْرِيحُ بِهَا وَإِلَّا فَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ تَقْدِيرًا كَمَا قَالَهُ الْمَحَلِّيُّ فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَمْلِيكِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ إذَا دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ شَيْئًا كَخَادِمِهِ وَبِنْتِ زَوْجَتِهِ لَا يَصِيرُ مِلْكًا لَهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ مِنْ الْخَادِمِ إنْ تَأَهَّلَ لِلْقَبُولِ أَوْ وَلِيُّهُ إنْ لَمْ يَتَأَهَّلْ فَلِيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا بِمِصْرِنَا.

نَعَمْ إنْ دَفَعَ ذَلِكَ لِمَنْ ذُكِرَ لِاحْتِيَاجِهِ لَهُ أَوْ قَصَدَ ثَوَابَ الْآخِرَةِ كَانَ صَدَقَةً فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إيجَابٍ وَلَا قَبُولٍ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا مِنْهُ، وَقَدْ تَدُلُّ الْقَرَائِنُ الظَّاهِرَةُ عَلَى شَيْءٍ فَيُعْمَلُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ وَغَيْرِهِمَا فِي أَنَّ التَّدْيِينَ لَا يَكُونُ تَمْلِيكًا.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا) أَيْ وَلَا يَكُونُ تَمْلِيكًا لِلِابْنِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالْفَرْقُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا) أَيْ وَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْأَجْنَبِيُّ وَكَّلَهُ مَثَلًا فِي شِرَائِهَا لَهُ وَمِثْلُهُ وَلَدُهُ الرَّشِيدُ، وَأَنْ يَكُونَ تَمَلَّكَهَا لِغَيْرِ الرَّشِيدِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَوْ مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ) أَيْ الِابْنُ وَيَنْبَغِي أَنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ

(قَوْلُهُ: وَاشْتَرَطَ هُنَا) أَيْ: وَلِهَذَا اشْتَرَطَ هُنَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهِبَةِ وَلِيٍّ غَيْرِهِ قَبُولَهَا) أَيْ وَحَيْثُ اشْتَرَطَ فِي هِبَةِ وَلِيِّ غَيْرِ الْأَصْلِ قَبُولَ الْهِبَةِ مِنْ الْحَاكِمِ أَوْ نَائِبِهِ فَهِبَةُ مَجْرُورٌ وَوَلِيٌّ مُنَوَّنٌ وَغَيْرُهُ

ص: 407

الْقَفَّالِ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَوْ جَهَّزَ ابْنَتَهُ بِأَمْتِعَةٍ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ تَمْلِيكِهَا ذَلِكَ إنْ ادَّعَتْهُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي رَدِّ مَا سَبَقَ عَنْهُ، وَأَفْتَى الْقَاضِي فِيمَنْ بَعَثَ بِنْتَه وَجِهَازَهَا إلَى دَارِ الزَّوْجِ بِأَنَّهُ إنْ قَالَ هَذَا جِهَازُ بِنْتِي فَهُوَ مِلْكٌ لَهَا وَإِلَّا فَهُوَ عَارِيَّةٌ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ، وَكَخُلْعِ الْمُلُوكِ لِاعْتِيَادِ عَدَمِ اللَّفْظِ فِيهَا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَا قَبُولٍ كَهِبَةِ النَّوْبَةِ لِضَرَّتِهَا.

(وَلَا يُشْتَرَطَانِ) أَيْ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي الصَّدَقَةِ بَلْ يَكْفِي الْإِعْطَاءُ وَالْأَخْذُ وَلَا (فِي الْهَدِيَّةِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا (عَلَى الصَّحِيحِ بَلْ يَكْفِي الْبَعْثُ مِنْ هَذَا) وَيَكُونُ كَالْإِيجَابِ (وَالْقَبْضُ مِنْ ذَاكَ) وَيَكُونُ كَالْقَبُولِ لِجَرَيَانِ عَادَةِ السَّلَفِ بَلْ الصَّحَابَةُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ، وَمَعَ ذَلِكَ كَانُوا يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فَسَقَطَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ إبَاحَةً.

وَالثَّانِي يُشْتَرَطَانِ كَالْهِبَةِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَاهِبِ كَوْنُهُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ وَفِي الْمُتَّهِبِ أَهْلِيَّةُ الْمِلْكِ فَلَا تَصِحُّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَكُونَ كِنَايَةً كَمَا فِي الْبَيْعِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ صَرِيحٌ إلَخْ) قَدْ تُمْنَحُ الصَّرَاحَةُ بِحَمْلِ كَلَامِهِ فِي الْبِنْتِ عَلَى الرَّشِيدَةِ وَهُوَ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى تَمْلِيكِهَا، بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ، وَقَدْ يُفْهَمُ التَّقْيِيدُ بِالرَّشِيدَةِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ ادَّعَتْهُ.

(قَوْلُهُ: فِيمَنْ بَعَثَ بِنْتَه) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْبَاعِثُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً (قَوْلُهُ: وَجَهَازَهَا) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا لُغَةٌ قَلِيلَةٌ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِلْكٌ لَهَا) أَيْ يَكُونُ مَا ذَكَرَهُ إقْرَارًا.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ عَارِيَّةٌ) كَذَلِكَ يَكُونُ عَارِيَّةً فِيمَا يَظْهَرُ إذَا قَالَ جَهَّزْت ابْنَتِي بِهَذَا إذْ لَيْسَ هَذَا صِيغَةَ إقْرَارٍ بِمِلْكٍ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَسْأَلَةِ الْقَاضِي أَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى مَنْ يَمْلِكُ تَقْتَضِي الْمِلْكَ فَكَانَ مَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْقَاضِي إقْرَارًا بِالْمِلْكِ بِخِلَافِ مَا هُنَا.

(قَوْلُهُ: وَيَصْدُقُ بِيَمِينِهِ) أَيْ إذَا نُوزِعَ فِي أَنَّهُ مَلَكَهَا بِهِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَكَخُلْعٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ كَمَا لَوْ كَانَتْ ضِمْنِيَّةً.

(قَوْلُهُ: وَلَا قَبُولٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَقَدْ لَا يُشْتَرَطُ صِيغَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَالْقَبْضُ مِنْ ذَاكَ) هَلْ يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي تَجْرِيدِ الْمُزَجَّدِ مَا نَصُّهُ: فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ يَحْصُلُ مِلْكُ الْهِبَةِ بِوَضْعِ الْمُهْدِي بَيْنَ يَدَيْهِ إذَا أَعْلَمَهُ بِهِ وَلَوْ أَهْدَى إلَى صَبِيٍّ وَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَخَذَهُ الصَّبِيُّ لَا يَمْلِكُهُ انْتَهَى وَهُوَ يُفِيدُ مِلْكَ الْبَائِعِ بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَدْ جَعَلُوا ذَلِكَ قَبْضًا فِي الْبَيْعِ.

وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَتُمْلَكُ الْهَدِيَّةُ بِوَضْعِهَا بَيْنَ يَدَيْ الْمُهْدَى إلَيْهِ الْبَالِغِ لَا الصَّبِيِّ وَإِنْ أَخَذَهَا اهـ.

بَقِيَ مَا لَوْ أَتْلَفَهَا الصَّبِيُّ، وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ فَهَلْ يَضْمَنُهَا، وَيَنْبَغِي عَدَمُ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَيْهَا بِإِهْدَائِهَا لَهُ وَوَضْعِهَا بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الصَّبِيُّ شَيْئًا وَسَلَّمَ لَهُ فَأَتْلَفَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ، وَالْهِبَةُ كَالْبَيْعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ إقْبَاضٌ كَمَا تَقَرَّرَ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْبَالِغِ أَنَّهُ يَكْفِي الْقَبُولُ مِنْ السَّفِيهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ وَلِيِّهِ وَلَا قَبْضِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ كَانَ إبَاحَةً) أَيْ دَفْعُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ لِبَعْضٍ شَيْئًا.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْمُتَّهِبِ أَهْلِيَّةُ الْمِلْكِ) أَيْ التَّمَلُّكِ، فَلَا يُقَالُ هَذَا قَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُتَّهِبِ الرُّشْدُ بَلْ يَقْتَضِي صِحَّةَ قَبُولِ الْهِبَةِ مِنْ الطِّفْلِ، وَفِي حَاشِيَةِ سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: سُئِلَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَنْ شَخْصٍ بَالِغٍ تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدٍ مُمَيَّزٍ بِصَدَقَةٍ وَوَقَعَتْ الصَّدَقَةُ فِي يَدِهِ مِنْ الْمُتَصَدِّقِ فَهَلْ يَمْلِكُهَا الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ بِوُقُوعِهَا فِي يَدِهِ كَمَا لَوْ احْتَطَبَ أَوْ احْتَشَّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ أَمْ لَا يَمْلِكُهَا لِأَنَّ الْقَبْضَ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَقَدْ قَالُوا فِي نِثَارِ الْوَلِيمَةِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ آخِذٌ مَلَكَهُ، وَهَلْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

مَجْرُورٌ بَدَلٌ مِنْهُ وَقَبُولُهَا مَنْصُوبٌ مَفْعُولٌ وَمِنْ الْحَاكِمِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَرِيحٌ فِي رَدِّ مَا سَبَقَ عَنْهُ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ ذَاكَ فِي الطِّفْلِ كَمَا مَرَّ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ فِي الْبَالِغَةِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: إنْ ادَّعَتْهُ، نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْبِنْتُ صَغِيرَةً أَتَى فِيهَا مَا مَرَّ فِي الطِّفْلِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: وَكَخَلْعِ الْمُلُوكِ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ ضِمْنِيَّةً

ص: 408

هِبَةُ وَلِيٍّ وَلَا مُكَاتَبٍ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ فِي ذَلِكَ، وَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ بِأَنْوَاعِهَا مَعَ شَرْطٍ مُفْسِدٍ كَأَنْ لَا يُزِيلَ مِلْكَهُ عَنْهُ، وَلَا مُؤَقَّتَةً وَلَا مُعَلَّقَةً إلَّا فِي مَسَائِلِ الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى كَمَا قَالَ (وَلَوْ)(قَالَ أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ) أَوْ هَذَا الْحَيَوَانَ مَثَلًا أَيْ جَعَلْتهَا لَك عُمْرَك (فَإِذَا دُمْت فَهِيَ لِوَرَثَتِك) أَوْ لِعَقِبِك (فَهِيَ) أَيْ الصِّيغَةُ الْمَذْكُورَةُ (هِبَةٌ) أَيْ صِيغَةُ هِبَةٍ طَوَّلَ فِيهَا الْعِبَارَةَ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْقَبُولُ وَتَلْزَمُ بِالْقَبْضِ وَتَكُونُ لِوَرَثَتِهِ وَلَا تَخْتَصُّ بِعَقِبِهِ إلْغَاءً لِظَاهِرِ لَفْظِهِ عَمَلًا بِالْخَبَرِ الْآتِي، وَلَا تَعُودُ لِلْوَاهِبِ بِحَالٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَيُّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَى فَإِنَّهَا لِلَّذِي أُعْطِيَهَا لَا تَرْجِعُ إلَى الَّذِي أَعْطَاهَا» وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بَيْنَ الْعَالِمِ بِمَعْنَاهَا وَالْجَاهِلِ بِهِ، وَاسْتَشْكَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ: وَفِي الرَّوْضَةِ فِي الْكِتَابَةِ عَنْ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّ قَرِيبَ الْإِسْلَامِ وَجَاهِلَ الْأَحْكَامِ لَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهُ بِلَفْظِهِ حَتَّى يَنْضَمَّ إلَيْهِ نِيَّةٌ أَوْ زِيَادَةُ لَفْظٍ اهـ.

وَالْأَقْرَبُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الطَّلَاقِ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ اللَّفْظِ وَلَمْ يُوجَدْ حَتَّى يَقْصِدَهُ.

نَعَمْ مَنْ أَتَى بِلَفْظٍ صَرِيحٍ وَادَّعَى جَهْلَهُ بِمَعْنَاهُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا إنْ دَلَّتْ قَرِينَةُ حَالِهِ عَلَى ذَلِكَ لِعَدَمِ مُخَالَطَتِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

نِثَارُ الْوَلِيمَةِ يَكُونُ نَاثِرُهُ مُعْرِضًا عَنْهُ إعْرَاضًا خَاصًّا حَتَّى يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا أَعْطَاهُ لِلصَّبِيِّ، وَالْحَالُ أَنَّ الصَّدَقَةَ صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الصَّبِيُّ مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ إلَّا بِقَبْضِ وَلِيِّهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِلْكِهِ لِلنِّثَارِ وَاضِحٌ.

[فَرْعٌ] سُئِلَ عَنْ رَقِيقٍ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ شَخْصٌ بِصَدَقَةٍ كَثَوْبٍ أَوْ دَرَاهِمَ وَشَرَطَ الْمُتَصَدِّقُ انْتِفَاعَهُ بِهَا دُونَ سَيِّدِهِ هَلْ يَصِحُّ التَّصَدُّقُ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَهَلْ تَجِبُ مُرَاعَاةُ هَذَا الشَّرْطِ حَتَّى يَمْتَنِعَ عَلَى سَيِّدِهِ أَخْذُهَا مِنْهُ وَيَجِبُ صَرْفُهَا عَلَى الرَّقِيقِ؟ وَإِنْ قُلْتُمْ لَا يَصِحُّ فَهَلْ لِذَلِكَ حُكْمُ الْإِبَاحَةِ حَتَّى يَجُوزَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَلْبَسَ الثَّوْبَ وَيَنْتَفِعَ بِالدَّرَاهِمِ وَيُمْتَنَعُ ذَلِكَ عَلَى السَّيِّدِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ الْمُتَصَدِّقُ نَفْسَ الرَّقِيقِ بَطَلَتْ وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ إبَاحَةً أَوْ السَّيِّدُ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّتْ، وَيَجِبُ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ الشَّرْطِ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِدَابَّةٍ بِشَيْءٍ وَقَصَدَ صَرْفَهُ فِي عَلَفِهَا وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا شَرْطُ انْتِفَاعِهِ بِهَا دُونَ سَيِّدِهِ لِأَنَّ كِفَايَتَهُ عَلَى سَيِّدِهِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالصَّدَقَةِ اهـ.

أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ مَا ذُكِرَ مِنْ الصِّحَّةِ مَعَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مُشْكِلٌ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ عَنْ حَجّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ بِشَرْطِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا عِمَامَةً لَمْ يَصِحَّ، وَقَوْلُ م ر فِي جَوَابِهِ عَنْ السُّؤَالِ الْأَوَّلِ: لَا يَمْلِكُ الصَّبِيُّ مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ.

أَقُولُ: وَعَلَى عَدَمِ الْمِلْكِ فَهَلْ يَحْرُمُ الدَّفْعُ لَهُ كَمَا يَحْرُمُ تَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ مَعَهُ أَمْ لَا لِانْتِفَاءِ الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ، وَيُحْمَلُ ذَلِكَ مِنْ الْبَالِغِ عَلَى الْإِبَاحَةِ كَتَقْدِيمِ الطَّعَامِ لِلضَّيْفِ فَيُثَابُ عَلَيْهِ فَلِلْمُبِيحِ الرُّجُوعُ فِيهِ مَا دَامَ بَاقِيًا، هَذَا وَمَحَلُّ الْجَوَازِ حَيْثُ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ رِضَا الْوَلِيِّ بِالدَّفْعِ لَهُمْ، سِيَّمَا إنْ كَانَ ذَلِكَ يُعَوِّدُهُمْ عَلَى دَنَاءَةِ النَّفْسِ وَالرَّذَالَةِ فَيَحْرُمُ الْإِعْطَاءُ لَهُمْ لَا لِعَدَمِ الْمِلْكِ بَلْ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَفْسَدَةِ الظَّاهِرَةِ.

(قَوْلُهُ: لَا يُزِيلُ مِلْكَهُ) وَكَشَرْطِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ كَذَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَهُ لِيَشْتَرِيَ بِهِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِالشَّرْطِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَجِبُ عَلَيْهِ شِرَاءُ مَا قَصَدَهُ الدَّافِعُ.

قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ خُذْهُ وَاشْتَرِ بِهِ كَذَا، فَإِنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى قَصْدِ ذَلِكَ حَقِيقَةً أَوْ أَطْلَقَ وَجَبَ شِرَاؤُهُ بِهِ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ صَرْفِهِ فِي ذَلِكَ انْتَقَلَ لِوَرَثَتِهِ مِلْكًا مُطْلَقًا، وَإِنْ قَصَدَ التَّبَسُّطَ الْمُعْتَادَ صَرَفَهُ كَيْفَ شَاءَ.

(قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسَائِلِ الْعُمْرِيِّ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ لَفْظِهَا لِمَا يَأْتِي عَنْ السُّبْكِيّ كَوَهَبْتُكَ هَذِهِ عُمْرَك.

(قَوْلُهُ: وَلَا تَخْتَصُّ بِعَقِبِهِ) أَيْ بَلْ تَشْمَلُ جَمِيعَ الْوَرَثَةِ كَالْأَعْمَامِ وَالْإِخْوَةِ.

(قَوْلُهُ: أَيُّمَا رَجُلٍ) بِالْجَرِّ وَالرَّفْعِ وَالْأَوَّلُ وَاضِحٌ وَالثَّانِي بَدَلٌ مِنْ أَيٍّ وَمَا زَائِدَةٌ لِتَوْكِيدِ الشَّرْطِ اهـ شَرْحُ الْإِعْلَامِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ زِيَادَةُ لَفْظٍ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ إعْتَاقَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ.

(قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ اللَّفْظِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ:: وَلَمْ يُوجَدْ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ بِوَجْهٍ، وَلَعَلَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ مُحَرَّفَةٌ عَنْهَا مِنْ الْكَتَبَةِ وَإِنْ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهَا

ص: 409

لِمَنْ يَعْرِفُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَعْمَرْتُكَ) كَذَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا بَعْدَ مَوْتِهِ (فَكَذَا) هُوَ هِبَةٌ (فِي الْجَدِيدِ) لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «الْعُمْرَى مِيرَاثٌ لِأَهْلِهَا» وَجَعْلُهَا لَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ لَا يُنَافِي انْتِقَالَهَا لِوَرَثَتِهِ فَإِنَّ الْأَمْلَاكَ كُلَّهَا مُقَدَّرَةٌ بِحَيَاةِ الْمَالِكِ، وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا لَمْ يَأْخُذُوا بِقَوْلِ جَابِرٍ رضي الله عنه: إنَّمَا الْعُمْرَى الَّتِي أَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقُولَ هِيَ لَك وَلِعَقِبِك، فَإِذَا قَالَ: هِيَ لَك مَا عِشْت فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَى صَاحِبِهَا لِأَنَّهُ قَالَ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ، وَالْقَدِيمُ بُطْلَانُهُ كَمَا لَوْ قَالَ أَعْمَرْتُكَ سَنَةً (وَلَوْ قَالَ) أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ أَوْ جَعَلْتُهَا لَك عُمْرَك، وَأَلْحَقَ بِهِ السُّبْكِيُّ وَهَبْتُك هَذِهِ عُمْرَك (فَإِذَا مِتَّ عَادَتْ إلَيَّ) أَوْ إلَى وَرَثَتِي إنْ كُنْت مِتَّ (فَكَذَا) هُوَ هِبَةٌ (فِي الْأَصَحِّ) إلْغَاءً لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَإِنْ ظَنَّ لُزُومَهُ لِإِطْلَاقِ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَلِهَذَا عَدَلُوا بِهِ عَنْ قِيَاسِ سَائِرِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، إذْ لَيْسَ لَنَا مَوْضِعٌ يَصِحُّ فِيهِ الْعَقْدُ مَعَ وُجُودِ الشَّرْطِ الْمُنَافِي لِمُقْتَضَاهُ إلَّا هَذَا.

