الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ لِلْعُرْفِ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِحَمْلِ الْجَمِيعِ فِي جَمِيعِ الطَّرِيقِ. قَالَ: وَهُوَ الَّذِي إلَيْهِ نَمِيلُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لِيُؤْكَلَ مَا حُمِلَ لِيُوصَلَ فَيُبَدَّلُ قَطْعًا وَبِقَوْلِهِ إذَا أُكِلَ مَا تَلِفَ بِسَرِقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَيُبَدَّلُ قَطْعًا عَلَى نِزَاعٍ فِيهِ وَبِفَرْضِهِ الْكَلَامَ فِي الْمَأْكُولِ الْمَشْرُوبِ فَيُبَدَّلُ قَطْعًا لِلْعُرْفِ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ غَايَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي تُقَدَّرُ بِهَا الْمَنْفَعَةُ
تَقْرِيبًا وَكَوْنُ يَدِ الْأَجِيرِ يَدَ أَمَانَةٍ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ (يَصِحُّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ) عَلَى الْعَيْنِ (مُدَّةً تَبْقَى فِيهَا) تِلْكَ (الْعَيْنُ) بِصِفَاتِهَا الْمَقْصُودَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (غَالِبًا) لِإِمْكَانِ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ كَسَنَةٍ فِي نَحْوِ الثَّوْبِ وَعَشْرِ سِنِينَ فِي الدَّابَّةِ وَثَلَاثِينَ سَنَةً فِي الْعَبْدِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِكُلٍّ مِنْهَا وَكَمِائَةِ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فِي الْأَرْضِ طَلْقًا كَانَتْ أَوْ وَقْفًا لَمْ يَشْتَرِطْ وَاقِفُهُ لِإِيجَارِهِ مُدَّةً. قَالَ الْبَغَوِيّ: وَالْمُتَوَلِّي كَالْقَاضِي إلَّا أَنَّ الْحُكَّامَ اصْطَلَحُوا عَلَى مَنْعِ إجَارَةِ الْوَقْفِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ لِئَلَّا يَنْدَرِسَ الْوَقْفُ، وَفِي الْأَنْوَارِ أَنَّ مَا قَالَاهُ هُوَ الِاحْتِيَاطُ. قَالَ الشَّيْخَانِ: وَهَذَا الِاصْطِلَاحُ غَيْرُ مُطَّرِدٍ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَعَلَّ سَبَبَهُ أَنَّ إجَارَةَ الْوَقْفِ تَحْتَاجُ إلَى أَنْ تَكُونَ بِالْقِيمَةِ وَتَقْوِيمُ الْمُدَّةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ الْبَعِيدَةِ صَعْبٌ. قَالَ: وَفِيهِ أَيْضًا مَنْعُ الِانْتِقَالِ إلَى الْبَطْنِ الثَّانِي وَقَدْ تَتْلَفُ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِمْ، وَمَعَ ذَلِكَ تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ لِعِمَارَةٍ وَنَحْوِهَا فَالْحَاكِمُ يَجْتَهِدُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: مَا حُمِلَ لِيُوصَلَ) أَيْ فَتَلِفَ قَبْلَ الْوُصُولِ (قَوْلُهُ: فَيُبَدَّلُ قَطْعًا) أَيْ فَلَوْ لَمْ يُبَدِّلْهُ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ يَسْقُطْ مِنْ الْمُسَمَّى شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُكْرِي مَانِعٌ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ غَايَةِ الْمُدَّةِ
(قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ غَالِبًا) فَلَوْ أَجَّرَهُ مُدَّةً لَا تَبْقَى إلَيْهَا غَالِبًا فَهَلْ تَبْطُلُ فِي الزَّائِدِ فَقَطْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: الْقِيَاسُ نَعَمْ وَتَتَفَرَّقُ الصَّفْقَةُ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الْعُبَابِ صَرَّحَ بِذَلِكَ، وَعِبَارَتُهُ: فَإِنْ زَادَ عَلَى الْجَائِزِ بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ فَقَطْ اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَخْلَفَ ذَلِكَ وَبَقِيَتْ عَلَى حَالِهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي اُعْتُبِرَتْ لِبَقَائِهَا عَلَى صُورَتِهَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ فِي الزِّيَادَةِ إنَّمَا كَانَ لِظَنٍّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ. (قَوْلُهُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا) وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ ذِكْرَ ذَلِكَ الْعَدَدِ لِلتَّمْثِيلِ لَا لِلتَّقْيِيدِ انْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَكَمِائَةِ سَنَةٍ) .
[فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا مَوْقُوفَةً وَهِيَ مُتَهَدِّمَةٌ مُدَّةً طَوِيلَةً هَلْ تُرَاعَى أُجْرَتُهَا الْآنَ وَهِيَ مُتَهَدِّمَةٌ أَمْ يَجِبُ مُرَاعَاةُ أُجْرَتِهَا بَعْدَ عَوْدِهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُفْرَضُ بِنَاؤُهَا عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي يَئُولُ أَمْرُهَا إلَيْهَا بِالْعَمَلِ عَادَةً ثُمَّ يُعْتَبَرُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا مُعَجَّلَةً وَهِيَ دُونَ أُجْرَةِ مِثْلِهَا وَلَوْ قُسِّطَتْ عَلَى الْأَشْهُرِ وَالسِّنِينَ بِحَيْثُ يَقْبِضُ آخِرَ كُلِّ قِسْطٍ مَا يَخُصُّهُ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَا تِلْكَ الصِّفَةَ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ إيجَارِهَا كَذَلِكَ أَنْ تَبْنِيَ بِالْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ، وَلَوْ اُعْتُبِرَتْ أُجْرَةُ مِثْلِهَا بِتِلْكَ الْحَالَةِ الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا كَانَ إضَاعَةً لِلْوَقْفِ لِأَنَّهَا إنَّمَا يُرْغَبُ فِيهَا كَذَلِكَ بِأُجْرَةٍ قَلِيلَةٍ جِدًّا (قَوْلُهُ: طَلْقًا) أَيْ مَمْلُوكَةً (قَوْلُهُ قَالَ وَفِيهِ أَيْضًا) أَيْ قَالَ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ لِعِمَارَةٍ أَوْ نَحْوِهَا)
ــ
[حاشية الرشيدي]
لِلْمُؤَجِّرِ مُطَالَبَتُهُ بِتَنْقِيصِ قَدْرِ أَكْلِهِ الَّذِي بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ فِيمَا إذَا لَمْ يُقَدِّرْهُ وَحَمَلَ مَا يَحْتَاجُهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ، وَفِيمَا إذَا قَدَّرَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ اتِّبَاعًا لِلشَّرْطِ ثُمَّ مَالَ إلَى أَنَّهُ كَالْأَوَّلِ انْتَهَتْ.
[فَصْل فِي بَيَان غَايَة الْمُدَّة الَّتِي تَقْدِر بِهَا الْمَنْفَعَة]
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ غَايَةِ الْمُدَّةِ إلَخْ
فِي ذَلِكَ وَيَقْصِدُ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى اهـ. وَبِمُقْتَضَى إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُحْمَلُ قَوْلُ الْقَائِلِ بِالْمَنْعِ فِي ذَلِكَ كَالْأَذْرَعِيِّ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ انْدِرَاسُ اسْمِ الْوَقْفِ وَتُمَلَّكُ الْعَيْنُ بِسَبَبِ طُولِ مُدَّتِهَا، وَإِذَا أَجَّرَ شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ لَمْ يَجِبْ تَقْدِيرُ حِصَّةِ كُلِّ سَنَةٍ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ سَنَةً لَا يَجِبُ تَقْدِيرُ حِصَّةِ كُلِّ شَهْرٍ وَتُوَزَّعُ الْأُجْرَةُ عَلَى قِيمَةِ مَنَافِعِ السِّنِينَ
وَلَوْ آجَرَهُ شَهْرًا مَثَلًا، وَأَطْلَقَ فَابْتِدَاؤُهُ مِنْ وَقْتِهِ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ الْمُتَعَارَفُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ مِنْ الْآنَ، لَكِنْ نَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ جَزْمِ الْعِرَاقِيِّينَ خِلَافَهُ وَقَدْ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ كَمَا يَأْتِي فِي سَوَادِ الْعِرَاقِ، وَلَيْسَ مِثْلُهُ إيجَارُ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ أَرَاضِيَهُ لِبِنَاءٍ أَوْ زَرْعٍ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ بَلْ هُوَ بَاطِلٌ، إذْ لَا مَصْلَحَةَ كُلِّيَّةٌ يُغْتَفَرُ لِأَجْلِهَا ذَلِكَ، وَكَاسْتِئْجَارِ الْإِمَامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِلْأَذَانِ أَوْ الذِّمِّيِّ لِلْجِهَادِ، وَكَالِاسْتِئْجَارِ لِلْعُلُوِّ لِلْبِنَاءِ أَوْ إجْرَاءِ الْمَاءِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يُؤَجِّرُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ أَوْ مَالَهُ إلَّا مُدَّةً لَا يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ وَإِلَّا بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ، وَمَرَّ أَنَّ الرَّاهِنَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ إجَارَةُ الْمَرْهُونِ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ إلَّا مُدَّةً لَا تُجَاوِزُ حُلُولَ الدَّيْنِ، وَنَقَلَ الْبَدْرُ ابْنُ جَمَاعَةَ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ امْتِنَاعَ إجَارَةِ الْإِقْطَاعِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ فِي مَنْذُورٍ عِتْقُهُ بَعْدَ شِفَاءِ مَرِيضِهِ بِسَنَةٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إيجَارُهُ أَكْثَرَ مِنْهَا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى دَوَامِهَا عَلَيْهِ بَعْدَ عِتْقِهِ لِمَا يَأْتِي أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ بِطُرُوِّ الْعِتْقِ، وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَالْأَوْجَهُ فِيهِمَا صِحَّةُ الْإِجَارَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى السَّنَةِ فَإِذَا سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْإِقْطَاعِ فِي الْأُولَى بَطَلَتْ، وَإِذَا عَتَقَ فِي الثَّانِيَةِ فَكَذَلِكَ لَا سِيَّمَا وَقَدْ يَتَأَخَّرُ الشِّفَاءُ عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (وَفِي قَوْلٍ لَا يُزَادُ) فِيهَا (عَلَى سَنَةٍ) مُطْلَقًا لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَنْدَفِعُ بِهَا، وَمَا زَعَمَهُ السَّرَخْسِيُّ مِنْ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ فِي الْوَقْفِ شَاذٌّ بَلْ قِيلَ إنَّهُ غَلَطٌ (وَفِي قَوْلٍ) لَا تُزَادُ عَلَى (ثَلَاثِينَ) سَنَةً لِأَنَّ الْغَالِبَ تَغَيُّرُ الْأَشْيَاءِ بَعْدَهَا وَرُدَّ بِأَنَّ ذِكْرَهَا فِي النَّصِّ لِلتَّمْثِيلِ
