المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) في بيان حرية اللقيط ورقه واستلحاقه - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٥

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الشِّرْكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ جَوَازِ الْوَكَالَةِ وَمَا تَنْفَسِخُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌[فَصْلٌ فِي صِيغَةِ الْإِقْرَارُ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوط الْمُقَرِّ بِهِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةُ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ جَوَازِ الْعَارِيَّةِ وَمَا لِلْمُعِيرِ

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْغَصْبِ وَانْقِسَامِ الْمَغْصُوبِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَضَمَانِ الْمَغْصُوبِ]

- ‌فَصْلٌ) فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَةٍ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَدَلِ الشِّقْصِ الَّذِي يُؤْخَذُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الْقِرَاضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْعَاقِدَيْنِ وَأَحْكَامِ الْقِرَاضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ وَلُزُومِ الْمُسَاقَاةِ وَهَرَبِ الْعَامِلِ

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَنَافِعَ يَمْتَنِعُ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ لِعَقَارٍ أَوْ دَابَّةٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ غَايَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي تُقَدَّرُ بِهَا الْمَنْفَعَةُ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَرْضِ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِهِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لقط الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَمَلُّكِ وَغُرْم اللُّقَطَةَ]

- ‌ كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَرِقِّهِ وَاسْتِلْحَاقِهِ

- ‌كِتَابُ الْجَعَالَةِ

الفصل: ‌(فصل) في بيان حرية اللقيط ورقه واستلحاقه

لَهُ مَالٌ فَفِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ قُتِلَ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ بِظَاهِرِ الْحُرِّيَّةِ تُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَأَرْشُ طَرَفِهِ لَهُ، وَإِنْ قُتِلَ عَمْدًا فَلِلْإِمَامِ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ لَا مَجَّانًا لِأَنَّهُ خِلَافُ مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ يَقْتَصُّ لَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْإِفْصَاحِ بِالْإِسْلَامِ بَلْ تَجِبُ دِيَتُهُ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِهِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَيَقْتَصُّ لِنَفْسِهِ فِي الطَّرَفِ إنْ أَفْصَحَ بِالْإِسْلَامِ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَيُحْبَسُ قَاطِعُهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَهُ إلَى بُلُوغِهِ وَإِفَاقَتِهِ، وَيَأْخُذُ الْوَلِيُّ وَلَوْ حَاكِمًا دُونَ الْوَصِيِّ الْأَرْشَ لِمَجْنُونٍ فَقِيرٍ لَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِصَبِيٍّ غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ، فَلَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ وَأَرَادَ رَدَّ الْأَرْشِ لِيَقْتَصَّ مُنِعَ (وَلَا يَصِحُّ) بِالنِّسْبَةِ لِأَحْكَامِ الدُّنْيَا (إسْلَامُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ اسْتِقْلَالًا)(عَلَى الصَّحِيحِ) كَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِجَامِعِ انْتِفَاءِ التَّكْلِيفِ، وَلِأَنَّ نُطْقَهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ خَبَرٌ وَخَبَرُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ أَوْ إنْشَاءٌ فَهُوَ كَعُقُودِهِ.

وَالثَّانِي يَصِحُّ إسْلَامُهُ حَتَّى يَرِثَ مِنْ قَرِيبِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ تُسْتَحَبُّ الْحَيْلُولَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبَوَيْهِ لِئَلَّا يَفْتِنَاهُ وَقِيلَ تَجِبُ وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ إجْمَاعِ الْأَصْحَابِ، وَانْتَصَرَ لِصِحَّةِ إسْلَامِهِ جَمْعٌ مُسْتَدِلِّينَ لَهُ بِصِحَّةِ إسْلَامِ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَبْلَ بُلُوغِهِ، وَرَدَّهُ أَحْمَدُ بِمَنْعِ كَوْنِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْأَحْكَامَ إذْ ذَاكَ كَانَتْ مَنُوطَةً بِالتَّمْيِيزِ إلَى عَامِ الْخَنْدَقِ، وَفَارَقَ نَحْوُ صَلَاتِهِ بِأَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ بِهِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِأَحْكَامِ الْآخِرَةِ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ مِنْ الْفَائِزِينَ اتِّفَاقًا، وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْأَحْكَامَيْنِ كَمَا فِيمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ وَكَأَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ. .

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَرِقِّهِ وَاسْتِلْحَاقِهِ

وَتَوَابِعِ ذَلِكَ (إذَا لَمْ يُقِرَّ اللَّقِيطُ بِرِقٍّ فَهُوَ حُرٌّ) إجْمَاعًا لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ، وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا وُجِدَ فِي دَارِ الْحَرْبِ الَّتِي لَا مُسْلِمَ فِيهَا وَلَا ذِمِّيَّ، قَالَ فَإِنَّهُ رَقِيقٌ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ وَدَارُ الْحَرْبِ تَقْتَضِي اسْتِرْقَاقَ الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ، وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ.

عَلَى دَارِ الْإِسْلَامِ.

قَالَ: وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَرَدَّهُ الشَّيْخُ بِأَنَّ دَارَ الْحَرْبِ إنَّمَا تَقْتَضِي اسْتِرْقَاقَ هَؤُلَاءِ بِالْأَسْرِ وَمُجَرَّدُ اللَّقْطِ لَا يَقْتَضِيهِ (إلَّا أَنْ يُقِيمَ أَحَدٌ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ) فَيُعْمَلُ بِهَا كَمَا يَأْتِي (وَإِنْ)(أَقَرَّ) اللَّقِيطُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ إنْ كَانَ.

(قَوْلُهُ: لَا بَعْدَ الْبُلُوغِ) أَيْ لَا إنْ قُتِلَ الْمَحْكُومُ بِإِسْلَامِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ إلَخْ فَلَا يَقْتَصُّ لَهُ الْإِمَامُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُكَافَأَةِ.

