الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ) فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَةٍ
وَوَطْءٍ وَانْتِقَالٍ لِلْغَيْرِ وَتَوَابِعِهَا (زِيَادَةُ الْمَغْصُوبِ إنْ كَانَتْ أَثَرًا مَحْضًا كَقِصَارَةٍ) لِثَوْبٍ وَخِيَاطَةٍ بِخَيْطٍ مِنْ الثَّوْبِ وَطَحْنٍ لِبُرٍّ وَضَرْبِ سَبِيكَةِ دَرَاهِمَ (فَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ بِسَبَبِهَا) لِتَعَدِّيهِ بِعَمَلِهِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْمُفْلِسِ مِنْ مُشَارَكَتِهِ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ عَمِلَ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ (وَلِلْمَالِكِ تَكْلِيفُهُ رَدَّهُ) أَيْ الْمَغْصُوبَ (كَمَا كَانَ إنْ أَمْكَنَ) وَلَوْ مَعَ عُسْرٍ كَرَدِّ الْحُلِيِّ سَبَائِكَ وَاللَّبِنِ طِينًا إلْحَاقًا لِرَدِّ الصِّفَةِ بِرَدِّ الْعَيْنِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ تَعَدِّيهِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَإِنْ شَرَطَ الْمُتَوَلِّي أَنْ يَكُونَ لَهُ غَرَضٌ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُ مِمَّا كَانَ كَالْقِصَارَةِ لَمْ يُكَلَّفْ ذَلِكَ بَلْ يَرُدُّهُ بِحَالِهِ.
وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ رَضِيَ الْمَالِكُ بِبَقَائِهِ لَمْ يُعِدْهُ؛ مُقَيَّدٌ بِمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ، فَإِنْ كَانَ كَأَنْ ضَرَبَ الدَّرَاهِمَ بِغَيْرِ إذْنِ السُّلْطَانِ أَوْ عَلَى غَيْرِ عِيَارِهِ فَلَهُ إعَادَتُهُ. خَوْفًا مِنْ التَّعْزِيرِ (وَأَرْشُ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى " تَكْلِيفُهُ " وَالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى " رَدَّهُ "(النَّقْصِ) لِقِيمَتِهِ قَبْلَ الزِّيَادَةِ سَوَاءٌ أَحَصَلَ النَّقْصُ بِهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَمْ بِإِزَالَتِهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَصْلٌ) فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَةٍ وَوَطْءٍ وَانْتِقَالٍ لِلْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَتَوَابِعِهَا) أَيْ كَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ (قَوْلُهُ: بِخَيْطٍ مِنْ الثَّوْبِ) أَيْ أَمَّا لَوْ كَانَ الْخَيْطُ مِنْ الْغَاصِبِ وَزَادَتْ بِهِ الْقِيمَةُ شَارَكَ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فَصَلَهُ كَمَا يَأْتِي فِي الصِّيَغِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: بِخَيْطِ الْمَالِكِ اهـ. وَهِيَ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: لِتَعَدِّيهِ) أَيْ بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ حَتَّى لَوْ قَصَّرَ ثَوْبَ غَيْرِهِ يَظُنُّهُ ثَوْبَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُفْلِسَ (قَوْلُهُ: إلْحَاقًا لِرَدِّ الصِّفَةِ) وَهِيَ جَعْلُهُ سَبَائِكَ وَطِينًا
(قَوْلُهُ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ الْمَالِكَ (قَوْلُهُ: وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) يَتَأَمَّلُ وَجْهَ الِاقْتِضَاءِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: وَلِلْمَالِكِ تَكْلِيفُهُ إلَخْ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَالِكَ إذَا رَضِيَ بِهِ امْتَنَعَ عَلَى الْغَاصِبِ إعَادَتُهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ قَوْلَهُ وَلِلْمَالِكِ التَّكْلِيفُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ تَكْلِيفُهُ الرَّدَّ، وَقَدْ يُفْهَمُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَرْضَ بِرَدِّهِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ جَعَلَ رَدَّ الْغَاصِبِ لَهُ مُرَتَّبًا عَلَى تَكْلِيفِ الْمَالِكِ
(قَوْلُهُ: فَلَهُ إعَادَتُهُ) أَيْ الْغَاصِبِ، وَقَوْلُهُ: خَوْفًا إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فِي الْوَاقِعِ يَسْقُطُ التَّعْزِيرُ بِإِعَادَتِهِ، قَدْ تَمْنَعُ دَلَالَتُهُ عَلَى ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ بَقَاءَ الدَّرَاهِمِ بِحَالِهَا يُؤَدِّي إلَى اطِّلَاعِ السُّلْطَانِ فَيُعَزِّرُهُ، وَإِعَادَتُهَا طَرِيقٌ إلَى عَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى مَا وَقَعَ، وَقَدْ يُقَالُ: لَوْلَا سُقُوطُ التَّعْزِيرِ مَا جَازَ لَهُ التَّسَبُّبُ فِي دَفْعِهِ بِالْإِعَادَةِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مَا لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ فَيَنْبَغِي لَهُ كَتْمُهُ وَالسَّعْيُ فِي دَفْعِهِ كَمَا فِي مُوجِبِ الْحَدِّ.
[فَرْعٌ] قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ ضَرَبَ الشَّرِيكُ الطِّينَ الْمُشْتَرَكَ لَبِنًا أَوْ السَّبَائِكَ دَرَاهِمَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَيَجُوزُ لَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ أَنْ يَنْقُضَهُ وَإِنْ رَضِيَ شَرِيكُهُ بِالْبَقَاءِ لِيَنْتَفِعَ بِمِلْكِهِ كَمَا كَانَ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَمِنْهُ مَا لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ شَخْصٍ وَآخَرَ فَغَرَسَ فِيهَا أَوْ بَنَى بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَإِنَّهُ يُكَلَّفُ الْقَلْعَ لِتَعَدِّيهِ بِفِعْلِهِ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَكَانَ كَالْغَاصِبِ لَا يُقَالُ فِيهِ: تَكْلِيفُهُ قَلْعَ مِلْكِهِ عَنْ مِلْكِهِ.
لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَ الْمَقْصُودُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْخُرُوجُ مِنْ حَقِّ الْغَيْرِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِقَلْعِ الْجَمِيعِ، وَسَيَأْتِي فِي الشُّفْعَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِلشَّفِيعِ نَقْضُ مَا لَا شُفْعَةَ إلَخْ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ بَنَى الْمُشْتَرِي أَوْ غَرَسَ فِي الْمَشْفُوعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ الزِّيَادَةِ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَة]
ٍ، وَوَطْءٍ وَانْتِقَالٍ لِلْغَيْرِ.
(قَوْلُهُ: وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَقَدْ يَقْتَضِي الْمَتْنُ إلَخْ
وَعَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ لَا لِمَا زَادَ بِصَنْعَتِهِ لِأَنَّ فَوَاتَهُ بِأَمْرِ الْمَالِكِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ رَدَّهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ مَعَ عَدَمِ غَرَضٍ لَهُ غَرِمَ أَرْشَهُ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي رَدِّ التُّرَابِ أَنَّهُ لَوْ تَعَيَّنَ غَرَضُ الْغَاصِبِ فِي الرَّدِّ لِعَدَمِ لُزُومِ الْأَرْشِ لَهُ وَمَنَعَهُ الْمَالِكُ مِنْهُ وَأَبْرَأَهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ وَسَقَطَ الْأَرْشُ عَنْهُ (وَإِنْ كَانَتْ) الزِّيَادَةُ الَّتِي فَعَلَهَا الْغَاصِبُ (عَيْنًا كَبِنَاءٍ وَغِرَاسٍ كُلِّفَ الْقَلْعَ) وَأَرْشَ النَّقْصِ لِخَبَرِ «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» وَإِعَادَتُهَا كَمَا كَانَتْ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ إنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، وَلَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ تُمَلَّكَهُ أَوْ إبْقَاءَهُ بِأُجْرَةٍ لَمْ يَلْزَمْ الْغَاصِبَ إجَابَتُهُ لِإِمْكَانِ الْقَلْعِ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ، وَلَوْ أَرَادَ الْغَاصِبُ الْقَلْعَ بِغَيْرِ رِضَا الْمَالِكِ لَمْ يُمْنَعْ، فَإِنْ بَادَرَ أَجْنَبِيٌّ لِذَلِكَ غَرِمَ الْأَرْشَ لِأَنَّ عَدَمَ احْتِرَامِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ فَقَطْ، وَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ مَغْصُوبَيْنِ مِنْ آخَرَ فَلِكُلٍّ مِنْ مَالِكِي الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ إلْزَامُ الْغَاصِبِ بِالْقَلْعِ، وَإِنْ كَانَا لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَرَضِيَ بِهِ الْمَالِكُ امْتَنَعَ عَلَى الْغَاصِبِ قَلْعُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ طَالَبَهُ بِقَلْعِهِ؛ فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ لَزِمَهُ قَلْعُهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَوْجُهُهُمَا نَعَمْ لِتَعَدِّيهِ.
أَمَّا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ لِأَنَّ فَوَاتَهُ: أَيْ مَا زَادَ، وَقَوْلُهُ لَوْ رَدَّهُ: أَيْ أَعَادَهُ، وَقَوْلُهُ مَعَ عَدَمِ غَرَضٍ لَهُ: أَيْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: غَرِمَ أَرْشَهُ) أَيْ أَرْشَ النَّقْصِ لِمَا زَادَ بِصَنْعَتِهِ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَمَنَعَهُ الْمَالِكُ) لَيْسَ الْمَنْعُ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الْبَرَاءَةِ، وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْبَرَاءَةِ وَعَدَمِهَا أَنَّ الْمُصَدَّقَ هُوَ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِبْرَاءِ وَبَقَاءُ شُغْلِ ذِمَّةِ الْغَاصِبِ
(قَوْلُهُ: وَأَبْرَأَهُ) أَيْ مِنْ الْأَرْشِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ) أَيْ الْأَصْلُ وَهُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَوْلُهُ حَقٌّ قَالَ حَجّ: هُوَ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَفِيهِمَا التَّنْوِينُ وَتَنْوِينُ الْأَوَّلِ وَإِضَافَةِ الثَّانِي اِ هـ.
