الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِذَلِكَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يَجُوزُ النَّوْمُ عَلَى الدَّابَّةِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ لِأَنَّ النَّائِمَ يَثْقُلُ، وَأَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمَحْمُولُ لَمْ يُجْبَرْ مَالِكُ الدَّابَّةِ عَلَى حَمْلِهِ عَلَى مَا يَأْتِي.
(فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ
، وَمَا تُقَدَّرُ بِهِ، وَفِي شَرْطِ الدَّابَّةِ الْمُكْتَرَاةِ وَمَحْمُولِهَا (يُشْتَرَطُ كَوْنُ) الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مَعْلُومًا بِالْعَيْنِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَالصِّفَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، وَكَوْنُ (الْمَنْفَعَةِ مَعْلُومَةً) بِالتَّقْدِيرِ الْآتِي كَالْمَبِيعِ فِي الْكُلِّ، لَكِنَّ مُشَاهَدَةَ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ غَيْرُ مُغْنِيَةٍ عَنْ تَقْدِيرِهَا، وَإِنَّمَا أَغْنَتْ مُشَاهَدَةُ الْمُعَيَّنِ فِي الْبَيْعِ عَنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ لِأَنَّهَا تُحِيطُ بِهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَنْفَعَةُ لِأَنَّهَا أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ يَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِقْبَالِ، فَعُلِمَ اعْتِبَارُ تَحْدِيدِ الْعَقَارِ حَيْثُ لَمْ يَشْتَهِرْ بِدُونِهِ، وَأَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَارَةُ غَائِبٍ وَأَحَدِ عَبْدَيْهِ مُدَّةً مَجْهُولَةً أَوْ عَمَلٍ كَذَلِكَ وَفِيمَا لَهُ مَنْفَعَةٌ وَاحِدَةٌ كَبِسَاطٍ يُحْمَلُ عَلَيْهَا وَغَيْرُهُ يُعْتَبَرُ بَيَانُهَا. نَعَمْ دُخُولُ الْحَمَّامِ بِأُجْرَةٍ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ مَعَ الْجَهْلِ بِقَدْرِ الْمُكْثِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
ذَلِكَ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ رُكُوبِ أَحَدِهِمَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَالْآخَرُ مِثْلُهُ عَلَى الِاتِّصَالِ وَبَيْنَ رُكُوبِ أَحَدِهِمَا ثَلَاثًا وَالْآخَرُ كَذَلِكَ، مَعَ أَنَّ الْغَرَضَ انْتِفَاءُ الضَّرَرِ عَنْ الدَّابَّةِ وَالْمَاشِي بِذَلِكَ، وَقَدْ يُقَالُ يُؤْخَذُ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِمَّا مَرَّ عَنْ حَجّ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ إنْ رَكِبَ وَهُوَ فِي تَعَبٌ خَفَّ عَلَى الْمَرْكُوبِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمَحْمُولُ) اُنْظُرْ لَوْ مَرِضَ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَرَضَ مِثْلُ الْمَوْتِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَوْجِيهِ حَجّ لِلنَّصِّ بِأَنَّهُ إذَا رَكِبَ بَعْدَ كَلَالٍ وَتَعَبٍ وَقَعَ عَلَى الْمَرْكُوبِ كَالْمَيِّتِ.
(فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ زِيَادَةٌ عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَكَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مُتَقَوِّمَةً إلَخْ (قَوْلُهُ لَكِنَّ مُشَاهَدَةَ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ كَالدَّابَّةِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ اعْتِبَارُ تَحْدِيدِ الْعَقَارِ) لَعَلَّ فَائِدَةَ اشْتِرَاطِ التَّحْدِيدِ مَعَ أَنَّ إجَارَةَ الْعَقَارِ لَا تَكُونُ إلَّا عَيْنِيَّةً، وَالْإِجَارَةُ الْعَيْنِيَّةُ يُشْتَرَطُ فِيهَا لِكُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ رُؤْيَةُ الْعَيْنِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْعَقَارُ أَرْضًا مُتَّصِلَةً بِغَيْرِهَا فَيَرَاهَا كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ، وَلَكِنْ لَا يَعْرِفُ الْمُسْتَأْجِرُ مِقْدَارَ مَا يَسْتَأْجِرُهُ مِنْ الْأَرْضِ فَيَذْكُرُ الْمُؤَجِّرُ حُدُودَهَا لِتَتَمَيَّزَ عَنْ غَيْرِهَا، وَمُجَرَّدُ الرُّؤْيَةِ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ عَمِلَ كَذَلِكَ) أَيْ مَجْهُولٌ (قَوْلُهُ وَفِيمَا لَهُ مَنْفَعَةٌ وَاحِدَةٌ) أَيْ عُرْفًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِغَيْرِ الْفُرُشِ كَجَعْلِهِ خَيْمَةً مَثَلًا (قَوْلُهُ: مَعَ الْجَهْلِ بِقَدْرِ الْمُكْثِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يُمْنَعُ مِنْ الْمُكْثِ زِيَادَةً عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ نَوْعِهِ وَمِنْ الزِّيَادَةِ فِي اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَيْضًا وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: وَانْظُرْ صُورَةَ الْمُعَاقَدَةِ الصَّحِيحَةِ عَلَى دُخُولِ الْحَمَّامِ مَعَ تَعَدُّدِ الدَّاخِلِينَ، فَإِنَّهُ مَثَلًا لَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْت مِنْك هَذَا الْحَمَّامَ بِكَذَا وَقَدَّرَ مُدَّةً اسْتَحَقَّ مَنْفَعَةَ جَمِيعِهِ فَلَا يُمْكِنُ الْمُعَاقَدَةُ مَعَ غَيْرِهِ أَيْضًا، أَوْ لَمْ يُقَدِّرْ مُدَّةً فَبَعْدَ تَسْلِيمِ الصِّحَّةِ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَةَ الْجَمِيعِ أَيْضًا وَلَا تُمْكِنُ الْمُعَاقَدَةُ مَعَ غَيْرِهِ، وَلَعَلَّ مِنْ صُوَرِهَا أَذِنْت لَك فِي دُخُولِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ]
ِ (قَوْلُهُ: كَالْمَبِيعِ فِي الْكُلِّ) أَيْ فِي أَنَّهُ إنْ وَرَدَ عَلَى مُعَيَّنٍ اشْتَرَطَ مَعْرِفَةَ عَيْنِهِ، وَتَقْدِيرُهُ عَلَى مَا يَأْتِي: وَإِنْ وَرَدَ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ اشْتَرَطَ وَصْفَهُ وَتَقْدِيرَهُ، لَكِنْ مُشَاهَدَةُ الْأَوَّلِ تُغْنِي عَنْ تَقْدِيرِهِ. (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ اعْتِبَارُ تَحْدِيدِ الْعَقَارِ) أَيْ: فَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ آجَرْتُكَ قِطْعَةً مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ مَثَلًا، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا آجَرَهُ دَارًا مَثَلًا كَفَتْ مُشَاهَدَتُهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَشْتَهِرْ بِدُونِهِ) أَيْ لِلْعَاقِدَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إجَارَةُ غَائِبٍ) أَيْ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ، فَمُرَادُهُ
وَغَيْرِهِ، لَكِنَّ الْأُجْرَةَ فِي مُقَابَلَةِ الْآلَاتِ لَا الْمَاءِ، فَعَلَيْهِ مَا يُغْرَفُ بِهِ الْمَاءُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الدَّاخِلِ، وَثِيَابُهُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْحَمَّامِيِّ إنْ لَمْ يَسْتَحْفِظْهُ عَلَيْهَا وَيُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ، وَلَا يَجِبُ بَيَانُ مَا يَسْتَأْجِرُهُ لَهُ فِي الدَّارِ لِقُرْبِ التَّفَاوُتِ مِنْ السُّكْنَى وَوَضْعِ الْمَتَاعِ وَمِنْ ثَمَّ حُمِلَ الْعَقْدُ عَلَى الْمَعْهُودِ فِي مِثْلِهَا مِنْ سُكَّانِهَا، وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَدَدُ مَنْ يَسْكُنُ اكْتِفَاءً بِمَا اُعْتِيدَ فِي مِثْلِهَا.
(ثُمَّ) إذَا تَوَفَّرَتْ الشُّرُوطُ فِي الْمَنْفَعَةِ (تَارَةً تُقَدَّرُ) الْمَنْفَعَةُ (بِزَمَانٍ) فَقَطْ. وَضَابِطُهُ كُلُّ مَا لَا يَنْضَبِطُ بِالْعَمَلِ، وَحِينَئِذٍ يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ كَرَضَاعِ هَذَا شَهْرًا، وَتَطْيِينِ أَوْ تَجْصِيصِ أَوْ اكْتِحَالِ أَوْ مُدَاوَاةِ هَذَا يَوْمًا، وَ (كَدَارٍ) وَأَرْضٍ وَثَوْبٍ وَآنِيَةٍ وَيَقُولُ فِي دَارٍ تُؤَجَّرُ لِلسُّكْنَى لِتَسْكُنَهَا، فَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ تَسْكُنَهَا أَوْ لِتَسْكُنَهَا وَحْدَك لَمْ تَصِحَّ كَمَا فِي الْبَحْرِ فِي الْأُولَى (سَنَةً) بِمِائَةٍ أَوَّلُهَا مِنْ فَرَاغِ الْعَقْدِ لِوُجُوبِ اتِّصَالِهَا بِالْعَقْدِ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَأَجَّرْتُكَهَا كُلَّ شَهْرٍ بِدِينَارٍ لَمْ تَصِحَّ، وَلَوْ مِنْ إمَامٍ اسْتَأْجَرَهُ مِنْ مَالِهِ لِلْأَذَانِ بِخِلَافِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَلَوْ قَالَ هَذَا الشَّهْرُ بِدِينَارٍ وَمَا زَادَ بِحِسَابِهِ صَحَّ فِي الْأَوَّلِ فَقَطْ، وَأَقَلُّ مُدَّةِ تُؤَجَّرُ لِلسُّكْنَى يَوْمٌ فَأَكْثَرُ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مَرَّةً وَتَبِعَهُ الرُّويَانِيُّ، وَمَرَّةً أَقَلُّهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ جَوَازُ بَعْضِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ فَقَدْ يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضُ مُسَافِرٍ وَنَحْوِهِ، وَالضَّابِطُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ مُتَقَوِّمَةً عِنْدَ أَهْلِ الْعُرْفِ أَيْ لِذَلِكَ الْمَحَلِّ لِيَحْسُنَ بِذَلِكَ الْمَالُ فِي مُقَابِلَتِهَا وَتَارَةً تُقَدَّرُ (بِعَمَلٍ) أَيْ بِمَحَلِّهِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ أَوْ بِزَمَنٍ (كَدَابَّةٍ) مُعَيَّنَةٍ أَوْ مَوْصُوفَةٍ لِلرُّكُوبِ أَوْ (لِحَمْلِ شَيْءٍ عَلَيْهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْحَمَّامِ بِدِرْهَمٍ فَيَقُولُ أَذِنْت فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَا الْمَاءِ) أَيْ أَمَّا هُوَ فَمَقْبُوضٌ بِالْإِبَاحَةِ (قَوْلُهُ: وَيُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ) أَيْ أَوْ يَأْخُذُ مِنْهُ الْأُجْرَةَ مَعَ صِيغَةِ اسْتِحْفَاظٍ
(قَوْلُهُ: أَوْ لِتَسْكُنَهَا وَحْدَك) أَيْ فَلَوْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَشَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ اسْتَأْجَرْتهَا بِكَذَا لِأَسْكُنَهَا وَحْدِي صَحَّ كَمَا بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ. أَقُولُ: وَهُوَ قِيَاسُ مَا لَوْ شَرَطَ الزَّوْجُ عَلَى نَفْسِهِ عَدَمَ الْوَطْءِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِمْ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ مُضِرَّةٌ سَوَاءٌ ابْتَدَأَ بِهَا الْمُؤَخَّرَ أَوْ الْقَابِلَ يَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ شَرْطٌ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَقَدْ يَمُوتُ الْمُسْتَأْجِرُ وَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِوَارِثِهِ خَاصًّا كَانَ أَوْ عَامًّا، وَلَا يَلْزَمُ مُسَاوَاةُ الْوَارِثِ فِي السُّكْنَى لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِيمَا مَلَكَهُ بِالْإِجَارَةِ فِيهِمَا، وَقَالَ حَجّ فِي تَعْلِيلِ الْأُولَى: لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الِاشْتِرَاطِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: كُلُّ شَهْرٍ بِدِينَارٍ لَمْ تَصِحَّ) أَيْ حَتَّى فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ لِلْجَهْلِ بِمِقْدَارِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
بِالْغَائِبِ غَيْرُ الْمَرْئِيِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَسْتَحْفِظْهُ عَلَيْهَا) فَإِنْ اسْتَحْفَظَهُ عَلَيْهَا صَارَتْ وَدِيعَةً يَضْمَنُهَا بِالتَّقْصِيرِ كَمَا يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَحْفِظْهُ عَلَيْهَا فَلَا يَضْمَنُهَا أَصْلًا وَإِنْ قَصَّرَ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ تَقْيِيدِ الضَّمَانِ بِمَا إذَا دَفَعَ إلَيْهِ أُجْرَةً فِي حِفْظِهَا لَمْ أَعْلَمْ مَأْخَذَهُ
. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إذَا تَوَفَّرَتْ الشُّرُوطُ فِي الْمَنْفَعَةِ) قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يُقَالُ مِنْ الشُّرُوطِ كَوْنُهَا مَعْلُومَةً بِالتَّقْدِيرِ الْآتِي فَانْظُرْ بَعْدَ ذَلِكَ حَاصِلَ الْمَعْنَى اهـ.
أَقُولُ: الْمُرَادُ بِشَرْطِ الْمَنْفَعَةِ شَرْطُهَا فِي نَفْسِهَا لِكَوْنِهَا مُتَقَوِّمَةً إلَى آخِرِ مَا مَرَّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مُتَقَوِّمَةً، فَالْمُرَادُ بِقِيمَتِهَا الَّذِي هُوَ الْمَنْفَعَةُ شَرَطَ لَهَا كَوْنَهَا مَعْلُومَةً فِي نَفْسِهَا غَيْرَ مُبْهَمَةٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْجَلَالُ الْمُحَقِّقُ بِقَوْلِهِ فَمَا لَهُ مَنَافِعُ يَجِبُ بَيَانُ الْمُرَادِ مِنْهَا اهـ.
وَأَمَّا تَقْدِيرُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا فَهُوَ بَيَانٌ لِكَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَلَيْسَ شَرْطًا لَهَا فِي نَفْسِهَا، وَيُوَافِقُ هَذَا قَوْلَ الشَّارِحِ كَالْعَلَّامَةِ ابْنِ حَجَرٍ فِي تَرْجَمَةِ الْفَصْلِ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ وَمَا تُقَدَّرُ بِهِ، فَجَعَلَ مَا تُقَدَّرُ بِهِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى الشَّرْطِ، لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُمَا بِالتَّقْدِيرِ الْآتِي عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَعْلُومَةً؛ إذْ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعِلْمَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: أَوَّلُهَا مِنْ فَرَاغِ الْعَقْدِ) يُوهِمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْمُؤَجِّرُ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ وَلَيْسَ مُرَادًا،
إلَى مَكَّةَ) أَوْ لِتَرْكَبَهَا شَهْرًا حَيْثُ بَيَّنَ النَّاحِيَةَ الْمَرْكُوبَ إلَيْهَا، وَمَحَلَّ تَسْلِيمِهَا لِلْمُؤَجِّرِ أَوْ نَائِبِهِ (وَكَخِيَاطَةِ ذَا الثَّوْبَ) أَوْ ثَوْبٌ صِفَتُهُ كَذَا، كَاسْتَأْجَرْتُكَ لِخِيَاطَتِهِ أَوْ أَلْزَمْت ذِمَّتَك خِيَاطَتَهُ لِتُمَيَّزَ هَذِهِ الْمَنَافِعُ فِي نَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ بِمُدَّةٍ، وكَاسْتَأْجَرْتُك لِلْخِيَاطَةِ شَهْرًا، وَيُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ بَيَانُ مَا يَخِيطُهُ، وَفِي الْكُلِّ كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ بَيَانُ كَوْنِهِ قَمِيصًا أَوْ غَيْرَهُ وَطُولِهِ وَعَرْضِهِ وَنَوْعِ الْخِيَاطَةِ أَوْ هِيَ رُومِيَّةٌ أَوْ غَيْرُهَا، وَمَحَلُّهُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْعَادَةِ وَإِلَّا حُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَيْهَا.
وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى التَّقْدِيرُ بِالزَّمَنِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، فَلَوْ قَالَ أَلْزَمْت ذِمَّتَك عَمَلَ الْخِيَاطَةِ شَهْرًا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ عَامِلًا وَلَا مَحَلًّا لِلْعَمَلِ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَحْثًا لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى كَلَامِ الْقَفَّالِ بِمَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ صِفَةَ الْعَمَلِ وَلَا مَحَلَّهُ وَإِلَّا بِأَنْ بَيَّنَ مَحَلَّهُ وَصِفَتَهُ صَحَّ، وَلَا فَرْقَ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ بَيْنَ الْإِشَارَةِ إلَى الثَّوْبِ أَوْ وَصْفِهِ.
(فَلَوْ)(جَمَعَهُمَا) أَيْ الْعَمَلَ وَالزَّمَانَ (فَاسْتَأْجَرَهُ لِيَخِيطَهُ) أَيْ الثَّوْبَ يَوْمًا مُعَيَّنًا أَوْ لِيَحْرُثَ هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ يَبْنِيَ هَذِهِ الْحَائِطَ (بَيَاضَ النَّهَارِ) الْمُعَيَّنِ (لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ) لِلْغَرَرِ إذْ قَدْ يَتَقَدَّمُ الْعَمَلُ أَوْ يَتَأَخَّرُ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي قَفِيزِ حِنْطَةٍ عَلَى أَنَّ وَزْنَهُ كَذَا حَيْثُ لَا يَصِحُّ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ أَوْ نَقْصِهِ، وَبِهِ يُعْلَمُ رَدُّ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّوْبُ صَغِيرًا يُقْطَعُ بِفَرَاغِهِ فِي الْيَوْمِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِاحْتِمَالِ عُرُوضِ عَائِقٍ لَهُ عَنْ إكْمَالِهِ فِي ذَلِكَ النَّهَارِ، وَإِنْ أَجَابَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ غَفْلَةٌ مِنْهُ بِدَلِيلِ أَنَّ عِلَّةَ الْبُطْلَانِ الِاحْتِمَالُ، فَدَعْوَى أَنَّهُ خِلَافَ الْأَصْلِ مَرْدُودَةٌ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْمُدَّةَ لِأَنَّهُ رِزْقٌ لَا أُجْرَةٌ (قَوْلُهُ: لِلْمُؤَجِّرِ أَوْ نَائِبِهِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِمَحَلِّ كَذَا وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُؤَجَّرَ لَهُ مَنْ يَسْتَلِمُهَا مِنْهُ إذَا وَصَلَ ذَلِكَ الْمَحَلَّ لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ، وَلَوْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ ثُمَّ إنْ كَانَ لِلْمُؤَجِّرِ وَكِيلٌ ثُمَّ سَلَّمَهَا لَهُ وَإِلَّا فَلِلْقَاضِي إنْ وُجِدَ وَإِلَّا أَوْدَعَهَا عِنْدَ أَمِينٍ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ هُنَا أَوْ نَائِبِهِ مَا نَصُّهُ: وَلَا يُنَافِي هَذَيْنِ جَوَازُ الْإِبْدَالِ وَالتَّسْلِيمِ لِلْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بَعْدَ بَيَانِ النَّاحِيَةِ وَمَحَلُّ التَّسْلِيمِ حَتَّى يُبَدَّلَا بِمِثْلِهِمَا اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ شَخْصٍ يُسَلِّمُهَا لَهُ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَقُولَ تَرْكَبُ إلَى مَحَلِّ كَذَا وَتُسَلِّمُهَا فِي مَحَلِّ كَذَا إلَيَّ أَوْ لِنَائِبِي مَثَلًا ثُمَّ بَعْدَ وُصُولِهِ إنْ وَجَدَهُ أَوْ نَائِبَهُ الْخَاصَّ سَلَّمَهَا لَهُ وَإِلَّا فَلِلْقَاضِي (قَوْلُهُ: وكَاسْتَأْجَرْتُك لِلْخِيَاطَةِ شَهْرًا) مِثَالٌ لِلتَّقْدِيرِ بِالزَّمَنِ وَهُوَ مِنْ صُوَرِ الْإِجَارَةِ الْعَيْنِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وكَاسْتَأْجَرْتُك لِلْخِيَاطَةِ شَهْرًا مَعَ قَوْلِهِ وَفِي الْكُلِّ كَمَا سَيُعْلَمُ إلَخْ فَإِنَّهُ اقْتَصَرَ فِي تَصْوِيرِ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَنِ عَلَى الْإِجَارَةِ الْعَيْنِيَّةِ. هَذَا وَلَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ امْتِنَاعِ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَنِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ مِمَّا ذُكِرَ، بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْهُ صِحَّتُهُ حَيْثُ بَيَّنَ صِفَةَ الْعَمَلِ وَمَحَلَّهُ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، ثُمَّ قَالَ فِي مَرَّةٍ أُخْرَى: إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ وَإِنْ بَيَّنَ صِفَةَ الْعَمَلِ لَكِنَّ الْعِلَّةَ تَخْتَلِفُ فِي مِقْدَارِ فِعْلِهَا بِاعْتِبَارِ خِفَّةِ الْيَدِ فِي الْعَمَلِ وَبُطْئِهَا، وَمُجَرَّدُ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَنِ لَا يُحَصِّلُ مَقْصُودَ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: لَا يَتَأَتَّى التَّقْدِيرُ بِالزَّمَنِ) أَيْ وَخَرَجَ بِالزَّمَنِ التَّقْدِيرُ بِالْعَمَلِ فَيَقُولُ أَلْزَمْت ذِمَّتَك خِيَاطَةَ كَذَا ثُمَّ يُعَيِّنُ مَا يُرِيدُ خِيَاطَتَهُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فَيَصِحُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ عَامِلًا) أَيْ لِأَنَّ الْعَمَلَ الْمُلْتَزَمَ فِي الذِّمَّةِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ حُصُولُ الْعَمَلِ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّقِهِ بِوَاحِدٍ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى كَلَامِ الْقَفَّالِ) أَيْ الْقَائِلِ بِذَلِكَ فَوَافَقَ بَحْثُهُ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَفِي التُّحْفَةِ زِيَادَةُ وَاوٍ قَبْلَ قَوْلِهِ لَهَا وَهِيَ تَحَقُّقُ الْإِيهَامِ (قَوْلُهُ: أَيْ: بِمَحَلِّهِ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: أَيْ كَالْمَسَافَةِ إلَى مَكَّةَ (قَوْلُهُ: أَوْ بِزَمَنٍ) عُطِفَ عَلَى بِعَمَلٍ، فَقَدْ جَعَلَ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ مَا لَا يُقَدَّرُ إلَّا بِالزَّمَنِ وَالثَّانِيَ مَا يُقَدَّرُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ الْعَمَلِ أَوْ الزَّمَنِ، وَسَيَأْتِي قِسْمٌ ثَالِثٌ وَهُوَ مَا لَا يُقَدَّرُ إلَّا بِالْعَمَلِ، كَذَا فِي حَوَاشِي الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: قَالَ الْقَفَّالُ: إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِشَارَةِ إلَى الثَّوْبِ أَوْ وَصْفِهِ
(قَوْلُهُ: فَدَعْوَى أَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ مَرْدُودَةٌ) لَا يُنَاسِبُ مَا قَبْلَهُ الَّذِي حَاصِلُهُ الْبُطْلَانُ لِلِاحْتِمَالِ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ كَانَ
نَعَمْ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ التَّقْدِيرَ بِالْعَمَلِ خَاصَّةً وَإِنَّمَا ذَكَرَ الزَّمَانَ لِلتَّعْجِيلِ فَقَطْ صَحَّ، وَحِينَئِذٍ فَالزَّمَانُ غَيْرُ مَنْظُورٍ لَهُ عِنْدَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ رَأْسًا. وَالثَّانِي يَصِحُّ. وَاعْلَمْ أَنَّ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْإِجَارَةِ، نَعَمْ تَبْطُلُ بِاسْتِثْنَائِهَا مِنْ إجَارَةِ أَيَّامٍ مُعَيَّنَةٍ كَمَا فِي قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ لِلْجَهْلِ بِمِقْدَارِ الْوَقْتِ الْمُسْتَثْنَى مَعَ إخْرَاجِهِ عَنْ مُسَمَّى اللَّفْظِ وَإِنْ وَافَقَ الِاسْتِثْنَاءَ الشَّرْعِيَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ.
(وَيُقَدَّرُ تَعْلِيمُ) نَحْوِ (الْقُرْآنِ بِمُدَّةٍ) كَشَهْرٍ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ الْخِيَاطَةِ، وَلَا نَظَرَ لِاخْتِلَافِهِ سُهُولَةً وَصُعُوبَةً، إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ قَدْرٌ مُعَيَّنٌ حَتَّى يُتْعِبَ نَفْسَهُ فِي تَحْصِيلِهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ إرَادَتِهِ جَمِيعَ الْقُرْآنِ بَلْ مَا يُسَمَّى قُرْآنًا، فَإِنْ أَرَادَ جَمِيعَهُ كَانَ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ التَّقْدِيرِ بِالْعَمَلِ وَالزَّمَنِ، وَكَذَا إنْ أُطْلِقَا لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ إنَّ الْقُرْآنَ بِأَلْ لَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى الْكُلِّ: أَيْ غَالِبًا، وَإِلَّا فَقَدْ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِلْبَعْضِ أَيْضًا، وَفِي دُخُولِ الْجُمَعِ فِي الْمُدَّةِ تَرَدُّدٌ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ ظَهْرًا لِيَرْكَبَهُ فِي طَرِيقٍ وَاعْتِيدَ نُزُولُ بَعْضِهَا هَلْ يَلْزَمُ لِلْمُكْتَرِي ذَلِكَ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمُ الدُّخُولِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ بَحْثًا وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْقَفَّالُ
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ إنْ قَصَدَ التَّقْدِيرَ) أَيْ وَيُعْلَمُ قَصْدُهُ بِالْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ: بِالْعَمَلِ خَاصَّةً) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ الِاشْتِرَاكَ أَوْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ذَكَرَ الزَّمَانَ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ أَخَّرَهُ لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ التَّعَاقُدَيْنِ رَأْسًا) أَيْ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ (قَوْلُهُ: الصَّلَوَاتِ) أَيْ وَطَهَارَتَهَا وَرَاتِبَتَهَا وَزَمَنَ الْأَكْلِ وَقَضَاءَ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ مِنْ الْإِجَارَةِ) أَيْ فَيُصَلِّيهَا بِمَحَلِّهِ أَوْ بِالْمَسْجِدِ إنْ اسْتَوَى الزَّمَنَانِ فِي حَقِّهِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ مَحَلُّهُ، وَاسْتِئْجَارُهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ وَمِنْ إجَارَةِ أَيَّامٍ مُعَيَّنَةٍ) لَمْ يَذْكُرْ مَفْهُومَهُ مَعَ أَنَّ الْإِجَارَةَ مَتَى قُدِّرَتْ بِزَمَانٍ كَانَتْ أَيَّامُهَا مُعَيَّنَةً، وَلَعَلَّهُ اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ قَدَّرَ بِمَحَلِّ عَمَلٍ وَاسْتَثْنَى أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ، لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بِالْعَمَلِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ نَفْسُ الْعَمَلِ كَثُرَ زَمَنُهُ أَوْ قَلَّ (قَوْلُهُ: عَنْ مُسَمَّى اللَّفْظِ) وَسَيَأْتِي عَنْ حَجّ أَنَّهُ يَجِبُ السَّعْيُ لِلصَّلَاةِ وَلَوْ جُمُعَةً لَمْ يُخْشَ مِنْ الذَّهَابِ إلَيْهَا عَلَى عَمَلِهِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ زَادَ زَمَنُ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى زَمَنِ صَلَاتِهِ بِمَوْضِعِ عَمَلِهِ: أَيْ فَلَوْ ذَهَبَ إلَيْهَا وَصَلَّاهَا ثُمَّ شَكَّ فِي أَنَّهَا مَسْبُوقَةٌ أَمْ لَا صَلَّى الظُّهْرَ لِعَدَمِ إجْزَاءِ الْجُمُعَةِ فِي ظَنِّهِ، وَكَذَا لَوْ صَلَّى الْجُمُعَةَ أَوْ غَيْرَهَا ثُمَّ بَانَ عَدَمُ إجْزَاءِ صَلَاتِهِ لِنَجَاسَةٍ بِبَدَنِهِ أَوْ ثِيَابِهِ مَثَلًا أَوْ بَانَ بِإِمَامِهِ مَا يُوجِبُ الْإِعَادَةَ يَجِبُ إعَادَةُ مَا صَلَّاهُ لِعَدَمِ إجْزَاءِ مَا فَعَلَهُ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا يُقَابِلُ فِعْلَ الْإِعَادَةِ لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى مَا يَنْصَرِفُ الْعَقْدُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ) بَقِيَ مَا لَوْ أَجَّرَ نَفْسَهُ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ وَصَرَفَ زَمَنَهَا فِي الْعَمَلِ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ هَلْ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ لِاسْتِثْنَائِهَا شَرْعًا أَمْ تَبْطُلُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ
(قَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ جَمِيعَهُ) أَيْ أَوْ بَعْضًا مُعَيَّنًا مِنْهُ وَإِنْ قُطِعَ بِحِفْظِهِ عَادَةً (قَوْلُهُ كَانَ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ التَّقْدِيرِ بِالْعَمَلِ وَالزَّمَنِ) أَيْ وَهُوَ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ أُطْلِقَا) أَيْ فَيَبْطُلُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَفِي دُخُولِ الْجُمَعِ) أَيْ أَيَّامِهَا (قَوْلُهُ فِي الْمُدَّةِ) أَيْ مُدَّةِ التَّعْلِيمِ، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ مُدَّةَ الْخِيَاطَةِ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَإِنَّ أَيَّامَ الْجُمَعِ تَدْخُلُ فِيمَا قَدَّرَهُ مِنْ الزَّمَنِ وَتُسْتَثْنَى أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ عَلَى مَا مَرَّ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ اطَّرَدَتْ عَادَتُهُمْ فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ بِتَرْكِ الْعَمَلِ فِي أَيَّامِ الْجُمَعِ (قَوْلُهُ: هَلْ يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ ذَلِكَ) أَيْ وَالرَّاجِحُ اللُّزُومُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ (قَوْلُهُ عَدَمُ الدُّخُولِ) قِيَاسُهُ بِالْأَوْلَى عَدَمُ دُخُولِ عِيدَيْ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، بَلْ لَا يَبْعُدُ أَنَّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ كَذَلِكَ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مَا لَوْ اعْتَادُوا بَطَالَةَ شَيْءٍ قَبْلَ يَوْمِ الْعِيدِ أَوْ بَعْدَهُ بَلْ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَالْأَيَّامِ الَّتِي اُعْتِيدَ فِيهَا خُرُوجُ الْمَحْمَلِ مَثَلًا
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ عَدَمَهُ، فَفِيهِ تَسْلِيمُ أَنَّ الْأَصْلَ وَالْغَالِبَ عَدَمُهُ لَكِنْ لَا نَظَرَ إلَى ذَلِكَ فَكَانَ الْأَصْوَبُ حَذْفَ قَوْلِهِ فَدَعْوَى إلَخْ
قَوْلُهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ قَدْرٌ مُعَيَّنٌ إلَخْ) وَسَيَأْتِي فِي حَمْلِهِ لِكَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ الْآتِي أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْجَازُ
كَالْأَحَدِ لِلنَّصَارَى أَخْذًا مِنْ إفْتَاءِ الْغَزَالِيِّ بَعْدَ دُخُولِ السَّبْتِ فِي اسْتِئْجَارِ الْيَهُودِ شَهْرًا لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ بِهِ.
(أَوْ تَعْيِينِ سُوَرٍ) أَوْ سُورَةٍ أَوْ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ كَذَا وَيَذْكُرُ مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ آخِرِهَا أَوْ وَسَطِهَا لِلتَّفَاوُتِ فِي ذَلِكَ، وَشَرَطَ الْقَاضِي أَنْ يَكُونَ فِي التَّعْلِيمِ كُلْفَةٌ كَأَنْ لَا يَتَعَلَّمَ الْفَاتِحَةَ مَثَلًا إلَّا فِي نِصْفِ يَوْمٍ، فَإِنْ تَعَلَّمَهَا فِي مَرَّتَيْنِ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِئْجَارُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّدَاقِ، وَالْأَوْجَهُ كَوْنُ الْمَدَارِ عَلَى الْكُلْفَةِ عُرْفًا كَإِقْرَائِهَا وَلَوْ مَرَّةً خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ قَوْلُهُ نِصْفَ يَوْمٍ، وَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ لِدُونِ ثَلَاثِ آيَاتٍ، لِأَنَّ تَعْيِينَ الْقُرْآنِ يَقْتَضِي الْإِعْجَازَ وَدُونَهَا لَا إعْجَازَ فِيهِ مَحَلُّ النَّظَرِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ مَا دُونَهَا كَذَلِكَ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِتَعْلِيمِ قُرْآنٍ مُقَدَّرٍ بِزَمَنٍ فَيُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْجَازُ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ قِرَاءَةِ نَافِعٍ مَثَلًا لِأَنَّ الْأَمْرَ قَرِيبٌ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ عَيَّنَ شَيْئًا تَعَيَّنَ، فَلَوْ أَقْرَأَهُ غَيْرُهُ اتَّجَهَ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ أُجْرَةً
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: كَالْأَحَدِ لِلنَّصَارَى) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَلْ يُلْحَقُ بِذَلِكَ بَقِيَّةُ أَعْيَادِهِمَا؟ فِيهِ نَظَرٌ لَا سِيَّمَا الَّتِي تَدُومُ أَيَّامًا، وَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ اهـ. وَلَا يُنَافِي اسْتِثْنَاءُ سَبْتِ الْيَهُودِ أَنَّهُ إذَا اسْتَعْدَى عَلَيْهِ يَوْمَ السَّبْتِ أُحْضِرَ لِأَنَّهُ لِحَقٍّ تَعَلَّقَ بِهِ وَالْإِجَارَةُ تَنْزِلُ عَلَى الْعَمَلِ الْمُعْتَادِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ بِهِ) وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْبَعْضِ وَصَوْنًا لَهُ عَنْ الْبُطْلَانِ مُؤَلِّفُ فَتَكُونُ الْجُمَعُ مُسْتَثْنَاةً، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ مِنْ الْبُطْلَانِ لِلْإِجَارَةِ عِنْدَ اسْتِثْنَائِهَا أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ
(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ كَوْنُ الْمَدَارِ عَلَى الْكُلْفَةِ) أَيْ وَلَوْ حَرْفًا وَاحِدًا كَأَنْ نَقَلَ عَلَيْهِ النُّطْقَ بِهِ فَعَالَجَهُ لِيَعْرِفهُ لَهُ (قَوْلُهُ: عُرْفًا) أَيْ وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ وَلَوْ لَمْ يُقْرِئْهُ بِالْأَحْكَامِ لِأَنَّهُ يُسَمَّى قِرَاءَةً عُرْفًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقِرَاءَةٍ عَلَى قَبْرٍ أَوْ قِرَاءَةِ لَيْلَةٍ مَثَلًا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: وَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) .
[فَرْعٌ] لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحِفْظِ كَذَا مِنْ الْقُرْآنِ هَلْ يَفْسُدُ الْعَقْدُ لِأَنَّ الْحِفْظَ لَيْسَ بِيَدِهِ كَمَا لَوْ شَرَطَ الشِّفَاءَ فِي الْمُدَاوَاةِ أَوْ يَصِحُّ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ التَّعْلِيمِ بِهِ وَيُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ سم عَلَى حَجّ. وَلَا يَبْعُدُ الصِّحَّةُ بِمَا عُلِّلَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّعْلِيمِ الْحِفْظُ، وَقَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ: أَيْ بَيْنَ الْمُدَاوَاةِ وَالْحِفْظِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ التَّعْلِيمَ مُسْتَلْزِمٌ لِلْحِفْظِ عَادَةً مُطَّرِدَةً غَايَتُهُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ شِدَّةً وَضَعْفًا بِاعْتِبَارِ قُوَّةِ فَهْمِ الْمُتَعَلِّمِ وَضَعْفِهِ، وَلَا كَذَلِكَ الشِّفَاءُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُدَاوَاةُ إذْ كَثِيرًا مَا تُوجَدُ وَلَا يُوجَدُ الشِّفَاءُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ عَلَّمَهُ مُدَّةً تَقْتَضِي الْعَادَةُ مَعَهَا بِالْحِفْظِ لِلْبَلِيدِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ فَيَنْبَغِي اسْتِحْقَاقُ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ التَّعْلِيمَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ هُوَ الْمَقْصُودُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ تَعْيِينَ الْقُرْآنِ إلَخْ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ لِأَنَّ الْقُرْآنَ يُطْلَقُ عَلَى الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ وَالْمَدَارُ عَلَى الْكُلْفَةِ الْحَاصِلَةِ بِالتَّعْلِيمِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ الشَّارِحُ وَأَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا لِأَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ قُرْآنٌ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِالْإِعْجَازِ اسْتِقْلَالًا وَلِهَذَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ قِرَاءَةُ كَلِمَةٍ بَلْ حَرْفٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَنَّ مَا دُونَهَا كَذَلِكَ) أَيْ يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لَهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ مَا دُونَ الثَّلَاثِ مُعْجِزٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ أَطْلَقَهَا صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ فِي بَلَدِهِ إنْ كَانَ وَإِلَّا أَقْرَأَهُ مَا شَاءَ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِيمَا يَعْلَمُهُ أُجِيبَ الْمُعَلَّمُ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ فَيُؤَدِّيهِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ أَرَادَهَا قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ مُسْتَوِيَانِ فَيُخْرِجُ فِي الزَّكَاةِ وَفِي أَدَاءِ قِيمَةِ التَّلَفِ مَا شَاءَ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَقْرَأَهُ غَيْرُهُ إلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً لِلْكَلِمَاتِ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ مَثَلًا بَيْنَ نَافِعٍ وَغَيْرِهِ أَوْ جَمِيعِ مَا عَلَّمَهُ إيَّاهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِ الثَّانِي.
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْجَازُ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ لِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ حَتَّى إذَا لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً أَوْ اعْتِبَارُهُ لِمَاذَا؟ ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ ابْنَ قَاسِمٍ نَظَرَ فِي هَذَا الْحَمْلِ بِأَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ يُسَمَّى قُرْآنًا وَإِنْ لَمْ
خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمُتَعَلِّمِ وَإِسْلَامِهِ أَوْ رَجَاءَ إسْلَامِهِ، وَيُفَارِقُ مَنْعَ بَيْعِ نَحْوِ مُصْحَفٍ مِمَّنْ يُرْجَى إسْلَامُهُ بِأَنَّ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى خُلْفِ الرَّجَاءِ فِيهِ مِنْ الِامْتِهَانِ أَفْحَشُ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى التَّعْلِيمِ هُنَا، وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ وَلَا اخْتِيَارُ حِفْظِهِ. نَعَمْ لَوْ وَجَدَهُ خَارِجًا عَنْ عَادَةِ أَمْثَالِهِ تَخَيَّرَ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُعْتَبَرُ عِلْمُهُمَا بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَإِلَّا وَكَّلَا مَنْ يُعَلِّمُهُ، وَلَا يَكْفِي فَتْحُ الْمُصْحَفِ وَتَعْيِينُهُمَا قَدْرًا مِنْهُ لِاخْتِلَافِ الْمُشَارِ إلَيْهِ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً، وَفَارَقَ الِاكْتِفَاءَ بِمُشَاهَدَةِ الْكَفِيلِ فِي الْبَيْعِ كَمَا مَرَّ بِأَنَّهُ مَحْضُ تَوَثُّقٍ لِلْعَقْدِ لَا مَعْقُودَ عَلَيْهِ فَكَانَ أَمْرُهُ أَخَفَّ.
(وَفِي الْبِنَاءِ) أَيْ الِاسْتِئْجَارِ لَهُ عَلَى أَرْضٍ أَوْ نَحْوِ سَقْفٍ (يُبَيِّنُ الْمَوْضِعَ) الَّذِي يَبْنِي فِيهِ الْجِدَارَ (وَالطُّولَ) لَهُ وَهُوَ الِامْتِدَادُ مِنْ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى (وَالْعَرْضَ) وَهُوَ مَا بَيْنَ وَجْهَيْ الْجِدَارِ (وَالسَّمْكَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَهُوَ الِارْتِفَاعُ إنْ قُدِّرَ بِالْعَمَلِ (وَمَا يَبْنِي بِهِ) مِنْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَكَيْفِيَّةَ الْبِنَاءِ أَهُوَ مُنَضَّدٌ أَوْ مُجَوَّفٌ أَوْ مُسَقَّمٌ (إنْ قُدِّرَ بِالْعَمَلِ) لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِهِ. نَعَمْ إنْ كَانَ مَا يَبْنِي بِهِ حَاضِرًا فَمُشَاهَدَتُهُ تُغْنِي عَنْ تَبْيِينِهِ، وَفَارَقَ مَا ذُكِرَ تَقْدِيرَ الْحَفْرِ بِالزَّمَنِ حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ بَيَانُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْفَرْضَ فِي الْخِيَاطَةِ وَالْبِنَاءِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحَفْرِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ مَحَلًّا لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ وَهُوَ نَحْوُ سَقْفٍ اُشْتُرِطَ جَمِيعُ ذَلِكَ أَوْ أَرْضٍ اُشْتُرِطَ مَا سِوَى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
[فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ الِاسْتِئْجَارِ لِتَعْلِيمِ الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ فَأَجَبْنَا عَنْهُ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُرَادُهُ مِنْ تَعَلُّمِهَا الِاسْتِشْهَادَ بِهَا عَلَى قَوَاعِدِ النَّحْوِ أَوْ الِاحْتِرَازَ عَنْ الْقِرَاءَةِ بِهَا صَحَّتْ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ الْقِرَاءَةَ بِهَا الْمُحَرَّمَةَ لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) هُوَ حَجّ فَإِنَّهُ يَقُولُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمُتَعَلِّمِ) أَيْ لِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى خُلْفِ الرَّجَاءِ فِيهِ) أَيْ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ) أَيْ الْمُتَعَلِّمِ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ وَجَدَهُ) أَيْ الْمُعَلَّمَ (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ عِلْمُهُمَا بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُعْتَبَرَ بَيَانُ أَنَّ التَّعْلِيمَ مِنْ أَوَّلِ الْقُرْآنِ أَوْ مِنْ آخِرِهِ أَوْ مِنْ وَسَطِهِ لِأَنَّ الْغَرَضَ مُخْتَلِفٌ جِدًّا بِذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ. ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ السَّابِقِ وَيَذْكُرُ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا وَكَّلَا) لَا يُقَالُ: كَيْفَ يَجْهَلُهُ الْمُعَلِّمُ؟ لِأَنَّا نَقُولُ: يَجُوزُ أَنَّهُ أَلْزَمَ ذِمَّتَهُ التَّعْلِيمَ وَهُوَ مُمْكِنٌ بِإِحْضَارِ غَيْرِهِ لَهُ وَبِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُعَلِّمَ مِنْ الْمُصْحَفِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَعْرِفَةُ السُّورَةِ الَّتِي يُرِيدُ الْعَقْدَ عَلَيْهَا.
[فَرْعٌ] قَالَ حَجّ: لَوْ كَانَ يَنْسَى مَا يَتَعَلَّمُهُ لِوَقْتِهِ فِيهِ وُجُوهٌ أَصَحُّهَا اعْتِبَارُ الْعُرْفِ: أَيْ إنْ اطَّرَدَ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ وُجُوبُ الْبَيَانِ فِي الْعَقْدِ، فَإِنْ طَرَأَ كَوْنُهُ يَنْسَى بَعْدَهُ احْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ يُخَيَّرُ الْأَجِيرُ وَأَنْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُهُ التَّحْدِيدُ لِمَا حَفِظَ سَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرَ نَسْيَهُ قَبْلَ كَمَالِ الْآيَةِ أَوْ بَعْدَهَا ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا إلَخْ فَرَاجِعْهُ
(قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا ذُكِرَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ مَنْ يَبْنِي لَهُ اشْتَرَطَ أَنْ يُبَيِّنَ الْمَوْضِعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ نَحْوُ سَقْفٍ) أَيْ كَجِدَارٍ، وَأَفْتَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي اسْتِئْجَارِ عُلُوِّ دُكَّانٍ مَوْقُوفَةٍ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ بِجَوَازِهِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ حَالَةَ الْوَقْفِ بِنَاءٌ وَتَعَذَّرَتْ إعَادَتُهُ: أَيْ مِنْ جِهَةِ نَاظِرِ الْوَقْفِ حَالًا وَمَآلًا وَلَمْ يَضُرَّ بِالسُّفْلِ. قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وَاعْتِيدَ انْتِفَاعُ الْمُسْتَأْجِرِ بِسَطْحِهِ وَكَانَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
يَتَّصِفْ بِالْإِعْجَازِ اسْتِقْلَالًا، وَلِهَذَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ قِرَاءَةُ كَلِمَةٍ بَلْ حَرْفٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمُتَعَلِّمِ) أَيْ: فَلَا يَصِحُّ اسْتَأْجَرْتُكَ لِتُعَلِّمَ أَحَدَ عَبْدَيْ
(قَوْلُهُ: إنْ قُدِّرَ بِالْعَمَلِ) تَبِعَ فِي ذِكْرِهِ هُنَا الْعَلَّامَةَ ابْنَ حَجَرٍ، لَكِنْ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا هُنَا لِلزِّيَادَةِ الَّتِي زَادَهَا عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ قُدِّرَ بِالْعَمَلِ حَيْثُ قَالَ أَوْ بِالزَّمَنِ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ، فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ ذِكْرُهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِهِ) إلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْحَفْرِ مُتَعَلِّقٌ بِالزَّمَنِ الَّذِي زَادَهُ فِي التُّحْفَةِ فَأَسْقَطَهُ الشَّارِحُ وَذَكَرَ هَذَا فَلَمْ يَصِحَّ، وَلَعَلَّ إسْقَاطَهُ مِنْ الْكَتَبَةِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ الْمَتْنِ نَصُّهَا: أَوْ بِالزَّمَنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي خِيَاطَةٍ قُدِّرَتْ بِزَمَنٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ
الِارْتِفَاعِ وَمَا يَبْنِي بِهِ وَصِفَةُ الْبِنَاءِ لِأَنَّهَا تَحْمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُعَيِّنُ فِي النِّسَاخَةِ عَدَدَ الْأَوْرَاقِ وَأَسْطُرَ الصَّفْحَةِ وَقَدْرَ الْقَطْعِ وَالْحَوَاشِي، وَيَجُوزُ التَّقْدِيرُ فِيهَا بِالْمُدَّةِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا يَبْعُدُ اشْتِرَاطُ الْمُسْتَأْجِرِ خَطَّ الْأَجِيرِ وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِبَيَانِ دِقَّةِ الْخَطِّ وَغِلَظِهِ، وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُهُ إنْ اخْتَلَفَ بِهِ غَرَضٌ وَإِلَّا فَلَا، وَيُبَيِّنُ فِي الرَّعْيِ الْمُدَّةَ وَجِنْسَ الْحَيَوَانِ وَنَوْعَهُ، وَيَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَى قَطِيعٍ مُعَيَّنٍ وَعَلَى قَطِيعٍ فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهِ الْعَدَدَ اكْتَفَى بِالْعُرْفِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَيُبَيِّنُ فِي الِاسْتِئْجَارِ لِضَرْبِ اللَّبَنِ إذَا قُدِّرَ بِالْعَمَلِ الْعَدَدَ وَالْقَالَبَ بِفَتْحِ اللَّامِ طُولًا وَعَرْضًا وَسَمْكًا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّبْيِينِ، فَإِنْ قُدِّرَ بِالزَّمَانِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِ الْعَدَدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعُمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنْ قُدِّرَ بِالزَّمَانِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى بَيَانِ مَا ذُكِرَ: أَيْ جَمِيعُهُ فَلَا يُنَافِيهِ وُجُوبُ بَيَانِ صِفَتِهِ.
(وَإِذَا صَلَحَتْ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا (الْأَرْضُ لِبِنَاءٍ وَزِرَاعَةٍ وَغِرَاسٍ) أَوْ لِاثْنَيْنِ مِنْ ذَلِكَ (اُشْتُرِطَ) فِي صِحَّةِ إجَارَتِهَا (تَعْيِينُ) نَوْعِ (الْمَنْفَعَةِ) الْمُسْتَأْجَرِ لَهَا لِاخْتِلَافِ ضَرَرِهَا، فَلَوْ أُطْلِقَ لَمْ تَصِحَّ. أَمَّا إذَا لَمْ تَصْلُحْ إلَّا لِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَكْفِي الْإِطْلَاقُ فِيهَا كَأَرَاضِي الْأَحْكَارِ فَإِنَّهُ يَغْلِبُ فِيهَا الْبِنَاءُ وَبَعْضُ الْبَسَاتِينِ فَإِنَّهُ يَغْلِبُ فِيهَا الْغِرَاسُ (وَيَكْفِي تَعْيِينُ الزِّرَاعَةِ) بِأَنْ يَقُولَ لِلزِّرَاعَةِ أَوْ لِتَزْرَعَهَا (عَنْ ذِكْرِ مَا يَزْرَعُ وَالْأَصَحُّ) فَيَزْرَعُ مَا شَاءَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْبِنَاءُ عَلَيْهِ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيَنْقُصُ بِسَبَبِهِ أُجْرَتُهُ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ زَادَتْ أُجْرَةُ الْبِنَاءِ عَلَى مَا نَقَصَ مِنْ أُجْرَتِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ تَغْيِيرٌ لِلْوَقْفِ مَعَ إمْكَانِ بَقَائِهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ جَازَ. وَاعْتَرَضَ السُّبْكِيُّ مَا قَالَهُ مِنْ الْجَوَازِ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ لِقَوْلِهِمْ لَوْ انْقَلَعَ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ لَمْ يُؤَجِّرْ الْأَرْضَ لِيَبْنِيَ فِيهَا غَيْرَ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَلْ يُنْتَفَعُ بِهَا بِزَرْعٍ أَوْ نَحْوِهِ إلَى أَنْ تُعَادَ لِمَا كَانَتْ عَلَيْهِ وَخِلَافُ الْمُدْرِكِ لِأَنَّ الْبَانِيَ قَدْ يَسْتَوْلِي عَلَيْهِ وَيَدَّعِي مِلْكَ السُّفْلِ وَيَعْجِزُ النَّاظِرُ عَنْ بَيِّنَةٍ تَدْفَعُهُ حَجّ. وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْقُصْ بِسَبَبِهِ الْأُجْرَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَقَدَّرَ الْقَطْعَ) أَيْ كَوْنُهُ فِي نِصْفِ الْفَرْخِ أَوْ كَامِلِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ التَّقْدِيرُ فِيهَا بِالْمُدَّةِ) وَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ حِينَئِذٍ مِنْ كَوْنِهَا إجَارَةَ عَيْنٍ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِالزَّمَنِ لَا يَتَأَتَّى فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ ثُمَّ حَيْثُ صَحَّ الْعَقْدُ لَا تَدْخُلُ أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ وَقَضَاءُ الْحَاجَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِعَدَمِ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ الشَّارِحِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْبِنَاءِ (قَوْلُهُ وَيُبَيِّنُ فِي الرَّعْيِ) أَيْ فِي الِاسْتِئْجَارِ لَهُ (قَوْلُهُ اكْتَفَى بِالْعُرْفِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ عُرْفٌ مُطَّرِدٌ فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ عَدَدٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَدَّرَ بِالزَّمَانِ إلَخْ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوْصَافِ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا صَلَحَتْ) أَيْ بِحَسَبِ الْعَادَةِ، وَإِلَّا فَغَالِبُ الْأَرَاضِيِ يَتَأَتَّى فِيهَا كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: نَوْعِ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي تَعْيِينُ الزِّرَاعَةِ إلَخْ) .
[وَاقِعَةٌ] أَجَّرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ فَعَطَّلَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَنَبَتَ فِيهَا عُشْبٌ فَلِمَنْ يَكُونُ؟ أَجَابَ شَيْخُنَا بِأَنَّهُ لِلْمَالِكِ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُمَلَّكُ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَتُمَلَّكُ الْمَنَافِعُ اهـ دَمِيرِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَيْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأُجْرَةَ الَّتِي وَقَعَ بِهَا الْعَقْدُ تَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا تَجِبُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ. وَقِيَاسُ مَا أَجَابَ بِهِ أَنَّ مَا يَطْلُعُ فِي خِلَالِ الزَّرْعِ مِنْ غَيْرِ بَذْرِ الْمُسْتَأْجِرِ كَالْحَشِيشِ مَثَلًا يَكُونُ لِمَالِكِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: فَيَزْرَعُ مَا شَاءَ) أَيْ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَلَوْ مِنْ أَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَنْ يُعَيِّنَ مَا يَخِيطَهُ، وَفَارَقَ مَا ذُكِرَ تَعْيِينَ الْحَفْرِ بِالزَّمَنِ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ) صَوَابُهُ الْفَارِقِيُّ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الَّذِي نَقَلَ الشَّارِحُ عِبَارَتَهُ مَعَ الْمَتْنِ بِالْحَرْفِ (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ الشَّارِحِ) يَعْنِي فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الزَّمَنِ أَثْبَتَهُ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ كَالتُّحْفَةِ وَأَنَّ إسْقَاطَهُ مِنْ الْكَتَبَةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَقَوْلُ
إذْ تَفَاوُتُ أَنْوَاعِ الزَّرْعِ قَلِيلٌ وَمِنْ ثَمَّ يُنَزَّلُ عَلَى أَقَلِّهَا ضَرَرًا وَأَجْرَيَا ذَلِكَ فِي لِتَغْرِسَ أَوْ لِتَبْنِيَ فَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ أَفْرَادِهِمَا فَيَغْرِسَ أَوْ يَبْنِيَ مَا شَاءَ، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ كَثْرَةِ التَّفَاوُتِ فِي أَنْوَاعِ هَذَيْنِ رُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ، فَإِبْهَامُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالزِّرَاعَةِ لَيْسَ مُرَادًا. وَالثَّانِي لَا يَكْفِي لِأَنَّ ضَرَرَ الزَّرْعِ مُخْتَلِفٌ. وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِيمَنْ أَجَّرَ عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنْ فَعَلَ عَنْ غَيْرِهِ بِوِلَايَةٍ أَوْ نِيَابَةٍ لَمْ يَكْفِ الْإِطْلَاقُ لِوُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ لَمْ تَصْلُحْ إلَّا لِلزِّرَاعَةِ وَغَصَبَهَا غَاصِبٌ فِي سِنِي جَدْبٍ فَالْأَقْرَبُ لُزُومُ أُجْرَةِ مِثْلِهَا مُدَّةَ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا بِنَحْوِ رَبْطِ دَوَابَّ فِيهَا، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهَا ذَلِكَ الْوَقْتَ وَيُلْحَقُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ بُيُوتُ مِنًى فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْمَوْسِمِ لِأَنَّا لَا نَعْتَبِرُ فِي تَغْرِيمِ الْغَاصِبِ أَنْ يَكُونَ لِلْمَغْصُوبِ أُجْرَةٌ بِالْفِعْلِ بَلْ بِالْإِمْكَانِ فَحَيْثُ أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَجَبَتْ أُجْرَتُهُ.
(وَلَوْ)(قَالَ) آجَرْتُكهَا (لِتَنْتَفِعَ بِهَا بِمَا شِئْت) صَحَّ وَيَفْعَلُ مَا شَاءَ لِرِضَاهُ بِهِ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُنْتَفَعَ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْعَارِيَّةِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَدَمُ الْإِضْرَارِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، فَعَلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ إرَاحَةُ الْمَأْجُورِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ كَمَا فِي إرَاحَةِ الدَّابَّةِ، وَلَا أَثَرَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ إتْعَابَ الدَّابَّةِ الْمُضِرُّ بِهَا حَرَامٌ حَتَّى عَلَى مَالِكِهَا، بِخِلَافِ الْأَرْضِ لِأَنَّ الْعَادَةَ مُحَكَّمَةٌ وَتَعْمِيمُ مَحْمُولٍ عَلَيْهَا لِلُحُوقِ الضَّرَرِ لِلْمَالِكِ بِمُخَالَفَتِهَا، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ إلْحَاقِ الْآدَمِيِّ بِهِمَا فَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهُمَا لِيَنْتَفِعَ بِهِ الْمُؤَجِّرُ مَا شَاءَ.
(وَكَذَا) يَصِحُّ (لَوْ)(قَالَ) لَهُ إنْ شِئْت فَازْرَعْهَا وَإِنْ شِئْت فَاغْرِسْهَا (فِي الْأَصَحِّ) وَيُتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا فَيَصْنَعُ مَا شَاءَ مِنْ زَرْعٍ وَغَرْسٍ لِرِضَاهُ بِالْأَضَرِّ. وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِلْإِبْهَامِ، وَلَا بُدَّ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ أَخْذًا مِنْ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِزِيَادَةِ مَا شِئْت بِأَنْ يَقُولَ إنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
ثُمَّ رَأَيْته فِي الزِّيَادِيِّ وَفِي كَلَامِهِ الْآتِي (قَوْلُهُ: فَيَغْرِسُ أَوْ يَبْنِي مَا شَاءَ) أَيْ وَلَوْ بِغَرْسِ الْبَعْضِ وَبِنَاءِ الْبَعْضِ.
(قَوْلُهُ: فِي سِنِي) بِسُكُونِ الْيَاءِ وَأَصْلُهُ فِي سِنِينَ حُذِفَتْ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ فَمَنْ قَرَأَهَا بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ لَمْ يُصِبْ (قَوْلُهُ: جَدْبٍ) هُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْقَحْطُ (قَوْلُهُ: فَالْأَقْرَبُ لُزُومُ أُجْرَةِ مِثْلِهَا إلَخْ) لَعَلَّهُ لِلِانْتِفَاعِ الْمُمْكِنِ اهـ سم حَجّ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِهَا إلَّا فِي الزِّرَاعَةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً لِمُدَّةِ الْغَصْبِ
(قَوْلُهُ وَيَفْعَلُ مَا شَاءَ) شَامِلٌ لِنَحْوِ الْقَصَبِ وَالْأُرْزِ مَعَ شِدَّةِ ضَرَرِهِ بِالنِّسْبَةِ لِبَقِيَّةِ أَنْوَاعِ الزَّرْعِ، وَالْوَجْهُ أَنْ يَتَقَيَّدَ بِالْمُعْتَادِ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْأَرْضِ وَإِنْ عُمِّمَ فَقَالَ لِتَزْرَعْ مَا شِئْت م ر اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَطَرِيقُهُ إذَا أَرَادَ زَرْعَ ذَلِكَ وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِزَرْعِهِ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ أَنْ يَنُصَّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَرْضِ وَلَوْ نَادِرًا، وَلَا نَظَرَ لِخُصُوصِ الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى لَوْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يَزْرَعُ إلَّا الْحِنْطَةَ مَثَلًا وَاعْتِيدَ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ أَنْ تُزْرَعَ مِنْ غَيْرِ مَا اعْتَادَهُ نَحْوُ الْمُسْتَأْجِرِ كَالسِّمْسِمِ وَالْقَصَبِ مَثَلًا جَازَ لَهُ فِعْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ عَادَتِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ إلْحَاقِ الْآدَمِيِّ) أَيْ حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا، وَلَوْ قِيلَ بِالصِّحَّةِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي اسْتِئْجَارِ مِثْلِهِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ.
(قَوْلُهُ: لِرِضَاهُ بِالْأَضَرِّ) يُتَّجَهُ أَنْ يَجُوزَ لَهُ زَرْعُ الْبَعْضِ وَغَرْسُ الْبَعْضِ لِأَنَّهُ أَخَفُّ قَطْعًا مِنْ غَرْسِ الْجَمِيعِ الْجَائِزِ لَهُ، وَغَايَةُ زَرْعِ الْبَعْضِ فَقَطْ أَنَّهُ عُدُولٌ عَنْ غَرْسِ ذَلِكَ الْبَعْضِ الْجَائِزِ إلَى مَا هُوَ أَخَفُّ مِنْهُ وَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ، بَلْ لَوْ قَالَ لَهُ إنْ شِئْت فَاغْرِسْ وَإِنْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الشَّارِحِ إلَى آخِرِهِ إنَّمَا يَنْتَظِمُ مَعَهُ
(قَوْلُهُ: أَوْ يَبْنِي مَا شَاءَ) أَيْ: مِنْ دَارٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَقَدْ مَرَّ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْمَوْضِعِ وَالطُّولِ وَالْعَرْضِ. (قَوْلُهُ: فَالْأَقْرَبُ لُزُومُ أُجْرَةِ مِثْلِهَا) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: لَعَلَّهُ الِانْتِفَاعُ الْمُمْكِنُ (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ بُيُوتُ مِنًى) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْآلَةُ، وَإِلَّا فَأَرْضُهَا لَا تُمْلَكُ وَمَا يُبْنَى فِيهَا وَاجِبُ الْهَدْمِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ عَقِبَ مَا ذَكَرَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ فِي آلَاتِ مِنًى لَا أُجْرَةَ فِيهَا مُطْلَقًا لَمْ يَبْعُدْ؛ لِأَنَّ مَالِكَهَا مُتَعَدٍّ بِوَضْعِهَا فَلَمْ يُنَاسِبْ وُجُوبَ أُجْرَةِ مِثْلِهَا
(قَوْلُهُ: لِيَنْتَفِعَ بِهَا الْمُؤَجَّرُ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَحِينَئِذٍ فَتَتَعَيَّنُ قِرَاءَتُهُ
شِئْت فَازْرَعْ مَا شِئْت أَوْ اغْرِسْ مَا شِئْت، فَإِنْ لَمْ يَزِدْ مَا ذُكِرَ عَادَ الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ تَعْيِينِ مَا يُزْرَعُ، وَلَوْ قَالَ وَآجَرْتُكهَا لِتَزْرَعَ أَوْ تَغْرِسَ أَوْ فَازْرَعْ وَاغْرِسْ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْقَدْرَ أَوْ لِتَزْرَعَ نِصْفًا وَتَغْرِسَ نِصْفًا وَلَمْ يَخُصَّ كُلَّ نِصْفٍ بِنَوْعٍ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ فِي الثَّلَاثَةِ لِلْإِبْهَامِ، وَصَرَّحَ بِالْأَخِيرَةِ الْقَفَّالُ.
(وَيُشْتَرَطُ فِي إجَارَةِ دَابَّةٍ لِرُكُوبٍ) عَيْنًا أَوْ ذِمَّةً (مَعْرِفَةُ الرَّاكِبِ بِمُشَاهَدَةٍ أَوْ وَصْفٍ تَامٍّ) لَهُ لِيَنْتَفِيَ الْغَرَرُ وَذَلِكَ بِنَحْوِ ضَخَامَةٍ أَوْ نَحَافَةٍ كَمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ خِلَافًا لِلْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ اعْتِبَارِ الْوَزْنِ إذْ وَزْنُهُ يُخِلُّ بِحِشْمَتِهِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوا فِي نَحْوِ الْمَحْمَلِ الْوَصْفَ مَعَ الْوَزْنِ، لِأَنَّهُ إذَا عُيِّنَ لَا يَتَغَيَّرُ وَالرَّاكِبُ قَدْ يَتَغَيَّرُ بِسِمَنٍ أَوْ هُزَالٍ فَلَمْ يُعْتَبَرْ جَمْعُهُمَا فِيهِ (وَقِيلَ لَا يَكْفِي الْوَصْفُ) وَتَتَعَيَّنُ الْمُشَاهَدَةُ لِخَبَرِ «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ» وَلِمَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِوَصْفِ الرَّضِيعِ (وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا) مَعَهُ مِنْ زَامِلَةٍ وَنَحْوِهَا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَلَا تُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ وُرُودَهَا لِأَنَّ كَلَامَهُ الْآتِي فِي الْحَمْلِ يُفِيدُهُ، وَفِيمَا (يَرْكَبُ عَلَيْهِ مِنْ مَحْمَلٍ وَغَيْرِهِ) كَسَرْجٍ أَوْ إكَافٍ (إنْ) فَحُشَ تَفَاوُتُهُ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عُرْفٌ مُطَّرِدٌ أَوْ (كَانَ) ذَلِكَ (لَهُ) أَيْ لِلْمُكْتَرِي أَيْ تَحْتَ يَدِهِ وَلَوْ بِعَارِيَّةٍ فَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِمُشَاهَدَتِهِ أَوْ وَصْفِهِ التَّامِّ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ لَهُ عَمَّا لَوْ كَانَ الرَّاكِبُ مُجَرَّدًا لَيْسَ لَهُ مَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ مَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ وَيَرْكَبُهُ الْمُؤَجِّرُ عَلَى مَا شَاءَ مِنْ نَحْوِ سَرْجٍ يَلِيقُ بِالدَّابَّةِ، فَإِنْ اطَّرَدَ عُرْفٌ لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِهِ وَيُحْمَلُ عَلَى الْمَعْهُودِ، وَبِهَذَا يُرَدُّ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ بِطَلَبِ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ الْآتِي يُتَّبَعُ فِي السَّرْجِ الْعُرْفُ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا بُدَّ فِي نَحْوِ الْمَحْمَلِ مِنْ وِطَاءٍ وَهُوَ مَا يُجْلَسُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
شِئْت فَابْنِ احْتَمَلَ جَوَازَ غَرْسِ الْبَعْضِ وَالْبِنَاءَ فِي الْبَعْضِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِكُلٍّ مِنْ ضَرَرَيْ غَرْسِ الْجَمِيعِ وَبِنَائِهِ، وَضَرَرُ التَّبْعِيضِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَقَلَّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا زَادَ عَلَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ م ر لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ رِضَاهُ بِمَحْضِ ضَرَرِ كُلٍّ رِضَاهُ بِالْمُلَفَّقِ مِنْهُمَا، إذْ قَدْ يَرْضَى بِمَحْضِ ضَرَرِ ظَاهِرِ الْأَرْضِ كَمَا فِي الْبِنَاءِ أَوْ بِمَحْضِ ضَرَرِ بَاطِنِهَا فِي الْغَرْسِ دُونَ الْمُتَبَعِّضِ مِنْهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ فَلَعَلَّ هَذَا أَوْجَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَادَ الْخِلَافُ) وَالرَّاجِحُ مِنْهُ الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ: أَوْ تَغْرِسَ) لَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الصُّورَةِ وَصُورَةِ الْمَتْنِ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ جَعَلَ مَوْرِدَ الْإِجَارَةِ الْأَرْضَ غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِقَيْدٍ وَخَيَّرَهُ بَعْدَ تَمَامِ الصِّيغَةِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ جَعَلَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الزَّرْعِ وَالْغِرَاسِ مَوْرِدًا لِلْإِجَارَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا مِنْ لَفْظِهِ. وَعِبَارَةُ حَجّ: لِتَزْرَعَ وَتَغْرِسَ، وَالْبُطْلَانُ عَلَيْهَا ظَاهِرٌ لِعَدَمِ بَيَانِ مِقْدَارِ مَا يُزْرَعُ وَمَا يُغْرَسُ اهـ.
وَقَدْ يُؤْخَذُ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا مِنْ الْفَرْقِ مِنْ قَوْلِ سم عَلَى حَجّ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ: وَلَا يَصِحُّ لِتَزْرَعَ أَوْ تَغْرِسَ لِلْإِبْهَامِ لِأَنَّهُ جَعَلَ لَهُ أَحَدَهُمَا لَا بِعَيْنِهِ حَتَّى لَوْ قَالَ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَفْعَلُ أَيَّهُمَا شَاءَ صَحَّ كَمَا نَقَلَهُ عَنْ التَّقْرِيبِ اهـ. وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ جَعَلَ لَهُ أَحَدَهُمَا لَا بِعَيْنِهِ مَعَ قَوْلِهِ حَتَّى إلَخْ يُعْلَمُ مِنْهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْبُطْلَانِ فِي لِتَزْرَعَ أَوْ تَغْرِسَ وَالصِّحَّةِ فِي إنْ شِئْت فَازْرَعْ وَإِنْ شِئْت فَاغْرِسْ (قَوْلُهُ: أَوْ لِتَزْرَعَ نِصْفًا) أَيْ أَوْ تَزْرَعَ نِصْفًا وَتَبْنِيَ نِصْفًا أَوْ تَغْرِسَ نِصْفًا وَتَبْنِيَ نِصْفًا اهـ (قَوْلُهُ: بِنَوْعٍ) وَمِثْلُهُ لِتَزْرَعَ أَوْ تَبْنِيَ أَوْ تَغْرِسَ أَوْ تَبْنِيَ (قَوْلُهُ: لِلْإِبْهَامِ) أَيْ أَوْ فَازْرَعْ وَابْنِ أَوْ اغْرِسْ وَابْنِ.
(قَوْلُهُ فَلَمْ يُعْتَبَرْ جَمْعُهُمَا) أَيْ الْوَصْفُ مَعَ الْوَزْنِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ) وَفِي رِوَايَةٍ كَالْعِيَانِ (قَوْلُهُ: يَلِيقُ بِالدَّابَّةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِالرَّاكِبِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ عَدَمَ تَعْيِينِهِ مَا يُرْكَبُ عَلَيْهِ رِضًا مِنْهُ بِمَا يَصْلُحُ بِالدَّابَّةِ وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ. وَقَدْ يُقَالُ لَا بُدَّ مِنْ لِيَاقَتِه بِكُلٍّ مِنْ الرَّاكِبِ وَالدَّابَّةِ فَلَوْ لَاقَ بِالدَّابَّةِ أَنْوَاعٌ يَرْكَبُ عَلَى كُلٍّ اُعْتُبِرَ مِنْهَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
بِفَتْحِ الْجِيمِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ أَيْ: الْمُؤَجَّرِ لَهُ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ اطَّرَدَ عُرْفٌ لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: مَا لَوْ اطَّرَدَ عُرْفٌ بِمَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِلرَّاكِبِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَتِهِ، وَيُحْمَلُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الْعُرْفِ
عَلَيْهِ وَكَذَا غِطَاءٌ لَهُ إنْ شُرِطَ فِي الْعَقْدِ وَيُعْرَفُ أَحَدُهُمَا بِأَحَدِ ذَيْنِك مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عُرْفٌ مُطَّرِدٌ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ الْإِطْلَاقُ.
(وَلَوْ)(شُرِطَ) فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ (حَمْلُ الْمَعَالِيقِ) جَمْعُ مُعْلُوقٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَقِيلَ مِعْلَاقٌ: وَهُوَ مَا يُعَلَّقُ عَلَى الْبَعِيرِ كَسُفْرَةٍ وَقِدْرٍ وَقَصْعَةٍ فَارِغَةٍ أَوْ فِيهَا مَاءٌ أَوْ زَادٍ وَصَحْنٍ وَإِبْرِيقٍ وَإِدَاوَةٍ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَمِضْرَبَةٍ وَمِخَدَّةٍ (مُطْلَقًا) عَنْ الرُّؤْيَةِ مَعَ الِامْتِحَانِ بِالْيَدِ وَعَنْ الْوَصْفِ مَعَ الْوَزْنِ (فَسَدَ الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ) لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهَا قِلَّةً وَكَثْرَةً وَلَا يُشْتَرَطُ تَقْدِيرُ مَا يَأْكُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ. وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى الْوَسَطِ الْمُعْتَادِ (وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ) أَيْ حَمْلَ الْمَعَالِيقِ (لَمْ يُسْتَحَقَّ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (حَمْلُهَا فِي الْأَصَحِّ) وَلَا حَمْلُ بَعْضِهَا لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهِ، وَقِيلَ يُسْتَحَقُّ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَقْتَضِيهِ وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ خَفِيفَةً كَإِدَاوَةٍ اُعْتِيدَ حَمْلُهَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ أَوْ لَا لِمَا مَرَّ.
(وَيُشْتَرَطُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ) لِدَابَّةٍ لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ (تَعْيِينُ الدَّابَّةِ) أَيْ عَدَمُ إبْهَامِهَا فَلَا يَكْفِي تَعْيِينُ أَحَدِ هَذَيْنِ وَلَا يُقْدَحُ فِي ذِكْرِ هَذَا الْعِلْمُ بِهِ مِمَّا مَرَّ إذْ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ التَّصْرِيحَ بِهِ (وَفِي اشْتِرَاطِ رُؤْيَتِهَا الْخِلَافُ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ) وَالْأَظْهَرُ الِاشْتِرَاطُ، وَيُشْتَرَطُ قُدْرَتُهَا عَلَى مَا اُسْتُؤْجِرَتْ لِحَمْلِهِ، بِخِلَافِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ لِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ كَافِيَةٌ.
(وَ) يُشْتَرَطُ (فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ) لِلرُّكُوبِ (ذِكْرُ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالذُّكُورَةِ أَوْ الْأُنُوثَةِ) كَبَعِيرٍ بُخْتِيٍّ ذَكَرٍ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ، إذْ الذَّكَرُ فِي الْأَخِيرَةِ أَقْوَى وَالْأُنْثَى أَسْهَلُ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا ذِكْرُ كَيْفِيَّةِ سَيْرِهَا كَكَوْنِهَا بَحْرًا أَوْ قَطُوفًا (وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَالْعَيْنِ لِلرُّكُوبِ (بَيَانُ قَدْرِ السَّيْرِ كُلَّ يَوْمٍ) وَكَوْنُهُ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا وَالنُّزُولُ فِي عَامِرٍ أَوْ صَحْرَاءَ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ، وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا مُجَاوَزَةَ الْمَحَلِّ الْمَشْرُوطِ أَوْ نَقْصًا مِنْهُ لِخَوْفٍ غَالِبٍ عَلَى الظَّنِّ لُحُوقُ ضَرَرٍ مِنْهُ جَازَ دُونَ غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِبَلَدٍ وَيَعُودُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ مُدَّةَ إقَامَتِهَا لِخَوْفٍ (إلَّا أَنْ يَكُونَ بِالطَّرِيقِ مَنَازِلُ مَضْبُوطَةٌ) بِالْعَادَةِ (فَيُنَزَّلُ) قَدْرُ السَّيْرِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (عَلَيْهَا)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَا يَلِيقُ بِالرَّاكِبِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِأَحَدِ ذَيْنِك) أَيْ الْوَصْفِ أَوْ الرُّؤْيَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: مُعْلُوقٍ بِضَمِّ الْمِيمِ) أَيْ مَعَ اللَّامِ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: تَقْدِيرُ مَا يَأْكُلُهُ) أَيْ فَيَأْكُلُ عَلَى الْعَادَةِ لِمِثْلِهِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ اتَّفَقَ لَهُ عَدَمُ الْأَكْلِ مِنْهُ لِضِيَافَةٍ أَوْ تَشْوِيشٍ مَثَلًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُجْبَرَ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيمَا كَانَ يَأْكُلُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَّفِقُ كَثِيرًا. نَعَمْ لَوْ ظَهَرَ مِنْهُ قَصْدُ ذَلِكَ كَأَنْ اشْتَرَى مِنْ السُّوقِ مَا أَكَلَهُ وَقَصَدَ ادِّخَارَ مَا مَعَهُ مِنْ الزَّادِ لِيَبِيعَهُ إذَا ارْتَفَعَ سِعْرُهُ كُلِّفَ نَقْصَ مَا كَانَ يَأْكُلُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ عَادَةً، فَلَوْ امْتَنَعَ لَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ حَمْلِهِ بَقِيَّةَ الطَّرِيقِ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالطَّعَامُ الْمَحْمُولُ لِيُؤْكَلَ إلَخْ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) وَيَجُوزُ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ بِعَوْدِ الضَّمِيرِ لِلْمُؤَجِّرِ بَلْ هُوَ أَنْسَبُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ انْتَهَى
(قَوْلُهُ كَكَوْنِهَا بَحْرًا) أَيْ وَاسِعَةَ الْخُطْوَةِ وَهُوَ بِالتَّنْوِينِ، فَفِي الْمُخْتَارِ وَيُسَمَّى الْفَرَسُ الْوَاسِعُ الْجَرْيِ بَحْرًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي مَنْدُوبٍ فَرَسِ أَبِي طَلْحَةَ " إنْ وَجَدْنَاهُ بَحْرًا " انْتَهَى بِحُرُوفِهِ: أَيْ إنَّا وَجَدْنَاهُ بَحْرًا، فَإِنْ مُخَفَّفَةٌ مِنْ الثَّقِيلَةِ انْتَهَى. ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّ مَا ذُكِرَ يُوصَفُ بِهِ الْإِبِلُ وَالْخَيْلُ وَغَيْرُهُمَا، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: وَقَضِيَّةُ سِيَاقِهِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِي الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ، لَكِنَّ الْمَاوَرْدِيَّ وَالرُّويَانِيَّ وَصَاحِبَ الْمُهَذَّبِ خَصُّوهُ بِالْخَيْلِ. وَلَا شَكَّ فِي إلْحَاقِ الْبَغْلِ بِهِ وَلَا يُوصَفُ بِذَلِكَ غَيْرُهُمَا اهـ رحمه الله (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْقَدْرِ الزَّائِدِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا نَقَصَ مِنْ الْمَسَافَةِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَيَرْكَبُ الْمُؤَجَّرُ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِالدَّابَّةِ كَمَا يَأْتِي اهـ.
(قَوْلُهُ: بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَعَيِّنٍ
(قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي تَعْيِينُ أَحَدِ هَذَيْنِ) الصَّوَابُ حَذْفُ لَفْظِ تَعْيِينُ
(قَوْلُهُ: إذْ الذَّكَرُ فِي الْأَخِيرَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَوَجْهُهُ
فَإِنْ لَمْ يَنْضَبِطْ اُشْتُرِطَ بَيَانُ الْمَنَازِلِ أَوْ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَنِ وَحْدَهُ، وَمَحَلُّهُ عِنْدَ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَإِلَّا امْتَنَعَ التَّقْدِيرُ بِالسَّيْرِ بِهِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِالِاخْتِيَارِ، كَذَا قَالَهُ جَمْعٌ، قَالَ: وَمُقْتَضَاهُ امْتِنَاعُ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَانِ أَيْضًا، وَحِينَئِذٍ يَتَعَذَّرُ الِاسْتِئْجَارُ فِي طَرِيقِ مَخُوفَةٍ لَا مَنَازِلَ بِهَا مَضْبُوطَةٌ انْتَهَى. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّامِلِ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ صِحَّةُ تَقْدِيرِهِ مِنْ بَلَدِ كَذَا إلَى بَلَدِ كَذَا لِلضَّرُورَةِ.
(وَيَجِبُ فِي الْإِجَارَةِ لِلْحَمْلِ) عَيْنًا أَوْ ذِمَّةً (أَنْ يُعْرَفَ الْمَحْمُولُ) لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِهِ وَضَرَرِهِ (فَإِنْ حَضَرَ رَآهُ) إنْ ظَهَرَ (وَامْتَحَنَهُ بِيَدِهِ إنْ) لَمْ يَظْهَرْ كَأَنْ كَانَ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ (كَانَ فِي ظَرْفٍ) وَأَمْكَنَ تَخْمِينًا لِوَزْنِهِ (وَإِنْ غَابَ قُدِّرَ بِكَيْلٍ) إنْ كَانَ مَكِيلًا (أَوْ وَزْنٍ) إنْ كَانَ مَوْزُونًا لِأَنَّ ذَلِكَ طَرِيقٌ لِمَعْرِفَتِهِ، وَالْوَزْنُ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَحْصَرُ وَأَضْبَطُ (وَ) أَنْ يُعْرَفَ (جِنْسُهُ) أَيْ الْمَحْمُولِ الْمَكِيلِ لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِهِ فِي الدَّابَّةِ وَإِنْ اتَّحَدَ كَيْلُهُ كَمَا فِي الْمِلْحِ وَالذُّرَةِ، أَمَّا الْمَوْزُونُ كَآجَرْتُكَهَا لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا مِائَةَ رِطْلٍ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ مِمَّا شِئْت كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ قَطْعِ الْأَصْحَابِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ جِنْسِهِ لِأَنَّهُ رِضًا مِنْهُ بِأَضَرِّ الْأَجْنَاسِ. بِخِلَافِ عَشَرَةِ أَقْفِزَةٍ مِمَّا شِئْت فَإِنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْجِنْسِ لِكَثْرَةِ الِاخْتِلَافِ مَعَ الِاتِّحَادِ فِي الْكَيْلِ، وَأَيْنَ ثِقَلُ الْمِلْحِ مِنْ ثِقَلِ الذُّرَةِ وَقِلَّتُهُ مَعَ اتِّحَادِ الْوَزْنِ، وَلَا يَصِحُّ لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شِئْت، بِخِلَافِ لِتَزْرَعَهَا مَا شِئْت إذْ الْأَرْضُ تَحْمِلُ كُلَّ شَيْءٍ وَمَتَى قُدِّرَ بِوَزْنٍ لِلْمَحْمُولِ كَمِائَةِ رِطْلِ حِنْطَةٍ أَوْ كَيْلٍ لَمْ يَدْخُلْ الظَّرْفَ فَتُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهَا كَحِبَالِهِ أَوْ وَصْفُهُمَا مَا لَمْ يَطَّرِدْ الْعُرْفُ ثُمَّ بِغَرَائِرَ مُتَمَاثِلَةٍ: أَيْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
إنْ قُدِّرَ بِالزَّمَنِ، وَيُحَطُّ عَنْهُ أُجْرَةُ مَا نَقَصَ إنْ قُدِّرَ بِمَحَلِّ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِقَدْرِ السَّيْرِ كُلَّ يَوْمٍ كَفَرْسَخٍ أَوْ مِيلٍ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ) هُوَ مُقَابِلٌ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ مِنْ الْبُطْلَانِ مُطْلَقًا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَكْفِي التَّقْدِيرُ فِي زَمَنِ الْخَوْفِ بِالْإِجَارَةِ إلَى بَلَدِ كَذَا طَالَ زَمَنُ السَّيْرِ لَهُ لِكَثْرَةِ الْخَوْفِ أَوْ قَلَّ (قَوْلُهُ: صِحَّةُ تَقْدِيرِهِ) مُعْتَمَدٌ.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَوْزُونًا) أَيْ أَوْ مَكِيلًا حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَدْخُلْ الظَّرْفَ) نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ دُخُولَهُ فِيمَا لَوْ قُدِّرَ بِالْوَزْنِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا قَالَ مِائَةُ رِطْلٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ فَيُخَالِفُ مَا هُنَا مِنْ قَوْلِهِ مِائَةُ رِطْلِ حِنْطَةٍ.
[فَرْعٌ] لَوْ أَجَّرَ دَابَّةً لِرُكُوبِ شَخْصٍ فَهَزَلَ عَمَّا كَانَ هَلْ لَهُ خِيَارٌ أَوْ رُجُوعٌ عَلَى الْمُؤَجِّرِ يُقَسِّطُ مَا نَقَصَ أَوْ حَمْلُ شَيْءٍ آخَرَ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ؟ قَالَ م ر: يَنْبَغِي تَخْيِيرُ الْمُؤَجِّرِ كَمَا خَيَّرُوا مَنْ آجَرَ دَابَّةً لِحَمْلِ حَبٍّ فَتَنَدَّى وَثَقُلَ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ تَخْيِيرُ الْمُؤَجِّرِ لَعَلَّهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَفِي عَكْسِهِ يُخَيَّرُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ قَالَ م ر: يَنْبَغِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَلَوْ أَجَّرَهَا لِهَزِيلٍ فَسَمِنَ وَثَقُلَ قَالَ م ر: يَنْبَغِي تَخْيِيرُ الْمُؤَجِّرِ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ الْفَرْقَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
فِي الْأَخِيرَةِ أَنَّ الذَّكَرَ أَقْوَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا امْتَنَعَ التَّقْدِيرُ بِالسَّيْرِ بِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ تَقْدِيرُ السَّيْرِ فِيهِ انْتَهَتْ. وَانْظُرْ مَا مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِي الْعِبَارَتَيْنِ وَعِبَارَةِ الْقُوتِ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إنْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا لَمْ يَجُزْ تَقْدِيرُ السَّيْرِ فِيهِ انْتَهَتْ. فَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِيهَا الطَّرِيقُ
(قَوْلُهُ: وَقِلَّتِهِ) عُطِفَ عَلَى كَثْرَةٍ مِنْ قَوْلِهِ لِكَثْرَةِ الِاخْتِلَافِ وَمَا بَيْنَهُمَا مُعْتَرِضٌ (قَوْلُهُ: فَتُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ كَحِبَالِهِ إلَخْ) اسْتَشْكَلَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ ظَرْفَ الْمَحْمُولِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُؤَجَّرِ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ رُؤْيَتِهِ لَهُ أَوْ وَصْفِهِ، وَأَجَابَ عَنْهُ بِاحْتِمَالِ فَرْضِ هَذَا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ، أَوْ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ اشْتَرَطَ هَذَا مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ: وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا سَيَأْتِي مِنْ إدْخَالِ الظَّرْفِ فِي الْحِسَابِ؛ إذْ سَيَأْتِي أَنَّهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، وَأَجَابَ عَنْ هَذَا أَيْضًا بِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ حَيْثُ أَدْخَلَهُ فِي الْحِسَابِ دَلَّ عَلَى إرَادَتِهِ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ وَهَذَا أَقْرَبُ.