المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَابُ الْغَصْبِ (هُوَ) لُغَةً: أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا، وَقِيلَ بِشَرْطِ الْمُجَاهَرَةِ. - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٥

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الشِّرْكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ جَوَازِ الْوَكَالَةِ وَمَا تَنْفَسِخُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌[فَصْلٌ فِي صِيغَةِ الْإِقْرَارُ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوط الْمُقَرِّ بِهِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةُ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ جَوَازِ الْعَارِيَّةِ وَمَا لِلْمُعِيرِ

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْغَصْبِ وَانْقِسَامِ الْمَغْصُوبِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَضَمَانِ الْمَغْصُوبِ]

- ‌فَصْلٌ) فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَةٍ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَدَلِ الشِّقْصِ الَّذِي يُؤْخَذُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الْقِرَاضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْعَاقِدَيْنِ وَأَحْكَامِ الْقِرَاضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ وَلُزُومِ الْمُسَاقَاةِ وَهَرَبِ الْعَامِلِ

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَنَافِعَ يَمْتَنِعُ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ لِعَقَارٍ أَوْ دَابَّةٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ غَايَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي تُقَدَّرُ بِهَا الْمَنْفَعَةُ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَرْضِ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِهِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لقط الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَمَلُّكِ وَغُرْم اللُّقَطَةَ]

- ‌ كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَرِقِّهِ وَاسْتِلْحَاقِهِ

- ‌كِتَابُ الْجَعَالَةِ

الفصل: ‌ ‌كِتَابُ الْغَصْبِ (هُوَ) لُغَةً: أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا، وَقِيلَ بِشَرْطِ الْمُجَاهَرَةِ.

‌كِتَابُ الْغَصْبِ

(هُوَ) لُغَةً: أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا، وَقِيلَ بِشَرْطِ الْمُجَاهَرَةِ. وَشَرْعًا (الِاسْتِيلَاءُ) وَمَدَارُهُ عَلَى الْعُرْفِ كَمَا يَظْهَرُ بِالْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ، فَلَيْسَ مِنْهُ مَنْعُ الْمَالِكِ مِنْ سَقْيِ زَرْعِهِ أَوْ مَاشِيَتِهِ حَتَّى تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ لِانْتِفَاءِ الِاسْتِيلَاءِ سَوَاءٌ أَقَصَدَ مَنْعَهُ عَنْهُ أَمْ لَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَفَارَقَ هَذَا هَلَاكَ وَلَدِ شَاةٍ ذَبَحَهَا بِأَنَّهُ ثَمَّ أَتْلَفَ غِذَاءَ الْوَلَدِ الْمُتَعَيَّنِ لَهُ بِإِتْلَافِ أُمِّهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَبِهَذَا الْفَرْقِ يَتَأَيَّدُ مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ قُبَيْلَ وَالْأَصَحُّ أَنَّ السَّمْنَ وَيَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: فَإِنْ أَرَادَ قَوْمٌ سَقْيَ أَرْضِهِمْ فِيمَنْ عَطَّلَ شِرْبَ مَاءِ الْغَيْرِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ (عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ) وَلَوْ كَلْبًا وَخَمْرًا مُحْتَرَمَيْنِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

[كِتَابُ الْغَصْبِ]

ِ (قَوْلُهُ: وَمَدَارُهُ) أَيْ الِاسْتِيلَاءِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ مِنْهُ مَنْعُ الْمَالِكِ) أَيْ أَوْ غَيْرِهِ مَنْعًا خَاصًّا كَمَنْعِ الْمَالِكِ وَأَتْبَاعِهِ مَثَلًا، أَمَّا الْمَنْعُ الْعَامُّ كَأَنْ مَنَعَ جَمِيعَ النَّاسِ عَنْ سَقْيِهَا فَيَضْمَنُ بِذَلِكَ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الشَّبْشِيرِيِّ بِالدَّرْسِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ سَقْيِ زَرْعِهِ) أَيْ كَأَنْ حَبَسَهُ مَثَلًا فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ عَدَمُ السَّقْيِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدُ سَوَاءٌ أَقَصَدَ مَنْعَهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ ثَمَّ) أَيْ فِي الشَّاةِ (قَوْلُهُ: مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ) لَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ شَيْئًا، وَفِي حَجّ ثُمَّ مَا نَصُّهُ: وَأَفْتَى أَيْضًا: أَيْ ابْنُ الصَّلَاحِ بِضَمَانِ شَرِيكٍ غَوَّرَ مَاءَ عَيْنٍ مِلْكٍ لَهُ وَلِشُرَكَائِهِ فَيَبِسَ مَا كَانَ يَسْقِي بِهَا مِنْ الشَّجَرِ وَنَحْوِهِ أَفْتَى الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ وَكَأَنَّهُ نَظَرَ لِقَوْلِهِمْ لَوْ أَخَذَ ثِيَابَهُ مَثَلًا فَهَلَكَ بَرْدًا لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مُهْلِكٌ لَهُ، وَمَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ مَا يَرُدُّهُ: أَيْ النَّظَرَ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ وَيَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ أَرَادَ قَوْمٌ إلَخْ لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ قَوْلَهُ ثُمَّ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَنْ لِأَرْضِهِ شِرْبٌ مِنْ مَاءٍ مُبَاحٍ فَعَطَّلَهُ آخَرُ بِأَنْ أَحْدَثَ مَا يَنْحَدِرُ بِهِ الْمَاءُ عَنْهُ تَأْثِيمُ فَاعِلِهِ وَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ مُدَّةَ تَعْطِيلِهَا لَوْ سُقِيَتْ بِذَلِكَ الْمَاءِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْمُسَاقَاةِ اهـ إلَّا أَنَّهُ يَتَأَمَّلُ حِينَئِذٍ كَوْنَ هَذَا مُؤَيِّدًا لِلْفَرْقِ، فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ رَدُّهُ لَا تَأْيِيدُهُ. إلَّا أَنْ يُقَالَ: وَجْهُ التَّأْيِيدِ أَنَّهُ يَجْعَلُ عِلَّةَ عَدَمِ الضَّمَانِ فِيمَا يَأْتِي أَنَّ سَقْيَ الْأَرْضِ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ ذَلِكَ الْمَاءُ بَلْ يُمْكِنُ السَّقْيُ بِغَيْرِهِ، بِخِلَافِ الشَّاةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ مَا يَصْلُحُ لِغِذَاءِ وَلَدِ الشَّاةِ سِوَى لَبَنِ أُمِّهِ أَوْ أَنَّ مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ مُؤَيِّدٌ لِضَمَانِ وَلَدِ الشَّاةِ وَمَا بَعْدَهُ مُؤَيِّدٌ لِعَدَمِ ضَمَانِ الزَّرْعِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ وَجْهَ تَأْيِيدِ مَا هُنَا لِمَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّ لَبَنَ الشَّاةِ مِنْ حَيْثُ نِسْبَتُهُ إلَيْهَا مُتَعَيِّنٌ لِوَلَدِهَا، وَكَذَلِكَ الْعَيْنُ الَّتِي أُعِدَّتْ بِخُصُوصِهَا لِسَقْيِ زَرْعٍ فَإِنَّهَا مُعَدَّةٌ بِحَسَبِ الْقَصْدِ مِمَّنْ هَيَّأَهَا لِذَلِكَ الزَّرْعِ. وَعَلَيْهِ فَيَتَعَيَّنُ فَرْضُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ هُنَا فِي مَسْأَلَةِ الزَّرْعِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَاءُ مُعَدًّا لَهُ كَمَاءِ الْأَمْطَارِ وَالسُّيُولِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَلْبًا) أَيْ نَافِعًا، وَخَرَجَ بِهِ الْعَقُورُ: أَيْ وَكَذَا مَا لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ كَالْفَوَاسِقِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

كِتَابُ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ هَذَا هَلَاكَ وَلَدِ شَاةٍ إلَخْ) قَضِيَّةُ السِّيَاقِ أَنَّ هَذَا يُسَمَّى غَصْبًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَسَيُعِيدُ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعَ فَرْقٍ آخَرَ أَظْهَرَ مِنْ هَذَا. (قَوْلُهُ: يَتَأَيَّدُ مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ إلَخْ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِمَا فِي التُّحْفَةِ، لَكِنَّهُ أَغْفَلَ مَا فِي التُّحْفَةِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي أَحَالَ عَلَيْهِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَهُوَ ضَمَانُ شَرِيكٍ غَوَّرَ مَاءَ عَيْنٍ مِلْكٍ لَهُ وَلِشُرَكَائِهِ فَيَبِسَ مَا كَانَ يَسْقِي بِهَا مِنْ الشَّجَرِ، وَقَوْلُهُ: قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ أَرَادَ قَوْمٌ إلَخْ أَيْ: فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

ص: 144

وَشَمِلَ الِاخْتِصَاصَاتِ كَحَقٍّ مُتَحَجِّرٍ وَمَنْ قَعَدَ بِنَحْوِ مَسْجِدٍ أَوْ شَارِعٍ لَا يُزْعِجُ عَنْهُ وَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ فِي دَقَائِقِهِ حَبَّةَ الْبُرِّ غَيْرَ مَالِ مُرَادِهِ بِهِ غَيْرَ مُتَمَوَّلٍ لِمَا قَدَّمَهُ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهَا مَالٌ، وَعَبَّرَ عَنْهُ أَصْلُهُ بِالْمَالِ إذْ هُوَ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ الْآتِي، وَعَدَلَ عَنْهُ إلَى أَعَمَّ مِنْهُ لِيَكُونَ التَّعْرِيفُ جَامِعًا لِأَفْرَادِ الْغَصْبِ الْمُحَرَّمِ الْوَاجِبِ فِيهِ الرَّدُّ، وَأَمَّا الضَّمَانُ فَسَيُصَرِّحُ بِانْتِفَائِهِ عَنْ غَيْرِ الْمَالِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْخَمْرَ، فَمَا صَنَعَهُ هُنَا أَحْسَنُ مِنْ أَصْلِهِ وَإِنْ عَكَسَهُ بَعْضُهُمْ (عُدْوَانًا) أَيْ وَجْهُ الظُّلْمِ وَالتَّعَدِّي فَخَرَجَ بِهِ نَحْوَ مَأْخُوذٍ بِسَوْمٍ وَعَارِيَّةٍ وَمَا كَانَ أَمَانَةً شَرْعِيَّةً كَثَوْبٍ طَيَّرَتْهُ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ أَوْ حِجْرِهِ، وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ مَا لَوْ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ يَظُنُّهُ مَالَهُ حَيْثُ ضَمِنَهُ ضَمَانَ الْغَصْبِ لِأَنَّ الثَّابِتَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حُكْمُ الْغَصْبِ لَا حَقِيقَتَهُ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمُتَبَادَرَ وَالْغَالِبَ مِنْ الْغَصْبِ مَا يَقْتَضِي الْإِثْمَ،

وَاسْتُحْسِنَ تَعْبِيرُهُ فِي الرَّوْضَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ لِشُمُولِهَا هَذِهِ الصُّورَةَ وَاقْتِضَائِهَا أَنَّ الثَّابِتَ فِيهَا حَقِيقَةُ الْغَصْبِ نَظَرًا إلَى أَنَّ حَقِيقَتَهُ صَادِقَةٌ مَعَ انْتِفَاءِ التَّعَدِّي، إذْ الْقَصْدُ بِالْحَدِّ ضَبْطُ جَمِيعِ صُوَرِ الْغَصْبِ الَّتِي فِيهَا إثْمٌ وَاَلَّتِي لَا إثْمَ فِيهَا، وَمَا اسْتَحْسَنَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ زِيَادَةٍ قَهْرًا لِإِخْرَاجِ السَّرِقَةِ وَغَيْرِهَا وَمِنْ زِيَادَةٍ لَا عَلَى وَجْهِ اخْتِلَاسٍ أَوْ نَحْوِهِ رُدَّ بِخُرُوجِ الثَّلَاثَةِ بِالِاسْتِيلَاءِ، فَإِنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ، وَالتَّنْظِيرُ فِيهِ بِادِّعَاءِ أَنَّ السَّرِقَةَ نَوْعٌ مِنْ الْغَصْبِ أُفْرِدَ بِحُكْمٍ خَاصٍّ فِيهِ نَظَرٌ، وَصَنِيعُهُمْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْخَمْسُ فَلَا بُدَّ عَلَيْهَا وَلَا يَجِبُ رَدُّهَا بِرّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ فِي الْإِقْرَارِ وَلَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ قَبْلَ تَفْسِيرِهِ بِنَجِسٍ لَا يُقْتَنَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي ثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ تَسُوغُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ. وَأُجِيبَ ثَمَّ بِأَنَّ قَبُولَ التَّفْسِيرِ بِهِ إنَّمَا هُوَ لِصِدْقِ الشَّيْءِ عَلَيْهِ وَوَصْفُهُ بِكَوْنِهِ عِنْدَهُ لَا يَسْتَدْعِي أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ يَدًا (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ) أَيْ التَّعْرِيفُ أَوْ أُلْحِقَ الِاخْتِصَاصَاتُ: أَيْ فَيَكُونُ غَصْبُهَا كَبِيرَةً فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي حَبَّةِ الْبُرِّ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ النَّفْعَ بِهَا أَكْثَرُ مِنْ النَّفْعِ بِحَبَّةِ الْبُرِّ، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَأَمْوَالُكُمْ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ قَعَدَ) أَيْ وَشَمِلَ مَنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يُزْعِجُ عَنْهُ) أَيْ قُعُودٌ لَا يُزْعِجُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: مُرَادُهُ بِهِ غَيْرُ مُتَمَوَّلٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمِصْبَاحِ تَمَوَّلَ اتَّخَذَ مَالًا وَمَوَّلَهُ غَيْرُهُ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: تَمَوَّلَ مَالًا اتَّخَذَهُ قُنْيَةٌ، فَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ مَا يُتَمَوَّلُ مَا يُعَدُّ مَالًا فِي الْعُرْفِ وَالْمَالُ عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِيَةِ النَّعَمُ اهـ. فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَا كَانَ صِفَةً لِلْمَالِ اسْمُ مَفْعُولٍ وَمَا كَانَ صِفَةً لِلْفَاعِلِ اسْمُ فَاعِلٍ (قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ عَنْهُ) أَيْ الْحَقِّ (قَوْلُهُ وَالتَّعَدِّي) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ حِجْرِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَيَّرَتْهُ إلَى مَحَلٍّ قَرِيبٍ مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ يَدٌ كَالْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ الْقَهْرِ) فِي إخْرَاجِهِ لِلِانْتِهَاءِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْآخِذَ فِيهِ يُعَدُّ مُسْتَوْلِيًا بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ بَلْ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي إخْرَاجِهِ لِلْجَمِيعِ، سِيَّمَا وَقَدْ جَعَلَ الشَّارِحُ الِاسْتِيلَاءَ شَامِلًا لِمَا قَبَضَهُ لِسَوْمٍ أَوْ أَمَانَةٍ كَثَوْبٍ طَيَّرَتْهُ الرِّيحُ إلَى دَارٍ أَوْ حِجْرِهِ (قَوْلُهُ وَالتَّنْظِيرُ فِيهِ) أَيْ فِي إخْرَاجِ السَّرِقَةِ وَنَحْوِهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَشَمِلَ الِاخْتِصَاصَاتِ) لَعَلَّ لَفْظَ شَمِلَ مُحَرَّفٌ عَنْ لَفْظِ سَائِرِ مِنْ الْكَتَبَةِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَسَائِرُ الْحُقُوقِ وَالِاخْتِصَاصَاتِ كَحَقٍّ مُتَحَجِّرٍ (قَوْلُهُ: وَمَنْ قَعَدَ بِنَحْوِ مَسْجِدٍ) أَيْ: وَكَحَقِّ مَنْ قَعَدَ بِنَحْوِ مَسْجِدٍ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَكَإِقَامَةِ مَنْ قَعَدَ بِسُوقٍ أَوْ مَسْجِدٍ لَا يُزْعَجُ مِنْهُ، وَالْجُلُوسُ مَحَلُّهُ انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ: لَا يُزْعَجُ مِنْهُ وَصْفٌ لِمَسْجِدٍ أَوْ شَارِعٍ: أَيْ بِأَنْ كَانَ جُلُوسُهُ بِحَقٍّ (قَوْلُهُ: نَظَرًا إلَى الْمُتَبَادَرِ وَالْغَالِبِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ هُنَاكَ صُوَرًا مِنْ الْغَصْبِ الْحَقِيقِيِّ لَا إثْمَ فِيهَا، وَهُوَ قَدْ يُنَافِي مَا مَرَّ، بَلْ قَدْ تَدْخُلُ الصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ بِادِّعَاءِ أَنَّهَا مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: وَمَا اسْتَحْسَنَهُ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَاسْتَحْسَنَ الرَّافِعِيُّ زِيَادَةَ قَهْرًا لِيُخْرِجَ السَّرِقَةَ، وَغَيْرَهُ زِيَادَةً لَا عَلَى وَجْهِ اخْتِلَاسٍ أَوْ انْتِهَابٍ وَرَدَّا بِأَنَّ الثَّلَاثَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالتَّنْظِيرُ فِيهِ) أَيْ: فِي الرَّدِّ الْمَذْكُور