وَالثَّانِي يَبْطُلُ الْعَقْدُ لِفَسَادِ الشَّرْطِ، وَخَرَجَ بِعُمْرِك عُمْرِي أَوْ عُمَرُ زَيْدٍ فَيَبْطُلُ لِأَنَّهُ تَأْقِيتٌ إذْ قَدْ يَمُوتُ هَذَا أَوْ الْأَجْنَبِيُّ أَوَّلًا (وَلَوْ)(قَالَ أَرْقَبْتُك) هَذِهِ مِنْ الرَّقُوبِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَرْقُبُ مَوْتَ صَاحِبِهِ (أَوْ جَعَلْتهَا لَك رُقْبَى) وَاقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ ضَمَّ إلَيْهِ مَا بَعْدَ أَيْ التَّفْسِيرِيَّةِ فِي قَوْلِهِ (أَيْ إنْ مِتَّ قَبْلِي عَادَتْ إلَيَّ وَإِنْ مِتُّ قَبْلَك اسْتَقَرَّتْ لَك فَالْمَذْهَبُ طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ) فَعَلَى الْجَدِيدِ الْأَصَحُّ يَصِحُّ وَيَلْغُو الشَّرْطُ الْفَاسِدُ فَيُشْتَرَطُ قَبُولُهَا وَالْقَبْضُ، وَذَلِكَ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ «لَا تَعْمُرُوا وَلَا تَرْقُبُوا، فَمَنْ أَرْقَبَ شَيْئًا أَوْ أَعْمَرَهُ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ» أَيْ لَا تَرْقُبُوا وَلَا تَعْمُرُوا طَمَعًا فِي أَنْ يَعُودَ إلَيْكُمْ فَإِنَّ سَبِيلَهُ الْمِيرَاثُ، وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ.

(وَمَا جَازَ بَيْعُهُ) مِنْ الْأَعْيَانِ (جَازَ) لَمْ يُؤَنِّثْهُ لِيُشَاكِلَ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ تَأْنِيثَهُ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ (هِبَتُهُ) بِالْأَوْلَى لِأَنَّهَا أَوْسَعُ.

أَمَّا الْمَنَافِعُ فَيَصِحُّ بَيْعُهَا بِالْإِجَارَةِ.

وَفِي هِبَتِهَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا لَيْسَتْ بِتَمْلِيكٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا وُهِبَتْ مَنَافِعُهُ عَارِيَّةٌ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا عَلَى مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ تَرْجِيحُهُ، وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ.

ثَانِيهُمَا: أَنَّهَا تَمْلِيكٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا وُهِبَتْ مَنَافِعُهُ أَمَانَةٌ، وَرَجَّحَهُ جَمْعٌ.

مِنْهُمْ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ رحمه الله، وَعَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَهُوَ بِالِاسْتِيفَاءِ لَا بِقَبْضِ الْعَيْنِ، وَفَارَقَتْ الْإِجَارَةُ بِالِاحْتِيَاجِ فِيهَا لِتَقَرُّرِ الْأُجْرَةِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الْمَنْفَعَةِ.

لَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ لَا تَلْزَمُ بِقَبْضِ الدَّارِ اتِّحَادُهُمَا وَأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي التَّسْمِيَةِ لَا فِي الْحُكْمِ وَهُوَ اللُّزُومُ وَعَدَمُهُ لِأَنَّهَا لَا تَلْزَمُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّا نَمْنَعُ لُزُومَ اتِّحَادِهِمَا، بَلْ لِلْخِلَافِ فَوَائِدُ: مِنْهَا أَنَّ الدَّارَ تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَى الْمُتَّهِبِ عَلَى الْأَوَّلِ بِخِلَافِهَا عَلَى الثَّانِي، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: فَائِدَةُ كَوْنِهَا عَارِيَّةً أَنَّهَا لَوْ انْهَدَمَتْ ضَمِنَهَا الْمُتَّهِبُ، بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا بِأَنَّهَا غَيْرُ عَارِيَّةٍ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ فَلَا يَكُونُ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مُرَادًا (قَوْلُهُ إنَّمَا الْعُمْرِيُّ) أَيْ الَّتِي يَقْتَضِي لَفْظُهَا أَنْ يَكُونَ هِبَةً.

(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا عَدَلُوا بِهِ) أَيْ بِهَذَا الشَّرْطِ (قَوْلُهُ إلَّا هَذَا) أَيْ الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى، وَعَلَى هَذَا فَكُلُّ مَا قِيلَ فِيهِ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ يَجِبُ فَرْضُهُ فِيمَا لَا يَكُونُ الشَّرْطُ فِيهِ مُنَافِيًا لِلْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِعُمْرِك) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ: أَيْ جَعَلْتهَا لَك عُمْرَك.

(قَوْلُهُ: يَرْقُبُ) بَابُهُ دَخَلَ اهـ مُخْتَارٌ.

(قَوْلُهُ: أَيْ لَا تَرْقُبُوا) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ أَرْقُبَ وَأَعْمُرَ مَبْنِيَّانِ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَأَصَحُّ مِنْهُ فِي ذَلِكَ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَيُّمَا رَجُلٌ أُعْمِرَ عُمْرَى فَإِنَّهَا لِلَّذِي أُعْطِيَهَا لَا تَرْجِعُ لِلَّذِي أَعْطَاهَا» .

(قَوْلُهُ: وَهُوَ بِالِاسْتِيفَاءِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُؤَجِّرُ وَلَا يُعِيرُ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ لِلْمَالِكِ الرُّجُوعَ مَتَى شَاءَ لِعَدَمِ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهَا.

(قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ الْإِجَارَةُ) أَيْ حَيْثُ عُدَّ فِيهَا قَبْضُ الْمَنْفَعَةِ لَهُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ حَتَّى يَجُوزَ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْإِجَارَةِ وَغَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ عَلَى أَنَّهَا لَا تُمْلَكُ، وَقَوْلُهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَجَعَلَهَا لَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ) أَيْ: الَّذِي تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ: أَعْمَرْتُكَ

ص: 410

وَلَا تَصِحُّ هِبَةُ مَا فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ بَيْعِهِ فَوَهَبْتُك أَلْفَ دِرْهَمٍ مَثَلًا فِي ذِمَّتِي غَيْرُ صَحِيحٍ وَإِنْ عَيَّنَهُ فِي الْمَجْلِسِ وَقَبَضَهُ، وَالْمَرِيضُ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِوَارِثِهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ لَا هِبَتِهِ بَلْ يَكُونُ وَصِيَّةً، وَالْوَلِيُّ وَالْمُكَاتَبُ يَجُوزُ بَيْعُهُمَا لَا هِبَتُهُمَا، وَالْمَرْهُونَةُ إذَا أَعْتَقَهَا مُعْسِرًا وَاسْتَوْلَدَهَا يَجُوزُ بَيْعُهَا لِلضَّرُورَةِ لَا هِبَتُهَا وَلَوْ مِنْ الْمُرْتَهِنِ.

وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اسْتِثْنَاءِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْهِبَةِ أَمْرٌ خَارِجِيٌّ فِي الْعَاقِدِ وَطَرَأَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَلَا إيرَادَ، كَمَا لَا يَرِدُ أَيْضًا مَا لَوْ أَعْطَى لَبَنَ شَاةٍ مَجْعُولَةٍ أُضْحِيَّةً أَوْ صُوفَهَا لِآخَرَ أَوْ تَرَكَ لَهُ حَقَّ التَّحَجُّرِ أَوْ أَعْطَاهُ جِلْدَ مَيْتَةٍ قَبْلَ الدِّبَاغِ أَوْ دُهْنًا نَجِسًا لِلِاسْتِصْبَاحِ بِهِ أَوْ تَرَكَتْ إحْدَى الضَّرَّتَيْنِ نَوْبَتَهَا لِلْأُخْرَى أَوْ أَعْطَى الطَّعَامَ الْمَغْنُومَ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِمِثْلِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ هِبَةُ تَمْلِيكٍ وَإِنَّمَا هُوَ نَقْلُ يَدٍ أَوْ حَقٌّ إلَى غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكٍ، وَمَنْ سَمَّاهَا هِبَةً أَرَادَ أَنَّهُ عَلَى صُورَتِهَا، وَالثَّمَرُ وَنَحْوُهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ تَصِحُّ هِبَتُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ وَهِبَةِ أَرْضٍ مَعَ بَذْرٍ أَوْ زَرْعٍ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ، صَحِيحَةٌ فِي الْأَرْضِ لِانْتِفَاءِ الْمُبْطِلِ لِلْبَيْعِ فِيهِمَا مِنْ الْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّهُمَا مِنْ الثَّمَنِ عِنْدَ التَّوْزِيعِ، فَالْقَوْلُ بِأَنَّ ذَلِكَ وَارِدٌ عَلَى الضَّابِطِ لِجَوَازِ هِبَتِهِ دُونَ بَيْعِهِ مَرْدُودٌ.

(وَمَا لَا) يَجُوزُ بَيْعُهُ (كَمَجْهُولٍ وَمَغْصُوبٍ) لِمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ (وَضَالٍّ) وَآبِقٍ (فَلَا) يَجُوزُ هِبَتُهُ بِجَامِعِ أَنَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَلَى الثَّانِي أَيْ إنَّهَا تَمْلِيكٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ هِبَةُ مَا فِي الذِّمَّةِ) نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَا جَازَ بَيْعُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَيَّنَهُ فِي الْمَجْلِسِ) تَقَدَّمَ لَهُ فِي الْقَرْضِ صِحَّةُ مِثْلِ هَذَا، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْقَرْضِ وَالْهِبَةِ أَنَّ الْقَرْضَ لِوُجُوبِ رَدِّ الْعِوَضِ فِيهِ شَبِيهٌ بِالْبَيْعِ.

وَهُوَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ جَائِزٌ بِخِلَافِ الْهِبَةِ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ صِحَّةِ بَيْعِهِ وَعَدَمِ صِحَّةِ هِبَتِهِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لَا هِبَتُهُمَا) أَيْ لِأَنَّهُمَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِمَا وَهَذَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَاهِبِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لَا هِبَتُهَا) فِي عَدَمِ صِحَّةِ هِبَةِ الْمَرْهُونَةِ مِنْ الْمُعْسِرِ لِلْمُرْتَهِنِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا امْتَنَعَ مِنْ الْمُعْسِرِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْوِيتِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَقَبُولِهِ لِلْهِبَةِ مُتَضَمِّنٌ لِرِضَاهُ بِهَا، فَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِعَدَمِ صِحَّةِ هِبَةِ الْمَرْهُونَةِ إذَا كَانَتْ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ هِبَةُ الْمَرْهُونَةِ مِنْ الْمُعْسِرِ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْ لَهَا إعْتَاقٌ مِنْ الرَّاهِنِ، وَالْكَلَامُ فِيمَا لَوْ سَبَقَ مِنْهُ إعْتَاقٌ أَوْ إيلَادٌ، وَعَلَيْهِ فَعَدَمُ صِحَّةِ الْهِبَةِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ حَقَّ الْإِعْتَاقِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِالْمَرْهُونِ، وَفِي حَجّ: فَرْعٌ: أَعْطَى آخَرَ دَرَاهِمَ يَشْتَرِي بِهَا عِمَامَةً مَثَلًا وَلَمْ تَدُلَّ قَرِينَةُ حَالِهِ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ مُجَرَّدُ التَّبَسُّطِ الْمُعْتَادِ لَزِمَهُ شِرَاءُ مَا ذُكِرَ وَإِنْ مَلَكَهُ لِأَنَّ مِلْكَهُ مُقَيَّدٌ بِصَرْفِهِ فِيمَ عَيَّنَهُ الْمُعْطِي، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ صَرْفِهِ فِي ذَلِكَ انْتَقَلَ لِوَرَثَتِهِ مِلْكًا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِزَوَالِ التَّقْيِيدِ بِمَوْتِهِ، كَمَا لَوْ مَاتَتْ الدَّابَّةُ الْمُوصَى بِعَلَفِهَا قَبْلَ الصَّرْفِ فِيهِ فَإِنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ مَالِكُهَا كَيْفَ شَاءَ وَلَا يَعُودُ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي، أَوْ بِشَرْطِ أَنَّهُ يَشْتَرِي بِهَا ذَلِكَ بَطَلَ الْإِعْطَاءُ مِنْ أَصْلِهِ لِأَنَّ الشَّرْطَ صَرِيحٌ فِي الْمُنَاقَضَةِ لَا يَقْبَلُ تَأْوِيلًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَمْرٌ خَارِجِيٌّ) اُنْظُرْ مَا هُوَ فِيمَا لَوْ وَهَبَ شَيْئًا فِي الذِّمَّةِ حَيْثُ قُلْنَا بِبُطْلَانِهِ (قَوْلُهُ: لِمِثْلِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مِنْ الْغَانِمِينَ.

(قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) كَالزَّرْعِ الْأَخْضَرِ قَبْل بُدُوِّ صَلَاحِهِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ) أَيْ وَيَحْصُلُ الْقَبْضُ فِيهِ بِالتَّخْلِيَةِ وَيُكَلَّفُ الْمُتَّهِبُ قَطْعَهُ حَالًا حَيْثُ طَلَبَهُ الْوَاهِبُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْتَفِعًا بِهِ وَلَا يُجْبَرُ الْوَاهِبُ عَلَى إبْقَائِهِ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ) كَالْقَمْحِ فِي سُنْبُلِهِ لَكِنَّهُ يُشْكِلُ بِالزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، فَإِنَّهُ إذَا وَهَبَ مَعَ الْأَرْضِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ قَطْعَهُ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ قَبْلُ: وَالثَّمَرُ وَنَحْوُهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: صَحِيحَةٌ فِي الْأَرْضِ) أَيْ دُونَ الْبَذْرِ وَالزَّرْعِ.

(قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) أَيْ لِأَنَّ بُطْلَانَ الْبَيْعِ لِمَانِعٍ وَهُوَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ الْمُرْتَهِنِ) أَيْ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْعِتْقِ، وَإِنَّمَا جَازَ الْبَيْعُ وَإِنْ تَضَمَّنَ ذَلِكَ لِتَعَيُّنِهِ طَرِيقًا لِوَفَاءِ الْحَقِّ الَّذِي تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْهِبَةِ أَمْرٌ خَارِجِيٌّ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ فِي الْأُولَى. (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَرِدُ أَيْضًا) أَيْ: عَلَى قَوْلِهِ الْآتِي وَمَا لَا فَلَا

ص: 411

كُلًّا مِنْهُمَا تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ وَلَا يُنَافِيهِ خَبَرُ «زِنْ وَأَرْجِحْ» لِأَنَّ الرُّجْحَانَ الْمَجْهُولَ وَقَعَ تَابِعًا لِمَعْلُومٍ، عَلَى أَنَّ الْأَوْجَهَ كَوْنُ الْمُرَادِ " بِأَرْجَحْ " تَحَقُّقَ الْحَقِّ حَذَرًا مِنْ التَّسَاهُلِ فِيهِ، وَلَا «قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ رضي الله عنه فِي الْمَالِ الَّذِي جَاءَ مِنْ الْبَحْرَيْنِ خُذْ مِنْهُ» الْحَدِيثَ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْمَجْهُولِ إنَّمَا هُوَ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ، بِخِلَافِ هَدِيَّتِهِ وَصَدَقَتِهِ فَيَصِحَّانِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِعْطَاءُ الْعَبَّاسِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ صَدَقَةٌ لَا هِبَةٌ لِكَوْنِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَحَقِّينَ (إلَّا حَبَّتَيْ الْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا) مِنْ الْمُحَقَّرَاتِ فَإِنَّهُ يُمْتَنَعُ بَيْعُهَا لَا هِبَتُهَا اتِّفَاقًا كَمَا فِي الدَّقَائِقِ، فَبَحْثُ الرَّافِعِيِّ عَدَمُ صِحَّةِ هِبَتِهَا مَرْدُودٌ وَإِنْ سَبَقَهُ إلَيْهِ الْإِمَامُ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ فِي تَصَدُّقِ الْإِنْسَانِ بِالْمُحَقِّرِ كَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ، وَإِلَّا فِي مَالِ وَقْفٍ بَيْنَ جَمْعٍ لِلْجَهْلِ بِمُسْتَحَقِّهِ فَيَجُوزُ الصُّلْحُ بَيْنَهُمْ عَلَى تَسَاوٍ أَوْ تَفَاوُتٍ لِلضَّرُورَةِ: قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا بُدَّ أَنْ يَجْرِيَ بَيْنَهُمْ تَوَاهُبٌ، وَلِبَعْضِهِمْ إخْرَاجُ نَفْسِهِ مِنْ الْبَيِّنِ، لَكِنْ إنْ وَهَبَ لَهُمْ حِصَّتَهُ جَازَ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَيْضًا، بِخِلَافِ إعْرَاضِ الْغَانِمِ: أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ، وَلَا عَلَى احْتِمَالٍ بِخِلَافِ هَذَا وَلِوَلِيِّ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ الصُّلْحُ لَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَمَّا بِيَدِهِ كَمَا يَعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي قُبَيْلَ خِيَارِ النِّكَاحِ، وَإِلَّا فِيمَا لَوْ خَلَطَ مَتَاعَهُ بِمَتَاعِ غَيْرِهِ فَوَهَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لِصَاحِبِهِ فَيَصِحُّ مَعَ جَهْلِ قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَإِلَّا فِيمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَنْتِ فِي حِلٍّ مِمَّا تَأْخُذُ أَوْ تُعْطِي أَوْ تَأْكُلُ مِنْ مَالِي فَلَهُ الْأَكْلُ فَقَطْ لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْأَرْضَ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ عَدَمُ صِحَّةِ هِبَةِ الْمَجْهُولِ.

(قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ) أَيْ وَهُوَ الْهِبَةُ الْمُتَوَقِّفَةُ عَلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ صَدَقَةٌ) قَدْ يَمْنَعُ كَوْنَهُ صَدَقَةً إذْ هُوَ مَالٌ لِبَيْتِ الْمَالِ وَتَصَرُّفُهُ صلى الله عليه وسلم فِيهِ كَتَصَرُّفِ الْإِمَامِ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَلَوْ كَانَ مِلْكًا لَهُ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ إعْطَاؤُهُ تَصَدُّقًا مِنْهُ نَافَاهُ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَحَقِّينَ، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ " لَا هِبَةٌ " نَصُّهَا: وَإِلَّا فَهُوَ لِكَوْنِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَحَقِّينَ إلَخْ وَحَاصِلُهُ أَنَّا إذَا قُلْنَا: إنَّ مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ الْأَمْوَالِ مِلْكُهُ صلى الله عليه وسلم فَدَفَعَهُ لِلْعَبَّاسِ صَدَقَةً، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَمْلِكُهُ فَمَا يَأْتِي مِنْ الْأَمْوَالِ حَقُّ بَيْتِ الْمَالِ وَالْعَبَّاسُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَحَقِّينَ لَهُ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يُفَاضِلَ بَيْنَهُمْ فِي الْإِعْطَاءِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الْحِنْطَةِ.

(قَوْلُهُ: عَدَمُ صِحَّةِ هِبَتِهَا) أَيْ نَحْوَ الْحَبَّتَيْنِ، وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ نَظَرًا لِمَا صَدَقَ عَلَيْهِ النَّحْوُ مِنْ جَمِيعِ جُزْئِيَّاتِهِ.

(قَوْلُهُ: جَازَ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهَا كَمَا فِي حَجّ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ إخْرَاجِهِ مِنْ الْبَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَلِوَلِيِّ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ الصُّلْحُ) عَنْ الْمَالِ الْمَوْقُوفِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ عَمَّا بِيَدِهِ يُتَأَمَّلُ مَعْنَاهُ فَإِنَّ الْمَالَ قَدْ لَا يَكُونُ فِي يَدِهِ مِنْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فِيمَا لَوْ قَالَ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ بِغَيْرِ صُورَةِ الِاسْتِثْنَاءِ كَأَنْ يَقُولَ وَلَوْ قَالَ أَنْتَ فِي حِلٍّ مِمَّا إلَخْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ بِالنَّظَرِ لِمَا يَأْكُلُهُ هِبَةٌ صُورَةً (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْأَكْلُ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: مَا قَدْرُهُ.

أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَأْكُلَ قَدْرَ كِفَايَتِهِ وَإِنْ جَاوَزَ الْعَادَةَ حَيْثُ عَلِمَ الْمَالِكُ بِحَالِهِ، وَإِلَّا امْتَنَعَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَإِعْطَاءُ الْعَبَّاسِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ صَدَقَةٌ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَإِعْطَاءُ الْعَبَّاسِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ صَدَقَةٌ لَا هِبَةٌ وَإِلَّا فَهُوَ لِكَوْنِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ وَلِلْمُعْطِي أَنْ يُفَاوِتَ بَيْنَهُمْ انْتَهَتْ.

فَقَوْلُهُ: وَإِلَّا: أَيْ وَإِنْ لَا يَكُنْ صَدَقَةً، وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إمَّا صَدَقَةً إنْ كَانَ الْمَالُ لَهُ صلى الله عليه وسلم وَإِمَّا بِطَرِيقِ اسْتِحْقَاقِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ الْمَالُ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ لِكَوْنِهِ إلَخْ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيلًا لِكَوْنِهِ صَدَقَةً؛ لِمُنَافَاتِهِ إيَّاهُ (قَوْلُهُ: وَلِوَلِيِّ مَحْجُورٍ الصُّلْحُ) أَنَّ فِيمَا هُوَ مَوْقُوفٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ لِلْجَهْلِ بِحِصَّتِهِ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَمَّا بِيَدِهِ) حَاصِلُ هَذَا الشَّرْطِ أَنَّ الْمَحْجُورَ تَارَةً يَكُونُ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْقُوفِ، وَتَارَةً لَا، فَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنْهُ فَشَرْطُ الصُّلْحِ أَنْ لَا يَنْقُصَهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ التَّبَرُّعُ بِمِلْكِ الْمَحْجُورِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ مِنْهُ شَيْءٌ جَازَ الصُّلْحُ بِلَا شَرْطٍ؛ لِانْتِفَاءِ ذَلِكَ الْمَحْذُورِ فَلَا تَوَقُّفَ فِيهِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ) تَعْلِيلٌ لِأَصْلِ حِلِّ الْأَكْلِ لَا لِامْتِنَاعِ غَيْرِهِ

ص: 412

وَهِيَ صَحِيحَةٌ بِالْمَجْهُولِ بِخِلَافِ الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ.

قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ.

قَالَ: وَفِي خُذْ مِنْ عِنَبِ كَرْمِي مَا شِئْت لَا يَزِيدُ عَلَى عُنْقُودٍ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَمَا اُسْتُشْكِلَ بِهِ يُرَدُّ بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ حَقُّ الْغَيْرِ أَوْجَبَ ذَلِكَ التَّقْدِيرَ، وَأَفْتَى الْقَفَّالُ فِي أَبَحْت لَك مِنْ ثِمَارِ بُسْتَانِي مَا شِئْت بِأَنَّهُ إبَاحَةٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ لَهُ أَخْذَ مَا شَاءَ، وَمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ أَحْوَطُ.

وَفِي الْأَنْوَارِ لَوْ قَالَ: أَبَحْت لَك مَا فِي دَارِي أَوْ مَا فِي كَرْمِي مِنْ الْعِنَبِ فَلَهُ أَكْلُهُ دُونَ بَيْعِهِ وَحَمْلِهِ وَإِطْعَامِهِ لِغَيْرِهِ، وَتَقْتَصِرُ الْإِبَاحَةُ عَلَى الْمَوْجُودِ: أَيْ عِنْدَهَا فِي الدَّارِ أَوْ الْكَرْمِ، وَلَوْ قَالَ: أَبَحْت لَك جَمِيعَ مَا فِي دَارِي أَكْلًا وَاسْتِعْمَالًا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُبِيحُ الْجَمِيعَ لَمْ تَحْصُلْ الْإِبَاحَةُ اهـ.

وَبَعْضُ مَا ذَكَرَهُ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَقَوْلُهُ وَيَقْتَصِرُ إلَى آخِرِهِ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الْقَفَّالِ لَا الْعَبَّادِيِّ، وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا غَيْرُ مُنَافٍ مَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ الْإِبَاحَةِ بِالْمَجْهُولِ لِأَنَّ هَذَا فِي مَجْهُولٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِ ذَاكَ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ عَدَمُ ارْتِدَادِ الْإِبَاحَةِ بِالرَّدِّ.

(وَهِبَةُ الدَّيْنِ) الْمُسْتَقِرِّ (لِلْمَدِينِ) أَوْ التَّصَدُّقِ بِهِ عَلَيْهِ (إبْرَاءٌ) فَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَهَذَا صَرِيحٌ فِيهِ خِلَافًا لِمَا فِي الذَّخَائِرِ مِنْ أَنَّهُ كِنَايَةٌ.

نَعَمْ تَرْكُ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ كِنَايَةُ إبْرَاءٍ (وَ) هِبَتُهُ (لِغَيْرِهِ) أَيْ الْمَدِينُ (بَاطِلَةٌ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ؛ لِأَنَّ مَا يُقْبَضُ مِنْ الْمَدِينِ عَيْنٌ لَا دَيْنٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بُطْلَانَ ذَلِكَ، وَإِنْ قُلْنَا بِمَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِهِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ الْمَوْصُوفِ دُونَ هِبَتِهِ وَالدَّيْنُ مِثْلُهُ بَلْ أَوْلَى، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ صِحَّةِ بَيْعِهِ وَعَدَمِ صِحَّةِ هِبَتِهِ بِأَنَّ بَيْعَ مَا فِي الذِّمَّةِ الْتِزَامٌ لِتَحْصِيلِ الْمَبِيعِ فِي مُقَابَلَةِ الثَّمَنِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ، وَالِالْتِزَامُ فِيهَا صَحِيحٌ بِخِلَافِ هِبَتِهِ فَإِنَّمَا لَا تَتَضَمَّنُ الِالْتِزَامَ، إذْ لَا مُقَابِلَ فِيهَا فَكَانَتْ بِالْوَعْدِ أَشْبَهَ فَلَمْ يَصِحَّ، وَبِتَأَمُّلِ هَذَا يَنْدَفِعُ مَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَالْإِسْعَادِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ تَخْرِيجِ هَذَا عَلَى ذَاكَ وَالْحُكْمُ بِصِحَّةِ هِبَتِهِ بِالْأَوْلَى إنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ بَيْعِهِ.

وَلَا يَصِحُّ تَمْلِيكُ مُسْتَحِقٍّ دَيْنًا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ عَنْ الزَّكَاةِ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا عَلَيْهِ إبْدَالٌ وَفِيمَا عَلَى غَيْرِهِ تَمْلِيكٌ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ، وَنُقِلَ عَنْ نَصِّ الْإِمَامِ وَصَحَّحَهُ جَمْعٌ: وَلَوْ تَبَرَّعَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ لِآخَرَ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهَا قَبْلَ قَبْضِهَا إمَّا غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ أَوْ مَجْهُولَةٌ، فَإِنْ قَبَضَ هُوَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَكْلُ مَا زَادَ عَلَى مَا يُعْتَادُ مِثْلُهُ غَالِبًا لِمِثْلِهِ.

(قَوْلُهُ: لَا يَزِيدُ عَلَى عُنْقُودٍ) أَيْ إلَّا بِقَرِينَةٍ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ عَلَى عُنْقُودٍ: أَيْ لِلْأَكْلِ بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهُ وَمَا يَأْتِي عَنْ الْأَنْوَارِ وَهَلْ نَظِيرُ الْعُنْقُودِ فِيمَا لَوْ قَالَ خُذْ مِنْ ثَمَنِ نَخْلِي مَا شِئْت الْعُرْجُونَ اهـ.

أَقُولُ: الظَّاهِرُ الْفَرْقُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعُرْجُونِ بِكَثْرَةِ مَا يَحْمِلُهُ الْعُرْجُونُ، وَحِينَئِذٍ فَيُقْتَصَرُ عَلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مُسَامَحَةَ مَالِكِهِ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى عُنْقُودٍ.

(قَوْلُهُ: لَمْ تَحْصُلْ الْإِبَاحَةُ) أَيْ فَيُمْتَنَعُ عَلَيْهِ أَخْذُ شَيْءٍ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْهُ الْمُبِيحُ (قَوْلُهُ: لَا الْعَبَّادِيِّ) قَدْ يُقَالُ مَا هُنَا لَا يُخَالِفُ كَلَامَ الْعَبَّادِيِّ أَيْضًا لِأَنَّ مَنْ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبَّادِيِّ تَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِيعَابِ فَعُمِلَ مَعَهَا بِالِاحْتِيَاطِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ مَا الْمُعَبَّرَ بِهَا فِيهَا مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ فَتَصْدُقُ بِالْجَمِيعِ.

(قَوْلُهُ: الْمُسْتَقِرُّ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ لِيَخْرُجَ نَحْوَ نُجُومِ الْكِتَابَةِ، كَذَا وُجِدَ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ.

أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمُسْتَقَرِّ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْخِلَافِ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُسْتَقِرِّ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ هِبَتُهُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ قَطْعًا، وَإِلَّا فَنُجُومُ الْكِتَابَةِ يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا فَيَنْبَغِي صِحَّةُ هِبَتِهَا لِلْمُكَاتَبِ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ تَرْكُ الدَّيْنِ) كَأَنْ يَقُولَ تَرَكْته لَك أَوْ لَا آخُذُهُ مِنْك، فَلَا يَكُونُ عَدَمُ طَلَبِهِ لَهُ كِتَابَةً فِي الْإِبْرَاءِ لِانْتِفَاءِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ صِحَّةِ بَيْعِهِ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ.

(قَوْلُهُ: عَنْ الزَّكَاةِ) أَيْ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ ثُمَّ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ) تَوْجِيهٌ لِعَدَمِ الصِّحَّةِ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) وَمِثْلُهُ مَالِكُ دَارٍ أَوْ شِقْصٍ مِنْهَا تَبَرَّعَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لَا يَزِيدُ عَلَى عُنْقُودٍ) أَيْ: لِلْأَكْلِ، قَالَهُ الشِّهَابُ سم

(قَوْلُهُ: نَعَمْ تَرْكُ الدَّيْنِ) أَيْ: بِلَفْظِ التَّرْكِ

ص: 413

أَوْ وَكِيلُهُ مِنْهَا شَيْئًا قَبْلَ التَّبَرُّعِ وَعَرَفَ حِصَّتَهُ مِنْهَا وَرَآهُ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ وَقَبَضَهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يَصِحُّ إذْنُهُ لِجَابِي الْوَقْفِ أَنَّهُ إذَا قَبَضَهُ يُعْطِيهِ لِلْمُتَبَرِّعِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ قَبْلَ الْمِلْكِ فِي مَجْهُولٍ، وَإِنَّمَا صَحَّ تَبَرُّعُ أَحَدِ الْوَرَثَةِ بِحِصَّتِهِ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي أَعْيَانٍ رَآهَا وَعَرَفَ حِصَّتَهُ مِنْهَا.

(وَلَا يَمْلِكُ) فِي غَيْرِ الْهِبَةِ الضِّمْنِيَّةِ (مَوْهُوبٌ) بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ الشَّامِلِ لِجَمِيعِ مَا مَرَّ وَلَوْ مِنْ أَبٍ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ، وَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ إجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْإِشْهَادِ هُنَا مُرَادُهُ بِهِ فُقَهَاءُ مَذْهَبِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (إلَّا بِقَبْضٍ) كَقَبْضِ الْمَبِيعِ فِيمَا مَرَّ بِتَفْصِيلِهِ.

نَعَمْ لَا يَكْفِي هُنَا الْإِتْلَافُ وَلَا الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ لِأَنَّ قَبْضَهُ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ كَالْوَدِيعَةِ فَاشْتَرَطَ تَحَقُّقَهُ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ، وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ فِي الْهَدِيَّةِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ فِيهَا وَإِنْ سُومِحَ فِيهَا بِعَدَمِ الصِّيغَةِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَهْدَى إلَى النَّجَاشِيِّ ثَلَاثِينَ أُوقِيَّةً مِسْكًا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَيْهِ، فَقَسَمَهُ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ نِسَائِهِ» وَيُقَاسُ بِالْهَدِيَّةِ الْبَاقِي، وَقَالَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ، وَالْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ الْمَقْبُوضَةُ كَالصَّحِيحَةِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ لَا الْمِلْكِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْقَبْضُ مُعْتَدًّا بِهِ إذَا كَانَ بِإِقْبَاضٍ مِنْ الْوَاهِبِ أَوْ (بِإِذْنِ الْوَاهِبِ) أَوْ وَكِيلِهِ فِيهِ أَوْ فِيمَا يَتَضَمَّنُهُ كَالْإِعْتَاقِ وَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُتَّهِبِ، فَلَوْ قَبَضَهُ بِغَيْرِ إذْنٍ ضَمِنَهُ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ وَرَجَعَ عَنْ الْإِذْنِ أَوْ جُنَّ أَوْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لِغَيْرِهِ بِمَا يَتَحَصَّلُ مِنْ أُجْرَتِهَا.

وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ لِأَنَّهَا قَبْلَ قَبْضِهَا إلَخْ أَنَّهَا لَوْ عُلِمَتْ قَبْلَ قَبْضِهَا جَازَ التَّبَرُّعُ بِهَا، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: أَقُولُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنَ يَمْلِكُ الْأُجْرَةَ وَالْمَنَافِعَ وَقَدْ تَكُونُ مَعْلُومَةً لَهُ، حِينَئِذٍ فَالْوَجْهُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ فِي يَدِ النَّاظِرِ وَعَلِمَ هُوَ قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْهَا صَحَّ التَّبَرُّعُ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ لَمْ يَقْبِضْهَا النَّاظِرُ فَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الدَّيْنِ، فَإِنْ تَبَرَّعَ بِحِصَّتِهِ الْمَعْلُومَةِ لَهُ مِنْهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ صَحَّ وَكَانَ ذَلِكَ إبْرَاءً، أَوْ عَلَى غَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي، فَيُحْمَلُ قَوْلُ الشَّارِحِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ بَحَثْت مَعَ م ر الْمُوَافِقَ لِلشَّارِحِ فِيمَا قَالَهُ فَوَافَقَ عَلَيْهِ فَلِيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ) أَيْ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ وَقَوْلُهُ قَبْلَ الْمِلْكِ عَلَى أَنَّهُ فِي مَجْهُولٍ اهـ حَجّ.

وَقَوْلُهُ فِي مَجْهُولٍ فَلَوْ قَدَّرَ لَهُ مَا يُعْطِيهِ كَأَنْ قَالَ لِلْجَابِي ادْفَعْ مِمَّا يَتَحَصَّلُ مِنْ الْأُجْرَةِ لِفُلَانٍ كَذَا فَقَضِيَّةُ كَوْنِهِ تَوْكِيلًا فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَجْهُولًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْجَابِيَ لَوْ دَفَعَ مَا أَذِنَ فِي دَفْعِهِ الْمُسْتَحَقِّ صَحَّ وَمَلَكَهُ الْآخِذُ اكْتِفَاءً بِعُمُومِ الْإِذْنِ وَإِنْ بَطَلَ خُصُوصُ الْوَكَالَةِ.

اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ بِفَسَادِ الْإِذْنِ قَبْلَ الْمِلْكِ.

(قَوْلُهُ: ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ) هُوَ مَالِكِيٌّ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَكْفِي هُنَا الْإِتْلَافُ) أَيْ إلَّا إنْ كَانَ الْإِتْلَافُ بِالْأَكْلِ أَوْ الْعِتْقِ وَأَذِنَ فِيهِ الْوَاهِبُ فَيَكُونُ قَبْضًا وَيُقَدِّرُ انْتِقَالَهُ إلَيْهِ قُبَيْلَ الِازْدِرَادِ وَالْعِتْقِ. اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ.