(وَلِلْمُكْتَرِي اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ) الْأَمِينُ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، فَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ اسْتِيفَاءَهَا بِنَفْسِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ شَرَطَ عَلَى مُشْتَرٍ أَنْ لَا يَبِيعَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ مِمَّا تَكُونُ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ لِعَيْنِ الْوَقْفِ لَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَبِمُقْتَضَى إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ) أَيْ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ طَلْقًا كَانَ أَوْ وَقْفًا الْمَفْهُومُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَتْنِ، وَالْمُرَادُ صِحَّتُهُ حَيْثُ اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَابْتِدَاؤُهُ مِنْ وَقْتِهِ) أَيْ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجُوزُ إيجَارُ الْإِقْطَاعِ مُدَّةً يَبْقَى فِيهَا غَالِبًا وَإِنْ احْتَمَلَ رُجُوعَ السُّلْطَانِ فِيهِ قَبْلَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بَقَاءَ الْمُؤَجَّرِ تِلْكَ الْمُدَّةَ لِأَنَّهُ يُسْتَحَقُّ فِي الْحَالِ وَالْأَصْلُ الْبَقَاءُ، فَإِنْ رَجَعَ السُّلْطَانُ أَوْ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ فِي الْبَاقِي وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ إيجَارُ الْبَطْنِ الْأَوَّلُ، فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ وَمِلْكِهِمْ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ وَجَوَازِ تَصَرُّفِهِمْ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بَقَاؤُهُمْ تِلْكَ الْمُدَّةَ، فَإِنْ مَاتُوا قَبْلَ فَرَاغِهَا انْفَسَخَتْ فِي الْبَاقِي اهـ سم عَلَى حَجّ. وَمِنْ ذَلِكَ الْأَرْضُ الْمُرْصَدَةُ عَلَى الْمُدَرِّسِ وَالْإِمَامِ وَنَحْوِهِمَا إذَا كَانَ النَّظَرُ لَهُ وَأَجَّرَ مُدَّةً وَمَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ (قَوْلُهُ وَإِذَا عَتَقَ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) لَا يُقَالُ: بُطْلَانُ الْإِجَارَةِ بَعْدَ الْعِتْقِ يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَبْطُلُ بِعِتْقِ الْعَبْدِ. لِأَنَّا نَقُولُ: ذَاكَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ سَبَبُ الْعِتْقِ عَلَى الْإِجَارَةِ وَإِلَّا فَتَبْطُلُ كَمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ الْعَبْدِ بِصِفَةٍ ثُمَّ أَجَّرَهُ ثُمَّ وُجِدَتْ الصِّفَةُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ أَجَّرَ عَبْدَهُ إلَخْ، وَمَا هُنَا مِنْ ذَلِكَ لِتَقَدُّمِ النَّذْرِ عَلَى الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْإِيجَارُ قَبْلَ شِفَاءِ الْمَرِيضِ. أَمَّا لَوْ كَانَ بَعْدَهُ فَلَا يَتَأَتَّى هَذَا التَّوْجِيهُ (قَوْلُهُ: وَمَا زَعَمَهُ السَّرَخْسِيُّ) بِفَتْحَتَيْنِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَمُهْمَلَةٍ نِسْبَةٌ إلَى سَرْخَسَ مَدِينَةٍ بِخُرَاسَانَ اهـ لب لِلسُّيُوطِيِّ
(قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ دُونَهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فَيَرْكَبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَسَدَ الْعَقْدُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ يَسْتَوْفِيهَا بِنَفْسِهِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ عَلَى
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فِي مَنْذُورٍ عِتْقُهُ) أَيْ: بِأَنْ نَذَرَ أَنْ يُعْتِقَهُ إذَا مَضَتْ سَنَةٌ بَعْدَ شِفَاءِ الْمَرِيضِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ فِيهِمَا صِحَّةُ الْإِجَارَةِ) أَيْ: سَوَاءٌ أَكَانَ إقْطَاعَ تَمْلِيكٍ، أَوْ إرْفَاقٍ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَإِذَا عَتَقَ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) قَالَ سم: وَيُفَارِقُ
(فَيَرْكَبُ وَيَسْكُنُ) وَيَلْبَسُ (مِثْلَهُ) فِي الضَّرَرِ اللَّاحِقِ بِالْعَيْنِ وَدُونَهُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِيفَاءٌ لِلْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ
(وَلَا يُسْكِنُ حَدَّادًا وَلَا قَصَّارًا) حَيْثُ لَمْ يَكُنْ هُوَ كَذَلِكَ لِزِيَادَةِ الضَّرَرِ. قَالَ جَمْعٌ: إلَّا إذَا قَالَ لِتُسْكِنَ مَنْ شِئْت كَازْرَعْ مَا شِئْت، وَنَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يُقْصَدُ بِهِ التَّوْسِعَةُ دُونَ الْإِذْنِ فِي الْإِضْرَارِ.
وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْأَصْلَ خِلَافُهُ، وَلَا يَجُوزُ إبْدَالُ رُكُوبٍ بِحَمْلٍ وَحَدِيدٍ بِقُطْنٍ وَقَصَّارٍ بِحَدَّادٍ وَالْعُكُوسُ وَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَا يَتَفَاوَتُ الضَّرَرُ
(وَمَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ كَدَارٍ وَدَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ) قَيْدٌ فِي الدَّابَّةِ فَقَطْ لِمَا مَرَّ أَنَّ الدَّارَ لَا تَكُونُ إلَّا مُعَيَّنَةً (لَا يُبَدَّلُ) أَيْ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ لِكَوْنِهِ مَعْقُودًا عَلَيْهِ، وَلِهَذَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِمَا وَثَبَتَ الْخِيَارُ بِعَيْبِهِمَا. أَمَّا فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ فَيُبَدَّلُ وُجُوبًا لِتَلَفٍ أَوْ عَيْبٍ وَيَجُوزُ عِنْدَ عَدَمِهِمَا لَكِنْ بِرِضَا الْمُكْتَرِي لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ اخْتَصَّ بِهِ كَمَا مَرَّ.
(وَمَا يُسْتَوْفَى بِهِ كَثَوْبٍ وَصَبِيِّ عَيْنٍ) الْأَوَّلُ (لِلْخِيَاطَةِ وَ) الثَّانِي لِفِعْلِ (الْإِرْضَاعِ) بِأَنْ الْتَزَمَ فِي ذِمَّتِهِ خِيَاطَةً أَوْ إرْضَاعَ مَوْصُوفٍ ثُمَّ عَيْنٍ، وَأَفْرَدَ الْمُصَنِّفُ الضَّمِيرَ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّوْسِيعُ فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّ إيقَاعَ ضَمِيرِ الْمُفْرَدِ مَوْقِعَ ضَمِيرِ الْمُثَنَّى شَاذٌّ (يَجُوزُ إبْدَالُهُ) بِمِثْلِهِ (فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ امْتَنَعَ الْأَجِيرُ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلِاسْتِيفَاءِ لَا مَعْقُودَ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ الرَّاكِبَ وَالْمَتَاعَ الْمُعَيَّنَ لِلْحَمْلِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَالْمُسْتَوْفَى مِنْهُ وَعُزِيَ لِلْأَكْثَرِينَ وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي إبْدَالِهِ بِلَا مُعَاوَضَةٍ وَإِلَّا جَازَ قَطْعًا كَمَا يَجُوزُ لِمُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ أَنْ يُعَاوِضَ عَنْهَا كَسُكْنَى دَارٍ، أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِحَمْلِ مُعَيَّنٍ فَيَجُوزُ إبْدَالُهُ بِمِثْلِهِ قَطْعًا، وَلَوْ أُبْدِلَ الْمُسْتَوْفَى فِيهِ كَطَرِيقٍ بِمِثْلِهَا مَسَافَةً وَسُهُولَةً وَحُزْنًا وَأَمْنًا جَازَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ مَحَلُّ التَّسْلِيمِ، إذْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَوْضِعِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ، وَاعْتَمَدَهُ لِتَصْرِيحِ الْأَكْثَرِينَ بِأَنَّهُ لَوْ اكْتَرَى دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَحَلٍّ لَيْسَ لَهُ رَدُّهَا بَلْ يُسَلِّمُهَا ثُمَّ لِوَكِيلِ الْمَالِكِ ثُمَّ الْحَاكِمِ ثُمَّ الْأَمِينِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ رَدَّهَا لِلضَّرُورَةِ، وَحِينَئِذٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَنْ تَسْكُنَهَا وَحْدَك
(قَوْلُهُ بِأَنَّ الْأَصْلَ خِلَافُهُ) أَيْ فَيَسْكُنُهُمَا حِينَئِذٍ.
لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ لِزِيَادَةِ الضَّرَرِ بِدَفْعِهِمَا: أَيْ وَلَوْ قَالَ لَهُ وَتُسْكِنُ مَنْ شِئْت خِلَافًا لِلْجُرْجَانِيِّ وَغَيْرِهِ اهـ. وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ لِتَزْرَعَ مَا شِئْت زَرْعَ مَا شَاءَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ ذَلِكَ الْمَحَلِّ لَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: لَا يَتَفَاوَتُ الضَّرَرُ) بَلْ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ كَانَ الضَّرَرُ الْمَأْتِيُّ بِهِ أَخَفَّ مِنْ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ الْتَزَمَ فِي ذِمَّتِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّوْبُ أَوْ الصَّبِيُّ مُعَيَّنَيْنِ فِي الْعَقْدِ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُمَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّهُ إنَّمَا قُيِّدَ بِهِ لِبَيَانِ مَحَلِّ الْخِلَافِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ لِمَحَلٍّ مُعَيَّنٍ فَيَجُوزُ إبْدَالُهُ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْخَطِيبِ مَا يُصَرِّحُ بِمَا قُلْنَاهُ وَعِبَارَتُهُ: تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " عَيَّنَ " أَشَارَ بِهِ إلَى مَا نَقَلَاهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَأَقَرَّاهُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا الْتَزَمَ فِي ذِمَّتِهِ خِيَاطَةَ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ أَوْ حَمْلَ مَتَاعٍ مُعَيَّنٍ. أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مُعَيَّنَةً لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلِ مَتَاعٍ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ إبْدَالِ الرَّاكِبِ وَالْمَتَاعِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَفْرَدَ الْمُصَنِّفُ الضَّمِيرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ عَيَّنَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى التَّعْوِيضِ كَقَوْلِهِ عَوَّضْتُك كَذَا عَنْ كَذَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ) أَيْ وَاحِدًا مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: رَدَّهَا لِلضَّرُورَةِ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ رُكُوبُهَا مَا لَمْ يَعْسُرْ سَوْقُهَا مِنْ غَيْرِ رُكُوبٍ فَيَرْكَبُهَا وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ، وَهَلْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ أَجَرَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ أَنَّهُ تَسْتَمِرُّ الْإِجَارَةُ بِتَقَدُّمِ سَبَبِ الْعِتْقِ هُنَا عَلَى الْإِجَارَةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ
(قَوْلُهُ: لِتَصْرِيحِ الْأَكْثَرِينَ إلَخْ) كَلَامُ الْأَكْثَرِينَ شَاهِدٌ عَلَى الْقَمُولِيِّ لَا شَاهِدَ لَهُ وَمِنْ ثَمَّ جَعَلَهُ فِي التُّحْفَةِ رَدًّا عَلَيْهِ، وَعِبَارَتُهُ عَقِبَ كَلَامِ الْقَمُولِيِّ نَصُّهَا: وَرَدَّ بِقَوْلِ الرَّوْضَةِ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعٍ فَعَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ لَهُ رَدُّهَا إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي سَارَ مِنْهُ إنْ لَمْ يَنْهَهُ صَاحِبُهَا، وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: لَيْسَ لَهُ رَدُّهَا إلَخْ. وَوَجْهُ شَهَادَتِهِ عَلَى الْقَمُولِيِّ أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ ذِكْرُ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ لَمْ يَتَأَتَّ الْخِلَافُ بَيْنَ صَاحِبِ التَّقْرِيرِ وَالْأَكْثَرِينَ، فَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ لَفْظُ وَهُوَ مَرْدُودٌ أَوْ نَحْوَهُ عَقِبَ كَلَامِ الْقَمُولِيِّ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: الْآتِي وَحِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ إلَخْ.
فَيُحْمَلُ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ تَعْيِينِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَقْصِدُهُ غَيْرَ صَالِحٍ لِذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ إنَّهُ يُسَلِّمُهَا لِحَاكِمٍ وَإِلَّا فَأَمِينٍ. وَحَاصِلُ مَا مَرَّ أَنَّهُ يَجُوزُ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى كَالرَّاكِبِ وَالْمُسْتَوْفَى بِهِ كَالْمَحْمُولِ وَالْمُسْتَوْفَى فِيهِ كَالطَّرِيقِ بِمِثْلِهَا وَدُونَهَا مَا لَمْ يُشْرَطْ عَدَمُ الْإِبْدَالِ فِي الْأَخِيرَيْنِ، بِخِلَافِهِ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يُفْسِدُ الْعَقْدَ كَمَا مَرَّ، وَمَحَلُّ جَوَازِهِ فِيهِمَا إنْ عُيِّنَا فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَبَقِيَا، فَلَوْ عُيِّنَا بَعْدَهُ ثُمَّ تَلِفَ وَجَبَ الْإِبْدَالُ بِرِضَا الْمُكْتَرِي أَوْ عُيِّنَا فِيهِ ثُمَّ تَلِفَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ لَا الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ بِتَفْصِيلِهِ الْمَارِّ، وَيُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِيفَاءِ الْعُرْفُ، فَمَا اسْتَأْجَرَهُ لِلُّبْسِ الْمُطْلَقِ لَا يَلْبَسُهُ وَقْتَ النَّوْمِ لَيْلًا وَإِنْ اطَّرَدَتْ عَادَتُهُمْ بِخِلَافِهِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ بِخِلَافِ مَا عَدَاهُ وَلَوْ وَقْتَ النَّوْمِ نَهَارًا
وَيَلْزَمُهُ نَزْعُ الْأَعْلَى فِي غَيْرِ وَقْتِ التَّجَمُّلِ أَمَّا الْإِزَارُ فَلَا يَلْزَمُهُ نَزْعُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ إزَارًا فَلَهُ الِارْتِدَاءُ بِهِ لَا عَكْسُهُ أَوْ قَمِيصًا مُنِعَ مِنْ الِائْتِزَارِ بِهِ وَلَهُ التَّعْمِيمُ أَوْ لِلُّبْسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ دَخَلَتْ اللَّيَالِي أَوْ يَوْمًا وَأُطْلِقَ فَمِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إلَى مِثْلِهِ، أَوْ يَوْمًا كَامِلًا فَمِنْ الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ، أَوْ نَهَارًا فَمِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَصُورَةُ ذَلِكَ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ (وَيَدُ الْمُكْتَرِي عَلَى الدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ) وَنَحْوِهِمَا (يَدُ أَمَانَةٍ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا سَيَأْتِي فِي الْوَدِيعِ (مُدَّةَ الْإِجَارَةِ) إنْ قُدِّرَتْ بِزَمَنٍ أَوْ مُدَّةَ إمْكَانِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ إنْ قُدِّرَتْ بِمَحَلِّ عَمَلٍ لِعَدَمِ إمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ لِلْمَنْفَعَةِ بِدُونِ وَضْعِ يَدِهِ، وَبِهِ فَارَقَ كَوْنَ يَدِهِ يَدَ ضَمَانٍ عَلَى ظَرْفٍ مَبِيعٍ قَبَضَهُ فِيهِ لِتَمَحُّضِ قَبْضِهِ لِغَرَضِ نَفْسِهِ، وَيَجُوزُ السَّفَرُ لِلْمُكْتَرِي بِالْعَيْنِ الْمُكْتَرَاةِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْخَطَرِ لِمِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ فَجَازَ لَهُ اسْتِيفَاؤُهَا حَيْثُ شَاءَ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ إجَارَةِ الْعَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالذِّمَّةِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ. نَعَمْ سَفَرُهُ بِهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ كَسَفَرِ الْوَدِيعِ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (وَكَذَا بَعْدَهَا فِي الْأَصَحِّ) إنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى التَّخْلِيَةِ لَا الرَّدِّ وَلَا مُؤْنَتِهِ، بَلْ لَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا فَسَدَتْ، وَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ أَنَّهَا كَالْأَمَانَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَعَلَيْهِ إعْلَامُ مَالِكِهَا بِهَا أَوْ رَدُّهَا فَوْرًا وَإِلَّا ضَمِنَهَا غَيْرَ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بِأَنَّ هَذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ بِإِذْنِ مَالِكِهِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ ذِي الْأَمَانَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَضْمَنُ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الْإِمْسَاكِ كَانَ مُقَيَّدًا بِالْعَقْدِ وَقَدْ زَالَ وَلِأَنَّهُ أَخَذَهُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ فَأَشْبَهَ الْمُسْتَعِيرَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ الْأَصَحُّ لَا يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ إعْلَامُ الْمُكْرِي بِتَفْرِيغِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مِثْلُ عُسْرِ سَوْقِهَا عَدَمُ لِيَاقَةِ الْمَشْيِ بِالْمُسْتَأْجِرِ كَمَا قَالُوهُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ حَيْثُ جَوَّزُوا لَهُ الرُّكُوبَ حَالَةَ الرَّدِّ أَوَّلًا وَيُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ فِي صُورَةِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْعَيْنُ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ وَالرُّكُوبُ مُضْطَرًّا إلَيْهِ لِلْوُصُولِ لِحَقِّهِ مِنْ الرَّدِّ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْمُدَّةَ انْقَضَتْ وَوَاجِبُهُ التَّخَلِّي لَا الرَّدُّ (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَيْنِ) وَعَلَى هَذَا لَوْ شَرَطَ عَدَمَ إبْدَالِ مَا اُسْتُؤْجِرَ لِحَمْلِهِ فَتَلِفَ فِي الطَّرِيقِ فَيَنْبَغِي انْفِسَاخُ الْعَقْدِ فِيمَا بَقِيَ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ قُبَيْلَ الْفَصْلِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لِيُوَكِّلَ مَا حُمِلَ لِيُوصَلَ فَيُبَدَّلُ قَطْعًا عَلَى مَا إذَا لَمْ يُشْرَطْ عَدَمُ الْإِبْدَالِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُفْسِدُ الْعَقْدَ كَمَا مَرَّ) وَفِي نُسْخَةٍ وَمَحَلُّ جَوَازِهِ فِيهِمَا إنْ عُيِّنَا فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَبَقِيَا، فَلَوْ عُيِّنَا بَعْدَهُ ثُمَّ تَلِفَ وَجَبَ الْإِبْدَالُ بِرِضَا الْمُكْتَرِي أَوْ عُيِّنَا فِيهِ ثُمَّ تَلِفَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ لَا الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ بِتَفْصِيلِهِ الْمَارِّ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: وَقَدْ كَانَ تَبِعَ م ر الشَّارِحَ فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّ قَوْلِهِ ثُمَّ تَلِفَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ ثُمَّ ضُرِبَ عَلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ وَإِنْ اطَّرَدَتْ عَادَتُهُمْ بِخِلَافِهِ) عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: قَالَ الرَّافِعِيُّ عَمَلًا بِالْعَادَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَهُ كَانَ بِمَحَلٍّ لَا يَعْتَادُ أَهْلُهُ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ نَزْعُهُ مُطْلَقًا اهـ حَجّ. وَلَعَلَّهُ فِي غَيْرِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ لِعَدَمِ اتِّصَالِ الْمَنْفَعَةِ بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ: لِتَمَحُّضِ قَبْضِهِ لِغَرَضِ نَفْسِهِ) أَيْ فَيَضْمَنُهُ إذَا تَلِفَ لَكِنَّهُ يُشْكَلُ الضَّمَانُ بِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ كُوزَ السِّقَاءِ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى مُرِيدِ الشُّرْبِ بِعِوَضٍ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ الشُّرْبَ مِنْهُ بِلَا عِوَضٍ بِرِضَا الْمَالِكِ فَإِنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالْعَارِيَّةِ الْفَاسِدَةِ فَيَضْمَنُهُ دُونَ مَا فِيهِ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ ذَاكَ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ ظَرْفِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ ظَرْفِهِ كَأَوَانِي الطَّبَّاخِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ السَّفَرُ) وَقَضِيَّةُ الْجَوَازِ أَنَّ الدَّابَّةَ لَوْ تَلِفَتْ فِي الطَّرِيقِ بِلَا تَقْصِيرٍ لَمْ يَضْمَنْهَا (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَسَفَرِ الْوَدِيعِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْعَيْنِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ، بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَسْتَعْمِلَهَا وَلَا يَحْبِسَهَا وَإِنْ لَمْ يَطْلُبَهَا، فَلَوْ أَغْلَقَ الدَّارَ أَوْ الْحَانُوتَ بَعْدَ تَفْرِيغِهِ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ فِيمَا يَظْهَرُ، فَقَدْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ بِأَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا شَهْرًا فَأَغْلَقَ بَابَهُ وَغَابَ شَهْرَيْنِ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى لِلشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلشَّهْرِ الثَّانِي. قَالَ: وَقَدْ رَأَيْت الشَّيْخَ الْقَفَّالَ قَالَ: لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً يَوْمًا فَإِذَا بَقِيَتْ عِنْدَهُ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا وَلَا حَبَسَهَا عَنْ مَالِكِهَا لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْيَوْمِ الثَّانِي لِأَنَّ الرَّدَّ لَيْسَ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ التَّخْلِيَةُ إذَا طَلَبَ مَالِكُهَا، بِخِلَافِ الْحَانُوتِ لِأَنَّهُ فِي حَبْسِهِ وَعَلَقَتِهِ وَتَسْلِيمُ الْحَانُوتِ وَالدَّارِ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَسْلِيمِ الْمِفْتَاحِ اهـ.
وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ حَتَّى فِي الْحَانُوتِ وَالدَّارِ لِأَنَّ غَلْقَهُمَا مُسْتَصْحِبٌ لِمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فِي الْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَالِكِ فَلَا يُعَارِضُهُ جَزْمُ الْأَنْوَارِ بِأَنَّ مُجَرَّدَ غَلْقِ بَابِ الدَّارِ لَا يَكُونُ غَصْبًا لَهَا لِوُضُوحِ الْفَرْقِ، وَدَعْوَى تَقْصِيرِ الْمَالِكِ بِعَدَمِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى ذَلِكَ عَقِبَ الْمُدَّةِ وَأَنَّ الْمُكْتَرِيَ مُحْسِنٌ بِالْغَلْقِ لِصَوْنِهِ بِهِ عَنْ مَفْسَدَةٍ مَمْنُوعَةٍ بِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْ الْمُكْتَرِي حَيْثُ حَالَ بَيْنَ الْمَالِكِ وَبَيْنَ مِلْكِهِ بِغَلْقِهِ وَلَمْ يُبَادِرْ بِعَرْضِ الْأَمْرِ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ شَرْعًا. وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ الْغَلْقَ مَعَ حُضُورِهِ فَهُوَ مَعَ غَيْبَتِهِ الْمُصَرَّحِ بِهَا فِي كَلَامِ الْبَغَوِيّ وَفِيمَا إذَا انْقَضَتْ وَالْإِجَارَةُ لِبِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ وَلَمْ يَخْتَرْ الْمُسْتَأْجِرُ الْقَلْعَ يُتَخَيَّرُ الْمُؤَجِّرُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ فِي الْعَارِيَّةِ مَا لَمْ يُوقَفْ وَإِلَّا فَفِيمَا سِوَى التَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ، وَلَوْ اسْتَعْمَلَ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْعَيْنَ الْمُكْتَرَاةَ فِي نَحْوِ اللُّبْسِ لِدَفْعِ الدُّودِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ الْغَالِبِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَلَا نَظَرَ لِمَا يَتَجَدَّدُ بَعْدَهَا لِاسْتِقْرَارِ الْوَاجِبِ بِمُضِيِّهَا، إذْ وُجُوبُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ يَسْتَقِرُّ قَبْلَ طَلَبِهَا
(وَلَوْ)(رَبَطَ دَابَّةً اكْتَرَاهَا لِحَمْلٍ أَوْ رُكُوبٍ) مَثَلًا (وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا) وَتَلِفَتْ فِي الْمُدَّةِ وَبَعْدَهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ فَيَضْمَنُ حَيْثُ لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ كَعُرُوضِ نَهْبٍ (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ) وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ تَدُلَّ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ حِفْظُهُ وَإِلَّا فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِوُضُوحِ الْفَرْقِ) وَهُوَ أَنَّهُ ثَمَّ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ وَضْعُ يَدٍ عَلَى الْمَغْصُوبِ حَتَّى يُسْتَصْحَبَ بِخِلَافِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَادِرْ بِعَرْضِ الْأَمْرِ إلَخْ) أَيْ فَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ (قَوْلُهُ وَالْإِجَارَةُ لِبِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ) وَلَوْ فَرَغَتْ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ لِلدَّارِ وَاسْتَمَرَّتْ أَمْتِعَةُ الْمُسْتَأْجِرِ فِيهَا وَلَمْ يُطَالِبْهُ الْمَالِكُ بِالتَّفْرِيغِ وَلَمْ يُغْلِقْهَا لَمْ يَضْمَنْ أُجْرَةَ وَضْعِ الْأَمْتِعَةِ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ مِنْهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ شَيْءٌ وَالْأَمْتِعَةُ وَضَعَهَا بِإِذْنٍ فَيُسْتَصْحَبُ إلَى أَنْ يُطَالِبَ الْمَالِكُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَغْلَقَهَا فَيَضْمَنُ أُجْرَتَهَا: أَعْنِي الدَّارَ مُدَّةَ الْغَلْقِ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَالِكِهَا بِالْغَلْقِ، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ مَكَثَ فِيهَا بِنَفْسِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَلَوْ بِاسْتِصْحَابِ مِلْكِهِ السَّابِقِ عَلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ لِأَنَّهُ مُسْتَوْلٍ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ مُجَرَّدِ بَقَاءِ الْأَمْتِعَةِ لَيْسَ اسْتِيلَاءً كَذَا قُرِّرَ ذَلِكَ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَفِيهِ فَرْعٌ فِي الرَّوْضِ: فَرْعٌ: وَإِنْ قَدَّرَ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ بِمُدَّةٍ وَشَرَطَ الْقَلْعَ قُلِعَ وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ شُرِطَ الْإِبْقَاءُ بَعْدَهَا أَوْ أُطْلِقَ صَحَّتْ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ، وَإِنْ رَجَعَ فَلَهُ حُكْمُ الْعَارِيَّةِ بَعْدَ الرُّجُوعِ اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ فَإِنَّ الْعَقْدَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا يَتَنَاوَلُ مَا زَادَ عَلَى الْمُدَّةِ الْمُقَدَّرَةِ فَبِانْتِهَائِهَا انْتَهَتْ الْإِجَارَةُ وَلَيْسَ ثَمَّ شَيْءٌ يَرْجِعُ عَنْهُ بَعْدَهَا.
فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِنْ رَجَعَ إلَخْ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا) هَذَا خَاصٌّ بِنَحْوِ الدَّارِ وَالْحَانُوتِ بِخِلَافِ نَحْوِ الدَّابَّةِ كَمَا سَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي عَنْ الْقَفَّالِ، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ تَقْيِيدُ هَذَا بِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِغَلْقِهَا حِفْظَهَا، وَقَدْ يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ عَقِبَ كَلَامِ الْقَفَّالِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَغْلَقَ الدَّارَ وَالْحَانُوتَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُمَا مَفْتُوحَيْنِ لَمْ يَضْمَنْ الْأُجْرَةَ، وَقَوْلُ الْقَفَّالِ الْآتِي وَتَسْلِيمُ الْحَانُوتِ وَالدَّارِ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَسْلِيمِ الْمِفْتَاحِ رُبَّمَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَلْقَهُمَا مُسْتَصْحِبٌ لِمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ كَلَامَ الْقَفَّالِ لَيْسَ فِيهِ غَلْقٌ بَلْ قَوْلُهُ: وَتَسْلِيمُ الْحَانُوتِ وَالدَّارِ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَسْلِيمِ الْمِفْتَاحِ قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَادِرْ بِعَرْضِ الْأَمْرِ عَلَى الْمَالِكِ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ
(لَمْ يَضْمَنْهَا) إذْ يَدُهُ يَدُ أَمَانَةٍ وَتَقْيِيدُهُ بِالرَّبْطِ لَيْسَ قَيْدًا فِي الْحُكْمِ بَلْ لِيُسْتَثْنَى مِنْهُ قَوْلُهُ (إلَّا إنْ انْهَدَمَ عَلَيْهَا إصْطَبْلٌ فِي وَقْتٍ) لِلِانْتِفَاعِ (لَوْ انْتَفَعَ بِهَا) فِيهِ (لَمْ يُصِبْهَا الْهَدْمُ) لِنِسْبَتِهِ إلَى تَقْصِيرٍ حِينَئِذٍ، إذْ الْغَرَضُ انْتِفَاءُ عُذْرِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَأَخَذَ السُّبْكِيُّ مِنْ تَمْثِيلِهِمَا لِمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهَا فِيهِ بِجُنْحِ لَيْلِ شِتَاءٍ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا اُعْتِيدَ الِانْتِفَاعُ بِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، لِأَنَّ الرَّبْطَ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِلتَّلَفِ إلَّا حِينَئِذٍ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْحَاصِلَ بِالرَّبْطِ ضَمَانُ جِنَايَةٍ لَا يَدٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَوْ لَمْ تَتْلَفْ بِذَلِكَ خِلَافًا لِمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَوْ اكْتَرَاهَا لِيَرْكَبَهَا الْيَوْمَ وَيَرْجِعَ غَدًا فَأَقَامَهُ بِهَا وَرَجَعَ فِي الثَّالِثِ ضَمِنَهَا فِيهِ فَقَطْ لِاسْتِعْمَالِهِ لَهَا فِيهِ تَعَدِّيًا، وَلَوْ اكْتَرَى قِنًّا لِعَمَلٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَهُ فَذَهَبَ بِهِ مِنْ بَلَدِ الْعَقْدِ إلَى آخَرَ فَأَبَقَ ضَمِنَهُ مَعَ الْأُجْرَةِ أَيْضًا
(وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِ أَجِيرٍ بِلَا تَعَدٍّ كَثَوْبٍ اُسْتُؤْجِرَ لِخِيَاطَتِهِ أَوْ صَبْغِهِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ كَمَا بِخَطِّهِ مَصْدَرًا (لَمْ يَضْمَنْ إنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِالْيَدِ بِأَنْ قَعَدَ الْمُسْتَأْجِرُ مَعَهُ) يَعْنِي كَانَ بِحَضْرَتِهِ (أَوْ أَحْضَرَهُ مَنْزِلَهُ) وَلَوْ لَمْ يَقْعُدْ مَعَهُ أَوْ حَمَلَ الْمَتَاعَ وَمَشَى خَلْفَهُ لِثُبُوتِ يَدِ الْمَالِكِ عَلَيْهِ حُكْمًا، وَمَا نُقِلَ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَدَ لِلْأَجِيرِ عَلَيْهِ يَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدَ لَهُ عَلَيْهِ مُسْتَقِلَّةٌ (وَكَذَا إنْ انْفَرَدَ) بِالْيَدِ بِأَنْ انْتَفَى مَا ذُكِرَ فَلَا يَضْمَنُ أَيْضًا (فِي أَظْهَرْ الْأَقْوَالِ) لِأَنَّهُ إنَّمَا أَثْبَتَ يَدَهُ لِغَرَضِهِ وَغَرَضِ الْمَالِكِ فَهُوَ شَبِيهٌ بِالْمُسْتَأْجِرِ وَعَامِلِ الْقِرَاضِ فَإِنَّهُمَا لَا يَضْمَنَانِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ الِاقْتِصَارُ عَلَى شَرْطِ الْإِبْقَاءِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ إلَى كَوْنِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: لَوْ انْتَفَعَ بِهَا إلَخْ) هَذَا التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِي الدَّابَّةِ يَنْبَغِي جَرَيَانُهُ فِي غَيْرِهَا كَثَوْبٍ اسْتَأْجَرَهُ لِلُبْسِهِ، فَإِذَا تَرَكَ لُبْسَهُ وَتَلِفَ أَوْ غُصِبَ فِي وَقْتٍ لَوْ لَبِسَهُ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ فِي الْخَوْفِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ اهـ سم. وَيُلْحَقُ بِهِ نَحْوُ الْمَطَرِ وَالْوَحْلِ الْمَانِعَيْنِ مِنْ الرُّكُوبِ عَادَةً، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَرَضُ الدَّابَّةِ الْمَانِعُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا، وَهَلْ مِثْلُهُ مَرَضُ الرَّاكِبِ الْعَارِضُ لَهُ أَوْ لَا لِإِمْكَانِ الِاسْتِنَابَةِ مِنْ مَرَضِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ رَأَيْته صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: بِجُنْحِ لَيْلٍ) الْجُنْحُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسَرَهَا طَائِفَةٌ مِنْهُ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ ضَمِنَهَا فِيهِ) أَيْ ضَمَانَ يَدٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لِاسْتِعْمَالِهِ إلَخْ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَيَسْتَقِرُّ فِيهِ الْمُسَمَّى لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ فِيهِ مَعَ كَوْنِ الدَّابَّةِ فِي يَدِهِ، وَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا تَأَخَّرَ لَا لِنَحْوِ خَوْفٍ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا أُجْرَةَ لِلْيَوْمِ الثَّالِثِ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَأَبَقَ ضَمِنَهُ) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ السَّفَرِ بِالْعَيْنِ حَيْثُ لَا خَطَرَ، فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ عَدَمُ الضَّمَانِ بِتَلَفِهَا فِي السَّفَرِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ مَا هُنَا بِمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْقِنَّ لِعَمَلٍ لَا يَكُونُ السَّفَرُ طَرِيقًا لِاسْتِيفَائِهِ كَالْخِيَاطَةِ دُونَ الْخِدْمَةِ، وَمَا مَرَّ بِمَا إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ الْعَيْنُ لِعَمَلٍ يَكُونُ السَّفَرُ مِنْ طُرُقِ اسْتِيفَائِهِ كَالرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَصَبَغْت الثَّوْبَ صَبْغًا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْله بَلْ لِيُسْتَثْنَى مِنْهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: يَلْزَمُ مِنْهُ مَا فَرَّ مِنْهُ ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ سم قَالَ: إنْ حَمَلَ الرَّبْطَ عَلَى مُطْلَقِ الْإِمْسَاكِ فَهَذَا وَاضِحٌ أَوْ عَلَى خُصُوصِهِ فَلَا؛ لِظُهُورِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى خُصُوصِ الرَّبْطِ اهـ.
(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ انْهَدَمَ) قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ: أَوْ غُصِبَتْ أَوْ سُرِقَتْ مَثَلًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ قَالَ: تَنْبِيهٌ: هَذَا التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِي الدَّابَّةِ يَنْبَغِي جَرَيَانُهُ فِي غَيْرِهَا كَثَوْبٍ اسْتَأْجَرَهُ لِلُبْسِهِ؛ فَإِذَا تَرَكَ لُبْسَهُ وَتَلِفَ أَوْ غُصِبَ فِي وَقْتٍ لَوْ لَبِسَهُ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَأَبَقَ ضَمِنَهُ مَعَ الْأُجْرَةِ) قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ: إنْ كَانَ الذَّهَابُ بِهِ إلَى الْبَلَدِ الْآخَرِ سَائِغًا أَشْكَلَ الضَّمَانُ، أَوْ مُمْتَنِعًا خَالَفَ قَوْلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ: أَيْ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَدُ الْمُكْتَرِي يَدُ أَمَانَةٍ إلَخْ، وَلَهُ السَّفَرُ بِالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ حَيْثُ لَا خَطَرَ فِي السَّفَرِ، قَالَ: إلَّا أَنْ يَخْتَارَ الْأَوَّلَ، وَيُحْمَلُ عَلَى مَا لَوْ كَانَ فِي الذَّهَابِ خَطَرٌ أَوْ وُجِدَ مِنْهُ تَفْرِيطٌ، ثُمَّ نَظَرَ فِيهِ بِأَنَّهُ مَعَ الْخَطَرِ يَنْبَغِي الضَّمَانُ وَلَوْ بِدُونِ إبَاقٍ وَمَعَ التَّفْرِيطِ يَنْبَغِي الضَّمَانُ وَلَوْ بِدُونِ ذَهَابٍ، وَذَكَرَ أَنَّهُ
بِالْإِجْمَاعِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَضْمَنُ كَالْمُسْتَعِيرِ
(وَالثَّالِثُ)(يَضْمَنُ) الْأَجِيرُ (الْمُشْتَرَكُ) بَيْنَ النَّاسِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ (وَهُوَ مَنْ الْتَزَمَ عَمَلًا فِي ذِمَّتِهِ) كَخِيَاطَةٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْتِزَامُ عَمَلٍ عَلَى آخَرَ وَهَكَذَا (لَا الْمُنْفَرِدُ وَهُوَ مَنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ) أَيْ عَيْنَهُ (مُدَّةً مُعَيَّنَةً لِعَمَلٍ) أَوْ أَجَّرَ عَيْنَهُ وَقَدَّرَ بِالْعَمَلِ لِاخْتِصَاصِ مَنَافِعَ هَذَا بِالْمُسْتَأْجِرِ كَانَ كَالْوَكِيلِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَلَا تَجْرِي هَذِهِ الْأَقْوَالُ فِي أَجِيرٍ لِحِفْظِ حَانُوتٍ مَثَلًا إذَا أَخَذَ غَيْرُهُ مَا فِيهَا فَلَا يَضْمَنُهُ قَطْعًا، قَالَ الْقَفَّالُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلَّمْ إلَيْهِ الْمَتَاعُ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ حَارِسِ سِكَّةٍ سُرِقَ بَعْضُ بُيُوتِهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْخُفَرَاءَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ يُعَزُّ النَّقْلُ فِيهَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِلَا تَعَدٍّ مَا لَوْ تَعَدَّى كَأَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَرْعَى دَابَّتَهُ فَأَعْطَاهَا آخَرَ يَرْعَاهَا فَيَضْمَنُهَا كُلٌّ مِنْهُمَا وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَيْ حَيْثُ كَانَ عَالِمًا، وَإِلَّا فَالْقَرَارُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَكَأَنْ أَسْرَفَ خَبَّازٌ فِي الْوَقُودِ أَوْ مَاتَ الْمُتَعَلِّمُ مِنْ ضَرْبِ الْمُعَلِّمِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَيُصَدَّقُ أَجِيرٌ فِي نَفْيِ تَعَدِّيهِ مَا لَمْ يَشْهَدْ خَبِيرَانِ بِخِلَافِهِ
(وَلَوْ) عَمِلَ لِغَيْرِهِ عَمَلًا بِإِذْنِهِ كَأَنْ (دَفَعَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ لِيُقَصِّرَهُ أَوْ) إلَى (خَيَّاطٍ لِيَخِيطَهُ فَفَعَلَ وَلَمْ يَذْكُرْ) أَحَدُهُمَا (أُجْرَةً) وَلَا مَا يُفْهِمُهَا (فَلَا أُجْرَةَ لَهُ) لِتَبَرُّعِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَسْكِنِّي دَارَك شَهْرًا فَأَسْكَنَهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ أُجْرَةً بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبُهَا فِي قِنٍّ وَمَحْجُورِ سَفَهٍ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ أَهْلٍ لِلتَّبَرُّعِ، وَمِثْلُهُمَا غَيْرُ الْمُكَلَّفِ بِالْأَوْلَى (وَقِيلَ لَهُ) أُجْرَةُ مِثْلِهِ لِاسْتِهْلَاكِهِ مَنْفَعَتَهُ (وَقِيلَ إنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مِنْ بَابَيْ نَفَعَ وَقَتَلَ وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ ضَرَبَ
(قَوْلُهُ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْخُفَرَاءَ إلَخْ) وَيُؤْخَذُ مِنْ فَرْضِ ذَلِكَ فِي الْبُيُوتِ وَنَحْوِهَا وَمِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ خَفِيرَ الْجُرْنِ وَخَفِيرَ الْغَيْطِ وَنَحْوِهَا عَلَيْهِمْ الضَّمَانُ حَيْثُ قَصَّرُوا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ خَفِيرِ الْبُيُوتِ خَفِيرُ الْمَرَاكِبِ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الضَّائِعِ صُدِّقَ الْخَفِيرُ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ، وَأَنَّ الْكَلَامَ كُلَّهُ إذَا وَقَعَتْ إجَارَةً صَحِيحَةً وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصَّرُوا، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ خِلَافُهُ فِي التَّقْصِيرِ (قَوْلُهُ: وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ) وَالْكَلَامُ كُلُّهُ حَيْثُ كَانَ الرَّاعِي بَالِغًا عَاقِلًا رَشِيدًا، أَمَّا لَوْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ سَفِيهًا فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ قَصَّرَ حَتَّى تَلِفَتْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَتْلَفَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الْإِتْلَافِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ الْمُتَعَلِّمُ مِنْ ضَرْبِ الْمُعَلِّمِ) وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ مُعْتَادًا لِلتَّعْلِيمِ لَكِنْ يُشْكَلُ وَصْفُهُ حِينَئِذٍ بِالتَّعَدِّي، وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ التَّأْدِيبَ كَانَ مُمْكِنًا بِالْقَوْلِ وَظَنُّ عَدَمَ إفَادَتِهِ إنَّمَا يُفِيدُ الْإِقْدَامَ، وَإِذَا مَاتَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَشْهَدْ خَبِيرَانِ بِخِلَافِهِ) أَيْ بِالْفِعْلِ الَّذِي فَعَلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَهَلْ يَتَعَيَّنُ مِثْلُهُ لِلتَّأْدِيبِ أَوْ يَكْفِي مَا هُوَ دُونَهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَلَا رَجُلٌ وَيَمِينٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي وَقَعَ التَّنَازُعُ فِيهِ لَيْسَ مَالًا وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا مَا يُفْهِمُهَا) أَيْ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يُفْهِمُهَا فَلَا يُقَالُ الْقَرِينَةُ دَالَّةٌ عَلَى الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا أُجْرَةَ لَهُ) نُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِي عَدَمِ لُزُومِ شَيْءٍ مَا لَوْ دَخَلَ عَلَى طَبَّاخٍ وَقَالَ لَهُ أَطْعِمْنِي رِطْلًا مِنْ لَحْمٍ فَأَطْعَمَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الثَّمَنَ وَالْبَيْعُ صَحَّ أَوْ فَسَدَ يُعْتَبَرُ فِيهِ ذِكْرُ الثَّمَنِ. أَقُولُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيمَا لَوْ قَصَدَ الطَّبَّاخُ بِدَفْعِهِ أَخْذَ الْعِوَضِ سِيَّمَا وَقَرِينَةُ الْحَالِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ وَيُصَدَّقُ فِي الْقَدْرِ الْمُتْلَفِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَسْكِنِّي دَارَك إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّهُ يَتَّفِقُ أَنَّ إنْسَانًا يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً وَيَسْكُنُ بِهَا فِي بَيْتِ أَهْلِهَا مُدَّةً وَلَمْ تَجْرِ بَيْنَهُمَا تَسْمِيَةُ أُجْرَةٍ وَلَا مَا يَقُومُ مَقَامَ التَّسْمِيَةِ لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ أَسْكِنِّي دَارَك شَهْرًا إلَخْ يُفْهِمُ وُجُوبَ الْأُجْرَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الزَّوْجَ اسْتَوْفَى
ــ
[حاشية الرشيدي]
بَحَثَ فِيهِ مَعَ الشَّارِحِ فَحَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ تَفْرِيطٌ، قَالَ: وَقَدْ عُلِمَ مَا فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ عَمَلًا بِإِذْنِهِ) قَيَّدَ بِالْإِذْنِ لِلْخِلَافِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ: فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
كَانَ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ الْعَمَلِ) بِالْأُجْرَةِ (فَلَهُ) أُجْرَةُ مِثْلِهِ (وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ يُسْتَحْسَنُ) تَرْجِيحُهُ لِوُضُوحِ مُدْرِكِهِ، إذْ هُوَ الْعُرْفُ وَهُوَ يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ كَثِيرًا، وَنُقِلَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، فَإِنْ ذَكَرَ أُجْرَةً اسْتَحَقَّهَا قَطْعًا إنْ صَحَّ الْعَقْدُ وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَأَمَّا إذَا عَرَّضَ بِهَا كَأُرْضِيكَ أَوْ لَا أُخَيِّبُك أَوْ تَرَى مَا تُحِبُّهُ، أَوْ يَسُرُّك أَوْ أُطْعِمُك فَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. نَعَمْ فِي الْأَخِيرَةِ يُحْسَبُ عَلَى الْأَجِيرِ مَا أَطْعَمَهُ إيَّاهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّهُ لَا تَبَرُّعَ مِنْ الْمَطْعَمِ وَقَدْ تَجِبُ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ وَلَا تَعْرِيضٍ بِهَا كَمَا فِي عَامِلِ الزَّكَاةِ اكْتِفَاءً بِثُبُوتِهَا بِالنَّصِّ فَكَأَنَّهَا مُسَمَّاةٌ شَرْعًا وَكَعَامِلِ مُسَاقَاةٍ عَمَلٌ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ لَهُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ اكْتِفَاءً بِذِكْرِ الْمُقَابِلِ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ لَا قَاسِمَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ فَلَا شِرَاءَ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ بَلْ هُوَ كَغَيْرِهِ خِلَافًا لِجَمْعٍ، وَلَا يُسْتَثْنَى وُجُوبُهَا عَلَى دَاخِلِ الْحَمَّامِ أَوْ رَاكِبِ السَّفِينَةِ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ إذْنِ لِاسْتِيفَائِهِ الْمَنْفَعَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَصْرِفَهَا صَاحِبُهَا إلَيْهِ بِخِلَافِهِ بِإِذْنِهِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَسَيَّرَ السَّفِينَةَ بِعِلْمِ مَالِكِهَا أَمْ لَا، وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ لَعَلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ مَالِكُهَا حِينَ سَيَّرَهَا وَإِلَّا فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ وَضَعَ مَتَاعَهُ عَلَى دَابَّةِ غَيْرِهِ فَسَيَّرَهَا مَالِكُهَا فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَى مَالِكِهِ وَلَا ضَمَانَ مَرْدُودٌ، فَقَدْ فَرَّقَ الْعِرَاقِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ رَاكِبَ السَّفِينَةِ بِغَيْرِ إذْنٍ غَاصِبٌ لِلْبُقْعَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَلَوْ لَمْ يَسِرْ، بِخِلَافِ وَاضِعِ مَتَاعَهُ عَلَى الدَّابَّةِ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا لَهَا بِمُجَرَّدِ وَضْعِ مَتَاعِهِ. وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْعِلْمِ لَا يُسْقِطُ الْأُجْرَةَ وَلَا الضَّمَانَ، فَإِنَّ السُّكُوتَ عَلَى إتْلَافِ الْمَالِ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ وَهُوَ عِلْمٌ وَزِيَادَةٌ وَمَالِكُ الدَّابَّةِ بِسَبِيلٍ مِنْ إلْقَاءِ الْمَتَاعِ قَبْلَ تَسْيِيرِهَا بِخِلَافِهِ فِي رَاكِبِ السَّفِينَةِ
