الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنُ الْمُقْرِي، فَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ الْمَارِّ فِي إطْلَاقِ الزِّرَاعَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالثَّانِي يَصِحُّ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ، وَالْأَرْضُ مِثَالٌ لِمَا يُنْتَفَعُ بِجِهَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ كَالدَّابَّةِ، أَمَّا مَا انْحَصَرَتْ مَنْفَعَتُهُ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَبِسَاطٍ لَا يَصْلُحُ إلَّا لِلْفَرْشِ فَلَا يَحْتَاجُ فِي إعَارَتِهِ إلَى بَيَانِ الِانْتِفَاعِ، وَيُسْتَعْمَلُ فِي ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَكَذَا لَوْ كَانَ الِانْتِفَاعُ بِجِهَاتٍ لَكِنَّ إحْدَاهَا هِيَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ عَادَةً اهـ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ جَوَازِ الْعَارِيَّةِ وَمَا لِلْمُعِيرِ
وَعَلَيْهِ بَعْدَ الرَّدِّ فِي عَارِيَّةِ الْأَرْضِ وَحُكْمِ الِاخْتِلَافِ وَهِيَ مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ كَالْوَكَالَةِ، فَحِينَئِذٍ (لِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ (رَدُّ الْعَارِيَّةِ) وَلَوْ مُؤَقَّتَةً بِوَقْتٍ لَمْ يَنْقَضِ أَمَدُهُ (مَتَى شَاءَ) لِأَنَّهَا مَبَرَّةٌ مِنْ الْمُعِيرِ وَارْتِفَاقٌ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ فَالْإِلْزَامُ غَيْرُ لَائِقٍ بِهَا، وَالرَّدُّ فِي الْمُعِيرِ بِمَعْنَى الِاسْتِرْدَادِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ، وَلَوْ اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَعَارَ أَوْ الْمُبَاحَ لَهُ مَنَافِعُهُ بَعْدَ الرُّجُوعِ جَاهِلًا فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ، فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ إنَّ الضَّمَانَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ إذْ مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ تَسْلِيطِ الْمَالِكِ وَلَمْ يُقَصِّرْ بِتَرْكِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَيُسْتَعْمَلُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِهِ كَأَنْ تَغَطَّى بِهِ ضَمِنَ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ جَوَازِ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ بَعْدَ الرَّدِّ إلَخْ) أَيْ انْتِهَاءِ الْعَارِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ انْتَهَتْ بِفَرَاغِ الْمُدَّةِ لِكَوْنِهَا مُؤَقَّتَةً (قَوْلُهُ: وَحُكْمُ الِاخْتِلَافِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَوُجُوبِ تَسْوِيَةِ الْحُفَرِ وَإِعْرَاضِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَارْتِفَاقٌ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ) أَيْ شَأْنُهَا ذَلِكَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ يَسْتَعِيرُ مَا هُوَ غَنِيٌّ عَنْ الِارْتِفَاقِ بِهِ لِوُجُودِ غَيْرِهِ فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَعَارُ أَوْ الْمُبَاحُ لَهُ مَنَافِعَهُ) خَرَجَ بِهَا الْأَعْيَانُ فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الرُّجُوعِ جَاهِلًا) وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ اسْتَعْمَلَ الْعَارِيَّةَ بَعْدَ جُنُونِ الْغَيْرِ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِأَنَّهُ بَعْدَ جُنُونِهِ لَيْسَ أَهْلًا لِلْإِبَاحَةِ اهـ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَوْ وَلَا يُنْسَبُ لَهُ تَقْصِيرٌ بِعَدَمِ الْإِعْلَامِ، وَمِثْلُ الْجُنُونِ إغْمَاؤُهُ أَوْ مَوْتُهُ فَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ مُطْلَقًا لِبُطْلَانِ الْإِذْنِ بِالْإِغْمَاءِ وَالْمَوْتِ (قَوْلُهُ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ) وَانْظُرْ لَوْ اسْتَعْمَلَ الْعَيْنَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فِي الْإِعَارَةِ الْمُؤَقَّتَةِ جَاهِلًا بِانْقِضَائِهَا هَلْ هُوَ كَاسْتِعْمَالِهِ بَعْدَ الرُّجُوعِ فِي الْمُطْلَقَةِ حَتَّى لَا تَلْزَمَهُ أُجْرَةٌ أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ: الْأَقْرَبُ الْفَرْقُ، فَإِنَّ الِاسْتِعْمَالَ فِي الْمُؤَقَّتَةِ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْإِذْنُ أَصْلًا فَاسْتِعْمَالُهُ مَحْضُ تَعَدٍّ وَجَهْلُهُ إنَّمَا يُفِيدُ عَدَمَ الْإِثْمِ كَمَا لَوْ اسْتَعْمَلَ مَالَ غَيْرِهِ جَاهِلًا بِكَوْنِهِ مَالَهُ، وَقَدْ يُشْعِرُ بِالْفَرْقِ قَوْلُ الشَّارِحِ إذْ مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ تَسْلِيطِ الْمَالِكِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ الرُّجُوعِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْمُسْتَعِيرِ الْمُسْتَعْمِلِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَارِثُهُ فِي وُجُوبِ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَمْ يَشْمَلْهُ، هَذَا وَيَرُدُّ عَلَى قَوْلِهِ إذْ مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ تَسْلِيطِ الْمَالِكِ إلَخْ مَا ذَكَرَهُ فِي الْقَسَمِ وَالنُّشُوزِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَخْ
(قَوْلُهُ فِي إطْلَاقِ الزِّرَاعَةِ) صَوَابُهُ فِي إطْلَاقِ الْإِعَارَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَمُرَادُهُ بِهَذَا الرَّدِّ عَلَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ فَلْيُرَاجَعْ.
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ جَوَازِ الْعَارِيَّةِ وَمَا لِلْمُعِيرِ]
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ جَوَازِ الْعَارِيَّةِ
(قَوْلُهُ: الَّذِي عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ) الَّذِي فِي أَصْلِهِ إنَّمَا هُوَ التَّعْبِيرُ بِالرُّجُوعِ فَهُوَ قَدْ عَبَّرَ عَمَّا فِي الْأَصْلِ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَافِيهِ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ بَدَلَ الْفَاءِ
إعْلَامِهِ، وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْوَكَالَةِ بِأَنَّهَا عَقْدٌ وَالْإِعَارَةُ إبَاحَةٌ، وَإِنَّمَا ضَمِنَ وَكِيلٌ اقْتَصَّ جَاهِلًا بِعَفْوِ مُوَكِّلِهِ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِتَوْكِيلِهِ فِي الْقَوَدِ إذْ هُوَ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ، لِأَنَّ الْعَفْوَ مَطْلُوبٌ فَضَمِنَ زَجْرًا عَنْ التَّوْكِيلِ فِيهِ، وَلَوْ أَعَارَهُ لِحَمْلِ مَتَاعِهِ إلَى بَلَدٍ فَرَجَعَ قَبْلَ وُصُولِهِ لَزِمَهُ لَكِنْ بِالْأُجْرَةِ نَقْلُ مَتَاعِهِ إلَى مَأْمَنٍ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَهُ فِي ذَلِكَ نَفْسِهِ إذَا عَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ أَوْ خَافَ وَعَلِمَ مِنْ جَوَازِهَا كَالْوَكَالَةِ انْفِسَاخَهَا بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ جُنُونِهِ أَوْ إغْمَائِهِ أَوْ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، وَكَذَا بِحَجْرِ فَلَسٍ عَلَى الْمُعِيرِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ، وَحَيْثُ انْفَسَخَتْ أَوْ انْتَهَتْ وَجَبَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ أَوْ وَرَثَتِهِ إنْ مَاتَ رَدُّهَا فَوْرًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَبَاحَهُ ثَمَرَةَ بُسْتَانِهِ ثُمَّ رَجَعَ وَلَمْ يَعْلَمْ مَنْ أُبِيحَ لَهُ بِالرُّجُوعِ فَأَكَلَ الثَّمَرَةَ مِنْ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَنَافِعِ وَالْأَعْيَانِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَخُصَّ بِالْمَنَافِعِ أَوْ أَنَّهُ جَرَى هُنَا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْمَنَافِعَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ حَيْثُ اسْتَوْفَاهَا جَاهِلًا بِالرُّجُوعِ لِتَسْلِيطِ الْمَالِكِ لَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَائِعَ لَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ فَفَسَخَ الْعَقْدَ وَلَمْ يُعْلِمْ بِذَلِكَ الْمُشْتَرِيَ فَاسْتَعْمَلَ الْمَبِيعَ جَاهِلًا لَمْ يَضْمَنْ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ الْمَنَافِعِ، بِخِلَافِ الْأَعْيَانِ كَاللَّبَنِ فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُشْتَرِي لَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ فَفَسَخَ الْعَقْدَ وَلَمْ يُعْلِمْ بِهِ الْبَائِعَ وَاسْتَعْمَلَ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ أَوْ اسْتَوْفَى مِنْهُ عَيْنًا وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي نَظَائِرِهِ (قَوْلُهُ: تَوْجِيهًا لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ فِي الضَّمَانِ) بِقَوْلِهِ إذْ مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ تَسْلِيطِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقَصِّرْ) أَيْ الْمُعِيرُ، وَقَوْلُهُ بِتَرْكِ إعْلَامِهِ أَيْ الْمُسْتَعِيرِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْوَكَالَةِ) حَيْثُ قِيلَ بِبُطْلَانِ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ بَعْدَ عَزْلِ الْمُوَكَّلِ لَهُ وَقَبْلَ بُلُوغِ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ضَمِنَ وَكِيلٌ) أَيْ بِالدِّيَةِ لَا بِالْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ) أَيْ بَلْ يَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ (قَوْلُهُ فَرَجَعَ) أَيْ الْمُعِيرُ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ) أَيْ الْمُعِيرَ (قَوْلُهُ إذَا عَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ) أَيْ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى مَا ادَّعَاهُ (قَوْلُهُ: أَوْ جُنُونِهِ) هَذَا شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ غَيْرَ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ كَأَنْ كَانَتْ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ دَعَتْ إلَيْهَا ضَرُورَةٌ فَهَلَّا قِيلَ بِعَدَمِ انْفِسَاخِهَا، وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ لِجَوَازِ إنْشَائِهَا مِنْ الْوَلِيِّ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ الِانْتِفَاعُ بِهَا مُسْتَنِدًا لِعَقْدِ الْمُسْتَعِيرِ وَقَدْ زَالَتْ أَهْلِيَّتُهُ قُلْنَا بِبُطْلَانِ عَقْدِهِ، وَلَيْسَ ثَمَّ مَا يَسْتَنِدُ إلَيْهِ فِي الِانْتِفَاعِ لِيَكُونَ اسْتِدَامَةً، وَالْوَلِيُّ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إنْشَاءِ الْعَقْدِ إنْ أَرَادَهُ بِأَنْ رَآهُ مَصْلَحَةً (قَوْلُهُ: أَوْ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) أَيْ عَلَى أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِحَجْرِ فَلَسٍ) لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُفْلِسَ تَجُوزُ لَهُ إعَارَةُ عَيْنٍ مِنْ مَالِهِ زَمَنًا لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَاقِي مِنْ الْمُدَّةِ مَثَلًا كَذَلِكَ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ (قَوْلُهُ: أَوْ انْتَهَتْ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مُؤَقَّتَةً بِمُدَّةٍ وَانْقَضَتْ (قَوْلُهُ: رَدَّهَا فَوْرًا) ظَاهِرُهُ وُجُوبُ الرَّدِّ فَوْرًا عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ اسْتَعَارَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا يَكْفِي الرَّدُّ عَلَيْهِ، لَكِنْ قَدَّمْت فِي الْإِقْرَارِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ غَصَبُوا مِنْ زَيْدٍ إلَخْ أَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ يُرَدُّ عَلَيْهِ وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَوَارِثُهُ كَذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي كَوْنِ مَا ذَكَرَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ إذْ مُجَرَّدُ قَوْلِهِ وَجَبَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ إلَخْ لَا يَقْتَضِي قَصْرَ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ ضَمِنَ وَكِيلٌ اقْتَصَّ جَاهِلًا إلَخْ) فِي هَذَا الِاسْتِنْتَاجِ وَقْفَةٌ لَا تَخْفَى، سِيَّمَا وَقَدْ عَلَّلَ الْحُكْمَ بِمَا يَأْتِي فَهُوَ غَيْرُ مَعْلُومٍ مِمَّا قَبْلَهُ حَتَّى يُسْتَنْتَجَ مِنْهُ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَإِنَّمَا ضَمِنَ وَكِيلٌ إلَخْ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِسِيَاقِ شَرْحِ الرَّوْضِ، إذْ هُوَ جَوَابٌ عَمَّا يَرِدُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الِاخْتِلَافِ بِالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ عِنْدَ عَدَمِ تَسْلِيطِ الْمَالِكِ فَيُقَالُ: مَسْأَلَةُ الْوَكَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا تَسْلِيطٌ فَلِمَ ضَمِنَ الْوَكِيلُ مُطْلَقًا؟ فَأَجَابَ بِمَا ذَكَرَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَمَا مَرَّ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمُعِيرُ، فَإِنْ أُخِّرَ الْوَرَثَةُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِمْ ضُمِنَتْ فِي التَّرِكَةِ وَلَا أُجْرَةَ وَإِلَّا ضَمِنُوهَا مَعَ الْأُجْرَةِ، وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ فِي هَذِهِ عَلَيْهِمْ وَفِيمَا قَبْلَهَا عَلَى التَّرِكَةِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَمْ يَلْزَمْهُمْ سِوَى التَّخْلِيَةِ، وَكَالْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ وَلِيُّهُ لَوْ جُنَّ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ.
