الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والسلام الكريم المبارك العميم يعتمد محلكم الرياسي بدءا وعودا ورحمة الله تعالى وبركاته.
وكتب يهنئ الفقيه الأجل القاضي أبا المطرف بن عمير بولايته قضاء شاطبة:
بأي بنان أم بأي بيان
…
تخط وتملى شكرها الملوان
لولاية عقد لواءها الوجوب وأسفر وجه محاسنها المحجوب فأشرق لألاء محيها وتعاطى الأولياء حميها فما شئت من جذلان يحبر شكرا ونشوان يجهر سكرا يترنم كالشادي الباغم ويترنح كالغصن الناعم وكلا أصلح الله قاضينا الأعلى لا نكر على من يصف حالة السكر وإنْ تناهى طربا وقضى من رفض الأناء أربا فالمرتاح لا يتماسك ولا يتمالك والارتياح لا يهلك أحدا على راحه يتهاك لا جرم أنه تسمو به الجدود وتدرأ عنه بالشبهات الحدود ويا أيها المولى أشرف الخطط الضيق من عادي جلاله وخالدي جلاله أرحب الخطط.
قال جامع هذا الموضوع أحمد بن محمّد المقري وفقه الله: أشار ابن الآبار بقوله: " وخالدي خلاله " إلى إنَّ أبا المطرف من ولد خالد بن الوليد رضي الله عنه فاعلم ذلك.
رجع إلى كلام ابن الآبار
ما نبأ تهاداه النجد الغور واقتسم الحياة والموت به العدل والجور سوغ المجد المنيف نطافه وهز له الدين الحنيف أعطافه حين قر الحكم الشرعي في نصابه وشفي من آلامه وأوصابه وأرغم المناصب لذلك بنصبه
وانتصابه وسر معلم العلم فأساريره متهلله وسل حسام الحق فأبطال الباطل متسللة سنان الشرع فكل معتد بالجهالة معتدل وهب نسيم المهابة فكل معتز للسفاهة معتزل أما وخطة خطبت منك أكفى أكفائها وأقرت عين الهدى بتعيينها لك وهدائها لقد عصبت بقاض يسعى للقوم ويسعد ونيطت بماض ينهض في ذات الله وينهد ولا عجب أنْ آثرت جلاله واعتمدت خلاله فلم تك تصلح إلاّ له فهنيئا لها ما ألبست من شرف خالد وأنْ حرست بأقلام ابن سيف الله الخالد ويقال لبلدة وطئ تربتها وبوئ رتبتها ما أخصب عيشتها وأرغدها وأسعد يومها وغدها وماذا بها من دين ودنيا ومجد وعليا إذ جمعت المهاجرين إلى الأنصار وأطلعت محامدها ومحاسنها ملء الأسماع والأبصار لا زالت حوزتها تحوز الأكابر وإمرتها تعز عزتها المكابر ودام عمادنا المفضل وعهادنا المخضل بين ولي شاكر حامد وعدو كاشر حاقد ينزل الرتب المنيفة ويطول به مالك أبا حنيفة والله ينهضه بما تقلد ويخلد مجده الأولى بأن يخلد.
والسلام الأتم الأكمل يخصه كثيرا ورحمة الله تعالى وبركاته.
وكتب رحمه الله تعالى إلى رئيس شاطبة أبي الحسين بن عيسى شافعا في فكان أسير وتيسير عسير:
كتبته إلى سيدي حرس الله شرفه العبادي وكلأ كنفه السيادي ولا مزيد على ما عندي من الإعظام لرفيع جانبه والقيام بكبير واجبه والله يحفظ شرف بيته العتيق وحديث قديمه الفائت بطيبه المسك الفتيت الفتيق ومؤديه فلان أدام الله حفظه وعصمته وأتم عليه إحسانه ونعمته والمذكور
يمت إليكم بقديم الإخلاص، ويرغب أنْ ينظم لديكم في أهل الإخلاص؛ وقد بلغكم ما نابه من غير الدهر وبوبه، وكيف نشب في حبالة الأشرار الذي أتى على نشبه؛ وعلمكم بنباهة بيته أغنى عن التنبيه عليه، وفضلكم كفيل بتسيب الإحسان إليه؛ وقد وثق بسعيكم الكريم في جبر كسره، وأمل سيادتكم للتهممبأمره، والتصرف فيما يصرف عليه بعض ما بذل في خلاصه من أسره؛ ومثلكم اصطنع أمثاله، وآثر فيما يليق بنباهته استعماله؛ والله يعلي شأنكم، ويحرس مكانكم والسلام.
