الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلتَّعْرِيفِ، وَلِهَذَا أَشَارَ الشَّارِحُ لِرَدِّهِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ الزَّمَنِ وَمَحِلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْمُتَمَوَّلِ، أَمَّا غَيْرُهُ كَحَبَّةِ زَبِيبٍ فَإِنَّهُ يَسْتَبِدُّ وَاجِدُهُ بِهِ وَلَوْ فِي حَرَمِ مَكَّةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَقَدْ سَمِعَ عُمَرُ رضي الله عنه مَنْ يَنْشُدُ فِي الطَّوَافِ زَبِيبَةً: فَقَالَ: إنَّ مِنْ الْوَرَعِ مَا يَمْقُتُهُ اللَّهُ، وَرَأَى «تَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ لَوْلَا أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً لَأَكَلْتهَا» وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِكَوْنِ الْإِمَامِ يَلْزَمُهُ أَخْذُ الْمَالِ الضَّائِعِ لِحِفْظِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي إعْرَاضَ مَالِكِهَا عَنْهَا وَخُرُوجَهَا عَنْ مِلْكِهِ فَهِيَ الْآنَ مُبَاحَةٌ فَتَرَكَهَا لِمَنْ يُرِيدُ تَمَلُّكَهَا مُشِيرًا بِهِ إلَى ذَلِكَ، وَيَجُوزُ أَخْذُ سَنَابِلِ الْحَصَّادِينَ الَّتِي اُعْتِيدَ الْإِعْرَاضُ عَنْهَا، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: يَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا لَا زَكَاةَ فِيهِ أَوْ لِمَنْ يَحِلُّ لَهُ كَالْفَقِيرِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْأَوْجَهَ اغْتِفَارُ ذَلِكَ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ، وَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِمَا لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ لِمَنْ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ اعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي نَحْوِ الْكَسْرِ مِمَّا قَدْ يُقْصَدُ وَسَبَقَتْ الْيَدُ إلَيْهِ بِخِلَافِ السَّنَابِلِ، وَأُلْحِقَ بِهَا أَخْذُ مَاءٍ مَمْلُوكٍ آبِقَا بِهِ عَادَةً كَمَا مَرَّ.
(فَصْلٌ) فِي تَمَلُّكِهَا وَغُرْمِهَا وَمَا يَتْبَعُهَا (إذَا عَرَّفَ اللُّقَطَةَ) بَعْدَ قَصْدِهِ تَمَلُّكَهَا (سَنَةً) أَوْ دُونَهَا فِي الْحَقِيرِ جَازَ لَهُ تَمَلُّكُهَا وَلَوْ هَاشِمِيًّا أَوْ فَقِيرًا إلَّا فِي صُوَرٍ مَرَّتْ كَأَنْ أَخَذَ لِلْخِيَانَةِ أَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ أَوْ كَانَتْ أَمَةً تَحِلُّ لَهُ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: يَنْبَغِي أَنْ يُعَرِّفَهَا ثُمَّ تُبَاعُ وَيَتَمَلَّكُ ثَمَنَهَا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِيمَا يَتَسَارَعُ فَسَادُهُ مَرْدُودٌ، إذْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ هَذَا مَانِعُهُ عَرَضِيٌّ وَهِيَ مَانِعُهَا ذَاتِيٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْبِضْعِ فَاخْتَصَّ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ وَإِذَا أَرَادَهُ (لَمْ يَمْلِكْهَا حَتَّى يَخْتَارَهُ بِلَفْظٍ) مِنْ نَاطِقٍ صَرِيحٍ فِيهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَسْتَبِدُّ وَاجِدُهُ) هَلْ يَمْلِكُ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ أَوْ يَتَوَقَّفُ الْمِلْكُ عَلَى قَصْدِ التَّمَلُّكِ أَوْ عَلَى لَفْظٍ أَوْ لَا يَمْلِكُهُ لِعَدَمِ تَمَوُّلِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْتَاجَ إلَى تَمَلُّكٍ لِأَنَّهُ مِمَّا يُعْرَضُ عَنْهُ وَمَا يُعْرَضُ عَنْهُ أَطْلَقُوا أَنَّهُ يُمْلَكُ بِالْأَخْذِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: اغْتِفَارُ ذَلِكَ) أَيْ اغْتِفَارُ أَخْذِهِ وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ الزَّكَاةُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ السَّنَابِلِ) أَيْ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مَقْصُودَةً بَلْ أَرْبَابُهَا يُعْرِضُونَ عَنْهَا وَيَقْصِدُهَا غَيْرُهُمْ بِالْأَخْذِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ جَمْعُهَا لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ وَإِنْ أَمْكَنَ وَكَانَ لَهَا وَقْعٌ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ إنْ كَانَ لَهَا وَقْعٌ وَسَهُلَ جَمْعُهَا بِحَيْثُ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ مَنْ يَجْمَعُهَا كَانَ لِلْبَاقِي بَعْدَ الْأُجْرَةِ وَقْعٌ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا.
(فَصْلٌ) فِي تَمَلُّكِهَا وَغُرْمِهَا (قَوْلُهُ: بَعْدَ قَصْدِهِ تَمَلُّكَهَا) قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِمَا ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ لَا بِقَصْدِ حِفْظٍ وَلَا تَمَلُّكٍ ثُمَّ عَرَّفَ قَبْلَ قَصْدِ التَّمَلُّكِ لَا يُعْتَدُّ بِتَعْرِيفِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ دَفَعَهَا لِلْحَاكِمِ وَتَرَكَ تَعْرِيفَهَا وَتَمَلُّكَهَا ثُمَّ اسْتَقَالَ: أَيْ طَلَبَ مِنْ الْحَاكِمِ إقَالَتَهُ مِنْهَا لِيُعَرِّفَهَا وَيَتَمَلَّكَهَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَقَدْ يَمْتَنِعُ التَّمَلُّكُ كَالْبَعِيرِ الْمُقَلَّدِ وَكَمَا لَوْ دَفَعَهَا لِلْقَاضِي مُعْرِضًا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ يُعَرِّفَهَا) أَيْ الْأَمَةَ الَّتِي تَحِلُّ لَهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ) أَيْ: مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
[فَصْلٌ فِي تَمَلُّكِ وَغُرْم اللُّقَطَةَ]
(فَصْلٌ) فِي تَمَلُّكِهَا وَغُرْمِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ هَاشِمِيًّا) أَيْ: وَلَا يُقَالُ إنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مِنْ صَدَقَةِ فَرْضٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ فَقِيرًا: أَيْ وَلَا يُقَالُ
(كَتَمَلَّكْتُ) أَوْ كِنَايَةٍ مَعَ النِّيَّةِ كَمَا هُوَ قِيَاسُ سَائِرِ الْأَبْوَابِ (وَنَحْوِهِ) كَأَخَذْتُهُ أَوْ إشَارَةُ أَخْرَسَ مُفْهِمَةٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَبَحَثَ النَّجْمُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الِاخْتِصَاصِ الَّذِي كَانَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَنْقُلَهُ لِنَفْسِهِ (وَقِيلَ: تَكْفِي النِّيَّةُ) أَيْ تَجْدِيدُ قَصْدِ التَّمَلُّكِ لِانْتِفَاءِ الْمُعَاوَضَةِ وَالْإِيجَابِ (وَقِيلَ يَمْلِكُهَا بِمُضِيِّ السَّنَةِ) بَعْدَ التَّعْرِيفِ اكْتِفَاءً بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ السَّابِقِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَمَنْ الْتَقَطَ لِلْحِفْظِ دَائِمًا وَقُلْنَا بِوُجُوبِ التَّعْرِيفِ وَعَرَّفَ سَنَةً فَبَدَا لَهُ التَّمَلُّكُ لَا يَأْتِي فِيهِ هَذَا الْوَجْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ، وَإِنْ لَمْ تُوجِبْ التَّعْرِيفَ عَلَيْهِ فَعَرَّفَ ثُمَّ بَدَا لَهُ قَصْدُ التَّمَلُّكِ لَا يُعْتَدُّ بِمَا عَرَّفَ مِنْ قَبْلُ يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ أَنَّهُ لَوْ عَرَّفَهُ مُدَّةً قَبْلَ قَصْدِ تَمَلُّكِهِ ثُمَّ قَصَدَهُ اعْتَدَّ بِمَا مَضَى، وَبَنَى عَلَيْهِ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ وَهُوَ وُجُوبُ التَّعْرِيفِ وَالْمُعْتَمَدُ الِاسْتِئْنَافُ فِيهِ أَيْضًا (فَإِنْ تَمَلَّكَهَا) أَيْ اللُّقَطَةَ وَلَمْ يَظْهَرْ مَالِكُهَا فَلَا مُطَالَبَةَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّهَا مِنْ كَسْبِهِ كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَوْ (فَظَهَرَ الْمَالِكُ) وَهِيَ بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا (وَاتَّفَقَا عَلَى رَدِّ عَيْنِهَا) أَوْ بَدَلِهَا (فَذَاكَ) ظَاهِرٌ إذْ الْحَقُّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا، وَيَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ رَدُّهَا لِمَالِكِهَا إذَا عَلِمَهُ وَلِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: كَتَمَلَّكْتُ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ التَّمَلُّكِ مَعْرِفَتُهَا حَتَّى لَوْ جُهِلَتْ لَهُ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ، وَلَا يَبْعُدُ الِاشْتِرَاطُ وَهِيَ نَظِيرُ الْقَرْضِ بَلْ قَالُوا إنَّ مِلْكَهَا مِلْكُ قَرْضٍ فَلْيُنْظَرْ هَلْ يَمْلِكُ الْقَرْضَ الْمَجْهُولُ م ر.
[فَرْعٌ] قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَلَدَ اللُّقَطَةِ كَاللُّقَطَةِ إنْ كَانَتْ حَامِلًا بِهِ عِنْدَ الْتِقَاطِهَا وَانْفَصَلَ مِنْهَا قَبْلَ تَمَلُّكِهَا وَيَمْلِكُهُ تَبَعًا لِأُمِّهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ يَمْلِكُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ لِأُمِّهِ: أَيْ وَيَتَمَلَّكُهَا اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: قَوْلُ سم وَلَا يَبْعُدُ الِاشْتِرَاطُ قَدْ يُسْتَفَادُ الِاشْتِرَاطُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ أَمَّا عِنْدَ تَمَلُّكِهَا فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ مَا يَرُدُّهُ لِمَالِكِهَا لَوْ ظَهَرَ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا هَلْ يَمْلِكُ الْقَرْضَ الْمَجْهُولُ.
أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْقَرْضَ الْمَجْهُولُ لِتَعَذُّرِ رَدِّ مِثْلِهِ مَعَ الْجَهْلِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَانْفَصَلَ مِنْهَا قَبْلَ تَمَلُّكِهَا أَنَّهَا لَوْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الِالْتِقَاطِ وَانْفَصَلَ قَبْلَ التَّمَلُّكِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ تَبَعًا لِأُمِّهِ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِتَمَلُّكِ أُمِّهِ بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَمَلُّكٍ لَهُ بِخُصُوصِهِ، وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ مَا حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الِالْتِقَاطِ وَلَمْ يَنْفَصِلْ قَبْلَ التَّمَلُّكِ أَنَّهُ يَتْبَعُهَا فِي التَّمَلُّكِ كَمَا يَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ.
(قَوْلُهُ: كَانَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَنْقُلَهُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ نَقَلْت الِاخْتِصَاصَ بِهِ إلَيَّ (قَوْلُهُ: فَلَا مُطَالَبَةَ إلَخْ) لَوْ تَمَلَّكَ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ فِي الْحَالِ وَأَكَلَهُ ثُمَّ عَرَّفَهُ وَلَمْ يَتَمَلَّكْ الْقِيمَةَ هَلْ تَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ أَيْضًا فِي الْآخِرَةِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَيَتَّجِهُ الثَّانِي اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ إذَا غَرِمَ عَلَى رَدِّهَا أَوْ رَدِّ بَدَلِهَا إذَا ظَهَرَ مَالِكُهَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ حَيْثُ أَتَى بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ التَّعْرِيفِ وَتَمَلَّكَ صَارَتْ عَنْ جُمْلَةِ أَكْسَابِهِ، وَعَدَمُ نِيَّتِهِ رَدَّهَا إلَى مَالِكِهَا لَا يُزِيلُ مِلْكَهُ وَإِنْ أَثِمَ بِهِ، وَعَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهِ مَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ رَدًّا وَلَا عَدَمَهُ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا) لَوْ كَانَ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا ثُمَّ عَادَ فَالْمُتَّجِهُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَزُلْ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بَدَلِهَا) هَلْ يُشْتَرَطُ إيجَابٌ وَقَبُولٌ بِالْقِيَاسِ الِاشْتِرَاطُ إنْ كَانَ الْمِلْكُ يُنْتَقَضُ بِمُجَرَّدِ ظُهُورِ الْمَالِكِ، وَيَدُلُّ عَلَى انْتِقَاضِ الْمِلْكِ بِمُجَرَّدِ ظُهُورِ الْمَالِكِ وُجُوبُ الرَّدِّ لِلْمَالِكِ حَيْثُ عَلِمَ قَبْلَ طَلَبِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَدْ يُقَالُ: قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمِلْكُ يُنْتَقَضُ إلَخْ إنَّمَا يَقْتَضِي عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ
ــ
[حاشية الرشيدي]
إنَّ الْفَقِيرَ لَا يَقْدِرُ عَلَى بَدَلِهَا عِنْدَ ظُهُورِ مَالِكِهَا هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَنْقُلَهُ لِنَفْسِهِ) أَيْ بِلَفْظٍ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ، وَبَحْثُ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الِاخْتِصَاصِ كَكَلْبٍ وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَيْنِ مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى نَقْلِ الِاخْتِصَاصِ، الَّذِي كَانَ لِغَيْرِهِ لِنَفْسِهِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ) يَعْنِي كَلَامَهُ الْأَخِيرَ حَيْثُ قَيَّدَ فِيهِ الْحُكْمَ بِمَا إذَا لَمْ نُوجِبْ التَّعْرِيفَ عَلَيْهِ
قَبْلَ طَلَبِهِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَيْهِ، فَإِنْ رَدَّهَا قَبْلَ تَمَلُّكِهَا فَمُؤْنَتُهُ عَلَى مَالِكِهَا كَمَا قَالَهُ.
الْمَاوَرْدِيُّ، وَيَرُدُّهَا بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ لَا الْمُنْفَصِلَةِ إنْ حَدَثَتْ بَعْدَ التَّمَلُّكِ، وَإِلَّا رَجَعَ فِيهَا لِحُدُوثِهَا بِمِلْكِهِ (وَإِنْ أَرَادَهَا الْمَالِكُ وَأَرَادَ الْمُلْتَقِطُ الْعُدُولَ إلَى بَدَلِهَا أُجِيبَ الْمَالِكُ فِي الْأَصَحِّ) كَالْقَرْضِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ تَعَيَّنَ الْبَدَلُ، فَإِنْ لَمْ يَتَنَازَعَا وَرَدَّهَا سَلِيمَةً لَزِمَهُ الْقَبُولُ.
وَالثَّانِي يُجَابُ الْمُلْتَقِطُ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الْقَرْضِ، فَلَوْ ظَهَرَ مَالِكُهَا بَعْدَ بَيْعِ الْمُلْتَقِطِ لَهَا وَقَبْلَ لُزُومِ الْعَقْدِ بِأَنْ كَانَ فِي زَمَنِ خِيَارٍ لَمْ يَخْتَصَّ بِالْمُشْتَرِي فَلَهُ الْفَسْخُ وَأَخْذُهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِي الْمَبِيعِ (إذَا بَاعَهُ الْمُشْتَرِي وَحَجَرَ عَلَيْهِ آبِقِيٌّ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْحَجْرَ ثَمَّ مُقْتَضٍ لِلتَّفْوِيتِ بِخِلَافِهِ هُنَا غَيْرُ مُؤَثِّرٍ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْفَسْخِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحُ انْفِسَاخِهِ إنْ لَمْ يَفْسَخْهُ.
(وَإِنْ)(تَلِفَتْ) اللُّقَطَةُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا بَعْدَ تَمَلُّكِهَا (غَرِمَ مِثْلَهَا) إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً (أَوْ قِيمَتَهَا) إنْ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً، وَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَخْذًا مِنْ تَشْبِيهِهَا بِالْقَرْضِ أَنَّهُ يَجِبُ فِيمَا لَهُ مِثْلٌ صُورِيٌّ رَدُّ الْمِثْلِ الصُّورِيِّ رَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ الْفَرْقُ وَهُوَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ ذَاكَ يَمْلِكُ بِرِضَا الْمَالِكِ وَاخْتِيَارِهِ فَرُوعِيَ وَهَذَا قَهْرِيٌّ عَلَيْهِ، فَكَانَ بِضَمَانِ الْيَدِ أَشْبَهَ أَمَّا الْمُخْتَصَّةُ فَلَا بَدَلَ لَهَا وَلَا لِمَنْفَعَتِهَا كَالْكَلْبِ (يَوْمَ التَّمَلُّكِ) أَيْ وَقْتَهُ لِأَنَّهُ وَقْتُ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِهِ (وَإِنْ نَقَصَتْ بِعَيْبٍ) أَوْ نَحْوِهِ طَرَأَ بَعْدَ التَّمَلُّكِ (فَلَهُ) بَلْ عَلَيْهِ لَوْ طَلَبَ مَالِكُهَا بَدَلَهَا وَالْمُلْتَقِطُ رَدَّهَا مَعَ أَرْشِهَا (أَخَذَهَا مَعَ الْأَرْشِ فِي الْأَصَحِّ) إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا طَلِقَتْ جَمِيعُهُ عِنْدَ التَّلَفِ طَلِقَتْ بَعْضُهُ عِنْدَ النَّقْصِ إلَّا مَا اسْتَثْنَى وَهُوَ الْمُعَجَّلُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ أَرْشُهُ كَمَا مَرَّ، وَالثَّانِي لَا أَرْشَ لَهُ، وَلَهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الرُّجُوعُ إلَى بَدَلِهَا سَلِيمَةً.
(وَإِذَا ادَّعَاهَا رَجُلٌ) مَثَلًا (وَلَمْ يَصِفْهَا) بِصِفَاتِهَا السَّابِقَةِ (وَلَا بَيِّنَةَ) لَهُ بِمَا يَثْبُتُ بِهَا الْمِلْكُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُلْتَقِطُ أَنَّهَا لَهُ (لَمْ تُدْفَعْ إلَيْهِ) أَيْ لَمْ يَجُزْ دَفْعُهَا إلَيْهِ لِخَبَرِ «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ» وَلَا يَكْفِي إخْبَارُ الْبَيِّنَةِ لَهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِ الْحَاكِمِ لَهَا وَقَضَائِهِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ بِالدَّفْعِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ: نَعَمْ لَوْ خَشِيَ مِنْهُ انْتِزَاعَهَا لِشِدَّةِ جَوْرِهِ، فَيَحْتَمِلُ الِاكْتِفَاءُ بِإِخْبَارِهَا لِلْمُلْتَقِطِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا يُحَكِّمَانِ مَنْ يَسْمَعُهَا وَيُقْضَى لِلْمَالِكِ بِهَا، إذْ الْحَاكِمُ حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ وَهُوَ أَوْجَهُ (وَإِنْ وَصَفَهَا) وَصْفًا أَحَاطَ بِجَمِيعِ صِفَاتِهَا (وَظَنَّ) الْمُلْتَقِطُ (صِدْقَهُ جَازَ الدَّفْعُ) إلَيْهِ قَطْعًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَلَعَلَّهُ لَا يُنْتَقَضُ (قَوْلُهُ: وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُلْتَقِطِ (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهَا بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِنْ حَدَثَتْ بَعْدَ التَّمَلُّكِ تَبَعًا لِلْأَصْلِ بَلْ لَوْ حَدَثَتْ قَبْلَهُ ثُمَّ انْفَصَلَتْ رَدَّهَا كَنَظِيرِهِ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، فَلَوْ الْتَقَطَ حَائِلًا فَحَمَلَتْ قَبْلَ تَمَلُّكِهَا ثُمَّ وَلَدَتْ رَدَّ الْوَلَدَ مَعَ الْأُمِّ اهـ.
[تَنْبِيهٌ] هَلْ يَجِبُ تَعْرِيفُ هَذَا الْوَلَدِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ مَعَ الْأُمِّ أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَقِطْهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ يَكْفِي مَا بَقِيَ مِنْ تَعْرِيفِ الْأُمِّ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: نَعَمْ يَكْفِي مَا بَقِيَ مِنْ تَعْرِيفِ الْأُمِّ لِأَنَّهُ تَابِعٌ، وَبَقِيَ مَا لَوْ انْفَصَلَ بَعْدَ تَمَامِ التَّعْرِيفِ وَقَبْلَ التَّمَلُّكِ فَهَلْ يَسْقُطُ التَّعْرِيفُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ سُقُوطُهُ اكْتِفَاءً بِمَا سَبَقَ مِنْ تَعْرِيفِ الْأُمِّ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا رَجَعَ) أَيْ الْمَالِكُ، وَقَوْلُهُ لَزِمَهُ: أَيْ الْمَالِكُ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَخْتَصَّ بِالْمُشْتَرِي: أَيْ بِأَنْ كَانَ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا، وَقَوْلُهُ فَلَهُ: أَيْ الْمَالِكِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَلِفَتْ اللُّقَطَةُ) الْمَمْلُوكَةُ اهـ حَجّ.
وَقَوْلُهُ حِسًّا: أَيْ بِأَنْ مَاتَتْ، وَقَوْلُهُ أَوْ شَرْعًا كَأَنْ أَعْتَقَهَا الْمُلْتَقِطُ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُخْتَصَّةُ) قَسِيمٌ لِلْمَمْلُوكَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ تَمَلُّكِهَا.
(قَوْلُهُ: مَعَ الْأَرْشِ) هُوَ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا، لَكِنْ هَلْ الْعِبْرَةُ بِقِيمَتِهَا وَقْتَ الِالْتِقَاطِ، أَوْ وَقْتَ التَّمَلُّكِ، أَوْ وَقْتَ طُرُوِّ الْعَيْبِ، وَلَوْ بَعْدَ التَّمَلُّكِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَخِيرُ لِأَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ مَالِكُهَا قُبَيْلَ طُرُوُّ الْعَيْبِ لَوَجَبَ رَدُّهَا كَذَلِكَ
(قَوْلُهُ: إخْبَارِهَا) أَيْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: قَبْلَ طَلَبِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ رَدَّهَا وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعَجَّلُ) أَيْ: فِي الزَّكَاةِ
عَمَلًا بِظَنِّهِ بَلْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ: أَيْ إنْ اتَّحَدَ الْوَاصِفُ، وَإِلَّا بِأَنْ ادَّعَاهَا كُلٌّ لِنَفْسِهِ وَوَصَفَهَا لَمْ تُسَلَّمْ لِأَحَدٍ إلَّا بِحُجَّةٍ كَبَيِّنَةٍ سَلِيمَةٍ مِنْ الْمُعَارِضِ (وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ مُدَّعٍ فَيَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ كَغَيْرِهِ، وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي يَجِبُ لِأَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا قَدْ تَعْسُرُ، أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ ظَنِّ صِدْقِهِ فَيَمْتَنِعُ دَفْعُهَا لَهُ، فَإِنْ قَالَ مُدَّعِيهَا إنَّك تَعْلَمُ كَوْنَهَا لِي حَلَّفَهُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ أَوْ يَلْزَمُك تَسْلِيمُهَا إلَيَّ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِمَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ وُجُوبَ الدَّفْعِ بِالْوَصْفِ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، فَإِنْ نَكَلَ وَلَمْ يَكُنْ تَمَلَّكَهَا فَهَلْ تُرَدُّ هَذِهِ الْيَمِينُ كَغَيْرِهَا أَوْ لَا لِأَنَّ الرَّدَّ كَالْإِقْرَارِ، وَإِقْرَارُ الْمُلْتَقِطِ غَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَى مَالِكِهَا بِفَرْضِ أَنَّهُ غَيْرُ الْوَاصِفِ، كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ، وَلَوْ تَلِفَتْ فَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِوَصْفِهَا ثَبَتَتْ وَلَزِمَهُ بَدَلُهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ النَّصِّ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْوَصْفِ هُوَ وَصْفُهَا.
(فَإِنْ)(دَفَعَ) الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ لِشَخْصٍ بِالْوَصْفِ مِنْ غَيْرِ إجْبَارِ حَاكِمٍ يَرَاهُ (وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً بِهَا) أَيْ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَنَّهَا لَا يُعْلَمُ انْتِقَالُهَا مِنْهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ (حُوِّلَتْ) مِنْ الْأَوَّلِ (إلَيْهِ) لِأَنَّ الْحُجَّةَ تُوجِبُ الدَّفْعَ بِخِلَافِ الْوَصْفِ الْمُجَرَّدِ (فَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ) أَيْ الْوَاصِفِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ (فَلَهُ تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ) لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُ سَلَّمَ مَا لَيْسَ لَهُ تَسْلِيمُهُ إلَّا أَنْ يُلْزِمَهُ حَاكِمٌ بِالدَّفْعِ يَرَى وُجُوبَهُ بِالْوَصْفِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِهِ (وَالْمَدْفُوعِ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُ أَخَذَ مِلْكَ غَيْرِهِ وَخَرَجَ بِدَفْعِ اللُّقَطَةِ مَا لَوْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ بَعْدَ تَمَلُّكِهَا ثُمَّ غَرِمَ لِلْوَاصِفِ قِيمَتَهَا فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ تَغْرِيمُهُ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ مَالُ الْمُلْتَقِطِ لَا الْمُدَّعِي (وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ لَتَلَفِهِ فِي يَدِهِ فَيَرْجِعُ الْمُلْتَقِطُ عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَهُ إنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَزْعُمُ أَنَّ الظَّالِمَ هُوَ ذُو الْبَيِّنَةِ وَفَارَقَ مَا لَوْ اعْتَرَفَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِالْمِلْكِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَرَفَ لَهُ بِالْمِلْكِ لِظَاهِرِ الْيَدِ بِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ شَرَفًا فَعُذِرَ بِالِاعْتِرَافِ الْمُسْتَنِدِ إلَيْهَا، بِخِلَافِ الْوَصْفِ فَكَانَ مُقَصِّرًا بِالِاعْتِرَافِ الْمُسْتَنِدِ إلَيْهِ (قُلْت: لَا تَحِلُّ) (لُقَطَةُ الْحَرَمِ) الْمَكِّيِّ (لِلتَّمَلُّكِ) وَلَوْ بِلَا قَصْدِ تَمَلُّكٍ وَلَا حِفْظٍ (عَلَى الصَّحِيحِ) بَلْ لَا تَحِلُّ إلَّا لِلْحِفْظِ أَبَدًا لِخَبَرِ «لَا تَحِلُّ لُقْطَتُهُ إلَّا لِمُنْشِدٍ» أَيْ لِمُعَرِّفٍ عَلَى الدَّوَامِ وَإِلَّا فَسَائِرُ الْبِلَادِ كَذَلِكَ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّخْصِيصِ، وَادِّعَاءُ أَنَّهَا دَفْعُ إيهَامِ الِاكْتِفَاءِ بِتَعْرِيفِهَا فِي الْمَوْسِمِ بِمَنْعِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ هُوَ الْمُرَادَ لَبَيَّنَهُ، وَإِلَّا فَإِيهَامُ مَا قُلْنَاهُ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَشَدُّ وَلِكَثْرَةِ تَكَرُّرِ عَوْدِ النَّاسِ لَهُ فَرُبَّمَا عَادَ مَالِكُهَا أَوْ نَائِبُهُ فَغَلُظَ عَلَى آخِذِهَا بِتَعَيُّنِ حِفْظِهَا كَمَا غَلُظَ عَلَى الْقَاتِلِ فِيهِ خَطَأً بِتَغْلِيظِ الدِّيَةِ عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ إسَاءَتِهِ.
وَالثَّانِي تَحِلُّ وَالْمُرَادُ بِالْخَبَرِ تَأْكِيدُ التَّعْرِيفِ لَهَا سَنَةً، وَخَرَجَ بِالْحَرَمِ الْحِلُّ وَلَوْ عَرَفَةَ وَمُصَلَّى إبْرَاهِيمَ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الِانْتِصَارِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ الْحَرَمِ وَبِالْمَكِّيِّ حَرَمُ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ وَصَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَالرُّويَانِيُّ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ (وَيَجِبُ تَعْرِيفُهَا) أَيْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْبَيِّنَةَ.
(قَوْلُهُ: حَلَّفَهُ) أَيْ وُجُوبًا، فَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي وَقُضِيَ لَهُ بِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ فَإِنْ نَكَلَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ) أَيْ وَإِنْ اعْتَقَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ تَسْلِيمُهَا بِالْوَصْفِ لَا يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ بَلْ يُطَالِبُهُ بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ) هُوَ قَوْلُهُ فَهَلْ تُرَدُّ هَذِهِ الْيَمِينُ كَغَيْرِهَا وَفَائِدَةُ الرَّدِّ أَنَّهُ يَلْزَمُ بِتَسْلِيمِهَا لِلْمُدَّعِي.
(قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ تَغْرِيمُهُ) أَيْ وَإِنَّمَا يَغْرَمُ الْمُلْتَقِطُ بَدَلَهَا وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ لِمُعَرِّفٍ) هَكَذَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ.
(قَوْلُهُ: وَادِّعَاءُ أَنَّهَا إلَخْ) أَيْ فَائِدَةُ التَّخْصِيصِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ) أَيْ عَلَى الثَّانِي
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: كَبَيِّنَةٍ سَلِيمَةٍ مِنْ الْمُعَارِضِ) مِثَالٌ لِلْحُجَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ تَمَلَّكَهَا) أَيْ أَمَّا إذَا كَانَ تَمَلَّكَهَا فَتُرَدُّ عَلَيْهِ الْيَمِينُ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ
(قَوْلُهُ: مَا لَيْسَ لَهُ تَسْلِيمُهُ) أَيْ: فِي الْوَاقِعِ وَإِنْ جَازَ فِي الظَّاهِرِ كَمَا مَرَّ.