وَالْمُرَادُ بِجَوَازِ الْعَارِيَّةِ جَوَازُهَا أَصَالَةً وَإِلَّا فَقَدْ يَعْرِضُ لَهَا اللُّزُومُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (إلَّا إذَا)(أَعَارَ لِدَفْنِ) مَيِّتٍ مُحْتَرَمٍ وَدُفِنَ (فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يَنْدَرِسَ أَثَرُ الْمَدْفُونِ) بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ فَيَرْجِعُ حِينَئِذٍ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ أُذِنَ لَهُ فِي تَكْرِيرِ الدَّفْنُ وَإِلَّا فَالْعَارِيَّةُ انْتَهَتْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ دُفِنَ بِحَقٍّ وَفِي النَّبْشِ هَتْكُ حُرْمَةٍ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ عَجْبُ الذَّنَبِ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَنْدَرِسْ إلَّا أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَجْزَاءِ الَّتِي تُحَسُّ وَهُوَ لَا يُحَسُّ، وَحُكْمُ الْوَرَثَةِ حُكْمُ مُوَرِّثِهِمْ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ، وَلَا أُجْرَةَ لِذَلِكَ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَةِ الْمَيِّتِ وَلِقَضَاءِ الْعُرْفِ بِعَدَمِ الْأُجْرَةِ وَالْمَيِّتُ لَا مَالَ لَهُ، وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالِانْدِرَاسِ لُزُومُهَا فِي دَفْنِ النَّبِيِّ وَالشَّهِيدِ لِعَدَمِ بَلَائِهِمَا، فَلَا يَرِدُ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إنْ رَجَعَ بَعْدَ تَمَامِ الدَّفْنِ، فَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ وَلَمْ يُوَارَ لَمْ يُؤَثِّرْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نُقِلَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ جَوَازُهُ وَلِلْمُعِيرِ سَقْيُ شَجَرَةِ الْمَقْبَرَةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَلَى الْمَالِكِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي مَوْتِ الْمُعَارِ وَبِهَا عَبَّرَ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا أُجْرَةَ) أَيْ لِلْعَيْنِ الْمُعَارَةِ فِي مُدَّةِ التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنُوهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَضَعْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَدَهُ عَلَيْهَا، وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُصُولُهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ خَلِيفَةُ الْمُوَرِّثِ فَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ وَلَا تَوَقَّفَ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ تَوَقَّفَ رَدُّهَا عَلَى وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا فَأَخَذَهَا لِيَرُدَّهَا عَلَى مَالِكِهَا فَتَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا كَمَا لَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ وَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا قَبْلَهَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُمْ حَيْثُ رَدُّوا فَوْرًا أَوْ عَقِبَ زَوَالِ الْمَانِعِ مِنْ الرَّدِّ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِمْ إذْ لَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ) أَيْ التَّرِكَةُ (قَوْلُهُ لَوْ جُنَّ) لَمْ يَقُلْ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا وَلِيَّ لَهُ إلَّا إنْ زَادَتْ مُدَّةُ إغْمَائِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَكَالْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ وَلِيُّهُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرُ
(قَوْلُهُ: لِدَفْنِ مَيِّتٍ مُحْتَرَمٍ) وَهُوَ كُلُّ مَنْ وَجَبَ دَفْنُهُ فَيَدْخُلُ فِيهِ الزَّانِي الْمُحْصِنُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَالذِّمِّيُّ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ، وَخَرَجَ بِالْمُعِيرِ الْمُسْتَأْجِرُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفِنَ مَوْتَاهُ فِيهَا إلَّا إنْ عَمَّمَ لَهُ الْمُؤَجِّرُ فِي الِانْتِفَاعِ وَنَصَّ لَهُ عَلَى الدَّفْنِ بِخُصُوصِهِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُعِيرَهَا لِغَيْرِهِ لِلدَّفْنِ فِيهَا لِجَوَازِ ذَلِكَ لَهُ فَيَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَدُفِنَ) بَقِيَ مَا لَوْ وُضِعَ فِي الْقَبْرِ بِالْفِعْلِ ثُمَّ أُخْرِجَ مِنْهُ لِغَرَضٍ مَا كَتَوْسِعَةِ الْقَبْرِ أَوْ إصْلَاحِ كَفَنِهِ مَثَلًا فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا قِيلَ فِيمَا لَوْ أَظْهَرَهُ سَيْلٌ أَوْ سَبُعٌ الْآتِي (قَوْلُهُ: فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يَنْدَرِسَ) وَيُعْلَمَ ذَلِكَ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ انْدِرَاسُهُمْ فِيهَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ قَدْ أَذِنَ لَهُ) تَصْوِيرٌ لِصُورَةِ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ الْكَلَامَ) الْأَوْلَى لِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي الْأَجْزَاءِ الَّتِي تُحَسُّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يُحَسُّ مِنْ الْأَجْزَاءِ كَعَجْبِ الذَّنَبِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لُزُومُهَا) أَيْ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ بَلَائِهِمَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مِثْلَهُمَا غَيْرُهُمَا مِمَّنْ ثَبَتَ فِيهِمْ عَدَمُ الِانْدِرَاسِ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ لِعَدَمِ عِلْمِنَا بِالشُّرُوطِ الْمُقْتَضِيَةِ لِعَدَمِ بَلَائِهِمْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ وَضْعِ الْمَيِّتِ) أَيْ أَوْ إدْلَائِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ وَعِبَارَتُهُ بَلْ يَتَّجِهُ امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ بِمُجَرَّدِ إدْلَائِهِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى أَرْضِ الْقَبْرِ لِأَنَّ فِي عَوْدِهِ مِنْ هَوَاءِ الْقَبْرِ بَعْدَ إدْلَائِهِ إزْرَاءً بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَوْلُ سم بِمُجَرَّدِ إدْلَائِهِ: أَيْ أَوْ إدْلَاءِ بَعْضِهِ فِيمَا يَظْهَرُ
(قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ) أَيْ الرُّجُوعُ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُعِيرِ سَقْيُ شَجَرَةِ الْمَقْبَرَةِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنُوهَا) أَيْ: فِي أَمْوَالِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ) هُوَ عَيْنُ مَا قَبْلَهُ فَكَانَ اللَّائِقُ خِلَافَ هَذَا التَّعْبِيرِ. وَحَاصِلُ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ الْخِلَافُ فِي هَذَا وَالْوِفَاقُ فِي ذَاكَ، فَكَأَنَّهُ قَالَ:
إنْ أَمِنَ ظُهُورَ شَيْءٍ مِنْ الْمَيِّتِ وَضَرَرِهِ، وَلَوْ أَظْهَرَهُ السَّيْلُ مِنْ قَبْرِهِ وَجَبَ إعَادَتُهُ فِيهِ فَوْرًا مَا لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ إلَى مَوْضِعٍ مُبَاحٍ يُمْكِنُ دَفْنُهُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ فَلَا يَجُوزُ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَعَلَى الْمُعِيرِ لِوَلِيِّ الْمَيِّتِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ مُؤْنَةُ حَفْرِ مَا رَجَعَ فِيهِ قَبْلَ الدَّفْنِ لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ لَهُ، وَفَارَقَ مَا لَوْ بَادَرَ إلَى الْأَرْضِ بَعْدَ تَكْرِيبِ الْمُسْتَعِيرِ لَهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ التَّكْرِيبِ بِأَنَّ الدَّفْنَ لَا يُمْكِنُ بِدُونِ الْحَفْرِ وَالزَّرْعُ يُمْكِنُ بِدُونِ التَّكْرِيبِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَعَارَهُ لِغِرَاسٍ أَوْ بِنَاءٍ مِنْ لَازِمِهِ التَّكْرِيبُ وَرَجَعَ بَعْدَهُ غَرِمَ لَهُ أُجْرَةَ الْحَفْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَوْ انْفَسَخَتْ بِنَحْوِ جُنُونِ الْمُعِيرِ لَمْ تَلْزَمْهُ مُؤْنَةُ حَفْرِ الْقَبْرِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ، وَلَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ طَمُّ مَا حَفَرَهُ لِلْإِذْنِ لَهُ فِيهِ. وَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَيَانِ: لَوْ أَعَارَهُ أَرْضًا لِحَفْرِ بِئْرٍ فِيهَا صَحَّ، فَإِذَا نَبَعَ الْمَاءُ جَازَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَخْذُهُ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ بِالْإِبَاحَةِ وَلِلْمُتَوَلِّي تَفْصِيلٌ حَاصِلُهُ أَنَّ لِلْمُعِيرِ إذَا رَجَعَ مَنْعَهُ مِنْ الِاسْتِقَاءِ وَلَهُ طَمُّهَا مَعَ غُرْمِ مَا الْتَزَمَهُ مِنْ الْمُؤْنَةِ وَتَمَلُّكُهَا بِالْبَدَلِ إنْ كَانَ لَهُ فِيهَا عَيْنٌ كَآجُرٍّ وَخَشَبٍ، وَإِلَّا فَإِنْ قُلْنَا الْقُصَارَةُ وَنَحْوُهَا كَالْأَعْيَانِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا، وَالتَّقْرِيرُ بِأُجْرَةٍ إنْ احْتَاجَ الِاسْتِقَاءَ إلَى نَحْوِ اسْتِطْرَاقٍ فِي مِلْكِهِ وَأَخْذُهَا فِي مُقَابَلَتِهِ، فَإِنْ أَخَذَهَا فِي مُقَابَلَةِ الْمَاءِ فَلَا بُدَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ وَإِنْ حَدَثَتْ بَعْدَ الدَّفْنِ لِجَوَازِ تَصَرُّفِهِ فِي ظَاهِرِ الْأَرْضِ بِمَا لَا يَضُرُّ الْمَيِّتَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَظْهَرَهُ السَّيْلُ) أَيْ أَوْ السَّبُعُ (قَوْلُهُ: وَجَبَ إعَادَتُهُ فِيهِ فَوْرًا) أَيْ عَلَى كُلِّ مَنْ عَلِمَ بِهِ فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ،، وَاعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ إنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ لَمْ تُقْسَمْ سم فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ فِيهَا وَإِنْ قُسِمَتْ سم فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ كَمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ سُرِقَ كَفَنُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ) أَيْ عَنْ مُدَّةِ إرْجَاعِهِ لِلْأَوَّلِ بِأَنْ كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ أَقْرَبَ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجُوزُ) أَيْ إعَادَتُهُ، وَالْأَوْلَى فَلَا تَجِبُ لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْمُبَاحُ مُسَاوِيًا لِلْأَوَّلِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ بَلْ أَوْ أَقْرَبَ فَلَا مَعْنَى لِوُجُوبِ إعَادَتِهِ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّ عَوْدَهُ إلَيْهِ لَا إزْرَاءَ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ وَيُمْكِنُ تَخْصِيصُ عَدَمِ الْجَوَازِ بِمَا إذَا كَانَ مَحَلُّهُ أَبْعَدَ مِنْ الْمُبَاحِ أَوْ كَانَ عَوْدُهُ إلَى الْأَوَّلِ يَحْتَاجُ إلَى إصْلَاحِ الْقَبْرِ (قَوْلُهُ: لِوَلِيِّ الْمَيِّتِ) أَيْ وَارِثِهِ (قَوْلُهُ: مُؤْنَةُ حَفْرِ مَا رَجَعَ فِيهِ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ حَفَرَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَحْفِرُ لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ حَفَرَهُ لَهُ مُتَبَرِّعٌ بِقَصْدِ الْمُسْتَعِيرِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ لَهُ) أَيْ إعَارَتُهُ إيَّاهُ الْأَرْضَ فَمَنْعُهُ مِنْ الدَّفْنِ تَقْصِيرٌ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ بَادَرَ إلَخْ) أَيْ بَادَرَ الْمُعِيرُ إلَى الرُّجُوعِ فِي الْأَرْضِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ تَكْرِيبٍ: أَيْ حَرْثٍ، وَقَوْلُهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ: أَيْ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنَّ الدَّفْنَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِنَاءٍ) أَيْ أَوْ زَرْعٍ (قَوْلُهُ: غَرِمَ لَهُ أُجْرَةَ الْحَفْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ) . قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَمَا ذَكَرَ: قَالَ م ر: وَصُورَةُ مَسْأَلَةِ الْقَبْرِ أَنْ يَكُونَ الْحَافِرُ الْوَارِثَ، فَلَوْ كَانَ الْحَافِرُ الْمَيِّتَ بِأَنْ اسْتَعَارَ الْأَرْضَ لِيَحْفِرَ لَهُ فِيهَا قَبْرًا فَحَفَرَهُ ثُمَّ مَاتَ فَرَجَعَ الْمُعِيرُ لَمْ يَغْرَمْ أُجْرَةَ الْحَفْرِ، وَأَظُنُّهُ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيمَا حَفَرَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ (قَوْلُهُ: كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ) لَعَلَّهُ بِمُلَاحَظَةِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ رُجُوعَهُ بَعْدَ الْإِذْنِ تَقْصِيرٌ وَإِضْرَارٌ وَهُمَا مُنْتَفِيَانِ هُنَا (قَوْلُهُ: لِلْإِذْنِ لَهُ) أَيْ لِلْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُتَوَلِّي إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ الْمُعِيرِ طَمُّهَا مَعَ غُرْمِ مَا الْتَزَمَهُ: أَيْ الْمُعِيرُ بِتَوْرِيطِ الْمُسْتَعِيرِ فِي الْحَفْرُ وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْنَةِ مَا يُقَابِلُ الْحَفْرَ عَادَةً لَا مَا صَرَفَهُ الْمُسْتَعِيرُ عَلَى الْحَفْرِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ لَهُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرِ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ لَهُ تَمَلُّكُهَا بِالْبَدَلِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِتَمَلُّكِهَا غُرْمُ مَا زَادَ فِي قِيمَتِهَا بِسَبَبِ الْحَفْرِ
(قَوْلُهُ: وَأَخَذَهَا) أَيْ الْأُجْرَةَ وَقَوْلُهُ فِي مُقَابَلَتِهِ: أَيْ الِاسْتِطْرَاقِ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
فَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ وَضْعِ الْمَيِّتِ فَفِيهِ خِلَافٌ الْمُعْتَمَدُ مِنْهُ عَدَمُ التَّأْثِيرِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: مِنْ لَازِمِهِ التَّكْرِيبُ) الْأَوْلَى الْحَفْرُ وَالتَّكْرِيبُ الْحَرْثُ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُتَوَلِّي تَفْصِيلٌ حَاصِلُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: إنْ قَصَدَ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْهَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ الْمُعِيرُ فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ الِاسْتِقَاءِ، وَإِنْ أَرَادَ طَمَّهَا وَيَغْرَمُ مَا الْتَزَمَهُ مِنْ الْمُؤْنَةِ جَازَ، وَإِنْ
مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ أَوْ تَرْكِ الطَّمِّ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ وَضْعَ الْإِجَارَةِ جَلْبُ النَّفْعِ لَا دَفْع الضَّرَرِ، فَإِنْ كَانَتْ بِئْرُ حُشٍّ أَوْ يَجْتَمِعُ فِيهَا مَاءُ الْمَزَارِيبِ، وَأَرَادَ الطَّمَّ أَوْ التَّمَلُّكَ فَكَمَا مَرَّ، أَوْ التَّقْرِيرُ بِعِوَضٍ فَكَمَا لَوْ صَالَحَ عَلَى إجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَى سَطْحٍ بِمَالٍ وَإِلَّا إذَا أَعَارَ كَفَنًا وَكُفِّنَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُدْفَنْ فَإِنَّ الْأَصَحَّ بَقَاؤُهُ عَلَى مِلْكِهِ وَلَا يَرْجِعُ فِيهِ حَتَّى يَنْدَرِسَ أَيْضًا، وَإِلَّا إذَا قَالَ أَعِيرُوا دَارِي بَعْدَ مَوْتِي لِزَيْدٍ سَنَةً مَثَلًا وَخَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ فَيَمْتَنِعُ عَلَى الْوَارِثِ الرُّجُوعُ، أَوْ نَذَرَ أَنْ يُعِيرَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً أَوْ أَنْ لَا يَرْجِعَ، وَإِلَّا إذَا رَجَعَ مُعِيرُ سَفِينَةٍ بِهَا أَمْتِعَةٌ مَوْضُوعَةٌ وَهِيَ فِي اللُّجَّةِ وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ مِنْ حِينَئِذٍ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَمَا لَوْ رَجَعَ قَبْلَ انْتِهَاءِ الزَّرْعِ.
وَإِلَّا إذَا أَعَارَ ثَوْبًا لِلسِّتْرِ أَوْ الْفَرْشِ عَلَى نَجِسٍ فِي مَفْرُوضَةٍ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِحُرْمَةِ قَطْعِ الْفَرْضِ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْبَحْرِ لَيْسَ لِلْمُعِيرِ الِاسْتِرْدَادُ وَلَا لِلْمُسْتَعِيرِ الرَّدُّ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ، لَكِنْ يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ: لَوْ رَجَعَ الْمُعِيرُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ نَزَعَهُ وَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ، وَقِيَاسُهُ ذَلِكَ فِي الْمَفْرُوشِ عَلَى النَّجِسِ إلَّا أَنَّ عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْأَوْجَهُ لُزُومُ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَقَلِّ مُجْزِئٍ مِنْ وَاجِبَاتِهَا بَعْدَ الرُّجُوعِ، وَقَدْ حَمَلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلَ عَلَى مَا إذَا اسْتَعَارَ ذَلِكَ لِيُصَلِّيَ فِيهِ الْفَرْضَ وَرَجَعَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فَهِيَ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَتِهِمَا. وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا اسْتَعَارَهَا لِمُطْلَقِ الصَّلَاةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَقَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ وَذَلِكَ بِأَنَّهُ يَبِيعُهُ الْأَرْضَ وَمَا فِيهَا مِنْ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَرَكَ الطَّمَّ لَمْ يَجُزْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا خَلَا عَنْ الِاسْتِطْرَاقِ فِي مِلْكِهِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ الَّتِي حَفَرَ فِيهَا الْبِئْرَ تُقَابَلُ فِي نَفْسِهَا بِأُجْرَةٍ، وَيَنْبَغِي جَوَازُ أَخْذِ الْأُجْرَةِ لِمِثْلِ تِلْكَ الْأَرْضِ مُجَرَّدَةً عَنْ الْحَفْرِ (قَوْلُهُ: فَكَمَا مَرَّ) مِنْ جَوَازِ الطَّمِّ إنْ غَرِمَ لَهُ الْمُؤْنَةَ. وَمِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ التَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَكَمَا لَوْ صَالَحَ عَلَى إجْرَاءِ الْمَاءِ إلَخْ) أَيْ فَيَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إذَا أَعَارَ كَفَنًا إلَخْ) وَلَوْ أَعَارَ كَفَنًا فَيَنْبَغِي امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ بِوَضْعِ الْمَيِّتِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُلَفَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِي أَخْذِهِ إزْرَاءً بِالْمَيِّتِ بَعْدَ الْوَضْعِ، وَيَتَّجِهُ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي الِامْتِنَاعِ بَيْنَ الثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَالثَّلَاثِ بَلْ وَالْخَمْسِ بِخِلَافِ مَا زَادَ م ر: وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُلَفَّ عَلَيْهِ: أَيْ بِخِلَافِ هَوِيِّهِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ وَضْعٍ فَلَا يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إذَا رَجَعَ مُعِيرُ سَفِينَةٍ بِهَا إلَخْ) قَالَ سم عَلَى حَجّ أَيْ فَيَلْزَمُهُ الصَّبْرُ إلَى أَقْرَبِ مَأْمَنٍ: أَيْ وَلَوْ مَبْدَأَ السَّيْرِ حَتَّى يَجُوزَ لَهُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ إنْ كَانَ أَقْرَبَ، وَقَوْلُهُ وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إلَخْ ظَاهِرُ الْعِبَارَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّهُ حَيْثُ قِيلَ بِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ اسْتَوْقَفَ وُجُوبُهَا عَلَى عَقْدٍ، بَلْ حَيْثُ رَجَعَ وَجَبَ لَهُ أُجْرَةٌ مِثْلُ كُلِّ مُدَّةٍ مَضَتْ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ حَيْثُ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ صَارَتْ الْعَيْنُ أَمَانَةً لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي الْأَصْلِ عَارِيَّةً صَارَ لَهَا حُكْمُ الْمُسْتَأْجَرَةِ.
[فَائِدَةٌ] كُلُّ مَسْأَلَةٍ امْتَنَعَ عَلَى الْمُعِيرِ الرُّجُوعُ فِيهَا تَجِبُ لَهُ الْأُجْرَةُ إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ: إذَا أَعَارَ أَرْضًا لِلدَّفْنِ فِيهَا فَلَا رُجُوعَ لَهُ قَبْلَ انْدِرَاسِ الْمَيِّتِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ، وَمِثْلُهَا إعَارَةُ الثَّوْبِ لِلتَّكْفِينِ فِيهِ لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُقَابِلِ، وَإِذَا أَعَارَ الثَّوْبَ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ أَيْضًا، وَمِثْلُهَا إذَا أَعَارَ سَيْفًا لِلْقِتَالِ، فَإِذَا الْتَقَى الصَّفَّانِ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ وَلَا أُجْرَةَ لِقِلَّةِ زَمَنِهِ عَادَةً كَمَا يُفِيدُ ذَلِكَ كَلَامُ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَنَقْلُ اعْتِمَادِ م ر فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ مِنْ حِينَئِذٍ) أَيْ الرُّجُوعِ فِي السَّفِينَةِ فَقَطْ
(قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ قَطْعِ الْفَرْضِ) وَيَنْبَغِي لُزُومُ الْأُجْرَةِ حَيْثُ كَانَ الْبَاقِي مِنْ زَمَنِ الصَّلَاةِ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ، لَكِنْ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا يُخَالِفُهُ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ الْعُرْفَ قَاضٍ بِعَدَمِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ لِذَلِكَ كَمَا قِيلَ بِهِ فِيمَا لَوْ رَجَعَ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ الْإِعَارَةِ لِلدَّفْنِ (قَوْلُهُ الْأَوَّلَ عَلَى مَا إذَا اسْتَعَارَ إلَخْ) هُوَ قَوْلُ الْبَحْرِ لَيْسَ لِلْمُعِيرِ الِاسْتِرْدَادُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالثَّانِيَ عَلَى مَا إذَا اسْتَعَارَهَا) وَهُوَ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ لَوْ رَجَعَ الْمُعِيرُ نَزَعَهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَرَادَ تَمَلُّكَهَا بِالْبَدَلِ؛ فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهَا عَيْنٌ كَآجُرٍّ وَخَشَبٍ جَازَ كَمَا فِي الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ تَرْكٍ) بِالْجَرِّ (قَوْلُهُ: أَمْتِعَةٌ مَوْضُوعَةٌ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَمْتِعَةٌ مَعْصُومَةٌ، وَلَعَلَّ مَا فِي الشَّرْحِ مُحَرَّفٌ عَنْهُ مِنْ النُّسَّاخِ
فَتَكُونُ لَازِمَةً مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ فَقَطْ إنْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ، وَلِلْمُعِيرِ الرُّجُوعُ وَنَزْعُ الثَّوْبِ، وَلَا إعَادَةَ وَجَائِزَةٌ مِنْ جِهَتِهِمَا إنْ أَحْرَمَ بِنَفْلٍ، وَإِلَّا إذَا أَعَارَ سُتْرَةً لِيَسْتَتِرَ بِهَا فِي الْخَلْوَةِ أَوْ أَعَارَ دَارًا لِسُكْنَى مُعْتَدَّةٍ فَهِيَ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ، وَإِلَّا إذَا أَعَارَ جِذْعًا لِيَسْنُدَ بِهِ جِدَارًا مَائِلًا فَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ فِيمَا يَظْهَرُ وِفَاقًا لِلْبَحْرِ، وَالْأَوْجَهُ ثُبُوتُ الْأُجْرَةِ لَهُ، وَكَذَا لَوْ أَعَارَ مَا يَدْفَعُ بِهِ عَمَّا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ كَآلَةٍ لِسَقْيٍ مُحْتَرَمٍ أَوْ مَا يَقِي نَحْوُ بَرْدٍ مُهْلِكٍ أَوْ مَا يُنْقِذُ بِهِ غَرِيقًا، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ ثُبُوتُ الْأُجْرَةِ أَيْضًا.
