الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ اقْطَعْ لِأَنَّ الْإِذْنَ مُطْلَقٌ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْأُجْرَةِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ أَوْ الْمُدَّةِ أَوْ قَدْرِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ قَدْرِ الْمُسْتَأْجَرِ تَحَالَفَا وَفُسِخَتْ الْإِجَارَةُ وَوَجَبَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا اسْتَوْفَاهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هُنَا وَمِنْ تَفْصِيلِهِمْ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا فِي الْمُخَالَفَةِ فِي الْفَسْخِ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ وَمِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِنَسْخِ كِتَابٍ فَغَيَّرَ تَرْتِيبَ أَبْوَابِهِ، فَإِنْ أَمْكَنَ الْبِنَاءُ عَلَى بَعْضِ الْمَكْتُوبِ كَأَنْ كَتَبَ الْبَابَ الْأَوَّلَ مُنْفَصِلًا بِحَيْثُ يَبْنِي عَلَيْهِ اُسْتُحِقَّ بِقِسْطِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ، إذْ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِتَضْرِيبِ ثَوْبٍ بِخُيُوطٍ مَعْدُودَةٍ وَقِسْمَةٍ بَيِّنَةٍ مُتَسَاوِيَةٍ فَخَاطَهُ بِأَنْقَصَ وَأَوْسَعَ فِي الْقِسْمَةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا لِمُخَالَفَتِهِ الْمَشْرُوطَ، إلَّا أَنْ يُمْكِنَ مِنْ إتْمَامِهِ كَمَا شَرَطَ وَأَتَمَّهُ فَيَسْتَحِقُّ الْكُلَّ أَوْ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى بَعْضِهِ فَيَسْتَحِقُّ بِالْقِسْطِ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ
وَالتَّخْيِيرَ فِي فَسْخِهَا وَعَدَمِهِمَا وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ (لَا تَنْفَسِخُ إجَارَةٌ) عَيْنِيَّةٌ أَوْ فِي الذِّمَّةِ بِنَفْسِهَا وَلَا بِفَسْخِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ (بِعُذْرٍ) لَا يُوجِبُ خَلَلًا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (كَتَعَذُّرِ وَقُودٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ كَمَا بِخَطِّهِ مَا يُوقَدُ بِهِ وَبِضَمِّهَا الْمَصْدَرُ (حَمَّامٍ) عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ، وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ عَدِمَ دُخُولَ النَّاسِ فِيهِ لِفِتْنَةٍ أَوْ خَرَابِ مَا حَوْلَهُ، كَمَا لَوْ خَرِبَ مَا حَوْلَ الدَّارِ أَوْ الدُّكَّانِ أَوْ أَبْطَلَ أَمِيرُ الْبَلْدَةِ التَّفَرُّجَ فِي السُّفُنِ وَقَدْ اكْتَرَاهَا أَوْ دَارًا لِذَلِكَ، وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ فَقَدْ أَبْعَدَ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَقْطُوعًا (قَوْلُهُ: وَأَوْسَعَ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ لِأَنَّ كَلَامَهُمَا مُخَالِفٌ لِمَا شُرِطَ مِنْ التَّسَاوِي.
(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ أَيْ وَكَامْتِنَاعِ الرَّضِيعِ مِنْ ثَدْيِ الْمُرْضِعَةِ بِلَا عِلَّةٍ تُقَوَّمُ بِالثَّدْيِ
(وَقَوْلُهُ وَبِضَمِّهَا الْمَصْدَرُ) هَذَا بَيَانٌ لِلْأَشْهَرِ، وَإِلَّا فَقِيلَ بِالضَّمِّ فِيهِمَا وَقِيلَ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: مَا لَوْ عَدِمَ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: هُوَ مِنْ بَابِ طَرِبَ وَتَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ ذَلِكَ) الْإِشَارَةُ إلَى قَوْلِهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْل فِيمَا يَقْتَضِي انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ]
(قَوْلُهُ: وَعَدَمَهُمَا) الْأَوْلَى وَمَا لَا يَقْتَضِيهِمَا إذْ لَيْسَ فِي الْفَصْلِ بَيَانُ شَيْءٍ يَقْتَضِي عَدَمَ الِانْفِسَاخِ أَوْ التَّخْيِيرَ بَلْ ذَلِكَ الْعَدَمُ هُوَ الْأَصْلُ حَتَّى يُوجَدَ مَا يَرْفَعُهُ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ ذَلِكَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَمِثْلُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ مَا لَوْ عَدِمَ دُخُولَ النَّاسِ فِيهِ لِفِتْنَةٍ أَوْ خَرَابِ مَا حَوْلَهُ كَمَا لَوْ خَرِبَ مَا حَوْلَ الدَّارِ أَوْ الدُّكَّانِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا غَيْرُ صَحِيحٍ انْتَهَتْ.
فَالضَّمِيرُ فِي بَيْنَهُمَا لِمَسْأَلَةِ عَدَمِ دُخُولِ النَّاسِ الْحَمَّامَ الَّذِي قَاسَهَا، وَمَسْأَلَةِ خَرَابِ مَا حَوْلَ الدَّارِ وَالدُّكَّانِ الَّتِي قَاسَ عَلَيْهِمَا، وَمُرَادُهُ رَدُّ مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ عَدَمَ دُخُولِ النَّاسِ الْحَمَّامَ الْمُسْتَأْجَرَ بِسَبَبِ فِتْنَةٍ حَادِثَةٍ، أَوْ خَرَابِ النَّاحِيَةِ عَيْبٌ، بِخِلَافِ الْحَانُوتِ وَالدَّارِ فَإِنَّهُمَا يُسْتَأْجَرَانِ لِلسُّكْنَى، وَهِيَ مُمْكِنَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، إذَا عَلِمْت ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِالْأَوَّلِ فِي قَوْلِهِ دُونَ الْأَوَّلِ مَسْأَلَةُ عَدَمِ دُخُولِ النَّاسِ الْحَمَّامَ لَكِنْ كَانَ حَقُّ التَّعْبِيرِ مِثْلَ مَا فِي التُّحْفَةِ، عَلَى أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا شَمِلَتْهُ الْإِشَارَةُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ بَيْنَ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ إبْطَالِ أَمِيرِ الْبَلْدَةِ التَّفَرُّجَ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي كَلَامِ صَاحِبِ الْفَرْقِ الَّذِي قَصَدَ هُوَ الرَّدَّ عَلَيْهِ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ أَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِالْأَوَّلِ
فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ رَحًى فَعَدِمَ الْحَبَّ لِقَحْطٍ أَنَّهُ يُتَخَيَّرُ (وَ) تَعَذُّرِ (سَفَرٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ بِالدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِطُرُوِّ خَوْفٍ مَثَلًا وَبِسُكُونِهَا جَمْعُ سَافِرٍ: أَيْ رُفْقَةٌ يَخْرُجُ مَعَهُمْ وَلَوْ عُطِفَ عَلَى تَعَذَّرَ صَحَّ وَالتَّقْدِيرُ وَكَسَفَرٍ: أَيْ طُرُّوهُ لِمُكْتَرِي دَارٍ مَثَلًا (وَ) نَحْوِ (مَرَضِ مُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ لِسَفَرٍ) وَمُؤَجِّرِهَا الَّذِي يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ مَعَهَا لِانْتِفَاءِ الْخَلَلِ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالِاسْتِنَابَةُ مُمْكِنَةٌ. نَعَمْ التَّعَذُّرُ الشَّرْعِيُّ يُوجِبُ الِانْفِسَاخَ كَأَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِقَلْعِ سِنٍّ مُؤْلِمٍ فَزَالَ أَلَمُهُ، وَإِمْكَانُ عَوْدِهِ لَا أَثَرَ لَهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ وَكَذَا الْحِسِّيُّ إنْ تَعَلَّقَ بِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ كَأَنْ اسْتَأْجَرَ الْإِمَامُ ذِمِّيًّا لِجِهَادٍ فَصَالَحَ قَبْلَ الْمَسِيرِ بِنَاءً فِيهِمَا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، فَإِنْ أَوْجَبَ خَلَلًا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ إجَارَةَ عَيْنٍ وَزَالَتْ الْمَنْفَعَةُ بِالْكُلِّيَّةِ انْفَسَخَتْ، وَإِنْ عَيَّبَهُ بِحَيْثُ أَثَّرَ فِي مَنْفَعَتِهِ تَأْثِيرًا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتُ الْأُجْرَةِ ثَبَتَ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ، وَسَيَذْكُرُ أَمْثِلَةً لِلنَّوْعَيْنِ
(وَلَوْ)(اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزَّارِعَةِ فَزَرَعَ فَهَلَكَ الزَّرْعُ بِجَائِحَةٍ) كَجَرَادٍ أَوْ سَيْلٍ (فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ وَلَا حَطُّ شَيْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ) لِانْتِفَاءِ خَلَلٍ فِي مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ كَمَا لَوْ احْتَرَقَتْ أَمْتِعَةُ مُسْتَأْجِرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ إلَخْ (وَقَوْلُهُ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ رَحًى) أَيْ طَاحُونًا (قَوْلُهُ: وَبَيَّنَ الْأَوَّلَ) تَعَذَّرَ الْوَقُودُ (قَوْلُهُ: وَتَعَذَّرَ سَفَرٌ) أَشَارَ بِهِ إلَى عَطْفِهِ عَلَى وَقُودِ، وَالتَّقْدِيرُ أَيْ عَلَى عَطْفِهِ عَلَى تَعَذَّرَ: أَيْ بِأَنْ كَانَتْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ (قَوْلُهُ: جَمْعُ سَافِرٍ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: كَرَاكِبٍ وَرَكْبٍ، وَفِي الْقَامُوسِ وَرَجُلٌ سَفْرٌ وَقَوْمٌ سَفْرٌ وَسَافِرَةٌ وَأَسْفَارٌ وَسُفَّارٌ ذَوُو سَفَرٍ لِضِدِّ الْحَضَرِ، وَالسَّافِرُ الْمُسَافِرُ لَا فِعْلَ لَهُ اهـ. وَقَوْلُهُ لَا فِعْلَ لَهُ: أَيْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ فِعْلٌ بِهَذَا الْمَعْنَى، فَلَا يُقَالُ سَفَرَ بِمَعْنَى سَافَرَ وَإِنَّمَا يُقَالُ سَافَرَ فَهُوَ مُسَافِرٌ (قَوْلُهُ نَعَمْ التَّعَذُّرُ الشَّرْعِيُّ) هَذَا ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: كَأَنْ اسْتَأْجَرَ الْإِمَامُ إلَخْ) ضَعِيفٌ. وَقَدْ يُشْكَلُ الِانْفِسَاخُ هُنَا بِأَنَّ الْأَصَحَّ جَوَازُ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ، وَكَأَنَّ هَذَا الْمُدْرَكُ أُخِّرَ لِكَوْنِ اسْتِئْجَارِ الذِّمِّيِّ لِلْجِهَادِ مَنُوطًا بِنَظَرِ الْإِمَامِ وَظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ، وَقَدْ لَا يَتَحَقَّقُ فِي جِهَادٍ آخَرَ، وَلَا يَقُومُ أَحَدُ الْجِهَادَيْنِ مَقَامَ الْآخَرِ فِيهَا فَنَاسَبَ الِانْفِسَاخَ مُطْلَقًا م ر فَلْيُتَأَمَّلْ كَوْنُ هَذَا مِنْ الْمُسْتَوْفَى بِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَمَا نَقَلَهُ عَنْ م ر لَا يُوَافِقُ قَوْلَ الشَّارِحِ بِنَاءً فِيهِمَا إلَخْ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ الْمَقْصُودُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَكَأَنَّ هَذَا الْمَذْكُورَ أُخِّرَ إلَخْ. وَحَاصِلُهُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بِنَاءُ الِانْفِسَاخِ عَلَى امْتِنَاعِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ قَوْلِهِ نَعَمْ إلَخْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى عَدَمِ الِانْفِسَاخِ بِعُذْرٍ يُوجِبُ خَلَلًا فِي الْمَعْقُودِ، وَفِيهِ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ إرْضَاعُ الْمُرْضِعَةِ وَلَمْ يَقُمْ بِهَا عُذْرٌ يُوجِبُ خَلَلًا فِيهِ (قَوْلُهُ: فَصَالَحَ) أَيْ الْإِمَامُ مَنْ أَرَادَ التَّوَجُّهَ إلَيْهِمْ (قَوْلُهُ بِنَاءً فِيهِمَا) أَيْ الشَّرْعِيِّ وَالْحِسِّيِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ) أَيْ فِيهِمَا فَلَا انْفِسَاخَ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَوْجَبَ) مُحْتَرَزٌ لَا يُوجِبُ إلَخْ (قَوْلُهُ انْفَسَخَتْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي غَالِبِ قُرَى مِصْرِنَا مِنْ أَنَّ مَا يُسَمُّونَهُ بِالْجَرَّافَةِ جَرَتْ عَادَتُهُمْ أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بِهِ قِطْعَةً مِنْ الْأَرْضِ مَعَ مَا هُوَ مَزْرُوعٌ فِيهَا فَتَتَعَطَّلُ بِذَلِكَ مَنْفَعَةُ الْقِطْعَةِ الَّتِي أُخِذَ تُرَابُهَا وَيَتْلَفُ الزَّرْعُ وَهُوَ أَنَّ الْجُزْءَ الَّذِي أَخَذَتْ الْجَرَّافَةُ تُرَابَهُ تَنْفَسِخُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ حَيْثُ تَعَطَّلَ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَيَثْبُتُ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْأَرْضِ. وَأَمَّا الزَّرْعُ فَيَضْمَنُهُ الْمُبَاشِرُ لِلْإِتْلَافِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا، وَإِلَّا فَالضَّمَانُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ وَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا.
(قَوْلُهُ وَلَا حَطُّ شَيْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ) أَيْ وَلَهُ أَنْ يَزْرَعَهَا ثَانِيًا زَرْعًا يُدْرَكُ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ فِيمَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
مَا فِي الْمَتْنِ إنَّمَا أَخَذَهُ بِمُجَرَّدِ الْفَهْمِ وَهُوَ لَا يُوَافِقُ الْوَاقِعَ كَمَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْفَاءِ بِالدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِطُرُوِّ خَوْفٍ مَثَلًا) وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ يَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَمَرِضَ مُسْتَأْجِرُ دَابَّةٍ لِسَفَرٍ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ؛ إذْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ تَعَذُّرِ السَّفَرِ وَانْظُرْ مَا نُكْتَتُهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْحِسِّيُّ إنْ تَعَلَّقَ بِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ كَأَنْ اسْتَأْجَرَ الْإِمَامُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا أَيْضًا مِنْ التَّعَذُّرِ الشَّرْعِيِّ إذْ الْمَانِعُ مِنْ الْمُقَابَلَةِ بَعْدَ الصُّلْحِ إنَّمَا هُوَ الشَّرْعُ وَلَيْسَ هُنَاكَ مَانِعٌ حِسِّيٌّ فَتَأَمَّلْ.