ص: 145

بِإِفْرَادِهَا بِبَابٍ مُسْتَقِلٍّ وَجَعْلُهَا مِنْ مَبَاحِثِ الْجِنَايَاتِ قَاضٍ بِخِلَافِهِ، وَقَدْ أَفَادَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي تَعْرِيفِ الْغَصْبِ أَنَّهُ حَقِيقَةً وَإِثْمًا وَضَمَانًا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ عُدْوَانًا، وَضَمَانًا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَإِنَّمَا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ عُدْوَانًا، وَلَوْ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ بِالْحَيَاءِ كَانَ لَهُ حُكْمُ الْغَصْبِ، فَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ: مَنْ طَلَبَ مِنْ غَيْرِهِ مَالًا فِي الْمَلَا فَدَفَعَهُ إلَيْهِ لِبَاعِثِ الْحَيَاءِ فَقَطْ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ وَهُوَ كَبِيرَةٌ، قَالَا نَقْلًا عَنْ الْهَرَوِيِّ إنْ بَلَغَ نِصَابًا، لَكِنْ نَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ غَصْبَ الْحَبَّةِ وَسَرِقَتَهَا كَبِيرَةٌ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ، وَيُوَافِقُهُ إطْلَاقُ الْمَاوَرْدِيِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ فِعْلَهُ مَعَ الِاسْتِحْلَالِ مِمَّا لَا يَخْفَى عَلَيْهِ كُفْرٌ وَمَعَ عَدَمِهِ فِسْقٌ، وَلَعَلَّ هَذَا التَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ حِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَصَرِيحُ مَذْهَبِنَا أَنَّ اسْتِحْلَالَ مَا تَحْرِيمُهُ ضَرُورِيٌّ كُفْرٌ وَمَا لَا فَلَا وَإِنْ فَعَلَهُ فَتَفَطَّنْ لَهُ

(فَلَوْ)(رَكِبَ دَابَّةً) لِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ وَإِنْ كَانَ مَالِكُهَا حَاضِرًا وَسَيَّرَهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَضَعَ عَلَيْهَا مَتَاعًا مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ بِحُضُورِهِ فَسَيَّرَهَا الْمَالِكُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْمَتَاعَ وَلَا يَضْمَنُ مَالِكُهُ الدَّابَّةَ إذْ لَا اسْتِيلَاءَ مِنْهُ عَلَيْهَا (أَوْ جَلَسَ) أَوْ تَحَامَلَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: قَاضٍ بِخِلَافِهِ) أَيْ لَكِنَّهُ يَقْتَضِي تَخَلُّفَ أَحْكَامِ الْغَصْبِ عَنْهَا كَالضَّمَانِ بِأَقْصَى الْقِيَمِ وَالْأُجْرَةِ وَهُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ حَقٍّ) أَيْ حَيْثُ ظَنَّهُ مَالَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الِاسْتِيلَاءُ إلَخْ) زَادَ فِي الْعُبَابِ وَلَا إثْمًا وَلَا ضَمَانًا اهـ. وَصُورَتُهُ أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَى اخْتِصَاصِ غَيْرِهِ يَظُنُّهُ اخْتِصَاصَهُ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَوْ تَحَامَلَ بِرِجْلِهِ زَادَ حَجّ: أَيْ وَإِنْ اعْتَمَدَ مَعَهَا عَلَى الرِّجْلِ الْأُخْرَى فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ حُكْمُ الْغَصْبِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ طَلَبٌ مِنْ الْآخِذِ فَالْمَدَارُ عَلَى مُجَرَّدِ الْعِلْمِ بِأَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ دَفَعَهُ حَيَاءً لَا مُرُوءَةً أَوْ رَغْبَةً فِي خَيْرٍ، وَمِنْهُ مَا لَوْ جَلَسَ عِنْدَ قَوْمٍ يَأْكُلُونَ مَثَلًا وَسَأَلُوهُ فِي أَنْ يَأْكُلَ مَعَهُمْ وَعَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ حَيَائِهِمْ مِنْ جُلُوسِهِ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَبِيرَةٌ) إطْلَاقُهُ شَامِلٌ لِلْمَالِ وَإِنْ قَلَّ وَلِلِاخْتِصَاصَاتِ وَمَا لَوْ أَقَامَ إنْسَانًا مِنْ نَحْوِ مَسْجِدٍ أَوْ سُوقٍ فَيَكُونُ كَبِيرَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ، بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ غَصْبِ نَحْوِ حَبَّةِ الْبُرِّ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بِهِ أَكْثَرُ وَالْإِيذَاءُ الْحَاصِلُ بِذَلِكَ أَشَدُّ (قَوْلُهُ: وَمَعَ عَدَمِهِ) أَيْ الِاسْتِحْلَالِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ هَذَا التَّفْصِيلَ) أَيْ وَلَعَلَّ نِسْبَةَ هَذَا التَّفْصِيلِ لِلْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ، وَإِلَّا فَصَرِيحُ الْمَذْهَبِ يُفِيدُ ذَلِكَ وَلَا حَاجَةَ لِعَزْوِهِ لِلْمَاوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَعَلَهُ) أَيْ وَعَلِمَ بِحُرْمَتِهِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ بِحُضُورِهِ) أَيْ أَوْ سَاقَهَا أَوْ أَشَارَ إلَيْهَا بِحَشِيشٍ مَثَلًا فِي يَدِهِ فَتَبِعَتْهُ (قَوْلُهُ أَوْ تَحَامَلَ بِرِجْلِهِ) وَمِنْهُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ الْمَشْيِ عَلَى مَا يُفْرَشُ فِي صَحْنِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ مِنْ الْفَرَاوِيُّ وَالثِّيَابِ وَنَحْوِهِمَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَنَّ الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي تَعْرِيفِ الْغَصْبِ أَنَّهُ حَقِيقَةً وَإِثْمًا وَضَمَانًا إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْعَطْفِ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَحَقِيقَتُهُ ضَمَانًا وَإِثْمًا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ عُدْوَانًا، وَضَمَانًا فَقَطْ الِاسْتِيلَاءُ بِلَا تَعَدٍّ كَلُبْسِ مُودِعٍ غَلَطًا وَإِثْمًا فَقَطْ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مُحْتَرَمٍ وَلَا مَالِيَّةَ لَهُ عُدْوَانًا انْتَهَتْ. فَجَعَلَ الْكُلَّ حَقَائِقَ لِلْغَصْبِ لَكِنْ بِاعْتِبَارَاتٍ وَزَادَ الشِّهَابُ سم عَلَيْهِ: وَحَقِيقَةً لَا ضَمَانًا وَلَا إثْمًا بَلْ وُجُوبُ رَدٍّ فَقَطْ الِاسْتِيلَاءُ بِلَا تَعَدٍّ عَلَى مُحْتَرَمٍ غَيْرِ مَالٍ كَأَخْذِ سِرْجِينِ الْغَيْرِ يَظُنُّهُ لَهُ، قَالَ: وَبَقِيَ حَقِيقَتُهُ الْأَعَمُّ مِنْ الضَّمَانِ وَالْإِثْمِ وَالرَّدِّ وَهُوَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مُحْتَرَمِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ مُطْلَقًا اهـ.

وَهَذَا الْأَخِيرُ قَدْ يَشْمَلُ الِاسْتِيلَاءَ عَلَى زَوْجَةِ الْغَيْرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: وَضَمَانًا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ) صَرِيحُ السِّيَاقِ كَمَا لَا يَخْفَى أَنَّ حَقِيقَةَ الضَّمَانِ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِيهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُقَسَّمَ الْغَصْبُ فَتَأَمَّلْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الَّذِي بَعْدَهُ

(قَوْلُهُ: وَسَيَّرَهَا) أَيْ الْمَالِكُ فَهُوَ مَدْخُولُ الْغَايَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ وَضَعَ عَلَيْهَا مَتَاعًا إلَخْ) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ وَضَعَهُ لِيَقْضِيَ حَاجَةً مَثَلًا ثُمَّ يَأْخُذَهُ، إذْ يَبْعُدُ أَنَّ مَالِكَ الدَّابَّةِ لَوْ كَانَ قَاصِدًا نَحْوَ دَارِ صَاحِبِ الْمَتَاعِ فَوَضَعَ الْمَتَاعَ عَلَى الدَّابَّةِ وَدَلَّتْ الْحَالُ عَلَى إذْنِهِ لَهُ فِي إيصَالِهِ إلَى مَحَلِّهِ أَنَّهُ يَضْمَنُ فَلْيُرَاجَعْ.

ص: 146

بِرِجْلِهِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ (عَلَى فِرَاشٍ) لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةُ الْحَالِ عَلَى إبَاحَةِ الْجُلُوسِ مُطْلَقًا أَوْ لِنَاسٍ مَخْصُوصِينَ كَفَرْشِ مَسَاطِبِ التُّجَّارِ لِمَنْ لَهُ عِنْدَهُمْ حَاجَةٌ فَغَاصِبٌ وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهُ إذْ غَايَةُ الِاسْتِيلَاءِ حَاصِلَةٌ بِذَلِكَ، وَهِيَ الِانْتِفَاعُ بِهِ مُتَعَدِّيًا وَسَوَاءٌ أَقَصَدَ الِاسْتِيلَاءَ أَمْ لَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ السُّبْكِيُّ، وَصَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلَ الْكَافِي مَنْ لَمْ يَقْصِدْهُ لَا يَكُونُ غَاصِبًا وَلَا ضَامِنًا، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ اعْتِبَارَ النَّقْلِ فِي كُلِّ مَنْقُولٍ سِوَى الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ ذَهَبَ جَمْعٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ مَنْقُولًا كَكِتَابٍ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ مَالِكٍ لِيَنْظُرَهُ وَيَرُدَّهُ حَالًا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ اسْتِيلَاءً عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْهُ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُمْ عَلَى مَا إذَا دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى رِضَا مَالِكِهِ بِأَخْذِهِ لِلنَّظَرِ فِيهِ، وَلَا دَلِيلَ لَهُمْ فِيمَا يَأْتِي فِي الدُّخُولِ لِلتَّفَرُّجِ، لِأَنَّ الْأَخْذَ وَالرَّفْعَ اسْتِيلَاءٌ حَقِيقِيٌّ فَلَمْ يَحْتَجْ مَعَهُ إلَى قَصْدٍ، وَلَا كَذَلِكَ مُجَرَّدُ الدُّخُولِ وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ نَقْلِ الْمَنْقُولِ فِي الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ فِي مَنْقُولٍ لَيْسَ بِيَدِهِ، فَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ كَوَدِيعَةٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الضَّمَانِ مَا لَمْ تَعُمَّ الْفَرَاوِيُّ وَنَحْوُهَا الْمَسْجِدَ بِأَنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَثُرَتْ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ وَلَا حُرْمَةَ لِتَعَدِّي الْوَاضِعِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى فِرَاشٍ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: لَوْ جَلَسَ عَلَيْهِ ثُمَّ انْتَقَلَ عَنْهُ ثُمَّ جَلَسَ آخَرُ عَلَيْهِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا غَاصِبٌ، وَلَا يَزُولُ الْغَصْبُ عَنْ الْأَوَّلِ بِانْتِقَالِهِ عَنْهُ لِأَنَّ الْغَاصِبَ إنَّمَا يَبْرَأُ بِالرَّدِّ لِلْمَالِكِ أَوْ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، فَلَوْ تَلِفَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ تَلِفَ فِي يَدِ الثَّانِي فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَ انْتِقَالِهِ أَيْضًا عَنْهُ فَعَلَى كُلٍّ الْقَرَارُ، لَكِنْ هَلْ لِلْكُلِّ أَوْ لِلنِّصْفِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَظْهَرُ الْأَوَّلُ؛ وَلَوْ نَقَلَ الدَّابَّةَ وَمَالِكُهَا رَاكِبٌ عَلَيْهَا بِأَنْ أَخَذَ بِرَأْسِهَا وَسَيَّرَهَا مَعَ ذَلِكَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ غَاصِبًا لِأَنَّهُ يُعَدُّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ مَعَ اسْتِقْلَالِ مَالِكِهَا بِالرُّكُوبِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا لَوْ تَنَازَعَا أَوْ أُتْلِفَتْ حُكِمَ بِهَا لِلرَّاكِبِ وَاخْتُصَّ بِهِ الضَّمَانُ اهـ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فَعَلَى كُلٍّ الْقَرَارُ أَنَّ مَنْ غَرِمَ مِنْهُمَا لَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَأْخُذُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بَدَلَ الْمَغْصُوبِ. لَا يُقَالُ: بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ غَرِمَ مِنْهُمَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِالنِّصْفِ.

لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا عَيْنُ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي، وَلِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَالِكَ يُطَالِبُ كُلًّا بِالنِّصْفِ لِمَا مَرَّ أَنَّ كُلًّا طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ هَذَا. وَبَقِيَ فِي الْمَقَامِ احْتِمَالٌ آخَرُ. وَهُوَ أَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَى الثَّانِي وَحْدَهُ لِأَنَّ يَدَهُ أَزَالَتْ يَدَ الْأَوَّلِ الْحِسِّيَّةَ وَلَمْ يُوجَدْ بَعْدُ مَا يُزِيلُهَا فَهِيَ مُسْتَصْحَبَةٌ وَإِنْ انْتَقَلَ عَنْهُ هَذَا. وَقَدْ يُقَالُ: الْأَقْرَبُ الثَّانِي لِدُخُولِهَا فِي ضَمَانِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَتُسَاوِيهِمَا فِي كَوْنِهَا تَلِفَتْ لَا فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَقَالَ سم فِي قَوْلَةٍ أُخْرَى: الظَّاهِرُ أَنَّ الْفِرَاشَ مِثَالٌ، وَعَلَيْهِ فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّ مَنْ تَحَامَلَ بِرِجْلِهِ عَلَى خَشَبَةٍ كَانَ غَاصِبًا لَهَا وَقَدْ يُفَرَّقُ اهـ، وَقَوْلُ سم فِي الْقَوْلَةِ الْأُولَى فَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ غَاصِبًا إلَخْ، وَيُصَرِّحُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّارِحِ عَنْ أَبِي حَامِدٍ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْعَارِيَّةِ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا يَنْمَحِقُ إلَخْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ سَخَّرَ رَجُلًا وَدَابَّتَهُ فَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِ صَاحِبِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا الْمُسَخِّرُ لِأَنَّهَا فِي يَدِ صَاحِبِهَا، وَقَوْلُهُ أَيْضًا فِي الْقَوْلَةِ الْأُخْرَى: وَقَدْ يُفَرَّقُ: أَيْ بِأَنَّ الْفِرَاشَ لَمَّا كَانَ مُعَدًّا لِلِانْتِفَاعِ بِالْجُلُوسِ عَلَيْهِ كَانَ الْجُلُوسُ وَنَحْوُهُ انْتِفَاعًا مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي قُصِدَ مِنْهُ فَعُدَّ ذَلِكَ اسْتِيلَاءً، بِخِلَافِ الْخَشَبَةِ وَنَحْوِهَا فَأُلْحِقَتْ بِبَاقِي الْمَقُولَاتِ وَيَدُلُّ لِلْفَرْقِ عُمُومُ قَوْلِ الشَّارِحِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ اعْتِبَارَ النَّقْلِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا لَوْ جَلَسَ عَلَيْهِ ثُمَّ انْتَقَلَ إلَخْ يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ تَعَاقَبَ اثْنَانِ عَلَى دَابَّةٍ ثُمَّ تَلِفَتْ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أَقَصَدَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ مَنْقُولٍ) وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ نَابِعًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: سِوَى الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ) أَيْ وَسِوَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا فِي الدَّارِ مِنْ الْأَمْتِعَةِ، وَالْأَمْرَانِ الْمَذْكُورَانِ هُمَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً، وَقَوْلُهُ أَوْ جَلَسَ عَلَى فِرَاشٍ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ نَقْلِ الْمَنْقُولِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَنَقْلُ الْمَنْقُولِ كَالْبَيْعِ. وَقَضِيَّتُهَا أَنَّ مُجَرَّدَ رَفْعِ الْمَنْقُولِ الثَّقِيلِ وَإِنْ وَضَعَهُ مَكَانَهُ لَا يَكُونُ غَصْبًا، بِخِلَافِ الْخَفِيفِ الَّذِي يُتَنَاوَلُ بِالْيَدِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّ النَّقْلَ إلَى مَوْضِعٍ يَخْتَصُّ بِهِ الْمَالِكُ لَا يَكُونُ غَصْبًا، لَكِنْ مَرَّ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ الْقَبْضِ بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي عَدَمِ جَوَازِ التَّصَرُّفِ لَا فِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 147

أَوْ غَيْرِهَا فَنَفْسُ إنْكَارِهِ غَصْبٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَأَفْهَمَ اشْتِرَاطُ النَّقْلِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِيَدِ قِنٍّ وَلَمْ يُسَيِّرْهُ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَقَوْلُ الْبَغَوِيّ إنَّهُ لَوْ بَعَثَ عَبْدَ غَيْرِهِ فِي حَاجَةٍ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ أَعْجَمِيًّا أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ ضَعِيفٌ فَقَدْ رُجِّحَ خِلَافُهُ فِي الْأَنْوَارِ. وَنُقِلَ عَنْ تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ آخِرَ الْعَارِيَّةِ ضَمَانُهُ، وَصَرَّحَ كَثِيرٌ بِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِيَدِ قِنٍّ غَيْرِهِ وَخَوَّفَهُ بِسَبَبِ تُهْمَةٍ وَلَمْ يَنْقُلْهُ مِنْ مَكَانِهِ إلَى آخَرَ أَوْ نَقَلَهُ لَا بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ: أَيْ بِنَاءً عَلَى خِلَافِ مَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَكَذَا إنْ انْتَقَلَ هُوَ مِنْ مَحَلِّهِ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ ضَرَبَ ظَالِمٌ قِنَّ غَيْرِهِ فَأَبَقَ لِأَنَّ الضَّرْبَ لَيْسَ بِاسْتِيلَاءٍ.

نَعَمْ إنْ لَمْ يَهْتَدِ إلَى دَارِ سَيِّدِهِ ضَمِنَهُ، وَلَوْ زَلِقَ دَاخِلَ حَمَّامٍ مَثَلًا فَوَقَعَ عَلَى مَتَاعٍ لِغَيْرِهِ فَكَسَرَهُ ضَمِنَهُ، وَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُهُ الزَّالِقَ إلَّا إنْ وَضَعَهُ بِالْمَمَرِّ بِحَيْثُ لَا يَرَاهُ الدَّاخِلُ، وَلَوْ دَفَعَ قِنَّهُ إلَى مَنْ يُعَلِّمُهُ حِرْفَةً كَانَ أَمَانَةً وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ فِي مَصَالِحِ تِلْكَ الْحِرْفَةِ بِخِلَافِ اسْتِعْمَالِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَأَفْهَمَ أَيْضًا عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ حُضُورِ الْمَالِكِ وَغَيْبَتِهِ، لَكِنْ نَقَلَا عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّ مَحَلَّ ضَمَانِ الْجَمِيعِ حَيْثُ كَانَ غَائِبًا، فَإِنْ حَضَرَ اشْتَرَطَ أَنْ يُزْعِجَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ التَّصَرُّفَ فِيهِ وَإِلَّا بِأَنْ جَلَسَ أَوْ رَكِبَ مَعَهُ لَمْ يَضْمَنْ سِوَى النِّصْفِ، وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ ضَعِيفًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْعَقَارِ، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: إنَّمَا يَكُونُ قِيَاسُ ذَلِكَ إنْ اسْتَوْلَى عَلَى نِصْفِ الْبِسَاطِ بِجُلُوسِهِ، فَإِنْ اسْتَوْلَى عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ بِجُلُوسِهِ وَقُمَاشِهِ وَالْمَالِكُ عَلَى رُبُعِهِ ضَمِنَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ قِيَاسَ ذَلِكَ أَنَّ الضَّمَانَ نِصْفَانِ مُطْلَقًا لِكَوْنِ يَدِهِمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَدَمِ الضَّمَانِ، وَقِيَاسُهُ هُنَا أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِحُصُولِ الِاسْتِيلَاءِ، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ ثَمَّ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَكْفِ مَحَلُّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّصَرُّفِ. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى حُصُولِ الضَّمَانِ فَإِنَّهُ يَكُونُ كَافِيًا لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ اهـ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي فِي رَفْعِ السَّجَّادَةِ أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ طَرَفَ الْمَنْقُولِ بِيَدِهِ عَنْ الْأَرْضِ وَلَمْ يَنْفَصِلْ لَا يَكُونُ غَاصِبًا لَهُ وَلَا ضَامِنًا، وَفِي الْعُبَابِ: فَرْعٌ: لَوْ دَخَلَ عَلَى حَدَّادٍ يَطْرُقُ الْحَدِيدَ فَطَارَتْ شَرَارَةٌ أَحْرَقَتْ ثَوْبَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ الْحَدَّادُ وَإِنْ دَخَلَ بِإِذْنِهِ اهـ.

أَقُولُ: وَكَذَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَوْ طَارَتْ شَرَارَةٌ مِنْ الدُّكَّانِ أَحْرَقَتْ شَيْئًا حَيْثُ أَوْقَدَ الْكُورَ عَلَى الْعَادَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ جَلَسَ بِالشَّارِعِ نَفْسِهِ أَوْ أَوْقَدَ لَا عَلَى الْعَادَةِ وَتَوَلَّدَ مِنْهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالشَّارِعِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ. وَفِي الْعُبَابِ أَيْضًا: فَرْعٌ: مَنْ ضَلَّ نَعْلَهُ فِي مَسْجِدٍ وَوَجَدَ غَيْرَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ لُبْسُهَا وَإِنْ كَانَتْ لِمَنْ أَخَذَ نَعْلَهُ اهـ. وَلَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَيْعُهَا وَأَخْذُ قَدْرِ قِيمَةِ نَعْلِهِ مِنْ ثَمَنِهَا إنْ عَلِمَ أَنَّهَا لِمَنْ أَخَذَ نَعْلَهُ، وَإِلَّا فَهِيَ لُقَطَةٌ. وَفِي الْعُبَابِ: فَرْعٌ: مَنْ أَخَذَ إنْسَانًا ظَنَّهُ عَبْدًا حِسْبَةً فَقَالَ أَنَا حُرٌّ وَهُوَ عَبْدٌ فَتَرَكَهُ فَأَبَقَ ضَمِنَ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهَا) أَيْ مِنْ سَائِرِ الْأَمَانَاتِ (قَوْلُهُ: فَنَفْسُ إنْكَارِهِ غَصْبٌ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ إنْكَارَهُ لِغَرَضِ الْمَالِكِ كَأَنْ خَافَ عَلَيْهِ مِنْ ظَالِمٍ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَوْ أَخَذَ بِيَدِ قِنٍّ وَلَمْ يُسَيِّرْهُ إلَخْ) وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِزِمَامِ دَابَّةٍ أَوْ بِرَأْسِهَا وَلَمْ يُسَيِّرْهَا لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ لَمْ يَهْتَدِ إلَى دَارِ سَيِّدِهِ ضَمِنَهُ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الضَّمَانِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا، وَقَدْ يُقَالُ لَمَّا تَرَتَّبَ عَدَمُ رُجُوعِهِ عَلَى فِعْلِهِ كَانَ ضَامِنًا كَمَا لَوْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ لِمَا يَأْتِي فِيهِ مِنْ التَّوْجِيهِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَرَاهُ الدَّاخِلُ) أَيْ وَوَجَدَ لَهُ مَحَلًّا سِوَى الْمَمَرِّ فَيَهْدِرُ الْمَتَاعَ دُونَ الزَّالِقِ بِهِ اهـ حَجّ. وَقَوْلُهُ وَوَجَدَ صَوَابَهُ وَإِنْ وَجَدَ لَهُ إلَخْ لِعُذْرِ الزَّالِقِ بِكَوْنِ الْمَتَاعِ بِمَحَلٍّ لَمْ يَرَهُ الدَّاخِلُ، وَقَوْلُهُ وَأَفْهَمَ: أَيْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ جَلَسَ إلَخْ) قَسِيمُ مَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً إلَخْ مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ رَكِبَ أَوْ جَلَسَ لَا مَعَ صَاحِبِ الدَّابَّةِ وَالْفِرَاشِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ) غَايَةٌ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي غَيْرِ الْمَالِكِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَوِيًّا أَوْ ضَعِيفًا جِدًّا بِحَيْثُ لَا تُنْسَبُ لَهُ يَدٌ أَصْلًا مَعَ الْمَالِكِ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الضَّعِيفَ بِحَيْثُ لَا تُنْسَبُ لَهُ يَدٌ مَعَ الْمَالِكِ إذَا دَخَلَ دَارَ غَيْرِهِ وَالْمَالِكُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ أَيْضًا) يَعْنِي: الْمَتْنَ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ ضَمَانِ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ جَلَسَ أَوْ رَكِبَ مَعَهُ)

ص: 148

مَعًا عَلَى الْفِرَاشِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا فِي كَوْنِهِ غَاصِبًا فِي الصُّورَةِ الْآتِيَةِ بَيْنَ كَوْنِهِ مُسْتَوْلِيًا عَلَى نِصْفِهَا أَوْ لَا، وَلَوْ رَفَعَ شَيْئًا بِرِجْلِهِ بِالْأَرْضِ لِيَنْظُرَ جِنْسَهُ ثُمَّ تَرَكَهُ فَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْهُ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ نَظِيرَهُ رَفْعُ سَجَّادَةٍ بِرِجْلِهِ لِيُصَلِّ مَكَانَهَا مَحْمُولٌ عَلَى رَفْعٍ لَمْ يَنْفَصِلْ بِهِ الْمَرْفُوعُ عَنْ الْأَرْضِ عَلَى رِجْلِهِ وَإِلَّا ضَمِنَهُ كَمَا لَا يَخْفَى، إذْ الْأَخْذُ بِالرِّجْلِ كَالْيَدِ فِي حُصُولِ الِاسْتِيلَاءِ؛ وَلَوْ أَخَذَ شَيْئًا لِغَيْرِهِ مِنْ غَاصِبٍ أَوْ سَبُعٍ حِسْبَةً لِيَرُدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ تَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ إمْكَانِ رَدِّهِ لَمْ يَضْمَنْ إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ غَيْرَ أَهْلٍ لِلضَّمَانِ كَحَرْبِيٍّ وَقِنِّ الْمَالِكِ وَإِلَّا ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ مُعْرِضًا لِلتَّلَفِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ. وَإِطْلَاقُ الْمَاوَرْدِيِّ وَابْنِ كَجٍّ الضَّمَانَ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ، وَلَا يُنَافِيهِ عَدَمُ ضَمَانِ الْمُحْرِمِ صَيْدًا لِيُدَاوِيَهُ، إذْ هُوَ حَقٌّ لَهُ تَعَالَى فَسُومِحَ فِيهِ؛ وَلَوْ غَصَبَ حَيَوَانًا فَتَبِعَهُ وَلَدُهُ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَتْبَعَهُ أَوْ هَادِي الْغَنَمِ فَتَبِعَهُ الْغَنَمُ لَمْ يَضْمَنْ التَّابِعَ فِي الْأَصَحِّ لِانْتِفَاءِ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ؛ وَكَذَا لَوْ غَصَبَ أُمَّ النَّحْلِ فَتَبِعَهَا النَّحْلُ لَا يَضْمَنُهُ إلَّا إنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ

(وَلَوْ)(دَخَلَ دَارِهِ) أَيْ دَارَ غَيْرِهِ (وَأَزْعَجَهُ عَنْهَا) أَيْ أَخْرَجَهُ مِنْهَا فَغَاصِبٌ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ اسْتِيلَاءً لِأَنَّ وُجُودَهُ مُغْنٍ عَنْ قَصْدِهِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَ بِأَهْلِهِ عَلَى هَيْئَةِ مَنْ يَقْصِدُ السُّكْنَى أَمْ لَا، فَمَا فِي الرَّوْضَةِ تَصْوِيرٌ لَا قَيْدٌ (أَوْ أَزْعَجَهُ) أَيْ أَخْرَجَهُ عَنْهَا (وَقَهَرَهُ عَلَى الدَّارِ) أَيْ مَنَعَهُ التَّصَرُّفَ فِيهَا وَهُوَ مُلَازِمٌ لِلْإِزْعَاجِ فَالتَّصْرِيحُ بِهِ تَصْرِيحٌ بِاللَّازِمِ وَمِنْ ثَمَّ حَذَفَهُ غَيْرُهُ (وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ فَغَاصِبٌ) وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِيهَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ غَاصِبًا لِشَيْءٍ مِنْهَا أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْيَدَ عَلَى الْمَنْقُولِ حِسِّيَّةٌ وَعَلَى الدَّارِ حُكْمِيَّةٌ (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الْآتِيَةِ) وَهِيَ مَا لَوْ دَخَلَ دَارَ غَيْرِهِ وَهُوَ فِيهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ رَفَعَ شَيْئًا بِرِجْلِهِ) أَيْ وَلَمْ يَنْفَصِلْ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخَذَ شَيْئًا لِغَيْرِهِ مِنْ غَاصِبٍ) بَقِيَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ بَعْضَ الدَّوَابِّ يَفِرُّ مِنْ صَاحِبِهِ ثُمَّ إنَّ شَخْصًا يَحُوزُهُ عَلَى نِيَّةِ عَوْدِهِ لِمَالِكِهِ فَيَتْلَفُ حِينَئِذٍ هَلْ يَضْمَنُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِلْعِلْمِ بِرِضَا صَاحِبِهِ بِذَلِكَ، إذْ الْمَالِكُ لَا يَرْضَى بِضَيَاعِ مَالِهِ وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ نَوَى رَدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الضَّمَانِ. وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا نَقَلَهُ حَجّ عَنْ الْقَاضِي بِأَنَّ مَنْ ظَفِرَ بِآبِقٍ لِصَدِيقِهِ: أَيْ أَوْ خَلَّصَهُ مِنْ نَحْوِ غَاصِبٍ فَأَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ فَهَرَبَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ رَدِّهِ وَرَفَعَهُ لِحَاكِمٍ لَمْ يَضْمَنْهُ، لَكِنَّهُ نَقَلَ بَعْدُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَابْنِ كَجٍّ الضَّمَانَ، وَعَنْ الشَّيْخَيْنِ التَّصْرِيحُ بِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مُعْرِضًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ مَتَاعًا مَثَلًا مَعَ سَارِقٍ أَوْ مُنْتَهِبٍ وَعَلِمَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ ضَاعَ عَلَى صَاحِبِهِ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ الْآخِذَ فَأَخَذَهُ مِنْهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَوْ بِصُورَةِ شِرَاءٍ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ حَتَّى لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَقْصِيرٍ غَرِمَ بَدَلَهُ لِصَاحِبِهِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى مَالِكِهِ لِعَدَمِ إذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ مَعْرِفَةِ مَالِكِهِ لَوْ بَقِيَ بِيَدِ السَّارِقِ فَإِنَّ مَا ذَكَرَ طَرِيقٌ لِحِفْظِ مَالِ الْمَالِكِ وَهُوَ لَا يَرْضَى بِضَيَاعِهِ (قَوْلُهُ: لِيُدَاوِيَهُ) أَيْ أَخَذَهُ لِيُدَاوِيَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ هَادِي الْغَنَمِ) وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالنَّاعُوتِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ غَصَبَ أُمَّ النَّحْلِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ غَصَبَ وَلَدَ بَهِيمَةٍ فَتَبِعَتْهُ أُمُّهُ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَتَخَلَّفُ عَنْهُ عَادَةً (قَوْلُهُ إلَّا إنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ) قَيْدٌ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ. قَالَ حَجّ: وَلَوْ سِيقَتْ أَوْ انْسَاقَتْ بَقَرَةٌ إلَى رَاعٍ لَمْ تَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ إلَّا إنْ سَاقَهَا مَعَ الْبَقَرِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ) أَيْ فِي أُمِّ النَّحْلِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ اسْتِيلَاءً) أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ أَخْذَ الرَّجُلِ وَمَنَعَهُ مِنْ الْعَوْدِ لَهَا وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا حَتَّى يَكُونَ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهَا، أَمَّا لَوْ قَصَدَ أَخْذَ الرَّجُلِ لِيُسَخِّرَهُ فِي عَمَلٍ مِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

بَقِيَ مَا إذَا جَلَسَ وَحْدَهُ أَوْ رَكِبَ بِحُضُورِ الْمَالِكِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى رَفْعٍ لَمْ يَنْفَصِلْ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُمَا: أَيْ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي وَالْبَعْضِ عَلَى رَفْعِ إلَخْ، لَكِنَّهُ عَبَّرَ بَدَلَ قَوْلِ الشَّارِحِ وَقَوْلِ بَعْضِهِمْ بِقَوْلِهِ قَالَهُ شَارِحٌ وَنَظِيرُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَحَرْبِيٍّ) أَيْ أَوْ سَبُعٍ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُلَازِمٌ لِلْإِزْعَاجِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: فِيهِ نَظَرٌ مَعَ

ص: 149

خِلَافًا لِجَمْعٍ (وَفِي الثَّانِيَةِ وَجْهٌ وَاهٍ) أَنَّهُ لَا يَكُونُ غَاصِبًا عَمَلًا بِالْعُرْفِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا فِي الدَّارِ مِنْ الْأَمْتِعَةِ فَيَكُونُ غَاصِبًا لَهَا أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ، وَفِيهِ كَمَا قَالَ الْقَمُولِيُّ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمَنْقُولَ لَا يَتَوَقَّفُ غَصْبُهُ عَلَى نَقْلِهِ إذَا كَانَ تَابِعًا، وَذَهَبَ إلَيْهِ الْقَاضِي

(وَلَوْ)(سَكَنَ بَيْتًا) مِنْ الدَّارِ (وَمَنَعَ الْمَالِكَ مِنْهُ دُونَ بَاقِي الدَّارِ)(فَغَاصِبٌ لِلْبَيْتِ فَقَطْ) لِأَنَّهُ الَّذِي اسْتَوْلَى عَلَيْهِ (وَلَوْ دَخَلَ بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ وَلَيْسَ الْمَالِكُ فِيهَا) وَلَا مَنْ يَخْلُفُهُ مِنْ أَهْلٍ وَمُسْتَعِيرٍ وَمُسْتَأْجِرٍ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَغَاصِبٌ) وَإِنْ ضَعُفَ الدَّاخِلُ وَقَوِيَ الْمَالِكُ حَتَّى لَوْ انْهَدَمَتْ حِينَئِذٍ ضَمِنَهَا لِأَنَّ قُوَّتَهُ إنَّمَا هِيَ بِاعْتِبَارِ سُهُولَةِ النَّزْعِ مِنْهُ حَالًا وَلَا يَمْنَعُ اسْتِيلَاءَهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ كَأَنْ دَخَلَ لِتَفَرُّجٍ لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا، وَإِنَّمَا ضَمِنَ مَنْقُولًا رَفَعَهُ لَا بِقَصْدِ ذَلِكَ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ حَقِيقَةٌ كَمَا مَرَّ، وَيَدُهُ عَلَى الْعَقَارِ حُكْمِيَّةٌ فَتَوَقَّفَتْ عَلَى قَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ (وَإِنْ كَانَ) الْمَالِكُ أَوْ نَحْوُهُ فِيهَا (وَلَمْ يُزْعِجْهُ) عَنْهَا (فَغَاصِبٌ لِنِصْفِ الدَّارِ) لِاجْتِمَاعِ يَدِهِمَا فَيَكُونُ الِاسْتِيلَاءُ لَهُمَا مَعًا (إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا لَا يُعَدُّ مُسْتَوْلِيًا عَلَى صَاحِبُ الدَّارِ) فَلَا يَكُونُ غَاصِبًا لِشَيْءٍ مِنْهَا وَإِنْ قَصَدَ الِاسْتِيلَاءَ إذْ لَا عِبْرَةَ بِقَصْدِ مَا لَا يُمْكِنُ تَحَقُّقُهُ، وَأَخَذَ السُّبْكِيُّ مِنْهُ وَتَبِعَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَوْ ضَعُفَ الْمَالِكُ بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ لَهُ مَعَ قُوَّةِ الدَّاخِلِ اسْتِيلَاءً يَكُونُ غَاصِبًا لِجَمِيعِهَا، إذْ قَصْدُ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا رَدَّهُ الْأَذْرَعِيَّ وَتَبِعَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ بَاقِيَةٌ لَمْ تَزُلْ فَهِيَ قَوِيَّةٌ لِاسْتِنَادِهَا لِلْمِلْكِ، وَالْمُعَارَضَةُ بِمِثْلِهِ فِي الدَّاخِلِ الضَّعِيفِ بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ مَرْدُودَةٌ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ بِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ الْحِسِّيَّةَ مُنْتَفِيَةٌ ثَمَّ فَأَثَّرَ قَصْدُ الِاسْتِيلَاءِ وَمَوْجُودَةٌ هُنَا فَلَمْ يُؤَثِّرْ قَصْدُهُ مَعَهَا فِي رَفْعِهَا مِنْ أَصْلِهَا وَإِنْ ضَعُفَتْ، وَحَيْثُ لَمْ يُجْعَلْ غَاصِبًا لَمْ تَلْزَمْهُ أُجْرَةٌ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْقَاضِي فِي سَارِقٍ تَعَذَّرَ خُرُوجُهُ فَاخْتَبَأَ فِي الدَّارِ لَيْلَةً، لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ مُشْكِلٌ لَا يُوَافَقُ عَلَيْهِ اهـ. فَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ، وَالْأَقْرَبُ فِيمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَالِكِ وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ مَعَهُمَا فِي الدَّارِ أَوْ لَا، وَلَا بَيْنَ كَوْنِ الدَّارِ مَعْرُوفَةً بِصَاحِبِهَا أَوْ لَا، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا فَقَدْ قَالَ الكوهكيلوني فِي شَرْحِ الْحَاوِي: إذَا سَاكَنَ الدَّاخِلُ السَّاكِنَ بِالْحَقِّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَعَ الدَّاخِلِ أَهْلٌ مُسَاوُونَ لِأَهْلِ السَّاكِنِ أَمْ لَا حَتَّى لَوْ دَخَلَ غَاصِبٌ وَمَعَ السَّاكِنِ مِنْ أَهْلِهِ عَشَرَةٌ لَزِمَهُ النِّصْفُ، وَلَوْ كَانَ السَّاكِنُ بِالْحَقِّ اثْنَيْنِ كَانَ ضَامِنًا لِلثُّلُثِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ عَشَرَةٌ مِنْ أَهْلِهِ.

(وَعَلَى الْغَاصِبِ الرَّدُّ) فَوْرًا عِنْدَ التَّمَكُّنِ وَإِنْ عَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ فِي رَدِّهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَمَوَّلًا كَحَبَّةِ بُرٍّ أَوْ كَلْبٍ يُقْتَنَى، وَسَوَاءٌ أَكَانَ مِثْلِيًّا أَمْ مُتَقَوِّمًا بِبَلَدِ الْغَصْبِ أَمْ مُسْتَنْقَلًا عَنْهُ وَلَوْ بِنَفْسِهِ أَوْ فِعْلِ أَجْنَبِيٍّ لِخَبَرِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» وَلَوْ وَضَعَ الْعَيْنَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

غَيْرِ قَصْدِ مَنْعٍ لَهُ عَنْهَا لَا يَكُونُ غَاصِبًا لَهَا لِعَدَمِ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِيَةِ وَجْهٌ وَاهٍ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ أَزْعَجَهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَذَهَبَ إلَيْهَا الْقَاضِي مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ وَلَا مَنْ يَخْلُفُهُ مِنْ أَهْلٍ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَشْمَلُ أَتْبَاعَهُ كَخَدَمِهِ لَا خُصُوصَ الزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّ وُجُودَهُ أَيْ وُجُودَ الْمُزْعِجِ.

(قَوْلُهُ: كَأَنْ دَخَلَ لِتَفَرُّجٍ) أَيْ أَوْ لِسَرِقَةِ شَيْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الدَّارِ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا: أَيْ وَإِنْ مُنِعَ وَأُمِرَ بِالْخُرُوجِ (قَوْلُهُ: لَا بِقَصْدِ ذَلِكَ) أَيْ الِاسْتِيلَاءِ (قَوْلُهُ: فَتَوَقَّفَتْ) أَيْ الْيَدُ (قَوْلُهُ: يَكُونُ غَاصِبًا) أَيْ الدَّاخِلُ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) مِنْ كَلَامِ م ر: أَيْ فَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ، قَالَ حَجّ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي نَظَرَ إلَى أَنَّ اللَّيْلَةَ لَا أُجْرَةَ لَهَا غَالِبًا فَيَصِحُّ كَلَامُهُ حِينَئِذٍ اهـ (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ فِيمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ لُزُومِ أُجْرَةِ النِّصْفِ فَقَطْ عَلَى الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: مَعَهُمَا) أَيْ الْغَاصِبِ وَالسَّارِقِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ النِّصْفُ) أَيْ الْغَاصِبَ.

