المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل شروط المقر به] - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٥

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الشِّرْكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ جَوَازِ الْوَكَالَةِ وَمَا تَنْفَسِخُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌[فَصْلٌ فِي صِيغَةِ الْإِقْرَارُ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوط الْمُقَرِّ بِهِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةُ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ جَوَازِ الْعَارِيَّةِ وَمَا لِلْمُعِيرِ

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْغَصْبِ وَانْقِسَامِ الْمَغْصُوبِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَضَمَانِ الْمَغْصُوبِ]

- ‌فَصْلٌ) فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَةٍ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَدَلِ الشِّقْصِ الَّذِي يُؤْخَذُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الْقِرَاضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْعَاقِدَيْنِ وَأَحْكَامِ الْقِرَاضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ وَلُزُومِ الْمُسَاقَاةِ وَهَرَبِ الْعَامِلِ

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَنَافِعَ يَمْتَنِعُ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ لِعَقَارٍ أَوْ دَابَّةٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ غَايَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي تُقَدَّرُ بِهَا الْمَنْفَعَةُ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَرْضِ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِهِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لقط الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَمَلُّكِ وَغُرْم اللُّقَطَةَ]

- ‌ كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَرِقِّهِ وَاسْتِلْحَاقِهِ

- ‌كِتَابُ الْجَعَالَةِ

الفصل: ‌[فصل شروط المقر به]

(فَصْلٌ)

(يُشْتَرَطُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ) أَنْ يَكُونَ مِمَّا تَجُوزُ بِهِ الْمُطَالَبَةُ وَ (أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ) حِينَ يُقِرُّ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ إزَالَةً عَنْ الْمِلْكِ، وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْ كَوْنِهِ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ عَلَى الْخَبَرِ (فَلَوْ) (قَالَ: دَارِي أَوْ ثَوْبِي) أَوْ دَارِي الَّتِي اشْتَرَيْتهَا لِنَفْسِي لِزَيْدٍ (أَوْ دَيْنِي الَّذِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو) وَلَمْ يُرِدْ الْإِقْرَارَ (فَهُوَ لَغْوٌ) لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ تَقْتَضِي الْمِلْكَ لَهُ فَيُنَافِي إقْرَارَهُ لِغَيْرِهِ إذْ هُوَ إخْبَارٌ بِسَابِقٍ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فَحُمِلَ عَلَى الْوَعْدِ بِالْهِبَةِ وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ مَسْكَنِي أَوْ مَلْبُوسِي لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْكُنُ وَيَلْبِسُ غَيْرَ مِلْكِهِ، فَلَوْ أَرَادَ بِالْإِضَافَةِ فِي دَارِي لِزَيْدٍ إضَافَةَ سَكَنِي صَحَّ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اسْتِفْسَارَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالْعَمَلَ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ قَالَ: الدَّيْنُ الَّذِي كَتَبْته أَوْ بِاسْمِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو صَحَّ، إذْ لَا مُنَافَاةَ أَيْضًا، أَوْ الدَّيْنُ الَّذِي لِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو لَمْ يَصِحَّ إلَّا إنْ قَالَ: وَاسْمِي فِي الْكِتَابِ عَارِيَّةٌ، وَكَذَا إنْ أَرَادَ الْإِقْرَارَ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، فَلَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ الْمُقَرِّ بِهِ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ انْتَقَلَ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ بِذَلِكَ كَمَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ مَا فَصَّلَهُ التَّاجُ الْفَزَارِيّ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ بِأَنَّ الدَّيْنَ صَارَ لِزَيْدٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَصْلٌ) يُشْتَرَطُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذَا أَنْ لَا يَأْتِيَ فِي لَفْظِهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِلْكٌ لِلْمُقِرِّ وَلَيْسَتْ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ وَبُطْلَانُهُ دَائِرَيْنِ عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِأَنَّهُ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ حَتَّى نُرَتِّبَ الْحُكْمَ عَلَيْهِ.

نَعَمْ فِي الْبَاطِنِ الْعِبْرَةُ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَتَّى لَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ وَلَمْ تَكُنْ لِزَيْدٍ لَمْ يَصِحَّ الْإِقْرَارُ، أَوْ دَارِي الَّتِي مَلَّكْتُهَا لِزَيْدٍ وَكَانَتْ لَهُ فِي الْوَاقِعِ فَهُوَ إقْرَارٌ صَحِيحٌ، وَيَجِبُ تَأْوِيلُ الْإِضَافَةِ وَالْكَذِبُ لَا يُحَصِّلُ الْمِلْكَ (قَوْلُهُ: الَّتِي اشْتَرَيْتهَا لِنَفْسِي لِزَيْدٍ) قِيَاسُهُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ: مَالِي الَّذِي وَرِثْتُهُ مِنْ أَبِي لِزَيْدٍ (قَوْلُهُ: فَهُوَ لَغْوٌ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ فِي دَارِي أَوْ مَالِي أَلْفٌ فَلَا يَكُونُ لَغْوًا بَلْ هُوَ إقْرَارٌ كَمَا يَأْتِي مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ فِي الْفَصْلِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ: لَهُ فِي مِيرَاثِي مِنْ أَبِي أَلْفٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ تَقْتَضِي الْمِلْكَ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْمُضَافُ مُشْتَقًّا وَلَا فِي حُكْمِهِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ اقْتَضَى الِاخْتِصَاصَ بِالنَّظَرِ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَبْدَأُ الِاشْتِقَاقِ، فَقَوْلُهُ فَمِنْ ثَمَّ كَانَ قَوْلُهُ: دَارِي أَوْ ثَوْبِي لِزَيْدٍ لَغْوًا لِأَنَّ الْمُضَافَ فِيهِ غَيْرُ مُشْتَقٍّ فَأَفَادَتْ إضَافَتُهُ الِاخْتِصَاصَ مُطْلَقًا، وَمِنْ لَازِمِهِ الْمَلِكُ بِخِلَافِ مَسْكَنِي فَإِنَّ إضَافَتَهُ إنَّمَا تُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ مِنْ حَيْثُ السُّكْنَى لَا مُطْلَقًا لِاشْتِقَاقِهِ (قَوْلُهُ: وَيَلْبَسُ غَيْرَ مِلْكِهِ إلَخْ) وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي قَوْلِهِ: دَارِي الَّتِي أَسْكُنُهَا لِأَنَّ ذِكْرَ هَذَا الْوَصْفِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْإِضَافَةِ الْمِلْكَ اهـ حَجّ.

أَقُولُ: الْأَقْرَبُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا يَصْلُحُ لِدَفْعِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْإِضَافَةُ. وَنَقَلَ سم عَلَى حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ، وَالْكَلَامُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَلَوْ أَرَادَ بِهِ الْإِقْرَارَ عُمِلَ بِهِ (قَوْلُهُ: إضَافَةَ سَكَنِي) أَيْ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ وَيَكُونُ إقْرَارُهُ لِزَيْدٍ بِالدَّارِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ أَرَادَ الْإِقْرَارَ) أَيْ فَيَصِحُّ، وَقِيَاسُهُ الصِّحَّةُ فِيمَا لَوْ قَالَ: دَارِي الَّتِي هِيَ مِلْكِي لِزَيْدٍ وَقَالَ: أَرَدْت الْإِقْرَارَ، لَكِنْ فِي سم عَلَى مَنْهَجِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ فِي هَذِهِ، وَعَنْ عِ أَنَّ ظَاهِرَ شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَدَمُ قَبُولِ إرَادَةِ الْإِقْرَارِ اهـ.

وَلَوْ قِيلَ بِقَبُولِ إرَادَتِهِ وَحَمْلِهِ عَلَى إرَادَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[فَصْلٌ شُرُوط الْمُقَرِّ بِهِ]

فَصْلٌ) يُشْتَرَطُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ

(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَرَادَ بِالْإِضَافَةِ فِي دَارِي إلَخْ) أَيْ: أَوْ أَرَادَ فِي دَارِي الَّتِي اشْتَرَيْتهَا لِنَفْسِي أَنَّهُ اشْتَرَاهَا سَابِقًا وَخَرَجَتْ

ص: 81

فَلَا يَنْتَقِلُ بِالرَّهْنِ لِأَنَّ صَيْرُورَتَهُ إلَيْهِ إنَّمَا تَكُونُ بِالْحَوَالَةِ وَهِيَ تُبْطِلُ الرَّهْنَ، وَإِنْ أَقَرَّ بِأَنَّ الدَّيْنَ كَانَ لَهُ بَقِيَ الرَّهْنُ بِحَالِهِ، وَمَرَّ أَنَّ دَيْنَ الرَّهْنِ وَنَحْوَ الْمُتْعَةِ وَالْخُلْعِ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ وَالْحُكُومَةِ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِهَا عَقِبَ ثُبُوتِهَا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْبَغَوِيّ مَحَلُّ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ فِيمَا مَرَّ إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ لِلْمُقِرِّ إذْ لَا يَزُولُ الْمِلْكُ بِالْكَذِبِ (وَلَوْ) (قَالَ: هَذَا لِفُلَانٍ وَكَانَ مِلْكِي إلَى أَنْ أَقْرَرْت) بِهِ (فَأَوَّلُ كَلَامِهِ إقْرَارٌ وَآخِرُهُ لَغْوٌ) فَلْيُطْرَحْ آخِرُهُ فَقَطْ وَيُعْمَلْ بِأَوَّلِهِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى جُمْلَتَيْنِ مُسْتَقِلَّتَيْنِ، وَمِنْ هَذَا عُلِمَ صِحَّةُ هَذَا مِلْكِي هَذَا لِفُلَانٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ، أَوْ هَذَا لِي وَكَانَ مِلْكَ زَيْدٍ إلَى أَنْ أَقْرَرْت لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بَعْدَ إنْكَارٍ أَوْ عَكْسُهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ شَاهِدٍ تَنَاقَضَ كَأَنْ حَكَى مَا ذُكِرَ وَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ فِيهِ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ فِي الشَّهَادَةِ مَا لَا يُحْتَاطُ لِلْإِقْرَارِ (وَلْيَكُنْ الْمُقَرُّ بِهِ) مِنْ الْأَعْيَانِ (فِي يَدِ الْمُقِرِّ) حِسًّا أَوْ حُكْمًا (لِيُسَلَّمَ بِالْإِقْرَارِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ) لِأَنَّهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ يَدِهِ عَنْهُ إمَّا مُدَّعٍ أَوْ شَاهِدٍ بِغَيْرِ لَفْظَيْهِمَا فَلَمْ يُقْبَلْ وَاشْتِرَاطُ كَوْنِهِ بِيَدِهِ بِالنِّسْبَةِ لِأَعْمَالِ الْإِقْرَارِ وَهُوَ التَّسْلِيمُ لَا لِصِحَّتِهِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَاغٍ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ مَتَى حَصَلَ بِيَدِهِ لَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي.

وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ أَوْ لَهُمَا ثُمَّ ادَّعَاهُ رَجُلٌ فَأَقَرَّ الْبَائِعُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ لِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ، وَمَا لَوْ بَاعَ الْحَاكِمُ مَالَ غَائِبٍ بِسَبَبٍ اقْتَضَاهُ ثُمَّ قَدِمَ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ قَدْ تَصَرَّفَ فِيهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمَجَازِ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ أَوْ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ) أَيْ أَوْ أَطْلَقَ، وَاقْتَضَى الْإِطْلَاقُ الصِّحَّةَ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ) أَيْ قَبْلَ فَصْلِ الصِّيغَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَى جِهَةٍ لَا تُمْكِنُ فِي حَقِّهِ إلَخْ فِي قَوْلِهِ، وَمِنْ الْمُسْتَحِيلِ شَرْعًا أَنْ يُقِرَّ لِقِنٍّ عَقِبَ عِتْقِهِ وَأَنْ يَثْبُتَ لَهُ دَيْنٌ بِنَحْوِ صَدَاقٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ جِنَايَةٍ فَيُقِرُّ بِهِ لِغَيْرِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّ دَيْنَ الرَّهْنِ) عِبَارَةُ حَجّ أَنَّ دَيْنَ الْمَهْرِ وَهِيَ الصَّوَابُ وَالْمُوَافَقَةُ لِمَا مَرَّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالصَّدَاقِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُ الْمُتْعَةِ) كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَرَادَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِظُهُورِ الْكَذِبِ فِيهِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ دَيْنُ الْمَهْرِ إلَخْ إنْ عَيَّنَ مَا ذَكَرَهُ كَأَنْ أَمْهَرَ أَوْ أَمْتَعَ عَيْنًا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِهَا عَقِبَ ثُبُوتِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي، فَلَوْ أَقَرَّ وَلَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ ثُمَّ صَارَ عَمِلَ بِمُقْتَضَى الْإِقْرَارِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُ سم بِمُقْتَضَى الْإِقْرَارِ: أَيْ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ مَغْصُوبَةً فَلَمْ تَدْخُلْ فِي مِلْكِهَا (قَوْلُهُ: وَمِنْ هَذَا) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ إلَى قَوْلِهِ عَلَى جُمْلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: عَلِمَ صِحَّةَ هَذَا) أَيْ فَيَكُونُ إقْرَارًا (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَحِيحٌ، وَالْمُرَادُ بِعَكْسِهِ الْإِنْكَارُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ حَكَى مَا ذُكِرَ) بِأَنْ قَالَ: إنَّ زَيْدًا أَقَرَّ بِأَنَّ هَذَا مِلْكُ عَمْرٍو، وَكَانَ مِلْكَ زَيْدٍ إلَى أَنْ أَقَرَّ بِهِ شَرْحُ الرَّوْضِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ بَيْنَ كَوْنِهِ يَجْعَلُ ذَلِكَ إخْبَارًا مِنْ نَفْسِهِ أَوْ نَقْلًا عَنْ كَلَامِ الْمُقِرِّ، وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ جَعَلَهُ مِنْ نَفْسِهِ حِكَايَةً لِكَلَامِ الْغَيْرِ بِالْمَعْنَى. ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ فِي خِلَافِهِ فَلْيُرَاجَعْ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالْأَوْجَهُ مَعْنَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ قَالَ زَيْدٌ هَذَا مِلْكُ عَمْرٍو وَكَانَ مِلْكِي إلَى أَنْ أَقْرَرْت بِهِ كَانَ إقْرَارًا لِأَنَّ هَذَا نَقْلٌ لِخُصُوصِ مَا قَالَهُ الْمُقِرُّ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ صَادِرًا مِنْهُ أَوْ مِنْ الشَّاهِدِ إخْبَارًا عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ حُكْمًا) أَيْ كَالْمُعَارِ أَوْ الْمُؤَجَّرِ تَحْتَ يَدِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَبَقَاءِ مِلْكِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لَهُ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ وَيَنْفَسِخُ الْأَثَرُ الَّذِي كَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَقْدِ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِمَا يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ اطَّلَعَ الْبَائِعُ عَلَى عَيْبٍ فِي الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ أَوْ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ ثُمَّ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ لِأَجْنَبِيٍّ صَحَّ لِأَنَّ لَهُمَا الْفَسْخَ فَلْيُرَاجَعْ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَا أَفْتَى بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ إلَخْ خِلَافُهُ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْفَسْخُ، وَهَذَا وَالْأَوْلَى تَعْلِيلُ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَلْيَكُنْ الْمُقَرُّ بِهِ فِي يَدِ الْمُقِرِّ) أَيْ: فِي تَصَرُّفِهِ فَلَا يَرِدُ نَحْوُ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَهُ) لَفْظُ لَهُ مُتَعَلِّقٌ بِ أَقَرَّ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّ الْإِقْرَارَ بَعْدَ الْقَبْضِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

ص: 82

قَبْلَ بَيْعِ الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ كِتَابِ الصَّدَاقِ عَنْ النَّصِّ، وَمَا أَفْتَى بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ مِنْ قَبُولِ إقْرَارِ مَنْ وَهَبَ لِوَلَدِهِ عَيْنًا ثُمَّ أَقْبَضَهُ إيَّاهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا لِغَيْرِهِ مُفَرَّعٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْوَاهِبِ رُجُوعٌ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ لِنَفْسِهِ، فَلَوْ كَانَ نَائِبًا عَنْ غَيْرِهِ كَنَاظِرِ وَقْفٍ وَوَلِيِّ مَحْجُورٍ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي تَقْرِيرِ كَلَامِهِ الدَّيْنُ فَلَا يَأْتِي فِيهِ مَا ذُكِرَ (فَلَوْ)(أَقَرَّ وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ ثُمَّ صَارَ) فِي يَدِهِ (عُمِلَ بِمُقْتَضَى الْإِقْرَارِ) بِأَنْ يُسَلَّمَ لِلْمُقَرِّ لَهُ فِي الْحَالِ.

(فَلَوْ)(أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ) مُعَيَّنٍ (فِي يَدِ غَيْرِهِ) أَوْ شَهِدَ بِهَا ثُمَّ (اشْتَرَاهُ) لِنَفْسِهِ أَوْ مَلَكَهُ بِوَجْهٍ آخَرَ وَخَصَّ الشِّرَاءَ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ (حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ) بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ خِيَارِ الْبَائِعِ، وَتُرْفَعُ يَدُ الْمُشْتَرِي عَنْهُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ، فَلَوْ اشْتَرَاهُ لِمُوَكِّلِهِ لَمْ يُحْكَمْ بِحُرِّيَّتِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَقَعُ ابْتِدَاءً لِلْمُوَكِّلِ، وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى أَبَاهُ بِالْوَكَالَةِ وَتَسْمِيَتُهُ الْحُرَّ فِي زَعْمِ الْمُقِرِّ عَبْدًا بِاعْتِبَارِ ظَاهِرِ الِاسْتِرْقَاقِ أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ أَوْ بِاعْتِبَارِ مَدْلُولِهِ الْعَامِّ (ثُمَّ إنْ كَانَ قَالَ) فِي إقْرَارِهِ (هُوَ حُرُّ الْأَصْلِ فَشِرَاؤُهُ افْتِدَاءٌ) مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الشِّرَاءِ لِأَنَّ اعْتِرَافَهُ بِحُرِّيَّتِهِ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِزَمَنِ الْخِيَارِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ الْمَقَرَّ بِهِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ الْمُقِرِّ بِالْبَيْعِ لِفَرْضِ الْكَلَامِ فِيمَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا، وَعَلَيْهِ فَلَا يُشْكِلُ مَا يَأْتِي فِي الْهِبَةِ وَلَا يُتَوَجَّهُ إلْحَاقُ خِيَارِ الْعَيْبِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ فَلَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ بِهِ صَحِيحًا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ) أَيْ بِيَمِينِهِ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّهُمْ حَيْثُ أَطْلَقُوا الْقَبُولَ حُمِلَ عَلَى مَا هُوَ بِالْيَمِينِ، فَإِنْ أَرَادُوا خِلَافَهُ قَالُوا بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ) أَيْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ لَغْوًا، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى صِدْقِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ) أَيْ مَا لَمْ يَسْتَأْذِنْ الْحَاكِمَ وَيُقِيمُ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِذَلِكَ فَيَصِحُّ تَصْدِيقًا لِلْبَيِّنَةِ بَلْ لَوْ أَنْكَرَ عُمِلَ بِالْبَيِّنَةِ، وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِاسْتِئْذَانِ الْحَاكِمِ لِتُقَامَ الْبَيِّنَةُ عَلَى مُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ) مِنْ قَوْلِهِ مِنْ الْأَعْيَانِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَأْتِي فِيهِ) أَيْ لَكِنْ لَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ فِي حَيَاةِ مُوَرِّثِهِ بِأَنَّ مَا لِمُوَرِّثِهِ عَلَى زَيْدٍ لَا يَسْتَحِقُّهُ ثُمَّ مَاتَ مُوَرِّثُهُ وَصَارَ الدَّيْنُ لِلْمُقِرِّ عُمِلَ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمَدِينِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، فَلَوْ أَقَرَّ وَلَمْ يَكُنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: عُمِلَ بِمُقْتَضَى الْإِقْرَارِ) .

[تَنْبِيهٌ] يُؤْخَذُ مِنْ الْمَتْنِ وَغَيْرِهِ صِحَّةُ مَا أَجَبْت بِهِ فِي مَمَرٍّ مُسْتَطِيلٍ إلَى بُيُوتٍ أَوْ مَجْرَى مَاءٍ كَذَلِكَ إلَى أَرَاضٍ لَا يُقْبَلُ: أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا قِسْمَةٌ، فَأَقَرَّ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ لِآخَرَ بِحَقٍّ فِيهِ مِنْ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ وَوَقَفَ الْأَمْرُ لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الْمَقَرِّ بِهِ لِأَنَّ يَدَ الشُّرَكَاءِ حَائِلَةٌ، فَإِنْ صَارَ بِيَدِ الْمُقِرِّ مَا يُمْكِنُهُ بِهِ تَسْلِيمُ الْحَقِّ الْمَقَرِّ بِهِ أَوْ أَخَذَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا قِيمَةَ هُنَا لِلْحَيْلُولَةِ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُقِرِّ وَهِيَ هُنَا مِنْ غَيْرِهِ لِتَعَذُّرِ الْقِسْمَةِ وَالْمُرُورِ فِي حَقِّ الْغَيْرِ اهـ حَجّ.

وَقَوْلُ حَجّ لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الْمَقَرِّ بِهِ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ دَارٍ وَيَصِحُّ تَسْلِيمُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ، وَلَمْ يَنْظُرْ لِكَوْنِ يَدِهِ حَائِلَةً إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الدَّارَ يُمْكِنُ انْتِفَاعُ الشَّرِيكَيْنِ بِهَا مُهَايَأَةً أَوْ قِسْمَتُهَا أَوْ إيجَارُهَا مِنْ الْقَاضِي عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَمَرِّ وَالْمَجْرَى.

(قَوْلُهُ: وَتُرْفَعُ يَدُ الْمُشْتَرِي) الْأَوْلَى فَتُرْفَعُ (قَوْلُهُ: إذَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ) هَذَا التَّقْيِيدُ تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ لِنَفْسِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ اشْتَرَاهُ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ اشْتَرَاهُ لِمُوَكِّلِهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ مُوَكِّلِهِ مُوَلِّيهِ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّقْيِيدُ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ الْكَلَامُ فِي الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ ظَاهِرٌ، أَمَّا بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُرِّيَّةِ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ وَيَأْثَمُ بِإِقْدَامِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِاعْتِبَارِ مَدْلُولِهِ) وَهُوَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ إلَخْ) حَقُّ الْعِبَارَةِ أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ لِمُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ) يَعْنِي فِيمَا إذَا

ص: 83

وَأَمَّا الْبَائِعُ فَفِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارَانِ وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْتَضِيه، وَإِذَا مَاتَ الْمُدَّعِي حُرِّيَّتَهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَمِيرَاثُهُ لِوَارِثِهِ الْخَاصِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِبَيْتِ الْمَالِ.

وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ بِزَعْمِهِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ كَمَا مَرَّ وَاعْتِرَافُ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ كَانَ مَمْلُوكًا وَلَكِنْ أَعْتَقَهُ مَالِكُهُ قَبْلَ شِرَاءِ الْبَائِعِ لَهُ كَاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّةِ أَصْلِهِ لَكِنَّهُ هُنَا يُورَثُ بِالْوَلَاءِ بِشَرْطِهِ وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي مِنْ تَرِكَتِهِ أَقَلَّ الثَّمَنَيْنِ (وَإِنْ قَالَ: أَعْتَقَهُ) الْبَائِعُ وَهُوَ يَسْتَرِقُّهُ ظُلْمًا (فَافْتِدَاءٌ) أَيْ فَشِرَاؤُهُ حِينَئِذٍ افْتِدَاءٌ (مِنْ جِهَتِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي لِذَلِكَ (وَبَيْعٌ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ عَلَى الْمَذْهَبِ) فِيهِمَا عِنْدَ السُّبْكِيّ أَوْ فِي الْبَائِعِ فَقَطْ عِنْدَ الْإِسْنَوِيِّ بِنَاءً عَلَى اعْتِقَادِهِ.

قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: إنَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ إلَى ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ، وَالثَّانِي أَقْرَبُ إلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (فَيَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارَانِ) أَيْ الْمَجْلِسُ وَالشَّرْطُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ خِيَارُ عَيْبِ الثَّمَنِ (لِلْبَائِعِ فَقَطْ) لَا لِلْمُشْتَرِي لِمَا مَرَّ أَنَّهُ افْتِدَاءٌ مِنْ جِهَتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَ رَدُّهُ بِعَيْبٍ وَلَمْ يَسْتَحِقَّ أَرْشًا، بِخِلَافِ الْبَائِعِ إذْ لَوْ رَدَّ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ بِعَيْبٍ جَازَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْعَبْدِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْإِنْسَانُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ) أَيْ الْخِلَافُ (قَوْلُهُ: قَدْ لَا يَرْتَضِيهِ) أَيْ فَيَكُونُ مَا هُنَا افْتِدَاءً مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي وَبَيْعًا مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ قَطْعًا (قَوْلُهُ: لِوَارِثِهِ الْخَاصِّ) أَيْ كَالِابْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ مَا يَأْخُذُهُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ) أَيْ الْعَبْدَ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) أَيْ وَهُوَ عَدَمُ وَارِثٍ خَاصٍّ (قَوْلُهُ: مِنْ تَرِكَتِهِ) أَيْ الْمُدَّعِي حُرِّيَّتَهُ (قَوْلُهُ: أَقَلَّ الثَّمَنَيْنِ) أَيْ ثَمَنِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَالْبَائِعِ الثَّانِي، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْأَقَلَّ إنْ كَانَ هُوَ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ فَهُوَ الَّذِي تَعَدَّى سَيِّدُ الْعَبْدِ بِقَبْضِهِ فَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ دُونَ مَا زَادَ، وَإِنْ كَانَ الْأَقَلُّ هُوَ الثَّانِيَ فَلِأَنَّ الْمُقِرَّ بِالْحُرِّيَّةِ لَمْ يَغْرَمْ إلَّا هُوَ فَلَا يَأْخُذُ زِيَادَةً عَلَيْهِ.