(قَوْلُهُ: بَلْ تَجِبُ دِيَتُهُ) أَيْ وَتُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَيُحْبَسُ قَاطِعُهُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ طَالَتْ مُدَّةُ انْتِظَارِ الْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا لِصَبِيٍّ غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ) أَيْ لِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْتَظَرُ.

(قَوْلُهُ: وَفَارَقَ نَحْوُ صَلَاتِهِ) أَيْ حَيْثُ صَحَّتْ مِنْ الْمُمَيِّزِ، وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ لَا يَتَنَفَّلُ بِهِ: أَيْ بِالْإِسْلَامِ.

(قَوْلُهُ: وَيَكُونُ مِنْ الْفَائِزِينَ اتِّفَاقًا) أَيْ فَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْوَاقِعُ فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ وَإِنْ كَانَ هُوَ مِنْهُمْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ الْفَائِزِينَ اتِّفَاقًا أَيْضًا مَنْ اعْتَقَدَ الْإِسْلَامَ أَوَّلَ بُلُوغِهِ وَمَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَرِقِّهِ.

(قَوْلُهُ: وَرَدَّهُ الشَّيْخُ) مُعْتَمَدٌ لَكِنَّهُ جَرَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ، وَقَوْلُهُ فَأَقَرَّ اللَّقِيطُ لَهُ بِهِ: أَيْ بِالرِّقِّ، وَقَوْلُهُ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ: أَيْ بِالرِّقِّ، وَقَوْلُهُ وَقَدْ بَطَلَ مِلْكُهُ، أَيْ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ يَتَعَذَّرُ إسْقَاطُهَا لِمَا مَرَّ: أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الشِّهَابُ حَجّ هُنَا (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْأَحْكَامَيْنِ) فِيهِ أَنَّ الْجَمْعَ لَا يُثَنَّى إذْ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مُفْرَدًا

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَرِقِّهِ وَاسْتِلْحَاقِهِ]

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَرِقِّهِ

ص: 459

الْمُكَلَّفُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَشِيدًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَإِنْ نَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَا يَقْتَضِي اعْتِبَارَ رُشْدِهِ أَيْضًا (بِهِ) أَيْ الرِّقِّ (لِشَخْصٍ فَصَدَّقَهُ) وَلَوْ بِسُكُوتِهِ عَنْ تَصْدِيقٍ وَتَكْذِيبٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْهُ (قَبْلُ إنْ لَمْ يَسْبِقْ) مِنْهُ (إقْرَارُهُ) أَيْ اللَّقِيطِ، وَيَصِحُّ عَوْدُهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُ وَمِنْ الْمُقَرِّ لَهُ، إذْ لَوْ أَقَرَّ إنْسَانٌ بِحُرِّيَّتِهِ فَأَقَرَّ اللَّقِيطُ لَهُ بِهِ لَمْ يُقْبَلْ وَإِنْ صَدَّقَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (بِحُرِّيَّةٍ) كَبَقِيَّةِ الْأَقَارِيرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَذَّبَهُ، وَإِنْ صَدَّقَهُ بَعْدُ أَوْ سَبَقَ إقْرَارُهُ بِالْحُرِّيَّةِ وَهُوَ مُكَلَّفٌ لِأَنَّهُ بِهِ الْتَزَمَ أَحْكَامَ الْأَحْرَارِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْعِبَادِ فَلَمْ يَمْلِكْ إسْقَاطَهَا، وَإِنَّمَا قَبْلَ إقْرَارِهَا بِالرَّجْعَةِ بَعْدَ إنْكَارِهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مَعَ تَفْوِيضِ الشَّارِعِ أَمْرَ انْقِضَائِهَا إلَيْهَا، وَالْإِقْرَارُ بِالرِّقِّ مُخَالِفٌ لِأَصْلِ الْحُرِّيَّةِ الْمُوَافِقِ لِلْإِقْرَارِ السَّابِقِ وَلَا يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ أَقَرَّ لِزَيْدٍ فَكَذَّبَهُ فَأَقَرَّ بِهِ لِعَمْرٍو فَصَدَّقَهُ فَلَا يُقْبَلُ، وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِحُرِّيَّتِهِ لِتَضَمُّنِ إقْرَارِهِ الْأَوَّلِ نَفْيَ الْمِلْكِ لِغَيْرِهِ، وَقَدْ بَطَلَ مِلْكُهُ بِرَدِّهِ فَصَارَ حُرَّ الْأَصْلِ، وَالْحُرِّيَّةُ يَتَعَذَّرُ إسْقَاطُهَا لِمَا مَرَّ وَلَوْ أَنْكَرَ رِقَّهُ بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِهِ وَحَلَفَ ثُمَّ عَادَ وَاعْتَرَفَ لَهُ بِهِ، فَإِنْ كَانَتْ صِيغَةُ إنْكَارِهِ لَسْت بِرَقِيقٍ لَك قَبْلُ أَوْ لَسْت بِرَقِيقٍ فَلَا لِتَضَمُّنِهِ الْإِقْرَارَ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِمُعَيَّنٍ ثُمَّ ادَّعَى حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ لَمْ تُسْمَعْ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ (أَنْ لَا يَسْبِقَ مِنْهُ تَصَرُّفٌ يَقْتَضِي نُفُوذَهُ) بِمُعْجَمَةٍ بِخَطِّهِ (حُرِّيَّةً كَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ) وَغَيْرِهِمَا (بَلْ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي أَصْلِ الرِّقِّ وَأَحْكَامِهِ) الْمَاضِيَةِ الْمُضِرَّةِ بِهِ وَ (الْمُسْتَقْبَلَةِ) فِي مَالِهِ كَمَا يُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ وَإِنْ تَضَمَّنَ ثُبُوتَ حَقٍّ لَهَا وَعَلَيْهَا سَائِرُ الْأَقَارِيرِ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ فَيَبْقَى عَلَى أَحْكَامِ الْحُرِّيَّةِ.

نَعَمْ لَوْ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ مُتَزَوِّجَةً وَالزَّوْجُ مِمَّنْ لَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ وَلَكِنْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ بَقَاءِ النِّكَاحِ وَفَسْخِهِ حَيْثُ شَرْطُ حُرِّيَّتِهَا، فَإِنْ فَسَخَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا لَزِمَهُ لَلْمُقَرِّ لَهُ الْأَقَلُّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالْمُسَمَّى وَإِنْ أَجَازَ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى وَإِنْ كَانَ قَدْ سَلَّمَهُ إلَيْهَا أَجْزَأَهُ فَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ سَقَطَ الْمُسَمَّى، وَتُسَلَّمُ لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا وَيُسَافِرُ بِهَا مِنْ غَيْرِ إذْنٍ، وَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْحَرَائِرِ لِنَحْوِ طَلَاقٍ وَعِدَّةِ الْإِمَاءِ بِمَوْتٍ وَوَلَدُهَا قَبْلَ إقْرَارِهَا حُرٌّ وَبَعْدَهُ رَقِيقٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ النِّكَاحَ كَالْمَقْبُوضِ الْمُسْتَوْفِي وَلِهَذَا لَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُ أَمَةٍ بِنَحْوِ طُرُوُّ يَسَارِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُقِرُّ بِالرِّقِّ ذَكَرًا انْفَسَخَ نِكَاحُهُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الزَّوْجَةِ وَلَزِمَهُ الْمُسَمَّى إنْ دَخَلَ بِهَا وَنِصْفُهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ، وَيُؤَدَّى مِمَّا فِي يَدِهِ أَوْ مِنْ كَسْبِهِ حَالًا وَمَآلًا، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَفِي ذِمَّتِهِ إلَى عِتْقِهِ، وَلَوْ جَنَى عَلَى غَيْرِهِ عَمْدًا ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ اُقْتُصَّ مِنْهُ حُرًّا كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ رَقِيقًا، أَوْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ قُضِيَ مِمَّا فِي يَدِهِ، وَلَا يُنَافِيهِ كَوْنُ الْأَرْشِ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا فِي يَدِ الْجَانِي حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا لِأَنَّ الرِّقَّ لَمَّا أَوْجَبَ الْحَجْرَ اقْتَضَى التَّعَلُّقَ بِمَا فِي يَدِهِ، كَالْحُرِّ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ بِالْفَلْسِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِهِ الْتَزَمَ أَحْكَامَ الْأَحْرَارِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِمُعَيَّنٍ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ اعْتَرَفَ بِالرِّقِّ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ لِأَحَدٍ كَأَنْ قَالَ أَنَا رَقِيقٌ، أَوْ لِمُبْهَمٍ كَأَنْ قَالَ أَنَا رَقِيقٌ لِرَجُلٍ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ حَقٍّ لِمُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ لَمْ تُسْمَعْ) لَكِنْ إنْ كَانَ حَالَ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ رَشِيدًا عَلَى مَا مَرَّ اهـ حَجّ.

وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الرُّشْدِ.

(قَوْلُهُ: بَلْ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي أَصْلِ الرِّقِّ) .

[فَرْعٌ] أَقَرَّتْ حَامِلٌ بِالرِّقِّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتْبَعَ الْحَمْلُ رَاجِعِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: وَالزَّوْجُ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ شَرَطَ حُرِّيَّتَهَا) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهَا لَمْ يَتَخَيَّرْ (قَوْلُهُ لِنَحْوِ طَلَاقٍ) قَالَ سم عَلَى حَجّ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ:

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْهُ) هَذَا غَيْرُ كَافٍ كَمَا لَا يَخْفَى، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: لِأَنَّ فِيهِ تَصْدِيقًا لَهُ انْتَهَتْ لَكِنْ فِي دَعْوَاهُ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ عَوْدُهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُ وَمِنْ الْمُقَرِّ لَهُ) أَيْ: عَلَى الْبَدَلِ (قَوْلُهُ: حَقٌّ لَهَا وَعَلَيْهَا) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ صَوَابُهُ، وَعَلَيْهِ بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ عَطْفًا عَلَى لَهُ فِي قَوْلِهِ فِيمَا لَهُ. (قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ) أَيْ أَوْ تَحِلُّ لَهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى نَبَّهَ عَلَيْهِ سم (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) يَعْنِي عَدَمَ الِانْفِسَاخِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ لَمْ يَنْفَسِخْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ

ص: 460

مَعَهُ شَيْءٌ تَعَلَّقَ الْأَرْشُ بِرَقَبَتِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ بَعْدَهُ مَا قُطِعَتْ يَدُهُ مَثَلًا عَمْدًا اُقْتُصَّ مِنْ الرَّقِيقِ دُونَ الْحُرِّ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ فِيمَا يَضُرُّهُ أَوْ بَعْدَ مَا قُطِعَتْ خَطَأً وَجَبَ الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفَيْ الْقِيمَةِ وَالدِّيَةِ لِأَنَّ قَبُولَ قَوْلِهِ فِي الزَّائِدِ يَضُرُّ بِالْجَانِي (لَا) فِي الْأَحْكَامِ (الْمَاضِيَةِ الْمُضِرَّةِ بِغَيْرِهِ) فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا (فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا لَا يُقْبَلُ الْإِقْرَارُ عَلَى الْغَيْرِ بِدَيْنٍ مَثَلًا وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِرِقِّهِ مُطْلَقًا وَالثَّانِي يُقْبَلُ لِأَنَّهُ يَتَجَزَّأُ وَيَصِيرُ كَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ (فَلَوْ لَزِمَهُ) أَيْ اللَّقِيطَ (دَيْنٌ فَأَقَرَّ بِرِقٍّ وَفِي يَدِهِ مَالٌ قُضِيَ مِنْهُ) ثُمَّ إنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ، وَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ اُتُّبِعَ بِهِ فِي عِتْقِهِ (وَلَوْ ادَّعَى رِقَّهُ مَنْ لَيْسَ فِي يَدِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ لَمْ يُقْبَلْ) جَزْمًا إذْ الْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ الْحُرِّيَّةُ فَلَا يُتْرَكُ إلَّا بِحُجَّةٍ، بِخِلَافِ النَّسَبِ احْتِيَاطًا لِمَصْلَحَةِ الصَّبِيِّ لِئَلَّا يَضِيعَ حَقُّهُ (وَكَذَا إنْ ادَّعَاهُ الْمُلْتَقِطُ) بِلَا بَيِّنَةٍ فَلَا يُقْبَلُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا ذُكِرَ.