(قَوْلُهُ: بِبَلَدِ الْغَصْبِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِبَلَدٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَتَّى تُؤَدِّيَهُ) كَذَا اسْتَدَلُّوا بِهِ، وَهُوَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

تَفْسِيرِ الْإِزْعَاجِ بِمُجَرَّدِ الْإِخْرَاجِ عَنْهَا

(قَوْلُهُ: مِنْ أَهْلٍ وَمُسْتَعِيرٍ وَمُسْتَأْجِرٍ) قَالَ الشِّهَابُ سم: يَنْبَغِي وَغَيْرُهُمْ كَحَارِسٍ

ص: 150

لَا بُدَّ لَهَا بَيْنَ يَدَيْ الْمَالِكِ مَعَ عِلْمِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ أَخْذِهَا أَوْ فِي دَارِهِ وَعَلِمَ وَلَوْ بِإِخْبَارِ ثِقَةٍ كَفَى وَيَبْرَأُ بِالرَّدِّ لِمَنْ غَصَبَ مِنْهُ وَلَوْ نَحْوَ مُودِعٍ وَمُسْتَأْجِرٍ وَمُرْتَهِنٍ لَا مُلْتَقِطٍ وَفِي مُسْتَعِيرٍ وَمُسْتَامٍ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا أَنَّهُمَا كَالْأَوَّلِ لِأَنَّهُمَا مَأْذُونٌ لَهُمَا مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ، وَإِنْ كَانَا ضَامِنَيْنِ وَلَوْ أَخَذَ مِنْ رَقِيقٍ شَيْئًا ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ كَمَلْبُوسٍ وَآلَاتٍ يَعْمَلُ بِهَا بَرِيءَ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَ الْآلَةَ مِنْ الْأَجِيرِ وَرَدَّهَا إلَيْهِ لِأَنَّ الْمَالِكَ رَضِيَ بِهِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَقَدْ يَجِبُ مَعَ الرَّدِّ الْقِيمَةُ لِلْحَيْلُولَةِ، كَمَا لَوْ غَصَبَ أَمَةً فَحَمَلَتْ بِحُرٍّ لَتَعَذَّرَ بَيْعُهَا، قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ. وَقَدْ لَا يَجِبُ الرَّدُّ كَكَوْنِهِ مَلَكَهُ بِالْغَصْبِ كَأَنْ غَصَبَ حَرْبِيٌّ مَالَ حَرْبِيٍّ، أَوْ لِخَوْفِ ضَرَرٍ كَأَنْ غَصَبَ خَيْطًا وَخَاطَ بِهِ جُرْحًا فِي مُحْتَرَمٍ فَلَا يَنْزِعُ مِنْهُ مَا دَامَ حَيًّا إلَّا إذَا لَمْ يَخَفْ مِنْ نَزْعِهِ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ أَوْ لِتَعَذُّرِ تَمْيِيزٍ كَأَنْ خَلَطَ بِالْحِنْطَةِ أُخْرَى أَجْوَدَ مِنْهَا فَإِنَّهُمَا يُبَاعَانِ وَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى نِسْبَةِ الْقِيمَةِ أَوْ لِمِلْكِ الْغَاصِبِ لَهَا بِفِعْلِهِ فِيمَا يَسْرِي لِلْهَلَاكِ وَغَرِمَ بَدَلَهَا وَهِيَ بَاقِيَةٌ، وَقَدْ لَا يَجِبُ الرَّدُّ فَوْرًا كَأَنْ غَصَبَ لَوْحًا وَأَدْرَجَهُ فِي سَفِينَةٍ وَكَانَتْ فِي الْمَاءِ وَخِيفَ مِنْ نَزْعِهِ هَلَاكُ مُحْتَرَمٍ وَكَانَ أَخَّرَهُ لِلْإِشْهَادِ كَمَا مَرَّ آخِرَ الْوَكَالَةِ.

(فَإِنْ)(تَلِفَ عِنْدَهُ) الْمَغْصُوبُ أَوْ بَعْضُهُ وَهُوَ مُتَمَوَّلٌ بِإِتْلَافٍ أَوْ تَلِفَ (ضَمِنَهُ) إجْمَاعًا، نَعَمْ لَوْ غَصَبَ حَرْبِيٌّ مَالًا مُحْتَرَمًا ثُمَّ عُصِمَ فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا رَدَّهُ أَوْ تَالِفًا لَمْ يَضْمَنْهُ، كَقِنٍّ غَيْرِ مُكَاتَبٍ غَصَبَ مَالَ سَيِّدِهِ وَأَتْلَفَهُ، وَبَاغٍ أَوْ عَادِلٍ غَصَبَ شَيْئًا وَأَتْلَفَهُ حَالَ الْقِتَالِ أَوْ تَلِفَ فِيهِ بِسَبَبِهِ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَمَوَّلٍ كَحَبَّةٍ أَتْلَفَهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وُجُوبُ الضَّمَانِ، وَلَعَلَّهُمْ وَكَّلُوا ذَلِكَ إلَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ أَنَّ الْخُرُوجَ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَاجِبٌ فَوْرِيٌّ اهـ حَجّ.

وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ وَهُوَ إنَّمَا يَدُلُّ إلَخْ قَدْ يَمْنَعُ هَذَا الْحَصْرَ، بَلْ قَوْلُهُ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ أَيْ نَفْسَ مَا أَخَذَتْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ قَدْ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ لَهَا) خِلَافًا لحج، وَوَجْهُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَنَّ بَدَلَهَا تَعْوِيضٌ عَنْهَا وَالْعِوَضُ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالرِّضَا، وَمُجَرَّدُ عِلْمُهُ بِهِ لَيْسَ رِضًا، وَسَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ أَمَّا إذَا غَصَبَ حَبًّا وَلَحْمًا أَوْ عَسَلًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَعَلِمَ وَلَوْ بِإِخْبَارِ ثِقَةٍ) ظَاهِرُهُ بَرَاءَةُ الْغَاصِبِ بِمُجَرَّدِ عِلْمِ الْمَالِكِ بِكَوْنِهَا فِي دَارِهِ وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ فِي يَدِهِ وَلَا تَمَكَّنَ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهَا، وَلَوْ قِيلَ بِخِلَافِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا، وَيُقَيَّدُ قَوْلُهُ وَعَلِمَ بِمَا لَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَحْوَ مُودِعٍ) مِنْ نَحْوِ الْمُودِعِ الْقَصَّارُ وَالصَّبَّاغُ وَنَحْوُهُمَا مِنْ الْأُمَنَاءِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُمَا كَالْأَوَّلِ) أَيْ فَيَبْرَأُ (قَوْلُهُ: كَمَلْبُوسٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ، وَقَوْلُهُ رَضِيَ بِهِ: أَيْ الْأَجِيرُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَجِبُ مَعَ رَدِّ الْقِيمَةِ لِلْحَيْلُولَةِ) وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ مَالِكَ الْأَمَةِ إذَا أَخَذَ الْقِيمَةَ مَلَكَهَا مِلْكَ قَرْضٍ فَيَتَصَرَّفُ فِيهَا مَعَ كَوْنِ الْأَمَةِ فِي يَدِهِ لِأَنَّ تَعَذُّرَ بَيْعِهَا عَلَيْهِ نَزَّلَهَا مَنْزِلَةَ الْخَارِجَةِ عَنْ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ فَحَمَلَتْ بِحُرٍّ) أَيْ بِشُبْهَةٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمَا يُبَاعَانِ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ خَلَطَ الْمَغْصُوبَ بِغَيْرِهِ وَأَمْكَنَ التَّمْيِيزُ لَزِمَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَالتَّالِفِ اهـ. إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنْ خُلِطَ فِي كَلَامِهِ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْخَلْطُ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: وَخِيفَ مِنْ نَزْعِهِ هَلَاكُ مُحْتَرَمٍ) وَلَوْ لِغَاصِبٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا فِي الْبَهْجَةِ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ عُصِمَ) أَيْ الْحَرْبِيُّ (قَوْلُهُ: غَصَبَ شَيْئًا وَأَتْلَفَهُ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ (قَوْلُهُ: حَالَ الْقِتَالِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ غَصَبَهُ فِي غَيْرِ الْقِتَالِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَهَا

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يَجِبُ مَعَ الرَّدِّ الْقِيمَةُ لِلْحَيْلُولَةِ كَمَا لَوْ غَصَبَ أَمَةً إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ مَاتَتْ بَعْدَ الرَّدِّ مَا الْحُكْمُ؟ وَيَظْهَرُ أَنَّهَا إنْ مَاتَتْ بِسَبَبِ الْحَمْلِ كَانَتْ مَضْمُونَةً، وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِهِ، وَإِنْ مَاتَتْ بِغَيْرِهِ اسْتَرَدَّ الْقِيمَةَ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِمِلْكِ الْغَاصِبِ لَهَا بِفِعْلِهِ فِيمَا يَسْرِي لِلْهَلَاكِ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ

(قَوْلُهُ: حَالَ الْقِتَالِ) قَيْدٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْغَصْبِ

ص: 151

لَمْ يَضْمَنْهَا كَاخْتِصَاصٍ وَإِنْ غَرِمَ الْمَالِكُ عَلَى نَقْلِهِ أُجْرَةً، وَاسْتَطْرَدَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْأَصْحَابِ هُنَا مَسَائِلَ يَقَعُ بِهَا الضَّمَانُ بِلَا غَصْبٍ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ لِمُنَاسَبَتِهَا لَهُ وَإِنْ كَانَ الْأَنْسَبُ بِهَا بَابَ الْجِنَايَاتِ.

فَقَالَ (وَلَوْ)(أَتْلَفَ مَالًا) مُحْتَرَمًا (فِي يَدِ مَالِكِهِ)(ضَمِنَهُ) بِالْإِجْمَاعِ، وَقَدْ لَا يَضْمَنُهُ كَكَسْرِ بَابٍ وَنَقْبِ جِدَارٍ فِي مَسْأَلَةِ الظَّفَرِ وَكَسْرِ إنَاءِ خَمْرٍ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إرَاقَتِهِ إلَّا بِذَلِكَ، أَوْ قَتْلِ دَابَّةِ صَائِلٍ وَكَسْرِ سِلَاحٍ لَهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ دَفْعِهِ بِدُونِهِ، وَمَا أَتْلَفَهُ بَاغٍ عَلَى عَادِلٍ وَعَكْسُهُ حَالَ الْقِتَالِ وَحَرْبِيٌّ عَلَى مَعْصُومٍ وَقِنٌّ غَيْرُ مُكَاتَبٍ عَلَى سَيِّدِهِ وَمُهْدَرٌ بِنَحْوِ رِدَّةٍ، أَوْ صِيَالٌ أُتْلِفَ وَهُوَ فِي يَدِ مَالِكِهِ وَخَرَجَ بِالْإِتْلَافِ التَّلَفُ فَلَا يَضْمَنُهُ، كَأَنْ سَخَّرَ دَابَّةً فِي يَدِ مَالِكِهَا فَتَلِفَتْ يَضْمَنُهَا كَمَا قَالَاهُ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ إلَّا إذَا كَانَ السَّبَبُ مِنْهُ، كَمَا لَوْ اكْتَرَى لِحَمْلِ مِائَةٍ فَحَمَلَ زِيَادَةً عَلَيْهَا وَتَلِفَتْ بِذَلِكَ وَصَاحِبُهَا مَعَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِسْطَ الزِّيَادَةِ: أَمَّا أُجْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ فَلَازِمَةٌ، وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ بِضَمَانِ مَنْ سَقَطَ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ لِصَرْعٍ حَصَلَ لَهُ فَأَتْلَفَهُ، كَمَا لَوْ سَقَطَ عَلَيْهِ طِفْلٌ مِنْ مَهْدِهِ، وَلَا يُنَافِيه مَا فِي الرَّوْضَةِ فِي إتْلَافِ الْبَهَائِمِ أَنَّهُ لَوْ سَقَطَتْ الدَّابَّةُ مَيِّتَةً لَمْ يَضْمَنْ رَاكِبُهَا مَا تَلِفَ بِهَا، لِأَنَّ الْأَوَّلَ إتْلَافُ مُبَاشَرَةٍ. وَالثَّانِي إتْلَافُ سَبَبٍ وَيُغْتَفَرُ فِيهِ لِضَعْفِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَوَّلِ لِقُوَّتِهَا

(وَلَوْ فَتَحَ رَأْسَ زِقٍّ) بِكَسْرِ الزَّايِ وَهُوَ السِّقَاءُ وَتَلِفَ ضَمِنَ لِمُبَاشَرَةِ إتْلَافِهِ، فَإِنْ كَانَ مَا فِيهِ جَامِدًا فَخَرَجَ بِتَقْرِيبِ غَيْرِهِ نَارًا إلَيْهِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُقَرِّبِ لِقَطْعِهِ أَثَرَ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَ بِرِيحٍ هَابَّةٍ حَالَ الْفَتْحِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

[فَرْعٌ] فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَا نَصُّهُ: مَسْأَلَةٌ: سَيِّدٌ قَطَعَ يَدَ عَبْدِهِ ثُمَّ غَصَبَهُ غَاصِبٌ فَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ عِنْدَهُ فَمَاذَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ؟ الْجَوَابُ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ هَلَاكَهُ مُسْتَنِدٌ إلَى سَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْغَصْبِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: غَرِمَ الْمَالِكُ عَلَى نَقْلِهِ) أَيْ الِاخْتِصَاصِ.

(قَوْلُهُ: وَحَرْبِيٌّ عَلَى مَعْصُومٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَا أَتْلَفَهُ الْمُرْتَدُّونَ فِي حَالِ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ إيَّاهُمْ يَضْمَنُونَهُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، وَعِبَارَتُهُ فِي كِتَابِ الْبُغَاةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْمُتَأَوِّلُ بِلَا شَوْكَةٍ يَضْمَنُ وَعَكْسُهُ كَبَاغٍ أَمَّا مُرْتَدُّونَ لَهُمْ شَوْكَةٌ فَهُمْ كَالْبُغَاةِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ رحمه الله لِأَنَّ الْقَصْدَ ائْتِلَافُهُمْ عَلَى الْعَوْدِ إلَى الْإِسْلَامِ وَتَضْمِينُهُمْ يُنَفِّرُهُمْ عَنْ ذَلِكَ خِلَافًا لِجَمْعٍ جَعَلُوهُمْ كَالْقُطَّاعِ مُطْلَقًا لِجِنَايَتِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ اهـ (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي يَدِ مَالِكِهِ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ غَصَبَهُ حَالَ صِيَالِهِ وَتَلِفَ حَالَ الصِّيَالِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. بِخِلَافِ مَا لَوْ غَصَبَهُ أَوَّلًا ثُمَّ صَالَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِغَصْبِهِ لَهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْهَا) بِخِلَافِ مَا لَوْ حَمَلَ الْغَاصِبُ الْمَتَاعَ عَلَى الدَّابَّةِ وَأَكْرَهَ مَالِكَهَا عَلَى تَسْيِيرِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الدَّابَّةَ لِعَدَمِ زَوَالِ يَدِ الْغَاصِبِ عَنْهَا (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ السَّبَبُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: مَا فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ قُبَيْلَ الْجِهَادِ حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْ رَاكِبُهَا مَا تَلِفَ بِهَا) أَيْ أَوْ بِمَا عَلَى ظَهْرِهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ لَوْ سَقَطَتْ الدَّابَّةُ مَيِّتَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: لِقُوَّتِهَا) أَيْ الْمُبَاشَرَةِ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَ بِرِيحٍ) قَضِيَّةُ مَا ذَكَرَهُ فِي الرِّيحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ خُرُوجِهِ بِسَبَبِهَا لِسُقُوطِ الزِّقِّ بِهَا مَثَلًا أَوْ بِتَقَاطُرِ مَا فِيهِ وَابْتِلَالِ جَوَانِبِهِ حَتَّى سَقَطَ، لَكِنْ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ أَنَّ مَحَلَّ التَّفْصِيلِ فِي الرِّيحِ الْمُسْقِطَةِ لِلزِّقِّ. أَمَّا السُّقُوطُ بِالِابْتِلَالِ الْحَاصِلِ بِحَرَارَةِ الرِّيحِ فَلَا فَرْقَ فِيهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَالْإِتْلَافِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ غَرِمَ إلَخْ) أَيْ: لَا يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانُ الِاخْتِصَاصِ وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ قَدْ غَرِمَ بِسَبَبِ نَقْلِهِ أُجْرَةً