وكتب أيضاً شافعا بما نصه: تلك السجايا العذاب، والكرم اللباب، والساحة التي ألبسها جدته الشباب؛ مخصوصة بتحية التوقير والتكبير المعبرة أنفاسها العبقة عن العبير. ومنهيها من زان قومه الأمر والنهي وحسم قضاؤهم وعطاؤهم الوهن والوهي؛ فلان، جمع الله له بين الأوطار والأوطان، وأعاده إلى عادته من عزة الجوانب وشدة الأركان؛ وهو كريمة كرام، آلت بعدهم الأيام، وشكا فقدهم الأنام، والبست الحداد عليهن الأسياف الحداد والأقلام؛ وما بانوا إلاّ وأياديهم أطواق في الرقاب، وتشريفهم باق في الأعقاب، على مر الأحقاب.
وهذا فلان عرفه الله إسعاد الأقدار، وأعفى مشاربه ومشاعره من الأكدار؛ يروق وقاره ويكرم سباره وعينه فراره؛ وأدنى حلاه الطلب، وبعض خصائصه الأدب؛ ثم شأنه الأخطر شانه ومكانه من حيه الذي يتقدم الأحياء مكانه؛ ورأى عند أخذه في النقلة، وعزمه على الرحلة؛ أنْ يستصحب إلى
مجدكم هذه الحروف، ويستدفع بمعلوم جدكم الصروف؛ وإنْ تأملتم ماله من سمت وسيما، أقبلتموه وجه الإقبال وسيما؛ وأوليتموه من رعي الحق الواجب، ما يراه ضرباؤكم ضربة لازب؛ والله يبقيكم للمكارم تشيدون رسومها الدائرة، وتنظمون عقودها المتناثرة؛ وهو تعالي يكلأ محلكم الرحيب، ولا يعدمكم من الزمان وأهله الترجيب والترحيب، والسلام.
ومن نظمه رح قوله في المجبنات:
بنفسي مثلجات للصدور
…
لها سمتان من نار ونورِ
حوامل وهي أبكار عذارى
…
تزف على الأكف مع البكورِ
كبرد الطل حين تذلق طعماً
…
وفي أحشائها وهج الحرورِ
لها حالان بين قم وكفٍ
…
إذا وافتك رائعة السفورِ
فتغرب كالأهلة في لهاة
…
وتطلع في يمين كالبدورِ
وقوله يشكو الزمان:
تحيف حالتي حيف الزمان
…
وصدق اليأس من كذب الأماني
وبرت في أليتها الليالي
…
بترويعي فإني بالأمانِ
أما قنعت وقد كلفت بهضمي
…
وضيمي دون ابناء البيانِ
أحاول أنْ أقوم لمّا يواتي
…
فتقعدني الخطوب بلا تواني
وأطباق الثرى بالحر أحرى
…
إذا ألفى الثراء من الهوانِ
فهل من آخذ بيدي أخيذٍ
…
بعين الله شدة ما يعاني
أيا يا أشتكيه من أيامي
…
عوار في يد البلوى عواني
وما أبلغي على تلفي دليلا
…
كفاني إنني حي كفاني
وقوله أيضاً:
يعيرني قومي بجفوة سلطاني
…
ويشفيهم شكوى بنبوة أوطاني
يرون خمولا عطلتي لتوقفي
…
وتلك محض النباهة برهاني
وقالوا خفوف قلت لا بل رجاحة
…
كفتني إلقاء بكفي لإذعان
إذا عهدوني للنزاهة راكبا
…
فصعب الأسى وإنَّ هدأركاني
وقوله أيضاً رحمه الله:
علت سني وقدري في انخفاض
…
وحكم الرب في المربوب ماض
إلى كم اسخط الأقدار حتى
…
كأني لم أكن يوما براضي
وقال أيضاً في معنى التسليم للمقدور:
أما إنَّه قد خط في اللوح ما خطا
…
فلا تعتقد للدهر جوراً ولا قسطا
ولا تسخط المقدور وأرض بما جرى
…
عليك به إنَّ الرضا يفضل السخطا
وقال أيضاً رحمه الله في معناه:
إلام في حل وفي ربط
…
تخبط جهلا أيما خبط!
دع الورى وارج إله الورى
…
فأنه ذو القبض والبسط
ليس لمّا يعطيه من مانع
…
ولا لمّا بمنع من معطي
وقال رحمه الله معارضا للرصافي في أبياته التي أولها: " ومهذب الشطين تحسب أنَّه " بقوله:
ونهر كما ذابت سبائك فضة
…
حكى بمحانيه انعطاف الأراقم
إذا الشفق استولى عليه احمراره
…
تبدى خضيبا مثل دامي الصوارم
وتحسبه سنت عليه مفاضة
…
لإرهاب هبت الرياح النواسم
وتطلعه في دكنة بعد زرقه
…
ظلال لأدواح عليه نواعم
كما انفجرت المطل على الدجى
…
ومن دونه في الأفق سحم الغمائم
وقال أيضاً في معناه:
سقيا لروض ردته رأد الضحا
…
وحمامه طربا يناغي البلبلا
شتى محاسنه فمن زهر على
…
نهر يسيل كالحباب تسلسلا
وكأنما حمى الربيع لقطفه
…
واستل منه يذود عنه منصلا
غربت به شمس الظهيرة لا تني
…
إحراق صفحته لهيبا مشعلا
حتى كساه الدوح من أفيائه
…
بردا تمزق بالأصائل هلهلا
وكأنما لمع الظلال بمتنه
…
قطع الدماء جمدن حين تخللا
وقال في معناه أيضاً:
لله نهر كالحباب
…
ترقيشه سامي الحباب
يصف السماء صفاؤه
…
فحصاه بذي احتجاب
وكأنما هو رقة
…
من خالص الورق المذاب
غازلت في شطيه أبكار المنى عصر الشباب
والظل يبدو فوقه
…
كالخال في خد الكعاب
لا بل أدار عليه خو
…
ف الشمس منه كالنقاب
مثل المجرة جر فيها
…
ذيله جر السحاب
وقال في تمثال نعل النبي صلى الله عليه وسلم من قصيدة:
سجام لعمري أدمع وسجال
…
لأن عز من نعل الرسول مثال
وهل يملك العينين في مثلها سوى
…
خلى عداه عن هداه ضلال
ومنها:
مثال إلى نعل المطهر يعتزى
…
فإعزازه للحسنين منال
أقبله شوقا تملكي لمّا
…
حكي وشهيدي لو يفوه قبال
وإلى اشتراك مما عقدت به الهوة فلا صح عزمي إنَّ صحا لي بال
مرادي من تمويغ شيبي عليه أنَّ
…
تسح من الرحمى على سجال
ومن وضعه بحظى من جوار محمّد
…
وهل بعد تنويل الجوار نوال
وله في ذلك المعنى أيضاً رحمه الله:
لمثال نعل المصطفى أصفي الهوى
…
وأرى السلو خطيئة لن تغفرا
وإذا أصافحه وأمسح لائما
…
أركانه فمعززا وموقرا
سرى أعتزازي في جهاز تذللي
…
لجلاله أثراً بقلبي أثرا
إنَّ شاقني ذاك المثال فطالما
…
شاق المحب الطيف يطرق في الكرى
لي أسوة في العاشقين وقصدهم
…
لثم الطلول لأهلهن تذكرا
وبكائهم تلك المعاهد ضلة
…
تحت الظلام على الغرام توفرا
أفلا أمرغ فيه شيبي راشدا
…
وأريق دمعي وسطه مستبصرا
ثقة بإثرائي من الخيرات في
…
شغفي بنعلي خير من وطي الثرى
وقال في التشوق إلى الضريح الشريف على الدفين به صلوات الله وسلامه:
وحللت أطيب طينة من طيبة
…
جارا لمن أوصي بحفظ الجار
حيث استبان الحق للأبصار
…
لمّا استثار حفائظ الأنصار
يا زائرين القبر قبر محمّد
…
بشرى لكم بالسبق في الزوار
أوضعتم لنجاتكم فوضعتم
…
ما آدكم من فادح من فادح الأوزار
فوزوا بسبقكم وفوهوا بالذي حملتكم شوقا إلى المختار
أودا السلام سلمتم وبرده
…
أرجو الإجارة من ورود النار
استطراد لمّا قيل في نعل النبي صلى الله عليه وسلم: قلت: وإذ جرى ذكر النعل النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، فلا بد أنَّ نورد جملة مما قيل في مثالها على جهة التبرك، والتوصل بصاحبها إلى الله سبحانه، أنَّ يفرج عنا بجاهه كرب الدنيا والآخرة، وأنَّ يجعلنا من الذين حازوا الرتب الفاخرة، وظفروا بالمقام الأسني، وفازوا بالزيادة والحسنى.
فمن ذلك قول الشيخ أبي عبد الله محمّد بن فرج، مخمسا لأبيات الإمام الشهير أبي الربيع بن سالم الكلاعي، رحمه الله، التي على رويها وقافيتها سلك ابن الآبار، رحمه الله، في الأبيات المذكورة آنفاً:
خبال عرا ما إنَّ جناه سوى النوى
نوى من نوى من كشف بلوى ما نوى
فيا منكر ما قد عراني في الهوى
خواطر ذي البلوى عوامر بالجوى
…
ففي كل يوم يعتريه خبال
سمعت اسمه الأعلى الشريف المشرفا
فحيلتنني يعقوب ذكر يوسفا
ومن شيم الصب المتيم ذي الوفا
متى يدع داعٍ باسم محبوبه هفا
…
فيهتاج بلبال ويكسف بال
رعى الله صبا بالهوى نفسه سمت
له آية في الحب بالكتم أحكمت
فما لم ير من آثاره أثراً همت
…
له من غروب المقتلين سحال
فيا نفسي الجالي دجاها هلالها
أما أنَّه نور البدور كمالها
ألا فاعذري نفسا تحن فحالها
كحاكي وقد أبصرت نعلا مثالها
…
لنعل الرسول الهاشمي مثال
ويا أيها الراني إلى مفندا
وقد كدت لولا نهى حبي لأسجدا
هوى وجدي إنْ يبل دهر تجددا
" عراني ما يعرو المحب إذا بدا
…
لعينيه من مغنى الأحبة آل "
ذكرت به عصراً مضى ومعاهدا
فنوديت من نفس نداءً مساعدا
وحدت فعاود لثمه تدع واجدا
" فقبلت في ذاك المثال معاودا
…
أرى أنَّ ذلي في هواه جلال "
وشبهته صفحا ونفحا حديقةً
مفتحة الأزهار غنا أنيقة
شقتها غوادٍ قد غدون غديقة
" ومثلته نعل الرسول حقيقة
…
وإني لأدري أنَّ ذاك محال "
فيا جاهلا داء المحبين والدوا
غويت ولا تدري فلا كان من غوى
أتنكر لثم المثل في حالة النوى
" ومن سنة العشاق أنْ يبعث الهوى
…
مثال ويقتاد الغرام خيال "
تساوت معاني الحب في كل مقصد
فمن مقلة عبرى وجفن مسهد
وبرح وتهيام وشوق مجدد
" فلا فرق إلاّ أنَّ حب محمّد
…
هدى والهوى فبمن عداه ضلال "
انتهى.