المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) في بيان أنواع من الإقرار - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٥

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الشِّرْكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ جَوَازِ الْوَكَالَةِ وَمَا تَنْفَسِخُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌[فَصْلٌ فِي صِيغَةِ الْإِقْرَارُ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوط الْمُقَرِّ بِهِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةُ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ جَوَازِ الْعَارِيَّةِ وَمَا لِلْمُعِيرِ

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْغَصْبِ وَانْقِسَامِ الْمَغْصُوبِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَضَمَانِ الْمَغْصُوبِ]

- ‌فَصْلٌ) فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَةٍ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَدَلِ الشِّقْصِ الَّذِي يُؤْخَذُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الْقِرَاضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْعَاقِدَيْنِ وَأَحْكَامِ الْقِرَاضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ وَلُزُومِ الْمُسَاقَاةِ وَهَرَبِ الْعَامِلِ

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَنَافِعَ يَمْتَنِعُ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ لِعَقَارٍ أَوْ دَابَّةٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ غَايَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي تُقَدَّرُ بِهَا الْمَنْفَعَةُ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَرْضِ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِهِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لقط الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَمَلُّكِ وَغُرْم اللُّقَطَةَ]

- ‌ كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَرِقِّهِ وَاسْتِلْحَاقِهِ

- ‌كِتَابُ الْجَعَالَةِ

الفصل: ‌(فصل) في بيان أنواع من الإقرار

أَنَّ نِيَّةَ الْمَعِيَّةِ تُفِيدُ مَعْنًى زَائِدًا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ الَّتِي هِيَ صَرِيحُ اللَّفْظِ لَمَا أَخْرَجَهُ عَنْ مَدْلُولِهِ الصَّرِيحِ إلَى غَيْرِهِ، وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنَّ الْعَشَرَةَ مُبْهَمَةٌ كَالْأَلْفِ فِي أَلْفٍ وَدِرْهَمٍ بِالْأُولَى.

أَجَابَ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الْعَطْفَ فِي هَذِهِ يَقْتَضِي مُغَايَرَةَ الْأَلْفِ لِلدَّرَاهِمِ فَبَقِيَتْ عَلَى إبْهَامِهَا بِخِلَافِهِ فِي دِرْهَمٍ فِي عَشَرَةٍ. وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْعَشَرَةَ هُنَا عُطِفَتْ تَقْدِيرًا عَلَى مُبَيَّنٍ فَتَخَصَّصَتْ بِهِ إذْ الْأَصْلُ مُشَارَكَةُ الْمَعْطُوفِ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَثُمَّ الْمُبَيَّنُ عَلَى الْأَلْفِ فَلَمْ يُخَصِّصْهَا، وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ قَضِيَّةَ أَلْفٍ فِي أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ تَكُونُ الْعَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَكَلَامُهُمْ يَأْبَاهُ، فَالْأَوْجَهُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ فِي الظَّرْفِيَّةَ الْمُقْتَرِنَةَ بِنِيَّةِ الْمَعِيَّةِ إشْعَارًا بِالتَّجَانُسِ وَالِاتِّحَادِ لِاجْتِمَاعِ أَمْرَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا مُقَرِّبٌ لِذَلِكَ، بِخِلَافِ أَلْفٍ وَدِرْهَمٍ فَإِنَّ فِيهِ مُجَرَّدَ الْعَطْفِ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي بِمُفْرَدِهِ صَرْفَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ عَنْ إبْهَامِهِ الَّذِي هُوَ مَدْلُولُ لَفْظِهِ، وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِنِيَّتِهِ بِذَلِكَ إرَادَةُ مَعَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ لَهُ وَجَرَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَعَلَيْهِ فَلَا يُرَدُّ شَيْءٌ مِنْ الْإِشْكَالَيْنِ، وَلَا حَاجَةَ لِتِلْكَ الْأَجْوِبَةِ لَوْلَا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا مُجَرَّدَ مَعْنَى مَعَ عَشَرَةٍ فَعَلَيْهِ يُرَدُّ الْإِشْكَالَانِ وَيَحْتَاجُ إلَى الْجَوَابِ عَنْهُمَا بِمَا ذُكِرَ (أَوْ) أَرَادَ (الْحِسَابَ) وَعَرَّفَهُ (فَعَشَرَةٌ) لِأَنَّهَا مُوجِبَةٌ، فَإِنْ لَمْ يُعَرِّفْهُ فَدِرْهَمٌ وَإِنْ قَصَدَ مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُرِدْ الْمَعِيَّةَ وَلَا الْحِسَابَ بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ أَرَادَ الظَّرْفَ (فَدِرْهَمٌ) لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ.

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ

وَفِي بَيَانِ الِاسْتِثْنَاءِ

(قَالَ لَهُ عِنْدِي سَيْفٌ فِي غِمْدٍ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ غِلَافُهُ (أَوْ ثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ) أَوْ زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ أَوْ ثَمَرَةٌ عَلَى شَجَرَةٍ (لَا يَلْزَمُهُ الظَّرْفُ) لِمُغَايَرَتِهِ لِلْمَظْرُوفِ وَمُعْتَمَدُ الْإِقْرَارِ عَلَى الْيَقِينِ، وَهَكَذَا كُلُّ ظَرْفٍ وَمَظْرُوفٍ لَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ بِأَحَدِهِمَا إقْرَارًا بِالْآخَرِ (أَوْ غِمْدٌ فِيهِ سَيْفٌ أَوْ صُنْدُوقٌ فِيهِ ثَوْبٌ لَزِمَهُ الظَّرْفُ وَحْدَهُ) دُونَ الْمَظْرُوفِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ بَلْ أَرَادَ ضَمَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَجَابَ عَنْهُ) أَيْ أَصْلِ الْإِشْكَالِ بِنَوْعَيْهِ.

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ

(قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَاَلَّذِي يُفْعَلُ بِالْمُمْتَنِعِ مِنْ التَّفْسِيرِ (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا كُلُّ ظَرْفٍ وَمَظْرُوفٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الظَّرْفُ خُلُقِيًّا لِلْمَظْرُوفِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَ جَارِيَةٍ فِي بَطْنِهَا حَمْلٌ إلَخْ، وَمِنْهُ مَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِنَوًى فِي تَمْرٍ أَوْ طَلْعٍ فِي كُوزٍ فَيَكُونُ إقْرَارًا بِالْمَظْرُوفِ دُونَ الظَّرْفِ لِجَوَازِ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِهِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الظَّرْفُ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي سَيْفٌ بِغِمْدِهِ أَوْ ثَوْبٌ بِصُنْدُوقٍ هَلْ يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ كَمَا لَوْ قَالَ دَابَّةٌ بِسَرْجِهَا أَوْ لَا؟

ــ

[حاشية الرشيدي]

مَا يَرُدُّ بِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ جَوَابٌ ثَالِثٌ لِلشِّهَابِ الْمَذْكُورِ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ صَدْرُهُ، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ عَقِبَ الْجَوَابِ الثَّانِي نَصُّهَا: وَفِيهِ نَظَرٌ وَتَكَلُّفٌ، وَلَيْسَتْ الْوَاوُ بِمَعْنَى مَعَ بَلْ تَحْتَمِلُهَا وَغَيْرَهَا.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَعَ دِرْهَمٍ صَرِيحٌ فِي الْمُصَاحَبَةِ الصَّادِقَةِ بِدِرْهَمٍ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِلُزُومِ الدِّرْهَمِ الثَّانِي بَلْ وَلَا إشَارَةَ إلَيْهِ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: الْوَجْهُ التَّعْوِيلُ عَلَى جَوَابِ السُّبْكِيّ لِظُهُورِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ، وَكَلَامُهُمْ لَا يُنَافِيهِ بَلْ قَوَاعِدُهُمْ تَقْتَضِيهِ قَطْعًا وَدَعْوَى أَنَّ كَلَامَهُمْ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ قَطْعًا أَوْ أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي خِلَافِهِ لَا أَثَرَ لَهُ، بَلْ كَلَامُهُمْ مَعَ مُلَاحَظَةِ الْمَعْنَى وَقَوَاعِدُهُمْ لَا يَكُونُ ظَاهِرًا فِي خِلَافِهِ بَلْ لَا يَكُونُ إلَّا ظَاهِرًا فِيهِ فَأَحْسِنْ التَّأَمُّلَ اهـ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ]

ص: 94

لِمَا مَرَّ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَهُ عِنْدِي جَارِيَةٌ فِي بَطْنِهَا حَمْلٌ أَوْ خَاتَمٌ فِيهِ أَوْ عَلَيْهِ فَصٌّ أَوْ دَابَّةٌ فِي حَافِرِهَا نَعْلٌ أَوْ قُمْقُمَةٌ عَلَيْهَا عُرْوَةٌ أَوْ فَرَسٌ عَلَيْهَا سَرْجٌ لَزِمَتْهُ الْجَارِيَةُ وَالدَّابَّةُ وَالْقُمْقُمَةُ وَالْفَرَسُ لَا الْحَمْلُ وَالنَّعْلُ وَالْعُرْوَةُ وَالسَّرْجُ، وَلَوْ عَكَسَ انْعَكَسَ الْحُكْمُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي جَارِيَةٌ وَأَطْلَقَ وَكَانَتْ حَامِلًا.

لَمْ يَدْخُلْ الْحَمْلُ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ كَمَا مَرَّ، وَرُبَّمَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ لَهُ دُونَ الْحَمْلِ بِأَنْ كَانَ مُوصَى بِهِ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّابَّةُ لِفُلَانٍ إلَّا حَمْلَهَا صَحَّ، وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكهَا إلَّا حَمْلَهَا فَلَا وَالشَّجَرَةُ كَالْجَارِيَةِ وَالثَّمَرَةُ كَالْحَمْلِ فِيمَا ذُكِرَ، وَلَوْ قَالَ: عِنْدِي خَاتَمٌ دَخَلَ فِي الْإِقْرَارِ فَصُّهُ لِتَنَاوُلِ الْخَاتَمِ لَهُ فَلَوْ ادَّعَى عَدَمَ إرَادَتِهِ الْفَصَّ لَمْ يُقْبَلْ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ بَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ (أَوْ) قَالَ: لَهُ عِنْدِي (عَبْدٌ عَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَضَمِّهَا (لَمْ تَلْزَمْهُ الْعِمَامَةُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِمَا مَرَّ، وَالثَّانِي تَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَهُ عَلَى مَلْبُوسِهِ يَدٌ وَيَدُهُ كَيَدِ سَيِّدِهِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ فَكَذَا الْإِقْرَارُ.

وَضَابِطُ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ أَنَّ كُلَّ مَا دَخَلَ فِي مُطْلَقِ الْبَيْعِ دَخَلَ هُنَا وَمَا لَا فَلَا، إلَّا الثَّمَرَةُ غَيْرُ الْمُؤَبَّرَةِ وَالْحَمْلُ وَالْجِدَارُ فَيَدْخُلُ ثُمَّ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِيهِ عَلَى الْعُرْفِ لَا هُنَا (أَوْ) لَهُ عِنْدِي (دَابَّةٌ بِسَرْجِهَا) أَوْ عَبْدٌ بِعِمَامَتِهِ (أَوْ ثَوْبٌ مُطَرَّزٌ) بِالتَّشْدِيدِ (لَزِمَهُ الْجَمِيعُ) إذْ الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ نَحْوُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ أَيْ مَعَهُ، وَالطِّرَازُ جُزْءٌ مِنْ الثَّوْبِ بِاعْتِبَارِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ يَلْزَمُهُ الْمَظْرُوفُ فَقَطْ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَابَّةٍ بِسَرْجِهَا بِأَنَّ الْبَاءَ إذَا دَخَلَتْ عَلَى الظَّرْفِ كَانَتْ فِي اسْتِعْمَالِهِمْ بِمَعْنَى فِي كَثِيرًا فَتُحْمَلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِمُغَايَرَتِهِ (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ حَامِلًا) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حَائِلًا كَانَ الْحَمْلُ الْحَادِثُ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ وَرُبَّمَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ إلَخْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ دُخُولِ الْحَمْلِ بَيْنَ الْمَوْجُودِ وَالْحَادِثِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِحَمْلِ جَارِيَةٍ ثُمَّ مَاتَ كَانَ حَمْلُهَا لِلْمُوصَى لَهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ، مِثْلُ مَا ذُكِرَ يَأْتِي فِي الثَّمَرَةِ مَعَ الشَّجَرَةِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ مُغَايَرَةِ الظَّرْفِ لِلْمَظْرُوفِ (قَوْلُهُ: أَنَّ كُلَّ مَا دَخَلَ فِي مُطْلَقِ الْبَيْعِ إلَخْ) قَضِيَّةُ تَخْصِيصِ الِاسْتِثْنَاءِ بِمَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَرْضٍ أَوْ سَاحَةٍ أَوْ بُقْعَةٍ وَفِيهَا شَجَرٌ أَوْ حَجَرٌ حَيٌّ مُثْبَتٌ أَوْ سَاقِيَّةٌ أَوْ وَتَدٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مُنْفَصِلٍ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ نَفْعٌ مُتَّصِلٌ دَخَلَ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ لَيْسَتْ مِنْ مُسَمَّى الْأَرْضِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الدُّخُولِ (قَوْلُهُ: وَالْحَمْلُ وَالْجِدَارُ) أَيْ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَرْضٍ أَوْ سَاحَةٍ أَوْ بُقْعَةٍ أَمَّا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِدَارٍ أَوْ بَيْتٍ دَخَلَتْ الْجُدْرَانُ لِأَنَّهَا مِنْ مُسَمَّاهُمَا (قَوْلُهُ: أَوْ عَبْدٌ بِعِمَامَتِهِ) قِيَاسُهُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي جَارِيَةٌ بِحَمْلِهَا أَوْ خَاتَمٌ بِفَصِّهِ إلَى آخِرِ الصُّوَرِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ ثَوْبٌ مُطَرَّزٌ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يُخَاطُ عَلَى كَتِفِ الثَّوْبِ مَثَلًا لِلزِّينَةِ مِنْ قِطَعِ الْحَرِيرِ وَنَحْوِهَا.

قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَهَلْ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الطِّرَازُ بِالْإِبْرَةِ نَظَرًا لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى الثَّوْبِ عَارِضٌ لَهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ.

وَلَعَلَّ تَرَدُّدَهُ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ طِرَازٌ دُونَ الْمُطَرَّزِ فَإِنَّ دُخُولَ الْحَرِيرِ فِي الْمُطَرَّزِ بِالْإِبْرَةِ إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي ثَوْبٌ مُطَرَّزٌ أَوْ لِي مِنْ قِطَعِ الْحَرِيرِ الْمَخِيطَةِ عَلَى الْكَتِفِ، هَذَا وَلَوْ أَقَرَّ بِثَوْبٍ ثُمَّ أَحْضَرَ ثَوْبًا فِيهِ طِرَازٌ وَقَالَ لَمْ أُرِدْ الطِّرَازَ فَفِي سم عَلَى حَجّ أَنَّ مُقْتَضَى مَا قِيلَ فِيمَا لَوْ قَالَ عِنْدِي خَاتَمٌ ثُمَّ أَحْضَرَ خَاتَمًا بِهِ فَصٌّ وَقَالَ: لَمْ أُرِدْ الْفَصَّ، مَنْ عَدِمَ الْقَبُولَ فِيهِ عَدِمَ الْقَبُولَ هُنَا.

أَقُولُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَاتَمِ حَيْثُ دَخَلَ فَصُّهُ فِيمَا لَوْ قَالَ عِنْدِي خَاتَمٌ إلَخْ بِأَنَّ الْفَصَّ جُزْءٌ مِنْ الْخَاتَمِ، بِخِلَافِ الطِّرَازِ فَإِنَّهُ عَارِضٌ بَعْدَ تَمَامِ صَنَعْتِهِ، وَالْفَصُّ إنَّمَا يُتَّخَذُ فِي الْخَاتَمِ عِنْدَ صَوْغِهِ إذَا لَمْ يُعْهَدْ اتِّخَاذُ الْخَاتَمِ بِلَا فَصٍّ ثُمَّ يُرَكَّبُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الثَّوْبِ (قَوْلُهُ: إذْ الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ) وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: بِخِلَافِ مَا لَوْ أَتَى بِمَعَ: أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ سِوَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ الْجَارِيَةُ وَالدَّابَّةُ إلَخْ) أَسْقَطَ ذِكْرَ الْخَاتَمِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ (قَوْلُهُ: إلَّا الثَّمَرَةَ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ وَالْحَمْلَ إلَخْ) وَلَا يُرَدُّ خَاتَمٌ فِيهِ فَصٌّ وَإِنْ أَوْرَدَهُ السُّبْكِيُّ حَيْثُ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ لَا هُنَا؛ أَنَّ الْكَلَامَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ

ص: 95

لَفْظِهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْوَاقِعِ مُرَتَّبًا عَلَيْهِ، وَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ إلْحَاقِ عَلَيْهِ طِرَازٌ بِمَا ذُكِرَ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الْمُلَقِّنِ إذْ هُوَ عَلَيْهِ كَعَلَيْهِ ثَوْبٌ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي هَذَا الْكِيسِ لَزِمَهُ أَلْفٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ لِاقْتِضَاءِ عَلَى اللُّزُومَ وَلَا نَظَرَ إلَى مَا عَقَّبَ بِهِ، فَإِنْ وُجِدَ فِيهِ دُونَ الْأَلْفِ لَزِمَهُ تَمَامُ الْأَلْفِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ فَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ، فَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ الْأَلْفُ الَّذِي فِي الْكِيسِ فَلَا تَتْمِيمَ لَوْ نَقَصَ، وَلَا غُرْمَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ بِشَيْءٍ فِي ذِمَّتِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَفَرْقٌ أَيْضًا بَيْنَ الْمُنَكَّرِ وَالْمُعَرَّفِ بِأَنَّ الْإِخْبَارَ عَنْ الْمُنَكَّرِ الْمَوْصُوفِ فِي قُوَّةِ خَبَرَيْنِ فَأَمْكَنَ قَبُولُ أَحَدِهِمَا وَإِلْغَاءُ الْآخَرِ، وَالْإِخْبَارُ عَنْ الْمُعَرَّفِ الْمَوْصُوفِ يَعْتَمِدُ الصِّفَةَ فَإِذَا كَانَتْ مُسْتَحِيلَةً بَطَلَ الْخَبَرُ كُلُّهُ.

(وَلَوْ)(قَالَ) ابْنٌ حَائِزٍ مَثَلًا لِزَيْدٍ (فِي مِيرَاثِ أَبِي أَلْفٌ فَهُوَ إقْرَارٌ)(عَلَى أَبِيهِ بِدَيْنٍ) لِإِضَافَةِ جَمِيعِ التَّرِكَةِ الْمُضَافَةِ إلَى الْأَبِ دُونَهُ، وَهَذَا وَاضِحٌ فِي تَعَلُّقِ الْمَالِ بِجَمِيعِهَا وَضْعًا تَعَلُّقًا يَمْنَعُهُ مِنْ تَمَامِ التَّصَرُّفِ فِيهَا، وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا الدَّيْنُ فَانْدَفَعَ بِالتَّعَلُّقِ بِالْجَمِيعِ احْتِمَالُ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالثُّلُثِ وَاحْتِمَالُ نَحْوِ الرَّهْنِ عَنْ دَيْنِ الْغَيْرِ، وَوَجْهُ انْدِفَاعِ هَذَا أَنَّ الرَّهْنَ عَنْ دَيْنِ الْغَيْرِ لَا يُتَصَوَّرُ عُمُومُهُ لَهَا مِنْ حَيْثُ الْوَضْعُ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِنَا وَضْعًا مُفَارَقَةُ ذَلِكَ قَوْلَهُ لَهُ فِي هَذَا الْعَبْدِ أَلْفٌ حَيْثُ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ مِنْهُ بِنَحْوِ جِنَايَةٍ أَوْ رَهْنٍ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْوَارِثِ هُنَا ظَاهِرٌ فِي التَّعْلِيقِ بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا لَا بِالنَّظَرِ لِزِيَادَةِ مَا ذُكِرَ عَلَيْهَا أَوْ نَقْصِهِ عَنْهَا وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ إلَّا فِي نَحْوِ الدَّيْنِ، بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ وَالرَّهْنِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ فِي الْمَوْجُودِ بِقَدْرِهِ مِنْهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا نَظَرَ هُنَا لِتَفْسِيرِهِ مَا يَعُمُّ الْمِيرَاثَ وَلَا ثَمَّ إلَى تَفْسِيرِهِ بِمَا يَخُصُّ الْبَعْضَ كُلَّهُ فِي هَؤُلَاءِ أَلْفٌ وَفَسَّرَهَا بِجِنَايَةِ أَحَدِهِمْ (وَلَوْ)(قَالَ) لَهُ (فِي مِيرَاثِي مِنْ أَبِي) أَلْفٌ أَوْ نِصْفُهُ وَلَمْ يُرِدْ الْإِقْرَارَ وَلَمْ يَأْتِ بِنَحْوِ عَلَيَّ (فَهُوَ وَعْدُ هِبَةٍ) بِأَنْ يَهَبَهُ أَلْفًا لِإِضَافَتِهِ الْمِيرَاثَ لِنَفْسِهِ، وَهُوَ يَقْتَضِي عُرْفًا عَدَمَ تَعَلُّقِ دَيْنٍ بِهَا، وَمَا يَكُونُ مُضَافًا لَهُ يَمْتَنِعُ الْإِقْرَارُ بِهِ لِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ فِي مَالِي لِزَيْدٍ فَجَعَلَ جُزْءًا لَهُ مِنْهُ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِالْهِبَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَخَرَجَ بَعْضُهُمْ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ إقْرَارٌ مِنْ نَصِّهِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ لَهُ فِي مَالِي أَلْفٌ إقْرَارٌ رُدَّ بِأَنَّهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: مُرَتَّبًا) عِبَارَةُ حَجّ مُرَكَّبًا عَلَيْهِ وَهِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ) لَكِنْ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ الطِّرَازَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ الثَّوْبِ وَلَا كَذَلِكَ الثَّوْبُ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَبْدِ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ الطِّرَازِ وَفِي حَجّ إسْقَاطٌ عَلَيْهِ وَهُوَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: الَّذِي فِي الْكِيسِ) هِيَ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ، فَلَوْ أَسْقَطَهَا وَقَالَ الْأَلْفُ فِي الْكِيسِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ الْفَرْقُ الْآتِي، وَفِي حَجّ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: دُونَهُ) أَيْ الِابْنِ وَقَوْلُهُ وَهَذَا وَاضِحٌ أَيْ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: يَمْنَعُهُ) أَيْ الِابْنُ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ انْدِفَاعِ هَذَا) أَيْ الِاحْتِمَالِ (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ الْوَضْعُ) أَيْ وَإِنْ أَمْكَنَ عُمُومُهُ مِنْ حَيْثُ الِانْحِصَارُ بِأَنْ تَكُونَ تَرِكَةُ الْأَبِ الْعَبْدَ الْمَرْهُونَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: مُفَارَقَةُ ذَلِكَ قَوْلَهُ) أَيْ الْوَارِثِ أَوْ الْمُقِرِّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ) يُتَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ هُنَا: أَيْ فِي مِيرَاثِ الْحَائِزِ، وَقَوْلُهُ ثَمَّ: أَيْ نَحْوُ: لَهُ فِي هَذَا الْعَبْدِ أَلْفٌ وَتَوْضِيحُ الْمَقَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّأَمُّلِ أَنَّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ وَدَيْنَ الرَّهْنِ يَتَعَلَّقَانِ بِجَمِيعِ الْمَرْهُونِ وَالْجَانِي لَا بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: فَجُعِلَ جُزْءٌ لَهُ) أَيْ لِغَيْرِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ الْمِيرَاثِ (قَوْلُهُ: رُدَّ بِأَنَّهُ) أَيْ مَا قِيلَ إنَّهُ نَصٌّ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي هَذَا الْكِيسِ إلَخْ) هَذَا لَا مُنَاسَبَةَ لَهُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِظَرْفٍ لَا يَلْزَمُهُ مَظْرُوفُهُ وَعَكْسُهُ، فَلَعَلَّهُ إنَّمَا أَوْرَدَهُ هُنَا لِمُطْلَقِ مُنَاسَبَةِ أَنَّ فِيهِ صُورَةَ الظَّرْفِ وَالْمَظْرُوفِ

(قَوْلُهُ: أَوْ نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ مِيرَاثِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ) أَيْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي مَسْأَلَتَيْ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: رُدَّ) يَعْنِي التَّخْرِيجَ لَا قَوْلَ الشَّارِحِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُخْبِرُ عَنْهُ فِي الْعِبَارَةِ، وَكَانَ حَقُّ التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ قَالَ الشَّارِحُ وَخَرَجَ بَعْضُهُمْ إلَخْ، ثُمَّ يَقُولُ وَهَذَا

ص: 96

قَوْلٌ مَرْجُوحٌ، بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ مِنْ خَطِّ النَّاسِخِ، وَرُبَّمَا أَوَّلُوهُ عَلَى مَا إذَا أَتَى بِالْتِزَامٍ كَعَلَيَّ فِي مَالِي.

وَمَحَلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ مَا يُشِيرُ إلَيْهِ مَا إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ دَرَاهِمَ وَإِلَّا فَهُوَ كُلُّهُ فِي هَذَا الْعَبْدِ أَلْفٌ فَيُعْمَلُ بِتَفْسِيرِهِ.

أَمَّا غَيْرُ الْحَائِزِ إذَا كَذَّبَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ فَيَتَعَلَّقُ فِي الْأُولَى بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَقَطْ.

وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ الْإِقْرَارَ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ أَتَى بِنَحْوِ عَلِيَّ كَانَ إقْرَارًا كَمَا فِي الشَّرْحَ الصَّغِيرِ وَلَوْ أَقَرَّ فِي الْأُولَى بِجُزْءٍ شَائِعٍ صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى وَصِيَّةٍ قِبَلَهَا وَأُجِيزَتْ إنْ زَادَتْ عَلَى الثُّلُثِ وَلَا يَنْصَرِفُ لِلدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِبَعْضِ التَّرِكَةِ بَلْ بِكُلِّهَا، ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا فَصَلَهُ السُّبْكِيُّ بَيْنَ النِّصْفِ فَهُوَ وَعْدُ هِبَةٍ وَالثُّلُثُ فَإِقْرَارٌ بِوَصِيَّةِ بِهِ.

(وَلَوْ)(قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ)(لَزِمَهُ دِرْهَمٌ) وَاحِدٌ وَإِنْ كَرَّرَهُ أُلُوفًا فِي مَجَالِسَ لِاحْتِمَالِهِ التَّأْكِيدَ مَعَ انْتِفَاءِ مَا يَصْرِفُهُ عَنْهُ وَأَخَذَ مِنْ ذَلِكَ رَدَّ مَا سَيَأْتِي فِي الطَّلَاقِ مَعَ رَدِّهِ أَيْضًا مِنْ تَقْيِيدِ إفَادَةِ التَّأْكِيدِ بِثَلَاثٍ فَمَا دُونَهَا (فَإِنْ قَالَ وَدِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ) لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايِرَةُ وَثُمَّ كَالْوَاوِ، وَأَمَّا الْفَاءُ فَالنَّصُّ فِيهَا لُزُومُ دِرْهَمٍ مَا لَمْ يَرِدْ الْعَطْفُ لِمَجِيئِهَا كَثِيرًا لِلتَّفْرِيعِ وَتَزْيِينِ اللَّفْظِ وَمُقْتَرِنَةً بِجَزَاءٍ حُذِفَ شَرْطُهُ: أَيْ فَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ دِرْهَمٌ يَلْزَمُنِي لَهُ فَتَعَيَّنَ الْقَصْدُ فِيهَا كَسَائِرِ الْمُشْتَرَكَاتِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الطَّلَاقِ طَلْقَتَانِ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ، وَهُوَ أَقْوَى مَعَ تَعَلُّقِهِ بِالْأَبْضَاعِ الَّتِي مَبْنَاهَا عَلَى الِاحْتِيَاطِ، وَالْأَوْجَهُ فِي بَلْ اعْتِبَارُ قَصْدِ الِاسْتِئْنَافِ فِيهَا وَأَنَّ مُجَرَّدَ إرَادَةِ الْعَطْفِ بِهَا لَا يُلْحِقُهَا بِالْفَاءِ لِأَنَّهَا مَعَ قَصْدِ الْعَطْفِ لَا تُنَافِي قَوْلَهُمْ فِيهَا لَا يَلْزَمُ مَعَهَا إلَّا وَاحِدٌ لِاحْتِمَالِ قَصْدِهِ الِاسْتِدْرَاكَ فَيَذْكُرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَيُعِيدُ الْأَوَّلَ (وَلَوْ) (قَالَ) :(لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ)(لَزِمَهُ بِالْأَوَّلَيْنِ دِرْهَمَانِ) لِمَكَانِ الْوَاوِ كَمَا مَرَّ (وَأَمَّا الثَّالِثُ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ التَّأْكِيدَ الثَّانِيَ) بِعَاطِفِهِ (لَمْ يَجِبْ بِهِ شَيْءٌ) كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا (وَإِنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ لَزِمَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ كَوْنُ قَوْلِهِ: لَهُ فِي مِيرَاثِي مِنْ أَبِي إلَخْ وَعُدَّ هِبَةً كَمَا يُعْلَمُ مِنْ حَجّ (قَوْلُهُ: فَيُعْمَلُ بِتَفْسِيرِهِ) الْمُرَادُ أَنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا بِدَيْنٍ مُتَعَلِّقٍ بِالتَّرِكَةِ وَيُطْلَبُ تَفْسِيرُهُ مِنْهُ فَإِنَّ فَسَّرَهُ بِنَحْوِ جِنَايَةٍ قُبِلَ (قَوْلُهُ وَحُمِلَ عَلَى وَصِيَّةٍ) أَيْ صَدَرَتْ مِنْ أَبِيهِ وَقَوْلُهُ قَبِلَهَا: أَيْ الْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ: وَأُجِيزَتْ) هَذَا الْحَمْلُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ ثَمَّ وَصَايَا بِالثُّلُثِ غَيْرَ هَذِهِ لَمْ تُشَارِكْ الْمُقَرَّ لَهُ فِي الْجُزْءِ الَّذِي عُيِّنَ لَهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ قَوْلِهِ لَهُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا حَيْثُ لَمْ يُشَارِكْهُ غَيْرُهُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ تَقْيِيدٍ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا مِنْ قَوْلِهِ مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فَتَعَيَّنَ الْقَصْدُ) أَيْ تَوَقَّفَ اللُّزُومُ فِيهَا عَلَى قَصْدِ الْعَطْفِ، وَقَوْلُهُ فِيهَا: أَيْ الْفَاءِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الطَّلَاقِ) أَيْ وَهُوَ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ) هَذَا قَدْ يُخَالِفُ مَا اسْتَوْجَهَهُ فِيمَا لَوْ قَالَ كَذَا بَلْ كَذَا مِنْ التَّعَدُّدِ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ ثَمَّ بِإِرَادَةِ الِاسْتِئْنَافِ إلَّا أَنْ يَحْمِلَ مَا تَقَدَّمَ عَلَى إرَادَةِ ذَلِكَ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارُ قَصْدِ الِاسْتِئْنَافِ) أَيْ فَلَا يَتَكَرَّرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَوْ إرَادَةِ الْعَطْفِ (قَوْلُهُ: لَا يَلْحَقُهَا بِالْفَاءِ) أَيْ بِحَيْثُ يَتَكَرَّرُ الدِّرْهَمُ بَلْ لَا يَلْزَمُهُ مَعَ ذَلِكَ إلَّا وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: فَيَذْكُرُ) أَيْ يَتَذَكَّرُ (قَوْلُهُ: وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ) أَيْ أَوْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلَ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِكُلِّ وَاحِدٍ تَأْكِيدَ مَا يَلِيه قُبِلَ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ تَأْكِيدَ مَا لَا يَلِيه أَوْ الِاسْتِئْنَافَ أَوْ أَطْلَقَ تَعَدَّدَ (قَوْلُهُ: لِمَكَانٍ) أَيْ لِوُجُودٍ (قَوْلُهُ: بِعَاطِفِهِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

التَّخْرِيجُ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يَعْنِي مَا نُسِبَ لِلنَّصِّ فِي لَهُ فِي مَالِي (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ الْأَخِيرَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: فَيَتَعَلَّقُ فِي الْأُولَى بِقَدْرِ حِصَّتِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَيَغْرَمُ فِي الْأُولَى قَدْرَ حِصَّتِهِ فَقَطْ عَلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِهَا وَفِي بَعْضِهَا كَالشَّارِحِ.

قَالَ الشِّهَابُ سم: الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ مَا سَيَأْتِي فِي الْفَائِدَةِ الْآتِيَةِ آخِرَ الْفَصْلِ بِقَوْلِهِ فَمِنْ فُرُوعِهَا هُنَا إقْرَارُ بَعْضِ الْوَرَثَةِ عَلَى التَّرِكَةِ بِدَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَيَشِيعُ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ إلَّا قِسْطُهُ مِنْ حِصَّةِ التَّرِكَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ دِرْهَمٌ يَلْزَمُنِي) هَذَا بَيَانٌ لِمَعْنَى التَّفْرِيعِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَعْنَى الْجَزَاءِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ حَجّ فِي تُحْفَتِهِ وَلَفْظُهُ: إنْ أَرَدْت مَعْرِفَةَ مَا يَلْزَمُنِي بِهَذَا الْإِقْرَارِ فَهُوَ دِرْهَمٌ اهـ.

وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ

ص: 97

ثَالِثٌ، وَكَذَا إنْ نَوَى تَأْكِيدَ الْأَوَّلِ) بِالثَّالِثِ لِمَنْعِ الْفَصْلِ وَالْعَاطِفِ مِنْهُ (أَوْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ) إذْ الْعَطْفُ ظَاهِرٌ فِي الْمُغَايَرَةِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِيهِمَا يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ فِي قَوْلِهِ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ مَعْطُوفٌ عَلَى الْأَوَّلِ فَامْتَنَعَ تَأْكِيدُهُ، وَهُنَا الثَّالِثُ مَعْطُوفٌ عَلَى الثَّانِي عَلَى رَأْيٍ فَأَمْكَنَ أَنْ يُؤَكِّدَ الْأَوَّلَ بِهِ، وَلَوْ عَطَفَ بِثُمَّ فِي الثَّالِثِ كَقَوْلِهِ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِ حَرْفِ الْعَطْفِ فِي الْمُؤَكَّدِ وَالْمُؤَكِّدِ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمٌ أَوَّلًا بَلْ دِرْهَمٌ أَوْ لَكِنْ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمَانِ أَوْ لَا بَلْ دِرْهَمَانِ أَوْ لَكِنْ دِرْهَمَانِ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ، وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ تَعْيِينِ الدِّرْهَمَيْنِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْجِنْسُ، فَإِنْ عَيَّنَهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ كَهَذَا الدِّرْهَمِ بَلْ هَذَانِ الدِّرْهَمَانِ أَوْ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِينَارٌ لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فِي الْأَوَّلِ وَدِرْهَمٌ وَدِينَارٌ فِي الثَّانِي لِعَدَمِ دُخُولِ مَا قَبْلَ بَلْ فِيمَا بَعْدَهَا وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ، وَكَاخْتِلَافِ الْجِنْسِ اخْتِلَافُ النَّوْعِ وَالصِّفَةِ أَوْ لَهُ عِنْدِي دِرْهَمَانِ بَلْ دِرْهَمٌ أَوْ لَا بَلْ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ أَوْ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمَانِ فَثَلَاثَةٌ أَوْ دِرْهَمٌ مَعَ أَوْ فَوْقَ أَوْ تَحْتَ دِرْهَمٍ أَوْ مَعَهُ أَوْ فَوْقَهُ أَوْ تَحْتَهُ دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَرَادَ مَعَ أَوْ فَوْقَ أَوْ تَحْتَ دِرْهَمٌ لِي أَوْ مَعَهُ أَوْ فَوْقَهُ أَوْ تَحْتَهُ دِرْهَمٌ لِي أَوْ يُرِيدُ فَوْقَهُ فِي الْجَوْدَةِ وَتَحْتَهُ فِي الرَّدَاءَةِ وَمَعَهُ فِي أَحَدِهِمَا وَيَلْزَمُهُ فِي عَلَيَّ دِرْهَمٌ قَبْلَ أَوْ بَعْدَ دِرْهَمٍ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ دِرْهَمٌ دِرْهَمَانِ لِاقْتِضَاءِ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ الْمُغَايَرَةَ وَتَعَذَّرَ التَّأْكِيدُ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْفَوْقِيَّةِ وَالتَّحْتِيَّةِ وَبَيْنَ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ بِأَنَّهُمَا يَرْجِعَانِ إلَى الْمَكَانِ فَيَتَّصِفُ بِهِمَا نَفْسُ الدِّرْهَمِ، وَالْقَبْلِيَّةُ وَالْبَعْدِيَّةُ يَرْجِعَانِ إلَى الزَّمَانِ فَلَمْ يَتَّصِفْ بِهِمَا نَفْسُ الدِّرْهَمِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَمْرٍ يَرْجِعُ إلَيْهِ التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ وَلَيْسَ إلَّا الْوُجُوبُ عَلَيْهِ.

(وَمَتَى)(أَقَرَّ بِمُبْهَمٍ) وَلَمْ تُمْكِنْ مَعْرِفَتُهُ بِغَيْرِ مُرَاجَعَتِهِ (كَشَيْءٍ وَثَوْبٍ وَطُولِبَ بِالْبَيَانِ) لِمَا أَبْهَمَهُ (فَامْتَنَعَ)(فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُحْبَسُ) لِامْتِنَاعِهِ مِمَّا وَجَبَ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ طُولِبَ وَارِثُهُ وَتُوقَفُ جَمِيعُ التَّرِكَةِ وَلَوْ فِيمَا يُقْبَلُ فِيهِ التَّفْسِيرُ بِغَيْرِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ احْتِيَاطًا لِحَقِّ الْغَيْرِ، وَسُمِعَتْ الدَّعْوَى هُنَا بِالْمَجْهُولِ وَالشَّهَادَةِ بِهِ لِلضَّرُورَةِ إذْ لَا يُتَوَصَّلُ لِمَعْرِفَتِهِ إلَّا بِسَمَاعِهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ الْمَجْهُولِ مِنْ غَيْرِهِ كَأَنْ أَحَالَهُ عَلَى مَعْرُوفٍ كَزِنَةِ هَذِهِ الصَّنْجَةِ أَوْ مَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ أَوْ ذَكَرَ مَا يُمْكِنُ اسْتِخْرَاجُهُ بِالْحِسَابِ وَإِنْ دَقَّ لَمْ تُسْمَعْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ بَلْ أَرَادَ تَأْكِيدَ الثَّانِي مُجَرَّدًا عَنْ عَاطِفِهِ وَجَبَ ثَالِثٌ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمُؤَكَّدَ حِينَئِذٍ زَائِدٌ عَلَى الْمُؤَكِّدِ فَأَشْبَهَ تَوْكِيدَ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي (قَوْلُهُ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَتَعَدَّدُ إنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ بِبَلْ فَلَعَلَّ مَا هُنَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَوْ إرَادَةِ الْعَطْفِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا بَلْ دِرْهَمَانِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ فِي إقْرَارِهِ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ لَا بَلْ إلَخْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذِكْرِ لَا وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ) الْأَنْسَبُ بِمَا مَرَّ لَزِمَهُ الثَّلَاثَةُ الْمُعَيَّنَةُ فِي الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: فَالصَّحِيحُ) لَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مُقَابِلَ الصَّحِيحِ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَالثَّانِي لَا يُحْبَسُ لِإِمْكَانِ حُصُولِ الْغَرَضِ بِدُونِ الْحَبْسِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُحْبَسُ) هَلَّا قَالَ يُعَزَّرُ بِحَبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ لِيَشْمَلَ كُلَّ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّعْزِيرُ مِنْ ضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ.

وَقَدْ يُقَالُ: وَجْهُ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْحَبْسِ أَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ: طُولِبَ وَارِثُهُ) قَضِيَّةُ اقْتِصَارِهِ عَلَى مُطَالَبَةِ الْوَارِثِ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ لَمْ يُحْبَسْ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ وَارِثًا عِلْمُهُ بِمُرَادِ مُوَرِّثِهِ وَالْمُقَرُّ لَهُ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَى حَقِّهِ بِأَنْ يَذْكُرَ قَدْرًا بِهِ وَيَدَّعِي، فَإِنْ امْتَنَعَ الْوَارِثُ مِنْ الْحَلِفِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مُرَادُ الْمُوَرِّثِ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ رُدَّتْ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ فَيَحْلِفُ وَيَقْضِي بِمَا ادَّعَاهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ لَهُ مَا يُصَرِّحُ بِهِ وَبَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ الْوَارِثُ وَلَا الْمُقَرُّ لَهُ شَيْئًا لِعَدَمِ عِلْمِهِمَا بِمَا أَرَادَهُ الْمُقِرُّ فَمَاذَا يُفْعَلُ فِي التَّرِكَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَجْبُرُهُمَا عَلَى الِاصْطِلَاحِ عَلَى شَيْءٍ لِيَنْفَكَّ التَّعَلُّقُ بِالتَّرِكَةِ إذَا كَانَ ثَمَّ دُيُونٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِهَا وَطَلَبَهَا أَرْبَابُهَا (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ الْمُقِرِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ دَقَّ) أَيْ قَلَّ جِدًّا

ــ

[حاشية الرشيدي]

الشَّرْحِ مِنْ النُّسَّاخِ

(قَوْلُهُ: كَزِنَةِ هَذِهِ الصَّنْجَةِ) أَيْ: مِنْ الذَّهَبِ مَثَلًا كَمَا فِي التُّحْفَةِ، فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِي مِثْلِ مَا فِي يَدِ

ص: 98

وَلَمْ يُحْبَسْ، وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ الْمَجْنُونِ بِالْغَائِبِ، وَقَدْ نَقَلَ الْهَرَوِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِيهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مِقْدَارًا وَيَحْلِفَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَنَّ الْمُقِرَّ أَرَادَهُ بِإِقْرَارِهِ وَيَأْخُذَهُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي اشْتِرَاطِ الْحَلِفِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَهُ بِإِقْرَارِهِ.

(وَلَوْ)(بَيَّنَ) الْمُقِرُّ إقْرَارَهُ الْمُبْهَمَ تَبْيِينًا صَحِيحًا (وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ) فِي ذَلِكَ (فَلْيُبَيِّنْ) الْمُقَرُّ لَهُ جِنْسَ الْحَقِّ وَقَدْرَهُ وَصِفَتَهُ (وَلْيَدَّعِ) بِهِ إنْ شَاءَ (وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ فِي نَفْيِهِ) أَيْ مَا ادَّعَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ ثُمَّ إنْ ادَّعَى بِزَائِدٍ عَلَى الْمُبَيَّنِ مِنْ جِنْسِهِ كَأَنْ بَيَّنَ بِمِائَةٍ وَادَّعَى بِمِائَتَيْنِ فَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَى إرَادَةِ الْمِائَةِ ثَبَتَتْ وَحَلَفَ الْمُقِرُّ عَلَى نَفْي الزِّيَادَةِ، وَإِنْ قَالَ: بَلْ أَرَدْت الْمِائَتَيْنِ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ إرَادَتِهِمَا وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى مِائَةٌ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُمَا لَا أَنَّهُ أَرَادَهُمَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يُثْبِتُ حَقًّا وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ، وَبِهِ فَارَقَ حَلِفَ الزَّوْجَةِ أَنَّ زَوْجَهَا أَرَادَ الطَّلَاقَ بِالْكِنَايَةِ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ يُثْبِتُ الطَّلَاقَ، أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَأَنْ بَيَّنَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَادَّعَى بِمِائَةِ دِينَارٍ فَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَى إرَادَةِ الدَّرَاهِمِ أَوْ كَذَّبَهُ فِي إرَادَتِهَا وَقَالَ: إنَّمَا أَرَدْت الدَّنَانِيرَ فَإِنْ وَافَقَهُ عَلَى أَنَّ الدَّرَاهِمَ عَلَيْهِ ثَبَتَتْ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهَا وَإِلَّا بَطَلَ الْإِقْرَارُ بِهَا وَكَانَ مُدَّعِيًا لِلدَّنَانِيرِ فَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ عَلَى نَفْيِهَا، وَكَذَا عَلَى نَفْي إرَادَتِهَا فِي صُورَةِ التَّكْذِيبِ.

(وَلَوْ)(أَقَرَّ بِأَلْفٍ) فِي يَوْمٍ (ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ فِي يَوْمٍ آخَرَ)(لَزِمَهُ أَلْفٌ فَقَطْ) وَلَوْ كَتَبَ بِكُلِّ وَثِيقَةٍ مَحْكُومًا بِهَا لِأَنَّهُ إخْبَارٌ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَعَدُّدِهِ تَعَدُّدُ الْمَخْبَرِ عَنْهُ إلَّا إذَا عَرَضَ مَا يَمْنَعُ مِنْهُ، وَلَا يُرَدُّ ذَلِكَ عَلَى قَاعِدَةِ أَنَّ النَّكِرَةَ إذَا أُعِيدَتْ كَانَتْ غَيْرَ الْأُولَى لِأَنَّ هَذَا مَعَ كَوْنِهِ مُخْتَلِفًا فِيهِ غَيْرُ مُشْتَهِرٍ وَلَا مُطَّرِدٍ، إذْ كَثِيرٌ مَا تُعَادُ وَهِيَ عَيْنُ الْأُولَى كَمَا فِي نَحْوِ {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84] فَلَمْ يُعْمَلْ بِقَضِيَّتِهَا لِذَلِكَ وَبِفَرْضِ تَسْلِيمِ اطِّرَادِهَا فَصَرَفَ عَنْ ذَلِكَ قَاعِدَةَ الْبَابِ وَهُوَ الْأَخْذُ بِالْيَقِينِ مَعَ الِاعْتِضَادِ بِالْأَصْلِ وَهُوَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِمَّا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ.

(وَلَوْ)(اخْتَلَفَ الْقَدْرُ) كَأَنْ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ فِي يَوْمٍ وَفِي آخَرَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ (دَخَلَ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ قَدْ ذَكَرَ بَعْضَ مَا أَقَرَّ بِهِ (وَلَوْ وَصَفَهُمَا بِصِفَتَيْنِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَلَمْ يُحْبَسْ) هُوَ ظَاهِرٌ مَا دَامَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَاقِيًا فَلَوْ تَلِفَتْ الصَّنْجَةُ أَوْ مَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ هَلْ يُحْبَسُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ إقْرَارَهُ صَحِيحٌ وَتَعَذَّرَتْ مَعْرِفَةُ الْمُقَرِّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَيُرْجَعُ فِي التَّفْسِيرِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ الْمَجْنُونِ بِالْغَائِبِ) أَيْ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ ثُمَّ جُنَّ أَوْ أَقَرَّ وَهُوَ حَاضِرٌ ثُمَّ سَافَرَ أَوْ فِي سَفَرِهِ ثُمَّ شَهِدَا عَلَيْهِ بِهِ وَأَرَادَ الْمُقَرُّ لَهُ أَخْذَهُ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي اشْتِرَاطِ الْحَلِفِ) أَيْ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ فِي شَيْءٍ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ أَوْ يُفِيقَ الْمَجْنُونُ فَيُبَيِّنُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِهِ، لَكِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَكْفِي تَعَيُّنُهُ وَالْحَلِفُ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ فَيُسَلَّمُ لَهُ مَا يَدَّعِيه، وَعَلَيْهِ فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَفَاقَ الْمَجْنُونُ قُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ إنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مَا ذَكَرَهُ وَأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ بِإِقْرَارِهِ.

(قَوْلُهُ: تَبْيِينًا صَحِيحًا) أَيْ بِأَنْ فَسَّرَ مَا يُقْبَلُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى مِائَةٍ) وَيَكْفِي لَهُمَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ انْتَهَى شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ)(نَكَلَ) أَيْ الْمُقِرُّ (قَوْلُهُ: حَلَفَ) أَيْ الْمُقَرُّ لَهُ (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِكَوْنِهِ إخْبَارًا عَنْ حَقٍّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَ الْإِقْرَارُ بِهَا) أَيْ الدَّرَاهِمِ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ أَقَرَّ بِأَلْفٍ فِي يَوْمٍ آخَرَ لَزِمَهُ) بَقِيَ مَا لَوْ اتَّحَدَ الزَّمَنُ كَأَنْ أَقَرَّ فِي ثَانِيَ عَشَرَ رَبِيعٍ الثَّانِي بِأَنَّهُ أَقْرَضَهُ بِمِصْرَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَلْفًا ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ فِي الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ أَقْرَضَهُ بِمَكَّةَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَلْفًا فَهَلْ يَلْزَمُهُ أَلْفٌ فَقَطْ أَوْ يَلْزَمُهُ الْأَلْفَانِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ يُتَعَذَّرُ الْإِقْرَارُ فِي مِصْرَ وَمَكَّةَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَتَسْقُطُ الْإِضَافَةُ إلَيْهِمَا لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى أَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ، وَالنِّسْبَةُ إلَيْهِمَا مَعًا مُسْتَحِيلَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَتَبَ) غَايَةٌ، وَقَوْلُهُ مَحْكُومًا بِهَا أَيْ فِيهَا بِالْإِقْرَارِ بِالْأَلْفِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

زَيْدٍ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْمِثَالِ بَعْدَهُ

(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا عَرَضَ مَا يَمْنَعُ مِنْهُ) صَوَابُهُ إلَّا إذَا عَرَضَ مَا يَقْتَضِيهِ

ص: 99

مُخْتَلِفَتَيْنِ) تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ كَمِائَةٍ صِحَاحٍ فِي مَجْلِسٍ وَمِائَةٍ مُكَسَّرَةٍ فِي آخَرَ (أَوْ أَسْنَدَهُمَا إلَى جِهَتَيْنِ) كَثَمَنِ مَبِيعٍ مَرَّةً وَبَدَلِ قَرْضٍ أُخْرَى (أَوْ قَالَ: قَبَضْت) مِنْهُ (يَوْمَ السَّبْتِ عَشَرَةً ثُمَّ قَالَ قَبَضْت يَوْمَ الْأَحَدِ عَشَرَةً لَزِمَا) أَيْ الْقَدْرَانِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ لِتَعَذُّرِ اتِّخَاذِهَا، إذْ اخْتِلَافُ الْوَصْفِ أَوْ السَّبَبِ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْمَوْصُوفِ أَوْ الْمُسَبَّبِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَطْلَقَ مَرَّةً وَقَيَّدَ أُخْرَى حُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُهُ.

(وَلَوْ)(قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ كَلْبٍ) مَثَلًا (أَوْ أَلْفٌ)(قَضِيَّته لَزِمَهُ الْأَلْفُ) وَلَوْ كَافِرًا، جَاهِلًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ (فِي الْأَظْهَرِ) إلْغَاءٌ لِآخِرِ لَفْظِهِ الرَّافِعِ لِمَا أَثْبَتَهُ فَأَشْبَهَ عَلَيَّ أَلْفٌ لَا تَلْزَمُنِي، نَعَمْ لَوْ قَالَ: ظَنَنْته يَلْزَمُنِي حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى نَفْيِهِ رَجَاءَ أَنْ تُرَدَّ الْيَمِينُ عَلَيْهِ فَيَحْلِفَ الْمُقِرُّ وَلَا يَلْزَمُهُ، وَلَوْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُقِرِّ، وَإِنْ كَذَّبَهُ وَحَلَفَ لَزِمَهُ الْمُقَرُّ بِهِ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْمُنَافِي فَلَا يَلْزَمُهُ، وَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ فِي حَنَفِيٍّ أَقَرَّ بِأَنَّ لِزَيْدٍ عِنْدَهُ مِائَةً قِيمَةَ نَبِيذٍ أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ لِشَافِعِيٍّ وَقَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ لِانْتِفَاءِ قَصْدِهِ رَفْعُ حُكْمِ الْإِقْرَارِ فَلَيْسَ مُكَذِّبًا لِنَفْسِهِ مَحَلُّ نَظَرٍ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ لَا الْخَصْمِ، وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ فَالْحَاكِمُ الشَّافِعِيُّ يَحْمِلُهُ عَلَى تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ وَيَلْزَمُهُ بِذَلِكَ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْكُلَّ كَلَامٌ وَاحِدٌ فَتُعْتَبَرُ جُمْلَتُهُ وَلَا يَتَبَعَّضُ وَيُفْصَلُ أَوَّلُهُ عَنْ آخِرِهِ، وَعَلَيْهِ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ كَانَ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ مَثَلًا كَذَا لَمْ يَلْزَمْهُ قَطْعًا، وَلَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ سَيُقِرُّ لَهُ بِمَا لَيْسَ عَلَيْهِ فَأَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ كَذَا لَزِمَهُ وَلَمْ يَنْفَعْهُ الْإِشْهَادُ، وَلَوْ قَالَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَلَمْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: تَأْكِيدٌ) أَيْ قَوْلُهُ مُخْتَلِفَتَيْنِ، وَقَوْلُهُ لِمَا قَبْلَهُ: أَيْ قَوْلُهُ بِصِفَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَطْلَقَ) وَمِنْهُ مَا لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ نَذَرَ لَهُ أَلْفًا ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفًا فَيُحْمَلُ الْأَلْفُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ سَوَاءٌ سَبَقَ إقْرَارُهُ بِالْمُقَيَّدِ أَوْ الْمُطْلَقِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَافِرًا) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ كَافِرَيْنِ بِعِلْمِنَا بِالتَّعَامُلِ بِالْخَمْرِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبِاعْتِقَادِهِمْ حِلَّهُ، وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ لُزُومِ الْأَلْفِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ نَكَحَهَا بِخَمْرٍ فِي الْكُفْرِ وَأُقْبَضَهُ لَهَا ثُمَّ أَسْلَمَا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ.

لِأَنَّا نَقُولُ: الْقَرِينَةُ مُخَصِّصَةٌ وَمُقْتَضَاهَا عَدَمُ اللُّزُومِ فَلَيْسَ هُوَ مِنْ تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ، وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِهَذَا التَّوَقُّفِ عَنْ سم فِي قَوْلِهِ قَدْ يُقَالُ اعْتِبَارُ عَقِيدَةِ الْحَاكِمِ إلَخْ (قَوْلُهُ: جَاهِلًا) سَيَأْتِي مَا يُفِيدُ قَبُولَ ذَلِكَ مِنْهُ لَوْ قَطَعَ بِصِدْقِهِ كَكَوْنِهِ بَدَوِيًّا جِلْفًا فَمَا هُنَا مَحَلُّهُ حَيْثُ لَا يُذْكَرُ مَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ) أَيْ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ قَصْدِهِ) أَيْ الْحَنَفِيِّ (قَوْلُهُ: مَحَلُّ نَظَرٍ) قَدْ يُقَالُ اعْتِبَارُ عَقِيدَةِ الْحَاكِمِ لَا يُنَافِيه الْعَمَلُ بِالْقَرِينَةِ، لَكِنَّ قَضِيَّتَهُ عَدَمُ اللُّزُومِ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ كَافِرًا أَيْضًا لِلْقَرِينَةِ وَهُوَ وَجِيهٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ الْمُقَابِلِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ قَطْعًا: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا، وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ سم مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْفَعْهُ الْإِشْهَادُ) وَخَرَجَ بِالْإِشْهَادِ مَا لَوْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ حِينَ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عِنْدَهُ شَيْئًا ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ بِشَيْءٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّ مُضِيَّ زَمَنٍ يُمْكِنُ لُزُومُ ذِمَّةِ الْمُقِرِّ بِمَا أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ عَدَمُ مُنَافَاتِهِ تَصْدِيقَ الْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَمْضِ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ) عِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: وَلَوْ قَالَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْته فَلَغْوٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: إذْ اخْتِلَافُ الْوَصْفِ أَوْ السَّبَبِ إلَخْ) كَأَنَّهُ أَدْخَلَ فِي هَذَا تَعْلِيلَ الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ تَوَسُّعًا تَنْزِيلًا لِاخْتِلَافِ الْإِضَافَةِ إلَى الزَّمَنِ مَنْزِلَةَ اخْتِلَافِ الْوَصْفِ

(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَالَ ظَنَنْتُهُ يَلْزَمُنِي) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: نَعَمْ إنْ قَالَ مِنْ نَحْوِ خَمْرٍ وَظَنَنْتُهُ يَلْزَمُنِي (قَوْلُهُ:)(حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ نَفْيِ كَوْنِهِ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْمُنَافِي) اُنْظُرْ مَا وَجْهَ قَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ مَعَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَزِمَهُ الْأَلْفُ بِسَبَبٍ آخَرَ فَهِيَ شَاهِدَةٌ بِنَفْيٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ إلَخْ) أَيْ؛ وَلِأَنَّهُ كَالْكَافِرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَمْرِ مَثَلًا فِيمَا مَرَّ بَلْ أَوْلَى، وَلَعَلَّ هَذَا الْبَاحِثَ يَجْعَلُ الْكَافِرَ مِثْلَهُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَالْحَاكِمُ الشَّافِعِيُّ يَحْمِلُهُ إلَخْ)

ص: 100

يَكُنْ فِي جَوَابِ دَعْوَى فَلَغْوٌ كَمَا مَرَّ لِانْتِفَاءِ إقْرَارِهِ لَهُ حَالًّا بِشَيْءٍ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَقَدْ قَضَيْته بِأَنَّ جُمْلَةَ قَضِيَّتِهِ وَقَعَتْ حَالًّا مُقَيَّدَةً لِعَلَيَّ فَاقْتَضَتْ كَوْنَهُ مُعْتَرَفًا بِلُزُومِهَا إلَى أَنْ يَثْبُتَ الْقَضَاءُ وَإِلَّا فَيَبْقَى اللُّزُومُ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا إشْعَارَ فِيهِ بِلُزُومِ شَيْءٍ حَالًّا أَصْلًا فَكَانَ لَغْوًا، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ لَا بِسُكُونِ الْوَاوِ فَلَغْوٌ لِلشَّكِّ، وَلَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَطْلَقَا قُبِلَا، وَلَا نَظَرَ لِقَوْلِهِ: إنَّهَا مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ، وَلَا يُجَابُ لِتَحْلِيفِ الْمُدَّعِي، وَلِلْحَاكِمِ اسْتِفْسَارُهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُلْزِمِ بِالْأَلْفِ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ أَخَذْتُهُ أَنَا وَفُلَانٌ لَزِمَهُ الْأَلْفُ، وَلَا يُنَافِيه قَوْلُهُمْ لَوْ قَالَ: غَصَبْنَا مِنْ زَيْدٍ أَلْفًا ثُمَّ قَالَ كُنَّا عَشَرَةَ أَنْفُسٍ وَخَالَفَهُ زَيْدٌ صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَتَى هُنَا بِنُونِ الْجَمْعِ الدَّالَّةِ عَلَى مَا وَصَّلَهُ بِهِ فَلَا رَفْعَ فِيهِ (وَلَوْ)(قَالَ) لَهُ عَلَيَّ الْأَلْفُ (مِنْ ثَمَنِ) بَيْعٍ فَاسِدٍ لَزِمَهُ الْأَلْفُ أَوْ مِنْ ثَمَنِ (عَبْدٍ لَمْ أَقْبِضْهُ إذَا سَلَّمَهُ) إلَيَّ (سَلَّمْت) لَهُ الْأَلْفَ وَأَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ الْبَيْعَ وَطَالَبَهُ بِالْأَلْفِ (قُبِلَ) إقْرَارُهُ كَمَا ذُكِرَ (عَلَى الْمَذْهَبِ وَجُعِلَ ثَمَنًا) إذْ الْمَذْكُورُ آخِرًا لَا يَرْفَعُ مَا ذُكِرَ أَوَّلًا، وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِ قَوْلِهِ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ، وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضِ، وَفِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ: وَلَوْ قَالَ: كَانَ عَلَيَّ إلَخْ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَقَدْ قَضَيْتُهُ بِأَنَّ جُمْلَةَ قَضَيْتُهُ وَقَعَتْ حَالًا مُقَيِّدَةً لِعَلَيَّ فَاقْتَضَتْ كَوْنَهُ مُعْتَرِفًا بِلُزُومِهَا إلَى أَنْ يَثْبُتَ الْقَضَاءُ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي اللُّزُومُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا إشْعَارَ فِيهِ بِلُزُومِ شَيْءٍ حَالًا أَصْلًا فَكَانَ لَغْوًا اهـ.

فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ فِي نَفْسِهِ ثُمَّ مَعَ مَسْأَلَةِ الرَّوْضِ الْمَذْكُورَةِ، فَإِنَّ " قَضَيْتُهُ " بِدُونِ الْوَاوِ حَالٌ أَيْضًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هِيَ مَعَ الْوَاوِ أَقْرَبُ لِلْحَالِيَّةِ، لَكِنْ لَيْسَ فِي كَلَامِ م ر قَضَيْتُهُ، وَإِنَّمَا قَالَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَالْفَرْقُ عَلَيْهَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَضَيْته) حَيْثُ لَزِمَهُ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأُولَى هِيَ قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ كَانَ لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِلْحَاكِمِ اسْتِفْسَارُهُمَا) أَيْ فَإِنْ امْتَنَعَا لَمْ يُؤَثِّرْ فِي شَهَادَتِهِمَا فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يَأْتِي بِقَيْدِهِ فِي الشَّهَادَاتِ فِي بَحْثِ الْمُنْتَقِبَةِ وَغَيْرِهَا اهـ حَجّ.

وَقَدْ يُقَالُ بِالتَّأْثِيرِ لِجَوَازِ أَنْ يَعْتَقِدَ لُزُومَهُ بِوَجْهٍ لَا يَرَاهُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْأَلْفُ) أَيْ وَلَا شَيْءَ عَلَى فُلَانٍ (قَوْلُهُ: وَخَالَفَهُ زَيْدٌ) أَيْ فَادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَهُ وَحْدَهُ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ صُدِّقَ الْغَاصِبُ: أَيْ فَيَلْزَمُهُ عُشْرُ الْأَلْفِ (قَوْلُهُ: الدَّالَّةِ عَلَى مَا وَصَلَهُ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ هُنَا أَنَا وَفُلَانٌ أَخَذْنَا مِنْ زَيْدٍ أَلْفًا كَانَ كَالْغَاصِبِ فَيَلْزَمُهُ النِّصْفُ (قَوْلُهُ: مِنْ ثَمَنِ بَيْعٍ فَاسِدٍ) أَيْ مِنْ ثَمَنٍ مَبِيعٍ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِ قَوْلِهِ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ) أَيْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَمْ أَقْبِضْهُ فَيُقْبَلُ سَوَاءٌ قَالَهُ مُتَّصِلًا بِهِ أَوْ مُنْفَصِلًا عَنْهُ اهـ شَرْحُ مَنْهَجِ. أَقُولُ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ وَبَيْنَ قَوْلِهِ لَمْ أَقْبِضْهُ أَنَّ ذِكْرَ الثَّمَنِ بَعْدَ قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ قَدْ يُؤَدِّي إلَى إسْقَاطِ الْحَقِّ بَعْدَ لُزُومِهِ كَأَنْ يَتْلَفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَوَجَبَ الْأَلْفُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ بِسَبَبٍ آخَرَ لَا يَقْتَضِي السُّقُوطَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي الِاسْتِدْرَاكِ مِنْ تَحْلِيفِ الْمُقَرِّ لَهُ رَجَاءَ أَنْ يَرُدَّ الْيَمِينَ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ فِي جَوَابِ دَعْوَى) اُنْظُرْ مَا حُكْمُ مَفْهُومِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِ قَوْلِهِ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِ قَوْلِهِ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ، وَيَلْحَقُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ كُلُّ تَقْيِيدٍ لِمُطْلَقٍ أَوْ تَخْصِيصٍ لِعَامٍّ كَاتِّصَالِ الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِلَّا لَبَطَلَ الِاحْتِجَاجُ إلَخْ، فَقَوْلُهُ: كَاتِّصَالِ الِاسْتِثْنَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ اتِّصَالِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِ إلَخْ، وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ أَنَّ ضَابِطَ الِاتِّصَالِ هُنَا كَضَابِطِهِ الْآتِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ، وَقَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِهِ إلَخْ مُعْتَرِضٌ بَيْنَ الْمُتَعَلِّقِ وَالْمُتَعَلَّقِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَالشَّارِحُ فَهِمَ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يَقِيسُ كُلًّا مِنْ تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ، وَتَخْصِيصِ الْعَامِّ، وَالِاسْتِثْنَاءُ عَلَى مَا هُنَا فِي وُجُوبِ مُطْلَقِ الِاتِّصَالِ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِمَا تَرَى مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مَا أَرَادَهُ قَطْعًا، كَيْفَ وَوُجُوبُ اتِّصَالِ الِاسْتِثْنَاءِ سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي الْمَتْنِ فَكَيْفَ يَبْحَثُهُ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فَيَجِبُ إصْلَاحُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ بِأَنْ يَحْذِفَ مِنْهَا لَفْظَ بِمَا تَقَرَّرَ وَيَجْعَلَ بَدَلَهُ لَفْظَ بِهِ عَقِبَ قَوْلِهِ

ص: 101

كُلِّ تَقْيِيدٍ لِمُطْلَقٍ أَوْ تَخْصِيصٍ لِعَامٍّ كَاتِّصَالِ الِاسْتِثْنَاءِ بِمَا تَقَرَّرَ وَإِلَّا لَبَطَلَ الِاحْتِجَاجُ بِالْإِقْرَارِ بِخِلَافِ لَمْ أَقْبِضْهُ، وَقَوْلُهُ: إذَا إلَى آخِرِهِ إيضَاحٌ لِحُكْمٍ لَمْ أَقْبِضْهُ وَكَذَا جُعِلَ ثَمَنًا مَعَ قُبِلَ.

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا لِأَنَّهُ يَرْفَعُهُ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ إعْطَاءِ الْعَبْدِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ أَلْفٍ عَنْ قَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ ادَّعَى عَدَمَ قَبْضِهِ قُبِلَ لِتَحْلِيفِ الْمُقَرِّ لَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَقْرَضَنِي أَلْفًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّاشِيُّ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي الْحَاوِي وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ: لَا أَظُنُّ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ خِلَافٌ، وَلَا فَرْقَ فِي الْقَبُولِ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّامِلِ.

وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفٍ فَقَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ مِنْ ثَمَنٍ قَبَضْته مِنْهُ، بِخِلَافِ لَهُ عَلَيَّ تَسْلِيمُ أَلْفٍ ثَمَنِ مَبِيعٍ لِأَنَّ عَلَيَّ وَمَا بَعْدَهَا هُنَا تَقْتَضِي أَنَّهُ قَبَضَهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ ادَّعَى عَدَمَ قَبْضِهِ لَمْ يُقْبَلْ.

(وَلَوْ)(قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَوْ إنْ أَوْ إذَا مَثَلًا شَاءَ أَوْ قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَوْ يَقْدَمَ أَوْ إنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ وَلَمْ يُرِدْ التَّأْجِيلَ (لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِالْإِقْرَارِ بَلْ عَلَّقَهُ بِمَا هُوَ مَغِيبٌ عَنَّا كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ، وَمِنْ ثَمَّ اعْتَبَرَ هُنَا قَصْدَهُ التَّعْلِيقَ قَبْلَ فَرَاغِ الصِّيغَةِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَفَارَقَ مِنْ ثَمَنِ كَلْبٍ بِأَنَّ دُخُولَ الشَّرْطِ عَلَى الْجُمْلَةِ يُصَيِّرُهَا جُزْءًا مِنْ جُمْلَةِ الشَّرْطِ فَلَزِمَ تَغْيِيرُ أَوَّلِ الْكَلَامِ.

بِخِلَافِ مِنْ ثَمَنِ كَلْبٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُغَيِّرٍ بَلْ مُبَيِّنٍ لِجِهَةِ اللُّزُومِ بِمَا هُوَ بَاطِلٌ شَرْعًا فَلَمْ يُقْبَلْ.

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي قَوْلِهِ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ لِأَنَّ آخِرَهُ يَرْفَعُ أَوَّلَهُ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ.

(وَلَوْ)(قَالَ أَلْفٌ لَا تَلْزَمُ)(لَزِمَهُ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْتَظِمٍ فَلَمْ يَبْطُلْ بِهِ الْإِقْرَارُ (وَلَوْ)(قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ ثُمَّ جَاءَ بِأَلْفٍ وَقَالَ: أَرَدْت هَذَا وَهُوَ وَدِيعَةٌ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لِي عَلَيْك أَلْفٌ آخَرُ) غَيْرُ أَلْفِ الْوَدِيعَةِ وَهُوَ الَّذِي أَرَدْته بِإِقْرَارِك (صُدِّقَ الْمُقِرُّ فِي الْأَظْهَرِ بِيَمِينِهِ) أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ أَلْفٍ أُخْرَى إلَيْهِ وَأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِإِقْرَارِهِ سِوَى هَذِهِ لِأَنَّ عَلَيْهِ حِفْظَ الْوَدِيعَةِ فَصُدِّقَ لَفْظُهُ بِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَعَدَّى بِهَا فَصَارَتْ مَضْمُومَةً عَلَيْهِ فَحَسُنَ الْإِتْيَانُ فِيهَا بِعَلَيَّ وَقَدْ تُسْتَعْمَلْ عَلَيَّ بِمَعْنَى عِنْدِي كَمَا فِي {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ} [الشعراء: 14] وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْمُقَرُّ لَهُ لِأَنَّ كَلِمَةَ عَلَيَّ ظَاهِرَةٌ فِي الثُّبُوتِ فِي الذِّمَّةِ الْوَدِيعَةُ لَا تَثْبُتُ فِيهَا (فَإِنْ كَانَ قَالَ) لَهُ أَلْفٌ (فِي ذِمَّتِي أَوْ دَيْنًا) ثُمَّ جَاءَ بِأَلْفٍ وَفَسَّرَ الْوَدِيعَةِ كَمَا تَقَرَّرَ (صُدِّقَ الْمُقَرُّ لَهُ) بِيَمِينِهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) إذْ الْعَيْنُ لَا تَكُونُ فِي الذِّمَّةِ وَلَا دَيْنًا الْوَدِيعَةُ لَا تَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ بِالتَّعَدِّي بَلْ بِالتَّلَفِ وَلَا تَلَفَ، وَأَفْهَمَ قَوْلَهُ ثُمَّ جَاءَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِيعَةً قُبِلَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي ذِمَّتِي أَوْ دَيْنًا وَدِيعَةً فَلَا يُقْبَلُ مُتَّصِلًا وَلَا مُنْفَصِلًا عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ قَبُولُهُ مُتَّصِلًا لَا مُنْفَصِلًا، وَقَوْلُهُ وَأَرَدْت هَذِهِ أَنَّهُ لَوْ جَاءَ هُنَا بِأَلْفٍ وَقَالَ: الْأَلْفُ الَّتِي أَقْرَرْت بِهَا كَانَتْ وَدِيعَةً وَتَلِفَتْ وَهَذِهِ بَدَلُهَا قُبِلَ مِنْهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَلِفَ مِنْهُ بِتَفْرِيطِهِ فَيَكُونُ ثَابِتًا فِي ذِمَّتِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الْمَشْهُورُ.

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: بِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) أَيْ لَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُ شَيْءٍ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرِدْ التَّأْجِيلَ) أَيْ فَإِنْ قَصَدَ التَّأْجِيلَ وَلَوْ بِأَجَلٍ فَاسِدٍ فَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَقَوْلُ سم بِأَجَلٍ فَاسِدٍ: أَيْ كَأَنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إذَا جَاءَ الْحَصَادُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ اُعْتُبِرَ هُنَا قَصْدُهُ التَّعْلِيقُ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ قَصْدُ الْإِتْيَانِ بِالصِّيغَةِ أَعَمُّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهَا بِقَصْدِ التَّعْلِيقِ أَوْ مَعَ الْإِطْلَاقِ بِخِلَافِ قَصْدِ التَّبَرُّكِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) أَيْ قَوْلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَوْجَهَ قَبُولُهُ) قَدْ يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ إذْ الْعَيْنُ لَا يَكُونُ فِي الذِّمَّةِ إلَخْ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَوْ تَخْصِيصٌ لِعَامٍّ؛ لِيُوَافِقَ عِبَارَةَ التُّحْفَةِ

(قَوْلُهُ: بَلْ عَلَّقَهُ بِمَا هُوَ مَغِيبٌ عَنَّا) هَذَا تَعْلِيلٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ خَاصَّةً كَمَا هِيَ عَادَتُهُ فِي غَالِبِ التَّعَالِيلِ

(قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: ثُمَّ جَاءَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: ثُمَّ جَاءَتْهُ لَوْ وَصَلَهُ

ص: 102

حِكَايَةُ وَجْهَيْنِ ثَانِيهِمَا الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُقِرِّ لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ لُزُومَ ذَلِكَ عِنْدَ تَلَفِ الْوَدِيعَةِ (قُلْت: فَإِذَا قَبِلْنَا التَّفْسِيرَ الْوَدِيعَةِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا أَمَانَةٌ فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ) وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ (التَّلَفَ) الْوَاقِعَ (بَعْدَ) تَفْسِيرِ (الْإِقْرَارِ) بِمَا ذُكِرَ (وَدَعْوَى الرَّدِّ) الْوَاقِعِ بَعْدَهُ أَيْضًا لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْوَدِيعَةِ.

وَالثَّانِي أَنَّهَا تَكُونُ مَضْمُونَةً حَتَّى لَا تُقْبَلَ دَعْوَاهُ التَّلَفَ وَالرَّدَّ نَظَرًا إلَى قَوْلِهِ: عَلَيَّ الصَّادِقُ بِالتَّعَدِّي فِيهَا.

وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِصِدْقِ وُجُوبِ حِفْظِهَا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ الَّذِي هُوَ ظَرْفٌ لِلتَّلَفِ كَمَا تَقَرَّرَ مَا لَوْ قَالَ أَقْرَرْت بِهَا ظَانًّا بَقَاءَهَا ثُمَّ بَانَ لِي أَوْ ذَكَرْت تَلَفَهَا أَوْ إنِّي رَدَدْتهَا قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَلَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ قَوْلَهُ عَلَيَّ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ. (وَإِنْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي أَوْ مَعِي أَلْفٌ صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ (فِي دَعْوَى الْوَدِيعَةِ وَ) دَعْوَى (الرَّدِّ وَالتَّلَفِ) الْوَاقِعَيْنِ بَعْدَ تَفْسِيرِ الْإِقْرَارِ نَظِيرُ مَا تَقَرَّرَ فِي عَلَيَّ (قَطْعًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ لَا إشْعَارَ لَعِنْدِي وَمَعِي بِذِمَّةٍ وَلَا ضَمَانٍ (وَلَوْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ) مَثَلًا (أَوْ هِبَةٍ وَإِقْبَاضٍ) بَعْدَهَا (ثُمَّ قَالَ) وَلَوْ مُتَّصِلًا فَثُمَّ لِمُجَرَّدِ التَّرْتِيبِ (كَانَ) ذَلِكَ (فَاسِدًا وَأَقْرَرْت لِظَنِّي الصِّحَّةَ لَمْ يُقْبَلْ) لِأَنَّ الِاسْمَ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ يُرَادُ بِهِ الِالْتِزَامَ فَلَمْ يَشْمَلْ الْفَاسِدَ لِانْتِفَاءِ الِالْتِزَامِ فِيهِ.

نَعَمْ لَوْ كَانَ مَقْطُوعًا بِصِدْقِهِ بِمُقْتَضَى ظَاهِرِ الْحَالِ كَبَدَوِيٍّ جِلْفٍ فَالْأَوْجَهُ قَبُولُهُ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَإِقْبَاضٍ عَمَّا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْهِبَةِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُقِرًّا بِالْإِقْبَاضِ، فَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُهُ لَهُ وَخَرَجَتْ إلَيْهِ مِنْهُ أَوْ وَمَلَكَهُ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِالْقَبْضِ لِجَوَازِ إرَادَةِ الْخُرُوجِ إلَيْهِ مِنْهُ بِالْهِبَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْفَقِيهَ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ بِوَجْهٍ يَكُونُ فِي حَقِّهِ بِمَنْزِلَةِ الِاعْتِرَافِ بِالْإِقْبَاضِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمَحَلُّ مَا مَرَّ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ الْمُقَرِّ لَهُ وَإِلَّا فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْقَبْضِ (وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ) عَلَى نَفْيِ كَوْنِهِ فَاسِدًا لِإِمْكَانِ مَا يَدَّعِيهِ وَقَدْ تَخْفَى جِهَاتُ الْفَسَادِ عَلَيْهِ وَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ لِتَكْذِيبِهَا بِإِقْرَارِهِ السَّابِقِ (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْحَلِفِ (حَلَفَ الْمُقِرُّ) أَنَّهُ كَانَ فَاسِدًا وَحَكَمَ بِهِ (وَبَرِئَ) لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ وَتَعْبِيرُهُ بِبَرِئَ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ النِّزَاعُ فِي عَيْنٍ فَقَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَالثَّمَنِ فَغَلَبَ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُرِيدَ بِبَرِئَ بَطَلَ الَّذِي بِأَصْلِهِ.

وَأَجَابَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ قَوْلَهُ: وَبَرِئَ أَيْ مِنْ الدَّعْوَى فَيَشْمَلُ حِينَئِذٍ الْعَيْنَ وَالدَّيْنَ فَلَا اعْتِرَاضَ حِينَئِذٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ الشَّارِحُ قَدْ سَلَّمَ الِاعْتِرَاضَ.

(وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ) مَثَلًا (لِزَيْدٍ بَلْ) أَوْ ثُمَّ وَالْفَاءُ هُنَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ مُتَّصِلًا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِفِي ذِمَّتِي وَدَيْنًا مَعْنَاهُمَا بَلْ أَرَادَ بِفِي ذِمَّتِي مَعْنَى جِهَتِي أَوْ قِبَلِي وَأَنَّ دَيْنًا مَعْنَاهُ كَالدَّيْنِ فِي لُزُومِ رَدِّهِ لِمَالِكِهِ (قَوْلُهُ: الْوَاقِعَيْنِ بَعْدَ تَفْسِيرِ الْإِقْرَارِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَضَافَ الْإِتْلَافَ أَوْ الرَّدَّ بَعْدَ التَّفْسِيرِ إلَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِقْرَارِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ كَمَا نَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجِ عَنْ الشَّارِحِ، وَيُمْكِنُ جَعْلُ الْإِضَافَةِ فِي كَلَامِهِ بَيَانِيَّةً وَيَكُونُ التَّفْسِيرُ هُوَ نَفْسَ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَانَ لِي) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي عَدَمِ الْقَبُولُ فِي قَوْلِهِ بَانَ لِي تَلَفُهَا لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِأَنَّ إقْرَارَهُ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ بَقَائِهَا وَقَوْلُهُ أَوْ ذَكَرْت أَيْ تَذَكَّرْت. (قَوْلَهُ لَمْ يُقْبَلْ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ الْحَقِّ وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَحِيحٌ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ إرَادَةِ الْخُرُوجِ) أَيْ أَوْ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ بِوَجْهٍ يَكُونُ) أَيْ خَرَجَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لَا يَكُونُ مُقِرًّا بِالْإِقْبَاضِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْقَبْضِ) وَفِيهِ أَنَّ مُجَرَّدَ الْيَدِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَ الْقَبْضِ عَنْ الْهِبَةِ بَلْ يَجُوزُ كَوْنُهُ فِي يَدِهِ عَارِيَّةً أَوْ غَصْبًا وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ بَعْدَ الْهِبَةِ فِي الْقَبْضِ عَنْهَا (قَوْلُهُ: وَحُكِمَ بِهِ) أَيْ الْفَسَادِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

كَعَلَيَّ أَلْفٌ وَدِيعَةٌ قُبِلَ (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ بِقَوْلِهِ الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ إرَادَةِ الْخُرُوجِ إلَيْهِ مِنْهُ بِالْهِبَةِ) أَيْ: أَوْ أَنَّهُ يَعْقِدُ الْمِلْكَ بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُرِيدَ بِ بَرِئَ بَطَلَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَنْ يُرِيدَ بِ بَرِئَ غَايَةَ بَطَلَ انْتَهَتْ.

فَلَعَلَّ لَفْظَ غَايَةَ سَقَطَ مِنْ الشَّرْحِ مِنْ الْكَتَبَةِ، وَإِلَّا فَالْبَرَاءَةُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْبُطْلَانُ لِتَبَايُنِ مَفْهُومَيْهِمَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ

ص: 103

مِثْلُهَا، وَفِيمَا يَأْتِي (لِعَمْرٍو أَوْ غَصَبْتهَا مِنْ زَيْدٍ بَلْ) أَوْ ثُمَّ كَمَا فِي الْوَسِيطِ (مِنْ عَمْرٍو سَلِمَتْ لِزَيْدٍ) إذْ مَنْ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِشَيْءٍ بِمُقْتَضَى إقْرَارِ أَحَدٍ بِهِ لَمْ يَمِلْك رُجُوعُهُ عَنْهُ سَوَاءٌ أَقَالَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا بِمَا قَبْلَهُ أَمْ مُنْفَصِلًا عَنْهُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُقِرَّ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا) وَلَوْ مِثْلِيَّةً (لِعَمْرٍو) إنْ أَخَذَهَا زَيْدٌ مِنْهُ جَبْرًا بِالْحَاكِمِ لِحَيْلُولَتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِلْكِهِ بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ كَمَا يَضْمَنُ قِنًّا غَصَبَهُ فَأَبَقَ فِي يَدِهِ.

وَالثَّانِي لَا يَغْرَمُ لَهُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ الثَّانِيَ صَادَفَ مِلْكَ الْغَيْرِ فَلَا يَلْزَمُهُ بِهِ شَيْءٌ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالدَّارِ الَّتِي بِيَدِ زَيْدٍ لِعَمْرٍو وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي غَصَبْتهَا مِنْ زَيْدٍ وَهُوَ غَصَبَهَا مِنْ عَمْرٍو كَمَا هُوَ أَوْجَهُ الْوَجْهَيْنِ وَرَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ، فَإِنْ قَالَ: غَصَبْتهَا مِنْهُ وَالْمِلْكُ فِيهَا لِعَمْرٍو وَسُلِّمَتْ لِزَيْدٍ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ لَهُ بِالْيَدِ وَلَا يَغْرَمُ لِعَمْرٍو لِجَوَازِ كَوْنِهَا مِلْكَ عَمْرٍو وَهِيَ فِي يَدِ زَيْدٍ بِإِجَارَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ بِمَنَافِعِهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَرَهْنٍ، وَلَوْ قَالَ عَنْ عَيْنٍ فِي تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِ هَذِهِ لِزَيْدِ بَلْ لِعَمْرٍو فَفِي غُرْمِهِ لَهُ طَرِيقَانِ: أَوْجَهُهُمَا الْقَطْعُ بِعَدَمِهِ وَالْفَرْقُ كَوْنُهُ مَعْذُورًا هُنَا لِعَدَمِ كَمَالِ اطِّلَاعِهِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ إخْرَاجُ مَا لَوْلَاهُ لَدَخَلَ بِنَحْوِ إلَّا فَقَالَ (وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ) هُنَا كَكُلِّ إنْشَاءٍ وَإِخْبَارٍ لِوُرُودِهِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الثَّنْيِ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ: أَيْ الرُّجُوعِ لِرُجُوعِهِ عَمَّا اقْتَضَاهُ لَفْظُهُ (إنْ اتَّصَلَ) بِالْإِجْمَاعِ وَمَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قِيلَ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ وَلَئِنْ ثَبَتَ فَهُوَ مُؤَوَّلٌ.

نَعَمْ السُّكُوتُ الْيَسِيرُ بِقَدْرِ سَكْتَةِ تَنَفُّسٍ أَوْ عِيٍّ أَوْ تَذَكُّرٍ أَوْ انْقِطَاعِ صَوْتٍ غَيْرُ مُضِرٍّ وَيَضُرُّ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ يَسِيرٌ أَوْ سُكُوتٌ طَوِيلٌ، فَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَّا مِائَةً أَوْ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ أَوْ يَا فُلَانُ ضَرَّ عَلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ، فَإِنَّهُ لَمَّا نَقَلَ صِحَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ مَعَ ذَلِكَ نَظَرَ فِيهِ، وَاسْتَوْضَحَ غَيْرُهُ النَّظَرَ فِي يَا فُلَانُ بِخِلَافِهِ فِي أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِقَوْلِ الْكَافِي: لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُقِرَّ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا) وَهَلْ يَجِبُ مَعَ الْقِيمَةِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا مُدَّةَ وَضْعِ الْأَوَّلِ يَدَهُ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْمَغْرُومَ لِلْحَيْلُولَةِ كَمَا فِي سَائِرِ صُوَرِ الْغَصْبِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ. لَا يُقَالُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ أَقَرَّ بِمَا لِلثَّانِي اسْتِحْقَاقُ الثَّانِي مَنْفَعَتَهَا لِجَوَازِ كَوْنِهِ أَجَّرَهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ وَاشْتَرَاهَا مَثَلًا مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ. لِأَنَّا نَقُولُ: مَا ذُكِرَ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنْ مَلَكَ مَنْفَعَتَهَا حَتَّى يُوجَدَ مَا يُخَالِفُهُ وَبَقِيَ مَا لَوْ رَجَعَ الْمُقَرُّ بِهِ لِلْمُقِرِّ بَعْدَ غُرْمِ الْقِيمَةِ هَلْ لَهُ حَبْسُهُ حَتَّى يَرُدَّ لَهُ مَا غَرِمَهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ.

ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى بَهْجَةٍ ذَكَرَ خِلَافًا فِي الْغَاصِبِ إذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ حَبْسُ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ حَتَّى يَسْتَرْجِعَ الْقِيمَةَ أَمْ لَا؟ وَذَكَرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْهُ عَدَمُ جَوَازِ الْحَبْسِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَا هُنَا مِثْلُهُ فَلَا يَجُوزُ الْحَبْسُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ حَبْسِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ بَعْدَ الْفَسْخِ لِيَقْبِضَ الثَّمَنَ، وَإِنْ جَرَى فِي الرَّوْضَةِ عَلَى جَوَازِ الْحَبْسِ لِلْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ فِي جَمِيعِ الْفُسُوخِ، وَجَرَى الشَّارِحُ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَفِي خِيَارِ الْعَيْبِ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إنْ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً وَمِثْلُهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً، وَقَالَ سم: إنَّهُ رَجَعَ عَمَّا فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ إلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي غَصَبْتهَا مِنْ زَيْدٍ) أَيْ فَتُسَلَّمُ لِزَيْدٍ وَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا لِعَمْرٍو (قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي يَدِ زَيْدٍ) أَيْ لِعَمْرٍو (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا الْقَطْعُ بِعَدَمِهِ) أَيْ عَدَمِ الْغُرْمِ لِعَمْرٍو.

(قَوْلُهُ: وَمَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ) مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الِاتِّصَالِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ وَكَذَا إلَخْ وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَنْظُرْ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْحَمْدِ لِلَّهِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَوْضَحَ غَيْرُهُ النَّظَرَ فِي يَا فُلَانُ) سَكَتَ عَنْ الْفَصْلِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

كَمَا لَا يَخْفَى

(قَوْلُهُ: لَمْ يَمْلِكْ) أَيْ الْأَحَدَ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَ هَذِهِ وَنَظِيرَتِهَا فِي الْمَتْنِ

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ) يَعْنِي فِي أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَا فُلَانُ، وَإِلَّا فَمَسْأَلَةُ الْحَمْدِ لِلَّهِ لَيْسَتْ فِي الرَّوْضَةِ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتَوْضَحَ غَيْرُهُ النَّظَرَ فِي يَا فُلَانُ) أَيْ وَمِثْلُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عِلَّةِ الْكَافِي وَصَرَّحَ بِهِ الزِّيَادِيُّ

ص: 104

لِاسْتِدْرَاكِ مَا سَبَقَ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقْصِدَهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِقْرَارِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ وَلِكَوْنِهِ رَفْعًا لِبَعْضِ مَا شَمِلَهُ اللَّفْظُ احْتَاجَ إلَى نِيَّةٍ وَلَوْ كَانَ إخْبَارًا وَلَا بُعْدَ فِيهِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ (وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ) الْمُسْتَثْنَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَإِنْ اسْتَغْرَقَهُ كَخَمْسَةٍ إلَّا خَمْسَةٍ كَانَ بَاطِلًا بِالْإِجْمَاعِ إلَّا مَنْ شَذَّ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمُنَاقَضَةِ الصَّرِيحَةِ، وَلِهَذَا لَمْ يُخْرِجُوهُ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ مَا يَجُوزُ وَمَا لَا يَجُوزُ لِانْتِفَاءِ الْمُنَاقَضَةِ فِيهِ، هَذَا كُلُّهُ إنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا كَخَمْسَةٍ إلَّا خَمْسَةٍ إلَّا ثَلَاثَةٍ فَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ الْخَمْسَةِ خَمْسَةً إلَّا ثَلَاثَةً، وَخَمْسَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً اثْنَانِ أَوْ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَعَكْسُهُ كَمَا قَالَ (فَلَوْ)(قَالَ لَهُ) عَلَيَّ (عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً) أَيْ إلَّا تِسْعَةً لَا تَلْزَمُ (إلَّا ثَمَانِيَةٌ) تَلْزَمُ فَتَضُمُّ الْوَاحِدَ الْبَاقِيَ مِنْ الْعَشَرَةِ فَلِذَا كَانَ الْوَاجِبُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (لَزِمَهُ تِسْعَةٌ) وَطَرِيقُ ذَلِكَ وَنَظَائِرُهُ أَنْ تَجْمَعَ كُلَّ مُثْبَتٍ وَكُلَّ مَنْفِيٍّ وَتُسْقِطَ هَذَا مِنْ ذَاكَ فَالْبَاقِي هُوَ الْوَاجِبُ، فَمُثْبَتُ هَذِهِ الصُّورَةِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَمَنْفِيُّهَا تِسْعَةٌ أَسْقِطْهَا مِنْهَا تَبْقَى تِسْعَةٌ

وَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا إلَى الْوَاحِدِ كَانَ مُثْبَتُهَا ثَلَاثِينَ وَمَنْفِيُّهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَسْقِطْهَا مِنْهَا تَبْقَى خَمْسَةٌ، هَذَا كُلُّهُ عِنْدَ تَكَرُّرِهِ مِنْ غَيْرِ عَطْفٍ، وَإِلَّا كَعَشَرَةٍ إلَّا خَمْسَةً وَثَلَاثَةً أَوْ إلَّا خَمْسَةً وَإِلَّا ثَلَاثَةً كَانَا مُسْتَثْنَيَيْنِ مِنْ الْعَشَرَةِ فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ، فَإِنْ كَانَ لَوْ جُمِعَا اُسْتُغْرِقَا كَعَشَرَةٍ إلَّا سَبْعَةً وَثَلَاثَةً اخْتَصَّ الْبُطْلَانُ بِمَا بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ وَهُوَ الثَّلَاثَةُ فَيَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ، وَفِي لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ إلَّا خَمْسَةً يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ وَفِي لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةٌ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ عَشَرَةً إلَّا خَمْسَةً خَمْسَةٌ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ خَمْسَةٌ بِجَعْلِ النَّفْي مُوَجَّهًا إلَى كُلٍّ مِنْ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَإِنْ كَانَ خَارِجًا عَنْ الْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ أَنَّهُ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ احْتِيَاطًا لِلْإِلْزَامِ، وَفِي لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةٍ لَا تَلْزَمُ الْمِائَةُ وَلَا أَقَلُّ مِنْهَا، وَلَا يُجْمَعُ مُفَرَّقٌ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَلَا فِي الْمُسْتَثْنَى وَلَا فِيهِمَا لِاسْتِغْرَاقٍ وَلَا لِعَدَمِهِ فَعَلَيَّ دِرْهَمَانِ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا مُسْتَغْرِقٌ وَثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمًا أَوْ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمًا وَدِرْهَمًا نُلْغِي دِرْهَمًا لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهِ فَيَجِبُ دِرْهَمٌ، وَكَذَا ثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمًا يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ لِجَوَازِ الْجَمْعِ هُنَا فَلَا اسْتِغْرَاقَ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ إلَّا شَيْئًا أَوْ مَالٌ إلَّا مَالًا أَوْ نَحْوُهُمَا فَكُلٌّ مِنْ الْمُسْتَثْنَى والْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مُجْمَلٌ فَلْيُفَسِّرْهُمَا، فَإِنْ فَسَّرَ الثَّانِيَ بِأَقَلَّ مِمَّا فَسَّرَ بِهِ الْأَوَّلَ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَإِلَّا لَغَا، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِالْحَمْدِ لِلَّهِ وَالْقِيَاسُ الضَّرَرُ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الزِّيَادِيَّ جَزَمَ بِهِ فِي حَاشِيَتِهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الضَّرَرِ الْفَصْلُ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: قَبْلَ فَرَاغِ الْإِقْرَارِ) أَيْ وَلَوْ مَعَ آخِرِ حَرْفٍ مِنْهُ أَوْ عِنْدَ أَوَّلِ حَرْفٍ مَثَلًا وَإِنْ عَزَبَتْ النِّيَّةُ قَبْلَ فَرَاغِ الصِّيغَةِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقْصِدَهُ إلَخْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْإِخْرَاجِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الصِّيغَةِ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ سم فِي التَّعْلِيقِ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ قَصْدُ الْإِتْيَانِ بِالصِّيغَةِ إلَى آخِرِهِ أَنْ يَكْتَفِيَ هُنَا بِقَصْدِ الْإِتْيَانِ بِصِيغَةِ الِاسْتِثْنَاءِ قَصَدَهُ أَوْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ) أَيْ وَأَنْ يَسْمَعَهُ مَنْ بِقُرْبِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ صَحِيحٌ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ.

[فَائِدَةٌ] ذَكَرَهَا ابْنُ سُرَاقَةَ عَلَيْهِ أَلْفٌ لِرَجُلٍ وَلَهُ عَلَيْهِ قِيمَةُ عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ مَثَلًا وَيَخْشَى أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِأَلْفٍ فَيَجْحَدُ الَّذِي لَهُ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا كَذَا وَكَذَا وَيُقَوِّمُ الَّذِي لَهُ وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ ع (قَوْلُهُ: فَتَضُمُّ) أَيْ الثَّمَانِيَةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا) أَيْ الثَّمَانِيَةِ وَقَوْلُهُ إلَى الْوَاحِدِ كَأَنْ قَالَ إلَّا سَبْعَةً إلَّا سِتَّةً إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ) أَيْ الْبَاقِيَةُ مِنْ الْعَشَرَةِ بَعْدَ اسْتِثْنَاءِ السَّبْعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا أَقَلُّ مِنْهَا) أَيْ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْمَفْهُومِ ضَعِيفَةٌ لَا يُعْمَلُ بِهَا فِي الْأَقَارِيرِ (قَوْلُهُ: وَلَا فِيهِمَا) أَيْ وَإِنْ قَصَدَ الْجَمْعَ لَا يُعْتَدُّ بِقَصْدِهِ (قَوْلُهُ: مُسْتَغْرِقٌ) فَتَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَا بُعْدَ فِيهِ) مَا فِيهِ مِنْ الْبُعْدِ لَا يُنْكَرُ كَمَا يُعْرَفُ بِالتَّأَمُّلِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِنْشَاءَاتِ وَالْإِخْبَارَاتِ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ الْجَمْعِ هُنَا فَلَا اسْتِغْرَاقَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: إذْ لَا اسْتِغْرَاقَ

ص: 105

أَلْفٌ إلَّا شَيْئًا أَوْ عَكَسَ فَالْأَلْفُ وَالشَّيْءُ مُجْمَلَانِ فَلْيُفَسِّرْهُمَا مَعَ الِاجْتِنَابِ فِي تَفْسِيرِهِ لِمَا يَقَعُ بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا دِرْهَمًا فَالْأَلْفُ مُجْمَلٌ فَلْيُفَسِّرْهُ بِمَا فَوْقَ الدِّرْهَمِ، فَلَوْ فَسَّرَهُ بِمَا قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ فَمَا دُونَهُ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ لَاغِيًا وَكَذَا التَّفْسِيرُ، وَلَوْ قَدَّمَ الْمُسْتَثْنَى عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ صَحَّ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ أَوَّلَ كِتَابِ الْأَيْمَانِ.

(وَيَصِحُّ) الِاسْتِثْنَاءُ (مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ) وَهُوَ الْمُنْقَطِعُ (كَأَلْفِ) دِرْهَمٍ (إلَّا ثَوْبًا) لِوُرُودِهِ فِي الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ نَحْوُ {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلا سَلامًا} [مريم: 62] وَنَحْوُ {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: 157](وَيُبَيِّنُ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ دُونَ أَلْفٍ) خَشْيَةَ الِاسْتِغْرَاقِ، فَإِنْ فَسَّرَهُ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ وَالتَّفْسِيرُ كَمَا مَرَّ (وَ) يَصِحُّ أَيْضًا (مِنْ الْمُعَيَّنِ كَهَذِهِ الدَّارُ لَهُ إلَّا هَذَا الْبَيْتَ أَوْ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ لَهُ إلَّا هَذَا الدِّرْهَمَ) أَوْ هَذَا الْقَطِيعُ لَهُ إلَّا هَذِهِ الشَّاةَ أَوْ الثَّوْبُ لَهُ إلَّا كُمَّهُ لِصِحَّةِ الْمَعْنَى فِيهِ إذْ هُوَ إخْرَاجٌ بِلَفْظٍ مُتَّصِلٍ فَأَشْبَهَ التَّخْصِيصَ (وَفِي الْمُعَيَّنِ وَجْهٍ شَاذٌّ) أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ إذْ الْإِقْرَارُ بِالْعَيْنِ يَتَضَمَّنُ مِلْكَ جَمِيعِهَا فَالِاسْتِثْنَاءُ يَكُونُ رُجُوعًا بِخِلَافِهِ فِي الدَّيْنِ.

قُلْت كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (لَوْلَا)(قَالَ: هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ لَهُ إلَّا وَاحِدًا)(قُبِلَ) وَالِاعْتِبَارُ بِالْجَهْلِ بِالْمُسْتَثْنَى كَمَا لَوْ قَالَ إلَّا شَيْئًا (وَرَجَعَ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ) لِكَوْنِهِ أَعْرَفَ بِمُرَادِهِ وَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ، فَإِنْ مَاتَ خَلَفَهُ وَارِثُهُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ (فَإِنْ مَاتُوا إلَّا وَاحِدًا وَزَعَمَ أَنَّهُ الْمُسْتَثْنَى صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَنَّهُ الَّذِي أَرَادَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ (عَلَى الصَّحِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِاحْتِمَالِ مَا ادَّعَاهُ، وَالثَّانِي لَا يُصَدَّقُ لِلتُّهْمَةِ وَلَوْ قُتِلُوا قَتْلًا مُضَمَّنًا قُبِلَ قَطْعًا لِبَقَاءِ أَثَرِ الْإِقْرَارِ وَهُوَ الْقِيمَةُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: غَصَبْتُهُمْ إلَّا وَاحِدًا فَمَاتُوا وَبَقِيَ وَاحِدٌ وَزَعَمَ أَنَّهُ الْمُسْتَثْنَى أَنَّهُ يُصَدَّقُ لِأَنَّ أَثَرَ الْإِقْرَارِ بَاقٍ وَهُوَ الضَّمَانُ، وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ بِنِصْفِ الْأَلْفِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا لِثَالِثٍ تَعَيَّنَ مَا أَقَرَّ بِهِ فِي نَصِيبِهِ وَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ قَاعِدَةِ الْحَصْرِ وَالْإِشَاعَةِ وَلَا يُطْلَقُ فِيهَا تَرْجِيحٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَبْوَابِ، وَلَوْ أَقَرَّ لِوَرَثَةِ أَبِيهِ بِمَالٍ وَكَانَ هُوَ أَحَدَهُمْ لَمْ يَدْخُلْ إذْ الْمُتَكَلِّمُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ وَمَحَلِّهِ كَمَا قَالَهُ السَّرَخْسِيُّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ نَصَّ عَلَى نَفْسِهِ دَخَلَ فِي الْأَوْجُهِ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فَفِيهِ وَجْهَانِ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَعَلَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ إقْرَارٌ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَنَقَلَهُ الْهَرَوِيُّ عَنْ النَّصِّ كَمَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ قَالَ: غَصَبْت دَارِهِ وَلَوْ بِإِسْكَانِ الْهَاءِ ثُمَّ ادَّعَى دَارَةَ الشَّمْسِ أَوْ الْقَمَرِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إذْ غَصْبُ ذَلِكَ مُحَالٌ فَلَمْ يُقْبَلْ إرَادَتُهُ، وَلَوْ أَقَرَّ أَوْ أَوْصَى بِثِيَابِ بَدَنِهِ دَخَلَ فِيهِ كُلُّ مَا يَلْبَسُهُ وَلَوْ فَرْوَةً لَا الْخُفُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مُسَمَّى الثِّيَابِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ النَّوْعُ وَالصِّفَةُ (قَوْلُهُ: إلَّا هَذِهِ الشَّاةَ أَوْ الثَّوْبَ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الشَّاةُ مِنْ نَوْعِ الْغَنَمِ الْمُعَيَّنَةِ وَصِفَتُهَا وَالْكَمُّ بِصِفَةٍ بَقِيَّةِ الثَّوْبِ وَلَيْسَ ثَمَّ مَنْ يَصْلُحُ نِسْبَةُ الْكَمِّ لَهُ مِنْ الْمُقَرِّ بِهِ إلَّا الْمُقَرُّ لَهُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ) أَيْ تَفْسِيرِهِ (قَوْلُهُ: فِي نَصِيبِهِ) أَيْ الْخَمْسِمِائَةِ فَيَسْتَحِقُّهُ الْمُقَرُّ لَهُ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَكَذَا التَّفْسِيرُ) وَانْظُرْ هَلْ لَهُ أَنْ يُفَسِّرَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ؟

(قَوْلُهُ: وَزَعَمَ أَنَّهُ الْمُسْتَثْنَى أَنَّهُ يَصْدُقُ) أَيْ: قَطْعًا.

ص: 106