وَفِي قَوْلِهِ وَإِضَافَةِ الثَّانِي تَأَمُّلٌ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمِشْكَاةِ: وَإِضَافَةُ الْأَوَّلِ وَتَنْوِينُ الثَّانِي وَهِيَ الصَّوَابُ لِأَنَّ " حَقُّ " اسْمُ لَيْسَ بِمَعْنَى احْتِرَامٍ فَلَا يَكُونُ مُضَافًا إلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْ الْغَاصِبَ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ قَبُولُهُ لَوْ وَهَبَهُ لَهُ الْغَاصِبُ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ الْقَلْعِ) أَيْ مِنْ الْمَالِكِ لِلْأَرْضِ وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ: أَيْ لِلْمَقْلُوعِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَوْ طَلَبَ الْمُعِيرُ مِنْهُ التَّبْقِيَةَ بِالْأُجْرَةِ أَوْ تَمَلُّكَهُ بِالْقِيمَةِ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ مُوَافَقَتُهُ، لَكِنَّ مَحِلَّهُ كَمَا مَرَّ حَيْثُ لَمْ يَخْتَرْ الْقَلْعَ، أَمَّا عِنْدَ اخْتِيَارِهِ لَهُ فَلَا تَلْزَمُهُ مُوَافَقَةُ الْمُعِيرِ لَوْ طَلَبَ التَّبْقِيَةَ بِالْأُجْرَةِ أَوْ التَّمَلُّكَ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي سم عَلَى حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ، وَعِبَارَتُهُ: قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ مَا فِي الْعَارِيَّةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِيمَا إذَا امْتَنَعَ الْمُسْتَعِيرُ وَالْغَاصِبُ مِنْ الْقَلْعِ فَلِلْمَالِكِ حِينَئِذٍ قَهْرًا الْإِبْقَاءُ بِالْأُجْرَةِ أَوْ التَّمَلُّكُ بِالْقِيمَةِ هُنَاكَ لَا هُنَا فَلْيُرَاجَعْ اهـ
(قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ الْقَلْعِ، وَقَوْلُهُ: غَرِمَ الْأَرْشَ: أَيْ لِلْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: إلْزَامُ الْغَاصِبِ بِالْقَلْعِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ جَازَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُؤَنَ الَّتِي تُصْرَفُ عَلَى الْقَلْعِ إنْ تَبَرَّعَ بِهَا صَاحِبُ الْأَرْضِ أَوْ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فَذَاكَ، وَإِلَّا رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى قَاضٍ يُلْزِمُ الْغَاصِبَ بِصَرْفِهَا، فَإِنْ فُقِدَ الْقَاضِي صَرَفَهَا الْمَالِكُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ وَأَشْهَدَ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ) أَيْ فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ الْأَرْشُ إنْ نَقَصَ (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغَاصِبِ حَيْثُ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ عَمَّا كَانَ قَبْلَ نَقْلِهِ لِلْمَحِلِّ الْآخَرِ لَا بِسَبَبِ عَدَمِ إعَادَتِهِ لِلْمَحِلِّ الْمَنْقُولِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ) لَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لَا لِمَا مَا زَادَ) عُطِفَ عَلَى لِقِيمَتِهِ: أَيْ لَهُ أَرْشُ نَقْصِ قِيمَتِهِ قَبْلَ الزِّيَادَةِ لَا أَرْشُ نَقْصٍ حَصَلَ بِإِزَالَةِ الصَّنْعَةِ الْحَاصِلَةِ بِفِعْلِهِ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ رَدَّهُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَدَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ لُزُومِ الْأَرْشِ) اللَّامُ فِيهِ بِمَعْنَى فِي، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ فِي الرَّدِّ سِوَاهُ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْغَاصِبِ غَرَضٌ فِي الرَّدِّ سِوَى عَدَمِ لُزُومِ الْأَرْشِ
نَمَاءُ الْمَغْصُوبِ كَمَا لَوْ اتَّجِرْ الْغَاصِبُ فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ فَالرِّبْحُ لَهُ، فَلَوْ غَصَبَ دَرَاهِمَ وَاشْتَرَى شَيْئًا فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ نَقَدَهَا فِي ثَمَنِهِ وَرَبِحَ رَدَّ مِثْلَ الدَّرَاهِمِ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّ عَيْنِهَا، فَإِنْ اشْتَرَى الْعَيْنَ بَطَلَ، وَلَوْ غَصَبَ أَرْضًا وَبَذْرًا مِنْ آخَرَ وَبَذَرَهُ فِي الْأَرْضِ كَلَّفَهُ الْمَالِكُ إخْرَاجَ الْبَذْرِ مِنْهَا وَأَرْشَ النَّقْصِ، وَإِنْ رَضِيَ الْمَالِكُ بِبَقَاءِ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ امْتَنَعَ عَلَى الْغَاصِبِ إخْرَاجُهُ، وَلَوْ زَوَّقَ الْغَاصِبُ الدَّارَ الْمَغْصُوبَةَ بِمَا لَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِقَلْعِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ قَلْعُهُ إنْ رَضِيَ الْمَالِكُ بِبَقَائِهِ وَلَيْسَ لَهُ إجْبَارُهُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ كَالثَّوْبِ إذَا قَصَّرَهُ (وَلَوْ)(صَبَغَ) الْغَاصِبُ (الثَّوْبَ بِصِبْغِهِ وَأَمْكَنَ فَصْلُهُ) مِنْهُ بِأَنْ لَمْ يَنْعَقِدْ الصِّبْغُ بِهِ (أُجْبِرَ عَلَيْهِ) أَيْ الْفَصْلِ وَإِنْ خَسِرَ كَثِيرًا أَوْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الصِّبْغِ بِالْفَصْلِ (فِي الْأَصَحِّ) كَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَلَهُ الْفَصْلُ قَهْرًا عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ نَقَصَ الثَّوْبُ بِهِ لِأَنَّهُ يَغْرَمُ أَرْشَ النَّقْصِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ آنِفًا، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ نَقْصٌ فَكَالتَّزْوِيقِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَسْتَقِلُّ الْغَاصِبُ بِفَصْلِهِ وَلَا يَجْبُرُهُ الْمَالِكُ عَلَيْهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ يَضِيعُ بِفَصْلِهِ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَخَرَجَ بِصِبْغِهِ صِبْغُ الْمَالِكِ فَالزِّيَادَةُ كُلُّهَا لَهُ وَالنَّقْصُ عَلَى الْغَاصِبِ وَيَمْتَنِعُ فَصْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ، وَلَهُ إجْبَارُهُ عَلَيْهِ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ وَصِبْغِ مَغْصُوبٍ مِنْ آخَرَ، فَلِكُلٍّ مِنْ مَالِكِي الثَّوْبِ وَالصِّبْغِ تَكْلِيفُهُ فَصْلًا أَمْكَنَ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَهُمَا فِي الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ كَمَا فِي قَوْلِهِ:(وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) فَصْلُهُ لِتَعَقُّدِهِ (فَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ) وَلَمْ تَنْقُصْ بِأَنْ كَانَ يُسَاوِي عَشَرَةً قَبْلَهُ وَسَاوَاهَا بَعْدَهُ مَعَ أَنَّ الصِّبْغَ قِيمَتَهُ خَمْسَةٌ لَا لِانْخِفَاضِ سُوقِ الثِّيَابِ بَلْ لِأَجْلِ الصِّبْغِ (فَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ فِيهِ) وَلَا عَلَيْهِ، إذْ غَصْبُهُ كَالْمَعْدُومِ حِينَئِذٍ (وَإِنْ نَقَصَتْ) قِيمَتُهُ بِأَنْ صَارَ يُسَاوِي خَمْسَةً (لَزِمَهُ الْأَرْشُ) لِحُصُولِ النَّقْصِ بِفِعْلِهِ (وَإِنْ زَادَتْ) قِيمَتُهُ بِسَبَبِ الْعَمَلِ وَالصَّنْعَةِ (اشْتَرَكَا فِيهِ) أَيْ الثَّوْبِ هَذَا بِصِبْغِهِ، وَهَذَا بِثَوْبِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ غَرَضٌ لِاشْتِمَالِ مَا هُنَا عَلَى التَّفْصِيلِ وَحِكَايَةِ الْخِلَافِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ اشْتَرَى بِالْعَيْنِ بَطَلَ) أَيْ وَالزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ جَهِلَ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ وَأَمْرُهَا لِبَيْتِ الْمَالِ، وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلِغَيْرِهِ أَخْذُهَا لِيُعْطِيَهَا لِلْمُسْتَحِقِّ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْغَاصِبَ إنْ غَرِمَ مِثْلَ الدَّرَاهِمِ الْمَغْصُوبَةِ لِصَاحِبِهَا جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ هَذَا الْمَالِ مَا يُسَاوِي مَا غَرِمَهُ مِنْ بَابِ الظَّفَرِ وَيُحَصِّلُ بِهِ مِثْلَ حَقِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَصَبَ أَرْضًا) أَيْ مِنْ شَخْصٍ (قَوْلُهُ: إنْ رَضِيَ الْمَالِكُ) أَيْ لِلْأَرْضِ وَالْبَذْرِ (قَوْلُهُ كَالثَّوْبِ إذَا قَصَّرَهُ) قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّوْبِ بِتَعَذُّرِ زَوَالِ الْقِصَارَةِ مِنْهَا، بِخِلَافِ الزَّوَاقِ فَالْأَوْلَى تَكْلِيفُهُ إزَالَتَهُ كَإِعَادَةِ الْحُلِيِّ سَبِيكَةً، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ زَوَاقِ الدَّارِ وَالْحُلِيِّ بِأَنَّ الْغَاصِبَ لِلسَّبِيكَةِ لَمَّا أَخْرَجَهَا عَنْ صُورَتِهَا الْأَصْلِيَّةِ كُلِّفَ الْإِعَادَةَ، بِخِلَافِهِ فِي التَّزْوِيقِ، فَإِنَّ هَيْئَةَ الدَّارِ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ صُورَتِهَا الْأَصْلِيَّةِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ مَا لَمْ يَتَعَذَّرْ نَفْعُهُ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي كَانَ يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْهَا أَوَّلًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ) أَشَارَ بِهِ إلَى اعْتِبَارِ قَيْدٍ فِي الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ فَصْلُهُ إذَا نَقَصَ الثَّوْبُ بِالصِّبْغِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْتَقِلُّ الْغَاصِبُ) يَقْتَضِي إمْكَانَ فَصْلِهِ فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ تَمْوِيهٌ مَحْضٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ وَلَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَهَذَا لَا يُنَافِي إمْكَانَ الْفَصْلِ، وَقَوْلُهُ تَكْلِيفُهُ فَصْلًا أَمْكَنَ إلَخْ هَلْ لَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا أَوْ مَعَ رِضَاهُمَا بِبَقَائِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ أَوْ مَعَ رِضَاهُ بِبَقَائِهِ مَعَ سُكُوتِ مَالِكِ الثَّوْبِ، وَيَنْبَغِي لَا إلَّا أَنْ يَحْصُلَ نَقْصٌ فِي الثَّوْبِ وَالصِّبْغِ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا وَتَصَوُّرِ زَوَالِهِ بِالْفَصْلِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَسْأَلَةِ حَفْرِ تُرَابِ الْأَرْضِ السَّابِقَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالصَّنْعَةِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَعِبَارَةُ حَجّ بِسَبَبِ الصِّبْغِ أَوْ الصَّنْعَةِ (قَوْلُهُ: اشْتَرَكَا فِيهِ) وَبَقِيَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ صَبَّاغًا لِيَصْبُغَ قَمِيصًا مَثَلًا بِخَمْسَةٍ فَوَقَعَ بِنَفْسِهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَالرِّبْحُ لَهُ) إنَّمَا أَطْلَقَ هَذَا هُنَا مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِالْعَيْنِ بَطَلَ حَمْلًا لِلِاتِّجَارِ عَلَى الصَّحِيحِ بِأَنْ كَانَ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَصَبَ أَرْضًا وَبَذْرًا مِنْ آخَرَ) أَيْ: آخَرَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَوْ غَصَبَهُمَا مِنْ غَيْرِهِ وَالصُّورَةُ أَنَّ مَالِكَ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ وَاحِدٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْصٌ فَكَالتَّزْوِيقِ) هُنَا كَلَامٌ سَاقِطٌ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ: أَيْ قَوْلُهُ: وَلَهُ الْفَصْلُ إلَخْ فِي صَبْغٍ يَحْصُلُ مِنْهُ عَيْنُ مَالٍ، أَمَّا مَا هُوَ تَمْوِيهٌ مَحْضٌ وَلَمْ يَحْصُلْ بِهِ نَقْصٌ فَهُوَ كَالتَّزْوِيقِ انْتَهَتْ.
وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ تَقْرِيرِ مَا فِي الشَّارِحِ بِمَا يَقْتَضِي عَدَمَ السَّقْطِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهِ. (قَوْلُهُ: بِسَبَبِ الْعَمَلِ وَالصَّنْعَةِ) صَوَابُهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ بِسَبَبِ الْعَمَلِ وَالصَّبْغِ، عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ
أَثْلَاثًا، ثُلُثَاهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَثُلُثُهُ لِلْغَاصِبِ.