(وَإِذَا)(أَعَارَ لِلْبِنَاءِ أَوْ) لِغَرْسِ (الْغِرَاسِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُدَّةً) بِأَنْ أَطْلَقَ (ثُمَّ رَجَعَ) بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ (إنْ كَانَ) الْمُعِيرُ (شَرَطَ الْقَلْعَ مَجَّانًا) أَيْ بِلَا بَدَلٍ (لَزِمَهُ) عَمَلًا بِالشَّرْطِ، فَإِنْ امْتَنَعَ فَلِلْمُعِيرِ الْقَلْعُ، وَيَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ أَيْضًا تَسْوِيَةُ حَفْرٍ إنْ شَرَطَهَا وَإِلَّا فَلَا، وَاحْتَرَزَ بِمَجَّانًا عَمَّا لَوْ شَرَطَ الْقَلْعَ وَغُرْمَ أَرْشِ النَّقْصِ. فَيَلْزَمُهُ، وَإِنْ ذَهَبَ جَمْعٌ تَبَعًا لِلنَّصِّ وَالْجُمْهُورِ إلَى أَنَّ الصَّوَابَ حَذْفُ مَجَّانًا، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وُقُوعِ شَرْطِ الْقَلْعِ بِلَا أَرْشٍ أَوْ مَعَهُ صُدِّقَ الْمُعِيرُ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْعَارِيَّةِ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ (قَوْلُهُ: إنْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ) وَعَلَى هَذَا لَوْ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ صَلَاتِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا لَيْسَ لَهُ إعَادَتُهَا فِي الثَّوْبِ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ، كَذَا نُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ سم بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ، وَأَمَّا إذَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْأَثْنَاءِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا يَطُولُ زَمَنُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ كَانَ كَالتَّبَيُّنِ بَعْدَهَا، وَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمَاضِي قَبْلَ التَّبَيُّنِ مِمَّا يَقَعُ قَدْرُهُ فِي تَطْوِيلُ الصَّلَاةِ عَادَةً جَازَ إعَادَتُهَا فِيهِ بِلَا إذْنٍ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ بُطْلَانَهَا وَطُولَ ذَلِكَ الْقَدْرِ لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ اسْتَعَارَ سُتْرَةً لِصَلَاةٍ فَصَلَّى غَيْرَهَا هَلْ لِلْمُعِيرِ الرُّجُوعُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ أَحْرَمَ بِمِثْلِهَا أَوْ دُونَهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ عَدَدًا مِنْهَا كَأَنْ أَعَارَهُ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَصَلَّى الظُّهْرَ مَثَلًا فَلَهُ الرُّجُوعُ، وَهَلْ يَرْجِعُ مِنْ الِابْتِدَاءِ أَوْ بَعْدَ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ نُقِلَ عَنْ سم بِالدَّرْسِ الثَّانِي، وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ اسْتَعَارَهُ لِيُصَلِّيَ فِيهِ مَقْصُورَةً فَأَحْرَمَ بِهَا ثُمَّ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ فَهَلْ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ بَعْدَ تَمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا الْمَأْذُونُ فِيهِمَا وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ أَوْ لَا لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ فِيهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ وَيَلْزَمُهُ الْإِبْقَاءُ؟ فِيهِ نَظَرٌ
وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ حَيْثُ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ، فَلَوْ رَجَعَ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَزِمَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَيَنْزِعُ الثَّوْبَ مِنْهُ وَيُصَلِّي عَارِيًّا وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ اسْتَعَارَهُ لِصَلَاةِ فَرْضٍ وَأَطْلَقَ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَقَلِّ الْفَرَائِضِ أَوْ يَتَخَيَّرُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ اسْتَعَارَهُ لِيَخْطُبَ فِيهِ فَهَلْ لَهُ فِعْلُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ الدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَرْكَانِ فَقَطْ حَيْثُ رَجَعَ الْمُعِيرُ (قَوْلُهُ: فَهِيَ لَازِمَةٌ) أَيْ فِي إعَارَةِ الثَّوْبِ لِيَسْتَتِرَ بِهَا فِي الْخَلْوَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ) أَيْ لَا الْمُعِيرِ (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ) أَيْ مِنْ الْمُعِيرِ (قَوْلُهُ: ثُبُوتُ الْأُجْرَةِ أَيْضًا) أَيْ فِي السَّقْيِ وَمَا بَعْدَهُ
(قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ) بَقِيَ مَا لَوْ رَجَعَ قَبْلَهُمَا فَلَيْسَ لَهُ فِعْلُهُمَا، قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ فَعَلَ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا بِرُجُوعِهِ قَلَعَ مَجَّانًا وَكُلِّفَ تَسْوِيَةَ الْأَرْضِ اهـ. وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تَلْزَمَهُ الْأُجْرَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمُعِيرُ شَرَطَ الْقَلْعَ مَجَّانًا) أَيْ أَوْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ مَجَّانًا فَيَلْزَمُهُ الْقَلْعُ فِي الصُّورَتَيْنِ بِلَا أَرْشٍ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ وَاحْتَرَزَ بِمَجَّانًا عَمَّا لَوْ شَرَطَ الْقَلْعَ وَغَرِمَ أَرْشَ النَّقْصِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) دَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ اخْتَارَ الْمُعِيرُ الْقَلْعَ وَطَلَبَهُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ فَفَعَلَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ اخْتِيَارًا (قَوْلُهُ: عَمَّا لَوْ شَرَطَ) أَيْ الْمُعِيرُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَا إعَادَةَ) يَعْنِي فِي صُورَةِ السَّتْرِ (قَوْلُهُ: فِي الْخَلْوَةِ) أَيْ وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا بِالْأَوْلَى كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، فَكَانَ يَنْبَغِي وَلَوْ فِي الْخَلْوَةِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وُقُوعِ شَرْطِ الْقَلْعِ) هَذَا هُوَ مَحَلُّ الِاخْتِلَافِ أَيْ بِأَنْ قَالَ الْمُعِيرُ: شَرَطْنَا الْقَلْعَ وَالْمُسْتَعِيرُ
لِأَنَّ مَنْ صُدِّقَ فِي شَيْءٍ صُدِّقَ فِي صِفَتِهِ، وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى تَصْدِيقِ الْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الشَّرْطِ وَاحْتِرَامُ مَالِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَشْرُطْ عَلَيْهِ الْقَلْعَ (فَإِنْ اخْتَارَ الْمُسْتَعِيرُ الْقَلْعَ قَلَعَ) بِلَا أَرْشٍ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَقَدْ رَضِيَ بِنَقْصِهِ (وَلَا تَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْإِعَارَةَ مَعَ عِلْمِ الْمُعِيرِ بِأَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَقْلَعَ رِضًا بِمَا يُحْدِثُ مِنْ الْقَلْعِ (قُلْت: الْأَصَحُّ تَلْزَمُهُ)
التَّسْوِيَةُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ قَلَعَ بِاخْتِيَارِهِ وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ إذَا قَلَعَ رَدُّهَا إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ لِيَرُدَّ كَمَا أَخَذَ، وَهَذَا هُوَ مُرَادُهُمْ بِالتَّسْوِيَةِ عِنْدَ إطْلَاقِهَا فَلَا يُكَلَّفُ تُرَابًا آخَرَ لَوْ كَانَ تُرَابُهَا لَا يَكْفِيهَا، وَمَحَلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ فِي حَفْرٍ حَاصِلُهُ بِالْقَلْعِ، بِخِلَافِ مَا حَصَلَ فِي زَمَنِ الْعَارِيَّةِ لِأَجْلِ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ فَإِنَّهَا حَدَثَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ وَهَذَا ظَاهِرٌ، بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيَّ: إنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ مُصَرِّحٌ بِهَذَا التَّفْصِيلِ، وَلَوْ حَفَرَ زَائِدًا عَلَى حَاجَةِ الْقَلْعِ لَزِمَهُ الزَّائِدُ جَزْمًا (وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ) الْمُسْتَعِيرُ الْقَلْعَ (لَمْ يَقْلَعُ مَجَّانًا) لِاحْتِرَامِهِ إذْ هُوَ مَوْضُوعٌ بِحَقٍّ (بَلْ لِلْمُعِيرِ الْخِيَارُ) لِأَنَّهُ الْمُحْسِنُ وَلِأَنَّهُ مَالِكُ الْأَرْضِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ (بَيْنَ أَنْ يُبْقِيَهُ بِأُجْرَةٍ) لِمِثْلِهِ. وَاسْتَشْكَلَ مَعَ جَهَالَةِ الْمُدَّةِ فَلِذَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَأَقْرَبُ مَا يُمْكِنُ سُلُوكُهُ مَا مَرَّ فِي بَيْعِ حَقِّ الْبِنَاءِ دَائِمًا عَلَى الْأَرْضِ بِعِوَضٍ حَالٍّ بِلَفْظِ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ فَيُنْظَرُ لِمَا شَغَلَ مِنْ الْأَرْضِ، ثُمَّ يُقَالُ لَوْ أَجَرَ هَذَا لِنَحْوِ بِنَاءٍ دَائِمًا بِحَالٍ كَمْ يُسَاوِي؟ فَإِذَا قِيلَ كَذَا أَوْجَبْنَاهُ، وَعَلَيْهِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ إبْدَالَ مَا قَلَعَ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ التَّقْدِيرِ مَلَكَ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ عَلَى الدَّوَامِ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمَّا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَنْ صَدَقَ فِي شَيْءٍ صَدَقَ فِي صِفَتِهِ) وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي حُصُولِ التَّلَفِ بِالِاسْتِعْمَالِ حَيْثُ صَدَقَ الْمُسْتَعِيرُ ثُمَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِأَنَّ مَا ادَّعَاهُ الْمُعِيرُ هُنَا رَاجِعٌ لِلْعَقْدِ وَهُوَ لَوْ ادَّعَى عَدَمَهُ صَدَقَ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ التَّلَفَ لَيْسَ مِنْ صِفَاتِ الْعَقْدِ فَرَجَحَ جَانِبُ الْمُسْتَعِيرِ فَإِنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ضَمَانِهِ وَيُؤْخَذُ هَذَا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ لِأَنَّ مَنْ صَدَقَ فِي شَيْءٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ إذَا قَلَعَ رَدُّهَا إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ يُعِيدَ الْأَجْزَاءَ الَّتِي انْفَصَلَتْ مِنْهَا فَقَطْ (قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ تُرَابُهَا لَا يَكْفِيهَا) أَيْ فَلَا تَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الزَّائِدُ) أَيْ طَمُّهُ وَأَرْشُ نَقْصِهِ إنْ نَقَصَ.
