الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني فيما يوجب ترجيحهم عليا على أصحابه المقدمين عليه
رضي الله عنهم أجمعين ونفعنا بهم
(النوم في الفراش)
منها النوم في الفراش حين همّ قريش به.
قلنا: مقابل بقصة الغار لأبي بكر، بل الغار أرجح من النوم من وجوه:
أحدها: أن قصة النوم مظنونة المتن لأنها جاءت مجيء السير والتواريخ، لو جحدها أحد لم يكفر، والغار مقطوع المتن لأنه نزل به القرآن، ولو جحده أحد كفر.
ثانيا: أن نفس علي في نومه في فراش النبي صلى الله عليه وسلم كانت كالفادية، ونفس أبي بكر في الغار كانت كالمساوية لنفس النبي صلى الله عليه وسلم. ولا شك أن المساوي أعظم من الفادي.
ثالثها: أن الله تعالى عتب في قصة الغار والخروج معه صلى الله عليه وسلم على كل الأمة إلا على أبي بكر بقوله تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} ولم يقل: إذ نام أحد مكانه.
رابعها: أن الله تعالى لم يصرح بذكر أحد من الآل والصحب بالمدح والصحبة في القرآن إلا بذكر أبي بكر رضي الله عنه بقوله: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ}
قالوا: قصة الغار تتضمن منقصة لأبي بكر حيث قال له: {لَا تَحْزَنْ}
قلنا: هذا تأويل من أعمى الله قلبه وأضله عن الهدى واتبع هواه. فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: "لا تخف" بل قال: {لا تحزن} . فالخوف على النفس، والحزن على الغير. وإذا تقرر ذلك فالحزن هاهنا من أكبر المدح لأبي بكر رضي الله عنه إذ لم يخف على نفسه، بل كان حزنه على النبي صلى الله عليه وسلم. ولو قال له أيضا "لا تخف" لم يكن على أبي بكر رضي الله عنه منقصة بذلك.
إذ قال الله تعالى مثل ذلك لمن هو خير من أبي بكر وخير من علي رضي الله عنهما موسى وهارون عليهما السلام: {لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} وقال للوط عليه السلام: {لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ} وقال لأم موسى: {وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ} وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} وأمثال ذلك للأنبياء كثير في القرآن. ولم يكن في ذلك عيب عليهم. فأي مصيبة أصابت الرافضة حتى يعكسوا مفهومات القرآن ويتبعوا أهواءهم بغير علم. ألم تر أنهم لا يقوم لهم قائم إلى يوم القيامة. ولولا أن الله تعالى أعمى قلوب الرافضة ما فهموا مثل هذا الباطل من الآية وعمُوا عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} أي معي ومعك.