المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) في أحكام الوقف المعنوية - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٥

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الشِّرْكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ جَوَازِ الْوَكَالَةِ وَمَا تَنْفَسِخُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌[فَصْلٌ فِي صِيغَةِ الْإِقْرَارُ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوط الْمُقَرِّ بِهِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةُ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ جَوَازِ الْعَارِيَّةِ وَمَا لِلْمُعِيرِ

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْغَصْبِ وَانْقِسَامِ الْمَغْصُوبِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَضَمَانِ الْمَغْصُوبِ]

- ‌فَصْلٌ) فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَةٍ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَدَلِ الشِّقْصِ الَّذِي يُؤْخَذُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الْقِرَاضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْعَاقِدَيْنِ وَأَحْكَامِ الْقِرَاضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ وَلُزُومِ الْمُسَاقَاةِ وَهَرَبِ الْعَامِلِ

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَنَافِعَ يَمْتَنِعُ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ لِعَقَارٍ أَوْ دَابَّةٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ غَايَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي تُقَدَّرُ بِهَا الْمَنْفَعَةُ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَرْضِ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِهِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لقط الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَمَلُّكِ وَغُرْم اللُّقَطَةَ]

- ‌ كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَرِقِّهِ وَاسْتِلْحَاقِهِ

- ‌كِتَابُ الْجَعَالَةِ

الفصل: ‌(فصل) في أحكام الوقف المعنوية

صُرِفَ لِلْوَارِدِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ وَلَا يُزَادُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُطْلَقًا، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْفَقْرِ فِيهِ أَوْ وَقَفَ جَمِيعَ أَمْلَاكِهِ عَلَى كَذَا، فَالْأَوْجَهُ شُمُولُهُ لِجَمِيعِ مَا فِي مِلْكِهِ مِمَّا يَصِحُّ وَقْفُهُ، وَإِنْ أَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِاخْتِصَاصِهِ بِالْعَقَارِ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ لِلذِّهْنِ. .

(الْأَظْهَرُ أَنَّ)(الْمِلْكَ فِي رَقَبَةِ الْمَوْقُوفِ) عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ جِهَةٍ (يَنْتَقِلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى)(أَيْ) تَفْسِيرٌ لِمَعْنَى الِانْتِقَالِ إلَيْهِ تَعَالَى، وَإِلَّا فَكُلُّ الْمَوْجُودَاتِ بِأَثْرِهَا مِلْكٌ لَهُ.

فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ، وَغَيْرُهُ إنْ سَمَّى مَالِكًا فَإِنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ التَّوَسُّعِ (يَنْفَكُّ عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّينَ) كَالْعِتْقِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ دُونَ بَقِيَّةِ حُقُوقِهِ تَعَالَى لِأَنَّ الْمَقْصُودَ رِيعُهُ وَهُوَ حَقٌّ آدَمِيٌّ (فَلَا يَكُونُ لِلْوَاقِفِ) وَفِي قَوْلٍ يَمْلِكُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْ فَوَائِدِهِ (وَلَا لِلْمَوْقُوفِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عُرْفٌ مُسْتَمِرٌّ.

وَلَا يَخْفَى الِاحْتِيَاطُ، وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ فَقَالَ: لَوْ وَرَدَتْ الْجَعَالَةُ عَلَى شَيْئَيْنِ يَنْفَكُّ أَحَدُهُمْ عَنْ الْآخَرِ كَقَوْلِهِ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّ أَحَدُهُمَا اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْجُعْلِ.

قَالَ: وَعَلَيْهِ يَخْرُجُ غَيْبَةُ الطَّالِبِ عَنْ الدَّرْسِ بَعْضَ الْأَيَّامِ إذْ قَالَ الْوَاقِفُ مَنْ حَضَرَ شَهْرَ كَذَا فَلَهُ كَذَا، فَإِنَّ الْأَيَّامَ كَالْعَبِيدِ فَإِنَّهَا أَشْيَاءُ مُتَفَاضِلَةٌ فَيَسْتَحِقُّ بِقِسْطِ مَا حَضَرَ فَتَفَطَّنْ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ مِمَّا يُغْلَطُ فِيهِ انْتَهَى.

[فَائِدَةٌ] لَا يَسْتَحِقُّ ذُو وَظِيفَةٍ كَقِرَاءَةٍ أَخَلَّ بِهَا فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنْ أَخَلَّ وَاسْتَنَابَ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ بَقِيَ اسْتِحْقَاقُهُ وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ لِمُدَّةِ الِاسْتِنَابَةِ فَأَفْهَمَ بَقَاءَ أَثَرِ اسْتِحْقَاقِهِ لِغَيْرِ مُدَّةِ الْإِخْلَالِ، وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ كَابْنِ الصَّلَاحِ فِي كُلِّ وَظِيفَةٍ تَقْبَلُ الْإِنَابَةَ كَالتَّدْرِيسِ، بِخِلَافِ التَّعَلُّمِ.

قِيلَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ جَوَازُ اسْتِنَابَةِ الْأَدْوَنِ، لَكِنْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمِثْلِ، وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْبَطَالَةِ وَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِنَصِّ الْوَاقِفِ وَإِلَّا فَبِعُرْفِ زَمَنِهِ الْمُطَّرِدِ الَّذِي عَرَفَهُ، وَإِلَّا فَبِعَادَةِ مَحَلِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ اهـ حَجّ.

وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُعَلِّمَ فِي سَنَةٍ لَا يُعْطَى مِنْ غَلَّةِ غَيْرِهَا وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْ الْأُولَى شَيْءٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ شَرْطِ الْوَاقِفِ أَوْ قَرَائِنِ حَالِهِ الظَّاهِرَةِ فِيهِ انْتَهَى لَهُ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: صُرِفَ لِلْوَارِدِ) أَيْ سَوَاءٌ جَاءَ قَاصِدًا لِمَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ أَوْ اتَّفَقَ نُزُولُهُ عِنْدَهُ لِمُجَرَّدِ مُرُورِهِ عَلَى الْمَحَلِّ وَاحْتِيَاجِهِ لِمَحَلٍّ يَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا إلَخْ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَرَضَ لَهُ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ السَّفَرِ كَمَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ لَا.

(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْفَقْرِ فِيهِ) أَيْ وَيَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ رِعَايَةُ الْمَصْلَحَةِ لِغَرَضِ الْوَاقِفِ، فَلَوْ كَانَ الْبَعْضُ فُقَرَاءَ وَالْبَعْضُ أَغْنِيَاءَ وَلَمْ تَفِ الْغَلَّةُ الْحَاصِلَةُ بِهِمَا قُدِّمَ الْفَقِيرُ.

(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ

(قَوْلُهُ: لِمَعْنَى الِانْتِقَالِ) أَيْ لِلْمَعْنَى الْمَقْصُودِ بِالِانْتِقَالِ.

(قَوْلُهُ: بِطَرِيقِ التَّوَسُّعِ) أَيْ وَالْمِلْكُ الْحَقِيقِيُّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى، لَكِنَّهُ سبحانه وتعالى لَمَّا أَذِنَ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ رَتَّبَ عَلَيْهِ أَحْكَامًا خَاصَّةً كَالْقَطْعِ بِسَرِقَتِهِ وَوُجُوبِ رَدِّهِ عَلَى مَنْ غُصِبَ مِنْهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ثَبَتَ) أَيْ الْوَقْفُ بِشَاهِدٍ إلَخْ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ ثُبُوتُهُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَاخْتِلَافُهُمْ فِي الثَّابِتِ بِالِاسْتِفَاضَةِ هَلْ تَثْبُتُ بِهَا شُرُوطُهُ أَوْ لَا ثُبُوتَ لِشُرُوطِهِ أَيْضًا فِي الْأَوَّلِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ الِاسْتِفَاضَةِ وَإِنْ كَانَ فِي كُلِّ خِلَافٍ اهـ حَجّ.

وَقَوْلُ حَجّ: وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ]

ص: 388

عَلَيْهِ) وَقِيلَ يَمْلِكُهُ كَالصَّدَقَةِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا يَقْصِدُ بِهِ تَمَلُّكَ رِيعِهِ، بِخِلَافِ مَا هُوَ تَحْرِيرُ نَصٍّ كَالْمَسْجِدِ وَالْمَقْبَرَةِ وَكَذَا الرُّبُطُ وَالْمَدَارِسُ، وَلَوْ شَغَلَ الْمَسْجِدَ بِأَمْتِعَتِهِ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ لَهُ، وَإِفْتَاءُ ابْنِ رَزِينٍ بِأَنَّهَا لِمَصَالِح الْمُسْلِمِينَ مَرْدُودٌ كَمَا مَرَّ.