(قَوْلُهُ: بَيْنَ أَنْ يُبْقِيَهُ بِأُجْرَةٍ) هَلْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى عَقْدِ إيجَارٍ مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ أَمْ يَكْفِي مُجَرَّدُ اخْتِيَارِ الْمُعِيرِ فَتَلْزَمُهُ بِمُجَرَّدِ الْوَجْهِ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَقْدِ إيجَارٍ، ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ بَسَطَ الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي فَتْوَى وَاسْتَدَلَّ مِنْ كَلَامِهِمْ بِمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِيهِ. وَقَدْ يُقَالُ إنْ عَقَدَ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا وَجَبَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ اهـ سم عَلَى حَجّ. لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ التَّقْدِيرِ مِلْكُ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ قَدْ يُخَالِفُهُ، فَإِنَّ قَوْلَهُ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمَّا رَضِيَ بِالْأُجْرَةِ وَأَخَذَهَا كَانَ كَأَنَّهُ أَجَرَهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ لِاخْتِصَاصِ قَوْلِهِ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمَّا رَضِيَ إلَخْ بِمَا صَوَّرَ بِهِ مِنْ جَرَيَانِ عَقْدٍ بَيْنَهُمَا وَكَتَبَ أَيْضًا بَيْنَ أَنْ يُبْقِيَهُ بِأُجْرَةٍ لَوْ أَرَادَ الْمُعِيرُ أَنْ يَسْكُنَ فِي بِنَاءِ الْمُسْتَعِيرِ وَيَدْفَعَ لَهُ أُجْرَتَهُ لَمْ تَلْزَمْهُ مُوَافَقَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ وَأَقْرَبُ مَا يُمْكِنُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ إبْدَالَ مَا قَلَعَ) هُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى مَا صَوَّرَ بِهِ، وَتَقَدَّمَ عَنْ ع فِي بَابِ الصُّلْحِ أَنَّ مِنْ طُرُقِ التَّبَعِيَّةِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
لَمْ نَشْرِطْهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: بِلَا أَرْشٍ أَوْ مَعَهُ فَهُوَ تَعْمِيمٌ فِي الْحُكْمِ: أَيْ سَوَاءٌ ذَكَرَا مَعَ ذَلِكَ اشْتِرَاطَ الْأَرْشِ أَوْ لَا، لَكِنْ قَوْلُهُ: وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَخْ مُوهِمٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الْبَعْضَ هُوَ الْأَذْرَعِيُّ وَالتَّعْلِيلُ لَهُ، وَفِي النُّسَخِ بَدَلُ قَوْلِهِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مَا نَصُّهُ: كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي التُّحْفَةِ، لَكِنْ الْمَوْجُودُ فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ اخْتِيَارُ تَصْدِيقِ الْمُسْتَعِيرِ، وَعِبَارَتُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وُقُوعِ شَرْطِ الْقَلْعِ فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ الْمُسْتَعِيرِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ وَاحْتِرَامُ مَالِهِ وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ) لَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: الْآتِي وَإِذَا اخْتَارَ مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ مُوَافَقَتُهُ، فَإِنْ أَبَى كُلِّفَ تَفْرِيغَ الْأَرْضِ مَجَّانًا لِتَقْصِيرِهِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي امْتِنَاعِهِ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْمُعِيرِ وَهَذَا فِي امْتِنَاعِهِ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا حَصَلَ فِي زَمَنِ الْعَارِيَّةِ لِأَجْلِ الْغَرْسِ إلَخْ) أَيْ: فَاَلَّذِي حَفَرَهُ وَغَرَسَ فِيهِ أَوْ بَنَى إذَا ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ
رَضِيَ بِالْأُجْرَةِ وَأَخَذَهَا كَانَ كَأَنَّهُ آجَرَهُ الْآنَ إجَارَةً مُؤَبَّدَةً (أَوْ يَقْلَعُ) أَوْ يَهْدِمُ الْبِنَاءَ وَإِنْ وَقَفَ مَسْجِدًا خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ إبْقَاؤُهُ بِالْأُجْرَةِ (وَيَضْمَنُ أَرْشَ نَقْصِهِ) وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا وَمَقْلُوعًا كَمَا فِي الْكِفَايَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَةِ كَوْنِهِ مُسْتَحِقَّ الْأَخْذِ لِنَقْصِ قِيمَتِهِ حِينَئِذٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْعِمْرَانِيُّ،
وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ مُؤْنَةَ الْقَلْعِ عَلَى صَاحِبِ الْبِنَاءِ، وَالْغِرَاسُ كَالْإِجَارَةِ حَيْثُ يَجِبُ فِيهَا ذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، أَمَّا أُجْرَةُ نَقْلِ النِّقْضِ فَعَلَى مَالِكِهِ قَطْعًا، وَلَوْ أَرَادَ تَمَلُّكَ الْبَعْضِ وَإِبْقَاءَ الْبَعْضِ بِالْأُجْرَةِ أَوْ الْقَلْعَ بِالْأَرْشِ وَإِبْقَاءَ الْبَعْضِ فَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَدَمُ إجَابَتِهِ لِكَثْرَةِ الضَّرَرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، إذْ مَا جَازَ فِيهِ التَّخْيِيرُ لَا يَجُوزُ تَبْعِيضُهُ كَالْكَفَّارَةِ (قِيلَ أَوْ يَتَمَلَّكُهُ) بِعَقْدٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ وَلَا يَلْحَقُ بِالشَّفِيعِ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ (بِقِيمَتِهِ) حَالَ التَّمَلُّكِ مُسْتَحِقَّ الْقَلْعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَنَظَائِرِهِ مِنْ الشُّفْعَةِ وَغَيْرِهَا، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ إنَّهُمَا جَزَمَا بِهِ فِي مَوَاضِعَ، وَجَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَلَمْ يَعْتَمِدُوا مَا فِي الرَّوْضَةِ هُنَا مِنْ تَخْصِيصِ التَّخْيِيرُ بِالتَّمَلُّكِ وَالْقَلْعِ وَلَا مَا فِي الْكِتَابِ فَالْمُعْتَمَدُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، بَلْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ الِاتِّفَاقَ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْهِبَةِ فِي رُجُوعِ الْأَبِ فِي هِبَتِهِ: إنَّهُ يُتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ كَالْعَارِيَّةِ، وَأَيْضًا فَيُسْتَفَادُ اعْتِمَادُ ذَلِكَ مِنْ مَجْمُوعِ مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْكِتَابِ، وَقَدْ يَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ بِأَنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ شَرِيكٌ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ثُمَّ رَجَعَ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ، فَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهَا أَعْرَضَ عَنْهَا كَمَا يَأْتِي خِلَافًا لِابْنِ الصَّلَاحِ، وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إذَا لَمْ يُوقَفْ وَإِلَّا تُخُيِّرَ بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ وَامْتَنَعَ الثَّالِثُ.
وَإِذَا لَمْ تُوقَفْ الْأَرْضُ، فَإِنْ وُقِفَتْ لَمْ يَقْلَعْ بِالْأَرْشِ إلَّا إذَا كَانَ أَصْلَحَ لِلْوَقْفِ مِنْ التَّبْقِيَةِ بِالْأُجْرَةِ وَلَمْ يَتَمَلَّكْ بِالْقِيمَةِ إلَّا إذَا كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ جَوَازَ تَحْصِيلِ مِثْلِهَا مِنْ رِيعِهِ، وَبِذَلِكَ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ.
وَظَاهِرُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ التَّبْقِيَةَ بِالْأُجْرَةِ تَأْتِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَتَّى عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الشَّيْخَيْنِ. وَبَحَثَ فِي الْإِسْعَادِ أَنَّ الْمُعِيرَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِالْأُجْرَةِ أَنْ يَتَوَافَقَا عَلَى تَرْكِهِ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا، وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ كَالْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ عَلَى الْأَرْضِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قُلِعَ غِرَاسُهُ أَوْ سَقَطَ بِنَاؤُهُ لَيْسَ لَهُ إعَادَتُهُ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةَ وَإِنَّمَا يُجْبِرُهُ عَلَيْهِ أُجْرَةَ مَا اسْتَوْفَاهُ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ إبْدَالَ مَا قَلَعَ: أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ حَيْثُ لَمْ يَزِدْ ضَرَرُهُ عَنْ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ آجَرَهُ الْآنَ) أَيْ أَوْقَعَ فِي الزَّمَنِ الْحَاضِرِ إجَارَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَفَ مَسْجِدًا) أَيْ وَيَنْبَغِي إنْ بَنَى بِأَنْقَاضِهِ مَسْجِدًا آخَرَ إنْ أَمْكَنَ عَلَى مَا يَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الْوَقْفِ فِيمَا لَوْ انْهَدَمَ مَسْجِدٌ وَتَعَذَّرَتْ إعَادَتُهُ (قَوْلُهُ: مُسْتَحِقَّ الْأَخْذِ) أَيْ الْقَلْعِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرَادَ) أَيْ الْمُعِيرُ (قَوْلُهُ وَإِبْقَاءَ الْبَعْضِ) أَيْ بِأُجْرَةٍ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ إذْ مَا جَازَ فِيهِ التَّخْيِيرُ إلَخْ امْتِنَاعُ تَمَلُّكِ الْبَعْضِ وَقَلْعِ الْبَعْضِ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ، وَيُمْكِنُ شُمُولُ قَوْلِهِ وَإِبْقَاءُ الْبَعْضِ لِلصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْحَقُ بِالشَّفِيعِ) أَيْ فِي الْأَخْذِ قَهْرًا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ (قَوْلُهُ: فَالْمُعْتَمَدُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ) ع قَالَ الْبَغَوِيّ: إذَا اشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا وَبَنَى أَوْ غَرَسَ فَالْحُكْمُ كَمَا هُنَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْغَصْبِ فَيُقْلَعُ مَجَّانًا.
