الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الاكراه
(هو لغة: حمل الانسان على) شئ يكرهه.
وشرعا: (فعل يوجد من المكره فيحدث في المحل معنى يصير به مدفوعا إلى الفعل الذي طلب منه) وهو نوعان: تام وهو الملجئ بتلف نفس أو عضو أو ضرب مبرح، وإلا فناقص وهو غير الملجئ.
(وشرطه) أربعة أمور: (قدرة المكره على إيقاع ما هدد به سلطانا أو لصا) أو نحوه.
(و)
الثاني (خوف المكره) بالفتح (إيقاعه) أي إيقاع ما هدد به (في الحال) بغلبة ظنه ليصير ملجأ.
(و) الثالث: (كون الشئ المكره به متلفا نفسا أو عضوا أو موجبا عما يعدم الرضا) وهذا أدنى مراتبه وهو يختلف باختلاف الاشخاص، فإن الاشراف يغمون بكلام خشن، والاراذل ربما لا يغمون إلا بالضرب المبرح.
ابن كمال.
(و) الرابع: (كون المكره ممتنعا عما أكره عليه قبله) إما (لحقه) كبيع ماله (أو لحق) شخص (آجر) كلاتلاف مال الغير (أو لحق الشرع) كشرب الخمر والزنا (فلو أكره بقتل أو ضرب شديد) متلف لا بسوط أو سوطين إلا على المذاكير والعين.
بزازية (أو حبس) أو قيد مديدين، بخلاف حبس يوم أو قيده أو ضرب غير شديد إلا لذي جاه.
درر (حتى باع أو اشترى أو أقر أو آجر فسخ) ما عقد، ولا يبطل حق الفسخ بموت أحدهما ولا
بموت المشتري ولا بالزيادة المنفصلة، وتضمن بالتعدي، وسيجئ أنه يسترد وإن تداولته الايدي (أو أمضى) لان الاكراه الملجئ وغير الملجئ يعدمان الرضا، والرضا شرط لصحة هذه العقود وكذا لصحة الاقرار فلذا صار له حق الفسخ والامضاء، ثم إن تلك العقود نافذة عندنا (و) حينئذ (يملكه المشتري إن قبض فيصح إعتاقه) وكذا كل تصرف لا يمكن نقضه (ولزمه قيمته) وقت الاعتاق ولو معسرا.
زاهدي.
لاتلافه بعقد فاسد (فإن قبض ثمنه أو سلم) المبيع (طوعا) قيد للمذكورين (نفذ) يعني لزم
لما مر أن عقود المكره نافذة عندنا، والمعلق على الرضا والاجازة لزومه لا نفاذه، إذ اللزوم أمر وراء النفاذ كما حققه ابن الكمال.
قلت: والضابط أن ما لا يصح من الهزل ينعقد فاسدا فله إبطاله، وما يصح فيضمن الحامل كما سيجئ (وإن قبض) الثمن (مكرها لا) يلزم (ورده) ولم يضمن إن هلك الثمن لانه أمانة.
درر (إن بقي) في يده لفساد العقد (لكنه يخالف البيع الفاسد في أربع صور: يجوز
بالاجارة) القولية والفعلية.
(و) الثاني: إنه (ينقض تصرف المشتري منه) وإن تداولته الايدي.
(و) الثالث: (تعتبر القيمة وقت الاعتاق دون وقت القبض و) الرابع: (الثمن والثمن أمانة في يد المكره)
لاخذه بإذن المشتري فلا ضمان بلا تعد بخلافهما في الفاسد.
بزازية (أمر السلطان إكراه وإن لم يتوعده وأمر غيره، لا إلا أن يعلم المأمور بدلالة الحال
أنه لو لم يمتثل أمره يقتله أو يقطع يده أو يضربه ضربا يخاف على نفسه أو تلف عضوه) منية المفتي، وبه يفتى.
وفي البزازية: الزوج سلطان زوجته فيتحقق منه الاكراه (أكره المحرم على قتل صيد فأبى حتى قتل كان مأجورا) عند الله تعالى.
أشباه (ولو أكره البائع) على البيع (لا المشتري وهلك المبيع في يده ضمن قيمته للبائع) بقبضه بعقد فاسد (و) البائع المكره (له أن يضمن أيا شاء) من المكره بالكسر والمشتري (فإن ضمن المكره
رجع على المشتري بقيمته، وإن ضمن المشتري نفذ) يعني جاز لما مر (كل شراء بعده ولا ينفذ ما قبله) لو ضمن المشتري الثاني مثلا لصيرورته ملكه فيجوز ما بعده لا ما قبله فيرجع المشتري الضامن بالثمن على بائعه، بخلاف ما إذا أجاز المالك أحد البياعات حيث يجوز الجميع ويأخذ الثمن من المشتري الاول لزوال المانع بالاجارة (فإن أكره على أكل ميتة أو دم أو لحم خنزير أو شرب خمر بإكراه) غير ملجئ (بحبس أو ضرب أو قيد لم يحل) إذ لا ضرورة في إكراه غير ملجئ.
نعم لا يحد للشرب للشبهة (و) إن أكره بملجئ (بقتل أو قطع) عضو أو ضرب مبرح.
ابن كمال (حل) الفعل بل فرض (فإن صبر فقتل أثم) إلا إذا أراد مغايظة الكفار فلا بأس به،
وكذا لو لم يعلم الاباحة بالاكراه لا يأثم لخفائه فيعذر بالجهل، كالجهل بالخطاب في أول الاسلام أو في دار الحرب (كما في المخمصة) كما قدمناه في الحج (و) إن أكره (على الكفر) بالله تعالى أو سب النبي (ص).
مجمع.
وقد روي (بقطع أو قتل رخص له أن يظهر ما أمر به) على لسانه ويوري
(وقلبه مطمئن بالايمان) ثم إن وري لا يكفر وبانت امرأته قضاء لا ديانة، وإن خطر بباله التورية ولم يور كفر وبانت ديانة وقضاء نوزال وجلالية (ويؤجر لو صبر)
لتركه الاجراء المحرم ومثله سائر حقوقه تعالى كإفساد صوم وصلاة وقتل صيد حرم أو في إحرام وكل ما ثبتت فرضيته بالكتاب.
اختيار (ولم يرخص) الاجراء (بغيرهما) بغير القطع والقتل: يعني بغير الملجئ.
ابن كمال.
إذ التكلم بكلمة الكفر لا يحل أبدا (ورخص له إتلاف مال مسلم) أو ذمي.
اختيار (بقتل أو قطع) ويؤجر لو صبر.
ابن ملك (وضمن رب المال المكره) بالكسر، لان المكره بالفتح كالآلة (لا) يرخص (قتله)
أو سبه أو قطع عضوه وما لا يستباح بحال.
اختيار (ويقاد في) القتل (العمد المكره) بالكسر لو مكلفا على ما في المبسوط خلافا لما في النهاية (فقط) لان القاتل كالآلة، وأوجبه الشافعي
عليهما، ونفاه أبو يوسف عنهما للشبهة (ولو أكره على الزنا لا يرخص له) لان فيه قتل النفس بضياعها لكنه لا يحد استحسانا، بل يغرم المهر ولو طائعة لانهما لا يسقطان جميعا.
شرح وهبانية (وفي جانب المرأة يرخص) لها الزنا (بالاكراه الملجئ) لان نسب الولد لا ينقطع فلم يكن في معنى القتل من جانبها بخلاف الرجل (لا بغيره لكنه يسقط الحد في زناها لا زناه) لانه لما لم يكن الملجئ رخصة له لم يكن غير الملجئ شبه له.
فرع: ظاهر تعليلهم أن حكم اللواطة كحكم المرأة لعدم الولد فترخص بالملجئ،
إلا أن يفرق بكونها أشد حرمة من الزنا لانها لم تبح بطريق ما، ولكون قبحها عقليا ولذا لا تكون في الجنة على الصحيح.
قاله المصنف (وصح نكاحه وطلاقه وعتقه) لو بالقول لا بالفعل كشراء
قريبه.
ابن كمال (ورجع بقيمة العبد ونصفه المسمى إن لم يطأ، ونذره ويمينه وظهاره ورجعته
وإيلاؤه وفيئه فيه) أي في الايلاء بقول أو فعل (وإسلامه) ولو ذميا كما هو إطلاق كثير من المشايخ وما في الخانية من التفصيل فقياس، والاستحسان صحته مطلقا، فليحفظ (بلا قتل لو رجع) للشبهة، كما مر في باب المرتد (وتوكيله بطلاق وعتاق)
وما في الاشباه من خلافه فقياس، والاستحسان وقوعه، والاصل عندنا أن كل ما يصح مع الهزل يصح مع الاكراه، لان ما يصح مع الهزل لا يحتمل الفسخ، وكل ما لا يحتمل الفسخ لا يؤثر فيه الاكراه.
وعدها أبو الليث في خزانة الفقه ثمانية عشر، وعديناها في باب الطلاق نظما
عشرين (لا) يصح مع الاكراه (إبراؤه مديونه أو) إبراؤه (كفيله) بنفس أو مال، لان البراءة لا تصح مع الهزل، وكذا لو أكره الشفيع أن يسكت على طلب الشفعة فسكت لا تبطل شفعته (و) لا (ردته) بلسانه وقلبه مطمئن بالايمان (فلا تبين زوجته) لانه لا يكفر به والقول له استحسانا.
قلت: وقدمنا على النوازل خلافه فلعله قياس، فتأمل.
(أكره القاضي رجلا ليقر بسرقة أو بقتل رجل بعمد أو) ليقر (بقطع يد رجل بعمد فأقر بذلك فقطعت يده أو قتل) على ما ذكر (إن كان المقر موصوفا بالصلاح اقتص من القاضي، وإن متهما بالسرقة معروفا بها وبالقتل لا) يقتص من القاضي استحسانا للشبهة.
خانية.
(قيل له: إما أن تشرب هذا الشراب أو تبيع كرمك
فهو إكراه، إن كان شرابا لا يحل) كالخمر (وإلا فلا) قنية.
قال: وكذا الزنا وسائر المحرمات.
(صادره السلطان ولم يعين بيع ماله فباعه صح) لعدم تعينه، والحيلة أن يقول: من أين أعطي ولا مال لي، فإذا قال الظالم بع كذا فقد صار مكرها فيه.
بزازية.
(خوفها الزوج بالضرب حتى وهبته مهرها لم تصح) الهبة (إن قدر الزوج على الضرب) وإن هددها بطلاق أو تزوج عليها أو تسر فليس بإكراه.
خانية.
وفي مجمع الفتاوى: منع امرأته
المريضة عن المسير إلى أبويها إلا أن تهبه مهرها فوهبته بعض المهر فالهبة باطلة، لانها كالمكره قلت: ويؤخذ منه جواب حادثة الفتوى: وهي زوج بنته البكر من رجل، فلما أرادت الزفاف منعها الاب، إلا أن يشهد عليها أنها استوفت منه ميراث أمها فأقرت ثم أذن لها بالزفاف فلا يصح إقرارها لكونها في معنى المكرهة، وبه أفتى أبو السعود مفتي الروم.
قاله المصنف في
شرح منظومته: تحفة الاقران في بحث الهبة: (المكره بأخذ المال لا يضمن) ما أخذه (إذا نوى) الآخذ وقت الاخذ (أنه يرد على صاحبه وإلا يضمن، وإذا اختلفا) أي المالك والمكره (في النية فالقول للمكره مع يمينه) ولا يضمن.
مجتبى.
وفيه المكره على الاخذ والدفع إنما يبيعه ما دام حاضرا عند المكره، وإلا لم يحل لزوال القدرة والالجاء بالبعد منه، وبهذا تبين أنه لا عذر لاعوان
الظلمة في الاخذ عند غيبة الامير أو رسوله، فليحفظ.
فروع: أكره على أكل طعام نفسه: إن جائعا لا رجوع، وإن شبعانا رجع بقيمته على المكره لحصول منفعة الاكل له في الاول الثاني.
قال أهل الحرب لنبي أخذوه: إن قلت لست بنبي تركناك وإلا قتلناك لا يسعه قول ذلك، وإن قيل لغير نبي إن قلت هذا ليس بنبي تركنا نبيك وإن قلت نبي قتلناه وسعه لامتناع الكذب على الانبياء.
قال حربي لرجل: إن دفعت جاريتك لازني بها دفعت لك ألف أسير لم يحل.
أقر بعتق عبده مكرها لم يعتق في الاصح، وهل الاكراه بأخذ المال معتبر شرعا؟ ظاهر القنية نعم.
وفي الوهبانية:
إن يقل المديون إني * مرافع لتبرئ فالاكراه معنى مصور وصح قوله: إني مرافع إلخ قد غيرت بيت الوهبانية إلى قولي: وإن يقل المديون إن لم تهبه لي * أرافعك فالاكراه معنى مصور
الاستحسان إسلام مكره * ولا قتل إن يرتد بعد ويجبر اه منه.