(وَمَنَافِعُهُ مِلْكٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ مَقْصُودُهُ (يَسْتَوْفِيهَا بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ بِإِعَارَةٍ وَإِجَارَةٍ) إنْ كَانَ نَاظِرًا وَإِلَّا امْتَنَعَ عَلَيْهِ نَحْوُ الْإِجَارَةِ لِتَعَلُّقِهَا بِالنَّاظِرِ أَوْ نَائِبِهِ، وَذَلِكَ كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَشْرِطْ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ، وَمِنْهُ وَقَفَ دَارِهِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا مُعَلِّمُ الصِّبْيَانِ أَوْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ فَيُمْتَنَعُ غَيْرُ سُكْنَاهُ، وَمَا نُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ لَمَّا وَلِيَ دَارَ الْحَدِيثِ وَبِهَا قَاعَةٌ لِلشَّيْخِ أَسْكَنَهَا غَيْرَهُ اخْتِيَارٌ لَهُ، أَوْ لَعَلَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ أَنَّ الْوَاقِفَ نَصَّ عَلَى سُكْنَى الشَّيْخِ، وَلَوْ خَرِبَتْ وَلَمْ يَعْمُرْهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَوْ جَرَتْ لِلضَّرُورَةِ بِمَا تَعْمُرُ بِهِ، إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَقْفِ مَا يَعْمُرُ بِهِ سِوَى الْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ الِانْتِفَاعُ مِنْ عَيْنِ الْمَوْقُوفِ كَرَصَاصِ الْحَمَّامِ فَيَشْتَرِي مِنْ أُجْرَتِهِ بَدَلَ مَا فَاتَ.

قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِي كَوْنِهِ يَمْلِكُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ نَظَرٌ.

وَلَوْ وَقَفَ أَرْضًا غَيْرَ مَغْرُوسَةٍ عَلَى مُعَيَّنٍ امْتَنَعَ عَلَيْهِ غَرْسُهَا إلَّا إنْ نَصَّ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ أَوْ شَرَطَ لَهُ جَمِيعَ الِانْتِفَاعَاتِ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ، وَمِثْلُ الْغَرْسِ الْبِنَاءُ، وَلَا يَبْنِي مَا كَانَ مَغْرُوسًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

ثُبُوتُ شُرُوطِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: وَإِنَّمَا ثَبَتَ إلَخْ، هُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا أَمَّا إنْ كَانَ جِهَةً عَامَّةً أَوْ نَحْوَ مَسْجِدٍ فَفِي الثُّبُوتِ بِمَا ذُكِرَ نَظَرٌ لِأَنَّ الْجِهَةَ لَا يَتَأَتَّى الْحَلِفُ مِنْهَا وَالنَّاظِرُ فِي حَلِفِهِ إثْبَاتُ الْحَقِّ لِغَيْرِهِ بِيَمِينِهِ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا الرُّبُطُ وَالْمَدَارِسُ) أَيْ فَإِنَّ الْمِلْكَ فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ: وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ لَهُ) أَيْ لِلْمَسْجِدِ تُصْرَفُ عَلَى مَصَالِحِهِ.

(قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ) مَحَلُّهُ حَيْثُ كَانَ الْوَقْفُ لِلِاسْتِغْلَالِ كَمَا يَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي.

أَمَّا لَوْ وَقَفَهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ اسْتَوْفَاهَا لِنَفْسِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ، وَلَيْسَ لَهُ إعَارَةٌ وَلَا إجَارَةٌ عَلَى مَا يَأْتِي كَالْعَارِيَّةِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: فَيُمْتَنَعُ غَيْرُ سُكْنَاهُ) أَيْ فَلَوْ تَعَذَّرَ سُكْنَى مَنْ شُرِطَتْ لَهُ كَأَنْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى خُرُوجِهِ مِنْ بَلَدِ الْوَقْفِ أَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ امْرَأَةً وَلَمْ يَرْضَ زَوْجُهَا بِسُكْنَاهَا فِي الْمَحَلِّ الْمَشْرُوطِ لَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ فَيُصْرَفُ لِأَقْرَبِ رَحِمِ الْوَاقِفِ مَا دَامَ الْعُذْرُ مَوْجُودًا، وَلَا تَجُوزُ لَهُ إجَارَتُهُ لِبُعْدِ الْإِجَارَةِ عَنْ غَرَضِ الْوَاقِفِ مِنْ السُّكْنَى.

[فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ بَيْتًا عَلَى نَفْسِهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى إخْوَتِهِ ثُمَّ إنَّهُ شَرَطَ فِي وَقْفِهِ شُرُوطًا: مِنْهَا أَنَّ لِزَوْجَتِهِ السَّكَنَ وَالْإِسْكَانَ مُدَّةَ حَيَاتِهَا عَازِبَةً كَانَتْ أَوْ مُتَزَوِّجَةً فَهَلْ تَسْتَحِقُّ الزَّوْجَةُ الْمَذْكُورَةُ السَّكَنَ وَالْإِسْكَانَ لِجَمِيعِ الْبَيْتِ دُونَ الْإِخْوَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَمْ لَا؟ وَأَجَابَ عَنْهُ شَيْخُنَا بِمَا صَوَّرْته: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَيْثُ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ صَارَ مَذْهَبُنَا تَابِعًا لِمَذْهَبِهِ فَتَسْتَحِقُّ الزَّوْجَةُ الْمَذْكُورَةُ السُّكْنَى وَالْإِسْكَانَ، فَإِنْ اتَّفَقَ اسْتِيعَابُهَا الْبَيْتَ الْمَذْكُورَ فَلَا حَقَّ لِإِخْوَةٍ مَعَهَا فِي الْبَيْتِ فَلَا يُزَاحِمُونَهَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ مَا دَامَتْ سَاكِنَةً أَوْ مُسْكَنَةً لَا بِأَنْفُسِهِمْ وَلَا بِإِيجَارِهِمْ لِغَيْرِهِمْ، وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ الْبَيْتِ يَزِيدُ عَلَى مَا هِيَ مُنْتَفِعَةٌ بِهِ كَانَ لَهُمْ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَإِذَا أَعْرَضَتْ عَنْ الْمَحَلِّ أَوْ مَنَعَهَا مِنْ الِانْتِفَاعِ مَانِعٌ كَانَ الْحَقُّ لَهُمْ مَا دَامَتْ تَارِكَةً لَهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ خَرِبَتْ) أَيْ الدَّارُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَى مُعَلِّمِ الصِّبْيَانِ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُعَمِّرْهَا أَيْ تَبَرُّعًا.

(قَوْلُهُ: وَفِي كَوْنِهِ) أَيْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ يَمْلِكُهَا: أَيْ الْأَجْزَاءَ الْفَائِتَةَ إذَا بَقِيَ لَهَا صُورَةٌ، وَقَوْلُهُ نَظَرًا لِأَقْرَبِ الْمِلْكِ.

(قَوْلُهُ: امْتَنَعَ عَلَيْهِ غَرْسُهَا) أَيْ وَيَنْتَفِعُ بِهَا فِيمَا تَصْلُحُ لَهُ غَيْرَ مَغْرُوسَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْغَرْسِ الْبِنَاءُ) أَيْ فَلَوْ وَقَفَ أَرْضًا خَالِيَةً مِنْ الْبِنَاءِ لَا يَجُوزُ بِنَاؤُهَا مَا لَمْ يَشْرِطْ لَهُ جَمِيعَ الِانْتِفَاعَاتِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ وَقَفَ شَخْصٌ دَارًا كَانَتْ مُشْتَمِلَةً عَلَى أَمَاكِنَ وَخَرِبَ بَعْضُهَا قَبْلَ الْوَقْفِيَّةِ فَيَنْبَغِي جَوَازُ بِنَاءِ مَا كَانَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ لَهُ) أَيْ: لِلْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي بَابِ الْغَصْبِ

ص: 389

وَعَكْسُهُ، وَضَابِطُهُ أَنَّهُ يُمْتَنَعُ كُلُّ مَا غَيْرَ الْوَقْفِ بِالْكُلِّيَّةِ عَنْ اسْمِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ حَالَ الْوَقْفِ، بِخِلَافِ مَا يَبْقَى الِاسْمُ مَعَهُ.

نَعَمْ إنْ تَعَذَّرَ الْمَشْرُوطُ جَازَ إبْدَالُهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَأَفْتَى الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ فِي عُلُوِّ وَقْفٍ أَرَادَ النَّاظِرُ هَدْمَ وَاجِهَتِهِ وَإِخْرَاجِ رَوَاشِنَ لَهُ فِي هَوَاءِ الشَّارِعِ بِامْتِنَاعِ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْوَاجِهَةُ صَحِيحَةً أَوْ غَيْرَهَا وَأَضَرَّ بِجِدَارِ الْوَقْفِ، وَإِلَّا جَازَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَصْرِفَ عَلَيْهِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ إلَّا مَا يَصْرِفُ فِي إعَادَتِهِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَمَا زَادَ فِي مَالِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ تُمْتَنَعْ الزِّيَادَةُ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا لَا تُغَيِّرُ مَعَالِمَ الْوَقْفِ (وَيَمْلِكُ الْأُجْرَةَ) لِأَنَّهَا بَدَلُ الْمَنَافِعِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُعْطِي جَمِيعَ الْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ وَلَوْ لِمُدَّةٍ لَا يَحْتَمِلُ بَقَاؤُهُ إلَى انْقِضَائِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي الْإِجَارَةِ (وَ) يَمْلِكُ (فَوَائِدَهُ) أَيْ الْمَوْقُوفُ (كَثَمَرَةٍ) وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَهُ زَكَاتُهَا كَمَا مَرَّ بِقَيْدِهِ فِي بَابِهَا، وَمِثْلُهَا غُصْنٌ وَوَرَقُ تُوتٍ اُعْتِيدَ قَطْعُهُمَا أَوْ شَرَطَ وَلَمْ يُؤَدِّ قَطْعُهُ لِمَوْتِ أَصْلِهِ، وَالثَّمَرَةُ الْمَوْجُودَةُ حَالَ الْوَقْفِ لِلْوَاقِفِ إنْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ أَرْجَحُهُمَا أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ كَالْحَمْلِ الْمُقَارَنِ.

وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَقَدْ بَرَزَتْ ثَمَرَةُ النَّخْلِ فَهِيَ مِلْكُهُ، أَوْ وَقَدْ حُمِلَتْ الْمَوْقُوفَةُ فَالْحَمْلُ لَهُ، أَوْ وَقَدْ زُرِعَتْ الْأَرْضُ فَالزَّرْعُ لِذِي الْبَذْرِ، فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ لَهُ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ وَلِمَنْ بَعْدَهُ أُجْرَةُ بَقَائِهِ فِي الْأَرْضِ، وَأَفْتَى جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ فِي نَخْلٍ وُقِفَ مَعَ أَرْضِهِ ثُمَّ حَدَثَ مِنْهَا وَدْيٌ بِأَنْ تِلْكَ الْوُدِّيَّةَ خَارِجَةٌ مِنْ أَصْلِ النَّخْلِ جُزْءٌ مِنْهَا فَلَهَا حُكْمُ أَغْصَانِهَا، وَسَبَقَهُمْ لِنَحْوِ ذَلِكَ السُّبْكِيُّ فَإِنَّهُ أَفْتَى فِي أَرْضِ وَقْفٍ وَبِهَا شَجَرُ مَوْزٍ فَزَالَتْ بَعْدَ أَنْ نَبَتَ مِنْ أُصُولِهَا فِرَاخٌ، وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ وَهَكَذَا بِأَنَّ الْوَقْفَ يَنْسَحِبُ عَلَى كُلِّ مَا نَبَتَ مِنْ تِلْكَ الْفِرَاخِ الْمُتَكَرِّرَةِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى إنْشَائِهِ، وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لَهُ فِي بَدَلِ عَبْدٍ قُتِلَ لِفَوَاتِ الْمَوْقُوفِ بِالْكُلِّيَّةِ (وَصُوفٍ) وَشَعْرٍ وَوَبَرٍ وَرِيشٍ وَبَيْضٍ (وَلَبَنٍ وَكَذَا الْوَلَدُ) الْحَادِثُ بَعْدَ الْوَقْفِ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ كَوَلَدِ أَمَةٍ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا (فِي الْأَصَحِّ) كَالثَّمَرَةِ.

أَمَّا إذَا كَانَ حَمْلًا حَالَ الْوَقْفِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مُنْهَدِمًا فِيهَا حَيْثُ لَمْ يَضُرَّ بِالْعَامِرِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ رِضَا الْوَاقِفِ بِمِثْلِ هَذَا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ ضَرَبَ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهَا أَيْ هَذِهِ الْخَصْلَةَ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُؤَدِّ قَطْعُهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ رُجُوعُهُ إلَى أَوْ شَرَطَ أَيْضًا اهـ سم عَلَى حَجّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِالشَّرْطِ إنَّمَا يَجِبُ حَيْثُ لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ.

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً) لَوْ صَرَّحَ بِإِدْخَالِ الْمُؤَبَّرَةِ فِي الْوَقْفِ هَلْ يَصِحُّ تَبَعًا لِلشَّجَرَةِ، وَعَلَيْهِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَتَّحِدَ عَقْدُ الْوَقْفِ وَيَتَأَخَّرَ وَقْفُ الثَّمَرَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَالَ م ر: يَصِحُّ وَيُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ فَلِيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: مَوْقُوفَةٌ كَالْحَمْلِ) لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَهَا حِينَئِذٍ وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أَخْذَ عَيْنِ الْوَقْفِ فَمَاذَا يَفْعَلُ بِهَا؟ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا تُبَاعُ وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهَا شَجَرَةً أَوْ شِقْصًا وَيُوقَفُ كَالْأَصْلِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ فَفِي الْبَيْضِ إذَا شَمَلَهُ الْوَقْفُ يَشْتَرِي بِهِ دَجَاجَةً أَوْ شِقْصَهَا وَفِي اللَّبَنِ كَذَلِكَ يَشْتَرِي بِهِ شَاةً أَوْ شِقْصَهَا.

وَأَمَّا الصُّوفُ فَيُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ فَلَا يَبْعُدُ امْتِنَاعُ بَيْعِهِ وَيُنْتَفَعُ بِعَيْنِهِ ثُمَّ يُحْتَمَلُ جَوَازُ غَزْلِهِ وَنَسْجِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ مَنْسُوجًا فَلِيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

[فَائِدَةٌ] الْمَوْقُوفُ عَلَى الْمَدَارِسِ أَوْ عَلَى نَحْوِ الْأَوْلَادِ وَشَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْسِيطَهُ عَلَى الْمُدَّةِ فَهُنَا تُقَسَّطُ الْغَلَّةُ كَالثَّمَرَةِ عَلَى الْمُدَّةِ فَيُعْطِي مِنْهُ وَرَثَةُ مَنْ مَاتَ قِسْطَ مَا بَاشَرَهُ أَوْ عَاشَهُ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْغَلَّةُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَالْحَمْلُ لَهُ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْبَطْنُ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ غَيْرَ الْوَارِثِ.

أَمَّا هُوَ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ لَهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ فَالزَّرْعُ لَهُ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ، فَإِنْ كَانَ النَّاظِرُ قَبَضَهَا وَدَفَعَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ إيَّاهَا رَجَعَ عَلَى تَرِكَتِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَرْجَحُهُمَا أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ) قَالَ الشِّهَابُ سم: وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ عَدَمُ صِحَّةِ وَقْفِ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا كَانَ اسْتِقْلَالًا لَا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الشَّارِحِ احْتِمَالَ أَنَّهَا تُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهَا شَجَرَةٌ أَوْ شِقْصُهَا وَيُوقَفُ كَالْأَصْلِ

ص: 390

فَهُوَ وَقْفٌ كَمَا مَرَّ وَوَلَدُ الْأَمَةِ مِنْ شُبْهَةِ حُرٍّ فَعَلَى أَبِيهِ قِيمَتُهُ وَيَمْلِكُهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (وَالثَّانِي يَكُونُ وَقْفًا) تَبَعًا لِأُمِّهِ كَوَلَدِ الْأُضْحِيَّةِ وَمَحَلِّهِ فِي غَيْرِ مَا حُبِسَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمَّا هُوَ فَوَلَدُهُ وَقْفٌ كَأَصْلِهِ هَذَا إنْ أَطْلَقَ أَوْ شَرَطَ ذَلِكَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَالْمَوْقُوفَةُ عَلَى رُكُوبِ إنْسَانٍ فَوَائِدُهَا لِلْوَاقِفِ كَمَا رَجَّحَاهُ وَإِنْ نُوزِعَا فِيهِ.

(وَلَوْ)(مَاتَتْ الْبَهِيمَةُ) الْمَوْقُوفَةُ (اخْتَصَّ بِجِلْدِهَا) لِكَوْنِهِ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يُدْبَغْ وَلَوْ بِنَفْسِهِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ وَإِلَّا عَادَ وَقْفًا، وَلَوْ أَشْرَفَتْ مَأْكُولَةٌ عَلَى الْمَوْتِ فَإِنْ قُطِعَ بِمَوْتِهَا جَازَ ذَبْحُهَا لِلضَّرُورَةِ، وَهَلْ يَفْعَلُ الْحَاكِمُ بِلَحْمِهَا مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً أَوْ يُبَاعُ وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهِ دَابَّةً مِنْ جِنْسِهَا وَتُوقَفُ؟ وَجْهَانِ رَجَّحَ ابْنُ الْمُقْرِي أَوَّلَهُمَا، وَخَيَّرَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بَيْنَهُمَا.

قَالَ الشَّيْخُ: وَالْأَوَّلُ أَوْلَى بِالتَّرْجِيحِ إذْ لَيْسَ تَخْيِيرُ الْحَاكِمِ تَخْيِيرَ تَشَهٍّ وَإِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً، وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ بِمَوْتِهَا لَمْ يَجُزْ ذَبْحُهَا وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ الِانْتِفَاعِ كَمَا لَا يَجُوزُ إعْتَاقُ الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ.

وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا حَيَّةً وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَحَّحَهُ الْمَحَامِلِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ، وَذَهَبَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَى الْجَوَازِ، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مَا إذَا اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ، فَلَوْ تَعَذَّرَ جَمِيعُ ذَلِكَ صُرِفَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ.