(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُوقَفْ) أَيْ الْبِنَاءُ أَوْ الْغِرَاسُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا تُخُيِّرَ بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ) وَهُمَا التَّبْقِيَةُ بِالْأُجْرَةِ وَالْقَلْعِ وَغَرَامَةُ الْأَرْشِ (قَوْلُهُ: مِنْ التَّبْقِيَةِ بِالْأُجْرَةِ) وَهِيَ مِنْ الرِّيعِ ثُمَّ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ اهـ عُبَابٌ: أَيْ فَإِنْ لِمَ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ أَوْ مَنَعَ مُتَوَلِّيهِ فَعَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ، كَذَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ بِأَنَّ مَيَاسِيرَ الْمُسْلِمِينَ إنَّمَا يُلْزَمُونَ بِالضَّرُورِيِّ دُونَ غَيْرِهِ وَهَذَا لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ شَيْءٌ عَنْهُمَا فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ وَبَحَثَ فِي الْإِسْعَادِ أَنَّ الْمُعِيرَ إلَخْ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
لَا تَلْزَمُهُ تَسْوِيَتُهُ، بِخِلَافِ مَا اتَّسَعَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الْقَلْعِ. (قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ آجَرَهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ هُنَا إلَى عَقْدٍ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ أَنَّ هُنَاكَ ابْتِدَاءَ انْتِفَاعٍ فَلَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَهُوَ دَوَامُ انْتِفَاعٍ كَانَ ابْتِدَاؤُهُ بِعَقْدِ الْعَارِيَّةِ. (قَوْلُهُ: إذْ مَا جَازَ إلَخْ) هُوَ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ لِلْحُكْمِ كَمَا لَا يَخْفَى فَكَانَ يَنْبَغِي فِيهِ الْعَطْفُ (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الْحَالَةِ)
لَوْ كَانَ نَاظِرًا لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ التَّمَلُّكُ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ بَعْدَ انْتِقَالِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي الْأَرْضِ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ لَيْسَ وَارِثًا لَهُ يَبْقَى بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ. وَيُمْكِنُ رَدُّهُ بِأَنَّ التَّمَلُّكَ بِالْقِيمَةِ إنَّمَا هُوَ تَبَعٌ لِمِلْكِ الْأَرْضِ، فَحَيْثُ انْتَفَى مِلْكُهَا لِوَقْفِيَّتِهَا امْتَنَعَ عَلَى النَّاظِرِ التَّمَلُّكُ وَإِنَّمَا جَازَ التَّمَلُّكُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِذَلِكَ وَقْفًا تَبَعًا لِلْأَرْضِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْغِرَاسِ ثَمَرٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَإِلَّا لَمْ يُتَخَيَّرْ إلَّا بَعْدَ الْجِذَاذِ كَمَا فِي الزَّرْعِ لِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْتَظَرُ، قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ التَّخْيِيرُ، فَإِنْ اخْتَارَ التَّمَلُّكَ مَلَكَ الثَّمَرَةَ أَيْضًا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ وَأَبْقَاهَا إلَى الْجِذَاذِ إنْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً، وَإِذَا اخْتَارَ مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ مُوَافَقَتُهُ، فَإِنْ أَبَى كُلِّفَ تَفْرِيغَ الْأَرْضِ مَجَّانًا لِتَقْصِيرِهِ (فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ) الْمُسْتَعِيرُ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ (لَمْ يَقْلَعْ مَجَّانًا) فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ (إنْ بَذَلَ) بِالْمُعْجَمَةِ: أَيْ أَعْطَى (الْمُسْتَعِيرَ الْأُجْرَةَ) لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ (وَكَذَا إنْ لَمْ يَبْذُلْهَا فِي الْأَصَحِّ) لِتَقْصِيرِ الْمُعِيرِ بِتَرْكِ الِاخْتِيَارِ مَعَ رِضَاهُ بِإِتْلَافِ مَنَافِعِهِ، وَالثَّانِي يَقْلَعُ لِأَنَّهُ بَعْدَ الرُّجُوعِ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِمَالِهِ مَجَّانًا (ثُمَّ) عَلَيْهِ (قِيلَ يَبِيعُ الْحَاكِمُ الْأَرْضَ وَمَا فِيهَا) مِنْ بِنَاءٍ وَغِرَاسٍ (وَيَقْسِمُ بَيْنَهُمَا) وَيَجُوزُ بَيْعُهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ لِلضَّرُورَةِ فَيُوَزِّعُ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ مَشْغُولَةً بِالْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ وَعَلَى قِيمَةِ مَا فِيهَا وَحْدَهُ، فَحِصَّةُ الْأَرْضِ لِلْمُعِيرِ وَحِصَّةُ مَا فِيهَا لِلْمُسْتَعِيرِ كَذَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالْحِجَازِيُّ وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ كَلَامَ الْمُتَوَلِّي الْقَائِلِ بِالتَّوْزِيعِ كَمَا فِي الرَّهْنِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ الْحَاكِمَ (يُعْرِضُ عَنْهُمَا حَتَّى يَخْتَارَا شَيْئًا) أَيْ يَخْتَارَ الْمُعِيرُ مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ وَيُوَافِقَهُ عَلَيْهِ الْمُسْتَعِيرُ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ بَيْنَهُمَا، وَقَوْلُهُ يَخْتَارُ؛ الْمَحْكِيُّ عَنْ خَطِّهِ هُنَا وَعَنْ أَصْلِهِ وَأَكْثَرُ نُسَخِ الشَّارِحِينَ قَدْ يُنَافِيهِ إسْقَاطُ الْأَلِفِ مِنْ خَطِّهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَصَحَّحَ عَلَيْهِ وَاسْتَحْسَنَهُ السُّبْكِيُّ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِأَنَّ اخْتِيَارَ الْمُعِيرِ كَافٍ فِي فَصْلِ الْخُصُومَةِ مَعَ أَنَّهُ مَعَ حَذْفِ الْأَلِفِ يَصِحُّ الْإِسْنَادُ لِأَحَدِهِمَا الشَّامِلِ لِلْمُسْتَعِيرِ، لِأَنَّهُ إذَا اخْتَارَ مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ كَالْقَلْعِ مَجَّانًا تَنْفَصِلُ أَيْضًا. وَأَيْضًا فَالْمُعِيرُ وَإِنْ كَانَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يَتَأَمَّلُ جَوَازَ الْإِعَارَةِ مِنْ النَّاظِرِ إذْ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّبَرُّعُ بِالْمَنْفَعَةِ فَلَا تَجُوزُ إعَارَتُهُ. وَقَدْ يُقَالُ: يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا لَوْ كَانَ مَالِكًا لِلْأَرْضِ فَأَعَارَهَا ثُمَّ وَقَفَهَا وَشَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ رَجَعَ، أَوْ أَنَّ الْوَقْفَ انْحَصَرَ فِي النَّاظِرِ فَكَانَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ اسْتِحْقَاقًا وَنَظَرًا (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ رَدُّهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا جَازَ) مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ: وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْغِرَاسِ ثَمَرٌ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إذَا لَمْ يُوقَفْ وَإِلَّا تُخُيِّرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الزَّرْعِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَعَارَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَوَانِ الْحَصَادِ يُتَخَيَّرُ بَعْدَ إدْرَاكِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَإِذَا أَعَارَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ فَرَجَعَ إلَخْ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ التَّأْخِيرِ وَأَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ التَّبْقِيَةُ بِالْأُجْرَةِ، وَقِيلَ لَهُ الْقَلْعُ: أَيْ حَالًا، وَقِيلَ يَتَمَلَّكُ بِالْقِيمَةِ كَذَلِكَ اهـ. فَفِي التَّشْبِيهِ مُسَامَحَةٌ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: أَيْ كَمَا يَمْتَنِعُ الْقَلْعُ حَالًا فِي الزَّرْعِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ التَّخْيِيرُ) أَيْ فِي الْحَالِ، وَنَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ اعْتِمَادَهُ اهـ (قَوْلُهُ: وَأَبْقَاهَا إلَى الْجِذَاذِ) وَيَنْبَغِي وُجُوبُ الْأُجْرَةِ كَمَا فِي الزَّرْعِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَعْطَى) أَيْ الْتَزَمَ ذَلِكَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ دَفْعَهَا بِالْفِعْلِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ بَيْعُهُمَا إلَخْ) مُسْتَأْنَفٌ وَلَيْسَ مُفَرَّعًا عَلَى قَوْلِهِ قِيلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: تَنْفَصِلُ أَيْضًا)
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ فِيمَا إذَا وُقِفَتْ الْأَرْضُ، وَقَوْلُهُ: مَا مَرَّ عَنْ الشَّيْخَيْنِ: أَيْ مِنْ تَخْصِيصِ التَّخْيِيرِ بِالْقَلْعِ، وَالتَّمَلُّكِ وَإِنْ عَزَاهُ هُوَ فِيمَا مَرَّ إلَى الرَّوْضَةِ فَقَطْ: أَيْ فَمَحَلُّ مَنْعِ الْإِبْقَاءِ بِالْأُجْرَةِ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ إذَا لَمْ تُوقَفْ الْأَرْضُ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا جَازَ التَّمَلُّكُ) جَوَابٌ عَمَّا يَرِدُ عَلَى الرَّدِّ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَلَيْهِ) يَعْنِي عَلَى الْأَصَحِّ وَكَانَ الْأَوْلَى الْإِظْهَارَ (قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ كَلَامَ الْمُتَوَلِّي) أَيْ قَدَّمَ حِكَايَتَهُ عَلَى حِكَايَةِ مُقَابِلِهِ الَّذِي هُوَ قَوْلُ الْبَغَوِيّ الْمُتَقَدِّمُ هُنَا. (قَوْلُهُ: مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ) يَعْنِي مِنْ غَيْرِ الثَّلَاثِ الْمَارَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي عَنْ التُّحْفَةِ مِنْ قَوْلِهَا وَأَمَّا الثَّانِي إلَخْ، وَيُعِينُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي كَمَا قَرَّرْنَاهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِيهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ اخْتِيَارَ الْمُعِيرِ كَافٍ فِي فَصْلِ الْخُصُومَةِ) الظَّاهِرُ أَنَّ هُنَا سَقْطًا فِي نُسَخِ
هُوَ الْأَصْلَ لَكِنْ لَا يَتِمُّ الْأَمْرُ عِنْدَ اخْتِيَارِ غَيْرِ الثَّلَاثِ إلَّا بِمُوَافَقَةِ الْمُسْتَعِيرِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ فَصَحَّ الْإِسْنَادُ إلَيْهِمَا، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى الْإِعْرَاضِ عَنْهُمَا حَتَّى يَخْتَارَا فَقَالَ:
(وَلِلْمُعِيرِ دُخُولُهَا وَالِانْتِفَاعُ بِهَا) فِي مُدَّةِ الْمُنَازَعَةِ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ كَمَا فِي الْخَادِمِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْبِنَاءُ مَسْطَبَةً امْتَنَعَ الْجُلُوسُ عَلَيْهَا وَهُوَ وَاضِحٌ، وَلَهُ الِاسْتِنَادُ إلَى بِنَاءِ الْمُسْتَعِيرِ وَغِرَاسِهِ وَالِاسْتِظْلَالُ بِهِمَا وَإِنْ مَنَعَهُ كَمَا مَرَّ فِي الصُّلْحِ، وَتَمَحُّلُ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا غَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِطْلَاقُ جَمْعٍ امْتِنَاعَ الْإِسْنَادِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَضُرُّ حَالًا أَوْ مَآلًا وَإِنْ قَلَّ. وَالْأَوْجَهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَدَمُ لُزُومِ الْأُجْرَةِ مُدَّةَ التَّوَقُّفِ لِأَنَّ الْخِيَرَةَ فِي ذَلِكَ إلَيْهِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ (وَلَا يَدْخُلُهَا الْمُسْتَعِيرُ بِغَيْرِ إذْنٍ) مِنْ الْمُعِيرِ (لِتَفَرُّجٍ) وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَغْرَاضِ التَّافِهَةِ كَالْأَجْنَبِيِّ وَهِيَ مُوَلَّدَةٌ قِيلَ لَعَلَّهَا مِنْ انْفِرَاجِ الْهَمِّ: أَيْ انْكِشَافِهِ (وَيَجُوزُ) دُخُولُهُ (لِلسَّقْيِ وَالْإِصْلَاحِ) لِلْبِنَاءِ بِغَيْرِ آلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَنَحْوِهَا كَاجْتِنَاءِ الثَّمَرِ (فِي الْأَصَحِّ) صِيَانَةً لِمِلْكِهِ عَنْ الضَّيَاعِ، فَإِنْ عَطَّلَ مَنْفَعَتَهَا بِدُخُولِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْ دُخُولِهَا إلَّا بِأُجْرَةٍ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ التَّتِمَّةِ وَأَقَرَّهُ. أَمَّا إصْلَاحُ الْبِنَاءِ بِآلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فَلَا يُمْكِنُ مِنْهُ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا بِالْمُعِيرِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَيَّنُ لَهُ التَّمَلُّكُ أَوْ النَّقْضُ مَعَ الْغُرْمِ فَيَزِيدُ الْغُرْمُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ بِخِلَافِ إصْلَاحِهِ بِآلَتِهِ، كَمَا أَنَّ سَقْيَ الشَّجَرِ يُحْدِثُ فِيهَا زِيَادَةَ عَيْنٍ وَقِيمَةٍ. وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ يَشْغَلُ مِلْكَ الْغَيْرِ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى مِلْكِهِ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ جَوَازِ الدُّخُولِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ جَوَازُهُ لِأَخْذِ الثِّمَارِ بِالْأَوْلَى
(وَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (بَيْعُ مِلْكِهِ) مِنْ صَاحِبِهِ وَغَيْرِهِ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ كُلِّ مَا كَانَ لِبَائِعِهِ أَوْ عَلَيْهِ، نَعَمْ إنْ كَانَ جَاهِلًا بِالْحَالِ فَلَهُ الْفَسْخُ (وَقِيلَ لَيْسَ لِمُسْتَعِيرٍ بَيْعُهُ لِثَالِثٍ) إذْ بَيْعُهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ لِأَنَّ لِلْمُعِيرِ تَمَلُّكَهُ. وَرُدَّ بِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَشِقْصٍ مَشْفُوعٍ، وَقِيلَ لَيْسَ لِلْمُعِيرِ ذَلِكَ أَيْضًا لِلْجَهْلِ بِأَمْرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ الْخُصُومَةُ.