[فَرْعٌ] قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا وَوَقَفَهَا مَسْجِدًا: أَيْ مَثَلًا، فَجَاءَ آخَرُ وَادَّعَاهَا وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي لَمْ تَبْطُلْ الْوَقْفِيَّةُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا اهـ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

أَقُولُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ مَأْخُوذٌ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْحَقَّ إذَا تَعَلَّقَ بِثَالِثٍ لَا الْتِفَاتَ إلَى قَوْلِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي إذَا اتَّفَقَا عَلَى بُطْلَانِ الْبَيْعِ، وَلَا يَثْبُتُ مَا ادَّعَاهُ الثَّالِثُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ حَيْثُ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْبَائِعُ عَلَى الْوَقْفِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُشْتَرِي لِذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ اعْتِرَافَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْبَائِعِ) أَيْ أَوْ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ فِيهِمَا عِنْدَ السُّبْكِيّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمَحَلِّيُّ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ أَوْ فِي الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ خِيَارُ عَيْبِ الثَّمَنِ) أَيْ فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ فَلَهُ الْأَرْشُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَ رَدُّهُ) أَيْ الْمُشْتَرَى (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ رَدَّ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْعَبْدِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَكْسَابَ الْحَاصِلَةَ مِنْ الْعَبْدِ إذَا رُدَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ لَيْسَتْ لِلْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ، وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ مَاذَا يَفْعَلُ فِيهَا لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَخْذُهَا لِدَعْوَاهُ حُرِّيَّتَهُ وَالْمَبِيعُ رَقِيقٌ بِزَعْمِ الْبَائِعِ، وَالرَّقِيقُ لَا يَمْلِكُ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ: فَلَهُ دُونَ الْمُقِرِّ الْخِيَارَانِ وَالْفَسْخُ فِي الثَّمَنِ الْمَعِيبِ، فَإِنْ عَيَّنَ فِي الْعَقْدِ اسْتَرَدَّ الْمَبِيعَ. وَكَتَبَ بِهَامِشِهِ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ اسْتَرَدَّ الْمَبِيعَ: أَيْ وَمَا كَسَبَهُ مِنْ الْبَيْعِ إلَى الْفَسْخِ لَا يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ بَلْ يُوقَفُ تَحْتَ يَدِ مَنْ يَخْتَارُهُ الْقَاضِي إنْ عَتَقَ فَلَهُ وَإِنْ مَاتَ فَحُكْمُ الْفَيْءِ كَمَالٍ مِنْ رِقٍّ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ كَمَا أَوْضَحَ ذَلِكَ الشِّهَابُ حَجّ فِي الْفَتَاوَى. وَقَوْلُهُ: جَازَ لَهُ التَّعْبِيرُ بِالْجَوَازِ يُشْعِرُ بِأَنَّ لَهُ حَالَةً أُخْرَى، وَانْظُرْ مَا هِيَ فَإِنَّهُ بِرَدِّ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فَيَعُودُ لَهُ الْمَبِيعُ، وَلَوْ قَالَ فَبِاطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبٍ فِي الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ يَجُوزُ لَهُ اسْتِرْدَادُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَالَ أَعْتَقَهُ مَالِكُهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْتَضِيهِ) فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ مَا نَصُّهُ: يُمْكِنُ جَعْلُ قَوْلِهِ الْآتِي وَبِيعَ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ عَلَى الْمَذْهَبِ رَاجِعًا لِهَذِهِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمُتَبَادَرِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا مَاتَ الْمُدَّعِي حُرِّيَّتَهُ) أَيْ وَهُوَ صُورَةُ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى اعْتِقَادِهِ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَبِيعَ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَمَّا بَعْدَهُ

ص: 84

بِخِلَافِ رَدِّهِ بَعْدَ عِتْقِ الْمُشْتَرِي فِي غَيْرِ ذَلِكَ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى عِتْقِهِ ثَمَّ وَيُوقَفُ وَلَاؤُهُ لِانْتِفَاءِ اعْتِرَافِ الْبَائِعِ بِعِتْقِهِ وَالْمُشْتَرِي لَمْ يَعْتِقْهُ، فَإِنْ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ وَلَهُ تَرِكَةُ وَرِثَهُ الْبَائِعُ وَرَدَّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي إنْ صَدَّقَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ بِعِتْقِهِ، فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ فَلِلْمُشْتَرِي أَخْذُ قَدْرِ الثَّمَنِ مِنْ تَرِكَتِهِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي إنْ كَانَ لِأَنَّهُ إمَّا كَاذِبٌ فِي حُرِّيَّتِهِ فَجَمِيعُ الْكَسْبِ لَهُ أَوْ صَادِقٌ فَالْكُلُّ لِلْبَائِعِ إرْثًا بِالْوَلَاءِ وَقَدْ ظَلَمَهُ بِأَخْذِ الثَّمَنِ مِنْهُ وَتَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهُ وَقَدْ ظَفِرَ بِمَالِهِ.

أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ وَارِثٌ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا فَلَهُ مِنْ مِيرَاثِهِ مَا يَخُصُّهُ وَفِي الْبَاقِي مَا مَرَّ وَإِلَّا فَجَمِيعُ مِيرَاثِهِ لَهُ، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ شَيْءٍ لِأَنَّهُ بِزَعْمِهِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ إلَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ يَرِثُ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ كَأَنْ كَانَ أَخًا لِلْعَبْدِ فَلَا إرْثَ لَهُ، بَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ كَمَا اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ، وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ مَا فِي يَدِ زَيْدٍ مَغْصُوبٌ صَحَّ شِرَاؤُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ يُقْصَدُ اسْتِنْقَاذُهُ، وَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ لِمَنْ يَطْلُبُ الشِّرَاءَ مِلْكًا لِنَفْسِهِ أَوْ مُسْتَنِيبِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ لِغَيْرِهِ فَاسْتَأْجَرَهَا لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ أَوْ نَكَحَهَا لَزِمَهَا الْمَهْرُ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْأُولَى اسْتِخْدَامُهَا وَلَا فِي الثَّانِيَةِ وَطْؤُهَا إلَّا إنْ كَانَ نَكَحَهَا بِإِذْنِهَا وَسَيِّدُهَا عِنْدَهُ وَلِيٌّ بِالْوَلَاءِ كَأَنْ قَالَ: أَنْتَ أَعْتَقْتهَا أَوْ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ كَأَنْ كَانَ أَخَاهَا،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمَبِيعِ كَانَ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ رَدِّهِ) أَيْ الثَّمَنِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ (قَوْلُهُ: فَجَمِيعُ الْكَسْبِ لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَقَدْ ظَلَمَهُ) أَيْ ظَلَمَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ ظَفِرَ) أَيْ الْمُشْتَرِي بِمَا لَهُ: أَيْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا) أَيْ كَبِنْتٍ وَزَوْجَةٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَفِي الْبَاقِي مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إنْ صَدَّقَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ بِعِتْقِهِ أَخَذَ الْبَاقِيَ وَرَدَّ قَدْرَ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ أَخَذَ الْمُشْتَرِي قَدْرَ الثَّمَنِ مِنْ الْبَاقِي وَوَقَفَ الزَّائِدَ (قَوْلُهُ: فَجَمِيعُ مِيرَاثِهِ لَهُ) أَيْ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ) أَيْ مِيرَاثِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: فَلَا إرْثَ لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ) أَيْ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ دَفَعَ قَدْرَ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي وَأَخَذَ التَّرِكَةَ وَإِلَّا أَخَذَ الْمُشْتَرِي مِنْ التَّرِكَةِ قَدْرَ الثَّمَنِ وَوَقَفَ الْبَاقِيَ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ فِي كَسْبِ الْعَبْدِ أَنَّ مَا خَلَفَهُ هُنَا يَكُونُ لِبَيْتِ الْمَالِ لَكِنَّ ظَاهِرَ مَا قَدَّمْنَاهُ الْوَقْفُ (قَوْلُهُ: صَحَّ شِرَاؤُهُ) أَيْ حُكِمَ بِصِحَّةِ شِرَائِهِ مِنْهُ. وَيَجِبُ رَدُّهُ لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ مَغْصُوبٌ مِنْهُ إنْ عُرِفَ وَإِلَّا انْتَزَعَهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ، فَإِذَا عَلِمَ بِوَقْفِيَّتِهَا، وَلَيْسَ مِنْ الْعِلْمِ مَا يُكْتَبُ بِهَوَامِشِهَا مِنْ لَفْظِ وَقْفٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا كَانَ شِرَاؤُهُ اقْتِدَاءً فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهَا لِمَنْ لَهُ وِلَايَةُ حِفْظِهَا إنْ عُرِفَ وَإِلَّا سَلَّمَهَا لِمَنْ يَعْرِفُ الْمَصْلَحَةَ، فَإِنْ عَرَفَهَا هُوَ وَأَبْقَاهَا فِي يَدِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ دَفْعُهَا وَالْإِعَارَةُ مِنْهَا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ (قَوْلُهُ: أَمَةٍ لِغَيْرِهِ) أَيْ مَمْلُوكَةٍ لِغَيْرِهِ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ فِي الْأُولَى اسْتِخْدَامُهَا) أَيْ لِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَمْ يَمْلِكْ مَنْفَعَتَهَا فِي زَعْمِ الْمُسْتَأْجِرِ لِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهَا.

[تَنْبِيهٌ] لَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِحُرِّيَّتِهِ مُسْتَأْجَرًا أَوْ مَرْهُونًا أَوْ جَانِيًا، ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى مِلْكِ الْمُقِرِّ بِإِرْثٍ أَوْ نَحْوِهِ فَهَلْ يُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ حَتَّى تَكُونَ أَكْسَابُهُ فِي حَالَةِ الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ لَهُ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً فَوُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ كَانَ الْمَهْرُ لَهَا أَوْ حَدَثَ مَا يُوجِبُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ كَانَتْ الْمَنَافِعُ لَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَلَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ وَقْفٌ ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ اهـ حَوَاشِي الرَّوْضِ.

وَقَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُنْقَلُ الرَّهْنُ وَلَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِانْتِقَالِهِ لِمُدَّعِي الْحُرِّيَّةِ، ثُمَّ إنْ انْفَكَّ بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ اسْتَقَلَّ الْعَبْدُ بِالْأَكْسَابِ الْمَاضِيَةِ وَالْآتِيَةِ، وَمَا دَامَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مَوْجُودًا اسْتَحَقَّ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي عَقَدَ عَلَيْهَا بِمُقْتَضَى الْإِجَارَةِ لِأَنَّ قَوْلَ مُدَّعِي الْحُرِّيَّةِ لَا يُقْبَلُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ مَلَكَ الْعَبْدُ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ بِانْتِقَالِهِ لِمَنْ أَقَرَّ بِهَا، وَأَنَّ مَهْرَ الْأَمَةِ إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ بَعْدَ انْتِقَالِهَا لِمَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهَا تَأْخُذُهُ لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ فِيهِ، وَإِذَا لَمْ يَنْفَكَّ الرَّهْنُ وَلَا فَدَى الْجَانِي بِيعَ الْعَبْدُ فِي الْجِنَايَةِ وَالرَّهْنِ: وَالْأَكْسَابُ الَّتِي تَحَصَّلَتْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 85

وَسَوَاءٌ أَحَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ أَمْ لَا لِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهَا، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: يَنْبَغِي عَدَمُ الصِّحَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ لِاسْتِرْقَاقِ أَوْلَادِهَا كَأُمِّهِمْ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ.

وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ رحمه الله فِيمَنْ أَوْصَى بِأَوْلَادِ أَمَتِهِ لِآخَرَ ثُمَّ مَاتَ وَأَعْتَقَهَا الْوَارِثُ فَلَا بُدَّ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ شُرُوطِ نِكَاحِ الْأَمَةِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ فَقَالَ (وَيَصِحُّ)(الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ) إجْمَاعًا ابْتِدَاءً كَانَ أَوْ جَوَابًا لِدَعْوَى لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ فَيَقَعُ مُجْمَلًا وَمُفَصَّلًا، وَأَرَادَ بِهِ مَا يَعُمَّ الْمُبْهَمَ كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ كَمَا أَلْحَقَهُ بِهِ السُّبْكِيُّ (فَإِذَا)(قَالَ) مَا يَدَّعِيه زَيْدٌ فِي تَرِكَتِي فَهُوَ فِي حَقٍّ عَيَّنَهُ الْوَارِثُ أَوْ (لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِكُلِّ مَا يُتَمَوَّلُ وَإِنْ قَلَّ) كَفَلْسٍ لِصِدْقِ اسْمِ الشَّيْءِ عَلَيْهِ، فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ التَّفْسِيرِ أَوْ نُوزِعَ فِيهِ فَسَيَأْتِي قَرِيبًا.