(وَلَهُ)(مَهْرُ الْجَارِيَةِ) الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا (إذَا وُطِئَتْ) مِنْ غَيْرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (بِشُبْهَةٍ) مِنْهَا كَأَنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً أَوْ مُطَاوَعَةً لَا يُعْتَدُّ بِفِعْلِهَا لِصِغَرٍ أَوْ اعْتِقَادِ حِلٍّ وَعُذِرَتْ (أَوْ نِكَاحٍ) لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْفَوَائِدِ، هَذَا (إنْ صَحَّحْنَاهُ) أَيْ نِكَاحُهَا (وَهُوَ الْأَصَحُّ) لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فَلَمْ يَمْنَعْهُ الْوَقْفُ كَالْإِجَارَةِ، وَكَذَا إنْ لَمْ نُصَحِّحْهُ لِأَنَّهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ هُنَا أَيْضًا، وَالْمُزَوِّجُ لَهَا الْحَاكِمُ بِإِذْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وُقِفَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ وَخَرَجَ بِالْمَهْرِ أَرْشُ الْبَكَارَةِ فَهُوَ كَأَرْشِ طَرَفِهَا، وَلَا يَحِلُّ لِلْوَاقِفِ وَلَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا، وَيُحَدُّ الْأَوَّلُ بِهِ كَمَا حَكَى عَنْ الْأَصْحَابِ، وَكَذَا الثَّانِي كَمَا رَجَّحَاهُ هُنَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِقِسْطِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ وَقْفٌ كَمَا مَرَّ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ اسْتَثْنَاهُ حَالَ الْوَقْفِ احْتَمَلَ بُطْلَانَ الْوَقْفِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ قَالَ بِعْتهَا إلَّا حَمْلَهَا.

(قَوْلُهُ: وَوَلَدُ الْأَمَةِ) أَيْ الْمَوْقُوفَةِ وَهُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا.

(قَوْلُهُ: فَوَلَدُهُ وَقْفٌ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ وَقْفٍ (قَوْلُهُ: فَالْمَوْقُوفَةُ عَلَى رُكُوبِ إنْسَانٍ إلَخْ) لَوْ احْتَاجَ إلَى رُكُوبِهَا فِي سَفَرٍ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا وَالسَّفَرُ بِهَا وَإِنْ فَوَّتَ عَلَى الْوَاقِفُ فَوَائِدَهَا كَالدَّرِّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ اسْتِحْقَاقُ الرُّكُوبِ الْأَوَّلِ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدُوهُ بِبَلَدِ الْوَاقِفِ.

(قَوْلُهُ: فَوَائِدُهَا لِلْوَاقِفِ) أَيْ وَمُؤَنُهَا عَلَيْهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ مِنْهَا لِلْمُسْتَحِقِّ إلَّا الرُّكُوبَ فَكَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ.

(قَوْلُهُ: جَازَ ذَبْحُهَا إلَخْ)

[فَرْعٌ] لَوْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي بَيْعِهَا حَيَّةً فَبَاعَهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي خِلَافِهِ فَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ ضَمَانِ النَّقْصِ بِالذَّبْحِ بَلْ يُبَاعُ اللَّحْمُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مِثْلُهَا أَوْ شِقْصٌ مِنْهُ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ وَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا إلَخْ مُعْتَمَدٌ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: صُرِفَ) أَيْ الْمَوْقُوفُ.

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) كَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَلَا يَجِبُ بِوَطْئِهِ مَهْرٌ إذْ لَوْ وَجَبَ وَجَبَ لَهُ وَالْإِنْسَانُ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ فَلِيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: لَوْ وَقَفَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ) وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ (قَوْلُهُ: انْفَسَخَ نِكَاحُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إنْ قَبِلَ عَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِ الْقَبُولِ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَعَلَيْهِ لَوْ رَدَّ بَعْدَ ذَلِكَ اتَّجَهَ الْحُكْمُ بِبُطْلَانِ الْفَسْخِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ كَأَرْشِ طَرَفِهَا) أَيْ فَيُفْعَلُ فِيهِ مَا يُفْعَلُ فِي بَدَلِ الْعَبْدِ إذَا تَلِفَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى بِالتَّرْجِيحِ) الَّذِي فِي كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّ الْأَوْلَى بِالتَّرْجِيحِ إنَّمَا هُوَ الثَّانِي كَمَا فِي شَرْحِهِ لِلرَّوْضِ وَجَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ

. (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَقَفَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا رَتَّبَهُ الشِّهَابُ حَجّ عَلَى كَوْنِهَا لَا تُزَوَّجُ مِنْهُ وَلَا مِنْ الْوَاقِفِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ تَرْتِيبُهُ عَلَيْهِ، وَعِبَارَتُهُ عَقِبَ قَوْلِهِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ نَصُّهَا لَا مِنْهُ وَلَا مِنْ الْوَاقِفِ وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ

ص: 391

وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَسَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ، وَمَنْ خَرَّجَ وُجُوبَ الْحَدِّ عَلَى أَقْوَالِ الْمِلْكِ فَقَدْ شَذَّ.

أَمَّا الْمُطَاوِعَةُ إذَا زَنَى بِهَا وَهِيَ مُمَيَّزَةٌ فَلَا مَهْرَ لَهَا (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ) أَيْ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ (لَا يَمْلِكُ قِيمَةَ الْعَبْدِ) مَثَلًا الْمَوْقُوفُ (إذَا أُتْلِفَ) مِنْ وَاقِفٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ وَكَذَا مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ تَعَدَّى كَأَنْ اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِ مَا وَقَفَ لَهُ أَوْ تَلِفَ تَحْتَ يَدٍ ضَامِنَةٍ لَهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَدَّ بِإِتْلَافِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا كَمَا لَوْ وَقَعَ مِنْهُ كُوزُ سَبِيلٍ عَلَى حَوْضٍ فَانْكَسَرَ مِنْ غَيْرِ قَصِيرٍ (بَلْ يَشْتَرِي بِهَا عَبْدٌ لِيَكُونَ وَقْفًا مَكَانَهُ) مُرَاعَاةً لِغَرَضِ الْوَاقِفِ وَبَقِيَّةِ الْبُطُونِ وَالْمُشْتَرِي لِذَلِكَ هُوَ الْحَاكِمُ وَإِنْ كَانَ لِلْوَقْفِ نَاظِرٌ خَاصٌّ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَوْقُوفَ مِلْكٌ لِلَّهِ تَعَالَى، أَمَّا مَا اشْتَرَاهُ النَّاظِرُ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ أَوْ يُعَمِّرُهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَالْمُنْشِئُ لِوَقْفِهِ هُوَ النَّاظِرُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَدَلِ الْمَوْقُوفِ وَاضِحٌ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ إنَّمَا هُوَ فِي بَدَلِ الْمَوْقُوفِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِيهِ لَا مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، وَأَمَّا مَا يَبْنِيهِ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ فِي الْجُدَرَانِ الْمَوْقُوفَةِ فَإِنَّهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ مِلْكَ الْمُوصَى لَهُ أَتَمُّ مِنْ مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ الْإِجَارَةَ وَالْإِعَارَةَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ مَالِكِ الرَّقَبَةِ وَتُورَثُ عَنْهُ الْمَنَافِعُ، بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ النَّاظِرِ وَلَا تُورَثُ عَنْهُ الْمَنَافِعُ رَمْلِيٌّ. انْتَهَى شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ.

(قَوْلُهُ: بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ) أَيْ بِالْمَنَافِعِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْقُوفَةِ فَإِنَّ الْمُوصِيَ بِعَيْنِهَا يَمْلِكُهَا مِلْكًا تَامًّا بِحَيْثُ يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ شَذَّ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ وَإِنْ قِيلَ بِمِلْكِهَا لَهُ لَيْسَ مِلْكًا حَقِيقِيًّا يُبِيحُ الْوَطْءَ وَلِذَا لَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِمَا يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْوَقْفِ (قَوْلِهِ وَالْمُشْتَرِي لِذَلِكَ هُوَ الْحَاكِمُ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ مِلْكٌ لِلَّهِ تَعَالَى: أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ) وَمِنْهُ الْحُصُرُ إذَا اشْتَرَاهَا النَّاظِرُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ وَمِنْ مَالِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُعَمِّرُهُ مِنْهُمَا إلَخْ) أَيْ مُسْتَقِلًّا كَبِنَاءِ بَيْتٍ لِلْمَسْجِدِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَا يَبْنِيهِ فِي الْجُدَرَانِ مِمَّا ذُكِرَ يَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الْبِنَاءِ.

(قَوْلُهُ: فَالْمُنْشِئُ لِوَقْفِهِ) أَيْ وَلَا يَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الشِّرَاءِ أَوْ الْعِمَارَةِ، فَإِنْ عَمَّرَ مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يُنْشِئْ ذَلِكَ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ وَيَصْدُقُ فِي عَدَمِ الْإِنْشَاءِ، أَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ رِيعِهِ فَهُوَ مِلْكٌ لِلْمَسْجِدِ مَثَلًا يَبِيعُهُ إذَا اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ.

