الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ} وبقوله: {وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} فإن سائر الحيوانات من البهائم لا يأتي في الدبر. أما من الذكران فظاهر. وأما من الإناث فإنه إذا نزع الذكر منها الأنثى لا يهتدي إلا إلى قبلها دون الدبر. فقبح الله الفقيه الرافضي كيف كانت البهائم أهدى منه، ولا يعي ولا ينزجر من توبيخ الله تعالى. ولو أراد الله تعالى بقوله:{وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} دبر الزوجة تشبيها بدبر الذكر لقال: وتذرون ما خلق ربكم من أزوجكم مثله، كما قال في الفلك الكبار:{وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ} يعني الزوارق.
(عدم وقوع الطلاق إذا لم يشهد)
ومنها عدم وقوع الطلاق إذا لم يشهد. محتجين بقوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}
ورد بأن يقال: الإشهاد هاهنا يتعلق بالنكاح، وهو قوله تعالى:{فَأَمْسِكُوهُنَّ} دون {أَوْ فَارِقُوهُنَّ} ويؤيد ذلك وجوه:
الأول: أن المفارقة هاهنا ليست طلاقا، وإنما هي إطلاق أي عدم الإمساك، وإن الطلاق تقدم ذكره بقوله تعالى:{فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} والعدة انقضت بقوله: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} لأن معنى الآية إذا بلغت المطلقة العدة وهي في مسكن الفراق: فإن أحدث الله أمر إعادتها في نفسك فأمسكها بمعنى أعد نكاحها وأشهد عليه ذوي عدل، وإن لم يحدث الله أمرا في إعادتها ففارقها، يعني ارفع الحجر الذي كان عليها من ملازمة مسكن الفراق. ولو لم تكن المفارقة هاهنا إطلاقا لكانت أمرا بطلاق [ثان] بعد الطلاق الأول وأن الإشهاد هو للإمساك لا للمفارقة.
فإن قيل: المراد بالأجل هاهنا الطهر لا العدة، يعني إذا بلغن الطهر فأمسكوهن.
قلنا: ذلك مردود من وجهين:
أحدهما أن يقال ذلك سبق في قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} ولا فائدة لإعادته قريبا.
الآخر: أن كلما جاء بلوغ الأجل في القرآن الغرض منه العدة، كقوله:{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} وقوله: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وقوله
الوجه الثاني: أن النكاح يحتاج إلى الإشهاد دون الطلاق، لأن النكاح عقد تريد به تملك ما ليس لك في ملك الغير، فتحتاج به إلى ما يثبت الانتقال؛ والطلاق حل معناه تخلية ما هو لك، فلا يحتاج فيه إلا إلى النية فقط، فالإشهاد فيه وعدمه واحد.
الوجه الثالث: أن الإشهاد المذكور معطوف على المفارقة لا يلزم أن يكون شرطا في صحة وقوع الطلاق، لأن مثله في القرآن كثير وليس بشرط، كقوله تعالى:{إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} وأكد ذلك بتكرير الأمر بالكتابة. ثانيا بقوله: {فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} وثالثا بقوله: {فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} ورابعا بقوله: {وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ} وبالغ بقوله: {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا} وبقوله: {وَلَمْ