وَضَابِطُ الْمُتَمَوَّلِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مَا يَسُدُّ مَسَدًا أَوْ يَقَعُ مَوْقِعًا يَحْصُلُ بِهِ جَلْبُ نَفْعٍ أَوْ دَفْعُ ضَرَرٍ، وَتَنْظِيرُ الْأَذْرَعِيِّ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِ مَا لَهُ فِي الْعُرْفِ قِيمَةٌ وَلَوْ قَلَّتْ جِدًّا كَفَلْسٍ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مُتَمَوَّلٍ مَالٌ وَلَا يَنْعَكِسُ كَحَبَّةِ بُرٍّ وَقَوْلُهُمْ فِي الْبَيْعِ لَا يُعَدُّ مَالًا. أَيْ مُتَمَوَّلًا (وَلَوْ فَسَّرَهُ بِمَا لَا يَتَمَوَّلُ) أَيْ لَا يُتَّخَذُ مَالًا (لَكِنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ أَوْ بِمَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ كَكَلْبٍ مُعَلَّمٍ) لِحِرَاسَةٍ أَوْ صَيْدٍ وَقِشْرَةِ نَحْوِ لَوْزٍ وَمَيْتَةٍ لِمُضْطَرٍّ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ خِلَافًا لِلْقَاضِي (وَسَرْجَيْنِ) وَهُوَ الزِّبْلُ، وَكَذَا بِكُلِّ نَجَسٍ يُقْتَنَى كَجِلْدِ مَيْتَةٍ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ (قُبِلَ) كَمَا لَوْ فَسَّرَهُ بِحَقِّ شُفْعَةٍ وَحْدِ قَذْفٍ الْوَدِيعَةٍ (فِي الْأَصَحِّ) لِصِدْقِ مَا ذُكِرَ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ وَيَحْرُمُ أَخْذُهُ وَيَجِبُ رَدُّهُ، وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ فِيهِمَا لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا قِيمَةَ لَهُ فَلَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ بِكَلِمَةِ عَلَيَّ وَالثَّانِي لَيْسَ بِمَالٍ، وَظَاهِرُ الْإِقْرَارِ الْمَالُ وَخَرَجَ بِعَلَيَّ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ بِنَحْوِ حَبَّةِ حِنْطَةٍ وَكَلْبٍ قَطْعًا لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِيهَا، وَلَوْ قَالَ لِزَيْدٍ هَذِهِ الدَّارُ وَمَا فِيهَا صَحَّ وَاسْتَحَقَّ جَمِيعَ مَا فِيهَا وَقْتَ الْإِقْرَارِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ أَهُوَ بِهَا وَقْتَهُ صُدِّقَ الْمُقِرُّ وَعَلَى الْمُقَرِّ لَهُ الْبَيِّنَةُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِجَمِيعِ مَا فِي يَدِهِ أَوْ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ صَحَّ وَصُدِّقَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ قَبْلَ بَيْعِهِ فِي الْجِنَايَةِ أَوْ الرَّهْنِ يَأْتِي فِيهَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ فَتَاوَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ) أَيْ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ.

(قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ) أَيْ لِأَيِّ شَخْصٍ كَانَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ فِي حَقِّ عَيْنِهِ) أَيْ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمُقِرُّ لَهُ شَيْئًا وَعَيَّنَهُ الْوَارِثُ وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ فَوَّضَ أَمَرَ الْمَقَرِّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ دُونَ الْوَارِثِ فَكَيْفَ يُرْجَعُ لِتَعْيِينِهِ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ إقْرَارٌ مِنْهُ حَالًّا لَكِنَّ الْمُقَرَّ بِهِ مَجْهُولٌ، فَلَمَّا لَمْ تَتَوَقَّفْ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ عَلَى تَعْيِينِ الْمُقَرِّ لَهُ رَجَعَ لِتَعْيِينِ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: فَسَيَأْتِي قَرِيبًا) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي وَمَتَى أَقَرَّ بِمُبْهَمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ مَا يَسُدُّ إلَخْ، وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ يَقَعُ إلَخْ لَكِنْ فِي حَجّ التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ وَعَلَيْهَا فَهُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِ مَا يَحْصُلُ بِهِ نَفْعٌ (قَوْلُهُ: أَيْ مُتَمَوَّلًا) يُمْكِنُ أَنْ لَا يَحْتَاجَ لِذَلِكَ إلَّا لَوْ قَالُوا: لَيْسَتْ مَالًا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَوَجْهُهُ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَا يُعَدُّ مَالًا نَفْيٌ لِإِعْدَادِهِ: أَيْ تَسْمِيَتِهِ فِي الْعُرْفِ مَالًا، وَعَدَمُ التَّسْمِيَةِ فِي الْعُرْفِ لَا يُنَافِي أَنَّهُ مَالٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ بِهِ لِحَقَارَتِهِ (قَوْلُهُ: يَظْهَرُ بِالدِّبَاغِ) هَذَا يُخْرِجُ الْمُغَلَّظَ فَلَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِمَا فِي اللِّبَاسِ مِنْ أَنَّهُ يَحِلُّ جَعْلُهُ غِشَاءً لِنَحْوِ الْكَلْبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِيهَا) يُمْكِنُ أَنْ يُصَوِّرَ ثُبُوتَ نَحْوِ الْحَبَّةِ بِمَا لَوْ أَتْلَفَ لَهُ حَبَّاتٍ مُتَمَوِّلَةً كَمِائَةٍ مَعْلُومَةِ الْأَعْيَانِ لَهُمَا ثُمَّ أَبْرَأَهُ الْمَالِكُ مِمَّا عَدَا حَبَّةً مُعَيَّنَةً فَإِنَّ الظَّاهِرَ بَقَاؤُهَا فِي ذِمَّتِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مِثْلُ هَذَا نَادِرٌ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: صَدَّقَ الْمُقِرُّ) أَيْ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: فَيَقَعُ مُجْمَلًا وَمُفَصَّلًا) أَيْ كَمَا هُوَ شَأْنُ سَائِرِ الْإِخْبَارَاتِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ وَالشَّيْءُ يُخْبَرُ عَنْهُ مُفَصَّلًا تَارَةً وَمُجْمَلًا أُخْرَى (قَوْلُهُ: كَمَا أَلْحَقَهُ بِهِ السُّبْكِيُّ) الْمُنَاسِبُ لِمَا قَبْلَهُ كَمَا أَدْخَلَهُ فِيهِ السُّبْكِيُّ، فَإِنْ كَانَ السُّبْكِيُّ إنَّمَا ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الْإِلْحَاقِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَإِنْ جَعَلَهُ السُّبْكِيُّ مُلْحَقًا بِهِ (قَوْلُهُ: لَصَدَقَ مَا ذُكِرَ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ وَيَحْرُمُ أَخْذُهُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ وَيَحْرُمُ أَخْذُهُ وَيَجِبُ رَدُّهُ

ص: 86

إذَا تَنَازَعَا فِي شَيْءٍ أَكَانَ بِيَدِهِ حِينَئِذٍ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَ وَارِثُ الْمُقِرِّ وَالْمُقَرِّ لَهُ صُدِّقَ وَارِثُ الْمُقِرِّ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ مُوَرِّثِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِوُجُودِ ذَلِكَ فِيهَا حَالَةَ الْإِقْرَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا يَقْنَع مِنْهُ بِحَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ فِيهَا شَيْئًا، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ، وَهُوَ أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي يُصَدَّقُ الْمُقَرُّ لَهُ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَلَوْ كَانَ لِلْمُقِرِّ زَوْجَةٌ سَاكِنَةٌ مَعَهُ فِي الدَّارِ قُبِلَ قَوْلُهَا فِي نِصْفِ الْأَعْيَانِ بِيَمِينِهَا لِأَنَّ الْيَدَ لَهَا مَعَهُ عَلَى جَمِيعِ مَا فِيهَا صُلْحٌ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ أَوْ لِكِلَيْهِمَا.

(وَلَا يُقْبَلُ بِمَا لَا يُقْتَنَى كَخِنْزِيرٍ وَكَلْبٍ لَا نَفْعَ فِيهِ) بِوَجْهٍ حَالًّا وَلَا مَآلًا، وَخَمْرٍ غَيْرِ مُحْتَرَمَةٍ؛ لِأَنَّ " عَلَيَّ " تَقْتَضِي ثُبُوتَ حَقٍّ وَهَذَا لَيْسَ حَقًّا وَلَا اخْتِصَاصًا وَلَا يَجِبُ رَدُّهَا، وَبَحْثُ الْإِسْنَوِيِّ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ قَبُولُ تَفْسِيرِهِ بِخِنْزِيرٍ وَخَمْرٍ إذَا أَقَرَّ لِذِمِّيٍّ لِأَنَّهُ يُقِرُّ عَلَيْهِمَا إذَا لَمْ يُظْهِرْهُمَا وَيَجِبُ رَدُّهُمَا لَهُ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ بِإِطْلَاقِهِمْ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ أَوْ غَصَبْت مِنْهُ شَيْئًا صَحَّ تَفْسِيرُهُ بِمَا لَا يُقْتَنَى إذْ لَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يُشْعِرُ بِالْتِزَامِ حَقٍّ إذْ الْغَصْبُ لَا يَقْتَضِي الْتِزَامًا وَثُبُوتَ مَالٍ وَإِنَّمَا يَقْتَضِي الْأَخْذَ قَهْرًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ عَلَيَّ، وَلَا يُشْكِلُ مَا تَقَرَّرَ فِي الْغَصْبِ بِأَنَّهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عِبَارَةُ حَجّ عَنْ الْأَنْوَارِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ جَمِيعُ مَا عُرِفَ لِي لِفُلَانٍ صَحَّ (قَوْلُهُ: وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ) فِي حَجّ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَفِي نُسْخَةٍ مِنْهُ: ابْنُ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ لِلْمُقِرِّ زَوْجَةٌ سَاكِنَةٌ مَعَهُ) أَيْ فَلَوْ كَانَ السَّاكِنُ مَعَهُ أَكْثَرَ مِنْ زَوْجَةٍ جُعِلَ فِي أَيْدِيهِمْ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ (قَوْلُهُ: فِي نِصْفِ الْأَعْيَانِ) أَيْ الَّتِي فِي الدَّارِ، بِخِلَافِ مَا فِي يَدِهَا كَخَلْخَالٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهَا تَخْتَصُّ بِهِ لِانْفِرَادِهَا بِالْيَدِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَلْبُوسًا لَهَا وَقْتَ الْمُنَازَعَةِ أَوْ لَا حَيْثُ عَلِمَ أَنَّهَا تَتَصَرَّفُ فِيهِ، وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ فِي النَّفَقَاتِ.

[تَنْبِيهٌ] قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَمَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً فَالْقِيَاسُ الَّذِي لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ عِنْدِي بِالْغَفْلَةِ عَنْهُ أَنَّ هَذَا الْمَتَاعَ فِي أَيْدِيهِمَا مَعًا فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ عَلَى دَعْوَاهُ، فَإِنْ حَلَفَا جَمِيعًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ قُضِيَ لِلْحَالِفِ، وَسَوَاءٌ اخْتَلَفَا مَعَ دَوَامِ النِّكَاحِ أَمْ بَعْدَ التَّفَرُّقِ، وَاخْتِلَافُ وَرَثَتِهِمَا كَهُمَا، وَكَذَلِكَ أَحَدُهُمَا وَوَارِثُ الْآخَرِ، وَسَوَاءٌ مَا يَصْلُحُ لِلزَّوْجِ كَالسَّيْفِ وَالْمِنْطَقَةِ أَوْ لِلزَّوْجَةِ كَالْحُلِيِّ وَالْغَزْلِ أَوْ لَهُمَا كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَلَا يَصْلُحُ لَهُمَا كَالْمُصْحَفِ وَهُمَا أُمِّيَّانِ وَالنَّبْلِ وَتَاجِ الْمُلُوكِ وَهُمَا عَامِّيَّانِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَ فِي يَدِهِمَا حِسًّا فَهُوَ لَهُمَا، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهَا حُكْمًا فَمَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ لِلزَّوْجِ أَوْ لَهَا فَلَهَا، وَاَلَّذِي يَصْلُحُ لَهُمَا فَلَهُمَا، وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ.

وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَمْلِكُ مَتَاعَ الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةُ تَمْلِكُ مَتَاعَ الرَّجُلِ، إذْ لَوْ اُسْتُعْمِلَتْ الظُّنُونُ لَحُكِمَ فِي دَبَّاغٍ وَعَطَّارٍ تَدَاعَيَا عِطْرًا وَدِبَاغًا فِي أَيْدِيهِمَا أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مَا يَصْلُحُ لَهُ، وَفِيمَا إذَا تَنَازَعَ مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ فِي لُؤْلُؤٍ أَنْ يُجْعَلْ لِلْمُوسِرِ وَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالظُّنُونِ اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنَّ مِمَّا يَقْتَضِي الْحُكْمَ لِأَحَدِهِمَا بِيَدِهِ مَعْرِفَتُهُ بِهِ قَبْلَ التَّنَازُعِ كَمَلْبُوسِ الرَّجُلِ الَّذِي يُشَاهَدُ عَلَيْهِ فِي أَوْقَاتِ انْتِفَاعِهِ بِهِ، وَمَعْرِفَةُ الْمَرْأَةِ بِحُلِيٍّ تَلْبِسُهُ فِي بَيْتِهَا وَغَيْرِهِ، لَكِنْ اتَّفَقَ وَقْتُ التَّنَازُعِ أَنَّ الْحُلِيَّ وَالْمَلْبُوسَ مَوْضُوعَانِ فِي الْبَيْتِ فَتُسْتَصْحَبُ الْيَدُ الَّتِي عَرَفَتْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: أَوْ لِكِلَيْهِمَا) أَيْ أَوْ لَمْ يَصْلُحْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَبَحْثُ الْإِسْنَوِيِّ) الَّذِي فِي حَجّ أَنَّ الَّذِي بَحَثَ هَذَا هُوَ السُّبْكِيُّ وَأَنَّ الْإِسْنَوِيَّ اعْتَمَدَهُ (قَوْلُهُ: وَخَمْرٍ) أَيْ وَإِنْ عَصَرَهَا الذِّمِّيُّ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُقِرُّ عَلَيْهِمَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَهُ لِحَنَفِيٍّ بِنَبِيذٍ قُبِلَ مِنْهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ بِإِطْلَاقِهِمْ) أَيْ إنَّ الْخَمْرَةَ غَيْرُ الْمُحْتَرَمَةِ لَا يُقْبَلُ التَّفْسِيرُ مِنْهُ بِهَا.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَا يَقْنَعُ مِنْهُ بِحَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ فِيهَا) أَيْ فِي الدَّارِ: أَيْ لِأَنَّ قَضِيَّةَ إقْرَارِ مُورَثِهِ أَنَّ فِيهَا شَيْئًا فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْ وَارِثِهِ مَا يُنَافِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ لِلْمُقِرِّ زَوْجَةٌ إلَخْ) سَيَأْتِي هَذَا فِي الدَّعَاوَى بِأَبْسَطَ مِمَّا هُنَا

ص: 87

اسْتِيلَاءٌ عَلَى مَالٍ أَوْ حَقٍّ لِلْغَيْرِ فَكَيْفَ قَبْلَ تَفْسِيرِهِ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا حَقٍّ لِشُمُولِهِ ذَلِكَ لُغَةً وَعُرْفًا فَصَحَّ التَّفْسِيرُ بِهِ.

(وَلَا) يُقْبَلُ أَيْضًا (بِعِيَادَةٍ) لِمَرِيضٍ (وَرَدِّ سَلَامٍ) لِبُعْدِ فَهْمِهِمَا فِي مَعْرِضِ الْإِقْرَارِ إذْ لَا مُطَالَبَةَ بِهِمَا، وَيُقْبَلُ بِهِمَا فِي لَهُ عَلَيَّ حَقٌّ لِشُيُوعِ الْحَقِّ فِي اسْتِعْمَالِهِ فِي ذَلِكَ كَكُلِّ مَا لَا يُطَالَبُ بِهِ شَرْعًا وَعُرْفًا، فَقَدْ عَدَّ فِي الْخَبَرِ مِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَالشَّيْءُ الْأَعَمُّ مِنْ الْحَقِّ هُوَ الشَّيْءُ الْمُطْلَقُ لَا الشَّيْءُ الْمُقَرُّ بِهِ، قَالَهُ السُّبْكِيُّ رَادًّا بِهِ اسْتِشْكَالَ الرَّافِعِيِّ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالشَّيْءِ مَعَ كَوْنِ الشَّيْءِ أَعَمُّ، فَكَيْفَ يُقْبَلُ فِي تَفْسِيرِ الْأَخَصِّ مَا لَا يُقْبَلُ فِي تَفْسِيرِ الْأَعَمِّ، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْفَرْقُ مِنْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يَسْتَعْمِلُ ظَوَاهِرَ الْأَلْفَاظِ وَحَقَائِقَهَا فِي الْإِقْرَارِ بَلْ قَالَ: أَصْلُ مَا أَبْنِي عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ أَنْ لَا أَلْزَمَ إلَّا الْيَقِينَ وَأَطْرَحَ الشَّكَّ وَلَا اسْتَعْمَلَ الْغَلَبَةَ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يُقَدِّمُ الْحَقِيقَةَ عَلَى الْمَجَازِ وَلَا الظَّاهِرَ عَلَى الْمُؤَوَّلِ فِي هَذَا الْبَابِ اهـ.

رُدَّ بِمَنْعِ كَوْنِهِ صَرِيحًا فِي ذَلِكَ بَلْ وَلَا ظَاهِرًا فِيهِ، كَيْفَ وَعُمُومُ هَذَا النَّفْيِ النَّاشِئِ عَنْ فَهْمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْيَقِينِ هُنَا مَا انْتَفَتْ عَنْهُ الِاحْتِمَالَاتُ الْعَشَرَةُ الْمُقَرَّرَةُ فِي الْأُصُولِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُوجَدَ إقْرَارٌ يُعْمَلُ بِهِ إلَّا نَادِرًا وَلَا يَتَوَهَّمُ هَذَا أَحَدٌ، وَمَنْ عَرَفَ فُرُوعَ الْبَابِ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْيَقِينِ الظَّنُّ الْقَوِيُّ، وَبِقَوْلِهِ وَلَا أَسْتَعْمِلُ الْغَلَبَةَ: أَيْ حَيْثُ عَارَضَهَا مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهَا، وَحِينَئِذٍ اتَّجَهَ فَرْقُ السُّبْكِيّ، وَلَوْ قَالَ: غَصَبْتُكَ أَوْ غَصَبْتُكَ مَا تَعْلَمُ لَمْ يَصِحَّ إذْ قَدْ يُرِيدُ نَفْسَهُ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت غَيْرَ نَفْسِك قُبِلَ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ قَالَ: غَصَبْتُك شَيْئًا ثُمَّ قَالَ أَرَدْت نَفْسَك لَمْ تُقْبَلْ إرَادَتُهُ وَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: غَصَبْتُكَ شَيْئًا تَعْلَمُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي غَصَبْتُك مَا تَعْلَمُ بِأَنَّ شَيْئًا اسْمٌ تَامٌّ ظَاهِرٌ فِي الْمُغَايَرَةِ بِخِلَافِ مَا (وَلَوْ)(أَقَرَّ بِمَالٍ) مُطْلَقٍ (أَوْ مَالٍ عَظِيمٍ أَوْ كَبِيرٍ) بِمُوَحَّدَةٍ (أَوْ كَثِيرٍ) بِمُثَلَّثَةٍ أَوْ جَلِيلٍ أَوْ خَطِيرٍ أَوْ وَافِرٍ أَوْ نَفِيسٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ مَالِ فُلَانٍ أَوْ مِمَّا بِيَدِهِ أَوْ مِمَّا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ أَوْ حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ عَلَى فُلَانٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِمَا قَلَّ مِنْهُ) أَيْ الْمَالِ وَلَوْ لَمْ يُتَمَوَّلْ كَحَبَّةِ بُرٍّ وَقُمْعِ بَاذِنْجَانَةٍ: أَيْ صَالِحٍ لِلْأَكْلِ وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ مَالٍ وَلَا مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فِيمَا فَوْقَهُ، وَوَصْفُهُ بِنَحْوِ الْعَظِيمِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِتَيَقُّنِ حِلِّهِ أَوْ الشَّحِيحِ أَوْ لِكُفْرِ مُسْتَحِلِّهِ وَعِقَابِ غَاصِبِهِ وَثَوَابِ بَاذِلِهِ لِنَحْوِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: لِبُعْدِ فَهْمِهِمَا فِي مَعْرِضٍ) كَمَجْلِسٍ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ اهـ.

وَنَقَلَ الشَّنَوَانِيُّ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الشَّافِيَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهَا بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ: الِاحْتِمَالَاتُ الْعَشَرَةُ) مِنْهَا عَدَمُ احْتِمَالِ الْمَجَازِ وَالْإِضْمَارِ وَالنَّقْلِ وَالِاشْتِرَاكِ وَالتَّخْصِيصِ وَالتَّقْيِيدِ وَالنَّسْخِ وَعَدَمِ الْمُعَارِضِ الْعَقْلِيِّ (قَوْلُهُ: اُتُّجِهَ فَرْقُ السُّبْكِيّ) أَيْ السَّابِقُ فِي قَوْلِهِ وَالشَّيْءُ الْأَعَمُّ مِنْ الْحَقِّ هُوَ الشَّيْءُ الْمُطْلَقُ لَا الشَّيْءُ الْمُقَرُّ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُك) أَيْ نَفْسَك (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ) أَيْ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِ فُلَانٍ) الْمَشْهُورِ بِالْمَالِ الْكَثِيرِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَيْ صَالِحٍ) هَلَّا قَالَ مَثَلًا أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ جِنْسِ الْمَالِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَقَدْ يُقَالُ: لَمَّا لَمْ يَكُنْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ إلَّا ذَلِكَ وَلَمْ يَصْلُحْ لَهُ عُدَّ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ بِالْمَرَّةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: لِشُمُولِهِ ذَلِكَ) أَيْ لِشُمُولِ الْغَصْبِ مَا لَا يَقْتَضِي.

وَحَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ الْإِشْكَالَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَفْسِيرِ الْغَصْبِ بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ وَنَحْنُ لَا نَلْتَزِمُهُ وَنَنْظُرُ إلَى اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَعُدُّ مَا ذُكِرَ غَصْبًا

(قَوْلُهُ: لَا الشَّيْءُ الْمُقَرُّ بِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ خَاصًّا بِقَرِينَةِ عَلَيَّ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي كَلَامِ السُّبْكِيّ، وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ (قَوْلُهُ: وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْفَرْقُ) أَيْ فَرْقُ السُّبْكِيّ بَيْنَ الشَّيْءِ الْمُطْلَقِ وَالشَّيْءِ الْمُقَيَّدِ بِالْإِقْرَارِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَحِينَئِذٍ اُتُّجِهَ فَرْقُ السُّبْكِيّ (قَوْلُهُ: كَيْفَ وَعُمُومُ هَذَا النَّفْيِ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِ الْمُعْتَرِضِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يَسْتَعْمِلُ ظَوَاهِرَ الْأَلْفَاظِ

ص: 88

مُضْطَرٍّ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِثْلُ مَا فِي يَدِ زَيْدٍ أَوْ مِثْلُ مَا عَلَيَّ لِزَيْدٍ كَانَ مُبْهَمًا جِنْسًا وَنَوْعًا وَلَا قَدْرًا فَلَا يُقْبَلُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ عَدَدًا لِأَنَّ الْمِثْلِيَّةَ لَا تَحْتَمِلُ مَا مَرَّ لِتَبَادُرِ الِاسْتِوَاءِ عَدَدًا مِنْهَا (وَكَذَا) يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (بِالْمُسْتَوْلَدَةِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا تُؤَجَّرُ وَيُنْتَفَعُ بِهَا وَتَجِبُ قِيمَتُهَا إذَا أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ وَلِأَنَّهَا تُسَمَّى مَالًا وَبِهِ فَارَقَتْ الْمَوْقُوفَ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّاهُ.

