الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَمَا أَفْهَمهُ كَلَامُهُ، وَمَحِلُّهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عِنْدَ وُجُودِ الْحَاكِمِ وَإِلَّا قَامَ كَمَا فِي هَرَبِ الْجِمَالِ وَنَظَائِرِهِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ، وَاسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ فِي غُرُرِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَبِفَرْضِ اعْتِمَادِ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَإِنَّمَا يَظْهَرُ إنْ غَلَبَ الْمُشْتَرِي أَوْ امْتَنَعَ مِنْ أَخْذِ الثَّمَنِ.
وَالثَّانِي لَا يَمْلِكُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِذِمَّتِهِ، وَإِذَا مَلَكَ الشِّقْصَ بِغَيْرِ تَسْلِيمٍ لَمْ يَتَسَلَّمْهُ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ، فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهِ أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يُحْضِرْهُ فَسَخَ الْحَاكِمُ مِلْكَهُ (وَلَا يَتَمَلَّكُ شِقْصًا لَمْ يَرَهُ الشَّفِيعُ) تَنَازَعَهُ الْفِعْلَانِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) بِنَاءٌ عَلَى بُطْلَانِ بَيْعِ الْغَائِبِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي مَنْعُ الشَّفِيعِ مِنْ الرُّؤْيَةِ.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ قَهْرِيٌّ لَا يُنَاسِبُهُ إثْبَاتُ الْخِيَارِ فِيهِ.
فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَدَلِ الشِّقْصِ الَّذِي يُؤْخَذُ بِهِ
وَالِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَكَيْفِيَّةِ أَخْذِ الشُّرَكَاءِ إذَا تَعَدَّدُوا أَوْ تَعَدَّدَ الشِّقْصُ (إنْ اشْتَرَى بِمِثْلِيٍّ) كَبَّرَ وَنَقَدَ (أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِمِثْلِهِ) إنْ تَيَسَّرَ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى حَقِّهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ حَالَ الْأَخْذِ فَبِقِيمَتِهِ، وَلَوْ قَدَّرَ الْمِثْلَ بِغَيْرِ مِعْيَارِهِ الشَّرْعِيِّ كَقِنْطَارِ حِنْطَةٍ أَخَذَهُ بِوَزْنِهِ، وَلَوْ تَرَاضَيَا عَنْ دَنَانِيرَ حَصَلَ الْأَخْذُ بِهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَإِلَّا قَامَ) أَيْ الْإِشْهَادُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ خِلَافًا) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَا يَقُومُ الْإِشْهَادُ مَقَامَ الْحَاكِمِ عِنْدَ فَقْدِهِ، وَيُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ إلَى حُضُورِ الْحَاكِمِ حَيْثُ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ قَبْضِ الثَّمَنِ وَلَمْ يَتَأَتَّ لِلشَّفِيعِ وَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ.
[فَرْعٌ] الشَّفِيعُ يَرُدُّ بِالْعَيْبِ أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَا يَتَصَرَّفُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ سَلَّمَ الثَّمَنَ، فَإِنْ قَبَضَهُ بِالْإِذْنِ وَأَفْلَسَ رَجَعَ فِيهِ الْمُشْتَرِي: أَيْ كَمَا فِي الْبَيْعِ رَوْضٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَسَلَّمْهُ) أَيْ الشِّقْصَ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُؤَدِّيَهُ) أَيْ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيْ غَيْرَ يَوْمِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: تَنَازَعَهُ الْفِعْلَانِ) هُمَا يَتَمَلَّكُ وَيَرَى.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ بَدَلِ الشِّقْصِ
(قَوْلُهُ: وَنَقْدٍ) أَيْ وَلَوْ مَغْشُوشًا حَيْثُ رَاجَ (قَوْلُهُ: أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِمِثْلِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الْمِثْلِ بِأَنْ اشْتَرَى دَارًا بِمَكَّةَ بِحَبٍّ غَالٍ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهَا بِمِصْرَ بِقَدْرِ ذَلِكَ الْحَبِّ وَإِنْ رَخُصَ جِدًّا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ هُوَ الَّذِي لَزِمَ بِالْعَقْدِ م ر.
وَانْظُرْ فِي عَكْسِ الْمِثَالِ هَلْ يَرْجِعُ لِقِيمَةِ بَلَدِ الْعَقْدِ كَمَا فِي الْقَرْضِ وَالْغَصْبِ اهـ سم عَلَى حَجّ؟ أَقُولُ: لَا وَجْهَ لِلتَّرَدُّدِ فِي عَكْسِ الْمِثَالِ مَعَ تَسْلِيمِ الشِّقِّ الْأَوَّلِ، بَلْ قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنَّ قِيَاسَ الْغَصْبِ وَالْقَرْضِ وَالسَّلَمِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَحِلِّ الْعَقْدِ حَيْثُ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ حَيْثُ ظَفِرَ بِهِ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ.
وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَنَذْكُرُهُ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ بَلْ هُوَ صَرِيحٌ فِيهِ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَكْسِ الْمِثَالِ فِي كَلَامِهِ أَنَّهُ اشْتَرَى بِمِثْلِيٍّ بِمَحِلٍّ رَخِيصٍ ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ بِمَحِلٍّ قِيمَةُ الْمِثْلِيِّ فِيهِ أَكْثَرُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ اشْتَرَى بِمُتَقَوِّمٍ بِمَحِلٍّ قِيمَتُهُ كَثِيرَةٌ ثُمَّ ظَفِرَ بِمَحِلٍّ قِيمَتُهُ دُونَ مَحِلِّ الشِّرَاءِ وَفِي كِلَيْهِمَا مَا مَرَّ، وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ هَلْ يَرْجِعُ لِقِيمَةِ بَلَدِ الْعَقْدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ تَيَسَّرَ) أَيْ بِأَنْ وُجِدَ فِيمَا دُونَ الْمَرْحَلَتَيْنِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَبِقِيمَتِهِ) أَيْ الْمِثْلِيِّ يَوْمَ الْبَيْعِ مَثَلًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْمُتَقَوِّمِ (قَوْلُهُ: أَخَذَهُ) أَيْ الشِّقْصَ بِوَزْنِهِ أَيْ حِنْطَةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَرَاضَيَا) أَيْ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَدَلِ الشِّقْصِ الَّذِي يُؤْخَذُ بِهِ]
فَصْلٌ) فِي بَيَانِ بَدَلِ الشِّقْصِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَعَدُّدِ الشِّقْصِ) مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى بَيَانِ وَالشِّقْصِ مُضَافٌ إلَيْهِ
بِدَرَاهِمَ كَانَ شِرَاءً مُسْتَجَدًّا تَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَةُ كَمَا فِي الْحَاوِي.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهِيَ غَرِيبَةٌ انْتَهَى. وَالْأَوْجَهُ مَجِيءُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ صَالَحَ بِمَالٍ عَنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ هُنَا (أَوْ بِمُتَقَوِّمٍ) كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ (فَبِقِيمَتِهِ) لَا قِيمَةِ الشِّقْصِ لِأَنَّ مَا يَبْذُلُهُ الشَّفِيعُ فِي مُقَابَلَةِ مَا بَذَلَهُ الْمُشْتَرِي لَا فِي مُقَابَلَةِ الشِّقْصِ؛ وَلَوْ مَلَكَ الشَّفِيعُ نَفْسَ الثَّمَنِ قَبْلَ الْأَخْذِ تَعَيَّنَ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ لَا سِيَّمَا الْمُتَقَوِّمُ، لِأَنَّ الْعُدُولَ عَنْهُ إنَّمَا كَانَ لِتَعَذُّرِهِ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ حَطَّ عَنْ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الثَّمَنِ قَبْلَ اللُّزُومِ انْحَطَّ عَنْ الشَّفِيعِ أَوْ كُلَّهُ فَلَا شُفْعَةَ لِانْتِفَاءِ الْبَيْعِ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: وَيُؤْخَذُ الْمَمْهُورُ إلَخْ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْقِيمَةِ هُنَا غَيْرُ مَا ذَكَرَ فِي الْغَصْبِ، فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ صَالَحَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى شِقْصٍ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِقِيمَةِ الدَّمِ، وَهُوَ الدِّيَةُ فَيَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْمُتَقَوِّمِ فِي غَيْرِ هَذَا (يَوْمَ الْبَيْعِ) أَيْ وَقْتَهُ لِأَنَّهُ وَقْتُ إثْبَاتِ الْعِوَضِ وَاسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا يَحْدُثُ بَعْدَهَا لِحُدُوثِهِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ، وَيُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِهَا حِينَئِذٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا بَاشَرَهُ (وَقِيلَ يَوْمَ) أَيْ وَقْتَ (اسْتِقْرَارِهِ بِانْقِطَاعِ الْخِيَارِ) كَمَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الثَّمَنِ حَالَةُ اللُّزُومِ، وَلَمَّا كَانَ مَا سَبَقَ شَامِلًا لِلدَّيْنِ وَغَيْرِهِ وَكَانَ الدَّيْنُ يَشْمَلُ الْحَالَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: كَانَ شِرَاءً مُسْتَجَدًّا) بِفَتْحِ الْجِيمِ مِنْ اسْتَجَدَّهُ إذَا أَحْدَثَهُ، وَبِكَسْرِهَا مِنْ اسْتَجَدَّ لَازِمًا بِمَعْنَى حَدَثَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: تَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَةُ) يَنْبَغِي أَنَّ هَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَذَ بِالدَّنَانِيرِ ثُمَّ عَوَّضَ عَنْهَا بِالدَّرَاهِمِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ هُنَا) أَيْ مِنْ أَنَّ مَحِلَّ الْبُطْلَانِ إنْ عَلِمَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فَبِقِيمَتِهِ) أَيْ كَالْغَصْبِ قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنْ يَأْتِيَ هُنَا نَظِيرُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ ظَفِرَ الشَّفِيعُ بِالْمُشْتَرِي بِبَلَدٍ آخَرَ وَأَخَذَ فِيهِ وَهُوَ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِالْمِثْلِ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَبْضِهِ هُنَاكَ إنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَالطَّرِيقُ آمِنٌ، وَإِلَّا أَخَذَ بِالْقِيمَةِ لِحُصُولِ الضَّرَرِ بِقَبْضِ الْمِثْلِ، وَأَنَّ الْقِيمَةَ حَيْثُ أُخِذَتْ تَكُونُ لِلْفَيْصُولَةِ.
وَلِابْنِ الرِّفْعَةِ فِي ذَلِكَ احْتِمَالَاتٌ غَيْرُ مَا ذَكَرْت لَمْ يُرَجِّحْ مِنْهَا هُوَ وَلَا غَيْرُهُ شَيْئًا، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَا ذَكَرْته هُوَ الْقِيَاسُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي تَأْخِيرِ الْأَخْذِ وَلَا الطَّلَبِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمَنْهَجِ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ: وَقَالَ م ر إلَى إجْبَارِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةً. أَقُولُ: وَفِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ التَّوَقُّفِ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ يُوَافِقُ مَا مَالَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ اللُّزُومِ) أَيْ لُزُومِ الشِّرَاءِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: مَا زِيدَ أَوْ حُطَّ مِنْ الثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَقَدْ يُلْحَقُ بِالثَّمَنِ، فَإِنْ حُطَّ الْكُلُّ فَلَا شُفْعَةَ اهـ.
قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ مَا زِيدَ أَوْ حُطَّ بَعْدَهَا فَلَا يُلْحَقُ بِالثَّمَنِ كَمَا مَرَّ اهـ.
وَقَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ مَعَ اقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الشِّرَاءِ، وَقَوْلُهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ إلَخْ عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَإِنْ صَالَحَ بِهِ عَنْ دَمٍ أَخَذَهُ بِقِيمَةِ الدِّيَةِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: كَذَا فِي الْأَصْلِ أَيْضًا وَصَوَابُهُ يَوْمَ الصُّلْحِ انْتَهَى اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَوْلُ سم عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ: فَلَا يُلْحَقُ بِالثَّمَنِ: أَيْ فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِجَمِيعِ مَا وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ لَا بِمَا دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِسْقَاطِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْبَيْعِ) أَيْ لِبُطْلَانِهِ بِالْإِبْرَاءِ مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ اللُّزُومِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَيْعًا بِلَا ثَمَنٍ (قَوْلُهُ: فَيَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهَا) أَيْ الدِّيَةِ مِنْ غَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ فَلَا يَأْخُذُ بِنَفْسِ الْإِبِلِ.
وَبِمَا ذَكَرَ مِنْ اعْتِبَارِ الْغَالِبِ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ: صِفَةُ الْإِبِلِ مَجْهُولَةٌ فَلَا يَتَأَتَّى التَّقْوِيمُ بِهَا مَعَ الْجَهْلِ بِصِفَتِهَا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) هُوَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ حَيْثُ قَالَ اعْتِرَاضًا عَلَى مَتْنِهِ وَصَوَابُهُ يَوْمَ الصُّلْحِ (قَوْلُهُ: فِي قَدْرِهَا) أَيْ إذَا تَلِفَ الثَّمَنُ (قَوْلُهُ كَمَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الثَّمَنِ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: مَجِيءُ مَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ: فَيَكُونُ مَحَلُّ مَا فِي الْحَاوِي إذَا عَلِمَ الْمَنْعَ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ، اُنْظُرْ مَا لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى غَيْرِهِ هَلْ يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ عَنْ الْحَاوِي وَمَا عَقَّبَهُ بِهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) يَعْنِي شَيْخَ الْإِسْلَامِ حَيْثُ قَالَ عَقِبَ قَوْلِ الرَّوْضِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ: صَوَابُهُ يَوْمَ الصُّلْحِ. (قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الثَّمَنِ حَالَةُ اللُّزُومِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَهَا لَحِقَهُ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ
وَالْمُؤَجَّلَ بَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ الْحَالُّ بِقَوْلِهِ (أَوْ) اشْتَرَى (بِمُؤَجَّلٍ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ) وَإِنْ حَلَّ الثَّمَنُ بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي أَوْ كَانَ مُنَجَّمًا بِأَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ (بَيْنَ أَنْ يُعَجِّلَ) الثَّمَنَ (وَيَأْخُذَ فِي الْحَالِّ أَوْ يَصِيرَ إلَى الْمَحِلِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ: أَيْ حُلُولِ الْكُلِّ وَلَيْسَ لَهُ كُلَّمَا حَلَّ نَجْمٌ أَنْ يُعْطِيَهُ وَيَأْخُذَ بِقَدْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الشِّقْصِ وَتَأْجِيلِ الثَّمَنِ إلَى مَحِلِّهِ وَأَبَى الشَّفِيعُ إلَّا الصَّبْرَ إلَى الْمَحِلِّ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.
(وَيَأْخُذُ) دَفْعًا لِلضَّرَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بِتَأْخِيرِهِ لِعُذْرِهِ إذْ لَوْ جَوَّزْنَا لَهُ الْأَخْذَ بِمُؤَجَّلٍ أَضْرَرْنَا بِالْمُشْتَرِي لِاخْتِلَافِ الذِّمَمِ، وَإِنْ أَلْزَمْنَاهُ الْأَخْذَ فِي الْحَالِ بِنَظِيرِهِ مِنْ الْحَالِّ أَضْرَرْنَا بِالشَّفِيعِ لِأَنَّ الْأَجَلَ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَا يَلْزَمُهُ إعْلَامُ الْمُشْتَرِي بِالطَّلَبِ حَيْثُ خَيَّرْنَاهُ عَلَى مَا فِي الشَّرْحَيْنِ، وَمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ اللُّزُومِ نُسِبَ لِسَبْقِ الْقَلَمِ، وَالثَّانِي يَأْخُذُهُ بِالْمُؤَجَّلِ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ اخْتَارَ الصَّبْرَ عَلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ عَنَّ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ الثَّمَنَ وَيَأْخُذَ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَجْهًا وَاحِدًا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَكُنْ زَمَنَ نَهْبٍ يَخْشَى مِنْهُ عَلَى الثَّمَنِ الْمُعَجَّلِ الضَّيَاعَ (وَلَوْ بِيعَ شِقْصٌ وَغَيْرُهُ) مِمَّا لَا شُفْعَةَ فِيهِ كَسَيْفٍ (أَخَذَهُ) أَيْ الشِّقْصَ لِوُجُودِ سَبَبِ الْأَخْذِ دُونَ غَيْرِهِ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ لِنَفْسِهِ، وَالتَّعْلِيلُ بِكَوْنِهِ دَخَلَ عَالِمًا بِالْحَالِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْجَاهِلَ يُخَيَّرُ وَإِطْلَاقُهُمْ يُخَالِفُهُ، وَبِكُلٍّ مِنْ التَّعْلِيلَيْنِ فَارَقَ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ امْتِنَاعِ إفْرَادِ الْمَعِيبِ بِالرَّدِّ وَلَعَلَّهُمْ جَرَوْا فِي ذِكْرِ الْعِلْمِ عَلَى الْغَالِبِ (بِحِصَّتِهِ) أَيْ بِقَدْرِهَا (مِنْ الْقِيمَةِ) مِنْ الثَّمَنِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ بِأَنْ يُوَزِّعَ الثَّمَنَ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا حَالَ الْبَيْعِ وَيَأْخُذَ الشِّقْصَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، فَلَوْ سَاوَى مِائَتَيْنِ، وَالسَّيْفُ مِائَةً وَالثَّمَنُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَخَذَهُ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ، وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ هُوَ مُرَادُهُ كَمَا لَا يَخْفَى وَبِهِ تُرَدُّ دَعْوَى أَنَّ ذِكْرَ الْقِيمَةِ سَبْقُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِهَذَا التَّشْبِيهِ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْبَائِعِ زَادَتْ قِيمَتُهُ أَوْ نَقَصَتْ، وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ طُولِبَ بِهِ وَإِنْ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ اللُّزُومَ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ لُحُوقِ الْحَطِّ وَالزِّيَادَةِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ اهـ (قَوْلُهُ: بَيْنَ أَنْ يُعَجِّلَ الثَّمَنَ وَيَأْخُذَ فِي الْحَالِ) وَمَحِلُّهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُشْتَرِي ضَرَرٌ فِي قَبُولِهِ لِنَحْوِ نَهْبٍ، وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ الشَّفِيعُ اهـ حَجّ.
وَهَذِهِ تُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي: فَإِنْ اخْتَارَ الصَّبْرَ عَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَدَمِ الْإِجْبَارِ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ نَهْبٌ، وَقَدْ اخْتَارَ الْأَخْذَ حَالًّا وَبَيْنَ مَا إذَا أَرَادَ الْأَخْذَ بِمُؤَجَّلٍ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ اخْتَارَ الْأَخْذَ، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَّ الثَّمَنُ غَايَةً (قَوْلُهُ: بَيْنَ أَنْ يُعَجِّلَ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّ التَّخْيِيرِ إذَا لَمْ يَكُنْ الزَّمَنُ زَمَنَ نَهْبٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي عَنْ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ، وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ، وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُلْزَمُ بِالْأَخْذِ هُنَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ فَقَدْ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى أَنْ أَخَذَ الثَّمَنَ حَالًّا فَأُلْزِمَ بِقَبُولِهِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْأَذْرَعِيِّ فَإِنَّ التَّأْخِيرَ فِيهَا لِذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ تَصَرُّفِ الشَّفِيعِ خَاصَّةً لِغَرَضِ نَفْسِهِ فَلَا تَلْزَمُ مُرَاعَاتُهُ، وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَصْبِرَ) هِيَ بِمَعْنَى الْوَاوِ نَظِيرُ مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ بَيْنَ إنَّمَا تَدْخُلُ عَلَى مُتَعَدِّدٍ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّهُ حَيْثُ عَلِمَ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الشَّفِيعَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اخْتَارَ) أَيْ الشَّفِيعُ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْلِيلُ) أَيْ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِهِمْ وَأَشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُهُمْ يُخَالِفُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْغَالِبِ بِحِصَّتِهِ) يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافَيْنِ: أَيْ بِمِثْلِ نِسْبَةِ حِصَّتِهِ مِنْ الْقِيمَةِ: أَيْ مِنْ الثَّمَنِ اهـ سم (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَخْفَى) أَيْ فَإِنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ) تَبِعَ فِي ذِكْرِهِ الشِّهَابَ ابْنَ حَجَرٍ بَعْدَ أَنْ تَبِعَ فِي حَلِّ الْمَتْنِ الْجَلَالَ الْمَحَلِّيَّ فَلَمْ يَلْتَئِمْ، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ مَعَ الْمَتْنِ بِحِصَّتِهِ: أَيْ بِقَدْرِهَا مِنْ الثَّمَنِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ انْتَهَتْ.
فَلَفْظُ الْقِيمَةِ فِي عِبَارَتِهِ هُوَ مَا فِي الْمَتْنِ فَلَا مَوْقِعَ لَهَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَ مَا فِي الْمَتْنِ مَعَ مَا حَلَّهُ بِهِ
قَلَمٍ
(وَيُؤْخَذُ) الشِّقْصُ (الْمَمْهُورُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا) يَوْمَ النِّكَاحِ (وَكَذَا) شِقْصٌ هُوَ (عِوَضُ خُلْعٍ) فَيُؤْخَذُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا يَوْمَ الْخُلْعِ سَوَاءٌ أَنَقَصَ عَنْ قِيمَةِ الشِّقْصِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ مُتَقَوِّمٌ وَقِيمَتُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلَوْ أَمْهَرَهَا شِقْصًا مَجْهُولًا وَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلَا شُفْعَةَ لِبَقَاءِ الشِّقْصِ عَلَى مِلْكِ الزَّوْجِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَيَجِبُ فِي الْمُتْعَةِ مُتْعَةُ مِثْلِهَا لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ بِالْفِرَاقِ، وَالشِّقْصُ عِوَضٌ عَنْهَا لَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَلَوْ اعْتَاضَ عَنْ النُّجُومِ شِقْصًا أَخَذَ الشَّفِيعُ بِمِثْلِ النُّجُومِ أَوْ بِقِيمَتِهَا بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا، وَكَلَامُ الشَّارِحِ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ (وَلَوْ)(اشْتَرَى بِجُزَافٍ) بِتَثْلِيثِ جِيمِهِ نَقْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (وَتَلِفَ) الثَّمَنُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِأَخْذِهِ، أَوْ غَابَ وَتَعَذَّرَ إحْضَارُهُ، أَوْ بِمُتَقَوِّمٍ كَفَصٍّ مَجْهُولِ الْقِيمَةِ أَوْ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ (امْتَنَعَ الْأَخْذُ) لِتَعَذُّرِ الْأَخْذِ بِالْمَجْهُولِ، وَهَذَا مِنْ الْحِيَلِ الْمُسْقِطَةِ لِلشُّفْعَةِ وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ كَمَا أَطْلَقَاهُ: أَيْ فِي غَيْرِ شُفْعَةِ الْجِوَارِ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا قَبْلَ الْبَيْعِ أَمَّا بَعْدَهُ فَهِيَ حَرَامٌ، وَخَرَجَ بِالتَّلَفِ مَا لَوْ كَانَ بَاقِيًا فَيُكَالُ مَثَلًا، وَيُؤْخَذُ بِقَدْرِهِ.
نَعَمْ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ إحْضَارُهُ وَلَا الْإِخْبَارُ بِقِيمَتِهِ، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِيمَا لَمْ يَرَهُ مِنْ وُجُوبِ تَمْكِينِ الْمُشْتَرِي الشَّفِيعَ مِنْ الرُّؤْيَةِ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي (فَإِنْ)(عَيَّنَ الشَّفِيعُ قَدْرًا) كَاشْتَرَيْتُهُ بِمِائَةٍ (وَقَالَ الْمُشْتَرِي) بِمِائَتَيْنِ حَلَفَ كَمَا يَأْتِي بِنَاءً عَلَى مُدَّعَاهُ وَأَلْزَمَ الشَّفِيعَ الْأَخْذَ بِهِ، وَإِنْ قَالَ:(لَمْ يَكُنْ مَعْلُومَ الْقَدْرِ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) بِقَدْرِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهِ بِهِ، وَحِينَئِذٍ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي نُكَتِهِ وَنَصَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: الْمَمْهُورُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِنْ أَجْعَلَهُ: أَيْ جَعَلَهُ جُعْلًا عَلَى عَمَلٍ، أَوْ أَقْرَضَهُ أَخَذَهُ بَعْدَ الْعَمَلِ بِأُجْرَتِهِ: أَيْ الْعَمَلِ فِي الْأُولَى، أَوْ بَعْدَ مِلْكِ الْمُسْتَقْرَضِ بِقِيمَتِهِ: أَيْ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ قُلْنَا الْمُقْتَرِضُ يَرُدُّ الْمِثْلَ الصُّورِيَّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمْهَرَهَا شِقْصًا مَجْهُولًا) أَيْ بِأَنْ لَمْ تَرَهُ (قَوْلُهُ: بِمِثْلِ النُّجُومِ) أَيْ إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً (قَوْلُهُ: أَوْ بِقِيمَتِهَا) أَيْ إنْ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً، وَفِي سم عَلَى حَجّ: يَنْبَغِي يَوْمَ التَّعْوِيضِ (قَوْلُهُ: مِنْ جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا) وَهُوَ الْمَرْجُوحُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى بِجُزَافٍ) أَيْ مِثْلِيٍّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي أَوْ بِمُتَقَوِّمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ الْأَخْذُ) أَيْ فِيهَا فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مِنْ الْحِيَلِ) يُمْكِنُ دَفْعُ هَذِهِ الْحِيلَةِ بِأَنْ يَطْلُبَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ بِقَدْرٍ يَعْلَمُ أَنَّ الثَّمَنَ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ قَدْرًا فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةً فِي الْمُتَقَوِّمِ، فَالْوَجْهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَأَنْ يَحْلِفَ الْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ الْأَخْذَ بِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي التَّوَصُّلِ إلَى الشُّفْعَةِ بِذَلِكَ لَا لِسُقُوطِ الْحُرْمَةِ عَنْ الْمُشْتَرِي بِمَا ذَكَرَ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَا عَيَّنَهُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ بَعْدَ نُكُولِ الْمُشْتَرِي أَزْيَدُ مِمَّا أَخَذَ بِهِ فَيَعُودُ الضَّرَرُ عَلَى الشَّفِيعِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ أَمَّا بَعْدَهُ) أَيْ كَأَنْ اشْتَرَى بِصُرَّةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ أَتْلَفَ بَعْضَهَا عَلَى الْإِبْهَامِ حَتَّى لَا يَتَوَصَّلَ إلَى مَعْرِفَةِ قَدْرِ الثَّمَنِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَوْلُ سم ثُمَّ أَتْلَفَ بَعْضَهَا: أَيْ بِأَنْ تَصَرَّفَ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَهِيَ حَرَامٌ) . قَالَ حَجّ: وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ كَلَامُهُمَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فَإِنَّهُمَا ذَكَرَا مِنْ جُمْلَةِ الْحِيَلِ كَثِيرًا مِمَّا هُوَ بَعْدَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ إحْضَارُهُ) أَيْ فَيَتَعَذَّرُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، وَطَرِيقُهُ أَنْ يَذْكُرَ قَدْرًا يَعْلَمُ أَنَّ الثَّمَنَ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ سم (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا مَرَّ) أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي مَنْعُ الشَّفِيعِ مِنْ الرُّؤْيَةِ أَيْ لِلشِّقْصِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: حَلَفَ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَأَلْزَمَ الشَّفِيعَ الْأَخْذَ) أَيْ إنْ أَرَادَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) أَيْ فَلَوْ أَقَامَ الشَّفِيعُ بَيِّنَةً بِقَدْرِ الثَّمَنِ فَالْوَجْهُ قَبُولُهَا وَاسْتِحْقَاقُ الْأَخْذِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تَعُودُ وَإِنْ تَبَيَّنَ الْحَالُ لِانْقِطَاعِ الْخُصُومَةِ بِالْحَلِفِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِالتَّحْلِيفِ إذَا كَانَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: كَفَصٍّ مَجْهُولِ الْقِيمَةِ) لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ مُجَرَّدَ التَّمْثِيلِ بَلْ هُوَ قَيْدٌ فِي الْمُتَقَوِّمِ: أَيِّ مُتَقَوِّمٍ هُوَ كَفَصٍّ مَجْهُولِ الْقِيمَةِ إلَخْ.
وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَوْ بِمُتَقَوِّمٍ وَتَعَذَّرَ الْعِلْمُ بِقِيمَتِهِ
عَلَيْهِ وَإِنْ نَقَلَ عَنْ الْقَاضِي عَنْ النَّصِّ الْوَقْفَ إلَى اتِّضَاحِ الْحَالِ وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ، وَلَيْسَ لَهُ الْحَلِفُ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الشَّفِيعُ عَلَى مَا عَيَّنَهُ وَأَخَذَ بِهِ، وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: لَمْ أَشْتَرِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ حَلَفَ كَذَلِكَ وَلِلشَّفِيعِ بَعْدَ حَلِفِ الْمُشْتَرِي أَنْ يَزِيدَ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَيُحَلِّفَهُ ثَانِيًا وَثَالِثًا وَهَكَذَا حَتَّى يَنْكُلَ الْمُشْتَرِي فَيُسْتَدَلُّ بِنُكُولِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى مَا عَيَّنَهُ وَيَشْفَعُ لِأَنَّ الْيَمِينَ قَدْ تَسْتَنِدُ إلَى التَّخْمِينِ كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى خَطِّ أَبِيهِ حَيْثُ سَكَنَتْ نَفْسُهُ إلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ: نَسِيت قَدْرَ الثَّمَنِ عُذْرًا بَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ جَوَابٌ كَافٍ (وَإِنْ ادَّعَى عِلْمَهُ) بِقَدْرِهِ وَطَالَبَهُ بِبَيَانِهِ (وَلَمْ يُعَيِّنْ قَدْرًا) فِي دَعْوَاهُ (لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ حَقًّا لَهُ.
وَالثَّانِي تُسْمَعُ وَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَهُ، وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الثَّمَنَ كَانَ أَلْفًا وَكَفًّا مِنْ الدَّرَاهِمِ هُوَ دُونَ الْمِائَةِ يَقِينًا فَقَالَ الشَّفِيعُ: أَنَا آخُذُهُ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ كَانَ لَهُ الْأَخْذُ كَمَا فِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ لَكِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي قَبْضُ تَمَامِ الْمِائَةِ
(وَإِذَا)(ظَهَرَ) بَعْدَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (الثَّمَنُ) الَّذِي بَذَلَهُ مُشْتَرِي الشِّقْصِ نَقْدًا أَوْ غَيْرَهُ (مُسْتَحَقًّا) بِبَيِّنَةٍ أَوْ تَصَادَقَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي (فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا) بِأَنْ وَقَعَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِهِ (بَطَلَ الْبَيْعُ) لِأَنَّهُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ (وَالشُّفْعَةُ) لِتَرَتُّبِهَا عَلَى الْبَيْعِ، وَلَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ بَطَلَ أَيْضًا وَخُرُوجُ النَّقْدِ نُحَاسًا كَخُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يُمْكِنُهُ تَرْكُ التَّحْلِيفِ إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ، وَلَيْسَ هَذَا كَذِي الْحَقِّ الْأَصْلِيِّ فَإِنَّهُ بَعْدَ تَحْلِيفِ خَصْمِهِ لَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ هُنَا عَارِضٌ يَسْقُطُ فِي الْجُمْلَةِ بِالتَّقْصِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَدْ يُقَالُ قَوْلُهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ إلَخْ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا كَانَ يُجَابُ لِتَأْخِيرِ الْأَمْرِ، وَقَضِيَّةُ تَضْعِيفِ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْلِفْ حَالًا عُدَّ نَاكِلًا وَحَلَفَ الشَّفِيعُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ) أَيْ وَقَبْلَ الْحَلِفِ (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا حَتَّى يَنْكُلَ) أَيْ وَلَوْ فِي أَيَّامٍ مُخْتَلِفَةٍ وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ لِإِضْرَارِ الْمُشْتَرِي بِإِحْضَارِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ تِلْكَ الْمَرَّاتِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ حَيْثُ اشْتَرَى بِمَجْهُولٍ أَنَّهُ قَصَدَ مَنْعَ الشَّفِيعِ مِنْ الشُّفْعَةِ فَعُوقِبَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَيُسْتَدَلُّ بِنُكُولِهِ) أَيْ عَلَى أَنَّ مَا وَقَفَ عِنْدَهُ هُوَ الثَّمَنُ (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ) أَيْ الشَّفِيعُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا عَيَّنَهُ) أَيْ آخِرًا، وَهَلْ يَكْفِيهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ لَا يَزِيدُ عَلَى كَذَا أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْحَلِفِ عَلَى الْبَتِّ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي أَنَّ الشَّاهِدَ لَوْ قَالَ: كَانَ الثَّمَنُ أَلْفًا وَكَفًّا مِنْ الدَّرَاهِمِ هُوَ دُونَ مِائَةٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ هُنَا كَذَلِكَ اُعْتُدَّ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: بَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ جَوَابٌ كَافٍ) فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ فِي جَهْلِهِ بِهِ مِثْلُ الْجَهْلِ فِي الْحُكْمِ مَا لَوْ قَالَ بِسَبَبِ الْقَدْرِ اهـ.
وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لَا يَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي قَبْضُ تَمَامِ الْمِائَةِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى مِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ وَلَوْ بِالتَّرَاضِي، عَلَى أَنَّهُ هُنَا لَا تَرَاضِيَ لِأَنَّ الشَّفِيعَ إنَّمَا دَفَعَ تَمَامَ الْمِائَةِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْأَخْذِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ بَطَلَ) أَيْ فِيمَا يُقَابَلُ مِنْ الشِّقْصِ (قَوْلُهُ: وَخُرُوجُ النَّقْدِ نُحَاسًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ مُتَمَوَّلًا، وَقَدْ يُشْكِلُ الْبُطْلَانُ حِينَئِذٍ فِي الْمُعَيَّنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا لَمْ يَقْصِدْ إلَّا الْفِضَّةَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِ الْمُتَمَوَّلِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَدْ يُشْكِلُ الْجَوَابُ بِمَا لَوْ اشْتَرَى زُجَاجَةً يَظُنُّهَا جَوْهَرَةً حَيْثُ قَالُوا فِيهِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَعَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ، وَلَمْ يَنْظُرُوا لِلظَّنِّ الْمَذْكُورِ؛ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت بِهَذِهِ الْفِضَّةِ مَثَلًا فَبَانَ الثَّمَنُ نُحَاسًا، وَقَدْ يَدُلُّ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ سم مِنْ قَوْلِهِ يَنْبَغِي إلَخْ (قَوْلُهُ: كَخُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى الْمُعَيَّنُ الْمُتَمَوَّلُ الَّذِي لَمْ يُوصَفْ بِأَنَّهُ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ كَبِعْتُكَ بِهَذَا فَيَنْبَغِي صِحَّةُ الْبَيْعِ بِهِ أَخْذًا مِنْ شِرَاءِ زُجَاجَةٍ ظَنَّهَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ الْحَلِفُ إلَخْ) أَيْ: لِعَدَمِ كِفَايَةِ ذَلِكَ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا يَكْفِيهِ
(قَوْلُهُ: بَطَلَ أَيْضًا) أَيْ: الْبَعْضُ فَقَطْ
فَلَوْ خَرَجَ رَدِيئًا تَخَيَّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ الرِّضَا بِهِ وَالِاسْتِبْدَالِ، فَإِنْ رَضِيَ بِهِ لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِيَ الرِّضَا بِمِثْلِهِ بَلْ يَأْخُذُ مِنْ الشَّفِيعِ الْجَيِّدَ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَنَظَرَ فِيهِ الْمُصَنِّفُ وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ جَارٍ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا إذَا ظَهَرَ الْعَبْدُ الَّذِي بَاعَ بِهِ الْبَائِعُ مَعِيبًا وَرَضِيَ بِهِ أَنَّ عَلَى الشَّفِيعِ قِيمَتَهُ سَلِيمًا لِأَنَّهُ الَّذِي اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ غَلَطٌ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَعِيبًا فَالتَّغْلِيظُ بِالْمِثْلِيِّ أَوْلَى.
قَالَ: وَالصَّوَابُ فِي كِلْتَا الْمَسْأَلَتَيْنِ ذِكْرُ وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا اعْتِبَارُ مَا ظَهَرَ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الْمَعِيبِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَقِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي حَطِّ بَعْضِ الثَّمَنِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا قَبْلَ اللُّزُومِ وَبَعْدَهُ أَنْ يُقَالَ بِنَظِيرِهِ هُنَا مِنْ أَنَّ الْبَائِعَ إنْ رَضِيَ بِرَدِيءٍ أَوْ مَعِيبٍ قَبْلَ اللُّزُومِ لَزِمَ لِمُشْتَرٍ الرِّضَا بِهِمَا مِنْ الشَّفِيعِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا، وَحِينَئِذٍ فَيُحْتَمَلُ الْتِزَامُ ذَلِكَ لِأَنَّ مِنَّةَ الْبَائِعِ وَمُسَامَحَتَهُ مَوْجُودَةٌ فِيهِمَا، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الرَّدِيءَ وَالْمَعِيبَ غَيْرُ مَا وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ بِالْكُلِّيَّةِ، بِخِلَافِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ فَسَرَى مَا وَقَعَ فِيهِ إلَى الشَّفِيعِ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَعِيبِ وَالرَّدِيءِ، إذْ ضَرَرُ الرَّدَاءَةِ أَكْثَرُ مِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
جَوْهَرَةً فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَحِينَئِذٍ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ خَرَجَ رَدِيئًا) أَيْ وَإِنْ وَقَعَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِهِ بَلْ هُوَ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ، لَكِنْ لَا وَجْهَ حِينَئِذٍ لِقَوْلِهِ: وَالِاسْتِبْدَالِ اهـ سم (قَوْلُهُ: تَخَيَّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ الرِّضَا بِهِ وَالِاسْتِبْدَالِ) إنَّمَا يَظْهَرُ الِاسْتِبْدَالُ إذَا بَاعَ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ، أَمَّا بِالْمُعَيَّنِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الرِّضَا بِهِ وَالْفَسْخِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ لَهُ طَلَبَ بَدَلِهِ إذَا عُيِّنَ فِي الْعَقْدِ لَا يَخْلُو عَنْ إشْكَالٍ، فَإِنَّ الْقِيَاسَ فِي الْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ أَنْ يَتَخَيَّرَ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ، وَأَمَّا رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ فَلَا فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ أَوْرَدْت ذَلِكَ عَلَى م ر فَحَاوَلَ عِبَارَةَ الْعُبَابِ عَلَى أَنَّ الْبَدَلَ فِي الْمُعَيَّنِ طَلَبُ الْأَرْشِ فَلْيُتَأَمَّلْ م ر اهـ.
هَذَا الْحَمْلُ إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ كَانَ إذَا طَلَبَ الْأَرْشَ وَوَافَقَهُ جَازَ أَخْذُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ رَدَّ كَلَامَ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ: قَالَ وَالصَّوَابُ) أَيْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا اعْتِبَارُ مَا ظَهَرَ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَهُوَ مِثْلُ الرَّدِيءِ وَقِيمَةِ الْمَعِيبِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) مِنْ كَلَامِ م ر ظَاهِرُهُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِمَا ظَهَرَ مِنْ الْمَعِيبِ وَالرَّدِيءِ، وَاسْتَوْجَهَهُ سم عَلَى حَجّ حَيْثُ كَانَ الشِّرَاءُ بِالْمُعَيَّنِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَعِيبِ وَالرَّدِيءِ.
وَعِبَارَتُهُ: الْمُعْتَمَدُ مَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الْمَعِيبِ دُونَ الرَّدِيءِ، فَالْوَاجِبُ مِثْلُهُ جَيِّدًا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي مَتْنِ الرَّوْضِ أَيْضًا، وَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الرَّدَاءَةُ أَقْوَى مِنْهُ لِأَنَّهَا وَصْفٌ لَازِمٌ، بِخِلَافِ الْعَيْبِ فَإِنَّهُ يَطْرَأُ وَيَزُولُ اهـ.
ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِيَ: هَذَا وَالْأَوْجَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَعِيبِ وَالرَّدِيءِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي قَبُولُ الرَّدِيءِ وَيَجِبُ قَبُولُ قِيمَةِ الْمَعِيبِ وَهَذَا الْأَوْجَهُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الْمَعِيبِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَلَوْ خَرَجَ رَدِيئًا تَخَيَّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ الرِّضَا بِهِ وَالِاسْتِبْدَالِ إلَخْ) هُوَ مُشْكِلٌ إنْ كَانَتْ الصُّورَةُ أَنَّ الثَّمَنَ مُعَيَّنٌ كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ فَإِنَّ الْقِيَاسَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ لَا رَدِّ الْمُعَيَّنِ وَطَلَبِ بَدَلِهِ.
قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: إلَّا أَنْ يُرَادَ بِطَلَبِ بَدَلِهِ طَلَبُ قِيمَةِ الشِّقْصِ إذَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ فَيَزُولُ الْإِشْكَالُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) أَيْ فَيَبْذُلُ لِلْمُشْتَرِي الْمَعِيبَ دُونَ الرَّدِيءِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَمُسَامَحَتُهُ مَوْجُودَةٌ فِيهِمَا) أَيْ: فِي الْحَطِّ وَقَبُولِ الرَّدِيءِ أَوْ الْمَعِيبِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الثَّمَنِ) أَيْ: إذَا حُطَّ أَوْ بَعْضُهُ. (قَوْلُهُ: فَسَرَى مَا وَقَعَ فِيهِ إلَى الشَّفِيعِ) أَيْ: بِخِلَافِ الرَّدِيءِ، وَالْمَعِيبِ فَلَا يَسْرِي فَلَا يُعْطِيهِ إلَّا الْجَيِّدَ سَوَاءٌ مَا قَبْلَ اللُّزُومِ وَمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ ثَبَتَ بِالْفَرْقِ الْمَذْكُورِ، وَمَا بَعْدَهُ بِالْأَوْلَى، وَهَذَا الْفَرْقُ يُوَافِقُ مَا مَرَّ عَنْ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَعِيبِ وَالرَّدِيءِ) أَيْ: فَيَدْفَعُ مِثْلَ الْمَعِيبِ بِخِلَافِ الرَّدِيءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزِّيَادِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ إذْ ضَرَرُ الرَّدَاءَةِ أَكْثَرُ: أَيْ: عَلَى الْمُشْتَرِي، ثُمَّ اُنْظُرْ هَلْ مَا ذُكِرَ فِي الْمَعِيبِ يُجْرَى
الْمَعِيبِ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَيْبِهِ رَدَاءَتُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ اشْتَرَى بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ وَدَفَعَ عَمَّا فِيهَا فَخَرَجَ الْمَدْفُوعُ مُسْتَحَقًّا (أَبْدَلَ) الْمَدْفُوعَ (وَبَقِيَا) أَيْ الْمَبِيعُ وَالشُّفْعَةُ لِأَنَّ إعْطَاءَهُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ فَكَانَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، وَلِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُ الشِّقْصِ إنْ لَمْ يَكُنْ تَبَرَّعَ بِتَسْلِيمِهِ وَحَبْسِهِ إلَى قَبْضِ الثَّمَنِ (وَإِنْ)(دَفَعَ الشَّفِيعُ مُسْتَحَقًّا) أَوْ نَحْوَ نُحَاسٍ (لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ إنْ جَهِلَ) لِعُذْرِهِ (وَكَذَا إنْ عَلِمَ فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ فِي الطَّلَبِ، وَالشُّفْعَةُ لَا تُسْتَحَقُّ بِمَالٍ مُعَيَّنٍ حَتَّى تَبْطُلَ بِاسْتِحْقَاقِهِ.
وَالثَّانِي تَبْطُلُ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِمَا لَا يَمْلِكُ فَكَأَنَّهُ تَرَكَ الْأَخْذَ مَعَ الْقُدْرَةِ، فَلَوْ لَمْ يَأْخُذْهَا بِمُعَيَّنٍ كَتَمَلَّكْتُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ نَقَدَ الْمُسْتَحِقَّ لَمْ تَبْطُلْ قَطْعًا، وَإِذَا بَقِيَ حَقُّهُ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ فَيَحْتَاجُ لِتَمَلُّكٍ جَدِيدٍ أَوْ مِلْكٍ، وَالثَّمَنُ دَيْنٌ عَلَيْهِ فَالْفَوَائِدُ لَهُ وَجْهَانِ رَجَّحَ الرَّافِعِيُّ الْأَوَّلَ، وَغَيْرُهُ الثَّانِيَ وَاسْتَظْهَرَ هَذَا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْأَخْذَ إنْ كَانَ بِالْعَيْنِ تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ أَوْ فِي الذِّمَّةِ تَعَيَّنَ الثَّانِي
(وَتَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ) الْمَشْفُوعِ (كَبَيْعٍ وَوَقْفٍ) وَلَوْ مَسْجِدًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ (وَإِجَارَةٍ صَحِيحٌ) لِوُقُوعِهِ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ فَكَانَ كَتَصَرُّفِ الْوَلَدِ فِيمَا وَهَبَهُ أَبُوهُ
(وَلِلشَّفِيعِ نَقْضُ مَا لَا شُفْعَةَ لَهُ فِيهِ) ابْتِدَاءً (كَالْوَقْفِ) وَالْهِبَةِ وَالْإِجَارَةِ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِذَا أَمْضَى الْإِجَارَةَ فَالْأُجْرَةُ لِلْمُشْتَرِي (وَأَخَذَهُ) أَيْ الشِّقْصَ (وَيَتَخَيَّرُ فِيمَا فِيهِ شُفْعَةٌ كَبَيْعٍ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ بِالْبَيْعِ الثَّانِي أَوْ يَنْقُضَ وَيَأْخُذَ بِالْأَوَّلِ) لِمَا مَرَّ إذْ الثَّمَنُ قَدْ يَكُونُ فِي الْأَوَّلِ أَقَلَّ أَوْ جِنْسُهُ أَيْسَرَ، وَأَوْ هُنَا بِمَعْنَى الْوَاوِ الْوَاجِبَةِ فِي حَيِّزٍ بَيِّنٍ لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ كَثِيرًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَدَفَعَ عَمَّا فِيهَا) أَيْ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: الْوَاقِعُ فِي الْمَجْلِسِ كَالْوَاقِعِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ تَبَرَّعَ بِتَسْلِيمِهِ) كَأَنْ دَفَعَهُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ بِلَا إجْبَارٍ وَلَوْ اخْتَلَفَا فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُهُ فِي عَدَمِ التَّبَرُّعِ (قَوْلُهُ:، وَكَذَا إنْ عَلِمَ فِي الْأَصَحِّ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُشْتَرَطُ لَفْظٌ إلَخْ مِنْ أَنَّهُ إذَا شَرَعَ فِي سَبَبِ الْأَخْذِ وَجَبَ الْفَوْرُ فِي التَّمَلُّكِ، وَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ دَفْعَ الْمُسْتَحَقِّ مَعَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ تَقْصِيرٌ يُنَافِي الْفَوْرِيَّةَ، مَعَ أَنَّهُ شَرَعَ فِي الْأَخْذِ بِدَلِيلِ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِتَمَلُّكٍ جَدِيدٍ أَوَّلًا فَلْيُتَأَمَّلْ فَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ تَفُتْ الْفَوْرِيَّةُ بِأَنْ تَدَارَكَ فَوْرًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِذَا بَقِيَ حَقُّهُ) أَيْ الشَّفِيعِ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الثَّانِي) أَيْ وَعَلَى كُلٍّ لَا يَضُرُّ تَأْخِيرُ إحْضَارِ الْبَدَلِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ، وَلَكِنْ قَدَّمْنَا عَنْ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَخْذِهِ فِي أَسْبَابِ إبْدَالِهِ عَقِبَ ظُهُورِهِ مُسْتَحِقًّا وَإِلَّا بَطَلَ اهـ.
وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ
(قَوْلُهُ: وَإِجَارَةٍ صَحِيحٌ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ قَبْضَ الشِّقْصِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ مِنْ الشَّرِيكِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ قَبْلَ عِلْمِ الشَّفِيعِ وَرِضَاهُ بِالْقَبْضِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِي الْعَقَارِ دُونَ الْمَنْقُولِ كَالْحَيَوَانِ، فَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ قَبْضِهِ مِنْ إذْنِ الشَّرِيكِ، وَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَنْقُولِ وَالْعَقَارِ أَنَّ الْيَدَ عَلَى الْعَقَارِ حُكْمِيَّةٌ بِخِلَافِ الْمَنْقُولِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ) أَيْ مِلْكَهُ لِإِمْكَانِ أَخْذِ الشَّفِيعِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَكَانَ كَتَصَرُّفِ الْوَلَدِ) أَيْ حَيْثُ قُلْنَا بِنُفُوذِهِ لَكِنَّ تَصَرُّفَ الْوَلَدِ يَمْنَعُ رُجُوعَ الْأَبِ، بِخِلَافِ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ لِلشَّفِيعِ نَقْضَهُ وَالْأَخْذَ
(قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) مَعْمُولٌ لِلنَّقْضِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ أَوْصَى بِالشِّقْصِ وَمَاتَ قَبْلَ الْمُوصَى لَهُ فَلَهُ نَقْضُ ذَلِكَ وَأَخْذُ الشِّقْصِ وَدَفْعُ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ لِلْوَارِثِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِذَا أَمْضَى الْإِجَارَةَ) أَيْ الشَّفِيعُ بِأَنْ طَلَبَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ الْآنَ وَأَخَّرَ التَّمَلُّكَ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ ثُمَّ أَخَذَ فَالْأُجْرَةُ لِلْمُشْتَرِي لِحُصُولِهَا فِي مِلْكِهِ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: أَوْ أَيْ أَوْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي بِمَا لَا يُزِيلُ مِلْكَهُ كَرَهْنٍ وَإِجَارَةٍ، فَإِنْ أَخَّرَ الْأَخْذَ لِزَوَالِهِمَا بَطَلَ حَقُّهُ، وَإِنْ شَفَعَ بَطَلَ الرَّهْنُ لِلْإِجَارَةِ، فَإِنْ فَسَخَهَا فَذَاكَ وَإِنْ قَرَّرَهَا فَالْأُجْرَةُ لِلْمُشْتَرِي اهـ.
وَقَوْلُهُ بَطَلَ حَقُّهُ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا يَأْتِي أَنَّ الَّذِي عَلَى الْفَوْرِ هُوَ الطَّلَبُ لَا التَّمَلُّكُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
فِيمَا قَبْلَ اللُّزُومِ وَمَا بَعْدَهُ؟ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ) وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَوْرِ
مَا يَتَسَامَحُونَ فِي ذَلِكَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّقْضِ الْفَسْخَ ثُمَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ، بَلْ الْأَخْذُ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ لَفْظُ فَسْخٍ كَمَا اسْتَنْبَطَهُ فِي الْمَطْلَبِ مِنْ كَلَامِهِمْ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ تَصَرُّفُ الْأَصْلِ فِيمَا وَهَبَهُ لِفَرْعِهِ رُجُوعًا بِخِلَافِهِ هُنَا لِأَنَّ الْأَصْلَ هُنَاكَ هُوَ الْوَاهِبُ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ تَصَرُّفِهِ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ، وَلَوْ بَنَى الْمُشْتَرِي أَوْ غَرَسَ فِي الْمَشْفُوعِ قَبْلَ عِلْمِ الشَّفِيعِ بِذَلِكَ ثُمَّ عَلِمَ قَلَعَ مَجَّانًا لِتَعَدِّي الْمُشْتَرِي. نَعَمْ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي نَصِيبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ ثُمَّ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ لَمْ يَقْلَعْ مَجَّانًا.
فَإِنْ قِيلَ: الْقِسْمَةُ تَتَضَمَّنُ رِضَا الشَّفِيعِ بِتَمَلُّكِ الْمُشْتَرِي غَالِبًا رُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ يُتَصَوَّرُ بِصُوَرٍ كَأَنْ يَظُنَّ الْمَبِيعَ هِبَةً ثُمَّ يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ أَوْ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ بِأَقَلَّ، أَوْ يَظُنَّ الشَّفِيعُ كَوْنَ الْمُشْتَرِي وَكِيلًا لِلْبَائِعِ، وَلِبِنَاءِ الْمُشْتَرِي وَغِرَاسِهِ حِينَئِذٍ حُكْمُ بِنَاءِ الْمُسْتَعِيرِ وَغِرَاسِهِ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُكَلَّفُ تَسْوِيَةَ الْأَرْضِ إذَا اخْتَارَ الْقَلْعَ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَصَرِّفًا فِي مِلْكِهِ، فَإِنْ حَدَثَ فِي الْأَرْضِ نَقْصٌ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ عَلَى صِفَتِهِ، أَوْ يَتْرُكُهُ وَيُبْقِي زَرْعَهُ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ، وَلِلشَّفِيعِ تَأْخِيرُ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ قَبْلُ، وَفِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَى أَوَانِ جِذَاذِ الثَّمَرَةِ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الشِّقْصِ شَجَرٌ عَلَيْهِ ثَمَرَةٌ لَا تُسْتَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ الْمَنْعُ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الثَّمَرَةَ لَا تَمْنَعُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْمَأْخُوذِ بِخِلَافِ الزَّرْعِ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْجَوَازِ عَلَى مَا لَوْ كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ تَنْقُصُ بِهَا مَعَ بَقَائِهِ وَالْمَنْعُ عَلَى خِلَافِهِ.
وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي إحْدَاثَ بِنَاءٍ وَادَّعَى الشَّفِيعُ قِدَمَهُ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي الشَّامِلِ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ فِي الْمَطْلَبِ
(وَلَوْ)(اخْتَلَفَ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ) وَلَا بَيِّنَةَ أَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ وَتَعَارَضَتَا (صُدِّقَ الْمُشْتَرِي) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا بَاشَرَهُ مِنْ الشَّفِيعِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الشَّفِيعُ وَأُخِذَ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ هَذَا بِمَا إذَا شَرَعَ فِي الْأَخْذِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ قَبْلَ الْفَصْلِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ.
نَعَمْ لَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِذِمَّةِ الشَّفِيعِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ حَالًّا وَإِلَّا سَقَطَ حَقُّهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بَلْ الْأَخْذُ بِهَا) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ أَخَذْت بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ تَصَرُّفُ) أَيْ بِالْبَيْعِ وَالْإِعْتَاقِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ) أَيْ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَنْ تَصَرُّفِهِ) أَيْ وَهُوَ الْهِبَةُ (قَوْلُهُ: لِتَعَدِّي الْمُشْتَرِي) أَيْ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ، وَقَدْ فَعَلَ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْقِسْمَةِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْقِسْمَةِ مَا لَوْ اسْتَأْذَنَ الشَّفِيعَ فَأَذِنَ لِظَنِّهِ أَنَّهُ اتَّهَبَهُ أَوْ اسْتَعَارَ مِنْ الْبَائِعِ نَصِيبَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْلَعْ مَجَّانًا) أَيْ بَلْ يُخَيَّرُ الشَّفِيعُ بَعْدَ الْأَخْذِ بَيْنَ التَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ وَالْقَلْعِ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ وَالتَّبْقِيَةِ بِالْأُجْرَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَلِبِنَاءِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: حُكْمُ بِنَاءِ الْمُسْتَعِيرِ وَغِرَاسِهِ) أَيْ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ: وَلِلشَّفِيعِ تَأْخِيرُ الْأَخْذِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ يُرِيدُ السَّفَرَ وَتَكُونُ غَيْبَتُهُ عُذْرًا أَوْ يُوَكِّلُ مَنْ يَتَمَلَّكُ لَهُ بَعْدَ الْحَصَادِ (قَوْلُهُ: لَا تُسْتَحَقُّ) أَيْ بِأَنْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَتَأَبَّرَتْ قَبْلَ الْأَخْذِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: الْمَنْعُ) أَيْ مَنْعُ التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْجَوَازِ) أَيْ لِلتَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: تَنْقُصُ بِهَا) أَيْ بِالْأَرْضِ، وَقَوْلُهُ مَعَ بَقَائِهِ: أَيْ الثَّمَرِ.
(قَوْلُهُ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي) أَيْ فَلَهُ نَقْضُهُ أَوْ بَيْعُهُ لِلشَّفِيعِ مَثَلًا، وَمَحِلُّهُ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا لَمْ تَدُلَّ الْقَرِينَةُ عَلَى خِلَافِهِ
(قَوْلُهُ: وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) الْوَجْهُ أَنَّهُ لَا عُدُولَ عَنْ بَحْثِ الزَّرْكَشِيّ، إذْ قَدْ يَسْتَحِيلُ فِي الْعَادَةِ مَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ عُلِمَ أَنَّهُ فِي غَايَةِ الرُّشْدِ وَالْيَقَظَةِ، وَانْتَفَى احْتِمَالُ غَرَضِ مَالِهِ فِي ذَلِكَ الشِّقْصِ بِأَزْيَدَ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ تَصَرُّفُ الْأَصْلِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: عَنْ تَصَرُّفِهِ) أَيْ: هِبَتِهِ الَّتِي تَعَاطَاهَا (قَوْلُهُ: غَالِبًا) يَتَعَيَّنُ حَذْفُهُ مِنْ الْإِشْكَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ إشْكَالٌ إذْ هُوَ حَاصِلُ الْجَوَابِ كَمَا لَا يَخْفَى
(قَوْلُهُ: وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) اسْتَوْجَهَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَرَّرَهُ فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ تَقْرِيرًا حَسَنًا فَلْيُرَاجَعْ
مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَذَّبَهُ الْحِسُّ كَأَنْ ادَّعَى أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفُ دِينَارٍ وَهُوَ يُسَاوِي دِينَارًا لَمْ يُصَدَّقْ فِيهِ نَظَرٌ، مَأْخَذُهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ فِي شِرَاءِ زُجَاجَةٍ بِأَلْفٍ وَهِيَ تُسَاوِي دِرْهَمًا، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْحِسَّ لَا يُكَذِّبُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْغَبْنَ بِذَلِكَ قَدْ يَقَعُ (وَكَذَا لَوْ)(أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي) فِي زَعْمِ الشَّفِيعِ (الشِّرَاءَ) وَإِنْ كَانَ الشِّقْصُ فِي يَدِهِ (أَوْ) أَنْكَرَ (كَوْنَ الطَّالِبِ شَرِيكًا) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا وَيَحْلِفُ فِي الْأُولَى أَنَّهُ مَا اشْتَرَاهُ، وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِشَرِكَتِهِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الطَّالِبُ بَتًّا وَأَخَذَ (فَإِنْ اعْتَرَفَ الشَّرِيكُ) الْقَدِيمُ (بِالْبَيْعِ فَالْأَصَحُّ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ حَضَرَ الْمُشْتَرِي وَكَذَّبَهُ سَوَاءٌ اعْتَرَفَ الْبَائِعُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ أَمْ لَا، إذْ الْغَرَضُ أَنَّ الشِّقْصَ فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ الْمُشْتَرِي، وَقَالَ: إنَّهُ وَدِيعَةٌ مِنْهُ أَوْ عَارِيَّةٌ مَثَلًا.
وَالثَّانِي لَا تَثْبُتُ لَهُ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الشِّرَاءُ لَمْ يَثْبُتْ مَا تَفَرَّعَ عَلَيْهِ. أَمَّا لَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَادَّعَى مِلْكَهُ وَأَنْكَرَ الشِّرَاءَ لَمْ يُصَدَّقْ الْبَائِعُ عَلَيْهِ لِأَنَّ إقْرَارَ غَيْرِ ذِي الْيَدِ لَا يَسْرِي عَلَى ذِي الْيَدِ (وَيُسَلِّمُ الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ إنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِقَبْضِهِ) مِنْ الْمُشْتَرِي لِتَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْهُ فَكَأَنَّهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ، فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ مِنْ الشَّفِيعِ كَانَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ رَجَّحَهُ الشَّيْخُ رحمه الله وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ مَالَهُ قَدْ يَكُونُ أَبْعَدُ عَنْ الشُّبْهَةِ، وَإِنْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ وَأَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ، وَكَانَتْ عُهْدَتُهُ عَلَيْهِ (وَإِنْ اعْتَرَفَ الْبَائِعُ بِقَبْضِهِ فَهَلْ يُتْرَكُ الثَّمَنُ فِي يَدِ الشَّفِيعِ) إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَذِمَّتِهِ إنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَالِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي التَّعْبِيرُ بِذِمَّةِ الشَّفِيعِ غَيْرُ صَحِيحٍ (أَمْ يَأْخُذُهُ الْقَاضِي وَيَحْفَظُهُ) لِأَنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ (فِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي) أَوَائِلِ (الْإِقْرَارِ نَظِيرُهُ) وَالْأَصَحُّ مِنْهُ الْأَوَّلُ، وَذَكَرَ هُنَا الْمُقَابِلَ دُونَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَثَلًا لِخِسَّتِهِ وَخِسَّةِ مَحِلِّهِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ فَإِنَّهُ لَا شُبْهَةَ، وَالْحَالُ مَا ذَكَرَ فِي اسْتِحَالَةِ ذَلِكَ عَادَةً وَتَكْذِيبِ الْحِسِّ لَهُ، وَلَا تُرَدُّ مَسْأَلَةُ الزُّجَاجَةِ لِأَنَّ الْغَبْنَ فِيهَا إنَّمَا أَمْكَنَ مِنْ جِهَةِ اشْتِبَاهِهَا بِالْجَوْهَرَةِ الَّتِي يَرْغَبُ فِيهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ الثَّمَنِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَأَتَّى فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، وَالْحَالَةُ مَا ذَكَرَ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَالْفَرْقُ لَهُ وَجْهٌ.
[فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ كَانَ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ دَارٌ شَرِكَةٌ فَبَاعَ الذِّمِّيُّ مَا يَخُصُّهُ لِذِمِّيٍّ آخَرَ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ كَلْبٍ وَثَبَتَتْ لِلْمُسْلِمِ الشُّفْعَةُ فَمَاذَا يَأْخُذُ بِهِ الْمُسْلِمُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: يَأْخُذُ بِبَدَلِ مَا ذَكَرَ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مَالًا عِنْدَنَا بِأَنْ يُقَدِّرَ الْخَمْرَ خَلًّا لَا عَصِيرًا وَالْخِنْزِيرَ بَقَرَةً أَوْ شَاةً أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَفِيمَا لَوْ نَكَحَهَا بِخَمْرٍ فِي الْكُفْرِ وَلَمْ تَقْبِضْهُ ثُمَّ أَسْلَمَتْ مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَأْخُذَ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ عِنْدَهُمْ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرَى ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: تَأْخُذُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الْأَخْذُ بِالْخَمْرِ لِكَوْنِهِ لَا قِيمَةَ لَهُ عِنْدَ الْمُسْلِمِ رَجَعَ إلَى قِيمَةِ الشِّقْصِ كَمَا لَوْ جَعَلَ الشِّقْصَ صَدَاقًا أَوْ عِوَضَ خُلْعٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، فَقِيمَةُ الشِّقْصِ هُنَا بَدَلُ الْخَمْرِ، كَمَا أَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ هُنَاكَ بَدَلُ الْبُضْعِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الزَّوْجُ فِي النِّكَاحِ وَجُعِلَ الشِّقْصُ فِي مُقَابَلَتِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَال بِسُقُوطِ الشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الْأَخْذُ بِالثَّمَنِ، وَكَانَ لَا قِيمَةَ لَهُ أَشْبَهَ الْهِبَةَ أَوْ مَا أُخِذَ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَالْأَوَّلُ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ أَقْرَبُهَا.
أَقُولُ: أَقْرَبُ الِاحْتِمَالَاتِ آخِرُهَا لِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَرَى بُطْلَانَ شِرَاءِ الذِّمِّيِّ بِالْخَمْرِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ لِبَقَاءِ مِلْكِ الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَذَّبَهُ الْحِسُّ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ تَقَعُ الْقَرَائِنُ بِالتَّكْذِيبِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ فَيُصَدَّقُ (قَوْلُهُ: فِي زَعْمِ الشَّفِيعِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: لَمْ يُصَدَّقْ الْبَائِعُ عَلَيْهِ) أَيْ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ (قَوْلُهُ: وَيُسَلِّمُ) أَيْ الشَّفِيعُ (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَيَبْقَى الثَّمَنُ فِي يَدِ الشَّفِيعِ حَتَّى يُطَالِبَهُ بِهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي) الْأَنْسَبُ فَإِنْ حَلَفَ بِالْفَاءِ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ فِيمَا بَعْدَهُ أَحْسَنُ
التَّصْحِيحِ عَكْسُ مَا ذَكَرَ ثُمَّ اكْتِفَاءً عَنْ كُلٍّ بِنَظِيرِهِ، وَاغْتُفِرَ لِلشَّفِيعِ التَّصَرُّفُ فِي الشِّقْصِ مَعَ بَقَاءِ الثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ لِعُذْرِهِ بِعَدَمِ مُسْتَحِقٍّ مُعَيَّنٍ لَهُ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ مِنْ تَوَقُّفِ تَصَرُّفِهِ عَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا فَرَّقَ بِهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُنَاكَ مُعْتَرِفٌ بِالشِّرَاءِ وَهُنَا بِخِلَافِهِ.
نَعَمْ لَوْ عَادَ وَصَدَّقَهُ سُلِّمَ إلَيْهِ بِغَيْرِ إقْرَارٍ جَدِيدٍ وَفَارَقَ مَا مَرَّ بِأَنَّ مَا هُنَا مُعَاوَضَةٌ فَقَوِيَ جَانِبُهَا وَيَكْفِي فِي سَبْقِ النَّظِيرِ تَرْكُهُ فِي يَدِ الْمُقِرِّ إتْيَانُ الْمُصَنِّفِ هُنَا بِأَمْ بَدَلَ أَوْ صَحِيحٌ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ خِلَافُ الصَّوَابِ لِأَنَّ أَمْ تَكُونُ بَعْدَ الْهَمْزَةِ وَأَوْ بَعْدَ هَلْ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ أَغْلَبِيٌّ لَا كُلِّيٌّ
(وَلَوْ)(اسْتَحَقَّ الشُّفْعَةَ جَمْعٌ) ابْتِدَاءً كَدَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ بَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ أَوْ دَوَامًا كَأَنْ وَرِثُوهَا عَنْ وَاحِدٍ وَاخْتَلَفَ قَدْرُ أَمْلَاكِهِمْ (أَخَذُوا بِهَا عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ) مِنْ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ بِهِ فَقَسَطَ عَلَى قَدْرِهِ كَالْأُجْرَةِ وَكَسْبِ الْقِنِّ (وَفِي قَوْلٍ عَلَى الرُّءُوسِ) لِأَنَّ أَصْلَ الشَّرِكَةِ سَبَبُ الشُّفْعَةِ وَقَدْ تَسَاوَوْا فِيهَا بِدَلِيلِ أَنَّ الْوَاحِدَ يَأْخُذُ الْجَمِيعَ وَإِنْ قَلَّ نَصِيبُهُ، وَانْتَصَرَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ لِهَذَا، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ
(وَلَوْ)(بَاعَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ نِصْفَ حِصَّتِهِ) مَثَلًا (لِرَجُلٍ) أَيْ شَخْصٍ (ثُمَّ بَاقِيَهَا لِآخَرَ) قَبْلَ أَخْذِ الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ مَا بِيعَ أَوَّلًا (فَالشُّفْعَةُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ) إذْ لَيْسَ مَعَهُ شَرِيكٌ حَالَ الْبَيْعِ سِوَى الْبَائِعِ وَلَا يَشْفَعُ فِيمَا بَاعَهُ وَقَدْ يَعْفُو عَنْهُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا عَفَا) الشَّرِيكُ الْقَدِيمُ (عَنْ النِّصْفِ الْأَوَّلِ) بَعْدَ الْبَيْعِ الثَّانِي (شَارَكَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي) لِأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ سَبَقَ الْبَيْعَ الثَّانِيَ وَاسْتَقَرَّ بِعَفْوِ الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ عَنْهُ فَيَسْتَحِقُّ مُشَارَكَتَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَعْفُ الشَّرِيكُ الْقَدِيمُ عَنْ النِّصْفِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بَلْ أَخَذَهُ مِنْهُ (فَلَا) يُشَارِكُ الْأَوَّلُ الْقَدِيمَ لِزَوَالِ مِلْكِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُشَارِكُهُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ شَرِيكُهُ حَالَةَ الشِّرَاءِ، وَخَرَجَ بِثُمَّ مَا لَوْ وَقَعَ الْبَيْعَانِ مَعًا فَالشُّفْعَةُ فِيهِمَا مَعًا لِلْأَوَّلِ وَحْدَهُ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ مِنْ كَوْنِ الْعَفْوِ بَعْدَ الْبَيْعِ الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ عَفَا قَبْلَهُ اشْتَرَكَا فِيهِ جَزْمًا أَوْ أَخَذَ قَبْلَهُ انْتَفَتْ جَزْمًا (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَوْ عَفَا أَحَدُ شَفِيعَيْنِ سَقَطَ حَقُّهُ) مِنْهَا كَسَائِرِ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ (وَتَخَيَّرَ الْآخَرُ بَيْنَ أَخْذِ الْجَمِيعِ وَتَرْكِهِ) كَالْمُنْفَرِدِ (وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى حِصَّتِهِ) لِئَلَّا تَتَبَعَّضَ الصَّفْقَةُ عَلَى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إقْرَارٍ جَدِيدٍ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي فِي سَبْقِ النَّظِيرِ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ سَبَقَ فِي الْإِقْرَارِ نَظِيرُهُ.
[فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الْعَفْوِ عَنْ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ هَلْ يُصَدَّقُ الشَّفِيعُ أَوْ الْمُشْتَرِي؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ تَصْدِيقُ الشَّفِيعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ وَعَدَمُ الْعَفْوِ
(قَوْلُهُ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: أَيْ شَخْصٍ) أَوَّلَ بِهِ لِيَشْمَلَ الْأُنْثَى (قَوْلُهُ: وَتَخَيَّرَ الْآخَرُ) لَوْ كَانَ عَفْوُهُ بَعْدَ أَخْذِ الْآخَرِ حِصَّتَهُ فَهَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَيُقَالُ لِلْآخَرِ إنْ لَمْ تَأْخُذْ الْبَاقِيَ وَهُوَ حِصَّةُ الْعَافِي وَإِلَّا بَطَلَ تَمَلُّكٌ لِحِصَّتِك أَوَّلًا؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ، وَقَدْ يَشْمَلُ قَوْلَ الْمَتْنِ وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى حِصَّتِهِ مَا لَوْ كَانَ الْعَفْوُ بَعْدَ أَخْذِ حِصَّتِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَالْمُنْفَرِدِ) أَيْ فِي أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ الْبَعْضَ وَيَتْرُكُ الْبَعْضَ، بَلْ إمَّا يَأْخُذُ الْجَمِيعَ أَوْ يَتْرُكُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَدْ يَأْخُذُ بَعْضَ الْمَبِيعِ، كَمَا لَوْ بَاعَ مَالِكٌ دَارًا جَمِيعَهَا وَلَهُ فِيهَا مَمَرٌّ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ فِي الْمَمَرِّ أَخْذُهُ لِئَلَّا يُعَطِّلَ مَنْفَعَةَ الدَّارِ إلَّا إذَا اتَّسَعَ حِصَّةُ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ جِدًّا بِحَيْثُ يُمْكِنُ جَعْلُهَا مَمَرَّيْنِ فَلِلشَّرِيكِ أَخْذُ مَا زَادَ عَلَى مَا يَكْفِي مُشْتَرِيَ الدَّارِ لِلْمُرُورِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى حِصَّتِهِ) أَيْ وَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي عَلَى قِيَاسِ مَا يَأْتِي عَنْ السُّبْكِيّ وَإِنْ اقْتَضَى التَّعْلِيلُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إقْرَارٍ جَدِيدٍ) أَيْ: مِنْ الْبَائِعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي فِي سَبْقِ النَّظِيرِ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ اكْتِفَاءً عَنْ كُلٍّ بِنَظِيرِهِ
(قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) هُنَا وَدَوَامًا فِيمَا يَأْتِي اُنْظُرْ مَا مَعْنَاهُمَا، وَلَعَلَّهُ لَا مَعْنَى لَهُمَا هُنَا فَإِنَّهُ بِبَيْعِ هَذَا الْأَحَدِ اسْتَحَقُّوهَا ابْتِدَاءً سَوَاءٌ مَلَكُوا بِالشِّرَاءِ أَوْ بِالْإِرْثِ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ جَمْعٌ نَصُّهَا: كَدَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ جَمْعٍ بِنَحْوِ شِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ بَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يَعْفُو عَنْهُ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهِ هُنَا؟ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى حِصَّتِهِ) أَيْ: وَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي كَمَا يَأْتِي
الْمُشْتَرِي وَالثَّانِي يُسْقِطُ حَقَّ الْعَافِي وَغَيْرِهِ كَالْقِصَاصِ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْقِصَاصَ يَسْتَحِيلُ تَبْعِيضُهُ وَيُنْقَلُ إلَى بَدَلِهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْوَاحِدَ إذَا أَسْقَطَ بَعْضَ حَقِّهِ سَقَطَ) حَقُّهُ (كُلُّهُ) كَالْقَوْدِ، وَالثَّانِي لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْهُ كَعَفْوِهِ عَنْ بَعْضِ حَدِّ الْقَذْفِ
(وَلَوْ)(حَضَرَ أَحَدُ شَفِيعَيْنِ) وَغَابَ الْآخَرُ (فَلَهُ) أَيْ الْحَاضِرِ (أَخْذُ الْجَمِيعِ فِي الْحَالِ) لَا الِاقْتِصَارُ عَلَى حِصَّتِهِ لِئَلَّا تَتَبَعَّضَ الصَّفْقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي لَوْ لَمْ يَأْخُذْ الْغَائِبُ، إذْ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ بِوَقْفٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ لَا رَغْبَةَ لَهُ فِي الْأَخْذِ، فَلَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِأَنْ يَأْخُذَ الْحَاضِرُ حِصَّتَهُ فَقَطْ فَالْمُتَّجَهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ كَابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ كَمَا لَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ الْوَاحِدُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ حَقِّهِ وَالْأَصَحُّ مَنْعُهُ، وَإِذَا أَخَذَ الْحَاضِرُ الْكُلَّ اسْتَمَرَّ الْمِلْكُ لَهُ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْغَائِبُ وَيَأْخُذْ (فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ شَارَكَهُ) لِثُبُوتِ حَقِّهِ، وَمَا اسْتَوْفَاهُ الْحَاضِرُ مِنْ الْفَوَائِدِ قَبْلَ تَمَلُّكِ الْغَائِبِ مِنْ نَحْوِ ثَمَرَةٍ وَأُجْرَةٍ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ كَمَا أَنَّ الشَّفِيعَ لَا يُشَارِكُ الْمُشْتَرِيَ فِيهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ تَأْخِيرَ الْأَخْذِ إلَى قُدُومِ الْغَائِبِ) وَإِنْ كَانَ الْأَخْذُ بِهَا عَلَى الْفَوْرِ لِظُهُورِ عُذْرِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي تَرْكِ أَخْذِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِعْلَامُ بِالطَّلَبِ كَمَا مَرَّ وَالثَّانِي لَا لِتُمَكِّنَّهُ مِنْ الْأَخْذِ، وَلَوْ اسْتَحَقَّهَا ثَلَاثَةٌ كَدَارٍ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ بِالسَّوِيَّةِ بَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ وَاسْتَحَقَّهَا الْبَاقُونَ فَحَضَرَ أَحَدُهُمْ أَخَذَ الْكُلَّ أَوْ تَرَكَ أَوْ أَخَّرَ لِحُضُورِهِمَا كَمَا مَرَّ، فَإِنْ أَخَذَ الْكُلَّ وَحَضَرَ الثَّانِي نَاصَفَهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا شَفِيعَانِ، وَإِذَا حَضَرَ الثَّالِثُ أَخَذَ مِنْ كُلٍّ ثُلُثَ مَا بِيَدِهِ لِأَنَّهُ قَدْرُ حِصَّتِهِ، وَلَوْ أَرَادَ أَخْذَ ثُلُثِ مَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ جَازَ كَمَا يَجُوزُ لِلشَّفِيعِ أَخْذُ نَصِيبِ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ لِلثَّانِي أَخْذَ الثُّلُثِ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ الْحَقُّ عَلَيْهِ إذْ الْحَقُّ ثَبَتَ لَهُمْ أَثْلَاثًا، وَإِنْ حَضَرَ الثَّالِثُ وَأَخَذَ نِصْفَ مَا بِيَدِ الْأَوَّلِ أَوْ ثُلُثَ مَا بِيَدِ كُلٍّ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَكَانَ الثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ قَدْ أَخَذَ مِنْ الْأَوَّلِ النِّصْفَ اسْتَوَوْا فِي الْمَأْخُوذِ، أَوْ أَخَذَ الثَّالِثُ ثُلُثَ الثُّلُثِ الَّذِي فِي يَدِ الثَّانِي فَلَهُ ضَمُّهُ لِمَا فِي يَدِ الْأَوَّلِ وَاقْتَسَمَاهُ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا فَتَصِحُّ قِسْمَةُ الشِّقْصِ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ ثُلُثَ الثُّلُثِ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ تِسْعَةٍ يَضُمُّهُ إلَى سِتَّةٍ مِنْهَا فَلَا تَصِحُّ عَلَى اثْنَيْنِ فَتُضْرَبُ اثْنَيْنِ فِي تِسْعَةٍ فَلِلثَّانِي مِنْهُمَا اثْنَانِ فِي الْمَضْرُوبِ فِيهَا بِأَرْبَعَةٍ تَبْقَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا سَبْعَةٌ، وَإِذَا كَانَ رُبْعُ الدَّارِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لِلْمَذْكُورِ خِلَافَهُ، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ قَاصِرٌ أَوْ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُنْقَلُ إلَى بَدَلِهِ) وَهُوَ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ: كَعَفْوِهِ عَنْ بَعْضِ حَدِّ الْقَذْفِ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِحَدِّ الْقَذْفِ إذَا عَفَا عَنْ بَعْضِهِ لَا يَسْقُطُ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَالْقِصَاصِ حَيْثُ سَقَطَ كُلُّهُ بِإِسْقَاطِ بَعْضِهِ أَنَّ فِيهِ حَقْنَ الدِّمَاءِ، وَأَيْضًا لَهُ بَدَلٌ وَهُوَ الدِّيَةُ
(قَوْلُهُ: لَا الِاقْتِصَارُ عَلَى حِصَّتِهِ) فَإِنْ قَالَ: لَا آخُذُ إلَّا قَدْرَ حِصَّتِي بَطَلَ حَقُّهُ مُطْلَقًا لِتَقْصِيرِهِ اهـ حَجّ.
وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ بِذَلِكَ سِيَّمَا إنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مَنْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ بِعِوَضٍ (قَوْلُهُ: اسْتَمَرَّ الْمِلْكُ) أَيْ فَيَفُوزُ بِالزَّوَائِدِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِعْلَامُ بِالطَّلَبِ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ اشْتَرَى بِمُؤَجَّلٍ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُعَجِّلَ الثَّمَنَ إلَخْ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ الْأَخْذَ بِأَنْ اسْتَمَرَّ عَلَى السُّكُوتِ سَقَطَ حَقُّهُ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ ذَلِكَ بِتَخْيِيرِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الصَّارِفِ (قَوْلُهُ: نَاصَفَهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ) أَيْ إنْ شَاءَ أَوْ أَخَذَ الثُّلُثَ بِثُلُثِ الثَّمَنِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ لِلثَّانِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ نِصْفَ مَا بِيَدِ الْأَوَّلِ) وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ بَعْدَ أَخْذِ الثَّانِي ثُلُثَ مَا بِيَدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ اثْنَانِ مِنْ سِتَّةِ قَرَارِيطَ الَّتِي هِيَ الْمَبِيعَةُ (قَوْلُهُ: قَدْ أَخَذَ مِنْ الْأَوَّلِ النِّصْفَ) أَيْ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ مِنْ سِتَّةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ أَخَذَ الثَّالِثُ ثُلُثَ الثُّلُثِ) وَقَدْرُهُ سِتَّةٌ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: الَّذِي فِي يَدِ الثَّانِي) وَهُوَ قِيرَاطَانِ وَثُلُثُهُمَا ثُلُثَا قِيرَاطٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) أَيْ الثَّالِثَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ تِسْعَةٍ) أَيْ لِأَنَّ أَقَلَّ عَدَدٍ لَهُ ثُلُثٌ وَثُلُثُ ثُلُثٍ تِسْعَةٌ (قَوْلُهُ: بِضَمِّهِ إلَى سِتَّةٍ) أَيْ وَهِيَ الْبَاقِيَةُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَجُمْلَتُهَا اثْنَانِ وَسَبْعُونَ، وَإِنَّمَا كَانَ لِلثَّالِثِ أَخْذُ ثُلُثِ الثُّلُثِ مِنْ الثَّانِي لِأَنَّهُ يَقُولُ مَا مِنْ جُزْءٍ إلَّا وَلِي مِنْهُ ثُلُثُهُ، وَلَوْ اسْتَحَقَّ الشُّفْعَةَ حَاضِرٌ وَغَائِبٌ فَعَفَا الْحَاضِرُ ثُمَّ مَاتَ الْغَائِبُ فَوَرِثَهُ الْحَاضِرُ أَخَذَ الْكُلَّ بِهَا، وَإِنْ عَفَا أَوَّلًا لِأَنَّهُ الْآنَ يَأْخُذُ بِحَقِّ الْإِرْثِ (وَلَا اشْتَرَيَا شِقْصًا فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ نَصِيبِهِمَا) وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَنَصِيبِ أَحَدِهِمَا) لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ عَلَيْهِ مِلْكَهُ (وَلَوْ اشْتَرَى وَاحِدٌ مِنْ اثْنَيْنِ) أَوْ وَكِيلُهُمَا الْمُتَّحِدُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْعِبْرَةَ هُنَا فِي التَّعَدُّدِ، وَعَدَمُهُ بِالْمَعْقُودِ لَهُ لَا الْعَاقِدِ (فَلَهُ أَخْذُ حِصَّةِ أَحَدِ الْبَائِعِينَ فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِينَ وَلِوُجُودِ التَّفْرِيقِ هُنَا جَرَى الْخِلَافُ دُونَ مَا قَبْلَهُ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ مِنْ عَكْسِ ذَلِكَ هُوَ تَعَدُّدُهُمَا بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ قَطْعًا وَالْمُشْتَرِي عَلَى الْأَصَحِّ وَيَتَعَدَّدُ هُنَا بِتَعَدُّدِ الْمَحِلِّ أَيْضًا، فَلَوْ بَاعَ شِقْصَيْنِ مِنْ دَارَيْنِ صَفْقَةً وَشَفِيعُهُمَا وَاحِدٌ فَلَهُ أَخْذُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ، وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَلَكَ الْجَمِيعَ فَلَا يُفَرَّقُ مِلْكُهُ عَلَيْهِ
(وَالْأَظْهَرُ أَنَّ)(الشُّفْعَةَ) أَيْ طَلَبَهَا وَإِنْ تَأَخَّرَ التَّمَلُّكُ (عَلَى الْفَوْرِ) لِخَبَرٍ ضَعِيفٍ فِيهِ وَلِأَنَّهُ خِيَارٌ ثَبَتَ بِنَفْسِهِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَكَانَ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَقَدْ لَا يَجِبُ فِي صُوَرٍ عُلِمَ أَكْثَرُهَا مِنْ كَلَامِهِ كَالْمَبِيعِ بِمُؤَجَّلٍ، أَوْ وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ غَائِبٌ، وَكَأَنْ أَخْبَرَ بِنَحْوِ زِيَادَةٍ فَتَرَكَ ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ، وَكَالتَّأْخِيرِ لِانْتِظَارِ إدْرَاكِ زَرْعٍ وَحَصَادِهِ، أَوْ لِيَعْلَمَ قَدْرَ الثَّمَنِ أَوْ لِيُخَلِّصَ نَصِيبَهُ الْمَغْصُوبَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَزْعِهِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ أَوْ لِجَهْلِهِ بِأَنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ أَوْ بِأَنَّهَا عَلَى الْفَوْرِ وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَكَمُدَّةِ خِيَارِ شَرْطِ الْغَيْرِ وَكَتَأْخِيرِ الْوَلِيِّ أَوْ عَفْوِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مِنْ التِّسْعَةِ فِي يَدِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فَجُمْلَتُهُمَا اثْنَانِ وَسَبْعُونَ) أَيْ حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: فَوَرِثَهُ الْحَاضِرُ) أَيْ وَكَانَ جَائِزًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْآنَ يَأْخُذُ بِحَقِّ الْإِرْثِ) أَيْ لِلشُّفْعَةِ الَّتِي ثَبَتَتْ لِلْغَائِبِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَكِيلُهُمَا الْمُتَّحِدُ لِمَا مَرَّ) .
