المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بِأَنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا أَخَذَ الْعَيْنَ لِمَنْفَعَةِ الْمَالِكِ وَانْتِقَاعِهِ هُوَ بِالْعَمَلِ - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٥

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الشِّرْكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ جَوَازِ الْوَكَالَةِ وَمَا تَنْفَسِخُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌[فَصْلٌ فِي صِيغَةِ الْإِقْرَارُ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوط الْمُقَرِّ بِهِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةُ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ جَوَازِ الْعَارِيَّةِ وَمَا لِلْمُعِيرِ

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْغَصْبِ وَانْقِسَامِ الْمَغْصُوبِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَضَمَانِ الْمَغْصُوبِ]

- ‌فَصْلٌ) فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَةٍ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَدَلِ الشِّقْصِ الَّذِي يُؤْخَذُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الْقِرَاضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْعَاقِدَيْنِ وَأَحْكَامِ الْقِرَاضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ وَلُزُومِ الْمُسَاقَاةِ وَهَرَبِ الْعَامِلِ

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَنَافِعَ يَمْتَنِعُ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ لِعَقَارٍ أَوْ دَابَّةٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ غَايَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي تُقَدَّرُ بِهَا الْمَنْفَعَةُ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَرْضِ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِهِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لقط الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَمَلُّكِ وَغُرْم اللُّقَطَةَ]

- ‌ كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَرِقِّهِ وَاسْتِلْحَاقِهِ

- ‌كِتَابُ الْجَعَالَةِ

الفصل: بِأَنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا أَخَذَ الْعَيْنَ لِمَنْفَعَةِ الْمَالِكِ وَانْتِقَاعِهِ هُوَ بِالْعَمَلِ

بِأَنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا أَخَذَ الْعَيْنَ لِمَنْفَعَةِ الْمَالِكِ وَانْتِقَاعِهِ هُوَ بِالْعَمَلِ فِيهَا لَا بِهَا بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ.

(وَلَوْ)(اخْتَلَفَا فِي الْمَشْرُوطِ لَهُ) أَهُوَ الرُّبُعُ أَمْ الثُّلُثُ مَثَلًا (تَحَالَفَا) لِاخْتِلَافِهِمَا فِي عِوَضِ الْعَقْدِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى صِحَّتِهِ فَأَشْبَهَ اخْتِلَافَ الْمُتَبَايِعَيْنِ (وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِتَعَذُّرِ رُجُوعِ عَمَلِهِ إلَيْهِ فَوَجَبَ لَهُ قِيمَتُهُ وَهُوَ الْأُجْرَةُ وَلِلْمَالِكِ جَمِيعُ الرِّبْحِ، وَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِالتَّحَالُفِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَلَوْ كَانَ الْقِرَاضُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَمُدَّعِي الْعَامِلِ دُونَ الْأُجْرَةِ فَلَا تَحَالُفَ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّدَاقِ، وَلَوْ اشْتَرَى الْعَامِلُ وَلَوْ ذِمِّيًّا مَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ كَخَمْرٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ وَسَلَّمَ لِلْبَائِعِ الثَّمَنَ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ قَارَضَهُ لَيُجْلَبَ مِنْ بَلْدَةٍ إلَى أُخْرَى لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ عَمَلٌ زَائِدٌ عَلَى التِّجَارَةِ، وَلَوْ اشْتَرَى بِأَلْفَيْنِ لِقَارِضَيْنِ لَهُ رَقِيقَيْنِ فَاشْتَبَهَا عَلَيْهِ وَقَعَا لَهُ وَغَرِمَ لَهُمَا الْأَلْفَيْنِ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الْإِفْرَادِ لَا قِيمَتَهُمَا، وَلَوْ دَفَعَ لَهُ مَالًا وَقَالَ إذَا مِتُّ فَتَصَرَّفْ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ قِرَاضًا عَلَى أَنَّ لَك نِصْفَ الرِّبْحِ لَغَا فَيَمْتَنِعُ تَصَرُّفُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلتَّعْلِيقِ وَارْتِفَاعِ الْقِرَاضِ بِالْمَوْتِ لَوْ صَحَّ، وَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ وَاشْتَبَهَ مَالُ الْقِرَاضِ بِغَيْرِهِ فَكَالْوَدِيعِ بِمَوْتٍ وَعِنْدَهُ الْوَدِيعَةُ وَاشْتَبَهَتْ بِغَيْرِهَا وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ، وَإِنْ جَنَى عَبْدُ الْقِرَاضِ فَهَلْ يُفْدِيهِ الْعَامِلُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ كَالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ.

‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

لَمَّا كَانَتْ شَبِيهَةً لِلْقِرَاضِ فِي الْعَمَلِ فِي شَيْءٍ بِبَعْضِ نَمَائِهِ وَجَهَالَةِ الْعِوَضِ وَلِلْإِجَارَةِ فِي اللُّزُومِ وَالتَّأْقِيتِ جُعِلَتْ بَيْنَهُمَا. وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ السَّقْيِ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْقَافِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِيهَا غَالِبًا، لَا سِيَّمَا بِالْحِجَازِ فَإِنَّهُمْ يَسْقُونَ مِنْ الْآبَارِ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ أَعْمَالِهَا وَأَكْثَرُهَا مُؤْنَةً، وَهِيَ مُعَامَلَةٌ عَلَى تَعَهُّدِ شَجَرٍ بِجُزْءٍ مِنْ ثَمَرَتِهِ. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ " مُعَامَلَتُهُ صلى الله عليه وسلم يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى نَخْلِهَا وَأَرْضِهَا بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ " رَوَاهُ الشَّيْخَانِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ جَمِيعُهُ.

(قَوْلُهُ: أَهُوَ الرُّبْعُ أَمْ الثُّلُثُ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفَسِخْ) أَيْ وَإِنَّمَا يَنْفَسِخُ بِفَسْخِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ بِأَنْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ. أَمَّا لَوْ قَارَضَهُ وَأَطْلَقَ ثُمَّ أَذِنَ فِي السَّفَرِ لَمْ يَمْتَنِعْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلْ بِالسَّفَرِ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ دَفَعَ لَهُ مَالًا وَقَالَ إلَخْ) هَذِهِ الصُّورَةُ تَقَدَّمَتْ فِي كَلَامِهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مُدَّةِ الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ: وَغَرِمَ لَهُمَا) أَيْ الْمُقَارِضَيْنِ (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا نَعَمْ) خِلَافًا لِشَرْحِ الرَّوْضِ، وَعَلَيْهِ فَيُحْسَبُ مِنْ الرِّبْحِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ. .

كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

(قَوْلُهُ: وَسُكُونِ الْقَافِ) ع، وَقِيلَ مِنْ السَّقِيِّ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهِيَ صِغَارُ النَّخْلِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَنْفَعُ أَعْمَالِهَا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ السَّقْيِ. وَالْمُرَادُ أَنَّ فِعْلَ الْعَامِلِ لَيْسَ قَاصِرًا عَلَى السَّقْيِ لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ أَنْفَعَ أَعْمَالِهَا أُخِذْت مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ اصْطِلَاحًا (قَوْلُهُ: عَلَى تَعَهُّدِ شَجَرٍ) عَبَّرَ بِهِ دُونَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ مَعَ عَدَمِ صِحَّتِهَا عَلَى غَيْرِهِمَا لِيَتَأَتَّى التَّعْرِيفُ عَلَى الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ الْآتِيَيْنِ (قَوْلُهُ: عَلَى نَخْلِهَا وَأَرْضِهَا) هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا فُتِحَتْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَيْ بِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ، كَذَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِالتَّحَالُفِ) أَيْ بَلْ يَفْسَخَانِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ دَفَعَ لَهُ مَالًا وَقَالَ إذَا مِتّ فَتَصَرَّفْ إلَخْ) هَذِهِ تَقَدَّمَتْ فِي كَلَامِهِ. كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

(قَوْلُهُ: لَمَّا كَانَتْ شَبِيهَةً بِالْقِرَاضِ) تَقَدَّمَ هَذَا أَوَّلَ الْقِرَاضِ أَيْضًا

ص: 244

،

وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا، وَالْإِجَارَةُ فِيهَا ضَرَرٌ

بِتَغْرِيمِ الْمَالِكِ حَالًا مَعَ أَنَّهُ قَدْ لَا يَطْلُعُ شَيْءٌ، وَقَدْ يَتَهَاوَنُ الْأَجِيرُ فِي الْعَمَلِ لِأَخْذِ الْأُجْرَةِ، وَبَالَغَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي رَدِّ مُخَالَفَةِ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه فِيهَا، وَمِنْ ثَمَّ خَالَفَهُ صَاحِبَاهُ، وَزَعَمَ أَنَّ الْمُعَامَلَةَ مَعَ الْكُفَّارِ تَحْتَمِلُ الْجَهَالَاتِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ أَهْلَ خَيْبَرَ كَانُوا مُسْتَأْمَنِينَ. .

وَلَهَا سِتَّةُ أَرْكَانٍ: عَاقِدَانِ، وَمَوْرِدٌ، وَعَمَلٌ، وَثَمَرٌ، وَصِيغَةٌ، وَكُلُّهَا مَعَ شُرُوطِهَا تُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ (تَصِحُّ مِنْ) مَالِكٍ وَعَامِلٍ (جَائِزِ التَّصَرُّفِ) لِنَفْسِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ رَادًّا بِهِ دَعْوَى شُمُولِ جَائِزِ التَّصَرُّفِ لِلْوَلِيِّ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ فَيَكُونُ مُكَرَّرًا وَهُوَ الَّذِي لَا حَجْرَ عَلَيْهِ الْمُخْتَارُ دُونَ غَيْرِهِ كَالْقِرَاضِ (وَ) تَصِحُّ (لِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) وَسَفِيهٍ مِنْ وَلِيِّهِمْ (بِالْوِلَايَةِ) عَلَيْهِمْ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ وَلِبَيْتِ الْمَالِ وَفِي مَالِ مَنْ لَا يُعْرَفُ مَالِكُهُ مِنْ الْإِمَامِ وَلِلْوَقْفِ مِنْ نَاظِرِهِ وَفِي مَالِ الْغَائِبِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ لِعَامِلِ الْقِرَاضِ الْمُسَاقَاةُ، فَإِنَّ عَمَلَهُ فِي حَقِّ الْمَالِكِ لَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْمُسَاقِي، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِصِحَّةِ إجَارَةِ وَلِيٍّ لِبَيَاضِ أَرْضِ مُوَلِّيهِ بِأُجْرَةٍ هِيَ مِقْدَارُ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَقِيمَةِ الثَّمَرِ ثُمَّ مُسَاقَاةُ الْمُسْتَأْجِرِ بِسَهْمٍ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُعَدُّ ذَلِكَ عُرْفًا غَبْنًا فَاحِشًا فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ بِسَبَبِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَنْوَةً (قَوْلُهُ: لِأَخْذِ الْأُجْرَةِ) أَيْ لِسَبَبٍ إلَخْ أَوْ مَعَ (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) يَتَأَمَّلُ هَذَا الرَّدَّ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَإِنَّ كَوْنَهُمْ مُؤَمَّنِينَ لَا يُخْرِجُهُمْ عَنْ الْكُفْرِ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ أَنَّ أَمَانَهُمْ أَلْحَقَهُمْ بِالْمُسْلِمِينَ، وَالْمَعْنَى أَنَّا لَا نُسَلِّمْ أَنَّ مُعَامَلَةَ الْكُفَّارِ تَحْتَمِلُ الْجَهَالَاتِ مُطْلَقًا بَلْ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْحَرْبِيِّينَ.

(قَوْلُهُ: تَصِحُّ مِنْ مَالِكٍ وَعَامِلٍ) .

[فَرْعٌ] لَوْ كَانَ الْعَامِلُ صَبِيًّا لَمْ تَصِحَّ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَيَضْمَنُ الصَّبِيُّ بِالْإِتْلَافِ لَا بِالتَّلَفِ وَلَوْ بِتَقْصِيرٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَى الْإِتْلَافِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَوْ عَقَدَ الصَّبِيُّ بِنَفْسِهِ، أَمَّا لَوْ عَقَدَ لَهُ وَلِيُّهُ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ حَيْثُ رَأَى فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةً لَهُ كَمَا يَجُوزُ لَهُ إيجَارُهُ لِلرَّعْيِ مَثَلًا، وَقَدْ يَشْمَلُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَتَصِحُّ لِصَبِيٍّ بِأَنْ يُرَادَ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي مَالِهِ أَوْ فِي ذَاتِهِ لِيَكُونَ عَامِلًا (قَوْلُهُ: جَائِزُ التَّصَرُّفِ) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: مِنْ الْإِمَامِ) أَيْ أَوْ نَائِبِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَبَيَّنَ الْمَالِكُ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ يَصِحُّ التَّصَرُّفُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْإِمَامَ نَائِبُ الْمَالِكِ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ بَاقِيَةً أَخَذَهَا وَإِلَّا رَجَعَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَفِي مَالِ الْغَائِبِ) أَيْ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (قَوْلُهُ لَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ ظَهَرَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا يَمْلِكُ حِصَّتَهُ بِالْقِسْمَةِ لَا بِالظُّهُورِ. عَلَى أَنَّا لَوْ قُلْنَا يَمْلِكُ بِالظُّهُورِ فَهُوَ مِلْكٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ لِأَنَّهُ لَوْ عَرَضَ خُسْرٌ جُبِرَ مِنْ الرِّبْحِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُسَاقِي) أَيْ فَإِنَّ عَمَلَهُ بِسَبَبِ مَالِ نَفْسِهِ وَهُوَ الثَّمَرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَالِكِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ بِأَنَّ أَهْلَ خَيْبَرَ كَانُوا مُسْتَأْمَنِينَ) أَيْ: وَالْمُعَامَلَةُ إنَّمَا تَحْتَمِلُ الْجَهَالَاتِ مَعَ الْحَرْبِيِّينَ