(وَلَوْ)(تَعَدَّى الْمُسْتَأْجِرُ) فِي ذَاتِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ (بِأَنْ) أَيْ كَأَنْ (ضَرَبَ الدَّابَّةَ أَوْ كَبَحَهَا) بِمُوَحَّدَةٍ فَمُهْمَلَةٍ: أَيْ جَذَبَهَا بِلِجَامِهَا (فَوْقَ الْعَادَةِ) فِيهِمَا أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمِثْلِ تِلْكَ الدَّابَّةِ كَمَا لَا يَخْفَى (أَوْ أَرْكَبَهَا أَثْقَلَ مِنْهُ أَوْ أَسْكَنَ حَدَّادًا أَوْ قَصَّارًا) دَقَّ وَهُمَا أَشَدُّ ضَرَرًا مِمَّا اسْتَأْجَرَ لَهُ (ضَمِنَ الْعَيْنَ) الْمُؤَجَّرَةَ: أَيْ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ لِتَعَدِّيهِ: أَمَّا مَا هُوَ الْعَادَةُ فَلَا يَضْمَنُ بِهِ وَإِنَّمَا ضَمِنَ بِضَرْبِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْمَنْفَعَةَ بِسُكْنَاهُ فِي الدَّارِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ دَخَلَ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ إذْنٍ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ لِاسْتِيفَائِهِ الْمَنْفَعَةَ، ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ فِي النَّفَقَاتِ صَرَّحَ بِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ وَعِبَارَتُهُ (قَوْلُهُ: فَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) بَقِيَ مَا لَوْ أَطْعَمَهُ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ وَقَالَ أَطْعَمْته عَلَى قَصْدِ حُسْبَانِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَضِيَّةُ كَوْنِ الْعِبْرَةِ فِي أَدَاءِ الدَّيْنِ بِنِيَّةِ الدَّافِعِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ حُسْبَانُهُ عَلَى الْأَجِيرِ (قَوْلُهُ: يُحْسَبُ عَلَى الْأَجِيرِ مَا أَطْعَمَهُ إيَّاهُ) أَيْ وَيُصَدَّقُ الْآكِلُ فِي قَدْرِ مَا أَكَلَهُ لِأَنَّهُ غَارِمٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ بِإِذْنِهِ) أَيْ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ مَا يَقَعُ مِنْ الْمَعَدَّاوِيِّ مِنْ قَوْلِهِ انْزِلْ أَوْ يَحْمِلُهُ وَيُنْزِلُهُ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَسَيَّرَ السَّفِينَةَ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا لَوْ سَيَّرَهَا الْمَالِكُ نَفْسُهُ عَلِمَ بِالرَّاكِبِ أَمْ لَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ إلَخْ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ: وَلَا ضَمَانَ) أَيْ بَلْ عَلَى مَالِكِ الدَّابَّةِ ضَمَانُ الْعَيْنِ لَوْ تَلِفَتْ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ جَاهِلًا بِالْمَتَاعِ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ، وَسَيَأْتِي مَا يُوَافِقُهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ وُزِنَ الْمُؤَجَّرُ وَحُمِلَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَهُمَا أَشَدُّ ضَرَرًا) هَذَا قَدْ يُشْكَلُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ إبْدَالُ رُكُوبٍ بِحَمْلٍ وَحَدِيدٍ بِقُطْنٍ إلَخْ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا هُنَا مِنْ جِنْسِ مَا لَوْ اُسْتُؤْجِرَ لَهُ وَهُوَ السُّكْنَى فَلَا تَضُرُّ مُخَالَفَتُهُ لَهُ حَيْثُ لَمْ يَزِدْ ضَرَرُهُ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ فِيهِ لِسُكْنَى مَنْ يَعْمَلُ الْقِصَارَةَ أَوْ الْحَدِيدَ فَفِي إسْكَانِ غَيْرِهِ مُخَالَفَةٌ صَرِيحَةٌ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ الْعَيْنَ) ضَمَانَ الْغُصُوبِ (قَوْلُهُ: أَيْ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ) أَيْ وَلَوْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَدَقُّهُمَا أَشَدُّ ضَرَرًا مِمَّا اسْتَأْجَرَ لَهُ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ دَقَّ وَهُمَا أَشَدُّ ضَرَرًا إلَخْ، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى تَقْيِيدِ الضَّمَانِ بِقَيْدَيْنِ: الْأَوَّلِ: وُقُوعِ الدَّقِّ بِالْفِعْلِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ تَبَعًا لِلْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ بِقَوْلِهِ دَقَّ الَّذِي هُوَ بِصِيغَةِ الْمَاضِي وَصْفًا لِلْحَدَّادِ وَالْقَصَّارِ وَالثَّانِي: كَوْنِ الْحَدَّادِ وَالْقَصَّارِ أَشَدَّ ضَرَرًا مِمَّا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ. وَهَذَا زَادَهُ عَلَى مَا فِي شَرْحِ الْجَلَالِ فَلَعَلَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَدَقُّهُمَا مُحَرَّفٌ مِنْ الْكَتَبَةِ عَنْ قَوْلِ التُّحْفَةِ دَقَّ وَهُمَا. وَاعْلَمْ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ
زَوْجَتِهِ لِإِمْكَانِ تَأْدِيبِهَا بِاللَّفْظِ وَظَنُّ تَوَقُّفِ إصْلَاحِهَا عَلَى الضَّرْبِ إنَّمَا يُبِيحُ الْإِقْدَامَ عَلَيْهِ خَاصَّةً، وَمَتَى أَرْكَبَ أَثْقَلَ مِنْهُ اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَى الثَّانِي إنْ عَلِمَ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَتْ يَدُ الثَّانِي لَا تَقْتَضِي ضَمَانًا كَالْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنْ اقْتَضَتْهُ كَالْمُسْتَعِيرِ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَفَارَقَ الْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ بِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ هُنَا لَمَّا تَعَدَّى بِإِرْكَابِهِ صَارَ كَالْغَاصِبِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ لَوْ لَمْ يَتَعَدَّ بِأَنْ أَرْكَبَهَا مِثْلَهُ فَضَرَبَهَا فَوْقَ الْعَادَةِ ضَمِنَ الثَّانِي فَقَطْ وَخَرَجَ بِذَاتِ الْعَيْنِ مَنْفَعَتُهَا، كَأَنْ اسْتَأْجَرَهَا لِبُرٍّ فَزَرَعَ ذُرَةً فَلَا يَضْمَنُ الْأَرْضَ لِعَدَمِ تَعَدِّيه فِي عَيْنِهَا، بَلْ إنَّمَا تَعَدَّى فِي الْمَنْفَعَةِ فَيَلْزَمُهُ بَعْدَ حَصْدِهَا وَانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا مَا يَخْتَارُهُ الْمُؤَجِّرُ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِ زَرْعِ الذُّرَةِ وَالْمُسَمَّى مَعَ بَذْلِ زِيَادَةِ ضَرَرِ الذُّرَةِ، وَلَوْ اُرْتُدِفَ ثَالِثٌ خَلْفَ مُكْتَرِيَيْنِ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا ضَمِنَ الثَّالِثُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ (وَكَذَا) يَضْمَنُ وَلَوْ تَلِفَتْ بِسَبَبٍ آخَرَ
(لَوْ)(اكْتَرَى لِحَمْلِ مِائَةِ رِطْلِ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ مِائَةً شَعِيرًا أَوْ عُكِسَ) لِاجْتِمَاعِهَا بِسَبَبِ ثِقَلِهَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَهُوَ لِخِفَّتِهِ يَأْخُذُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَكْثَرَ فَضَرَرُهَا مُخْتَلِفٌ، وَكَذَا كُلُّ مُخْتَلِفِي الضَّرَرِ كَحَدِيدٍ وَقُطْنٍ (أَوْ) اكْتَرَى (لِعَشَرَةِ أَقْفِزَةِ شَعِيرٍ) جَمْعُ قَفِيزٍ مِكْيَالٌ يَسَعُ اثْنَيْ عَشَرَ صَاعًا (فَحَمَلَ) عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ (حِنْطَةً) لِأَنَّهَا أَثْقَلُ (دُونَ عَكْسِهِ) بِأَنْ اكْتَرَاهُ لِحَمْلِ عَشَرَةِ أَقْفِزَةٍ حِنْطَةً فَحَمَلَ عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ شَعِيرًا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ أَصْلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِاتِّحَادِ جُرْمِهِمَا بِاتِّحَادِ كَيْلِهِمَا مَعَ كَوْنِ الشَّعِيرِ أَخَفَّ (وَلَوْ اكْتَرَى لِ) حَمْلِ (مِائَةٍ فَحَمَّلَ) بِالتَّشْدِيدِ (مِائَةً وَعَشَرَةً)(لَزِمَهُ) مَعَ الْمُسَمَّى (أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزِّيَادَةِ) لِتَعَدِّيهِ بِهَا. وَتَمْثِيلُهُ بِالْعَشَرَةِ لِإِفَادَةِ اغْتِفَارِ نَحْوِ الِاثْنَيْنِ مِمَّا يَقَعُ بِهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ عَادَةً (وَإِنْ تَلِفَتْ بِذَلِكَ) الْمَحْمُولِ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ (ضَمِنَهَا) ضَمَانَ يَدٍ (إنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهَا مَعَهَا) لِصَيْرُورَتِهِ غَاصِبًا لَهَا بِحَمْلِ الزِّيَادَةِ (فَإِنْ كَانَ) صَاحِبُهَا مَعَهَا وَتَلِفَتْ بِسَبَبِ الْحَمْلِ دُونَ غَيْرِهِ إذْ ضَمَانُهَا ضَمَانَ جِنَايَةٍ لَا سِيَّمَا وَمَالِكُهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الَّذِي دَفَعَهَا لِأَجْلِهِ (قَوْلُهُ: فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا) عَلِمَ أَوَّلًا (قَوْلُهُ وَانْقِضَاءُ الْمُدَّةِ) أَيْ مَا قَبْلَ انْقِضَائِهَا: أَمَّا أَيْ بَعْدَ انْقِضَائِهَا فَلِلْمُؤَجِّرِ تَكْلِيفُهُ الْقَلْعَ مَجَّانًا لِتَعَدِّيهِ، فَإِنْ رَضِيَ بِإِبْقَائِهَا لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا) اُنْظُرْ مَا لَوْ تَلِفَتْ الْأَرْضُ بِسَبَبِ زَرْعِ الذُّرَةِ فَصَارَتْ لَا تُنْبِتُ شَيْئًا وَيُتَّجَهُ الضَّمَانُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: مَا يَخْتَارُهُ الْمُؤَجِّرُ) أَيْ فَيَكُونُ اخْتِيَارُهُ لِأُجْرَةِ مِثْلِ الذُّرَةِ فَسْخًا لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَاخْتِيَارُ الْمُسَمَّى إبْقَاءٌ لَهُ وَالْمُطَالَبَةُ بِالزِّيَادَةِ لِتَعَدِّي الْمُسْتَأْجِرِ هَذَا، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ: وَإِذَا اخْتَارَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمُسَمَّى مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ كَأَنْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مِائَةً مَثَلًا وَالْمُسَمَّى نَحْوَ بُرٍّ، فَإِنْ اخْتَارَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لَزِمَتْ الْمِائَةُ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْمُسَمَّى اسْتَحَقَّهُ وَضُمَّ إلَيْهِ مَا بَقِيَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ، فَفِي الْمِثَالِ لَوْ كَانَ الْمُسَمَّى مِنْ نَحْوِ الْبُرِّ يُسَاوِي ثَمَانِينَ أَخَذَهُ الْمُؤَجِّرُ وَطَالَبَ بِعِشْرِينَ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا ضَمِنَ الثَّالِثَ) وَفِي نُسْخَةٍ الثُّلُثَ بَدَلَ الثَّالِثِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِهِمَا) أَيْ وَكَذَا بِإِذْنِهِمَا إنْ لَمْ يُسَوَّغْ لِلْمُكْتَرِينَ الْإِعَارَةُ لِمِثْلِ ذَلِكَ بِأَنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِرُكُوبِ الثَّلَاثَةِ عَلَى مِثْلِ تِلْكَ الدَّابَّةِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ مُسْتَعِيرٌ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لِاتِّحَادِ جُرْمِهِمَا بِاتِّحَادِ كَيْلِهِمَا، وَلَوْ ابْتَلَّ الْمَحْمُولُ وَثَقُلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ ثَبَتَ لِلْمُكْرِي الْخِيَارُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِ وَبِأَدَبَتِهِ أَخْذًا مِمَّا لَوْ مَاتَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