وَالثَّانِي يُقْبَلُ وَيُحْكَمُ لَهُ بِالرِّقِّ كَمَا لَوْ الْتَقَطَ مَالًا وَادَّعَاهُ وَلَا مُنَازَعَ لَهُ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَالَ مَمْلُوكٌ وَلَيْسَ فِي دَعْوَاهُ تَغْيِيرُ صِفَةٍ لَهُ وَاللَّقِيطُ حُرٌّ ظَاهِرًا وَفِي دَعْوَاهُ تَغْيِيرُ صِفَتِهِ، ثُمَّ يَسْتَمِرُّ بِيَدِهِ كَمَا قَالَهُ الْمُزَنِيّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَإِنْ جَرَى الْمَاوَرْدِيُّ عَلَى وُجُوبِ انْتِزَاعِهِ مِنْهَا لِخُرُوجِهِ بِدَعْوَى رِقِّهِ عَنْ الْأَمَانَةِ وَرُبَّمَا اسْتَرَقَّهُ بَعْدَهُ، وَأَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ بِقَوْلِ الْعَبَّادِيِّ لَوْ ادَّعَى الْوَصِيُّ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ أُخْرِجَتْ الْوَصِيَّةُ عَنْ يَدِهِ لِئَلَّا يَأْخُذَهَا مَا لَمْ يُبَرِّئْ، وَتَنْظِيرُ الزَّرْكَشِيّ فِي تَعْلِيلِ الْمَاوَرْدِيِّ بِأَنَّهُ لَمْ يُتَحَقَّقْ كَذِبُهُ حَتَّى يَخْرُجَ عَنْ الْأَمَانَةِ يُرَدُّ بِأَنَّ اتِّهَامَهُ صَيَّرَهُ كَغَيْرِ الْأَمِينِ لِأَنَّ يَدَهُ صَارَتْ مَظِنَّةً لِلْإِضْرَارِ بِاللَّقِيطِ.

نَعَمْ قِيَاسُ قَوْلِ الْعَبَّادِيِّ أَنَّهُ لَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ بَقِيَ بِيَدِهِ (وَلَوْ رَأَيْنَا صَغِيرًا مُمَيِّزًا أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فِي يَدِ مَنْ يَسْتَرِقُّهُ) أَيْ يَسْتَخْدِمُهُ مُدَّعِيًا رِقَّهُ (وَلَمْ يُعْرَفْ اسْتِنَادُهَا إلَى الْتِقَاطٍ حُكِمَ لَهُ بِالرِّقِّ) بَعْدَ حَلِفِ ذِي الْيَدِ وَالدَّعْوَى عَمَلًا بِالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ بِلَا مُعَارِضٍ (فَإِنْ بَلَغَ) الصَّغِيرُ الَّذِي اسْتَرَقَّهُ صَغِيرًا سَوَاءٌ ادَّعَى رَقِّهِ حِينَئِذٍ أَمْ بَعْدَ الْبُلُوغِ (وَقَالَ: أَنَا حُرُّ الْأَصْلِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) بِالْحُرِّيَّةِ لِأَنَّهُ حُكِمَ بِرِقِّهِ فِي صِغَرِهِ فَلَمْ يَزُلْ إلَّا بِحُجَّةٍ.

نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُهُ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّاهُ وَفَارَقَ مَا لَوْ رَأَيْنَا صَغِيرَةً بِيَدِ مَنْ يَدَّعِي نِكَاحَهَا فَبَلَغَتْ وَأَنْكَرَتْ فَإِنَّ عَلَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَا لَمْ يَطَأْهَا بِظَنِّ الْحُرِّيَّةِ وَيَسْتَمِرُّ ظَنُّهُ إلَى الْمَوْتِ اهـ.

وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ أَمَّا إذَا وَطِئَهَا فَتَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ م ر.

وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَهُوَ قَرِيبٌ.

(قَوْلُهُ: اُقْتُصَّ مِنْ الرَّقِيقِ) أَيْ الْقَاطِعِ (قَوْلُهُ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِرِقِّهِ مُطْلَقًا) إنْ مُسْتَقْبَلًا وَمَاضِيًا، وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي يُقْبَلُ: أَيْ إقْرَارُهُ.

(قَوْلُهُ: قُضِيَ مِنْهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَلَا يُقْضَى مِنْ كَسْبِهِ لِأَنَّ الدُّيُونَ لَا تَتَعَلَّقُ بِكَسْبِ الْعَبْدِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ أُتْبِعَ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ يَسْتَمِرُّ بِيَدِهِ) أَيْ الْمُلْتَقَطُ الَّذِي ادَّعَى رِقَّهُ.

(قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا اسْتَرَقَّهُ بَعْدَهُ) أَيْ مَا ذَكَرَ وَقَوْلُهُ وَأَيَّدَهُ أَيْ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ أَشْهَدَ) أَيْ بَعْدَ دَعْوَى الرِّقِّ (قَوْلُهُ: لَوْ رَأَيْنَا صَغِيرًا إلَخْ) أَيْ أَمَّا لَوْ رَأَيْنَا بَالِغًا فِي يَدِ مَنْ يَسْتَرِقُّهُ وَلَمْ نَعْلَمْ سَبْقَ حُكْمٍ عَلَيْهِ بِالرِّقِّ فِي صِغَرِهِ فَادَّعَى الْحُرِّيَّةَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَضُرُّ الْغَيْرَ. (قَوْلُهُ: يَدٍ) أَيْ التَّنْظِيرُ فِي التَّعْلِيلِ، وَهَذِهِ مُنَاقَشَةٌ لَفْظِيَّةٌ مَعَ الزَّرْكَشِيّ لَا تَقْتَضِي اعْتِمَادَ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ: يَسْتَخْدِمُهُ مُدَّعِيًا رِقَّهُ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِمَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَسْتَرِقُّهُ وَإِنْ كَانَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْمَذْكُورِ غَيْرَ قَيْدٍ فِي نَفْسِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي سَوَاءٌ ادَّعَى رِقَّهُ حِينَئِذٍ أَمْ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَتَأَمَّلْهُ، فَلَعَلَّ بِهِ يَنْدَفِعُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشِّهَابُ سم مِنْ إثْبَاتِ الْمُنَاقَضَةِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْعِبَارَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ حَلِفِ ذِي الْيَدِ إلَخْ) هَذَا مِنْهُ تَصْرِيحٌ فِي حَمْلِ الْحُكْمِ فِي الْمَتْنِ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ صَرِيحَ التَّعَالِيلِ الْآتِيَةِ يُخَالِفُهُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ كَغَيْرِهِ، ثُمَّ إنَّ قَضِيَّتَهُ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فَإِنْ بَلَغَ وَقَالَ أَنَا حُرٌّ

ص: 461

الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ حِسْبَةً وَهِيَ صَغِيرَةٌ بِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ فِي الْجُمْلَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ مَمْلُوكٌ وَلَا كَذَلِكَ فِي النِّكَاحِ فَاحْتَاجَ لِلْبَيِّنَةِ.

وَالثَّانِي يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْآنَ مِنْ أَهْلِ الْقَوْلِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِرِقِّهِ (وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ) بَعْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا لَا إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهَا كَبَيِّنَةِ دَاخِلٍ قَبْلَ أَنْ تُشْرِفَ يَدُهُ عَلَى الزَّوَالِ (عَمَلَ بِهَا) .

وَلَوْ لِخَارِجٍ غَيْرِ مُلْتَقَطٍ (وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَتَعَرَّضَ الْبَيِّنَةُ) فِي اللَّقِيطِ (لِسَبَبِ الْمِلْكِ) مِنْ نَحْوِ شِرَاءٍ وَإِرْثٍ لِئَلَّا تَعْتَمِدَ ظَاهِرَ الْيَدِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ بَيِّنَةَ غَيْرِ الْمُلْتَقِطِ لَا تَحْتَاجُ لِذَلِكَ وَيَكْفِي قَوْلُهَا وَلَوْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ لِأَنَّ شَهَادَتَهُنَّ بِالْوِلَادَةِ تُثْبِتُ الْمِلْكَ كَالنَّسَبِ فِي الشَّهَادَةِ بِالْوِلَادَةِ أَنَّهُ وَلَدُ أَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِلْمِلْكِ خِلَافًا لِمَا فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ وَلَدَ أَمَتِهِ مِلْكُهُ (وَفِي قَوْلٍ يَكْفِي مُطْلَقُ الْمِلْكِ) كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ اللَّقِيطَ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ بِظَاهِرِ الْيَدِ فَلَا يُزَالُ ذَلِكَ الظَّاهِرُ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ.

وَطَرِيقَةُ الْجُمْهُورِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الْمُلْتَقَطِ وَغَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمَلَةٌ لِذَلِكَ، لَكِنَّ سِيَاقَهُ يَخُصُّهُ بِالْمُلْتَقَطِ وَفَرْقُهُمْ هَذَا وَتَعْلِيلُهُمْ الَّذِي قَضِيَّتُهُ مَا مَرَّ ظَاهِرَانِ فِيهِ (وَلَوْ اسْتَلْحَقَ اللَّقِيطَ) يَعْنِي الصَّغِيرَ الْمَحْكُومَ بِإِسْلَامِهِ وَلَوْ غَيْرَ لَقِيطٍ (حُرٌّ مُسْلِمٌ) ذَكَرٌ وَلَوْ غَيْرُ مُلْتَقِطٍ (لَحِقَهُ) بِشُرُوطِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْإِقْرَارِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِحَقٍّ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى غَيْرِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمَالٍ سَوَاءٌ أَكَانَ سَفِيهًا أَمْ رَشِيدًا، وَلَا يَلْحَقُ بِزَوْجَتِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي.

وَاسْتَحَبُّوا لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ لِلْمُلْتَقِطِ مِنْ أَيْنَ هُوَ وَلَدُك لَهُ مِنْ زَوْجَتِك أَوْ أَمَتِك أَوْ شُبْهَةٍ لِأَنَّهُ قَدْ يُظَنُّ أَنَّ الِالْتِقَاطَ يُفِيدُ النَّسَبَ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ وُجُوبَهُ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ وَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ مَا يُؤَيِّدُهُ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْمُسْلِمِ مِثَالٌ إذْ الْكَافِرُ يَسْتَلْحِقُ مَنْ حُكِمَ بِكُفْرِهِ وَكَذَا مَنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ كَمَا مَرَّ لَكِنْ لَا يَتْبَعُهُ فِي الْكُفْرِ (وَصَارَ أَوْلَى بِتَرْبِيَتِهِ) مِنْ غَيْرِهِ لِثُبُوتِ أُبُوَّتِهِ لَهُ فَأَوْلَى لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا كَقَوْلِك فُلَانٌ أَحَقُّ بِمَالِهِ.

نَعَمْ لَوْ كَانَ كَافِرًا وَاللَّقِيطُ مُسْلِمٌ بِالدَّارِ لَمْ يُسَلَّمْ إلَيْهِ وَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ حُرٌّ مِثَالٌ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ فَقَالَ (وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ عَبْدٌ) بِشُرُوطِهِ (لَحِقَهُ) فِي النَّسَبِ دُونَ الرِّقِّ لِإِمْكَانِ حُصُولِهِ مِنْهُ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ لَكِنْ يُقَرُّ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ وَيُنْفَقُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قُبِلَتْ دَعْوَاهُ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِرِقِّهِ، وَمِنْهُ مَا يُوجَدُ مِنْ بَيْعِ الْأَرِقَّاءِ الْغَالِبَةِ بِمِصْرِنَا، فَإِنَّهُمْ لَوْ ادَّعَوْا أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ قُبِلَ مِنْهُمْ وَإِنْ تَكَرَّرَ بَيْعُ مَنْ هُمْ فِي أَيْدِيهِمْ مِرَارًا وَلَيْسَ دَعْوَاهُمْ الْإِسْلَامَ بِبِلَادِهِمْ وَلَا ثُبُوتُهُ بِإِخْبَارِ غَيْرِهِمْ لِجَوَازِ كَوْنِهِمْ وُلِدُوا مِنْ إمَاءٍ فَحُكِمَ بِرِقِّهِمْ تَبَعًا لِأُمَّهَاتِهِمْ.

(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ بَيِّنَتَهُ إلَخْ) صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِاشْتِرَاطِ بَيَانِ سَبَبِ الْمِلْكِ فِي الشَّهَادَةِ وَالدَّعْوَى فِي غَيْرِ اللَّقِيطِ أَيْضًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ سِيَاقَهُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(قَوْلُهُ: ذَكَرَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَمَّا الْخُنْثَى فَيَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْقَاضِي أَبِي الْفَرَجِ الزَّازِ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ لَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ.

زَادَ عَلَى الْمَنْهَجِ: فَلَوْ مَاتَ هَذَا الْوَلَدُ فَهَلْ تَرِثُ الْخُنْثَى الثُّلُثَ وَيُوقَفُ الْبَاقِي لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أُنْثَى وَإِلَّا تَرِثُ الثُّلُثَ بِشَرْطِهِ أَوْ لَا تَرِثُ شَيْئًا لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ.

أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْإِرْثِ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَحَقُّقُ الْجِهَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْإِرْثِ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ النَّسَبِ الْإِرْثُ كَمَا فِي اسْتِلْحَاقِ الرَّقِيقِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ دُونَ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ: إنَّهُ إذَا لَمْ يَحْكُمْ الْحَاكِمُ بِرِقِّهِ فِي صِغَرِهِ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ: بَعْدَ بُلُوغِهِ فِي الْحُرِّيَّةِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ مَمْلُوكٌ) أَيْ: فَمَنْ يَدَّعِي رِقَّهُ مُسْتَمْسِكٌ بِالْأَصْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ شِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ) اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ يُعْلَمُ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَقِيطٌ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ وَلَدُ أَمَتِهِ) هَذَا مَقُولُ قَوْلِهَا وَقَوْلُهُ: فِي الشَّهَادَةِ بِالْوِلَادَةِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: الْمَحْكُومُ بِإِسْلَامِهِ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي إلَى التَّقْيِيدِ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ مُلْتَقِطٍ) هَذِهِ الْغَايَةُ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ غَيْرَ لَقِيطٍ. (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ حُرٌّ مِثَالٌ) اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ عُلِمَ؟

ص: 462

عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَفَصْلُهُ عَنْ الْحُرِّ لِقَوْلِهِ (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُ سَيِّدِهِ) لَهُ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ إرْثَهُ بِفَرْضِ عِتْقِهِ.

وَأَجَابَ عَنْهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مَنْظُورٍ لَهُ لِصِحَّةِ اسْتِلْحَاقِهِ ابْنًا مَعَ وُجُودِ أَخٍ (وَإِنْ اسْتَلْحَقَتْهُ امْرَأَةٌ لَمْ يَلْحَقْهَا فِي الْأَصَحِّ) لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِمُشَاهَدَةِ الْوِلَادَةِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ، وَإِذَا أَقَامَتْهَا لَحِقَهَا وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً، وَلَا يَثْبُتُ رِقُّهُ لِمَوْلَاهَا وَلَا يَلْحَقُ زَوْجَهَا إلَّا إنْ أَمْكَنَ وَشَهِدَتْ بِالْوِلَادَةِ عَلَى فِرَاشِهِ وَحِينَئِذٍ لَا يَنْتَفِي عَنْهُ إلَّا بِاللِّعَانِ.

وَالثَّانِي يَلْحَقُهَا لِأَنَّهَا أَحَدُ أَبَوَيْنِ فَصَارَتْ كَالرَّجُلِ (أَوْ) اسْتَلْحَقَهُ (اثْنَانِ لَمْ يُقَدَّمْ مُسْلِمٌ وَحُرٌّ عَلَى ذِمِّيٍّ) وَحَرْبِيٍّ (وَعَبْدٍ) إذْ اسْتِلْحَاقُ كُلٍّ مِنْهُمْ صَحِيحٌ وَيَدُ الْمُلْتَقِطِ غَيْرُ صَالِحَةٍ لِلتَّرْجِيحِ هُنَا (فَإِنْ) كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ سَلِيمَةٌ مِنْ الْمُعَارِضِ عُمِلَ بِهَا فَإِنْ (لَمْ يَكُنْ) لِوَاحِدٍ مِنْهَا (بَيِّنَةٌ) أَوْ كَانَ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ وَتَعَارَضَتَا، فَإِنْ سَبَقَ اسْتِلْحَاقُ أَحَدِهِمَا وَيَدُهُ عَنْ غَيْرِ الْتِقَاطٍ قُدِّمَ لِثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهُ مَعَ اعْتِضَادِهِ بِالْيَدِ فَهِيَ عَاضِدَةٌ غَيْرُ مُرَجِّحَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ كَأَنْ اسْتَلْحَقَهُ لَاقِطُهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ آخَرُ (عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ) الْآتِي قُبَيْلَ الْعِتْقِ (فَيَلْحَقُ مَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ) لِمَا يَأْتِي ثَمَّ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ بَعْدَ إلْحَاقِهِ بِوَاحِدٍ إلْحَاقُهُ بِآخَرَ إذْ الِاجْتِهَادُ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَعَارَضَ قَائِفَانِ كَانَ الْحُكْمُ لِلسَّابِقِ وَتُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَلَوْ تَأَخَّرَتْ كَمَا يُقَدَّمُ هُوَ عَلَى مُجَرَّدِ الِانْتِسَابِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ فَكَانَ أَقْوَى (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ) بِالْبَلَدِ أَوْ بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْعُدَدِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَقِيلَ بِالدُّنْيَا وَقِيلَ بِمَسَافَةِ الْعَدْوَى (أَوْ) وُجِدَ وَلَكِنْ (تَحَيَّرَ أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا) وُقِفَ الْأَمْرُ إلَى بُلُوغِهِ وَ (أُمِرَ بِالِانْتِسَابِ) قَهْرًا عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الصَّيْمَرِيُّ، زَادَ غَيْرُهُ: وَحُبِسَ إنْ امْتَنَعَ وَقَدْ ظَهَرَ لَهُ مَيْلٌ وَإِلَّا وُقِفَ الْأَمْرُ (بَعْدَ بُلُوغِهِ إلَى مَنْ يَمِيلُ طَبْعُهُ إلَيْهِ مِنْهُمَا) لِمَا صَحَّ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه مِنْ أَمْرِهِ بِذَلِكَ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الِانْتِسَابُ بِالتَّشَهِّي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَيْلٍ جِبِلِّيٍّ كَمَيْلِ الْقَرِيبِ لِقَرِيبِهِ، وَشَرَطَ فِيهِ الْمَاوَرْدِيُّ أَنْ يَعْرِفَ حَالَهُمَا وَيَرَاهُمَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَأَنْ تَسْتَقِيمَ طَبِيعَتُهُ وَيَتَّضِحَ ذَكَاؤُهُ، وَأَقَرَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَيَّدَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِقَوْلِهِمْ: إنَّ الْمَيْلَ بِالِاجْتِهَادِ: أَيْ وَهُوَ يَسْتَدْعِي تِلْكَ الْمُقَدِّمَاتِ وَلَوْ انْتَسَبَ لِغَيْرِهِمَا وَصَدَّقَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَلَا يُخَيَّرُ الْمُمَيِّزُ كَمَا يَأْتِي فِي الْحَضَانَةِ لِأَنَّ رُجُوعَهُ مَعْمُولٌ بِهِ ثَمَّ، لَا هُنَا، فَقَوْلُهُ مُلْزِمٌ وَالصَّبِيُّ مِنْ أَهْلِ الْإِلْزَامِ وَيُنْفِقَانِهِ مُدَّةَ الِانْتِظَارِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْآخَرُ عَلَى مَنْ ثَبَتَ لَهُ بِمَا أَنْفَقَ إنْ أَذِنَهُ فِيهِ الْحَاكِمُ أَوْ أَشْهَدَ عَلَى الرُّجُوعِ عِنْدَ فَقْدِهِ عَلَى قِيَاسِ نَظَائِرِهِ، وَإِلَّا فَمُتَبَرِّعٌ، وَلَوْ تَدَاعَاهُ امْرَأَتَانِ أَنْفَقَتَا وَلَا رُجُوعَ مُطْلَقًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: فَإِنْ سَبَقَ اسْتِلْحَاقُ أَحَدِهِمَا إلَخْ) وَكَذَا لَا يُقَدَّمُ رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ بَلْ إنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً عُمِلَ بِهَا وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ وَتَعَارَضَتَا فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا يَدٌ مِنْ غَيْرِ الْتِقَاطٍ وَلَوْ الْمَرْأَةَ قُدِّمَ وَإِلَّا قُدِّمَ الرَّجُلُ لِأَنَّ مُجَرَّدَ دَعْوَى الْمَرْأَةِ لَا تُعَارِضُهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ اسْتِلْحَاقِهَا.

وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَتْ وَهِيَ أَنَّ بِنْتًا بِيَدِ امْرَأَةٍ مُدَّةً مِنْ السِّنِينَ تَدَّعِي الْمَرْأَةُ أُمُومَتَهَا لِتِلْكَ الْبِنْتِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ، وَمَعَ شُيُوعِ ذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ مَحَلَّتِهَا وَجَاءَ رَجُلٌ ادَّعَى أَنَّهَا بِنْتُهُ مِنْ امْرَأَةٍ مَيِّتَةٍ لَهَا مُدَّةٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً وَلَمْ تُعَارَضْ عُمِلَ بِهَا وَإِلَّا بَقِيَتْ مَعَ الْمَرْأَةِ لِاعْتِضَادِ دَعْوَاهَا بِالْيَدِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ بِالْبَلَدِ أَوْ بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ يَرْجِعُ الْآخَرُ عَلَى مَنْ ثَبَتَ لَهُ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَلْ ثَبَتَ لِغَيْرِهِمَا أَوْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ لَا لَهُمَا وَلَا لِغَيْرِهِمَا فَهَلْ يَرْجِعُ الْمُنْفِقُ عَلَى مَنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ أَوْ عَلَى اللَّقِيطِ نَفْسِهِ لِوُجُودِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الرُّجُوعِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ وَاحِدًا مِنْهُمَا بِالْإِنْفَاقِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى قِيَاسِ نَظَائِرِهِ) قَالَ حَجّ: ثُمَّ بِنِيَّتِهِ انْتَهَى: يَعْنِي إذَا فُقِدَ الشُّهُودُ وَأَنْفَقَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ رَجَعَ وَفِيهِ أَنَّ فَقْدَ الشُّهُودِ نَادِرٌ، فَقِيَاسُ مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ عَدَمُ الرُّجُوعِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعَ مُطْلَقًا) لِإِمْكَانِ الْقَطْعِ بِالْوِلَادَةِ وَأُوخِذَتْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعَ مُطْلَقًا) أَيْ لِأَنَّ دَعْوَى الْمَرْأَةِ وِلَادَتَهُ بِحُكْمِ الْقَطْعِ فِيهَا فَتُؤَاخَذُ بِمُوجِبِ قَوْلِهَا.

ص: 463

(وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) عَلَى النَّسَبِ (مُتَعَارِضَتَيْنِ) كَأَنْ اخْتَلَفَ تَارِيخُهُمَا (سَقَطَتَا فِي الْأَظْهَرِ) لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ فَيُرْجَعُ لِلْقَائِفِ، وَالْيَدُ هُنَا لَا تَرْجِيحَ بِهَا لِأَنَّهَا لَا تُثْبِتُ النَّسَبَ بِخِلَافِ الْمِلْكِ.

وَالثَّانِي لَا يَسْقُطَانِ وَتُرَجَّحُ إحْدَاهُمَا بِقَوْلِ الْقَائِفِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَقْصُودُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَهُمَا مُفَرَّعَانِ عَلَى قَوْلِ التَّسَاقُطِ فِي التَّعَارُضِ فِي الْأَمْوَالِ، وَلَوْ تَدَاعَيَا مَوْلُودًا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا ذُكُورَتَهُ وَالْآخَرُ أُنُوثَتَهُ فَبَانَ ذَكَرًا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَى مَنْ ادَّعَى الْأُنُوثَةَ فِي أَوْجَهِ احْتِمَالَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ عَيَّنَ غَيْرَهُ، وَلَوْ اسْتَرْضَعَ ابْنَهُ يَهُودِيَّةً ثُمَّ غَابَ وَعَادَ فَوَجَدَهَا مَيِّتَةً وَلَمْ يَعْرِفْ ابْنَهُ مِنْ ابْنِهَا وُقِفَ الْأَمْرُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَائِفٍ أَوْ بُلُوغِهِمَا وَانْتِسَابِهِمَا انْتِسَابًا مُخْتَلِفًا، وَيُوضَعَانِ فِي الْحَالِ فِي يَدِ مُسْلِمٍ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِمَّا مَرَّ دَامَ الْوَقْفُ فِيمَا يَرْجِعُ لِلنَّسَبِ وَيَتَلَطَّفُ بِهِمَا لِيُسْلِمَا، فَإِنْ أَصَرَّا عَلَى الِامْتِنَاعِ لَمْ يُكْرَهَا عَلَيْهِ، وَإِذَا مَاتَا دُفِنَا بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، وَتَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا وَيَنْوِيهَا عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْهُمَا إنْ صَلَّى عَلَيْهِمَا مَعًا، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ، وَخَالَفَ التَّاجُ الْفَزَارِيّ الْمُصَنِّفَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كُلٌّ بِمُوجِبِ قَوْلِهَا اهـ حَجّ.

وَقَوْلُ حَجّ لِإِمْكَانِ الْقَطْعِ: أَيْ بِالْبَيِّنَةِ بِالْوِلَادَةِ.

(قَوْلُهُ: وَالْيَدُ هُنَا لَا تَرْجِيحَ بِهَا) عِبَارَةُ حَجّ: وَالْيَدُ هُنَا غَيْرُ مُرَجِّحَةٍ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: أَيْ وَلَا عَاضِدَةٌ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُ السَّابِقَ فَإِنْ سَبَقَ اسْتِلْحَاقُ أَحَدِهِمَا إلَى قَوْلِهِ فَهِيَ عَاضِدَةٌ لَا مُرَجِّحَةٌ بِحَمْلِ هَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَسْبِقْ اسْتِلْحَاقُ ذِي الْيَدِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ وَالْيَدُ إلَخْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ اسْتَلْحَقَاهُ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ حَيْثُ لَا يُقَدَّمُ بِالْيَدِ كَمَا مَرَّ وَلَا بِتَقَدُّمِ التَّارِيخِ، فَإِنْ أَقَامَهَا أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ بِيَدِهِ مُنْذُ سَنَةٍ وَالْآخَرُ بِأَنَّهُ مُنْذُ شَهْرٍ بِأَنَّ الْيَدَ وَتَقَدُّمَ التَّارِيخِ يَدُلَّانِ عَلَى الْحَضَانَةِ دُونَ النَّسَبِ (قَوْلُهُ: فَبَانَ ذَكَرًا) أَيْ أَوْ أُنْثَى لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَى مَنْ ادَّعَى ذُكُورَتَهُ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ بَانَ خُنْثَى لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَرْضَعَ ابْنَهُ) قُوَّةُ كَلَامِهِ تُشْعِرُ بِجَوَازِ اسْتِرْضَاعِ الْيَهُودِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْكَافِرَاتِ لِلْمُسْلِمِ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ لِأَنَّ اسْتِرْضَاعَهَا اسْتِخْدَامٌ لِلْيَهُودِيَّةِ وَاسْتِخْدَامُ الْكُفَّارِ غَيْرُ مَمْنُوعٍ، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهَا يُخَافُ مِنْهَا.

عَلَى الطِّفْلِ، لِأَنَّا نَقُولُ: هَذِهِ الْحَالَةُ إذَا وُجِدَتْ فِي الْمُسْلِمَةِ امْتَنَعَ تَسْلِيمُ الرَّضِيعِ لَهَا، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا سَوَاءٌ كَانَ بِبَيْتِهَا أَمْ بَيْتِ وَلِيِّهِ.

(قَوْلُهُ: فِيمَا يَرْجِعُ لِلنَّسَبِ) أَيْ وَيَجِبُ عَلَى أَبَوَيْهِمَا نَفَقَتُهُمَا بِأَنْ يُنْفِقَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَلَدَيْنِ نِصْفَ كِفَايَتِهِ أَوْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُنْفِقُ عَلَى وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ مِنْ الْوَلَدَيْنِ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُكْرَهَا عَلَيْهِ) أَيْ بَعْدَ الْبُلُوغِ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا مَاتَا دُفِنَا بَيْنَ إلَخْ) أَيْ وُجُوبًا وَلَوْ تَرَكَا مَالًا فَإِنْ رُجِيَ ظُهُورُ الْحَالِ وُقِفَ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنَّهُ مِنْ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ فَأَمْرُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ. .

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 464