(قَوْلُهُ: رَادًّا بِهِ دَعْوَى شُمُولِ جَائِزِ التَّصَرُّفِ لِلْوَلِيِّ إلَخْ) وَجْهُ الرَّدِّ مِنْ ذَلِكَ الَّذِي فَهِمَهُ الشَّارِحُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ حَلِّهِ الْآتِي أَنَّ جَائِزَ التَّصَرُّفِ وَإِنْ كَانَ شَامِلًا فِي حَدِّ ذَاتِهِ لِلْوَلِيِّ إلَّا أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ هُنَا مَا قَابَلَ الْوَلِيَّ بِدَلِيلِ مُقَابَلَةِ الْمُصَنِّفِ لَهُ بِصِحَّتِهَا مِنْ الْوَلِيِّ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ بِالْوِلَايَةِ فَهُوَ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ، وَهُوَ مَجَازٌ لِعَلَاقَةَ الْكُلِّيَّةِ وَالْجُزْئِيَّةِ وَالْقَرِينَةُ عَلَيْهِ الْمُقَابَلَةُ الَّتِي قَرَّرْنَاهَا، هَذَا حَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مُرَادَ الْجَلَالِ بَلْ مُرَادُهُ مِنْ ذَلِكَ تَسْلِيمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ جَائِزُ التَّصَرُّفِ شَامِلٌ لِلْوَلِيِّ وَأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى عُمُومِهِ لَكِنْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ بَلْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ وَهُوَ الَّذِي قَدَّرَهُ مِنْ قَوْلِهِ لِنَفْسِهِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِ تَصِحُّ وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ حِينَئِذٍ: تَصِحُّ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ وَصِحَّتُهَا مِنْهُ لَا فَرْقَ فِيمَا بَيْنَ كَوْنِهَا لِنَفْسِهِ بِلَا وِقَايَةٍ وَبَيْنَ كَوْنِهَا لِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ بِالْوِلَايَةِ، وَحِينَئِذٍ فَحَقُّ الْحِلِّ لِلْمَتْنِ أَنْ يُقَالَ: تَصِحُّ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ لِنَفْسِهِ: أَيْ بِلَا وِلَايَةٍ، وَتَصِحُّ مِنْهُ لِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ بِالْوِلَايَةِ عَلَيْهِمْ.

وَاعْلَمْ أَنَّ لِنَفْسِهِ عَلَى مَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّصَرُّفِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ عَمَلَهُ فِي حَقِّ الْمَالِكِ) مُرَادُهُ بِعَمَلِهِ مُعَامَلَتُهُ لِلْغَيْرِ: أَيْ مُسَاقَاتُهُ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا وَإِلَّا فَهُوَ لَا عَمَلَ لَهُ فِي الثَّمَرَةِ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يُعَدَّ ذَلِكَ عُرْفًا غَبْنًا فَاحِشًا) اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ هَذَا الشَّرْطِ مَعَ أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّ الْأُجْرَةَ تَفِي بِمَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَبِقِيمَةِ الثَّمَرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَالُ

ص: 245

انْضِمَامِهِ لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ، وَكَوْنُهُ نَقْصًا مَجْبُورًا بِزِيَادَةٍ فِي الْأُجْرَةِ مَوْثُوقٌ بِهَا عَادَةً. وَرَدَّ الْبُلْقِينِيُّ لَهُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُمَا صَفْقَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ فَلَا تَنْجَبِرُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى مَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَرَى عُدُولَ النُّظَّارِ وَالْقُضَاةِ وَالْفُقَهَاءِ، يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَيَحْكُمُونَ بِهِ، وَبِأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا الْغَبْنَ فِي أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ لِاسْتِدْرَاكِهِ فِي الْآخَرِ لِتَعَيُّنِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى تَرْكِهَا ضَيَاعُ الشَّجَرِ وَالثَّمَرِ.

(وَمَوْرِدُهَا النَّخْلُ) وَلَوْ ذُكُورًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْخَفَّافُ. وَقَدْ يُنَازَعُ فِيهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَبِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى اخْتِيَارِهِ لِلْقَدِيمِ الْآتِي (وَالْعِنَبُ) لِلنَّصِّ فِي النَّخْلِ، وَأُلْحِقَ بِهِ الْعِنَبُ بِجَامِعِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَتَأَتَّى الْخَرْصُ وَلَمْ يُعَبِّرْ بِالْكَرْمِ بَدَلَ الْعِنَبِ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ تَسْمِيَتِهِ بِهِ، وَالْأَصَحُّ تَفْضِيلُ الرُّطَبِ عَلَى الْعِنَبِ خِلَافًا لِلرَّيْمِيِّ فِي التُّحْفَةِ (وَجَوَّزَهَا الْقَدِيمُ فِي سَائِرِ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ) كَتِينٍ وَتُفَّاحٍ لِوُرُودِهِ فِي الْخَبَرِ مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ وَلِعُمُومِ الْحَاجَةِ، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ، وَالْجَدِيدُ الْمَنْعُ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ فَتَخْتَصُّ بِمَوْرِدِهَا وَعَلَيْهِ تُمْتَنَعُ فِي الْمُقِلِّ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَتَصِحُّ عَلَى أَشْجَارٍ مُثْمِرَةٍ تَبَعًا لِلنَّخْلِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَيْنِهِ أَوْ ذِمَّتِهِ فَإِنَّ الثَّمَرَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى عَيْنِهِ لَا يُسَاقِي غَيْرُهُ أَوْ عَلَى ذِمَّتِهِ جَازَ كَمَا يَأْتِي، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ عَمِلَ فِي مَالِ نَفْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ أَنَّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى الْعَمَلِ مَا يَتَوَقَّعُهُ مِنْ الْمَالِ، فَلَا يُرَدُّ أَنَّ الثَّمَرَةَ قَدْ لَا تَكُونُ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ فَيَكُونُ عَمَلُهُ فِي مُدَّةِ عَدَمِ الثَّمَرَةِ فِي مَالِ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: مَوْثُوقٌ بِهَا عَادَةً) دَفَعَ بِهِ مَا قَدْ يُقَالُ: قَدْ يَعْرِضُ مَا يُوجِبُ انْفِسَاخَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَيَحْكُمُونَ بِهِ) أَيْ فَصَارَ كَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا الْغَبْنَ) قَدْ يُقَالُ: إنْ كَانَ الْحَالُ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَنْضَمَّ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ إلَى الْآخَرِ يَحْصُلُ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا أَكْثَرُ مِمَّا يَحْصُلُ مَعَ الِانْضِمَامِ، فَالْوَجْهُ امْتِنَاعُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ هَذَا الضَّمُّ حَصَلَ أَقَلَّ أَوْ تَعَطَّلَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ وَلَمْ يَرْغَبْ فِيهِ فَالْوَجْهُ جَوَازُ مَا ذُكِرَ بَلْ وُجُوبُهُ، وَقَدْ يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ لِتَعَيُّنِ الْمَصْلَحَةِ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ بِهِ الْخَفَّافُ) هُوَ صَاحِبُ الْخِصَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ) كَأَنَّ وَجْهَ هَذَا النَّفْيِ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِيهِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ وَإِمْكَانُ الْخَرْصِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا بِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ وَيُدْعَى شُمُولُ الثَّمَرِ فِي لَفْظِ النَّصِّ لِطَلْعِ الذُّكُورِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ بِنَاءُ هَذَا عَلَى الْقَدِيمِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ تَسْمِيَتِهِ بِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْكَرْمُ هُوَ الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: صَحَّ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام نَهَى عَنْ تَسْمِيَتِهِ كَرْمًا وَقَالَ: إنَّمَا الْكَرْمُ الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ. قِيلَ: وَجْهُ النَّهْيِ أَنَّ تَسْمِيَتَهَا بِذَلِكَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْخَمْرَ مِنْهَا يُحْمَلُ عَلَى الْكَرْمِ وَهَذِهِ الصِّفَةُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِلْمُؤْمِنِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وَجْهُ النَّهْيِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13](قَوْلُهُ: تَفْضِيلُ الرُّطَبِ عَلَى الْعِنَبِ) اُنْظُرْ مَعْنَى الْأَفْضَلِيَّةِ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ مِنْ الذَّوَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ مَحَلًّا لِعَمَلٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ثَوَابٌ أَوْ عِقَابٌ (قَوْلُهُ: الثَّمَرَةُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ عَلَى هَذَا أَنَّ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُثْمِرَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الثَّمَرَةُ مَوْجُودَةً كَمَا فِي النَّخْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ) قَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْخَبَرِ مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَى نَخْلِهَا مَصْرُوفٌ لِثَمَرِ النَّخْلِ فَلْيَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَتَخْتَصُّ بِمَوْرِدِهَا) هَذَا يَقْتَضِي مَنْعَ الْقِيَاسِ عَلَى الرُّخَصِ وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ كَمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ:

ــ

[حاشية الرشيدي]

يَخْتَلِفُ فِي الْمُسَاقَاةِ بَيْنَ أَنْ تَقَعَ مُنْضَمَّةً إلَى إجَارَةِ الْأَرْضِ وَبَيْنَ أَنْ تَقَعَ مُنْفَرِدَةً فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ صَدْرَ الْخَبَرِ عَلَى نَخْلِهَا وَأَرْضِهَا، ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ ابْنَ قَاسِمٍ سَبَقَ إلَى التَّوَقُّفِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي رَدِّهِ: لِدَلِيلِ الْقَدِيمِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِعُمُومِ الثَّمَرِ فِي الْخَبَرِ لَا بِالْقِيَاسِ، وَقَوْلُهُ: فَتَخْتَصُّ بِمَوْرِدِهَا.

قَدْ يُقَالُ: يَرِدُ عَلَيْهِ قِيَاسُ الْعِنَبِ، إلَى أَنْ قَالَ: عَلَى أَنَّ حَاصِلَ كَلَامِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ أَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ

ص: 246

وَالْعِنَبِ إذَا كَانَتْ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَثُرَتْ، وَإِنْ قَيَّدَهَا الْمَاوَرْدِيُّ بِالْقَلِيلَةِ، وَشَرَطَ الزَّرْكَشِيُّ بَحْثًا تَعَذَّرَ إفْرَادُهَا بِالسَّقْيِ نَظِيرَ الْمُزَارَعَةِ، وَعَلَيْهِ فَيَأْتِي هُنَا جَمِيعُ مَا يَأْتِي مِنْ اتِّحَادِ الْعَامِلِ وَمَا بَعْدَهُ. .

وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مَرْئِيًّا مُعَيَّنًا فَلَا تَصِحُّ عَلَى غَيْرِ مَرْئِيٍّ وَلَا مُنْبَهِمٍ كَإِحْدَى الْحَدِيقَتَيْنِ، وَلَا يَأْتِي فِيهِ خِلَافُ إحْدَى الصُّرَّتَيْنِ السَّابِقُ لِلُزُومِ الْمُسَاقَاةِ.

(وَلَا تَصِحُّ الْمُخَابَرَةُ) عَلَى مَا حُكِيَ مِنْ اتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ (وَهِيَ عَمَلُ الْأَرْضِ) أَيْ الْمُعَامَلَةُ عَلَيْهَا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَعَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَالْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ وَلَا الْمُزَارَعَةُ، وَهِيَ الْمُعَامَلَةُ وَالْبَذْرُ مِنْ الْمَالِكِ) لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُمَا وَلِسُهُولَةِ تَحْصِيلِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ بِالْإِجَارَةِ، وَاخْتَارَ جَمْعٌ جَوَازَهُمَا وَتَأَوَّلُوا الْأَخْبَارَ عَلَى مَا لَوْ شَرَطَ لِوَاحِدٍ زَرْعَ قِطْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلِآخَرَ أُخْرَى، وَاسْتَدَلُّوا بِعَمَلِ عُمَرَ رضي الله عنه وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَيُرَدُّ بِأَنَّهَا وَقَائِعُ فِعْلِيَّةٌ تُحْتَمَلُ فِي الْمُزَارَعَةِ لِكَوْنِهَا تَبَعًا وَفِيهَا وَفِي الْمُخَابَرَةِ لِكَوْنِهَا إحْدَى الطُّرُقِ الْآتِيَةِ، وَمَنْ زَارَعَ عَلَى أَرْضٍ بِجُزْءٍ مِنْ الْغَلَّةِ فَعَطَّلَ بَعْضَهَا لَزِمَهُ أُجْرَتُهُ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ، لَكِنْ غَلَّطَهُ فِيهِ التَّاجُ الْفَزَارِيّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَلَوْ تَرَكَ الْفَلَّاحُ السَّقْيَ مَعَ صِحَّةِ الْمُعَامَلَةِ حَتَّى فَسَدَ الزَّرْعُ ضَمِنَهُ، لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ وَعَلَيْهِ حِفْظُهُ.

(فَلَوْ كَانَ)(بَيْنَ النَّخْلِ) أَوْ الْعِنَبِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلَ الشَّارِحِ فَيَخْتَصُّ قَدْ يَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ قِيَاسِ الْعِنَبِ عَلَى النَّخْلِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ تَخْتَصُّ بِمَوْرِدِهَا مَا لَمْ يُوجَدْ مَانِعٌ قَوِيٌّ كَمَا مَرَّ فِي قِيَاسِ الْعِنَبِ مِنْ كَوْنِهِ زَكَوِيًّا وَيَتَأَتَّى الْخَرْصُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ الْجَدِيدُ (قَوْلُهُ: فِي الْمُقِلِّ) أَيْ الدَّوْمُ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ النَّخْلِ أَوْ الْعِنَبِ. قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي قَوْلِهِ بَعْدُ: وَلَوْ كَانَ بَيْنَ النَّخْلِ إلَخْ: أَيْ بِأَنْ تَشْتَمِلَ الْحَدِيقَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُحِطْ بِهِ الشَّجَرُ اهـ. وَيَأْتِي نَظِيرُهُ هُنَا (قَوْلُهُ: فَيَأْتِي هُنَا جَمِيعُ مَا يَأْتِي) مِنْهُ كَمَا سَيَأْتِي أَنْ لَا يُقَدِّمَ الْمُزَارَعَةَ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَقِبَ الْمُسَاقَاةِ فَيَشْتَرِطُ هُنَا أَنْ تَتَأَخَّرَ الْمُسَاقَاةُ عَنْ تِلْكَ الْأَشْجَارِ عَنْ الْمُسَاقَاةِ مَعَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ، فَلَوْ اشْتَمَلَ الْبُسْتَانُ مَعَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ عَلَى غَيْرِهِمَا فَقَالَ سَاقَيْتُك عَلَى أَشْجَارِ هَذَا الْبُسْتَانِ لَمْ يَصِحَّ لِلْمُقَارَنَةِ وَعَدَمِ التَّأْخِيرِ فَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى حَجّ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي وَأَنْ لَا يُقَدِّمَ الْمُزَارَعَةَ الصِّحَّةُ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَقِبَهَا إلَخْ لِجَوَازِ أَنَّ ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ التَّصْوِيرِ لِتَعَذُّرِ جَمْعِهِمَا فِي عِبَارَةٍ وَاحِدَةٍ لِتَغَايُرِ حَقِيقَتِهِمَا، بِخِلَافِ مَا هُنَا إذْ يَجْمَعُ الْكُلُّ الشَّجَرَ. لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الْمَنْهَجِ وَقُدِّمَتْ الْمُسَاقَاةُ أَنَّ الْمُقَارَنَةَ مُمْتَنِعَةٌ وَسَيَأْتِي عَنْ سم مَا يَشْهَدُ لَهُ.

(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مَرْئِيًّا) أَيْ فَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ أَعْمَى وَكَّلَ مَنْ يَعْقِدُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: كَإِحْدَى الْحَدِيقَتَيْنِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ عُيِّنَتْ فِي الْمَجْلِسِ، وَتَفَارَقَ الصِّحَّةَ فِي تَعْيِينِ إحْدَى الصُّرَّتَيْنِ بِمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ مِنْ لُزُومِ الْمُسَاقَاةِ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ.

(قَوْلُهُ: لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ) صِيغَةُ النَّهْيِ الْوَارِدِ فِي الْمُخَابَرَةِ كَمَا فِي الدَّمِيرِيِّ نَقْلًا عَنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُد «مَنْ لَمْ يَذَرْ الْمُخَابَرَةَ فَلْيَأْذَنْ بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ» (قَوْلُهُ: فَعَطَّلَ بَعْضَهَا) أَيْ بِلَا زَرْعٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ) وَخَرَجَ بِالْمُزَارَعَةِ الْمُخَابَرَةُ فَيَضْمَنُ وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم كَأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْمُخَابَرَةَ فِي مَعْنَى مُسْتَأْجِرِ الْأَرْضِ فَيَلْزَمُهُ أُجْرَتُهَا وَإِنْ عَطَّلَهَا، بِخِلَافِ الْمُزَارِعِ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى الْأَجِيرِ عَلَى عَمَلٍ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا عَطَّلَ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ مَنْفَعَتَهَا وَلَا بَاشَرَ إتْلَافَهَا فَلَا وَجْهَ لِلُّزُومِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: حَتَّى فَسَدَ الزَّرْعُ) أَيْ أَوْ الثَّمَرَةُ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) هَذَا لَا يَشْكُلُ عَلَى مَا قَالَهُ التَّاجُ الْفَزَارِيّ، لِأَنَّ الْأَجِيرَ ثَمَّ لَمْ يَتَعَدَّ وَلَمْ يُفْرِطْ بِمَا تَفْسُدُ بِهِ الْعَيْنُ الَّتِي فِي يَدِهِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ تَرَكَ الْعَمَلَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَا يُوجِبُ ضَمَانَ أُجْرَةٍ وَلَا غَيْرِهَا بِخِلَافِهِ هُنَا، لِأَنَّهُ فَرَّطَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْقِيَاسِ فِي الرُّخَصِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ

(قَوْلُهُ: وَيَرُدُّ بِأَنَّهَا وَقَائِعُ) أَيْ وَبِأَنَّ فِعْلَ الصَّحَابِيِّ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهَا تَبَعًا) الْأَوْلَى إسْقَاطُ اللَّامِ، وَالشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ إنَّمَا ذَكَرَهَا لِأَنَّ عِبَارَتَهُ: وَيَرُدُّ بِأَنَّهَا وَقَائِعُ فِعْلِيَّةٌ مُحْتَمَلَةٌ فِي الْمُزَارَعَةِ لِكَوْنِهَا تَبَعًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَعَطَّلَ بَعْضَهَا) يَعْنِي الْعَامِلَ (قَوْلُهُ: مَعَ صِحَّةِ الْمُعَامَلَةِ) أَيْ بِخِلَافِهِ مَعَ فَسَادِهَا

ص: 247

(بَيَاضٌ) أَيْ أَرْضٌ لَا زَرْعَ فِيهَا وَلَا شَجَرَ (صَحَّتْ الْمُزَارَعَةُ عَلَيْهِ مَعَ الْمُسَاقَاةِ عَلَى النَّخْلِ) أَوْ الْعِنَبِ تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ لِعُسْرِ الْإِفْرَادِ وَعَلَيْهِ حَمْلُ مَا مَرَّ مِنْ مُعَامَلَةِ أَهْلِ خَيْبَرَ عَلَى شَطْرِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ (بِشَرْطِ اتِّحَادِ الْعَامِلِ) أَيْ لَا يَكُونُ مَنْ سَاقَاهُ غَيْرَ مَنْ زَارَعَهُ وَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّدًا لِأَنَّ إفْرَادَهَا بِعَامِلٍ يُخْرِجُهَا عَنْ التَّبَعِيَّةِ (وَعَسُرَ) هُوَ مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا بِالتَّعَذُّرِ كَتَعْبِيرِ آخَرِينَ بِعَدَمِ الْإِمْكَانِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ الْآتِي وَإِنَّ كَثِيرَ الْبَيَاضِ كَقَلِيلِهِ فَتَعَيَّنَ حَمْلُ التَّعَذُّرِ عَلَى مَا قُلْنَاهُ (إقْرَارُ النَّخْلِ بِالسَّقْيِ) وَإِفْرَادُ (الْبَيَاضِ بِالْعِمَارَةِ) أَيْ الزِّرَاعَةِ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ تَعَسُّرِ أَحَدِهِمَا.

(وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُفْصَلَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ بِخَطِّهِ أَيْ لَا يُفْصَلُ الْعَاقِدَانِ (بَيْنَهُمَا) أَيْ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ التَّابِعَةِ بَلْ يَأْتِي بِهِمَا عَلَى الِاتِّصَالِ لَتَحْصُلَ التَّبَعِيَّةُ، وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْعَقْدِ، فَلَوْ قَالَ سَاقَيْتُك عَلَى النِّصْفِ فَقَبِلَ ثُمَّ زَارَعَهُ عَلَى الْبَيَاضِ لَمْ تَصِحَّ الْمُزَارَعَةُ لِأَنَّ تَعَدُّدَهُ يُزِيلُ التَّبَعِيَّةَ. وَالثَّانِي يَجُوزُ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا لِحُصُولِهِمَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ.

(وَ) الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ (أَنْ لَا)(تُقَدَّمَ الْمُزَارَعَةُ) عَلَى الْمُسَاقَاةِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَقِبَهَا إذْ التَّابِعُ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى مَتْبُوعِهِ. وَالثَّانِي يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا وَتَكُونُ مَوْقُوفَةً إنْ سَاقَاهُ بَعْدَهَا بَانَ صِحَّتُهَا وَإِلَّا فَلَا، وَاشْتَرَطَ الدَّارِمِيُّ بَيَانَ مَا يُزْرَعُ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ، وَبِهِ فَارَقَ عَدَمَ اشْتِرَاطِ بَيَانِهِ فِي الْإِجَارَةِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ)(كَثِيرَ الْبَيَاضِ) بِأَنْ اتَّسَعَ مَا بَيْنَ مَغَارِسِ الشَّجَرِ (كَقَلِيلِهِ) لِأَنَّ الْغَرَضَ تَعَسُّرُ الْإِفْرَادِ، وَالْحَاجَةُ لَا تَخْتَلِفُ، وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ الْكَثِيرَ لَا يَكُونُ تَابِعًا.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي الْعَيْنِ الَّتِي عَلَيْهِ حَفِظَهَا بِتَرْكِ السَّقْيِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ حَمْلُ مَا مَرَّ إلَخْ) لَكِنَّ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دَفَعَ لَهُمْ بَذْرًا. وَعَلَيْهِ فَقِصَّةُ خَيْبَرَ إنَّمَا هِيَ مُخَابَرَةٌ، وَسَيَأْتِي أَنَّهَا لَا تَصِحُّ تَبَعًا وَلَا اسْتِقْلَالًا. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْحَدِيثُ سِيقَ لِأَصْلِ الْمُسَاقَاةِ فَتَثْبُتُ بِهِ. وَأَمَّا كَوْنُهُ ظَاهِرًا فِي الْمُخَابَرَةِ فَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُزَارَعَةِ وَأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَعْطَاهُمْ بَذْرًا وَأَمَرَ مَنْ يُعْطِيهِمْ. وَالْجَوَابُ يَكْفِي فِيهِ الِاحْتِمَالُ وَيُجْعَلُ هَذَا جَوَابًا عَنْ كَوْنِهِ مُخَابَرَةً لَا يَرُدُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ جَعْلُهُ دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ الْمُزَارَعَةِ لِاسْتِدْلَالِ الشَّارِحِ عَلَى جَوَازِهَا لِعُسْرِ الْإِفْرَادِ (قَوْلُهُ: عَلَى شَطْرِ الثَّمَرَةِ) أَيْ نِصْفِهَا. فَفِي الْمُخْتَارِ شَطْرُ الشَّيْءِ نِصْفُهُ. بِخِلَافِ تَعَسُّرِ أَحَدِهِمَا: أَيْ كَأَنْ أَمْكَنَ إفْرَادُ الْأَرْضِ بِالزِّرَاعَةِ وَعَسُرَ إفْرَادُ النَّخْلِ بِالسَّقْيِ فَلَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ تَبَعًا وَيَتَعَيَّنُ إفْرَادُ النَّخْلِ بِالْمُسَاقَاةِ إنْ أَرَادَهَا.

(قَوْلُهُ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَفْصِلَ) قَدْ يُقَالُ: اشْتِرَاطُ اتِّحَادِ الْعَقْدِ يُغْنِي عَنْ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْفَصْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ: إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ الْفَصْلُ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ نَحْوِهِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ سَاقَيْتُك عَلَى النِّصْفِ) صَوَابُهُ عَلَى الشَّجَرِ لِيُقَابِلَ قَوْلَهُ عَلَى الْبَيَاضِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالنِّصْفِ أَحَدَ النَّوْعَيْنِ.

(قَوْلُهُ: أَنْ لَا تُقَدَّمَ الْمُزَارَعَةُ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: لَوْ أُخِّرَتْ الْمُزَارَعَةُ لَكِنْ فُصِلَ الْقَابِلُ فِي الْقَبُولِ وَقَدَّمَهَا كَقَبِلْت الْمُزَارَعَةَ وَالْمُسَاقَاةَ لَمْ يَبْعُدْ الْبُطْلَانُ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ شُمُولُ الْمَتْنِ لِذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ أَنْ لَا يُقَدَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمُزَارَعَةِ لَا فِي الْإِيجَابِ وَلَا فِي الْقَبُولِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ قَدَّمَهَا الْمَالِكُ وَأَجْمَلَهَا الْعَامِلُ كَقَوْلِهِ قَبِلْتهمَا بَعْدَ قَوْلِ الْمَالِكِ سَاقَيْتُك وَزَارَعْتُكَ وَالظَّاهِرُ فِيهِ الصِّحَّةُ لِأَنَّ الضَّمِيرَ حِكَايَةٌ لِلظَّاهِرِ قَبْلَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ قَبِلْت الْمُسَاقَاةَ وَالْمُزَارَعَةَ فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ حُكْمًا فِي كَلَامِهِ وَقَبْلُ أَيْضًا.

[فَرْعٌ] قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَالْمُعَامَلَةُ تَشْمَلُهُمَا: أَيْ الْمُزَارَعَةَ وَالْمُسَاقَاةَ، فَإِنْ قَالَ عَامَلْتُك عَلَى النَّخْلِ وَالْبَيَاضِ بِالنِّصْفِ جَازَ. وَكَذَا لَوْ جَعَلَ أَحَدَهُمَا أَقَلَّ أَوْ شَرَطَ الْبَقَرَ عَلَى الْعَامِلِ اهـ. وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَامَلْتُك عَلَى هَذَيْنِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

إذْ لَا يَلْزَمُهُ عَمَلٌ وَقَدْ بَذَرَ الْبَذْرَ بِالْإِذْنِ

(قَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ سَاقَيْتُكَ عَلَى النِّصْفِ) أَيْ: مِنْ ثَمَرَةِ هَذَا الشَّجَرِ الْمُعَيَّنِ كَمَا هُوَ وَضْعُ الْمُسَاقَاةِ.

فَسَقَطَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ قَوْلِهِ إنَّ الصَّوَابَ أَنْ يَقُولَ عَلَى الشَّجَرِ بَدَلَ قَوْلِهِ عَلَى النِّصْفِ انْتَهَى.

عَلَى أَنَّ الْأَصْوَبَ مَا فِي الشَّرْحِ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ الْجُزْءِ الْمُشْتَرَطِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا مَرَّ،

ص: 248

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ)(تَسَاوِي الْجُزْءِ الْمَشْرُوطِ مِنْ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ) فَيَجُوزُ شَرْطُ نِصْفِ الزَّرْعِ وَرُبُعِ الثَّمَر مَثَلًا لِلْعَامِلِ، لِأَنَّ الزِّرَاعَةَ إنْ كَانَتْ تَابِعَةً هِيَ فِي حُكْمِ عَقْدٍ مُسْتَقِلٍّ، وَكَوْنُ التَّفَاصُلِ يُزِيلُ التَّبَعِيَّةَ مِنْ أَصْلِهَا مَمْنُوعٌ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَإِزَالَتِهِ لَهَا فِي بِعْتُك الشَّجَرَةَ بِعَشَرَةٍ، وَالثَّمَرَةَ بِخَمْسَةٍ، حَتَّى يَحْتَاجَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لِشَرْطِ الْقَطْعِ عَلَى مَا مَرَّ بِأَنَّ الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّهِ غَيْرُ صَالِحَةٍ إجْمَاعًا لِإِيرَادِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَحْدَهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ، فَاحْتَاجَتْ لِمَتْبُوعٍ قَوِيٍّ، وَلَا كَذَلِكَ الْبَيَاضُ هُنَا لِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الْمُزَارَعَةِ مُسْتَقِلَّةً عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا أَنْ يَلْحَقَ بِالْبَيَاضِ فِيمَا مَرَّ زَرْعٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ التَّفَاضُلَ يُزِيلُ التَّبَعِيَّةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ رَدُّهُ.

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَابَرَ تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ) لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ. وَالثَّانِي تَجُوزُ كَالْمُزَارَعَةِ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ فِي مَعْنَى الْمُسَاقَاةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْعَامِلِ فِيهَا إلَّا الْعَمَلُ بِخِلَافِ الْمُخَابَرَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَيْهِ الْبَذْرُ وَالْعَمَلُ (فَإِنْ أُفْرِدَتْ أَرْضٌ بِالزِّرَاعَةِ فَالْمُغَلُّ لِلْمَالِكِ) لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ (وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَدَوَابِّهِ وَآلَاتِهِ) إنْ كَانَتْ لَهُ وَسَلِمَ الزَّرْعُ لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ وَلَا يُمْكِنُ إحْبَاطُ عَمَلِهِ مَجَّانًا، أَمَّا إذَا لَمْ يَسْلَمْ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ عَلَى مَا أَخَذَهُ مِنْ تَصْوِيبِ الْمُصَنِّفِ لِكَلَامِ الْمُتَوَلِّي فِي نَظِيرِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ فِيمَا إذَا تَلِفَ الزَّرْعُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لِلْمَالِكِ شَيْءٌ. وَرُدَّ بِأَنَّ قِيَاسَهُ عَلَى الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ أَقْرَبُ لِاتِّحَادِ الْبَابَيْنِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ، فَالْعَامِلُ هُنَا أَشْبَهُ فِي الْقِرَاضِ مِنْ الشَّرِيكِ، وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَامِلِ وَالشَّرِيكِ أَنَّ الشَّرِيكَ يَعْمَلُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَاحْتِيجَ فِي وُجُوبِ أُجْرَتِهِ لِوُجُودِ نَفْعِ شَرِيكِهِ بِخِلَافِ الْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ، أَوْ أُفْرِدْت بِالْمُخَابَرَةِ فَالْمُغَلُّ لِلْعَامِلِ لِأَنَّ الزَّرْعَ تَابِعٌ لِلْبَذْرِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ لِمُسْتَحِقِّهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مُشِيرًا إلَى النَّخْلِ وَالْبَيَاضِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْمُقَارَنَةَ تُنَافِي التَّبَعِيَّةَ كَالتَّقَدُّمِ: أَيْ لِمَا يُزْرَعُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا) قَدْ يُقَالُ الْمُزِيلُ لَهَا هُنَا لَيْسَ هُوَ التَّفَاضُلُ بِدَلِيلِ الِاحْتِيَاجِ إلَى شَرْطِ الْقَطْعِ وَإِنْ تَسَاوَى الثَّمَنَانِ أَوْ زَادَ ثَمَنُ الثَّمَرِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، بَلْ الْمُزِيلُ التَّفْصِيلُ لِلثَّمَنِ الْمُوجِبِ لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُفَاضَلَةَ مُسْتَلْزِمَةٌ لِتَفْصِيلِ مَالِ الْعَامِلِ فَكَانَ كَتَفْصِيلِ الثَّمَنِ فَاحْتِيجَ لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَإِزَالَتِهِ) أَيْ التَّفَاضُلِ لَهَا أَيْ التَّبَعِيَّةِ (قَوْلُهُ فَاحْتَاجَتْ لِمَتْبُوعٍ قَوِيٍّ) أَيْ وَهُوَ الشَّجَرُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُفْرِدَ الثَّمَرَ بِثَمَنٍ (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ) أَيْ فِي الصِّحَّةِ تَبَعًا.

(قَوْلُهُ: وَسَلِمَ الزَّرْعُ) أَيْ عَنْ التَّلَفِ لِجَمِيعِهِ، فَلَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ اسْتَحَقَّ مِنْ الْأَرْضِ بِقِسْطِ مَا سَلِمَ، ثُمَّ ظَاهِرُ اعْتِبَارِ التَّلَفِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتْلَفْ لَكِنْ وُجِدَ مَعِيبًا رَدِيئًا جِدًّا بِحَيْثُ يَكُونُ الْحَاصِلُ مِنْهُ تَافِهًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ أُجْرَةَ مِثْلِ عَمَلِهِ كَامِلَةً (قَوْلُهُ: لِاتِّحَادِ الْبَابَيْنِ) أَيْ فَقُلْنَا بِاسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ الْأُجْرَةَ فِي الْبَابَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ بِخِلَافِ الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ نَفْعِ شَرِيكِهِ) أَيْ وَهُوَ الرِّبْحُ، فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحُ الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُبَاشِرُ لِلْعَمَلِ فِيهَا مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أُجْرَةً (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِقَلْعِ الزَّرْعِ قَبْلَ أَوَانِ الْحَصَادِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إنَّمَا زَرَعَ بِالْإِذْنِ. فَخُصُوصُ الْمُخَابَرَةِ وَإِنْ بَطَلَ بَقِيَ عُمُومُ الْإِذْنِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ عَنْ الْبَغَوِيّ فِيمَا لَوْ غَرَسَ فِي الْأَرْضِ الْمَقْبُوضَةِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ أَوْ بَنَى مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْلَعُ مَجَّانًا بَلْ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ تَمَلُّكِهِ بِالْقِيمَةِ وَبَيْنَ قَلْعِهِ وَغَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ وَبَيْنَ التَّبْقِيَةِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، لِكَوْنِهِ إنَّمَا فَعَلَ بِالْإِذْنِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ، لَكِنْ تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ، وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَأَمَّا ذِكْرُ الشَّجَرِ فَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ لَفْظِ سَاقَيْتُكَ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَإِزَالَتِهِ لَهَا فِي بِعْتُكَ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يُقَالُ الْمُزِيلُ لَهَا هُنَا لَيْسَ هُوَ التَّفَاضُلُ بِدَلِيلِ الِاحْتِيَاجِ إلَى شَرْطِ الْقَطْعِ، وَإِنْ تَسَاوَى الثَّمَنَانِ أَوْ زَادَ ثَمَنُ الثَّمَرَةِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، بَلْ الْمُزِيلُ التَّفْصِيلُ لِلثَّمَنِ الْمُوجِبُ لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ انْتَهَى.

ص: 249

وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ لَهُمَا فَالْغَلَّةُ لَهُمَا، وَلِكُلٍّ عَلَى الْآخَرِ أُجْرَةُ مَا صَرَفَهُ مِنْ مَنَافِعِهِ عَلَى حِصَّةِ صَاحِبِهِ (وَطَرِيقُ جَعْلِ الْغَلَّةِ لَهُمَا وَلَا أُجْرَةَ) فِي إفْرَادِ الْمُزَارَعَةِ (أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ) أَيْ الْمَالِكُ الْعَامِلَ (بِنِصْفِ الْبَذْرِ) شَائِعًا (لِيَزْرَعَ لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ) فِي الْأَرْضِ (وَيُعِيرَهُ نِصْفَ الْأَرْضِ) شَائِعًا (أَوْ يَسْتَأْجِرَهُ بِنِصْفِ الْبَذْرِ وَنِصْفِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ) شَائِعًا (لِيَزْرَعَ لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ) مِنْ الْبَذْرِ (فِي النِّصْفِ الْآخَرَ مِنْ الْأَرْضِ) فَيَشْتَرِكَانِ فِي الْغَلَّةِ مُنَاصَفَةً، وَلَا أُجْرَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَسْتَحِقُّ مِنْ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ بِقَدْرِ نَصِيبه مِنْ الزَّرْعِ، وَالْمَالِكُ يَسْتَحِقُّ مِنْ مَنْفَعَةِ الْعَامِلِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ مِنْ الزَّرْعِ، وَتُفَارِقُ الْأُولَى هَذِهِ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ ثَمَّ عَيْنٌ وَهُنَا عَيْنٌ وَمَنْفَعَةٌ، وَثَمَّ يَتَمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ وَيَأْخُذُ الْأُجْرَةَ وَهُنَا لَا يَتَمَكَّنُ، وَلَوْ فَسَدَ مَنْبَتُ الْأَرْضِ فِي الْمُدَّةِ لَزِمَهُ قِيمَةُ نِصْفِهَا هُنَاكَ لَا هُنَا لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ مَضْمُونَةٌ. وَمِنْ الطُّرُقِ أَيْضًا أَنْ يُقْرِضَهُ نِصْفَ الْبَذْرِ وَيُؤَجِّرَهُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ عَمَلِهِ وَنِصْفِ مَنَافِعِ آلَتِهِ، فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْعَامِلُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ الْبَذْرِ وَنِصْفِ عَمَلِهِ وَآلَاتِهِ، وَيُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْإِجَارَاتِ وُجُودُ جَمِيعِ شُرُوطِهَا الْآتِيَةِ.

وَلَوْ أَذِنَ لِغَيْرِهِ فِي زَرْعِ أَرْضِهِ فَحَرَثَهَا وَهَيَّأَهَا لِلزِّرَاعَةِ فَزَادَتْ قِيمَتُهَا بِذَلِكَ فَأَرَادَ رَهْنَهَا وَبَيْعَهَا مَثَلًا مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْعَامِلِ لَمْ يَصِحَّ لِتَعَذُّرِ الِانْتِفَاعِ بِهَا بِدُونِ ذَلِكَ الْعَمَلِ الْمُحْتَرَمِ فِيهَا، وَلِأَنَّهَا صَارَتْ مَرْهُونَةً فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ الَّذِي زَادَتْ بِهِ قِيمَتُهَا، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ لِنَحْوِ الْقَصَّارِ حَبْسَ الثَّوْبِ لِرَهْنِهِ بِأُجْرَتِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهَا، وَلِلْغَاصِبِ إذَا غَرِمَ قِيمَةَ الْحَيْلُولَةِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَغْصُوبَ حَبْسَهُ حَتَّى يَرُدَّ لَهُ مَا غَرِمَهُ عَلَى مَا مَرَّ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ خِلَافَهُ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْفَاسِدِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ لَهُ هُنَا فِي الزَّرْعِ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ بَيْنَهُمَا كَانَ إذْنًا فِي الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْإِذْنُ مَقْصُودًا بِالذَّاتِ، فَإِذَا بَطَلَ الْعَقْدُ مِنْ حَيْثُ خُصُوصِ الْمُخَابَرَةِ بَقِيَ مُطْلَقُ الْإِذْنِ فَأَشْبَهَ جَوَازَ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ بِعُمُومِ الْإِذْنِ وَإِنْ بَطَلَ خُصُوصُ الْوَكَالَةِ وَالْمَقْصُودُ فِي الْبَيْعِ نَقْلُ الْمِلْكِ فِي الْأَرْضِ لِلْمُشْتَرِي، فَإِذَا بَطَلَ بَطَلَ تَوَابِعُهُ لِأَنَّ انْتِفَاعَ الْمُشْتَرِي بِهِ لَيْسَ مَبْنِيًّا إلَّا عَلَى انْتِقَالِ مِلْكِ الْأَرْضِ مَعَ انْتِقَالِ مَنْفَعَتِهَا لَهُ، فَإِذَا بَطَلَا لَمْ يَبْقَ لِانْتِفَاعِهِ بِالْأَرْضِ جِهَةً مُجَوِّزَةً لِيَزْرَعَ لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ جَوَازُ إجَارَةِ الْمُشَاعِ اهـ حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ عَلَى الْآخَرِ أُجْرَةُ مَا صَرَفَهُ) أَيْ حَيْثُ سَلِمَ الزَّرْعُ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْمُتَوَلِّي لِأَنَّ هَذِهِ الْآنَ شَرِكَةٌ فَاسِدَةٌ (قَوْلُهُ: وَتُفَارِقُ الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ، وَقَوْلُهُ هَذِهِ هِيَ قَوْلُهُ أَوْ يَسْتَأْجِرُهُ بِنِصْفِ الْبَذْرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَسَدَ مَنْبَتٌ) أَيْ فَسَدَ بِغَيْرِ سَبَبِ الزِّرَاعَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: هُنَاكَ) أَيْ فِي الْأَوْلَى وَقَوْلُهُ لَا هُنَا أَيْ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْجَرُهُ نِصْفَ الْأَرْضِ) أَيْ وَيَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْعَامِلِ، فَإِنْ تَلِفَتْ بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ فَلَا ضَمَانَ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ الْمُسْتَأْجَرَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ) بَيَّنَ بِهِ الطَّرِيقَ الْمُصَحَّحَ لِلْمُخَابَرَةِ تَتْمِيمًا لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمَحَلِّيُّ: وَإِنْ أُفْرِدَتْ الْأَرْضُ بِالْمُخَابَرَةِ فَالْمُغَلُّ لِلْعَامِلِ وَلِمَالِكِ الْأَرْضِ عَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا، وَطَرِيقُ جَعْلِ الْمُغَلِّ لَهُمَا وَلَا أُجْرَةَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْعَامِلُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ الْبَذْرِ إلَخْ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَنِصْفِ عَمَلِهِ وَآلَاتِهِ) أَوْ مِنْهُمَا مِمَّنْ طُرُقُهُ أَنْ يُؤْجَرَهُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ مَنَافِعِ عَمَلِهِ وَآلَاتِهِ اهـ حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَذِنَ لِغَيْرِهِ) أَيْ اسْتَأْجَرَهُ الْمَالِكُ لِيَزْرَعَ لَهُ وَلَوْ إجَارَةً فَاسِدَةً أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَلِأَنَّهَا صَارَتْ مَرْهُونَةً (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا صَارَتْ مَرْهُونَةً) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هُنَاكَ مُعَامَلَةً اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ خِلَافَهُ) أَيْ فِي الْغَاصِبِ فَقَطْ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ فَسَدَ مَنْبَتٌ) أَيْ: بِغَيْرِ الزَّرْعِ

(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا صَارَتْ مَرْهُونَةً) قَالَ الشِّهَابُ سم: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هُنَاكَ مُعَامَلَةً انْتَهَى: أَيْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ وَلَوْ أَذِنَ لِغَيْرِهِ فِي زَرْعِ أَرْضِهِ: أَيْ مُزَارِعِهِ فَلْيُرَاجَعْ.

ص: 250