(قَوْلُهُ: مُحْتَرَمًا) أَيْ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، وَإِلَّا فَمَا سَيَأْتِي فِي الْمُسْتَثْنَيَاتِ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُتْلِفِ، نَعَمْ يَرُدُّ الْعَبْدَ الْمُرْتَدَّ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَمُهْدَرٍ بِنَحْوِ رِدَّةٍ أَوْ صِيَالٍ أُتْلِفَ) بِبِنَاءِ أُتْلِفَ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: أَمَّا أُجْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ فَلَازِمَةٌ) لَا مَحَلَّ لِلَفْظِ أَمَّا هُنَا عَلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مِنْ أَصْلِهِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي التُّحْفَةِ

(قَوْلُهُ: وَتَلِفَ) أَيْ نَفْسُ الزِّقِّ، وَقَوْلُهُ: ضَمِنَ جَعَلَهُ جَوَابَ الشَّرْطِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّرَ شَرْطًا لِضَمِنَ الْآتِي فِي كَلَامِ

ص: 152

أَوْ شَمْسٍ مُطْلَقًا لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِمَا لِلْقَطْعِ وَمِثْلُهُمَا فِعْلُ غَيْرِ الْعَاقِلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (مَطْرُوحٌ عَلَى الْأَرْضِ) مَثَلًا (فَخَرَجَ مَا فِيهِ بِالْفَتْحِ أَوْ مَنْصُوبٌ فَسَقَطَ بِالْفَتْحِ) لِتَحْرِيكِهِ الْوِكَاءَ وَجَذْبِهِ أَوْ لِتَقَاطُرِ مَا فِيهِ حَتَّى ابْتَلَّ أَسْفَلُهُ وَسَقَطَ (وَخَرَجَ مَا فِيهِ) بِذَلِكَ وَتَلِفَ (ضَمِنَ) لِتَسَبُّبِهِ فِي إتْلَافِهِ إذْ هُوَ نَاشِئٌ عَنْ فِعْلِهِ وَلَوْ بِحَضْرَةِ مَالِكِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ تَدَارُكِهِ كَمَا لَوْ رَآهُ يَقْتُلُ قِنَّهُ فَلَمْ يَمْنَعْهُ، وَدَعْوَى أَنَّ السَّبَبَ يُسْقِطُ حُكْمَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَنْعِهِ بِخِلَافِ الْمُبَاشَرَةِ مَمْنُوعَةٌ.

(وَإِنْ)(سَقَطَ) الزِّقُّ بَعْدَ فَتْحِهِ لَهُ (بِعَارِضِ رِيحٍ) وَنَحْوُهَا كَزَلْزَلَةٍ أَوْ وُقُوعِ طَائِرٍ عَلَيْهِ (لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّ التَّلَفَ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ هُبُوبِهَا، بِخِلَافِ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَلَمْ يَبْعُدْ قَصْدُ الْفَاتِحِ لَهُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الرِّيحَ لَوْ كَانَتْ هَابَّةً حَالَ الْفَتْحِ ضَمِنَ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ وَمِنْ تَفْرِقَتِهِمْ بَيْنَ الْمُقَارَنِ وَالْعَارِضِ، فِيمَا لَوْ أَوْقَدَ نَارًا فِي أَرْضِهِ فَحَمَلَتْهَا الرِّيحُ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْفَارِقِيُّ، وَلَوْ قَلَبَ الزِّقُّ غَيْرَ الْفَاتِحِ فَخَرَجَ مَا فِيهِ ضَمِنَهُ لَا الْفَاتِحُ، وَلَوْ أَزَالَ وَرَقَ الْعِنَبِ فَفَسَدَتْ بِالشَّمْسِ عَنَاقِيدُهُ، أَوْ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ أَوْ حَمَامَتَهُ فَهَلَكَ فَرْخُهُمَا ضَمِنَهُمَا لِفَقْدِ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْحَيَاةُ، وَفَارَقَ عَدَمَ الضَّمَانِ فِيمَا لَوْ حَبَسَ الْمَالِكَ عَنْ مَاشِيَتِهِ حَتَّى تَلِفَتْ وَلَوْ ظُلْمًا حَيْثُ لَمْ يَضْمَنْهَا بِأَنَّ التَّالِفَ هُنَا جُزْءٌ أَوْ كَالْجُزْءِ مِنْ الْمَذْبُوحِ، بِخِلَافِ الْمَاشِيَةِ مَعَ مَالِكِهَا وَبِأَنَّهُ هُنَا أَتْلَفَ غِذَاءَ الْوَلَدِ الْمُتَعَيَّنِ لَهُ بِإِتْلَافِ أُمِّهِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ وَلَوْ أَرَادَ سَوْقَ الْمَاءِ إلَى النَّخْلِ أَوْ الزَّرْعِ فَمَنَعَهُ ظَالِمٌ مِنْ السَّقْيِ حَتَّى فَسَدَتْ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ قِيَاسًا عَلَى حَبْسِ الْمَالِكِ عَنْ مَاشِيَتِهِ وَإِنْ صُحِّحَ فِي الْأَنْوَارِ الضَّمَانُ، وَلَوْ حَلَّ رِبَاطَ سَفِينَةٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بَيْنَ كَوْنِ الرِّيحِ هَابَّةً وَقْتَ الْفَتْحِ وَكَوْنِهَا عَارِضَةً. قَالَ سم فِي مَقَامِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الرِّيحَ الَّتِي تُؤَثِّرُ حَرَارَتُهَا مَعَ مُرُورِ الزَّمَانِ لَا يَخْلُو الْجَوُّ عَنْهَا وَإِنْ خَفِيَتْ لِخِفَّتِهَا، بِخِلَافِ الرِّيحِ الَّتِي تُؤَثِّرُ السُّقُوطَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ شَمْسٍ مُطْلَقًا) أَيْ مَوْجُودَةٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا) أَيْ الرِّيحِ وَالشَّمْسِ وَفِي التَّشْبِيهِ بِهِمَا نَظَرٌ لِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا فَإِنَّ شَرْطَ الضَّمَانِ بِالرِّيحِ كَوْنُهَا هَابَّةً وَقْتَ الْفَتْحِ، بِخِلَافِ الشَّمْسِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ طُلُوعُهَا وَقْتَهُ، وَعَلَيْهِ فَمُقْتَضَى التَّشْبِيهِ بِالرِّيحِ حُضُورُ غَيْرِ الْعَاقِلِ وَقْتَ الْفَتْحِ، وَمُقْتَضَى التَّشْبِيهِ بِالشَّمْسِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ حُضُورِهِ فَتَأَمَّلْهُ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَمِثْلُهُمَا إلَخْ التَّشْبِيهُ فِي أَنَّ فِعْلَ غَيْرِ الْعَاقِلِ لَا يَقْطَعُ فِعْلَ الْمُبَاشِرِ، وَيُمْكِنُ دَفْعُ الْإِيرَادِ مِنْ أَصْلِهِ بِجَعْلِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ وَمِثْلُهُمَا لِلرِّيحِ الْهَابَّةِ وَالشَّمْسِ (قَوْلُهُ: وَدَعْوَى أَنَّ السَّبَبَ إلَخْ) لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ تَرَكَ الْمَجْرُوحُ عِلَاجَ جُرْحِهِ الْمَوْثُوقَ بِبُرْئِهِ، كَأَنْ تَرَكَ رَبْطَ مَحَلِّ الْفَصْدِ حَتَّى هَلَكَ فَإِنَّ الْجَارِحَ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ التَّرْكَ مَعَ الْقُدْرَةِ قَطَعَ فِعْلَ الْأَوَّلِ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْجَانِيَ لَمَّا بَاشَرَ الْقَتْلَ الْمُحَصِّلَ لِلْإِتْلَافِ لَمْ يَنْظُرْ مَعَهُ إلَى حُضُورِ الْمَالِكِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ مَنْعِ الْجَانِي، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْجُرْحِ فَإِنَّ فِعْلَ الْجَانِي انْقَطَعَ بِمُجَرَّدِ جِنَايَتِهِ فَتَرَكَ الْمَجْرُوحُ الْعِلَاجَ بَعْدَ انْتِهَاءِ فِعْلِ الْأَوَّلِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ جِنَايَةٍ أُخْرَى.

(قَوْلُهُ: فَلَمْ يَبْعُدْ قَصْدُ الْفَاتِحِ لَهُ) وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ الَّتِي يُعْتَادُ فِيهَا الْغَيْمُ أَيَّامًا أَوْ عَدَمُ إذَابَتِهَا لِمِثْلِ هَذَا فَطَلَعَتْ وَإِذَابَتُهُ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ وَمُقْتَضَى نَظَرِهِمْ لِلتَّحَقُّقِ فِيهَا الْمُقْتَضِي لِلْقَصْدِ الْمَذْكُورِ عَدَمُ الضَّمَانِ عِنْدَ اطِّرَادِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ أَوْقَدَ نَارًا فِي أَرْضِهِ) يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِأَرْضِهِ مَا يَسْتَحِقُّ الِانْتِفَاعَ بِهَا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَوْقَدَ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ ضَمِنَ مَا تَوَلَّدَ مِنْ فِعْلِهِ مُطْلَقًا مُقَارِنًا كَانَ أَوْ عَارِضًا لِتَعَدِّيهِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا بِقُرَى الرِّيفِ مِنْ أَخْذِ الْفَرِيكِ وَنَحْوِهِ وَإِيقَادِ النَّارِ عَلَيْهِ لِيَسْتَوِيَ وَيُؤْكَلَ فَيَضْمَنُ فِيهِ لِتَعَدِّيهِ لِعَدَمِ مِلْكِ مَنْفَعَةُ الْأَرْضُ الَّتِي أَوْقَدَ بِهَا النَّارَ وَإِنْ كَانَتْ فِي تَآجُرِهِ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ لَا يُبِيحُ إيقَادَ النَّارِ بِهَا. نَعَمْ لَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ اُضْطُرَّ لِإِيقَادِ نَارٍ لِدَفْعِ الْبَرْدِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَلِمَ الْمَالِكُ بِاعْتِيَادِ مِثْلِ ذَلِكَ فِيهَا جَازَ وَلَا ضَمَانَ لِمَا تَلِفَ بِسَبَبِ الْإِيقَادِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) أَيْ الْقَالِبَ (قَوْلُهُ: فَهَلَكَ فَرْخُهُمَا) فِي إطْلَاقِ الْفَرْخِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمُصَنِّفِ الَّذِي كَانَ جَوَابًا لِهَذَا الشَّرْطِ فَقَدْ صَارَ مُهْمَلًا

ص: 153

فَغَرِقَتْ بِحَلِّهِ ضَمِنَهَا أَوْ بِعَارِضِ رِيحٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا لِمَا مَرَّ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ حَادِثٌ فَوَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الضَّمَانُ، إذْ الْمَاءُ أَحَدُ الْمُتْلِفَاتِ وَحَلُّ رِبَاطِهَا وَلَا رِيحَ فِي اللُّجَّةِ سَبَبٌ ظَاهِرٌ فِي إحَالَةِ الْغَرَقِ عَلَى الْفِعْلِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ وَطَارَ فِي الْحَالِ، بِخِلَافِ الزِّقِّ فَلَيْسَ فَتْحُهُ سَبَبًا ظَاهِرًا لِسُقُوطِهِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ.

(وَلَوْ)(فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ) أَيِّ طَيْرٍ، فَقَدْ قَالَ جُمْهُورُ اللُّغَوِيِّينَ إنَّ الطَّائِرَ مُفْرَدٌ وَالطَّيْرَ جَمْعُهُ فَانْدَفَعَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ الْأَوْلَى طَيْرٌ لَا طَائِرٌ لِأَنَّهُ فِي الْقَفَصِ لَا يَطِيرُ (وَهَيَّجَهُ فَطَارَ) حَالًا (ضَمِنَ) هـ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ إلْجَاءَهُ إلَى الْفِرَارِ كَإِكْرَاهِ الْآدَمِيِّ (وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْفَتْحِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ طَارَ فِي الْحَالِ) أَوْ كَانَ آخِرُ الْقَفَصِ مَفْتُوحًا فَمَشَى عَقِبَ الْفَتْحِ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى طَارَ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي، قَالَ أَوْ كَانَ الْقَفَصُ مَفْتُوحًا فَمَشَى إنْسَانٌ عَلَى بَابِهِ فَفَزِعَ الطَّائِرُ وَخَرَجَ، أَوْ وَثَبَتَ هِرَّةٌ عَقِبَ الْفَتْحِ فَقَتَلَتْهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ بِمَا إذَا عَلِمَ بِحُضُورِهَا حِينَ الْفَتْحِ وَإِلَّا كَانَتْ كَرِيحٍ طَرَأَتْ بَعْدَهُ (ضَمِنَ) هـ لِإِشْعَارِهِ بِتَنْفِيرِهِ، وَمَحَلُّ قَوْلِهِمْ تَقَدُّمُ الْمُبَاشَرَةِ عَلَى السَّبَبِ مَا لَمْ يَكُنْ السَّبَبُ مُلْجِئًا؛ وَالثَّانِي يَضْمَنُهُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْتَحْ لَمْ يَطِرْ، وَالثَّالِثُ لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا لِأَنَّ لَهُ قَصْدًا وَاخْتِيَارًا (وَإِنْ وَقَفَ ثُمَّ طَارَ فَلَا) يَضْمَنُهُ لِأَنَّ طَيَرَانَهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ يُشْعِرُ بِاخْتِيَارِهِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا لَوْ حَلَّ رِبَاطَ بَهِيمَةٍ أَوْ فَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَتْ، وَمِثْلُهَا قِنٌّ غَيْرُ مُمَيِّزٍ وَمَجْنُونٌ لَا عَاقِلٌ وَلَوْ آبِقًا لِأَنَّهُ صَحِيحُ الِاخْتِيَارِ فَخُرُوجُهُ عَقِبَ مَا ذَكَرَ يُحَالُ عَلَيْهِ، وَأَلْحَقَ جَمْعٌ بِفَتْحِ الْقَفَصِ مَا لَوْ كَانَ بِيَدِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ طَائِرٌ فَأَمَرَهُ إنْسَانٌ بِإِطْلَاقِهِ مِنْ يَدِهِ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا حَيْثُ لَا تَمْيِيزَ وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ عَمْدُ الْمُمَيِّزِ عَمْدٌ وَمِثْلُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ مَنْ يَرَى طَاعَةَ أَمْرِهِ، وَلَوْ حَلَّ رِبَاطًا عَنْ عَلَفٍ فِي وِعَاءٍ فَأَكَلَتْهُ فِي الْحَالِ بَهِيمَةٌ ضَمِنَ، وَلَا يُنَافِيهِ تَصْرِيحُ الْمَاوَرْدِيِّ بِأَنَّهُ لَوْ حَلَّ رِبَاطَ بَهِيمَةٍ فَأَكَلَتْ عَلَفًا أَوْ كَسَرَتْ إنَاءً لَمْ يَضْمَنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَلَى وَلَدِ الشَّاةِ تَغْلِيبٌ فَإِنَّ الْفَرْخَ وَلَدُ الطَّائِرِ وَالْأُنْثَى فَرْخَةٌ كَمَا فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ التَّلَفَ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ هُبُوبِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ حَادِثٌ) أَيْ يُحَالُ عَلَيْهِ الْغَرَقُ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ فَتْحُهُ سَبَبًا إلَخْ) أَيْ فَلَوْ شَكَّ بَعْدَ خُرُوجِ مَا فِيهِ فِي أَنَّ الْخُرُوجَ بِسَبَبِ الْفَتْحِ أَوْ عُرُوضِ حَادِثٍ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَقَدْ يُقَالُ بِالضَّمَانِ لِأَنَّ فَتْحَ رَأْسِ الزِّقِّ سَبَبٌ ظَاهِرٌ فِي تَرَتُّبِ خُرُوجِ مَا فِيهِ عَلَى الْفَتْحِ. وَالْأَصْلُ عَدَمُ عُرُوضِ الْحَادِثُ.

(قَوْلُهُ: وَالطَّيْرُ جَمْعُهُ) وَقِيلَ الطَّيْرُ اسْمُ جِنْسٍ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ. وَقِيلَ اسْمُ جَمْعٍ لَا يُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الطَّائِرُ عَلَى صِيغَةِ اسْمِ فَاعِلٍ مِنْ طَارَ يَطِيرُ طَيَرَانًا وَهُوَ لَهُ فِي الْجَوِّ كَمَشْيِ الْحَيَوَانِ فِي الْأَرْضِ، وَيُعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَالتَّضْعِيفِ فَيُقَالُ طَيَّرْتُهُ وَأَطَرْتُهُ، وَجَمْعُ الطَّائِرِ طَيْرٌ مِثْلُ صَاحِبٍ وَصَحْبٍ وَرَاكِبٍ وَرَكْبٍ، وَجَمْعُ الطَّيْرِ طُيُورٌ وَأَطْيَارٌ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَقُطْرُبٌ: وَيَقَعُ الطَّيْرُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ، وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: الطَّيْرُ جَمَاعَةٌ وَتَأْنِيثُهَا أَكْثَرُ مِنْ التَّذْكِيرِ، وَلَا يُقَالُ لِلْوَاحِدِ طَيْرٌ بَلْ طَائِرٌ قَلَّمَا مَا يُقَالُ لِلْأُنْثَى طَائِرَةٌ اهـ (قَوْلُهُ: وَهَيَّجَهُ فَطَارَ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: أَوْ طَارَ فَصَدَمَهُ جِدَارٌ أَوْ كَسَرَ قَارُورَةَ الْقَفَصِ ضَمِنَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا عَلِمَ بِحُضُورِهَا) قَالَ حَجّ: وَيَتَّجِهُ أَنَّ عِلْمَهُ بِوُجُودِ نَحْوِ هِرَّةٍ ضَارِيَةٍ بِذَلِكَ الْمَكَانِ غَالِبًا كَحُضُورِهَا حَالَ الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ حَلَّ رِبَاطَ) أَيْ أَوْ حَلَّ قَيْدَهَا اهـ مَتْنُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا قِنٌّ) أَيْ فِي فَتْحِ الْبَابِ وَحَلِّ الْقَيْدِ (قَوْلُهُ: يُحَالُ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالْفَاتِحُ فِي أَنَّهُ خَرَجَ عَقِبَ الْفَتْحِ أَوْ تَرَاخَى عَنْهُ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْفَاتِحِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ لَوْ حَلَّ رِبَاطَ بَهِيمَةٍ) أَيْ لِغَيْرِهِ، وَلَعَلَّ عَدَمَ الضَّمَانِ هُنَا مَعَ ضَمَانِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الزِّقِّ فَلَيْسَ فَتْحُهُ سَبَبًا إلَخْ) أَيْ: وَالصُّورَةُ فِيهِ أَنَّهُ شَكَّ فِي مُسْقِطِهِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْمُقَايَسَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ هَذَا فِي كَلَامِهِ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ ضَمَانِ الزِّقِّ حِينَئِذٍ نَقَلَهُ فِي التُّحْفَةِ عَنْ الشَّامِلِ وَالْبَحْرِ

(قَوْلُهُ: إنَّ الطَّائِرَ مُفْرَدٌ، وَالطَّيْرُ جَمْعُهُ) يُقَالُ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُهُ بِهِ كَمَا صَنَعَ، فَلَوْ قَالَ بَدَلَ التَّفْسِيرِ مُفْرَدُ طَيْرٍ لَصَحَّ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَضْمَنُهُ مُطْلَقًا إلَخْ)

ص: 154

سَوَاءٌ اتَّصَلَ ذَلِكَ بِالْحَلِّ أَمْ لَا، لِأَنَّ انْتِفَاءَ الضَّمَانِ فِي تِلْكَ لِعَدَمِ تَصَرُّفِهِ فِي التَّالِفِ بَلْ الْمُتْلَفُ عَكْسُ مَا هُنَا، وَلَوْ خَرَجَتْ الْبَهِيمَةُ عَقِبَ فَتْحِ الْبَابِ لَيْلًا فَأَتْلَفَتْ زَرْعًا أَوْ غَيْرَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ الْفَاتِحُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَإِنْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِخِلَافِهِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ حِفْظُ بَهِيمَةِ غَيْرِهِ عَنْ ذَلِكَ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى جِدَارِهِ طَائِرٌ فَنَفَّرَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّ لَهُ مَنْعَهُ مِنْ جِدَارِهِ، وَإِنْ رَمَاهُ فِي الْهَوَاءِ وَلَوْ فِي هَوَاءِ دَارِهِ فَقَتَلَهُ ضَمِنَهُ إذْ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ هَوَاءِ دَارِهِ، وَلَوْ فَتَحَ حِرْزًا فَأَخَذَ غَيْرُهُ مَا فِيهِ أَوْ دَلَّ عَلَيْهِ اللُّصُوصَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ يَدِهِ عَلَى الْمَالِ وَتَسَبُّبُهُ بِالْفَتْحِ فِي الْأَوْلَى قَدْ انْقَطَعَ بِالْمُبَاشَرَةِ. نَعَمْ لَوْ أَخَذَ غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُمَيِّزٍ أَوْ أَعْجَمِيٌّ يَرَى طَاعَةَ أَمْرِهِ ضَمِنَهُ دُونَ الْآخِذِ، وَلَوْ بَنَى دَارًا فَأَلْقَتْ الرِّيحُ فِيهَا ثَوْبًا وَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهِ.

(وَالْأَيْدِي الْمُتَرَتِّبَةُ) بِغَيْرِ تَزَوُّجٍ (عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ) الضَّامِنِ وَإِنْ كَانَتْ فِي أَصْلِهَا أَمَانَةً كَوَكَالَةٍ بِأَنْ وَكَّلَهُ فِي الرَّدِّ الْوَدِيعَةٍ (أَيْدِي ضَمَانٍ وَإِنْ جَهِلَ صَاحِبُهَا الْغَصْبَ) لِوَضْعِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

صَاحِبِهَا إذَا أَرْسَلَهَا فِي وَقْتٍ جَرَتْ فِيهِ الْعَادَةُ بِحِفْظِهَا فِيهِ أَنَّ الْمُطْلِقَ لَهَا هُنَا لَا يَدُلُّهُ عَلَيْهَا، وَلَا اسْتِيلَاءَ حَتَّى يَضْمَنَ مَا تَوَلَّدَ مِنْ فِعْلِهَا، بِخِلَافِ الْمَالِكِ فَإِنَّ عَلَيْهِ حِفْظَ مَا فِي يَدِهِ فَإِرْسَالُهُ لَهَا تَقْصِيرٌ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَ فِي إتْلَافِ الدَّوَابِّ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِحِفْظِ الْمَالِكِ لِدَابَّتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَرَتْ بِعَدَمِ حِفْظِهَا وَإِرْسَالِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا فَلَا ضَمَانَ لِمُتْلِفِ مَا أَرْسَلَهُ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْإِوَزُّ إذَا كَانَ فِي بَلْدَةٍ جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِهَا بِأَنَّهُمْ لَا يَحْفَظُونَهُ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ دُورِ أَهْلِهِ عَلَى عَادَتِهِمْ وَأَتْلَفَ زَرْعًا لَا يَضْمَنُهُ مَالِكُ الْإِوَزِّ لِأَنَّ صَاحِبَ الزَّرْعِ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ حِرَاسَتِهِ وَمَنْعِ الْإِوَزِّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: بَلْ فِي الْمُتْلَفِ عَكْسُ مَا هُنَا) قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ فِيمَا لَوْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ فَخَرَجَ وَكَسَرَ فِي خُرُوجِهِ قَارُورَةً، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدُ مِثْلَ مَا ذَكَرَ: إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ التَّلَفَ حَيْثُ كَانَ مِنْ ضَرُورَةِ الْحَلِّ أَوْ الْفَتْحِ عَادَةً ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا اهـ مُلَخَّصًا. وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُوَافِقُ مَا فَرَّقَ بِهِ الشَّارِحُ هُنَا مِنْ أَنَّ التَّصَرُّفَ فِي التَّالِفِ لَا فِي الْمُتْلَفِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ كَسْرَ الطَّائِرِ لِنَحْوِ الْقَارُورَةِ فِي خُرُوجِهِ يُعَدُّ مِنْ فِعْلِ الْمُتْلِفِ لِنِسْبَةِ الْخُرُوجِ الَّذِي حَصَلَ بِهِ التَّلَفُ لِلْفَاتِحِ، وَلَا كَذَلِكَ أَكْلُ الدَّابَّةِ لِلْعَلَفِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِالْخُرُوجِ بَلْ بِأَمْرٍ حَصَلَ بَعْدَ الْخُرُوجِ وَهُوَ قَرِيبٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْهُ الْفَاتِحُ) أَيْ وَلَا صَاحِبُ الْبَهِيمَةِ أَيْضًا لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ مَنْعَهُ مِنْ جِدَارِهِ) أَيْ فَلَوْ اعْتَادَ الطَّائِرُ النُّزُولَ عَلَى جِدَارِ غَيْرِهِ وَشَقَّ مَنْعُهُ كُلِّفَ صَاحِبُهُ مَنْعَهُ بِحَبْسِهِ أَوْ قَصِّ جَنَاحٍ لَهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْ الطَّائِرِ ضَرَرٌ بِجُلُوسِهِ عَلَى الْجِدَارِ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الطَّيْرِ تَوَلُّدُ النَّجَاسَةِ مِنْهُ بِرَوْثِهِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى جُلُوسِهِ مَنْعُ صَاحِبِ الْجِدَارِ مِنْهُ لَوْ أَرَادَ الِانْتِفَاعَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَنَى دَارًا) هُوَ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي كُلِّ دَارٍ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إعْلَامِ صَاحِبِهِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ وَإِلَّا ضَمِنَ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ جَهِلَ صَاحِبُهَا الْغَصْبَ) أَيْ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْمَغْصُوبِ، فَإِذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ كَانَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ، وَقَرَارُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ حِكَايَةِ الْقَوْلَيْنِ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ وَقَفَ ثُمَّ طَارَ فَلَا (قَوْلُهُ: فِي تِلْكَ) يَعْنِي فِي مَسْأَلَةِ الْمَاوَرْدِيِّ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فِي هَذِهِ وَيَقُولَ فِيمَا يَأْتِي عَكْسَ مَا هُنَاكَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِخِلَافِهِ) الَّذِي فِي الْأَنْوَارِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِابْنِ الْمُقْرِي لَا مُخَالِفٌ لَهُ (قَوْلُهُ: فَنَفَّرَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ) هَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا نَفَّرَهُ فَتَلِفَ بَعْدَ التَّنْفِيرِ بِحَادِثٍ أَوْ أَنَّهُ أَتْلَفَهُ بِتَنْفِيرِهِ كَأَنْ رَمَاهُ بِمَا يَقْتُلُهُ فَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ يَنْدَفِعُ بِأَخَفَّ مِمَّا رَمَاهُ بِهِ يُرَاجَعُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَنَى دَارًا) الْبِنَاءُ لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَأَلْقَتْ الرِّيحُ فِيهَا ثَوْبًا وَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْهُ) أَيْ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إعْلَامِ صَاحِبِهِ حَتَّى لَا يُنَافِيَ مَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ، وَقَدْ قَيَّدَ بِذَلِكَ هُنَا فِي الْأَنْوَارِ

(قَوْلُهُ: الضَّامِنِ) أَخْرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ غَاصِبًا الِاخْتِصَاصَ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ مَا سَيَأْتِي