مِنْ أَنَّ الْحَدَّادَ لَا يَسْكُنُ قَصَّارًا مُطْلَقًا كَعَكْسِهِ إذْ مَا مَرَّ فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ وَمَا هُنَا فِي دُخُولِ الْعَيْنِ فِي ضَمَانِهِ فَالْإِسْكَانُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ كَانَ مُمْتَنِعًا مُطْلَقًا إلَّا أَنَّ دُخُولَ الْعَيْنِ فِي ضَمَانِهِ مَشْرُوطٌ بِهَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ؛ إذْ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ، وَالضَّمَانِ وَعَدَمِهِ، هَكَذَا ظَهَرَ لِي فَانْظُرْهُ مَعَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ) حَقُّ التَّعْبِيرِ وَإِنَّمَا ضَمِنَ هُنَا مَعَ أَنَّهُ مُسْتَعِيرٌ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَمَّا تَعَدَّى إلَخْ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا مَعَهَا) أَيْ: مَعَ
مَعَهَا (ضَمِنَ قِسْطَ الزِّيَادَةِ فَقَطْ) لِاخْتِصَاصِ يَدِهِ بِهَا وَلِهَذَا
لَوْ سَخَّرَهُ مَعَ دَابَّتِهِ فَتَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا الْمُسَخَّرُ لِتَلَفِهَا فِي يَدِ مَالِكِهَا (وَفِي قَوْلٍ) يَضْمَنُ (نِصْفَ الْقِيمَةِ) تَوْزِيعًا عَلَى الرُّءُوسِ كَجُرْحٍ مِنْ وَاحِدٍ وَجِرَاحَاتٍ مِنْ آخَرَ، وَرُدَّ بِتَيْسِيرِ التَّوْزِيعِ هُنَا بِخِلَافِهِ هُنَاكَ لِاخْتِلَافِ نِكَايَتِهَا بَاطِنًا (وَلَوْ)(سَلَّمَ الْمِائَةَ وَالْعَشَرَةَ إلَى الْمُؤَجِّرِ فَحَمَّلَهَا) بِالتَّشْدِيدِ (جَاهِلًا) بِالزِّيَادَةِ كَأَنْ قَالَ لَهُ هِيَ مِائَةٌ فَصَدَّقَهُ (ضَمِنَ الْمُكْتَرِي) الْقِسْطَ نَظِيرُ مَا مَرَّ وَأُجْرَةُ الزِّيَادَةِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) إذْ الْمُكْرِي لِجَهْلِهِ صَارَ كَالْآلَةِ لَهُ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَعَارُضِ الْغُرُورِ وَالْمُبَاشَرَةِ فَإِنْ كَانَ عَالِمًا فَكَمَا فِي قَوْلِهِ (وَلَوْ) وَضَعَ الْمُكْتَرِي ذَلِكَ بِظَهْرِهَا فَسَيَّرَهَا الْمُؤَجِّرُ أَوْ (وَزَنَ الْمُؤَجِّرُ وَحَمَّلَ) بِالتَّشْدِيدِ (فَلَا أُجْرَةَ لِلزِّيَادَةِ) وَإِنْ كَانَ غَالِطًا وَعَلِمَ بِهَا الْمُسْتَأْجِرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي حَمْلِهَا بَلْ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُؤَجِّرِ بِرَدِّهَا لِمَحَلِّهَا وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا بِدُونِ إذْنٍ وَإِذَا تَلِفَتْ ضَمِنَهَا، وَلَوْ وَزْن الْمُؤَجِّرُ أَوْ كَالَ أَوْ حَمَّلَ الْمُسْتَأْجِرُ فَكَمَا لَوْ كَالَ بِنَفْسِهِ إنْ عَلِمَ، وَكَذَا إنْ جَهِلَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي
(وَلَا ضَمَانَ) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ (إنْ تَلِفَتْ) الدَّابَّةُ لِانْتِفَاءِ الْيَدِ وَالتَّعَدِّي بِالنَّقْلِ وَلَوْ قَالَ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ احْمِلْ هَذَا الزَّائِدَ فَكَمُسْتَعِيرٍ فَيَضْمَنُ الْقِسْطَ مِنْ الدَّابَّةِ إنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ الْمَحْمُولِ دُونَ مَنْفَعَتِهَا (وَلَوْ أَعْطَاهُ ثَوْبًا لِيَخِيطَهُ) بَعْدَ قَطْعِهِ كَمَا صَوَّرَهُ بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ (فَخَاطَهُ قَبَاءً وَقَالَ أَمَرْتنِي بِقَطْعِهِ قَبَاءً فَقَالَ بَلْ قَمِيصًا فَالْأَظْهَرُ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ بِيَمِينِهِ) فِي عَدَمِ إذْنِهِ لَهُ فِي قَطْعِهِ قَبَاءً إذْ هُوَ الْمُصَدَّقُ فِي أَصْلِ الْإِذْنِ فَكَذَا فِي صِفَتِهِ. وَالثَّانِي يَتَحَالَفَانِ، وَانْتَصَرَ الْإِسْنَوِيُّ لَهُ نَقْلًا وَمَعْنًى، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا قَبْلَ الْقَطْعِ تَحَالَفَا اتِّفَاقًا، وَكُلَّمَا وَجَبَ التَّحَالُفُ مَعَ بَقَائِهِ وَجَبَ مَعَ تَغَيُّرِ أَحْوَالِهِ انْتَهَى. وَعَلَيْهِ فَيَبْدَأُ بِالْمَالِكِ كَمَا قَالَاهُ نَقْلًا عَنْ ابْنِ كَجٍّ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ مَمْنُوعٌ بَلْ بِالْخَيَّاطِ لِأَنَّهُ بَائِعُ الْمَنْفَعَةِ (وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ) بَعْدَ حَلِفِهِ إذْ لَا تَجِبُ إلَّا مَعَ الْإِذْنِ، وَقَدْ ثَبَتَ انْتِفَاؤُهُ بِيَمِينِهِ (وَعَلَى الْخَيَّاطِ أَرْشُ النَّقْصِ) لِمَا ثَبَتَ مِنْ عَدَمِ الْإِذْنِ وَالْأَصْلُ الضَّمَانُ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا قَمِيصًا وَمَقْطُوعًا قَبَاءً كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ، وَلِأَنَّ أَصْلَ الْقَطْعِ مَأْذُونٌ فِيهِ وَإِنْ رَجَّحَ الْإِسْنَوِيُّ كَابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ، وَجَزَمَ بِهِ الْقُونَوِيُّ وَالْبَارِزِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ شُرَّاحِ الْحَاوِي وَغَيْرِهِ أَنَّهُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَقْطُوعًا لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ مِنْ أَصْلِهِ، وَلَا يَقْدَحُ فِي تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ عَدَمُ الْأُجْرَةِ لَهُ إذْ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الضَّمَانِ، وَلِلْخَيَّاطِ نَزْعُ خَيْطِهِ وَعَلَيْهِ أَرْشُ نَقْصِ النَّزْعِ إنْ حَصَلَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَلَهُ مَنْعُ الْمَالِكِ مِنْ شَدِّ خَيْطٍ فِيهِ بِجَرِّهِ فِي الدُّرُوزِ مَكَانَهُ، وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ هَذَا يَكْفِينِي قَمِيصًا فَاقْطَعْهُ فَقَطَعَهُ وَلَمْ يَكْفِهِ ضَمِنَ الْأَرْشَ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يَحْصُلْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ هَلْ يَكْفِينِي
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْمَحَلِّ الْمُعَيَّنِ حَيْثُ قَالُوا فِيهِ لَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ نَقْلُهُ إلَيْهِ لِثِقَلِ الْمَيِّتِ.
(قَوْلُهُ: لَوْ سَخَّرَهُ مَعَ دَابَّتِهِ فَتَلِفَتْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهَا ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدَ اسْتِعْمَالِهَا فَهِيَ مُعَارَةٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْعَارِيَّةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ بَاشَرَ اسْتِعْمَالَهَا كَأَنْ رَكِبَهَا، أَمَّا لَوْ دَفَعَ لَهُ مَتَاعًا وَقَالَ لَهُ احْمِلْهُ فَحَمَلَهُ عَلَيْهَا فَلَا ضَمَانَ لِكَوْنِهَا فِي يَدِ مَالِكِهَا، ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ صَرَّحَ بِذَلِكَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ لَهُ) أَيْ أَمَّا لَوْ لَمْ يَقُلْ لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْقِسْطَ وَالتَّعَدِّيَ بِنَقْلِ: أَيْ بِالنَّقْلِ مِنْ الْمُؤَجِّرِ لِلْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرِ لِحَمْلِهَا
(قَوْلُهُ بَعْدَ قَطْعِهِ) أَيْ مِنْ الْخَيَّاطِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ الثَّانِي وَقَوْلُهُ فَيَبْدَأُ بِالْمَالِكِ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إنْ حَصَلَ) أَيْ النَّقْصُ فِي الْقَمِيصِ نَفْسِهِ كَأَنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِنَزْعِ الْخَيْطِ عَنْ قِيمَتِهِ قُمَاشًا مُفَصَّلًا بِلَا خِيَاطَةٍ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ الْأَرْشَ) أَيْ أَرْشَ الْقَطْعِ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْمُكْتَرِي كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: لِاخْتِصَاصِ يَدِهِ بِهِمَا) الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي بِهَا لِلزِّيَادَةِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ: أَيْ بِقِسْطِ الزِّيَادَةِ مِنْ الدَّابَّةِ؛ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ مَعَهَا كَصَاحِبِهَا كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي حَمْلِهَا) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ خَاصَّةً
(قَوْلُهُ: بَعْدَ قَطْعِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَخِيطَهُ.