المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في صيغة الإقرار] - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٥

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الشِّرْكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ جَوَازِ الْوَكَالَةِ وَمَا تَنْفَسِخُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌[فَصْلٌ فِي صِيغَةِ الْإِقْرَارُ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوط الْمُقَرِّ بِهِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةُ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ جَوَازِ الْعَارِيَّةِ وَمَا لِلْمُعِيرِ

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْغَصْبِ وَانْقِسَامِ الْمَغْصُوبِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَضَمَانِ الْمَغْصُوبِ]

- ‌فَصْلٌ) فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَةٍ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَدَلِ الشِّقْصِ الَّذِي يُؤْخَذُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الْقِرَاضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْعَاقِدَيْنِ وَأَحْكَامِ الْقِرَاضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ وَلُزُومِ الْمُسَاقَاةِ وَهَرَبِ الْعَامِلِ

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَنَافِعَ يَمْتَنِعُ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ لِعَقَارٍ أَوْ دَابَّةٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ غَايَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي تُقَدَّرُ بِهَا الْمَنْفَعَةُ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَرْضِ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِهِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لقط الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَمَلُّكِ وَغُرْم اللُّقَطَةَ]

- ‌ كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَرِقِّهِ وَاسْتِلْحَاقِهِ

- ‌كِتَابُ الْجَعَالَةِ

الفصل: ‌[فصل في صيغة الإقرار]

فِي يَدِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِعَبْدٍ فَأَنْكَرَهُ لَمْ يُحْكَمْ بِعِتْقِهِ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِرِقِّهِ فَلَا يُرْفَعُ إلَّا بِيَقِينٍ، بِخِلَافِ اللَّقِيطِ فَإِنَّهُ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ بِالدَّارِ، فَإِذَا أَقَرَّ وَنَفَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ بَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ، وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَحَدِ عَبْدَيْنِ وَعَيَّنَهُ فَرَدَّهُ وَعَيَّنَ الْآخَرَ لَمْ يُقْبَلْ فِيمَا عَيَّنَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَصَارَ مُكَذِّبًا لِلْمُقِرِّ فِيمَا عَيَّنَهُ لَهُ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ مُتَرْجِمًا لَهُ بِفَصْلٍ فَقَالَ: فَصْلٌ فِي الصِّيغَةِ وَشَرْطُهَا لَفْظٌ أَوْ كِتَابَةٌ وَلَوْ مِنْ نَاطِقٍ أَوْ إشَارَةُ أَخْرَسَ تُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ بِحَقٍّ فَحِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: لِزَيْدٍ) عَلَيَّ أَلْفٌ فِيمَا أَحْسِبُ أَوْ أَظُنُّ لَغْوٌ، أَوْ فِيمَا أَعْلَمُ أَوْ أَشْهَدُ صَحِيحٌ، وَقَوْلُهُ لَيْسَ لَك عَلَيَّ أَلْفَانِ وَلَكِنْ لَك أَلْفُ دِرْهَمٍ لَمْ يَجِبْ مَا بَعْدُ لَكِنْ لِمُنَاقَضَةِ مَا قَبْلَهَا لَهَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ نَفْيِ خَاصٍّ وَقَوْلُهُ لِزَيْدٍ (كَذَا صِيغَةُ إقْرَارٍ) إذْ اللَّامُ لِلْمِلْكِ، ثُمَّ إنْ كَانَ ذَلِكَ مُعَيَّنًا كَلِزَيْدٍ هَذَا الثَّوْبُ فَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ حَالَ الْإِقْرَارِ أَوْ انْتَقَلَ إلَيْهِ لَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ لِزَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ كَلَهُ ثَوْبٌ أَوْ أَلْفٌ اشْتَرَطَ أَنْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا يَأْتِي كَعِنْدِي أَوْ عَلَيَّ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ خَبَرٍ لَا يَقْتَضِي لُزُومَ شَيْءٍ لِلْمُخْبِرِ، وَلِهَذَا التَّفْصِيلِ ذَكَرَ كَوْنَهُ صِيغَةً وَلَمْ يَذْكُرْ اللُّزُومَ.

نَعَمْ إنْ وَصَلَ بِهِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْإِقْرَارِ كَلَهُ عَلَيَّ كَذَا بَعْدَ مَوْتِي أَوْ إنْ فَعَلَ كَذَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَالثَّانِيَةُ مَأْخُوذَةٌ مِمَّا يَأْتِي فِي نَحْوِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَعْقِيبِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَصْلٌ) فِي الصِّيغَةِ

