الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَاب الثَّالِث
فِي كَيْفيَّة بيعَته وقصة الشورى
قَالَ ابْن سعد أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر قَالَ حَدثنِي شُرَحْبِيل بن أبي عون عَن أَبِيه عَن الْمسور بن مخرمَة قَالَ إِن عمر بن الْخطاب رض = هُوَ صَحِيح يسْأَل أَن يسْتَخْلف فيأبى فَصَعدَ يَوْمًا الْمِنْبَر فَتكلم بِكَلِمَات وَقَالَ إِن مت فأمركم إِلَى هَؤُلَاءِ السِّتَّة الَّذين فارقوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُم رَاض عَليّ بن أبي طَالب وَنَظِيره الزبير بن الْعَوام وَعبد الرحمان بن عَوْف وَنَظِيره عُثْمَان بن عَفَّان وَطَلْحَة بن عبيد الله وَنَظِيره سعد بن مَالك الا واني أوصيكم بتقوى الله فِي الحكم وَالْعدْل فِي الْقسم
1 -
ذكر مقتل عمر رض = وَحَدِيث الشورى
عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ اني لقائم فِي الْمَسْجِد مَا بيني وَبَين عمر بن الْخطاب رض = إِلَّا عبد الله بن عَبَّاس رضي الله عنهما غَدَاة أُصِيب وَكَانَ إِذا مر بَين الصفين قَالَ اسْتَووا حَتَّى إِذا لم ير فيهم خللا تقدم وَكبر وَرُبمَا قَرَأَ سُورَة يُوسُف أَو النَّحْل أَو نَحْو ذَلِك فِي الرَّكْعَة الأولى حَتَّى يجْتَمع النَّاس
فَمَا هُوَ الا ان كبر فَسَمعته يَقُول قتلني أَو أكلني الْكَلْب حِين طعنه فَسَار العلج بسكين ذَات طرفين مَا يمر بِرَجُل يَمِينا وَلَا شمالا إِلَّا طعنه حَتَّى طعن ثَلَاثَة عشر رجلا مَاتَ مِنْهُم سَبْعَة قَالَ فَلَمَّا رأى ذَلِك رجل من الْمُسلمين طرح عَلَيْهِ برنسا فَلَمَّا ظن العلج أَنه مَأْخُوذ نحور نَفسه وَتَنَاول عمر يَد عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فقدمه فَمن يَلِي عمر فقد رأى الَّذِي أرى وَأما نواحي الْمَسْجِد فَإِنَّهُم لَا يَدْرُونَ غير أَنهم فقدوا صَوت عمر وهم يَقُولُونَ سُبْحَانَ الله سُبْحَانَ ألله فصلى بهم عبد الرحمان بن عَوْف صَلَاة خَفِيفَة فَلَمَّا انصرفوا قَالَ يَا ابْن عَبَّاس انْظُر من قتلني فجال سَاعَة ثمَّ جَاءَ فَقَالَ غُلَام الْمُغيرَة قَالَ الصنع قَالَ نعم قَالَ قَاتله الله وَالله لقد أمرت بِهِ مَعْرُوفا الْحَد لله الَّذِي لم يَجْعَل ميتتي بيد رجل يَدعِي الْإِسْلَام ثمَّ قَالَ لإبن عَبَّاس وَقد كنت أَنْت وَأَبُوك تحبان أَن تكْثر العلوج بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ عَبَّاس أَكْثَرهم رَقِيقا فَقَالَ ان شِئْت فعلت أَي ان شِئْت قتلنَا قَالَ كذبت بعد مَا تكلمُوا وصلوا قبلتكم وحجوا حَجكُمْ فَاحْتمل إِلَى بَيته فَانْطَلَقْنَا مَعَه وَكَأن النَّاس لم تصبهم مُصِيبَة قبل يَوْمئِذٍ فَقَائِل يَقُول لَا بَأْس وَقَائِل يَقُول أَخَاف عَلَيْهِ فَدَعَا بنبيذ فشربه فَخرج من جَوْفه ثمَّ دَعَا بِلَبن فشربه فَخرج من جرحه فَعَلمُوا أَنه ميت فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وَجَاء النَّاس يثنون عَلَيْهِ وَجَاء رجل شَاب فَقَالَ أبشر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ببشرى الله لَك من صُحْبَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقدم فِي الْإِسْلَام مَا قد علمت ثمَّ وليت فعدلت ثمَّ شَهَادَة قَالَ وددت أَن ذَلِك كفاف لَا عَليّ وَلَا لي فَلَمَّا أدبر إِذا إزَاره يمس الأَرْض قَالَ ردوا عَليّ الْغُلَام قَالَ ابْن آخى ارْفَعْ ثَوْبك فَإِنَّهُ أبقى لثوبك وَأتقى لِرَبِّك يَا عبد الله بن عمر انْظُر مَا عَليّ من الدّين فحسبوه فوجدوه سِتَّة وَثَمَانِينَ ألفا أَو نَحوه قَالَ إِن وفى لَهُ مَال آل عمر
فأده من أَمْوَالهم وَإِلَّا فسل فِي بني عدي بن كَعْب فَإِن لم تفي أَمْوَالهم فسل فِي قُرَيْش وَلَا تعدهم إِلَى غَيرهم فأد عني هَذَا المَال انْطلق إِلَى عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ فَقل يقْرَأ عَلَيْك عمر السَّلَام وَلَا تقل أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِنِّي لست الْيَوْم للْمُؤْمِنين أَمِيرا وَقل يسْتَأْذن عمر بن الْخطاب ان يدْفن مَعَ صَاحِبيهِ فَسلم وَاسْتَأْذَنَ ثمَّ دخل عَلَيْهَا فَوَجَدَهَا قَاعِدَة تبْكي فَقَالَ يقْرَأ عَلَيْك عمر بن الْخطاب السَّلَام ويستأذن ان يدْفن مَعَ صَاحِبيهِ فَقَالَت كنت أريده لنَفْسي ولأوثرن بِهِ الْيَوْم على نَفسِي فَلَمَّا أقبل قيل هَذَا عبد الله بن عمر قد جَاءَ قَالَ ارفعوني فأسنده رجل إِلَيْهِ فَقَالَ مَا لديك قَالَ الَّذِي تحب يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَذِنت قَالَ الْحَمد لله مَا كَانَ من شَيْء أهم إِلَيّ من ذَلِك فَإِذا أَنا قضيت فاحملوني ثمَّ سلم فَقل يسْتَأْذن عمر بن الْخطاب فَإِن أَذِنت لي فأدخلوني وَإِن ردتني ردوني إِلَى مَقَابِر الْمُسلمين وَجَاءَت أم الْمُؤمنِينَ حَفْصَة وَالنِّسَاء تسير مَعهَا فَلَمَّا رأيناها قمنا فولجت عَلَيْهِ فَبَكَتْ عِنْده سَاعَة وَاسْتَأْذَنَ الرِّجَال فولجت دَاخِلا لَهُم فسمعنا بكاءها من الدَّاخِل فَقَالُوا أوص يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اسْتخْلف قَالَ مَا أجد أَحَق بِهَذَا الْأَمر من هَؤُلَاءِ النَّفر أَو الرَّهْط الَّذين توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُم رَاض فَسمى عليا وَعُثْمَان وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة وسعدا وَعبد الرَّحْمَن وَقَالَ يشهدكم عبد الله بن عمر وَلَيْسَ لَهُ من الْأَمر شَيْء كَهَيئَةِ التَّعْزِيَة لَهُ فَإِن أَصَابَت الإمرة سَعْدا فَهُوَ ذَاك وَإِلَّا فليستعن بِهِ أَيّكُم مَا أَمر فَإِنِّي لم أعزله عَن عجز وَلَا خِيَانَة ثمَّ قَالَ أوصِي الْخَلِيفَة من بعدِي بالمهاجرين الْأَوَّلين ان يعرف لَهُم حَقهم ويحفظ لَهُم حرمتهم وأوصيه بالأنصار خيرا الَّذين تبوؤا الدَّار وَالْإِيمَان من قبلهم ان يقبل من محسنهم وان يعفوا عَن مسيئهم وأوصيه بِأَهْل الْأَمْصَار خيرا فَإِنَّهُم ردء الْإِسْلَام وجباة المَال وغيظ الْعَدو والا يُؤْخَذ مِنْهُم إِلَّا فَضلهمْ عَن رضاهم وأوصيه بالأعراب خيرا فَإِنَّهُم أصل الْعَرَب ومادة الْإِسْلَام ان يُؤْخَذ من حَوَاشِي أَمْوَالهم وَيرد على فقرائهم وأوصيه بِذِمَّة الله وَذمَّة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يُوفي لَهُم بعدهمْ وَأَن يُقَاتل من ورائهم وَألا يكلفوا إِلَّا طاقتهم فَلَمَّا قبض خرجنَا بِهِ فَانْطَلَقْنَا نمشي فَسلم
عبد الله بن عمر قَالَ يسْتَأْذن عمر بن الْخطاب قَالَت أدخلوه فَادْخُلْ فَوضع هُنَالك مَعَ صَاحِبيهِ فَلَمَّا فرغ من دَفنه أجتمع هَؤُلَاءِ الرَّهْط فَقَالَ عبد الرَّحْمَن أجعلوا أَمركُم إِلَى ثَلَاثَة مِنْكُم فَقَالَ الزبير قد جعلت أَمْرِي إِلَى عَليّ فَقَالَ طَلْحَة قد جعلت آمري إِلَى عُثْمَان وَقَالَ سعد قد جعلت آمري إِلَى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَقَالَ عبد الرَّحْمَن آيكما تَبرأ من هَذَا الْأَمر فنجعله إِلَيْهِ وَالله عَلَيْهِ وَالْإِسْلَام لينظرن أفضلهم فِي نَفسه فأسكت الشَّيْخَانِ فَقَالَ عبد الرَّحْمَن أفتجعلونه إِلَيّ وَللَّه عَليّ أَلا آلو عَن أفضلكم قَالَا نعم فَأخذ بيد أَحدهمَا فَقَالَ لَك قرَابَة من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم والقدم فِي الْإِسْلَام مَا قد علمت فَالله عَلَيْك لَئِن أَمرتك لتعدلن وَلَئِن امرت عُثْمَان لتسمعن ولتطيعن ثمَّ خلا بِالْآخرِ فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك فَلَمَّا أَخذ الْمِيثَاق قَالَ ارْفَعْ يدك يَا عُثْمَان فَبَايعهُ وَبَايع لَهُ عَليّ وولج أهل الدَّار فَبَايعُوهُ قَالَ ابْن سعد أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر قَالَ حَدثنِي الضَّحَّاك بن عُثْمَان بن عبد الْملك بن عبيد عَن عبد الرحمان بن سعد بن يَرْبُوع أَن عمر حِين طعن قَالَ ليصل لكم صُهَيْب ثَلَاثًا وَتَشَاوَرُوا فِي أَمركُم وَالْأَمر إِلَى هَؤُلَاءِ السِّتَّة فَمن بعل أَمركُم فاضربوا عُنُقه يَعْنِي من خالفكم قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر حَدثنِي مُوسَى عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس بن مَالك قَالَ أرسل عمر بن الْخطاب إِلَى أبي طَلْحَة قبل أَن يَمُوت بساعة فَقَالَ يَا أَبَا طَلْحَة كن فِي خمسين من قَوْمك من الْأَنْصَار مَعَ هَؤُلَاءِ النَّفر أَصْحَاب الشورى فَلَا تتركهم يمْضِي الْيَوْم الثَّالِث حَتَّى يؤمروا أحدهم اللَّهُمَّ أَنْت خليفتي عَلَيْهِم قَالَ حَدثنِي إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة قَالَ أوفى أَبُو طَلْحَة فِي أَصْحَابه سَاعَة قبر عمر فَلَزِمَ أَصْحَاب الشورى فَلَمَّا جعلُوا أَمرهم إِلَى عبد الرحمان بن عَوْف يخْتَار لَهُم مِنْهُم لزم أَبُو طَلْحَة بَاب عبد الرحمان بن
عَوْف بِأَصْحَابِهِ حَتَّى بَايع عُثْمَان قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر قَالَ حَدثنِي سعيد المكتي عَن سَلمَة بن أبي سَلمَة بن عبد الرحمان عَن أَبِيه قَالَ أول من بَايع لعُثْمَان عبد الرحمان ثمَّ عَليّ بن أبي طَالب قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر قَالَ حَدثنِي عمر بن عميرَة بن هني مولى عمر بن الْخطاب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ أَنا رَأَيْت عليا بَايع عُثْمَان أول النَّاس ثمَّ تتَابع النَّاس فَبَايعُوا قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر قَالَ حَدثنِي إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرحمان بن عبد الله بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي عَن أَبِيه أَن عُثْمَان لما بُويِعَ خرج إِلَى النَّاس فخطبهم فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ أَيهَا النَّاس أَن أول مركب صَعب وان بعد الْيَوْم أَيَّامًا وان أعش تأتكم الْخطْبَة على وَجههَا وَمَا كُنَّا خطباء وسيعلمنا الله
قَالُوا بُويِعَ عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه يَوْم الأثنين لليلة بقيت من ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَعشْرين فَاسْتقْبل بخلافته الْمحرم سنة ارْبَعْ وَعشْرين وَوجه عُثْمَان رض = على الْحَج تِلْكَ السّنة عبد الرحمان بن عَوْف رض = فحج بِالنَّاسِ سنة أَربع وَعشْرين ثمَّ حج عُثْمَان رض = فِي خِلَافَته كلهَا بِالنَّاسِ عشر سِنِين مُتَوَالِيَة إِلَّا السّنة الَّتِي حوصر فِيهَا فَوجه عبد الله بن عَبَّاس رض = على الْحَج فَخرج فحج بِالنَّاسِ
وَعَن أبي وَائِل أَن عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه سَار من الْمَدِينَة إِلَى الْكُوفَة ثمانيا حِين اسْتخْلف عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه فَصَعدَ الْمِنْبَر فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ أما بعد فَإِن أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب مَاتَ فَلم نر يَوْمًا أَكثر نشيجا من يَوْمئِذٍ وَأَنا اجْتَمَعنَا أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فَلم نأل عَن خيرنا ذَا فَوق فَبَايعْنَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان فَبَايعُوهُ
وَعَن الزُّهْرِيّ قَالَ لما ولي عُثْمَان رضي الله عنه عَاشَ اثْنَتَيْ عشرَة سنة أَمِيرا يعْمل سِتّ سِنِين لَا ينقم النَّاس عَلَيْهِ شَيْئا وَأَنه لأحب إِلَى قُرَيْش من عمر رضي الله عنه لِأَنَّهُ كَانَ شَدِيدا عَلَيْهِم فَلَمَّا وليهم عُثْمَان رضي الله عنه لِأَن لَهُم ووصلهم ثمَّ توانى فِي أَمرهم وَاسْتعْمل أقرباءه وَأهل بَيته فِي السِّت الْأَوَاخِر وَكتب لمروان بِخمْس أفريقية وَأعْطى أقرباءه المَال وَتَأَول فِي ذَلِك الصِّلَة الَّتِي أَمر الله بهَا وَاتخذ الْأَمْوَال واستسلف من بَيت المَال وَقَالَ أَن أَبَا بكر وَعمر رضي الله عنهما تركا من ذَلِك مَا هُوَ لَهما وَأَنِّي أَخَذته فقسمته فِي أقربائي فَأنْكر النَّاس ذَلِك عَلَيْهِ
وروى سيف بن عمر رضي الله عنه عَن عبد الْملك بن جريح عَن نَافِع عَن بن عمر رضي الله عنهما قَالَ قلت لعمر اسْتخْلف مَا تَقول لِرَبِّك إِذا قدمت عَلَيْهِ وَقد تركت أمة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لَا راعي لَهَا فَقَالَ إِن أستخلف فقد اسْتخْلف من هُوَ خير مني وَأَن أترك فقد ترك من هُوَ خير مني فَقلت أَرَأَيْت لَو أَن راعيك أَتَاك وَترك غنمك مَا كنت قَائِلا لَهُ فَعِنْدَ ذَلِك جعلهَا شُورَى وَعند ذَلِك قَالَ إِنِّي لأعْلم أَنهم لَا يعدلُونَ بِهَذَيْنِ الرجلَيْن
وروى أَيْضا عَن مُبشر عَن جَابر قَالَ لما طعن عمر رض = عَنهُ شكوا أأصاب أقتابه شَيْء أم لَا فدعى لَهُ بنبيذ فَشرب فَلم يشفهم من علم جراحه حَتَّى دعى لَهُ بِلَبن فَخرج ببياضه مَعَ الدَّم فأوصى فِي خاصته وَجمع الْعَامَّة وَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس أَن الْأَمر الْيَوْم فِي أمة مُحَمَّد عليه الصلاة والسلام أَمركُم أَنْتُم شُهُود الْأمة وَأهل الشورى فَمن رَضِيتُمْ بِهِ فقد رَضوا بِهِ وَمن اجْتَمَعْتُمْ عَلَيْهِ فقد أَجمعُوا عَلَيْهِ وَأَن هَذَا الْأَمر لَا يزَال فِيكُم مَا طلبتم بِهِ وَجه الله وَالدَّار الْآخِرَة فَإِذا طلبتم بِهِ الدُّنْيَا وتنازعتم سلبكموه الله وَنَقله عَنْكُم ثمَّ لَا يردهُ عَلَيْكُم أبدا وأنكم أَن تؤمروا فِي حَيَاة مني أَجْدَر أَلا تختلفوا بعدِي هَل
تعلمُونَ أحدا أَحَق بِهَذَا الْأَمر من هَؤُلَاءِ السِّتَّة النَّفر الَّذين مَاتَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُم رَاض قَالُوا لَا قَالَ فَإِنِّي أرى من الرَّأْي ان باعتموني أَن نجْعَل ذَلِك بهم فيؤمروا بَعضهم قَالُوا فقد رَأينَا ذَلِك وجعلناه اليهم فَقَالَ عمر رض = ليصل بكم صُهَيْب ثَلَاثًا وأربعوا على طَلْحَة وَكَانَ بِالشَّام فان جَاءَ جَاءَ وآلا فَلَا تنتظروا بهَا أَكثر من ذَلِك فَإِن إختلفوا فكونوا مَعَ الْأَكْثَر ووكل بهم الْمِقْدَاد بن عَمْرو وَقَالَ إِن لم يجىء طَلْحَة فَابْن عمر مَكَانَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَمر فانتظروا بعد عمر رض = ثَلَاثًا فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّالِث جمعهم الْمِقْدَاد إِلَى بَيت عَائِشَة رض = فَقَالَ انْظُرُوا غلى هَذِه الأقبر ثمَّ انْظُرُوا فِي أَمركُم فَقَالَ عبد الرحمان بن عَوْف فَأَيكُمْ يكفينا النّظر وَيخرج نَفسه فَلم يجب أحد فَقَالَ عبد الرحمان أَنا أخرج نَفسِي وإبن عمي سعد بن أبي وَقاص وَأنْظر لكم فَقَالُوا جَمِيعًا نعم فأكفنا ذَلِك فوَاللَّه مَا حملنَا على السكت الضن وَلَكِن الضّيق بهَا فَخرج عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رض = فَلم يدع بِالْمَدِينَةِ أحدا من السَّابِقين من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار الا وطرقه واستشاره واستكتمه فكلهم قَالَ لَهُ عُثْمَان
ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَيْت من الْغَد وَلم يبت ليلته تِلْكَ حَتَّى أصبح فَأَتَاهُم فَاسْتَيْقَظَ نَائِما حَتَّى الظّهْر فأري فِي الْمَنَام أَن قُم فَانْظُر فِي هَذَا الْأَمر فَقَالَ وَكَيف نَنْظُر إِلَيْهِ قَالَ أَمر أقرأهم فان اسْتَووا فأفقههم فَإِن اسْتَووا فأسنهم فانتبه وَقد ذكر حَدِيث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقضى بِهِ فيهم وَحَدِيث رَسُول الله {يؤم الْقَوْم أقرؤهم فَإِن اسْتَووا فأفقههم} إِلَى آخر الحَدِيث فبدر عبد الرَّحْمَن فَخَلا بهم رجلا رجلا فَقَالَ أَرَأَيْت إِن أَنا بَايَعْتُك فخلف بك من لَهَا بعْدك فَيَقُول عُثْمَان حَتَّى قَالَهَا لعُثْمَان فَقَالَ