حَانُوتٍ
(وَتَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ بِتَلَفِ مُسْتَوْفًى مِنْهُ عُيِّنَ فِي عَقْدِهَا شَرْعًا كَمُسْلِمَةٍ اُسْتُؤْجِرَتْ نَفْسُهَا مُدَّةً لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ فَحَاضَتْ فِيهَا أَوْ حِسًّا كَالْمَوْتِ فَتَنْفَسِخُ (بِمَوْتِ) نَحْوِ (الدَّابَّةِ وَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنَيْنِ) وَلَوْ بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا قَبْلَ قَبْضِهَا كَالْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِنَّمَا اسْتَقَرَّ بِإِتْلَافِ الْمُشْتَرِي لَهُ ثَمَنُهُ لِأَنَّهُ وَارِدٌ عَلَى الْعَيْنِ وَبِإِتْلَافِهَا صَارَ قَابِضًا لَهَا بِخِلَافِ الْمَنْفَعَةِ هُنَا لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ إنَّمَا هُوَ (فِي) الزَّمَانِ (الْمُسْتَقْبَلِ) وَمَنَافِعُهُ مَعْدُومَةٌ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُرَدَّ الْإِتْلَافُ عَلَيْهَا (لَا) فِي الزَّمَنِ (الْمَاضِي) بَعْدَ الْقَبْضِ الَّذِي يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فَلَا تَنْفَسِخُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِاسْتِقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ خِيَارٌ (فَيَسْتَقِرُّ قِسْطُهُ مِنْ الْمُسَمَّى) بِالنَّظَرِ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ بِأَنْ تُقَوَّمَ مَنْفَعَةُ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَالْبَاقِيَةِ وَيُوَزَّعَ الْمُسَمَّى عَلَى نِسْبَةِ قِيمَتِهِمَا وَقْتَ الْعَقْدِ دُونَ مَا بَعْدَهُ، فَلَوْ كَانَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ سَنَةً وَمَضَى نِصْفُهَا وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ مَثَلًا أُجْرَةُ النِّصْفِ الْبَاقِي وَجَبَ مِنْ الْمُسَمَّى ثُلُثَاهُ أَوْ بِالْعَكْسِ فَثُلُثُهُ لَا عَلَى نِسْبَةِ الْمُدَّتَيْنِ لِاخْتِلَافِهِمَا، إذْ قَدْ تَزِيدُ أُجْرَةُ شَهْرٍ عَلَى شُهُورٍ، وَخَرَجَ بِالْمُسْتَوْفَى مِنْهُ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَغَيْرُهُ مِمَّا مَرَّ فَلَا انْفِسَاخَ بِتَلَفِهِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ
(وَلَا تَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ بِنَوْعَيْهَا (بِمَوْتِ الْعَاقِدَيْنِ) أَوْ أَحَدِهِمَا لِلُزُومِهَا كَالْبَيْعِ، فَتَبْقَى الْعَيْنُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُكْرِي عِنْدَ الْمُكْتَرِي أَوْ وَارِثِهِ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهَا الْمَنْفَعَةَ، فَإِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ فَمَا الْتَزَمَهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ تَرِكَةٌ اُسْتُؤْجِرَ مِنْهَا وَإِلَّا تَخَيَّرَ الْوَارِثُ، فَإِنْ وَفَّى اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ. وَاسْتَثْنَى مَسَائِلَ بَعْضُهَا الِانْفِسَاخُ فِيهِ لِكَوْنِهِ مَوْرِدَ الْعَقْدِ لَا لِكَوْنِهِ عَاقِدًا كَمَوْتِ الْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ، وَبَعْضُهَا الِانْفِسَاخُ فِيهِ بِغَيْرِ الْمَوْتِ كَمَا لَوْ أَجَّرَ مَنْ أَوْصَى لَهُ بِمَنْفَعَةِ دَارٍ حَيَاتِهِ فَانْفِسَاخُهَا بِمَوْتِهِ إنَّمَا هُوَ لِفَوَاتِ شَرْطِ الْمُوصَى، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ بِمَنَافِعِهِ وَإِنَّمَا قَالَ أَنْ يَنْتَفِعَ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْإِيجَارُ لِأَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهُ الْمَنْفَعَةَ وَإِنَّمَا أَبَاحَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ كَمَا يَأْتِي وَكَأَنْ أَجَّرَ الْمَقْطَعَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ: أَيْ إقْطَاعَ إرْفَاقٍ لَا تَمْلِيكٍ، وَبَعْضُهَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يَظْهَرُ، لِأَنَّا وَإِنْ مَنَعْنَاهُ مِنْ الزِّرَاعَةِ ثَانِيًا بَعْدَ أَوَانِ الْحَصَادِ مَثَلًا لِكَوْنِ الزِّرَاعَةِ الثَّانِيَةِ تُضْعِفُ قُوَّةَ الْأَرْضِ، لَكِنَّا لَا نَمْنَعُهُ هُنَا لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِمِثْلِهِ وَلَوْ عَلَى نُدُورٍ فَيُفْرَضُ الْأَوَّلُ كَالْعَدَمِ وَيَسْتَأْنِفُ زَرْعَهَا مِنْ نَوْعِ مَا اسْتَأْجَرَ لَهُ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَا يَزِيدُ ضَرَرُهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنْ تَأَخَّرَ عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ بَقِيَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِذَلِكَ الزَّمَنِ، وَلَيْسَ بِمَا يُمْتَنَعُ زَرْعُهُ ثَانِيًا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِتَكَرُّرِ الزَّرْعِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كَزَرْعِهَا أَوَّلًا بِرْسِيمًا مَثَلًا ثُمَّ ثَانِيًا سِمْسِمًا مَثَلًا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فِعْلُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ فَحَاضَتْ) قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي غَصْبِ الدَّابَّةِ وَنَحْوِهِ تَخْصِيصُ الِانْفِسَاخِ بِمُدَّةِ الْحَيْضِ دُونَ مَا بَعْدَهَا وَثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْمُسْتَأْجِرِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِ الشَّارِحِ الِانْفِسَاخُ فِي الْجَمِيعِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ خَالَفَتْ وَخُصَّتْ بِنَفْسِهَا هَلْ تَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَتْ إجَارَةُ ذِمَّةٍ اسْتَحَقَّتْ الْأُجْرَةَ وَإِنْ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ لَمْ تَصِحَّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ) أَيْ وَيَكُونُ بِإِتْلَافِ الدَّابَّةِ ضَامِنًا لِقِيمَتِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَارِدٌ عَلَى الْعَيْنِ) أَيْ إتْلَافُ الْمُشْتَرَى اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ) أَيْ النِّصْفُ (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِهِمَا) أَيْ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: إذْ قَدْ تَزِيدُ أُجْرَةُ شَهْرٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَسَّطَ الْأُجْرَةَ عَلَى عَدَدِ الشُّهُورِ كَأَنْ قَالَ أَجَّرْتُكَهَا سَنَةً كُلُّ شَهْرٍ مِنْهَا بِكَذَا اُعْتُبِرَ مَا سَمَّاهُ مُوَزَّعًا عَلَى الشُّهُورِ وَلَمْ يُنْظَرْ لِأُجْرَةِ مِثْلِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَلَا الْمُسْتَقْبَلَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَمَلًا بِمَا وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا عُيِّنَ كُلٌّ مِنْ الْمُسْتَوْفَى بِهِ أَوْ فِيهِ بَعْدَ الْعَقْدِ ثُمَّ تَلِفَ وَجَبَ إبْدَالُهُ وَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ جَازَ إبْدَالُهُ بِرِضَا الْمُكْتَرِي وَإِنْ عُيِّنَ فِي الْعَقْدِ ثُمَّ تَلِفَ انْفَسَخَ
(قَوْلُهُ: أَوْ وَارِثِهِ) أَيْ وَلَوْ عَامًا، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ وَارِثٌ كَأَنْ مَاتَ ذِمِّيٌّ لَا وَارِثَ لَهُ أَوْ مَنْ أَجَّرَ وَهُوَ مُسْلِمٌ ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ فَمَالُهُ فَيْءٌ، وَمِنْهُ مَنْفَعَةُ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فَيَتَصَرَّفُ فِيهَا وَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَقُلْ) أَيْ الْمُوصِي، وَقَوْلُهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ أَيْ الْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ: وَبَعْضُهَا مُفَرَّعٌ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: الَّذِي يُقَابِلُ) وَصْفٌ لِلْمَاضِي
(قَوْلُهُ: بَعْضُهَا الِانْفِسَاخُ فِيهِ لِكَوْنِهِ إلَخْ) غَرَضُهُ بِذَلِكَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى مَنْ اسْتَثْنَى مَا ذُكِرَ، وَأَنَّ اسْتِثْنَاءَهَا إنَّمَا هُوَ صُورِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبَعْضُهَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ) أَيْ مِمَّا لَمْ يَذْكُرْهُ
(وَ) لَا تَنْفَسِخُ أَيْضًا بِمَوْتِ (مُتَوَلِّي الْوَقْفِ) أَيْ نَاظِرِهِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَلَوْ بِوَصْفٍ كَالْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَا يَأْتِي أَوْ بِغَيْرِ شَرْطِهِ مُسْتَحِقًّا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا سَوَاءٌ أَجَّرَهُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ أَمْ غَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ لَمَّا شَمِلَ نَظَرُهُ جَمِيعَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَخْتَصَّ بِوَصْفِ اسْتِحْقَاقٍ وَلَا زَمَنِهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ وَأَجَّرَ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَصَحَّحْنَاهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ
وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ صَرْفُ الْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ لِأَهْلِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَوْ مَاتَ الْآخِذُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَانْتَقَلَ الِاسْتِحْقَاقُ لِغَيْرِهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بَلْ يَرْجِعُ أَهْلُ الْبَطْنِ الثَّانِي عَلَى تَرِكَةِ الْقَابِضِ مِنْ وَقْتِ مَوْتِهِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ وَمَنْ تَبِعَهُ (وَلَوْ آجَرَ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ) مَثَلًا أَوْ بَعْضُهُمْ الْوَقْفَ وَقَدْ شُرِطَ النَّظَرُ لَهُ لَا مُطْلَقًا بَلْ مُقَيَّدًا بِنَصِيبِهِ أَوْ بِمُدَّةِ اسْتِحْقَاقِهِ (مُدَّة) لِمُسْتَحِقٍّ أَوْ غَيْرِهِ (وَمَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا أَوْ الْوَلِيُّ صَبِيًّا) أَوْ مَالَهُ (مُدَّةً لَا يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ فَبَلَغَ) رَشِيدًا (بِاحْتِلَامٍ) أَوْ غَيْرِهِ (فَالْأَصَحُّ انْفِسَاخُهَا فِي الْوَقْفِ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَسِيمُ قَوْلِهِ بَعْضُهَا الِانْفِسَاخُ فِيهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: بِمَوْتِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ قَبَضَ الْأُجْرَةَ وَتَصَرَّفَ فِيهَا لِنَفْسِهِ رَجَعَ عَلَى تَرِكَتِهِ بِقِسْطِ مَا بَقِيَ وَصَرَفَ لِأَرْبَابِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقَّ) بِأَنْ كَانَ الْوَقْفُ أَهْلِيًّا وَانْحَصَرَ فِيهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَبَقَتِهِ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ، فَإِنْ لَمْ يَنْحَصِرْ الْوَقْفُ فِيهِ وَأَجَّرَ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَهَلْ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ فِي قَدْرِ نَصِيبِهِ وَتَبْطُلُ فِيمَا زَادَ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ أَوْ فِي الْجَمِيعِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ حَيْثُ شَمِلَتْ وِلَايَتُهُ جَمِيعَ الْمُسْتَحَقِّينَ كَانَ كَوَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَلَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بِالْمَصْلَحَةِ فِي الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحْنَاهَا) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ أَخْذًا مِمَّا سَنَذْكُرُهُ عَنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ) عِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِذَا أَجَّرَ النَّاظِرُ فَزَادَتْ الْأُجْرَةُ إلَخْ مَا نَصُّهَا: وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ الْمُسْتَحِقَّ أَوْ مَأْذُونَهُ جَازَ إيجَارُهُ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَعَلَيْهِ فَالْأَوْجَهُ انْفِسَاخُهَا بِانْتِقَالِهَا لِغَيْرِهِ مِمَّنْ يَأْذَنُ لَهُ فِي ذَلِكَ اهـ. وَبَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ النَّظَرُ مُسْتَحَقًّا وَأَذِنَ لَهُ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يُؤَجِّرَ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَهَلْ لِلنَّاظِرِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَقَّ لِغَيْرِهِ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بِالْمَصْلَحَةِ وَإِجَارَتُهُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَوْ بِإِذْنِ الْمُسْتَحِقِّ لَا مَصْلَحَةَ فِيهَا لِلْوَقْفِ، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ) أَيْ وَلَوْ قَطَعَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى تَرِكَةِ الْقَابِضِ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمُدَّةِ اسْتِحْقَاقِهِ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ مِنْ قَوْلِهِمْ وَقَفْت هَذَا عَلَى ذُرِّيَّتِي وَنَسْلِي وَعَقِبِي إلَى آخِرِ شُرُوطِهِ، وَيَجْعَلُونَ مِنْ ذَلِكَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ النَّاظِرِ الْمُسْتَحِقِّ لِلنَّظَرِ بِمُقْتَضَى الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ أَوْ بِغَيْرِ شَرْطِهِ مَا لَمْ يَكُنْ أَجَّرَ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) كَالْحَيْضِ (قَوْلُهُ: بِمُدَّةِ اسْتِحْقَاقِهِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ بِغَيْرِ الْمَوْتِ كَأَنْ شَرَطَ النَّظَرَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَوْ بِمُدَّةِ اسْتِحْقَاقِهِ) وَلَيْسَ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا لَوْ جَعَلَ النَّظَرَ لِزَوْجَتِهِ مَا دَامَتْ عَزْبَاءَ وَلِوَلَدِهِ مَا لَمْ يَفْسُقْ، فَلَا يَنْفَسِخُ مَا أَجْرَاهُ بِالتَّزَوُّجِ أَوْ بِالْفِسْقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ فَالْأَصَحُّ انْفِسَاخُهَا فِي الْوَقْفِ) أَيْ: وَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لِضَرُورَةٍ كَعِمَارَةٍ كَمَا هُوَ صَرِيحُ التَّعْلِيلِ الْآتِي، وَالْإِجَارَةُ الَّتِي لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ النَّاظِرِ إنَّمَا هِيَ إجَارَةُ النَّاظِرِ الْعَامِّ لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ وَهَذَا الْوَقْفُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ وَاقِفُهُ نَاظِرًا عَامًّا فَنَاظِرُهُ الْعَامُّ الْحَاكِمُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، كَمَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُمْ الْوَاقِفُ نَاظِرًا أَصْلًا فَإِنَّ النَّظَرَ لِلْحَاكِمِ، وَحِينَئِذٍ فَالطَّرِيقُ فِي بَقَاءِ الْإِجَارَةِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْحَاكِمُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَنْ يُفَوِّضُ إلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا نَبَّهْتُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنِّي رَأَيْتُ مِنْ الْعُظَمَاءِ مَنْ أَفْتَى بِعَدَمِ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِمَوْتِ هَذَا النَّاظِرِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَتْ إجَارَتُهُ لِلضَّرُورَةِ فَإِنْ قُلْت: هَلَّا
لِأَنَّهُ لَمَّا تَقَيَّدَ نَظَرُهُ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ بِمُدَّةِ اسْتِحْقَاقِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الْمَنَافِعِ الْمُنْتَقِلَةِ لِغَيْرِهِ، وَبِهِ فَارَقَ النَّاظِرُ السَّابِقُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ النَّظَرُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ كَانَتْ وِلَايَتُهُ غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِشَيْءٍ فَسَرَّى أَثَرُهَا عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ بِمَوْتِهِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ انْفِسَاخِهَا بِمَوْتِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ كَمَا أَوْضَحَ ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا وَقَعَ لِكَثِيرٍ مِنْ الشُّرَّاحِ هُنَا، وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ لَمْ يُشْرَطْ لَهُ نَظَرٌ عَامٌّ وَلَا خَاصٌّ فَلَا يَصِحُّ إيجَارُهُ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمَا مَا يُخَالِفُهُ، وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ آجَرَهُ النَّاظِرُ وَلَوْ حَاكِمًا لِلْبَطْنِ الثَّانِي فَمَاتَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ انْفَسَخَتْ لِانْتِقَالِ اسْتِحْقَاقِ الْمَنَافِعِ إلَيْهِمْ، وَالشَّخْصُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا لَعَلَّهُ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُهُ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ أَبِيهِ وَأَقْبَضَهُ الْأُجْرَةَ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَالِابْنُ جَائِزٌ سَقَطَ حُكْمُ الْإِجَارَةِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى أَبِيهِ دَيْنٌ ضَارَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ ابْنٌ آخَرُ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ وَرَجَعَ بِنِصْفِ الْأُجْرَةِ فِي تَرِكَةِ أَبِيهِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ. وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ هُنَا أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ، وَقِيَاسُهُ فِي صُورَةِ الزَّرْكَشِيّ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ (لَا) فِي (الصَّبِيِّ) فَلَا تَنْفَسِخُ لِبِنَاءِ وَلِيِّهِ تَصَرُّفَهُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ مَعَ عَدَمِ تَقْيِيدِ نَظَرِهِ، وَمِثْلُ بُلُوغِهِ بِالْإِنْزَالِ إفَاقَةُ مَجْنُونٍ وَرُشْدُ سَفِيهٍ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لِزَوْجَتِهِ مَثَلًا مَا دَامَتْ عَازِبَةً أَوْ لِابْنِهِ إلَّا أَنْ يَفْسُقَ فَتَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ وَفَسَقَ أَنْ يَكُونَ كَالْمَوْتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ النَّاظِرَ السَّابِقَ) الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِهِ وَلَا بِمَوْتِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ النَّاظِرَ السَّابِقَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَوْتِهِ) أَيْ مَعَ مَوْتِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ بَعْدَ مَوْتِهِ اهـ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمَا مَا يُخَالِفُهُ) أَيْ بَلْ الَّذِي يُؤَجِّرُهُ الْحَاكِمُ أَوْ مَنْ وَلَّاهُ الْحَاكِمُ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مُوَلًّى مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ وَأَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ الْإِيجَارَ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ وَيَسْأَلَهُ التَّوْلِيَةَ عَلَى الْوَقْفِ لِيَصِحَّ إيجَارُهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ خَشِيَ مِنْ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ تَغْرِيمَ دَرَاهِمَ لَهَا وَقَعَ أَوْ تَوْلِيَةَ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ مِمَّنْ يَحْصُلُ مِنْهُ ضَرَرٌ لِلْوَقْفِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ لِلضَّرُورَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: ضَارَبَ) أَيْ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ (قَوْلُهُ: وَرُشْدُ سَفِيهٍ) أَيْ فَلَا تَنْفَسِخُ بِهِمَا الْإِجَارَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ جُنُونُهُ مُطْبِقًا، فَإِنْ كَانَ مُتَقَطِّعًا وَأَجَّرَهُ فِي زَمَنِ جُنُونِهِ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مُدَّةِ الْجُنُونِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْعَقْدُ فَهَلْ تَبْطُلُ فِيمَا زَادَ عَلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَجَّرَ الصَّبِيُّ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى بُلُوغِهِ بِالسِّنِّ أَوْ لَا، وَعَلَى الثَّانِي فَهَلْ تَنْفَسِخُ بِإِفَاقَتِهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ الْعَادَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ خُولِفَتْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
تَثْبُتُ لَهُ هَذِهِ الْوِلَايَةُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا تَثْبُتُ لِلضَّرُورَةِ وِلَايَةُ إجَارَةِ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْهَا الْوَاقِفُ؟ قُلْت: الْفَرْقُ أَنَّ النَّاظِرَ وِلَايَتُهُ عَلَى الْغَيْرِ ثَابِتَةٌ بِقَوْلِ الْوَاقِفِ أَوْ الْحَاكِمِ وَإِنْ كَانَ تَصَرُّفُهُ مَشْرُوطًا بِشَرْطٍ، وَشُرُوطُ الْوَاقِفِينَ عُهِدَ مُخَالَفَتُهَا لِلضَّرُورَةِ؛ فَإِذَا وُجِدَتْ الضَّرُورَةُ جَازَ التَّصَرُّفُ عَلَى خِلَافِ الشَّرْطِ بِالْوِلَايَةِ الثَّابِتَةِ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ أَوْ الْحَاكِمِ وَأَمَّا هَذَا فَلَمْ يُثْبِتْ لَهُ الْوَاقِفُ وِلَايَةً عَلَى غَيْرِهِ أَصْلًا، وَالضَّرُورَةُ بِمُجَرَّدِهَا لَا تَصْلُحُ أَنْ تَثْبُتَ لَهُ وِلَايَةً لَمْ يُثْبِتْهَا لَهُ الْوَاقِفُ وَلَا الْحَاكِمُ.
نَعَمْ هُوَ كَالنَّاظِرِ الْعَامِّ فِي أَنَّ الضَّرُورَةَ تَجُوزُ لَهُ مُخَالَفَةُ شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي الْمُدَّةِ لَكِنْ يَتَقَيَّدُ بَقَاؤُهَا بِمُدَّةِ اسْتِحْقَاقِهِ؛ فَإِذَا رَجَعَ الِاسْتِحْقَاقُ إلَى غَيْرِهِ انْفَسَخَتْ إجَارَتُهُ؛ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَى الْغَيْرِ كَمَا عَرَفْتَ، لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا إذَا انْفَسَخَتْ عَلَى مَنْ يَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِقِسْطِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مِنْ الْأُجْرَةِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ لِأَنَّ مَا أُخِذَ مِنْهُ لِمَصْلَحَةِ عِمَارَةِ الْوَقْفِ فَصَارَ كَالْمَأْخُوذِ لِذَلِكَ بِالْفَرْضِ فَلْيُحَرَّرْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمَّا تَقَيَّدَ نَظَرُهُ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ بِمُدَّةِ اسْتِحْقَاقِهِ) أَيْ: وَلَوْ الْتِزَامًا لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ نَظَرُهُ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) مِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ إرْثُ الْمَنْفَعَةِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَعَدَمِهِ
أَمَّا إذَا بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ سَفِيهًا فَلَا تَنْفَسِخُ جَزْمًا، وَأَمَّا إذَا أَجَّرَهُ مُدَّةً يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ فَتَبْطُلُ فِي الزَّائِدِ إنْ بَلَغَ رَشِيدًا، وَمِثْلُ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ الْحَيْضُ فِي الْأُنْثَى، وَلَوْ أَجَّرَ الْوَلِيُّ مَالَ مُوَلِّيهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً ثُمَّ مَاتَ الْمَالِكُ فِي أَثْنَائِهِ بَطَلَتْ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، لِأَنَّ وِلَايَتَهُ مَقْصُورَةٌ عَلَى مُدَّةِ مِلْكِ مُوَلِّيهِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى مَنْ انْتَقَلَ مِلْكُهَا إلَيْهِ وَلَا نِيَابَةَ فَأَشْبَهَ انْفِسَاخَ إجَارَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ بِمَوْتِهِ، وَإِجَارَةِ أُمِّ وَلَدِهِ بِمَوْتِهِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ بِوُجُودِهَا، وَمَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ فِي نَفْسِهِ دُونَ مَالِهِ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ فِي مَسْأَلَةِ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَسْتَمِرُّ فِي مَالِهِ وَلَا تَسْتَمِرُّ فِي نَفْسِهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهَا تَنْفَسِخُ بِانْهِدَامِ الدَّارِ) كُلِّهَا وَلَوْ بِفِعْلِ الْمُكْتَرِي لِزَوَالِ الِاسْمِ وَفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ قَبْلَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا إذْ لَا تَحْصُلُ إلَّا شَيْئًا فَشَيْئًا، وَإِنَّمَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْعَادَةُ وَاسْتَمَرَّ الْجُنُونُ كَانَ كَمَا لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ غَيْرَ رَشِيدٍ فَتَدُومُ الْإِجَارَةُ إنْ لَمْ تَنْقَضِ الْمُدَّةُ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي الْإِجَارَةِ قَبْلَ الْإِفَاقَةِ
(قَوْلُهُ: إنْ بَلَغَ رَشِيدًا) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: ثُمَّ إنْ بَلَغَ سَفِيهًا لَمْ تَبْطُلْ لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ أَنَّ الصَّبِيَّ لَوْ غَابَ مُدَّةً يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ وَلَمْ يَعْلَمْ وَلِيُّهُ أَبَلَغَ رَشِيدًا أَمْ لَا لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الصِّغَرِ وَإِنَّمَا يَتَصَرَّفُ الْحَاكِمُ، ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ إذْ لَا تَرْتَفِعُ وِلَايَةُ الْوَلِيِّ بِمُجَرَّدِ بُلُوغِهِ، بَلْ بِالْبُلُوغِ رَشِيدًا وَلَمْ يَعْلَمْ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ بُلُوغَهُ رَشِيدًا بِأَنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةِ الِانْفِسَاخِ حِينَ الْبُلُوغِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الشُّرُوطِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَدْ بَانَ عَدَمُ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ. هَذَا وَيُرَدُّ عَلَى قَوْلِهِ نَعَمْ إنْ بَلَغَ سَفِيهًا لَمْ تَبْطُلْ لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ أَنَّهُ بِالْبُلُوغِ ذَهَبَ حَجْرُ الصَّبِيِّ وَخَلَفَهُ حَجْرُ السَّفَهِ وَالْوِلَايَةُ الَّتِي حُجِرَ الصَّبِيُّ بِسَبَبِهَا لَمْ تَبْقَ بَعْدَ الْبُلُوغِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ الْوِلَايَةُ فِي الْجُمْلَةِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ سَبَبُهَا الصَّبِيَّ أَوْ غَيْرَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ زَمَنٌ يَتَصَرَّفُ غَيْرُهُ فِيهِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ الْحَيْضُ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَاتَ الْمَالِكُ) أَيْ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي أَثْنَائِهِ) ذُكِرَ مَعَ رُجُوعِهِ لِلْمُدَّةِ لِكَوْنِهَا زَمَنًا (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ) أَيْ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ مُطَالَبَةُ الْوَلِيِّ بِالْقِسْطِ مِمَّا قَبَضَهُ، وَيَرْجِعُ الْوَلِيُّ عَلَى تَرِكَةِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ إنْ كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ وَإِلَّا فَيَضِيعُ مَا غَرِمَهُ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ تَعَجَّلَ النَّاظِرُ الْأُجْرَةَ وَدَفَعَهَا لِلْبَطْنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْإِجَارَةَ ثَمَّ لَمْ تَنْفَسِخْ وَخَرَجَ الْمَالُ عَنْ يَدِهِ بِوُجُوبِ تَسْلِيمِهِ لِأَهْلِهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْإِجَارَةَ انْفَسَخَتْ وَالْمَالَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ وَحِيَازَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَلَا وِلَايَةَ لَهُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى الثَّانِي وِلَايَةٌ كَأَنْ كَانَ لَهُ وَصِيَّةٌ عَلَى أَخَوَيْنِ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ وَيُقَالُ فِي الِانْفِسَاخِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ حِينَ الْإِيجَارِ لَمْ يَكُنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى مَنْ انْتَقَلَ الْحَقُّ إلَيْهِ الْآنَ فَقَدْ أَجَّرَ مَا لَا وِلَايَةَ عَلَيْهِ حِينَ الْإِيجَارِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِفِعْلِ الْمُكْتَرِي)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لِأَنَّ وِلَايَتَهُ مَقْصُورَةٌ عَلَى مُدَّةِ مِلْكِ مُوَلِّيهِ، وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى مَنْ انْتَقَلَ مِلْكُهَا إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى مَنْ انْتَقَلَ مِلْكُهَا إلَيْهِ أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ، وَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ، وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الَّذِي انْتَقَلَ مِلْكُهَا إلَيْهِ هُوَ الْوَلِيُّ نَفْسُهُ بِأَنْ كَانَ أَبًا لِلْمَحْجُورِ. (قَوْلُهُ: وَإِجَارَةُ أُمِّ وَلَدِهِ بِمَوْتِهِ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ بِوُجُودِهَا) أَيْ: وَالصُّورَةُ أَنَّ التَّعْلِيقَ وَالْإِيلَاءَ سَابِقَانِ عَلَى الْإِجَارَةِ. (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ الِاسْمِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحُكْمَ دَائِرٌ مَعَ بَقَاءِ الِاسْمِ وَزَوَالِهِ، فَمَتَى زَالَ الِاسْمُ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ، وَمَا دَامَ بَاقِيًا فَلَا انْفِسَاخَ؛ وَإِنْ فَاتَتْ الْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي الدَّارِ، مَثَلًا إلَّا بِزَوَالِ جَمِيعِ رُسُومِهَا إذْ اسْمُهَا يَبْقَى بَقَاءَ الرُّسُومِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُرَادٍ، وَأَنَّ الْمَدَارَ فِي الِانْفِسَاخِ وَعَدَمِهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى بَقَاءِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ وَعَدَمِهِ؛ فَمَتَى فَاتَتْ الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَإِنْ بَقِيَ الِاسْمُ فَتَنْفَسِخُ بِفَوَاتِ مَنْفَعَةِ
حَكَمْنَا فِيهَا بِالْقَبْضِ لِيَتَمَكَّنَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ التَّصَرُّفِ فَتَنْفَسِخُ بِالْكُلِّيَّةِ إنْ وَقَعَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ وَإِلَّا فَفِي الْبَاقِي مِنْهَا دُونَ الْمَاضِي فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ التَّوْزِيعِ، فَإِنْ انْهَدَمَ بَعْضُهَا ثَبَتَ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ إنْ لَمْ يُبَادِرْ الْمُكْرِي بِالْإِصْلَاحِ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَا أُجْرَةَ لَهَا، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُمَا إنَّ تَخْرِيبَ الْمُكْتَرِي يُخَيِّرُهُ، إذْ مُرَادُهُمَا تَخْرِيبٌ يَحْصُلُ بِهِ تَعْيِيبٌ فَقَطْ وَتَعَطُّلُ الرَّحَى بِانْقِطَاعِ مَائِهَا وَالْحَمَّامِ بِنَحْوِ خَلَلِ أَبْنِيَتِهَا أَوْ نَقْصِ مَاءِ بِئْرٍ بِهَا يَفْسَخُهَا كَذَا قَالَاهُ، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ كَوْنِهِ مَبْنِيًّا عَلَى الضَّعِيفِ فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى تَعَذُّرِ سَوْقِ مَاءٍ إلَيْهَا مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ كَمَا يُرْشِدُ لِذَلِكَ قَوْلُهُمْ الْآتِي لِإِمْكَانِ سَقْيِهَا بِمَاءٍ آخَرَ. وَأَمَّا نَقْلُهُمَا عَنْ إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ فِيمَا لَوْ طَرَأَتْ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ آفَةٌ بِسَاقِيَةِ الْحَمَّامِ الْمُؤَجَّرَةِ عَطَّلَتْ مَاءَهَا التَّخْيِيرُ سَوَاءٌ أَمَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ أَمْ لَا، وَعَنْ الْمُتَوَلِّي عَدَمُهُ إذَا بَانَ الْعَيْبُ، وَقَدْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ وَقَالَا إنَّهُ الْوَجْهُ لِأَنَّهُ فَسْخٌ فِي بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَمُعْتَرَضٌ بِأَنَّ الْوَجْهَ مَا أَطْلَقَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ وَيَلْزَمُهُ أَرْشُ نَقْصِهَا لَا إعَادَةَ بِنَائِهَا (قَوْلُهُ: يُخَيِّرُهُ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَقَصَ مَاءُ بِئْرٍ بِهَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ نَقْصًا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الِانْتِفَاعُ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلِانْفِسَاخِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ إلَخْ هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي صُورَةِ نَحْوِ خَلَلِ أَبْنِيَةِ الْحَمَّامِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِخَلَلٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الِانْتِفَاعُ. وَقَوْلُهُ عَطَّلَتْ مَاءَهَا لَعَلَّ الْمُرَادَ نَقَصَتْ بِحَيْثُ نَقَصَ الِانْتِفَاعُ وَلَمْ تَنْتَفِ بِالْكُلِّيَّةِ، أَمَّا لَوْ عَطَّلَتْهُ رَأْسًا بِحَيْثُ تَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ فَيَنْبَغِي الِانْفِسَاخُ أَخْذًا مِنْ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا مَعَ الَّذِي أَجَابَ بِهِ فِيهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَذَا قَالَاهُ) وَالْمُعْتَمَدُ فِيهِ ثُبُوتُ التَّخْيِيرِ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ نُقْصَانَ الْمَنْفَعَةِ يُثْبِتُ الْخِيَارَ فَقَطْ، فَإِنْ حُمِلَ مَا هُنَا عَلَى مَا لَوْ تَعَطَّلَتْ الْمَنْفَعَةُ مُطْلَقًا كَانَ الْمُعْتَمَدُ الِانْفِسَاخَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَعَادَهُ الْمَالِكُ عَلَى وَجْهٍ يَزُولُ بِهِ تَعَطُّلُ الْمَنْفَعَةِ وَعَوْدُهَا كَمَا كَانَتْ لَمْ يَعُدْ اسْتِحْقَاقُهُ الْمَنْفَعَةَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ التَّعْبِيرُ بِالِانْفِسَاخِ، وَقِيَاسُ مَا فِي الْغَصْبِ أَنْ يُبَيِّنَ اسْتِحْقَاقَهُ لِلْمَنْفَعَةِ وَيَثْبُتَ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ وَيَجْرِي هَذَا فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ الَّتِي قِيلَ فِيهَا بِالِانْفِسَاخِ
(قَوْلُهُ: وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ كَذَا قَالَاهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الضَّعِيفِ فِي الْمَسْأَلَةِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
الدَّارِ: أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا دَارًا فَأَلْ فِي الْمَنْفَعَةِ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ وَإِلَّا لَزِمَ لِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ بِانْهِدَامِهَا وَإِنْ زَالَ اسْمُهَا؛ إذْ الِانْتِفَاعُ مُتَأَتٍّ بِالْأَرْضِ لِعَدَمِ الِانْهِدَامِ فَلَا يَكُونُ لِإِنَاطَةِ الِانْفِسَاخِ بِالِانْهِدَامِ مَعْنًى، وَقَدْ اقْتَصَرَ غَيْرُ الشَّارِحِ فِي تَعْلِيلِ الِانْفِسَاخِ عَلَى فَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْأَيْمَانِ عَلَى أَنَّ الْمَدَارَ فِي الْأَيْمَانِ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ الْأَلْفَاظُ الصَّادِرَةُ مِنْ الْحَالِفِ فَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِبَقَاءِ اسْمِ الدَّارِ الْمَحْلُوفِ عَلَى دُخُولِهَا مَثَلًا: وَأَمَّا هُنَا فَالْمَدَارُ عَلَى بَقَاءِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ بِالْعَقْدِ وَعَدَمِهِ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ انْهَدَمَ بَعْضُهَا ثَبَتَ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُنْهَدِمُ مِمَّا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ كَبَيْتٍ مِنْ الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ انْفَسَخَتْ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّمِيرِيِّ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ فِيمَا إذَا غَرِقَ بَعْضُ الْأَرْضِ بِمَا لَا يُتَوَقَّعُ انْحِسَارُهُ وَحِينَئِذٍ فَيَبْقَى التَّخْيِيرُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ وَإِنْ كَانَ الْمُنْهَدِمُ مِمَّا لَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ كَسُقُوطِ حَائِطٍ ثَبَتَ الْخِيَارُ فِي الْجَمِيعِ إنْ لَمْ يُبَادِرْ الْمُكْرِي بِالْإِصْلَاحِ، وَهَذِهِ هِيَ مَحَلُّ كَلَامِ الشَّارِحِ بِدَلِيلِ تَقْيِيدِهِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَا أُجْرَةَ لِمِثْلِهَا) صَوَابُهُ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ (قَوْلُهُ: وَنَقْصُ مَاءِ بِئْرِهَا) أَيْ: وَالصُّورَةُ أَنَّهَا تَعَطَّلَتْ بِذَلِكَ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فَلَا يَحْتَاجُ لِمَا تَرَجَّاهُ الشِّهَابُ سم حَيْثُ قَالَ: لَعَلَّ الْمُرَادَ نَقْصًا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الِانْتِفَاعُ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلِانْفِسَاخِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ مِنْ كَوْنِهِ مَبْنِيًّا عَلَى الضَّعِيفِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهُ، وَيُجَابُ بِحَمْلِ هَذَا عَلَى مَا إذَا تَعَذَّرَ إلَخْ، فَعِبَارَةُ الشَّارِحِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِتَأْوِيلٍ، وَبِعِبَارَةِ التُّحْفَةِ هَذِهِ تَعْلَمُ مَا فِي حَلِّ الشَّيْخِ فِي حَاشِيَتِهِ لِعِبَارَةِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فَسَخَ فِي بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ فَرْضَ الْخِلَافِ بَيْنَ الْمُتَوَلِّي وَالْجُمْهُورِ فِيمَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَفْسَخَ فِي الْبَاقِي مِنْ الْمُدَّةِ فَقَطْ، أَمَّا الْفَسْخُ فِي الْجَمِيعِ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ الْمُتَوَلِّي وَالْجُمْهُورِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: فَمُعْتَرِضٌ بِأَنَّ الْوَجْهَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُعْتَرِضَ إنَّمَا هُوَ
الْجُمْهُورُ وَصَرَّحَا بِنَظِيرِهِ فِي مَوَاضِعَ تَبَعًا لَهُمْ، مِنْهَا قَوْلُهُمْ لَوْ عَرَضَ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ مَا يُنْقِصُ الْمَنْفَعَةَ كَخَلَلٍ يَحْتَاجُ لِعِمَارَةٍ وَحُدُوثِ ثَلْجٍ بِسَطْحٍ حَدَثَ مِنْ تَرْكِهِ عَيْبٌ وَلَمْ يُبَادِرْ الْمُؤَجِّرُ لِإِصْلَاحِهِ تَخَيَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ، وَقَوْلُهُمْ لَوْ اكْتَرَى أَرْضًا فَغَرِقَتْ وَتَوَقَّعَ انْحِسَارَ الْمَاءِ فِي الْمُدَّةِ تَخَيَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْخِيَارَ عَلَى التَّرَاخِي فِيمَا لَوْ كَانَ الْعَيْبُ بِحَيْثُ يُرْجَى زَوَالُهُ كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا فَهَذَا مِنْهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي التَّخْيِيرِ وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَضْلًا عَنْ إطْلَاقِهِمْ بَلْ صَرَّحَا بِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى فَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى مَا إذَا آجَرَ أَرْضًا فَغَرِقَتْ بِسَيْلٍ عَلَى أَنَّ مَا مَرَّ عَنْهُمَا فِي نَقْصِ مَاءِ بِئْرِ الْحَمَّامِ يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ فِي مَسْأَلَتِنَا فَضْلًا عَنْ التَّخْيِيرِ، فَقَوْلُهُمَا عَنْ مَقَالَةِ الْمُتَوَلِّي أَنَّهَا الْوَجْهُ: أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى عَلَى مَا فِيهِ أَيْضًا لَا مِنْ حَيْثُ الْمَذْهَبُ، وَتَوْجِيهُ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْأَصْلَ يَقْتَضِي مَنْعَ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهَا بَيْعٌ مَعْدُومٌ وَإِنَّمَا جُوِّزَتْ لِلْحَاجَةِ فَاغْتُفِرَ فِيهَا الْفَسْخُ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ يُقَالُ فِيهِ أَيْضًا الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَاضِحٌ إذْ الْعِلَّةُ فِيهِ التَّشْقِيصُ الْمُؤَدِّي إلَى سُوءِ الْمُشَارَكَةِ.
نَعَمْ يُحْمَلُ قَوْلُهُمَا فَالْوَجْهُ إلَى آخِرِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَبْدًا أَوْ بَهِيمَةً أَوْ مَا يُؤَدِّي إلَى التَّشْقِيصِ (لَا انْقِطَاعَ مَاءِ أَرْضٍ اُسْتُؤْجِرَتْ لِزِرَاعَةٍ) فَلَا تَنْفَسِخُ بِهِ لِبَقَاءِ اسْمِ الْأَرْضِ مَعَ إمْكَانِ سَقْيِهَا بِمَاءٍ آخَرَ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ غَرِقَتْ هِيَ أَوْ بَعْضُهَا بِمَاءٍ لَمْ يُتَوَقَّعْ انْحِسَارُهُ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ قَبْلَ أَوَانِ الزَّرْعَ انْفَسَخَتْ فِي الْكُلِّ فِي الْأُولَى وَفِي الْبَعْضِ فِي الثَّانِيَةِ، وَيُتَخَيَّرُ حِينَئِذٍ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّهُ خِيَارُ تَفْرِيقِ صَفْقَةٍ لَا خِيَارُ عَيْبِ إجَارَةٍ، كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَغَلِطَ مَنْ قَالَ إنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي لِاشْتِبَاهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَيْهِ، وَيُلْحَقُ بِذَلِكَ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُمْكِنْ سَقْيُهَا بِمَاءٍ أَصْلًا انْفَسَخَتْ وَهُوَ ظَاهِرٌ مُؤَيَّدٌ بِمَا مَرَّ فِي نَقْصِ مَاءِ بِئْرِ الْحَمَّامِ (بَلْ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ) لِلْعَيْبِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
هِيَ قَوْلُهُ لَا انْقِطَاعَ مَاءِ أَرْضٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ أَيْ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يُرْجَى زَوَالُهُ) خَرَجَ مَا لَا يُرْجَى زَوَالُهُ وَفِي الرَّوْضِ آخِرَ الْبَابِ وَإِنْ رَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِعَيْبٍ يُتَوَقَّعُ زَوَالُهُ لَمْ يَنْقَطِعْ خِيَارُهُ وَإِلَّا انْقَطَعَ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَالَ أَيْضًا: لَكِنْ يَنْبَغِي تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ فِي الْجُمْلَةِ، أَمَّا إذَا تَعَذَّرَ رَأْسًا فَيَنْبَغِي الِانْفِسَاخُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَتَعَطُّلُ الرَّحَى (قَوْلُهُ كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا) هِيَ تَعَطُّلُ الرَّحَى بِانْقِطَاعِ مَائِهَا (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ فِي مَسْأَلَتِنَا) هِيَ مَا لَوْ طَرَأَتْ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ آفَةٌ بِسَاقِيَةِ الْحَمَّامِ الْمُؤَجَّرَةِ
(قَوْلُهُ: بِمَاءٍ آخَرَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ زِرَاعَتُهَا بِغَيْرِهِ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي انْقِطَاعِ مَاءِ الْحَمَّامِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَيُلْحَقُ بِذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُتَخَيَّرُ) أَيْ فِي غَرَقِ الْبَعْضِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْفَوْرِ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: انْفَسَخَتْ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا يَقَعُ فِي أَرَاضِي مِصْرِنَا مِنْ أَنَّهُ يَسْتَأْجِرُهَا قَبْلَ أَوَانِ الزَّرْعِ وَهِيَ مِمَّا يُرْوَى غَالِبًا فَيَتَّفِقُ عَدَمُ الرَّيِّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ يُوجِبُ الِانْفِسَاخَ إنْ لَمْ يُرْوَ مِنْهَا شَيْءٌ أَصْلًا، وَيَثْبُتُ فِيمَا إذَا رُوِيَ بَعْضُهَا أَوْ كُلُّهَا، لَكِنْ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ مِنْ كَمَالِ الرَّيِّ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْعَقْدُ وَقَعَ عَلَى سَنَةٍ، فَإِنْ وَقَعَ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ انْفَسَخَتْ السَّنَةُ الْأُولَى الَّتِي لَمْ يَشْمَلْهَا الرَّيُّ وَيَتَخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ فَوْرًا فِي الْبَاقِي، فَإِنْ فَسَخَ فَذَاكَ وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ أُجْرَةُ السَّنَةِ الْأُولَى وَانْتَفَعَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُمَا فِي كَلَامِ الْمُتَوَلِّي إنَّهُ الْوَجْهُ فَقَطْ، وَلَيْسَ الْمُعْتَرِضُ نَقْلَهُمَا لِكَلَامِ الْجُمْهُورِ وَالْمُتَوَلِّي كَمَا يُفِيدُهُ هَذَا السِّيَاقُ فَكَانَ يَنْبَغِي خِلَافُ هَذَا التَّعْبِيرِ وَهُوَ تَابِعٌ فِيهِ لِلتُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَتَوْجِيهُ ابْنِ الرِّفْعَةِ) يَعْنِي لِإِطْلَاقِ الْجُمْهُورِ الْمَارِّ، وَقَوْلُهُ: يُقَالُ فِيهِ أَيْضًا إلَخْ مُرَادُهُ بِهِ تَوْجِيهٌ آخَرُ لِإِطْلَاقِ الْجُمْهُورِ خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ سِيَاقُهُ فَكَانَ حَقُّ التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ وَوَجَّهَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إطْلَاقَ الْجُمْهُورِ بِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ، وَيُوَجَّهُ أَيْضًا بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ أَيْ: اللَّذَيْنِ أَشَارَ الْمُتَوَلِّي فِي تَعْلِيلِهِ الْمَارِّ إلَى اتِّحَادِهِمَا وَاضِحٌ إذْ الْعِلَّةُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: نَعَمْ يُحْمَلُ قَوْلُهُمَا إلَخْ) هَذَا حَمْلٌ ثَانٍ لِاسْتِيجَاهِ الشَّيْخَيْنِ لِكَلَامِ الْمُتَوَلِّي فَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ عَقِبَ قَوْلِهِ الْمَارِّ فَقَوْلُهُمَا عَنْ مَقَالَةِ الْمُتَوَلِّي أَنَّهَا الْوَجْهُ: أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ أَيْضًا
حَيْثُ لَمْ يُبَادِرْ الْمُؤَجِّرُ قَبْلَ مُضِيِّ مَا مَرَّ وَيَسُوقُ إلَيْهَا مَاءً يَكْفِيهَا وَلَا يَكْتَفِي بِوَعْدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْخِيَارُ فِي هَذَا الْبَابِ حَيْثُ ثَبَتَ فَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّ سَبَبَهُ تَعَذُّرُ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ: أَيْ أَوْ بَعْضِهَا وَذَلِكَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الزَّمَانِ
(وَغَصْبُ) غَيْرِ الْمُؤَجِّرِ لِنَحْوِ (الدَّابَّةِ وَإِبَاقُ الْعَبْدِ) فِي إجَارَةِ عَيْنٍ قُدِّرَتْ بِمُدَّةٍ بِلَا تَفْرِيطٍ مِنْ الْمُكْتَرِي وَكَانَ الْغَصْبُ عَلَى الْمَالِكِ (يَثْبُتُ الْخِيَارُ) إنْ لَمْ يُبَادِرْ بِالرَّدِّ كَمَا مَرَّ وَذَلِكَ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ، فَإِنْ فَسَخَ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ أَجَازَ وَلَمْ يَرُدَّ حَتَّى انْقَضَتْ مُدَّتُهَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَيَسْتَقِرُّ قِسْطُ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ الْمُسَمَّى،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِهَا بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ إنْ شَمِلَهَا الرَّيُّ بِمَا يُقَابِلُهَا مِنْ الْأُجْرَةِ الْمُقَدَّرَةِ عَلَيْهِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَلَا يُكْتَفَى بِوَعْدِهِ) أَيْ لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِوَعْدِهِ بِسَوْقِ الْمَاءِ، لَكِنْ لَوْ أَخَّرَ اعْتِمَادًا عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ سَوْقٌ جَازَ لَهُ الْفَسْخُ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ آجَرَهُ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ لَا مَاءَ لَهَا وَوَعَدَهُ بِتَرْتِيبِ مَاءٍ يَكْفِيهَا صَحَّتْ الْإِجَارَةُ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ سَبَبُهُ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ كَمَا مَرَّ قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ وَيُتَخَيَّرُ حِينَئِذٍ عَلَى الْفَوْرِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَكَانَ الْغَصْبُ عَلَى الْمَالِكِ) أَيْ بِأَنْ غُصِبَ مِنْ يَدِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فَهِمَهُ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى الْمَالِكِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهَا غُصِبَتْ مِنْ يَدِ الْمَالِكِ غَيْرُ مُرَادٍ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهَا غُصِبَتْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لِأَجْلِ كَوْنِهَا مَنْسُوبَةً إلَى الْمَالِكِ، كَأَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْغَاصِبِ وَالْمَالِكِ مَا يَحْمِلُهُ عَلَى الْغَصْبِ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلْمَالِكِ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا أَوْ تُهْمَةٍ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِغُصِبَتْ عَلَى الْمُسْتَأْجِر أَنَّهَا غُصِبَتْ مِنْهُ لَكِنْ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَاصِبِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا سَنَذْكُرُهُ مِنْ التَّأَمُّلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: فَيَسْتَقِرُّ قِسْطُ مَا اسْتَوْفَاهُ) فَإِنْ اسْتَغْرَقَ الْغَصْبُ جَمِيعَ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ فِي الْجَمِيعِ وَإِنْ زَالَ الْغَصْبُ وَبَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ شَيْءٌ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ وَالْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّارِحِ اهـ. قُلْت: لَكِنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَفْرِيقُ صَفْقَةٍ، أَمَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ تَفْرِيقُ صَفْقَةٍ فَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ، وَقَدْ أَفْتَى شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ أَيْضًا بِأَنَّ الْغَصْبَ يَفْسَخُ الْإِجَارَةَ فَوَقَعَتْ الْفُتْيَا فِي يَدِ بَعْضِ أَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ فَذَهَبَ بِهَا إلَى الْقَاضِي يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا زَمَنَ وِلَايَتِهِ بِمِصْرَ وَصَحِبَ مَعَهُ مَتْنَ الْمِنْهَاجِ وَقَالَ: الْعَجَبُ ثُمَّ الْعَجَبُ أَنَّ الشَّيْخَ نُورَ الدِّينِ الزِّيَادِيَّ أَفْتَى بِأَنَّ الْغَصْبَ يَفْسَخُ الْإِجَارَةَ، وَهَذَا مَتْنُ الْمِنْهَاجِ قَاضٍ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْغَصْبَ يُثْبِتُ الْخِيَارَ، وَإِنَّ هَذَا الْأَمْرَ عَجِيبٌ، فَبَلَغَ شَيْخَنَا الْمَذْكُورَ ذَلِكَ الْمَجْلِسُ فَكَتَبَ إلَى الْقَاضِي يَحْيَى وَهَذَا صُورَةُ مَا كَتَبَ وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْت الْمَعْرُوضَ عَلَى الْمَسَامِعِ الْكَرِيمَةِ حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ كُلِّ سُوءٍ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم: إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَتَبَ فِيهَا بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ مُخَالِفًا لِمَا كَتَبْته، وَقَدْ سُئِلْت عَنْهَا مِنْ نَحْوِ عَشْرِ سِنِينَ فَكَتَبْت فِيهَا بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ، وَقَدْ أَشَرْت إلَى الِانْفِسَاخِ فَإِنَّ الْمُطَالَبَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ لِلْمُتَحَدِّثِ: أَيْ النَّاظِرِ لَا لِلْمُسْتَأْجِرِ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَإِنْ اسْتَغْرَقَ الْغَصْبُ جَمِيعَ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ فِي الْجَمِيعِ، وَإِنْ زَالَ الْغَصْبُ وَبَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ شَيْءٌ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ وَالْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّهُ خِيَارُ تَفْرِيقِ صَفْقَةٍ.
وَقَدْ غَلِطَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَكَابِرِ الْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالُوا إنَّ الْخِيَارَ عَلَى التَّرَاخِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ الْأَصْحَابَ أَطْلَقُوا أَنَّ خِيَارَ الْإِجَارَةِ عَلَى التَّرَاخِي، لَكِنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَفْرِيقُ صَفْقَةٍ، أَمَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ تَفْرِيقُ صَفْقَةٍ فَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ. فَوَقَعَتْ الْفُتْيَا فِي يَدِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الْعَمَائِمِ الْكِبَارِ فَذَهَبَ بِهَا إلَيْهِ وَقَالَ: هَذَا أَمْرٌ عَجِيبٌ أَنَّ فُلَانًا أَفْتَى بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِالْغَصْبِ، فَقُلْت لَهُ: الْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ، فَرَجَعَ إلَيَّ وَقَالَ: فِي أَيِّ بَابٍ؟ فَقُلْت لَهُ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ، ثُمَّ كَتَبْت ثَانِيًا فَوَقَعَتْ الْفُتْيَا فِي يَدِ بَعْضِ مُدَرِّسِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ، فَأَرْسَلَ إلَيَّ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ فَقَالَ لِي: فِي مَتْنِ الْمِنْهَاجِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
لَا مِنْ حَيْثُ الْمَذْهَبُ بِأَنْ يَقُولَ أَوْ يُحْمَلُ قَوْلُهُمَا الْمَذْكُورُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَبْدًا إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَكَانَ الْغَصْبُ عَلَى الْمَالِكِ)
أَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَيَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ فِيهَا الْإِبْدَالُ فَإِنْ امْتَنَعَ اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ، وَالْمُعَيَّنُ عَمَّا فِيهَا لَيْسَ كَالْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ فَيَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ التَّعْيِينُ لَا أَصْلُ الْعَقْدِ، وَأَمَّا إجَارَةُ عَيْنٍ مُقَدَّرَةٍ بِعَمَلٍ فَلَا تَنْفَسِخُ بِنَحْوِ غَصْبِهِ، بَلْ يَسْتَوْفِيهِ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ كَثَمَنٍ حَالٍّ آخَرَ قَبَضَهُ، وَأَمَّا وُقُوعُ ذَلِكَ بِتَفْرِيطِ الْمُكْتَرِي فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ وَيَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا غَصَبَهَا مِنْ الْمَالِكِ، أَمَّا لَوْ غَصَبَهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا خِيَارَ وَلَا فَسْخَ عَلَى مَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَخْذًا مِنْ النَّصِّ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ الْغَزِّيِّ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ مُشْكِلٌ، وَمَا أَظُنُّ الْأَصْحَابَ يَسْمَحُونَ بِهِ، وَأَمَّا غَصْبُ الْمُؤَجِّرِ لَهَا بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ قَبْلَهُ بِأَنْ امْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِهَا حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَيَفْسَخُهَا كَمَا يَأْتِي، وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّنْ اكْتَرَى لِحَمْلِ مَرِيضٍ مِنْ نَحْوِ الطَّائِفِ إلَى مَكَّةَ وَقَدْ عُيِّنَ فِي الْعَقْدِ فَمَاتَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ مَيِّتًا إلَيْهَا؟ وَالْأَقْرَبُ أَخْذًا مِنْ نَصٍّ لِلْبُوَيْطِيِّ صَرَّحَ فِيهِ بِأَنَّ الْمَيِّتَ أَثْقَلُ مِنْ الْحَيِّ أَنَّ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِحَمْلِ حَيٍّ مَسَافَةً مَعْلُومَةً فَمَاتَ فِي أَثْنَائِهَا وَأَرَادَ وَارِثُهُ نَقْلَهُ إلَيْهَا وَجَوَّزْنَاهُ كَأَنْ كَانَ بِقُرْبِ مَكَّةَ وَأُمِنَ تَغْيِيرُهُ أَنَّ لَهُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ لِطُرُوِّ مَا هُوَ كَالْعَيْبِ فِي الْمَحْمُولِ وَهُوَ زِيَادَةُ ثِقَلِهِ حِسًّا أَوْ مَعْنًى عَلَى الدَّابَّةِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ لَا يَجُوزُ النَّوْمُ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ وَقْتِ النَّوْمِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لِأَنَّ النَّائِمَ يَثْقُلُ، وَلَا يُعَارِضُ قَوْلُهُمْ بِانْفِسَاخِهَا بِتَلَفِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ الْمُعَيَّنَ فِي الْعَقْدِ تَارَةً عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَبِعَدَمِهِ أُخْرَى، ثُمَّ إنْ عُيِّنَ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ وَبَقِيَ أُبْدِلَ جَوَازًا، وَإِنْ عُيِّنَ بَعْدَهُ وَتَلِفَ أُبْدِلَ وُجُوبًا بِرِضَا الْمُكْتَرِي لِأَنَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
إنَّ الْغَصْبَ يُثْبِتُ الْخِيَارَ فَكَيْفَ تَكْتُبُ بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ، فَنَهَرْت التِّلْمِيذَ فَرَجَعَ لِشَيْخِهِ وَجَاءَنِي بِمَتْنِ الْمِنْهَاجِ فَذَكَرْت لَهُ أَنَّ مَتْنَ الْمِنْهَاجِ لَا يَجُوزُ الْإِفْتَاءُ مِنْهُ إلَّا لِلْعَارِفِ. وَمَعْنَى مَتْنِ الْمِنْهَاجِ أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا أُزِيلَتْ يَدُهُ وَبَقِيَ مِنْ الْإِجَارَةِ شَيْءٌ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ، وَقَدْ اسْتَبْعَدَ السُّبْكِيُّ رحمه الله ثُبُوتَ الْخِيَارِ إذَا اسْتَغْرَقَ الْغَصْبُ جَمِيعَ الْمُدَّةِ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ كَتَبُوا مُخَالِفًا لِمَا كَتَبْت رَجَعَ وَاعْتَرَفَ بِالْخَطَأِ، وَغَالِبُ الْجَمَاعَةِ لَمْ يَقْرَأْ عَلَى أَحَدٍ وَإِنَّمَا أُخِذَ الْعِلْمُ مِنْ الْوَرَقِ، وَالْفَقِيرُ إنَّمَا أَخَذَ الْعِلْمَ عَنْ مُحَقِّقِ الْعَصْرِ كَالشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَالشَّيْخِ عَمِيرَةَ وَالشَّيْخِ نُورِ الدِّينِ الطَّنْدَتَائِيِّ وَالشَّيْخِ شِهَابِ الدِّينِ الْبُلْقِينِيِّ حَافِظِ الْعَصْرِ، وَقَدْ كَتَبَ لِي فِي الْإِجَارَةِ أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا، وَكَانَ مِنْ أَرْبَابِ الْأَحْوَالِ يَتَصَرَّفُ فِي الْكَوْنِ جِهَارًا وَالْفَقِيرُ لَهُ عَلُوفَةٌ تَكْفِيهِ وَلَيْسَ مُحْتَاجًا لِشَيْءٍ مِنْ الْوَظَائِفِ جَزَاكُمْ اللَّهُ خَيْرًا وَأَحْسَنَ إلَيْكُمْ اهـ. هَكَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ رحمه الله اهـ عَبْدُ الْبَرِّ الْأُجْهُورِيُّ (قَوْلُهُ أَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِي إجَارَةِ عَيْنٍ
(قَوْلُهُ: لَا أَصْلَ الْعَقْدِ) قَضِيَّتُهُ وَإِنْ كَانَ بِتَفْرِيطِ الْمُسْتَأْجِرِ اهـ سم عَلَى حَجّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا وُقُوعُ ذَلِكَ بِتَفْرِيطِ الْمُكْتَرِي) يُتَأَمَّلُ صُورَةُ تَفْرِيطِ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ أَنَّ الْغَصْبَ مِنْ يَدِ الْمَالِكِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا امْتَنَعَ مِنْ تَسَلُّمِهَا حَتَّى غُصِبَتْ وَلَوْ تَسَلَّمَهَا لَمْ تُغْصَبْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ إلَخْ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ عُرِضَ عَلَيْهِ مَبِيعٌ وَامْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ وَتَلِفَ انْفَسَخَ الْعَقْدُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ بِثَمَنِهِ إنْ كَانَ دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) إطْلَاقُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْفَسْخِ وَالْخِيَارِ سَوَاءٌ كَانَ الْغَصْبُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمَالِكِ، أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ فَيُوَافِقُ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُشْكِلٌ) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْغَصْبِ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَلَوْ مَعَ التَّفْرِيطِ غَايَتُهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ إذَا فَرَّطَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ زِيَادَةُ ثِقَلِهِ) قِيلَ يُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الشَّهِيدِ، أَمَّا هُوَ فَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ حَيٌّ وَقَدْ يُمْنَعُ الْأَخْذُ بِأَنَّ حَيَاتَهُ لَيْسَتْ حِسِّيَّةً فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَثْقُلُ بَعْدَ الْمَوْتِ الْحِسِّيِّ وَإِنْ كَانَ حَيًّا
ــ
[حاشية الرشيدي]
لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَلَعَلَّهُ مُحَرَّفٌ عَنْ قَوْلِهِ وَمَحَلُّ الْخِيَارِ وَإِلَّا فَالْمَسْأَلَةُ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِيهَا خِلَافٌ. (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ أَخْذًا مِنْ نَصٍّ لِلْبُوَيْطِيِّ إلَخْ) رُبَّمَا يُوهِمُ أَنَّ هَذَا الْأَخْذَ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ هَذَا الْأَخْذَ وَمَا بَعْدَهُ إلَى آخِرِ السَّوَادَةِ جَوَابٌ لِلشِّهَابِ حَجّ، وَهُوَ الَّذِي سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا يُعْلَمُ
هَذَا مَفْرُوضٌ فِي التَّلَفِ كَمَا تَرَى، وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ مِنْهُ لِإِمْكَانِ حَمْلِ الْمَيِّتِ وَإِنَّمَا حَدَثَ فِيهِ وَصْفٌ لَمْ يَكُنْ حَالَ الْعَقْدِ فَاقْتَضَى التَّخْيِيرَ مَا لَمْ يُبَدِّلْهُ بِمَنْ هُوَ مِثْلُهُ أَوْ دُونَهُ
(وَلَوْ)(أَكْرَى جَمَّالًا) عَيْنًا أَوْ ذِمَّةً (وَهَرَبَ وَتَرَكَهَا عِنْدَ الْمُكْتَرِي) فَلَا خِيَارَ لِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ بِمَا فِي قَوْلِهِ (رَاجَعَ) إنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِمُؤْنَتِهَا (الْقَاضِي لِيَمُونَهَا) بِإِنْفَاقِهَا وَأُجْرَةِ مُتَعَهِّدِهَا كَمُتَعَهِّدِ إحْمَالِهَا إنْ لَزِمَ الْمُؤَجِّرَ (مِنْ مَالِ الْجَمَّالِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا وَلَيْسَ فِيهَا زِيَادَةٌ عَلَى حَاجَةِ الْمُكْتَرِي وَإِلَّا بَاعَ الزَّائِدَ وَلَا اقْتِرَاضَ (اقْتَرَضَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ وَاسْتِئْذَانُهُ الْحَاكِمَ لِحُرْمَةِ الْحَيَوَانِ، فَلَوْ وَجَدَ ثَوْبًا ضَائِعًا وَاحْتَاجَ فِي حِفْظِهِ لِمُؤْنَةٍ أَوْ عَبْدًا كَذَلِكَ فَلَهُ بَيْعُهُ حَالًا وَحِفْظُ ثَمَنِهِ إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ، قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَفِي اللُّقَطَةِ مَا يُؤَيِّدُهُ (فَإِنْ وَثِقَ) الْقَاضِي (بِالْمُكْتَرِي دَفَعَهُ) أَيْ الْمُقْرَضُ مِنْهُ أَوْ مَنْ غَيْرُهُ (إلَيْهِ) لِيَصْرِفَهُ فِيمَا ذُكِرَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَثِقْ بِهِ (جَعَلَهُ عِنْدَ ثِقَةٍ) يَصْرِفُهُ كَذَلِكَ، وَالْأَوْلَى لَهُ تَقْدِيرُ النَّفَقَةِ وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُنْفِقِ بِيَمِينِهِ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ (وَلَهُ) أَيْ الْقَاضِي عِنْدَ تَعَذُّرِ الِاقْتِرَاضِ، وَمِنْهُ أَنْ يَخَافَ عَدَمَ التَّوَصُّلِ لَهُ بَعْدُ إلَى اسْتِيفَائِهِ (أَنْ يَبِيعَ مِنْهَا) بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ (قَدْرَ النَّفَقَةِ) وَالْمُؤْنَةُ لِلضَّرُورَةِ وَخَرَجَ بِمِنْهَا جَمِيعُهَا فَلَا يَبِيعُهُ ابْتِدَاءً لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ بِأَعْيَانِهَا وَمُنَازَعَةِ مُجَلِّي فِيهِ بِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ حَقُّهُ لِعَدَمِ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِهِ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ رَأَى الْحَاكِمُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ مَصْلَحَةً فِي بَيْعِهَا وَالِاكْتِرَاءُ بِبَعْضِ الثَّمَنِ لِلْمُسْتَأْجِرِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ جَزْمًا حَيْثُ جَازَ لَهُ بَيْعُ مَالِ الْغَائِبِ بِالْمَصْلَحَةِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ رَأَى مُشْتَرِيًا لَهَا مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ لَزِمَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْهَا مَا يَحْتَاجُ لِبَيْعِهِ مُقَدِّمًا لَهُ عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ الْأَصْلَحُ (وَلَوْ أَذِنَ لِلْمُكْتَرِي فِي الْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ جَازَ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ وَقَدْ لَا يُرَى الِاقْتِرَاضُ، وَكَلَامُهُ يُفْهِمُ انْتِفَاءَ رُجُوعِهِ بِمَا أَنْفَقَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ وَجَدَهُ وَأَمْكَنَ إثْبَاتُ الْوَاقِعَةِ عِنْدَهُ وَإِلَّا أَشْهَدَ عَلَى إنْفَاقِهِ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ ثُمَّ يَرْجِعُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِشْهَادُ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا أَنْفَقَهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِنُدُورِ الْعُذْرِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَصْدِيقِهِ فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَى غَيْرِهِ بَلْ يَأْخُذُ الْمَالَ مِنْهُ وَيَدْفَعُهُ إلَى أَمِينٍ، ثُمَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عِنْدَ اللَّهِ (قَوْلُهُ: فَاقْتَضَى التَّخْيِيرَ) أَيْ بَيْنَ الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ، فَإِنْ لَمْ يُفْسَخْ أُلْزِمَ بِحَمْلِهِ قَهْرًا عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ زِيَادَةً عَلَى مَا سَمَّاهُ أَوَّلًا.
(قَوْلُهُ: إنْ لَزِمَ الْمُؤَجِّرَ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا اقْتِرَاضَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الِاقْتِرَاضُ أَنْفَعَ لِلْمَالِكِ مِنْ الْبَيْعِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لِأَنَّ فِي الِاقْتِرَاضِ إلْزَامًا لِذِمَّةِ الْمَالِكِ وَقَدْ لَا يَتَيَسَّرُ تَوْفِيَتُهُ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ (قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ الْحَيَوَانِ) أَيْ مَعَ احْتِمَالِ تَقْصِيرِهِ فِي شَأْنِهِ مُحَافَظَةً عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي اسْتَحَقَّهَا مِنْهُ وَلَا كَذَلِكَ الْعَبْدُ الْآتِي (قَوْلُهُ: فَلَهُ بَيْعُهُ حَالًّا) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ الِاسْتِقْلَالَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَبِيعُهُ ابْتِدَاءً) وَفِي نُسْخَةٍ بَعْدَ ابْتِدَاءٍ خَشْيَةَ أَنْ تُؤْكَلَ أَثْمَانُهَا، وَالْأَوْلَى إسْقَاطُهَا لِأَنَّهُ عِنْدَ بَيْعِ كُلِّهَا لَا يَتَأَتَّى أَنْ تُؤْكَلَ أَثْمَانُهَا وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إذَا بَاعَهَا شَيْئًا فَشَيْئًا لِمُؤْنَةِ بَاقِيهَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُحْمَلَ إلَخْ) هَذَا لَا يَصْلُحُ مَحَلًّا لِمُنَازَعَةِ مُجِلِّي إلَّا عَلَى وَجْهٍ بَعِيدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ، إذْ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مُجَرَّدَ عَدَمِ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ كَافٍ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ إثْبَاتُ الْوَاقِعَةِ) أَيْ بِأَنْ سَهُلَتْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَقَبِلَهَا الْقَاضِي وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا وَإِنْ قَلَّ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ ظَاهِرًا، أَمَّا بَاطِنًا فَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
بِمُرَاجَعَةِ تُحْفَتِهِ
(قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ بِمَا فِي قَوْلِهِ رَاجِعٌ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ الَّذِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمَذْكُورِ لَيْسَ طَرِيقًا لِلِاسْتِيفَاءِ، فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ لِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ عَلَيْهِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ: الْمُقْرِضُ مِنْهُ) ظَاهِرُ هَذَا التَّفْسِيرِ أَنَّهُ لَا يَدْفَعُ لَهُ مَالَ الْجَمَّالِ إذَا كَانَتْ الْمُؤْنَةُ مِنْهُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَبِيعُهُ ابْتِدَاءً) فِي نُسْخَةٍ عَقِبَ هَذَا مَا نَصُّهُ: خَشْيَةَ أَنْ تَأْكُلَ أَثْمَانَهَا، وَمِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ: قَالَ الشِّهَابُ سم: قَوْلُهُ: خَشْيَةَ أَنْ تَأْكُلَ أَثْمَانَهَا عِلَّةً لِلْمَنْفِيِّ اهـ. وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ)
الْأَمِينُ يَدْفَعُهُ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَاحْتُرِزَ بِتَرْكِهَا عَمَّا لَوْ هَرَبَ بِهَا فَإِنْ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ تَخَيَّرَ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْإِبَاقِ، وَكَمَا لَوْ شَرَدَتْ الدَّابَّةُ وَإِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ اكْتَرَى الْحَاكِمُ أَوْ اقْتَرَضَ نَظِيرَ مَا مَرَّ، وَلَا يُفَوَّضُ ذَلِكَ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِامْتِنَاعِ تَوَكُّلِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ
فَإِنْ تَعَذَّرَ الِاكْتِرَاءُ فَلَهُ الْفَسْخُ (وَمَتَى قَبَضَ الْمُكْتَرِي) الْعَيْنَ الْمُكْتَرَاةَ وَلَوْ حُرًّا أَجَّرَ عَيْنَهُ أَوْ (الدَّابَّةَ) أَوْ الدَّارَ (وَأَمْسَكَهَا) هُوَ زِيَادَةُ إيضَاحٍ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ قَبَضَ، وَمِثْلُ قَبْضِهَا امْتِنَاعُهُ مِنْهُ بَعْدَ عَرْضِهَا عَلَيْهِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إلَّا فِيمَا يَتَوَقَّفُ قَبْضُهُ عَلَى النَّقْلِ: أَيْ فَيَقْبِضُهُ الْحَاكِمُ، فَإِنْ صَمَّمَ أَجْرَهُ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ حَاضِرٌ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْعَيْنِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ حَتَّى يُؤَجِّرَهَا لِأَجْلِهِ، وَإِيجَارُ الْحَاكِمِ إنَّمَا يَكُونُ لِغَيْبَةٍ أَوْ تَعَلُّقِ حَقٍّ، فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ بَعْدَ قَبْضِهَا وَتَصْمِيمِهِ عَلَى الِامْتِنَاعِ يَرُدُّهَا لِمَالِكِهَا (حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ) وَلَوْ لِعُذْرٍ مَنَعَهُ مِنْهُ كَخَوْفٍ أَوْ مَرَضٍ لِتَلَفِ الْمَنَافِعِ تَحْتَ يَدِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ بَدَلُهَا، وَمَتَى خَرَجَ بِهَا مَعَ الْخَوْفِ صَارَ ضَامِنًا لَهَا إلَّا إذَا ذُكِرَ ذَلِكَ حَالَةَ الْعَقْدِ، وَلَيْسَ لَهُ فَسْخٌ وَلَا إلْزَامُ مُكْرٍ أَخَذَهَا إلَى الْأَمْنِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَسِيرَ عَلَيْهَا مِثْلَ تِلْكَ الْمَسَافَةِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ، وَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ لَوْ عَمَّ الْخَوْفُ كُلَّ الْجِهَاتِ وَكَانَ الْغَرَضُ الْأَعْظَمُ رُكُوبَهَا فِي السَّفَرِ وَرُكُوبُهَا فِي الْحَضَرِ تَافِهٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَةٌ يَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِذَلِكَ أَنَّهُ يُتَخَيَّرُ بِهِ إذْ هُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ انْقِطَاعِ مَاءِ الْأَرْضِ، وَمَتَى انْتَفَعَ بَعْدَ الْمُدَّةِ لَزِمَهُ مَعَ الْمُسَمَّى الْمُسْتَقَرُّ عَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ الِانْتِفَاعِ
(وَكَذَا) تَسْتَقِرُّ الْأُجْرَةُ (لَوْ)(اكْتَرَى دَابَّةً لِرُكُوبٍ إلَى مَوْضِعٍ) مُعَيَّنٍ (وَقَبَضَهَا) أَوْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ (وَمَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ السَّيْرِ إلَيْهِ) لِكَوْنِهِ مُتَمَكِّنًا مِنْ الِاسْتِيفَاءِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ هَذِهِ غَيْرُ الْأُولَى لِأَنَّ تِلْكَ مُقَدَّرَةٌ بِزَمَنٍ وَهَذِهِ بِعَمَلٍ فَتَسْتَقِرُّ بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْعَمَلِ الَّذِي ضُبِطَتْ بِهِ الْمَنْفَعَةُ (وَسَوَاءٌ فِيهِ) أَيْ التَّقْدِيرِ بِمُدَّةٍ أَوْ عَمَلٍ (إجَارَةُ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ إذَا سَلَّمَ) الْمُؤَجِّرُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ (الدَّابَّةَ) مَثَلًا (الْمَوْصُوفَةَ) لِلْمُسْتَأْجِرِ لِتَعَيُّنِ حَقِّهِ بِالتَّسْلِيمِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يُسَلِّمْهَا فَلَا تَسْتَقِرُّ أُجْرَةٌ عَلَيْهِ لِبَقَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الذِّمَّةِ وَكَالتَّسْلِيمِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الرُّجُوعَ.
(قَوْلُهُ: إلَّا فِيمَا يَتَوَقَّفُ قَبْضُهُ إلَخْ) قَدْ يُشْكَلُ بِمَا تَقَرَّرَ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ الْمَبِيعَ عِنْدَهُ صَارَ قَبْضًا وَأَوْرَدْته عَلَى م ر فَاعْتَرَفَ بِإِشْكَالِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مَحَلَّ الِاكْتِفَاءِ بِالْوَضْعِ فِي خَفِيفٍ يُمْكِنُ تَنَاوُلُهُ بِالْيَدِ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِ الْقَاضِي إلَّا فِيمَا يَتَوَقَّفُ إلَخْ عَلَى غَيْرِهِ كَالدَّوَابِّ وَالْأَحْمَالِ الثَّقِيلَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَمَّمَ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ، قَالَ سم عَلَى الِامْتِنَاعِ اهـ. وَقَوْلُهُ أَجَّرَهُ: أَيْ الْحَاكِمُ، وَقَوْلُهُ وَتَصْمِيمُهُ: أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: رَدَّهَا عَلَى مَالِكِهَا) أَيْ وَتَسْتَقِرُّ الْأُجْرَةُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَإِمْكَانِ الْعَمَلِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ وَمَتَى خَرَجَ بِهَا) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ (قَوْلُهُ: حَالَةَ الْعَقْدِ) أَيْ أَوْ كَانَ الزَّمَنُ زَمَنَ خَوْفٍ وَعَلِمَ بِهِ الْمُؤَجِّرُ وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَيْ الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَسِيرَ عَلَيْهَا) أَيْ أَوْ يُؤَجِّرَهَا لِمَنْ يَسِيرُ عَلَيْهَا مِمَّنْ هُوَ مِثْلُ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ أُجْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ) أَيْ وَإِذَا تَلِفَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ضَمِنَهَا ضَمَانَ الْغُصُوبِ، وَأَمَّا لَوْ جَاوَزَ الْمَحَلَّ الَّذِي اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَ لَهُ ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهَا إلَى مَحَلِّ الْعَقْدِ فَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَا زَادَ وَيَضْمَنُهَا إذَا تَلِفَتْ فِيهِ، وَإِذَا رَجَعَ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي جَاوَزَهُ جَازَ لَهُ الرُّكُوبُ مِنْهُ إلَى مَحَلِّ الْعَقْدِ لِعَدَمِ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ فِيهِ، وَإِذَا تَلِفَتْ فِي مُدَّةِ الْعَوْدِ فَهَلْ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا بِالْمُجَاوَزَةِ أَوَّلًا لِجَوَازِ انْتِفَاعِهِ بِهَا وَبَقَاءِ إجَارَتِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَعَدَّى بِضَرْبِ الدَّابَّةِ مَثَلًا صَارَ ضَامِنًا حَتَّى لَوْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ مَا تَعَدَّى بِهِ لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ الْأَوَّلُ.
(قَوْلُهُ أَوْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ) هَذَا قَدْ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ لِأَنَّ الدَّابَّةَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَالَ الشِّهَابُ سم فِيهِ أَنَّ مُجَلِّيًا مُصَرِّحٌ بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ اهـ. فَتَأَمَّلْهُ
(قَوْلُهُ: هُوَ زِيَادَةُ إيضَاحٍ) قَدْ يُقَالُ بِمَنْعِهِ وَأَنَّهُ إنَّمَا أَتَى بِهِ لِيُعَلِّقَ قَوْلَهُ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ؛ إذْ لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِقَبْضٍ إلَّا بِتَأْوِيلٍ لِأَنَّ الْقَبْضَ يَنْقَضِي بِمُجَرَّدِ وُقُوعِهِ فَلَا يَسْتَمِرُّ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَإِنَّمَا الْمُسْتَمِرُّ الْإِمْسَاكُ، وَقَدْ مَرَّ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي آجَرْتُكَهُ سَنَةً
الْعَرْضُ كَمَا مَرَّ
(وَتَسْتَقِرُّ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) سَوَاءٌ أَزَادَتْ عَلَى الْمُسَمَّى أَمْ نَقَصَتْ (بِمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ الْمُسَمَّى فِي الصَّحِيحَةِ) مِمَّا ذُكِرَ وَلَوْ لَمْ يَنْتَفِعْ. نَعَمْ تَخْلِيَةُ الْعَقَارِ وَالْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالْعَرْضُ عَلَيْهِ وَإِنْ امْتَنَعَ لَا يَكْفِي هُنَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ
(وَلَوْ)(أَكْرَى عَيْنًا مُدَّةً وَلَمْ يُسَلِّمْهَا) أَوْ غَصَبَهَا أَوْ حَبَسَهَا أَجْنَبِيٌّ وَلَوْ كَانَ الْحَبْسُ لِقَبْضِ الْأُجْرَةِ (حَتَّى مَضَتْ) تِلْكَ الْمُدَّةُ (انْفَسَخَتْ) الْإِجَارَةُ لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، فَلَوْ حَبَسَ بَعْضَهَا انْفَسَخَتْ فِيهِ فَقَطْ وَتَخَيَّرَ فِي الْبَاقِي وَلَا يُبَدَّلُ زَمَانٌ بِزَمَانٍ (وَلَوْ لَمْ يُقَدِّرْ مُدَّةً) وَإِنَّمَا قَدَّرَهَا بِعَمَلٍ (كَأَنْ أَجَّرَ) دَابَّةً (لِرُكُوبٍ) إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا حَتَّى مَضَتْ (مُدَّةُ) إمْكَانِ (السَّيْرِ) إلَيْهِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا) أَيْ الْإِجَارَةَ (لَا تَنْفَسِخُ) وَلَا يُخَيَّرُ الْمُكْتَرِي إذْ هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَنْفَعَةِ لَا الزَّمَانِ وَلَمْ يَتَعَذَّرْ اسْتِيفَاؤُهَا. وَالثَّانِي تَنْفَسِخُ كَمَا لَوْ حَبَسَهَا الْمُكْتَرِي، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ نُقَرِّرْ بِهِ الْأُجْرَةَ لَضَاعَتْ الْمَنْفَعَةُ عَلَى الْمُكْرِي، وَلَا فَسْخَ وَلَا خِيَارَ بِذَلِكَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ قَطْعًا لِأَنَّهُ دَيْنٌ نَاجِزٌ تَأَخَّرَ وَفَاؤُهُ
(وَلَوْ)(أَجَّرَ عَبْدَهُ) أَيْ رَقِيقَهُ (ثُمَّ أَعْتَقَهُ) أَوْ وَقَفَهُ مَثَلًا أَوْ اسْتَوْلَدَ الْأَمَةَ ثُمَّ مَاتَ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا) أَيْ الْقِصَّةَ فِي ذَلِكَ (لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ) لِأَنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْ الْمَنَافِعِ مُدَّتَهَا قَبْلَ نَحْوِ عِتْقِهِ فَلَمْ يُصَادِفْ إلَّا رَقَبَةً مَسْلُوبَةَ الْمَنَافِعِ خُصُوصًا وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ. وَالثَّانِي تَنْفَسِخُ كَمَوْتِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَخَرَجَ بِثُمَّ أَعْتَقَهُ مَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ ثُمَّ أَجَّرَهُ ثُمَّ وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ لِسَبْقِ اسْتِحْقَاقِ الْعِتْقِ عَلَى الْإِجَارَةِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَجَّرَ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ مَاتَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا هُنَا وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَمَا لَوْ أَقَرَّ بِعِتْقٍ سَابِقٍ عَلَى الْإِجَارَةِ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي فَسْخِهَا، وَيَغْرَمُ لِلْعَبْدِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ) أَيْ الشَّأْنَ (لَا خِيَارَ لِلْعَبْدِ) بِعِتْقِهِ فِي فَسْخِهَا لِتَصَرُّفِ سَيِّدِهِ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ فَلَمْ يَمْلِكْ نَقْضَهُ. وَالثَّانِي لَهُ الْخِيَارُ كَالْأَمَةِ تَحْتَ عَبْدٍ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ سَبَبَ الْخِيَارِ وَهُوَ نَقْصُهُ مَوْجُودٌ، وَلَا سَبَبَ لِلْخِيَارِ هُنَا لِمَا مَرَّ مِنْ كَوْنِ الْمَنَافِعِ تَحْدُثُ مَمْلُوكَةً لِلْمُكْتَرِي (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِأُجْرَةِ مَا) أَيْ الْمَنَافِعِ الَّتِي تُسْتَوْفَى مِنْهُ (بَعْدَ الْعِتْقِ) إلَى انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا لِتَصَرُّفِهِ فِي مَنَافِعِهِ حِينَ كَانَ مَالِكًا لَهَا وَنَفَقَتُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مِمَّا يَتَوَقَّفُ قَبْضُهَا عَلَى النَّقْلِ، فَالْوَجْهُ وِفَاقًا لِمَا رَجَعَ إلَيْهِ م ر أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِمُجَرَّدِ الْعَرْضِ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ يُعَدُّ قَبْضًا فِي الْبَيْعِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ لَا يَكْفِي هُنَا: أَيْ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَكْرَى عَيْنًا) أَيْ إجَارَةَ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: أَيْ الْقِصَّةُ فِي ذَلِكَ) يَجُوزُ أَيْضًا رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْإِجَارَةِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ الْإِجَارَةُ مِنْ الْإِظْهَارِ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: الْبَطْنِ الْأَوَّلِ) بِمَوْتِهِ وَإِجَارَةِ أُمِّ وَلَدِهِ بِمَوْتِهِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ بِوُجُودِهَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ذِكْرِهَا ثَمَّ الِاسْتِدْلَال عَلَى انْفِسَاخِ إجَارَةِ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ، وَالْغَرَضُ مِنْهَا هُنَا بَيَانُ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ضَعِيفٌ) إنَّمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مِنْ قِيَاسِهِ عَلَى صَحِيحِ اعْتِمَادِهِ (قَوْلُهُ مَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَأَشْبَهَ انْفِسَاخَ إجَارَةِ (قَوْلُهُ: فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ) وَبَقِيَ مَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ ثُمَّ آجَرَهُ وَوُجِدَتْ الصِّفَةُ مُقَارِنَةً لِلْإِيجَارِ هَلْ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ بِوُجُودِ الصِّفَةِ وَالْعِتْقِ إذَا قَارَنَ غَيْرَهُ بِقَدْرِ سَبْقِهِ لِشِدَّةِ تَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ آجَرَ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ مَاتَ) بَقِيَ مَا لَوْ آجَرَ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْفَسِخَ إلَّا بِالْمَوْتِ أَيْضًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ أَقَرَّ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَمْ يُسَلِّمْهَا) أَيْ: وَلَا عِوَضَهَا
(قَوْلُهُ:: وَهُوَ ضَعِيفٌ) أَيْ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ تَعْبِيرُهُ بِالْأَصَحِّ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي الْخُطْبَةِ مِنْ اصْطِلَاحِهِ، عَلَى أَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ صَحِيحٌ لَا ضَعِيفٌ. فَمُرَادُ الشَّارِحِ بِهَذَا التَّوَرُّكُ عَلَى الْمَتْنِ بِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَبِّرَ بِالصَّحِيحِ بَدَلَ الْأَصَحِّ، لَكِنْ قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِيهِ تَسَمُّحٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ هَذَا ضَعِيفٌ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ هُنَاكَ بِالصَّحِيحِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مُقَابِلَهُ ضَعِيفٌ، وَبِمَا تَقَرَّرَ سَقْطُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِمَّا لَا يَصِحُّ عِنْدَ التَّأَمُّلِ
فِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ عَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَفْهَمَ فَرْضُهُ الْكَلَامَ فِيمَا لَوْ أَجَّرَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ عَلَى وَارِثٍ أَعْتَقَ قَطْعًا إذْ لَمْ يُنْقَضْ مَا عَقَدَهُ، وَلَوْ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِعَيْبٍ مَلَكَ مَنَافِعَ نَفْسِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَقِلًّا، وَالْمُتَّجَهُ فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ لِزَيْدٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ فَرَدَّ زَيْدٌ الْوَصِيَّةَ رُجُوعُ الْمَنَافِعِ لِلْوَرَثَةِ، فَلَوْ أَجَّرَ دَارِهِ ثُمَّ وَقَفَهَا ثُمَّ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ رَجَعَتْ لِلْوَاقِفِ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَالثَّانِي يَرْجِعُ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تُسْتَوْفَى مِنْهُ قَهْرًا فَصَارَ كَمَا لَوْ أَكْرَهَهُ سَيِّدُهُ عَلَى الْعَمَلِ
(وَيَصِحُّ بَيْعُ) الْعَيْنِ (الْمُسْتَأْجَرَةِ) حَالَ الْإِجَارَةِ (لِلْمُكْتَرِي) قَطْعًا لِانْتِفَاءِ الْحَائِلِ كَمَا لَوْ بَاعَ الْمَغْصُوبُ مِنْ غَاصِبِهِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ بَيْعُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِهِ لِلْبَائِعِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ (وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي الْأَصَحِّ) لِوُرُودِهَا عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَالْمِلْكُ عَلَى الرَّقَبَةِ فَلَا مُنَافَاةَ. وَالثَّانِي تَنْفَسِخُ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَ الرَّقَبَةَ حَدَثَتْ الْمَنَافِعُ عَلَى مِلْكِهِ فَلَا تُسْتَوْفَى الْإِجَارَةُ وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْتَقِلُ إلَى الْمُشْتَرِي مَا كَانَ لِلْبَائِعِ وَالْبَائِعُ حِينَ الْبَيْعِ مَا كَانَ يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ بُضْعِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ كَانَ الْمَهْرُ لِلسَّيِّدِ لَا لِلزَّوْجِ (فَلَوْ)(بَاعَهَا لِغَيْرِهِ) أَوْ وَقَفَهَا أَوْ وَهَبَهَا أَوْ أَوْصَى بِهَا وَقَدْ قُدِّرَتْ الْإِجَارَةُ بِزَمَنٍ (جَازَ فِي الْأَظْهَرِ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْمُكْتَرِي لِمَا مَرَّ مِنْ اخْتِلَافِ الْمَوْرِدَيْنِ، وَيَدُ الْمُسْتَأْجِرِ لَا تُعَدُّ حَائِلَةً فِي الرَّقَبَةِ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهَا يَدُ أَمَانَةٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُمْنَعْ الْمُشْتَرِي مِنْ تَسَلُّمِهَا لَحْظَةً لَطِيفَةً لِيَسْتَقِرَّ مِلْكُهُ ثُمَّ يَرْجِعُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ الْقَدْرُ الْيَسِيرُ لِلضَّرُورَةِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ حَائِلَةٌ عَنْ التَّسْلِيمِ بِحَقٍّ لَازِمٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ بَعْدَ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى وَارِثٍ أُعْتِقَ) أَيْ الْوَارِثُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِعَيْبٍ) أَيْ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِقِسْطِ مَا بَقِيَ عَلَى السَّيِّدِ أَوْ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَجَّرَ دَارِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَوْ أَجَّرَ إلَخْ، لِأَنَّ هَذَا لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: رَجَعَتْ) أَيْ الْمَنْفَعَةُ لِلْوَاقِفِ، اُنْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا لَوْ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ بَعْدَ عِتْقِ الْعَبْدِ حَيْثُ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ وَلَا تَرْجِعُ لِسَيِّدِهِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ بِمَا صُورَتُهُ: وَيُفَارِقُ: أَيْ مِلْكُ الْعَتِيقِ مَنَافِعَ نَفْسِهِ نَظِيرَهُ الْآتِي فِي صُورَةِ الْبَيْعِ مِنْ أَنَّهَا لِلْبَائِعِ وَإِنْ شَرِكَ بَيْنَهُمَا الْمُتَوَلِّي فِي الْبِنَاءِ الْآتِي، ثُمَّ أَخَذَ مِنْهُ الْإِسْنَوِيُّ تَرْجِيحَ أَنَّهَا لِلسَّيِّدِ بِأَنَّ الْعِتْقَ لَمَّا كَانَ مُتَقَرَّبًا بِهِ وَالشَّارِعُ مُتَشَوِّفًا إلَيْهِ كَانَتْ مَنَافِعُ الْعَتِيقِ لَهُ نَظَرًا لِمَقْصُودِ الْعِتْقِ مِنْ كَمَالِ تَقَرُّبِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِمَا لَا يَشْفِي، وَمِنْ نَحْوِ الْبَيْعِ الْوَقْفُ فَإِنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَتَشَوَّفْ إلَيْهِ تَشَوُّفَهُ لِلْعِتْقِ، وَمِنْ ثَمَّ جَرَى الْخِلَافُ فِي مِلْك الْمَوْقُوفِ، وَكَتَبَ أَيْضًا " قَوْلُهُ رَجَعْت لِلْوَاقِفِ " أَيْ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِقِسْطِ مَا بَقِيَ عَلَى الْوَاقِفِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا امْتَنَعَ بَيْعُ الْمُشْتَرِي) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا الْكَلَامُ فِيهِ لِأَنَّ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْإِجَارَةِ مَنْفَعَةُ الْعَيْنِ، وَاَلَّذِي أَوْرَدَ عَقْدَ الْبَيْعِ عَلَيْهِ مَحَلُّ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ الْعَيْنُ وَلَيْسَتْ مُتَعَلَّقَ الْإِجَارَةِ فَلَا جَامِعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ. نَعَمْ يُشْكَلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ إجَارَةِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ مِنْ الْمُؤَجِّرِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّهَا الشَّبِيهَةُ بِبَيْعِ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَالْكَلَامِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ السَّيِّدَ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ بُضْعِ الْأَمَةِ) يُتَأَمَّلُ وَكَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمِلْكَ فِي النِّكَاحِ وَارِدٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ أَيْضًا إذْ الزَّوْجُ لَا يَمْلِكُهَا بَلْ يَمْلِكُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ مَخْصُوصٍ اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ قُدِّرَتْ الْإِجَارَةُ) أَيْ فِي الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَمْنَعْ الْمُسْتَأْجِرُ) أَيْ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَصَارَ كَمَا لَوْ أَكْرَهَهُ سَيِّدُهُ عَلَى الْعَمَلِ) أَيْ: بَعْدَ الْعِتْقِ
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا امْتَنَعَ بَيْعُ الْمُشْتَرِي إلَخْ) الْجَامِعُ بَيْنَ هَذَا وَمَسْأَلَتِنَا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِيهِ بَيْعُ الشَّخْصِ مَا لَيْسَ تَحْتَ يَدِهِ لِمَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَ الرَّقَبَةَ حَدَثَتْ الْمَنَافِعُ عَلَى مِلْكِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ مِلْكُ الرَّقَبَةِ لَا مِنْ حَيْثُ الْإِجَارَةُ، وَإِلَّا فَالْمَنَافِعُ تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ
فَكَانَتْ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ الْغَاصِبِ، وَرُدَّ بِمَا مَرَّ.
وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَتْ مَشْحُونَةً بِأَمْتِعَةٍ كَثِيرَةٍ لَا يُمْكِنُ تَفْرِيغُهَا إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنْ تَوَقَّفَ قَبْضُهَا عَلَى تَفْرِيغِهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي بَابِهِ، أَمَّا إذَا قُدِّرَتْ بِعَمَلٍ فَكَذَلِكَ خِلَافًا لِأَبِي الْفَرَجِ الْبَزَّارِ وَإِنْ تَبِعَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَلَا تَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ قَطْعًا، بَلْ تَبْقَى فِي يَدِ الْمُكْتَرِي إلَى انْقِضَاءِ أَمَدِهَا، فَإِنْ جَهِلَ الْمُشْتَرِي تَخَيَّرَ وَلَوْ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَسَوَاءٌ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَلَوْ مَعَ الْجَهْلِ أَكَانَ جَاهِلًا بِالْمُدَّةِ أَمْ عَالِمًا خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، فَإِنْ أَجَازَ لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً لِبَقِيَّةِ الْمُدَّةِ، وَلَوْ عَلِمَهَا وَظَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأُجْرَةِ فَإِنْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ عَادَتْ الْمَنَافِعُ لِلْبَائِعِ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ أَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا قَالَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ لَوْ اشْتَرَى الرَّقَبَةَ ثُمَّ بَاعَهَا انْتَقَلَتْ بِمَنَافِعِهَا لِلْمُشْتَرِي، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا مُدَّةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا ثُمَّ بَاعَهَا وَالْمُدَّةُ بَاقِيَةٌ فَتَنْتَقِلُ بِجَمِيعِ مَنَافِعِهَا لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ اسْتَثْنَى الْبَائِعُ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي لَهُ بِالْإِجَارَةِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَلَوْ أَجَّرَ لِبِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ ثُمَّ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَأَجَّرَ لِآخَرَ قَبْلَ وُقُوعِ التَّخْيِيرِ السَّابِقِ نَظِيرُهُ فِي الْعَارِيَّةِ لَمْ يَصِحَّ فِيمَا يَضُرُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ الْبِنَاءَ أَوْ الشَّجَرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِبَقَاءِ احْتِرَامِ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ.
وَيَصِحُّ فِي غَيْرِ الْمُضِرِّ سَوَاءٌ أَخَصَّهُ بِالْعَقْدِ أَمْ لَمْ يَخُصَّهُ، وَكَانَ التَّوْزِيعُ عَلَى الْمُضِرِّ وَغَيْرِهِ مُمْكِنًا، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ يَصِحُّ إنْ أَمْكَنَ تَفْرِيغُهَا مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا أُجْرَةَ لِمِثْلِهَا وَلَمْ يَسْتُرْهَا الْغِرَاسُ، وَأَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ فِيمَنْ أَجَّرَ أَرْضَهُ مُدَّةً بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ ثُمَّ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ أَوَانِ الزَّرْعِ فَاسْتَوْلَى آخَرُ وَزَرَعَ عُدْوَانًا بِحُلُولِ الْأُجْرَةِ بِمَوْتِهِ وَعَدَمِ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ، هَذَا إنْ لَمْ يَضَعْ الْمُتَعَدِّي يَدَهُ وَإِلَّا ارْتَفَعَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَفْرِيغِهَا، وَأَنَّهُ لَوْ رَضِيَ بِتَفْرِيغِهَا وَاحْتَاجَ التَّفْرِيغُ إلَى أُجْرَةٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ التَّفْرِيغِ تَعُودُ إلَيْهِ لِانْتِفَاعِهِ بِإِزَالَةِ الضَّمَانِ عَنْهُ وَاسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَوَقَّفَ قَبْضُهَا) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ قَبْلَ لَحْظَةٍ لَطِيفَةٍ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ هُنَا عَلَى تَسْلِيمِهَا لِلْمُشْتَرِي حَيْثُ كَانَتْ مُدَّةُ التَّفْرِيغِ تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ أَوْ فِيهَا مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، وَيُؤَخِّرُ الْمُشْتَرِي قَبْضَ الْعَيْنِ إلَى انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ قَهْرًا عَلَيْهِ حَيْثُ اشْتَرَى عَالِمًا بِكَوْنِهَا مُؤَجَّرَةً فَقَدْ رَضِيَ بِبَقَائِهَا فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَبِي الْفَرَجِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ كَلَامَ أَبِي الْفَرَجِ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ لِغَيْرِ الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ) يُتَأَمَّلُ كَوْنُ ذَلِكَ مُؤَيِّدًا لِلْأَوَّلِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَظْهَرُ تَأْيِيدُهُ لِلثَّانِي: أَيْ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: وَالْمُدَّةُ بَاقِيَةٌ) أَيْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ فِي غَيْرِ الْمُضِرِّ) أَيْ وَيُتَخَيَّرُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا مَرَّ، وَعِبَارَةُ الْمُحَقِّقِ الْجَلَالِ: لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَابِعَةٌ فِي الْبَيْعِ لِلرَّقَبَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ جَهِلَ الْمُشْتَرِي تَخَيَّرَ وَلَوْ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ جَهِلَ وَلَوْ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، لَكِنْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بُطْلَانَ الْبَيْعِ عِنْدَ جَهْلِ الْمُدَّةِ انْتَهَتْ. فَقَوْلُهُ: وَلَوْ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ غَايَةٌ فِي الْجَهْلِ إشَارَةٌ إلَى رَدِّ مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ رحمه الله فَهِمَ مِنْهَا غَيْرَ الْمُرَادِ فَتَصَرَّفْ فِيهَا بِمَا تَرَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ الْجَهْلِ) صَوَابُهُ فِي حَالَةِ الْعِلْمِ إذْ الْجَهْلُ بِالْإِجَارَةِ لَا يَصِحُّ فِيهِ التَّعْمِيمُ بَعْدَهُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِمَهَا وَظَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأُجْرَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ عَلِمَهَا وَظَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأُجْرَةِ تَخَيَّرَ عِنْدَ الْغَزَالِيِّ وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى. وَقَالَ الشَّاشِيُّ: لَا يَتَخَيَّرُ فَلَوْ انْفَسَخَتْ إلَخْ، فَآخِرُ الْعِبَارَةِ سَاقِطٌ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ، إذْ لَا يَصِحُّ جَعْلُ قَوْلِهِ وَلَوْ عَلِمَهَا إلَخْ غَايَةٌ فِيمَا قَبْلَهُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِهِ إنْهَاءً لِلْمُشْتَرِي نَصُّهَا: وَلَوْ آجَرَ دَارِهِ مُدَّةً ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ ثُمَّ بَاعَهَا فَهَلْ تَدْخُلُ الْمَنْفَعَةُ فِي الْبَيْعِ؟ اخْتَلَفَ فِيهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَالْأَوْجَهُ نَعَمْ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ إلَخْ. وَأَمَّا مَا فِي الشَّارِحِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ وُقُوعِ التَّخْيِيرِ) وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَهُ بَعْدَهُ إذَا اخْتَارَ الْإِبْقَاءَ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