وَالثَّانِي لَا لِخُرُوجِهَا عَنْ اسْمِ الْمَالِ الْمُطْلَقِ إذْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا وَسَوَاءٌ عَلَى الْأَوَّلِ أَقَالَ: لَهُ عَلَيَّ مَالٌ أَمْ لَهُ عِنْدِي مَالٌ (لَا بِكَلْبٍ وَجِلْدِ مَيْتَةٍ) وَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ لِانْتِفَاءِ اسْمِ الْمَالِ عَنْهَا (وَقَوْلُهُ لَهُ) عِنْدَ أَوْ عَلَيَّ (كَذَا كَقَوْلِهِ) لَهُ (شَيْءٌ) بِجَامِعِ الْإِبْهَامِ فِيهِمَا فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ فِيهِ بِمَا يُقْبَلُ ثَمَّ مِمَّا مَرَّ، وَكَذَا مُرَكَّبَةٌ فِي الْأَصْلِ مِنْ اسْم الْإِشَارَةِ وَكَافِ التَّشْبِيهِ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ ذَلِكَ وَصَارَ يُكَنَّى بِهِ عَنْ الْمُبْهَمِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعَدَدِ، وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا فِي النَّوْعَيْنِ مُفْرَدَةً وَمُرَكَّبَةً وَمَعْطُوفَةً (وَقَوْلُهُ شَيْءٌ شَيْءٌ أَوْ كَذَا كَذَا) وَإِنْ زَادَ عَلَى مَرَّتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عَطْفٍ (كَمَا لَوْ لَمْ يُكَرِّرْ) حَيْثُ لَمْ يُرِدْ الِاسْتِئْنَافَ لِظُهُورِهِ فِي التَّأْكِيدِ (وَقَوْلُهُ شَيْءٌ وَشَيْءٌ أَوْ كَذَا وَكَذَا) وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مِثْلَ الْوَاوِ هُنَا مَا يَأْتِي (وَجَبَ شَيْئَانِ) مُتَّفِقَانِ أَوْ مُخْتَلِفَانِ بِحَيْثُ يُقْبَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي تَفْسِيرِ شَيْءٍ لِاقْتِضَاءِ الْعَطْفِ الْمُغَايِرَةَ وَمَا صَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ فِي كَذَا دِرْهَمًا بَلْ كَذَا إنَّهُ إقْرَارٌ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ، وَيَلْزَمُهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي كَذَا دِرْهَمًا وَكَذَا بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِمْ لِأَنَّ تَفْسِيرَ أَحَدِ الْمُبْهَمَيْنِ غَيْرُ مُقْتَضٍ لِاتِّحَادِهِمَا وَلَوْ مَعَ بَلْ الِانْتِقَالِيَّةِ أَوْ الْإِضْرَابِيَّةِ، وَإِنَّمَا الْمُقْتَضِي لِلِاتِّحَادِ نَفْسُ بَلْ لِمَا يَأْتِي فِيهَا فَقَوْلُهُ دِرْهَمًا يُوهِمُ أَنَّهُ سَبَبُ الِاتِّحَادِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(وَلَوْ)(قَالَ) : لَهُ عِنْدِي أَوْ عَلَيَّ (كَذَا دِرْهَمًا) بِنَصْبِهِ تَمْيِيزًا لِإِبْهَامِ كَذَا (أَوْ رَفْعِ الدِّرْهَمِ) عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ كَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ؛ وَدَعْوَى السُّبْكِيّ كَوْنَهُ لَحْنًا بَعِيدَةٌ وَإِنْ سَبَقَهُ لِذَلِكَ ابْنُ مَالِكٍ فَقَالَ تَجْوِيزُ الْفُقَهَاءِ لِلرَّفْعِ خَطَأٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَلَعَلَّهُ بَنَى ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ النَّقْلِ السَّابِقِ فِي كَذَا (أَوْ جَرَّهُ) وَهُوَ لَحْنٌ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ أَوْ سَكَّنَهُ وَقْفًا (لَزِمَهُ دِرْهَمٌ) وَلَا نَظَرَ لِلَّحْنِ لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ هُنَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: أَوْ مِثْلُ) أَيْ أَوَّلَهُ عَلَى مِثْلِ مَا عَلَيَّ لِزَيْدٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ عَدَدًا) أَيْ وَيُقْبَلُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ (قَوْلُهُ: فِي النَّوْعَيْنِ) أَيْ الْمُبْهَمِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَمُرَكَّبَةً) أَيْ مُكَرَّرَةً مَرَّةً فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمَجْلِسُ مُخْتَلِفًا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مِثْلَ الْوَاوِ هُنَا مَا يَأْتِي) لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي الْفَاءِ حَيْثُ أَرَادَ الْعَطْفَ وَإِلَّا فَلَا تَعَدُّدَ لِمَجِيئِهَا كَثِيرًا لِلتَّفْرِيعِ وَتَزْيِينِ اللَّفْظِ وَمُقْتَرِنَةٍ بِجَزَاءِ حَذْفٍ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ قَالَ: وَدِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ) أَيْ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْمُقْتَضِي إلَخْ) هَذَا عَلَى خِلَافِ مَا صَحَّحَهُ فِي بَلْ بُعْدٌ مِنْ لُزُومِ التَّعَدُّدِ (قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي) أَيْ فِي الْفَصْلِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ قَالَ: وَدِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى عَدَمِ النَّقْلِ السَّابِقِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لَا تَحْتَمِلُ مَا مَرَّ) أَيْ الْأَقَلَّ (قَوْلُهُ: لِتَبَادُرِ الِاسْتِوَاءِ عَدَدًا مِنْهَا) فِي كَوْنِ التَّبَادُرِ فِي مَعْنَى يَمْنَعُ احْتِمَالَ غَيْرِهِ بِالْكُلِّيَّةِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: الِانْتِقَالِيَّةِ أَوْ الْإِضْرَابِيَّةِ) يُوهِمُ أَنَّهُمَا قَسِيمَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الِانْتِقَالِيَّةُ قِسْمٌ مِنْ قِسْمَيْ الْإِضْرَابِيَّةِ لِأَنَّ بَلْ لِلْإِضْرَابِ مُطْلَقًا وَتَنْقَسِمُ إلَى انْتِقَالِيَّةٍ وَإِبْطَالِيَّةٍ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْمُقْتَضِي لِلِاتِّحَادِ نَفْسُ بَلْ) تَبِعَ فِي هَذَا الشِّهَابَ حَجّ، لَكِنْ ذَاكَ جَارٍ عَلَى طَرِيقَتِهِ أَنَّ الْعَطْفَ بِبَلْ لَا يُوجِبُ إلَّا شَيْئًا وَاحِدًا.

وَأَمَّا الشَّارِحُ فَإِنَّهُ سَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا اخْتِيَارُ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ الْقَائِلِ بِلُزُومِ شَيْئَيْنِ وَهَذَا لَا يُنَاسِبُهُ، وَقَدْ فَرَّقَ الشَّارِحُ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ سم فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بَيْنَ مَا اخْتَارَهُ مِنْ لُزُومِ شَيْئَيْنِ وَبَيْنَ مَا سَيَأْتِي لَهُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي فِيمَا لَوْ قَالَ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمٌ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمٌ بِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الدِّرْهَمِ أَعَادَ نَفْسَ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ كَذَا فَإِنَّ الْمُعَادَ صَالِحٌ لِإِرَادَةِ غَيْرِ مَا أُرِيدَ بِهِ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: فَقَوْلُهُ: دِرْهَمًا يُوهِمُ أَنَّهُ سَبَبُ الِاتِّحَادِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: قَدْ يُقَالُ إنَّمَا ذَكَرَ دِرْهَمًا لِيَدْفَعَ تَوَهُّمَ التَّعَدُّدِ لِتَفْسِيرِ الْأَوَّلِ قَبْلَ ذِكْرِ الثَّانِي فَيُفْهَمُ مِنْهُ الِاتِّحَادُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ دِرْهَمًا

ص: 89

وَدَعْوَى لُزُومِ عِشْرِينَ لِنَحْوِي لِأَنَّهَا أَقَلُّ عَدَدٍ يُمَيَّزُ بِمُفْرَدٍ مَجْرُورٍ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، وَقَوْلُ جَمْعٍ بِوُجُوبِ بَعْضِ دِرْهَمٍ فِي الْجَرِّ إذْ التَّقْدِيرُ كَذَا مِنْ دِرْهَمٍ مَرْدُودٌ، وَإِنْ نُسِبَ لِلْأَكْثَرِينَ بِأَنَّ كَذَا إنَّمَا تَقَعُ عَلَى الْآحَادِ دُونَ كُسُورِهَا (وَالْمَذْهَبُ بِهِ لَوْ قَالَ كَذَا وَكَذَا) أَوْ ثُمَّ كَذَا أَوْ فَكَذَا أَوْ أَرَادَ الْعَطْفَ بِالْفَاءِ لِمَا يَأْتِي فِيهَا مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بَلْ (دِرْهَمًا بِالنَّصْبِ وَجَبَ دِرْهَمَانِ) لِإِقْرَارِهِ بِشَيْئَيْنِ مُبْهَمَيْنِ وَتَعْقِيبِهِمَا بِالدِّرْهَمِ مَنْصُوبًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَاحْتِمَالُ التَّأْكِيدِ يَمْنَعُهُ الْعَاطِفُ، وَلِأَنَّ التَّمْيِيزَ وَصْفٌ فِي الْمَعْنَى وَهُوَ يَعُودُ لِكُلِّ مَا تَقَدَّمَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَقْفِ وَلَوْ زَادَ فِي التَّكْرِيرِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ الْآتِي، وَفِي قَوْلٍ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ لِجَوَازِ إرَادَتِهِ تَفْسِيرًا لِلَّفْظَيْنِ مَعًا بِالدِّرْهَمِ وَفِي قَوْلِ: دِرْهَمٌ وَشَيْءٌ

أَمَّا الدِّرْهَمُ فَلِتَفْسِيرِهِ الثَّانِي وَأَمَّا الشَّيْءُ فَلِلْأَوَّلِ الْبَاقِي عَلَى إبْهَامِهِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ (وَ) الْمَذْهَبُ (أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ أَوْ جَرَّ) الدِّرْهَمَ أَوْ سَكَّنَهُ (فَدِرْهَمٌ) أَمَّا الرَّفْعُ فَلِأَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ الْمُبْهَمَيْنِ: أَيْ هُمَا دِرْهَمٌ وَيَجُوزُ كَوْنُهُ بَدَلًا مِنْهُمَا أَوْ بَيَانًا لَهُمَا نَظِيرَ مَا مَرَّ وَهُوَ الْأَوْلَى، وَأَمَّا الْجَرُّ فَلِأَنَّهُ وَإِنْ امْتَنَعَ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَعْنَى عِنْدَ جُمْهُورِ النُّحَاةِ لَكِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ عُرْفًا أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِجُمْلَةِ مَا سَبَقَ فَحُمِلَ عَلَى الضَّمِّ، وَأَمَّا السُّكُونُ فَوَاضِحٌ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي قَوْلَانِ ثَانِيهمَا دِرْهَمَانِ لِأَنَّهُ يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لَهُمَا وَأَنَّهُ أَخْطَأَ فِي إعْرَابِ التَّفْسِيرِ (وَلَوْ حَذَفَ الْوَاوَ فَدِرْهَمٌ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا) رَفْعًا وَنَصْبًا وَجَرًّا لِاحْتِمَالِ التَّأْكِيدِ حِينَئِذٍ وَيَتَحَصَّلُ مِمَّا تَقَرَّرَ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً؛ لِأَنَّ كَذَا إمَّا أَنْ يُؤْتَى بِهَا مُفْرَدَةً أَوْ مُرَكَّبَةً أَوْ مَعْطُوفَةً، وَالدِّرْهَمُ إمَّا أَنْ يُرْفَعَ أَوْ يُنْصَبَ أَوْ يُجَرَّ أَوْ يُسَكَّنَ ثَلَاثَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ يَحْصُلُ مَا ذُكِرَ، وَالْوَاجِبُ فِي جَمِيعِهَا دِرْهَمٌ إلَّا إذَا عَطَفَ وَنَصَبَ تَمْيِيزَهَا فَدِرْهَمَانِ، وَلَوْ قَالَ كَذَا بَلْ كَذَا فَفِيهِ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا لُزُومُ شَيْئَيْنِ، إذْ لَا يَسُوغُ رَأَيْت زَيْدًا بَلْ زَيْدًا إذَا عَنَى الْأَوَّلَ، فَإِنْ عَنَى غَيْرَهُ صَحَّ.

(وَلَوْ)(قَالَ) لَهُ (عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ)(قُبِلَ تَفْسِيرُ الْأَلْفِ بِغَيْرِ الدَّرَاهِمِ) مِنْ الْمَالِ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ لِأَنَّهُ مُبْهَمٌ، وَالْعَطْفُ إنَّمَا يُفِيدُ زِيَادَةَ عَدَدٍ لَا تَفْسِيرًا كَأَلْفٍ وَثَوْبٍ، وَلَوْ قَالَ أَلْفٌ وَدِرْهَمُ فِضَّةٍ فَالْجَمِيعُ فِضَّةٌ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ مَا لَمْ يَجُرَّهَا بِإِضَافَةِ دِرْهَمٍ إلَيْهَا، وَيَبْقَى تَنْوِينُ أَلْفٍ فَالْأَوْجَهُ حِينَئِذٍ بَقَاءُ الْأَلْفِ عَلَى إبْهَامِهَا، وَلَوْ قَالَ: أَلْفٌ وَقَفِيزُ حِنْطَةً بِالنَّصْبِ، لَمْ يَعُدْ لِلْأَلْفِ إذْ لَا يُقَالُ أَلْفُ حِنْطَةٍ، وَلَوْ قَالَ أَلْفُ دِرْهَمًا أَوْ أَلْفُ دِرْهَمٍ بِالْإِضَافَةِ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ رَفَعَهُمَا وَنَوَّنَهُمَا أَوْ نَوَّنَ الْأَلْفَ فَقَطْ فَلَهُ تَفْسِيرُ الْأَلْفِ بِمَا لَا تَنْقُصُ قِيمَتُهُ عَنْ دِرْهَمٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَلْفٌ مِمَّا قِيمَةُ الْأَلْفِ مِنْهُ دِرْهَمٌ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ ذَلِكَ وَصَارَ يُكَنَّى بِهِ عَنْ الْمُبْهَمِ وَغَيْرِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ كَذَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: مَرْدُودٍ (قَوْلُهُ: إنَّمَا تَقَعُ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهَا بِمَعْنَى شَيْءٍ، وَهُوَ كَمَا يَشْمَلُ الْآحَادَ يَشْمَلُ الْأَبْعَاضَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهَا تَقَعُ عَلَى الْآحَادِ فِي الِاسْتِعْمَالِ أَوْ يَثْبُتُ أَنَّهَا إنَّمَا نُقِلَتْ لِلْآحَادِ دُونَ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ أَرَادَ الْعَطْفَ) أَمَّا ثُمَّ وَالْوَاوُ فَلَا يَحْتَاجَانِ إلَى الْإِرَادَةِ (قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهَا دِرْهَمٌ وَاحِدٌ إنْ لَمْ يُرِدْ الْعَطْفَ لِأَنَّهَا تَأْتِي لِلتَّفْرِيعِ وَتَزْيِينِ اللَّفْظِ كَثِيرًا فَلَا تُحْمَلُ عَلَى الْعَطْفِ إلَّا بِقَصْدِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي نَظِيرِهِ الْآتِي) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ حَذَفَ الْوَاوَ فَدِرْهَمٌ فِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا السُّكُونُ فَوَاضِحٌ) أَيْ لِإِمْكَانِ أَنَّ التَّقْدِيرَ هُمَا دِرْهَمٌ (قَوْلُهُ: وَجَرًّا) أَيْ وَسُكُونًا (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ) أَيْ وَضَرْبُ ثَلَاثَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ يَحْصُلُ مَا ذُكِرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ كَذَا) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ الْأَوْجَهَ فِي بَلْ اعْتِبَارُ إلَخْ إلَّا أَنْ يُحْمَلْ مَا هُنَا عَلَى قَصْدِ الِاسْتِئْنَافِ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَعُدْ لِلْأَلْفِ) أَيْ لَفْظُ حِنْطَةٍ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ) أَيْ لُزُومُ الْأَلْفِ مِنْ الدَّرَاهِمِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَّنَ الْأَلْفَ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

بِالْأَوْلَى اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا لُزُومُ شَيْئَيْنِ) ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا خُصُوصًا بِالنَّظَرِ لِلتَّعْلِيلِ، لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي مَا يُخَالِفُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ

(قَوْلُهُ: فَالْجَمِيعُ فِضَّةٌ) لَكِنْ لَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ دَرَاهِمَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَلْيُرَاجَعْ

ص: 90

(وَلَوْ)(قَالَ) لَهُ عَلَيَّ (خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا) أَوْ أَلْفٌ وَمِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا أَوْ أَلْفٌ وَنِصْفُ دِرْهَمٍ (فَالْجَمِيعُ دَرَاهِمُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِجَعْلِهِ الدِّرْهَمَ تَمْيِيزًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِجَمِيعِ الْمَذْكُورَاتِ بِمُقْتَضَى الْعَطْفِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ الدَّرَاهِمَ أَوْ نَصَبَهُ فِي الْأَخِيرَةِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَلَا يَضُرُّ فِيهِ اللَّحْنُ وَأَنَّهُ لَوْ رَفَعَهُ أَوْ نَصَبَهُ فِيهَا لَكِنْ مَعَ تَنْوِينِ نِصْفٍ أَوْ رَفْعِهِ أَوْ خَفْضِهِ فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ لَزِمَهُ مَا عَدَّدَهُ الْعَدَدُ الْمَذْكُورُ وَقِيمَتُهُ دِرْهَمٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي أَلْفِ دِرْهَمٍ مَنُونِينَ مَرْفُوعِينَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَقُولُ الْخَمْسَةُ فِي مِثَالِ الْمُصَنِّفِ مُجْمَلَةٌ وَالْعِشْرُونَ مُفَصَّلَةٌ بِالدَّرَاهِمِ لِمَكَانِ الْعَطْفِ فَالْتَحَقَتْ بِأَلْفٍ وَدِرْهَمٍ. وَعَنْ ابْنِ الْوَرْدِيِّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُدُسًا سَبْعَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّهُمَا تَمْيِيزَانِ لِكُلٍّ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ، فَيَكُونُ كُلٌّ مُمَيَّزَ النِّصْفِ لِلِاثْنَيْ عَشَرَ الْمُبْهَمَةِ حَذَرًا مِنْ التَّرْجِيحِ بِلَا مُرَجِّحٍ وَنِصْفُهَا دَرَاهِمَ سِتَّةً وَسُدُسَيْ دِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمًا أَوْ دِرْهَمًا وَرُبْعًا فَسَبْعَةٌ وَنِصْفٌ أَوْ وَثُلُثًا فَثَمَانِيَةٌ أَوْ وَنِصْفًا فَتِسْعَةٌ كَنَظِيرِ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ نِصْفَ الْمُبْهَمِ بَعْدَ ذَلِكَ الْكَسْرِ، فَإِنْ قَالَ أَرَدْت وَسُدُسَ دِرْهَمٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِهِ وَكَذَا الْبَاقِي.

قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَمَا حُكِيَ عَنْهُ غَيْرُ بَعِيدٍ بَلْ هُوَ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ، وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْكَسْرَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَنَحْوِهَا مِنْ الدِّرْهَمِ فَيَلْزَمُهُ فِي الْأُولَى اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُدُسُ دِرْهَمٍ وَفِي الثَّانِيَةِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَرُبْعُ دِرْهَمٍ وَفِي الثَّالِثَةِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ دِرْهَمٍ وَفِي الرَّابِعَةِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَنِصْفُ دِرْهَمٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ فِي قَوْلِهِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُدُسًا لَاحِنٌ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ نَحْوِيًّا، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَزِمَهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، أَمَّا لَوْ قَالَ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُدُسُ بِالرَّفْعِ أَوْ سُدُسِ بِالْجَرِّ فَلَا نِزَاعَ فِي لُزُومِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَزِيَادَةُ سُدُسٍ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الدَّرَاهِمِ الْمُقَرِّ بِهَا دَرَاهِمُ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ أَكْثَرَ وَزْنًا مِنْهَا مَا لَمْ يُفَسِّرْهَا الْمُقِرُّ بِمَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ فَعَلَى هَذَا (لَوْ قَالَ الدَّرَاهِمُ الَّتِي أَقْرَرْت بِهَا نَاقِصَةُ الْوَزْنِ) كَدَرَاهِمَ طَبَرِيَّةٍ كُلُّ دِرْهَمٍ مِنْهَا أَرْبَعَةُ دَوَانِقَ (فَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ) أَوْ الْقَرْيَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا (تَامَّةَ الْوَزْنِ) أَيْ كَامِلَتَهُ بِأَنْ كَانَ كُلُّ دِرْهَمٍ سِتَّةَ دَوَانِقَ (فَالصَّحِيحُ قَبُولُهُ) أَيْ التَّفْسِيرِ بِالنَّاقِصَةِ (إنْ ذَكَرَهُ مُتَّصِلًا) بِالْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالِاسْتِثْنَاءِ وَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ لِتَفْسِيرِهِ فِي قَدْرِ النَّاقِصِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيَانُهُ نَزَلَ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَاهِمِ، وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ اللَّفْظَ صَرِيحٌ فِي التَّامِّ وَضْعًا وَعُرْفًا وَرُدَّ بِمَنْعِ الصَّرَاحَةِ (وَمَنْعُهُ إنْ فَصَلَهُ عَنْ الْإِقْرَارِ) وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَيَلْزَمُهُ دَرَاهِمُ تَامَّةٌ لِأَنَّ اللَّفْظَ وَالْعُرْفَ يَنْفِيَانِ قَوْلَهُ

وَالثَّانِي يُقْبَلُ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُحْتَمَلٌ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ (وَإِنْ كَانَتْ) دَرَاهِمُ الْبَلَدِ (نَاقِصَةً قُبِلَ) قَوْلُهُ (إنْ وَصَلَهُ) بِالْإِقْرَارِ إذْ اللَّفْظُ مِنْ حَيْثُ الِاتِّصَالُ وَالْعُرْفُ يُصَدِّقَانِهِ (وَكَذَا إنْ فَصَلَهُ) عَنْهُ (فِي النَّصِّ) عَمَلًا بِعُرْفِ الْبَلَدِ كَمَا فِي الْمُعَامَلَةِ وَفِي وَجْهٍ لَا يُقْبَلُ حَمْلًا لِإِقْرَارِهِ عَلَى وَزْنِ الْإِسْلَامِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ عَلَى الْأَوْجَهِ فِي بَلَدٍ زَادَ وَزْنُهُمْ عَلَى دِرْهَمِ الْإِسْلَامِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَسَكَّنَ الدِّرْهَمَ أَوْ رَفَعَهُ أَوْ جَرَّهُ بِلَا تَنْوِينٍ.

(قَوْلُهُ: لِمَكَانِ الْعَطْفِ) أَيْ لِأَجْلِ الْعَطْفِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا) أَيْ الدِّرْهَمَ وَالسُّدُسَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ أَرَدْت وَسُدُسَ) وَعِبَارَةُ حَجّ أَنَّ جُمْلَةَ ذَلِكَ الْعَدَدِ تُسَاوِي دِرْهَمًا اهـ (قَوْلُهُ: وَمَا حَكَى عَنْهُ) أَيْ ابْنُ الْوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: أَرْبَعَةَ عَشَرَ) أَيْ فِيمَا لَوْ قَالَ وَسُدُسًا (قَوْلُهُ: دَرَاهِمُ الْإِسْلَامِ) وَوَزْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِالْحَبِّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: تَمْيِيزَانِ لِكُلٍّ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ) الْوَجْهُ حَذْفُ لَفْظِ مِنْ. (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ الْأَصَحُّ) أَيْ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدِهَا: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْوَرْدِيِّ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ الدَّمِيرِيِّ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ عَلَى الْأَوْجُهِ فِي بَلَدٍ زَادَ وَزْنُهُمْ إلَخْ) هَذَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ آنِفًا مِنْ حَمْلِ الدَّرَاهِمِ فِي الْإِقْرَارِ عَلَى دَرَاهِمِ الْإِسْلَامِ مَا لَمْ يُفَسِّرْ بِغَيْرِهَا مِمَّا يَحْتَمِلُ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ خَالَفَ فِي هَذَا الْمُتَقَدِّمِ آنِفًا الشِّهَابَ حَجّ، فَإِنَّ ذَاكَ يَخْتَارُ أَنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُحْمَلُ عَلَى دَرَاهِمِ الْبَلَدِ الْغَالِبِ، ثُمَّ تَبِعَهُ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي مِمَّا

ص: 91

فَإِنْ قَالَ: أَرَدْته قُبِلَ إنْ وَصَلَهُ لَا إنْ فَصَلَهُ (وَالتَّفْسِيرُ بِالْمَغْشُوشَةِ كَهُوَ بِالنَّاقِصَةِ) فَإِنَّ الدِّرْهَمَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مَحْمُولٌ عَلَى الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ وَمَا فِيهَا مِنْ الْغِشِّ يَنْقُصُهَا فَكَانَتْ كَالنَّاقِصَةِ فِي تَفْصِيلِهَا الْمَذْكُورِ، وَلَوْ فَسَّرَهَا بِجِنْسٍ رَدِيءٍ أَوْ بِغَيْرِ سِكَّةِ الْبَلَدِ قُبِلَ مُطْلَقًا وَفَارَقَ النَّاقِصَ بِأَنَّهُ يَرْفَعُ بَعْضَ مَا أَقَرَّ بِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَبِخِلَافِ الْبَيْعِ حَيْثُ يُحْمَلُ عَلَى سِكَّةِ الْبَلَدِ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنْشَاءُ مُعَامَلَةٍ، وَالْغَالِبُ أَنَّهَا فِي كُلِّ مَحَلٍّ تَقَعُ بِمَا يَرُوجُ فِيهِ، وَالْإِقْرَارُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ يُحْتَمَلُ ثُبُوتُهُ بِمُعَامَلَةٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَيُرْجَعُ إلَى إرَادَتِهِ، وَلَوْ فَسَّرَهَا بِالْفُلُوسِ لَمْ يُقْبَلْ لِانْتِفَاءِ تَسْمِيَتِهَا دَرَاهِمَ، سَوَاءٌ أَفَصَلَهُ أَمْ وَصَلَهُ.

نَعَمْ لَوْ غَلَبَ التَّعَامُلُ بِهَا بِبَلَدٍ بِحَيْثُ هُجِرَ التَّعَامُلُ بِالْفِضَّةِ، وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ عِوَضًا عَنْ الْفُلُوسِ كَالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ، فَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْقَبُولُ وَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلًا، وَلَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ حُمِلَ عَلَى دَرَاهِمِ الْبَلَدِ الْغَالِبَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الْمَكِيلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِإِرْدَبِّ بُرٍّ وَبِمَحَلِّ الْإِقْرَارِ مَكَايِيلُ مُخْتَلِفَةٌ وَلَا غَالِبَ فِيهَا تَعَيَّنَ أَقَلُّهَا مَا لَمْ يَخْتَصَّ الْمُقَرُّ بِهِ بِمِكْيَالٍ مِنْهَا فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ لَا عَلَى غَيْرِهِ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَلَوْ قَالَ: أَرَدْت غَيْرَهَا، وَفِي الْعُقُودِ يُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ الْمُخْتَصِّ مِنْ تِلْكَ الْمَكَايِيلِ كَالنَّقْدِ، وَيُصَدَّقُ الْغَاصِبُ وَالْمُتْلِفُ بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِ كَيْلِ مَا غَصَبَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ، وَلَوْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِكَذَا كَذَا أَشَرَفِيًّا حُمِلَ عَلَى الْقَدْرِ الْمَعْلُومِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِشُمُولِ الْعُرْفِ لِذَلِكَ فَهُوَ مُجْمَلٌ فَيُرْجَعُ فِي تَفْسِيرِهِ إلَى الْمُقِرِّ ثُمَّ إلَى وَرَثَتِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ فِي أَنَّ الْقَدْرَ الْمُقَرَّ بِهِ مِنْ الْفِضَّةِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَدَعْوَى أَنَّهُ يُنَافِيه قَوْلُهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ أَنَّهُ مَوْضِعٌ لِضَرْبٍ مَخْصُوصٍ مِنْ الذَّهَبِ فَيُحْمَلُ فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ عَلَيْهِ غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ، وَقَوْلُ الْمُنَازِعِ بِأَنْ وَضَعَهُ لِمِقْدَارٍ مَعْلُومٍ مِنْ الذَّهَبِ هُوَ الْأَصْلُ فِيهِ.

وَأَمَّا اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا يَعُمُّ الْفِضَّةَ أَيْضًا فَهُوَ اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ.

وَقَاعِدَةُ الْبَابِ قَبُولُ مِثْلِهِ مُتَّصِلًا لَا مُنْفَصِلًا مَمْنُوعٌ بِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيمَا لِلشَّرْعِ فِيهِ عُرْفٌ قَدِيمٌ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ إذْ الْأَشَرُّ فِي حَادِثٍ، وَاسْتِعْمَالُهُ فِي قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الذَّهَبِ مُتَجَدِّدٌ فَجَازَ فِيهِ مَا تَقَرَّرَ.

وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دُرَيْهِمٍ بِالتَّصْغِيرِ أَوْ دِرْهَمٌ صَغِيرٌ لَزِمَهُ صَغِيرُ الْقَدْرِ وَزْنًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

خَمْسُونَ شَعِيرَةً وَخُمُسَا شَعِيرَةٍ، وَبِالدَّوَانِقِ سِتٌّ وَكُلُّ دَانَقٍ ثَمَانُ حَبَّاتٍ وَخُمُسَا حَبَّةٍ (قَوْلُهُ: قُبِلَ مُطْلَقًا) أَيْ فَصَلَهُ أَوْ وَصَلَهُ كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ كَذَلِكَ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: كَالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ) أَيْ فِي زَمَنِهِ إذْ ذَاكَ، وَأَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ التَّفْسِيرُ بِهَا لِأَنَّهَا لَا يَتَعَامَلُ بِهَا الْآنَ إلَّا فِي الْمُحَقَّرَاتِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ) هِيَ غَايَةٌ (قَوْلُهُ: فِي قَدْرِ كَيْلٍ) أَيْ وَفِي قِيمَتِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَالْفِضَّةِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ لِأَنَّ الْأَشْرَفِيَّ يُطْلَقُ تَارَةً عَلَى الذَّهَبِ الْخَالِصِ وَتَارَةً عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْفِضَّةِ كَعَشَرَةٍ (قَوْلُهُ: فَجَازَ فِيهِ مَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ مُجْمَلٌ فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِالْفِضَّةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسْأَلَةِ فَوَقَعَ فِي التَّنَاقُضِ فِي مَوَاضِعَ كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْقَبُولُ إنْ كَانَ مُتَّصِلًا) وَفِي نُسْخَةٍ: وَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلًا، وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الْكَيْلِ) تَبِعَ فِي هَذَا الشِّهَابَ الْمَذْكُورَ، لَكِنْ ذَاكَ جَارٍ عَلَى طَرِيقَتِهِ، فَمَعْنَى قَوْلِ الشِّهَابِ وَيَجْرِي ذَلِكَ: يَعْنِي الْحَمْلَ عَلَى الْغَالِبِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ الَّذِي يَقُولُ بِهِ هُوَ دُونَ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ حُمِلَ عَلَى دَرَاهِمِ الْبَلَدِ) تَبِعَ فِيهِ أَيْضًا الشِّهَابَ الْمَذْكُورَ، وَهُوَ نَقِيضُ مَا صَدَرَ بِهِ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى دِرْهَمِ الْإِسْلَامِ، فَهَذَا اخْتِيَارُ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ الْمُقَابِلِ لِاخْتِيَارِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ لَا عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ الْأَنْقَصِ مِنْهُ إلَّا إنْ وَصَلَهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْعُقُودِ يُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ الْمُخْتَصِّ مِنْ تِلْكَ الْمَكَايِيلِ كَالنَّقْدِ) هَذَا لَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ فِي الْحُكْمِ، وَالْعَلَّامَةُ حَجّ ذَكَرَ عَقِبَ هَذَا مَا نَصُّهُ: مَا لَمْ يَخْتَلِفَا فِي تَعْيِينِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُمَا حِينَئِذٍ يَتَحَالَفَانِ اهـ.

فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الْمَذْكُورُ هُوَ مَحَطُّ الْمُخَالَفَةِ فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ عَدَمِ التَّسْلِيمِ

ص: 92

إنْ كَانَ فِي مَحَلِّ أَوْزَانِهِمْ فِيهِ وَافِيَةٌ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ صَرِيحٌ فِي الْوَازِنِ، وَالْوَصْفُ بِالصِّغَرِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الشَّكْلِ وَأَنْ يَكُونَ بِالْإِضَافَةِ إلَى الدِّرْهَمِ الْبَغْلِيِّ فَلَا يُتْرَكُ الصَّرِيحُ بِالِاحْتِمَالِ، فَإِنْ كَانَ فِي مَحَلِّ أَوْزَانِهِمْ نَاقِصَةٌ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي إرَادَتِهِ مِنْهَا وَلَزِمَهُ دِرْهَمٌ نَاقِصٌ وَيَجِبُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ أَوْ قَلِيلَةٌ ثَلَاثَةٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِيهَا فِي الْوَزْنِ بَلْ يَكْفِي أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ زِنَةَ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَبِقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ أَقَلُّ عَدَدِ الدَّرَاهِمِ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَيْسَ بِعَدَدٍ.

(وَلَوْ)(قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ)(لَزِمَهُ تِسْعَةٌ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ بِتَوْجِيهِهِ، وَقِيلَ عَشَرَةٌ إدْخَالًا لِلطَّرَفَيْنِ، وَقِيلَ ثَمَانِيَةٌ إخْرَاجًا لَهُمَا كَمَا لَوْ قَالَ: عِنْدِي أَوْ بِعْتُك مِنْ هَذَا الْجِدَارِ إلَى هَذَا الْجِدَارِ فَإِنَّهُمَا لَا يَدْخُلَانِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ أَوْ الْمَبِيعَ هُنَاكَ السَّاحَةُ وَلَيْسَ الْجِدَارَ مِنْهَا بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ، وَذِكْرُ الْجِدَارِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِثَالٌ فَالشَّجَرَةُ كَذَلِكَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ إلَى هَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَكَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّحْدِيدُ لَا التَّقْيِيدُ مَمْنُوعٌ بِالْفَرْقِ الْمَذْكُورِ، وَلَا يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ هُنَا مَا فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ حَيْثُ وَقَعَ الثَّلَاثُ لِأَنَّ عَدَدَ الطَّلَاقِ مَحْصُورٌ فَأَدْخَلُوا فِيهِ الطَّرَفَيْنِ بِخِلَافِهِ هُنَا، فَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مَا بَيْنَ الدِّرْهَمِ وَالْعَشَرَةِ أَوْ إلَى الْعَشَرَةِ لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ إخْرَاجًا لِلطَّرَفَيْنِ لِأَنَّ مَا بَيْنَهُمَا لَا يَشْمَلُهُمَا.

(وَإِنْ)(قَالَ) : (لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فِي عَشَرَةٍ) أَوْ دِرْهَمٌ فِي دِينَارٍ (فَإِنْ أَرَادَ الْمَعِيَّةَ لَزِمَهُ أَحَدَ عَشَرَ) أَوْ الدِّرْهَمُ وَالدِّينَارُ لِمَجِيءِ " فِي " بِمَعْنَى مَعَ كَادْخُلُوا فِي أُمَمٍ: أَيْ مَعَهُمْ، وَاسْتِشْكَالُ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ لَهُ بِجَزْمِهِمْ فِي دِرْهَمٍ مَعَ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ لِاحْتِمَالِ إرَادَتِهِ مَعَ دِرْهَمٍ لِي فَلَمْ يَجِبْ سِوَى وَاحِدٍ فَالْمَسْأَلَتَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، وَفِيهِ تَكَلُّفٌ يُنَافِيهِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ.

أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ نِيَّةَ الْمَعِيَّةِ تَجْعَلُ فِي عَشَرَةٍ بِمَعْنَى وَعَشَرَةٍ بِدَلِيلِ تَقْدِيرِهِمْ جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو مَعَ عَمْرٍو، بِخِلَافِ لَفْظَةِ مَعَ فَإِنَّ غَايَتَهَا الْمُصَاحَبَةُ وَهِيَ صَادِقَةٌ بِمُصَاحَبَةِ دِرْهَمٍ لِلْمُقِرِّ، وَمَا نُظِرَ بِهِ فِيهِ مِنْ أَنَّ الْوَاوَ لَيْسَتْ بِمَعْنَى مَعَ بَلْ تَحْتَمِلُهَا وَغَيْرَهَا يُرَدُّ بِلُزُومِ الدِّرْهَمِ الثَّانِي، بَلْ وَلَا إشَارَةَ إلَيْهِ فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ إلَّا وَاحِدٌ، وَأَمَّا فِي عَشَرَةٍ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي الظَّرْفِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلُزُومِ وَاحِدٍ فَقَطْ فَنِيَّةُ مَعَ بِهَا قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ مَا مَرَّ بِمَعَ دِرْهَمٍ لِأَنَّهُ يُرَادِفُهَا بَلْ ضَمَّ الْعَشَرَةَ إلَى الدِّرْهَمِ فَوَجَبَ الْأَحَدَ عَشَرَ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدِّرْهَمَ لَازِمٌ فِيهِمَا، وَالدِّرْهَمُ الثَّانِي فِي مَعَ دِرْهَمٍ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى لُزُومِهِ وَالْعَشَرَةُ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى لُزُومِهَا، إذْ لَوْلَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَيْسَ بِعَدَدٍ) أَيْ وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ أَقَلِّ عَدَدِ هَذَا الْجِنْسِ وَأَقَلِّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ فَإِنَّ ذَلِكَ جَمْعٌ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَفِيهِ تَكَلُّفٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ تَكَلُّفٌ فِي الْإِشْكَالِ نَفْسِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ التَّكَلُّفَ إنَّمَا هُوَ فِي جَوَابٍ عَنْهُ لِلْبُلْقِينِيِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ حَجّ حَيْثُ قَالَ كَعَشَرَةٍ (قَوْلُهُ: بَلْ ضَمَّ الْعَشَرَةَ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ) أَيْ الْبَعْضُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ إلَى هَذِهِ الدَّرَاهِمِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً بِدَلِيلِ الْإِشَارَةِ وَالتَّنْظِيرِ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ إرَادَتِهِ مَعَ دِرْهَمٍ لِي فَلَمْ يَجِبْ سِوَى وَاحِدٍ إلَخْ) هُنَا سَقْطٌ فِي النُّسَخِ عَقِبَ قَوْلِهِ مَعَ دِرْهَمٍ وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ الَّذِي تَبِعَهُ الشَّارِحُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ السَّوَادَةِ بِبَعْضِ تَصَرُّفٍ نَصُّهَا: لِاحْتِمَالِ إرَادَتِهِ مَعَ دِرْهَمٍ لِي فَمَعَ نِيَّتِهِ أَوْلَى.

وَأَجَابَ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ فَرْضَ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الظَّرْفَ بَلْ الْمَعِيَّةَ فَوَجَبَ أَحَدَ عَشَرَ وَفَرْضُ دِرْهَمٍ مَعَ دِرْهَمٍ أَنَّهُ أَطْلَقَ وَهُوَ مُحْتَمَلُ الظَّرْفِ: أَيْ مَعَ دِرْهَمٍ لِي فَلَمْ يَجِبْ سِوَى وَاحِدٍ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّرْحِ.

(قَوْلُهُ: أُجِيبُ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَصْلِ الْإِشْكَالِ، وَهُوَ فِي النُّسَخِ بِلَا وَاوٍ عَاطِفَةٍ، وَحَذْفُهَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا سَقْطَ، وَقَدْ عَرَفْتَ السَّاقِطَ وَأَنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِجَوَابِ الْبُلْقِينِيِّ فَيَجِبُ هُنَا الْعَطْفُ عَلَيْهِ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: يَرُدُّ بِلُزُومِ الدِّرْهَمِ إلَخْ) هُنَا أَيْضًا سَقْطٌ فِي النُّسَخِ عَقِبَ يَرُدُّ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ لَمَّا أَوْرَدَ الْجَوَابَ الثَّانِيَ الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ أُجِيبُ إلَى آخِرِهِ نَظَرَ فِيهِ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، فَالشَّارِحُ أَشَارَ إلَى رَدِّهِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْمَرْدُودَ بِهِ فِي النُّسَخِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: بِلُزُومِ الدِّرْهَمِ إلَخْ فَهُوَ لَيْسَ

ص: 93