ص: 155

يَدِهِ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَجَهْلُهُ إنَّمَا يُسْقِطُ الْإِثْمَ إذْ هُوَ مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ لَا الضَّمَانِ لِأَنَّهُ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ فَيُطَالِبُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا. نَعَمْ الْحَاكِمُ وَأَمِينُهُ لَا يَضْمَنَانِ بِوَضْعِ يَدِهِمَا لِلْمَصْلَحَةِ، وَاسْتَثْنَى الْبَغَوِيّ مِنْ الْجَهْلِ مَا لَوْ غَصَبَ عَيْنًا وَدَفَعَهَا لِقِنِّ الْغَيْرِ لِيَرُدَّهَا لِمَالِكِهَا فَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ، فَإِنْ جَهِلَ الْعَبْدُ ضَمِنَ الْغَاصِبُ فَقَطْ وَإِلَّا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَغَرِمَ الْمَالِكُ أَيَّهمَا شَاءَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، أَمَّا لَوْ زَوَّجَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَةَ فَتَلِفَتْ عِنْدَ الزَّوْجِ فَلَا يَضْمَنُهَا لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ زَوْجَةٌ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ يَدِ الزَّوْجِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ إيرَادُ هَذِهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا تَلِفَتْ بِغَيْرِ الْوِلَادَةِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُهَا، كَمَا لَوْ أَوْلَدَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ وَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الرَّهْنِ (ثُمَّ إنْ عَلِمَ) الثَّانِي الْغَصْبَ (فَغَاصِبٌ مِنْ غَاصِبٍ فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ) وَيُطَالِبُ بِكُلِّ مَا يُطَالِبُ بِهِ الْأَوَّلُ لِأَنَّ حَدَّ الْغَصْبِ صَادِقٌ عَلَيْهِ. نَعَمْ لَا مُطَالَبَةَ عَلَيْهِ بِزِيَادَةِ قِيمَةٍ حَصَلَتْ فِي يَدِ الْأَوَّلِ فَقَطْ بَلْ الْمَطَالِبُ بِهَا هُوَ الْأَوَّلُ، وَيَبْرَأُ الْأَوَّلُ لِكَوْنِهِ كَالضَّامِنِ لِتَقَرُّرِ الضَّمَانِ عَلَى الثَّانِي بِإِبْرَاءِ الْمَالِكِ لِلثَّانِي وَلَا عَكْسَ، قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ، وَكَذَا إنْ جَهِلَ الثَّانِي الْغَصْبَ (وَكَانَتْ يَدُهُ فِي أَصْلِهَا يَدَ ضَمَانٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الضَّمَانِ عَلَى الْمُكْرِهِ لَهُ كَمَا لَوْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى إتْلَافِ مَالٍ فَأَتْلَفَهُ، فَإِنَّ كُلًّا طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ، وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا غَصَبَ مِنْ آخَرَ فَرَسًا وَأَكْرَهَ آخَرَ عَلَى الذَّهَابِ بِهَا إلَى مَحَلَّةِ كَذَا فَتَلِفَتْ وَهُوَ عَدَمُ ضَمَانِ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ بَلْ هُوَ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ فَقَطْ، وَمِنْهُ أَيْضًا مَا يَقَعُ فِي قُرَى الرِّيفِ مِنْ أَمْرِ الشَّادِّ مَثَلًا لِاتِّبَاعِهِ بِإِحْضَارِ بَهَائِمِ الْفَلَّاحِينَ لِلِاسْتِعْمَالِ فِي زَرْعِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِطَرِيقِ الظُّلْمِ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَكْرَهَ تَابِعَهُ عَلَى إحْضَارِ بَهَائِمَ عَيَّنَهَا كَانَ كُلٌّ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَالْقَرَارُ عَلَى الشَّادِّ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إكْرَاهٌ أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى إحْضَارِ بَعْضِ الدَّوَابِّ بِلَا تَعْيِينٍ لِلْمُحْضَرَةِ فَأَحْضَرَ لَهُ شَيْئًا مِنْهَا ضَمِنَهُ لِاخْتِيَارِهِ فِي الْأَوَّلِ، لِأَنَّ تَعْيِينَهُ لِلْبَعْضِ وَإِحْضَارَهُ لَهُ اخْتِيَارٌ مِنْهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْحَاكِمُ وَأَمِينُهُ) وَهَلْ مِثْلُهُمَا أَصْحَابُ الشَّوْكَةِ مِنْ مَشَايِخِ الْبُلْدَانِ وَالْعُرْبَانِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ فِي قُوَّتِهِ: تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْأَيْدِي أَيْدِي الْحُكَّامِ وَأَمْثَالِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ لِوَضْعِهَا عَلَى وَجْهِ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ اهـ. وَهَلْ يَشْمَلُ مَا ذَكَرَ مِنْ مَشَايِخِ الْبُلْدَانِ إلَخْ حَيْثُ عَدَلَ عَنْ نُوَّابِهِمْ إلَى التَّعْبِيرِ بِأَمْثَالِهِمْ (قَوْلُهُ: لَا يَضْمَنَانِ) أَيْ وَأَمَّا الْغَاصِبُ فَلَا يَبْدَأُ إلَّا بِالرَّدِّ لِلْمَالِكِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْحَاكِمُ وَأَمِينُهُ هُمَا الطَّالِبَانِ لِلْأَخْذِ، وَأَمَّا لَوْ رَدَّ الْغَاصِبُ بِنَفْسِهِ عَلَيْهِمَا فَيَنْبَغِي بَرَاءَتُهُ بِذَلِكَ لِقِيَامِ الْحَاكِمِ مَقَامَ الْمَالِكِ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ مِنْ الْغَاصِبِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي الرَّوْضِ: وَيُسْتَثْنَى الْحَاكِمُ وَنَائِبُهُ لِأَنَّهُمَا نَائِبَانِ عَنْ الْمَالِكِ اهـ أَنَّ الْغَاصِبَ يَبْرَأُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: لِيَرُدَّهَا) أَيْ الْقِنَّةَ وَقَوْلُهُ فِي يَدِهِ أَيْ يَدِ الْقِنِّ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فِيمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَلَعَلَّهُ بِالنَّظَرِ لِمَا لَوْ جَهِلَ الْقِنَّ إلَخْ، وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ الْعَبْدَ وَإِنْ كَانَ أَمِينًا لِكَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْ الْغَاصِبِ فِي الرَّدِّ فَحَقُّهُ أَنْ يَكُونَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ نَفْيُ الضَّمَانِ عَنْ الْعَبْدِ مُطْلَقًا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مُرَادَ الْبَغَوِيّ بِقَوْلِهِ ضَمِنَ الْغَاصِبُ أَنَّ عَلَيْهِ الْقَرَارَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَضْمَنُهَا) أَيْ لَا يَضْمَنُ عَيْنَهَا إذَا تَلِفَتْ، لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ إنْ وَطِئَهَا لِلشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ هِيَ) قَدْ يُقَالُ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ بِغَيْرِ تَزَوُّجٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ اسْتِثْنَاءٌ صُورِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا عَكْسَ) أَيْ لِأَنَّ الْأَوَّلَ كَالضَّامِنِ وَالثَّانِيَ كَالْأَصِيلِ وَهُوَ لَا يَبْرَأُ بِبَرَاءَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ زَوْجَةٌ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَمَا صَنَعَهُ فِي مَزْجِ الْمَتْنِ مِنْ اسْتِثْنَاءِ التَّزَوُّجِ مِنْ وَضْعِ الْيَدِ مُشْكِلٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا. (قَوْلُهُ: بِإِبْرَاءِ الْمَالِكِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَيَبْرَأُ

ص: 156

كَالْعَارِيَّةِ) وَالسَّوْمِ وَالْقَرْضِ وَالْبَيْعِ وَكَذَا الْهِبَةُ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الضَّمَانِ فَلَا تَغْرِيرَ مِنْ الْغَاصِبِ، وَفِي الْهِبَةِ أَخَذَ لِلتَّمَلُّكِ ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْهِبَةِ هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي بِحَسَبِ تَصَرُّفِهِ، لَكِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ يَدَ ضَمَانٍ وَإِنْ كَانَ الْمُرَجِّحُ أَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ لِمَا قُلْنَا (وَإِنْ كَانَتْ يَدَ أَمَانَةٍ) بِغَيْرِ اتِّهَابٍ (كَوَدِيعَةٍ) وَقِرَاضٍ (فَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ) دُونَهُ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنَّ يَدَهُ نَائِبَةٌ عَنْ الْغَاصِبِ، فَلَوْ غَرِمَ الْغَاصِبُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ، وَإِنْ غَرِمَ هُوَ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ صَالَ الْمَغْصُوبُ عَلَى شَخْصٍ فَأَتْلَفَهُ كَمَا مَرَّ آنِفًا، وَيَدُ الِالْتِقَاطِ وَلَوْ لِلتَّمَلُّكِ قَبْلَهُ كَيَدِ الْأَمَانَةِ وَبَعْدَهُ كَيَدِ الضَّمَانِ

(وَمَتَى)(أَتْلَفَ الْآخِذُ مِنْ الْغَاصِبِ) شَيْئًا (مُسْتَقِلًّا بِهِ) أَيْ بِالْإِتْلَافِ وَهُوَ أَهْلٌ لِلضَّمَانِ (فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ أَكَانَتْ يَدُهُ يَدَ أَمَانَةٍ أَمْ ضَمَانٍ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ أَقْوَى مِنْ إثْبَاتِ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَقِلَّ بِالْإِتْلَافِ بِأَنْ حَمَلَهُ عَلَيْهِ الْغَاصِبُ فَإِنْ كَانَ لِغَرَضِهِ كَذَبْحِ شَاةٍ أَوْ قَطْعِ ثَوْبٍ أَمَرَهُ بِهِ فَفَعَلَهُ جَاهِلًا فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ، أَوْ لَا لِغَرَضٍ فَعَلَى الْمُتْلِفِ، وَكَذَا إنْ كَانَ لِغَرَضِ نَفْسِهِ كَمَا قَالَ (وَإِنْ حَمَلَهُ الْغَاصِبُ عَلَيْهِ بِأَنْ قَدَّمَ لَهُ طَعَامًا مَغْصُوبًا ضِيَافَةً فَأَكَلَهُ فَكَذَا) الْقَرَارُ عَلَيْهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ وَإِلَيْهِ عَادَتْ الْمَنْفَعَةُ. وَالثَّانِي أَنَّ الْقَرَارَ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ غَرَّ الْآكِلَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَدَّمَهُ لِآخَرَ وَقَالَ لَهُ هُوَ مِلْكِي فَالْقَرَارُ عَلَى الْآكِلِ أَيْضًا فَلَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْغَاصِبِ لَكِنْ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ إنْ غَرِمَ الْغَاصِبُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآكِلِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ الْمَالِكَ ظَلَمَهُ وَالْمَظْلُومُ لَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ، وَتَقْدِيمُهُ لِرَقِيقٍ وَلَوْ بِإِذْنِ مَالِكِهِ جِنَايَةُ يَدٍ مِنْهُ يُبَاعُ فِيهَا لِتَعَلُّقِ مُوجِبِهَا بِرَقَبَتِهِ، فَلَوْ غَرِمَ الْغَاصِبُ رَجَعَ عَلَى قِيمَةِ الْآكِلِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَّمَهُ لِبَهِيمَةٍ فَأَكَلَتْهُ وَغَرِمَ الْغَاصِبُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَالِكِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ (وَعَلَى هَذَا) أَيْ الْأَظْهَرِ فِي أَكْلِ الضَّيْفِ (لَوْ قَدَّمَهُ) الْغَاصِبُ (لِمَالِكِهِ) أَوْ لَمْ يُقَدِّمْهُ لَهُ (فَأَكَلَهُ) جَاهِلًا بِأَنَّهُ لَهُ (بَرِئَ الْغَاصِبُ) لِمُبَاشَرَتِهِ إتْلَافَ مَالِهِ مُخْتَارًا، أَمَّا إذَا أَكَلَهُ عَالِمًا فَيَبْرَأُ قَطْعًا هَذَا كُلُّهُ إنْ قَدَّمَهُ لَهُ عَلَى هَيْئَتِهِ. أَمَّا إذَا غَصَبَ حَبًّا وَلَحْمًا أَوْ عَسَلًا وَدَقِيقًا وَصَنَعَهُ هَرِيسَةً أَوْ حَلْوَاءَ مَثَلًا فَلَا يَبْرَأُ قَطْعًا، قَالَهُ الزُّبَيْرِيُّ لِأَنَّهُ لَمَّا صَيَّرَهُ كَالتَّالِفِ انْتَقَلَ الْحَقُّ لِقِيمَتِهِ وَهِيَ لَا تَسْقُطُ بِبَذْلِ غَيْرِهَا بِدُونِ رِضَا مُسْتَحِقِّهَا وَهُوَ لَمْ يَرْضَ، وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ أَيْضًا بِإِعَارَتِهِ أَوْ بَيْعِهِ أَوْ إقْرَاضِهِ لِلْمَالِكِ وَلَوْ جَاهِلًا بِكَوْنِهِ لَهُ لِأَنَّهُ بَاشَرَ أَخْذَ مَالِهِ مُخْتَارًا لَا بِإِيدَاعِهِ وَرَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ وَتَزْوِيجِهِ مِنْهُ وَالْقِرَاضِ مَعَهُ فِيهِ جَاهِلًا بِأَنَّهُ لَهُ، إذْ التَّسْلِيطُ فِيهَا غَيْرُ تَامٍّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ عَالِمًا، وَشَمِلَ التَّزْوِيجُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الضَّامِنِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْهِبَةُ) أَيْ فَالْيَدُ مَعَهَا يَدُ ضَمَانٍ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا يَدُ أَمَانَةٍ كَمَا يَأْتِي وَمَعَ ذَلِكَ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ، وَلَوْ جَعَلَ قَوْلَهُ وَكَذَا الْهِبَةُ إلَخْ مُشَابِهًا لِلْيَدِ الضَّامِنَةِ لَا الْعَارِيَّةِ لَمْ يُتَوَجَّهْ الِاعْتِرَاضُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ فَأَتْلَفَهُ) أَيْ أَتْلَفَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ الْمَغْصُوبَ (قَوْلُهُ قَبْلَهُ) أَيْ التَّمَلُّكِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ لِغَرَضِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ) هِيَ قَوْلُهُ وَقَالَ لَهُ هِيَ مِلْكِي إلَخْ (قَوْلُهُ وَتَقْدِيمُهُ) أَيْ الطَّعَامِ الْمَغْصُوبِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِإِذْنِ مَالِكِهِ أَيْ مَالِكِ الرَّقِيقِ، وَقَوْلُهُ جِنَايَةٌ مِنْهُ: أَيْ الرَّقِيقِ، وَقَوْلُهُ عَلَى قِيمَةِ الْآكِلِ: أَيْ وَهُوَ الرَّقِيقُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَالِكِ) أَيْ وَلَيْسَ لِمَالِكِ الْعَلَفِ مُطَالَبَةُ صَاحِبِ الْبَهِيمَةِ فَلَيْسَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَى تَقْصِيرٍ فِي إتْلَافِ مَا أَكَلَتْهُ بَهِيمَتُهُ (قَوْلُهُ: انْتَقَلَ الْحَقُّ لِقِيمَتِهِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ إلَّا بَعْدَ دَفْعِ بَدَلِهِ لِلْمَالِكِ وَلَا لِغَيْرِهِ مِمَّنْ عَلِمَ أَنَّ أَصْلَهُ مَغْصُوبٌ تَنَاوُلُ شَيْءٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ إذْ التَّسْلِيطُ فِيهَا غَيْرُ تَامٍّ) قَدْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْهِبَةِ) أَيْ: فِي سَرْدِهَا مَعَ مَا الْيَدُ فِيهِ يَدُ ضَمَانٍ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ التَّعْلِيلِ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ إلَيْهِ فَلَا يَكُونُ مُوَافِقًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، بَلْ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ سِيَّمَا وَقَدْ فَصَّلَهَا بِكَذَا فَكَانَ الْأَوْلَى خِلَافَ هَذَا الصَّنِيعِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ آنِفًا) اُنْظُرْ أَيْنَ مَرَّ

(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَدَّمَهُ لِآخَرَ) كَانَ الْأَوْلَى هُنَا الْإِضْمَارَ. (قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُهُ لِرَقِيقٍ وَلَوْ بِإِذْنِ مَالِكِهِ جِنَايَةٌ) صَوَابُهُ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَإِذَا قَدَّمَهُ لِعَبْدٍ فَالْأَكْلُ جِنَايَةٌ يُبَاعُ فِيهَا.

ص: 157