(قَوْلُهُ: عَدَمُ لُزُومِ الْأُجْرَةِ) أَيْ لِلْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَقَوْلُهُ إلَيْهِ: أَيْ الْمُعِيرِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُوَلَّدَةٌ) أَيْ لَيْسَتْ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَإِنَّمَا الَّذِي فِي كَلَامِهِمْ عَلَى مَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمُخْتَارِ الْفَرْجَةُ بِفَتْحِ الْفَاءِ التَّفَصِّي مِنْ الْهَمِّ (قَوْلُهُ: وَالْإِصْلَاحِ لِلْبِنَاءِ بِغَيْرِ آلَةٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْقَيْدِ الِاحْتِرَازُ عَمَّا يُمْكِنُ إعَادَتُهَا بِدُونِهِ كَالْجَدِيدِ مِنْ الْخَشَبِ وَالْآجُرِّ، أَمَّا نَحْوُ الطِّينِ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ لِإِصْلَاحِ الْمُنْهَدِمِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ أَجْنَبِيًّا (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الْمُعِيرَ (قَوْلُهُ: إلَّا بِأُجْرَةٍ) أَيْ لِدُخُولِهِ وَإِلَّا فَتَقَدَّمَ أَنَّ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ أُجْرَةَ الْأَرْضِ مُدَّةَ التَّوَقُّفِ فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. لَكِنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ قَرِيبًا أَنَّ الْأَوْجَهَ عَدَمُ لُزُومِ الْأُجْرَةِ مُدَّةَ التَّوَقُّفِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ سَقْيَ الشَّجَرِ يُحْدِثُ فِيهَا زِيَادَةَ عَيْنٍ) هَذَا التَّوْجِيهُ يَقْتَضِي امْتِنَاعَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُرُّ إلَى ضَرَرٍ بِالْمُعِيرِ كَمَا فِي الْإِصْلَاحِ بِالْآلَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ، فَكَانَ الْأَوْلَى تَوْجِيهَ جَوَازِ السَّقْيِ بِنَحْوِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ جَوَازِ الدُّخُولِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ حَجّ قَوْلَهُ وَقَدْ عُلِمَ إلَخْ، وَلَعَلَّهُ تَرَكَهُ لِأَنَّهُ عَيْنُ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَنَحْوُهُمَا كَاجْتِنَاءِ الثَّمَرَةِ، وَقَدْ يُقَالُ: أَرَادَ الشَّارِحُ بِالثِّمَارِ هُنَا الثِّمَارَ السَّاقِطَةَ قَبْلَ أَوَانِ الْجِذَاذِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الشَّارِحِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ نَصَّهَا: وَرَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ إثْبَاتَهَا؛ لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِتَعْبِيرِ جَمْعٍ بِأَنَّهُ يُقَالُ لَهُمَا انْصَرِفَا حَتَّى تَصْطَلِحَا عَلَى شَيْءٍ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَارُ الْمُعِيرُ مَا لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ الْمُسْتَعِيرُ وَلَا يُوَافِقُهُ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ اهـ.
وَالْوَجْهُ صِحَّةُ كُلٍّ مِنْ التَّعْبِيرَيْنِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْمُعِيرَ هُوَ الْمُخَيَّرُ أَوَّلًا فَصَحَّ إسْنَادُ الِاخْتِيَارِ إلَيْهِ وَحْدَهُ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ إذَا عَادَ وَطَلَبَ شَيْئًا مِنْ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ أُجِيبَ كَالِابْتِدَاءِ، وَإِنْ اخْتَارَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ الثَّلَاثِ وَوَافَقَهُ الْمُسْتَعِيرُ انْفَصَلَ الْأَمْرُ وَإِلَّا اسْتَمَرَّ الْإِعْرَاضُ عَنْهُمَا مَعَ أَنَّهُ مَعَ حَذْفِ الْأَلْفِ يَصِحُّ الْإِسْنَادُ لِأَحَدِهِمَا الشَّامِلُ لِلْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَارَ مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ كَالْقَلْعِ مَجَّانًا انْفَصَلَتْ الْخُصُومَةُ أَيْضًا. وَأَمَّا الثَّانِي؛ فَلِأَنَّ الْمُعِيرَ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَصْلُ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ إلَّا قَوْلَهُ كَمَا قَرَّرْنَاهُ فَتَأَمَّلْهُ لِتَعْلَمَ مَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ مِنْ السَّقْطِ.
(قَوْلُهُ: لِأَخْذِ الثِّمَارِ بِالْأَوْلَى) وَقَدْ مَرَّ أَيْضًا
الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى بَيْعِ الْجَمِيعِ مِنْ ثَالِثٍ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ جَازَ لِلضَّرُورَةِ وَوُزِّعَ كَمَا مَرَّ
(وَالْعَارِيَّةُ الْمُؤَقَّتَةُ) لِبِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (كَالْمُطْلَقَةِ) فِيمَا مَرَّ مِنْ الْأَحْكَامِ إذَا انْتَهَتْ الْمُدَّةُ أَوْ رَجَعَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا إذْ التَّأْقِيتُ وَعْدٌ لَا يُلْزِمُ، وَبَيَانُ الْمُدَّةِ كَمَا يَحْتَمِلُ كَوْنُهُ لِلْقَلْعِ يَحْتَمِلُ كَوْنُهُ لِمَنْعِ الْإِحْدَاثِ أَوْ لِطَلَبِ الْأُجْرَةِ (وَفِي قَوْلٍ لَهُ الْقَلْعُ فِيهَا) أَيْ الْمُؤَقَّتَةِ بَعْدَ الْمُدَّةِ (مَجَّانًا إذَا رَجَعَ) أَيْ انْتَهَتْ بِانْتِهَاءِ الْمُدَّةِ لِأَنَّ فَائِدَةَ التَّأْقِيتِ الْقَلْعُ بَعْدَ الْمُدَّةِ، وَجَوَابُهُ مَا مَرَّ قُبَيْلَهُ
(وَإِذَا)(أَعَارَ) أَرْضًا (لِزِرَاعَةٍ) مُطْلَقًا (وَرَجَعَ قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ)(فَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَيْهِ الْإِبْقَاءَ إلَى الْحَصَادِ) إنْ نَقَصَ بِالْقَلْعِ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ وَلَهُ أَمَدٌ يُنْتَظَرُ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَهُ الْقَلْعُ وَيَغْرَمُ أَرْشَ نَقْصِهِ، وَثَانِيهِمَا لَهُ التَّمَلُّكُ بِالْقِيمَةِ فِي الْحَالِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَنْقُصْ بِالْقَلْعِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَدْ قَطْعُهُ أَوْ اُعْتِيدَ قَلْعُهُ لِكَوْنِهِ قَصِيلًا فَإِنَّهُ يُكَلَّفُ ذَلِكَ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ) أَيْ أُجْرَةَ مُدَّةِ الْإِبْقَاءِ مِنْ وَقْتِ رُجُوعِهِ إلَى حَصَادِهِ لِانْقِطَاعِ الْإِبَاحَةِ بِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَعَارَهُ دَابَّةً ثُمَّ رَجَعَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَإِنَّ عَلَيْهِ نَقْلَ مَتَاعِهِ إلَى مَأْمَنٍ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ. وَالثَّانِي لَا أُجْرَةَ لَهُ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ إلَى الْحَصَادِ كَالْمُسْتَوْفَاةِ بِالزَّرْعِ
(فَلَوْ)(عَيَّنَ) الْمُعِيرُ (مُدَّةً) لِلزِّرَاعَةِ (وَلَمْ يُدْرِكْ) أَيْ الزَّرْعُ (فِيهَا لِتَقْصِيرِهِ) أَيْ الْمُسْتَعِيرِ (بِتَأْخِيرِ الزِّرَاعَةِ) أَوْ بِنَفْسِهَا كَأَنْ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ نَحْوُ ثَلْجٍ أَوْ سَيْلٍ ثُمَّ زَرَعَ بَعْدَ زَوَالِهِ مَا لَا يُدْرِكُ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ أَوْ زَرَعَ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ مِمَّا يُبْطِئُ أَكْثَرَ مِنْهُ كَمَا فِي نَظِيرِهِ الْآتِي فِي الْإِجَارَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ (قَلَعَ مَجَّانًا) لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ تَقْصِيرِهِ، وَعَلَيْهِ أَيْضًا تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ، فَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ لَمْ يَقْلَعْ مَجَّانًا كَمَا لَوْ أَطْلَقَ سَوَاءٌ كَانَ عَدَمُ الْإِدْرَاكِ لِنَحْوِ بَرْدٍ أَمْ لِقِصَرِ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ
(وَلَوْ)(حَمَلَ السَّيْلُ) أَوْ نَحْوُ الْهَوَاءِ (بَذْرًا) بِمُعْجَمَةٍ: أَيْ مَا سَيَصِيرُ مَبْذُورًا وَلَوْ نَوَاةً أَوْ حَبَّةً لَمْ يُعْرِضْ عَنْهَا مَالِكُهَا (إلَى أَرْضٍ) لِغَيْرِ مَالِكِهِ (فَنَبَتَ فَهُوَ) أَيْ النَّبَاتُ (لِصَاحِبِ الْبَذْرِ) لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ تَحَوَّلَ إلَى صِفَةٍ أُخْرَى فَلَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ، وَيَجِبُ رَدُّهُ إلَيْهِ إنْ حَضَرَ وَعَلِمَهُ، وَإِلَّا فَلِلْحَاكِمِ لِأَنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ. أَمَّا مَا أَعْرَضَ عَنْهُ مَالِكُهُ وَهُوَ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِإِعْرَاضِهِ لَا كَمَحْجُورِ سَفَهٍ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ إنْ قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِ مَالِكِهِ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ الْإِعْرَاضِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ سَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي قُبَيْلَ الْأُضْحِيَّةِ جَوَازُ أَخْذِ مَا يَلْقَى مِمَّا يُعْرِضُ عَنْهُ غَالِبًا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا هُنَا كَذَلِكَ يَمْلِكُهُ مَالِكُ الْأَرْضِ هُنَا وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ إعْرَاضُ الْمَالِكِ، وَحِينَئِذٍ فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَعْلَمَ عَدَمَ إعْرَاضِهِ لَا أَنْ يَعْلَمَ إعْرَاضَهُ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُمْ هُنَا خِلَافَ ذَلِكَ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِهِ) لِانْتِفَاءِ إذْنِ الْمَالِكِ فِيهِ فَصَارَ شَبِيهًا بِمَا لَوْ انْتَشَرَتْ أَغْصَانُ شَجَرَةِ غَيْرِهِ إلَى هَوَاءِ دَارِهِ فَإِنَّ لَهُ قَطْعَهَا، وَلَا أُجْرَةَ لِمَالِكِ الْأَرْضِ عَلَى مَالِكِ الْبَذْرِ لِمُدَّتِهِ قَبْلَ الْقَلْعِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا كَمَا فِي الْمَطْلَبِ لِعَدَمِ الْفِعْلِ مِنْهُ وَمِنْ ثَمَّ أُجْبِرَ عَلَى تَسْوِيَةِ الْحُفَرِ الْحَاصِلَةِ بِالْقَلْعِ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِهِ. وَالثَّانِي لَا يُجْبَرُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِهِ فَهُوَ كَالْمُسْتَعِيرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَبِالثَّمَرِ فِي قَوْلِهِ أَوَّلًا كَاجْتِنَاءِ الثَّمَرِ مَا يُقْطَعُ وَقْتَ الْجِذَاذِ.
(قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ قَصِيلًا) أَيْ شَتْلًا (قَوْلُهُ: لِانْقِطَاعِ الْإِبَاحَةِ بِهِ) أَيْ الرُّجُوعِ
(قَوْلُهُ قُلِعَ مَجَّانًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْلُوعُ قَدْرًا يُنْتَفَعُ بِهِ (قَوْلُهُ لِنَحْوِ بَرْدٍ) كَحَرٍّ أَوْ مَطَرٍ أَوْ جَرَادٍ أَكَلَ أَعْلَى الزَّرْعِ ثُمَّ نَبَتَ مِنْ أَصْلِهِ
(قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ الْإِعْرَاضِ) وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَعْلَمَ عَدَمَ إعْرَاضِهِ) قَدْ يُقَالُ هَذَا يَشْمَلُ مَا يُشَكُّ فِيهِ هَلْ هُوَ مِمَّا يُعْرَضُ عَنْهُ غَالِبًا أَوْ لَا وَفِي مِلْكِهِ نَظَرٌ، فَالْوَجْهُ أَنَّ الشَّرْطَ عِلْمُ الْإِعْرَاضِ أَوْ عِلْمُ كَوْنِ الْمَوْجُودِ مِمَّا يُعْرَضُ عَنْهُ غَالِبًا مَعَ الشَّكِّ فِي الْإِعْرَاضِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِمُدَّتِهِ) أَيْ بَقَاءِ الْبَذْرِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقَلْعِ) مَفْهُومُهُ الْوُجُوبُ لِمُدَّةِ الْقَلْعِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِمُدَّةِ الْقَلْعِ مَا لَوْ تَمَكَّنَ مِنْ الْقَلْعِ وَأَخَّرَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي وَارِثِ الْمُسْتَعِيرِ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَخَّرَ مَعَ التَّمَكُّنِ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَجْبَرَهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَمْ لِقِصَرِ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُعِيرُ جَاهِلًا بِالْحَالِ، وَالْمُسْتَعِيرُ عَالِمًا بِهِ وَدَلَّسَ وَفِيهِ بُعْدٌ
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلِلْحَاكِمِ) يَعْنِي إنْ لَمْ يَعْلَمْهُ فَهُوَ الدَّاخِلُ تَحْتَ وَإِلَّا فَقَطْ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ السِّيَاقِ
(وَلَوْ)(رَكِبَ دَابَّةً) لِغَيْرِهِ (وَقَالَ لِمَالِكِهَا أَعَرْتنِيهَا، فَقَالَ) لَهُ (بَلْ أَجَرْتُكَهَا) مُدَّةً كَذَا بِكَذَا، وَيَجُوزُ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ إطْلَاقُ الْأُجْرَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ الْآتِي أَنَّ الْوَاجِبَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (أَوْ اخْتَلَفَ مَالِكُ الْأَرْضِ وَزَارِعُهَا كَذَلِكَ فَالْمُصَدَّقُ الْمَالِكُ عَلَى الْمَذْهَبِ) فِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ أَوْ الْقِيمَةِ بِتَفْصِيلِهِمَا الْآتِي لَا فِي بَقَاءِ الْعَقْدِ لَوْ بَقِيَ، إذْ الْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يَأْذَنُ فِي الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ إلَّا بِمُقَابِلٍ، فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ يَمِينًا تَجَمَّعَ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا أَنَّهُ مَا أَعَارَهُ بَلْ أَجَرَهُ وَاسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ إنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ مَعَ بَقَائِهَا وَبَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ، فَإِنْ وَقَعَ قَبْلَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ صُدِّقَ مُدَّعِي الْعَارِيَّةِ بِيَمِينِهِ جَزْمًا لِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْ شَيْئًا حَتَّى يُجْعَلَ مُدَّعِيًا لِسُقُوطِ بَدَلِهِ أَوْ بَعْدَ تَلَفِهَا، فَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ فَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ بِالْقِيمَةِ لِمُنْكِرِهَا، وَإِلَّا فَهُوَ مُدَّعٍ لِلْمُسَمَّى وَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ لَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالْقِيمَةِ، فَإِنْ لَمْ يَزِدْ الْمُسَمَّى عَلَيْهِمَا أَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ وَإِلَّا حَلَفَ لِلزَّائِدِ. وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الرَّاكِبُ وَالزَّارِعُ لِأَنَّ الْمَالِكَ وَافَقَهُمَا عَلَى إبَاحَةِ الْمَنْفَعَةِ لَهُمَا، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِمَا مِنْ الْأُجْرَةِ الَّتِي يَدَّعِيهَا. وَالثَّالِثُ يُصَدَّقُ الْمَالِكُ فِي الْأَرْضِ دُونَ الدَّابَّةِ لِأَنَّ الدَّابَّةَ تَكْثُرُ فِيهَا الْإِعَارَةُ بِخِلَافِ الْأَرْضِ (وَكَذَا) يُصَدَّقُ الْمَالِكُ فِيمَا (لَوْ)(قَالَ) الرَّاكِبُ أَوْ الزَّارِعُ (أَعَرْتنِي وَقَالَ الْمَالِكُ لَقَدْ غَصَبْته مِنِّي) وَقَدْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فَيَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ. وَالثَّانِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ تَصَرُّفَهُ بِحَقٍّ
(فَإِنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ) قَبْلَ رَدِّهَا تَلَفًا تُضْمَنُ بِهِ الْعَارِيَّةُ (فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى الضَّمَانِ) لَهَا لِضَمَانِ كُلٍّ مِنْ الْمُعَارِ وَالْمَغْصُوبِ (لَكِنْ) هِيَ لِلِاسْتِدْرَاكِ وَوَجْهُهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ أَنَّ قَوْلَهُ اتَّفَقَا عَلَى الضَّمَانِ يَقْتَضِي مُسَاوَاةَ ضَمَانِ الْعَارِيَّةِ لِضَمَانِ الْغَصْبِ الَّذِي سَيَذْكُرُهُ، وَمَا قَبْلَهُ مِنْ ذِكْرِ الِاخْتِلَافِ يَقْتَضِي تَخَالُفَهُمَا وَأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَبَيَّنَ تَحَالَفَهُمَا بِذِكْرِ مَا تُضْمَنُ بِهِ الْعَارِيَّةُ هُنَا الْمُخَالِفِ لِمَا سَيَذْكُرُهُ فِي الْغَصْبِ وَمَا فِيهَا مِنْ الْخِلَافِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى بَيَانِ اتِّحَادِهِمَا عَلَى وَجْهٍ (الْأَصَحُّ أَنَّ الْعَارِيَّةَ تُضْمَنُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ) مُتَقَوِّمَةً كَانَتْ أَوْ مِثْلِيَّةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ فَقَدْ قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ: لَا يَضْمَنُهُ بِالْمِثْلِ بِلَا خِلَافٍ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا. قُلْت: وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ رَدَّ عَيْنِ مِثْلِهَا مَعَ اسْتِعْمَالِ جُزْءٍ مِنْهَا مُتَعَذِّرٌ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ نَقْدِ الْمِثْلِ فَيَرْجِعُ لِلْقِيمَةِ و (لَا) تُضْمَنُ الْعَارِيَّةُ (بِأَقْصَى الْقِيَمِ وَلَا بِيَوْمِ الْقَبْضِ) خِلَافًا لِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ، وَلَوْ أَعَارَهُ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ إذَا تَلِفَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ، وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ الْأَقْيَسَ أَنَّهَا إعَارَةٌ فَاسِدَةٌ أَوْ بِشَرْطِ أَنَّهَا أَمَانَةٌ أَوْ ضَمَانُهَا بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ فَسَدَ الشَّرْطُ وَالْعَارِيَّةُ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى فَسَادِهِ فَقَطْ
(فَإِنْ كَانَ)(مَا يَدَّعِيهِ الْمَالِكُ) بِالْغَصْبِ (أَكْثَرَ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْمَالِكُ أَوْ الْحَاكِمُ لَا يَلْزَمُهُ مَا ذَكَرَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَيُوَجَّهُ مَا ذَكَرَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ فِي الْأَصْلِ تَعَدٍّ، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ فِي قَوْلِهِ صَرَّحَ بِالْمَفْهُومِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ لَا فِي بَقَاءِ الْعَقْدِ) لَوْ بَقِيَ بَعْضُ الْمُدَّةُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: إنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ مَعَ بَقَائِهَا) أَيْ الْعَيْنِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ قَبْلَ رَدِّهَا تَلَفًا) أَيْ بِأَنْ كَانَ التَّلَفُ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَسَدَ الشَّرْطُ وَالْعَارِيَّةُ) أَيْ فَتَكُونُ مَضْمُونَةً بِقِيمَتِهَا إنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ تُضْمَنَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا عَلَى مَا مَرَّ لَهُ أَنَّهُ كَأَنَّهُ جَعَلَ الزَّائِدَ عَلَى قِيمَتِهَا فِي مُقَابَلَةِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ فِي مَسْأَلَتَيْ الدَّابَّةِ وَالْأَرْضِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ تَلَفِهَا فَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ إلَخْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ هُنَا تَغْيِيرٌ وَمُوَافَقَةٌ لِمَا فِي التُّحْفَةِ وَفِيهِ بَعْضُ خَلَلٍ (قَوْلُهُ: وَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ لَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالْقِيمَةِ) لَعَلَّ الصَّوَابَ إسْقَاطُ لَفْظِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: مَعَ اسْتِعْمَالِ جُزْءٍ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ الْعَيْنِ الْمَغْرُومَةِ (قَوْلُهُ: فَسَدَ الشَّرْطُ وَالْعَارِيَّةُ فِيمَا يَظْهَرُ) تَقَدَّمَ لَهُ اسْتِيجَاهُهُ أَيْضًا فِي صُورَةِ الْأَمَانَةِ مُخَالِفًا فِيهَا لِلْإِسْنَوِيِّ.
مِنْ قِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ
(حَلَفَ لِلزِّيَادَةِ) أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا. وَأَمَّا مُسَاوِيهَا وَمَا دُونَهُ فَيَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ. وَذُكِرَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمَالِكُ غَصَبْتنِي وَذُو الْيَدِ أَوْدَعْتنِي حَلَفَ الْمَالِكُ عَلَى نَفْيِ الْإِيدَاعِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْإِذْنَ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَأَخْذُ الْقِيمَةِ إنْ تَلِفَ وَالْأُجْرَةِ إنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَا اسْتِعْمَالَ مِنْ ذِي الْيَدِ وَإِلَّا فَالْمُصَدَّقُ الْمَالِكُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ. وَلَا يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ مَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ فَسَّرَهَا الْوَدِيعَةِ قُبِلَ: أَيْ سَوَاءٌ أَقَالَ أَخَذْتهَا مِنْهُ أَمْ دَفَعَهَا إلَيَّ وَلَمْ يَنْظُرْ لِدَعْوَى الْمُقِرِّ لَهُ الْغَصْبَ لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا كَوْنُ الْأَلْفِ لَمْ تَثْبُتْ ثُمَّ إلَّا بِإِقْرَارِهِ فَيُصَدَّقُ فِي صِفَةِ ثُبُوتِهَا. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ مَنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي أَصْلِ الْإِذْنِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي صِفَتِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا أَصْلَ هُنَا يُخَالِفُ دَعْوَاهُ الْوَدِيعَةَ، بِخِلَافِهِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ يَدَهُ عَلَى الْعَيْنِ اقْتَضَى ذَلِكَ ضَمَانَهُ إذْ هُوَ الْأَصْلُ فِي الِاسْتِيلَاءِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ فَدَعْوَاهُ الْإِذْنَ يُخَالِفُ أَصْلَ الضَّمَانِ النَّاشِئِ عَنْ الِاسْتِيلَاءِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْإِذْنِ فَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ. وَبِمَا تَقَرَّرَ ظَهَرَ ضَعْفُ قَوْلِ الْبَغَوِيّ لَوْ دَفَعَ لِغَيْرِهِ أَلْفًا فَهَلَكَ فَادَّعَى الدَّافِعُ الْقَرْضَ وَالْمَدْفُوعُ لَهُ الْوَدِيعَةَ صُدِّقَ الْمَدْفُوعُ لَهُ، وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِتَصْدِيقِ الْمَالِكِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْأَنْوَارِ عَنْ مِنْهَاجِ الْقُضَاةِ: لَوْ قَالَ بَعْدَ تَلَفِهِ دَفَعْته قَرْضًا وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ وَكَالَةً صُدِّقَ الدَّافِعُ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْمَنَافِعِ فَكَانَتْ إجَارَةً فَاسِدَةً، وَمَا هُنَا لَمْ يَجْعَلْ فِي مُقَابَلَةِ الْمَنَافِعِ شَيْئًا لَكِنْ شَرَطَ شَرْطًا فَاسِدًا فَأَفْسَدَهَا. وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَوْ شَرَطَ ضَمَانَهَا بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ دُونَ قِيمَتِهَا، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ كَانَ كَمَا لَوْ شَرَطَ ضَمَانَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا فَتَكُونُ أَمَانَةً
(قَوْلُهُ: حَلَفَ لِلزِّيَادَةِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ لِلْأُجْرَةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا فِي مُدَّةِ وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْمُصَدَّقُ الْمَالِكُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ) أَيْ لِأَنَّهَا بِتَقْدِيرِ كَوْنِهَا وَدِيعَةً صَارَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ كَالْمَغْصُوبَةِ (قَوْلُهُ: فَادَّعَى الدَّافِعُ الْقَرْضَ إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ ادَّعَى الْآخِذُ الْهِبَةَ وَالدَّافِعُ الْقَرْضَ فَيُصَدَّقُ الدَّافِعُ فِي ذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِلدَّافِعِ بِهِ إلْمَامٌ لِكَوْنِهِ خَادِمَهُ مَثَلًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: بِتَصْدِيقِ الْمَالِكِ) وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ وَكَالَةً صُدِّقَ الدَّافِعُ) وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ ادَّعَى الدَّافِعُ أَوْ وَارِثُهُ الْبَيْعَ وَالْآخِذُ الْوَكَالَةَ أَوْ الْقِرَاضَ أَوْ الشَّرِكَةَ أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا لَا يَقْتَضِي الضَّمَانَ صُدِّقَ الدَّافِعُ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلُزُومِ الْبَدَلِ الشَّرْعِيِّ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْبَدَلِ صُدِّقَ الْغَارِمُ لِإِبْقَاءِ الْعَقْدِ. .
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .