الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والقريب: مَعْنَاهُ قريب بِعِلْمِهِ من خلقه قريب مِمَّن يَدعُوهُ بالإِجابة كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دعان} .
وَأما الحنان وَالديَّان: فالحنان ذُو الرَّحْمَة والعطف، قَالَ طرفَة:
(أَبَا مُنْذر أفنيت فَاسْتَبق بَعْضنَا
…
حنانيك بعض الشَّرّ أَهْون من بعض)
أَي تَحَنن، وَارْحَمْ، وَأما الديَّان فَمَعْنَاه، الْمجَازِي، يُقَال: دنت الرجل إِذَا جزيته أدينه، وَالدّين الْجَزَاء، وَمِنْه الْمثل:" كَمَا تدين تدان ". وَالديَّان، أَيْضا الْحَاكِم قَالَ: أعشى مَازِن لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -: "
يَا سيد النَّاس وديان الْعَرَب " وَفِي رِوَايَة عبد الْعَزِيز بْن الْحصين عَن أَيُّوب وَهِشَام بْن حسان عَنِ ابْن سِيرِين أَسمَاء لَيست فِي رِوَايَة أَبِي الزِّنَاد عَنِ الْأَعْرَج مِنْهَا: البادي، وَالْكَافِي، والدائم، وَالْمولى، والنصير، وَالْمُحِيط، والمبين، والفاطر والعلام، والمليك
، والأكرم، وَالْوتر، وَذُو المعارج. وَأكْثر هَذِه الْأَسْمَاء مَذْكُورَة فِي الْقُرْآن. وَقد تكلم أَصْحَاب الحَدِيث فِي عبد الْعَزِيز بْن الْحصين واعتمدوا عَلَى رِوَايَة صَفْوَان ابْن صَالح عَنِ الْوَلِيد بْن مُسلم عَن شُعَيْب بْن أَبِي حَمْزَة عَن أَبِي الزِّنَاد، قَالَ
الْخطابِيّ: " وَمِمَّا جرت بِهِ عَادَة الْحُكَّام فِي تَغْلِيظ الْأَيْمَان وتوكيدها إِذَا حلفوا الرجل أَن يَقُولُوا: بِاللَّه الطَّالِب الْغَالِب الْمدْرك المهلك، فِي نظائرها، وَلَيْسَ يسْتَحق شَيْء من هَذِه أَن يُطلق فِي بَاب صِفَات اللَّه سُبْحَانَهُ وأسمائه. وَإِنَّمَا استحسنوا ذكرهَا فِي الْأَيْمَان ليَقَع الردع بهَا فَيكون أدنى أَن لَا يسْتَحل حق أَخِيه بِيَمِين كَاذِبَة، لِأَنَّهُ إِذَا توعد بالطالب وَالْغَالِب استشعر الْخَوْف وارتدع عَنِ الظُّلم إِذَا كَانَ يعلم أَن اللَّه سُبْحَانَهُ سيطالبه بِحَق أَخِيه، وَأَنه سيغلبه عَلَى انْتِزَاعه مِنْهُ وإِذَا قَالَ: الْمدْرك المهلك علم أَنه مدركه إِذَا طلبه، ويهلكه إِذَا عاقبه، وَإِنَّمَا أضيف هَذِه الْأَفْعَال إِلَيْهِ عَلَى معنى المجازاة مِنْهُ لهَذَا الظَّالِم عَلَى مَا يستبيحه من حق أَخِيه الْمُسلم فَلَو جَازَ أَن يعد ذَلِك فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاته لجَاز أَن يعد فِي أَسْمَائِهِ المخزي والمضل، لِأَنَّهُ قَالَ:{وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافرين} . وَقَالَ: {كَذَلِك يضل الله من يَشَاء} فَإِذا لم يدْخل مثل هَذَا من صِفَاته لِأَنَّهُ كَلَام لم يرصد للمدح وَالثنَاء عَلَيْهِ، لم يدْخل مَا ذَكرْنَاهُ فِيهِ، قَالَ: وَمِمَّا جَاءَ فِي الحَدِيث مِمَّا لَا يُؤمن وُقُوع الْغَلَط فِيهِ قَوْله صلى الله عليه وسلم َ -:
53 -
" فَإِن اللَّه هُوَ الدَّهْر " لَا يجوز أَن يتَوَهَّم متوهم أَن الدَّهْر من أَسمَاء اللَّه تَعَالَى، وَإِنَّمَا معنى هَذَا الْكَلَام: أَن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانَ من عَادَتهم إِذَا أصَاب الْوَاحِد
مِنْهُم مَكْرُوه أَن يضيفه إِلَى الدَّهْر، فيسبون الدَّهْر عَلَى أَنه الْفَاعِل لذَلِك، وَلَا يرونه صادرا من فعل اللَّه وَكَائِنًا بِقَضَائِهِ، فأعلمهم أَن جَمِيع ذَلِك من فعل اللَّه تَعَالَى، وَأَن مصدرها من قبله، وأنكم مَتى سببتم فاعلها كَانَ مرجع السَّبَب إِلَى اللَّه سبحانه وتعالى.
وَأما مَا رُوِيَ عَن مُجَاهِد: لَا تَقولُوا جَاءَ رَمَضَان، وَذهب رَمَضَان لِأَنَّهُ لَعَلَّه اسْم من أَسمَاء اللَّه تَعَالَى، فَهَذَا مِمَّا لَا وَجه لَهُ وَلَا يعرف فِي أَسمَاء اللَّه. هَذَا آخر مَا اتّفق من شرح الْأَسْمَاء التِّسْعَة وَالتسْعين، أسأَل اللَّه تَعَالَى أَن ينفع بِهِ (وَصلى اللَّه عَلَى مُحَمَّد وَآله) .