[قَاعِدَةٌ] الْعِبْرَةُ فِي اتِّحَادِ الْعَقْدِ وَتَعَدُّدِهِ بِالْوَكِيلِ إلَّا فِي الشُّفْعَةِ وَالرَّهْنِ فَالْعِبْرَةُ فِيهِمَا بِالْمُوَكِّلِ
(قَوْلُهُ: لِخَبَرٍ ضَعِيفٍ فِيهِ) لَكِنَّهُ تَقَوَّى بِوُرُودِهِ مِنْ طُرُقٍ فَصَارَ حَسَنًا لِغَيْرِهِ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى.
وَعِبَارَةُ عَمِيرَةَ: قَوْلُهُ عَلَى الْفَوْرِ: أَيْ لِحَدِيثِ «الشُّفْعَةُ كَحَلِّ الْعِقَالِ» أَيْ تَفُوتُ بِتَرْكِ الْمُبَادَرَةِ كَمَا يَفُوتُ الْبَعِيرُ الشُّرُودُ عِنْدَ حَلِّ الْعِقَالِ إذَا لَمْ يُبَادَرْ إلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ: لِانْتِظَارِ إدْرَاكِ زَرْعٍ) أَيْ كُلِّهِ فَلَوْ أَدْرَكَ بَعْضَهُ دُونَ بَعْضٍ لَا يُكَلَّفُ أَخْذَ مَا أَدْرَكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ: قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَفِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَى جِذَاذِ الثَّمَرَةِ: أَيْ فِيمَا لَوْ كَانَ فِي الشِّقْصِ شَجَرٌ عَلَيْهِ ثَمَرَةٌ لَا تُسْتَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ وَجْهَانِ اهـ.
وَالْأَرْجَحُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ الْمَنْعُ، وَالْفَرْقُ إمْكَانُ الِانْتِفَاعِ مَعَ بَقَاءِ الثَّمَرَةِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ.
ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ السَّابِقِ: وَفِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَيُخَلِّصَ نَصِيبَهُ الْمَغْصُوبَ) مَا الْحِكْمَةُ فِي انْتِظَارِ تَخْلِيصِ نَصِيبِهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَخْذِ الْحِصَّةِ الْمَبِيعَةِ بِالشُّفْعَةِ وَتَصَرُّفِهِ فِيهَا، وَإِنْ دَامَ الْغَصْبُ فِي نَصِيبِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحِلَّهُ) أَيْ كَوْنَ الْغَصْبِ عُذْرًا (قَوْلُهُ: وَكَتَأْخِيرِ الْوَلِيِّ أَوْ عَفْوِهِ) أَيْ وَالْمَصْلَحَةُ فِي الْأَخْذِ، فَلِلْوَلِيِّ الْأَخْذُ بَعْدَ تَأْخِيرِهِ وَلِلْمَوْلَى الْأَخْذُ إذَا كَمُلَ قَبْلَ أَخْذِ الْوَلِيِّ، وَلَا يَمْنَعُ تَأْخِيرَ الْوَلِيِّ، وَإِنْ لَمْ يُعْذَرْ فِي التَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِغَيْرِهِ فَلَا يَسْقُطُ بِتَأْخِيرِهِ وَتَقْصِيرِهِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي التَّرْكِ فَيَمْتَنِعُ أَخْذُ الْوَلِيِّ وَلَوْ فَوْرًا فَضْلًا عَنْ السُّقُوطِ بِالتَّأْخِيرِ وَيُعْتَدُّ بِعَفْوِهِ، بَلْ لَا اعْتِبَارَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَخَّرَ التَّمَلُّكُ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالتَّمَلُّكِ، بَلْ يَكْفِي أَنْ يُبَادِرَ بِالطَّلَبِ ثُمَّ يَتَمَلَّكَ عَقِبَهُ، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فَوْرِيَّةِ التَّمَلُّكِ وَالشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ أَخَّرَ هَذِهِ الْغَايَةَ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْفَوْرِ وَمَا صَنَعَهُ أَقْعَدُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لِخَبَرٍ ضَعِيفٍ فِيهِ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: وَكَأَنَّهُ اُعْتُضِدَ عِنْدَهُمْ بِمَا صَيَّرَهُ حَسَنًا لِغَيْرِهِ اهـ. فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَ هَذَا وَإِلَّا فَالضَّعِيفُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي مِثْلِ هَذَا
فَإِنَّهُ لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْمَوْلَى، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ أَقْوَالٌ: أَحَدُهَا يَمْتَدُّ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. وَثَانِيهَا يَمْتَدُّ مُدَّةً تَسَعُ التَّأَمُّلَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الشِّقْصِ.
وَثَالِثُهَا أَنَّهَا عَلَى التَّأْبِيدِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِإِسْقَاطِهَا أَوْ يُعَرِّضْ بِهِ كَبِعْهُ لِمَنْ شِئْت
(فَإِذَا عَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ فَلْيُبَادِرْ) عَقِبَ عِلْمِهِ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ (عَلَى الْعَادَةِ) وَلَا يُكَلَّفُ الْبِدَارَ عَلَى خِلَافِهَا بِعَدُوٍّ وَنَحْوِهِ بَلْ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ، فَمَا عَدَّهُ تَوَانِيًا وَتَقْصِيرًا كَانَ مُسْقِطًا وَمَا لَا فَلَا، وَضَابِطُ مَا هُنَا مَا مَرَّ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَذَكَرَ كَغَيْرِهِ بَعْضَ ذَلِكَ ثُمَّ وَبَعْضُهُ هُنَا إشَارَةٌ إلَى اتِّحَادِ الْبَابَيْنِ: أَيْ غَالِبًا لِمَا يَأْتِي، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ كَانَ عَلَى شُفْعَتِهِ وَإِنْ مَضَى سُنُونَ: نَعَمْ يَأْتِي فِي خِيَارِ أَمَةٍ عَتَقَتْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ دَعْوَاهَا الْجَهْلَ بِهِ إذَا كَذَّبَتْهَا الْعَادَةُ بِأَنْ كَانَتْ مَعَهُ فِي دَارِهِ وَشَاعَ عِتْقُهَا فَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ هُنَا (فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا) أَوْ مَحْبُوسًا وَلَوْ بِحَقٍّ وَعَجَزَ عَنْ الطَّلَبِ بِنَفْسِهِ (أَوْ غَائِبًا عَنْ بَلَدِ الْمُشْتَرِي) بِحَيْثُ تُعَدُّ غَيْبَتُهُ حَائِلَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُبَاشَرَةِ الطَّلَبِ كَمَا جَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الصَّلَاحِ (أَوْ خَائِفًا مِنْ عَدُوٍّ) أَوْ إفْرَاطِ بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ (فَلْيُوَكِّلْ) فِي الطَّلَبِ (إنْ قَدَرَ) عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ (وَإِلَّا) بِأَنْ عَجَزَ عَنْ التَّوْكِيلِ (فَلْيُشْهِدْ) رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ وَاحِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ (عَلَى الطَّلَبِ) وَلَوْ قَالَ: أَشْهَدْت فُلَانًا وَفُلَانًا فَأَنْكَرَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ (فَإِنْ تَرَكَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا) أَيْ التَّوْكِيلِ وَالْإِشْهَادِ الْمَذْكُورَيْنِ (بَطَلَ حَقُّهُ فِي الْأَظْهَرِ) لِتَقْصِيرِهِ الْمُشْعِرِ بِالرِّضَا، وَالثَّانِي لَا إحَالَةَ لِلتَّرْكِ عَلَى السَّبَبِ الظَّاهِرِ لَا سِيَّمَا أَنَّ التَّوْكِيلَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بَدَلِ مُؤْنَةٍ أَوْ تَحَمُّلٍ مِنْهُ، نَعَمْ الْغَائِبُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّوْكِيلِ وَالرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ كَمَا أَخَذَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ كَلَام الْبَغَوِيّ قَالَ: وَكَذَا إذَا حَضَرَ الشَّفِيعُ وَغَابَ الْمُشْتَرِي، وَيَجُوزُ لِلْقَادِرِ التَّوْكِيلُ أَيْضًا فَغَرَضُهُمْ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَجْزِ إنَّمَا هُوَ لِتَعَيُّنِهِ حِينَئِذٍ طَرِيقًا لَا لِامْتِنَاعِهِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّلَبِ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ سَارَ عَقِبَ الْعِلْمِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكَّلَ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ عَلَى الطَّلَبِ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِعَفْوِهِ وَعَدَمِهِ لِامْتِنَاعِ الْأَخْذِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا لِكَوْنِهِ خِلَافَ الْمَصْلَحَةِ، وَلَوْ تَرَكَ الْوَلِيُّ الْأَخْذَ أَوْ عَفَا وَالْحَالَةُ مَا ذَكَرَ: أَيْ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي التَّرْكِ امْتَنَعَ عَلَى الْمُوَلِّي الْأَخْذُ بَعْدَ كَمَالِهِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُ سم امْتَنَعَ: أَيْ فَيَحْرُمُ تَمَلُّكُهُ لِفَسَادِهِ وَلَا يَنْفُذُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّ الْمُوَلِّي) قَالَ الْأُسْتَاذُ الْبَكْرِيُّ فِي كَنْزِهِ: وَيَتَّجِهُ مِثْلُهُ فِي الشُّفْعَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَسْجِدِ وَبَيْتِ الْمَالِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَلَوْ تَرَكَ مُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ الْأَخْذَ أَوْ عَفَا عَنْهُ لَمْ يَكُنْ مُسْقِطًا لِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ، فَلَهُ الْأَخْذُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ سَبَقَ الْعَفْوُ مِنْهُ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْ ثُمَّ عُزِلَ وَتَوَلَّى غَيْرُهُ كَانَ لِلْغَيْرِ الْأَخْذُ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي التَّرْكِ فَعَفَا امْتَنَعَ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ الْأَخْذُ بَعْدَ ذَلِكَ لِإِسْقَاطِهَا بِانْتِفَاءِ الْمَصْلَحَةِ وَقْتَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: أَحَدُهَا يَمْتَدُّ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) أَيْ وَأَصْلُ الثَّلَاثَةِ قَوْله تَعَالَى {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ} [هود: 65] اهـ عَمِيرَةُ
(قَوْلُهُ: فَمَا عَدَّهُ) أَيْ الْعُرْفُ (قَوْلُهُ: أَوْ إفْرَاطِ بَرْدٍ) وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الشُّفَعَاءِ فَقَدْ يَكُونُ عُذْرًا فِي حَقِّ نَحِيفِ الْبَدَنِ مَثَلًا دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَلْيُشْهِدْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَا يُغْنِيهِ الْإِشْهَادُ عَنْ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي اهـ ثُمَّ قَالَا: فَإِنْ غَابَ الْمُشْتَرِي رَفَعَ الشَّفِيعُ أَمْرَهُ إلَى الْقَاضِي وَإِلَّا أَخَذَ مَعَ حُضُورِهِ كَنَظِيرِهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَالضَّمِيرُ فِي حُضُورِهِ رَاجِعٌ إلَى الْقَاضِي (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ) أَيْ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِ الشُّهُودِ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: فَمَا عَدَّهُ الْعُرْفُ تَوَانِيًا إلَخْ) هَذَا هُوَ الضَّابِطُ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ تُعَدُّ غَيْبَتُهُ حَائِلَةً) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِحَيْلُولَةِ الْغَيْبَةِ؟ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ حَيْلُولَةَ الْغَيْبَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ غَيْبَةٌ فَكُلُّ غَيْبَةٍ كَذَلِكَ وَإِنْ قَصُرَتْ، إذْ لَا يَتَأَتَّى مَعَهَا طَلَبٌ فِي الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ حَيْلُولَتَهَا بِاعْتِبَارِ مَانِعٍ قَارَنَهَا فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْغَيْبَةِ بِذَلِكَ إذْ الْحَاضِرُ كَذَلِكَ إذَا مَنَعَهُ مَانِعٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ الْغَائِبُ مُخَيَّرٌ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُ هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ
فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ تَمَّ عَلَى الْمَقْصُودِ وَهُوَ الْفَسْخُ وَهُنَا عَلَى الطَّلَبِ وَهُوَ وَسِيلَةٌ يُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقْصُودِ وَإِذَا كَانَ الْفَوْرُ بِالْعَادَةِ
(فَلَوْ كَانَ فِي صَلَاةٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ طَعَامٍ) أَوْ قَضَاءِ حَاجَةٍ (فَلَهُ الْإِتْمَامُ) عَلَى الْعَادَةِ وَلَا يُكَلَّفُ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَقَلَّ مُجْزِئٍ، وَلَوْ دَخَلَ وَقْتُ هَذِهِ الْأُمُورِ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِيهَا فَلَهُ الشُّرُوعُ، وَلَوْ نَوَى نَفْلًا مُطْلَقًا فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى رَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ، وَزِيَادَتُهُ عَلَيْهِمَا مَا مَرَّ فِي الْمُتَيَمِّمِ إذَا رَأَى مَاءً فِي صَلَاتِهِ عَلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ.
وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ لَهُ الزِّيَادَةُ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الْعَادَةِ فِي ذَلِكَ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْأَعْذَارَ هُنَا أَوْسَعُ مِنْهَا ثُمَّ كَمَا يُعْلَمُ بِتَأَمُّلِ الْبَابَيْنِ، وَلَهُ التَّأْخِيرُ لَيْلًا حَتَّى يُصْبِحَ مَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الذَّهَابِ إلَيْهِ لَيْلًا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، وَلَوْ أَخَّرَ ثُمَّ اعْتَذَرَ بِمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ غَيْبَةٍ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ عَلِمَ بِهِ الْعَارِضَ الَّذِي يَدَّعِيهِ صُدِّقَ الشَّفِيعُ وَإِلَّا فَالْمُشْتَرِي، وَلَوْ لَقِيَ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ فِي غَيْرِ بَلَدِ الشِّقْصِ فَأَخَّرَ الْأَخْذَ إلَى الْعَوْدِ إلَى بَلَدِ الشِّقْصِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ لِاسْتِغْنَاءِ الْآخِذِ عَنْ الْحُضُورِ عِنْدَ الشِّقْصِ (وَلَوْ أَخَّرَ الطَّلَبَ) لَهَا (وَقَالَ لَمْ أُصَدِّقْ الْمُخْبِرَ) بِبَيْعِ الشَّرِيكِ الشِّقْصَ (لَمْ يُعْذَرْ) جَزْمًا (إنْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ) أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِصِفَةِ الْعَدَالَةِ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَعْتَمِدَ ذَلِكَ.
نَعَمْ لَوْ ادَّعَى جَهْلَهُ بِعَدَالَتِهِمَا صُدِّقَ فِيمَا يَظْهَرُ حَيْثُ أَمْكَنَ خَفَاءُ ذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَلَوْ كَانَا عَدْلَيْنِ عِنْدَهُ دُونَ الْحَاكِمِ عُذِرَ عَلَى مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ نَظَرَ غَيْرُهُ فِيهِ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ مَسْتُورَانِ عُذِرَ قَالَهُ ابْنُ الْمُلَقِّنِ بَحْثًا، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ كَلَامِ السُّبْكِيّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقَعْ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُمَا وَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِيمَا بَعْدَهُ، وَلَا يُنَافِي الْأَوَّلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَمْ يُعْذَرْ إنْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ إذْ مَا هُنَا فِيمَا إذَا قَالَ: إنَّهُمَا غَيْرُ عَدْلَيْنِ عِنْدَ الْحَاكِمِ (وَكَذَا ثِقَةٌ فِي الْأَصَحِّ) وَلَوْ أَمَةً لِأَنَّهُ إخْبَارٌ وَخَبَرُ الثِّقَةِ مَقْبُولٌ.
وَالثَّانِي يُعْذَرُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ وَلَوْ عَدْلًا إلَّا مُنْضَمًّا إلَى الْيَمِينِ (وَيُعْذَرُ إنْ أَخْبَرَهُ مَنْ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ) كَصَبِيٍّ وَفَاسِقٍ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ، وَمَحِلُّهُ مَا لَمْ يَبْلُغْ عَدَدَ التَّوَاتُرِ وَإِلَّا بَطَلَ حَقُّهُ وَلَوْ صِبْيَانًا وَكُفَّارًا وَفَسَقَةً لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِهِمْ حِينَئِذٍ هَذَا كُلُّهُ فِي الظَّاهِرِ، أَمَّا بَاطِنًا فَالْعِبْرَةُ بِمَنْ يَقَعُ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهُ وَكَذِبُهُ، وَلَوْ قَالَ: أَخْبَرَنِي
ــ
[حاشية الشبراملسي]
حِينَ السَّيْرِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ فِي صَلَاةٍ) وَلَوْ نَفْلًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ طَعَامٍ) أَيْ فِي وَقْتِ حُضُورِ طَعَامٍ أَوْ تَنَاوُلِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ لَهُ الزِّيَادَةُ مُطْلَقًا) أَيْ نَوَى قَدْرًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الْعَادَةِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَادَةً اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا بَطَلَ حَقُّهُ (قَوْلُهُ: لِاسْتِغْنَاءِ الْآخِذِ عَنْ الْحُضُورِ عِنْدَ الشِّقْصِ) أَيْ مَا لَمْ يُحْوِجُ ذَلِكَ إلَى رَفْعٍ إلَى حَاكِمٍ يَأْخُذُ مِنْهُ دَرَاهِمَ وَإِنْ قَلَّتْ أَوْ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ عَادَةً (قَوْلُهُ: دُونَ الْحَاكِمِ) أَيْ لِمُخَالَفَتِهِ مَذْهَبَ الشَّفِيعِ مَثَلًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ عَكْسُهُ لِعَدَمِ الثِّقَةِ بِقَوْلِهِمَا، وَلَا يُقَالُ: الْعِبْرَةُ بِمَذْهَبِ الْحَاكِمِ لِأَنَّا نَقُولُ: الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ فَرْعٌ عَنْ ظَنِّ الْبَيْعِ أَوْ تَحَقُّقِهِ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقَعْ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُمَا) أُورِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ بَعْدَ كَوْنِهِمَا عَدْلَيْنِ عِنْدَهُ كَيْفَ لَا يَقَعُ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُمَا.
وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْعَدَالَةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ الْإِخْبَارِ بِخِلَافِ الْوَاقِعِ غَلَطًا أَوْ نَحْوِهِ، وَبِفَرْضِ تَعَمُّدِ الْإِخْبَارِ بِخِلَافِ الْوَاقِعِ، فَذَلِكَ مُجَرَّدُ كَذِبٍ، وَالْكِذْبَةُ الْوَاحِدَةُ كَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ لَا تُوجِبُ فِسْقًا فَلَا تُنَافِي الْعَدَالَةَ (قَوْلُهُ: إذْ مَا هُنَا) أَيْ قَوْلُ السُّبْكِيّ وَمَا هُنَاكَ فِيمَا إذَا كَانَا عَدْلَيْنِ عِنْدَهُ وَعِنْدَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ بِمَنْ يَقَعُ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهُ وَكَذِبُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَدَّدَ فِي ظَاهِرِ الْعَدْلِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الْعَادَةِ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِالْعَادَةِ الْعُرْفُ كَمَا قَدْ يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ: أَيْ مَا يَعُدُّهُ الْعُرْفُ تَوَانِيًا وَمَا لَا يَعُدُّهُ كَذَلِكَ، أَوْ الْمُرَادُ الْعَادَةُ فِي الصَّلَاةِ؟ فَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَهَلْ الْمُرَادُ عَادَتُهُ أَوْ عَادَةُ مَنْ؟ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ عَادَتَهُ فَلْيَنْظُرْ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ عَادَةٌ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَا عَدْلَيْنِ عِنْدَهُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ حَاصِلُ هَذِهِ السَّوَادَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ) فِيهِ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ
رَجُلَانِ وَلَيْسَا عَدْلَيْنِ عِنْدِي وَهُمَا عَدْلَانِ لَمْ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ مُحْتَمَلٌ
(وَلَوْ)(أَخْبَرَهُ) الشَّفِيعُ (بِالْبَيْعِ بِأَلْفٍ) أَوْ جِنْسٍ أَوْ نَوْعٍ أَوْ وَصْفٍ أَوْ أَنَّ الْمَبِيعَ قَدْرُهُ كَذَا، أَوْ أَنَّ الْبَيْعَ مِنْ فُلَانٍ، أَوْ أَنَّ الْبَائِعَ اثْنَانِ أَوْ وَاحِدٌ (فَتَرَكَ) الشُّفْعَةَ (فَبَانَ) بِأَقَلَّ كَأَنْ بَانَ (بِخَمْسِمِائَةٍ) أَوْ بِغَيْرِ الْجِنْسِ أَوْ النَّوْعِ أَوْ الْوَصْفِ أَوْ الْقَدْرِ الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ، أَوْ أَنَّ الْمَبِيعَ مِنْ غَيْرِ فُلَانٍ، أَوْ أَنَّ الْبَائِعَ أَكْثَرُ أَوْ أَقَلُّ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ (بَقِيَ حَقُّهُ) لِأَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَهُ لِغَرَضٍ بَانَ خِلَافُهُ وَلَمْ يَتْرُكْهُ رَغْبَةً عَنْهُ (أَوْ بَانَ بِأَكْثَرَ) مِنْ أَلْفٍ (بَطَلَ) حَقُّهُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْغَبْ فِيهِ بِالْأَقَلِّ فَبِالْأَكْثَرِ أَوْلَى، وَكَذَا لَوْ أُخْبِرَ بِمُؤَجَّلٍ فَعَفَا عَنْهُ فَبَانَ حَالًّا لِأَنَّ عَفْوَهُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ رَغْبَتِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ لَهُ التَّأْخِيرَ إلَى الْحُلُولِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ أُخْبِرَ بِمَا هُوَ الْأَنْفَعُ لَهُ فَتَرَكَ الْأَخْذَ بَطَلَ حَقُّهُ وَإِلَّا فَلَا (وَلَوْ)(لَقِيَ) الشَّفِيعُ (الْمُشْتَرِيَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ أَوْ قَالَ) لَهُ (بَارَكَ اللَّهُ) لَك (فِي صَفْقَتِك) أَوْ سَأَلَهُ عَنْ الثَّمَنِ (لَمْ يَبْطُلْ) حَقُّهُ لِأَنَّ السَّلَامَ قَبْلَ الْكَلَامِ سُنَّةٌ وَلِأَنَّ جَاهِلَ الثَّمَنِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَعْرِفَتِهِ، وَقَدْ يُرِيدُ الْعَارِفُ إقْرَارَ الْمُشْتَرِي وَلِأَنَّهُ يَدْعُو بِالْبَرَكَةِ لِيَأْخُذَ صَفْقَةً مُبَارَكَةً، وَكَذَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ السَّلَامِ وَالدُّعَاءِ كَمَا اقْتِضَاءُ كَلَامِ الْمَحَامِلِيِّ فِي التَّجْرِيدِ، فَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى الْوَاوِ (وَفِي الدُّعَاءِ وَجْهٌ) أَنَّهُ يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ الشُّفْعَةِ لِإِشْعَارِهِ بِتَقْرِيرِ الشِّقْصِ فِي يَدِهِ، وَمَحِلُّ هَذَا الْوَجْهِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ إذَا زَادَ لَفْظَةُ " لَك "(وَلَوْ)(بَاعَ الشَّفِيعُ حِصَّتَهُ) كُلَّهَا أَوْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا بِغَيْرِ الْبَيْعِ كَهِبَةٍ (جَاهِلًا بِالشُّفْعَةِ)(فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهَا) لِزَوَالِ سَبَبِهَا وَهُوَ الشَّرِكَةُ بِخِلَافِ بَيْعِ الْبَعْضِ.
وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ كَانَ شَرِيكًا عِنْدَ الْبَيْعِ وَلَمْ يَرْضَ بِسُقُوطِ حَقِّهِ، وَخَرَجَ بِالْجَهْلِ مَا لَوْ عَلِمَ فَيَبْطُلُ جَزْمًا، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا بَاعَ بَعْضَ حِصَّتِهِ كَمَا لَوْ عَفَا عَنْ الْبَعْضِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ حَيْثُ انْتَقَلَ الْمِلْكُ عَنْهُ لِأَنَّ مِلْكَهُ الْعَائِدَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ الشُّفْعَةِ بِمَالٍ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَتَبْطُلُ شُفْعَتُهُ إنْ عَلِمَ بِفَسَادِهِ، فَإِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَتَرَكَ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ مِنْ الشُّفْعَةِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَهَذَا فِي غَيْرِ الْعَدْلِ كُلُّهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ اهـ.
فَأَفْهَمَ أَنَّهُ فِي الْعَدْلِ لَا عِبْرَةَ بِتَرَدُّدِهِ (قَوْلُهُ: وَهُمَا عَدْلَانِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا عَدْلَانِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ
(قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا هُوَ الْأَنْفَعُ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي مُسْقِطِ الشُّفْعَةِ بِأَنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي وَنَفَاهُ الشَّفِيعُ صُدِّقَ الشَّفِيعُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ (قَوْلُهُ: فِي صَفْقَتِك) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ هُنَاكَ اللَّهُ بِهَذِهِ الصَّفْقَةِ سَقَطَ حَقُّهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِالرِّضَا بِبَقَاءِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ السَّلَامَ قَبْلَ الْكَلَامِ سُنَّةٌ) يُؤْخَذُ مِنْهُ بُطْلَانُ حَقِّهِ إذَا لَمْ يُسَنَّ السَّلَامُ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَهُوَ وَاضِحٌ
(قَوْلُهُ: إذَا زَادَ لَفْظَةَ لَك) أَيْ فَلَوْ لَمْ يُزِدْ لَك لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ بِلَا خِلَافٍ.
وَعِبَارَةُ عَمِيرَةَ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مَحِلُّ الْخِلَافِ فِي الدُّعَاءِ إذَا خَاطَبَ لَهُ كَأَنْ يَقُولَ: بَارَكَ اللَّهُ لَك، وَأَمَّا بَارَكَ اللَّهُ فِيهِ فَلَا يَضُرُّ جَزْمًا كَمَا أَوْضَحْته فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهِيَ تُخَالِفُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُزِدْ لَك لَمْ يَكُنْ مِنْ مَحِلِّ الْخِلَافِ، وَإِنْ خَاطَبَ (قَوْلُهُ: جَاهِلًا بِالشُّفْعَةِ) أَيْ وَبِالْبَيْعِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لِزَوَالِ سَبَبِهَا وَهُوَ الشَّرِكَةُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ بَيْعِ الْبَعْضِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ زَالَ الْبَعْضُ قَهْرًا كَأَنْ مَاتَ الشَّفِيعُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ قَبْلَ الْأَخْذِ فَبِيعَ بَعْضُ حِصَّتِهِ فِي دَيْنِهِ جَبْرًا عَلَى الْوَارِثِ وَبَقِيَ بَاقِيهَا لَهُ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ لِانْتِفَاءِ تَخَيُّلِ الْعَفْوِ مِنْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَيَأْخُذُ الْجَمِيعَ.
وَقَوْلُهُ أَنَّ لَهُ: أَيْ لِوَارِثِ الشَّفِيعِ، وَقَضِيَّتُهُ قَوْلُهُ: قَهْرًا أَنَّهُ لَوْ زَالَ مِلْكُهُ اخْتِيَارًا سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الشُّفْعَةِ وَبَطَلَتْ الشُّفْعَةُ، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ الشَّارِحِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ) أَيْ وَلَوْ جَاهِلًا بِبَيْعِ الشَّرِيكِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ انْتَقَلَ الْمِلْكُ عَنْهُ) أَيْ بِأَنْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ فَقَطْ اهـ سم عَلَى حَجّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَوْ وَاحِدٌ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ تَيَسَّرَ أَخْذُ حِصَّتهِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِمَا مَرَّ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِتَعَدُّدِهِ، وَقَدْ لَا يَجِدُ عِنْدَهُ مَا يَأْخُذُ بِهِ الْجَمِيعَ، أَوْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي عَدَمِ أَخْذِ الْجَمِيعِ.