وَبَقِيَ مَا لَوْ دَخَلَ فِي جِهَتِهِ شَيْءٌ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَأَرَادَ الْعِمَارَةَ بِهِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيَسْقُطُ عَنْ ذِمَّتِهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْحَاكِمِ حَتَّى لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ كَانَ مُتَبَرِّعًا بِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَخَفْ مِنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ غَرَامَةَ شَيْءٍ، فَإِنْ خَافَ ذَلِكَ جَازَ لَهُ الصَّرْفُ بِشَرْطِ الْإِشْهَادِ، فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ لَمْ يَبْرَأْ لِأَنَّ فَقْدَ الشُّهُودِ نَادِرٌ.

(قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَدَلِ الرَّقِيقِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَصِرْ مَوْقُوفًا بِلَا إنْشَاءِ وَقْفٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَلَعَلَّ الْكَتَبَةَ أَسْقَطَتْهُ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُمَيِّزَةٌ) لَعَلَّهُ وَهِيَ بَالِغَةٌ لِيُوَافِقَ قَوْلَهُ الْمَارَّ أَوْ مُطَاوِعَةٌ لَا يُعْتَدُّ بِفِعْلِهَا لِصِغَرٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ تَعَدَّى) قَضِيَّةُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّ الْوَاقِفَ وَالْأَجْنَبِيَّ ضَامِنَانِ مُطْلَقًا، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا إذَا أَتْلَفَاهُ بِغَيْرِ تَعَدٍّ كَأَنْ اسْتَعْمَلَاهُ فِيمَا وُقِفَ لَهُ بِإِجَارَةٍ مَثَلًا؛ فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ كَذَا لَرَجَعَ الْقَيْدُ لِلْجَمِيعِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا اشْتَرَاهُ النَّاظِرُ إلَى قَوْلِهِ فَالْمُنْشِئُ لِوَقْفِهِ هُوَ النَّاظِرُ) مَحَلُّهُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ وَقْفِهِ مِنْ جِهَةِ مُشْتَرِيهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا يُنْشِئُهُ مِنْ مَالِهِ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي شِرَاءِ الْبَدَلِ لَا فِي وَقْفِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُعْمِرُهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ فِي غَيْرِ جُدْرَانِ الْوَقْفِ لِمَا سَيَأْتِي فِيهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الصُّورَةَ هُنَا أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى نَحْوِ مَسْجِدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ بَدَلِ الْمَوْقُوفِ وَاضِحٌ إلَى قَوْلِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ وَقْفِهِ إلَخْ) مِنْ فَتَاوَى وَالِدِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فِي الْجُدْرَانِ الْمَوْقُوفَةِ) خَرَجَ بِهِ مَا يُنْشِئُهُ مِنْ الْبِنَاءِ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ فَلَا يَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الْبِنَاءِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ الْمُتَقَدِّمُ وَإِنْ اقْتَضَى التَّوْجِيهُ الْآتِي صَيْرُورَتَهُ كَذَلِكَ؛ إذْ قَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا الِاقْتِضَاءِ

ص: 392

يَصِيرُ وَقْفًا بِالْبِنَاءِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنِ بَدَلِ الرَّقِيقِ الْمَوْقُوفِ أَنَّ الرَّقِيقَ قَدْ فَاتَ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْأَرْضُ الْمَوْقُوفَةُ بَاقِيَةٌ، وَالطُّوبُ وَالْحَجَرُ الْمَبْنِيُّ بِهِمَا كَالْوَصْفِ التَّابِعِ لَهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ وَقْفِهِ مِنْ جِهَةِ مُشْتَرِيهِ فَيَتَعَيَّنُ أَحَدُ أَلْفَاظِ الْوَقْفِ الْمَارَّةِ، وَقَوْلُ الْقَاضِي أَقَمْته مَقَامَهُ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَفَارَقَ هَذَا صَيْرُورَةُ الْقِيمَةِ رَهْنًا فِي ذِمَّةِ الْجَانِي كَمَا مَرَّ بِأَنَّهُ يَصِحُّ رَهْنُهَا دُونَ وَقْفِهَا، وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ جُعْلٍ بَدَلَ الْأُضْحِيَّةِ أُضْحِيَّةً إذَا اشْتَرَى بِعَيْنِ الْقِيمَةِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَنَوَى بِأَنَّ الْقِيمَةَ هُنَاكَ مِلْكُ الْفُقَرَاءِ وَالْمُشْتَرِي نَائِبٌ عَنْهُمْ فَوَقَعَ الشِّرَاءُ لَهُمْ بَالِغِينَ أَوْ مَعَ النِّيَّةِ، وَأَمَّا الْقِيمَةُ هُنَا فَلَيْسَتْ مِلْكَ أَحَدٍ فَاحْتِيجَ لِإِنْشَاءِ وَقْفِ مَا يَشْتَرِي بِهَا حَتَّى يَنْتَقِلَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ عَبْدٌ عَدَمَ جَوَازِ شِرَاءِ أَمَةٍ بِقِيمَةِ عَبْدٍ وَعَكْسِهِ، بَلْ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ صَغِيرٍ بِقِيمَةِ كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ بِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ، وَمَا فَضَلَ مِنْ الْقِيمَةِ يُشْتَرَى بِهِ شِقْصٌ، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ الْآتِي فِي الْوَصِيَّةِ لِتَعَذُّرِ الرَّقَبَةِ الْمُصَرَّحِ بِهَا فِيهَا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ شِرَاءُ شِقْصٍ بِالْفَاضِلِ صُرِفَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ، بَلْ لَنَا وَجْهٌ بِصَرْفِ جَمِيعِ مَا أَوْجَبَتْهُ الْجِنَايَةُ إلَيْهِ، وَلَوْ أَوْجَبَتْ قَوَدًا اسْتَوْفَاهُ الْحَاكِمُ كَمَا قَالَاهُ وَإِنْ نُوزِعَا فِيهِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) شِرَاءُ عَبْدٍ بِهَا (فَبَعْضُ عَبْدٍ) يُشْتَرَى بِهَا لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ إلَى مَقْصُودِهِ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الرَّاجِحِ الْآتِي فِي بَابِهَا، وَوَجْهُ الْخِلَافِ فِيهَا أَنَّ الشِّقْصَ مِنْ حَيْثُ هُوَ يَقْبَلُ الْوَقْفَ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ، وَلَوْ جَنَى الْمَوْقُوفُ جِنَايَةً أَوْجَبَتْ قِصَاصًا اقْتَصَّ مِنْهُ وَفَاتَ الْوَقْفُ أَوْ مَالًا أَوْ قِصَاصًا وَعَفَا عَلَى الْمَالِ فَدَاهُ الْوَاقِفُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ، وَلَهُ إنْ تَكَرَّرَتْ الْجِنَايَةُ مِنْهُ حُكْمُ أُمِّ الْوَلَدِ فِي عَدَمِ تَكَرُّرِ الْفِدَاءِ وَسَائِرِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ وَالْأَرْضُ الْمَوْقُوفَةُ بَاقِيَةٌ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّوْجِيهِ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَصُّ بِالْجُدْرَانِ بَلْ كَمَا يَشْمَلُهَا يَشْمَلُ مَا لَوْ بَنَى بَيْتًا فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ أَوْ مِنْ مَالِهِ وَعَلَيْهِ فَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَنَى بَيْتًا اُحْتِيجَ فِي كَوْنِهِ مَوْقُوفًا إلَى إنْشَاءِ وَقْفِهِ يُصَوَّرُ بِمَا إذَا بَنَاهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَوْقُوفَةٍ كَمَمْلُوكَةٍ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ، هَذَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَأَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ مُخْتَصٌّ بِالْجُدْرَانِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا، كَإِعَادَةِ بَيْتٍ انْهَدَمَ مِنْ بُيُوتِ الْوَقْفِ فَأَعَادَهُ بِآلَةٍ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ فَلِيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ وَقْفِهِ) أَيْ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى فَهِيَ مُتَّصِلَةٌ بِقَوْلِهِ وَالْمُشْتَرِي لِذَلِكَ هُوَ الْحَاكِمُ وَإِنْ كَانَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: بِقِيمَةِ كَبِيرٍ) أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: لَوْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَشْتَرِيَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ إلَّا أَمَةً أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ بِقِيمَةِ الْكَبِيرِ إلَّا صَغِيرًا أَوْ الْعَكْسُ فَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ.