(قَوْلُهُ: فِي الصِّيغَةِ) لَعَلَّ وَجْهَ تَأْخِيرِهَا إلَى هُنَا تَقَدُّمُ كُلٍّ مِنْ الْمُقِرِّ وَالْمَقَرِّ لَهُ عَلَيْهَا وَابْتَدَأَ بِهَا فِي الْمَنْهَجِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ كَوْنُ الْعَاقِدِ عَاقِدًا إلَّا بِالصِّيغَةِ فَهِيَ مُتَأَخِّرَةٌ بِالْوُجُودِ مُتَقَدِّمَةٌ فِي الِاعْتِبَارِ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهَا لَفْظٌ) أَيْ كَوْنُهَا لَفْظًا وَإِلَّا فَاللَّفْظُ هُوَ ذَاتُ الصِّيغَةِ، وَالْمُرَادُ بِاللَّفْظِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا أَوْ كِنَايَةً (قَوْلُهُ: تُشْعِرُ) أَيْ الْمَذْكُورَاتُ مِنْ اللَّفْظِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِيمَا أَحْسِبُ أَوْ أَظُنُّ لَغْوٌ) أَيْ لِعَدَمِ إشْعَارِهِمَا بِالْإِلْزَامِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَك إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ قَالَ لَيْسَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ بَدَلَ أَلْفَانِ وَالتَّنَاقُضُ عَلَيْهَا قَرِيبٌ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: لِمُنَاقَضَةِ مَا قَبْلَهَا لَهَا) قَدْ يَدْفَعُ مَا ذَكَرَ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِكَلَامٍ فِي جُمْلَتَيْنِ عَمِلَ بِمَا يَضُرُّهُ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَاتَانِ الْجُمْلَتَانِ بِمَنْزِلَةِ جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ لَكِنْ بِمَنْزِلَةِ إلَّا الِاسْتِثْنَائِيَّة وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ شَيْءٌ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَلِّلَ بِمِثْلِ مَا عَلَّلَ بِهِ سم وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفَانِ لَكِنْ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ بِمَنْزِلَةِ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةٌ وَاللَّازِمُ فِيهَا خَمْسَةٌ فَقَطْ؛ لِأَنَّ عَشَرَةً إلَّا خَمْسَةً هِيَ خَمْسَةٌ فَكَانَ قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَخْ كَقَوْلِهِ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ خَمْسَةٌ وَقَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفَانِ إلَخْ بِمَنْزِلَةِ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ، وَمَعَ هَذَا قَالَ سم: قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةٌ، وَقَوْلُهُ لَيْسَ لَهُ أَلْفَانِ لَكِنْ لَهُ أَلْفٌ انْتَهَى. قَالَ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ.

أَقُولُ: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ آحَادَ الْعَشَرَةِ تُسْتَثْنَى مِنْهَا عُرْفًا فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَيُقَالُ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا وَاحِدًا مَثَلًا، وَالْأَلْفُ لَا تُسْتَثْنَى مِنْ الْأَلْفَيْنِ فَمَا فَوْقَهَا بَلْ يُقَالُ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ لَهُ عَلَيَّ أَلْفَانِ بِدُونِ اسْتِثْنَاءٍ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَقَوْلُهُ هِيَ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ الْوَاوُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[فَصْلٌ فِي صِيغَةِ الْإِقْرَارُ]

فَصْلٌ) فِي الصِّيغَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ وَلَكِنْ لَك أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَخْ) كَذَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ وَفِي النُّسْخَةِ الَّتِي كَتَبَ عَلَيْهَا الشَّيْخُ مَا نَصُّهُ وَلَوْ قَالَ لَك عَلَيَّ أَلْفَيْنٍ وَلَكِنْ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ إلَخْ، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ أَصْلَحَ عَلَيْهِ النُّسْخَةَ بَعْدَ أَنْ كَانَ تَبِعَ التُّحْفَةَ لِقَوْلِ الشِّهَابِ سم لَا يَخْفَى إشْكَالُهُ وَمُخَالَفَتُهُ لِقَوْلِهِمْ الْآتِي فِي فَصْلِ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ إلَّا خَمْسَةٌ لَزِمَهُ خَمْسَةٌ إلَى أَنْ قَالَ نَعَمْ لَوْ قَالَ لَيْسَ لَك عَلَيَّ أَلْفَيْنٍ وَلَكِنْ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ كَانَ عَدَمُ الْوُجُوبِ مُمْكِنًا؛ لِأَنَّهُ مِثْلُ لَيْسَ لَك عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةٌ وَسَيَأْتِي فِيهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ لَيْسَ لَك عَلَيَّ خَمْسَةٌ.

قَالَ: وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ وَلَعَلَّهُ

ص: 76

الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي بَعْدَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَشَارَ بِهِ إلَى نَفْيِ تَوَهُّمِ أَنَّ مَقُولَ الْقَوْلِ كَذَا فَقَطْ (وَقَوْلُهُ عَلَيَّ وَفِي) هِيَ بِمَعْنَى أَوْ كَاَلَّتِي بَعْدَهَا (ذِمَّتِي كُلٌّ) عَلَى انْفِرَادِهَا (لِلدَّيْنِ) الْمُلْتَزَمِ فِي الذِّمَّةِ إذْ هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ عُرْفًا، فَإِنْ ادَّعَى إرَادَتَهُ الْعَيْنَ قُبِلَ فِي عَلَيَّ فَقَطْ لِإِمْكَانِهِ: أَيْ عَلَى حِفْظِهَا (وَمَعِي) وَلَدَيَّ (وَعِنْدِي) كُلٌّ عَلَى انْفِرَادِهَا (لِلْعَيْنِ) لِذَلِكَ فَيُحْمَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى عَيْنٍ لَهُ بِيَدِهِ، فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا وَدِيعَةٌ وَأَنَّهَا تَلِفَتْ أَوْ أَنَّهُ رَدَّهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَقِبَلِي بِكَسْرِ أَوَّلِهِ صَالِحٌ لَهُمَا كَمَا رَجَّحَاهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَإِنْ أَتَى بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِمَا كَقَوْلِهِ: عَلَيَّ وَمَعِي عَشَرَةٌ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ بَعْضِ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ وَبَعْضِهِ بِالدَّيْنِ.

(وَلَوْ)(قَالَ: لِي عَلَيْك أَلْفٌ) أَوْ اقْضِ الْأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَيْك فَقَالَ لَا يَلْزَمُنِي الْيَوْمَ تَسْلِيمُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا لِانْتِفَاءِ ثُبُوتِهِ بِالْمَفْهُومِ: أَيْ لِضَعْفِ دَلَالَتِهِ فِيمَا الْمَطْلُوبُ فِيهِ الْيَقِينُ أَوْ الظَّنُّ الْغَالِبُ وَهُوَ الْإِقْرَارُ، وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ قَوْلُ التَّاجِ السُّبْكِيّ مُضَعِّفًا لَهُ، وَهَذَا يَقُولُهُ مَنْ يَقْصُرُ الْمَفَاهِيمَ عَلَى أَقْوَالِ الشَّارِعِ، وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّهُ يَأْتِي حَتَّى عَلَى الْأَصَحِّ الْمُقَرَّرِ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْمَفْهُومَ يُعْمَلُ بِهِ فِي غَيْرِ أَقْوَالِ الشَّارِعِ لِمَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ خُرُوجِ الْإِقْرَارِ عَنْ ذَلِكَ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ، وَمِنْ ثَمَّ أَطْلَقَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه أَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ فِيهِ بِالْيَقِينِ وَلَا يَسْتَعْمِلُ الْغَلَبَةَ، لَكِنَّ مُرَادَهُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ إلْحَاقِ الظَّنِّ الْقَوِيِّ بِالْيَقِينِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي أَكْثَرِ مَسَائِلِهِ، وَيُؤَيِّدُ مَا ذُكِرَ قَوْلُهُمْ لَوْ قَالَ: لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ: لَيْسَ لَك أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ نَفْيَ الزَّائِدِ عَلَيْهِ لَا يُوجِبُ إثْبَاتَهُ وَلَا إثْبَاتَ مَا دُونَهُ، وَلَوْ قَالَ: لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا لَك بِفَتْحِ اللَّامِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَسَرَهَا فَإِنَّهُ إقْرَارٌ لِزَيْدٍ.

لَا يُقَالُ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ التَّاجُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ لَوْ قَالَ: أَقْرَضْتُك كَذَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: قُبِلَ فِي عَلَيَّ فَقَطْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ فِي ذِمَّتِي فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إنْ ذَكَرَهُ مُنْفَصِلًا، وَكَذَا فِيمَا لَوْ ذَكَرَهُ مُتَّصِلًا أَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي ذِمَّتِي وَدِيعَةٌ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ كَمَا يَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَصْلٌ قَالَ: لَهُ عِنْدِي سَيْفٌ فِي غِمْدٍ إلَخْ فَإِنْ كَانَ قَالَ: لَهُ فِي ذِمَّتِي أَوْ دَيْنًا صُدِّقَ الْمُقَرُّ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي ذِمَّتِي أَوْ دَيْنًا وَدِيعَةً فَلَا يُقْبَلُ مُتَّصِلًا وَلَا مُنْفَصِلًا عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلِيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ قَبُولُهُ مُتَّصِلًا لَا مُنْفَصِلًا اهـ (قَوْلُهُ: كُلٌّ عَلَى انْفِرَادِهَا) أَيْ مِنْ عَلَيَّ وَفِي ذِمَّتِي وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا هِيَ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ رَدَّهَا) أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الرَّدُّ (قَوْلُهُ: صَالِحٌ لَهُمَا) أَيْ لِلدَّيْنِ وَالْعَيْنِ (قَوْلُهُ: بِالْعَيْنِ) أَيْ فَيُقْبَلُ دَعْوَاهُ التَّلَفَ وَالرَّدَّ لِلْعَيْنِ الَّتِي فَسَّرَ بِهَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ اقْضِ) قَسِيمٌ لِقَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَيْك (قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لِانْتِفَاءِ ثُبُوتِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ كَوْنُهُ لَيْسَ إقْرَارًا (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَأْخُذُ فِيهِ) أَيْ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ مُرَادَهُ) أَيْ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ إقْرَارًا (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا) أَيْ لِأَنَّهُ مَعَ فَتْحِ اللَّامِ صَادِقٌ بِكُلِّ مَا يُنْسَبُ لِزَيْدٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ مَا يُقَرُّ بِهِ كَالْعِلْمِ وَالشُّجَاعَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إقْرَارٌ لِزَيْدٍ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ لَهُ مَا فَسَّرَهُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَوَّلْ كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ التَّاجُ) وَهُوَ قَوْلُهُ وَهَذَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَقْرَبُ اهـ. (قَوْلُهُ: أَشَارَ بِهِ إلَى نَفْيِ تَوَهُّمِ أَنَّ مَقُولَ الْقَوْلِ كَذَا فَقَطْ) الْأَصْوَبُ أَنْ يَقُولَ نَفْيَ تَوَهُّمِ أَنَّ مَقُولَ الْقَوْلِ لِزَيْدٍ كَذَا فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهَا تَلِفَتْ أَوْ أَنَّهُ رَدَّهَا) أَيْ إذَا ادَّعَى ذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ التَّلَفُ أَوْ الرَّدُّ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ بَعْضِ ذَلِكَ إلَخْ) كَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تَكُونُ إقْرَارًا بِالْعَيْنِ وَالدَّيْنِ مَعًا لَكِنَّهُ مُبْهَمٌ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ مِقْدَارِ الْعَيْنِ وَمِقْدَارِ الدَّيْنِ، وَإِلَّا فَوَضَعَ الْأَوَّلُ الدَّيْنَ وَالثَّانِي الْعَيْنَ فَلَا يَحْتَاجُ فِي انْصِرَافِهِ إلَيْهِمَا إلَى رُجُوعٍ إلَيْهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ فَقَطْ يُقْبَلُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ قُبَيْلَهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ فِي تَفْسِيرِ عَلَيَّ بِالْعَيْنِ، بَلْ نَقَلَ الشِّهَابُ سم عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَ مَعِي وَعِنْدِي بِمَا فِي الذِّمَّةِ قُبِلَ؛ لِأَنَّهُ غَلَّظَ