أَقُولُ: قِيَاسُ مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الضِّيَافَةِ مِنْ الْمِلْكِ بِالْوَضْعِ فِي الْفَمِ أَنْ يُقَدِّرَ انْتِقَالَهُ هُنَا قُبَيْلَ الْوَضْعِ فِي الْفَمِ وَالتَّلَفُّظِ بِالصِّيغَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ) تَقَدَّمَ بِهَامِشِ قَوْلِهِ فِي الْهَدِيَّةِ وَالْقَبْضِ مِنْ ذَاكَ عَنْ التَّجْرِيدِ وَغَيْرِهِ مَعَ نَقْلِهِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ إذَا أَعْلَمَهُ فَلَمْ يَشْتَرِطْ الْإِذْنَ بَلْ الْإِعْلَامُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَقَدْ يُقَالُ: الْإِعْلَامُ يَقُومُ مَقَامَ الْإِذْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ) أَيْ الْقَبْضِ، وَقَوْلُهُ فَمَاتَ: أَيْ النَّجَاشِيُّ.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَيْهِ) أَيْ ثُمَّ رُدَّتْ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَسَمَهُ صلى الله عليه وسلم.

(قَوْلُهُ: أَوْ جُنَّ) أَيْ الْوَاهِبُ وَقَوْلُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ: أَيْ قَبْلَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ فِي الْهَدِيَّةِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَبَحْثُ بَعْضِهِمْ الِاكْتِفَاءَ بِهِ: أَيْ بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الْهَدِيَّةِ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ إلَخْ) أَيْ: فَهُوَ إجْمَاعٌ سُكُوتِيٌّ وَإِنَّمَا احْتَاجَ لِهَذَا بَعْدَ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ لِأَنَّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنَّ الْهَدِيَّةَ إنَّمَا تُمْلَكُ بِأَحَدِ شَيْئَيْنِ: الْقَبْضِ أَوْ الْوَضْعِ بَيْنَ الْيَدَيْنِ مَثَلًا وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِيهِ فَتَصَرُّفُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْهَدِيَّةِ لِانْتِفَائِهِمَا. (قَوْلُهُ: بَيْنَ نِسَائِهِ) أَيْ نِسَائِهِ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: كَالْإِعْتَاقِ) أَيْ مِنْ الْمُتَّهَبِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُتَّهَبِ) غَايَةٌ فِي الْمَتْنِ

ص: 414

أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْإِذْنُ، وَلَوْ قَبَضَهُ فَقَالَ الْوَاهِبُ: رَجَعْت عَنْ الْإِذْنِ قَبْلَهُ وَقَالَ الْمُتَّهِبُ بَعْدَهُ صَدَقَ الْمُتَّهِبُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّجُوعِ قَبْلَهُ، خِلَافًا لِمَا اسْتَظْهَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ تَصْدِيقِ الْوَاهِبِ، وَلَوْ أَقْبَضَهُ وَقَالَ قَصَدْت بِهِ الْإِيدَاعَ أَوْ الْعَارِيَّةَ وَأَنْكَرَ الْمُتَّهِبُ صُدِّقَ الْوَاهِبُ كَمَا فِي الِاسْتِقْصَاءِ، وَيَكْفِي الْإِقْرَارُ بِالْقَبْضِ كَأَنْ قِيلَ لَهُ: وَهَبْت مِنْ فُلَانٍ كَذَا وَأَقْبَضْته فَقَالَ نَعَمْ، وَالْإِقْرَارُ وَالشَّهَادَةُ بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْقَبْضَ، وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْأَلَ الشَّاهِدَ عَنْهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ لِئَلَّا يُتَنَبَّهَ لَهُ.

وَالْهِبَةُ ذَاتُ الثَّوَابِ بَيْعٌ، فَإِذَا أَقْبَضَ الثَّوَابَ أَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا اسْتَقَلَّ بِالْقَبْضِ (فَلَوْ)(مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْوَاهِبُ أَوْ الْمُتَّهِبُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ الشَّامِلِ لِلْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) فِي الْقَبْضِ وَالْإِقْبَاضِ لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ فَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِذَلِكَ (وَقِيلَ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ) بِالْمَوْتِ لِجَوَازِهِ كَالشَّرِكَةِ وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّهَا تَئُولُ إلَى اللُّزُومِ بِخِلَافِ نَحْوِ الشَّرِكَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ ضِعْفُ مَا ذَكَرَهُ الْجُرْجَانِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ مِنْ انْفِسَاخِ الْهَدِيَّةِ بِالْمَوْتِ قَوْلًا وَاحِدًا لِعَدَمِ الْقَبُولِ، وَوَجْهُ ضَعْفِهِ أَنَّ الْمَدَارَ لَيْسَ عَلَى الْقَبُولِ بَلْ عَلَى الْأَيْلُولَةِ لِلُّزُومِ وَهُوَ جَارٍ فِي الْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ أَيْضًا، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَلِوَلِيِّ الْمَجْنُونِ قَبْضُهَا قَبْلَ الْإِفَاقَةِ.

(وَيُسَنُّ لِلْوَالِدِ) أَيْ الْأَصْلِ وَإِنْ عَلَا (الْعَدْلُ فِي عَطِيَّةِ أَوْلَادِهِ) أَيْ فُرُوعِهِ وَإِنْ سَفَلُوا وَلَوْ أَحْفَادًا مَعَ وُجُودِ الْأَوْلَادِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا رَجَّحَهُ جَمْعٌ وَإِنْ خَصَّصَهُ آخَرُونَ بِالْأَوْلَادِ سَوَاءً أَكَانَتْ تِلْكَ الْعَطِيَّةُ هِبَةً أَمْ هَدِيَّةً أَمْ صَدَقَةً أَمْ وَقْفًا أَمْ تَبَرُّعًا آخَرَ، فَإِنْ تَرَكَ الْعَدْلَ بِلَا عُذْرٍ كُرِهَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى حُرْمَتِهِ.

وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ الْبُخَارِيِّ «اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ» وَخَبَرُ أَحْمَدَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُشْهِدَهُ عَلَى عَطِيَّةٍ لِبَعْضِ أَوْلَادِهِ: لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ، لِبَنِيك عَلَيْك مِنْ الْحَقِّ أَنْ تَعْدِلَ بَيْنَهُمْ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي، ثُمَّ قَالَ: أَيَسُرُّك أَنْ يَكُونُوا لَك فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟ قَالَ: بَلَى قَالَ: فَلَا إذَنْ» فَأَمْرُهُ بِإِشْهَادِ غَيْرِهِ صَرِيحٌ فِي الْجَوَازِ، وَتَسْمِيَتُهُ جَوْرًا بِاعْتِبَارِ مَا فِيهِ مِنْ انْتِفَاءِ الْعَدْلِ الْمَطْلُوبِ، فَإِنْ فَضَّلَ الْبَعْضَ أَعْطَى بَقِيَّتَهُمْ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْعَدْلُ وَإِلَّا رَجَعَ نَدْبًا لِلْأَمْرِ بِهِ فِي رِوَايَةٍ.

نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ مِنْ الْمَحْرُومِ الرِّضَا وَظَنَّ عُقُوقَ غَيْرِهِ لِفَقْرِهِ وَرِقَّةِ دِينِهِ لَمْ يُسْتَحَبَّ الرُّجُوعُ وَلَمْ يُكْرَهْ التَّفْضِيلُ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ فَاسِقًا لِئَلَّا يَصْرِفَهُ فِي مَعْصِيَةٍ أَوْ عَاقًّا أَوْ زَادَ أَوْ آثَرَ الْأَحْوَجَ أَوْ الْمُتَمَيِّزَ بِنَحْوِ فَضْلٍ كَمَا فَعَلَهُ الصِّدِّيقُ مَعَ عَائِشَةَ رضي الله عنهما، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ حُكْمَ تَخْصِيصِ بَعْضِهِمْ بِالرُّجُوعِ فِي هِبَتِهِ حُكْمُ مَا لَوْ خَصَّهُ بِالْهِبَةِ فِيمَا مَرَّ، وَأَفْهَمَ قَوْلَهُ عَطِيَّةُ عَدَمِ طَلَبِ التَّسْوِيَةِ فِي غَيْرِهَا كَتَوَدُّدٍ بِكَلَامٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَكِنْ ذَكَرَ الدَّمِيرِيِّ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي طَلَبِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمْ حَتَّى فِي الْكَلَامِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ، إذْ كَثِيرًا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى التَّفَاوُتِ فِي ذَلِكَ مَا مَرَّ فِي الْإِعْطَاءِ، وَمِنْ ثَمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هُنَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

تَمَامِهِ وَلَوْ مَعَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّجُوعِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الرُّجُوعِ وَاخْتَلَفَا فِي وَقْتِ الْقَبْضِ، وَلَوْ قِيلَ بِمَجِيءِ تَفْصِيلِ الرَّجْعَةِ فِيهِ لَمْ يَبْعُدْ، فَيُقَالُ إنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْقَبْضِ وَاخْتَلَفَا فِي وَقْتِ الرُّجُوعِ صَدَقَ الْمُتَّهِبُ، وَفِي عَكْسِهِ يَصْدُقُ الْوَاهِبُ، وَفِيمَا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ يَصْدُقُ السَّابِقُ بِالدَّعْوَى، وَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا صِدْقَ الْمُتَّهِبِ.

(قَوْلُهُ: لَا يَسْتَلْزِمُ الْقَبْضَ) نَعَمْ يَكْفِي عَنْهُ: أَيْ الْقَبْضِ قَوْلُ الْوَاهِبِ مَلَكَهَا الْمُتَّهِبُ مِلْكًا لَازِمًا كَمَا مَرَّ أَوَاخِرَ الْإِقْرَارِ اهـ حَجّ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُهُ فِيمَا لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ مَلَكَهُ مِلْكًا لَازِمَا فَيُغْنِي ذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِ وَهَبَهُ وَأَقْبَضَهُ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَسْأَلَ الشَّاهِدَ عَنْهُ) أَيْ الْقَبْضِ.

وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْعَالِمِ بِأَنَّهَا لَا تُمْلَكُ إلَّا بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ: اسْتَقَلَّ) أَيْ الْمُتَّهِبُ.

(قَوْلُهُ: وَيَجْرِي الْخِلَافُ) وَالرَّاجِحُ مِنْهُ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ سَفَلُوا) ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا.

(قَوْلُهُ: كَمَا رَجَّحَهُ جَمْعٌ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْأَرِقَّاءِ إذَا اسْتَوَوْا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ فَضَلَ الْبَعْضُ أَعْطَى) أَيْ الْمُعْطِي.

(قَوْلُهُ: حَتَّى فِي الْكَلَامِ) أَيْ وَالْقِبْلَةِ حَجّ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 415

أَيْضًا اسْتِثْنَاءُ التَّمْيِيزِ لِعُذْرٍ، وَيُسَنُّ لِلْوَلَدِ الْعَدْلُ أَيْضًا فِي عَطِيَّةِ أُصُولِهِ، فَإِنْ فَضَّلَ كُرِهَ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَحِينَئِذٍ فَالْأُمُّ أَوْلَى بِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الدَّارِمِيِّ وَأَقَرَّهُ لِخَبَرِ «إنَّ لَهَا ثُلُثَيْ الْبِرِّ» وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْمُحَاسِبِيِّ مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى تَفْضِيلِهَا فِي الْبِرِّ عَلَى الْأَبِ، وَالْأَوْجَهُ اسْتِحْبَابُ الْعَدْلِ بَيْنَ نَحْوِ الْأُخْوَة أَيْضًا.

نَعَمْ هُوَ دُونَ طَلَبِهِ فِي الْأَوْلَادِ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ «حَقُّ كَبِيرِ الْأُخْوَة عَلَى صَغِيرِهِمْ كَحَقِّ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ» وَفِي رِوَايَةٍ «الْأَكْبَرُ مِنْ الْأُخْوَة بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ» وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الْعَدْلُ بَيْنَ مَا ذُكِرَ (بِأَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى) لِرِوَايَةٍ ظَاهِرَةٍ فِي ذَلِكَ فِي الْخَبَرِ الْمَارِّ وَلِخَبَرٍ ضَعِيفٍ وَقِيلَ الصَّحِيحُ إرْسَالُهُ «سَوُّوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ، وَلَوْ كُنْت مُفَضِّلًا أَحَدًا لَفَضَّلْت النِّسَاءَ» (وَقِيلَ كَقِسْمَةِ الْإِرْثِ) وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَلْحَظَ هَذَا الْعُصُوبَةُ وَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ مَعَ عَدَمِ تُهْمَةٍ فِيهِ وَمَلْحَظُ ذَاكَ الرَّحِمُ وَهُمَا فِيهِ سَوَاءٌ مَعَ التُّهْمَةِ فِيهِ، وَعَلَى هَذَا وَمَا مَرَّ فِي إعْطَاءِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ مَعَ الْأَوْلَادِ تُتَصَوَّرُ التَّسْوِيَةُ بِأَنْ يَفْرِضَ الْأَسْفَلُونَ فِي دَرَجَةِ الْأَعْلَيْنَ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي مِيرَاثِ الْأَرْحَامِ عَلَى قَوْلٍ.

(وَلِلْأَبِ الرُّجُوعُ فِي هِبَةِ وَلَدِهِ) عَيْنًا بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ الشَّامِلِ لِلْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى الرَّاجِحِ، بَلْ يُوجَدُ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ الْفَوْرُ بَلْ لَهُ ذَلِكَ مَتَى شَاءَ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ أَوْ كَانَ الْوَلَدُ فَقِيرًا صَغِيرًا مُخَالِفًا دِينًا لِخَبَرِ «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً، أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ» وَاخْتَصَّ بِذَلِكَ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فِيهِ، إذْ مَا طُبِعَ عَلَيْهِ مِنْ إيثَارِهِ لِوَلَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ يَقْضِي بِأَنَّهُ إنَّمَا رَجَعَ لِحَاجَةٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ، وَيُكْرَهُ الرُّجُوعُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَإِنْ وُجِدَ كَكَوْنِ الْوَلَدِ عَاقًّا، أَوْ يَصْرِفُهُ فِي مَعْصِيَةٍ أَنْذَرَهُ بِهِ، فَإِنْ أَصَرَّ لَمْ يُكْرَهْ كَمَا قَالَاهُ، وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ نَدْبَهُ فِي الْعَاصِي، وَكَرَاهَتَهُ فِي الْعَاقِّ إنْ زَادَ عُقُوقُهُ، وَنَدْبَهُ إنْ أَزَالَهُ، وَإِبَاحَتَهُ إنْ لَمْ يَفْدِ شَيْئًا.

وَالْأَذْرَعِيُّ عَدَمُ كَرَاهَتِهِ إنْ احْتَاجَ الْأَبُ لِنَفَقَةٍ أَوْ دِينٍ، بَلْ نَدَبَهُ حَيْثُ كَانَ الْوَلَدُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لَهُ، وَوُجُوبُهُ فِي الْعَاصِي إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ تَعَيُّنُهُ طَرِيقًا إلَى كَفِّهِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ.

(قَوْلُهُ: وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ) الْمُرَادُ أَنَّهُ كَمَا يُسْتَحَبُّ لِلْوَلَدِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ فَكَبِيرُ الْإِخْوَةِ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْعَدْلُ بَيْنَ إخْوَتِهِ فِيمَا يَتَبَرَّعُ بِهِ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْكَبِيرَ كِبْرًا يَتَمَيَّزُ بِهِ فِي الْعَادَةِ عَنْ إخْوَتِهِ يَكْفُلُهُمْ وَيَتَصَرَّفُ فِي أُمُورِهِمْ، وَإِلَّا فَقَدْ يَحْصُلُ لِلصَّغِيرِ مِنْ الْإِخْوَةِ شَرَفٌ يَتَمَيَّزُ بِهِ عَنْ كِبَارِهِمْ فَيَنْبَغِي لَهُ مُرَاعَاتُهُمْ وَالْعَدْلُ بَيْنَهُمْ.

(قَوْلُهُ: وَفِي نُسْخَةِ الْبَنَاتِ) أَيْ رِوَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: عَيْنًا) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَهَبَهُ دَيْنًا عَلَيْهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ، إذْ لَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ بَعْدَ سُقُوطِهِ اهـ حَجّ.

وَسَيَأْتِي مَعْنَى ذَلِكَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ أَبْرَأهُ مِنْ دَيْنٍ كَانَ إلَخْ، وَأَمَّا الْمَنَافِعُ فَهُوَ فِيهَا كَغَيْرِهِ لِأَنَّهَا لَا تُمْلَكُ إلَّا بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ) أَيْ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ دَيْنًا) إنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ مَعَ اخْتِلَافِ الدَّيْنِ لِلْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمَا.

(قَوْلُهُ: وَوُجُوبُهُ فِي الْعَاصِي) بَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَفَ الْعِصْيَانُ كَأَنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَالْأُمُّ أَوْلَى بِهِ) أَيْ حِينَ ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ وَقَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إلَخْ. أَيْ عَلَى مَا إذَا ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ وَهَذَا مَا يَظْهَرُ مِنْ الشَّارِحِ لَكِنْ فِي التُّحْفَةِ مَا نَصُّهُ: نَعَمْ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الدَّارِمِيِّ فَإِنْ فَضَّلَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُفَضِّلَ الْأُمَّ، وَأَقَرَّهُ لِمَا فِي الْحَدِيثِ «إنَّ لَهَا ثُلُثَيْ الْبِرِّ» وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ؛ إذْ لَا يُقَالُ فِي بَعْضِ جُزْئِيَّاتِ الْمَكْرُوهِ إنَّهُ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ بَلْ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ، وَمَا ذَكَرَهُ: أَعْنِي صَاحِبَ التُّحْفَةِ عَنْ الرَّوْضَةِ مِنْ ذِكْرِ الْأَوْلَوِيَّةِ الَّتِي اسْتَنْبَطَ مِنْهَا عَدَمَ الْكَرَاهَةِ لَا يُوَافِقُ مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَعِبَارَتُهَا: فَصْلٌ: يَنْبَغِي لِلْوَالِدِ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَ أَوْلَادِهِ فِي الْعَطِيَّةِ؛ فَإِنْ لَمْ يَعْدِلْ فَقَدْ فَعَلَ مَكْرُوهًا، إلَى أَنْ قَالَ: قُلْت وَإِذَا وَهَبَتْ الْأُمُّ لِأَوْلَادِهَا؛ فَهِيَ كَالْأَبِ فِي الْعَدْلِ بَيْنَهُمْ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا وَكَذَلِكَ الْجَدُّ وَالْجَدَّةُ، وَكَذَا الْوَلَدُ إذَا وَهَبَ لِوَالِدَيْهِ.

قَالَ الدَّارِمِيُّ: فَإِنْ فَضَّلَ فَلْيُفَضِّلْ الْأُمَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَتْ

قَوْلُهُ (: عَيْنًا) مَعْمُولُ هِبَةٍ أَخْرَجَ بِهِ الدَّيْنَ كَمَا يَأْتِي

ص: 416

وَيُمْتَنَعُ الرُّجُوعُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي صَدَقَةٍ وَاجِبَةٍ كَنَذْرٍ وَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ، وَكَذَا فِي لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ تَطَوُّعٌ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ لِيَسْتَقِلَّ بِالتَّصَرُّفِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ هُنَا، وَقَدْ جَرَى عَلَى ذَلِكَ جَمْعٌ مِمَّنْ سَبَقَهُ وَتَأَخَّرَ عَنْهُ، وَرَدُّوا عَلَى مَنْ أَفْتَى بِجَوَازِ الرُّجُوعِ فِي النَّذْرِ بِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، وَلَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَةِ قَوْلِ مَنْ قَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا وُجِدَتْ صِيغَةُ نَذْرٍ صَحِيحَةٌ، إذْ النَّذْرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مُنْصَرِفٌ لِذَلِكَ، وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ تَمْلِيكًا مَحْضًا لِأَنَّ الشَّرْعَ أَوْجَبَ الْوَفَاءَ بِهِ عَلَى الْعُمُومِ مِنْ غَيْرِ مُخَصِّصٍ، وَقِيَاسُ الْوَاجِبِ عَلَى التَّبَرُّعِ غَيْرُ سَدِيدٍ، وَلَا رُجُوعَ فِي هِبَةٍ بِثَوَابٍ بِخِلَافِهَا مِنْ غَيْرِ ثَوَابٍ وَإِنْ أَثَابَهُ عَلَيْهَا كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي، وَلَهُ الرُّجُوعُ فِي بَعْضِ الْمَوْهُوبِ وَلَا يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ لِفَرْعِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَحَلُّهُ كَمَا أَفَادَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ أَبِيهِ فِيمَا إذَا فَسَّرَهُ بِالْهِبَةِ، وَلَوْ وَهَبَهُ وَأَقْبَضَهُ وَمَاتَ فَادَّعَى الْوَارِثُ صُدُورَهُ فِي الْمَرَضِ وَالْمُتَّهِبِ كَوْنَهُ فِي الصِّحَّةِ صُدِّقَ الثَّانِي بِيَمِينِهِ، وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ، ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا، فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا فَالْهِبَةُ لِسَيِّدِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَلَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ دَيْنٍ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ جَزْمًا سَوَاءٌ أَقُلْنَا إنَّهُ تَمْلِيكٌ أَمْ إسْقَاطٌ، إذْ لَا بَقَاءَ لِلدَّيْنِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَهَبَهُ شَيْئًا فَتَلِفَ (وَكَذَا لِسَائِرِ الْأُصُولِ) مِنْ الْجِهَتَيْنِ وَإِنْ عَلَوْا الرُّجُوعُ كَالْأَبِ فِيمَا ذُكِرَ (عَلَى الْمَشْهُورِ) كَمَا فِي نَفَقَتِهِمْ وَعِتْقِهِمْ وَسُقُوطِ الْقَوَدِ عَنْهُمْ وَخَرَجَ بِهِمْ الْفُرُوعُ وَالْحَوَاشِي كَمَا يَأْتِي وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ اخْتِصَاصَ الرُّجُوعِ بِالْوَاهِبِ، فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِأَبِيهِ لَوْ مَاتَ وَلَمْ يَرِثْهُ فَرْعُهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِمَانِعٍ قَامَ بِهِ وَوَرِثَهُ جَدُّهُ، لِأَنَّ الْحُقُوقَ لَا تُورَثُ وَحْدَهَا إنَّمَا تُورَثُ بِتَبَعِيَّةِ الْمَالِ وَهُوَ لَا يَرِثُهُ، وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ لَا رُجُوعَ لِغَيْرِ الْأَبِ قَصْرًا لِلْوَلَدِ فِي الْخَبَرِ الْمَارِّ عَلَى الْأَبِ، وَالْأَوَّلُ عَمَّمَهُ، وَعَبْدُ الْوَلَدِ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ كَالْوَلَدِ لِأَنَّ الْهِبَةَ لِعَبْدِهِ هِبَةٌ لَهُ، بِخِلَافِ عَبْدِهِ الْمُكَاتَبِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَانَ أَحَدُهُمَا مُبْتَدِعًا وَالْآخَرُ فَاسِقًا يَشْرَبُ الْخَمْرَ مَثَلًا وَأَرَادَ دَفْعَهُ لِأَحَدِهِمَا هَلْ يُؤْثِرُ بِهِ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ الْمُبْتَدِعَ بَنَى عَقِيدَتَهُ عَلَى شُبْهَةٍ فَهُوَ مَعْذُورٌ وَمِنْ ثَمَّ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَلَا كَذَلِكَ الْفَاسِقُ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا شُبْهَةٌ لَكِنْ كَانَتْ مَعْصِيَةُ أَحَدِهِمَا أَغْلَظَ كَكَوْنِهِ فَسَقَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا وَاللِّوَاطِ وَالْآخَرُ بِشُرْبِ الْخَمْرِ فَقَطْ أَوْ يَتَعَاطَى الْعُقُودَ الْفَاسِدَةَ أَنْ يُقَدَّمَ الْأَخَفُّ.

(قَوْلُهُ: كَنَذْرٍ وَزَكَاةٍ) لَا يُقَالُ: كَيْفَ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ أَوْ النَّذْرَ مَعَ أَنَّهُ إذَا كَانَ فَقِيرًا فَنَفَقَتُهُ وَاجِبَةٌ عَلَى أَبِيهِ فَهُوَ غَنِيٌّ بِمَالِهِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ مِنْ أَصْلِهَا.

لِأَنَّا نَقُولُ: نَخْتَارُ الْأَوَّلَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ نَفَقَتِهِ عَلَى أَبِيهِ غِنَاهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَائِلَةٌ كَزَوْجَةٍ وَمُسْتَوْلَدَةٍ يَجْتَاحُ لِلنَّفَقَةِ عَلَيْهِمَا فَيَأْخُذُ مِنْ الزَّكَاةِ مَا يَصْرِفُهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى أَصْلِهِ نَفَقَتُهُ لَا نَفَقَةُ عِيَالِهِ فَيَأْخُذُ مِنْ صَدَقَةِ أَبِيهِ مَا زَادَ عَلَى نَفَقَةِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَسْقُطُ) أَيْ الرُّجُوعُ.

(قَوْلُهُ: أَمْ إسْقَاطٌ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ اهـ حَجّ وَقَوْلُهُ لِأَبِيهِ: أَيْ أَبِي الْوَاهِبِ.

(قَوْلُهُ: بِتَبَعِيَّةٍ) أَيْ كَإِرْثِ الْخِيَارِ بِإِرْثِ الْمَبِيعِ الثَّابِتِ فِيهِ الْخِيَارُ وَالشُّفْعَةُ بِإِرْثِ الشِّقْصِ الْمُشْتَرَكِ وَالْمَالُ الَّذِي فِي جِهَةِ الِابْنِ لَمْ يَرِثْهُ الْجَدُّ وَحَقُّ الرُّجُوعِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَالِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْجَدُّ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَرَدُّوا) أَيْ الْجَمِيعَ الْمَذْكُورَ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ تَمْلِيكًا مَحْضًا) أَيْ فَيَكُونُ كَالْهِبَةِ حَتَّى يَصِحَّ الرُّجُوعُ عَنْهُ، وَقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُخَصِّصٍ: أَيْ فَلَمْ يُخَصِّصْهُ بِغَيْرِ الْفَرْعِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي نَفَقَتِهِمْ إلَخْ) هَذَا جَامِعُ الْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: لِمَانِعٍ قَامَ بِهِ) أَيْ أَوْ لِعَدَمِ قِيَامِ سَبَبِ الْإِرْثِ كَوَلَدِ الْبِنْتِ، وَهُوَ تَابِعٌ فِيمَا ذَكَرَهُ لِشَرْحِ الرَّوْضِ، لَكِنْ ذَاكَ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْمَتْنِ الِابْنُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَدَمَ إرْثِ الِابْنِ إنَّمَا يَكُونُ لِمَانِعٍ، بِخِلَافِ مُطْلَقِ الْفَرْعِ الَّذِي وَقَعَ التَّعْبِيرُ بِهِ هُنَا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَرِثُهُ) أَيْ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ لِأَنَّ إرْثَهُ إيَّاهُ فَرْعُ صِحَّةِ الرُّجُوعِ، هَكَذَا ظَهَرَ، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مَا يَرْجِعُ إلَيْهِ لَكِنْ هَذَا يُشْبِهُ الدَّوْرَ فَلْيُتَأَمَّلْ

ص: 417

لِاسْتِقْلَالِهِ، فَإِنْ انْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ تَبَيَّنَّا أَنَّ الْمِلْكَ لِلْوَلَدِ وَهِبَتَهُ لِمُكَاتَبِ نَفْسِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ.

(وَشَرْطُ رُجُوعِهِ) أَيْ الْأَبِ بِالْمَعْنَى الْمَارِّ (بَقَاءُ الْمَوْهُوبِ فِي سَلْطَنَةِ الْمُتَّهِبِ) أَيْ اسْتِيلَائِهِ لِيَشْمَلَ مَا يَأْتِي فِي التَّخَمُّرِ، ثُمَّ التَّخَلُّلُ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ يَمْنَعُ الْبَيْعَ وَإِنْ طَرَأَ عَلَيْهِ حَجْرُ سَفَهٍ (فَيُمْتَنَعُ) الرُّجُوعُ (بِبَيْعِهِ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَاعَهُ.

نَعَمْ لَوْ كَانَ فِي زَمَنِ خِيَارٍ لَمْ يُنْقَلْ الْمِلْكُ عَنْهُ اتَّجَهَ الرُّجُوعُ وَشَمَلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَ الْبَيْعُ مِنْ الْأَصْلِ الْوَاهِبِ فَيُمْتَنَعُ الرُّجُوعُ، وَلَوْ وَهَبَهُ مُشَاعًا فَاقْتَسَمَهُ ثُمَّ رَجَعَ فِيمَا خَصَّ وَلَدَهُ بِالْقِسْمَةِ جَازَ إنْ كَانَتْ إفْرَازًا وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ إلَّا فِيمَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ، فَلَوْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ بِالنِّصْفِ رَجَعَ فِي نِصْفِهِ فَقَطْ وَلَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ (وَوَقْفُهُ) مَعَ الْقَبُولِ حَيْثُ اشْتَرَطَ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَهُ لَمْ يُوجَدْ عَقْدٌ زَالَ بِهِ مِلْكُهُ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ الثَّابِتِ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ، وَيُمْتَنَعُ أَيْضًا بِتَعَلُّقِ أَرْشِ جِنَايَةٍ بِرَقَبَتِهِ إنْ لَمْ يُؤَدِّهَا الرَّاجِعُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِأَدَاءِ قِيمَةِ الرَّهْنِ النَّاقِصَةِ عَنْ الدَّيْنِ حَتَّى يَرْجِعَ فِيهِ لِأَنَّ أَدَاءَهَا يُبْطِلُ تَعَلُّقَ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ لَوْ خَرَجَتْ مُسْتَحَقَّةً بِهِ فَيَتَضَرَّرُ، وَأَدَاءُ الْأَرْشِ لَا يُبْطِلُ تَعَلُّقَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِهِ لَوْ بَانَ مُسْتَحَقًّا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّهْنَ عَقْدٌ وَفَسْخُهُ لَا يَقْبَلُ وَقْفًا، بِخِلَافِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُهُ، وَيَحْجُرُ الْحَاكِمُ عَلَى الْمُتَّهِبِ بِالْإِفْلَاسِ مَا لَمْ يَنْفَكَّ الْحَجْرُ وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ، وَبِتَخَمُّرِ عَصِيرٍ مَا لَمْ يَتَخَلَّلْ لِأَنَّ مِلْكَ الْخَلِّ سَبَبُهُ مِلْكُ الْعَصِيرِ وَأَلْحَقَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ دَبْغَ جِلْدِ الْمَيْتَةِ، فَلَوْ زَرَعَ الْحَبَّ أَوْ تَفَرَّخَ الْبَيْضُ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فِي الْغَصْبِ حَيْثُ يَرْجِعُ الْمَالِكُ فِيهِ، وَإِنْ تَفَرَّخَ وَنَبَتَ بِأَنَّ اسْتِهْلَاكَ الْمَوْهُوبِ يَسْقُطُ بِهِ حَقُّ الْوَاهِبِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَاسْتِهْلَاكُ الْمَغْصُوبِ وَنَحْوُهُ لَا يَسْقُطُ بِهِ حَقُّ مَالِكِهِ، وَيُمْتَنَعُ أَيْضًا بِكِتَابَتِهِ: أَيْ الصَّحِيحَةِ لِمَا يَأْتِي فِي تَعْلِيقِ الْعِتْقِ مَا لَمْ يَعْجِزْ، وَبِإِيلَادِهِ وَبِرَدِّهِ الْوَاهِبَ مَا لَمْ يُسَلِّمْ لِأَنَّ مَالَهُ مَوْقُوفٌ وَالرُّجُوعُ لَا يُوقَفُ وَلَا يُعَلَّقُ

وَاسْتِثْنَاءُ الدَّمِيرِيِّ مِنْ الرُّجُوعِ مَا لَوْ وَهَبَهُ صَيْدًا فَأَحْرَمَ الْفَرْعُ وَلَمْ يُرْسِلْهُ حَتَّى تَحَلَّلَ مَمْنُوعٌ لِزَوَالِ مِلْكِ الْفَرْعِ عَنْهُ بِالْإِحْرَامِ وَلَمْ يَعُدْ بِالتَّحَلُّلِ إذْ يَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ، وَلَوْ حَكَمَ شَافِعِيٌّ بِمُوجِبِ الْهِبَةِ ثُمَّ رَجَعَ الْأَصْلُ فِيهَا وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ فِي يَدِهِ فَرَفَعَ الْأَمْرَ لِحَنَفِيٍّ فَحَكَمَ بِبُطْلَانِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: لَمْ يَنْقُلْ الْمِلْكَ عَنْهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لَهُمَا وَقَوْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ: أَيْ بِأَنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْقَبُولِ.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُؤَدِّهَا الرَّاجِعُ) يَنْبَغِي، أَوْ الْمُتَّهِبُ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْهُ الشَّارِحُ لِعَدَمِ بَقَاءِ الْحَقِّ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ (قَوْلُهُ: لِأَدَاءِ قِيمَةِ الرَّهْنِ النَّاقِصَةِ) مَفْهُومُهُ إجَابَتُهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ أَوْ تَزِيدُ عَلَيْهِ وَأَدَّاهُ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ لِأَنَّ أَدَاءَهَا إلَخْ خِلَافُهُ، فَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّقْيِيدِ لَا مَفْهُومَ لَهُ.

(قَوْلُهُ: يَسْقُطُ بِهِ حَقُّ الْوَاهِبِ) أَيْ مِنْ الرُّجُوعِ، وَفِي سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: لَوْ تَفَرَّخَ بَيْضُ النَّعَامِ فَهَلْ يَرْجِعُ فِي قِشْرِهِ لِأَنَّهُ مُتَمَوِّلٌ أَوْ لَا لِأَنَّهُ صَارَ فِي حُكْمِ التَّالِفِ؟ فِيهِ نَظَرٌ.

فَرْعٌ آخَرُ: قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: قَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْمُقْنِعِ: وَلَوْ كَانَ ثَوْبًا فَأَبْلَاهُ لَمْ يَرْجِعْ اهـ.

وَالْمُتَبَادَرُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِأَبْلَاهُ أَنَّهُ فَنِيَ رَأْسًا، وَإِلَّا فَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ رُجُوعٌ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى نَفْيِهِ بَلْ إنْ انْسَحَقَ وَكَانَ وَجْهُ عَدَمِ الرُّجُوعِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ صَارَ فِي مَعْنَى التَّالِفِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: قَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ لَا يَبْعُدُ الرُّجُوعُ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنَّهُ بَعْضُ الْمَوْهُوبِ (قَوْلُهُ مَمْنُوعٌ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءُ.

(قَوْلُهُ: وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ فِي يَدِهِ) أَيْ الْفَرْعُ وَقَوْلُهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِهِ حَقٌّ) حَالٌ مِنْ الْمَوْهُوبِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْتَقِلْ الْمِلْكُ عَنْهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لَهُ أَوْ مَوْقُوفًا (قَوْلُهُ: رَجَعَ فِي نِصْفِهِ فَقَطْ) أَيْ لِأَنَّ النِّصْفَ الَّذِي آلَ إلَيْهِ بِالْقِسْمَةِ كَانَ لَهُ نِصْفُهُ قَبْلَهَا شَائِعًا فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ. (قَوْلُهُ: لَوْ خَرَجَتْ مُسْتَحَقَّةً) أَيْ الْقِيمَةُ. (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ دَبْغَ جِلْدِ الْمَيْتَةِ) أَيْ بِأَنْ وَهَبَهُ حَيَوَانًا فَمَاتَ ثُمَّ دَبَغَ جِلْدَهُ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُسْلِمْ) أَيْ فَيَصِحُّ رُجُوعُهُ إذَا رَجَعَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّا نَتَبَيَّنُ بِإِسْلَامِهِ صِحَّةَ رُجُوعِهِ الْوَاقِعِ فِي الرِّدَّةِ كَمَا يُعْلَمُ

ص: 418

الرُّجُوعِ زَاعِمًا أَنَّ مُوجِبَهَا خُرُوجُ الْعَيْنِ مِنْ مِلْكِ الْوَاهِبِ وَدُخُولُهُ فِي مِلْكِ الْمَوْهُوبِ، وَأَمَّا الرُّجُوعُ فَحَادِثَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وُجِدَتْ بَعْدَ حُكْمِ الشَّافِعِيِّ فَكَيْفَ تَدْخُلُ فِي حُكْمِهِ، وَكَيْف يُعْقَلُ أَنْ يَسْبِقَ السَّيْلُ الْمَطَرَ وَالْحَصَادُ الزِّرَاعَةَ وَالْوِلَادَةُ الْإِحْبَالَ، فَهِيَ وَاقِعَةُ فَتْوَى كَانَ حُكْمُهُ بَاطِلًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا حَكَمَ بِهِ الشَّافِعِيُّ، إذْ قَوْلُهُ بِمُوجِبِهِ مِنْ قَوْلِهِ حَكَمْت بِمُوجِبِهِ مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَهُوَ عَامٌّ وَمَدْلُولُهُ كُلِّيَّةٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ حَكَمْت بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ وَبِصِحَّةِ الرُّجُوعِ عِنْدَ وُقُوعِهِ وَهَكَذَا إلَى آخِرِ مُقْتَضَيَاتِهِ سَوَاءٌ فِيهَا مَا وَقَعَ وَمَا لَمْ يَقَعْ بَعْدُ، وَقَدْ قَالَ أَئِمَّتُنَا: الْفَرْقُ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَالْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ مِنْ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْعَقْدَ الصَّادِرَ إذَا كَانَ صَحِيحًا بِالِاتِّفَاقِ وَوَقَعَ الْخِلَافُ فِي مُوجِبِهِ فَالْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْعَمَلِ بِمُوجِبِهِ عِنْدَ غَيْرِ مَنْ حَكَمَ بِهَا، وَلَوْ حَكَمَ الْأَوَّلُ بِالْمُوجِبِ امْتَنَعَ الْحُكْمُ بِمُوجِبِهِ عِنْدَ غَيْرِهِ، مِثَالُهُ التَّدْبِيرُ صَحِيحٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَمُوجِبُهُ إذَا كَانَ تَدْبِيرًا مُطْلَقًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مُنِعَ الْبَيْعُ، فَلَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِصِحَّةِ التَّدْبِيرِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ بَيْعِهِ عِنْدَ مَنْ يَرَى صِحَّةَ بَيْعِ الْمُدَّبَّرِ

وَلَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِمُوجِبِ التَّدْبِيرِ امْتَنَعَ الْبَيْعُ، وَإِذَا حَكَمَ الْمَالِكِيُّ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ إثْبَاتُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَلَا فَسْخَ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِذَلِكَ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْحُكْمِ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ يُجَامِعُ ذَلِكَ وَلَوْ حَكَمَ بِمُوجِبِ الْبَيْعِ امْتَنَعَ عَلَى الشَّافِعِيِّ تَمْكِينُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ الْفَسْخِ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ، وَلَيْسَ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى نَقْضِ حُكْمِ الْحَاكِمِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي حَكَمَ بِهِ وَهُوَ الْإِيجَابُ إنْ قُلْنَا بِعَدَمِ النَّقْضِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَسَيَأْتِي فِي الْقَضَاءِ تَرْجِيحُ خِلَافِهِ، وَلَوْ حَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ مَانِعًا لِلْحَنَفِيِّ مِنْ تَمْكِينِ الْجَارِ مِنْ أَخْذِ الْعَقَارِ الْمَبِيعِ بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ حَكَمَ بِمُوجِبِهِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَوْ حَكَمَ الْمَالِكِيُّ بِصِحَّةِ الْقَرْضِ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَى الْمُقْرِضِ الرُّجُوعُ عِنْدَ حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَانَ حُكْمُهُ بَاطِلًا: أَيْ الْحَنَفِيِّ، وَقَوْلُهُ إذْ قَوْلُهُ: أَيْ الشَّافِعِيِّ.

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ فِيهَا) أَيْ مُقْتَضَيَاتُهُ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ حَكَمَ: أَيْ الشَّافِعِيُّ، وَقَوْلُهُ عِنْدَ مَنْ يَرَى: أَيْ كَالشَّافِعِيِّ، وَقَوْلُهُ امْتَنَعَ الْبَيْعُ: أَيْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ حَكَمَ: أَيْ الْمَالِكِيُّ، وَقَوْلُهُ نَقَضَ حُكْمُ الْحَاكِمِ: أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَهُمَا الِانْفِرَادُ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْإِيجَابُ: أَيْ لُزُومُ الْعَقْدِ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

التَّعْلِيلُ. (قَوْلُهُ: لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا حَكَمَ بِهِ الشَّافِعِيُّ إلَى قَوْلِهِ وَإِنَّمَا أَطَلْنَا الْكَلَامَ) نَصُّ مَا فِي فَتَاوَى وَالِدِهِ (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ أَنَّ الْعَقْدَ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ لِهَذَا الْأَوَّلِ ثَانِيًا وَلَا ثَالِثًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى التَّعْبِيرِ بِوُجُوهٍ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ صَحِيحًا بِالِاتِّفَاقِ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ التَّعْبِيرِ بِالِاتِّفَاقِ هُنَا، وَفِيمَا يَأْتِي مَعَ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي مَحَلِّ الِاتِّفَاقِ، وَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ: إذَا كَانَ مُخْتَلِفًا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ أَثَرُ حُكْمِ الْحَاكِمِ فِيهِ مِنْ رَفْعِ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: لَا يُمْنَعُ مِنْ الْعَمَلِ بِمُوجِبِهِ) يَعْنِي مَا يُخَالِفُهُ فِي الْمُوجِبِ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) إنَّمَا قَيَّدَهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْحَنَفِيِّ، أَمَّا إذَا كَانَ مُقَيَّدًا كَمَا إذَا قَالَ السَّيِّدُ: إذَا مِتّ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ مَثَلًا فَالْحَنَفِيُّ يُوَافِقُنَا عَلَى صِحَّةِ بَيْعِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَكَمَ بِمُوجِبِ الْبَيْعِ امْتَنَعَ عَلَى الشَّافِعِيِّ تَمْكِينُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إلَخْ) أَيْ إنْ قُلْنَا إنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يُنْقَضُ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَأْتِي فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِنَفْيِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ نُقِضَ حُكْمُهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ مَانِعًا لِلْحَنَفِيِّ مِنْ تَمْكِينِ الْجَارِ مِنْ أَخْذِ الْمَبِيعِ بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ حَكَمَ بِمُوجِبِهِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ: مَا مَعْنَى حُكْمِنَا عَلَى الْحَنَفِيِّ بِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ مَعَ أَنَّهُ صَحِيحٌ عِنْدَهُ وَهُوَ لَا يَلْتَزِمُ أَحْكَامَنَا، وَقَدْ يُقَالُ: فَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ ذَلِكَ الْحُكْمَ إلَيْنَا نَقَضْنَاهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ هُنَا تَبَعًا لِوَالِدِهِ، وَذَكَرَ فِيمَا يَأْتِي أَنَّهُ مَنْقُولٌ صَرِيحٌ فِي أَنَّا نَلْتَزِمُ مُوجِبَ حُكْمِ الْمُخَالِفِ وَإِنْ كَانَ هُوَ لَا يَرَاهُ؛ فَإِنَّ الْحَنَفِيَّ لَا يَرَى أَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُوجِبِ يَتَنَاوَلُ الْأَشْيَاءَ الْمُسْتَقْبَلَةَ مَعَ وُجُوبِ الْتِزَامِنَا لَهَا كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأَمْثِلَةِ، لَكِنْ صَرَّحَ الشِّهَابُ حَجّ فِي فَتَاوِيهِ بِأَنَّ مَحَلَّ الْتِزَامِ الْمُوجِبِ حُكْمُ الْمُخَالِفِ إذَا كَانَ يَقُولُ بِهِ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَكَمَ الْمَالِكِيُّ بِصِحَّةِ الْقَرْضِ إلَخْ) يُوجَدُ هُنَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ سَقْطٌ، وَعِبَارَةُ فَتَاوَى وَالِدِهِ الَّتِي هَاهُنَا نَصُّ مَا فِيهَا

ص: 419

إذْ هُوَ قَرْضٌ صَحِيحٌ وَيَصِحُّ الرُّجُوعُ فِيهِ فَلَا يُنَافِي الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ الرُّجُوعُ فِي الْقَرْضِ، وَإِنْ حُكِمَ بِمُوجِبِهِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ فِي عَيْنِهِ لِأَنَّ مُوجِبَ الْقَرْضِ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ، وَلَوْ حَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِصِحَّةِ الرَّهْنِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَانِعًا لِمَنْ يَرَى فَسْخَ الرَّهْنِ بِالْعَوْدِ إلَى الرَّاهِنِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ أَنْ يُعِيدَهُ بِاخْتِيَارِهِ وَيَفُوتَ الْحَقُّ فِيهِ بِإِعْتَاقِ الرَّاهِنِ.

مَثَلًا أَنْ يَفْسَخَهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ لَيْسَ مُنَافِيًا لِلْفَسْخِ بِمَا ذُكِرَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَكَمَ بِمُوجِبِهِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْحَاكِمِ الْمَالِكِيِّ أَنْ يَفْسَخَهُ بِمَا مَرَّ لِأَنَّ مُوجِبَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ دَوَامُ الْحَقِّ فِيهِ لِلْمُرْتَهِنِ مَعَ الْعَوْدِ مُطْلَقًا، فَالْحُكْمُ بِالْفَسْخِ لِأَجْلِ الْعَوْدِ الْمَذْكُورِ مُنَافٍ لِحُكْمِ الشَّافِعِيِّ بِمُوجِبِهِ عِنْدَهُ، وَإِنَّمَا أَطَلْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِيُعْلَمَ مِنْهَا فَسَادُ مَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ مَنْ أَدْرَكْنَاهُ مِنْ عُلَمَاءِ عَصْرِنَا تَبَعًا لَلْعِرَاقِيِّ فِي مَسْأَلَةِ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ، وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِ مَالِكِيٌّ بِأَنَّ لِلشَّافِعِيِّ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ تَزْوِيجِهَا، وَأَنَّ مَا مَرَّ خَرَجَ مَخْرَجَ الْإِفْتَاءِ مِنْ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ زَاعِمًا أَنَّ السَّرَخْسِيَّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَنْ ذَلِكَ، إذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ إجْمَاعَ أَهْلِ مَذْهَبِهِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِنَقْلِ الْإِجْمَاعِ وَإِلَّا فَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ النُّقُولِ صَرِيحٌ فِي رَدِّ دَعْوَاهُ (لَا بِرَهْنِهِ وَهِبَتِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ) فِيهِمَا لِبَقَاءِ السَّلْطَنَةِ بِخِلَافِهِمَا بَعْدَهُ، وَالْمُرْتَهِنُ غَيْرُ الْوَاهِبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِزَوَالِهَا وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ مِنْ الِابْنِ لِأَبِيهِ أَوْ لِأَخِيهِ أَوْ لِابْنِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ غَيْرُ مُسْتَفَادٍ مِنْ الْجَدِّ أَوْ الْأَبِ وَلَا بِنَحْوِ غَصْبِهِ أَوْ إبَاقِهِ

وَلَوْ مَرِضَ الِابْنُ وَرَجَعَ الْأَبُ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ اتَّجَهَ صِحَّةُ رُجُوعِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ كَوْنُهُ صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ إذْ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالتَّبَرُّعَاتِ وَنَحْوِهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَجْرِ الْفَلْسِ بِأَنَّهُ أَقْوَى لِمَنْعِهِ التَّصَرُّفَ وَإِيثَارِ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ وَالْمَرَضِ إنَّمَا يَمْنَعُ الْمُحَابَاةَ وَلَا يَمْنَعُ الْإِيثَارَ (وَلَا) بِنَحْوِ (تَعْلِيقِ عِتْقِهِ) وَتَدْبِيرِهِ وَالْوَصِيَّةِ بِهِ (وَتَزْوِيجِهَا وَزِرَاعَتِهَا) لِبَقَاءِ السَّلْطَنَةِ (وَكَذَا الْإِجَارَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِبَقَاءِ الْعَيْنِ بِحَالِهَا وَمَوْرِدُ الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ فَيَسْتَوْفِيهَا الْمُسْتَأْجِرُ، وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ قَوْلُ الْإِمَامِ إنْ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ الْمُؤَجِّرِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَقَوْلُهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ: أَيْ عَلَى الْحَنَفِيِّ، وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ: أَيْ السَّرَخْسِيَّ.

(قَوْلُهُ: صَرِيحٌ فِي رَدِّ دَعْوَاهُ) فِي كَوْنِ مَا ذُكِرَ صَرِيحًا فِي رَدِّ دَعْوَاهُ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، لِأَنَّ مُحَصِّلَ مَا نَقَلَهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُوجِبِ كَوْنُهُ مَوْجُودًا بَلْ الْحُكْمُ بِهِ يَشْمَلُ الْمَوْجُودَ وَالثَّمَرَاتِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، وَالْحُكْمُ بِعَدَمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ فِيمَا ذُكِرَ لَيْسَ حُكْمًا لِأَنَّ شَرْطَ الْحُكْمِ وُقُوعُهُ فِي جَوَابِ دَعْوَى مُلْزِمَةٍ حَتَّى يَقَعَ الْحُكْمُ فِي جَوَابِهَا.

نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَالِكِيُّ لَا يَشْتَرِطُ لِصِحَّةِ الْحُكْمِ مَا ذُكِرَ اتَّجَهَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُرْتَهِنُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ.

(قَوْلُهُ: فَيَسْتَوْفِيهَا الْمُسْتَأْجِرُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ لِلْوَاهِبِ بِشَيْءٍ عَلَى الْمُؤَجِّرِ اهـ حَجّ.

وَعَلَيْهِ فَلَوْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْإِجَارَةِ مِنْ أَنَّ الْمَالِكَ لَوْ أَجَّرَ الدَّارَ ثُمَّ بَاعَهَا ثُمَّ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَلَوْ حَكَمَ الْمَالِكِيُّ بِصِحَّةِ الْقَرْضِ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَى الْمُقْرِضِ الرُّجُوعُ فِي الْقَرْضِ، وَإِنْ حَكَمَ بِمُوجِبِهِ امْتَنَعَ عَلَى الْمُقْرِضِ الرُّجُوعُ فِي الْعَيْنِ الْمُقْرَضَةِ الْبَاقِيَةِ عِنْدَ الْمُقْتَرِضِ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْقَرْضِ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَبِفَوْتِ الْحَقِّ فِيهِ) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بِالْعَوْدِ. (قَوْلُهُ: صَرِيحٌ فِي رَدِّ دَعْوَاهُ) قَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ مَا نَصُّهُ: فِي كَوْنِ مَا ذُكِرَ صَرِيحًا فِي رَدِّ دَعْوَاهُ نَظَرٌ لَا يَخْفَى؛ لِأَنَّ مُحَصِّلَ مَا نَقَلَهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُوجِبِ كَوْنُهُ مَوْجُودًا، بَلْ الْحُكْمُ بِهِ يَشْمَلُ الْمَوْجُودَ وَالثَّمَرَاتِ الْمُسْتَقْبَلَةَ، وَالْحُكْمُ بِعَدَمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ فِيمَا ذُكِرَ لَيْسَ حُكْمًا؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحُكْمِ وُقُوعُهُ فِي جَوَابِ دَعْوَى مُلْزَمَةٍ حَتَّى يَقَعَ الْحُكْمُ فِي جَوَابِهَا.

نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَالِكِيُّ لَا يَشْتَرِطُ لِصِحَّةِ الْحُكْمِ مَا ذُكِرَ اُتُّجِهَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ انْتَهَى مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ.

وَهُوَ صَرِيحٌ كَمَا تَرَى فِي اسْتِحَالَةِ الدَّعْوَى هُنَا، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ إذْ هَذَا مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ دَعْوَى الْحِسْبَةِ إذَا أَرَادَ التَّزْوِيجَ بِمَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى نِكَاحِهَا بِأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ بِأَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ وَيُرِيدُ التَّزْوِيجَ بِمَنْ عَلَّقَ عَلَيْهَا وَمُعَاشَرَتَهَا فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ الْمَالِكِيُّ بِمُوجِبِ التَّعْلِيقِ فَتَدَبَّرْ.

ص: 420

فَفِي الرُّجُوعِ تَرَدُّدٌ، وَفَارَقَ مَا هُنَا رُجُوعُ الْبَائِعِ بَعْدَ التَّحَالُفِ بِأَنَّ الْفَسْخَ ثَمَّ قَوِيٌّ وَلِذَا جَرَى وَجْهٌ أَنَّ الْفَسْخَ ثَمَّ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا.

(وَلَوْ)(زَالَ مِلْكُهُ) أَيْ الْفَرْعُ عَنْ الْمَوْهُوبِ (وَعَادَ) إلَيْهِ وَلَوْ بِإِرْثٍ أَوْ إقَالَةٍ أَوْ رَدٍّ بِعَيْبٍ (لَمْ يَرْجِعْ) لِأَصْلِ الْوَاهِبِ لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْمِلْكَ غَيْرُ مُسْتَفَادٍ مِنْهُ حِينَئِذٍ.

نَعَمْ قَدْ يَزُولُ وَيَرْجِعُ كَمَا مَرَّ فِي نَحْوِ تَخَمُّرِ الْعَصِيرِ، الثَّانِي يَرْجِعُ نَظَرًا لِمِلْكِهِ السَّابِقِ وَخَرَجَ بِزَالَ مَا لَوْ لَمْ يَزُلْ وَإِنْ أَشْرَفَ عَلَى الزَّوَالِ كَمَا لَوْ ضَاعَ فَالْتَقَطَهُ مُلْتَقِطٌ وَعَرَّفَهُ سَنَةً وَلَمْ يَتَمَلَّكْهُ فَحَضَرَ الْمَالِكُ وَسَلَّمَ لَهُ فَلِأَبِيهِ الرُّجُوعُ فِيهِ، وَلَوْ وَهَبَهُ الْفَرْعُ لِفَرْعِهِ وَأَقْبَضَهُ ثُمَّ رَجَعَ فِيهِ فَالْأَوْجَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: عَدَمُ الرُّجُوعِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ، ثُمَّ عَوْدُهُ سَوَاءٌ أَجَعَلْنَا الرُّجُوعَ إبْطَالًا لِلْهِبَةِ أَمْ لَا، إذْ الْقَائِلُ بِالْإِبْطَالِ لَمْ يُرِدْ بِهِ حَقِيقَتَهُ وَإِلَّا لَرَجَعَ فِي الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ (وَلَوْ زَادَ رَجَعَ فِيهِ بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ) لِتَبَعِيَّتِهَا كَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ وَحِرْفَةٍ لَا بِتَعْلِيمِ الْفَرْعِ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْفَلْسِ وَحَرْثِ أَرْضٍ وَإِنْ زَادَتْ بِهَا الْقِيمَةُ، بِخِلَافِ حَمْلٍ عِنْدَ الرُّجُوعِ حَدَثَ بِيَدِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ حَالًا قَبْلَ الْوَضْعِ كَمَا صَحَّحَهُ الْقَاضِي وَأَجَابَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمِثْلُهُ طَلْعٌ حَدَثَ وَلَمْ يَتَأَبَّرْ عَلَى مَا فِي الْحَاوِي، لَكِنْ رُدَّ بِأَنَّ كَلَامَهُمَا فِي التَّفْلِيسِ نَقْلًا عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ يُخَالِفُهُ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ (لَا الْمُنْفَصِلَةُ) كَأُجْرَةٍ وَكَسْبٍ فَلَا يَرْجِعُ فِيهَا لِحُدُوثِهَا فِي مِلْكِ الْمُتَّهِبِ وَلَيْسَ مِنْهَا حَمْلٌ عِنْدِ الْقَبْضِ وَإِنْ انْفَصَلَ فِي يَدِهِ وَسَكَتَ عَنْ النَّقْصِ وَحُكْمُهُ عَدَمُ الرُّجُوعِ بِأَرْشِهِ مُطْلَقًا وَيَبْقَى غِرَاسُ مُتَّهِبٍ وَبِنَاؤُهُ أَوْ يُقْلَعُ بِالْأَرْشِ أَوْ يَتَمَلَّكُ بِالْقِيمَةِ وَزَرْعُهُ إلَى الْحَصَادِ مَجَّانًا لِاحْتِرَامِهِ بِوَضْعِهِ لَهُ حَالَ مِلْكِهِ الْأَرْضَ، وَلَوْ عَمِلَ فِيهِ نَحْوَ قِصَارَةٍ أَوْ صَبْغٍ فَإِنْ زَادَتْ بِهِ قِيمَتُهُ شَارَكَ بِالزَّائِدِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ (وَيَحْصُلُ الرُّجُوعُ بِرَجَعْتُ فِيمَا وَهَبْت أَوْ اسْتَرْجَعْته أَوْ رَدَدْته إلَى مِلْكِي أَوْ نَقَضْت الْهِبَةَ) أَوْ فَسَخْتهَا أَوْ أَبْطَلْتهَا لِأَنَّهَا تُفِيدُ الْمَقْصُودَ لِصَرَاحَتِهَا فِيهِ

فَلَوْ قَالَ: أَخَذْته أَوْ قَبَضْته وَنَوَى حَصَلَ أَيْضًا، وَكُلُّ مَا يَحْصُلُ بِهِ رُجُوعُ الْبَائِعِ عِنْدَ فَلْسِ الْمُشْتَرِي يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ هُنَا، وَالْمَوْهُوبُ بَعْدَهُ وَقَبْلَ اسْتِرْدَادِهِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْفَرْعِ، بِخِلَافِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ فَسْخِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَادَتْ الْمَنْفَعَةُ لِلْبَائِعِ لَا لِلْمُشْتَرِي أَنَّهَا هُنَا تَعُودُ لِلْأَبِ.

(قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) مُتَرَتِّبٌ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ) وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: وَعَائِدٌ كَزَائِلٍ لَمْ يَعُدْ فِي فَلْسٍ مَعْ هِبَةٍ لِلْوَلَدِ.

(قَوْلُهُ: أَمْ لَا) وَهُوَ الرَّاجِحُ اهـ حَجّ.

وَقَوْلُهُ إذْ الْقَائِلُ بِالْإِبْطَالِ: أَيْ لِلْهِبَةِ.

(قَوْلُهُ: كَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِمُعَلِّمٍ وَغَرِمَ لَهُ الْفَرْعُ أُجْرَةَ التَّعْلِيمِ، وَعَلَيْهِ فَيُشْكِلُ قَوْلُهُ لَا بِتَعْلِيمِ الْفَرْعِ إلَخْ، فَإِنَّ عَدَمَ الْمُشَارَكَةِ لِلْفَرْعِ بِتَعْلِيمِهِ أَوْلَى مِنْ عَدَمِ مُشَارَكَتِهِ بِتَعْلِيمِ غَيْرِهِ، فَإِنْ حُمِلَ قَوْلُهُ كَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ إلَخْ عَلَى مَا لَوْ تَعَلَّمَ بِنَفْسِهِ أَشْكَلَ بِالْحَرْثِ الْآتِي فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِفِعْلِ فَاعِلٍ فَلِيُتَأَمَّلْ.

وَعِبَارَةُ حَجٍّ: وَمِنْهَا: أَيْ الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ تَعَلُّمُ صَنْعَةٍ وَحِرْفَةٍ وَحَرْثِ الْأَرْضِ وَإِنْ زَادَتْ بِهَا الْقِيمَةُ اهـ.

وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ لَا بِتَعْلِيمِ الْفَرْعِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَحِرْفَةٌ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَقَوْلُهُ وَحَرْثُ أَرْضٍ قَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِمَا بَحَثَهُ فِي تَعْلِيمِ الْفَرْعِ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ حَمْلٍ: أَيْ فِي أَنَّهُ لَا يَتَّبِعُ الْأُمَّ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ يُقْلَعُ بِالْأَرْشِ) أَيْ وَالْخِيَرَةُ فِي ذَلِكَ لِلْوَاهِبِ.

(قَوْلُهُ: وَزَرَعَهُ) أَيْ الْمُتَّهِبُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَمِلَ) أَيْ الْفَرْعُ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَوْهُوبُ بَعْدَهُ) أَيْ الرُّجُوعِ، وَقَوْلُهُ فَلَا يَصِحَّ الرُّجُوعُ إلَّا مُنَجَّزًا: أَيْ فَلَا يَصِحُّ مُعَلَّقًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا هُنَا) أَيْ حَيْثُ يَرْجِعُ الْوَاهِبُ فِي الْمُؤَجَّرِ مَسْلُوبِ الْمَنْفَعَةِ مِنْ غَيْرِ رُجُوعِهِ بِشَيْءٍ عَلَى الْمُؤَجَّرِ رُجُوعَ الْبَائِعِ حَيْثُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمُؤَجَّرُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ

(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي نَحْوِ تَخَمُّرِ الْعَصِيرِ) أَيْ لِبَقَاءِ سَلْطَنَتِهِ عَلَيْهِ كَمَا قَدَّمَهُ. (قَوْلُهُ: وَيَبْقَى غِرَاسٌ مُتَّهَبٌ وَبِنَاؤُهُ) أَيْ: بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْقَبْضِ) أَيْ قَبْضِ هَذِهِ الْهِبَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ

ص: 421

الْبَيْعِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَخَذَهُ بِحُكْمِ الضَّمَانِ، وَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ إلَّا مُنَجَّزًا، وَلَوْ وَهَبَهُ وَأَقْبَضَهُ فِي صِحَّةٍ فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ رَجَعَ فِيمَا وَهَبَ وَلَمْ تَذْكُرْ مَا رَجَعَ فِيهِ لَغَتْ شَهَادَتُهَا، فَلَوْ ثَبَتَ إقْرَارُ الْوَلَدِ بِأَنَّ الْأَبَ لَمْ يَهَبْهُ شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ ثَبَتَ الرُّجُوعُ (لَا بِبَيْعِهِ وَوَقْفِهِ وَهِبَتِهِ) بَعْدَ الْقَبْضِ (وَإِعْتَاقِهِ وَوَطْئِهَا) الَّذِي لَمْ تَحْمِلْ مِنْهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِكَمَالِ مِلْكِ الْفَرْعِ فَلَمْ يَقْوَ الْفِعْلُ عَلَى إزَالَتِهِ بِهِ، وَبِهِ فَارَقَ انْفِسَاخَ الْبَيْعِ فِيهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ الذَّاهِبِ إلَى مُسَاوَاتِهِ لَهُ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ، أَمَّا هِبَتُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا تُؤَثِّرُ رُجُوعًا قَطْعًا، وَعَلَيْهِ بِاسْتِيلَادِهَا قِيمَتُهَا وَبِالْوَطْءِ مَهْرُ مِثْلِهَا وَهُوَ حَرَامٌ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الرُّجُوعَ، وَلَوْ تَفَاسَخَ الْمُتَوَاهِبَانِ الْهِبَةَ أَوْ تَقَايَلَا حَيْثُ لَا رُجُوعَ لَمْ تَنْفَسِخْ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ.

(وَلَا رُجُوعَ لِغَيْرِ الْأُصُولِ فِي هِبَةٍ) مُطْلَقَةٍ أَوْ (مُقَيَّدَةٍ بِنَفْيِ الثَّوَابِ) أَيْ الْعِوَضِ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَلِقُوَّةِ شَفَقَةِ الْأَصْلِ، وَلِهَذَا كَانَ أَفْضَلُ الْبِرِّ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ بِالْإِحْسَانِ لَهُمَا وَفِعْلِ مَا يَسُرُّهُمَا مِمَّا لَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ، وَعُقُوقُهُمَا كَبِيرَةٌ وَهُوَ إيذَاؤُهُمَا بِمَا لَيْسَ هَيِّنًا مَا لَمْ يَكُنْ مَا أَذَاهُمَا بِهِ وَاجِبًا.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: فَلَوْ كَانَ فِي مَالِ أَحَدِهِمَا شُبْهَةٌ وَدَعَاهُ لِلْأَكْلِ مِنْهُ تَلَطَّفَ فِي الِامْتِنَاعِ فَإِنْ عَجَزَ فَلِيَأْكُلْ وَيُصَغِّرْ اللُّقْمَةَ وَيُطَوِّلْ الْمَضْغَةَ، وَكَذَا لَوْ أَلْبَسَهُ ثَوْبًا مِنْ شُبْهَةٍ وَكَانَ يَتَأَذَّى بِرَدِّهِ فَلِيَقْبَلْهُ وَلِيَلْبَسْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَنْزِعُهُ إذَا غَابَ وَيَجْتَهِدُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ فِيهِ إلَّا بِحَضْرَتِهِ، وَتُسَنُّ صِلَةُ الْقَرَابَةِ وَتَحْصُلُ بِالْمَالِ وَقَضَاءِ الْحَوَائِجِ وَالزِّيَارَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرَاسَلَةِ بِالسَّلَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَيَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ كَمَا يَتَأَكَّدُ كَرَاهَةُ خِلَافِهِ، وَيُكْرَهُ شِرَاءُ مَا وَهَبَهُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ.

قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: لَوْ طَلَبَ مِنْ غَيْرِهِ هِبَةَ شَيْءٍ فِي مَلَأٍ مِنْ النَّاسِ فَوَهَبَهُ مِنْهُ اسْتِحْيَاءً مِنْهُمْ وَلَوْ كَانَ خَالِيًا مَا أَعْطَاهُ حَرُمَ كَالْمَصَادِرِ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ وُهِبَ لَهُ شَيْءٌ لِاتِّقَاءِ شَرِّهِ أَوْ سِعَايَتِهِ (وَمَتَى وَهَبَ مُطْلَقًا) بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِثَوَابٍ وَلَا نَفْيِهِ (فَلَا ثَوَابَ) أَيْ عِوَضٌ (إنْ وَهَبَ لَهُ لِدُونِهِ) فِي الْمَرْتَبَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ إذْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: لَمْ تُحْمَلْ مِنْهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا إذَا حَمَلَتْ مِنْ الْوَطْءِ كَانَ رُجُوعًا وَعَلَيْهِ فَيُشْكِلُ قَوْلُهُ الْآتِي وَعَلَيْهِ بِاسْتِيلَادِهَا قِيمَتُهَا لِأَنَّهُ يُقَدِّرُ دُخُولَهَا فِي مِلْكِهِ قُبَيْلَ الْعُلُوقِ فَهِيَ إنَّمَا حَبِلَتْ بَعْدَ عَوْدِهَا لِمِلْكِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ أَنَّهُ إذَا وَطِئَ وَأَحْبَلَ انْتَقَلَتْ إلَى مِلْكِهِ وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا لِفَرْعِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ الْوَطْءُ رُجُوعًا وَإِنْ حَبِلَتْ غَايَتُهُ أَنَّهَا إنْ لَمْ تَحْبَلْ لَزِمَهُ الْمَهْرُ وَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْفَرْعِ وَإِنْ حَبِلَتْ انْتَقَلَتْ إلَى مِلْكِهِ، كَمَا لَوْ وَطِئَ أَمَةَ الْفَرْعِ الَّتِي مَلَكَهَا مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ يُقَدِّرُ دُخُولَهَا فِي مِلْكِ الْوَاطِئِ قُبَيْلَ الْعُلُوقِ وَمَا هُنَا كَذَلِكَ وَنَقَلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ سم مَعْنَى ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ انْفِسَاخُ الْبَيْعِ إلَخْ) يَنْبَغِي مُلَاحَظَةُ مَا سَبَقَ فِي بَابِ النِّكَاحِ مِنْ سَبْقِ الْإِنْزَالِ مُغَيَّبِ الْحَشَفَةِ وَالْعَكْسُ إذَا أَحْبَلَهَا اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: إلَى مُسَاوَاتِهِ) أَيْ لِلْفَرْعِ وَقَوْلُهُ قِيمَتُهَا: أَيْ لِلْفَرْعِ وَقَوْلُهُ مَهْرُ مِثْلِهَا: أَيْ ثَيِّبًا وَيَلْزَمُهُ أَرْشُ بَكَارَةٍ إنْ كَانَتْ بِكْرًا.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ حَرَامٌ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا حَدَّ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا رُجُوعَ) أَيْ كَأَنْ كَانَتْ لِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: لَمْ تَنْفَسِخْ) وَقَدْ يُوَجَّهُ عَدَمُ دُخُولِهِمَا فِيهَا بِأَنَّهُمَا إنَّمَا يُنَاسِبَانِ الْمُعَاوَضَاتِ لِأَنَّهُ يَقْصِدُ بِهِمَا الِاسْتِدْرَاكَ وَالْهِبَةَ إحْسَانٌ فَلَا يَلِيقُ بِهَا ذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَقَوْلُ سم وَقَدْ يُوَجَّهُ عَدَمُ دُخُولِهِمَا: أَيْ الْفَسْخِ وَالتَّقَابُلِ.

(قَوْلُهُ: وَاجِبًا) دَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِ أَمْوَالِهِ وَعِتْقِ أَرِقَّائِهِ وَطَلَاقِ نِسَائِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَشُقُّ عَلَيْهِ وَقَدْ أَمَرَهُ بِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُرَادًا.

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَاسَلَةُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ كِتَابٍ كَأَنْ يَقُولَ لِشَخْصٍ سَلِّمْ عَلَى فُلَانٍ.

(قَوْلُهُ: وَيَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ) وَنَقَلَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ عَنْ حَجّ أَنَّ الْوَعْدَ مَعَ نِيَّةِ عَدَمِ الْوَفَاءِ كَبِيرَةٌ.

(قَوْلُهُ: حَرُمَ) أَيْ وَلَا يَمْلِكُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ سِعَايَتُهُ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

يَقُولَ مَعَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: الَّذِي لَمْ تَحْمِلْ مِنْهُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: وَجْهُ هَذَا الْقَيْدِ أَنَّهَا إذَا حَمَلَتْ مِنْهُ صَارَتْ مُسْتَوْلَدَةً لِلْأَبِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الرُّجُوعُ فَتَنْتَقِلُ إلَى مِلْكِهِ بِسَبَبِ الِاسْتِيلَادِ فَلَا يَتَأَتَّى الْخِلَافُ حِينَئِذٍ فِي حُصُولِ الرُّجُوعِ أَوْ عَدَمِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى.

ص: 422

لَا يَقْتَضِيهِ لَفْظٌ وَلَا عَادَةٌ (وَكَذَا) لَا ثَوَابَ لَهُ وَإِنْ نَوَاهُ إنْ وَهَبَ (لِأَعْلَى مِنْهُ) فِي ذَلِكَ (فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا لَوْ أَعَارَهُ دَارِهِ إلْحَاقًا لِلْأَعْيَانِ بِالْمَنَافِعِ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ لَيْسَ لَهَا قُوَّةُ الشَّرْطِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ وَالثَّانِي يَجِبُ الثَّوَابُ لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ (وَ) كَذَا لَا ثَوَابَ لَهُ وَإِنْ نَوَاهُ إنْ وُهِبَ (لِنَظِيرِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ مِثْلِهِ الصِّلَةُ وَتَأَكُّدُ الصَّدَاقَةِ وَالطَّرِيقِ الثَّانِي طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَالْهَدِيَّةُ فِي ذَلِكَ كَالْهِبَةِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَفَقُّهًا وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ تَصْرِيحِ الْبَنْدَنِيجِيِّ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الصَّدَقَةُ، وَإِنْ اخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ دَلِيلًا أَنَّ الْعَادَةَ مَتَى اقْتَضَتْ الثَّوَابَ وَجَبَ هُوَ أَوْ رَدُّ الْهَدِيَّةِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ مَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ حَالَةَ الْإِهْدَاءِ قَرِينَةٌ حَالِيَّةٌ أَوْ لَفْظِيَّةٌ دَالَّةٌ عَلَى طَلَبِ الثَّوَابِ، وَإِلَّا وَجَبَ هُوَ أَوْ الرَّدُّ لَا مَحَالَةَ، وَلَوْ قَالَ وَهَبْتُك بِبَدَلٍ فَقَالَ بَلْ بِلَا بَدَلٍ صُدِّقَ الْمُتَّهَبُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبَدَلِ، وَلَوْ أَهْدَى لَهُ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَقْضِيَ لَهُ حَاجَةً فَلَمْ يَفْعَلْ لَزِمَهُ رَدُّهُ إنْ بَقِيَ، وَإِلَّا فَبَدَلُهُ كَمَا قَالَهُ الْإِصْطَخْرِيُّ، فَإِنْ كَانَ فِعْلُهَا حَلَّ: أَيْ وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ تَخْلِيصُهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْ الْوَاجِبِ الْعَيْنِيِّ إذَا كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا (فَإِنْ وَجَبَ) الثَّوَابُ عَلَى مُقَابِلِ الْمَذْهَبِ أَوْ عَلَى الْبَحْثِ الْمَارِّ لِتَلَفِ الْهَدِيَّةِ أَوْ عَدَمِ إرَادَةِ الْمُتَّهَبِ رَدَّهَا (فَهُوَ قِيمَةُ الْمَوْهُوبِ) أَيْ قَدْرُهَا يَوْمَ قَبَضَهُ وَلَوْ مِثْلِيًّا (فِي الْأَصَحِّ) فَلَا يَتَعَيَّنُ لِلثَّوَابِ جِنْسٌ مِنْ الْأَمْوَالِ بَلْ الْخِيَرَةُ فِيهِ لِلْمُتَّهِبِ.

وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ مَا يُعَدُّ ثَوَابًا لِمِثْلِهِ عَادَةً، وَقِيلَ إلَى أَنْ يَرْضَى وَلَوْ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ (فَإِنْ) قُلْنَا بِوُجُوبِ إثَابَتِهِ وَ (لَمْ يُثِبْهُ) هُوَ وَلَا غَيْرُهُ (فَلَهُ الرُّجُوعُ) فِي هِبَتِهِ إنْ بَقِيَتْ وَبَدَلُهَا إنْ تَلِفَتْ.

(وَلَوْ)(وَهَبَ بِشَرْطِ ثَوَابٍ مَعْلُومٍ) عَلَيْهِ كَوَهَبْتُكَ هَذَا عَلَى أَنْ تُثِيبَنِي كَذَا فَقَبِلَ (فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ الْعَقْدِ) نَظَرًا لِلْمَعْنَى إذْ هُوَ مُعَارَضَةٌ بِمَالٍ مَعْلُومٍ فَصَحَّ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك، وَالثَّانِي بُطْلَانُهُ نَظَرًا إلَى اللَّفْظِ لِتَنَاقُضِهِ فَإِنَّ لَفْظَ الْهِبَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ الْمُتَكَلِّمُ فِيهِ بِسُوءٍ عِنْدَ مَنْ يَخَافُهُ.

(قَوْلُهُ: لَزِمَهُ رَدُّهُ) أَيْ فَلَوْ بَذَلَهَا لِيُخَلِّصَ لَهُ مَحْبُوسًا مَثَلًا فَسَعَى فِي خَلَاصِهِ فَلَمْ يَتَّفِقْ لَهُ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ الْهَدِيَّةِ لِصَاحِبِهَا لِأَنَّ مَقْصُودَهُ لَمْ يَحْصُلْ.

نَعَمْ لَوْ أَعْطَاهُ لِيَشْفَعَ لَهُ فَقَطْ سَوَاءٌ قُبِلَتْ شَفَاعَتُهُ أَوْ لَا فَفَعَلَ لَمْ يَجِبْ الرَّدُّ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا أَعْطَاهُ لِأَجْلِهِ، وَقَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَقْضِيَ: أَيْ بِأَنْ شَرَطَهُ عِنْدَ الدَّفْعِ أَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا) وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذَا وَاشْتَرِ لَك بِهِ كَذَا تَعَيَّنَ مَا لَمْ يُرِدْ التَّبَسُّطَ: أَيْ وَتَدُلُّ قَرِينَةُ حَالِهِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ مُحْكَمَةٌ هُنَا وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا لَوْ أَعْطَى فَقِيرًا دِرْهَمًا بِنِيَّةِ أَنْ يَغْسِلَ بِهِ ثَوْبَهُ: أَيْ وَقَدْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى ذَلِكَ تَعَيَّنَ، وَلَوْ شَكَا إلَيْهِ أَنَّهُ يُوَفِّهِ أَجْرَهُ كَاذِبًا فَأَعْطَاهُ دِرْهَمًا أَوْ أَعْطَى بِظَنِّ صِفَةٍ فِيهِ أَوْ فِي نَسَبِهِ وَلَمْ تَكُنْ فِيهِ بَاطِنًا لَمْ يَحِلَّ قَبُولُهُ وَلَمْ يَمْلِكْهُ، وَيَكْتَفِي فِي كَوْنِهِ أَعْطَى لِظَنِّ تِلْكَ الصِّفَةِ بِالْقَرِينَةِ، وَمِثْلُ هَذَا مَا يَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الصَّدَاقِ مَبْسُوطًا مِنْ أَنَّ مَنْ دَفَعَ لِمَخْطُوبَتِهِ أَوْ وَكِيلِهَا طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ لِيَتَزَوَّجَهَا فَرَدَّ قَبْلَ الْعَقْدِ رَجَعَ عَلَى مَنْ أَقْبَضَهُ، وَحَيْثُ دَلَّتْ قَرِينَةٌ أَنَّ مَا يُعْطَاهُ إنَّمَا هُوَ لِلْحَيَاءِ حَرُمَ الْأَخْذُ وَلَمْ يَمْلِكْهُ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ إجْمَاعًا، وَكَذَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ فِعْلٍ أَوْ تَسْلِيمِ مَا هُوَ عَلَيْهِ إلَّا بِمَالٍ كَتَزْوِيجِ بِنْتِهِ بِخِلَافِ إمْسَاكِ زَوْجَتِهِ حَتَّى تُبْرِئَهُ أَوْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ) كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ لَيْسَ فِي هَذَا، وَإِنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا أَهْدَاهُ بَعْدَ أَنْ خَلَّصَهُ بِالْفِعْلِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ أَهْدَى لِمَنْ خَلَّصَهُ مِنْ ظَالِمٍ لِئَلَّا يُنْقَضَ مَا فَعَلَهُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ قَبُولُهُ وَإِلَّا حَلَّ: أَيْ وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ تَخْلِيصُهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَى الْوَاجِبِ الْعَيْنِيِّ إذَا كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا انْتَهَتْ.

وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي شَرْحِ الْأَذْرَعِيِّ؛ لِأَنَّهُ نَقَلَ مَا ذُكِرَ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ ثُمَّ تَرَدَّدَ فِيمَا إذَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ التَّخْلِيصُ، وَلَعَلَّ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ سَقْطًا مِنْ الْكَتَبَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: عَلَى مُقَابِلِ الْمَذْهَبِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: عَلَى الضَّعِيفِ، وَهِيَ الْأَصْوَبُ.

ص: 423

يَقْتَضِي التَّبَرُّعَ (وَ) مِنْ ثَمَّ (يَكُونُ بَيْعًا عَلَى الصَّحِيحِ) فَيَجْرِي فِيهِ عَقِبَ الْعَقْدِ أَحْكَامُهُ كَالْخِيَارَيْنِ كَمَا مَرَّ بِمَا فِيهِ وَالشُّفْعَةُ وَعَدَمُ تَوَقُّفِ الْمِلْكِ عَلَى الْقَبْضِ، وَالثَّانِي يَكُونُ هِبَةً نَظَرًا لِلَّفْظِ فَلَا تَلْزَمُ قَبْلَ الْقَبْضِ (أَوْ) بِشَرْطِ ثَوَابٍ (مَجْهُولٍ فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ) لِتَعَذُّرِ صِحَّتِهِ بَيْعًا لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ وَهِبَةٍ لِذِكْرِ الثَّوَابِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا لَا تَقْتَضِيهِ، وَقِيلَ: تَصِحُّ هِبَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَقْتَضِيهِ.

(وَلَوْ بَعَثَ هَدِيَّةً) لَمْ يُعَدَّهُ بِالْبَاءِ لِجَوَازِ الْأَمْرَيْنِ كَمَا قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ خِلَافًا لِتَصْوِيبِ الْحَرِيرِيِّ تَعَيَّنَ تَعْدِيَتُهُ بِهَا (فِي ظَرْفٍ) أَوْ وَهَبَ شَيْئًا فِي ظَرْفٍ مِنْ غَيْرِ بَعْثٍ (فَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِرَدِّهِ كَقَوْصَرَّةِ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ فِي الْأَفْصَحِ (تَمْرٍ) أَيْ وِعَائِهِ الَّذِي يُكْنَزُ فِيهِ مِنْ، نَحْوِ خُوصٍ وَلَا يُسَمَّى بِذَلِكَ إلَّا وَهُوَ فِيهِ وَإِلَّا فَزِنْبِيلٌ وَكَعُلْبَةِ حَلْوَى (فَهُوَ هَدِيَّةٌ) أَوْ هِبَةٌ (أَيْضًا) تَحْكِيمًا لِلْعُرْفِ الْمُضْطَرِدِ، وَكِتَابُ الرِّسَالَةِ يَمْلِكُهُ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إنْ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى عَوْدِهِ.

قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَهُوَ أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ هُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْكَاتِبِ وَيَمْلِكُ الْمَكْتُوبُ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْإِبَاحَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ اُعْتِيدَ رَدَّهُ أَوْ اضْطَرَبَتْ الْعَادَةُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الْمُقْرِي (فَلَا) يَكُونُ هَدِيَّةً بَلْ أَمَانَةً فِي يَدِهِ كَالْوَدِيعَةِ (وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ) لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِمِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (إلَّا فِي أَكْلِ الْهَدِيَّةِ مِنْهُ إنْ اقْتَضَتْهُ الْعَادَةُ) عَمَلًا بِهَا وَيَكُونُ عَارِيَّةً حِينَئِذٍ، وَيُسَنُّ رَدُّ الْوِعَاءِ حَالًا لِخَبَرٍ فِيهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا فِي مَأْكُولٍ، أَمَّا غَيْرُهُ فَيَخْتَلِفُ رَدُّ طَرَفِهِ بِاخْتِلَافِ عَادَةِ النَّوَاحِي فَيُتَّجَهُ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ بِعُرْفِهِمْ وَفِي كُلِّ قَوْمٍ عُرْفُهُمْ بِاخْتِلَافِ طَبَقَاتِهِمْ، وَلَوْ خَتَنَ وَلَدَهُ وَحَمَلَتْ لَهُ هَدَايَا مَلَكَهَا الْأَبُ، وَقَالَ جَمْعٌ لِلِابْنِ فَيَلْزَمُ الْأَبَ قَبُولُهَا: أَيْ عِنْدَ انْتِفَاءِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

تَفْتَدِيَ بِمَالٍ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ الْمُتَقَوِّمِ عَلَيْهِ بِمَالٍ. اهـ. حَجّ.

أَقُولُ: وَظَاهِرُ التَّمْثِيلِ بِتَزْوِيجِ بِنْتِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَطْلُبَ الثَّيِّبُ تَزْوِيجَهَا مِنْهُ وَيُمْتَنَعَ بِحَيْثُ يَكُونُ عَاضِلًا وَبَيْنَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ الْخَاطِبَ يَطْلُبُ مِنْ الْوَلِيِّ التَّزْوِيجَ فَيَمْتَنِعُ مِنْ إجَابَتِهِ إلَّا بِجُعْلٍ، غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الثَّانِيَةَ بِخُصُوصِهَا قَدْ يُقَالُ فِيهَا: إنَّهُ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ فِعْلٍ وَاجِبٍ عَلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ الْإِعْرَاضَ عَنْهُ وَالتَّزْوِيجَ لِغَيْرِهِ.

بَقِيَ أَنَّهُ جَرَتْ عَادَةُ كَثِيرٍ أَنَّهُمْ عِنْدَ الْخِطْبَةِ يَدْفَعُونَ أُمُورًا اُعْتِيدَتْ فِيمَا بَيْنَهُمْ لِلْمَوْلَى مِنْ غَيْرِ سَبْقِ امْتِنَاعٍ مِنْهُ مِنْ التَّزْوِيجِ لَوْ لَمْ يُعْطُوهُ، فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ تَبَرُّعًا مَحْضًا فَلَا يَحْرُمُ قَبُولُهُ، أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ الِامْتِنَاعُ مِنْ التَّزْوِيجِ بِدُونِهِ نَزَلَتْ عَادَتُهُمْ مَنْزِلَةَ طَلَبِهِ، فِيهِ نَظَرٌ؟ وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ أَيْضًا

(قَوْلُهُ فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ) أَيْ وَيَكُونُ مَقْبُوضًا بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ فَيَضْمَنُهُ ضَمَانَ الْغُصُوبِ

(قَوْلُهُ: لِجَوَازِ الْأَمْرَيْنِ) فِي الْمِصْبَاحِ بَعَثْت رَسُولًا بَعْثًا أَرْسَلْته وَأَبْعَثْتُهُ كَذَلِكَ، وَفِي الْمُطَاوِعِ فَانْبَعَثَ مِثْلُ كَسَرْته فَانْكَسَرَ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَنْبَعِثُ بِنَفْسِهِ فَيُقَالُ بَعَثْته، وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَنْبَعِثُ بِنَفْسِهِ كَالْكِتَابِ وَالْهَدِيَّةِ فَإِنَّ الْفِعْلَ يَتَعَدَّى إلَيْهِ بِالْبَاءِ فَيُقَالُ بَعَثْت بِهِ، وَأَوْجَزَ الْفَارَابِيُّ فَقَالَ بَعَثَهُ: أَيْ أَهَبُهُ وَبَعَثَ بِهِ وَجَّهَهُ اهـ.

وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَعَيُّنَ الْبَاءِ هُنَا (قَوْلُهُ: فَهُوَ هَدِيَّةٌ أَوْ هِبَةٌ أَيْضًا)[تَنْبِيهٌ] أَيْضًا مِنْ آضَ إذَا رَجَعَ فَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لَكِنَّ عَامِلَهُ يُحْذَفُ وُجُوبًا سَمَاعًا، وَيَجُوزُ كَوْنُهُ حَالًا حُذِفَ عَامِلُهَا وَصَاحِبُهَا، وَقَدْ يَقَعُ بَيْنَ الْعَامِلِ وَمَعْمُولِهِ كَيَحِلُّ أَكْلُ الْهَدِيَّةِ، وَيَحِلُّ أَيْضًا اسْتِعْمَالُ ظَرْفِهَا فِي أَكْلِهَا: أَيْ ارْجِعْ إلَى الْإِخْبَارِ عَنْهُمْ بِذِكْرِ حِلِّ الْأَكْلِ مِنْ ظَرْفِهَا رُجُوعًا أَوْ أَخْبَرَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حِلِّ أَكْلِهَا حَالَ كَوْنِي رَاجِعًا إلَى الْإِخْبَارِ عَنْهُمْ بِحِلِّ الْأَكْلِ مِنْ ظَرْفِهَا، وَقَدْ لَا كَمَا هُنَا: أَيْ ارْجِعْ إلَى الْإِخْبَارِ عَنْهُمْ بِحُكْمِ الْمَظْرُوفِ رُجُوعًا أَوْ أَخْبَرَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حُكْمِ الْمَظْرُوفِ حَالَ كَوْنِي رَاجِعًا إلَى الْإِخْبَارِ بِحُكْمِ الظَّرْفِ فَعُلِمَ أَنَّهَا لَا تُسْتَعْمَلُ إلَّا مَعَ شَيْئَيْنِ وَلَوْ تَقْدِيرًا، بِخِلَافِ جَاءَ زَيْدٌ أَيْضًا وَبَيْنَهُمَا تَوَافُقٌ فِي الْعَامِلِ، بِخِلَافِ جَاءَ وَمَاتَ أَيْضًا، وَيُمْكِنُ اسْتِقْلَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْعَامِلِ بِخِلَافِ اخْتَصَمَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو أَيْضًا اهـ حَجّ.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى عَوْدِهِ) كَأَنْ كَتَبَ لَهُ فِيهِ رُدَّ الْجَوَابَ بِظَهْرِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا، قَوْلُهُ عَلَى عَوْدِهِ: أَيْ أَوْ إخْفَائِهِ.

(قَوْلُهُ: وَيَكُونُ عَارِيَّةً حِينَئِذٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَيَجُوزُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 424

الْمَحْذُورِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَمِنْهُ قَصْدُ التَّقَرُّبِ لِلْأَبِ وَهُوَ نَحْوُ قَاضٍ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْقَبُولُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ الْمُهْدِي وَاحِدًا مِنْهُمَا وَإِلَّا فَهِيَ لِمَنْ قَصَدَهُ بِالِاتِّفَاقِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا يُعْطَاهُ خَادِمُ الصُّوفِيَّةِ فَيَكُونُ لَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَوْ قَصَدَهُ وَلَهُمْ عِنْدَ قَصْدِهِمْ وَلَهُ وَلَهُمْ عِنْدَ قَصْدِهِمَا: أَيْ فَيَكُونُ لَهُ النِّصْفُ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ لِزَيْدٍ الْكَاتِبِ وَالْفُقَرَاءِ مَثَلًا.

وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ بَعْضِ أَهْلِ الْبِلَادِ مِنْ وَضْعِ طَاسَةٍ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِ الْفَرَحِ لِيَضَعَ النَّاسُ فِيهَا دَرَاهِمَ ثُمَّ يُقْسَمُ عَلَى الْمُزَيِّنِ وَنَحْوِهِ يَجْرِي فِيهِ ذَلِكَ التَّفْصِيلُ، فَإِنْ قَصَدَ الْمُزَيِّنُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ نُظَرَائِهِ الْمُعَاوِنِينَ لَهُ عَمِلَ بِالْقَصْدِ، وَإِنْ أَطْلَقَ كَانَ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْفَرَحِ يُعْطِيهِ لِمَنْ يَشَاءُ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْعُرْفِ هُنَا، أَمَّا مَعَ قَصْدِ خِلَافِهِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا مَعَ الْإِطْلَاقِ فَلِأَنَّ حَمْلَهُ عَلَى مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْأَبِ وَالْخَادِمِ وَصَاحِبِ الْفَرَحِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ أَنَّ كُلًّا مِنْ هَؤُلَاءِ هُوَ الْمَقْصُودُ هُوَ عُرْفُ الشَّرْعِ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْعُرْفِ الْمُخَالِفِ لَهُ، بِخِلَافِ مَا لَا عُرْفَ لِلشَّرْعِ فِيهِ فَيُحْكَمُ بِالْعَادَةِ فِيهِ، وَلِهَذَا لَوْ نَذَرَ لِوَلِيِّ مَيِّتٍ بِمَالٍ فَإِنْ قَصَدَ تَمْلِيكَهُ لَغَا أَوْ أَطْلَقَ وَكَانَ عَلَى قَبْرِهِ مَا يَحْتَاجُ لِلصَّرْفِ فِي مَصَالِحِهِ صَرَفَ لَهَا، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ قَوْمٌ اُعْتِيدَ قَصْدَهُمْ بِالنَّذْرِ لِلْوَلِيِّ صَرَفَ لَهُمْ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

تَنَاوُلُهَا مِنْهُ وَيَضُمُّهُ بِحُكْمِهَا، وَقَيَّدَهُ فِي بَابِهَا بِمَا إذَا لَمْ تُقَابَلْ بِعِوَضٍ وَإِلَّا فَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: الْمُعَاوِنِينَ لَهُ) هَلْ يُقْسَمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعَاوِنِينَ لَهُ بِالسَّوِيَّةِ أَوْ بِالتَّفَاوُتِ وَمَا ضَابِطُهُ وَلَا يَبْعُدُ اعْتِبَارُ الْعُرْفِ فِي ذَلِكَ.

[فَرْعٌ] مَا تَقَرَّرَ مِنْ الرُّجُوعِ فِي النُّقُوطِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ مَا يُسْتَهْلَكُ كَالْأَطْعِمَةِ وَغَيْرِهِ، وَمَدَارُ الرُّجُوعِ عَلَى عَادَةِ أَمْثَالِ الدَّافِعِ لِهَذَا الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ فَحَيْثُ جَرَتْ بِالرُّجُوعِ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا م ر اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا مَعَ قَصْدِ خِلَافِهِ) أَيْ الْعُرْفِ (قَوْلُهُ فَيَحْكُمُ بِالْعَادَةِ فِيهِ) .

[تَنْبِيهٌ] يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ فِي بَعْضِ النَّوَاحِي أَنَّ مَحَلَّ مَا مَرَّ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي النُّقُوطِ الْمُعْتَادِ فِي الْأَفْرَاحِ مَا يَعْتَادُ أَخْذُهُ لِنَفْسِهِ، أَمَّا إذَا اُعْتِيدَ أَنَّهُ لِنَحْوِ الْخَاتِنِ، وَأَنَّ مُعْطِيَهُ إنَّمَا قَصَدَهُ فَقَطْ فَيَظْهَرُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِلْمُعْطِي عَلَى صَاحِبِ الْفَرَحِ وَإِنْ كَانَ الْإِعْطَاءُ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِهِ، لِأَنَّ كَوْنَهُ لِأَجْلِهِ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ فِي مِلْكِهِ لَا يَقْتَضِي رُجُوعًا عَلَيْهِ بِوَجْهٍ فَتَأَمَّلْهُ اهـ حَجّ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 425