وَبَقِيَ مَا لَوْ أَمْكَنَ شِرَاءُ شِقْصٍ وَشِرَاءُ صَغِيرٍ هَلْ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ حَالًّا وَلَوْ قِيلَ بِالثَّانِي لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ مِنْ وَقْفِ رَقَبَةٍ كَامِلَةٍ (قَوْلُهُ: اسْتَوْفَاهُ الْحَاكِمُ) كَمَا قَالَاهُ، وَيَنْبَغِي جَوَازُ الْعَفْوِ عَنْ الْقَوَدِ بِمَالٍ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً وَيَشْتَرِي بِهِ بَدَلَهُ وَيُنْشِئُ وَقْفَهُ نَظِيرَ مَا تَقَدَّمَ فِي بَدَلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ اقْتَصَّ مِنْهُ) أَيْ اقْتَصَّ مِنْهُ مُسْتَحِقُّ بَدَلِ الْجِنَايَةِ وَقَوْلُهُ فَدَاهُ أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ) وَقَوْلُ حَجّ: وَلَوْ جَنَى الْمَوْقُوفُ جِنَايَةً أَوْجَبَتْ مَالًا فَهِيَ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَفْرُوضٌ فِيمَا تَعَذَّرَ فِدَاؤُهُ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ لِمَوْتِهِ أَوْ فَقْرِهِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنْ مَاتَ الْوَاقِفُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فِي عَدَمِ تَكَرُّرِ الْفِدَاءِ) أَيْ وَمُشَارَكَةُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الثَّانِي وَمَنْ بَعْدَهُ لِلْأَوَّلِ فِي الْقِيمَةِ إنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

بِأَنَّ هَذَا تَوْجِيهٌ لِمَا نَصُّوا عَلَيْهِ مِنْ وَقْفِيَّةِ مَا بَنَى فِي الْجُدْرَانِ، وَلَا يَلْزَمُ أَنَّ كُلَّ مَا وُجِدَ فِيهِ مَعْنَى التَّوْجِيهِ يَثْبُتُ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَبَعِيَّةِ الْأَرْضِ لِهَذَا الشَّيْءِ الْيَسِيرِ اسْتِتْبَاعُهَا لِأَمْرٍ خَطِيرٍ إذْ الْيَسِيرُ عُهِدَ فِيهِ التَّبَعِيَّةُ كَثِيرًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ وَقْفِهِ مِنْ جِهَةِ مُشْتَرِيهِ) أَيْ: الْحَاكِمِ وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ لِلشِّهَابِ حَجّ، لَكِنْ ذَاكَ إنَّمَا عَبَّرَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ خِلَافًا هَلْ الْمُشْتَرِي الْحَاكِمُ أَوْ النَّاظِرُ؟ فَعَبَّرَ هُنَا بِمَا ذُكِرَ لِيَنْزِلَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَقِبَهُ كَمَا أَشَرْتُ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْقَاضِي أَقَمْتُهُ مَقَامَهُ مَحَلُّ نَظَرٍ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَقَالَ الْقَاضِي: أَوْ يَقُولُ أَقَمْتُهُ مَقَامَهُ وَنَظَرَ غَيْرُهُ فِيهِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَتْ مِلْكَ أَحَدٍ) أَيْ: مِنْ جِهَةِ

ص: 393

أَحْكَامِهَا، فَإِنْ مَاتَ الْوَاقِفُ ثُمَّ جَنَى فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَالْحُرِّ الْمُعْسِرِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا مِنْ كَسْبِ الرَّقِيقِ وَلَا مِنْ تَرِكَةِ الْوَاقِفِ وَلَوْ مَاتَ الْجَانِي بَعْدَ الْجِنَايَةِ لَمْ يَسْقُطْ الْفِدَاءُ.

(وَلَوْ)(جَفَّتْ الشَّجَرَةُ) الْمَوْقُوفَةُ أَوْ قَلَعَهَا نَحْوُ رِيحٍ أَوْ زَمِنَتْ الدَّابَّةُ (لَمْ يَنْقَطِعْ الْوَقْفُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَإِنْ امْتَنَعَ وَقْفُهَا ابْتِدَاءً لِقُوَّةِ الدَّوَامِ (بَلْ يُنْتَفَعُ بِهَا جِذْعًا) بِإِجَارَةٍ وَغَيْرِهَا (وَقِيلَ تُبَاعُ) لِتَعَذُّرِ الِانْتِفَاعِ عَلَى وَفْقِ شَرْطِ الْوَاقِفِ (وَالثَّمَنُ) الَّذِي بِيعَتْ بِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (كَقِيمَةِ الْعَبْدِ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الِانْتِفَاعُ بِهَا إلَّا بِاسْتِهْلَاكِهَا بِإِحْرَاقٍ وَنَحْوِهِ صَارَتْ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، لَكِنَّهَا لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ بَلْ يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهَا كَأُمِّ الْوَلَدِ وَلَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ، لَكِنَّ اقْتِصَارَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ كَالْحَاوِي الصَّغِيرِ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تَصِيرُ مِلْكًا بِحَالٍ، وَاعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ: إنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلدَّلِيلِ وَكَلَامِ الْجُمْهُورِ، وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَنَافٍ بِسَبَبِ الْقَوْلِ بِعَدَمِ بُطْلَانِ الْوَقْفِ مَعَ كَوْنِهِ مِلْكًا لِأَنَّ مَعْنَى عَوْدِهِ مِلْكًا أَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَوْ بِاسْتِهْلَاكِ عَيْنِهِ كَالْإِحْرَاقِ، وَمَعْنَى عَدَمِ بُطْلَانِ الْوَقْفِ أَنَّهُ مَا دَامَ بَاقِيًا لَا يَفْعَلُ بِهِ مَا يَفْعَلُ بِسَائِرِ الْأَمْلَاكِ مِنْ بَيْعٍ وَنَحْوِهِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ مَوْقُوفًا فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ وَصَارَ الرِّيعُ لَا يَفِي بِالْأُجْرَةِ أَوْ يَفِي بِهَا فَقَطْ أَفْتَى ابْنُ الْأُسْتَاذِ بِأَنَّهُ لَا يُلْتَحَقُ بِمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَمْ تَفِ بِأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَ الْجَانِي) أَيْ الْعَبْدُ الْمَوْقُوفُ الْجَانِي إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَسْقُطْ الْفِدَاءُ) أَيْ عَنْ السَّيِّدِ وَلَا عَنْ بَيْتِ الْمَالِ.

(قَوْلُهُ: الْمَوْقُوفَةُ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يُوجَدُ مِنْ الْأَشْجَارِ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَمْ يُعْرَفْ هَلْ هُوَ وَقْفٌ أَوْ لَا مَاذَا يَفْعَلُ فِيهِ إذَا جَفَّ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ غَرْسِهِ فِي الْمَسْجِدِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الصُّلْحِ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ غَرْسِ الشَّجَرِ فِي الْمَسْجِدِ إذَا غَرَسَهُ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَّهُ لَوْ غَرَسَهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْمَسْجِدِ، وَحَيْثُ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ فَيُحْتَمَلُ جَوَازُ بَيْعِهِ وَصَرْفُ ثَمَنِهِ عَلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِهِ جَافًّا، وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُ صَرْفِ ثَمَنِهِ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ خَاصَّةً، وَلَعَلَّ هَذَا الثَّانِيَ أَقْرَبُ لِأَنَّ وَاقِفَهُ إنْ وَقَفَهُ وَقْفًا مُطْلَقًا وَقُلْنَا بِصَرْفِ ثَمَنِهِ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ فَالْمَسْجِدُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ وَقْفُهُ عَلَى خُصُوصِ الْمَسْجِدِ امْتَنَعَ صَرْفُهُ لِغَيْرِهِ فَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ جَوَازُ صَرْفِهِ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ مُحَقَّقٌ، بِخِلَافِ صَرْفِهِ لِمَصَالِحِ غَيْرِهِ مَشْكُوكٌ فِي جَوَازِهِ فَيُتْرَكُ لِأَجْلِ الْمُحَقَّقِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ زَمِنَتْ) مِنْ بَابِ تَعِبَ يُقَالُ زَمِنَ زَمَنًا وَزَمَانَةً وَهُوَ مَرَضٌ يَدُومُ زَمَانًا طَوِيلًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ امْتَنَعَ وَقْفُهَا ابْتِدَاءً) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا مَنْفَعَةٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَلَا لِغَيْرِهِ تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ بَلْ كَانَ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِإِحْرَاقِهَا.

(قَوْلُهُ: صَارَتْ مِلْكًا) لَوْ أَمْكَنَ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ بَيْعُهَا وَأَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا وَاحِدَةً مِنْ جِنْسِهَا أَوْ شِقْصًا اتَّجَهَ وُجُوبُ ذَلِكَ لَا يُقَالُ: الْفَرْضُ تَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهَا لِأَنَّهَا مُنْتَفَعٌ بِهَا بِاسْتِهْلَاكِهَا فَيَصِحُّ بَيْعُهَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ. اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا لَا تُبَاعُ) أَيْ مَعَ صَيْرُورَتِهَا مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ.

وَالْحَاصِلُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ حَيْثُ تَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ بِهَا مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي وُقِفَتْ عَلَيْهَا صَارَتْ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهَا كَانْتِفَاعِ الْمُلَّاكِ بِغَيْرِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ الِانْتِفَاعُ بِهَا مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي قُصِدَتْ بِالْوَقْفِ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ، بَلْ يَنْتَفِعُ بِهَا مِنْ الْجِهَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ.

(قَوْلُهُ: لَا يَفِي بِالْأُجْرَةِ) وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ هَلْ يُجْبَرُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ عَلَى وَضْعِ مَا يَفِي بِأُجْرَتِهِ أَوْ يُخَيَّرُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ قَلْعِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ إزَالَةً لِضَرَرِ صَاحِبِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْوَقْفِيَّةِ، وَقَوْلُهُ: حَتَّى تَنْتَقِلَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى: أَيْ: بِجِهَةِ الْوَقْفِيَّةِ وَإِلَّا فَكُلُّ شَيْءٍ مِلْكٌ لَهُ تَعَالَى عَلَى الْإِطْلَاقِ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ) يَعْنِي الْأَوَّلَ، وَأَرَادَ بِذَلِكَ الْجَوَابَ عَنْ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ إنَّ عَوْدَهُ مِلْكًا مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُبْطِلُ

ص: 394

بِاسْتِهْلَاكِهِ: أَيْ بِإِحْرَاقٍ وَنَحْوِهِ فَيُقْلَعُ وَيُنْتَفَعُ بِعَيْنِهِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا صَرَفَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا مَرَّ.

نَعَمْ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْغِرَاسُ مِمَّا لَا يُنْتَفَعُ بِعَيْنِهِ بَعْدَ الْقَلْعِ وَانْتَهَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَاخْتَارَ الْمُؤَجِّرُ قَلْعَهُ فَيَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّةِ الْوَقْفِ ابْتِدَاءً مَمْنُوعٌ لِمَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ وَقْفِ الرَّيَاحِينِ الْمُغْرَسَةِ وَعَلَّلَ بِكَوْنِهِ يَبْقَى مُدَّةً.

(وَالْأَصَحُّ جَوَازُ)(بَيْعِ حُصْرِ الْمَسْجِدِ إذَا بَلِيَتْ وَجُذُوعُهُ إذَا انْكَسَرَتْ) أَوْ أَشْرَفَتْ عَلَى الِانْكِسَارِ (وَلَمْ تَصْلُحْ إلَّا لِلْإِحْرَاقِ) لِئَلَّا تَضِيعَ فَتَحْصِيلٌ يَسِيرٌ مِنْ ثَمَنِهَا يَعُودُ عَلَى الْوَقْفِ أَوْلَى مِنْ ضَيَاعِهَا وَاسْتَثْنَيْت مِنْ بَيْعِ الْوَقْفِ لِصَيْرُورَتِهَا كَالْمَعْدُومَةِ، وَيُصْرَفُ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ ثَمَنُهَا إنْ لَمْ يُمْكِنْ شِرَاءُ حَصِيرٍ أَوْ جِذْعٍ بِهِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا تَبْقَى أَبَدًا، وَانْتَصَرَ لَهُ جَمْعٌ نَقْلًا وَمَعْنًى، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْمَوْقُوفَةِ وَلَوْ بِأَنْ اشْتَرَاهَا النَّاظِرُ وَوَقَفَهَا، بِخِلَافِ الْمَمْلُوكَةِ لِلْمَسْجِدِ بِنَحْوِ شِرَاءٍ فَإِنَّهَا تُبَاعُ جَزْمًا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ تَصْلُحْ إلَى آخِرِهِ مَا لَوْ أَمْكَنَ اتِّخَاذُ نَحْوِ أَلْوَاحٍ مِنْهُ فَلَا تُبَاعُ قَطْعًا بَلْ يَجْتَهِدُ الْحَاكِمُ وَيَسْتَعْمِلُهُ فِيمَا هُوَ أَقْرَبُ لِمَقْصُودِ الْوَاقِفِ، حَتَّى لَوْ أَمْكَنَ اسْتِعْمَالُهُ بِإِدْرَاجٍ فِي آلَاتِ الْعِمَارَةِ امْتَنَعَ بَيْعُهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَدْ تَقُومُ قِطْعَةُ جِذْعٍ مَقَامَ آجُرَّةٍ وَالنُّحَاتَةُ مَقَامَ التُّرَابِ وَتَخْتَلِطُ بِهِ: أَيْ فَيَقُومُ مَقَامَ التِّبْنِ الَّذِي يُخْلَطُ الطِّينُ بِهِ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَجْرَيَا الْخِلَافَ فِي دَارٍ مُنْهَدِمَةٍ أَوْ مُشْرِفَةٍ عَلَى الِانْهِدَامِ وَلَمْ تَصْلُحْ لِلسُّكْنَى، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْمَسْجِدِ وَاَلَّتِي عَلَى غَيْرِهِ، وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ الرَّاجِحَ مَعَ بَيْعِهَا سَوَاءٌ أُوقِفَتْ عَلَى الْمَسْجِدِ أَمْ عَلَى غَيْرِهِ.

قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّ مَنْعَ بَيْعِهَا هُوَ الْحَقُّ، وَلِأَنَّ جَوَازَهُ يُؤَدِّي إلَى مُوَافَقَةِ الْقَائِلِينَ بِالِاسْتِبْدَالِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ عَلَى الْبِنَاءِ خَاصَّةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ بِقَوْلِهِ وَجِدَارُ دَارِهِ الْمُنْهَدِمِ وَهَذَا الْحَمْلُ أَسْهَلُ مِنْ تَضْعِيفِهِ (وَلَوْ)(انْهَدَمَ مَسْجِدًا وَتَعَذَّرَتْ إعَادَتُهُ)(لَمْ يُبَعْ بِحَالٍ) لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهِ حَالًّا بِالصَّلَاةِ فِي أَرْضِهِ، وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ وُقِفَ فَرَسٌ عَلَى الْغَزْوِ فَكَبِرَ وَلَمْ يَصْلُحْ حَيْثُ جَازَ بَيْعُهُ.

نَعَمْ لَوْ خِيفَ عَلَى نَقْضِهِ نَقَضَ وَحُفِظَ لِيُعَمِّرَ بِهِ مَسْجِدًا آخَرَ إنْ رَآهُ الْحَاكِمُ، وَالْأَقْرَبُ أَوْلَى لَا نَحْوَ بِئْرٍ وَرِبَاطٍ مَا لَمْ يَتَعَذَّرْ نَقْلُهُ لِمَسْجِدٍ آخَرَ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ تَعَيُّنَ مَسْجِدٍ خُصَّ بِطَائِفَةٍ خُصَّ بِهَا الْمُنْهَدِمُ إنْ وُجِدَ وَإِنْ بَعُدَ، أَمَّا رِيعُ الْمَسْجِدِ الْمُنْهَدِمِ فَقَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّهُ إنْ تَوَقَّعَ عَوْدُهُ حُفِظَ لَهُ، وَهُوَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَإِلَّا فَإِنْ أَمْكَنَ صَرْفُهُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ صُرِفَ إلَيْهِ، وَبِهِ جَزَمَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْأَرْضِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّانِي أَقْرَبُ.

(قَوْلُهُ: وَوَقْفُهَا) قَيْدٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ شِرَاءٍ) وَلَوْ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ حَيْثُ لَمْ تُوقَفْ مِنْ النَّاظِرِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُبَاعُ جَزْمًا) أَيْ وَتُصْرَفُ عَلَى مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ وَلَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهَا فِي شِرَاءِ حُصُرٍ بَدَلَهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْبِنَاءِ خَاصَّةً) أَيْ دُونَ الْأَرْضِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا.

(قَوْلُهُ: لِيُعَمِّرَ بِهِ مَسْجِدًا آخَرَ إنْ رَآهُ الْحَاكِمُ) أَيْ وَيَصْرِفُ لِلثَّانِي جَمِيعَ مَا كَانَ يُصْرَفُ لِلْأَوَّلِ مِنْ الْغَلَّةِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ بِالْأَوْلَى مَا لَوْ أَكَلَ الْبَحْرُ الْمَسْجِدَ فَتُنْقَلُ أَنْقَاضُهُ لِمَحَلٍّ آخَرَ وَيُفْعَلُ بِغَلَّتِهِ مَا ذُكِرَ، وَمِثْلُ الْمَسْجِدِ أَيْضًا غَيْرُهُ مِنْ الْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ وَأَضْرِحَةِ الْأَوْلِيَاءِ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِمْ، فَيَنْقُلُ الْوَلِيُّ مِنْهَا إلَى غَيْرِهَا لِلضَّرُورَةِ، وَيُصْرَفُ عَلَى مَصَالِحِهِ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا كَانَ يُصْرَفُ عَلَيْهِ فِي مَحَلِّهِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ) أَيْ الْمَسْجِدُ الْأَقْرَبُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لَا نَحْوُ بِئْرٍ وَرِبَاطٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَا مَوْقُوفَيْنِ (قَوْلُهُ: خُصَّ بِهَا الْمُنْهَدِمُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَعُدَ) أَيْ وَلَوْ بِبَلَدٍ آخَرَ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَ صَرْفُهُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ) أَيْ قَرِيبٌ مِنْهُ انْتَهَى شَرْحُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْوَقْفَ مُشْكِلٌ. (قَوْلُهُ: فَيُقْلَعُ وَيُنْتَفَعُ بِعَيْنِهِ) أَرَادَ بِذَلِكَ إفَادَةَ الْحُكْمِ بِتَمَامِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا قَبْلَهُ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: فَيَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّةِ الْوَقْفِ) كَأَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ أَرَادَ الْوَقْفَ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَاسْتِحْقَاقِ الْقَلْعِ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ:: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ تَعَيُّنَ مَسْجِدٍ خُصَّ بِطَائِفَةٍ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ مِثْلُهُ تَعَيُّنُ نَقْضِ الْجَامِعِ لِجَامِعٍ لَا لِمَسْجِدٍ غَيْرِ جَامِعٍ؟

ص: 395

فِي الْأَنْوَارِ، وَإِلَّا فَمُنْقَطِعُ الْآخِرِ فَيُصْرَفُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا صُرِفَ إلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ.

أَمَّا غَيْرُ الْمُنْهَدِمِ فَمَا فَضَلَ مِنْ غَلَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَى مَصَالِحِهِ يَشْتَرِي بِهَا عَقَارٌ وَيُوقَفُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ عَلَى عِمَارَتِهِ يَجِبُ ادِّخَارُهُ لِأَجْلِهَا: أَيْ إنْ تَوَقَّعْت عَنْ قُرْبٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَإِلَّا لَمْ يَعُدْ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَجْلِهَا لِأَنَّهُ يُعْرَضُ لِلضَّيَاعِ أَوْ لِظَالِمٍ يَأْخُذُهُ وَلَوْ وَقَفَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ فَتَعَذَّرَتْ وَانْحَصَرَ النَّقْعُ فِي الْغَرْسِ أَوْ الْبِنَاءِ فَعَلَ النَّاظِرُ أَحَدَهُمَا أَوْ آجَرَهَا كَذَلِكَ، وَقَدْ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ لِتُزْرَعَ حِنَّاءً فَآجَرَهَا النَّاظِرُ لِتُغْرَسَ كَرْمًا بِأَنَّهُ يَجُوزُ إذَا ظَهَرَتْ

الْمَصْلَحَةُ

وَلَمْ يُخَالِفْ شَرْطَ الْوَاقِفِ انْتَهَى.

لَا يُقَالُ: هَذَا مُخَالِفٌ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ لِتُزْرَعَ حِنَّاءً مُتَضَمِّنٌ لِاشْتِرَاطِ أَنْ لَا يَزْرَعَ غَيْرُهُ، لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَنْطُوقِ، عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ فِي مَسْأَلَتِنَا أَنَّ الضَّرُورَةَ أَلْجَأَتْ إلَى الْغَرْسِ أَوْ الْبِنَاءِ وَمَعَ الضَّرُورَةِ مُخَالَفَةُ شَرْطِ الْوَاقِفِ جَائِزَةٌ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ تَعْطِيلَ وَقْفِهِ وَثَوَابِهِ، وَمَسْأَلَةُ الْبُلْقِينِيِّ لَيْسَ فِيهَا ضَرُورَةٌ فَاحْتَاجَ إلَى التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ مُخَالَفَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ، وَعِمَارَةُ الْوَقْفِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَيُصْرَفُ رِيعُ مَا وُقِفَ عَلَى الْمَسْجِدِ وَقْفًا مُطْلَقًا أَوْ عَلَى عِمَارَتِهِ فِي بِنَاءٍ وَتَجْصِيصٍ مُحْكَمٍ وَسُلَّمٍ وَبَوَارِي لِلتَّظْلِيلِ بِهَا وَمَكَانِسَ وَمَسَاحِي لِنَقْلِ التُّرَابِ وَظُلَّةٍ تَمْنَعُ إفْسَادَ خَشَبِ بَابٍ وَنَحْوِهِ بِمَطَرٍ وَنَحْوِهِ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْمَارَّةِ وَأُجْرَةِ قَيِّمٍ لَا مُؤَذِّنٍ وَإِمَامٍ وَحُصْرٍ وَدُهْنٍ؛ لِأَنَّ الْقَيِّمَ يَحْفَظُ الْعِمَارَةَ، بِخِلَافِ الْبَاقِي فَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ لِمَصَالِحِهِ صَرَفَ مِنْ رِيعِهِ لِمَنْ ذُكِرَ لَا فِي تَزْوِيقٍ وَنَقْشٍ بَلْ لَوْ وَقَفَ عَلَيْهَا لَمْ يَصِحَّ.

وَهَذَا الْمَذْكُورُ مِنْ عَدَمِ صَرْفِ ذَلِكَ لِلْمُؤَذِّنِ وَالْإِمَامِ فِي الْوَقْفِ الْمُطْلَقِ هُوَ مُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ، لَكِنَّهُ نَقَلَ بَعْدَهُ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يَصْرِفُ لَهُمَا كَمَا فِي الْوَقْفِ عَلَى مَصَالِحِهِ وَكَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ لِلْمَسْجِدِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ الْحُصْرِ وَالدُّهْنِ بِهِمَا فِي ذَلِكَ، وَلِأَهْلِ الْوَقْفِ الْمُهَايَأَةُ لَا قِسْمَتُهُ وَلَوْ إفْرَازًا وَلَا تَغْيِيرُهُ كَجَعْلِ الْبُسْتَانِ دَارًا وَعَكْسُهُ مَا لَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ الْعَمَلَ

بِالْمَصْلَحَةِ

فَيَجُوزُ تَغْيِيرُهُ بِحَسَبِهَا، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَاَلَّذِي أَرَاهُ تَغْيِيرَهُ فِي غَيْرِهِ وَلَكِنْ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا لَا يُغَيِّرُ مُسَمَّاهُ، وَأَنْ لَا يُزِيلَ شَيْئًا مِنْ عَيْنِهِ بَلْ يَنْقُلُهُ مِنْ جَانِبٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَنْهَجٍ وَبَقِيَ: مَا لَوْ كَانَ ثَمَّ مَسَاجِدُ مُتَعَدِّدَةٌ وَاسْتَوَى قُرْبُهُ مِنْ الْجَمِيعِ هَلْ يُوَزَّعُ عَلَى الْجَمِيعِ أَوْ يُقَدَّمُ الْأَحْوَجُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، فَلَوْ اسْتَوَتْ الْحَاجَةُ وَالْقُرْبُ جَازَ صَرْفُهُ لِوَاحِدٍ مِنْهَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ) عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ تَقْدِيمُ الْمَصَالِحِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يُعِدَّ) أَيْ يَدَّخِرْ.

قَالَ حَجّ: بَلْ يُشْتَرَى بِهِ عَقَارٌ أَوْ نَحْوُهُ. انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: وَتَجْصِيصٍ) وَمِنْهُ الْبَيَاضُ الْمَعْرُوفُ.

(قَوْلُهُ: لَا مُؤَذِّنٍ وَإِمَامٍ) ضَعِيفٌ.

(قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ وَقَفَ عَلَيْهَا) الْأَوْلَى عَلَيْهِمَا: أَيْ التَّزْوِيقُ وَالنَّقْشُ (قَوْلُهُ: لَا قِسْمَتُهُ) هُوَ وَاضِحٌ إنْ حَصَلَ بِالْقِسْمَةِ تَغْيِيرٌ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ الْوَقْفُ كَجَعْلِ الدَّارِ الْكَبِيرَةِ دَارَيْنِ، أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ حُصُولِهِ كَأَنْ تَرَاضَوْا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَأْخُذُ دَارًا يَنْتَفِعُ بِهَا مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِهِ فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ مَتَى شَاءَ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ صُورَةِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: لَا يُغَيِّرُ مُسَمَّاهُ) مِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ مُطَهَّرَةَ مَسْجِدٍ مُجَاوِرَةٍ لِشَارِعٍ مِنْ شَوَارِعِ الْمُسْلِمِينَ آلَتْ لِلسُّقُوطِ وَلَيْسَ فِي الْوَقْفِ مَا تَعْمُرُ بِهِ فَطَلَبَ شَخْصٌ أَنْ يَعْمُرَهَا مِنْ مَالِهِ بِشَرْطِ تَرْكِ قِطْعَةٍ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي كَانَتْ حَامِلَةً لِلْجِدَارِ لِتَتَّسِعَ الطَّرِيقُ فَظَهَرَتْ

الْمَصْلَحَةُ

فِي ذَلِكَ خَوْفًا مِنْ انْهِدَامِهَا وَعَدَمِ مَا تَعْمُرُ بِهِ هَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ أَمْ لَا، وَهُوَ الْجَوَازُ نَظَرًا لِلْمَصْلَحَةِ الْمَذْكُورَةِ.

وَفِي حَجّ: فَرْعٌ: فِي فَتَاوَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يَجُوزُ إيقَادُ الْيَسِيرِ فِي الْمَسْجِدِ الْخَالِي لَيْلًا تَعْظِيمًا لَهُ لَا نَهَارًا لِلسَّرَفِ وَالتَّشْبِيهِ بِالنَّصَارَى، وَفِي الرَّوْضَةِ يَحْرُمُ إسْرَاجُ الْخَالِي، وَجُمِعَ بِحَمْلِ هَذَا عَلَى مَا إذَا سَرَّجَ مِنْ وَقْفِ الْمَسْجِدِ أَوْ مِلْكِهِ، وَالْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا تَبَرَّعَ بِهِ مَنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ بَلْ الَّذِي يُتَّجَهُ الْجَمْعُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا تَوَقَّعَ وَلَوْ عَلَى نُدُورِ احْتِيَاجِ أَحَدٍ لِمَا فِيهِ مِنْ النُّورِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 396