الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلنا: إن صح ذلك فبين القولين فرق عظيم. وهو أن الصديق رضي الله عنه قال ذلك وتحت منبره ومن رعيته علماء الأمة وصدورها وساداتها وهداتها ومشاهدون نزول الوحي ومباشرون ومعاشرون من تشعب عيون العلم من ينابيع معينه صلى الله عليه وسلم، مثل عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وأهل بدر وكافة الآل والصحب على طبقاتهم، قال لهم مثل ذلك تواضعا لهم واستمالة لقلوبهم، لا لتعلم منهم، ولم يحتج إليهم ولم يخالفوه في شيء. وعلي رضي الله عنه قال ذلك لرعيته من عوام الكوفة ورعاتها يريد أن يعلمهم. ولا شك أنه إمامهم وأعلمهم وأنه صاحب العلم الغزير.
(ما ذكروه في عمر)
وأما ما ذكروه في عمر رضي الله عنه:
(أنه منع كتاب رسول الله في مرض موته)
فمنها قولهم إنه منع كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أراد أن يكتبه في مرض موته وقال: إن الرجل ليهجر.
والجواب عنه أن الكتاب هو كان في خلافة أبي بكر رضي الله عنه لا في حق غيره، كما ثبت في حال صحته حين قال لحفصة في قصة {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما يليان أمر أمتي من بعدي. ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم مجهودا من مرضه وكثر اللغظ عنده فقال عمر رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم مجهود، وفينا كتاب الله تعالى فلن نضل. قال ذلك شفقة على النبي صلى الله عليه وسلم لعلمه أنه ما كان يريد أن يكتبه النبي صلى الله عليه وسلم لا بد وأن يكون، فاستوى عنده الكتابة وتركها، وحصل الشفقة والرفق للنبي صلى الله عليه وسلم بما فعله من قيامهم عنه وقطع اللغط والمشاجرة، وكان الأمر كا قال واعتقد: بويع أبو بكر رضي الله عنه ولم يختلف عليه اثنان. ولا أضل أحد إلا من كتب الله عليه الضلالة في آخر الدين من الرافضة.
وأما قوله إن الرجل ليهجر، يعني كلامه حينئذ، أي في مرضه، خارج عن حد الصحة، يعني من جهة الكثرة والقلة ونحو ذلك، لاحتمال السهو عليه من اشتغال القلب الذي هو وعاء الإيعاء، ومثل ذلك واقع للبشر في حال المرض، لحديث ذي اليدين في تسليمه في صلاة العصر على