ص: 77

فَقَالَ: مَا اقْتَرَضْت غَيْرَهُ كَانَ إقْرَارًا بِهِ، فَفِيهِ ثُبُوتُ الْإِقْرَارِ بِالْمَفْهُومِ لِأَنَّا نَمْنَعُ التَّأْيِيدَ، إذْ هَذَا فِي قُوَّةِ مَا اقْتَرَضْت إلَّا هُوَ، وَمَفْهُومُ هَذِهِ الصِّيغَةِ وَهِيَ ثُبُوتُ اقْتِرَاضِهِ أَعْلَى الْمَفَاهِيمِ، بَلْ ذَهَبَ جَمْعٌ إلَى صَرَاحَتِهِ فَلَا يُقَاسُ بِهِ مَفْهُومُ الظَّرْفِ الْمُخْتَلَفِ فِي حُجِّيَّتِهِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ: إنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عُرْفًا الْإِقْرَارُ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْعَمَلِ فِيهِ بِالْمَفْهُومِ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي أَلْفَاظٍ اطَّرَدَ الْعُرْفُ فِي اسْتِعْمَالِهَا مُرَادًا مِنْهَا ذَلِكَ، وَهَذَا لَا نِزَاعَ فِي الْعَمَلِ بِهِ، وَكَلَامُنَا فِي مَفْهُومِ لَفْظٍ لَمْ يَطَّرِدْ الْعُرْفُ فِي قَصْدِهِ مِنْهُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ أَحَدَ تَيْنِكَ الصِّيغَتَيْنِ (فَقَالَ) مَعَ خَمْسِينَ أَوْ (زِنْ أَوْ خُذْ أَوْ زِنْهُ أَوْ خُذْهُ أَوْ اخْتِمْ عَلَيْهِ أَوْ اجْعَلْهُ فِي كِيسِك) أَوْ هُوَ صِحَاحٌ أَوْ مُكَسَّرَةٌ (فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِالْتِزَامٍ وَإِنَّمَا يُذْكَرُ فِي مَعْرِضِ الِاسْتِهْزَاءِ (وَلَوْ قَالَ) فِي جَوَابِ: لِي عَلَيْك مِائَةٌ أَوْ أَلَيْسَ لِي عَلَيْك مِائَةٌ (بَلَى أَوْ نَعَمْ أَوْ صَدَقْت) أَوْ أَجَلْ أَوْ جَيْرِ أَوْ إي (أَوْ أَبْرَأْتنِي مِنْهُ أَوْ قَضَيْته) أَوْ اقْضِي غَدًا وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِضَمِيرٍ وَقِيَاسُهُ إنْ قَضَيْت بِدُونِ ضَمِيرٍ كَذَلِكَ (أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ) أَوْ لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِي بِهِ (فَهُوَ إقْرَارٌ) لِأَنَّ السِّتَّةَ الْأُوَلَ مَوْضُوعَةٌ لِلتَّصْدِيقِ.

نَعَمْ لَوْ اقْتَرَنَ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ كَصَدَقْتَ، وَنَحْوُهُ قَرِينَةُ اسْتِهْزَاءٍ كَإِيرَادِ كَلَامِهِ بِنَحْوِ هَزِّ رَأْسٍ وَضَحِكٍ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى التَّعَجُّبِ وَالْإِنْكَارِ لَمْ يَكُنْ بِهِ مُقِرًّا، وَلِأَنَّ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ أَوْ الْقَضَاءِ اعْتِرَافٌ بِالْأَصْلِ، وَلَوْ حُذِفَ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا لِاحْتِمَالِهِ الْإِبْرَاءَ مِنْ الدَّعْوَى وَهُوَ لَغْوٌ، وَكَذَا أَقَرَّ أَنَّهُ أَبْرَأَنِي أَوْ اسْتَوْفَى مِنِّي كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ، وَهِيَ حِيلَةٌ لِدَعْوَى الْبَرَاءَةِ مَعَ السَّلَامَةِ مِنْ الِالْتِزَامِ، وَيَلْحَقُ بِهِ أَبْرَأْتَنِي مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى، وَلِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي بِهِ عَائِدٌ لِلْأَلْفِ الْمُدَّعَى بِهَا فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ لَك كَمَا أَجَابَ بِهِ السُّبْكِيُّ عَنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُقِرٌّ لِغَيْرِهِ عِنْدَ حَذْفِ لَك، وَلَوْ سَأَلَ الْحَاكِمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ جَوَابِ الدَّعْوَى فَقَالَ: عِنْدِي كَانَ إقْرَارًا، قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَلَوْ قَالَ: إنْ شَهِدَا عَلَيَّ بِكَذَا صَدَّقْتُهُمَا أَوْ قَالَا ذَلِكَ فَهُوَ عِنْدِي أَوْ صَدَّقْتهمَا لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا لِانْتِفَاءِ الْجَزْمِ وَلِأَنَّ الْوَاقِعَ لَا يُعَلَّقُ، بِخِلَافِ فَهُمَا صَادِقَانِ لِأَنَّهُمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَقُولُ إلَخْ (قَوْلُهُ: تَيْنِكَ) هُمَا قَوْلُهُ: لِي عَلَيْك أَلْفٌ وَقَوْلُهُ: أَوْ اقْضِ الْأَلْفَ الَّذِي لِي إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ أَلَيْسَ لِي عَلَيْك) الْأَوْلَى عَدَمُ ذِكْرِ هَذِهِ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ أَلَيْسَ لِي عَلَيْك كَذَا إلَخْ مِنْ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي نَعَمْ، بَلْ لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ أَيْضًا وَلَوْ قَالَ فِي جَوَابٍ لِي عَلَيْك مِائَةٌ لِأَنَّهُ مُسْتَفَادٌ (قَوْلُهُ: مَوْضُوعَةٌ لِلتَّصْدِيقِ) قَدْ يُقَالُ فِي نَعَمْ وَمَا بَعْدَهَا نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ: أَلَيْسَ لِي عَلَيْك لِأَنَّهُ نَفْيٌ وَتَصْدِيقُ النَّفْيِ لَيْسَ إقْرَارًا، وَسَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ (قَوْلُهُ: لِدَعْوَى الْبَرَاءَةِ) أَيْ أَوْ الِاسْتِيفَاءِ وَقَوْلُهُ وَيُلْحَقُ بِهِ: أَيْ بِقَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا وَقَوْلُهُ الْمُدَّعَى بِهَا الْأَوْلَى بِهِ لِأَنَّ الْأَلْفَ مُذَكَّرٌ وَقَوْلُهُ وَكَذَا أَقَرَّ: أَيْ لَيْسَ إقْرَارًا (قَوْلُهُ: فَهُمَا صَادِقَانِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجِ بَعْدِ مِثْلِ مَا ذُكِرَ: وَيَنْبَغِي وِفَاقًا ل م ر أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَعَبْدٍ وَصَبِيٍّ فَلْيُنْظَرْ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا لَوْ قَالَ: إنْ شَهِدَا عَلَيَّ بِكَذَا صَدَقَتُهُمَا وَبَيْنَ إنْ شَهِدَا عَلَيَّ فَهُمَا صَادِقَانِ أَنَّ الْجَوَابَ فِي قَوْلِهِ: فَهُمَا صَادِقَانِ اسْمِيَّةٌ مَدْلُولُهَا الثُّبُوتُ وَهُوَ لَا يُعَلِّقُ فَيُؤَوَّلُ بِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ شَهِدَا عَلَيَّ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُمَا صَادِقَانِ وَمَتَى كَانَ صَادِقَيْنِ كَانَ ذَلِكَ إقْرَارًا مِنْهُ بِاعْتِرَافِهِ بِالْحَقِّ، بِخِلَافِ صَدَّقْتهمَا فَإِنَّ الْمَعْنَى فِيهِ إنْ شَهِدَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَلَى نَفْسِهِ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ) أَيْ: فِي شَأْنِ أَلْفَاظٍ ذَكَرُوا أَنَّهَا إقْرَارٌ مِمَّا سَيَأْتِي وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي أَلْفَاظٍ اطَّرَدَ الْعُرْفُ) إلَخْ أَيْ: فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْمَفْهُومَ الِاصْطِلَاحِيَّ الَّذِي هُوَ دَلَالَةُ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ النُّطْقِ، بَلْ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى بِحَيْثُ صَارَ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَّا هَذَا الْمَعْنَى، لَكِنْ قَوْلُهُ: وَكَلَامُنَا فِي مَفْهُومِ لَفْظِ إلَخْ قَدْ لَا يُوَافِقُ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ.

(قَوْلُهُ: فِي جَوَابِ لِي عَلَيْكَ مِائَةٌ) الْأَوْلَى أَلْفٌ لِأَنَّهَا الَّتِي فِي الْمَتْنِ وَلِمُرَاعَاةِ تَذْكِيرِ الضَّمِيرِ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِضَمِيرٍ) أَيْ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ فِي جَوَابِ اقْضِ الْأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَيْكَ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الْإِسْنَوِيِّ.

ص: 78

لَا يَكُونَانِ صَادِقَيْنِ إلَّا إنْ كَانَ عَلَيْهِ الْمُدَّعَى بِهِ الْآنَ فَيَلْزَمُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدَا، فَلَوْ قَالَ: فَهُمَا عَدْلَانِ فِيمَا شَهِدَا بِهِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَقَوْلِهِ فَهُمَا صَادِقَانِ لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ، وَلَوْ قَالَ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ هُوَ عَدْلٌ أَوْ صَادِقٌ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ حَتَّى يَقُولَ فِيمَا شَهِدَ بِهِ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِعَيْنٍ فَقَالَ: صَالَحَنِي عَمَّا كَانَ عَلَيَّ فَهُوَ إقْرَارٌ بِمُبْهَمٍ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِبَيَانِهِ، وَيُفَارِقُ كَانَ لَك عِنْدِي أَوْ عَلَيَّ أَلْفٌ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَقَعْ جَوَابًا عَنْ شَيْءٍ كَانَ بِاللَّغْوِ أَشْبَهَ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا فَأَنْكَرَ فَقَالَ: اشْتَرِ هَذَا مِنِّي بِالْأَلْفِ الَّذِي ادَّعَيْته كَانَ إقْرَارًا بِهِ كَبِعْنِي بِخِلَافِ صَالِحْنِي عَنْهُ بِهِ إذْ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الصُّلْحِ كَوْنُهُ بَيْعًا حَتَّى يَكُونَ ثَمَّ ثَمَنٌ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ، وَلَوْ قَالَ فِي جَوَابِ دَعْوَاهُ لَا تُدِمْ الْمُطَالَبَةَ وَمَا أَكْثَرَ مَا تَتَقَاضَى لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا لِانْتِفَاءِ صَرَاحَتِهِ، قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ، وَلَوْ قَالَ فِي جَوَابِ دَعْوَى عَيْنٍ بِيَدِهِ اشْتَرَيْتهَا أَوْ مَلَكْتُهَا مِنْك أَوْ مِنْ وَكِيلِك كَانَ إقْرَارًا لِتَضَمُّنِهِ ذَلِكَ الْمِلْكَ لِلْمُخَاطَبِ عُرْفًا وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى احْتِمَالِ كَوْنِ الْمُخَاطَبِ وَكِيلًا فِي الْبَيْعِ وَلَا إلَى احْتِمَالِ كَوْنِ الْوَكِيلِ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِ الْمُخَاطَبِ لِبُعْدِهِ عَنْ الْمَقَامِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ مَلَكْتهَا عَلَى يَدِك لَا يَكُونُ إقْرَارًا لِأَنَّ مَعْنَاهُ كُنْت وَكِيلًا فِي تَمْلِيكِهَا، وَلَوْ طَالَبَهُ بِوَفَاءِ شَيْءٍ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(وَلَوْ)(قَالَ: أَنَا مُقِرٌّ) وَلَمْ يَقُلْ بِهِ (أَوْ أَنَا أُقِرُّ بِهِ)(فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) لِصِدْقِ الْأَوَّلِ بِإِقْرَارِهِ بِبُطْلَانِهِ أَوْ بِوَحْدَانِيِّتِهِ تَعَالَى وَلِاحْتِمَالِ الثَّانِي لِلْوَعْدِ بِالْإِقْرَارِ فِي ثَانِي الْحَالِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيه أَنَّهُ إقْرَارٌ مَعَ احْتِمَالِ الْوَعْدِ لِأَنَّ الْعُمُومَ إلَى النَّفْيِ أَسْرَعُ مِنْهُ إلَى الْإِثْبَاتِ بِدَلِيلِ النَّكِرَةِ فَإِنَّهَا تَعُمُّ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ دُونَ الْإِثْبَاتِ، وَمَا شَكَّكَ بِهِ الرَّافِعِيُّ مِنْ فَرْضِ كَوْنِ الْفَرْقِ مُبَيِّنًا لَكِنَّهُ غَيْرُ نَافٍ لِلِاحْتِمَالِ وَقَاعِدَةُ الْبَابِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْيَقِينِ، أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ عُرْفًا مِنْ لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيه أَنَّهُ إقْرَارٌ بِخِلَافِ أَنَا أُقِرُّ بِهِ.

(وَلَوْ قَالَ: أَلَيْسَ) أَوْ هَلْ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ (لِي عَلَيْكَ كَذَا فَقَالَ بَلَى أَوْ نَعَمْ فَإِقْرَارٌ) لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ (وَفِي نَعَمْ وَجْهٌ) لِأَنَّهَا فِي اللُّغَةِ تَصْدِيقٌ لِلنَّفْيِ الْمُسْتَفْهَمِ عَنْهُ بِخِلَافِ بَلَى فَإِنَّهَا رَدٌّ لَهُ وَنَفْيُ النَّفْي إثْبَاتٌ، وَلِهَذَا جَاءَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَلَى نِسْبَتِهِمَا لِلصِّدْقِ وَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الدَّلَالَةُ عَلَى صِدْقِهِمَا (قَوْلُهُ: فِيمَا شَهِدَا بِهِ) فَإِنْ أَسْقَطَ فِيمَا شَهِدَا بِهِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا اهـ حَجّ.

قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ الشَّهَادَةِ بَلْ قَالَ: إذَا قَالَ زَيْدٌ إنَّ لِعَمْرٍو عَلَيَّ كَذَا فَهُوَ صَادِقٌ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ اهـ. وَمِنْهُ يُعْلَمُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا اُتُّهِمَ بِمَتَاعِ إنْسَانٍ فَشَهِدَ عَلَيْهِ شَخْصٌ بِأَنَّهُ رَأَى بَعْضَ الْمَتَاعِ عِنْدَهُ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنْ حَلَفَ هَذَا الشَّاهِدُ أَنَّهُ رَأَى عِنْدِي هَذَا الْمَشْهُودَ بِهِ فَهُوَ صَادِقٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُقِرًّا بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الشَّاهِدُ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ عَلَى الْإِخْبَارِ الْخَالَيْ عَنْ الْيَمِينِ فَمَعَ الْإِخْبَارِ عَلَى التَّعْلِيقِ بِالْيَمِينِ يَكُونُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِبَيَانِهِ) قَضِيَّةُ كَوْنِهِ تَفْسِيرَ الْمُبْهَمِ أَنْ يَقْبَلَ تَفْسِيرَهُ بِمَا لَا يَتَمَوَّلُ كَحَبَّةِ بُرٍّ وَفِيهِ أَنَّ غَيْرَ الْمُتَمَوِّلِ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْهُ بِمَالٍ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَنْ الْعَيْنِ أَوْ الدَّيْنِ بِمَالٍ بَيْعٌ وَمَا لَا يَتَمَوَّلُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَصِحُّ تَفْسِيرُهُ بِمَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْهُ بِمَالٍ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَمَا أَكْثَرَ مَا تَتَقَاضَى) أَيْ تَطْلُبُ وَقَوْلُهُ دَعْوَى عَيْنٍ بِيَدِهِ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ عَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ بِالْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ: مُبِينًا) أَيْ وَاضِحًا.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَعَمْ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجِ: وَلَوْ وَقَعَا: أَيْ نَعَمْ وَبَلَى فِي جَوَابِ الْخَبَرِ الْمَنْفِيِّ نَحْوُ لَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَيُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ إقْرَارًا مَعَ بَلَى بِخِلَافِ نَعَمْ بِرّ اهـ.

أَقُولُ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ نَعَمْ لِإِثْبَاتِ النَّفْيِ وَتَقْرِيرِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: نَعَمْ لَيْسَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ، وَبَلَى لِرَدِّهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَك عَلَيَّ لِأَنَّهُ إذَا رَدَّ النَّفْيَ فَقَدْ أَثْبَتَ نَقِيضَهُ وَهُوَ مَا نَفَاهُ، وَلَعَلَّ الْإِسْنَوِيَّ جَارٍ عَلَى مُقْتَضَى اللُّغَةِ لِأَنَّ الْأَلْفَاظَ إذَا أُطْلِقَتْ حُمِلَتْ عَلَى حَقَائِقِهَا اللُّغَوِيَّةِ مَا لَمْ يَرِدْ مَا يُخَالِفُهُ، وَفِي أَلَيْسَ قَدْ يَدَّعِي وُجُودَ عُرْفٍ يُخَالِفُ اللُّغَةِ، وَلَعَلَّهُ عَدِمَ تَفْرِقَةَ حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ بَيْنَ بَلَى وَنَعَمْ فِي أَلَيْسَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَلَى) وَقَدْ نَظَّمَ هَذَا الْمَعْنَى شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الَأُجْهُورِيُّ فَقَالَ:

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 79

- رضي الله عنهما فِي آيَةِ {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} [الأعراف: 172] لَوْ قَالُوا نَعَمْ كَفَرُوا، وَرُدَّ هَذَا الْوَجْهُ بِأَنَّ الْأَقَارِيرَ وَنَحْوَهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ الْمُتَبَادَرِ مِنْ اللَّفْظِ لَا عَلَى دَقَائِقِ الْعَرَبِيَّةِ وَعُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ النَّحْوِيِّ، وَغَيْرِهِ خِلَافًا لَلْغَزَالِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي أَنْتِ طَالِقٌ أَنْ دَخَلْت الدَّارَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ بِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ هُنَا عِنْدَ النَّحْوِيِّ عَدَمُ الْفَرْقِ لِخَفَائِهِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النُّحَاةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَوْ لُقِّنَ فَارِسِيٌّ كَلِمَاتٍ عَرَبِيَّةً لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهَا لَمْ يُؤَاخَذْ بِهَا لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَعْرِفْ مَدْلُولَهَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ قَصْدُهَا لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَفْهَمُهُ الْعَامِّيُّ أَيْضًا وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي لَفْظٍ لَا يَعْرِفُهُ الْعَامِّيُّ أَيْضًا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْعَامِّيَّ غَيْرُ الْمُخَالِطِ لَنَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْجَهْلَ بِمَدْلُولِ أَكْثَرِ أَلْفَاظِ الْفُقَهَاءِ، بِخِلَافِ الْمُخَالِطِ لَنَا لَا يُقْبَلُ فِي الْخَفِيِّ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَى مِثْلِهِ مَعْنَاهُ.

(وَلَوْ)(قَالَ: اقْضِ الْأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَيْك) أَوْ أُخْبِرْت أَنَّ لِي عَلَيْك أَلْفًا (فَقَالَ نَعَمْ) أَوْ جَيْرِ أَوْ بَلَى أَوْ إي (أَوْ أَقْضِي غَدًا) ذَلِكَ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يُخْرِجُهُ عَنْ احْتِمَالِ الْوَعْدِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ (أَوْ أَمْهِلْنِي) فِي ذَلِكَ (يَوْمًا أَوْ حَتَّى أَقْعُدَ أَوْ أَفْتَحَ الْكِيسَ أَوْ أَجِدَ) أَيْ الْمِفْتَاحَ (فَإِقْرَارٌ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عُرْفًا.

وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ صَرِيحَةٌ فِي الِالْتِزَامِ، وَلَوْ قَالَ: اُكْتُبُوا لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ كَمَا قَالَهُ الزَّبِيلِيُّ لِأَنَّهُ إنَّمَا مَرَّ بِالْكِتَابَةِ فَقَطْ، وَلَوْ قَالَ: اشْهَدُوا عَلَيَّ بِكَذَا كَانَ إقْرَارًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ آخِرًا وَلَا يُعَارِضُ مَا أَفْتَى بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ أَنِّي وَقَفْت جَمِيعَ أَمْلَاكِي وَذَكَرَ مَصْرِفَهَا وَلَمْ يُحَدِّدْ شَيْئًا مِنْهَا صَارَتْ جَمِيعُ أَمْلَاكِهِ الَّتِي يَصِحُّ وَقْفُهَا وَقْفًا وَلَا يَضُرُّ جَهْلُ الشُّهُودِ بِحُدُودِهَا وَلَا سُكُوتُهُ عَنْهَا، وَمَهْمَا شَهِدُوا بِهَذَا اللَّفْظِ ثَبَتَ الْوَقْفُ مَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ لَوْ قَالَ: الْمَوَاضِعُ الَّتِي أُثْبِتُ أَسَامِيَهَا وَحُدُودَهَا فِي هَذَا مِلْكٌ لِفُلَانٍ وَكَانَ الشَّاهِدُ لَا يَعْرِفُ حُدُودَهَا ثَبَتَ الْإِقْرَارُ، وَلَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا: أَيْ بِحُدُودِهَا وَتَجُوزُ عَلَى تَلَفُّظِهِ بِالْإِقْرَارِ، وَأَفْتَى السُّبْكِيُّ بِأَنَّ قَوْلَهُ مَا نَزَلَ فِي دَفْتَرِي صَحِيحٌ يُعْمَلُ بِهِ فِيمَا عُلِمَ أَنَّهُ بِهِ حَالَةَ الْإِقْرَارِ وَيُوقَفُ مَا حَدَثَ بَعْدَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ قَالَ غَيْرُهُ وَفِي وَقْفِ مَا عُلِمَ حُدُوثُهُ نَظَرٌ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ

وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَيْك عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَقَالَ: صَدَقَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ قَرَارِيطَ لَزِمَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرَ أَنَّ الْقَرَارِيطَ مَجْهُولَةٌ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الْمُقَرُّ بِهِ مُتَرْجَمًا عَنْهُ بِفَصْلٍ فَقَالَ:

ــ

[حاشية الشبراملسي]

نَعَمْ جَوَابٌ لِلَّذِي قَبْلَهُ

إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا كَذَا قَرَّرُوا

بَلَى جَوَابُ النَّفْيِ لَكِنَّهُ

يَصِيرُ إثْبَاتًا كَذَا حَرَّرُوا

(قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) أَيْ فِي كَوْنِ نَعَمْ وَبَلَى إقْرَارًا (قَوْلُهُ: بَيَّنَهُمَا) أَيْ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُهُ) أَيْ كَقَوْلِهِ حَتَّى يَتَيَسَّرَ أَوْ إذَا جَاءَنِي مَالٌ قَضَيْت (قَوْلُهُ: مَا أَفْتَى بِهِ) أَيْ الْوَالِدُ (قَوْلُهُ: فِي هَذَا) أَيْ الْمَكْتُوبِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ عَلَيَّ تَلَفُّظُهُ بِالْإِقْرَارِ) لَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ عَدَمِ الْمُعَارَضَةِ وَلَعَلَّهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ إنَّمَا امْتَنَعَتْ فِي مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيّ لِأَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا مِنْ الْحُدُودِ حَتَّى يَشْهَدَ بِهِ، وَجَازَتْ فِيمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُهُ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَشْهَدُونَ عَلَى مُجَرَّدِ أَنَّهُ وَقَفَ مَا يَمْلِكُهُ وَلَمْ يُثْبِتُوا شَيْئًا بِخُصُوصِهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَعَلَيْهِ فَمَا ثَبَتَ أَنَّهُ مِلْكُهُ ثَبَتَ وَقْفُهُ وَمَا لَا فَلَا (قَوْلُهُ: وَيُوقَفُ) أَيْ عَنْ الْعَمَلِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ بَلْ هُوَ لَغْوٌ، وَيُجْزَمُ بِعَدَمِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى مَا نَزَلَ أَيْ الَّذِي هُوَ مُنَزَّلٌ فِي دَفْتَرِي الْآنَ، وَهُوَ لَا يَشْمَلُ مَا حَدَثَ تَنْزِيلُهُ بَعْدُ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: أَيْ الْمِفْتَاحَ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ) لَيْسَ هَذَا إفْتَاءً لِلْغَزَالِيِّ مُسْتَقِلًّا وَإِنَّمَا هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ إفْتَائِهِ الْآتِي عَقِبَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ بِحُدُودِهَا) هَذَا هُوَ الدَّافِعُ لِلْمُعَارَضَةِ فَانْدَفَعَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ.

ص: 80