أَمَّا إذَا زَادَ سِعْرُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ بِارْتِفَاعِهِ فَالزِّيَادَةُ لِصَاحِبِهِ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْ الْخَمْسَةَ عَشَرَ قِيمَتِهِمَا كَأَنْ سَاوَى اثْنَيْ عَشَرَ؛ فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ بِسَبَبِ انْخِفَاضِ سِعْرِ الثِّيَابِ فَهُوَ عَلَى الثَّوْبِ، أَوْ سِعْرِ الصِّبْغِ أَوْ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ فَعَلَى الصِّبْغِ، قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَالتَّتِمَّةِ، وَبِهَذَا أَعْنِي اخْتِصَاصَ الزِّيَادَةِ عَنْ ارْتِفَاعِ سِعْرِ مِلْكِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مَعْنَى اشْتِرَاكِهِمَا كَوْنَهُ عَلَى وَجْهِ الشُّيُوعِ بَلْ هَذَا بِثَوْبِهِ، وَهَذَا بِصِبْغِهِ، وَلَوْ بَذَلَ صَاحِبُ الثَّوْبِ لِلْغَاصِبِ قِيمَةَ الصِّبْغِ لِيَتَمَلَّكَهُ لَمْ يَجِبْ إلَيْهِ أَمْكَنَ فَصْلُهُ أَمْ لَا، وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الِانْفِرَادَ بِبَيْعِ مِلْكِهِ لِثَالِثٍ لَمْ يَصِحَّ، إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَحْدَهُ كَبَيْعِ دَارٍ لَا مَمَرَّ لَهَا.
نَعَمْ لَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ بَيْعَ الثَّوْبِ لَزِمَ الْغَاصِبَ بَيْعُ صِبْغِهِ مَعَهُ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضُرَّ بِالْمَالِكِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ الْغَاصِبُ بَيْعَ صِبْغِهِ لَا يَلْزَمُ مَالِكَ الثَّوْبِ بَيْعُهُ مَعَهُ لِئَلَّا يَسْتَحِقَّ الْمُتَعَدِّي بِتَعَدِّيهِ إزَالَةَ مِلْكِ غَيْرِهِ، وَلَوْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا إلَى مَصْبَغَةِ آخَرَ فَانْصَبَغَ فِيهَا اشْتَرَكَا فِي الْمَصْبُوغِ مِثْلَ مَا مَرَّ وَلَمْ يُكَلَّفْ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ وَلَا الْفَصْلَ وَلَا الْأَرْشَ وَإِنْ حَصَلَ نَقْصٌ إذْ لَا تَعَدِّيَ
(وَلَوْ)(خَلَطَ الْمَغْصُوبَ) أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ (بِغَيْرِهِ) كَبُرٍّ أَبْيَضَ بِأَسْمَرَ أَوْ بِشَعِيرٍ وَكَغَزْلِ سُدًى نَسَجَهُ بِلَحْمَتِهِ لِنَفْسِهِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ خَلْطَهُ أَوْ اخْتِلَاطَهُ بِاخْتِصَاصٍ كَتُرَابٍ بِزِبْلٍ (وَأَمْكَنَ التَّمْيِيزُ) لِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (لَزِمَهُ وَإِنْ شَقَّ) عَلَيْهِ لِيَرُدَّهُ كَمَا أَخَذَهُ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) التَّمْيِيزُ كَخَلْطِ زَيْتٍ بِمِثْلِهِ أَوْ شَيْرَجٍ وَبُرٍّ أَبْيَضَ بِمِثْلِهِ، وَدَرَاهِمَ بِمِثْلِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَإِنْ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ بِاشْتِرَاكِهِمَا، وَمَا فَرَّقَ بِهِ مِنْ أَنَّ كُلَّ دِرْهَمٍ مُتَمَيِّزٍ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ الزَّيْتِ وَنَحْوِهِ مُنْتَقَضٌ بِالْحُبُوبِ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَالتَّالِفِ فَلَهُ تَغْرِيمُهُ) بَدَلَهُ سَوَاءٌ أَخَلَطَهُ بِمِثْلِهِ أَمْ بِأَجْوَدَ أَمْ بِأَرْدَأَ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ رَدُّهُ أَبَدًا أَشْبَهَ التَّالِفَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي دَنٍّ قِيمَةُ صَبْغِهِ عَشَرَةٌ هَلْ يَضِيعُ ذَلِكَ عَلَى الصَّبَّاغِ أَوْ يَشْتَرِكَانِ فِيهِ لِعُذْرِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَأَمَّا لَوْ غَلَطَ الصَّبَّاغُ وَفَعَلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي مُقَابَلَةِ الزِّيَادَةِ لِتَعَدِّيهِ بِذَلِكَ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الصِّبْغِ تَمْوِيهًا، وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ بِهِ عَيْنٌ وَزَادَتْ بِهَا الْقِيمَةُ فَهُوَ شَرِيكٌ بِهَا
(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَصَ) قَسِيمُ مَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ كَانَ يُسَاوِي عَشَرَةً قَبِلَهُ وَسَاوَاهُ بَعْدَهُ مَعَ أَنَّ الصِّبْغَ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ إلَيْهِ) أَيْ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْإِجَابَةِ، فَلَوْ رَضِيَ بِذَلِكَ جَازَ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ) وَبِهِ يُفَرِّقُ بَيْنَ مَا لَوْ أَرَادَ الْغَاصِبُ بَيْعَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، أَوْ الْمَالِكُ بَيْعَ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِكُلٍّ مِنْ الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ عَلَى حِدَتِهِ (قَوْلُهُ لَزِمَ الْغَاصِبَ) أَيْ فَإِنْ امْتَنَعَ بَاعَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَسْتَحِقَّ الْمُتَعَدِّي) وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِيمَا لَوْ كَانَ الصِّبْغُ لِثَالِثٍ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْ مَالِكِي الصِّبْغِ وَالثَّوْبِ مُوَافَقَةُ الْآخَرِ فِي الْبَيْعِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ خَلَطَ الْمَغْصُوبَ) شَمِلَ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ مَالٍ أَوْ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ أَوْ أَوْدَعَهُ عِنْدَهُ فَخَلَطَهُ بِمَالِ نَفْسِهِ فَيَلْزَمُهُ تَمْيِيزُهُ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَيَجِبُ رَدُّ بَدَلِهِ لِأَنَّهُ كَالتَّالِفِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَابُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي الدَّرْسِ مِنْ أَنَّ شَخْصًا وَكَّلَ آخَرَ فِي شِرَاءِ قُمَاشٍ مِنْ مَكَّةَ مَثَلًا فَاشْتَرَاهُ وَخَلَطَهُ بِمِثْلِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ كَالتَّالِفِ (قَوْلُهُ: وَدَرَاهِمَ بِمِثْلِهَا) أَوْ بِدَرَاهِمَ مِثْلِهَا لِلْغَاصِبِ، فَإِنْ غَصَبَهُمَا مِنْ اثْنَيْنِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْعَمَلِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَا دَخْلَ لَهُ كَمَا لَا يَخْفَى
(قَوْلُهُ: أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ) هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ، أَمَّا فِي الشِّقِّ الثَّانِي فَهُوَ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُشْتَرَكًا كَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: كَبُرٍّ أَبْيَضَ بِأَسْمَرَ إلَخْ) الَّذِي يَنْبَغِي ذِكْرُ هَذَا عَقِبَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَأَمْكَنَ التَّمْيِيزُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ أَمْثِلَتُهُ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي مُطْلَقِ الْخَلْطِ الشَّامِلِ لِمَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ كَالْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا وَمَا لَا يُمْكِنُ كَالْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ كَخَلْطِ زَيْتٍ بِمِثْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِنَفْسِهِ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي لَهُ مَعَ الْإِضَافَةِ فِي لَحْمَتِهِ؟ (قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ) أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ الدَّرَاهِمِ
فَيَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ إنْ كَانَ مِمَّا يَقْبَلُ التَّمَلُّكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَتُرَابِ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ خَلَطَهُ بِزِبْلٍ وَجَعَلَهُ آجُرًّا غَرِمَ مِثْلَهُ وَرَدَّ الْآجُرَّ لِلنَّاظِرِ، وَلَا نَظَرَ لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّبْلِ لِاضْمِحْلَالِهِ بِالنَّارِ، قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَمَعَ تَمَلُّكِهِ الْمَذْكُورَ فَالْأَوْجَهُ كَمَا مَرَّ أَنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ مِثْلَهُ لِمَالِكِهِ، وَيَكْفِي كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ أَنْ يَعْزِلَ مِنْ الْمَخْلُوطِ: أَيْ بِغَيْرِ الْأَرْدَإِ قَدْرَ حَقِّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَيَتَصَرَّفَ فِي الْبَاقِي كَمَا يَأْتِي، وَبِهَذَا مَعَ مَا يَأْتِي أَيْضًا سَقَطَ مَا أَطَالَ بِهِ السُّبْكِيُّ مِنْ الرَّدِّ وَالتَّشْنِيعِ عَلَى الْقَوْلِ بِمِلْكِهِ بَلْ هُوَ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ مُنَاسِبٌ لِلتَّعَدِّي حَيْثُ عَلَّقْنَا الْحَقَّ بِذِمَّتِهِ بَعْدَ خُلُوِّهَا عَنْهُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِالشَّرِكَةِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْمُفْلِسِ لِئَلَّا يَحْتَاجَ لِلْمُضَارَبَةِ بِالثَّمَنِ وَهُوَ إضْرَارٌ بِهِ، وَهُنَا الْوَاجِبُ الْمِثْلُ فَلَا إضْرَارَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ فَرَضَ فَلْسَ الْغَاصِبِ أَيْضًا لَمْ يَبْعُدْ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ جَعَلَ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ أَحَقَّ بِالْمُخْتَلِطِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ خَلَطَ مِثْلِيًّا مَغْصُوبًا بِمِثْلِهِ مَغْصُوبٍ بِرِضَا مَالِكِهِ أَوَّلًا أَوْ انْصَبَّ كَذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَمُشْتَرَكٌ لِانْتِفَاءِ التَّعَدِّي كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَخَلَطَهُمَا اشْتَرَكَا فِيهِمَا (قَوْلُهُ كَتُرَابِ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ) أَفْهَمَ أَنَّ تُرَابَ الْمَمْلُوكَةِ إذَا خَلَطَهُ بِالزِّبْلِ يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ بِخَلْطِهِ، وَإِنْ جَعَلَهُ آجِرًا فَلَا يَرُدُّهُ لِمَالِكِهِ، وَإِنَّمَا يَرُدُّ مِثْلَ التُّرَابِ، وَقِيَاسُ رَدِّ الزَّيْتِ الْمُتَنَجِّسِ وَجِلْدِ الشَّاةِ أَنْ يَرُدَّهُ لِمَالِكِهِ لِأَنَّهُ أَثَرُ مِلْكِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الزَّيْتُ الْمُتَنَجِّسُ لَا يُمْكِنُ تَمَلُّكُهُ بِوَجْهٍ، وَالتُّرَابُ الْمَخْلُوطُ بِالزِّبْلِ يُمْكِنُ الْحُكْمُ بِمِلْكِ الْغَاصِبِ لَهُ لِأَنَّهُ وَإِنْ اخْتَلَطَ بِالزِّبْلِ عَيْنُهُ بَاقِيَةٌ، وَنَجَاسَتُهُ إنَّمَا هِيَ لِلزِّبْلِ الْمُخَالِطِ لَهُ، وَالْمَنْعُ مِنْ بَيْعِهِ إنَّمَا هُوَ لِتَعَذُّرِ تَمْيِيزِ الزِّبْلِ مِنْ التُّرَابِ فَبَقِيَ لِلْغَاصِبِ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ مَعَ كَوْنِهِ فِي نَفْسِهِ قَابِلًا لِلْمِلْكِ
(قَوْلُهُ: لِاضْمِحْلَالِهِ بِالنَّارِ) بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ لَبِنًا اهـ سم عَلَى حَجّ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ تَمْيِيزُ تُرَابِهِ مِنْ الزِّبْلِ بَعْدَ بَلِّهِ لَزِمَهُ وَإِلَّا رَدَّهُ لِلنَّاظِرِ كَالْآجُرِّ وَغَرِمَ مِثْلَ التُّرَابِ (قَوْلُهُ: وَيَتَصَرَّفُ فِي الْبَاقِي إلَخْ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَدْرِ الْمَغْصُوبِ لَا فِي جَمِيعِ الْمَخْلُوطِ حَتَّى يَصِحَّ بَيْعُ مَا عَدَا الْقَدْرَ الْمَغْصُوبَ شَائِعًا قَبْلَ الْعَزْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ لَكِنْ لَوْ تَلِفَ مَا أَفْرَزَهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ هَلْ يَضْمَنُ بَدَلَهُ لِتَعَيُّنِهِ بِإِفْرَازِهِ أَوْ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِالْإِفْرَازِ حَتَّى لَا يَجُوزَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيمَا بَقِيَ إلَّا بَعْدَ إفْرَازِ قَدْرِ التَّالِفِ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ تَصَرَّفَ فِي الْبَاقِي قَبْلَ تَلَفِ الْمُفْرَزِ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ تَصَرُّفِهِ فِي قَدْرِ الْمَغْصُوبِ، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ إلَّا بَعْدَ رَدِّ الْمَغْصُوبِ أَوْ بَدَلَهُ، وَحَيْثُ تَلِفَ مَا عَيَّنَ لَهُ تَبَيَّنَ بَقَاءُ حَقِّهِ فِي جِهَةِ الْغَاصِبِ نَظَرًا لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِرِضَا مَالِكِهِ) أَيْ جِنْسِ الْمَالِكِ الصَّادِقِ بِالْمَالِكَيْنِ
(قَوْلُهُ: أَوْ انْصَبَّ) قَدْ يُخَالِفُ قَوْلَهُ: أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ حَيْثُ جَعَلَهُ ثَمَّ كَالتَّالِفِ وَهُنَا مُشْتَرَكًا، وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ بِغَيْرِهِ الْمُرَادُ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ وَمَا هُنَا بِغَيْرِهِ فَلَا تَنَاقُضَ. هَذَا وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ اخْتَلَطَا عِنْدَهُ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا أَمْكَنَ تَمْيِيزُ الْمَخْلُوطِ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَخَرَجَ بِخَلْطٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ التَّعَدِّي) هَذَا لَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ خَلَطَ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ الشَّرِيكِ الْمُشَارِ إلَيْهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَيْ: بِغَيْرِ الْأَرْدَإِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ لِلْمَالِكِ مِنْ عَيْنِهِ، بِخِلَافِ الْمَخْلُوطِ بِالْأَرْدَإِ.
وَقَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ أَنَّ مَا لَا يَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ كَجَعْلِ الْبُرِّ هَرِيسَةً كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ: كَوْنِهِ يَحْجُرُ عَلَيْهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ مِثْلَهُ، وَقَوْلُهُ: مَعَ مَا يَأْتِي: أَيْ: فِي شَرْحِ الْمَتْنِ الْآتِي (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ) عُطِفَ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ السِّيَاقِ.
وَالْمَعْنَى إنْ انْدَفَعَ بِمَا ذُكِرَ تَشْنِيعُ السُّبْكِيّ الَّذِي حَاصِلُهُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ مِلْكِ الْغَاصِبِ بِالْخَلْطِ تَخْفِيفٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ بَلْ هُوَ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ:؛ لِانْتِفَاءِ التَّعَدِّي) قَاصِرٌ عَلَى مَا إذَا اخْتَلَطَ بِنَفْسِهِ، وَكَلَامُ الْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ فِي خُصُوصِ مَا إذَا خَلَطَهُمَا بِغَيْرِ رِضَا مَالِكَيْهِمَا كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي سِيَاقِ الشَّارِحِ، وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ: بِرِضَا مَالِكِيهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ انْصَبَّ بِنَفْسِهِ لَيْسَ مِنْ صُوَرِ الْمَغْصُوبِ بِالْخُصُوصِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ
الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مِنْهُ شَيْئًا وَلَا يَكُونُ كَالْهَالِكِ وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي بِخِلَافِهِ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا أَفْتَى الْمُصَنِّفُ، وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ إنَّمَا مَلَكَهُ فِي الْخَلْطِ بِمَا لَهُ تَبَعًا لِمَا لَهُ وَلَا تَبَعِيَّةَ هُنَا، وَمِنْ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ مِنْ جَمْعٍ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَخَلَطَهَا خَلْطًا لَا يَتَمَيَّزُ ثُمَّ فَرَّقَ عَلَيْهِمْ الْمَخْلُوطَ بِقَدْرِ حُقُوقِهِمْ حَلَّ لِكُلِّ مِنْهُمْ قَدْرُ حِصَّتِهِ، فَإِنْ خَصَّ أَحَدَهُمْ بِحِصَّتِهِ لَزِمَهُ أَنْ يُقَسِّمَ مَا أَخَذَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْبَاقِينَ بِالنِّسْبَةِ إلَى قَدْرِ أَمْوَالِهِمْ؛ هَذَا كُلُّهُ عِنْدَ مَعْرِفَةِ الْمَالِكِ أَوْ الْمُلَّاكِ كَمَا تَقَرَّرَ، أَمَّا مَعَ جَهْلِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ مِنْ مَعْرِفَتِهِمْ وَجَبَ إعْطَاؤُهَا لِلْإِمَامِ لِيُمْسِكَهَا أَوْ ثَمَنَهَا لِوُجُودِ مُلَّاكِهَا وَلَهُ اقْتِرَاضُهَا لِبَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ أَيِسَ مِنْهَا: أَيْ عَادَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ صَارَتْ مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ، فَلِمُتَوَلِّيهِ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَإِعْطَاؤُهَا لِمُسْتَحِقِّ شَيْءٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُهَا ظَفَرًا وَلِغَيْرِهِ أَخْذُهَا لِيُعْطِيَهَا لِلْمُسْتَحِقِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ جَمَاعَةَ وَغَيْرُهُ بِذَلِكَ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ كَغَيْرِهِ لَوْ عَمَّ الْحَرَامُ قُطْرًا بِحَيْثُ نَدَرَ وُجُودُ الْحَلَالِ جَازَ أَخْذُ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُضْطَرَّ بِلَا تَبَسُّطٍ مَحْمُولٍ عَلَى تَوَقُّعِ مَعْرِفَةِ أَهْلِهِ وَإِلَّا فَهُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ فَيُصْرَفُ لِلْمَصَالِحِ وَخَرَجَ بِخَلْطٍ وَاخْتَلَطَ عِنْدَهُ الِاخْتِلَاطُ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ كَأَنْ سَالَ بُرٌّ عَلَى مِثْلِهِ فَيَشْتَرِكُ مَالِكَاهُمَا بِحَسْبِهِمَا فَإِنْ اسْتَوَيَا قِيمَةً فَبِقَدْرِ كَيْلِهِمَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا قِيمَةً بِيعَا وَقُسِّمَ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ حَقِّهِمَا كَمَا يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ مِنْ اخْتِلَاطِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِقَوْلِهِ أَوَّلًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ لِانْتِفَاءِ التَّعَدِّي مِنْ الْمَالِكَيْنِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ) أَيْ الْغَاصِبَ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ فَمُشْتَرَكٌ (قَوْلُهُ: مَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ) أَيْ السَّابِقُ فِي قَوْلِهِ: وَيَكْفِي كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ أَنْ يَعْزِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ أَنَّهُ) عَطْفٌ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ قَوْلِهِ: أَنْ يَعْزِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَيِسَ مِنْهَا) أَيْ الْمَعْرِفَةِ، وَلَيْسَ مِنْ هَذَا مَا يُقْبَضُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ مِنْ جَمَاعَةٍ بَلْ يُتَصَرَّفُ فِيهِ مِنْ بَابِ الظَّفَرِ لِأَنَّهُ دَفَعَ فِي مُقَابَلَتِهِ الثَّمَنَ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ اسْتِرْجَاعُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ بِهِ فِي الْآخِرَةِ لِأَخْذِهِ بِرِضَا مَالِكِيهِ (قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِهِ أَخْذُهَا إلَخْ) أَيْ وَمِنْ الْغَيْرِ الْغَاصِبِ فَلَهُ الْأَخْذُ مِنْ ذَلِكَ وَرَدُّهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَوْ لِوَارِثِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ يُتَوَقَّعُ مَعْرِفَةُ أَهْلِهِ فَهُوَ: أَيْ جَمِيعُ مَا فِي ذَلِكَ الْقُطْرِ وَإِنْ كَانَ بِأَيْدٍ مَوْضُوعَةٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَيَشْتَرِكُ مَالِكَاهُمَا بِحَسْبِهِمَا) أَيْ فَلَوْ تَنَازَعَا فِي قَدْرِ السَّائِلِ أَوْ قِيمَتِهِ صُدِّقَ صَاحِبُ الْبُرِّ الَّذِي سَالَ إلَيْهِ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ، فَلَوْ اخْتَلَطَا وَلَمْ يُعْلَمْ يَدٌ لِأَحَدِهِمَا كَأَنْ سَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى الْآخَرِ وَاخْتَلَطَ وَقَفَ الْأَمْرُ إلَى الصُّلْحِ
[فَرْعٌ] سُئِلَ سم فِي الدَّرْسِ عَمَّنْ بَذَرَ فِي أَرْضٍ بَذْرًا وَبَذَرَ بَعْدَهُ آخَرُ عَلَى بَذْرِهِ هَلْ يَمْلِكُ الثَّانِي بَذْرَ الْأَوَّلِ لِلْخَلْطِ وَيَلْزَمُهُ لِلْأَوَّلِ بَدَلُ بَذْرِهِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّ الثَّانِيَ إنْ عُدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَى الْأَرْضِ بِبَذْرِهِ مَلَكَ بَذْرَ الْأَوَّلِ وَكَانَ الْبَذْرُ لِلثَّانِي، وَلَزِمَهُ لِلْأَوَّلِ بَدَلُ بَذْرِهِ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَوْلَى عَلَى الْأَرْضِ كَانَ غَاصِبًا لَهَا وَلِمَا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يُعَدُّ الثَّانِي مُسْتَوْلِيًا بِبَذْرِهِ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يَمْلِكْ الثَّانِي بَذْرَ الْأَوَّلِ وَكَانَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ بَذْرِهِمَا.
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: فَرْعٌ: مَنْ بَثَّ بَذْرَهُ عَلَى بَذْرِ غَيْرِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ وَأَثَارَ الْأَرْضَ انْقَطَعَ حَقُّ الْأَوَّلِ وَغَرِمَ لَهُ الثَّانِي مِثْلَهُ، وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ كَأَنْ كَانَ الْبَذْرُ الثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ كَأَنَّ بَذَرَ الْأَوَّلُ حِنْطَةً مَثَلًا، وَالْآخَرُ بَاقِلًا فَلَا يَكُونُ بَذْرُ الْأَوَّلِ كَالتَّالِفِ اهـ وَقَدْ أَفْتَى الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ فِي هَذِهِ بِأَنَّ النَّابِتَ مِنْ بَذْرِهِمَا لَهُمَا وَعَلَيْهِمَا الْأُجْرَةُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ غَصَبَ بَذْرًا وَزَرَعَهُ فِي أَرْضِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِمَالِكِهِ، وَعَلَى الْغَاصِبِ أَرْشُ النَّقْصِ اهـ.
وَقَوْلُ الْعُبَابِ: وَغَرِمَ الثَّانِي مِثْلَهُ، أَفْتَى شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ رحمه الله بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الثَّانِي فِي قَدْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.
هَكَذَا رَأَيْته بِهَامِشٍ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ.
وَقَوْلُ سم إنْ عُدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَى الْأَرْضِ: أَيْ كَأَنْ كَانَ أَقْوَى مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ كَانَ بَذْرُهُ أَكْثَرَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
كَرَّرَ إحْدَاهُمَا فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَخَرَجَ بِخَلَطَ أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ الِاخْتِلَاطُ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ) أَيْ: الْآتِي عَلَى الْأَثَرِ فِي قَوْلِهِ وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ مِنْ جَمْعٍ دَرَاهِمَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ) أَيْ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْبُلْقِينِيِّ وَبَيْنَ مَا حَمَلَ
حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ وَتَمْتَنِعُ قِسْمَةُ الْحَبِّ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهَا لَلرِّبَا
وَلَوْ غَصَبَ وَرَقًا وَكَتَبَ عَلَيْهِ قُرْآنًا أَوْ غَيْرَهُ كَانَ كَالْهَالِكِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ رحمه الله لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ بِحَالِهِ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ كَالصِّبْغِ فِيمَا مَرَّ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا مَا مَرَّ وَالثَّانِي يَشْتَرِكَانِ فِي الْمَخْلُوطِ وَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ قَدْرُ حَقِّهِ مِنْ الْمَخْلُوطِ (وَلِلْغَاصِبِ أَنْ يُعْطِيَهُ) أَيْ الْمَالِكَ وَإِنْ أَبَى (مِنْ غَيْرِ الْمَخْلُوطِ) لِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَى ذِمَّتِهِ، وَلِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُخْتَلِطَ صَارَ كَالْهَالِكِ وَمِنْ الْمَخْلُوطِ إنْ خَلَطَهُ لَهُ أَوْ أَجْوَدَ مُطْلَقًا أَوْ بِأَرْدَأَ إنْ رَضِيَ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْغَاصِبَ لَيْسَ أَوْلَى مِنْ الْمَالِكِ بِمِلْكِ الْكُلِّ بَلْ الْهَالِكُ أَوْلَى بِهِ لِانْتِفَاءِ تَعَدِّيهِ مَمْنُوعٌ، إذْ الْمَغْصُوبُ لَمَّا تَعَذَّرَ رَدُّ عَيْنِهِ لِمَالِكِهِ بِسَبَبٍ يَقْتَضِي شُغْلَ ذِمَّةِ الْغَاصِبِ بِهِ لِتَعَدِّيهِ مَعَ تَمْكِينِ الْمَالِكِ مِنْ أَخْذِ بَدَلِهِ حَالًّا جُعِلَ كَالْهَالِكِ لِلضَّرُورَةِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْمَالِكِ لِعَدَمِ تَعَدٍّ يَقْتَضِي ضَمَانَ مَا لِلْغَاصِبِ، فَلَوْ مَلَكَ الْكُلَّ لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّ شَيْءٍ وَبِفَرْضِ لُزُومِهِ لَا يَلْزَمُهُ الْفَوْرُ فَفِيهِ حَيْفٌ ظَاهِرٌ، وَقَدْ يُوجَدُ الْمِلْكُ مَعَ انْتِفَاءِ الرِّضَا لِلضَّرُورَةِ كَأَخْذِ مُضْطَرٍّ طَعَامَ غَيْرِهِ قَهْرًا عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِدَابَّتِهِ، وَلَيْسَ إبَاقُ الرَّقِيقِ كَالْخَلْطِ حَتَّى يَمْلِكَهُ الْغَاصِبُ لِرَجَاءِ عَوْدِهِ فَلَزِمَهُ قِيمَتُهُ لِلْحَيْلُولَةِ وَلَا ضَرُورَةَ لِكَوْنِهَا لِلْفَيْصُولَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُرَجِّحُوا قَوْلَ الشَّرِكَةِ لِأَنَّهُ صَارَ مَشَاعًا فَفِيهِ تَمَلُّكُ كُلِّ حَقِّ الْآخَرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَيْضًا، بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقْنَا حَقَّهُ بِالذِّمَّةِ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ حَالًّا بِحَوَالَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَلِهَذَا صَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلَ الْهَلَاكِ.
قَالَ: وَيَنْدَفِعُ الْمَحْذُورُ بِمَنْعِ الْغَاصِبِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مِنْ بَذْرِ الْأَوَّلِ
(قَوْلُهُ: كَانَ كَالْهَالِكِ) أَيْ فَيُرَدُّ مِثْلُهُ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ أَجْوَدَ مُطْلَقًا) أَيْ رَضِيَ الْمَالِكُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ مَلَكَ) أَيْ الْمَالِكُ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) فِي هَذِهِ الْمُلَازَمَةِ كَالْآتِيَةِ خَفَاءٌ اهـ سم عَلَى حَجّ لَعَلَّ وَجْهَ الْخَفَاءِ أَنَّا لَوْ قُلْنَا بِمِلْكِهِ الْكُلَّ أَلْزَمْنَاهُ بِرَدِّ بَدَلِ مَالِ الْغَاصِبِ أَوْ جَعْلِ الْكُلَّ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ فَفِيهِ حَيْفٌ) أَيْ بِالْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُوجَدُ الْمِلْكُ) دَفَعَ بِهِ مَا قَدْ يُقَالُ كَيْفَ يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ بِدُونِ تَمْلِيكٍ مِنْ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: كَأَخْذِ مُضْطَرٍّ) هَلْ يَحْصُلُ مِلْكُهُ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ كَمَا قَدْ تَدُلُّ لَهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ، أَوْ يَجْرِي فِيهِ مَا قِيلَ فِي مِلْكِ الضَّيْفِ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ اهـ سم عَلَى حَجّ.
الْقِيَاسُ الثَّانِي بَلْ لَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ هُنَا إلَّا بِازْدِرَادٍ وَإِنْ قُلْنَا بِمِلْكِ الضَّيْفِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
عَلَيْهِ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمَتْنِ مِنْ كَوْنِ الْغَيْرِ لِلْغَاصِبِ
(قَوْلُهُ: فَلَوْ مَلَكَ الْكُلَّ لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّ شَيْءٍ) قَالَ الشِّهَابُ سم: فِي هَذِهِ الْمُلَازَمَةِ كَالْآتِيَةِ خَفَاءٌ اهـ.
وَأَقُولُ: لَا خَفَاءَ فِيهِمَا إذْ الَّذِي شَغَلَ ذِمَّةَ الْغَاصِبِ لِلْمَالِكِ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الْفَوْرَ إنَّمَا هُوَ تَعَدِّيهِ كَمَا قَرَّرَ الشَّارِحُ كَالشِّهَابِ حَجّ وَالتَّعَدِّي مَفْقُودٌ فِي الْمَالِكِ، فَلَوْ قُلْنَا بِمِلْكِهِ لِلْجَمِيعِ لَمْ يَكُنْ لِرُجُوعِ الْغَاصِبِ عَلَيْهِ مُوجِبٌ كَمَا لَا يَخْفَى؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ صَارَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ، وَذِمَّتُهُ غَيْرُ مَشْغُولَةٍ لَهُ بِشَيْءٍ فَاتَّضَحَتْ الْمُلَازَمَةُ. (قَوْلُهُ: فَفِيهِ تَمَلُّكُ كُلِّ حَقِّ الْآخَرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَيْضًا) أَيْ: كَمَا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ كَالْهَالِكِ كَذَلِكَ إذْ فِيهِ تَمَلُّكُ الْغَاصِبِ عَيْنَ مَالِ الْمَالِكِ وَتَمَلُّكُ الْمَالِكِ مَا فِي ذِمَّةِ الْغَاصِبِ قَهْرًا.
قَالَ فِي التُّحْفَةِ عَقِبَ مَا فِي الشَّارِحِ هُنَا مَا نَصُّهُ: وَمَنْعُ أَيْ: وَفِيهِ مَنْعُ تَصَرُّفِ الْمَالِكِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ الْقِسْمَةِ هُنَا أَيْضًا بِسَبَبِ التَّعَدِّي بَلْ فَوَاتُ حَقِّهِ إذْ قَدْ يَتْلَفُ ذَلِكَ فَلَا يَجِدُ مَرْجِعًا، بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقْنَاهُ بِالذِّمَّةِ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ، وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الَّذِي فِي التُّحْفَةِ إذْ هُوَ الَّذِي يَمْتَازُ بِهِ الْقَوْلُ بِالشَّرِكَةِ عَنْ الْقَوْلِ بِالْهَلَاكِ، وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ إلَخْ إنَّمَا يَنْتَظِمُ مَعَهُ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّرْحِ مِنْ الْكَتَبَةِ.
وَحَاصِلُ مَا فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّهُمْ إنَّمَا لَمْ يُرَجِّحُوا قَوْلَ الشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَا فِي الْقَوْلِ بِالْهَلَاكِ وَزِيَادَةً، أَمَّا كَوْنُهُ فِيهِ مَا فِي الْقَوْلِ بِالْهَلَاكِ؛ لِأَنَّ حَقَّ كُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ يَصِيرُ مُشَاعًا فَيَلْزَمُ أَنَّ كُلًّا تَمَلَّكَ حَقَّ الْآخَرِ بِالْإِشَاعَةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَهُوَ الْمَحْظُورُ الْمَوْجُودُ فِي الْقَوْلِ بِالْهَلَاكِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي الْقَوْلِ بِالْهَلَاكِ فَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَنْعُ الْمَالِكِ مِنْ التَّصَرُّفِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ الْقِسْمَةِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْقَوْلِ بِالْهَلَاكِ؛ فَلِذَلِكَ رَجَّحُوهُ، وَبِمَا قَرَّرْتُهُ يَنْدَفِعُ مَا أَطَالَ بِهِ
مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَعَدَمِ نُفُوذِهِ مِنْهُ.
حَتَّى يَدْفَعَ الْبَدَلَ كَمَا مَرَّ، وَإِذَا كَانَ الْمَالِكُ لَوْ مَلَكَهُ ذَلِكَ بِعِوَضٍ لَمْ يَتَصَرَّفْ حَتَّى رَضِيَ بِذِمَّتِهِ، فَمَعَ عَدَمِ رِضَاهُ بِالْأَوْلَى قَالَ بَعْضُهُمْ: كَيْفَ يُسْتَبْعَدُ الْقَوْلُ بِالْمِلْكِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ بَلْ اتَّسَعَتْ دَائِرَتُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ
(وَلَوْ)(غَصَبَ خَشَبَةً) مَثَلًا (وَبَنَى عَلَيْهَا) فِي مِلْكِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَخَفْ مِنْ إخْرَاجِهَا تَلَفَ نَحْوُ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ مَعْصُومٍ، وَكَلَامُهُ الْآتِي صَالِحٌ لِشُمُولِهِ هَذِهِ أَيْضًا (أُخْرِجَتْ) وَلَوْ تَلِفَ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ أَضْعَافُ قِيمَتِهَا لِتَعَدِّيهِ وَيَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ مَثَلًا وَأَرْشُ نَقْصِهَا وَمَحِلُّهُ إنْ بَقِيَ لَهَا قِيمَةٌ وَلَوْ تَافِهَةً وَإِلَّا فَهِيَ هَالِكَةٌ فَيَلْزَمُهُ مِثْلُهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَقِيمَتُهَا، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِأَرْشِ نَقْصِ بِنَائِهِ إنْ كَانَ جَاهِلًا، وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى بَعْضُهُمْ فِيمَنْ أَكْرَى آخَرَ جَمَلًا وَأَذِنَ فِي السَّفَرِ بِهِ مَعَ الْخَوْفِ وَتَلِفَ فَأَثْبَتَهُ آخَرُ لَهُ وَغَرَّمَهُ قِيمَتَهُ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى مُكْرِيهِ إنْ جَهِلَ أَنَّ الْجَمَلَ لِغَيْرِهِ (وَلَوْ) غَصَبَ خَشَبَةً وَ (أَدْرَجَهَا فِي سَفِينَةٍ)(فَكَذَلِكَ) تَخْرُجُ مَا لَمْ تَصِرْ لَا مِثْلَ لَهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِوَضْعِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ فِي فَمِهِ لَمْ يَبْعُدْ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ أَخْذُهُ لِضَرُورَةٍ، وَحَيْثُ يَبْلَعُهُ بِأَنْ سَقَطَ مِنْ فَمِهِ أَوْ لَمْ يُدْخِلْهُ فَمَهُ أَصْلًا لَمْ يَتَحَقَّقْ دَفْعُ الضَّرُورَةِ بِهِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَدْفَعَ الْبَدَلَ) أَيْ أَوْ يَعْزِلَ مِنْ الْمَخْلُوطِ قَدْرَ الْمَغْصُوبِ كَمَا قَدَّمَهُ عَنْ فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
فَلَوْ تَعَذَّرَ رَدُّ الْبَدَلِ لِغَيْبَةِ الْمَالِكِ رُفِعَ الْأَمْرُ لِحَاكِمٍ يَقْبِضُهُ عَنْ الْغَائِبِ أَوْ تَعَذَّرَ رَدُّ الْبَدَلِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَيُحْتَمَلُ مَنْعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ لِتَقْصِيرِهِ، وَإِنْ تَلِفَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيَبِيعَهُ وَيُحَصِّلَ بِثَمَنِهِ الْبَدَلَ أَوْ بَعْضَهُ وَمَا بَقِيَ مِنْ الْبَدَلِ يَبْقَى دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: كَيْفَ يُسْتَبْعَدُ الْقَوْلُ بِالْمِلْكِ) أَيْ لِلْغَاصِبِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ غَصَبَ خَشَبَةً وَبَنَى عَلَيْهَا) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَوْ مَنَارَةً لِمَسْجِدٍ، ثُمَّ قَالَ: وَغَرِمَ نَقْصَ الْمَنَارَةِ لِلْمَسْجِدِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُتَطَوِّعَ بِهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهِيَ هَالِكَةٌ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْخَشَبَةَ حِينَئِذٍ لِلْمَالِكِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ، وَهِيَ أَثَرُ مِلْكِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا نَظَرَ إلَى تَلَفِ مَا بَنَى عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ مَعْصُومًا وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَخَافَ تَلَفَ مَالٍ: يَعْنِي غَيْرَ مَا أُدْرِجَتْ فِيهِ الْخَشَبَةُ إذَا كَانَ تَلَفُهُ بِإِخْرَاجِهَا لَا بِنَحْوِ غَرَقٍ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ قَوْلُهُ: وَلَوْ تَلِفَ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ إلَخْ مُنَافٍ لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ لِلْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي) أَيْ مِنْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ جَاهِلًا) وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ مَا لَمْ تَدُلُّ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَأَذِنَ فِي السَّفَرِ بِهِ مَعَ الْخَوْفِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِعَدَمِ رُجُوعِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْغَاصِبِ لِكَوْنِهِ قَصَّرَ بِالسَّفَرِ بِهِ زَمَنَ الْخَوْفِ، لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ بِإِذْنٍ مِنْ الْغَاصِبِ نَسَبَ التَّعْزِيرَ لَهُ فَرَجَعَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ، أَمَّا زَمَنُ الْأَمْنِ فَالرُّجُوعُ فِيهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ ظَاهِرٌ فَلَا يَحْتَاجُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَغَرِمَهُ) أَيْ الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ تُخْرَجُ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ عَلِمَ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ كَأَنْ اخْتَلَطَتْ السَّفِينَةُ بِسُفُنٍ فَهَلْ يُعَدُّ كَالتَّالِفِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ قِيَاسًا عَلَى مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا ثُمَّ أَحْضَرَ لِلْمَالِكِ ذَلِكَ، وَقَالَ: هَذَا الَّذِي غَصَبْته مِنْك وَقَالَ الْمَالِكُ: بَلْ غَيْرُهُ إلَخْ أَنْ يُقَالَ: إنْ أَقَامَ الْمَالِكُ بَيِّنَةً عُمِلَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً صُدِّقَ الْغَاصِبُ فِي تَعْيِينِهِ، ثُمَّ إنْ صَدَّقَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَذَاكَ وَإِلَّا كَانَ كَمَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِغَيْرِهِ وَكَذَّبَهُ فِيهِ فَيَبْقَى تَحْتَ يَدِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ بِنَاءً عَلَى مَا اسْتَوْجَهَهُ الشَّارِحُ فِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ الْمَذْكُورَةِ وَلَزِمَهُ بَدَلُ الْخَشَبَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ هَذَا فِيمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْغَصْبِ وَادَّعَى الْغَاصِبُ أَنَّ الْمَغْصُوبَ اللَّوْحُ الَّذِي فِي أَعْلَى السَّفِينَةِ، وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنَّهُ فِي أَسْفَلِهَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَصِرْ لَا مِثْلَ لَهَا) أَيْ فَلَا تُخْرَجُ لِأَنَّهَا كَالْهَالِكَةِ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ سم مِنْ أَنَّهَا لِلْمَالِكِ، إذْ هِيَ أَثَرُ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا إذَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
الشِّهَابُ سم فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى التُّحْفَةِ مِمَّا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى فَهْمِ أَنَّ الْمُرَادَ فِيهَا أَنَّ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ فَفِيهِ تَمَلُّكُ كُلِّ حَقِّ الْآخَرِ إلَخْ مَوْجُودٌ فِي الْقَوْلِ بِالشَّرِكَةِ وَلَيْسَ مَوْجُودًا فِي الْقَوْلِ بِالْهَلَاكِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مُرَادَهُ فَتَأَمَّلْ.
(إلَّا أَنْ يَخَافَ تَلَفَ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ مَعْصُومَيْنِ) أَوْ اخْتِصَاصٍ كَذَلِكَ، وَلَوْ لِلْغَاصِبِ بِأَنْ كَانَتْ فِي اللُّجَّةِ وَالْخَشَبَةِ فِي أَسْفَلِهَا فَلَا تُنْزَعُ إلَّا بَعْدَ وُصُولِهَا لِلشَّطِّ وَلِلْمَالِكِ حِينَئِذٍ أَخْذُ قِيمَتِهَا لِلْحَيْلُولَةِ، وَالْمُرَادُ أَقْرَبُ شَطٍّ يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِ وَالْأَمْنُ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَا شَطَّ مَقْصِدِهِ وَكَالنَّفْسِ نَحْوُ الْعُضْوِ وَكُلُّ مُبِيحٍ لِلتَّيَمُّمِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَغَيْرِهِ إلَّا الشَّيْنَ أَخْذًا مِمَّا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْخَيْطِ مُرَادُهُ إلَّا الشَّيْنَ فِي حَيَوَانٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي صَرَّحَا بِهِ ثُمَّ حَيْثُ قَالَا: وَكَخَوْفِ الْهَلَاكِ خَوْفُ كُلِّ مَحْذُورٍ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وِفَاقًا وَخِلَافًا، ثُمَّ قَالَا: لِلْحَيَوَانِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ حُكْمُ الْآدَمِيِّ إلَّا أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِبَقَاءِ الشَّيْنِ اهـ.
وَلَوْ شَهِدَ بِمَغْصُوبِ جَبِيرَةٍ كَانَ كَمَا لَوْ خَالَطَ بِهِ جُرْحَهُ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَلَا يُذْبَحُ لِنَزْعِهِ مَأْكُولًا وَلَا غَيْرَهُ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ أَكْلِهِ، وَيَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنِ مَالِكِهِ، وَلَوْ خَالَطَ بِهِ الْغَاصِبُ جُرْحًا لِآدَمِيٍّ بِإِذْنِهِ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ وَإِنْ جَهِلَ الْغَصْبَ كَأَكْلِهِ طَعَامًا مَغْصُوبًا وَيَنْزِعُ الْخَيْطَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْمَيِّتِ، وَلَوْ آدَمِيًّا، وَإِنَّمَا لَمْ يَنْزِعْ مِنْهُ حَالَ الْحَيَاةِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ، أَمَّا نَفْسٌ غَيْرُ مَعْصُومَةٍ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَلَوْ رَقِيقًا كَأَنْ زَنَى ذِمِّيًّا ثُمَّ حَارَبَ وَاسْتُرِقَّ وَتَارِكِ صَلَاةٍ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ بِهَا، وَحَرْبِيٍّ وَمُرْتَدٍّ وَمَالٍ غَيْرِ مَعْصُومٍ كَمَالِ حَرْبِيٍّ فَلَا يَبْقَى لِأَجْلِهِمَا لِإِهْدَارِهِمَا
(وَلَوْ)(وَطِئَ الْمَغْصُوبَةَ) الْغَاصِبُ (عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ) وَلَمْ يَكُنْ أَصْلًا لِمَالِكِهَا (حُدَّ) وَإِنْ جَهِلَتْ لِأَنَّهُ زَانٍ (وَإِنْ جَهِلَ) تَحْرِيمَ الزِّنَا مُطْلَقًا أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ (فَلَا حَدَّ) لِلشُّبْهَةِ (وَفِي الْحَالَيْنِ) أَيْ حَالَيْ عِلْمِهِ وَجَهْلِهِ (يَجِبُ الْمَهْرُ) لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ وَهِيَ غَيْرُ زَانِيَةٍ، لَكِنْ فِي حَالَةِ الْجَهْلِ يَجِبُ مَهْرٌ وَاحِدٌ وَإِنْ تَكَرَّرَ الْوَطْءُ وَفِي حَالَةِ الْعِلْمِ يَتَعَدَّدُ، وَإِنْ وَطِئَهَا مَرَّةً عَالِمًا وَأُخْرَى جَاهِلًا فَمَهْرَانِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الصَّدَاقِ (إلَّا أَنْ تُطَاوِعَهُ) عَالِمَةً بِالتَّحْرِيمِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
خَرَجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتْ لِلْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ أَقْرَبُ شَطٍّ) أَيْ وَلَوْ مَا سَارَ مِنْهُ اهـ سم (قَوْلُهُ: إلَّا الشَّيْنَ) قَضِيَّةُ الِاقْتِصَارِ عَلَى هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ بُطْءَ الْبُرْءِ كَغَيْرِهِ، وَلَا يَخْلُو عَنْ وَقْفَةٍ وَقَوْلُهُ: حَيَوَانٍ شَامِلٌ لِلْمَأْكُولِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَهُوَ مُنَافٍ لِمَا قَيَّدَ بِهِ بَعْدُ فِي قَوْلِهِ حَيَوَانٍ غَيْرَ الْمَأْكُولِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ ثُمَّ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْخَيْطِ (قَوْلُهُ: بِبَقَاءِ الشَّيْنِ) أَيْ فِي الْحَيَوَانِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ خَاطَ بِهِ جُرْحَهُ) أَيْ فَلَا يُنْزَعُ إنْ خِيفَ مِنْ نَزْعِهِ مَحْذُورٌ تَيَمَّمَ (قَوْلُهُ: لِنَزْعِهِ) أَيْ الْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُهُ) أَيْ مَالِكُ الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ: فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ) أَيْ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ: وَيَنْزِعُ الْخَيْطَ) أَيْ يَجُوزُ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ إزْرَاءٌ بِالْمَيِّتِ كَمَا فِي تَفَرَّقَتْ أَوْصَالُهُ بِسَبَبِ نَزْعِهِ (قَوْلُهُ: كَمَالِ حَرْبِيٍّ) أَيْ أَوْ اخْتِصَاصَاتِهِ (قَوْلُهُ: لِأَجْلِهِمَا) أَيْ النَّفْسِ وَالْمَالِ
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ أَصْلًا) أَمَّا إذَا كَانَ أَصْلًا لَهُ فَلَا لِمَا فِي مَالِ وَلَدِهِ مِنْ شُبْهَةِ الْإِعْفَافِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَهِلَ تَحْرِيمَ الزِّنَا مُطْلَقًا) اُنْظُرْ مَعْنَى الْإِطْلَاقِ وَلَعَلَّهُ قُرْبُ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَمْ لَا، وَلَكِنْ يُقَيَّدُ الْحَدُّ فِيمَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِمَنْ كَانَ غَيْرَ مُخَالِطٍ لَنَا مُخَالَطَةً تَمْنَعُ مِنْ خَفَاءِ التَّحْرِيمِ عَلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي، وَعِبَارَةُ حَجّ تَحْرِيمُ الزِّنَا مُطْلَقًا أَوْ بِالْمَغْصُوبَةِ، وَقَدْ عُذِرَ بِقُرْبِ إسْلَامِهِ وَلَمْ يَكُنْ مُخَالِطًا لَنَا أَوْ مُخَالِطَنَا، وَأَمْكَنَ اشْتِبَاهُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَوْ نَشْئِهِ بَعِيدًا عَنْ إلَخْ اهـ.
وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ عَلَيْهَا ظَاهِرٌ، فَإِنَّ مَعْنَى سَوَاءٍ غَيْرُ الْمَغْصُوبَةِ وَالْمَغْصُوبَةُ (قَوْلُهُ: يَجِبُ الْمَهْرُ إلَّا أَنْ تُطَاوِعَهُ) وَيَظْهَرُ فِي مُمَيِّزَةٍ عَالِمَةٍ بِالتَّحْرِيمِ أَنَّهَا كَكَبِيرَةٍ فِي سُقُوطِ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ مَا وُجِدَ مِنْهَا صُورَةُ زِنًا فَأُعْطِيَتْ حُكْمَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهَا ثُمَّ رَأَى فِيهَا ذَلِكَ رَدَّهَا اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الرَّدِّ وَمَا ذَكَرَ بِأَنَّ الْعَيْبَ فِي الْمَبِيعِ مَا نَقَصَ الْقِيمَةَ وَالزِّنَا مِنْهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يُنْقِصُ قِيمَتَهَا وَيُقَلِّلُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: تَحْرِيمُ الزِّنَا مُطْلَقًا أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ) هَكَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ وَلَعَلَّ فِيهِ سَقْطًا مِنْ النُّسَّاخِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ تَحْرِيمُ الزِّنَا مُطْلَقًا أَوْ بِالْمَغْصُوبَةِ وَقَدْ عُذِرَ بِقُرْبِ إسْلَامِهِ وَلَمْ يَكُنْ مُخَالِطًا لَنَا، أَوْ مُخَالِطًا، وَأَمْكَنَ اشْتِبَاهُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَوْ نَشْئِهِ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ
كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي إنْ عَلِمَتْ (لَا يَجِبُ) مَهْرٌ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهَا زَانِيَةٌ وَقَدْ نَهَى عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ.
وَالثَّانِي يَجِبُ لِأَنَّهُ لِسَيِّدِهَا فَلَمْ يَسْقُطْ بِمُطَاوَعَتِهَا كَمَا لَوْ أَذِنَتْ فِي قَطْعِ يَدِهَا. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمَهْرَ وَإِنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ فَقَدْ عَهِدْنَا تَأَثُّرَهُ بِفِعْلِهَا كَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ (وَعَلَيْهَا الْحَدُّ إنْ عَلِمَتْ) بِالتَّحْرِيمِ كَزِنَاهَا، وَكَالزَّانِيَةِ مُرْتَدَّةٌ مَاتَتْ عَلَى رِدَّتِهَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا هُنَا أَرْشُ الْبَكَارَةِ وَمَهْرُ ثَيِّبٍ (وَوَطْءُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ كَوَطْئِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (فِي الْحَدِّ وَالْمَهْرِ) وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ أَيْضًا إنْ كَانَتْ بِكْرًا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي وَضْعِ الْيَدِ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ.
نَعَمْ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ هُنَا الْجَهْلَ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَقُلْ: عَلِمَتْ الْغَصْبَ فَيُشْتَرَطُ عُذْرٌ مِنْ نَحْوِ قُرْبِ إسْلَامٍ مَعَ عَدَمِ مُخَالَطَتِنَا أَوْ خَالَطَ وَأَمْكَنَ اشْتِبَاهُ ذَلِكَ عَلَيْهِ (فَإِنْ غَرَّمَهُ) أَيْ الْمَالِكُ الْمُشْتَرِيَ الْمَهْرَ (لَمْ يَرْجِعْ بِهِ) الْمُشْتَرِي (عَلَى الْغَاصِبِ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ الَّذِي انْتَفَعَ وَبَاشَرَ الْإِتْلَافَ، وَكَذَا أَرْشُ الْبَكَارَةِ لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْءٍ مِنْهَا أَتْلَفَهُ.
وَالثَّانِي يَرْجِعُ إنْ جَهِلَ الْغَصْبَ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْعَقْدِ عَلَى ضَمَانِهِ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ غَرَّهُ بِالْبَيْعِ (وَإِنْ)(أَحْبَلَ) الْغَاصِبُ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ الْمَغْصُوبَةَ (عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ)(فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ غَيْرُ نَسِيبٍ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ زِنًا، فَلَوْ انْفَصَلَ حَيًّا فَمَضْمُونٌ عَلَى الْغَاصِبِ، أَوْ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فَبَدَلُهُ لِلسَّيِّدِ، أَوْ بِغَيْرِهَا فَفِي وُجُوبِ ضَمَانِهِ عَلَى الْمُحِيلِ وَجْهَانِ، أَوْجُهُهُمَا كَمَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ عَدَمُهُ؛ لِأَنَّ حَيَاتَهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنَةٍ وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي حَمْلِ بَهِيمَةٍ مَغْصُوبَةٍ انْفَصَلَ مَيِّتًا، وَاقْتِصَارُ الشَّارِحِ عَلَى حِكَايَةِ الضَّمَانِ لِثُبُوتِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الرَّغْبَةَ فِيهَا وَمَدَارُ الْمَهْرِ عَلَى الزِّنَا، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهَا زِنًا حَقِيقَةً (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ مَهْرٌ) خَرَجَ أَرْشُ الْبَكَارَةِ فَيَجِبُ مَعَ الْمُطَاوَعَةِ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا يَسْقُطُ يَتَوَقَّفُ مُطَاوَعَتِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ نَهَى عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ) أَيْ الزَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: كَزِنَاهَا) أَيْ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْمَهْرِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الْغَاصِبِ يَجِبُ بِوَطْئِهِ الْبِكْرَ مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشَ بَكَارَةٍ، وَعَلَيْهِ فَيَخُصُّ قَوْلُهُمْ الْمَقْبُوضَةَ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ يَجِبُ بِوَطْئِهَا مَهْرُ بِكْرٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ بِالْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ الْغَاصِبِ، وَأَمَّا الْمُشْتَرَى مِنْهُ فَالْوَاجِبُ بِوَطْئِهَا مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ، وَقَدْ يَلْتَزِمُ ذَلِكَ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُمْ ثُمَّ إنَّمَا أَوْجَبُوا مَهْرَ الْبِكْرِ مَعَ الْأَرْشِ لِاسْتِنَادِ الْوَطْءِ إلَى عَقْدٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، بِخِلَافِ الشِّرَاءِ مِنْ الْغَاصِبِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي فَسَادِهِ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الْغَاصِبِ وَحُكْمُهُ مَا تَقَدَّمَ، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ، وَمَنْ أَرَادَ تَحْقِيقَ الْفَرْقِ فَلْيَنْظُرْ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَمْ لَا نَشَأَ بَعِيدًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ اشْتِبَاهُ ذَلِكَ عَلَيْهِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا وَطِئَ جَارِيَةَ زَوْجَتِهِ وَأَحْبَلَهَا مُدَّعِيًا حِلَّهَا لَهُ وَأَنَّ مِلْكَ زَوْجَتِهِ مِلْكٌ لَهُ وَهُوَ عَدَمُ قَبُولِ ذَلِكَ مِنْهُ وَحَدَهُ وَكَوْنُ الْوَلَدِ رَقِيقًا لِعَدَمِ خَفَاءِ ذَلِكَ عَلَى مُخَالِطِنَا.
[فَرْعٌ] أَذِنَ الْمَالِكُ لِلْغَاصِبِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ بِالْوَطْءِ هَلْ يَسْقُطُ الْمَهْرُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ، أَوْ تَسْقُطُ قِيمَةُ الْوَلَدِ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ، رَجَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ عَدَمَ سُقُوطِ الْمَهْرِ وَهُوَ قِيَاسُ نَظِيرِهِ فِي الرَّهْنِ، وَقِيَاسُهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ سُقُوطِ قِيمَةِ الْوَلَدِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ انْفَصَلَ حَيًّا) أَيْ وَمَاتَ رُوِّضَ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَإِنْ بَقِيَ حَيًّا وَأَحْبَلَهَا الْغَاصِبُ بِزِنًا كَمَا هُوَ الْفَرْضُ فَهُوَ رَقِيقٌ لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: انْفَصَلَ مَيِّتًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ وَلَدَ الْبَهِيمَةِ يُفْرَدُ بِالضَّمَانِ عَنْ أُمِّهِ، وَلَيْسَ مُرَادًا فَإِنَّ حَمْلَ الْبَهِيمَةِ إنَّمَا يُضْمَنُ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ أُمِّهِ وَحِينَئِذٍ يَتَأَمَّلُ الْوَجْهَ الْقَائِلَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ مَا الْمُرَادُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَاقْتِصَارُ الشَّارِحِ عَلَى حِكَايَةِ الضَّمَانِ) أَيْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَمَضْمُونٌ عَلَى الْغَاصِبِ) أَيْ: وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ
الْيَدِ عَلَيْهِ تَبَعًا لِأُمِّهِ تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيَّ هُنَا، وَقَالَ: إنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ، لَكِنْ صَحَّحَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَوْرَاقِ عَدَمِ الضَّمَانِ، وَقَوَّاهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (وَإِنْ جَهِلَ) التَّحْرِيمَ (فَحُرٌّ) مِنْ أَصْلِهِ لَا أَنَّهُ انْعَقَدَ رَقِيقًا ثُمَّ عَتَقَ كَمَا قَالَ فِي الْمَطْلَبِ الْمَشْهُورِ (نَسِيبٌ) لِلشُّبْهَةِ (وَعَلَيْهِ) إذَا انْفَصَلَ حَيًّا حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً (قِيمَتُهُ) بِتَقْدِيرِ رِقِّهِ لِتَفْوِيتِهِ رِقَّهُ بِظَنِّهِ، فَإِنْ انْفَصِلْ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فَعَلَى الْجَانِي ضَمَانُهُ وَهِيَ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ، كَمَا يَضْمَنُ الْجَنِينَ الْحُرَّ بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي فِي الْجِرَاحِ فَتَضْمِينُ الْمَالِكِ لِلْغَاصِبِ وَلِلْمُشْتَرِي مِنْهُ بِذَلِكَ، وَسَيَأْتِي ثُمَّ إنَّ بَدَلَ الْجَنِينِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ؛ لِأَنَّا نُقَدِّرُهُ قِنًّا فِي حَقِّهِ، وَالْغُرَّةُ مُؤَجَّلَةٌ فَلَا يَغْرَمُ الْوَاطِئُ حَتَّى يَأْخُذَهَا، قَالَ الْمُتَوَلِّي، وَتَوَقَّفَ الْإِمَامُ فِيهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ فَلَا ضَمَانَ لِانْتِفَاءِ تَيَقُّنِ حَيَاتِهِ، وَيُخَالِفُ مَا لَوْ انْفَصَلَ رَقِيقًا مَيِّتًا عَلَى الْقَوْلِ بِضَمَانِهِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ فَجُعِلَ تَبَعًا لِلْأُمِّ، وَلَوْ انْفَصَلَ حَيًّا حَيَاةً غَيْرَ مُسْتَقِرَّةٍ ثُمَّ مَاتَ وَجَبَ ضَمَانُهُ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ تَرَدُّدٍ لِلْأَذْرَعِيِّ، وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ أَيْضًا كَمَا أَفْهَمَهُ تَعْلِيلُهُمْ الْمَيِّتَ بِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ حَيَاتَهُ، وَاقْتِصَارُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي يُفْهِمُ أَنَّ الْمُتَّهَبَ مِنْ الْغَاصِبِ لَا يَرْجِعُ بِهَا وَهُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ لُزُومُ الْمَهْرِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ لِلْغَاصِبِ وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ، وَإِنْ أَذِنَ الْمَالِكُ فِي الْوَطْءِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالْعِبْرَةُ بِقِيمَتِهِ (يَوْمَ الِانْفِصَالِ) لِتَعَذُّرِ التَّقْوِيمِ قَبْلَهُ وَيَلْزَمُهُ أَرْشُ نَقْصِ الْوِلَادَةِ (وَيَرْجِعُ بِهَا) أَيْ بِالْقِيمَةِ (الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ) لِأَنَّهُ غَرَّهُ بِالْبَيْعِ، وَغُرْمُهَا لَيْسَ مِنْ قَضِيَّةِ الشِّرَاءِ، بَلْ قَضِيَّتُهُ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ الْوَلَدَ حُرًّا مِنْ غَيْرِ غَرَامَةٍ، وَمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَرْجِعُ نَسَبٌ لِسَبْقِ الْقَلَمِ (وَلَوْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي) مِنْ الْغَاصِبِ (وَغَرَّمَهُ) لِمَالِكِهِ (لَمْ يَرْجِعْ) بِمَا غَرَّمَهُ عَلَى الْغَاصِبِ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ (وَكَذَا) لَا يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ الَّذِي غَرَّمَهُ (لَوْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ) بِآفَةٍ (فِي الْأَظْهَرِ) تَسْوِيَةً بَيْنَ الْجُمْلَةِ وَالْإِجْزَاءِ.
وَالثَّانِي يَرْجِعُ لِلتَّغْرِيرِ بِالْبَيْعِ، أَمَّا إذَا كَانَ بِفِعْلِهِ فَلَا يَرْجِعُ قَطْعًا (وَلَا يَرْجِعُ) عَلَيْهِ (بِغُرْمِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِيمَا لَوْ انْفَصَلَ الْوَلَدُ الرَّقِيقُ مَيِّتًا بِلَا جِنَايَةٍ (قَوْلُهُ: لَا أَنَّهُ انْعَقَدَ رَقِيقًا إلَخْ) أَيْ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِي الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا لِأَنَّا نُقَدِّرُ الْحُرَّ رَقِيقًا فِي حَقِّ الْغَاصِبِ وَالْمُشْتَرِي لِأَنَّ ضَمَانَهُمَا لِتَفْوِيتِ الرِّقِّ عَلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَغْرَمُ الْوَاطِئُ) أَيْ لِلْمَالِكِ حَتَّى يَأْخُذَهَا أَيْ مِنْ الْجَانِي (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْمُتَوَلِّي) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ بِضَمَانِهِ) أَيْ وَهُوَ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ انْفَصَلَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً (قَوْلُهُ: وَجَبَ ضَمَانُهُ) اُنْظُرْ بِمَاذَا يَضْمَنُ، وَزَادَ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ: ضَمَانُهُ كَالْحَيِّ اهـ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ هَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ بِتَقْدِيرِ أَنَّ لَهُ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً، أَوْ يَضْمَنُهُ بِعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ كَمَا لَوْ نَزَلَ مَيِّتًا بِالْجِنَايَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ التَّرَدُّدُ بَيْنَ كَوْنِهِ مَضْمُونًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: لَا يَرْجِعُ بِهَا) أَيْ الْقِيمَةِ عَلَى الْغَاصِبِ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمُتَّهَبَ لَمَّا لَمْ يَغْرَمْ بَدَلَ الْأُمِّ لِلْغَاصِبِ ضَعُفَ جَانِبُهُ فَالْتَحَقَ لِخِسَّتِهِ، وَالْمُشْتَرِي بِبَذْلِهِ الثَّمَنَ قَوَّى جَانِبَهُ، وَتَأَكَّدَ تَغْرِيرُهُ مِنْ الْبَائِعِ بِأَخْذِهِ الثَّمَنَ قِيَاسُ التَّغْلِيظِ عَلَى الْبَائِعِ بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ بِالْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَمِثْلِهِ قِيمَةُ أَرْشِ الْوِلَادَةِ اهـ حَجّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَدَمُ الرُّجُوعِ بِأَرْشِ الْوِلَادَةِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا فَاتَ مِنْ الْجَارِيَةِ فَهُوَ شَبِيهٌ بِمَا لَوْ تَغَيَّبَتْ فِي يَدِهِ، وَأَرْشُ الْعَيْبِ إذَا غَرِمَهُ الْغَاصِبُ لَا يَرْجِعُ بِهِ (قَوْلُهُ: لَوْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ بِآفَةٍ) خَرَجَ بِهِ مَا غَرِمَهُ بِنُقْصَانِهَا بِالْوِلَادَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ إلَخْ) مُحْتَرَزُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَيُخَالِفُ مَا لَوْ انْفَصَلَ رَقِيقًا مَيِّتًا إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الرَّقِيقِ بِأَنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ فَجُعِلَ تَبَعًا لِلْأُمِّ فِي الضَّمَانِ، وَهَذَا حُرٌّ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ انْتَهَتْ.
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ هُنَا كَلَامًا غَيْرَ مُنْتَظِمٍ وَفِي بَعْضِهَا مَا يُوَافِقُ مَا فِي التُّحْفَةِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ.
مَنْفَعَةٍ اسْتَوْفَاهَا) كَلُبْسٍ وَرُكُوبٍ وَسُكْنَى فِي الْأَظْهَرِ لِمَا مَرَّ (فِي الْمَهْرِ) وَمُقَابِلُ الرَّاجِحِ يَقُولُ غَرَّهُ بِالْبَيْعِ (وَيَرْجِعُ) عَلَيْهِ (بِغُرْمِ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ) مِنْ الْمَنَافِعِ وَنَحْوِهَا كَثَمَرٍ وَنِتَاجٍ وَكَسْبٍ مِنْ غَيْرِ اسْتِيفَاءٍ إذَا غَرَّمَهُ الْمَالِكُ مُقَابِلَهَا، وَشُمُولُ الْعِبَارَةِ لِلْعَيْنِ غَيْرُ مُرَادٍ لِتَقَدُّمِ حُكْمِهِ، وَكَلَامُهُ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالْفَوَائِدُ مِنْ قَبِيلِ الْمَنْفَعَةِ (وَبِأَرْشِ نَقْصِ) بِالْمُهْمَلَةِ (بِنَائِهِ وَغِرَاسِهِ إذَا نَقَضَ) بِالْمُعْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ مِلْكِ الْأَرْضِ (فِي الْأَصَحِّ) فِيهِمَا أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْهَا وَلَمْ يَلْتَزِمْ ضَمَانَهَا بِالْعَقْدِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِأَنَّهُ غَرَّهُ بِالْبَيْعِ وَالثَّانِي فِي الْأُولَى يَنْزِلُ التَّلَفُ عِنْدَهُ مَنْزِلَةَ إتْلَافِهِ وَفِي الثَّانِيَةِ يَقُولُ كَأَنَّ بِالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ يُتْلِفُ مَالَهُ (وَكُلَّمَا) أَيُّ شَيْءٍ (لَوْ غَرِمَهُ الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِهِ) عَلَى الْغَاصِبِ كَأُجْرَةِ الْمَنَافِعِ الْفَائِتَةِ تَحْتَ يَدِهِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ (لَوْ غَرِمَهُ الْغَاصِبُ) ابْتِدَاءً (لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي) لِأَنَّ الْقَرَارَ عَلَى الْغَاصِبِ فَقَطْ (وَمَا لَا) أَيْ وَكُلَّمَا لَوْ غَرِمَهُ الْمُشْتَرِي لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ كَقِيمَةِ الْعَيْنِ وَالْأُجَرَاءِ وَمَنَافِعَ اسْتَوْفَاهَا (فَيَرْجِعُ) بِهِ الْغَاصِبُ إذَا غَرِمَهُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْقَرَارَ عَلَيْهِ فَقَطْ لِتَلَفِهِ تَحْتَ يَدِهِ.
نَعَمْ إنْ سَبَقَ مِنْ الْغَاصِبِ اعْتِرَافٌ بِالْمِلْكِ لَمْ يَرْجِعْ قَطْعًا لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِأَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ ظَالِمٌ لَهُ وَالْمَظْلُومُ لَا يَرْجِعُ إلَّا عَلَى ظَالِمِهِ، وَلَوْ غَرِمَ قِيمَةَ الْعَيْنِ وَقْتَ الْغَصْبِ لِكَوْنِهَا أَكْثَرَ لَمْ يَرْجِعْ بِالزَّائِدِ عَلَى الْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ وَقْتَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي إلَى التَّلَفِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَلَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَغْرَمُ الزَّائِدَ فَلَا يَصْدُقُ بِهِ الضَّابِطُ الْمَذْكُورُ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَكُلُّ مَنْ انْبَنَتْ) بِنُونَيْنِ ثَانِيَةٍ وَرَابِعَةٍ كَمَا بِخَطِّهِ (يَدُهُ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ فَكَالْمُشْتَرِي) فِيمَا مَرَّ مِنْ الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَدْ سَبَقَ أَوَّلَ الْبَابِ بَيَانُ ذَلِكَ فَقَالَ: وَالْأَيْدِي الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ أَيْدِي ضَمَانٍ إلَى آخِرِهِ، فَتَأَمَّلْ مَا قَالَهُ هُنَاكَ وَقَيِّدْ بِهِ مَا أَطْلَقَهُ هُنَا.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلِهِ بِآفَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ الَّذِي انْتَفَعَ بِهِ وَبَاشَرَ الْإِتْلَافَ (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ وَيَخْرُجُ بِالْمُشْتَرِي الْمُتَّهَبُ، فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِبَدَلِ مَا غَرِمَهُ فِي الْمَنَافِعِ الْفَائِتَةِ بِلَا اسْتِيفَاءٍ مِنْهُ وَهُوَ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ الرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ.
[فَرْعٌ] ادَّعَى عَلَى آخَرَ تَحْتَ يَدِهِ دَابَّةٌ أَنَّ لَهُ فِيهَا النِّصْفَ مَثَلًا وَأَنَّهُ غَصَبَهَا فَأَجَابَ بِأَنَّهَا إنَّمَا كَانَتْ عِنْدِي بِجِهَةِ الْمُهَايَأَةِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا كَمَا اسْتَنْبَطَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ كَلَامِ الْمَرْوَزِيِّ فِي الشَّرِكَةِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّهَا فِي زَمَنِ نَوْبَتِهِ كَالْمُعَارَةِ عِنْدَهُ فَلْيَضْمَنْهَا يُرَدُّ بِأَنَّ جَعْلَ الْأَكْسَابِ كُلِّهَا لَهُ زَمَنَ نَوْبَتِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ كَالْمَالِكِ لَهَا لَا كَالْمُسْتَعِيرِ اهـ حَجّ وَكَتَبَ سم عَلَى قَوْلِهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً إلَخْ سَكَتَ عَنْ بَيَانِ حُكْمِ مَفْهُومِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَصْدِيقُ الْمُدَّعِي كَمَا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ الْغَصْبَ وَادَّعَى آخَرُ الْوَدِيعَةَ مَثَلًا اهـ: أَيْ فَالْمُصَدَّقُ مُدَّعِي الْغَصْبِ (قَوْلُهُ: وَشُمُولُ الْعِبَارَةِ) هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَيَرْجِعُ بِغُرْمِ مَا تَلِفَ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِغُرْمِ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ.
وَالثَّانِيَةُ هِيَ قَوْلُهُ بِأَرْشِ نَقْصِ بِنَائِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَرِمَ) أَيْ الْغَاصِبُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ بِالزَّائِدِ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ بِهِ مَا أَطْلَقَهُ هُنَا) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ وَكُلُّ مَنْ انْبَنَتْ يَدُهُ هِيَ ضَامِنَةٌ كَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَامِ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ يَدُهُ أَمِينَةً كَالْوَدِيعِ فَهُوَ كَالْغَاصِبِ فِي كَوْنِهِ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ، وَأَمَّا قَرَارُ الضَّمَانِ فَعَلَى الْغَاصِبِ مَا لَمْ يَكُنْ مَنْ انْبَنَتْ يَدُهُ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ مُتَّهَبًا فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ كَالْمُشْتَرِي.
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: الْمَتْنُ فَكَالْمُشْتَرِي) أَيْ: إلَّا فِيمَا مَرَّ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي.